قصة 50 امرأة سورية.. جامعة بوسطن تعرض فيلم “ملكات سوريا”
ديلي فري برس- ترجمة: ربى خدام الجامع
العالم بأسره يتذكر آلهة الإغريق وقصة حصان طروادة الأسطورية، إلا أن كثيرين ينسون الحرب التي امتدت لعشر سنوات بين الحادثتين، ولعل أشهر الحروب التي امتدت لعقد من الزمن، هي الحرب السورية التي تصدرت عناوين الصحف منذ بداية الربيع العربي في عام 2011، إلا أن قصص الكفاح المستمر وحكايا اللاجئين الذين تضرروا بسبب تلك النزاعات كثيراً ما يتم تجاوزها وغض الطرف عنها.
ولهذا عرضت كلية الفنون ومناهج العلوم الأساسية في جامعة بوسطن فيلمَ: “ملكات سوريا” في الثاني من آذار عبر منصة زووم، ثم استضافت جلسة لطرح الأسئلة على مخرجي الفيلم والإجابة عنها يوم الخميس الماضي.
يتتبع هذا الفيلم الوثائقي الذي صدر في عام 2014 قصص أكثر من خمسين لاجئة سورية هربن إلى الأردن وصنعن النموذج الذي يمثلهن من نساء طروادة في عام 2013، تلك المأساة الإغريقية القديمة التي كتبها يوريبيديس وصور بها حزن النساء وألمهن وغضبهن في أعقاب حرب طروادة.
وساعدت مديرة المناهج الأساسية كينا هاميل في تنظيم هذه المناسبة، وذكرت أنها تدرّس الإعلامَ والتعبير الرقمي وأن ذلك يعدُّ غَوصاً عميقاً في شخصية الملكة هيكوبا التي كتب عنها يوريبيديس والتي تعود لنحو 424 قبل الميلاد، أي أن هذا العمل مقتبس عن قصة نساء طروادة، وهي عبارة عن مأساة مناهضة للحرب كتبت في عام 415 قبل الميلاد، وقدمت للجمهور أثناء قيام الحرب البيلوبونيسية بحسب ما ذكرت السيدة كينا، أما هذا الفيلم الوثائقي فيعرض لاجئات سوريات يؤدين مسرحية في الوقت الذي يحتدم فيه النزاع في بلدهن.
ويعتمد هذا الفيلم الوثائقي على عملية تقديم العرض المسرحي بكامله، لكنه يلمح أيضاً إلى شكل الحياة التي تعيشها من يؤدين هذا العرض وذلك خلال التدريبات والبروفات.
وقد ذكرت السيدة كينا أنّ المسرحية والسياق التاريخي الذي يحيط بها يمنحها قوة، ولا بد لتلك القوة أن تجعل تلك المسرحية مؤثرة حتى بعد مرور قرون عليها.
وحول ذلك تقول السيدة كينا: “كان اختياراً رائعاً بالنسبة لفريق الإنتاج الذي اختار هذه المسرحية ليشير إلى وجود صدمة… أكثر من يعاني منها هم النساء والأطفال. إنها فرصة للحديث عن الطريقة التي يمكن للنصوص القديمة أن تسهم في الحوارات حول الحرب وحول ما يجري في الوقت الراهن”.
ونظراً لوجود روابط بين مادة الفيلم والمواد التي يدرسها الطلاب في أقسامهم، ترى السيدة كينا بأن هذا الفيلم يعدّ تجربة قيمة بالنسبة لطلابها، وتتابع قائلة: “إنه عمل يخاطب الماضي والحاضر، إنه عمل عظيم بكل بساطة ولهذا رغبت بأن أحمله إلى الحرم الجامعي”.
هذا وينسج الفيلم الوثائقي قصص النساء عبر تسلسل زمني خاص بالمسرحية، بما أن النساء يعكسن شخصياتهن ورحلاتهن على شخصيات المسرحية.
أما كاري بريستون مديرة الكلية وأستاذة اللغة الإنكليزية فقد ساهمت في تنظيم هذه المناسبة، وذكرت بأنها تأمل أن يستوعب الطلاب في كليتها بصورة أفضل التاريخ الكامن وراء أزمة اللجوء من خلال هذا الفيلم الوثائقي، إذ قالت: “معظم الأشخاص الذين تعرضوا لتجربة التهجير القسري، إن لم يكونوا كلهم، يعتبرون ناجين من صدمة بالغة، وثمة تاريخ طويل للاستعانة بالفن كعلاج ولدعم عملية الشفاء”.
وذكرت السيدة كاري بأنها شخصياً تعمل على: “الاستجابات المسرحية بالنسبة للنزوح القسري”.
في حين أعلنت السيدة كينا أن المسرحيات تبدو للوهلة الأولى قديمة، لكنها ما تزال قابلة للتطبيق على الدارسين والمتعلمين في عصرنا الحالي، وعن ذلك تقول: “تبدو تلك المسرحيات قديمة وكأن الدهر أكل عليها وشرب، ولكني أعتقد بأنه لو كان هنالك أي شيء حقيقي حول المسرحيات المأساوية الإغريقية، فلا بد أن يكون ما تعالجه في الوقت الراهن على الدوام”.
كما أعلنت السيدة كاري أنها تتمنى أن تلهم القصص التي يعرضها هذا الفيلم الوثائقي المشاهدين ليثقفوا أنفسهم أكثر ويطّلعوا على ما يحدث في سوريا، وتقول: “أتمنى أن يغادر الطلاب قاعة العرض والنقاش، ولديهم رغبة في تثقيف أنفسهم حول ما أعدُّه أزمة عالمية بالنسبة للتهجير القسري، كما أتمنى منهم أن يفكروا في طرق تقديم المساعدة والدعم للاجئين”.
وأضافت بأنه بوسع الفن مساعدة الطلاب على تخيل: “مستقبل مغاير”، تختفي فيه حالات التهجير والنزوح والمعاناة والحرب، مع السعي لجعل ذلك ممكناً. وفي الوقت ذاته، تتمنى أن يُظهر هذا الفيلم الناجيات بموقف القوة، وتتابع بالقول: “بالرغم من أن الناس يمكن أن يكونوا ناجين من الحرب والمعاناة التي تترتب على التهجير القسري، فإن هنالك حالة إبداعية كبيرة إلى جانب حالة المرونة التي تظهر بين هؤلاء الأشخاص، وأعتقد أن هذا يعبر عن صورة مغايرة لمن عاشوا تجربة التهجير القسري، ولهذا من الضروري وضع تلك الصورة إلى جانب صور الضحايا الآخرين”.
المصدر: ديلي فري برس
تلفزيون سوريا