شعر

بقميصٍ ترفُّ به الريح/ حازم العظمة

هنا أيضاً على الرصيفِ

تحت رذاذِ صيفٍ خفيفٍ

بقميصٍ ترفُّ به الريحُ

هنا أيضاً وَسطَ الشارعِ

تتبع شمساً مائلة

كما لو تذهبُ إلى ما فاتكَ…

تشيرُ بيديكَ وتهتفُ للنوارسِ

والنوارسُ تحلّق أخفضَ لتراكَ

حتى تهتفَ لكَ…

■ ■ ■

الغاوونَ يعتقدون أنه الشعر

والحسناء تحسَبُه البارَ اللاتيني

وأنا أخلِطُ بين كل هؤلاءِ والموسيقى…

■ ■ ■

الموسيقيونَ الذين تصلني أغنياتهم من آخرِ النفق جعلوني أمشي مختالاً في متاهةِ الأنفاق

كما لو أن الموسيقيينَ شعبي

وأني منذ قليل غادرتُهم

وهأنذا الآن أعودُ…

■ ■ ■

عشرونَ مذهباً للدهشةِ في السرداب

تتداولُ النهار فيما بينها

ستةٌ وعشرونَ مسرباً سريعاً ومذهباً للدهشةِ

ترتدّ على الجدران

وأنا في كل مرةٍ

أستند بظهري إلى الجدارِ

أميلُ برأسي وكتفِي كي لا أقطَعها

لعلّها لا تنتهي…

■ ■ ■

بعكس ما أشيعَ عن السُنونو من أن واحدة لا تصنع الربيع…

عشرون ربيعاً لا تقنع سُنونوةً واحدة أن تأتي.

■ ■ ■

الحماماتُ اللواتي يذرعنَ هذا الرصيفَ كل صباح

يبحثنَ عن فتاتٍ ما…

يستغربنَ:

لماذا خلا الشارع تماماً من العابرين

والشوارعُ المجاورة

والمدينةُ كلها…

■ ■ ■

حتى الآن المشاؤون لا يَحكُمونَ المدينةَ

لكنهم هادئون ومتمهّلونَ ومُصمّمون

كما لو اكتشفوا أن لا جدوى من المشي السريع

وأن لا شيءَ يُذكَر

كانوا ذاهبين إليه…

■ ■ ■

المارّة القليلون الذين بقوا

في مدينةٍ فرغت كلها

لا أحد منهم يجيبك: إلى أين ذهب الجميع

لماذا ذهبوا…

■ ■ ■

التراشق بالهاون بدأ مبكراً هذا الصباح

بعض القذائف أشعر أنها وقعت ورائي تماماً

السنجاب لم أرهُ منذ أربعة أيام…

غيومٌ رمادية من تلك التي لا حدودَ واضحةً لها

مذيعة “النشرة الموجزة” مُصِرّةٌ  أنها “الرِقّة “، مع أنهم أخبروها عشرَ مراتٍ أنها ليست كذلك…

أشعر أني صَحوتُ في غرفةٍ من فندق

مع أنّ هذه غرفتي منذ عشرين سنة.

■ ■ ■

هذه اللغة التي فيها: تغرورقُ

ويتهامسونَ

وخليلة…

لا بد أنها نشأت من تقليد الطيور.

■ ■ ■

كلّما نهضتَ باكراً أو فتحتَ النافذة، وكان ثمة غيمٌ ورذاذٌ خفيفٌ، حسِبتَ أن هناك قطاراً عليك أن تلحقَ به في محطةٍ ما…

سوى أن لا قطارات في هذه المدينة ولا محطاتٍ.

■ ■ ■

بينما تعيد ترتيب المقاطعِ

لا جدوى…

الأجدى أن تأخذ الموسيقيين والعازفاتِ

ولاعبي الفناجينِ

ورُماةَ السهام والراقصاتِ والبارَ اللاتينيّ

إلى المشهد الذي بعدهُ.

■ ■ ■

لا أحد في المشهدِ الذي بعدهُ

الظَليمُ حسبُ…

وراءه الزُّهرة وطالعُ النَّسرِ

وأزهى…

■ ■ ■

تشدّكَ من آخر الحارة

كحبٍّ قديم

رائحةُ حطبٍ في أولِ اشتعاله.

■ ■ ■

أضف مقالةً جديدةً

إضافة عنوان

بقميصٍ ترفُّ به الريح/ حازم العظمة

هنا أيضاً على الرصيفِ

تحت رذاذِ صيفٍ خفيفٍ

بقميصٍ ترفُّ به الريحُ

هنا أيضاً وَسطَ الشارعِ

تتبع شمساً مائلة

كما لو تذهبُ إلى ما فاتكَ…

تشيرُ بيديكَ وتهتفُ للنوارسِ

والنوارسُ تحلّق أخفضَ لتراكَ

حتى تهتفَ لكَ…

■ ■ ■

الغاوونَ يعتقدون أنه الشعر

والحسناء تحسَبُه البارَ اللاتيني

وأنا أخلِطُ بين كل هؤلاءِ والموسيقى…

■ ■ ■

الموسيقيونَ الذين تصلني أغنياتهم من آخرِ النفق جعلوني أمشي مختالاً في متاهةِ الأنفاق

كما لو أن الموسيقيينَ شعبي

وأني منذ قليل غادرتُهم

وهأنذا الآن أعودُ…

■ ■ ■

عشرونَ مذهباً للدهشةِ في السرداب

تتداولُ النهار فيما بينها

ستةٌ وعشرونَ مسرباً سريعاً ومذهباً للدهشةِ

ترتدّ على الجدران

وأنا في كل مرةٍ

أستند بظهري إلى الجدارِ

أميلُ برأسي وكتفِي كي لا أقطَعها

لعلّها لا تنتهي…

■ ■ ■

بعكس ما أشيعَ عن السُنونو من أن واحدة لا تصنع الربيع…

عشرون ربيعاً لا تقنع سُنونوةً واحدة أن تأتي.

■ ■ ■

الحماماتُ اللواتي يذرعنَ هذا الرصيفَ كل صباح

يبحثنَ عن فتاتٍ ما…

يستغربنَ:

لماذا خلا الشارع تماماً من العابرين

والشوارعُ المجاورة

والمدينةُ كلها…

■ ■ ■

حتى الآن المشاؤون لا يَحكُمونَ المدينةَ

لكنهم هادئون ومتمهّلونَ ومُصمّمون

كما لو اكتشفوا أن لا جدوى من المشي السريع

وأن لا شيءَ يُذكَر

كانوا ذاهبين إليه…

■ ■ ■

المارّة القليلون الذين بقوا

في مدينةٍ فرغت كلها

لا أحد منهم يجيبك: إلى أين ذهب الجميع

لماذا ذهبوا…

■ ■ ■

التراشق بالهاون بدأ مبكراً هذا الصباح

بعض القذائف أشعر أنها وقعت ورائي تماماً

السنجاب لم أرهُ منذ أربعة أيام…

غيومٌ رمادية من تلك التي لا حدودَ واضحةً لها

مذيعة “النشرة الموجزة” مُصِرّةٌ  أنها “الرِقّة “، مع أنهم أخبروها عشرَ مراتٍ أنها ليست كذلك…

أشعر أني صَحوتُ في غرفةٍ من فندق

مع أنّ هذه غرفتي منذ عشرين سنة.

■ ■ ■

هذه اللغة التي فيها: تغرورقُ

ويتهامسونَ

وخليلة…

لا بد أنها نشأت من تقليد الطيور.

■ ■ ■

كلّما نهضتَ باكراً أو فتحتَ النافذة، وكان ثمة غيمٌ ورذاذٌ خفيفٌ، حسِبتَ أن هناك قطاراً عليك أن تلحقَ به في محطةٍ ما…

سوى أن لا قطارات في هذه المدينة ولا محطاتٍ.

■ ■ ■

بينما تعيد ترتيب المقاطعِ

لا جدوى…

الأجدى أن تأخذ الموسيقيين والعازفاتِ

ولاعبي الفناجينِ

ورُماةَ السهام والراقصاتِ والبارَ اللاتينيّ

إلى المشهد الذي بعدهُ.

■ ■ ■

لا أحد في المشهدِ الذي بعدهُ

الظَليمُ حسبُ…

وراءه الزُّهرة وطالعُ النَّسرِ

وأزهى…

■ ■ ■

تشدّكَ من آخر الحارة

كحبٍّ قديم

رائحةُ حطبٍ في أولِ اشتعاله.

■ ■ ■

كلما سمعتُ بـ”بصيص الضوء”

فكّرتُ بحرائقِ الغابات،

بحارسِ الغابة الأخير

يشعل لفافته الأخيرة…

■ ■ ■

في الصباح وصلتني هذه الرسالة:

“لا أعرف ما الذي سيشبهه العالم لولا الشعر”.

قلتُ:

هذا أجملُ ما سمعتهُ من مديحٍ

للعالم… 

* شاعر سوري مقيم في باريس

العربي الجديد

كلما سمعتُ بـ”بصيص الضوء”

فكّرتُ بحرائقِ الغابات،

بحارسِ الغابة الأخير

يشعل لفافته الأخيرة…

■ ■ ■

في الصباح وصلتني هذه الرسالة:

“لا أعرف ما الذي سيشبهه العالم لولا الشعر”.

قلتُ:

هذا أجملُ ما سمعتهُ من مديحٍ

للعالم… 

* شاعر سوري مقيم في باريس

العربي الجديد

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button