سؤال الهوية والاختلاف/ نهلة راحيل
تتشكل هوية الفرد من صياغة تصوّره عن ذاته وتصوّر الآخرين عنه، بشكل يسمح لكل طرف (الذات والآخر) بإدراك الاختلافات والتعامل مع وجوهها المتعددة؛ لأن التطابق بين الأفراد لا يمحي – بأي حال – الاختلافات بينهم ولا يؤكد كذلك وحدتهم الهوياتية، فمن سمات الهوية، كما حددها الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر، أنها “تفصح عن كينونة كل ما هو موجود، فكل كائن له الحق في ذاته والوحدة مع ذاته دون تجاهل الاختلافات الداخلية والخارجية، فأينما كنا في الوجود فإننا نسمع نداء الهوية، أي نداء الوجود”، فتعيين الذات يرتبط بإدراك الاختلافات والاعتراف بضرورة وجودها، وهو ما قد يسهم في زحزحة كافة أشكال التنميطات والاختزالات التي ينتجها كل طرف عن الآخر، وبالتالي، وضع المفاهيم الجاهزة عن الهوية والوطن والانتماء على ساحة النقاش والمساءلة والكشف.
يعد المفكر إدوارد سعيد (1935 – 2003) من أشهر الذين تحدثوا عن تقاطعات الهوية الواحدة وأكدوا على البعد المتعدد للهوية الإنسانية ووجوهها المتحولة ضمن سياقات تاريخية متنوعة، مع إبرازه حتمية تجاوز الرؤية الكولونيالية التي سلبت من الهويات غير الأوروبية فعاليتها وتركتها عاجزة عن تمثيل ذواتها. وقد أسهمت تجربته مع الاستعمار والارتحال المكاني/الثقافي في طرحه الدائم لأسئلة الهوية والوجود في كل كتاباته؛ ولذلك لا يمكن الفصل بين تجربة سعيد الذاتية الخاصة بالنفي والارتحالات المتعددة، وبين رؤيته النقدية الخاصة بتحليل الخطابات المعرفية التي أنتجتها الثقافة الغربية، وبالأخص، عن الثقافات المغايرة لها.
ففي مذكراته “خارج المكان” (2000) يكشف سعيد عن فترة طفولته التي كانت بمثابة صراع داخلي مستمر سمته التساؤل الدائم حول هويته؛ فكان الشعور الملازم له هو امتلاكه “هوية مضطربة” ناتجة عن فعل الانزياحات المكانية المتكررة، مما جعله يهتم ببيان أثر المنفى على تعريف هويته ويعمل على الكشف عن إجراءات الكولونيالية في تمثيل الشرق في صورة نمطية استيهامية تتواءم مع أهدافه الاستعمارية كما اختبرها بنفسه من خلال معايشته لنماذج ثقافية مختلفة تندرج ضمن السياق المعرفي الغربي.
من هنا لا تكتمل قراءة مشروع إدوارد سعيد النقدي إلا بقراءة تجربته الذاتية كما عرضها في مذكراته “خارج المكان”، حيث جاءت مذكراته صورة من صور المحكيات الصغرى المضادة التي تنتهك سلطة السرد المركزي وتعيد حكي الماضي بعيدا عن اشتراطات الخطاب المركزي الذي تفرضه السلطة على استعادة التاريخ الذاتي والجمعي، فيفحص فيها سعيد – إلى جانب السرد الذاتي عن مراحل حياته وانتقالاته المتعددة – سياسات التمثيل وتصور الذات لنفسها وتصنيف الآخر لها على خلفية الصراع بين الشرق والغرب وما تحكمه من علاقات قوى بين المركز والهامش.
جسّد إدوارد سعيد في “خارج المكان” التعددية الثقافية والمرونة الهوياتية التي اكتسبها نتيجة تقاطعه مع سياقات تاريخية وثقافية ولغوية متعددة، فكانت محاولات “التفاوض” المستمرة بين المرجعيات الثقافية المتنوعة التي رفدته طوال حياته هي ما أتاحت له الشعور بدينامية الهوية ومكنته من استيعاب الاختلاف، لذلك كان دافعه في تدوين المذكرات – كما أعلن في مقدمتها – هو جسّر المسافة في الزمان والمكان بين حياته الحالية وحياته الماضية، فليس الهدف هنا هو إعلان القطيعة أو العداء بين ما كان وما هو كائن، إنما الهدف هو إبراز التفاعل الثقافي الذي لمسه الكاتب في هويته التي لم تتشكل، كما يرى، ككتلة واحدة متجانسة.
دافع آخر مهم أعلن عنه سعيد تمثّل في رغبته في رصد تجربته التعليمية بوصفها تعكس بوضوح دور المؤسسات التعليمية في تنفيذ برامج الأنظمة السياسية الاستعمارية؛ لارتباطها بسياقات تمثيل تخدم التفوق الثقافي الغربي على ثقافة الآخر، فقد تنقّل سعيد بين عدد من المدارس من بينها مدرسة “الجزيرة الإعدادية” بالقاهرة التي كان يديرها طاقم إنجليزي ولم يكن فيها أيّ عربي مسلم، فتحقق لسعيد – بواسطة هذه المدرسة – أول اتصال بالسلطة الاستعمارية من خلال اللغة والمناهج والأساتذة، على حد قوله “منحتني ‘إعدادية الجزيرة’ اختباري الأول لنظام محكم أنشأه البريطانيون كمهمة كولونيالية، كان الجوّ جوّ طاعة عمياء يؤطرها إذعان بغيض عند المعلمين والتلامذة على حد سواء، ولم تكن المدرسة مثيرة بما هي مكان للعلم، ولكنها أمدتني بأوّل اتصال مديد مع السلطة الكولونيالية من خلال الإنجليزية القحّة لأساتذتها وللعديد من التلامذة. ولم تكن لي علاقات متصلة بأولاد الإنجليز خارج المدرسة، ذلك أن حبل سرة سريّا كان يجمعهم ويخفيهم في عالم آخر مغلق عليّ. فأدركت تمام الإدراك أن أسماءهم صحيحة تماما، وملابسهم ولكناتهم ومعاشراتهم مختلفة كليًا عن ملابسي ولكنتي ومعاشراتي” (خارج المكان، ص 70).
لذلك يوضح سعيد دور المؤسسات التعليمية في الترسيخ للخطاب الاستشراقي بالعودة إلى طبيعة المناهج الدراسية التي كانت تعمل على تكريس أعمال أدبية غربية – دون غيرها – تصفها بالعظيمة، وتفرض على أجيال من الطلبة أن يكتسبوا معارفها بكثير من الولاء والرضوخ والطاعة، فالمدارس والجامعات والمعاهد وغيرها من مؤسسات تعليمية ما هي إلا بنيات صغرى للسلطة تؤدي دورا في مراقبة الأقليات وقمعها وفق معايير المركزية الأوروبية.
“نتعلّم فيها عن المروج الخضر والقصور وعن الملوك جون وألفرد وكانوت، بالجلال الذي يستحقونه، حسبما يذكّرنا معلمونا بلا انقطاع.. وقد بدأت أنا العربيّ الصغير أتعلم عنهم بعض الأشياء. تجدهم يولون أهمية مبالغا فيها لمعركة هايستنغز ولشروح مستفيضة على الإنغلزو الساكسون والنورمان… والغريب في الأمر أنهم كانوا يعاملوننا جميعا على اعتبار أنه يجب أن نكون – أو أننا نرغب أن نكون- إنجليزا” (خارج المكان، ص ص 66 – 67).
وهو ما رصده كذلك أثناء انتسابه لمدرسة “فيكتوريا كولدج” بوصفها نموذجا لما ينتهجه الغرب تجاه الآخر غير الغربي الذي يضعه الخطاب الكولونيالي في مرتبة أدنى؛ لامتلاكه للسلطة السياسية المهيمنة على الخطاب المعرفي وقدرته على ترسيخ أفكار تجعل الشرق تابعًا دومًا للمركز الأوروبي، فعبر النظام التعليمي والمناهج الدراسية يمكن للغرب تكريس التراتب الطبقي والتمييز الاجتماعي وفق الجنس أو العرق أو الدين أو اللون أو غيرها، وهو من الآثار الكولونيالية التي حاول سعيد في مذكراته كشف توجهاتها الاستعلائية تجاه كل ما/من هو غير أوروبي “اتسمت حياتنا في فيكتوريا كولدج بتشوّه كبير لم أدركه حينها.
كانت النظرة السائدة إلى التلامذة أنهم أعضاء، تمموا دفع اشتراكاتهم، في نخبة كولونيالية مزعومة يجرى تعليمها فنونا إمبريالية بريطانية قضت نحبها، مع أننا لم نكن ندرك ذلك تماما. علمونا عن حياة إنجلترا وآدابها، وعن النظام الملكي والبرلمان، عن الهند وأفريقيا، وعن عادات واصطلاحات لن تستطيع استخدامها في مصر أو في أي مكان آخر. ولما كان الانتماء العربي وتكلم اللغة العربية يعدان بمثابة جنحة يعاقب عليها القانون في فكتوريا كولدج، فلا عجب أن لا نتلقى أبدا التعليم المناسب عن لغتنا وتاريخنا وثقافتنا وجغرافية بلادنا… فقد بتنا ندرك جميعا أننا دونيون نواجه قوة كولونيالية جريحة وخطرة بل وقابلة لأن تؤذينا، ونحن مجبرون على تعلم لغتها واستيعاب ثقافتها لكونها هي الثقافة السائدة في مصر” (خارج المكان، ص 233).
ففي إطار الاستراتيجية الغربية التي ترسّخ للعملية التي أسمتها الناقدة الأميركية جياتري سبيفاك بـ”إضفاء الطبيعة الآخرية”، جسد إدوارد سعيد في مذكراته محاولات كل من هو غربي أو “متغرب” – بمعنى من تبنى الفكر الغربي – لتمثيل الآخر في شكل أدنى أو بأسلوب مهمش، ولهذا مثّل مفهوم “الاختلاف” الرهان الأساسي لمشروعه السردي، حيث سعي الكاتب إلى تفكيك المركزية الغربية وكشف البنيات المضمرة في الخطاب الغربي تجاه الآخر غير الغربي- سواء عربي أو أفريقي أو آسيوي أو غيره – ورصد الافتراضات العنصرية الكامنة في الإبستمولوجيا الغربية من خلال القالب الذي وُضع فيه الشرقي في المرتبة الثانية “وعلى الرغم من فوزي بالمرتبة الأولى، فقد أبقاني في المرتبة الثانية، لأني، حسبما قال لي ذات مرة مؤنبا، لست أهلا لأن أكون في المرتبة الأولى. فكثرة حركاتي، واعتراضاتي، وسوراتي المزاجية، تبرهن أني ‘لست رصينا بما فيه الكفاية’ على حد تعبيره… تعلمت أنك لن تعرف أبدا لماذا، وعلى أيّ أساس، يجري الحكم عليك بأنك غير صالح لاحتلال موقع أو لعب دور ما، كما حصل معي، مع أن المؤشرات الموضوعية نسبيا، مثل العلامات والنقاط أو الانتصارات في المباريات تؤهلك لذلك… وأثناء ذلك، بدأت نضالا سوف يستمر طوال حياتي لفضح الانحياز والخبث الكامنين في السلطة التي تعتمد في مصادر قوتها اعتمادا مطلقا على صورتها الأيديولوجية عن ذاتها بوصفها فاعلا أخلاقيا يتصرف بقصد شريف وبنوايا لا يرقى إليها الشك” (خارج المكان، ص ص 284 – 285).
فيكشف سعيد الصور النمطية والتمثيلات السيئة للآخر غير الغربي عبر تقديم نص بديل أو خطاب مضاد يعمل على زعزعة بنيات القوى التي يقوم عليها النص المركزي الأصلي، فيورد في مذكراته محاولات تعيين الذات في أوقات عدم التطابق أو الاختلاف التي شعر بها لكونه عربيا، وذلك عند انتقاله إلى مدرسة “القاهرة للأطفال الأميركيين”، ففي جميع الأحوال – رغم امتلاكه الجنسية الأميركية ورغم اختلاف نظام التعليم الأميركي عن نظيره الإنجليزي- ظل سعيد “عربيا” تحت رعاية الغرب ولا يملك إلا الطاعة كما صرح في مذكراته “بلغ بي الأمر حد كراهية تلك الهوية، ولكني لم أكن أملك بديلا عنها. وقد بت موضع استهجان إلى درجة أني اضطررت، طبعا، إلى مقابلة مس ويليس… ولكن لا مجال للمقارنة إطلاقا بين إدانة مس كلارك الوجودية لي وبين محاضرة مس ويليس الغامضة المتلعثمة عن فضائل المواطنية الصحيحة. وهذه العبارة الأخيرة لم تكن تخطر على البال في الإطار الكولونيالي البريطاني الذي غادرته للتو، إذ نحن جميعا في مرتبة الرعايا، وفي أحسن تقدير، نكتفي بواجب الطاعة من غير سؤال” (خارج المكان، ص 121).
وهكذا، شكّل السرد في “خارج المكان” سلاحا رمزيا استراتيجيا عبّر به إدوارد سعيد عن نفسه وعمّا عاناه لاختلاف هويته وسط الآخرين وحاول خلاله الرد على الآخر في إطار تمثيله لذاته ومحاولة تعيين موقعها، متبنيا مفهوم “التفاوض” الذي أتاح له الاحتكاك بمعطيات ثقافية متناقضة والتقاطع معها للتكيف مع العالم الجديد ولشق مفهوم دينامي لهويته المركبة، مما جعله يعلي من الهوية الإنسانية التعددية التي تتلاقح داخلها شتى الاختلافات وتمحي قوتها الفروق الإقصائية القائمة على اللون أو الدين أو النوع أو الأصل وغيرها من أشكال التمييز العنصري.
ولعل تجربة المنفى، كما اختبرها سعيد بنفسه، هي ما أتاحت له على التركيز على ما تنتجه الاختلافات الثقافية من سيرورات دينامية ومن استراتيجيات تضع تشكُّلا جديدا ومتجددا للهوية، وفتحت أمامه كذلك دروبا عديدة لإعادة اكتشاف الذات مرات ومرات، ولذلك رصد الكاتب بمذكراته تحقق التعددية الثقافية داخل هويته بوصفها إحدى حسنات المنفى؛ حيث تقاطعت داخلها ثقافات مختلفة ناتجة عن تعاملاته مع صنوف متنوعة من البشر.
ومن أبرز ما جسد هوية سعيد الدينامية وثقافته المنفتحة، ما طرحه على صفحات عديدة من مذكراته حول القلق اللغوي – الذي جاور بالطبع القلق المكاني – الذي أسهم في البداية في زيادة وطأة المنفى، ولكنه سرعان ما تغلب على تلك الضدية (العربية/الإنجليزية)، (سعيد/ إدوارد) بعد أن تبنى الهجنة الثقافية أساسا لهويته وانتصر على تشظيه اللغوي/الثقافي كما سرد في مذكراته “اندغم عندي تحمل مشقات مثل هذا الاسم مع ورطة لم تكن أقل إقلاقا، تتعلق باللغة: فأنا لم أعرف أبدا أيّ لغة لهجت بها أولا: أهي العربية أم الإنكليزية، ولا أيا منهما هي يقينا لغتي الأولى. ما أعرفه هو أن اللغتين كانتا موجودتين دوما في حياتي، الواحدة منهما ترجع صدى الأخرى، وتستطيع كل منهما ادعاء الأولوية المطلقة، من دون أن تكون هي فعلا اللغة الأولى” (خارج المكان، ص 26).
وجدير بالذكر أن التغير في مفهوم “الذاتية” لدى إدوارد سعيد كان من الملامح البارزة في سرده الشخصي؛ حيث حاولت ذاته تشكيل نفسها بعيدا عن السياقات الأيديولوجية والسياسية بعد أن أدرك سعيد أن ذاته لن تتشكل بمعزل عن تشكل الذوات الأخرى بكافة أنواعها، فهو “المثقف العالمي والناقد الأدبي، السياسي المتحمس والفنان الموسيقي، الأستاذ الجامعي والمفكر الإنساني، العربي الأميركي، المنفي الفلسطيني وغيرها من مركبات قد تبدو غير متناغمة لكنها تتدفق معا لتكوين هويته المرنة القادرة على استيعاب الاختلاف”، فالتعددية، إذن، هي ما أكسبت الذات هويتها وقضت على الفكرة القائلة بالهوية الأحادية – وفق تعبيره – وفتحت الآفاق الرحبة أمام الحوار بين الثقافات.
“بين الحين والآخر، أرى إلى نفسي كتلةً من التيارات المتدفقة. أؤثر هذه الفكرة عن نفسي على فكرة الذات الصلدة، وهي الهوية التي يعلق عليها الكثيرون أهمية كبيرة. تتدفّق تلك التيارات، مثلها مثل موضوعات حياتي، خلال ساعات اليقظة. وهي، عندما تكون في أفضل حالاتها، لا تستدعي التصالح ولا التناغم. إنها من قبيل ‘النشاز’ وقد تكون في غير مكانها، ولكنها على الأقل في حراك دائم في الزمان وفي المكان، وبما هي أنواع مختلفة من المركبات الغريبة، لا تتحرك بالضرورة إلى الأمام، وإنما قد يتحرّك أحيانا واحدها ضد الآخر، على نحو طباقيّ ولكن من غير ما محور مركزي.. والواقع أني تعلمت وحياتي مليئة إلى هذا الحد بتنافر الأصوات، أن أؤثر إلا أن أكون سويا تماما وأن أظل في غير مكاني ” (خارج المكان، ص ص 358 – 359).
وأخيرا، يمكن القول بأن سعيد قد أكد في مذكراته “خارج المكان” انتماءه إلى هويات مختلفة وتبنيه لخطابات ثقافية متباينة وانتهاجه مدارس فكرية متعددة، أسهمت جميعها – جوار تجربة المنفى – في تشكيل وعيه الرافض للخطاب السائد وإعادة كتابة خطاب بديل مضاد للغرب – سواء في كتاباته النقدية أو سرديته الذاتية – بهدف تفكيك هذا الخطاب المركزي والكشف عمّا يضمره من تحيزات وثنائيات استعلائية (التابع والمتبوع). ولهذا كله، وبفضل ثقافته العابرة للحدود، كان سعيد أكثر قدرة على التحرر من العوائق القومية أو الفكرية أو حتى المكانية بكافة أشكالها، وأكثر جرأة على تبني مفهوم الهوية الإنسانية التي تتكون بعيدا عن كل التصنيفات النوعية، مما كفل له التعامل مع القضايا المصيرية للإنسان، من حيث هو إنسان فحسب.
ومن هذا المنطلق، كان سؤال الهوية من التساؤلات البارزة التي شغلت الكاتب في نصه الذاتي وفي حياته العامة على حد سواء، حيث رفض أن يكون المرء نوعا محددا من الذات – بتعبير جايتري سپيڤاك – ودعا إلى ضرورة أن تضمن الذات لنفسها موقعا حياديا يسمح لها بالفاعلية المثمرة والانفتاح على أشكال متنوعة من الثقافات وأنماط متعددة من البشر، وأصرّ على دعم مبدأ “الاختلاف” الذي يؤكد أن الثقافات كيانات هجينة ويهدم فكرة نقاء الهوية الثقافية التي روجت إليها الإمبريالية الغربية من أجل ادعاء الأصالة المركزية والاحتفاظ بأفضلية الثقافة البيضاء.
كاتبة من مصر
مجلة الجديد