دمشق و”قسد” يقرعان طبول الحرب في الحسكة، حصار الحلفاء -مقالات مختارة-
“معادلة الأمس تغيرت”.. سببان يحددان السقف العالي للقوات الكردية في الحسكة/ ضياء عودة
في الأيام الأخيرة من عام 2020 خرج قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، بإطلالة تحدث فيها عن “مرحلة جديدة” تُقبل عليها مناطق شمال وشرق سوريا مطلع 2021، ورغم أنه لم يخض كثيرا في تفاصيلها، إلا أنه خاطب الحاضنة الشعبية بالقول: “ما نتمناه من شعبنا هو الدفاع عن ثورته وعن مكتسباته”.
حديث عبدي في ذلك الوقت فتح باب تكهناتٍ واسعة عن السيناريوهات التي ستقبل عليها المنطقة التي تخضع لسيطرته، لاسيما أن قوله جاء في الوقت الذي كانت فيه الأعين تتجه إلى سياسية الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن، وما رافق هذه المرحلة من تحركات عسكرية غير مسبوقة لروسيا ومعها قوات النظام السوري في مناطق شمال شرق البلاد.
لم تمض أيامٌ كثيرة على ما تحدث به قائد “قسد” لقناة “روناهي” آنذاك لتشتعل جبهة بلدة عين عيسى بريف الرقة، وبعدها بأسابيع الجبهة الداخلية في محافظة الحسكة، والتي تشهد منذ 20 يوما توترا أمنيا غير مسبوق بين القوات الأمنية التابعة لـ”قسد” (أسايش) وقوات النظام، بعد إقدام الأولى على محاصرة الأخيرة في مربعين أمنيين. توترٌ من شأنه أن يغيّر معادلة الشرق السوري رأسا على عقب، مع انعدام أي فرص حالية للتهدئة.
وفي الأيام الأربعة الماضية، تضاربت الروايات من كلا الطرفين حول الأسباب التي أدت إلى التوتر الحاصل في الحسكة السورية، ومعها اتجه النظام لتحريض المدنيين القاطنين في مناطق سيطرته للخروج بمظاهرات مناهضة للقوات الكردية، ما دفع الأخيرة لتفريقها بالرصاص، في حادثتين أفضت الأخيرة منها الأحد إلى مقتل عنصر في “الدفاع الوطني السوري”.
حصار متبادل
رغم السيطرة الخالصة لـ”قسد” على الجزء الشرقي من سوريا منذ سنوات، إلا أن النظام احتفظ بوجود أمني محدود له، ضمن مربعين أمنيين في القامشلي ومركز الحسكة، كما تتبع له بعض المؤسسات مثل: مثل دائرة السجل المدني والقصر العدلي ومديرية المالية بالقرب من الكراج السياحي، إضافة مطار القامشلي الذي تسيطر عليه موسكو بشكل كامل.
وفي مقابل الحصار المفروض على مربعه الأمني في الحسكة، كان النظام قد اتجه للمعاملة بالمثل، في حيي الأشرفية الشيخ مقصود بمدينة حلب، والذي تسيطر عليه قوات تتبع لـ”قسد”، حيث فرض حصارا كاملا عليهما أيضا، بينما منع السكان الموجودين في “جيب تل رفعت” من الدخول إلى مناطق سيطرته، وقطع جميع طرق الإمداد إليهم.
وعلى اعتبار أن التوتر الحاصل بين “أسايش” وقوات النظام في الحسكة والقامشلي ليس الأول، إلا أنه يعتبر “الأعنف والأكبر من نوعه”.
وفي السابق، كان حد التوتر يصل في أوجه إلى اعتقالات متبادلة واشتباكات خفيفة، لكن الذي يميّز الآن هو الحصار المطبق على النظام منذ 20 يوما، وما يرافقه من خطاب هجومي ولغة غير مسبوقة بدت على لسان عدد من المسؤولين في “الإدارة الذاتية”، والتي تعتبر مشروعا يحاول الكرد في شرق سوريا التمسك به، كتثبيتٍ للامركزية الإدارية التي يريدونها.
العلاقة يتغيّر شكّلها
الكاتب الصحفي، باز بكاري، يرى أن التوتر الحاصل بين النظام السوري والقوات الأمنية لـ”قسد” يوضّح لنا شكل العلاقة بين الطرفين في ظل التطورات الحاصلة، سواء على المستوى السوري أو المستوى الدولي، وبالتحديد التغيير في الإدارة الأمريكية الجديدة.
ويقول بكاري، في تصريحات لموقع “الحرة”، إن “ما تطلبه قوات الأمن التابعة للإدارة الذاتية ذو سقف عالي. هذه هي المرة الأولى التي نشهد فيها هكذا ارتفاع في سقف المطالب”.
ويضيف الكاتب الصحفي أن “الإدارة الذاتية” تطالب النظام بإخلاء جميع مراكزه الأمنية في المدن التي تحت سيطرتها، وهذا ما يدفعنا للتفكير بأن الأمر ليس فقط قرار من “الإدارة الذاتية” لوحدها، بل بدفع من جانب الولايات المتحدة الأمريكية.
ومع غياب المؤشرات الملموسة على الموقف الذي تقف عليه الولايات المتحدة مما يحصل في شرق سوريا من توتر، يذهب مراقبون للقول بإن سوريا وعلى اختلاف ملفاتها ستشهد تغييرات جذرية، خلافا على ما كانت عليه الأحوال في السنوات الماضية، في عهد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب.
والتغيير في هذه الملفات يرتبط بشكل أو بآخر بالشخصيات الأميركية التي ستدير دفة الملف السوري، بينها الدبلوماسي الأميركي بريت ماكغورك، والذي عاد إلى الواجهة مجددا بعد تعيينه مؤخرا مستشارا في مجلس الأمن القومي الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا، من قبل الرئيس جو بايدن.
وخلال شغله منصب مبعوث التحالف الدولي، منذ 2015 حتى أواخر 2018، دعم ماكغورك “قوات سوريا الديمقراطية”، وزار سوريا والعراق عدة مرات، لدمج القوات المحلية في المعارك ضد تنظيم “داعش”.
وبعد قرار ترامب أواخر 2018 سحب القوات الأميركية شمالي سوريا، قدم ماكغورك استقالته، إذ أضعف القرار لاحقا موقف “قسد”، خاصة مع انسحاب عدة قواعد عسكرية في أكتوبر 2019، وشن الجيش التركي والفصائل السورية الموالية لأنقرة عملية في شرق الفرات.
سببان يحددان السقف العالي
خلال حديثه، حدد الكاتب الصحفي باز بكاري الأسباب التي تقف وراء السقف العالي الملاحظ في لهجة القوات الكردية شرق سوريا.
وقال إن السبب الأول يرتبط باستعادة الولايات المتحدة الأميركية لنفوذها الفعلي في منطقة تعتبر ضمن مناطق نفوذها، وهذا ما خسرته نتيجة لسياسات الإدارة السابقة، حين سمحت لتركيا بالدخول عسكريا إلى مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية”، بالسيطرة على مدينتي تل أبيض ورأس العين.
ويشير بكاري إلى أن سياسة الإدارة السابقة دفعت “الإدارة الذاتية” لعقد تفاهمات مع الروس، وبموجبها انتشرت قوات النظام والقوات الروسية في مناطق ما كانت لتحلم بالانتشار فيها بهذه السهولة.
ويتابع: “اليوم يبدو أن الإدارة الأميركية الجديدة تريد استرجاع السيطرة الكاملة على مناطق نفوذها في شرق سوريا”.
في المقابل يوضح الكاتب والصحفي أن السبب الآخر الذي يقف وراء التوتر الحاصل هو النية باستهداف الوجود الإيراني في المنطقة، مشيرا: “حسب المعروف هناك وجود لميليشيات تتبع لإيران في مطار القامشلي، وفي المربعات الأمنية في الحسكة، وهذا ما يؤرق القوات الأمريكية في المنطقة”.
“الدفاع الوطني” شرط
وتعتبر قوات “الدفاع الوطني السوري” التشكيل العسكري الأبرز الذي يتهم بتلقيه الدعم من جانب طهران، وهو الأمر الذي أكدته عدة تقارير إعلامية، في السنوات الماضية.
وحسب ما قالت مصادر إعلامية من الحسكة في تصريحات لموقع “الحرة”، فإن إخراج قوات “الدفاع الوطني” من المنطقة يعتبر شرطا أساسيا لـ”الإدارة الذاتية” لفك الطوق الأمني على عناصر النظام في المربعين الأمنيين.
وتضيف المصادر أن قوات “الدفاع الوطني” تنتشر في جميع المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، سواء في القامشلي أو الحسكة، وسبق وأن أشعل عدة توترات، وصلت في معظمها إلى حد الاشتباكات المسلحة.
وكان الرئيس المشترك لـ”الإدارة الذاتية”، بدران جيا كرد، قد ألمح، في تصريحات له السبت، إلى دور تلعبه طهران في مناطق شرق سوريا، ومعها “حزب الله” اللبناني.
واتهم النظام السةري بتشكيل “خلايا نائمة”، لاستغلالها ضد “الإدارة الذاتية وقسد”، معتبرا أن “الكثير من عمليات الاختطاف والقتل تمت بيد أشخاص مرتبطين بشكل مباشر بالاستخبارات السورية”.
وقال جيا كرد: “لحكومة دمشق قوى في المربع الأمني والمطار، ومن الممكن أنها عززت قواتها هناك. معروف أن لديها تعاون وعلاقات مع قوى عدة في المنطقة، كروسيا وإيران وحزب الله، وتعمل من خلال ذلك على افتعال الأزمات والاستفزازات”.
إلى أين تتجه الأمور؟
حتى اليوم تغيب أي بوادر تهدئة بين النظام السوري و”الإدارة الذاتية”، وكانت الأخيرة قد أعلنت منذ يومين أنها تتواصل فقط مع الجانب الروسي من أجل التوصل إلى خارطة طريق للمنطقة، بينما لم يصدر أي تعليق من جانب موسكو حتى ساعة إعداد هذا التقرير.
وفي مقابل صمتها عما تشهده الحسكة، تستمر روسيا بدفع تعزيزاتها العسكرية إلى مطار القامشلي الذي حولته إلى قاعدة عسكرية لها، وإلى محيط الطريق الدولي “m4″، وخاصة في المناطق المحيطة ببلدة عين عيسى بريف الرقة.
حكم خلّو، عضو هيئة أعيان شمال وشرق سوريا، يقول، في تصريحات لموقع “الحرة”، إن النظام السوري يحاول “تأجيج الموقف” في عدة مناطق، وبالأخص في أحياء الشيخ مقصود بحلب ومخيمات الشهباء، التي يقطن فيها أكثر من 200 ألف مدني، جميعهم من مهجري منطقة عفرين.
ويضيف خلو المقيم في القامشلي: “النظام السوري يحاصر مخيمات الشهباء منذ ثلاثة أشهر، ويمنع عنهم الكثير من المستلزمات الضرورية”.
لكن في المقابل تفيد رواية حكومة النظام السوري بأن القوات الأمنية (أسايش) تمنع وصول مستلزمات الحياة اليومية للأحياء المحاصرة في القامشلي والحسكة، وتحدثت وكالة “سانا” السبت أن مادة الطحين نفذت، والمدنيون أمام أزمة في الحصول على الخبز.
وذكرت “سانا” الاثنين أيضا أن القوات الأمنية الكردية اعتقلت عددا من المدنيين في مركز مدينة الحسكة، واقتادهم إلى جهة مجهولة، وهو الأمر الذي لم يؤكده مصدر آخر.
وفي سياق حديثه، اتهم خلو النظام السوري بالتنسيق مع تركيا من أجل الضغط على “الإدارة الذاتية”، قائلا: “هناك ضغوط لإفشال مشروع الإدارة الذاتية”.
ويضيف خلو: “في خضم تصرفات النظام هناك رد من الإدارة الذاتية بضرورة الحوار، لكن النظام متعنت ويحاول تسجيل نقاط على الأرض قبل الانتخابات الرئاسية”.
من جانبه، يرى الصحفي باز بكاري أن أهالي المنطقة في شرق سوريا باتوا اليوم أقرب إلى ما وصفه بـ”المشروع الأميركي” منه لـ”المشروع الروسي”.
واعتبر أن “روسيا تطالب الأهالي بالعودة لحضن النظام السوري، بينما تطرح واشنطن أن يكونوا شركاء في إدارة مناطقهم الغنية فعليا بكل الأسباب التي ستخلصهم من الدمار”.
ضياء عودة – إسطنبول
الحرة
————————-
دمشق و”قسد” يقرعان طبول الحرب في الحسكة والقامشلي..فمن أين ستبدأ الشرارة؟
الحسكة والقامشلي، هما المدينتان اللتان يغلب عليهما الطابع الكوردي والأشوري والسرياني بالإضافة الى المكون العربي، وهاتين المدينتين الواقعتين شمال شرق سورية، تشكلان سلة الغذاء السوري بالإضافة إلى منبع البترول والنفط والمواد الطبيعية الأخرى، فالسكان فيها مغلوب على أمرهم بين ظلم (الأسد)الأب وهمجية الإبن، فهم إن سلموا من تسلط الأب لن يسلموا من همجية الأبن.
توتر ميداني
وقد ذاق أهل المنطقة الأمرّين من سياسات النظام و”قسد”، فالذين يقطنون في المربع الأمني للنظام يعيشون حياة مرة بسبب الحصار الذي فرضته “قسد”، وخياراتهم باتت محدودة ، أما الذين يقطنون في منطقة “قسد”، أنهك قانون الدفاع الذاتي قواهم وأدخل الرعب في نفوسهم، لأنهم يعتقدون بأنهم سوف يستشهدون من أجل قضية ضائعة وغامضة، وتحولوا بين ليلة وضحاها إلى (إرهابيين) – حسب وصف النظام لهم – والفقر بات أمراً مرعباً والمنطقة تنتظرها كارثة إنسانية في ظل أنتشار الفساد الإداري والمالي المستشري في كل مكان وتحكم حيتان الإقتصاد المحسوبين على منظومة “العمال الكوردستاني” بكل شاردة وواردة، وإعتقال النشطاء والمدرسين هو الذي رفع الستار عن الكثير من الحقائق التي كانت غامضة للكثير من الناس، ليؤكد لنا جميعاً بأن “قسد” مجرد كذبة وواجهة بينما هناك طرف ثالث يقود المنطقة ويتربص بها كيفما يشاء.
الغليان الشعبي في الرقة وديرالزور
الرقه من أكثر المحافظات في شرق الفرات توتراً وغلياناً، وهي الطفلة المدللة لـ”قسد”، وذلك لكثرة المنظمات الدولية فيها، التي تساعد الناس بسلات الغذاء الممنوحة من قبل المنظمات الدولية، وقد استفادت قوات “قسد” أيضاً منها بسرقتها من السكان، بالتعاون مع بعض المجالس المشكلة هناك، ولجأت إلى شراء ولاء بعض شيوخها بالمال والترهيب، وعمليات التصفيات ( الشيخ فيصل بشير الهويدي)، و الفاعل لازال مجهولاً.
وهذا لا ينفي احتمالية وجود طرف ثالث يريد زعزعة الأمن في الرقة، لإجبار أهلها للرضوخ والاستسلام كما فعلت ( داعش).
لواء (ثوار الرقه ) هو الآخر الذي قُضيَ على حاضنته الشعبية وأنتهى به الامر إلى الاستسلام والانهيار، في وقت تواصل “قسد” شراء بعض الذمم بالمال، ورغم كل ذلك تعيش المنطقة على صفيح ساخن، و ضمن حراسات مشددة، والوضع الأمني في أسوأ حالاته في ظل محاولات النظام ضرب الأمن و الاستقرار في المنطقة من خلال تحريض الناس على التظاهر والعمليات الإنتقاميه التي تحدث على مدار الساعة في كل بقعة من الرقة والحسكة وديرالزور .
الأبعاد السياسية للتطورات الميدانية الأخيرة
قالت السفارة الأمريكيّة بدمشق، إن حكومة الولايات المتحدة الأميركية تلقّت ببالغ الحزن والأسف خبر وفاة السيدتين هند لطيف الخضر وسعدة الفيصل الهرماس, وهما كرّستا حياتهما لخدمة مجتمعاتهما.. (إنّنا ندين قتلهم على يد إرهابيي داعش ونتقدّم بتعازينا لذويهم وإنّ ما أصابكم من حزنٍ أصابنا).
جاءت هذه التصريحات في ظل استمرار واشنطن بتسيير دورياتها العسكرية و لليوم الثاني على التوالي في مدينة المالكية( ديريك) واستقدام التعزيزات العسكرية وبشكل شبه يومي من إقليم كوردستان لتنتهي بها المطاف في قواعدها في الحسكة وريف ديرالزور .
إنسانياً، مخيم الهول الذي تحول الى سجن مرعب لساكنيه، كما كان يحدث في مخيم عين عيسى، تعمد قيادات “قسد” فيها إلى تهريب عناصر داعش (الأجانب ) مقابل مبالغ مالية كبيرة، وقد تم اكتشاف هذه الحالة عدة مرات ولم تتسرب إلى الإعلام كثيراً.
بتزامن كل هذا، بينما النظام هو الآخر الذي يقرع طبول الحرب في الحسكة، فالمحافظ التابع له، طالب “قسد” بفك الحصار عن المدنيين ووصف شروطهم بأنها “تعجيزية وغير محقة” و “لا نرغب بالخيارات العسكرية” على حد قوله، مضيفاً في حديثه لصحيفة الوطن الموالية للنظام أن “قسد” تريد الاستيلاء على “المشتقات النفطية وبعض الموارد الأخرى لبيعها إلى ريفي حلب، وهم يدّعون بأن هناك حصاراً على الشيخ مقصود في حلب، والجميع يعلم أن منطقة الشيخ مقصود غير محاصرة على الإطلاق”.
قال المحافظ مهدداً:” نحن لا نريد ولا نرغب بالخيارات العسكرية، لأننا لا نريد أن نرى الدم السوري يسفك على الأرض السورية، ولا نرغب بذلك، لكن إذا ارتكبوا هذه الحماقة فسنكون جاهزين للدفاع عن المواطن السوري، والدفاع عن كرامة المواطن وكرامة الدولة السورية”، حسب زعمه!.
الخلاصة: واضح أن المستفيد من هذه التوترات هي طهران ومن بعدها موسكو التي تدفع بمليشياتها وبشكل شبه يومي إلى مطار القامشلي لتستقر في جبل كوكب بالحسكة وداخل الملعب البلدي، على ما يبدو ينتظرون من إدارة بايدن تحديد بوصلتها اتجاه الوضع في سورية، حتى تبدأ اللعبة من جديد، بينما “قسد” هي الأخرى لم تستفد من الفرصة التي منحها له المجلس الوطني الكوردي لتشكيل بنية سياسية متماسكة وقوية في شرق الفرات، لتكون عاملاً مساعداً وبنية تحتية للأمن والاستقرار في المنطقة.
يبدو أيضاً أن واشنطن لا يمكنها الدفاع عن “قسد” حتى آخر طلقة في ظل وجود تحضيرات من دمشق وطهران وتحت أنظار موسكو للحرب، وأنقرة هي الأخرى تطالب بحصة الأسد في شنكال وعين عيسى رغبةً منها بقطع الإمدادات عن “العمال الكوردستاني”، وهي ( أنقرة) تنتظر من واشنطن الرد على أجوبتها حول مستقبل ( وحدات حماية الشعب ) في المنطقة.
بالمحصلة ، المنطقة أصبحت على صفيح ساخن، وحالة الغليان تسود كل بقعة في شرق الفرات، وخيارات واشنطن باتت محرجة، والاحتمال الأسوء هو عودة واشنطن الى تفعيل الاتفاقية النووية مع طهران، وعندها ربما يتم بيع ( قسد ) في المزاد العلني، أو أنه في حال اتفقت واشنطن وأنقرة على إخراج كوادر “العمال الكوردستاني ” من سورية، فعندها ستتجه المنطقة نحو تقسيم إداري وسياسي كما هو الحال عليه الآن، وستغادر قوات النظام وتحت أنظار الشرطة العسكرية الروسية المربعين الامنيين في الحسكة والقامشلي.
وللتذكير فقط ، تل أبيب هي الأخرى ليست بعيدة عن هذا المطبخ لأنها تلعب دور البطولة في كل شاردة وواردة وخاصة بعد أن أنهكت الميليشيات الايرانية في ديرالزور، ومحاولة النظام التفاهم معها لم تفلح كما يبدو حتى الآن وماتت قبل أن تولد.
علي تمي
كاتب وسياسي سوري
السورية نت
—————————–
حصار متبادل بين النظام السوري والأكراد: تلاشي فرص التفاهم/ أمين العاصي
تجاوز الحصار الذي تفرضه قوى الأمن الداخلي التابعة لـ”الإدارة الذاتية” الكردية (الأسايش) على مناطق سيطرة النظام السوري في محافظة الحسكة، يومه العشرين، في ظلّ انعدام الفرص لتفاهم قريب بين الطرفين ينهي “حرب الحصار” المتبادل، إذ يفرض النظام من جهته حصاراً على مناطق ذات غالبية سكّانية كردية داخل مدينة حلب، وفي ريفها الشمالي.
وذكرت وكالة “سانا” التابعة للنظام السوري، أول من أمس السبت، أن مخابز مدينة الحسكة “متوقفة لليوم الرابع على التوالي، نتيجة الحصار الذي تفرضه مليشيات (قوات سورية الديمقراطية) قسد المرتهنة للاحتلال الأميركي على مركز مدينة الحسكة وحيّين سكنيين في مدينة القامشلي، ومنعها دخول الطحين والوقود، ما يحرم نحو 100 ألف مدني من الخبز، تضاف إلى منع دخول المواد الغذائية وصهاريج المياه من الدخول منذ 17 يوماً متواصلة”، وفق الوكالة.
من جهته، قال مصدر مقرب من “الأسايش”، لـ”العربي الجديد”، إن الحصار “هو عملياً على المربعين الأمنيين الخاليين من السكّان في مدينتي القامشلي والحسكة، إضافة إلى حيّي طي وحلكو في القامشلي”، مؤكداً أنه “يمكن لكل القاطنين التنقل سيراً على الأقدام وشراء ما يلزم من مواد غذائية ما يكفي”. وأوضح المصدر أن مداخل المربعين الأمنيين مغلقة من الاتجاهات كافة بحواجز لقوات “الأسايش”، مشيراً إلى أن هناك حواجز لهذه القوات على مداخل حيّي طي وحلكو القريبين من مطار القامشلي.
وتفرض “قسد”، والتي تتبع لها قوات “الأسايش”، سيطرة شبه كاملة على محافظة الحسكة في أقصى الشمال الشرقي من سورية، باستثناء مربعين أمنيين في مدينتي القامشلي والحسكة، وبعض القرى القريبة من المدينتين، إضافة إلى “الفوج العسكري 123” (فوج كوكب) قرب الحسكة، و”الفوج العسكري 154″(فوج طرطب) قرب مدينة القامشلي، ومطار القامشلي الذي تحول إلى قاعدة عسكرية روسية منذ أواخر العام 2019.
وتشير المعطيات إلى أن النظام السوري بدأ يدرك خطورة الموقف، وأن وجوده في الشمال الشرقي من سورية بات مهدداً، مع عجزه الكامل عن مواجهة “قسد” المدعومة من الولايات المتحدة، والتي من المرجح أنها أعطت الضوء الأخضر لهذه القوات لمواصلة الحصار في سياق السياسة الأميركية القائمة على الضغط المتصاعد على النظام السوري. ولجأ النظام أخيراً إلى شيوخ ووجهاء العشائر والقبائل العربية في محافظة الحسكة لحشد موقف مضاد للجانب الكردي، واجتمع محافظ الحسكة التابع للنظام غسان الخليل، أول من أمس السبت، مع هؤلاء الوجهاء، لـ”بحث تداعيات الحصار الجائر”، وفق وسائل إعلام النظام.
ومن الواضح أن النظام السوري لا يريد الخروج من محافظة الحسكة، التي تعد الأغنى بالثروات، خصوصاً الزراعية والبترولية، فخسارة وجوده “الرمزي” فيها يعني خطوة متقدمة على طريق انهياره بشكل كامل، نظراً لما تشكله هذه المحافظة من أهمية على المستويات كافة. ولا يملك النظام القوة العسكرية التي تمكّنه من استعادة السيطرة على الحسكة، لذا دعا مؤيديه للخروج في “وقفات احتجاجية” للضغط على القوات الكردية لفكّ الحصار أو التخفيف منه. وأمس الأحد، قتل شخص وأصيب خمسة آخرون، جرّاء إطلاق النار على تظاهرة ضد “قسد”، في مناطق سيطرة النظام في مدينة الحسكة. وأكدت مصادر لـ”العربي الجديد” أن تظاهرة ضد “قسد” خرجت في منطقة المربع الأمني الخاضعة لسيطرة النظام في المدينة تعرضت لإطلاق النار من قبل مجهولين، لدى توجهها من أمام القصر العدلي ضمن المربع الأمني، باتجاه أحد الحواجز التابعة للمليشيات الكردية، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة خمسة آخرين بجروح.
وأكد الباحث السياسي المقرب من “قسد”، آزاد حسو، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن هناك شروطاً عدة لفكّ الحصار على المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام في محافظة الحسكة، منها “فكّ الحصار على مناطق شهبا والأشرفية والشيخ مقصود ورفع يدها عن السكان هناك، وقطع تعامل النظام السوري الأمني مع الدولة التركية”.
وبدأت الأزمة بين النظام والجانب الكردي مع قيام قوات النظام بالتضييق على مناطق تحت سيطرة “قسد”، أغلب سكانها من السوريين الأكراد، في مدينة حلب، أبرزها حي الشيخ مقصود، وفي مدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، والتي تضم عشرات آلاف النازحين الكرد من منطقة عفرين في شمال غربي حلب. ووفق مصادر مطلعة، يضم ريف حلب الشمالي، أو ما تطلق عليها “الإدارة الذاتية” تسمية “الشهباء”، خمسة مخيمات لنازحي منطقة عفرين منذ بدايات عام 2018، هي: سردم، برخدان، عفرين، العودة والشهباء، والتي قامت الإدارة بإنشائها بعد سيطرة تركيا وفصائل “الجيش الوطني” السوري على منطقة عفرين. وأشارت المصادر إلى أن “عدد مهجري عفرين في مناطق الشهباء يبلغ حوالي 250 ألف نسمة، يعيش أكثر من 133 ألف نسمة في المخيمات و120 ألف نسمة يعيشون في المنازل شبه مدمرة وغير مؤهلة للسكن، ما يجعل توفير الخدمات في غاية الصعوبة”.
من جهته، قال سليمان جعفر، وهو “الرئيس المشترك للمجلس التشريعي لإقليم عفرين” التابع لـ”الإدارة الذاتية”، في حديث مع “العربي الجديد”، إن هناك جملة من الأزمات يواجهها النازحون من عفرين إلى ريف حلب الشمالي، في مقدمتها “القصف من قبل الجانب التركي”، مشيراً إلى أن النظام السوري يحاصر المنطقة من النواحي كافة. وفصّل جعفر بالقول: “يوجد شريان واحد للمنطقة، وهو مع النظام السوري، للتزود بالمواد الغذائية والمحروقات والأدوية، ومنذ أواخر العام الماضي، يمنع النظام دخول الطحين والمحروقات والأدوية للنازحين”. وأشار إلى أن حواجز قوات النظام “تسمح أحياناً لبعض التجار بإدخال مواد غذائية، ولكن بعد أن تفرض ضرائب باهظة على السيارات التي تحمل هذه المواد”، موضحاً أن التجار “يسترجعون ما دفعوا من خلال رفع الأسعار”.
ولا يمكن عزل ما يجري من حصار متبادل بين النظام والقوميين الأكراد السوريين، عن تلاشي فرص التفاهم بين الطرفين حول مجمل القضايا التي تخص الشمال الشرقي من سورية، أو ما بات يُطلق عليه “شرقي الفرات” الذي تسيطر عليه “قسد” التي يهمين عليها الأكراد. وتشكل هذه المنطقة نحو ثلث مساحة سورية، وهي السلة الغذائية الأولى في البلاد، فضلاً عن وجود أكبر حقول النفط والغاز فيها. وتعمّقت أزمة النظام الاقتصادية مع خروج هذه المنطقة عن سيطرته بدءاً من بدايات عام 2013، وفشلت كل جولات الحوار بين “الإدارة الذاتية” والنظام بإشراف روسي خلال العامين الأخيرين بسبب إصرار هذا النظام على استعادة المنطقة من دون شروط.
العربي الجديد
——————————-
هل حان وقت التصفية بين قسد والأسد شرقي سوريا؟ | سوريا اليوم
———————————
لماذا لا تريد (قسد) مساعدة أهالي مفقودي (داعش) في الرقة؟/ رشيد الحاج صالح
* تم إنتاج هذه المادة ونشرها بالتعاون مع حملة #لنحقق_العدالة”
كأيّ تنظيم مسلّح يمتلك فائضًا من القوة العسكرية، لجأ تنظيم الدولة (داعش) إلى الخطف والإعدامات في الساحات العامة، من أجل ترويع السكان المدنيين وزرع الخوف في نفوس عناصر الفصائل المسلحة الأخرى؛ فبعد أن تمكن من فرض سيطرته على الرقة خلال عامي 2013/ 2014، كانت الرسائل من وراء عمليات الخطف واضحة:
الرسالة الأولى: أن تنظيم الدولة (داعش) لا يريد أي شريك له في الحكم، وكلّ من لا يقدّم الولاء والبيعة هو عدو، وعليه أن ينتظر الأسوأ. المعنيون بهذه الرسالة هم كل الناشطين المدنيين من أهالي الرقة الذين ما زال لديهم اعتقادٌ بأن العمل السياسي في المناطق المحررة يجب أن يكون مدنيًا، ويخصّ أهل الرقة وحدهم، وهكذا اعتُقل كلّ من يعمل في مجال النشاط السياسي. وعلى الرغم من أن التنظيم كان يقدّم نفسه على أنه معارض للنظام السوري، فإن معارضي النظام السوري من أهالي الرقة كانت لهم الحصة الأكبر من الاعتقال والخطف.
الرسالة الثانية: أن كلّ نشاط إعلامي وإغاثي يجب أن يكون عن طريق تنظيم الدولة وحده. ولذلك فقد اعتقل التنظيم خلال عامي 2013/ 2014 كلَّ من كان يعمل في مجالي الإعلام والإغاثة، وأغلق كلّ مكاتبهم في المدينة.
الرسالة الثالثة: أن على كل عناصر الفصائل الأخرى مبايعة تنظيم الدولة، أو اعتزال القتال، حتى إن تصفية كتائب الجيش الحرّ ولواء ثوار الرقة، إضافة إلى فصائل “أحفاد الرسول” وحركة “أحرار الشام” الإسلامية، كانت على يد التنظيم الذي حقق انتصارًا عسكريًا عليهم عام 2014، وقتل منهم المئات.
فئات المفقودين:
تنوعت فئات المخطوفين الذين اختطفهم تنظيم (داعش)، بحسب كل منطقة والهدف من وراء الخطف. البدايات كانت مع الناشطين المدنيين في عام 2013، عندما بدأ التنظيم يزيد من المساحات التي يسيطر عليها في مناطق الرقة، وقد استهدف في هذه المرحلة الناشطين الإعلاميين والعاملين في مجال الإغاثة، إضافة إلى الناشطين الذين حاولوا تأسيس مجالس حكم مدنية مؤقتة، في المناطق التي تحررت من سيطرة النظام الأسدي. حتى إن العمل في مجال الإعلام أو الإغاثة أو المجالس المحلية تحوّل إلى أحد المحرمات التي تؤدي بكل من يقرب منها إلى المجهول. بعد ذلك، تحولت سياسة الخطف إلى سياسة عامة ينتهجها التنظيم. “جبهة النصرة” التي اندمجت في عام 2013 مع تنظيم الدولة بالقوة أيضًا، انتهجت سياسة الخطف، واعتقلت أول مجلس محلي في الرقة. وما يزال مصير بعض أعضاء ذلك المجلس مجهولًا حتى اليوم. أما معتقلو “جبهة النصرة”، فقد تحولوا إلى سجون تنظيم الدولة، بعد استيلائهم على ممتلكات ومقار وعناصر جبهة النصرة.
كانت وحشية تعامل تنظيم الدولة مع الناشطين في مجالي الإعلام والإغاثة لا تقلّ عن وحشية نظام الأسد نفسه. فهم من وجهة نظر التنظيم فئات تعدّ نفسها شريكة في إعادة بناء الوضع العام في الرقة، في حين أن التنظيم لا يريد شركاء ولا مختلفين عنه في الأيديولوجية، إنما يريد تابعين وموالين، ولذلك كانت الحملة الواسعة لاعتقال هؤلاء، واختفاء أي أثر لهم حتى اليوم.
المرحلة الثانية من الخطف كانت بعد منتصف عام 2013، مع محاولة التنظيم الاستفراد بالسيطرة على الرقة بالكامل، ودخوله في مرحلة صراع عسكري مع باقي الفصائل الأخرى، ولا سيّما “لواء ثوار الرقة” وفصيل “أحفاد الرسول” وحركة “أحرار الشام” الإسلامية و”جبهة النصرة” (في حينها)، إضافة إلى عدد من فصائل الجيش الحر. في هذه المرحلة، ركّز تنظيم الدولة على خطف عناصر وقيادات الفصائل الأخرى، وكان من أشهر من اعتقلهم زعيمُ جبهة النصرة في الرقة، وبعض قادة كتائب الجيش الحر في الرقة، الذين لم يكشف التنظيم عن مصيرهم حتى الآن.
المقابر الجماعية:
في أواخر عام 2017، تمكنت قوات (قسد)، بالتعاون مع قوات التحالف الدولي، من هزيمة تنظيم (داعش) وطرده من الرقة. غير أن الوضع كان مأساويًا، إذ قام تنظيم الدولة بتلغيم عدد كبير من الأماكن التي انسحب منها، أما قوات التحالف فدمّرت قسمًا كبيرًا من المدينة، وقصفت حتى المناطق التي يسكنها مدنيون من دون تمييز، وبشكل شبه عشوائي، حيث كان القناصة التابعون لـ (قسد) منتشرين في كل مكان. أما التقارير فتشير إلى أن أكثر من 80% من مدينة الرقة تم تدميره.
في أثناء حصار الرقة، وجد الناس أنفسهم بين نارَين: تنظيم (داعش) الذي كان يخوض المعارك في الشوارع العامة وسط المدنيين ويزرع الألغام في كل مكان؛ وقناصة (قسد) الذين كانوا يقنصون كل شيء يتحرك على الأرض، إضافة إلى النار الثالثة: طيران التحالف الذي كان يقصف من دون هوادة. هذا الوضع المعقد دفع عددًا كبيرًا من الأهالي إلى دفن موتاهم في أماكن قريبة منهم، خوفًا من الأعمال القتالية والقناصة. وهكذا أخذ الناس يدفنون قتلاهم وموتاهم في أماكن مثل “حديقة الرشيد” وساحة “البانوراما” وغيرها، وذلك لصعوبة الوصول إلى المقابر العامة في المدينة.
مشكلة المفقودين تداخلت مع هذا الوضع المعقد، عندما بدأ تنظيم الدولة بدفن معتقليه الذين قضوا نتيجة القصف في تلك المقابر الجماعية. وعدد من الذين دفنهم تنظيم الدولة كانوا من عناصره الذين قُتلوا في القصف الجوي. وكانت عمليات الدفن تتم من دون توثيق وتنظيم. الأهالي بدؤوا بالدفن، ولم يكونوا يظنون أن تصل الأعداد إلى المئات. كانوا يتوقعون أنهم سيتمكنون من نقل جثامين موتاهم إلى مدافن عامة، بعد تراجع الأعمال القتالية، ولكن الأمر كان أصعب بكثير.
لماذا لا يريد حزب PYD المساعدة في معالجة قضية مفقودي الرقة على يد (داعش)، على الرغم من أنه خاض حربًا شرسة ضد تنظيم الدولة، وأن مفقودي الرقة يفترض أنهم كانوا يقفون في صف واحد مع كل من يعارض (داعش)، وأنهم دفعوا ثمنًا لا يقلّ عن الثمن الذي دفعه المحاربون الآخرون لتنظيم الدولة؟
النتيجة أن هناك عددًا من المقابر الجماعية لا تستطيع الفرق الفنية أن تتعرف إلى أصحابها. وقد اكتُشف عدد من المقابر الجماعية في ريف الرقة، وهي على الأغلب لمعتقلين لدى تنظيم الدولة، ولا سيما الأسرى الذي اعتقلهم التنظيم بعد سيطرته على مطار الطبقة والفرقة 17 التي تقع شمال مدينة الرقة. وتشير ألبسة بعض المدفونين إلى أن التنظيم كان ينفذ إعدامات تشمل عناصره أيضًا.
وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن عدد الذين غيّبهم تنظيم (داعش) في سورية أكثر من 8648، بينهم نساء وأطفال. أما عدد المختفيين قسريًا في الرقة وحدها، بحسب تقرير للشبكة صدر في آذار/ مارس 2019، فقد بلغ 4247 مختفيًا.
الأهالي في سياسية تنظيم الدولة الشرعية:
تبنّى تنظيم الدولة، منذ بدايات توسع نفوذه في مناطق مختلفة من سورية، نظرة إلى الأهالي على أنهم “مارقون” ومنافقون” و”عصاة”، ولا يعرفون “شرع الله” بشكل صحيح، وأن على التنظيم وشرعييّه إعادتهم إلى جادة الصواب. حتى إن بعض فتاوى شرعيي التنظيم تستلهم فتاوى لابن تيمية، تجعل الجهاد ضد العصاة وتاركي “شرائع الإسلام” أولى من الجهاد ضد “الكفار”، حتى لو كان الترك حول قضية ثانوية تتعلق باللباس أو طريقة قصّ الشعر. وهذا يعني، في النهاية، أن التنظيم كان يعتقد أن الأهالي المدنيين هم أخطر من “الكفار”، لأن كفر الكفار واضح، بينما كفر العصاة مستتر وخفيّ!
هذه السياسة العدائية العامة كانت مسيطرة على ذهنية عناصر التنظيم وأفعالهم، وكانت تُدرّس لهم بشكل منتظم ودائم. وهذه السياسة هي التي جعلت عناصر التنظيم يلجؤون إلى سياسية الخطف من دون حسيب أو رقيب، حتى إن عناصر الحواجز كانوا يقتلون الموقوفين بشكل مباشر وميداني، وفي مكان لا يبعد عن الحاجز أكثر من 100 متر، من دون العودة إلى محكمة أو شرعيين أعلى منهم.
كان عناصر الحواجز يعتقدون أن خصوصيات الناس وعقائدهم وأفكارهم وقناعاتهم الشخصية ولباسهم وهواتفهم هي موضوع مراقبة، ومن حق التنظيم معرفتها ومحاسبة الناس عليها. ولذلك كان الاعتقال يقع أحيانًا بسبب “ملاسنة” بين أحد المدنيين وعناصر الحاجز، أو لوجود صورة امرأة غير محجبة في هاتفه، وإن كانت تلك المرأة زوجةً أو أختًا. والاعتقال يتم أحيانًا بسبب عدم معرفة الشخص لسؤال فقهي، يطرحه عليه عناصر الحاجز، لاختباره في مسائل في الشريعة الإسلامية.
تصبح مدة الاعتقال أطول، عندما يكتشف التنظيم معلومة مهمة عن المعتقل في أثناء اعتقاله؛ كأن يشك عناصر التنظيم بأن هذا الشخص يريد السفر خارج حدود “دولة الخلافة” إلى تركيا، أو أنه كان ينتسب إلى أحد الفصائل الأخرى، أو لورود تقارير أمنية بأن هذا الشخص كان علمانيًا أو متصوفًا أو ناشطًا مدنيًا أو متهاونًا في الذهاب إلى الجامع. وأحيانًا أخرى كانت العدوات الشخصية السابقة مع عناصر التنظيم، ورغبتهم في الانتقام، تقف خلف عملية الاعتقال، وكان يسمح للشخص الراغب في الانتقام بقتل المعتقل بشكل عشوائي، كأن يضربه حتى الموت.
ومما زاد الأمر تعقيدًا، بالنسبة إلى المعتقلين، أن فتاوى شرعيي تنظيم الدولة تقول بعدم تسليم جثة المعتقل، في حال وفاته، إلى ذويه، لأنه “مرتدّ”. هذه النقطة تشكّل أحد أهم الأسباب في معاناة ذوي المعتقلين لدى تنظيم الدولة، وعدم تمكنهم من معرفة مصير المفقودين.
أفضل وصف لسياسة التنظيم هو أن الجميع مدان ومشبوه، حتى يثبت العكس. وحقيقة الأمر أن على الجميع تقديم فروض الولاء والطاعة، بل مساعدة التنظيم والانخراط في صفوفه. ودون ذلك يبقى الشخص معرضًا للشبهات والاعتقال، لأي سبب كان.
لماذا لم تعالج (قسد) قضية المفقودين:
اليوم، بعد أكثر من 3 سنوات من سيطرة (قسد) على الرقة وطردها لتنظيم الدولة، ما يزال مصير المغيبين عند (داعش) غير معروف، والمعلومات شحيحة، ومعاناة أهالي المغيبين من أجل معرفة مصير أبنائهم مستمرة.
يعود السبب في ذلك إلى سياسة (قسد) في تعاملها مع ملفّ المفقودين الذين اعتقلهم تنظيم الدولة. أهالي المفقودين يشتكون من أن “الأسايش”، وهو جهاز مخابرات (قسد) وصاحب السلطة الأمنية على الأرض، لم يبدِ أي تعاون أو اهتمام بأمر المفقودين. بحسب تقرير (هيومان رايت ووتس) الذي صدر في أيلول/ سبتمبر الماضي، فإن عددًا كبيرًا من أهالي المفقودين راجع “الأسايش”، ولكن من دون جدوى. المؤسف أن ذلك الجهاز لم يبدِ أي اهتمام يذكر، وكأن الأمر لا يعنيه بوصفة السلطة المسيطرة على الأرض، حتى إنهم قدموا في بعض الأحيان معلومات “متضاربة”، لا جدوى لها، الأمر الذي زاد من إحباط أهالي المفقودين. أما المعلومات المتوفرة التي يتداولها الأهالي، فهي إما من مسجونين سابقين لدى (داعش) أو من مشاهدات السكان المحليين الساكنين قرب المقابر الجماعية.
عدم تعاون (قسد) في قضية مفقودي (داعش) يُعبّر عنه بوضوح من خلال ثلاث نقاط:
الأولى أن ” قسد” لم تشكل لجنة مستقلة ذات صلاحيات، تقوم بتجميع المعلومات عن المفقودين وتتبع أثرهم، أسوة بلجنة المفقودين التي تأسست في كوباني/ عين العرب. وظلّت قضية المفقودين من أهالي الرقة بيد “الأسايش” الذي لم يحرّك أي ساكن في قضيتهم.
الثانية أن (قسد) لم تدعم جهود فرق مدنية محلية قامت باستخراج الجثث من المقابر الجماعية لدفنها أصولًا في المقابر العامة. الفرق المحلية بدت وكأنها تعمل بشكل بسيط، ضمن إمكانات محلية محدودة، بحيث ضاعت إمكانية التعرّف إلى كثيرٍ من الجثث.
الثالثة أن (قسد)، ومن ورائها حزب PYD الكردي صاحب السمعة السيئة في قضايا حقوق الإنسان والعمود الفقري لـ (قسد)، لا تريد أن تجعل قضيةَ مفقودي (داعش) قضيةً أساسية بالنسبة إليها، ولم تطلب أي مساعدة دولية، لا على المستوى الفني والأدلة الجنائية، ولا على المستوى الحقوقي، على الرغم من أنها تطلب مساعدات دائمًا في مجالات أخرى.
نصل إلى السؤال المؤسف والصعب: لماذا لا يريد حزب PYD المساعدة في معالجة قضية مفقودي الرقة على يد (داعش)، على الرغم من أنه خاض حربًا شرسة ضد تنظيم الدولة، وأن مفقودي الرقة يفترض أنهم كانوا يقفون في صف واحد مع كل من يعارض (داعش)، وأنهم دفعوا ثمنًا لا يقلّ عن الثمن الذي دفعه المحاربون الآخرون لتنظيم الدولة؟
يبدو أن حزب PYD غير مهتم، الآن وفي المستقبل، بمعالجة قضية المفقودين ومساعدة أهاليهم في معرفة مصيرهم، وذلك لثلاثة أسباب:
السبب الأول أن حزب PYD هو في النهاية حزب عسكري دكتاتوري، يشبه من حيث البنية تنظيم الدولة (داعش) مثلما يشبه التنظيم الأسدي المخابراتي. ومن المعروف أن تنظيمات كهذه لا تعنيها قضايا المدنيين وحقوقهم، وأن معاناة الأهالي في عدم معرفة مصير ذويهم أمرٌ خارج اهتمامات هذا الحزب والمتحكمين فيه، لأنه -بكل بساطة- يستمد قوته من سلاحه وداعميه الدوليين، لا من الأهالي. وهذا يعني أنه ليس مضطرًا إلى أن يرضي الأهالي في هذه النقطة. ولا سيما أن قضايا المخطوفين والمعتقلين والمفقودين قد تشمله هو نفسه، في يوم من الأيام.
السبب الثاني أن ليس هناك قوًى دولية تضغط عليه في هذه النقطة. والحزب هنا يستفيد بشكل عام من تراجع الاهتمام العالمي بقضايا حقوق الإنسان والعدالة في الغرب. أميركا مشغولة بمصادر النفط، والروس بعقد اتفاقات تقاسم السلطة في هذه المنطقة مع تركيا. أما أوروبا فأقصى ما يمكن أن تقدّمه هو بعض مساعدات الإغاثة.
السبب الثالث، وهو السبب الأكثر أهمية، أن غالبية مفقودي (داعش) هم ناشطون إعلاميون وحقوقيون ومطالبون بالتأسيس للعمل المدني السياسي، وهذا شريحة لا تروق كثيرًا لحزب PYD الذي لا يرغب في وجود شركاء حقيقيين له في الحكم. ولذلك، فإن لسان حال الحزب يقول: “إنه أمرٌ جيدٌ أن تنظيم الدولة تخلّص منهم وأراحني من مشاكساتهم”. حزب PYD مثله مثل (داعش) إنما يريد مُوالين لا مشاركين في السلطة، ولذلك يرى أنه من الأفضل أن يبقى ملفّ المغيبين في أدراج النسيان، كي يتعظّ من يفكّر في أن يسير على طريقهم، وكي لا تشتهر قصص هؤلاء المفقودين، فيتحوّلوا إلى أبطال شعبيين، وإلى رموز تُنير طريق السوريين الوعر لتأسيس وطن ينعم بالعدالة والحريات لجميع مواطنيه.
مركز حرمون
—————————–
دمشق و”قسد” يقرعان طبول الحرب في الحسكة والقامشلي..فمن أين ستبدأ الشرارة؟
الحسكة والقامشلي، هما المدينتان اللتان يغلب عليهما الطابع الكوردي والأشوري والسرياني بالإضافة الى المكون العربي، وهاتين المدينتين الواقعتين شمال شرق سورية، تشكلان سلة الغذاء السوري بالإضافة إلى منبع البترول والنفط والمواد الطبيعية الأخرى، فالسكان فيها مغلوب على أمرهم بين ظلم (الأسد)الأب وهمجية الإبن، فهم إن سلموا من تسلط الأب لن يسلموا من همجية الأبن.
توتر ميداني
وقد ذاق أهل المنطقة الأمرّين من سياسات النظام و”قسد”، فالذين يقطنون في المربع الأمني للنظام يعيشون حياة مرة بسبب الحصار الذي فرضته “قسد”، وخياراتهم باتت محدودة ، أما الذين يقطنون في منطقة “قسد”، أنهك قانون الدفاع الذاتي قواهم وأدخل الرعب في نفوسهم، لأنهم يعتقدون بأنهم سوف يستشهدون من أجل قضية ضائعة وغامضة، وتحولوا بين ليلة وضحاها إلى (إرهابيين) – حسب وصف النظام لهم – والفقر بات أمراً مرعباً والمنطقة تنتظرها كارثة إنسانية في ظل أنتشار الفساد الإداري والمالي المستشري في كل مكان وتحكم حيتان الإقتصاد المحسوبين على منظومة “العمال الكوردستاني” بكل شاردة وواردة، وإعتقال النشطاء والمدرسين هو الذي رفع الستار عن الكثير من الحقائق التي كانت غامضة للكثير من الناس، ليؤكد لنا جميعاً بأن “قسد” مجرد كذبة وواجهة بينما هناك طرف ثالث يقود المنطقة ويتربص بها كيفما يشاء.
الغليان الشعبي في الرقة وديرالزور
الرقه من أكثر المحافظات في شرق الفرات توتراً وغلياناً، وهي الطفلة المدللة لـ”قسد”، وذلك لكثرة المنظمات الدولية فيها، التي تساعد الناس بسلات الغذاء الممنوحة من قبل المنظمات الدولية، وقد استفادت قوات “قسد” أيضاً منها بسرقتها من السكان، بالتعاون مع بعض المجالس المشكلة هناك، ولجأت إلى شراء ولاء بعض شيوخها بالمال والترهيب، وعمليات التصفيات ( الشيخ فيصل بشير الهويدي)، و الفاعل لازال مجهولاً.
وهذا لا ينفي احتمالية وجود طرف ثالث يريد زعزعة الأمن في الرقة، لإجبار أهلها للرضوخ والاستسلام كما فعلت ( داعش).
لواء (ثوار الرقه ) هو الآخر الذي قُضيَ على حاضنته الشعبية وأنتهى به الامر إلى الاستسلام والانهيار، في وقت تواصل “قسد” شراء بعض الذمم بالمال، ورغم كل ذلك تعيش المنطقة على صفيح ساخن، و ضمن حراسات مشددة، والوضع الأمني في أسوأ حالاته في ظل محاولات النظام ضرب الأمن و الاستقرار في المنطقة من خلال تحريض الناس على التظاهر والعمليات الإنتقاميه التي تحدث على مدار الساعة في كل بقعة من الرقة والحسكة وديرالزور .
الأبعاد السياسية للتطورات الميدانية الأخيرة
قالت السفارة الأمريكيّة بدمشق، إن حكومة الولايات المتحدة الأميركية تلقّت ببالغ الحزن والأسف خبر وفاة السيدتين هند لطيف الخضر وسعدة الفيصل الهرماس, وهما كرّستا حياتهما لخدمة مجتمعاتهما.. (إنّنا ندين قتلهم على يد إرهابيي داعش ونتقدّم بتعازينا لذويهم وإنّ ما أصابكم من حزنٍ أصابنا).
جاءت هذه التصريحات في ظل استمرار واشنطن بتسيير دورياتها العسكرية و لليوم الثاني على التوالي في مدينة المالكية( ديريك) واستقدام التعزيزات العسكرية وبشكل شبه يومي من إقليم كوردستان لتنتهي بها المطاف في قواعدها في الحسكة وريف ديرالزور .
إنسانياً، مخيم الهول الذي تحول الى سجن مرعب لساكنيه، كما كان يحدث في مخيم عين عيسى، تعمد قيادات “قسد” فيها إلى تهريب عناصر داعش (الأجانب ) مقابل مبالغ مالية كبيرة، وقد تم اكتشاف هذه الحالة عدة مرات ولم تتسرب إلى الإعلام كثيراً.
بتزامن كل هذا، بينما النظام هو الآخر الذي يقرع طبول الحرب في الحسكة، فالمحافظ التابع له، طالب “قسد” بفك الحصار عن المدنيين ووصف شروطهم بأنها “تعجيزية وغير محقة” و “لا نرغب بالخيارات العسكرية” على حد قوله، مضيفاً في حديثه لصحيفة الوطن الموالية للنظام أن “قسد” تريد الاستيلاء على “المشتقات النفطية وبعض الموارد الأخرى لبيعها إلى ريفي حلب، وهم يدّعون بأن هناك حصاراً على الشيخ مقصود في حلب، والجميع يعلم أن منطقة الشيخ مقصود غير محاصرة على الإطلاق”.
قال المحافظ مهدداً:” نحن لا نريد ولا نرغب بالخيارات العسكرية، لأننا لا نريد أن نرى الدم السوري يسفك على الأرض السورية، ولا نرغب بذلك، لكن إذا ارتكبوا هذه الحماقة فسنكون جاهزين للدفاع عن المواطن السوري، والدفاع عن كرامة المواطن وكرامة الدولة السورية”، حسب زعمه!.
الخلاصة: واضح أن المستفيد من هذه التوترات هي طهران ومن بعدها موسكو التي تدفع بمليشياتها وبشكل شبه يومي إلى مطار القامشلي لتستقر في جبل كوكب بالحسكة وداخل الملعب البلدي، على ما يبدو ينتظرون من إدارة بايدن تحديد بوصلتها اتجاه الوضع في سورية، حتى تبدأ اللعبة من جديد، بينما “قسد” هي الأخرى لم تستفد من الفرصة التي منحها له المجلس الوطني الكوردي لتشكيل بنية سياسية متماسكة وقوية في شرق الفرات، لتكون عاملاً مساعداً وبنية تحتية للأمن والاستقرار في المنطقة.
يبدو أيضاً أن واشنطن لا يمكنها الدفاع عن “قسد” حتى آخر طلقة في ظل وجود تحضيرات من دمشق وطهران وتحت أنظار موسكو للحرب، وأنقرة هي الأخرى تطالب بحصة الأسد في شنكال وعين عيسى رغبةً منها بقطع الإمدادات عن “العمال الكوردستاني”، وهي ( أنقرة) تنتظر من واشنطن الرد على أجوبتها حول مستقبل ( وحدات حماية الشعب ) في المنطقة.
بالمحصلة ، المنطقة أصبحت على صفيح ساخن، وحالة الغليان تسود كل بقعة في شرق الفرات، وخيارات واشنطن باتت محرجة، والاحتمال الأسوء هو عودة واشنطن الى تفعيل الاتفاقية النووية مع طهران، وعندها ربما يتم بيع ( قسد ) في المزاد العلني، أو أنه في حال اتفقت واشنطن وأنقرة على إخراج كوادر “العمال الكوردستاني ” من سورية، فعندها ستتجه المنطقة نحو تقسيم إداري وسياسي كما هو الحال عليه الآن، وستغادر قوات النظام وتحت أنظار الشرطة العسكرية الروسية المربعين الامنيين في الحسكة والقامشلي.
وللتذكير فقط ، تل أبيب هي الأخرى ليست بعيدة عن هذا المطبخ لأنها تلعب دور البطولة في كل شاردة وواردة وخاصة بعد أن أنهكت الميليشيات الايرانية في ديرالزور، ومحاولة النظام التفاهم معها لم تفلح كما يبدو حتى الآن وماتت قبل أن تولد.
السورية نت
—————————–
الإطباق على المربعات الأمنية بالحسكة يتوافق مع بنود وثيقة مسربة/ تيم الحاج
أخذ التوتر بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وقوات نظام الأسد هذه الأيام شكلاً وبعداً أخرجه من طور المناكفات والاشتباكات الخجولة التي حدثت على مدار الأشهر والسنوات الفائتة بينهما، إلى واقع جديد من شأنه أن يُغير في شكل العلاقة بين الطرفين في محافظة الحسكة، وحتى في مدينة حلب، وقد باتت الأحداث المتسارعة في الحسكة تؤسس لمرحلة جديدة، جاءت على ذكرها وثيقة مسربة اطلع عليها موقع تلفزيون سوريا.
مشهد التوتر عن قرب.. نظام الأسد في مأزق
تُدير روسيا عملية ضبط التوتر في محافظة الحسكة، حتى الساعة، عبر قاعدتها في مطار القامشلي، فجنرالاتها يقدمون المبادرة تلو الأخرى لإنهاء هذا التوتر، لكن جهودهم لم تثمر، رغم ما باتت تتمتع به موسكو من ثقل عسكري شمال شرقي سوريا حيث تسيطر “قسد”، وفشلها (أي موسكو) يبدو واضحاً بعد أن قررت “قسد” تصعيد لغة الخطاب مع النظام وفرضت طوقاً أمنياً على مربعاته الأمنية في مدينتي الحسكة والقامشلي.
ويمتلك النظام في مدينة القامشلي فرعاً لـ “أمن الدولة” وآخر لـ”الأمن العسكري” في بداية حي الوسطى شمالي شارع الرئيس، إلى جانب مديرية أمن المنطقة والمحكمة الواقعتين في حي الوسطى وشارع القوتلي وحارة طي أيضا يسيطر عليها النظام، وهذه المناطق تشكل مربعه الأمني، أما في الحسكة فيتمثل مربع النظام الأمني في مركز المدينة وحي الميريديان ومساكن المحطة وهذا الحي تمكنت “قسد” خلال التوتر الأخير من السيطرة على أجزاء منه، لتصبح الكنيسة الآشورية هي الحدود الفاصلة بين الطرفين.
وتجلى ضعف النظام أمام سلطة “قسد” في القامشلي والحسكة، في اعتراف محافظ الحسكة، اللواء غسان خليل الذي خرج يشكو “قسد” على منابر النظام الإعلامية، متحدثاً عن فرضها منذ 13 يوماً حصاراً مطبقاً على المربعات الأمنية وما فيها من أحياء سكنية ومدنيين، حيث تمنع دخول المواد الغذائية والتموينية والوقود، وتمنع الموظفين في مؤسسات النظام من الذهاب إلى عملهم، كما وضعت “قسد” عناصر النظام وميليشيا “الدفاع الوطني” في الحسكة والقامشلي داخل سجن كبير، تمنع فيه خروجهم منه.
ولفت خليل الذي انتشرت شائعات عن هروبه إلى دمشق، عن وجود وساطة جديدة روسية لحل الخلاف مع “قسد”، مرجعاً سبب عدم حل الخلافات إلى ما وصفه بتعنت “قسد” وتقديمها طلبات وصفها بـ”التعجيزية” تتعلق بأماكن خارج الحسكة، ويقصد هنا خليل، ما تطالب به “قسد” نظام الأسد بفك الحصار عن أحياء ذات غالبية كردية في مدينة حلب كحيي الشيخ مقصود والأشرفية إضافة إلى مطالبتها النظام بالسماح بدخول المواد الغذائية والمحروقات إلى سكان منطقة الشهباء في ريف مدينة تل رفعت.
وعلى الرغم من تصريحات خليل ومطالبات “قسد”، إلا أن الطرفين المتخاصمين لم يعترفا بالسبب الحقيقي وراء هذا التوتر المستمر، بينهما منذ أكثر من شهر، وعند النظر إلى سير أحداث هذا التوتر فإنه من الممكن ربطه بعدة عوامل قد تكون تقف وراء هذا التوتر وتأججه، لكنها ليست السبب الجوهري له.
ومن تلك العوامل، هو ما تعتبره “قسد” خذلاناً وضغطاً من النظام عليها في بلدة عين عيسى بريف الرقة التي تستعد تركيا لاقتحامها وإخراج “قسد” منها، حيث ضغط النظام هناك على “قسد” عبر الروس وعرض عليها الخروج من البلدة وتسليمه إياها، وهذا ما رفضته “قسد” واعتبرته ابتزازاً، ليرد النظام بعد ذلك بجملة إجراءات ضيقت على “قسد” منها حرمانه أفران “الإدارة الذاتية” من مادة الطحين ما تسبب بأزمة خبز خانقة في محافظة الحسكة، واعتقال عدد من عناصر قوى الأمن (الأسايش) التابعة لـ “الإدارة الذاتية”، وحشد مؤيدين له أمام حواجز “قسد” المحيطة بالمربعات الأمنية.
وثيقة مسربة تتحدث عن مستقبل النظام في الحسكة
خطوة تشبث “قسد” بمطالبها وحشرها لعناصر ومسؤولي النظام في بضعة كيلومترات بمحافظة الحسكة، ورفضها وساطة روسيا يشير إلى وجود دعم تتلقاه على ما يبدو من حليفها الأساسي الولايات المتحدة الأميركية، وقد تحدثت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية عن شيء من هذا الدعم في مقال نشرته في 27 من الشهر الحالي، حمل عنوان “يجرّون روسيا إلى معارك ضد الأكراد في سوريا”.
ولم يستبعد المقال حدوث صدام مسلح بين روسيا و”قسد” في الحسكة، خاصة أن روسيا زجت بعدد من قواتها مؤخراً في الحسكة على ضوء الاشتباكات بين قوات نظام الأسد وميليشيا “الدفاع الوطني” من جهة و”الأسايش” من جهة ثانية.
وسبق أن قال مسؤول مركز المراقبة الروسية – السورية المشتركة الرائد دميتري سونتسوف، عن إرسال تعزيزات روسية إلى الحسكة، إنّ هدفهم من هذا الإجراء، هو تعزيز نقاط المراقبة المشتركة مع قوات نظام الأسد في المحافظة، كما تحمل التعزيزات مهمة رئيسية تتمثل بالمساهمة في تهدئة النزاع بالمنطقة، ومراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار، وتقديم جميع أنواع المساعدة للسكّان المحليين، وفق قوله.
وتدفع جملة التطورات التي تعصف بمحافظة الحسكة والتي عكست علو كعب “قسد” على نظام الأسد هناك، إلى النظر بجدية إلى مجموعة بنود جاءت في وثيقة قيل إن نظام الأسد سربها قبل مدة بعد حصوله عليها من البيت الداخلي لـ “قسد”.
وكان ناشطون من محافظة الحسكة تداولوا قبل نحو أسبوع وثيقة -اطلع عليها موقع تلفزيون سوريا- تتحدث عن تغيير جذري في شكل نفوذ ووجود النظام في الحسكة.
وتحدث موقع تلفزيون سوريا مع أحد هؤلاء الناشطين الذي أكد على صدقية هذه الوثيقة، والتي قال إنها جاءت نتيجة اجتماع روسي- أميركي قبل مدة (لم يحددها)، وتم الاتفاق خلال هذا الاجتماع على مجموعة بنود، بعضها بدأ بالتحقق تدريجياً وفق المعطيات على الأرض.
الوثيقة تنص على أن هناك تفاهماً جرى مع روسيا، من شأنه أن يحد من مساندتها لنظام الأسد في حال اندلعت اشتباكات بينه وبين “قسد”، إضافة إلى إخراج النظام من مراكز المدن في كل من الحسكة والقامشلي (في الحسكة باتجاه فوج كوكب وفي القامشلي باتجاه فوج طرطب)، مع السماح لروسيا بالحفاظ على نقاطها شرقي الفرات، وأن يكون مطار القامشلي بإدارتها، مع التزامها بفتح مكتب لـ “قسد” في مطار القامشلي.
وتتضمن الوثيقة أيضاً معلومات حول اتصالات سرية أجرتها مندوبة أميركية (لم يذكر اسمها) في إحدى الدول الإقليمية المجاورة لسوريا، وتلك الاتصالات حدثت بينها وبين بعض الشخصيات الموجودة في مناطق شرقي الفرات، وتناولت فيها المندوبة الرؤية الأميركية لمستقبل شمال شرقي سوريا، منها تأسيس إدارة جديدة للمنطقة يشارك فيها جميع مكونات المنطقة (عرب، أكراد، سريان، آشوريون، وغيرهم) وقد تم تسمية بعض الشخصيات لتلك الإدارة.
ويشير أحد المطلعين على الوثيقة من أهالي الحسكة، إلى أن روسيا أجرت خلال الفترة الماضية زيارات لبعض وجهاء المنطقة، وقال إن هذه اللقاءات تأتي في إطار التأسيس للمرحلة الجديدة.
وعلى ضوء تسريب هذه الوثيقة، يقول المصدر ذاته، إن اللجنة الأمنية التابعة للنظام في الحسكة، أجرت مؤخراً اجتماعات مكثفة تمخض عنها العديد من القرارات التي تصب في مواجهة هذا السيناريو إذا ما حصل، ولعل ما يجري من أحداث الآن في الحسكة مرتبطة بما قرره النظام من خطوات للتصدي لهذا السيناريو.
تلفزيون سوريا
———————–
تجنيد “قسد” الإجباري: كابوس سوري/ عدنان أحمد
تتواصل الاحتجاجات في مناطق الشرق السوري ضد ممارسات “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، خصوصاً ما يتصل بالتجنيد الإلزامي في صفوفها، وهي القضية التي تثير قلق الأهالي، وتجعل سيطرة “قسد” على مناطقهم ثقيلة الوطأة، على نحو يُذكر بسيطرة النظام السوري، وملاحقاته الأمنية. وتصاعدت هذه الاحتجاجات مع نهاية العام الماضي، بعد تكثيف “قسد” حملات الدهم والاعتقال، بحثاً عن الشبان المطلوبين للخدمة الإلزامية، وإعلان “مركز الانضباط”، التابع لها، قائمة أسماء، تضم عدداً كبيراً من العاملين في دوائر مجلس دير الزور المدني، وذلك لسوقهم للتجنيد الإجباري ضمن صفوف ما يسمى “قوات الحماية الذاتية”. وقامت الشرطة العسكرية، التابعة إلى “قسد”، بإرسال قائمة أسماء، تشمل العاملين في قطاع التعليم من مواليد العام 1990 وما فوق، للالتحاق بالخدمة الإجبارية، مهددة إياهم بالفصل في حال تخلفهم.
وأثارت هذه القائمة امتعاض الأهالي، الذين توالت تظاهراتهم الاحتجاجية، في العديد من مناطق محافظة دير الزور، وخصوصاً من العاملين في مجال التعليم، الذين قدم بعضهم استقالتهم رفضاً لحملة التجنيد الإجباري. واعتقلت “قسد”، خلال الأيام الأخيرة، عشرات المعلمين خلال حملة أمنية في جنوب محافظة الحسكة بهدف تجنيدهم في صفوفها. كما فصلت “هيئة التربية والتعليم”، التابعة إلى “الإدارة الذاتية”، عشرات المعلمين من وظائفهم، بسبب عدم استجابتهم لطلب الالتحاق بصفوف المليشيات لتأدية الخدمة الإجبارية.
وقال معلم في دير الزور، لـ”العربي الجديد”، إن محاولة تجنيد المعلمين مرفوضة، وقد استقال الكثير منهم لكي يتجنبوا الخدمة العسكرية، و”لا أحد يريد الالتحاق بالخدمة التي تفرضها قسد على الموظفين لديها، مستغلة حاجتهم للعمل”. وأشار إلى أن “قسد” غالباً ما تضع أبناء دير الزور في الصفوف الأمامية لأي معركة.
ولا تخص قرارات التجنيد الإلزامي العاملين لدى مؤسسات “قسد” فقط، بل تشمل مجمل الشبان، الذين يحاول بعضهم تجنب اعتقالهم من جانب دورياتها، من خلال ترك أعمالهم والاعتكاف في منازلهم، وهو ما يفاقم من أوضاعهم المعيشية. وفي هذا السياق، قال “فراس م”، وهو بائع متجول لـ”العربي الجديد”، إنه لم يذهب للعمل منذ أيام خشية التعرض له في الطريق، أو العمل، من جانب القوات الأمنية التابعة إلى “قسد”، الأمر الذي يفاقم من وضعه الاقتصادي المتدهور أصلاً بسبب ضعف الحركة في السوق على خلفية وباء كورونا. وأشار إلى أن العديد من الأشخاص ممن يعرفهم جرى سوقهم للتجنيد الإلزامي، وهو لا يريد الالتحاق بالتجنيد كونه المعيل الوحيد لأسرته، كما أنه لا يريد أن يكون مقاتلاً مع أي طرف. وأوضح أن الشبان في العديد من مناطق سيطرة “قسد” يجب عليهم الحصول على دفتري خدمة إلزامية، واحد من النظام السوري، والثاني من “الإدارة الذاتية”، وهو ما يجعل الهجرة إلى العراق أو تركيا الخيار الوحيد المتبقي للعديد من الشبان لكي يتجنبوا الالتحاق بالخدمة العسكرية.
وتشير معطيات إلى أن أجهزة “قسد” الأمنية اعتقلت في الآونة الأخيرة، ضمن مناطق سيطرتها في دير الزور والرقة والحسكة، أكثر من 4000 شاب وفتاة، غالبيتهم من محافظة الحسكة، وذلك لسوقهم إلى التجنيد الإجباري.
ورأى شلال كدو، عضو الائتلاف الوطني السوري عن المجلس الوطني الكردي، وسكرتير حزب اليسار الديمقراطي الكردي في سورية، في حديث مع “العربي الجديد”، أن سياسة التجنيد “أدت إلى تهجير عشرات، وربما مئات الآلاف من الأشخاص، من تلك المناطق. والمجلس الوطني الكردي طالب، منذ البداية، بوقف هذه السياسة التي أدت إلى إفراغ بعض المناطق جزئياً من سكانها”. وأضاف كدو “نحن لا نرى أي مبرر لهذه السياسة. وطالبنا مرات عديدة خلال المفاوضات بيننا وبينهم بوقفها. وسوف نواصل الضغط لوقف هذه السياسة التي تقود إلى تهجير الناس من مناطقهم”.
وكانت “قسد” أوقفت التجنيد الإجباري مطلع إبريل/نيسان الماضي، بسبب تفشي وباء كورونا في صفوف عناصرها. وعادت واستأنفت هذه الحملات بداية يوليو/تموز الماضي. وحددت قرارات سابقة لـ”قوات سورية الديمقراطية”، مطلع العام 2020، سن الأشخاص المطلوبين للتجنيد الإجباري في صفوفها بمواليد 1 /1/ 1990 وما بعد ذلك، كما أنها تشمل العناصر الذين تم تجنيدهم قبل صدور القرارات. ولم يذكر البيان العمر الأدنى للتجنيد، المعروف بـ18 سنة، وسط اتهامات كثيرة لـ”قسد” بمواصلة تجنيد الأطفال. واتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في أغسطس/آب 2018، “قسد” بزيادة وتيرة تجنيدها للأطفال خمسة أضعاف، مشيرة إلى استهدافها أطفال النازحين في المخيمات بغية تجنيدهم في صفوف قواتها. وسبق أن حددت “الإدارة الذاتية” مواليد المطلوبين في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور، بمواليد 1986 وما بعد، بينما اختلفت هذه الأعمار في مدن الرقة والطبقة وعين العرب ومنبج. وعدلت “قسد” منتصف العام 2019 قانون التجنيد الصادر في 2015، والقاضي بإلزام شاب واحد من كل عائلة بالخدمة لمدة ستة أشهر، باستثناء الطلاب والابن الوحيد، ومن له شقيق متطوع في صفوفها، ليشمل القانون الجديد جميع الشبان المقيمين في مناطق سيطرتها منذ أكثر من خمسة أعوام.
ورأى متابعون أن سياسة التجنيد الإلزامي التي تتبعها “قسد”، حتى للعاملين لديها، تأتي في سياق مساعيها لزيادة أعداد مقاتليها، وذلك عقب التهديدات التركية باقتحام منطقة عين عيسى شمالي الرقة. ورأى الناشط أحمد العيسى من ريف دير الزور، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “قسد” تحاول أيضاً التأكيد على فكرة أنها إدارة متكاملة، مدنية وعسكرية، وأنها تعمل على تشكيل “نواة دولة” أو حكم ذاتي، ما يلزم تطبيع الناس على هذه الفكرة، لتكون مستقبلاً بديلاً عن النظام السوري في تعاملها مع المدنيين على صعيدي الحقوق والواجبات. وأشار إلى الشروط التي وضعتها “قسد” خلال تفاوضها مع النظام السوري بضرورة أن يعترف بها، ويبقي على قواتها ككيان منفصل ضمن جيشه، بوصفها المسؤولة عن حفظ الأمن في مناطق سيطرتها. وأضاف العيسى أن “قسد” تستفيد من سياسة الخدمة الإلزامية أيضاً لناحية ضغط النفقات، لأن راتب المجند إلزامياً لا يزيد عن ربع راتب المتطوع. لكنه رأى أن هذه السياسات ستقوض الاستقرار في المنطقة، وتوسِع الفجوة بين “قسد” والأهالي، ما قد يفاقم من الاحتجاجات والصدامات بين الجانبين.
وكانت “قوات سورية الديمقراطية” تشكلت في أكتوبر/تشرين الأول 2015، على أساس تحالف عسكري متعدد الأعراق والأديان، مدعوم من الولايات المتحدة، وتشكل عمودها الفقري و”حدات حماية الشعب” و”وحدات حماية المرأة” الكرديتان، فضلاً عن بعض المكونات العربية والمسيحية والتركمانية. ومع توسع سيطرتها في محافظتي الرقة ودير الزور، تم الإعلان في سبتمبر/أيلول 2018 عن تشكيل “الإدارة الذاتية” في شمال وشرق سورية، بعد اجتماع في بلدة عين عيسى شمال الرقة، ليعلن بعدها قانون “واجب الدفاع الذاتي” في مناطق شمال وشرق سورية. ورغم التعديلات الطفيفة التي طرأت عليه خلال الأعوام الماضية، إلا أن القانون اتخذ شكله الأخير في يونيو/ حزيران 2019، حين أقرت “الإدارة الذاتية” قانوناً جديداً، يتألف من 35 مادة، مشابها لقانون الخدمة الإلزامية لدى النظام السوري. ويخضع المجند أولاً إلى فحص طبي للتأكد من سلامته من أي أمراض قد تعيق عمله العسكري، ثم يتم فرزه إلى أحد مراكز التدريب العسكرية الثلاثة في الحسكة والرميلان والقامشلي، لإجراء دورة مدتها 45 يوماً، قبل أن يتم فرزه النهائي إلى إحدى القطع التابعة إلى “قسد”. وعلى غرار الخدمة العسكرية في جيش النظام السوري، تلعب المحسوبيات والرشاوى دورها في عمليات فرز المجندين إلى المراكز العسكرية، ما بين الخدمة في مراكز المدن والأعمال الإدارية، أو على خطوط الجبهات.
ورأى صحافي كردي، رفض الكشف عن اسمه، أن هذه السياسات تسببت في تهجير آلاف الشباب من المناطق الكردية هرباً من التجنيد، مقابل خوض معارك بالوكالة، إذ يرفض معظم المجتمع الكردي خوض معارك في عمق المناطق العربية، لأن أبناء تلك المناطق أولى بالدفاع عنها. وقال الصحافي، في حديث مع “العربي الجديد”، إن هناك أيضاً منافع اقتصادية، إذ إن ملايين الدولارات تأتي كمساعدات من التحالف الدولي كلما زاد تعداد عناصر “قسد”. وأشار إلى أن الزي الذي يرتديه مقاتلو “قسد” عليه إشارات الولايات المتحدة، ما يعني أن واشنطن تدعم سياسة التجنيد الإلزامي. ورأى أنه بعد التخلص من تنظيم “داعش” لم يعد هناك مبرر لسياسة التجنيد سوى المنافع الاقتصادية. ومن جانب آخر فإن هذه السياسة تستهدف نسف الحوار الكردي- الكردي، وخلط الأوراق أمام الكتل الكردية المعارضة لسياسات “قسد” وحزب الاتحاد الديمقراطي.
وتسيطر “قسد” على مساحات شاسعة من سورية، تتجاوز 35 ألف كيلومتر مربع من مساحة البلاد البالغة 185 ألف كيلومتر مربع، بقوام نحو 50 ألف مقاتل، وفق تقديرات مختلفة، أكثر من نصفهم من العرب حسب بيان لوزارة الدفاع الأميركية. وتلقت هذه القوات أسلحة ثقيلة من واشنطن، من بينها ناقلات جنود ومدافع هاون ورشاشات ثقيلة، إلى جانب الذخيرة، رغم المعارضة الشديدة من قبل أنقرة، التي ترى أن “حزب الاتحاد الديمقراطي” الكردي في سورية، ومعه “قسد”، مجرد فرع سوري لحزب “العمال الكردستاني” المحظور في تركيا. كما تقوم القوات الأميركية بتقديم التدريب والتجهيز الكامل لمقاتلي “قسد”، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات على الجبهات والدعم الجوي من قبل الطيران الأميركي خلال المعارك. وحسب القائد العام لـ”قسد” مظلوم عبدي، فإن قواته تسيطر اليوم على أكثر من 30 في المائة من مساحة سورية، حيث زاد عددها بشكل كبير بعد ازدياد العرب الذين شاركوا في تحرير مناطقهم، بحسب قوله.
العربي الجديد
——————————-
الجزيرة السورية… أحوال النساء إذ يحكمها قانونان وسلطتان/ روشين حبو
“نحن لدينا قانون وهم لديهم قانون مختلف ولا علاقة لنا بهم”… أصبحت النساء في شمال شرقي سوريا مجبرات على التعامل مع قانونين للأحوال المدنية صكّتهما جهتان تتشاركان السيطرة…
عام 2003 وبينما كانت الشابّة السورية سلوى (اسم مستعار) في السابعة عشرة من عمرها، تقدّم لخطبتها صيدلاني ميسور مادياً، وعمره 45 سنة، وجدت عائلتها فيه “فرصة العمر” فسارعت إلى إقناع الابنة بالزواج منه.
تقول سلوى: “مين يطلعلو، هذه الكلمة كانت كفيلة آنذاك بأن أرتبط بشخص يكبرني بعشرين عاماً، فهو صيدلاني، ووضعه المادي والاجتماعي جيد، ما يجعل الارتباط به أمراً صعب المنال، وحدهن المحظوظات ينلن ذلك”.
ولكن حياة الشابّة لم تكن كما حلمت بها، تزوّجت وهي قاصر شخصاً يكبرها بعشرين عاماً، وهي ظاهرة واسعة الانتشار في سوريا منذ ذلك الوقت حتّى الآن. ذاك الزواج سيّر حياتها وفق خطط زوجها، بحجّة أنّها صغيرة وهو يدرك الحياة أكثر منها، ما أدى إلى مشكلات بين الزوجين.
تواصلت الشجارات، لكنّ الشابة كانت تتردّد في اتخاذ قرار الانفصال بسبب ضغط أسرتها، غير أنّها عام 2017 قررت جدياً رفع دعوى تفريق ضد زوجها بمساعدة عمّها الذي ساند قرارها، وذلك بعد إنجابها ثلاثة أولاد منه خلال 18 عاماً من الزواج.
يضع القانون السوري قرار الطلاق بيد الزوج، وإذا أرادت المرأة الطلاق، فعليها رفع دعوى “مخالعة” بعد تقديم مبرّر أمام المحكمة.
في اللقاء الأول بين سلوى ومعدّة التحقيق، كانت الشابّة في أسوأ حالاتها النفسية، وقد فقدت الأمل بوصول قضيتها إلى نهاية سعيدة.
في أيار/ مايو 2017، رفعت سلوى دعوى طلاق لدى “بيت المرأة”، Mala jinê بالكردية، إحدى المؤسّسات التي أنشأتها “الإدارة الذاتية” للرقابة على تطبيق “قانون المرأة” والنظر في المخاصمات التي تقدّمها النساء ورفعها إلى المحاكم.
يضع القانون السوري قرار الطلاق بيد الزوج، وإذا أرادت المرأة الطلاق، فعليها رفع دعوى “مخالعة” بعد تقديم مبرّر أمام المحكمة.
لم يعترف زوجها بـ”بيت المرأة” وبقيت الدعوى عالقة شهرين هناك من دون فائدة، ما دفع سلوى للتوجّه إلى المحكمة التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، لكن زوجها رفض حضور جلسات المحكمة، ووكّل محامياً للحضور نيابةً عنه. ونظراً إلى عدم تجاوبه، أعطت المحكمة سلوى قراراً بالطلاق في 1 شباط/ فبراير 2018.
بعد أشهرٍ قليلة، بينما كانت سلوى تحاول الحصول على بعض الأوراق من دائرة النفوس، فوجئت بأنها ما زالت متزوجة في خانة الحالة الاجتماعية، في ثبوتيات محاكم الأحوال المدنية التابعة للحكومة السورية، وأن طلاقها لم تعترف به سوى “الإدارة الذاتية”، وبذلك كان عليها أن تبدأ دعوى الطلاق من جديد، ولكن هذه المرة في المحكمة الشرعية السورية.
إنّها واحدة من قصص كثيرة خلفتها الحرب السورية وزادت الأعباء على كاهل النساء في هذه البقعة التي تشكل ربع مساحة سوريا.
وإضافةً إلى القوانين والأعراف التي تنتهك حقوق المرأة باستمرار، أصبحت النساء في شمال شرقي سوريا مجبرات على التعامل مع قانونين للأحوال المدنية صكّتهما جهتان (النظام السوري والإدارة الذاتية) تتشاركان السيطرة، لكنهما لا تعترفان ببعضهما بعضاً ومن الطبيعي ألا تعترف الواحدة بالوثائق الصادرة عن الثانية. لقد وضعتهُما الحرب الممتدة منذ عقد من الزمان، والتدخل الدولي والإقليمي في النزاع السوري، في صراع شرس، وكانت النتيجة أن تتحمّل نساء المنطقة الجزء الأكبر من المعاناة في أروقة المحاكم، والقصور العدلية، وغرف القضاء التابعة للجهتين.
هذا الواقع الجديد الذي فرضه تراجع النظام السياسي شرق سوريا وتبدله بسبب الصراع، خلق فوضى قانونية في منطقة ذات طبيعة عشائرية، وزعزع ثقة السكان بالقوانين. كما اضطرت كثيرات إلى التخلي عن الدعاوى المرفوعة أمام المحاكم لتيسير أحوالهن الشخصية بسبب التكاليف الباهظة، والروتين الرسمي، والجهد الضائع من دون طائل، فيما لا تُبذَل جهود بهدف إيجاد حلول حقيقية، تخفف المعاناة.
تقول بهية مراد، مديرة مجلس الصلح في “بيت المرأة” في القامشلي معلقةً: “نحن لدينا قانون وهم لديهم قانون مختلف ولا علاقة لنا بهم”.
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013 تشكّلت “الإدارة الذاتية” في سوريا، أو ما يعرف بـ”روجافا”، وتعرّف نفسها بأنّها “منطقة حكم ذاتي”، وتُدير مناطق شمال شرق سوريا .
تتكوّن هذه المنطقة من أقاليم مترامية الأطراف من محافظات الحسكة والرقة ودير الزور وبعض قرى ريف حلب، وأقامت هذه الإدارة مؤسّسات تابعة لها، كما سنّت قوانين من بينها ما عُرف بـ”قانون المرأة” وشكّلت هيئات ومحاكم لتطبيقه.
جاء هذا القانون بنزعة مدنية مختلفة تماماً عن “قانون الأحوال الشخصية” وغيره من القوانين السورية التي تعتمد الدين الإسلامي كمبدأ للتشريع.
“نحن لدينا قانون وهم لديهم قانون مختلف ولا علاقة لنا بهم”.
وبقيت المؤسسات الرسمية والمحاكم الرسمية تعمل في المناطق الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية” بالتوازي مع عمل مؤسّسات الأخيرة، ولكن بسبب الاختلاف الجذري في القوانين الخاصّة بالمرأة، أصبحت النساء ضحيةً للازدواج القانوني والفوضى القضائية عدا طبعا عن الاجحاف الذي يعانين منه في القوانين وفي الثقافة المجتمعية.
ولا يعترف “النظام السوري” و”الإدارة الذاتية” ببعضهما بعضاً، وينطبق ذلك على عدم اعتراف أي جهة بالوثائق التي تصدرها الجهة الأخرى، وهو ما يزيد من تعقيدات حياة النساء والسكان عموماً في هذه المناطق، لجهة الحصول على المعاملات الرسمية، وبالتحديد معاملات الأحوال الشخصية والزواج والطلاق، والإرث، وتسجيل المواليد.
حتى اليوم، تضطر النساء إلى إجراء المعاملة ذاتها (زواج، طلاق، إرث… الخ) في محكمتين مختلفين، من أجل ضمان حقوقهنَّ، المحكمة الأولى تابعة لمؤسّسات الحكومة الرسمية بحكم ارتباط قيودهن ومعاملاتهن ووثائقهن بها في الفترة التي سبقت تشكيل “الإدارة الذاتية” أي قبل عام 2013، ومن جهةٍ أخرى تضطر النساء إلى استصدار الوثائق من مؤسسات “الإدارة الذاتية” كونها الجهة المسيطرة على المنطقة.
الطلاق مرّتين
بدأت سلوى رحلة إجراءات الطلاق مرّة ثانية في المحاكم السورية، وكانت إجراءات الطلاق التي خاضتها هناك أكثر صعوبةً وتعقيداً، إذ تلقّت وعوداً من أكثر من محامٍ بمساعدتها، لكنهم انسحبوا لاحقاً، لتكمل الطريق وحدها.
رافقت معدّة التحقيق سلوى إلى جلساتها في المحكمة الشرعية. الجلسة الأولى كانت في 29 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، لكنها تأجلت بسبب أخطاء في بعض الأوراق المطلوبة، فسلوى تخوض المعركة لوحدها من دون محامٍ، كونها غير قادرة على تحمّل تكاليف إضافية.
كانت الشابة تلقّت اتصالاً من المحكمة للحضور والجلوس مع المحكّمين، لكنّها لم تذهب خوفاً من أن تكون محاولة لاستدراجها من أحدٍ ما، فاعتبرت المحكمة أنها لم تتجاوب معها فأغلقت ملفّها.
استمرّت جلسات المحكمة ومحاولات سلوى حتّى تمكّنت من الحصول على قرار تفريق لعلّة الشقاق في شباط/ فبراير 2019، أي بعد نحو عام كامل من السعي في المحكمة، غير أنّها لم تحصل على النفقة والمهر بسبب غياب الزوج.
تقول سلوى: “إنّ رفع دعويي طلاق استغرق منّي جهداً كبيراً ووقتاً، إضافةً إلى المتاعب النفسية”، موضحةً أنّها اضطرت إلى دفع مبالغ مالية مرتفعة، على رغم أنّها تعتمد على عملها كخياطة لإعالة أولادها ودفع مستلزمات الحياة.
الطلاق في القانونين
رفع الظلم عن المرأة أولاً
تعتبر نورا خليل، الناطقة باسم “لجنة المرأة” في المجلس التشريعي التابع لـ”الإدارة الذاتية” أن الازدواج في المؤسّسات يساهم في زيادة العوائق المُلقاة على عاتق المرأة، لأنّها مضطرة دائماً للجوء إلى جهتين من أجل قضية واحدة.
وردّاً على سؤال حول ما إذا تم الأخذ في الاعتبار التضارب بين القوانين عند سن “قانون المرأة” أجابت خليل: “هذا الأمر لا يهمّنا كثيراً لأن هناك ظلماً يُمارس على المرأة منذ زمن، وانتُهكت حقوقها، لذلك تعبنا كثيراً حتى أصدرنا هذا القانون، الذي بقي ثمانية أشهر موضوع نقاش قبل إقراره، كما أنّه لقي رفضاً لأن المجتمع متأثّر بالمفاهيم الذكورية”.
وأضافت: “الأهم لدينا كان حماية حقوق المرأة، لذلك لم يكن يهمنا كيف تكون قوانين النظام، فالأمر الجيد هو صدور هذا القانون وتطبيقه وهذه التجربة يُنظر إليها بشكل إيجابي”.
وتشير خليل إلى أنه في كثيرٍ من الأحيان يلجأ الرجال إلى المحاكم الواقعة في مناطق النظام، لأنّها تلائم أفكارهم كون المنطقة عشائرية.
وتتابع: “القانون أمر معقد ولا بد من العمل عليه لسنوات حتى يتقبله الناس”، موضحةً أن “قوانين الإدارة الذاتية لا يعترف النظام السوري بها، حتّى أن هناك نساء قدمنَ من دمشق إلى القامشلي للجوء إلى محاكمنا لأنّها تحفظ حقوقهنَّ بحضانة أولادهنَّ”.
وتقول بهية مراد، مديرة مجلس الصلح في “بيت المرأة” في القامشلي: “إن النساء اللواتي يعشن في مناطق الإدارة يجب أن يخضعنَ لقانون الإدارة، سواء تعرضن للضرب أو الظلم أو لزواج قاصر أو عنف عائلي”.
أما عن رأيها في أي تعاون مستقبلي بين الطرفين لحل هذه الإشكالية فأجابت: “نحن لدينا قانون وهم لديهم قانون مختلف ولا علاقة لنا بهم”.
وتعتبر مراد أنّه يمكن تجاوز المشكلة الموجودة في الازدواج القانوني، عبر إجراء المعاملة لدى الطرفين، موضحةً أن الأمر ليس اختيارياً، إذ لا بد من اللجوء إلى الطرفين لضمان الحق أو الوصول إليه أو تسيير أمر عالق مرتبط بسير حياة الأفراد وخصوصاً النساء.
تثبيت واقعة الزواج مرّتين
فيما اضطرّت سلوى للطلاق مرّتين، كانت الشابّة آفين حواس مضطّرة إلى إبرام عقد زواجها مرّتين أيضاً، وتحمّل الكلفة المادية المرتفعة مرتين أيضاً، إضافةً إلى بذل الوقت والجهد. كما اضطرّت إلى حمل وثيقتي زواج.
تزوّجت آفين (27 سنة) في يوليو/ تموز 2018 وثبّتت عقد زواجها في المحكمة الشرعية السورية، ثم سافر زوجها إلى كردستان العراق، بعدما اتفقنا على أن تلحق به.
وضّبت آفين حوائجها وانطلقت إلى كردستان عبر المنفذ الحدودي البرّي، بعدما أمّنت مع زوجها الوثائق اللازمة، وبينما كانت على وشك اجتياز الحدود للوصول، تمت إعادتها إلى الداخل السوري بسبب عدم امتلاكها أدلّة على الزواج، إذ لم تعترف “الإدارة الذاتية” بوثائق زواجها الصادرة عن محاكم النظام السوري، وطالبتها من جديد بإعادة العمل على معاملة زواج ثانية، ولكن في محاكم “الإدارة” واستخراج وثيقة حياة زوجية من هناك.
بعد عقد الزواج من جديد في محاكم الإدارة، سُمح لآفين بالعبور، وتقول: “لا أعتقد أن هناك تأثيراً سلبياً في مستقبلي عندما أعود إلى سوريا مع عقدَي زواج”.
وتطالب آفين بإنهاء معاناة النساء وإيجاد عقد زواج مشترك بين منظومتي الحكم الموجودتين في المنطقة وتسهيل الأمور ومساعدة الناس على عبور الحدود أو تسيير حياة النساء بأبسط السبل.
المعاناة ذاتها تنسحب على الشابّة نيفين، التي خاضت أيضاً معركة تسجيل زواجها مرّةً في المحكمة الشرعية السورية من أجل مستقبل أولادها كون هذه المحاكم تحظى باعتراف دولي، ومرّة أخرى في محاكم “الإدارة” لتتمكّن من الالتحاق بزوجها في كردستان- العراق من طريق المعبر الحدودي، وتقول إنّها كانت سعيدة لأن محاكم “الإدارة” تسمح بأن يكون الشهود نساءً، على عكس المحاكم الشرعية السورية التي تشترط أن يكونوا رجالاً.
وتضيف نيفين: “أثبتّ زواجي أولاً في المحكمة الشرعية ثم في محكمة الإدارة، ولم يكن أمامي سوى تسجيل الزواج مرّتين لأضمن مستقبل أولادي من جهة، وحتى أستطيع الالتحاق بزوجي من جهةٍ أخرى”.
فوضى قضائية
تعمل المحامية روفند خلف لدى المحاكم السورية الرسمية ومحاكم “الإدارة الذاتية”، وتصف هذا الازدواج الحاصل بأنّه “فوضى قضائية”.
وترى أن “قانون الإدارة أكثر إنصافاً للمرأة على رغم حاجته للتطوير”، لكنّها توضح أنّه “على رغم صونه كيان المرأة واستقلاليتها، لكنّ وجود قانون يخلق ازدواجية قانونية يشكّل عبئاً على النساء”.
وتضيف أن “كل قانون يصدر عن حاجة، ولكن ما مقدار الحاجة التي يغطّيها قانون المرأة؟ لا نعرف، ولكن لا يجوز أن يوضع قانونان في المنطقة ذاتها لمعالجة الموضوع ذاته”، موضحةً أن محاكم المرأة تطبّق قانوناً والمحاكم الرسمية تطبق قانوناً آخر، وهي كلها في منطقة واحدة، ما يولّد فوضى قانونية وعدلية وفوضى قضائية، فالشعب يضيع بين العدالتين.
وترى خلف أن “القضاء ليس دكاناً ليختار الشخص أن يشتري من هنا أو هناك، بل يجب أن ينعم باستقرار في المعاملات القضائية، واستقرار قانوني، ويتمكّن كل شخص من معرفة حقوقه وواجباته. لكن المدنيين في هذه الرقعة (شمال شرقي سوريا) يعيشون فوضى قضائية، لا يعرفون لأي جهة يلجأون، لذلك أصبح كثر منهم مضطرين لطرق باب الجهتين، أو ترك الدعاوى بسبب عدم القدرة على متابعتها”.
تقترح خلف “توحيد القانونين، فيجلس المعنيون في الإدارة والنظام، ويصدروا معاً قانوناً موحداً للمرأة، حينها نستطيع أن نقول إننا وجدنا الدواء لألم المرأة”.
وعن شعورها عند رفع دعويين اثنتين للشخص ذاته في جهتين قضائيتين مختلفتين تقول: “إنه شيء صعب وثقيل، أن ألجأ إلى جهة للتقاضي، وأنا أعلم أنّها ليست نهاية الطريق، بل عليّ أن ألجأ إلى طرف آخر، بعكس ما يحصل في دول العالم كافة”.
وتكمل: “يستصعب محام ضليع بالقوانين القيام بالإجراءات لدى جهتين، فكيف بنساء لا حول لهن ولا قوة ولا يملكن أي خبرة بالإجراءات والمداخل القانونية لدى كل طرف؟”.
منى عبد السلام عضو منظمة “سارا لمناهضة العنف ضد المرأة” تشير إلى أن النساء مجبرات على تنفيذ المعاملات القضائية في محكمتين، وعليهن الخضوع للقانونين ما يزيد معاناتهنَّ.
وقالت عبد السلام: “المرأة في هذه الحالة تتحمل تكاليف قضيتين في محكمتين مختلفتين، ويمكن أن تهدر الوقت وتسوء حالتها النفسية”، موضحةً أن المرأة تدفع الضريبة إذا أرادت أن تكون قضيتها سليمة من كل النواحي.
عوائق قانونية
عام 2015، قرّرت عائلة الفتاة السورية ربى (16 سنة) تزويجها، على رغم أنّها دون السن القانونية، وكانت الأسرة تحاول تخفيف ضغوط الحياة الاقتصادية عن نفسها، ولكن خلال العامين اللذين أعقبا الزواج، كانت الطفلة تتعرّض لضرب وتعنيف مستمرّين من زوجها، من دون علم عائلتها، ووصلت الأمور بزوجها إلى أن رفع في وجهها سلاحاً نارياً.
وخلال سنوات الحرب في سوريا زادت حالات تزويج الفتيات القاصرات، وهو عرف اجتماعي قديم في سوريا، إلّا أن الحرب وما نتج عنها من مشكلات اقتصادية واجتماعية، عوامل فاقمت هذه الظاهرة.
تقول والدتها زينب: “لم نتمكّن من تزويجها في محاكم الإدارة الذاتية، لأن ابنتنا دون السن القانونية، فاضطررنا إلى تزويجها في المحاكم الرسمية السورية حينها”.
بعدما علمت أسرة ربى بما تتعرّض له من تعنيفٍ جسدي ونفسي، قرّرت تطليقها من زوجها، إلّا أن محاولتها باءت بالفشل، بسبب عدم حضور الزوج جلسات المحاكم، ما عرقل حصول الفتاة على قرار الطلاق.
بعدما فقدت العائلة الأمل بتطليق ربى وتحصيل حقوقها من المؤجّل والمعجّل والنفقة، لجأت إلى محاكم “الإدارة الذاتية” ولكن الأخيرة لم تعترف بالزواج لأن الفتاة قاصر من جهة، ولأن واقعة الزواج غير مثبتة لديها.
وتضيف والدة الفتاة: “لجأنا إلى بيت المرأة وهناك استدعوا زوج ربى الذي حضر مرّة واحدة، على أن يقوم بتطليقها بشكلٍ شرعي عند شيخ دين، وأن يعطيها مبلغ مليوني ليرة سورية (نحو 1000 دولار) من دون أن يمنحها مصاغها من الذهب الذي اشتراه لها خلال مرحلة الخطبة.
وعلى رغم هذا الحل الجزئي، إلّا أن الفتاة ما زالت حتّى الآن زوجةً لذاك الشاب في المحاكم السورية، ومطلّقة منه أمام محاكم “الإدارة الذاتية” وأمام المحاكم الشرعية الدينية، في حين ما زالت أسرتها تحاول فعل ما يمكنها لإتمام عملية الطلاق قانونياً”.
انتهاك حقوق المرأة مرّتين
حُرمت الشابة السورية إيمان من تسجيل طفلتها بعد زواجها من رجل متزوّج وهو قريب لها، لتكون زوجته الثانية.
لا يمنع القانون السوري تعدّد الزوجات، ولكن قانون “الإدارة” يحظره، وهو عرف اجتماعي سائد رغم أن المعايير الحقوقية الدولية ومنظمات نسوية عديدة ترفضه وتحاول الغاؤه دون جدوى.
حاولت إيمان إخفاء هذا الزواج عن مؤسّسات “الإدارة الذاتية” الرسمية لشمال شرقي سوريا التي تحظر تعدّد الزوجات، في حين فشلت بتسجيله لدى المحاكم الشرعية في الحكومة السورية في المنطقة، التي تسمح بالتعدّد ولكنّها ترفض تسجيل هذا الزواج، لا لشيء سوى لأن زوج إيمان مطلوب للخدمة الاحتياطية في الجيش السوري، ولا يستطيع مراجعة الدوائر الرسمية خشية توقيفه أو اعتقاله.
تنحدر الشابة من محافظة الرقّة من خلفية عشائرية، وهي موظّفة في إحدى المؤسسات التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، تزوّجت قريبها في نهاية المطاف بعقد زواج “براني” وغير رسمي عند أحد الشيوخ، ووضعت مولودتها بعد أشهر.
عندما علمت “الإدارة الذاتية” بموافقتها على الزواج من رجل متزوّج فصلتها من العمل استناداً إلى المادة 29 من “قانون المرأة” الذي أصدرته الإدارة، والذي ينص على حبس من يقوم بتعدّد الزوجات من عام إلى عامين وتغريمه بمبلغ نصف مليون ليرة، وفصله من العمل إذا كان موظّفاً لديها.
وسط ذلك كله، بقيت طفلة إيمان حتّى الآن بلا تسجيل، وبالتالي بلا وثائق رسمية، ترفض مؤسسات “الإدارة الذاتية” المدنية الاعتراف بواقعة الزواج، في حين لا تستطيع تسجيل الصغيرة في المحاكم المدنية السورية.
تعديلات لا تحل المشكلة
في الخامس من شباط 2019، عُدّلت بعض المواد في قانون الأحوال الشخصية السوري بموجب مرسوم رئاسي نصَّ على تعديل مواد في قانون الأحوال الشخصية الصادر عام 1953، ومنها إتاحة طلب حق التفريق للزوجين عند وجود العلل المانعة، وإمكان أن يُقيّد عقد الزواج بشروطه الخاصّة مع اشتراط ان لا تخالف الشرع الاسلامي ، ومنها ما يخص الزواج الثاني، والسفر، والعصمة، والعمل، ورفض الإقامة مع زوجة ثانية، ولأبناء البنت الحق من الوصية الواجبة مثل أبناء الابن.
ومنعت التعديلات، الولي من أن يزوّج ابنته، إلا بموافقتها الصريحة، حتى بموجب وكالة منها، ورفعت التعديلات سن الزواج إلى 18 سنة، بعدما كان 17، وأصبحت الولاية للزوجة على أبنائها القصر بعد زوجها، وتنتقل الحضانة للأب بعد الأم، ثم لأم الأم، بعدما كانت الحضانة تنتقل مباشرة من الأم إلى أم الأم.
وعدّل المرسوم مصطلح “عقد النكاح” ليصبح “عقد الزواج”، وغيّر كلمة “تحل له” إلى كلمة “يحلان لبعضهما”، وتحولت المخالعة إلى فسخ لعقد الزواج بعدما كانت طلاقاً، فضلاً عن اعتماد البصمة الوراثية DNA في إثبات النسب، إضافة إلى أحكام أخرى تتعلق بالمهر والنفقة والإرث.
ولكن هذه التعديلات رغم أهميتها بقيت قاصرة، ولم تؤدِّ إلى حل مشكلات النساء الناجمة عن الازدواج القانوني في هذه البقعة الجغرافية من سوريا التي لا يزال للنظام السوري وجود فيها، وبقيت معظم المواد القانونية وإجراءات التقاضي، تختلف بين القوانين السورية، و”قانون المرأة” الأمر الذي ترك الكثير من النساء في الجزيرة السورية رهينةً بين قانونين.
*تم إنجاز هذا التحقيق بإشراف “الوحدة السورية للصحافة الاستقصائية – سراج”
درج
————————————-
قادة فاسدون في “قسد” يفتحون معابر مع النظام بدير الزور
جمع بعض قادة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) مبالغ طائلة من خلال الفساد وفتح معابر مع مناطق سيطرة قوات النظام بدير الزور.
وأفاد نشطاء محليون بجمع القيادي في “قسد” تركي الضاري (أبو ليث خشام) نحو 150 ألف دولار من استثمار معابر تهريب نحو مناطق سيطرة قوات النظام في منطقتي “الشحيل” و”ذيبان”، مشيرين إلى شرائه عقارات وكميات من الذهب وعددا من السيارات.
وتقاطعت معلومات النشطاء في تصريحات لـ”زمان الوصل” بأن “الضاري”، وهو قائد اللواء الأول مجلس دير الزور العسكري في “البصيرة”، متورط بعمليات ابتزاز لعناصر سابقين بالجيش الحر من خلال توسطه لإخراجهم من سجون “قسد” مقابل مبالغ معينة.
وأكدوا ضلوعه بسرقة مواد الطحين والسماد والتغطية على عناصره المتغيبين لفترات طويلة طمعا بجزء من الراتب والمخصصات.
وفي منطقة “الكسرة” بالريف الغربي يسير “عبد السلام الجبر” (أبو فهد خشام) قائد لواء “أبو حمزة” بالأمر ذاته مع عناصره (تفييش) إلى جانب الاتفاق مع رئيس قسم المحروقات بمجلس دير الزور لسرقة مادة المازوت من “الأفران والكازيات” حتى جمع 100 ألف دولار تقريبا إلى جانب كميات من الذهب وعقارات بينها مشروعان زراعيان يديرها شخص يدعى “أبو سودة الشلاش”.
ويشارك مسؤول الأرشيف في “لواء أبو حمزة” (نوري الخليل) بسرقة مخصصات الأفران من طحين ومحروقات، ما خلق أزمة في توفر الخبز والمازوت.
كما يعمل الخليل، وهو محقق سابق بالأمن السياسي قبل التحاقه بميليشيات “قسد”، على سرقة رواتب العناصر المفصولين ليجمع قرابة 100 ألف دولار إضافة لامتلاكه منشرة رخام ومحلات سيراميك.
منذ بداية العام الجاري اعتقلت إدارة حزب “الاتحاد الديمقراطي” نحو 20 مسؤولا للتحقيق مع في قضايا فساد في مناطق سيطرة “قسد”.
—————————
==================
تحديث 02 شباط 2021
————————–
النظام السوري وقسد..الفراق المحتوم/ العقيد عبد الجبار العكيدي
ذكرتُ في مقال سابق بعنوان “الطبل في عين عيسى والعرس في مكان آخر” أن قوات سوريا الديمقراطية هددت بطرد النظام من المربعين الأمنيين في كل من الحسكة والقامشلي، في حال إجبارها على الخروج من عين عيسى، وهذا ما يحصل الآن بعد أن فشلت محاولات التوصل إلى تفاهمات بين النظام وقسد برعاية روسية، ورفضت قسد تسليم المدينة للنظام، مكتفية بالموافقة على أن يكون له مربع أمنى على غرار الحسكة والقامشلي.
طرح النظام هو أن تكون المدينة تحت سيطرته مع وجود مقرات لقسد، كما هو الحال في حي الشيخ مقصود في حلب، لكن قسد، ومن خلفها قيادة قنديل، تعتبر أن تواجد قوات النظام في هاتين المدينتين، أقوى أوراق التفاوض والضغط عليه، ليس في مصلحتها.
ونتيجة تخوف قسد من تفاهمات روسية-تركية بإخراجها من المدينة الاستراتيجية الواقعة على الطريق الدولي “إم-4” وتسليمها للنظام، قامت بتطويق المقرات الأمنية في هاتين المدينتين، الحسكة والقامشلي، وفرضت حصاراً عليهما، في فصل جديد من فصول العلاقات المضطربة بين نظام الأسد والميليشيات الانفصالية.
الصراع الناعم بين الطرفين بدأ يتطور باتجاه مواقف أكثر خشونة، في مؤشر واضح على أن هناك معطيات دولية جديدة جعلت قسد تكسر عصا الطاعة والأخذ نحو التصعيد شيئاً فشيئاً، والضغط على النظام وقلب الطاولة وخلط الأوراق من خلال هذه العملية، رافضة الوساطة الروسية التي طالبت الطرفين بإنهاء مظاهر التوتر، وإطلاق سراح المعتقلين من الجانبين.
قبل تحليل أسباب الأزمة وأبعادها والسيناريوهات المتوقعة، لا بد أولاً من قراءة خارطة الصراع وتوزع مناطق النفوذ في مدينتي الحسكة والقامشلي.
محافظة الحسكة ذات الغالبية العربية مقسمة إلى أربع مناطق نفوذ:
الأولى: مركز المدينة ويقع تحت سيطرة النظام ويحوي (قصر المحافظة -القصر العدلي -المقرات الأمنية واغلب دوائر الدولة).
الثانية: حي المساكن القريب من مركز المدينة، ويُعتبر منطقة تماس ومتداخل بين سيطرة ما يسمى ب”مجموعة المقنعين”، وهم عبارة عن مرتزقة وشبيحة تابعين لميليشيا الدفاع الوطني الموالية للنظام، بالإضافة لتواجد قوات الأسايش (أمن قسد).
الثالثة: جبل كوكب الواقع شمال شرق المدينة، حيث يتواجد الفوج 153 قوات خاصة (جيش النظام).
الرابعة: باقي أحياء ومداخل المدينة، وتقع جميعها تحت سيطرة قوات حماية الشعب الكردية والأسايش.
أما مدينة القامشلي فمناطق سيطرة قوات النظام وحلفائه تنحصر في مركز المدينة، حيث المجمع الحكومي الذي يضم المحاكم ومديرية المنطقة والسجل المدني وباقي الدوائر الخدمية، وإلى الشمال منه، بالقرب من الحدود مع تركيا، يوجد المربع الأمني الذي يضم فروع أمن الدولة والأمن العسكري والأمن السياسي والمصرف التجاري.
إلى الجنوب الغربي يوجد المطار المدني الذي حوله الروس والنظام إلى قاعدة عسكرية يوجد في داخلها فرع المخابرات الجوية، وإلى الشرق منه بحوالي 200 متر توجد قاعدة روسية في منطقة الفيلات.
ولجهة الشرق من المطار، وعلى بعد 2 كم في قرية طرطب، يتواجد الفوج 154 قوات خاصة أيضاً.
أما في الحي الجنوبي من المدينة أو ما يسمى “حي طي” (نسبة الى قبيلة طي العربية) فالسيطرة لميليشيا الدفاع الوطني التابعة للنظام.
خطوط التماس هذه التي رُسمت منذ العام 2012 عندما انسحب النظام من أغلب تلك المناطق لصالح حليفه حزب الاتحاد الديمقراطي، تاركاً له المقرات والآليات والسلاح والعتاد لوضعه في مواجه الثورة والثوار من عرب وكرد، قلصت سيطرة قوات النظام في هذه المنطقة بحيث لا تتجاوز 10 في المئة.
ولفهم ما يجري اليوم يجب استعراض السيناريوهات المتوقعة لما يمكن أن يحصل في هذه المنطقة الهامة بالنسبة للجميع، إذ لا يمكن الجزم بما يريده كل طرف في هذه المرحلة، لكن يمكن تحديد تطلعاتهما بما يلي:
القطيعة الكاملة: السيناريو المحتمل الأول أن المتغيرات التي طرأت على مواقف قسد تعبر عن تغير حقيقي استراتيجي متعلق بالإدارة الأميركية الجديدة ووصول بريت ماكغورك الى مجلس الأمن القومي، والذي يُعتبر من أشد المتحمسين لدعم وتسليح القوى الكردية، ما شكّل لديها شعوراً متنامياً بالقوة بحيث أصبحت ترى في العلاقة مع النظام عبئاً عليها، وبالتالي يجب إخراجه نهائياً من المنطقة والانتقال إلى علاقة صفرية تنهي كل أشكال التعاون بينهما.
تحسين شروط: الثاني أن العملية لا تعدو كونها تكتيك، من أجل ممارسة ضغوط على النظام لدفعه لدعم القوات الكردية في عين عيسى، وتخفيف الضغوط على عناصرها في حي الشيخ مقصود في حلب ومخيم الشهباء في مدينة تل رفعت، وهذا ما تراه الأطراف الكردية المناوئة لقسد والنظام، التي تعتبر أن ما يجري عبارة عن بازار وصفقات متبادلة لا أكثر، باستخدام سياسة شد الأيادي وليس كسر العظم، للحصول على بعض الامتيازات باستخدام المدنيين كورقة ضغط ورهائن في صراعهما على النفوذ والسيطرة، وهذه المعارك الجانبية عبارة عن مسرحية لتحسين شروط التفاوض، وقسد المعروفة ببراغماتيتها لا يمكن أن تقطع شعرة معاوية مع النظام وتغلق خطوطها المفتوحة معه.
القطيعة التدريجية: السيناريو الثالث يعتمد على أن مسار الأحداث يضعنا أمام تحول حقيقي في العلاقة بين قسد والنظام، تحول سيتبعه تحولات أخرى قد تنهي التعامل بين الطرفين ووقف كل أشكال التعاون، وحصول قطيعة تامة بين الطرفين، وهذا مرتبط بالضغط الأميركي لإبعاد قسد عن خط قنديل المرتبط بإيران والنظام، والدفع بعجلة الحوار الكردي-الكردي، لتشكيل جسم موحد ينخرط مع أجسام المعارضة السورية في عملية التسوية السياسية الشاملة.
الانسحاب: الرابع يقوم على أن النظام الذي رفض مساندة قسد في عين عيسى، ومن قبل في عفرين وتل أبيض ورأس العين، في عمليتي غصن الزيتون ونبع السلام، وتركها تواجه مصيرها وقدرها رغم التعاون الكامل بينهما سابقاً في ضرب فصائل الجيش الحر وحواضن الثورة في عموم سوريا، لن يتخلى عن المنطقة بسهولة، رغم أن الغلبة العسكرية ستكون لقسد إذا ما وقعت المواجهة، فالمربعات الأمنية ليس لها أهمية بالمعنى العسكري، وهي عبارة عن جزر محاطة بالقوى الكردية، إلا إذا تدخل الروس ووقف الأميركيون على الحياد وهذا لن يحصل في الغالب.
ضربة استباقية: الخامس أن قادة حزب العمال الكردستاني الذين تدربوا في معسكرات حافظ الأسد وتخرجوا من مدرسته اللينينية الشوفينية، هم على دراية تامة بعقلية النظام القائمة على الغدر بالشركاء والانقضاض عليهم متى سنحت له الفرصة، وعدم قبوله الشراكة مع أحد.
ولعلمهم أن وجهته القادمة ستكون القامشلي والحسكة، لرد الاعتبار والانتقام منهم واستعادة مناطق تضم جلّ ثروات سورية المائية والنفطية والزراعية للتخفيف من أزمته الاقتصادية الخانقة، وذلك بعد أن ضمنت له اتفاقيات سوتشي وتفاهمات أستانة تثبيت وقف إطلاق النار ورسم خطوط التماس وجبهات باردة مع فصائل الثوار في إدلب وأرياف حلب وحماة والساحل، لذلك رأت قيادة قسد أن هذه العملية الاستباقية ضرورية، على مبدأ الهجوم خير وسيلة للدفاع.
تدرك قسد خطورة ما تقوم به روسيا عليها، من خلال تكثيف اجتماعاتها مع زعماء العشائر العربية في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، لتحريضهم ضد تواجد عناصر وقيادات الوحدات الكردية وحضّ أبنائهم على حمل السلاح والانخراط في العمل العسكري للدفاع عن وجودهم في وجه التمدد الكردي، عازفة على الوتر العشائري والقومي في سباق مع الزمن خشية ارتماء القوات الكردية في الحضن الأميركي بشكل كامل، ولذلك باتت ترى أنه من الضروري إخراج قوات دمشق وموسكو بشكل كامل، وإن كان تدريجياً وبوسائل ضغط غير مباشر، من شمال شرق سوريا، لكن هذا يتوقف على تطورات الموقف الأميركي بالتأكيد.
احتمالات وإن تعددت لمآلات الصراع بين حزب الاتحاد الديمقراطي والنظام في الحسكة والقامشلي، لكنها جميعاً تصب في نقطة تجمع واحدة لا يمكن للطرفين تجنبها في النهاية، وهي الحسم وفض الشراكة، سواء بالقوة أو بالتوافق.
المدن
—————————-
الأسد مُحاصراً في الحسكة!/ قاسم البصري
قبلَ أكثر من عشرين يوماً، فوجِئَ سكان محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا بشروع القوات العسكرية التابعة للإدارة الذاتية في وضع عددٍ كبيرٍ من الحواجز الإسمنتية، وذلك على جميع الطرق المؤدية إلى مناطق سيطرة النظام في مدينتي الحسكة والقامشلي (المعروفة محلياً بالمربعات الأمنية)، حيث ما تزال قوات النظام ومؤسساته موجودة. من جهتها، لم تتخذ قوات النظام، التي تسيطر على مساحاتٍ صغيرة، أية إجراءاتٍ مشابهة، واكتفت بمراقبة المشهد. منذ ذلك الوقت، وتدريجياً، منعت حواجز الإدارة الذاتية عبور جميع الآليات إلى مناطق سيطرة النظام.
اليوم، لا يمكن الحديث عن حصارٍ كاملٍ للمنطقة، إذ ما زال بوسع المدنيين شراء حاجياتهم من مناطق سيطرة الإدارة الذاتية ونقلها سيراً على الأقدام نحو بيوتهم الواقعة في المربع الذي تسيطر عليه قوات النظام، كما باتت المحلات التجارية تستأجر عرباتٍ تنقل البضائع نحو آخر حاجزٍ لوحدات الحماية، ومن ثمّ يتم إفراغ حمولتها في عرباتٍ أخرى عند حاجز النظام السوري. وكانت أكثر المواد المُتأثرة بالمنع هي المحروقات والمياه والطحين، فقد مُنعت صهاريج المحروقات التي تمرّ حتماً من المناطق الخاضعة لسيطرة وحدات الحماية من الدخول، وكذا بالنسبة لشاحنات الطحين. وشمل المنع أيضاً سيارات الصليب الأحمر التي كانت تنقل المياه إلى مناطق سيطرة النظام، وذلك في ظلّ أزمة مياهٍ تعيشها المنطقة منذ شهور، كانت قد تراجعت حدتها في الأيام الأخيرة، لتصل المياه إلى البيوت مرةً كل 5 أيام، وهو ما خفّف من الأزمة التي كان هذا المنع سيتسبّب بها، غير أنّ وضع المياه ليس مستقراً على نحوٍ يجنّب سكان المربع الأمني احتمالية العطش خلال الأيام القادمة.
أسباب التوتر
اختلفت الروايات في الأسباب التي دفعت إلى هذا التوتر، ففي حين تربط التصريحات الصادرة عن قسد والإدارة التابعة لها حصار مناطق سيطرة النظام في الحسكة، بالتضييق الذي تمارسه الفرقة الرابعة على وصول المواد الغذائية وحركة الأفراد باتجاه منطقة الشيخ مقصود في حلب، فإنّ مصادر محلية في محافظة الحسكة قالت للجمهورية إن الأسباب متداخلة أكثر من ذلك، وبعضها مرتبطٌ بالتحركات الأميركية الروسية التركية في أكثر من منطقة تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، لا سيما في تل تمر وعين عيسى. يضاف إلى ذلك، بحسب مصادر كردية، امتعاض المسؤولين في الإدارات الذاتية من سلوك عناصر الدفاع الوطني التابع للنظام في المحافظة، حيث قال علي الحسن، الناطق الرسمي باسم قوات الأمن التابعة للإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، إن «تدهور الأوضاع الأمنية وتصعيد حالة التوتر كان بسبب استمرار قوات الدفاع الوطني باستكمال مشروع زرع الفتنة بين مكونات الشعب».
إلى ذلك، توقف الفرن الآلي في حي المساكن بمدينة الحسكة، وهو أكبر أفران المدينة، بشكلٍ مؤقت، عن إنتاج الخبز بسبب انقطاع الطحين، قبل أن تسمح قسد بعبور شحنةٍ واحدة يوم الخميس الفائت، كما أنّ جميع «مولدات الأمبيرات» المعتمدة على الديزل قد توقفت عن العمل نتيجة عدم دخول المحروقات، ما جعل مناطق سيطرة النظام خالية من الكهرباء بشكلٍ شبه كلي.
وقفات احتجاجية برعاية الأفرع الأمنية
تطورّت الأحداث يوم الأربعاء الماضي، ففي السابع والعشرين من كانون الثاني (يناير)، نظّمت مؤسسات النظام وأفرعه الأمنية اعتصاماً في المناطق التي يسيطر عليها في الحسكة، وكانت نقطة التجمع في «ساحة الرئيس» وسط المدينة، شارك فيه عددٌ يتراوح بين ثلاثمئة وأربعمئة شخص، طالبوا بفك الحصار وفتح الطرقات. ويقول مصدرٌ من مدينة الحسكة، رفض الإفصاح عن اسمه، «إنّ الهدف كان تصوير هذه التحركات الاحتجاجية للضغط على الإدارة الذاتية شعبياً وإعلامياً». بينما يُجمِع الذين تحدّثنا إليهم في الحسكة على أنّ الاعتصام كان مدبّراً من الأفرع الأمنية ومن فرع حزب البعث في المدينة.
وفي هذه الوقفة، توجّه المشاركون من ساحة الرئيس باتجاه حاجز الهجانة التابع للنظام قريباً من صيدلية الحياة، وهو نقطة تماسٍ بين الجانبين، ورشق المشاركون حاجز الإدارة الذاتية بالحجارة ورددوا بعض الشعارات التي تفيد بوقوعهم ضحايا الجوع والعطش والبرد نتيجة منع قسد لدخول المواد الأولية، وأشاروا إلى «عمالة قوات سوريا الديمقراطية واستقوائها بالاحتلال الأميركي». من جهتها، ردّت قوات الأسايش بالرصاص، غير أنّ الطلقات كانت تحذيريةً ولم تُسفر عن مصابين أو قتلى. ومن اللافت، في مقطع الفيديو الذي انتشر على نحوٍ واسع ذلك اليوم، وجود ضباط وعناصر من مختلف الأفرع الأمنية وميليشيات الدفاع الوطني وما يعرف بأنصار الأفرع الأمنية (أنصار الأمن العسكري، أنصار الأمن السياسي،..) في الوقفة الاحتجاجية، وكانوا يهربون بأسلحتهم مع المدنيين، ذلك أنّ توجيهاتٍ صدرت «بعدم الرد على مصادر النيران حتى في حال وقوع ضحايا»، بحسب ما قاله أحد العناصر الأمنية للمشاركين في الوقفة الاحتجاجية.
في اليوم ذاته، فرضت قوات وحدات حماية الشعب حظراً للتجوال عند السادسة والنصف صباحاً، بهدف منع مشاركة أنصار النظام القاطنين في مناطق سيطرتها، وقد يكون ذلك من بين الأسباب التي قلّلت، بحسب مصادر محلية، من أعداد المعتصمين، نظراً إلى أن قوات سوريا الديمقراطية تسيطر على المساحات الأوسع من المدينة.
تكرّرَ مشهد الاحتجاج يوم الأحد الفائت، إذ حاول المشاركون التوجه مجدداً إلى نقطة التماس نفسها، القريبة من شارع فلسطين وسط المدنية، إلا أنّ وحدات الحماية أطلقت النار بشكلٍ مباشر، مما أدى إلى مقتل شرطيٍّ تابعٍ لوزارة داخلية النظام وإصابة أربعة مدنيين بجروح. من جانبها، لم تعمد قوات النظام إلى أي شكلٍ من أشكال التصعيد العسكري في مكان الحادثة، واكتفت بإرسال رسائل غير مباشرة لقوات سوريا الديمقراطية عبر تحريك آلياتٍ عسكرية وقوات من الجيش وسلاح الطيران بطريقةٍ توحي بأنها مستعدة للتدخل.
رغم الحديث عن ذلك، فإنّ التطورات الجارية حالياً لا توحي بأنّ قسد ستُقدِمُ على تنفيذ تهديداتها بطرد قوات النظام من المناطق التي تدير شؤونها في الحسكة والقامشلي، فمن مصلحتها بقاء هذه السيطرة المحدودة والمضبوطة بشكلٍ محكم، لا سيما أنها تتيح استمرار عمل المدارس والجامعات والدوائر الحكومية التي سيؤدي إغلاقها إلى اضطرار السكان المحليين للتوجه إلى محافظاتٍ أخرى من أجل الحصول على مستنداتٍ ضرورية أو لاستكمال التعليم والتقدّم للامتحانات، تماماً كما هي الحال في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية في الشمال الغربي من البلاد.
وعلى خلفية المشهد في الحسكة، أجبرت قوات النظام في مدينة دير الزور الموظفين الحكوميين والطلاب من مختلف المراحل على الخروج في وقفةٍ احتجاجية للمطالبة بـ«رفع الحصار» عن المناطق التي يسيطر عليها في القامشلي والحسكة.
تتزامن هذه التوترات بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات النظام مع وصول إدارة جديدة إلى الحكم في الولايات المتحدة، ومعها يمكن لقسد ولنظام الأسد اختبار السياسات الجديدة لواشنطن حيال شمال شرق سوريا، وخاصة مع تعيين بريت ماكغورك منسقاً أميركياً في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو معروف بدعمه لقسد. وقد تكون هذه التوترات، فضلاً عن التحركات العسكرية المباشرة في عين عيسى وتل تمر، مناسبةً لكلٍّ من روسيا وتركيا أيضاً لاختبار النيّات الأميركية في المنطقة.
موقع الجمهورية
—————————
“قسد” تبدأ فك الحصار عن النظام السوري في الحسكة/ جلال بكور وسلام حسن
بدأت مليشيات “قسد” بعد ظهر اليوم الثلاثاء، بفك الحصار المفروض على مناطق النظام السوري في مدينتي القامشلي والحسكة شمال شرقي سورية بعد التوصل إلى اتفاق يقضي بفك الحصار المتبادل من الطرفين.
وقالت مصادر لـ”العربي الجديد” إن “قسد” بدأت بإزالة الحواجز من الطرقات المؤدية إلى المربع الأمني في مدينة القامشلي والمربع الأمني في مدينة الحسكة، حيث بدأت حركة المارة بالعودة إلى حالها الطبيعي كما كانت قبل فرض الحصار على المنطقتين.
وذكرت المصادر أن “قسد” سمحت للمدنيين والموظفين بالعبور، وعادت حركة دخول المواد التموينية والغذائية إلى الأحياء الواقعة ضمن سيطرة النظام، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق يقضي بفك الحصار المتبادل بين “قسد” والنظام في كل من الحسكة وحلب.
وقالت مصادر أيضاً إن “قسد” أفرجت عن عدد من عناصر النظام في مدينة القامشلي كانت قد اعتقلتهم في وقت سابق خلال التوتر بين الطرفين.
ومن المفترض بحسب المصادر، أن يقوم النظام السوري اليوم بفك حصاره عن منطقة تل رفعت في ريف حلب وعن أحياء الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، والتي تخضع لسيطرة “قسد”.
وكان مصدر خاص مقرب من “قسد” قد قال في حديث مع “العربي الجديد” إن النظام توصل إلى اتفاق غير معلن مع “قسد”، ينصّ على أن يبدأ الطرفان اليوم الثلاثاء أو غداً الأربعاء بفك الحصار المفروض في القامشلي والحسكة وحلب من كلا الجانبين.
وجاءت تلك التطورات مع انتشار أنباء غير مؤكدة تتحدث عن وصول قوات داعمة للنظام إلى مطار القامشلي، هدفها دعم النظام في معركة محتملة مع مليشيات “قسد” في حال فشل المفاوضات بين الطرفين، والتي ترعاها روسيا.
وقالت مصادر “العربي الجديد”، إنّ النظام ومواليه نشروا في القامشلي أنباء وإشاعات بأنّ النظام استقدم مقاتلين من مرتزقة “فاغنر” الروسية، وبدأ أيضاً بتشكيل مليشيات جديدة في الحسكة تحت مسمى “قوات تحرير الجزيرة”، بهدف محاربة “قوات سورية الديمقراطية”.
وأضافت المصادر أنّ نشر تلك الأنباء يجري بالتنسيق بين النظام وبعض الشيوخ المؤيدين له بالمنطقة.
وكانت روسيا قد عززت، في وقت سابق، قواتها في مطار القامشلي، وتلك القوات وسعت من حجم القاعدة الروسية في المطار، فضلاً عن أنّ القاعدة الروسية كانت المستضيف الأبرز لجولات التفاوض بين “قسد” والنظام في المنطقة.
وتقول المصادر إنّ الطرفين في الوقت الحالي لا يمكنهما الدخول في معركة عسكرية، كون النظام يعتمد بشكل كبير على إمدادات النفط القادمة من مناطق “قسد”، في حين أنّ مناطق “قسد” تتلقى المقابل المالي من مناطق النظام. كما أن النظام يخشى مواجهة الرد الأميركي، حيث تعد واشنطن “قسد” حليفة لها.
وتضم “قسد” في صفوفها مليشيات من مختلف القوميات في المنطقة، وتتحكم في قرارها مليشيا “وحدات حماية الشعب” الكردية الجناح العسكري لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي”، المصنف من قبل تركيا منظمة “إرهابية”.
ورغم العقوبات الأميركية المفروضة على النظام السوري، إلا أنّ “قسد” تعد مزوداً رئيسياً للنظام بالنفط، كما أنّ مساحات واسعة من أراضي السلة الغذائية في شمال وشرق سورية تخضع لسيطرة “قسد”، وخاصة تلك التي تزرع بمحصول القمح.
وشهدت العلاقة بين الطرفين، خلال السنوات الماضية، حالات من التوتر والهدوء ومفاوضات حول إدخال “قسد” ضمن جيش النظام، ومنحها الحكم الذاتي في شمال شرقي سورية، إلا أن تلك المفاوضات لم تأتِ بجديد.
القوات التركية في سورية-سياسة-عمر حاج قدور/فرانس برس
إلى ذلك، سيّرت القوات الروسية دورية مع قوات النظام السوري في مناطق سيطرة “قسد” بناحية عين عيسى شمال غربي محافظة الرقة، وجالت الدورية بحسب مصادر “العربي الجديد” في عدة قرى على الطريق الدولي حلب الحسكة.
وكانت القوات الروسية قد سيّرت الأسبوع الجاري دورية مشتركة مع القوات التركية في مناطق سيطرة “قسد” أيضاً بناحية عين العرب في ريف حلب الشمالي الشرقي المتاخم لريف الرقة الشمالي الغربي.
وفي ريف دير الزور، قالت مصادر لـ”العربي الجديد” إن قوات التحالف الدولي اعتقلت شخصاً بعد تنفيذ إنزال جوي فوق منزله الكائن في بلدة الطيانة، فيما لم تعرف الأسباب وراء الاعتقال، مرجحة وجود معلومات لدى التحالف عن انتماء الشخص لتنظيم “داعش”.
وكان التحالف الدولي قد نفذ أمس وأول أمس عمليتي إنزال في بلدة الباغوز وبلدة البصيرة في ريف دير الزور الشرقي أيضاً، واعتقل خلالها مجموعة من الأشخاص بتهمة الانتساب لتنظيم “داعش”.
العربي الجديد
————————–
سوريا: القوات الكردية تواصل حصارها لقوات النظام في الحسكة والقامشلي/ هبة محمد
دمشق ـ “القدس العربي” ووكالات: تواصل أمس التصعيد والتوتر بين “الإدارة الذاتية” الكردية وقوات النظام السوري شمال شرقي البلاد، وخصوصاً في مدينتي الحسكة والقامشلي، حيث تحاصر قوات سوريا الديمقراطية “قسد” منذ أكثر من 20 يوماً قوات النظام في نقاط عدة في المدينتين، في وقتٍ وجدت “قسد” نفسها بين خيارين أحلاهما مر، إما مواجهة النظام مع احتمال هجوم وشيك للجيش الوطني مدعوماً بالقوات التركية، أو الانسحاب تماما لمصلحة النظام السوري.
ويتهم النظام السوري الميليشيات الكردية بفرض حصار خانق على مواقع سيطرته في الحسكة والقامشلي، وقطع الكهرباء ومنع دخول الآليات والمواد التموينية والغذائية إليها، فيما تفرض “قسد” شروطاً عدة لفك هذا الحصار، على رأسها فك حصار قوات النظام عن مناطق سيطرتها في مدينة حلب، في حي الشيخ مقصود والأشرفية، وعن مدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، حيث يمنع النظام دخول المواد الغذائية والمحروقات والأدوية، كما تفرض حواجزه الضرائب والإتاوات على السيارات التي تحمل مواد غذائية ويسمح لها بالدخول، ما يرفع سعر هذه المواد في المناطق المحاصرة.
الوكالة الرسمية الناطقة باسم النظام السوري “سانا” تحدثت في تقارير لها عن توقف مخابز مدينة الحسكة نتيجة الحصار الذي تفرضه ميليشيات قسد “على مركز مدينة الحسكة وحيّين سكنيين في مدينة القامشلي، ومنعها دخول الطحين والوقود، ما يحرم نحو 100 ألف مدني من الخبز، إضافة إلى منع دخول المواد الغذائية وصهاريج المياه منذ 17 يوماً متواصلة، وفق الوكالة.
ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فإن “الأسايش” عمدت إلى إغلاق بعض الطرقات الفرعية المؤدية الى حي طي الخاضع لسيطرة النظام جنوب مدينة القامشلي، بالإضافة إلى إغلاقها للطريق الرئيسي الواصل بين الحي وشارع الكورنيش الحيوي، مع إبقائها على بعض الطرقات الفرعية الواصلة بين الأحياء الخاضعة لسيطرتها وأحياء النظام أمام حركة المدنيين فقط.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان وثّق يوم أمس مقتل شرطي من المهام الخاصة التابعة للنظام جراء عملية إطلاق نار استهدفت وقفة احتجاجية لموالين للنظام السوري في مدينة الحسكة.
ودعماً لموقف النظام أرسلت روسيا تعزيزات عسكرية إضافية إلى مدينة القامشلي شمالي شرقي سوريا، فيما وصل نحو 150 من مقاتلي “حزب الله” اللبناني، على خلفية التوتر مع “قسد”.
وذكرت مصادر محلية لمراسل الأناضول، أن 250 جندياً روسياً وصلوا خلال الأيام العشرة الماضية إلى مطار “القامشلي” الدولي. وأوضحت المصادر أن نحو 150 عنصرا من “حزب الله” اللبناني وصلوا المطار الجمعة، وتمركزوا في مقر لقوات الدفاع الوطني التابعة للنظام قرب المطار.
وفي السياق، ووفق مراسل الأناضول، بدأت قوات النظام السوري بتدريب عناصر الدفاع الوطني في المدينة على الأسلحة الثقيلة، تحسباً لأي اشتباكات مع منظمة “ي ب ك” المصنفة إرهابية في تركيا.
القدس العربي”
———————–
النظام السوري عاجز أمام “قسد” في الحسكة/ أمين العاصي
لم تنجح “وقفات احتجاجية” رتّب لها النظام السوري، أمس الأحد، في محافظة الحسكة، في أقصى الشمال الشرقي، في ثني قوى الأمن الداخلي (الأسايش) التابعة لـ”الإدارة الذاتية” الكردية عن مواصلة حصار مربعين أمنيين وأحياء لا يزال النظام مسيطراً عليها في المحافظة الأكثر أهمية في سورية اقتصادياً.
وأوضحت مصادر محلية، لـ”العربي الجديد”، أن التحالف الدولي سير، اليوم الإثنين، دورية عسكرية في حي غويران داخل مدينة الحسكة، مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، تزامناً مع تحليق مكثّف للطيران في سماء المنطقة، بعد أحداث أمس الأحد.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الهدوء الحذر يخيم على مدينتي الحسكة والقامشلي.
وبرز اليوم، الإثنين، تطور ربما يرخي بظلاله على المشهد، حيث حاصرت “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، فوج طرطب العسكري التابع للنظام في القامشلي.
وحاول النظام السوري، أمس الأحد، تجييش الشارع الموالي له في محافظة الحسكة ضد الإدارة الذاتية الكردية، من خلال دفعه لـ”وقفات احتجاجية” تخللتها أعمال عنف أدت إلى مقتل مدني وإصابة آخرين، بسبب تبادل إطلاق نار بين مليشيات “الدفاع الوطني” التابعة للنظام وقوات “الأسايش”.
ونقلت وسائل إعلام تتبع للجانب الكردي عن مسؤول في الإدارة الذاتية اتهامه لمحافظ الحسكة التابع للنظام غسان الخليل بمحاولة “خلق فتنة بين العرب والكرد” في المحافظة، التي تضم عرباً وكرداً وآشوريين.
وكان الخليل قد اجتمع، أول من أمس السبت، مع شيوخ ووجهاء العشائر والقبائل العربية في محافظة الحسكة لحشد موقف مضاد للجانب الكردي.
وترفض قوات “الأسايش” فك الحصار المضروب منذ أكثر من 20 يوماً على مربعين أمنيين يسيطر عليهما النظام في مدينتي القامشلي والحسكة، والتضييق على حيي طي وحلكو في القامشلي، قبل أن يقدم النظام على فك الحصار عن مناطق وأحياء تحت سيطرة قوات “سورية الديمقراطية” داخل مدينة حلب وريفها الشمالي.
خلط الأوراق
ودلّت الأحداث في محافظة الحسكة على أن النظام عاجز أمام قوات “قسد”، التي تتلقى الدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، ما حدا به إلى اللجوء للشارع في محاولة أخيرة لإثبات وجوده في الشمال الشرقي من سورية، من خلال خلط الأوراق والتلويح باقتتال أهلي على أرضية قومية.
وفي السياق، يعتقد نائب رابطة الكرد المستقلين رديف مصطفى، في حديث مع “العربي الجديد”، أن النظام “يدفع باتجاه خلق فتنة بين العرب والكرد في محافظة الحسكة”، غير أنه يؤكد أن النظام “لن ينجح في ذلك”.
ويوضح أن “كلا الطرفين (النظام وقسد) تربطهما علاقات اقتصادية قوية، فضلاً عن أن الوجود الأميركي في شمال شرقي سورية، يشكل مانعاً لأي اقتتال أهلي، كما أنه ليس من مصلحة الروس بلوغ الأمر هذا الحد”، معرباً عن اعتقاده بأن “ما يجري هو نوع من رسائل الضغط من الطرفين يُستخدم المدنيون فيها كأدوات”.
وتنبع أهمية محافظة الحسكة لجميع أطراف الصراع من كونها سلة الغذاء الأهم في سورية، فغالبية المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، مثل القطن والقمح والشعير والعدس وسواها، تزرع في هذه المنطقة التي يمر في وسطها نهر الخابور.
ولا تتوقف ثروات محافظة الحسكة عند هذا الحد، فهي تضم عدة حقول للنفط، كانت تنتج أغلب حاجات البلاد، وأبرزها حقل الجبسة في ريف منطقة الشدادي في ريف الحسكة الجنوبي، والذي يمتد حتى منطقة الهول في الريف الشرقي. كما أن هناك حقول رميلان الشهيرة في ريف مدينة القامشلي، التي تضم نحو 1322 بئراً، بالإضافة إلى معمل للغاز كان ينتج نسبة كبيرة من حاجات سورية من المادة قبل الثورة في العام 2011.
ويوجد أيضاً نحو 25 بئراً من الغاز في حقول السويدية بالقرب من رميلان، والذي يعد من أكبر الحقول في سورية. ورغم وجود عدد كبير من أكراد سورية في محافظة الحسكة، إلا أن العرب يشكلون غالبية سكانها، مع وجود أقلية من السريان ينتشرون في مناطق عدة في ريف المحافظة، أبرزها تل تمر.
———————————
أزمة الحسكة والقامشلي..ترهيب وترغيب روسي
نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن مصادر خاصة أن اتفاقاً مبدئيا تم التوصل إليه بمساعٍ روسية، ويقضي بفك ما وصفته ب”الحصار الذي يضربه مسلحون موالون للجيش الأميركي” حول مدينتي القامشلي والحسكة، أقصى شمال شرقي سوريا. يأتي ذلك فيما تحدثت مصادر محلية عن استقدام روسيا مجموعة من مرتزقة “فاغنر” إلى المنطقة.
وقالت مصادر “سبوتنك” إن اجتماعات مكثفة عُقدت في مدينة القامشلي خلال الساعات الماضية بين الجانب الروسي وقياديين في قسد، وتم خلالها التوصل إلى اتفاق مبدئي لفك الحصار عن الأحياء المحاصرة في المدينتين. وتوقعت المصادر أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ خلال الساعات ال48 القادمة.
وتشهد مناطق التماس بين الطرفين عموماً، حالة من الهدوء والترقب في ظل استمرار قسد بمنع الموظفين التابعين للنظام وعناصره من التحرك والتوجه إلى المربع الأمني أو الخروج منه في القامشلي والحسكة. في المقابل، يواصل النظام السوري منع دخول المواد الغذائية والتموينية وغيرها من المستلزمات إلى مناطق قسد في تل رفعت وشمال شرقي مدينة حلب.
من جهته، نقل موقع “تلفزيون سوريا” عن مصادر مطلعة أن وحدات من ميليشيا “فاغنر” الروسية وصلت عبر طائرة شحن روسية، إلى مطار القامشلي في محافظة الحسكة ضمن تعزيزات لقوات النظام والقوات الروسية في المنطقة.
وأفادت المصادر بأن عناصر من جنسيات أجنبية تابعين لمرتزقة “فاغنر” وصلوا بطائرة “ال-
يوشن” روسية قادمة من مطار حميميم، إلى مطار القامشلي في أول تعزيزات من نوعها خلال عام.
وأضافت المصادر أن 75 عنصراً هو قوام المرتزقة الذين وصلوا إلى المطار، دون معرفة الغاية من استقدامهم، في ظل التوتر الذي تشهده المنطقة بين قوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية.
وكانت روسيا قد عززت، في وقت سابق، من قواتها في مطار القامشلي، التي وسّعت من حجم القاعدة الروسية في المطار، فضلاً عن أنّ القاعدة الروسية كانت المستضيف الأبرز لجولات التفاوض بين قسد والنظام في المنطقة.
—————————–
الإدارة الذاتية ودمشق تتقفان على فك الحصار الحكومي عن حلب وريفها الشمالي
قالت ثلاثة مصادر مطلعة لنورث برس، الثلاثاء، إن الإدارة الذاتية وحكومة دمشق، توصلتا لاتفاق حيال التوتر بين الطرفين في منطقتي حلب وحسكة، وفك الحصار الحكومي عن حلب وريفها الشمالي برعاية روسية.
ومنذ نحو شهرين تمنع الحواجز الأمنية التابعة لحكومة دمشق بالقرب من مدينة منبج، شمالي سوريا، وصول المحروقات والمواد التموينية إلى حلب وريفها الشمالي.
في المقابل فرضت قوات الأسايش منذ أكثر من أسبوعين حصاراً جزئياً في محيط منطقة المربع الأمني بمدينة حسكة. والأحد الفائت شهدت المدينة تبادلاً لإطلاق نار لقي عنصر من القوات الحكومية مصرعه وجرح ثلاثة آخرون.
وقال مصدر مسؤول في الإدارة الذاتية إن القوات الحكومية “تعهدت بفك الحصار” عن مناطق الشهباء بريف حلب الشمالي.
وأضاف أن القوات الروسية العاملة في المنطقة “ستراقب تنفيذ بنود التفاهم.”
وبموجب التفاهم الجديد “ستسمح القوات الحكومية بدخول المساعدات الإنسانية والطبية” بحسب المصدر.
وقالت شيراز حمو، الرئيسة المشاركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية بـ”إقليم عفرين”، في اتصال هاتفي لنورث برس، إنهم تلقوا وعوداً من الجانب الحكومي بالسماح لعبور المواد إلا أنهم لم يتلقوا شيئاً حتى الآن.
وقال مصدر مسؤول آخر من الإدارة الذاتية إن المواد التي تمنع حكومة دمشق دخولها مخصصة إلى ” كافة الشعب السوري في حلب، لكن الحكومة تفرض حصاراً خانقاً وتمنعها عنهم.”
وقال مصدر حكومي لنورث برس إن الاتفاق تم بالفعل على مبدأ “حلب مقابل حسكة.”
إعداد: هوشنك حسن – تحرير: عكيد مشمش
نورث برس
———————-
====================
تحديث 03 شباط 2021
———————-
روسيا ترعى تسوية بين النظام و«الإدارة الذاتية» حول القامشلي والحسكة وحلب
تضمنت تخفيف إجراءات الحصار… وترقب بيان درزي رسمي في السويداء
القامشلي: كمال شيخو إدلب: فراس كرم درعا: رياض الزين
أفادت «المرصد السوري لحقوق الإنسان» وشهود عيان في حلب والحسكة والقامشلي بتبادل قوات النظام و«الإدارة الذاتية» إجراءات لتخفيف الحصار على مناطق محاصَرة من الطرفين، وذلك بموجب وساطة روسية.
وعمدت قوى الأمن الداخلي في «الإدارة الذاتية» (أسايش)، ظهر أمس (الثلاثاء)، إلى إعادة فتح الطرقات المؤدية إلى أبرز أحياء النظام السوري في مدينتي القامشلي والحسكة شرق الفرات، الخاضعتين لحصار منذ 23 يوماً، بالتزامن مع إجراءات مماثلة في مناطق «قوات سوريا الديمقراطية» في حلب، طوّقتها قوات النظام.
وشهدت مدينتا الحسكة والقامشلي وأحياء الشيخ مقصود والأشرفية بحلب ومدن وبلدات مناطق الشهباء الواقعة في ريفها الشمالي، عودة طبيعية للحياة وسط هدوء يشوبه الحذر بعد الإعلان عن اتفاق مبدئي برعاية روسية.
وسمحت قوات «أسايش» بمرور السيارات المحمّلة بالمواد الغذائية والأدوية والوقود بالعبور إلى مناطق النظام في الحسكة والقامشلي، لتسمح القوات النظامية بعبور الشاحنات التي حملت الأغذية والوقود إلى مناطق الشهباء وحيَّي الشيخ مقصود والأشرفية بمحافظة حلب، حسب شهود ومصادر من أبناء تلك المنطقة.
وقالت مصادر مطلعة إن قائد الشرطة العسكرية الروسية في الحسكة عقد ليلة الاثنين – الثلاثاء الماضي اجتماعات مع مسؤولين عسكريين من القوات النظامية وقادة شرطة الإدارة الذاتية في القاعدة الروسية بالقامشلي، وتوصلوا إلى اتفاق مبدئي يفضي بفك الحصار عن المناطق المحاصَرة في محافظتي الحسكة وحلب. وقد دخل الاتفاق حيز التنفيذ على أن يلتزم الجانبان بالسماح بعبور المواد الغذائية والوقود والغاز للمناطق الخاضعة لطرفي الصراع، وتعهدوا بعدم قطع الطريق الرئيسي (m4) أمام الحركة المدينة والتجارية، وفك الحصار عن القطع والنقاط العسكرية الخاضعة لسلطة دمشق بريفي الحسكة والقامشلي. وبينما قُتل شخص وأصيب 3 آخرون، في انفجار عبوة ناسفة في منطقة الصناعة في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، سجّل موفد «الشرق الأوسط» في شمال سوريا، «دخول شاحنات محملة بمواد غذائية وصهاريج تحمل محروقات، إلى بلدات وقرى مناطق الشهباء الخاضعة لسيطرة القوات الكردية بريف حلب الشمالي، تزامناً مع ترقب لدخول وخروج البضائع من وإلى الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب». وتفقد وفد عسكري مشترك من القوات الروسية والقوات النظامية الحواجز الأمنية المحيطة بحيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب. ونقل أهالي ونشطاء أكراد من سكان المنطقة أن حواجز النظام سمحت بدخول المواد الغذائية والوقود وعبور المدنيين إلى مركز مدينة حلب.
وفي مدينة القامشلي، أُزيلت حواجز وتم فتح الطرقات المؤدية إلى «الطي» و«حلكو» والطريق المؤدية للمطار وباقي المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وسجلت الحركة المرورية نشاطاً ملحوظاً إلى جانب عبور المدنيين من وإلى مركز المدينة.
وأعلنت قوات الأمن الداخلي التابعة للإدارة في بيان رسمي عودة الحياة الطبيعية والسماح بدخول كل المواد إلى مناطق وجود قوات النظام في مدينتي القامشلي والحسكة، والتزامها بوحدة الأراضي السورية، وقال الناطق الرسمي للقوات علي الحسن: «نعمل على إنهاء حالة التوتر التي سبّبتها قوات النظام، وكبادرة حسن نية وحفاظاً على وحدة الأرض السورية وحقناً لدماء السوريين؛ نعلن عودة الحياة الطبيعية والسماح بدخول كل المواد للمناطق الموالية للنظام».
وقال محافظ الحسكة، اللواء غسان خليل: «بدأ فك الحصار الذي تفرضه (قسد) عن بعض الأحياء في مدينة القامشلي، وننتظر خلال الساعات القادمة فكه عن مدينة الحسكة وباقي مناطق القامشلي ودخول الوقود والطحين».
وقالت مصادر في محافظة الحسكة لوكالة الأنباء الألمانية إن الجهود التي بذلتها القوات الروسية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية نجحت في التوصل إلى اتفاق لفك الحصار عن وسط مدينة الحسكة وأحياء في مدينة القامشلي.
إلى ذلك، دعت «هيئة الأعيان» التابعة للإدارة الذاتية، حكومة النظام في دمشق إلى الحوار وتغليب الحكمة في معالجة الأمور وعدم دفعها إلى التأزم، وناشدت أبناء العشائر العربية عدم الانجرار «وراء الفتنة والمخططات لضرب السلم الأهلي».
في جنوب سوريا، قالت مصادر محلية في السويداء، إن رئيس فرع الأمن العسكري العميد لؤي العلي لا يزال على رأس عمله، نافياً إقالته.
وقال مصدر مطلع في محافظة درعا لـ«السويداء 24» إن العلي داوم في مكتبه في مدينة درعا بشكل اعتيادي، وهو المسؤول عن فرع المخابرات العسكرية في الجنوب السوري. لكنّ المصدر أشار إلى أن العميد العلي تلقى تعليمات بعدم التدخل في شؤون محافظة السويداء وانتظار التعليمات الجديدة.
وأُفيد بأن الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز ستُصدر بياناً جديداً خلال الساعات القادمة، تعلن فيه طي صفحة الخلاف الأخير «الذي أشعله توجيه العلي إساءة لفظية للشيخ الهجري في أثناء مكالمة هاتفية بين الطرفين».
وتحدثت وسائل تواصل اجتماعي عن اتصال بين الرئيس بشار الأسد والهجري قبل يومين، تناول إقالة العلي.
وقال معارضون أمس، إن «الشائعة المتداولة عن إقالة العميد لؤي علي انتشرت لامتصاص غضب سكان المحافظة».
الشرق الاوسط
——————————–
بوساطة روسية… اتفاق يقضي برفع الحصار المتبادل بين “قسد” والنظام في 3 مدن شمال سوريا/ هبة محمد
دمشق ـ “القدس العربي”: رفعت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) حصارها عن مركز مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، وأزالت الحواجز الإسمنتية من محيط حيي حلكو وطي في مدينة القامشلي، الخاضعين لسيطرة النظام السوري، بعد وساطة روسية والتوصل لاتفاق بين “قسد” والنظام يقضي بفك الحصار المتبادل حول مدن القامشلي والحسكة وحلب، شمال وشمال شرقي سوريا.
مصادر محلية من الحسكة قالت لـ”القدس العربي” إن قوات “قسد” أزالت بعد ظهر الثلاثاء حواجزها على الطريق الواصل بين حي النشوة ومركز مدينة الحسكة، كما فتحت الطرقات باتجاه حي “حارة طي” في مدينة القامشلي، كما انتشرت عناصرها لإزالة كافة الحواجز على الطرق الرئيسية وإزالة مظاهر الحصار.
ويقضي الاتفاق وفق مصادر مطلعة لـ”القدس العربي”، بسماح قوات النظام و”قسد” بدخول المواد الغذائية والآليات والمحروقات والأدوية وغيرها من احتياجات المدنيين إلى الأحياء المحاصرة وسط مدينة الحسكة، ورفع الحصار مقابل دخول مساعدات إلى مناطق “الشيخ مقصود – تل رفعت” في حلب وريفها.
ونقلت وكالة النظام الرسمية “سانا” عن مصادرها “بدء إجراءات فك حصار ميليشيا قسد عن حيي حلكو وطي بمدينة القامشلي عبر فتح الطرق الرئيسية، تزامناً مع فك الميليشيا حصارها الذي تفرضه على الأهالي في مركز مدينة الحسكة وإزالة حواجزها من بعض الطرق”.
من جهتها، كشفت وسائل إعلام روسية أن اتفاقاً مبدئياً تم التوصل إليه بمساع روسية، و”يقضي بفك الحصار الذي يضربه مسلحون موالون للجيش الأمريكي حول مدينتي القامشلي والحسكة، أقصى شمال شرقي سوريا” وذلك بعد اجتماعات مكثفة عقدت في مدينة القامشلي خلال الساعات الماضية من يوم الثلاثاء، بين الجانب الروسي وقياديين في تنظيم “قسد” الموالي للجيش الأمريكي، وتم خلالها التوصل إلى اتفاق مبدئي لفك الحصار عن الأحياء المحاصرة في المدينتين. وتوقعت المصادر أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ خلال 48 ساعة المقبلة وينهي الحصار المفروض منذ نحو 20 يوماً.
—————————
النظام السوري يتهم “قسد” بمعاودة الحصار في الحسكة/ جلال بكور
اتهم النظام السوري، اليوم الأربعاء، مليشيات “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) بإعادة الحصار على الأحياء الخاضعة له في مدينة الحسكة شمال شرقي البلاد، بعد يوم من بدء المليشيات بفكه.
وقالت صحيفة “البعث” التابعة للنظام السوري، اليوم: “عمدت مليشيات “قسد” العميلة للاحتلال الأميركي، وبعد ساعات من بدء رفع حصارها الجائر على المدنيين في حيي حلكو وطي في القامشلي، إلى إعادة نصب حواجزها عند فرن البعث ومدينة الشباب وشارع البرج عند دوار المحكمة، إضافة إلى التضييق على المدنيين من خلال تشديد إجراءاتها التعسفية على عدد من الحواجز الواقعة في مداخل الأحياء”.
وأضافت الصحيفة: “تقوم المليشيا بتفتيش الأجهزة الخلوية للمواطنين بحثاً عن مشاركين في الاحتجاجات الشعبية التي جرت تنديداً بالحصار، مع السماح بمرور السيارات الخاصة، باستثناء الشارع المؤدي إلى مخبز البعث”.
وزعمت الصحيفة أن مليشيا “قسد” منعت الشاحنات التي تحمل الطحين من دخول مركز مدينة الحسكة وفرن البعث، وبالتالي استمرار توقف الأفران العامة والخاصة عن العمل، كما قالت الصحيفة إن “قسد” واصلت اختطاف عدد من الموظفين في المؤسسات الحكومية.
من جانبها، قالت مصادر مقربة من “الإدارة الذاتية”، لـ”العربي الجديد”، إنّ قوات “الأسايش” لم تقم بإزالة حواجزها من المربع الأمني تحسباً لأي خرق من النظام، وإنما سمحت للمدنيين بالدخول والخروج، كما سمحت بإدخال المواد الغذائية للمناطق التي يسيطر عليها النظام.
وجاء ذلك بعد التوصل إلى اتفاق برعاية روسية، ينصّ على البدء بخطوات فك الحصار من كلا الجانبين في الحسكة والقامشلي ومدينة حلب وريفها.
التحالف الدولي/سورية/فرانس برس
إلى ذلك، قالت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد” إنّ فروع أمن النظام استدعت مجموعة من الضباط والعناصر للتحقيق في حلب (شمال) وفي العاصمة دمشق (جنوب)، وذلك على خلفية اتهامهم بخرق أوامر النظام السوري والعمل على تهريب مواد غذائية إلى مناطق سيطرة “قسد” في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب خلال فترة الحصار.
وقالت المصادر إنّ التهم تشمل أيضاً التعامل مع “قسد”، من دون إذن النظام في حلب المدينة وريفها أيضاً، مضيفة أن من بين الضباط الذين تم استدعاؤهم العميد خليل ملا من فرع أمن الدولة في حلب، لافتة إلى أن الأخير جرى اتهامه بأخذ رشاوى من أشخاص في “قسد”.
وقالت مصادر أخرى إن الاستدعاءات جرت في وقت سابق أيضاً، وكانت بهدف توجيه الضباط إلى تشديد الحصار على حي الشيخ مقصود ومنطقة تل رفعت ومنع المدنيين من العبور والتضييق عليهم وإجبارهم على دفع إتاوات مالية.
وكان النظام قد بدأ بحصار حي الشيخ مقصود ومنطقة تل رفعت بريف حلب قبل قرابة 25 يوماً، ردّت بعدها “قسد” بالحصار على مناطقه في الحسكة والقامشلي، وتشديد الحصار مع تعنت النظام في الرضوخ لمطالب المليشيات خلال عمليات التفاوض.
العربي الجديد
——————–
=======================
تحديث 04 شباط 2021
—————————
نزع فتيل أزمة الحسكة… والأكراد إلى جولة حوار جديدة/ أمين العاصي
بعد ساعات قليلة على الإعلان عن اتفاق النظام السوري والأكراد على إنهاء الخلاف الذي ساد بينهما لنحو شهر في محافظة الحسكة السورية في أقصى الشمال الشرقي من البلاد، وعن بدء تبادل فك الحصار عن مناطق كانت محاصرة من الطرفين، اتهم النظام أمس “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) بإعادة الحصار على الأحياء الخاضعة له في مدينة الحسكة، في دلالة واضحة على هشاشة الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان، من دون حل الخلافات الرئيسية. جاء ذلك في وقت بدأت فيه الإدارة الأميركية الجديدة خطوة باتجاه استكمال الحوار الكردي الكردي، المتوقف منذ أواخر العام الماضي.
وأكدت سمر حسين، الرئيسة المشتركة لهيئة الداخلية لـ”الإدارة الذاتية” لشمال وشرقي سورية، أن إنهاء حالة التوتر “جاء كبادرة حسن نيّة من قبل قوات الأمن الداخلي (الأسايش)”، مشيرة، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أنه “سيتم إدخال المواد الغذائية والأساسية إلى المربعين الأمنيين في القامشلي والحسكة (أمس) الأربعاء”، لكنها لفتت إلى أن نقاط الأسايش ستبقى في أماكنها تحسباً لأي خرق من طرف قوات النظام، وفصائل “الدفاع الوطني” التابعة لها. فيما بدأ النظام السوري أمس بفك حصاره عن منطقة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، وعن أحياء الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، والتي تخضع لسيطرة “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) التي يشكل المقاتلون الأكراد عمادها الرئيسي.
لكن بعد ساعات قليلة من بدء تنفيذ الاتفاق، قالت صحيفة “البعث” التابعة للنظام السوري، إن “مليشيات “قسد”، وبعد ساعات من بدء رفع حصارها الجائر عن المدنيين في حيي حلكو وطي في القامشلي، عمدت إلى إعادة نصب حواجزها عند فرن البعث ومدينة الشباب وشارع البرج عند دوار المحكمة، إضافة إلى التضييق على المدنيين، من خلال تشديد إجراءاتها التعسفية على عدد من الحواجز الواقعة في مداخل الأحياء”. وزعمت الصحيفة أن “قسد” منعت الشاحنات التي تحمل الطحين من دخول مركز مدينة الحسكة وفرن البعث، وبالتالي استمرار توقف الأفران العامة والخاصة عن العمل، مضيفة أن “قسد” واصلت اختطاف عدد من الموظفين في المؤسسات الحكومية.
من جهتها، قالت مصادر مقربة من “الإدارة الذاتية” لـ”العربي الجديد” إن قوات “الأسايش” لم تقم بإزالة حواجزها من المربع الأمني تحسباً لأي خرق من النظام، وإنما سمحت للمدنيين بالدخول والخروج، كما سمحت بإدخال المواد الغذائية للمناطق التي يسيطر عليها النظام.
وكانت قوات “الأسايش” قد حاصرت، منذ نحو شهر، المناطق التي لا تزال تحت سيطرة النظام في محافظة الحسكة، وهي عبارة عن مربعين أمنيين في مدينتي الحسكة والقامشلي وحيين في الأخيرة، رداً على تضييق قوات النظام على مناطق ذات غالبية كردية في مدينة حلب وريفها الشمالي. وحاول النظام استغلال هذه الأزمة لاستعادة دوره في محافظة الحسكة، من خلال دفع القبائل والعشائر العربية إلى الصدام مع القوات الكردية، وهو كان سيفتح باب اقتتال ربما من الصعب محاصرته.
وتدل الوقائع على أن الروس والأميركيين تدخّلوا لنزع فتيل الأزمة بالضغط على النظام والجانب الكردي، لتجنيب الشمال الشرقي من سورية ويلات اقتتال على أساس قومي. وتعد هذه الأزمة هي الأكبر في سياق علاقة النظام والجانب الكردي في سورية، ما يؤكد اتساع هوّة الخلاف بين الطرفين حول العديد من الملفات، لا سيما مستقبل الشمال الشرقي من سورية.
وعن ذلك، قال الباحث السياسي المقرب من “قسد” آزاد حسو، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إنه “من الممكن تجدد التوتر بين قواتنا والنظام، لأننا لم نحل بعد الخلافات الرئيسية”، مشيراً إلى أن “هناك عدة مطالب لم يوافق عليها النظام”، مضيفاً: “على حكومة دمشق الاعتراف بالعقد الاجتماعي والقوانين المعمول بها في المناطق التي تقع تحت سيطرة “قسد”، وتعليمات الإدارية الذاتية من نواحٍ عسكرية وسياسية واقتصادية”.
في غضون ذلك، تتجه الإدارة الأميركية الجديدة إلى متابعة الإشراف على الحوار بين أكبر كيانين سياسيين كرديين في سورية، وهما “المجلس الوطني الكردي” من جهة، وحزب “الاتحاد الديمقراطي” وأحزاب أخرى تدور في فلكه وتشكّل “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سورية، من جهة أخرى. وأكدت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد” وصول وفد من وزارة الخارجية الأميركية، أمس الأول الثلاثاء، إلى مدينة القامشلي لهذه الغاية. وكان قائد “قوات سورية الديمقراطية”، مظلوم عبدي، والذي مهّد الطريق أمام الحوار الكردي الكردي في إبريل/نيسان من العام الماضي، قد أشار في تغريدة له منذ أيام إلى أن “الاتفاقات التي توصّلنا إليها مهمة وتحمي مصالح شعبنا”، داعياً الطرفين المتحاورين إلى “الاستعداد لمرحلة جديدة حتى نلتقي في الأيام المقبلة”، وفق قوله.
وكان الطرفان قد خاضا، خلال العام الماضي، جولات حوار عدة لتشكيل مرجعية سياسية واحدة لأكراد سورية تمثلهم في استحقاقات الحل السياسي. وعلى الرغم من اتفاقهما على أن اتفاقية دهوك، التي أبرمت بينهما برعاية من قيادة إقليم كردستان العراق، في أكتوبر/تشرين الأول 2014، ستشكل أيضاً أرضية لهذه المفاوضات، إلا أنهما وصلا إلى طريق مسدود في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ما أدى إلى توقف الحوار. ولم يتجاوب “الاتحاد الديمقراطي” مع مطالب “المجلس الوطني الكردي”، المنضوي في الائتلاف الوطني السوري، من أجل الخروج باتفاق، وهو فكّ الارتباط بين “الإدارة الذاتية” وحزب “العمال الكردستاني”، وتعديل العقد الاجتماعي، وإلغاء التجنيد الإجباري، مع دخول “البشمركة السورية” إلى الشمال الشرقي من سورية، إضافة إلى “الوضع التعليمي وإيجاد حلّ عملي يضمن مستقبل الطلبة بشهادات معترف بها، وإدخال التعليم باللغة الكردية بشكل يناسب ذلك”، وحسم مصير المعتقلين والمختطفين.
ويرفض “الاتحاد الديمقراطي”، حتى اللحظة، فك الارتباط مع حزب “العمال”، وطرد كوادره من سورية، كما يرفض دخول “البشمركة السورية” المتمركزة في شمال العراق، كيلا تشاركه في القرارين الأمني والعسكري في منطقة شرقي الفرات، وهو ما يشكّل عقبة كبرى أمام توصل الطرفين الكرديين إلى تفاهمات يمكن أن تستمر. وحرق مجهولون يُعتقد أنهم ينتمون إلى “العمال الكردستاني” مكاتب تابعة لـ”المجلس الوطني الكردي” في مدن وبلدات عدة في منطقة شرقي نهر الفرات، كان آخرها في مدينة عين العرب (كوباني) الشهر الماضي، في محاولة واضحة لإفشال الحوار الكردي الكردي.
وأوضح عضو الهيئة الرئاسية لـ”المجلس الوطني الكردي”، المنسق العام في حركة “الإصلاح الكردي”، فيصل يوسف، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنه “يجب العمل بداية على خلق الأجواء المناسبة للمفاوضات، بإزالة الآثار السلبية التي خلقها حرق بعض مكاتب المجلس وتخوين قياداته ونعتهم بصفات سيئة والقيام باعتقالات بحق مؤيديه من قبل جهات تابعة للطرف الآخر خلال الفترة الماضية، وضمان عدم تكرارها”. وعن جدول أعمال الجولة المقبلة، أوضح يوسف أنها “ستكون لمعالجة القضايا الخلافية وآليات المشاركة بالإدارة وواجب الدفاع على أرضية اتفاقية دهوك، وبما ينسجم مع الاتفاقية المنشودة راهناً”.
وكانت الاتفاقية آنفة الذكر قد نصّت على تشكيل مرجعية سياسية كردية، على أن تكون نسبة تمثيل “حركة المجتمع الديمقراطي” (لاحقاً أحزاب الوحدة الوطنية الكردية بقيادة الاتحاد الديمقراطي -25 حزباً) فيها 40 في المائة، و”المجلس الوطني الكردي” 40 في المائة، و20 في المائة للأحزاب والقوى غير المنخرطة في الجسمين السياسيين.
العربي الجديد
—————————–
=======================
تحديث 05 شباط 2021
—————————-
الحسكة بين النظام وقسد/ بشير البكر
تعيش محافظة الحسكة منذ حوالي ثلاثة أسابيع على وقع التجاذبات بين النظام السوري وقوات سوريا الديموقراطية (قسد). وبدأ نزاع بين الطرفين بلغ ذروته بفرض “قسد” حالة حصار على المربعين الأمنيين في مدينتي الحسكة والقامشلي، وهما الباقيان من تمثيل رسمي للنظام الذي تخلي عن القسم الأكبر من سلطاته في المحافظة في العام 2012، حين سلم حقول النفط في رميلان لحزب الاتحاد الديموقراطي تحت ذريعة الخوف من سقوطها في يد المعارضة، ولم يكن في حساباته أن هذا الحزب سوف يتحوّل إلى مشروع عسكري وسياسي كبير تدعمه الولايات المتحدة.
تقاطع نمو مشروع حزب الاتحاد الديموقراطي مع ظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عام 2014، وسيطرتها على مساحات شاسعة من سورية والعراق. وفي هذا الجو، تشكلت في أكتوبر/ تشرين الأول 2015 قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، والتي يقوم عمودها الفقري على حزب الاتحاد الديموقراطي، فرع حزب العمال الكردستاني، وتبنّاها التحالف الدولي للحرب ضد “داعش”، من أجل القيام بهذه المهمة التي شاركت فيها بقوة، وساهمت في الهجوم الكبير الذي قامت به القوات الأميركية لتحرير الرقة عاصمة خلافة “داعش”. وبعد نهاية تلك الحرب، باتت “قسد” قوة عسكرية كبيرة تسيطر على ثلاث محافظات (الرقة، دير الزور، الحسكة) تشكل ثلث مساحة سورية، وعلى قسم أساسي من مصادر الاقتصاد السوري، المتمثلة بالنفط والغاز والقمح والقطن.
لم تشهد الحسكة نموا لـ “داعش” كالذي عرفته محافظتا الرقة ودير الزور، وذلك بسبب تركيبتها السكانية المتنوعة، فهي تتشكّل من إثنيات وطوائف مختلفة، وتمثل حالة تعايش ثقافي مثالي قبل أن تستفحل النزعة الاستقلالية الكردية التي تتمثل في مشروع الإدارة الذاتية التي حلّت محل النظام، والذي تخلّى عن دوره وسلطاته في تلك المنطقة. ووضعت الإدارة الذاتية يدها على المصادر الاقتصادية الأساسية، وشكلت مؤسساتٍ مدنية وأمنية وعسكرية وسياسية لإدارة شؤون المنطقة، تصدّرها العنصر الكردي، وبذلك نشأ تمييز ضد العرب بالدرجة الأولى، وتعسّف بحق الأكراد المعارضين لحزب العمال الكردستاني. وحاول جزء من المكون العربي مسايرة “الإدارة الذاتية” وشاركوا في مؤسساتها، ولكن التجربة لم تنجح. وبرزت بعض الخلافات بين حين وآخر. وتعرّضت للاغتيال شخصيات عربية عديدة عارضت سياسات “الإدارة الذاتية”، منها رئيس المجلس المحلي في دير الزور غسان اليوسف مطلع الأسبوع الحالي، ونتج عن العملية مقتل مرافقه على أحد الحواجز التابعة لـ”قسد”. وسبق ذلك في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي اغتيال شخصية من أبرز قادة الفصائل العسكرية في الجيش الحر سابقا، إبراهيم العطية الملقب أبو بكر قادسية، ومرافقه محمود الحمد. واتّهم قريب للقيادي قوّات “قسد” باغتياله، على اعتباره كان يقود حراكاً سلمياً مناهضاً لوجودها في دير الزور، ما تسبّب بملاحقته أمنياً، ومداهمة منزله أكثر من مرة، ليختفي بعدها متنقلاً بين قرى أقاربه.
لم يهنأ عرب المنطقة، وهم الغالبية العظمى في المحافظات الثلاث خلال حكم النظام، حيث عانوا من تمييزٍ شديد. وعلى الرغم من غنى المنطقة بالثروات، فإنها لم تحظ بمشاريع تنموية، وكانت الاحتجاجات على الأوضاع المزرية تقابل باتهام من يقومون بها بالعمالة للعراق. وحين تحرّر أبناء المنطقة من النظام في بداية الثورة عام 2011، وبدأوا بالتقاط أنفاسهم، سيطرت “قسد” على المحافظات الثلاث، وحصلت على دعم أميركي وأوروبي، ومن الإمارات والسعودية، وكانت تتهم حراك العرب ضد التمييز بموالاة “داعش”. وفي الخلاف الحاصل الآن بينها وبين النظام، تحسب “قسد” العرب على النظام، في حين أنهم يتعرّضون للتمييز والاضطهاد من الطرفين.
تعاني المحافظات الثلاث اليوم من التدمير والفقر، ومن يحتمل المسؤولية عن ذلك هو النظام الذي تخلى عنها لتستبيحها “قسد” والمليشيات الإيرانية المنتشرة في محافظة دير الزور في صورة أساسية.
العربي الجديد
—————————–
نزع فتيل أزمة الحسكة… والأكراد إلى جولة حوار جديدة/ أمين العاصي
في غضون ذلك، تتجه الإدارة الأميركية الجديدة إلى متابعة الإشراف على الحوار بين أكبر كيانين سياسيين كرديين في سورية، وهما “المجلس الوطني الكردي” من جهة، وحزب “الاتحاد الديمقراطي” وأحزاب أخرى تدور في فلكه وتشكّل “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سورية، من جهة أخرى. وأكدت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد” وصول وفد من وزارة الخارجية الأميركية، أمس الأول الثلاثاء، إلى مدينة القامشلي لهذه الغاية. وكان قائد “قوات سورية الديمقراطية”، مظلوم عبدي، والذي مهّد الطريق أمام الحوار الكردي الكردي في إبريل/نيسان من العام الماضي، قد أشار في تغريدة له منذ أيام إلى أن “الاتفاقات التي توصّلنا إليها مهمة وتحمي مصالح شعبنا”، داعياً الطرفين المتحاورين إلى “الاستعداد لمرحلة جديدة حتى نلتقي في الأيام المقبلة”، وفق قوله.
وكان الطرفان قد خاضا، خلال العام الماضي، جولات حوار عدة لتشكيل مرجعية سياسية واحدة لأكراد سورية تمثلهم في استحقاقات الحل السياسي. وعلى الرغم من اتفاقهما على أن اتفاقية دهوك، التي أبرمت بينهما برعاية من قيادة إقليم كردستان العراق، في أكتوبر/تشرين الأول 2014، ستشكل أيضاً أرضية لهذه المفاوضات، إلا أنهما وصلا إلى طريق مسدود في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ما أدى إلى توقف الحوار. ولم يتجاوب “الاتحاد الديمقراطي” مع مطالب “المجلس الوطني الكردي”، المنضوي في الائتلاف الوطني السوري، من أجل الخروج باتفاق، وهو فكّ الارتباط بين “الإدارة الذاتية” وحزب “العمال الكردستاني”، وتعديل العقد الاجتماعي، وإلغاء التجنيد الإجباري، مع دخول “البشمركة السورية” إلى الشمال الشرقي من سورية، إضافة إلى “الوضع التعليمي وإيجاد حلّ عملي يضمن مستقبل الطلبة بشهادات معترف بها، وإدخال التعليم باللغة الكردية بشكل يناسب ذلك”، وحسم مصير المعتقلين والمختطفين.
ويرفض “الاتحاد الديمقراطي”، حتى اللحظة، فك الارتباط مع حزب “العمال”، وطرد كوادره من سورية، كما يرفض دخول “البشمركة السورية” المتمركزة في شمال العراق، كيلا تشاركه في القرارين الأمني والعسكري في منطقة شرقي الفرات، وهو ما يشكّل عقبة كبرى أمام توصل الطرفين الكرديين إلى تفاهمات يمكن أن تستمر. وحرق مجهولون يُعتقد أنهم ينتمون إلى “العمال الكردستاني” مكاتب تابعة لـ”المجلس الوطني الكردي” في مدن وبلدات عدة في منطقة شرقي نهر الفرات، كان آخرها في مدينة عين العرب (كوباني) الشهر الماضي، في محاولة واضحة لإفشال الحوار الكردي الكردي.
وأوضح عضو الهيئة الرئاسية لـ”المجلس الوطني الكردي”، المنسق العام في حركة “الإصلاح الكردي”، فيصل يوسف، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنه “يجب العمل بداية على خلق الأجواء المناسبة للمفاوضات، بإزالة الآثار السلبية التي خلقها حرق بعض مكاتب المجلس وتخوين قياداته ونعتهم بصفات سيئة والقيام باعتقالات بحق مؤيديه من قبل جهات تابعة للطرف الآخر خلال الفترة الماضية، وضمان عدم تكرارها”. وعن جدول أعمال الجولة المقبلة، أوضح يوسف أنها “ستكون لمعالجة القضايا الخلافية وآليات المشاركة بالإدارة وواجب الدفاع على أرضية اتفاقية دهوك، وبما ينسجم مع الاتفاقية المنشودة راهناً”.
وكانت الاتفاقية آنفة الذكر قد نصّت على تشكيل مرجعية سياسية كردية، على أن تكون نسبة تمثيل “حركة المجتمع الديمقراطي” (لاحقاً أحزاب الوحدة الوطنية الكردية بقيادة الاتحاد الديمقراطي -25 حزباً) فيها 40 في المائة، و”المجلس الوطني الكردي” 40 في المائة، و20 في المائة للأحزاب والقوى غير المنخرطة في الجسمين السياسيين.
العربي الجديد
————————-
من كرد علي إلى سياسة قطع المياه/ شورش درويش
كان من عادة الأتراك، زمن العثمانيين، حذف النسبة من الاسم، بذلك صار اسم محمد كرد علي، “محمد تعديل”، نسبةً إلى حيّ التعديل الذي كان يقيم فيه والده بدمشق، بعد أن تحرَّج من اسم الحيّ الأصلي الذي كان يقطنه، وهو “زقاق البرغل”، وكان في وظيفته يُكنّى “محمد فريد”، وهو اسمه ولقبه المختصر، إلى أن بدأ يكتب في الصحف باسمه الصريح، والذي، بحسب كرد علي، “كان أقصى همّي أن أعود إلى اسمي الأول وإلى لقب بيتنا القديم”؛ والعائلة بحسب ما ورد في مذكّرات كرد علي تنحدر من السليمانية من “بلاد الأكراد” والتي جاء منها الجدُّ قبل /150/ سنة، في حين كانت أمّه شركسية قفقاسية، وبذا تباهى محمد كرد علي بأصوله بالقول “فأنا على رغم أنف من آمن وكفر من جنس آريّ لا يقبل النزاع، وليس للغربي ولا للشرقي ما يقول في دمي”.
إضافة إلى كونه أوّل وزير للمعارف في سوريا، شغلَ رئاسة مجمع اللغة العربية في دمشق (1919-1953)، وفي الفترة التي شغلَ فيها مناصبه الحكومية، رُفِد مفتشاً إلى مناطق عدّة كان من بينها زيارة لواء الجزيرة (الحسكة)، فكتب تقريراً عن مجمل جولته بتاريخ /18/ تشرين الثاني 1931، ناصحاً الحكومة إبعاد الكرد إلى “أماكن بعيدة عن حدود كردستان” وغاية الأمر هو “لأن الكرد إذا عجزوا اليوم عن تأليف دولتهم فالأيام كفيلة بأن تنيلهم مطالبهم” ولذا فإن جمهرة الكرد في بقعة كالجزيرة تمثّل خطراً، وعليه ينصح الكرديّ “الآريّ” محمد كرد علي الحكومة إبعاد الكرد وإسكانهم في “أملاك الدولة في أرجاء حمص وحلب”.
علّل كرد علي تجمهر الكرد في الجزيرة إلى أنه تروقهم السكنة في المساحات الزراعية المسقيّة على ضفاف الفرات والخابور وجغجغ والبليخ، حيث إمكانية سقاية واستصلاح الأراضي، والابتعاد قدر الإمكان عن الأراضي البعليّة، وعليه؛ فإن الماء وفقاً لكرد علي مذ كانت سوريا دولة “جنينية”، عامل تجمهر الكرد وتجمّعهم.
هذا الإيحاء والتلميح الذي قدّمه وزير المعارف حول أهمية تحكّم الدولة بالمناطق الواقعة على ضفاف الأنهار، للتخلّص من عبء مزعوم قد تشكّله مجموعات إثنية، الكرد والسريان الآشوريين والأرمن، نجد له طبعة أشد وطأة وأفصح عدوانية، حيث بدأت تركيا حروب الماء في سوريا، فبعيداً عن التلاعب بمنسوب وحصة سوريا من نهري دجلة والفرات، أقدمت تركيا إبان حربها المفتوحة على عفرين 2018 بالسيطرة على سد ميدانكي ومضاعفة الحصار على مدينة عفرين عبر قطع المياه عنها، وفق سياسة قروسطيّة تعمد إلى إنهاك المدن قبل قصفها واحتلالها، الأمر الذي يسجَّلُ بوصفه جريمة حرب صريحة.
في الأثناء تستمر تركيا والميليشيات السورية العميلة لها بالإمعان في فرض حصار على مدينة الحسكة، عبر قطع مياه محطّة علّوك التي تصل الحسكة من مدينة سرى كانيه/رأس العين ، قطع الماء لا يعني الإضرار بالكرد فحسب، بل يطاول كل السكّان، ويهدف إلى التسبب في إغراق الإدارة الذاتية في المشكلات الخدمية التي تمثّل عمود الاستقرار واستمرار الإدارة.
طريقة معاقبة مدينة الحسكة التي تبعد عن الحدود السورية التركية ما يقارب /90/كم بهذه الطريقة، تفسّر شيئاً من روح السياسة التركية إزاء سوريا، حيث كل مدينة أو قرية لا تخضع للباب العالي تعتبر منطقة معادية، ولا شفاعة لجماعة إثنية أو دينية أو طائفية طالما أنها لا تبايع تركيا وتشايعها في سوريا.
في الأصل، بنيت معظم المدن في الجزيرة السورية على ضفاف الأنهار، أو بالقرب من الينابيع، حتى أنّ فرنسا حين باشرت في تنظيم المدن في الجزيرة العليا فإنّها كرّست اهتمامها على المراكز الحضرية الناشئة بالقرب من الأنهار كحال مدينتي الحسكة والقامشلي الحديثتين نسبياً، واللتان تأسستا مطلع عشرينيات القرن الماضي. بعبارة أخرى، لم تكن المدن لتؤسس لولا قربها من الأنهار في بيئة شبه صحراوية تنعدم فيها أسباب التجمّع في مكان قابل للاتساع، والمعنى إن المدن تفكَّك حال انعدام المياه أو ندرتها، ولا يجانب واحدنا الصواب إن تنبّأ بهجرة السكان مدنهم إن استمرت المشكلات الخدمية في التنامي كحال مشكلة المياه في الحسكة.
قد يَشقُّ البديل على الإدارة الذاتية لتزويد المدينة بمياه الشرب، والمياه القابلة للاستخدام اليوميّ، في ظل استمرار تركيا احتكار محطّة علّوك، وحيث لا سبيل إلى إرضاء تركيا في مقابل الحصول على الماء، فإن الإدارة رغم مشقّة الأمر عليها تدبّر الحلول لمشكلة لم يكن لها يد فيها، ذلك أن المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتق الإدارة تفرض عليها البحث عن البدائل، بمعزل عن المتسبب في الأزمة، رغم توارد المعلومات عن العمل على حفر آبار لتغذية المدينة بالمياه الجوفية.
منذ قرابة المئة عام، ثمّة هندسة تسعى إلى ربط التحكّم بالموارد المائية بسياسة الدولة، ربّما يكون ذلك حقّاً للدولة وجزءاً من أعمالها السيادية، شريطة ألّا يكون وليد سياسة تمييزية أو سعياً إلى هندسة المجتمع وفق رؤية عنصرية كما ورد في تقرير محمد كرد علي، لكن ما لا يمكن تقبّله أو تصوّره بالمطلق هو أن تقفز دولة على حدودها لتحتلّ أراضٍ في دولة جارة، ثم تمنع الماء عن بقية المناطق غير الخاضعة لسيطرتها دأباً على سياسات الاخضاع وخلق المشكلات والأزمات الخدمية.
تضرب تركيا حصاراً، عن بعد، على مدينة الحسكة، التي كان من حسن حظّها أنها بعيدة عن الحدود، وكان من سوء حظّها أن باتت تخضع لمشيئة تركيا، ثمّة إلى ذلك خسّة ووضاعة يصمان جريمة قطع المياه، والأهم من ذلك أنّ فرض الحصار على المدنيين يقع في عداد جرائم الحرب. لكن هل من مجيب؟!
نورث برس
—————————-
“قسد” والنظام:التفاوض من أجل التفاوض..بانتظار واشنطن
“قسد” والنظام:التفاوض من أجل التفاوض..بانتظار واشنطن قسد فرصت طوقاً على نقاط النظام في القامشلي والحسكة (وكالات)
انطلقت في دمشق السبت، بدعم روسي، جولة جديدة من المفاوضات بين النظام والإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا، في وقت يبدو من غير المرجح أن تسفر عنها نتائج مهمة بالنظر إلى حجم الخلافات بين الطرفين.
وأعلن السفير الروسي والمبعوث الخاص للرئيس فلاديمير بوتين إلى سوريا ألكسندر يفيموف أن بلاده تدعم الحوار بين النظام والإدارة الذاتية، من دون الإشارة إلى الملفات التي ستتناولها جولة المفاوضات الحالية.
لكن يفيموف أكد ضرورة أن تستعيد دمشق سيادتها الكاملة على جميع الأراضي السورية، مضيفاً “نحن ندعم الحوار بين الأكراد ودمشق، وخاصة في شؤون بناء وطنهم المشترك في المستقبل، ونثق بأن عملية التقارب بين الطرفين ستجري بشكل أفضل بعد مغادرة جميع القوى الأجنبية غير الشرعية من سوريا”.
والخميس وصل وفد من قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية إلى دمشق “لمناقشة بعض الملفات مع مسؤولين في النظام”. وقالت مصادر كردية مطلعة ل”المدن”، إن “المفاوضات ستركز على الأحداث الأخيرة في الحسكة والقامشلي، إضافة إلى موضوع الحصار المفروض على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية ومناطق الشهباء في حلب”.
واستبعدت المصادر أن تتطرق المفاوضات للقضايا المركزية، مثل انضمام قسد إلى قوات النظام أو دمج شرطتها ومؤسساتها الأمنية مع مؤسسات النظام، مشيرة إلى أن الخلافات حول هذه الملفات لا تزال كبيرة ولا يمكن أن تُناقش بجدية من دون موافقة أميركية تمنح الضوء الأخضر للإدارة الذاتية من أجل التفاوض حولها، بينما ترغب روسيا وبقوة في ذلك.
وأضافت المصادر أن “المساعي الروسية تهدف إلى استقطاب حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يهيمن على الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، في ظل تنافس بين موسكو وواشنطن في سوريا”. لكنها أوضحت أن “هذه المساعي تصطدم بموقف أميركي واضح بضرورة الحفاظ على مسافة بين النظام وقسد وإنجاح المفاوضات مع المجلس الوطني الكردي من جهة، وبموقف النظام الرافض لتقديم تنازلات جوهرية من جهة أخرى، ولذلك فإن الحديث عن تقدم في الملفات المصيرية يبقى مستبعداً على المدى المنظور”.
وكان الجانبان قد توصلا برعاية روسية إلى اتفاق أنهى التوتر الذي نشب بينهما مؤخراً في مناطق بحلب والحسكة، ونصّ على تقيد حركة قوات نظام الأسد في كل من الحسكة والقامشلي شرقي سوريا، مقابل فك الحصار المتبادل بينهما على مناطق سيطرة الجانبين في المحافظتين.
وفرضت قسد حصاراً على المربع الأمني التابع للنظام في مدينة الحسكة، وعلى الأحياء التي يسيطر عليها هناك، بداية كانون الثاني/يناير، بينما ردّ النظام بحصار حي الشيخ مقصود الخاضع لسيطرة قسد في مدينة حلب، مع تنفيذ الطرفين اعتقالات متبادلة.
وأكد المحلل السياسي فراس علاوي أن الهدف الروسي من وراء عقد هذه المفاوضات هو مناكفة الأميركيين بالفعل، من خلال إظهار أن لهم تأثيراً على حليفهم الرئيسي في سوريا حزب الاتحاد الديمقراطي، لكن المشكلة هي في رفض النظام التماهي مع الرؤية الروسية لمستقبل العلاقة مع الجانب الكردي.
وأضاف ل”المدن”، أن “قسد ترى أنها مستفيدة من أي شكل من أشكال التواصل مع الروس والنظام من أجل تجنب أي تهديدات تركية بالهجوم على مناطق سيطرتها، مثلما حدث مؤخراً في بلدة عين عيسى في ريف الرقة، كما أن سيطرتها أو تواجدها في مناطق النظام المتداخلة مع مناطقها تساعدها بالخروج من حالة الجزر المنفصلة التي تعتبر السمة الغالبة على الأراضي التي تبسط هيمنتها عليها وتحد من قدراتها وطموحاتها”.
واعتبر علاوي أن مستقبل أي مفاوضات بين قسد والنظام مع حليفته روسيا يتوقف على طبيعة الموقف الأميركي غير الواضح حتى الآن من سوريا، مؤكداً أنه “في حال أبقت واشنطن على وجودها الفاعل في شرق سوريا فإن حزب الاتحاد الديمقراطي لن يذهب بعيداً في أي تقارب مع دمشق، أما إذا حدث العكس، وهو احتمال يبقي الحزب عليه قائماً، فبالتأكيد سيعمل الطرفان على انجاز اتفاق برعاية روسية، ولذلك فإنهما يسعيان إلى الحفاظ على قنوات التواصل”.
المدن
———————-
الأكراد يفاوضون دمشق: مقترح روسي لدمج “قسد” بقوات النظام / عماد كركص
في موازاة الحوار الكردي-الكردي، بين “الاتحاد الديمقراطي” و”أحزاب الوحدة الوطنية” الموالية له من جهة، و”المجلس الوطني الكردي” من جهة أخرى، دفعت تيارات داخل “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، المسيطرة على مناطق شمال وشرق سورية، نحو مفاوضات مع النظام السوري، بعد الأحداث التي شهدتها مدينتا الحسكة والقامشلي بتضييق “قسد” على قوات النظام في المدينتين، والاشتباكات بعد عمليات اعتقال متبادلة. لكن المفاوضات بين الطرفين لا يبدو أنها ستقتصر على إيجاد صيغ لحل قضايا عالقة، إذ أوردت وسائل إعلام مختلفة أن المفاوضات الأخيرة بين “قسد” والنظام، برعاية موسكو، شهدت طرحاً روسياً بضم “قسد” لقوات النظام، الأمر الذي أحدث لغطاً ولا يزال محط تكهنات حول تفاصيله ومدى دقته.
وأكدت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد” أن وفداً من حزب “الاتحاد الديمقراطي” زار دمشق لـ”إجراء مفاوضات جديدة مع النظام السوري”، مشيرة إلى أن هذه المفاوضات “لم تحقق حتى اللحظة أي نتائج”. ومنذ عام 2018، يجري النظام و”الاتحاد الديمقراطي” جولات تفاوض تنتهي بالفشل الذي يعقبه تصعيد إعلامي، خصوصاً من قِبل النظام الذي يعتبر “قسد” أداة أميركية في الشمال الشرقي من سورية. ويبحث أكراد سورية عن مكاسب سياسية وعسكرية وثقافية في منطقة شرقي نهر الفرات، بينما يطالب النظام “قسد” بتسليمه منطقة شرقي نهر الفرات مقابل بعض المكاسب الثقافية، وهو ما ترفضه هذه القوات التي تدرك عجز النظام عن استعادة المنطقة عن طريق عمل عسكري في ظل الوجود الأميركي.
في المقابل، أشارت وسائل إعلامية مقربة من “قسد” إلى أن وفداً من “الإدارة الذاتية” الكردية زار دمشق الأسبوع الماضي، لعقد جولة مفاوضات مع مسؤولين من النظام، جرى خلالها التطرق إلى عدد من المواضيع الأمنية والخدمية وإطلاق سراح موقوفين من عناصر النظام عند “قسد”. لكن الأبرز في ما تداولته تلك الوسائل، هو الإشارة إلى مقترح روسي يقضي بانضمام “قسد” إلى قوات النظام، وهو الذي حظي بموافقة مبدئية من قبل وفد “الإدارة الذاتية” إلى دمشق، وفق تلك الوسائل.
وحول تلك المفاوضات، قالت وكالة “سبوتنيك” الروسية، إن دمشق شهدت خلال الأيام القليلة الماضية، توافد عدد كبير من الوفود التي تمثل قيادة “قسد”، ووفود شعبية أخرى عشائرية وأكاديمية واجتماعية كردية وعربية من الجزيرة السورية. ونقلت عن مصادر أن “الوفود التي قدمت إلى دمشق، شاركت في إجراء لقاءات وحوارات وُصفت بالبناءة والإيجابية مع القيادات السورية بشقيها الأمني والحكومي، وهو ما اعتبره مراقبون نجاحاً مهماً للمساعي الروسية الحثيثة في هذا المضمار”.
كذلك نقلت الوكالة عن مصدر عسكري سوري أن “القيادات الحكومية السورية استقبلت وفداً يمثل قيادة تنظيم قسد العسكرية، وليس كما يشاع بأنه ممثل فقط لما يسمى الإدارة الذاتية الكردية بجانبها المدني”. وأكدت مصادر أخرى للوكالة أن “وفد قسد ضم في صفوفه، القيادية المعروفة إلهام أحمد، ومحمد العمر مسؤول ملف النفط والاقتصاد في التنظيم، مع أسماء أخرى لها مسؤوليات عسكرية، وقد عاد إلى محافظة الحسكة بعد التوصل إلى تفاهمات أولية مع الجانب الحكومي السوري برعاية روسية في دمشق”، مشيرة إلى أن “لقاءات دمشق استمرت أربعة أيام وسط جهود روسية، كان سبقها إجراء مفاوضات مع الجانب الروسي في قاعدة حميميم، وذلك بعد أيام من زيارة قيادي عسكري روسي رفيع المستوى إلى محافظة الحسكة ولقائه قائد “قسد” مظلوم عبدي، في ريف القامشلي”. وأكدت أنه “تم الاتفاق على إطلاق مفاوضات قريبة جداً وعلنية في دمشق، سيقوم بها وفد كبير من “قسد” مع وجود ممثلين عن الإدارة الذاتية، لإكمال المحادثات للتوصل إلى حلول شبه نهائية لواقع الحال في المنطقة وبرعاية روسية”.
وذكرت الوكالة كذلك أن “التفاهمات الأولية” بين الطرفين، أفضت إلى إطلاق سراح المعتقلين من مدنيين وعسكريين، وفك الحصار من قبل “قسد” على مناطق سيطرة النظام، ورفع علم النظام على الدوائر والمؤسسات الحكومية التي يديرها. لكن الوكالة لم تتطرق إلى أي مقترح روسي حول انضمام “قسد” إلى قوات النظام، ولا حتى التفاوض على هذه المسألة.
وطلبت “العربي الجديد” توضيحات من قيادة “قسد” والمتحدثين الرسميين لديها، لتأكيد تلك المعلومات أو نفيها، لكن دون تلقي أي ردود في هذا الجانب. لكن صالح كدو، أحد أبرز المفاوضين في وفد أحزاب “الوحدة الوطنية” الكردية للحوار الكردي-الكردي، وسكرتير حزب “اليسار الديمقراطي” الكردي في سورية، أشار إلى أنه “لم يطرأ أي جديد على العلاقة مع النظام، وأن بعض المعلومات التي تنشر هنا وهناك عبر مواقع التواصل الاجتماعي لم تكن دقيقة، وما زال النظام يتصرف بعقلية الماضي الذي لا يمكن أن يساعد في حل الأزمات العميقة”. وأضاف كدو في حديث مع “العربي الجديد”: “بالنسبة لما يشاع عن موافقة قسد من الانضمام إلى الجيش السوري، أعتقد أن هذه المعلومة تفتقر إلى المصداقية، وفي حال حدوث مثل هذا التطور لن يكون سرياً، لكنه في حقيقة الأمر لم يحدث حتى الآن، على الأقل حسب علمي”.
ولم ينفِ كدو أو يؤكد وجود مقترح روسي بانضمام “قسد” لقوات النظام، لكنه أعلن أن المسألة لم تُطرح للتفاوض أو النقاش مع القيادات الكردية. ونقل تأكيدات الرئيسة المشتركة لـ”مجلس سورية الديمقراطية” إلهام أحمد بنفي أي حوار أو مفاوضات رسمية مع النظام في هذا الجانب.
من جهته، نفى مروان خليل، رئيس المكتب السياسي لـ”جيش الثوار”، وهو تحالف من فصائل عربية منضوية تحت مظلة “قسد”، “بشكل قاطع” المعلومات حول التفاوض أو قبول “قسد” الانضمام لقوات النظام، مشيراً في تصريحات لـ”العربي الجديد” إلى أن ما أوردته وسائل إعلام عن حصول اتفاق بوساطة روسية كما أشيع، يفتقر إلى المصداقية. وعما إذا كان هذا الطرح مقبولاً من جهتهم مستقبلاً، وفق شروط معينة، قال خليل: “نريد الوصول إلى سورية حرة ديمقراطية عبر الحل السلمي بما يتوافق مع القوانين والمبادئ الدولية حول القضية السورية، ومنفتحون تجاه أي حل يحفظ الحقوق للجميع وينهي شلال الدم المسال على الأرض السورية، لكن من دون التفريط بحقوق وتضحيات شعبنا”.
وتبقى مسألة انضمام “قسد” لقوات النظام صعبة التحقيق على الرغم من تكرار طرحها، إذ يقف الدعم الأميركي للقوات الكردية حائلاً أمام حصولها بشكل قانوني، ولا سيما مع إصدار “قانون قيصر” الذي يفرض عقوبات مشددة بحق أي فرد أو جهة أو كيان أو دولة تتعامل بشكل أو بآخر مع النظام، اقتصادياً وعسكرياً. وكانت تصريحات سابقة لقيادات في “قسد” وفي “الإدارة الذاتية” وفي “مجلس سورية الديمقراطية”، الجناح المدني لـ”قسد”، صبّت جميعها على أن احتمالية انضمام الأخيرة لقوات النظام لن تكون إلا بعد تحقيق حل شامل والوصول إلى تسوية سياسية في البلاد.
العربي الجديد
—————————-
=======================