شعر

قصائد مختارة لإميلي ديكنسون

لأنني لا أقدرُ أن أقفَ للموت

2

لأنني لم أستطع أن أقفَ للموتَ

فإنه – مشكوراً –

قد توقّف من أجلي.

المركبةُ

في موكب الموت

لم تحمل سوى أجسادنا

والخلود.

ببطء كنّا نقود العربة،

فهو

لا يعرفُ الاستعجال،

وكنتُ تركتُ وراءي

مشاغلي،

وأوقات راحتي حتى

تأدباً أمام لطفه.

مررنا بالمدرسة حيث يلعب الأطفال،

وحيث الواجباتُ المدرسية

نادرا ما تُؤدَى؛

مررنا بالحقول

حيث سنابلُ الحبوبِ

تحدّق،

ومررنا

بالشمس التي تغرب.

لبرهة توقفنا

أمام بيت بدا كأنه

مجردُ ورمٍ صغير في الأرض؛

السطحُ بالكاد يُرى،

والسورُ حوله

ليس إلا بعضَ ركام.

قرونٌ طويلة هي الحيوات

سوى أن كلَّ حياة منها

بدت أقصرَ من نهار

وأنا

خمّنتُ أن رؤوسَ الخيول

هي الأولى

في طريقها

نحو الأبدية.

المصدر: فاطمة ناعوت – أبناء الشمس الخامسة

(قصائد مترجمة عن الإنجليزية)

الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة – 21

—————————

شعرت بجنازة في دماغي

ونادبون ذهابا وإيابا…

استمروا يسيرون ويسيرون،

حتى بدا ذلك الإحساس

وكأنه يغور.

وما إن جلس الجميع،

وصوت مثل طبلة

ظلت تضرب وتضرب،

حتى ظننت

أن عقلي بدأ يخدر.

بعد ذلك سمعتهم يرفعون صندوقا

وبصريره عبر روحي

من أحذية الرصاص تلك،

مرة أخرى،

ثم بدأ فضاء… يرن،

كأن الفضاءات كلها كانت جرسا،

وأنا لست سوى أذن،

أنا، وصمت، ثمة عرق غريب

محطم، معزول، هنا.

بعد ذلك لوح خشب كان وراء كل شيء، انكسر،

وسقطت أنا… عميقا، عميقا إلى الأسفل…

وارتطمت بالعالم، عند كل سقطة،

وانتهى إدراكي، حينها.

————

المصدر: مختارات من الشعر الأمريكي –

ترجمة شريف بقنه الشهراني –

دار الغاوون – بيروت 211

—————————-

أنا لا أحد! فمن تكونُ أنت؟

أنا لا أحد!

وأنتَ

من تكون؟

هل أنت أيضًا، لا أحد ؟

وإذًا

فثمة اثنان منّا-

إيّاكَ أن تخبر أحدا!

وإلا

ألقوا بنا في المنفى

كما تعلم.

كم هو موحشٌ وكئيب

أن تكون شخصا ما.

كم هو شعبيٌّ وعموميٌّ ومُشاع،

مثل ضفدع.

أن أناديك باسمك اليومَ بطولِه

في ذلك المستنقع البديع.

المصدر: فاطمة ناعوت – أبناء الشمس الخامسة

(قصائد مترجمة عن الإنجليزية)

الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة – 21

———————————-

تَركْتَ لِي

تَركْتَ لِي، حَبيبي، إِرثَينِ،-

إِرثَ الحبِّ

وإِرثَ الأَبِ السَّماويِّ الَّذي سيحتَويني،

وكانَ لديهُ عرضٌ؛

تَرْكتَ لِي حدودَ الأَلمِ

رحبةً كالبحرِ،

وبينَ الخلودِ والزَّمنِ،

وعيُكَ وأَنا.

————————-

المقبرة المنسية

بعد مئات السنين

لا يعرف المكان أحد،

واللوعة هناك

ساكنة كالسكينة.

تصطف أعشاب المنتصر،

يتنزه الغرباء يتهجون

علم الإملاء الأعزل

للموتى الأقدم

رياح حقول الصيف

تعيد تجميع الطريق،

فتلقط الغريزة مفتاحها

الذي أسقطته الذاكرة

————————-

سماع طير يغني

سماع طير يغني

ربما أمر مألوف

وربما إلهي في جماله

وليس سواءً

غناء الطير فردا

وغناؤه على حشد من السامعين

طراز الآذان

يكسو ما تسمعه

بالقتامة أو بالحسن

وكونه ساحرا

أو كونه عقيما

شيء تقرره الدواخل

“اللحن في الشجرة”

يقول المتشكك فأجيب :

“لا يا سيدي ، إنه بداخلك” !

————————

الفراشةُ غبارٌ مكرّمٌ

الفراشةُ غبارٌ مكرّمٌ

يتمدّدُ من دونِ ريبٍ،

لكن لن تعبرَ إحداها المدافنَ

قد تُعاقَبُ كالذبابِ.

*

———————

الوجعُ يحملُ قطعةً من الفراغ

الألمُ

يحملُ قطعةً من الفراغ

تلك التي لا يمكن تذكّرها

متى بدأ الألم،

أو هل ثمّة يوم

لم يكن فيه الألم موجوداً.

الوجعُ لا مستقبلَ له

إلا نفسه،

مملكته المترامية اللامحدودة

تضمُّ ماضيه،

الذي هو مهيأٌ لاستقبال وإدراك

فتراتٍ جديدة من الألم.

المصدر: فاطمة ناعوت – أبناء الشمس الخامسة

(قصائد مترجمة عن الإنجليزية)

الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة – 21

——————-

نُربّي الحبَّ مثل كلِّ شيء آخر

إميلي ديكنسون

نربي الحُبَّ

مثلما نربي كلَّ الأشياء الأخرى

ثم نوْدعُه الأدراجَ،

حتى يبلى

ويغدو عتيقًا مُتْحفيَّ الطراز

مثل ملابس أسلافنا.

المصدر: فاطمة ناعوت – أبناء الشمس الخامسة

(قصائد مترجمة عن الإنجليزية)

الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة – 21

——————–

لاَ أَستطيعُ العيشَ معكَ

لاَ أَستطيعُ العيشَ معكَ،

لأَنَّ العيشَ سيكونُ منَ الحياةِ،

والحياةُ هناكَ

وراءَ الجُرفِ

والقندلفتُ يحتفظُ بالمفتاحِ،

ويؤجِّلُ

حياتَنا، وخزَفهُ،

كأَنَّه خمرُ القُربانِ المقدَّسِ

التَّخلَّصُ منْ ربَّةِ البيتِ،

والغربةُ أَو السَّحقُ؛

خادمٌ أَجْدَدُ يتعجَّبُ،

وصدعٌ قديمٌ.

لاَ يُمكِنني أَن أَموتَ معكَ،

فمِنْ أَجلِ واحدٍ لاَ بدَّ لِي أَن أَنتظرَ

لأُغمِضَ النَّظرةَ الأُخرى إِلى أَسفلَ، –

أَنتَ لاَ يُمكِنكَ.

وأَنا، هلْ يُمكِنني أَن أَقفَ جانبًا

وأَراكَ تتجمَّدُ،

بدونِ حقِّي فِي الصَّقيعِ،

وشرفِ الموتِ؟

ولاَ يُمكِنني أَن أَرتفعَ معكَ،

لأَنَّ وجهَكَ

منْ شأْنهِ أَن يصرِفَ يسوعَ،

والَّذي هوَ نعمةٌ جديدةٌ

توهُّجٌ واضحٌ وغريبٌ

علَى عَينِي الَّتي تحنُّ إِلى الأُسرةِ والوطنِ،

إِلاَّ أَنَّكَ، مَنْ هوَ

الأَقربُ شروقًا منْ قَبلُ.

لقدْ حكَمُونا- كيفَ؟

بالنِّسبةِ إِليكَ أَنتَ خدمتَ السَّماءَ، وأَنتَ تعلَمُ،

أَو سعيتَ إِلى هذَا؛

أَنا لمْ أَستطعْ،

لأَنَّكَ مُشبعٌ بالمشهدِ،

وأَنا ليستْ لِي عيونٌ إِضافيَّةٌ

لِتمييزِ الدَّنيءِ

كمَا الجنَّةُ.

وفِي مكانِ ضياعِكَ، أَودُّ أَن أَكونَ،

علَى الرَّغمِ منْ أَنَّ اسمِي

رنَّ أَعلَى

عنِ الشَّهرةِ السَّماويَّةِ.

وفِي مكانِ إِنقاذِكَ

وأَنا سأَكونُ مدانةً

أَينَما أَنتَ لمْ تكُنْ،

فتلكَ الذَّاتُ كانتْ جحيمًا بالنِّسبةِ إليَّ.

لِذلكَ يجبُ أَن نَبقى كلاًّ علَى حِدَةٍ،

أَنتَ هناكَ، وأَنا هُنا،

معَ بابٍ مُواربٍ فقطْ

حيثُ إِنَّ تلكَ المحيطاتِ،

والصَّلاةَ،

وإِنَّ تلكَ المعيشةَ الشَّاحبةَ،

مصدرُ يأْسٍ

يا قلب ، لسوف ننساه!

————————

مَنحتُ نَفْسي لهُ

مَنحتُ نَفْسي لهُ،

وأَخذتُ نَفْسهُ لقاءَ أَجرٍ.

العقدُ الرَّسميُّ لحياةٍ

تمَّ تصديقهُ علَى هذَا النَّحوِ.

قدْ تحبطُ الثَّروةُ،

ونَفْسي إثباتٌ أَكثرَ فقرًا

منْ هذَا المُشتري الكبيرِ المشكُوكِ فيهِ،

واليوميِّ الخاصِّ بالحبِّ

الَّذي يقلِّلُ منْ أَهميَّةِ الرُّؤيةِ؛

لكنْ، وحتَّى شراءَ التَّاجرِ،

لا يزالُ مُختلقًا، فِي جزرِ التَّوابلِ،

وكَذبِ الحمولاتِ الماكرةِ.

علَى الأَقلِّ، هيَ مخاطرةٌ متبادَلةٌ، –

وجدَ البعضُ أَنَّها كَسْبٌ متبادَلٌ؛

دَينٌ حلوٌ منَ الحياةِ،- كلَّ ليلةٍ لِـمَدينٍ،

مُعسرٍ، كلَّ ظهيرةٍ.

——————–

يا قلب، لسوف ننساه!

أنت وأنا، هذه الليلة!

يمكنك أن تنسى الدفء الذي منحه،

وأنا سوف أنسى الضوء.

وحين تنتهي من ذلك، أتوسل إليك أن تبلغني

حتى أقوم بتعتيم أفكاري؛

هيّا! لئلا ،بينما أنت تتلكأ،

أتذكره!

——————-

ليس لدي الوقت للكراهية

ليس لدي الوقت للكراهية،

لأن الموْت يكبحني،

والحياة لم تكن وافرةٌ جدّاً

لأنتهي من كل الأعداء.

ليس لدي الوقت للحب،

ولكن.. بما أنه يتوجّب علي

أن أقوم بشيء،

القليل من حبّ عظيم،

كثيرٌ بما فيه الكفاية

بالنسبة لي.

——————–

ليستْ لديَّ حياةٌ، ولكنْ هذهِ

ليستْ لديَّ حياةٌ، ولكنْ هذهِ

لأُؤدِّيها هُنا؛

ولاَ أَيَّ موتٍ، ولكنْ خَشيةَ أَن

تتبدَّدَ هناكَ؛

مَا منْ صلةٍ للأَرضِ لتأْتيَ،

ومَا منْ عملٍ جديدٍ،

إِلاَّ منْ خلالِ هذَا المدَى،

عالمِ دُنياكَ

———————–

كأَنَّها بعضُ زهرةِ القطبِ الشَّماليِّ الصَّغيرةِ

كأَنَّها بعضُ زهرةِ القطبِ الشَّماليِّ الصَّغيرةِ،

علَى هدبٍ قطبيٍّ،

ذهبتْ متجوِّلةً أَسفلَ خطوطِ العرضِ،

إِلى أَن جاءتْ فِي حَيرةٍ

إِلى قارَّاتِ الصَّيفِ،

وإِلى سماواتِ الشَّمسِ،

وإِلى الغريبِ، وحشودِ الأَزهارِ المشرقةِ،

وطيورٍ ذواتِ أَلسنةٍ غريبةٍ!

أَقولُ، كأَنَّ هذهِ الزَّهرةَ الصَّغيرةَ

تجوَّلتْ فِي عَدْنٍ،

وماذَا بعدُ؟ لماذَا، لاَ شيءَ، فقطْ

استنتاجُكَ منْ هناكَ!

———————–

النجاح يصبح حلوا

النجاح يصبح حلوا

عندما يناله من لم يستطع النجاح

وكي تستشعر لذة الرحيق السماوي

يلزمك عوز الحاجة الموجع

وليس كل من في الجماهير الوردية

والذي يحمل راية اليوم

يمكنه أن يخبرنا بوضوح

ما هو تعريف النصر!

لأن ثمة من ينهزم، يموت،

ومن يحرم على أذنيه السمع

ثمة سلالات بعيدة من الانتصارات

لديهم ينفجر العذاب على مصراعيه.

المصدر: مختارات من الشعر الأمريكي –

ترجمة شريف بقنه الشهراني –

دار الغاوون – بيروت 211

————————-

فيما بعد الوجع الأكبر

بعد الألم العظيم،

يعودُ الشعورُ المعتاد

الأعصاب تقيم مراسمها،

مثل الأضرحة

القلبُ المتصلّب يسائلُ

هل كان هو،

الذي أُجهِد وسئمَ،

وهل كان ذلك بالأمس فقط،

أم منذ قرون؟

الأقدامُ،

الماكيناتُ،

تدور وتدور

حول الأرض،

والهواء،

وتنهبُ الطرق المتيبسّة

ليس مهمًّا كم ممتدة هي،

فيما السعادةُ والقناعةُ بلّوريةٌ،

مثل حجر كريم.

ها هي ساعة الحياة

يمكن تذكّرها،

إذا ما عمّر المرء طويلا،

مثلما يتذكر البشر المتجمدون الصقيعَ.

في البدء

تكون القشعريرةُ –

ثم الذهولُ والغيبوبةُ –

ثم الإذنُ بالرحيل.

المصدر: فاطمة ناعوت – أبناء الشمس الخامسة

(قصائد مترجمة عن الإنجليزية)

الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة – 21

———————–

مت من أجل الجمال

مت من أجل الجمال ولكن لم أكد

أُوضع في القبر،

حتى كان رجل مات من أجل الحقيقة قد ألقيَ

في غرفة مجاورة.

سأل بهدوء لم فشلت؟

فأجبت: “من أجل الجمال”

فقال: “وأنا من أجل الحقيقة ، وهما شيء واحد؛

ونحن اخوة.”

وهكذا، اجتمعنا كما يجتمع الأقرباء في ليلة،

تحدثنا ما بين الغرفتين،

حتى وصل الطحلب إلى شفاهنا،

وغطّى أسماءنا.

————————

لو

لو أنَّ قلباً واحداً

منعتهُ من التحطم

لن تكون حياتي عبثاً.

لو خففتُ أوجاع حياةٍ واحدة

أو طففتُ ألماً واحداً

أو أعنتُ طيراً مغمياً

ليعود الى عشِّهِ

لن تكون حياتي عبثاً.

———————–

الوداع

أربط خيوط حياتي، يا إلهي،

وبعدها أستعد للذهاب !

مجرد نظرة على الجياد

بسرعة! هذا أجدى !

ضعني على الجانب الواثق

فلا أسقط،

سنركب إلى يوم الحساب

وننزل تدريجياً عن التل.

لكني لا أتذكر الجسور

لا أتذكر البحار

فقط أسرع في سباق دائم

من اختياري واختيارك.

وداعاً للحياة التي أعيشها،

والعالم الذي أعرفه،

وقبلوا التلال نيابة عني، مرة واحدة

أستعد الآن للذهاب

————————-

المسرّة

المسرّة هي مسير روح البلد تجاه البحر،

تاركة البيوت – مارة بالساحل-

للسفر إلى أعماق الأبدية-

هل يستطيع الملّاح الذي نشأ مثلنا بين الجبال،

أن يصل حالة الثمل الإلهي،

حين مشاهدته اختفاء الفرسخ الأول من الأرض؟

————————

ذلكَ الحبّ هو كلّ ما كان

ذلكَ الحبّ هو كلّ ما كان،

أهو كلّ ما نعرفه عن الحبّ؛

يكفي هذا، فحمولتهُ تتناسبُ

مع الأخدودِ.

*

———————-

فخورٌ قَلبي المكسورُ

فخورٌ قَلبي المكسورُ منذُ أَن كسرتَهُ،

فخورٌ الأَلمُ الَّذي لمْ أَشعرْ بهِ حتَّى إِليكَ،

وفخورةٌ ليلَتي منذُ أَن أَخمدتَ أَقمارَها،

وتواضُعي، ليسَ لمشاركتِكَ عاطفتَكَ.

————————

القصيدة 115

كم من المخطّطات قد تخفق

في ظهيرة يوم قصير

مجهول على نحو تام

بالنسبة إلى أولئك الذين

يقلقون كثيراً –

الرجلُ الذي لم يمت

لأنه

وبمحض صدفة

حادَ عن طريقه المعتادة

بمقدار بوصة –

الحبُّ الذي لم يُجرَّب أبداً

لأنّه جوار المدخل

حيث المسابقات يجب أن تكون

كان ثمة حصان مطمئن

مربوط في الباب

يتمرّغ في يأسه

المصدر: فاطمة ناعوت – أبناء الشمس الخامسة

(قصائد مترجمة عن الإنجليزية)

الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة – 21

————————

زوجةٌ أَنا

زوجةٌ أَنا؛ أَنا أَنهيتُ ذلكَ،

تلكَ حالةٌ أُخرى؛

أَنا كازار، أَنا امرأَةٌ الآنَ:

إِنَّها أَكثرُ أَمانًا لذلكَ.

كيفَ تبدُو حياةُ الفتاةِ الغريبةِ

وراءَ هذَا الكسوفِ النَّاعمِ!

أَعتقدُ أَنَّ الأَرضَ تبدُو هكذَا

لهؤلاءِ الَّذينَ فِي السَّماءِ الآنَ.

هذَا الوجودُ مريحٌ، فِي حينِ أَنَّه

كانَ النَّوعُ الآخرُ مؤلمًا؛

ولكنْ لماذَا المقارنةُ؟

أَنا زوجةٌ! أَتوقَّف عندَ هذَا الحدِّ!

————————-

وثبت الزهرة فوق خدها

وثبت الزهرة فوق خدها،

ارتفع صدر فستانها وهوى،

كلامها الجميل، مثل السكارى،

ترنح المسكين.

أصابعها ارتبكت في عملها –

تسمرت إبرتها؛

ما الذي أَلَمّ بفتاة ذكية مثلها

هذا ما تشوقت لمعرفته،

إلى أن لمحتُ في الجهة المقابلة خداً

يحمل وردة أخرى؛

في الجهة المقابلة تماما، وكلام آخر

يمشي مشية السكارى؛

ورقصت سترة مثل صدر الفستان

على أنغام اللحن الخلد، –

إلى أن أصبحت هاتان الساعتان الضئيلتان المضطربتان

تدقان معاً برفق في وقت واحد.

———————–

الذي لم يجد السماء في الأسفل

مَنْ لم يعثر على السماء تحته

سيخفقُ في رؤيتها في الأعلى.

الله يقطنُ في البيت المجاور لي،

أثاثُ بيته

هو الحُب.

المصدر: فاطمة ناعوت – أبناء الشمس الخامسة

(قصائد مترجمة عن الإنجليزية)

الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة – 21

————————–

كتاب

التهمَ الكلماتِ النفيسةَ .. شربها

فصارت روحُهُ .. قويةً معافاة.

نسي فقره

نسي أنه من تراب

وراقَصَ أيامَه الحقيرة.

هذا الإرثُ من الأجنحة

لم يكن غير كتاب.

آهٍ .. أيةُ حريةٍ

يمنحها الروح الطليق !

————————

تعالي يا جنة عدن!

ببطء، تعالي يا جنة عدن!

شفاه غير معتادة عليك،

خجولة، ترشف ياسمينك،

مثل النحلة المغمى عليها،

إذ تتأخر في الوصول إلى زهرتها،

تدندن حول حجرتها،

تحسِب ما لديها من رحيق – تدخل،

وتضيع في العبق!

———————

في بلاد لم أرها قط

في بلاد لم أرها قط –

يقال إن جبال الألب الباقية دوما ، تنظر إلى الأسفل-

بقلنسوات تناطح السماء،

وصنادل تلمس المدينة-

في الأسفل ، تلعب زهرة الربيع ،

في تجليات لا يمكن عدّها،

فمن، أنت، يا سيدي،

ومن أنا،

في يوم صاف ٍ من أيام شهر آب؟

—————————

في غفلة تنمو الجبال

في غفلةٍ تنمو الجبال

وتنهض أجرامها الأرجوانية

دون جهدٍ أو عناء

دون عونٍ أو ثناء

وفي ابتسامة الفرح العريضة

تطيل الشمس النظر في وجوهها الأزلية

وترمقها للمرة الأخيرة

وقد اصطبغت بالضياء الذهبي

تائقة إلى صحبة الليل

————————-

قلتُ، كانَ شيئًا مهيبًا

قلتُ، كانَ شيئًا مهيبًا،

ويجبُ أَن يكونَ امرأَةً بيضاءَ،

وتَرتدي، إِذا كانَ الله يجبُ أَن يَعتبرني ملائمةً،

سرَّها المقدَّسَ.

شيءٌ خجولٌ لَدى إِسقاطِ حياةٍ

فِي البئرِ الأَرجوانيَّةِ،

وانخفضَ كثيرًا بحيثُ يمكِنُ أَن يعودَ

حتَّى الخلودِ.

—————————

اللَّقبُ الإِلهيُّ هوَ لِي

اللَّقبُ الإِلهيُّ هوَ لِي

الزَّوجةُ بدونِ

العلامةِ.

المنزِلةُ الحادَّةُ

ممنوحةٌ لِي-

إِمبراطورةُ الجُمجمةِ.

الكلُّ مَلَكِيٌّ ولكنَّ

التَّاجَ-

مخطوبةٌ، بدونِ نشوةٍ

يُعطِينا الرَّبُّ النِّساءَ

حينَ اثنتانِ تَعقدانِ

العقيقَ إِلى العقيقِ،

والذَّهبَ إِلى الذَّهبِ-

مولودٌ- زَفافي-

كُفِّنَ-

فِي يومٍ ثلاثيِّ النَّصرِ-

“زوجي”

تقولُ النِّساءُ

يداعبنَ اللَّحنَ،

أَهذهِ هيَ الطَّريقةُ؟

————————–

يقولُ بعضهم، الكلمةُ تموتُ

يقولُ بعضهم، الكلمةُ تموتُ

حين تُقال. لكني أجزمُ

أنها تبدأُ الحياةَ منذئذٍ.

*

———————–

لا وجود لسجين

لا وجود لسجين

حيث الحرية

نفسها تسكن معك

———————

صخرة صغيرة

لا أسعد من صخرة صغيرة

تهيم على الدرب وحدها ،

غير معنية بوظيفة

والضرورات لا تخيفها،

معطفها بني من عنصر الأرض

يرتديه العالم العابر،

وهي مستقلة كالشمس

تلتصق أو تنفصل بمفردها،

فتشبع قدرها المطلق

ببساطة عرضية.

———————-

وضعت قوتي في يدي

وضعت قوتي في يدي

ومضيت أتحدى العالم

لم أكن بقوة داود

لكني كنت أشجع بمرتين

وصوبت حجارتي

لكن الوحيد الذي هوى كان : أنا

هل كان “جالوت” مفرط الكبر

أم أنني كنت مفرطة في الصغر ؟

————————-

هلْ لديكَ غديرٌ فِي قلبِكَ الصَّغيرِ

هلْ لديكَ غديرٌ فِي قلبِكَ الصَّغيرِ،

حيثُ تهبُّ الأَزهارُ الحييَّةُ،

وتهبطُ الطُّيورُ الخجِلةُ لتشربَ،

وترتعشُ الظِّلالُ كثيرًا؟

ولاَ أَحدَ يعرِفُ، أَنَّه لاَ يزالُ يتدفَّقُ،

وأَنَّ غديرًا مَا هناكَ؛

وحتَّى الآنَ مشروعُكَ الصَّغيرُ للحياةِ

مترنِّحٌ يوميًّا هناكَ.

ثمَّ انتبهْ إِلى الغديرِ الصَّغيرِ فِي مارسَ

عندَما تفيضُ الأَنهارُ،

وتأْتي الثُّلوجُ بتسرُّعٍ منَ التِّلالِ،

وغالبًا مَا تذهبُ الجسورُ.

وفِي وقتٍ لاَحقٍ، قدْ يكونُ فِي أُغسطسَ،

عندمَا تَستلقي المروجُ متحمِّصةً،

حذارِ، خشيةَ أَنَّ غديرَ الحياةِ الصَّغيرَ هذَا

يجفُّ بسببِ بعضِ حرِّ الظَّهيرةِ!

———————–

يَجري إِليكَ نَهري

يَجري إِليكَ نَهري:

أَيُّها البحرُ الأَزرقُ، هلْ سترحِّبُ بِي؟

ينتظرُ نَهري الرَّدَّ.

يَا بحرُ، انظرْ بلطفٍ!

سأَجلِبُ إِليكَ الغُدرانَ

منَ الزَّوايا المُبقَّعةِ، –

تَكلَّمْ، أَيُّها البحرُ،

وخُذني!

———————-

كلمة هروب

لا أسمع أبدا كلمة “هروب”،

دون أن يفور دمي،

ويراودني تنبؤ فجائي ،

وأجنحة تطير بي إلى بعيد!!!

ما أن سمعت ُ أن جنودا،

قد حطموا سجنا ما،

إلا و قمت كالطفل بعض ّ قضباني،

فاسقط مرة أخرى !!!!

———————-

بينما أهم بحل ّ مسائلي،

بينما أهم بحل ّ مسائلي،

تبرز لي مشكلة أخرى ،

أعظم من المشكلات التي أصلا عندي،

وهي تخص مبالغ هائلة قديرة.

أكبح قلمي المشغول،

تسير أرقامي في رتل.

فلماذا تربكون أناملي الحائرة؟

———————-

التلال ترفع رؤوسها

التلال ترفع رؤوسها الأرجوانية

الأنهار تنحني لترى

لكن الأنسان من بين كل هذا الحشد ليس عنده

أي فضول.

————————

أُخبِّئُ نفْسِي فِي زَهرتي

أخبِّئُ نفْسِي فِي زَهرتي،

تلكَ الَّتي تضعُها علَى صدرِكَ،

أَنتَ، أَيُّها المطمئنُّ، ارْتدِيني كذلكَ -،

والملائكةُ تعرِفُ البقيَّةَ.

أُخبِّئُ نفْسِي فِي زَهرتي،

تلكَ، الَّتي تذبلُ فِي زهريَّتكَ،

أَنتَ، أَيُّها المطمئنُّ، اشعُرْ لأَجْلي،

بالوَحدةِ كذلكَ.

————————–

رحلتُ ـ إلى يومِ الدينونةِ ـ

رحلتُ ـ إلى يومِ الدينونةِ ـ

ظهيرةٌ واسعةٌ ـ

سحبٌ هائلةٌ ـ كدلائلِ مرشدينَ ـ تميلُ ـ

تراقبُ ـ الخلقَ ـ

*

اللحمُ ـ مستسلمٌ ـ مَمحوٌّ ـ

غيرُ متَجسّدٍ ـ يبدأ ـ

عالَمان ـ كحشودٍ نظّارةٍ ـ تتشتّتُ ـ

تُخلِفُ الروحَ ـ وحدها.

*

——————–

أقدام جديدة تطأ حديقتي

أقدام جديدة تطأ حديقتي

أنامل جديدة تحرك التراب والعشب،

مغن شاعر فوق شجرة الدردار

يكشف عن العزلة.

أطفال جدد يلعبون فوق العشب الأخضر،

ونوم مرهق جديد تحته؛

وما يزال الربيع المستغرق في تأملاته يعود،

وكذلك الثلج بمواعيده الدقيقة!

————————-

لأَنَّني أَحببتُ دائمًا

لأَنَّني أَحببتُ دائمًا،

أَجلِبُ إِليكَ الدَّليلَ:

حتَّى حينَ أَحببتُ

لمْ أَكنْ أُحبُّ مَا فيهِ الكفايةُ.

لأَنَّني يجبُ أَن أُحبَّ دائمًا،

أَتقدَّمٌ إِليكَ

لأنَّ الحبَّ هوَ الحياةُ،

والحياةُ ليستْ خالدةً.

أَهذا، لتشكَّ، حَبيبي؟

بعدَ ذلكَ أَنا

لاَ شيءَ لأَعرضَهُ

سِوى الجُمجمةِ.

————————–

أخيراً ترافقنا التجربةُ ـ

أخيراً ترافقنا التجربةُ ـ

رفقتهُ الحارقةُ

ستسمحُ لنا

ببداهةِ الفرصةِ.

*

———————

أحسّ طُهرانيةً عقليةً

أحسّ طُهرانيةً عقليةً

كأن مُخّي انقَسَم،

شِقاً بعد شِقٍ، حاولتُ رأبَ صِدعهِ،

فلم أُفلِح.

*

فكرةٌ راودَتني لتنضَمّ

إلى فكرةٍ سَبقَت،

لكن الحصيلةَ أبعدُ من يدي

مثلَ كرتَينِ في أرضٍ.

*

————————

الحبّ سابقُ الحياةِ

الحب هو الأمامي في الحياة

الحبّ سابقُ الحياةِ

لاحقُ الموتِ،

ومبدأُ الخلقِ برهانُ التنفّسِ.

*

———————

غير مرئية

هامت بعيداً عنا منذ عام

بقاؤها مجهول

لو تمنع البرية قدميها،

أو تلك منطقة الأثير.

لا عين عاشت ورأت

نحن الجهلة

نعلم فقط ميقات العام،

الذي نتلقى فيه السر.

———————-

السماءُ واطئة .. الغيوم وضيعة

-السماءُ واطئة .. الغيوم وضيعة !

ندفةُ الثلجٍ المسافرة

عبر حفرةٍ أو حظيرة

تجادل حول رحيلها.

ريحٌ هزيلةٌ تشتكي اليوم كله

كيف أن أحدهم أساء اليها.

هكذا الطبيعة ، مثلنا نحن

تُضبَطُ أحياناً .. وقد نسيتْ تاجها.

—————–

ضجيج في الدار

الضجيج في الدار،

و الصباح الذي ينبلج بعد الموت،

هو من أقدس صناعاتنا التي أنجزت على الأرض،-

فبعد أن تم تطهير القلب،

و طرد الحب،

لم نعد نريد استخدام القلب ثانية أبدا.

———————–

لم نعرف أننا بالأعالي

لم نعرف أننا بالأعالي

حتى نُودِينا لننهضَ،

وإن خَطّطنا حقاً

فستلمس قُدرتُنا السماءَ.

*

البطولةُ التي نروي

ستكونُ يوميةً،

وعلينا أن ننحَرِفَ ذراعاً

حتى لا نصيرَ ضمنَ الملكِ.

*

—————————

الأشياء التي لها أجنحة

في الأشياء التي لها أجنحة ، وبإمكانها الطيران….

الطير – الوقت – النحلات الضخمة الطنانة –

لا أكتب مرثاة.

ثمة أشياء تفتقد إلى الحركة، وثابتة في مكانها-

الأحزان- الجبال- الأبدية-

لا ينبغي أن أكتب عنها أبضا.

لكن الأشياء التي تستلقي وتأخذ قسطا من الراحة،

يمكنها الارتفاع والتحليق.

فهل لي تأييد السماوات، وتفسيرها؟

هكذا يضطجع اللغز الساكن!!!

————————-

رسالتي إلى العالم

هذه هي رسالتي إلى العالم،

الذي لم يكتب إليّ أبداً،

الأخبار البسيطة التي تحدثت الطبيعة عنها،

بعظمةٍ رقيقة

رسالتها كُتِبَت

بيدين لا استطيع رؤيتهما؛

استحلفكم بحبها، يا أبناء بلدي

ترفقوا في الحكم عليّ !

————————

أَبي، لاَ أَجلبُ إِليكَ نفْسِي

أَبي، لاَ أَجلبُ إِليكَ نفْسِي، –

كانَ هذَا العبءُ قليلاً؛

أَجلِبُ إِليكَ القلبَ الفخمَ

مَا كانتْ لِي مقدرةٌ علَى حَملهِ.

القلبُ الَّذي أَعتزُّ بهِ فيَّ

حتَّى أَنَّه نَما فيَّ بتثاقلٍ جدًّا،

لاَ يزالُ الأَغربَ، والأَثقلَ منذُ أَن ذهبتَ،

فهلْ هوَ كبيرٌ جدًّا بالنِّسبةِ إِليكَ؟

————————–

مَاذا لَو أَقولُ إِنَّني لنْ أَنتظرَ؟

مَاذا لَو أَقولُ إِنَّني لنْ أَنتظرَ؟

مَاذا لَو فجَّرتُ البوَّابةَ الجسديَّةَ

وعبَرتُ، هاربةً، إِليكَ؟

مَاذا لَو أَفعلُ هذَا قبالةَ الموتَى،

لأَرى أَينَ هذَا يُؤذيني،- هذَا يَكفِي، –

وأَخوضُ فِي الحريَّةِ؟

إِنَّهم لاَ يستطيعونُ أَخذَنا أَكثرَ، –

قدْ تُطلَبُ الزِّنزاناتُ، وتناشَدُ البنادقُ؛

لاَ معنَى لهَا الآنَ، بالنِّسبةِ إِليَّ،

كمَا كانَ الضَّحكُ قبلَ ساعةٍ،

أَوِ الأَربطةُ، أَو عرضُ السَّفرِ،

أَو الَّذي توفِّي أَمسِ!

——————————

ثمةَ شيءٌ صغيرٌ لنبكي عليهِ

ثمةَ شيءٌ صغيرٌ لنبكي عليهِ ـ

شيءٌ هشٌّ نتأوّه لأجلهِ ـ

معَ أنه ـ بمنطقِ الصفقاتِ ـ من حَجمهِ

نموتُ رجالاً ونسوةً!

*

———————-

اسمَحُوا لِي أَن لاَ أُفسدَ ذلكَ الحلمَ المثاليَّ

اسمَحُوا لِي أَن لاَ أُفسدَ ذلكَ الحلمَ المثاليَّ

بالوصمةِ الشَّفقيَّةِ،

لكنِّي أَضبطهُ جدًّا ليلاً يوميًّا

حيثُ سيأْتي مرَّةً أُخرى.

————————

صغرى الأنهار

صغرى الأنهار – تخضع لواحد من البحار.

يا قزويني — أنت.

———————-

يفعلُ الحبّ كلّ شيءٍ

يفعلُ الحبّ كلّ شيءٍ غيرَ إحياءِ الموتَى

أتشكّك لو حدثَ

عن ذلكَ الماردِ تُحجَبُ

فهو نظيرُ اللحمِ

*

لكن الحبّ متعَبٌ وعليهِ أن ينامَ،

جوعانُ وعليه أن يرعَى،

كما يحرّض على الفرارِ البرّاقِ

إلى أن يختفي عن البصرِ.

*

—————————-

يجبُ أَن يكونَ صَديقي طائرًا

يجبُ أَن يكونَ صَديقي طائرًا،

لأَنَّه يطيرُ!

يجبُ أَن يكونَ صَديقي بشرًا،

لأَنَّه يموتُ!

انتقاداتٌ لاذعةٌ لديهِ، مثلَ نحلةٍ.

آهٍ، يَا صَديقي غريبَ الأَطوارِ،

أَنتَ تُربِكُني!

———————–

فليحذرِ الجرّاحون

فليحذرِ الجرّاحون

عندَ تناولِ المِشرَط!

فمشارطُهم الناعمةُ

تستثيرُ المُجرمةَ ـ الحياةَ!

——————-

العربة

لأني لم أستطع أن أتوقف من أجله

تعطف الموت … وتوقف من أجلي.

لم يكن في العربة غيرنا :

أنا والموت والخلود

وانطلقنا على مهلٍ

دونما عجالة

ورميت بعيدا

بكل كدي وعنائي

وبكل راحتي

نظير لطفه ودماثته

————————

لم أر السباخ الموحلات

لم أر السباخ الموحلات

لم أر البحر يوما

بيد أني أعرف شجيرات الخلنج*

وشكل الأمواج

لم أتحدث الى الرب

لم أزر الفردوس

لكني أعرف المكان يقينا

وكأن صحيفتي أضحت في يميني

** **

* الخلنج (heather) : ضرب من النباتات الخشبية

تكثر في بقاع كثيرة من العالم وكانت العرب تتخذ

من خشبها صحافا للطعام.

————————-

يطلبُ القلبُ لذّةً ـ في البدايةِ

يطلبُ القلبُ لذّةً ـ في البدايةِ

مِن ثَمّ ـ يتغاضَى عن الألمِ ـ

مِن ثَمّ ـ الدواءُ المميتُ

يهدّئُ المكروبَ ـ

*

مِن ثَمّ ـ تمضي لتنامَ ـ

مِن ثَمّ ـ لو توجّبَ ذلكَ

فإرادة محقّقهِ

شرفٌ أن تموتَ.

*

————————-

نِلتُ سهمًا هُنا

نِلتُ سهمًا هُنا؛

اليدُ المحِبَّة هيَ الَّتي أَرسلتْهُ،

وأَنا الوثبةُ الوقورةُ.

انْخفِضي، سوفَ يقُولونَ، فِي “مُناوشةٍ”!

ستعرفُ رُوحي، المهزومةُ،

منْ قبلُ، ولكنَّ سهمًا سهلاً

أَسرعَ منْ قِبلِ قَوسِ الرَّامي.

———————

إِذا كنتَ مُقبلاً فِي الخريفِ

إِذا كنتَ مُقبلاً فِي فصلِ الخريفِ،

سأُفرشُ الصَّيفَ قَبلاً

بنصفِ ابتسامةٍ ونصفِ طردٍ،

كمَا تفعلُ ربَّاتُ البيوتِ معَ ذبابةٍ.

إِذا تمكَّنتُ أَن أَراكَ فِي سنةٍ،

سأَنفخُ الشُّهورَ فِي كُراتٍ،

وأَضعُ كلَّ واحدةٍ فِي أَدراجَ مُنفصلةٍ،

إِلى أَن يُصيبَهم وقتُهم.

إِذا تأَخَّرتْ قرونٌ فقطْ،

سأُحصِيهم فِي يدِي،

وأَطرحُهم ريثَما تنخفضُ أَصابِعي

نحوَ أَرضِ (فانْ دِيمَن).

إِذا متيقِّنٌ، حينَ كانتْ هذهِ الحياةُ خارجًا،

يجبُ أَن تكُونَ لكَ ولِي،

سأَقذفُها مثلَ قشرةٍ،

وأَتذوَّقُ الخلودَ.

لكنِ الآنَ، كلُّ جاهلةٍ طولَ

جناحِ الوقتِ غيرِ المؤكَّدِ،

تهمزُ إِليَّ، مثلَ النَّحلةِ العِفريتةِ،

الَّتي لنْ تُصرِّحَ عنْ لدغتِها.

————————-

تعويض

عن كل لحظة نشوة فرحة

لا بد من أن ندفع أجرها على مضض

على حذر نرتعش بقدر ارتعاشة نشوة

حتى آخر الهلوسة.

إزاء كل ساعة أبدية خالدة

سنين قاسية من الأجر الزهيد

بضعة بنسات مريرة مستقطعة

وخزائن تمتلئ بالدموع.

المصدر: مختارات من الشعر الأمريكي –

ترجمة شريف بقنه الشهراني –

دار الغاوون – بيروت 211

————————

أَسكنُ معهُ، وأَرى وجهَهُ

أَسكنُ معَهُ، وأَرى وجهَهُ؛

لاَ أَذهبُ بعيدًا أَكثرَ

من أَجلِ الزَّائرِ، أَو غروبِ الشَّمسِ؛

خصوصيَّةُ وفاةِ أَعزَب،

هوَ الوحيدُ الَّذي يُحبِطُني فقطْ،

وذلكَ منْ خلالِ الحقِّ أَنَّهُ

يقدِّمُ ادِّعاءً غيرَ مرئِيٍّ،

ولاَ يَمنحُني زَواجًا.

أَسكنُ معهُ، وأَسمعُ صوتَهُ،

وأَقفُ علَى قيدِ الحياةِ إِلى اليومِ

لأَشهدَ على يقينِ

الخلودِ

علَّمني الزَّمنُ،- اليومُ الواهيُّ،

قناعةُ كلِّ يومٍ،-

أَنَّ تلكَ الحياةَ مثلَ هذهِ لاَ نهايةَ لَها،

وأَنَّ أَكونَ حكيمةً مهمَا تكونُ.

——————————

قد حان لي وقت الصلاة

قد حان لي وقت الصلاة –

– فبطُلتْ – -كل الفنون الأخرى

إلا أن شيئا ما سقط من لائحة نيّاتي-

فيا أيّها الخالق – هل كان ذاك أنت؟

يتعالى الله – فوق الآفاق

وهكذا كل المصلين يتسلقونها للوصل هناك-

وخطوتُ إلى الأعالي في الشمال

للقاء هذا الصديق الفضولي-

لم يكن لبيته وجود – ولا علامة تدل عليه –

لا مدخنة – ولا مدخل

لكي أدخل إلى بيته –

مروج واسعة من الهواء

لم يمسسه أي مستوطن –

كان كل ما استطعت ُ أن اراه –

لا نهائية – أما استطعت َ أن تريني وجها لك

أقدر أن اراه؟

خطا الصمت ُ إلى الأسفل بلطف –

توقف الخلق ُ – بالنسبة لي-

لكنني مرعوبة وراء مهمتي –

فإنّني قمت ُ بالعبادة،

– لم ” أُصلِّ” –

———————–

كي نفرّ من الذكرى

كي نفرّ من الذكرى

يُفترَض أن نملكَ أجنحةً

ليطيرَ كثيرٌ منها

متمرّساً على ما هو أبطأُ

طيورٌ بمفاجأةٍ

تمحّصُ الجناحَ الرعديدَ

لبشرٍ يهربونَ

من عقل البشرِ.

—————————-

الكتاب

ليس ثمة من سفينة مثل الكتاب

تنقلنا بحرية بعيدا عن الأرض،

ولا هناك عدّاء أسرع من شِعر وثّاب مطلق العنان.

إنها سفرة إلى مدن الوداع دون وسائل سفر ،

فما أسهل هذه الرحلة

التي تحمل روح الإنسان!

—————————-

الثورة

الثورة هي الجِراب

الذي منه ينطلق منه صليل الأنظمة

فحين تعصف رياح الإرادة

يكون الازدهار عظيماً

لكنّ كلَّ صيف

يحفر قبره بيديه،

فلا يبقى منه سوى قاعدته البنية

وهكذا الحرية –

فحين تُترك خاملةً على ساقها

ويتلاشى لونها الأرجواني

تهزها الثورة حتى

ترى هل فارقت الحياة.

—————————–

رَفعتْ مَطلبًا لهُ، وهَوتْ

رَفعتْ مَطلبًا لهُ، وهَوتْ

أُلعوبةٌ منْ حياتِها

لاتِّخاذِ عملٍ مشرِّفٍ

لامرأَةٍ ولزَوْجةٍ.

إِذا بأَيِّ حالٍ غابتْ فِي يومِها الجديدِ

للانطلاقِ، أَوِ الرَّهبةِ،

أَوِ الاحتمالِ الأَوَّل، أَوِ الذَّهبِ

فِي استعمالِ لبسهِ بعيدًا،

فهذَا غيرُ مذكورٍ، كمَا البحرُ

يطوِّرُ اللُّؤلؤَ والأَعشابَ الضَّارَّةَ،

ولكنْ لنفسهِ الَّتي تعرِفُ فقطْ

قاماتِ أَعماقِهم الَّتي يبقُونَها.

————————–

بابٌ مفتوحٌ على شارعٍ

بابٌ مفتوحٌ على شارعٍ

أنا، ضائعةً أمُرّ ـ

لحظةُ دفءٍ مكشوفةٌ

ثريةٌ ورفيقة.

*

أُغلقُ البابَ فجأةً،

أنا، ضائعةً أمرّ ـ

ضائعةً أكثر، لكنّ

بؤسي مُستنيرٌ.

*

———————–

الأحمرُ ـ حريقٌ ـ هو الصبحُ ـ

الأحمرُ ـ حريقٌ ـ هو الصبحُ ـ

البنفسجيّ ـ هو الظهيرةُ ـ

الأصفرُ ـ النهارُ ـ وهو يخِرُّ ـ

بعدئذٍ ـ عدم ـ

*

لكن أميالَ البريقِ ـ عندَ المساءِ ـ

تكشفُ رحابةَ ما يحترقُ ـ

إقليمُ الفضّةِ ـ بعدُ ـ

لم يُستَنفدُ ـ

*

———————

طنينُ نحلةٍ

طنينُ نحلةٍ

سِحرٌ ـ يُخضِعني ـ

لو سألني أحدٌ لماذا ـ

فمن السهلِ أن أموتَ ـ

عن أن أُصرّحَ ـ

*

الأحمرُ على التلّ

ينتهبُ عزيمتي ـ

لو استهزأ أحدٌ ـ

فانتبهي ـ الربّ هنالكَ ـ

هذا كلّ شيءٍ.

*

انبلاجُ النهارِ

يضيفُ إلى منزلتي ـ

لو سألني أحدٌ كيف ـ

فقد يجيبُ ـ الفنانُ ـ

الذي رَسَمني هكذا!

*

————————–

الكثيرون يعبرون نهر الراين

الكثيرون يعبرون نهر الراين

في كوبي هذا

ويرشفون هواء فرانكفورت القديم

من سيجاري البني.

———————-

[قال الموت للعاطفة:]

قال الموت للعاطفة:

“أعطيني فدانًا مما تملكين”

قالت العاطفة وهي منقبضة الصدر:

” ألف مرة قلت لك لا”

ضاق الموت ذرعًا بالعاطفة،

فكان شروقه مهيبًا،

متكررًا كماغروب الشمس

ثم انتهى بعدها النقاش.

—————————-

الصديق الظليل

الصديق الظليل في الأيام العصيبة

يسهل العثور عليه

أكثر من الصديق مرتفع الحرارة

وقت يعاني العقل من التجمد.

تتجه المروحة الريشة قليلًا إلى الشرق

فتخاف نفوس الموسلين وتبتعد.

إذا كانت قلوب الجوخ

أكثر صلابة من الأورجانزا

على من يقع اللوم؟ الحائك؟

آه! يالا الخيط المحير!

ألهذا يصنع نسيج الجنة

بشكل لا يلحظ !

– الموسلين: Muslin- قماش قطني شفاف

– الجوخ: Broadcloth- نوع سميك من الاقمشة التي تتميز بالصلابة ويستخدم عادة في صنع الملابس الشتوية للرجال.

– الاورجنزا : Organdy- قماش من القطن الشفاف الناعم ويستخدم عادة في ملابس النساء.

—————————–

الوردة الصغيرة

لا أحد يعرف هذه الوردة الصغيرة.

ربما يعرفها حاج

لاحظ أنني قطفتها من الطرقات

وقدمتها إليك.

ستفقتدها نحلة فقط،

أو ستعبرها مجرد فراشة مسرعة

نحو رحلتها البعيدة،

وفوق صدرها فقط سيتساءل عصفور

ولسوف يتنهد مجرد نسيم.

أه ، أيتها الوردة الصغيرة

كم من السهل لمثلك

أن يموت!

—————————

سمعت صوت طنين ذبابة

سمعت صوت طنين ذبابة عندما مت.

كان السكون يخيم على الغرفة

كما سكون الهواء

الذي يسبق العاصفة .

العيون حولي – جفت

وأحتبست الأنفاس

-للمشهد الأخير- عندما شوهد الملك

في الغرفة .

وهبت تذكاراتي – ثم منحت

ذلك الجزء المتبقي مني

– بعد ذلك كان دخول الذبابة

بطنين أزرق – مريب – مضطرب

لتقف حائلاً بين النور – وبيني –

ثم أُغلقت النافذة – وبعد ذلك

لم أتمكن من الأبصار، كي أرى.

——————————-

زهرة

أُخفي نفسي داخل زهرتي،

تلك التي ترتديها فوق صدرك،

أنت، دون ريب ، ترتديني أيضا-

والملائكة يعرفون الباقي.

أخفي نفسي داخل زهرتي،

تلك التي تذبل في مزهريتك،

أنت ، دون ريب، بالنسبة إلي

شعور تقريبي بالوحدة.

—————————–

[لم يكن هو الموت، إذ وقفت]

لم يكن هو الموت، إذ وقفت،

وكل الموتى يضطجعون،

لم يكن هو الليل، إذ كل الأجراس

أطلقت ألسنتها، للظهيرة.

لم يكن هو الجليد، إذ على جسمي

شعرت بريح الشمال تزحف، –

أو هي النار، لأن قدمي الرخامية وحدها

استطاعت إبقاء المحراب بارداً.

ومع ذلك كان مذاقها كهذه جميعاً،

فالأشخاص الذين رأيتهم

مهيّأين بانتظام للدفن،

ذكروني بشخصي،

كأنما حياتي سُوّيتْ

وأُنزلت في إطار،

ولم تقوَ على التنفس بلا مفتاح؛

فكأنما انتصف الليل، أو كاد،

حينما كلّ شيء يتحرّك يقف،

والفضاء يحدّق، من كل صوب،

أو الجليد المخيف، في صبائح الخريف الأولى،

يتنكّر للأرض الظافرة.

لكن كمثل الفوضى، عديمة التوقف، باردة،

بلا حظٍّ أو تمرّد،

أو حتى خبر عن الأرض

ليبرّرَ القنوط

—————————

[حياتي انطوت مرتين قبل انطوائها]

حياتي انطوت مرتين قبل انطوائها؛

يبقى لها بعدُ أن ترى

إذا ما الخلود سيزيح الحجاب

عن حدث ثالث لي،

من الشاذ، من العبث تصوّر

حدثين كاللذين وقعا

الفراق كلُّ ما نعرف عن السماء

وكل ما يعوزنا من جهنم

——————————

[إن لم أكن على قيد الحياة]

إن لم أكن على قيد الحياة،

عندَ مجيء طيورِ أبي الحنَّاء

أعطِ، إحياءً لذكراي،

ذاك الذي يرتدي طوقاً أحمرَ حول عنقه

كِسرة خبز.

وإن عجزتُ عن تقديم الشكر لك

فذلك لأنّي غارقةٌ في نومٍ عميق؛

لكن اعلم أنِّي أحاول ذلك

بشفاهٍ من حجر الصوَّان.

—————————–

[إنه كل ما علي أن أحضره اليوم ،]

إنه كل ما علي أن أحضره اليوم ،

هذا ، وقلبي،

هذا ، وقلبي ، وكل الحقول

والمروج الرحيبة.

تأكد من العد، لانني قد أنسى

شخص ما قد تخبره الشمس

هذا، وقلبي

وكل النحلات التي تسكن

في حقول البرسيم.

—————————-

[تعبث الرياح ]

تعبث الرياح

تجاه قلب في مرفأ ، ——

أكتفى من البوصلة

أكتفى من الخريطة

——————–

====================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى