عاصم الباشا: العسكر مبيَضة الطغاة والوحوش دفنوا حلمي وبعض أعمالي
غسان ناصر
يستضيف مركز حرمون للدراسات المعاصرة، هذا الأسبوع، الكاتب والمترجم والفنان والنحات السوري العالمي عاصم الباشا، المولود في العاصمة الأرجنتينية بوينس أيرس عام 1948، لأب سوري مهاجر وأم أرجنتينية، وهو يعيش منذ أكثر من ثلاثين عامًا في مدينة غرناطة جنوب إسبانيا.
تفتحت موهبة ضيفنا في الرسم وصنع الأشكال باكرًا. وكان في السابعة، حين أرسله والده إلى أكاديمية “بويدو” المخصصة للكبار في بيونس آيرس. وفي الحادية عشرة من عمره، عادت العائلة إلى مسقط الرأس في يبرود (80 كم شمال دمشق). وهكذا، استعاد الفتى الطليق بالإسبانية لغته العربية، فكتب الشعر وهو في الرابعة عشرة، وأرسل قصيدته الأولى إلى جريدة “الثقافة” التي كان يصدرها الشاعر الراحل مدحت عكاش. وفي الثامنة عشرة، كتب روايته الأولى التي لم ترَ النور من جراء سيلٍ جرف منازل عديدة في بلدته. وفي سن العشرين، حصل على منحة حكومية لدراسة النحت في “معهد سوريكوف للفنون التشكيلية” في موسكو، وكان الطالب الوحيد المقبول بين المتقدمين العرب والأجانب. وبين الدراسة في موسكو وقضاء الصيف في باريس، تعلّم النحات الشاب الروسية والفرنسية، وقضى سبع سنوات بين جغرافية الفن الأوروبي المنقسمة إلى يسار جدار برلين ويمينه. وفي سنته الدراسية الثالثة، عكف على كتابة روايةٍ يؤرخ فيها لسيرة أبيه وأحلامه المنكسرة. بعد عشر سنوات، أعاد النظر فيها، وعنوانها «وبعض من أيام أُخَر»، وعرضها على صديقه الكاتب السوري محمد كامل الخطيب، الذي فاجأه بإصدارها ضمن منشورات وزارة الثقافة في دمشق.
وبعد عودة عاصم من موسكو عام 1977، كانت التقارير الأمنية قد سبقته، وجعلت منه شخصًا غير مرغوب فيه في (سوريا الأسد). فوجد نفسه معلمًا للرسم في الحسكة (أقصى شمال شرق سورية)، بدلًا من أن يكون أستاذًا في كلية الفنون الجميلة في دمشق! ومنذ تلك اللحظة، أدرك أنه محكوم بالهجرة. وبعد أن قضى عامًا واحدًا في الحسكة عاد إلى دمشق، وأقام معرضين عام 1979، ثم غادر إلى باريس للحصول على شهادة الدكتوراه في السوربون، لكنه تخلى عن الفكرة، وسافر إلى إسبانيا. ليعود في عام 1983، مجددًا إلى دمشق، حيث وجدت زوجته الفرنسية وظيفة في «المركز الثقافي الفرنسي»، براتب يسمح للعائلة الصغيرة بالعيش، ويسمح له بممارسة النحت. وفي تلك الفترة، رفض إنجاز تماثيل لرئيس سلطة الأمر الواقع الانقلابي حافظ الأسدـ فقوبل رفضه بالترغيب تارة والترهيب تارة أخرى، فبادر بإرسال أولاده إلى إسبانيا، ثم زوجته، وكان هو آخر الراحلين بدعوى “الإجازة”؛ إجازة دامت أكثر من ثلاثة عقود. معتبرًا أنّ رفضه الصريح لإنجاز التماثيل لـ (القائد الخالد) كان رحيله واختياره المنفى الذاتي، وفي ذلك يقول: “حاول النظام إغرائي، لأنّ السفلة حمقى عمومًا ويظنون أنّ بمقدورهم شراء الجميع، بالترغيب أو الترهيب. قرّرت الرحيل مع بوادر الترهيب”. وهو ما جعل مخابرات الأسد الأب تلاحقه بعد ذلك لسنوات.
إلى جانب النحت، واظب عاصم الباشا على الترجمة والكتابة، حيث ترجم مقاطع من رسائل فان غوغ، صدرت بعنوان «عزيزي ثيو»، وترجم -بالتعاون مع الراحل صالح علماني- ديوانًا لرفاييل ألبرتي، وقصصًا من أميركا اللاتينية. كما صدرت له مجموعتان قصصيتان: «رسالة في الأسى» (1988) و «باكرًا بعد صلاة العشاء» (1994)، إضافةً إلى كتابٍ عن «يوميات المشغل»، فاز بجائزة “ابن بطوطة” لليوميّات 2009، وصدر عن دار “السويدي للنشر” في أبو ظبي، بعنوان «الشامي الأخير في غرناطة» في 2011، وبعد أربع سنوات 2015، صدرت روايته «غبار اليوم التالي»، عن “دار توتيل” في إسطنبول.
لقطة نادرة لحظة قصف مشغل عاصم الباشا في وادي عين العصافير من قبل طائرة ميغ أواخر آب/ أغسطس 2012
وفي أتون الحرب القذرة التي شنّها الطاغية المستبدّ بشار الأسد ضد الشعب السوري، مستقويًا بقوى أجنبية إقليمية ودولية وميليشيات طائفية مستقدمة من أصقاع الأرض، كانت خسائر “نحات الألم” السوري كبيرة، إنسانيًا وفنيًا، بدءًا من مقتل شقيقه نمير في معتقلات الأسد، واعتقاله هو مدّة، وقد دوّن ذلك في قصاصة أسماها «يوم ونيّف في يبرود»، وفقدانه لأكثر من تسعمئة عمل فني (ما بين نحت ورسم ودراسات)، هي حصيلة 40 سنة من جهده، كنحات ورسام، سرق بعضها شبيحة النظام وعناصر الميليشيا الطائفية، وبعضها أخفاه في باطن الأرض في بلدته يبرود، وبات مصيرها اليوم مجهولًا. ومنذ سنوات يتّخذ عناصر ميليشيا “حزب الله” الإرهابية بيت والدته مركزًا لهم، كما احتلّوا بيوت بقية إخوته.
النحّات السوري العالمي عاصم الباشا وافق مشكورًا على إجراء هذا الحوار، مع مركز حرمون للدراسات المعاصرة، على الرغم من الظروف الحرجة التي يمرُّ بها منذ مدة، حيث إن زوجته ورفيقة دربه (نيكول) تعاني مرضًا عضالًا وقد أجرت عملية جراحية حديثًا، كلّلت بالنجاح وهي الآن في فترة نقاهة، ونرجو لها السلامة والشفاء العاجل. ومن يعرف عاصم الباشا؛ يعرف أنه مبدع متجدد لا يحب الحشو في الكلام ويفضّل الإيجاز.
شقيقه الشهيد نمير
هنا نص حوارنا معه..
عاصم الباشا، كيف تفضّل التعريف بنفسك لقراء مركز حرمون للدراسات المعاصرة؟
هذا السؤال يراودني، كلما تسلّلت اليقظة إلى وعيي. لنقل: إنني متمرّد محترف يحاول الوصول إلى الآخر.
ما موقفك مما حدث ويحدث في بلدك الآن؟ وكيف تقرأ تأثيرات ما نعيشه اليوم على مستقبل سورية والسوريين؟
ما حدث تأخّر كثيرًا. كان يتوجّب قول الرأي بعد أول انقلاب عسكريّ. العسكر مصيبة غالبية الأنظمة العربية ومبيضة الطغاة. والكارثة لن تتوقف، ما لم نضع حدًّا لتدخّلهم بالشأن العامّ. أذكر أنني كتبت في الثمانينيات، قبل أن أختار النفي الذاتي عن البلد: «أرى الشواهد تمشي من حولي».
لِمَ أعدت عام 2018 تشييد رأس تمثال أبي العلاء المعري، وما دلالات ذلك عندك؟
أبو العلاء مرادف للعقل، وهو ما ينقص مجتمعاتنا، حيث تسود الجهالة والإيمان بالغيبيات. اخترت المعري نبراسًا منذ يفاعتي، بفضل إعجاب والدي بآرائه. وطبيعيّ أن نذكر المعرّي ونكرّس منهجه، عسى أن يرشد حضورُه فينا الغائبين عن الوعي. وسبق أن صوّرته نحتًا في شبابي. لكن استمرار الموت والخراب جعلنا نعيده. الفضل يعود لمنظمة “ناجون من المعتقلات السورية”(1) التي سعت لإنجاز العمل. أنا لم أتبرّع إلا بعملي.
امتهنت المعارضة والثورة باكرًا
قلتَ في حوار سابق: “توقّفتُ عن النحت والرسم منذ سنة ونصف، منذ أدركت معنى قضاء جحافل النظام وحزب الله على أربعين سنة من عملي ومحاولاتي المجموعة في قريتي (يبرود) وكنت أنوي إهداءها للمدينة، وتأسيس مركز استقطاب للنحت فيها. قتلوا أخي نمير تعذيبًا، لأنه ساعد النازحين (2)، وقتلوا معه جهد عمري. وما تراه كتابةً هو عبارة عن نزف ما تبقّى”. ما هي تفاصيل سرقة ودفن أعمالك في “يبرود” حيث مشغلك في وادي “عين العصافير”؟ وماذا تروي لنا عن مشاعر الفقد (فقد نمير ومنحوتاتك) التي تشعر بها الآن بعد كل سنوات الجمر التي مرت؟
ما زلنا نجهل من هو الفاعل. كان من عادتي جمع ما تسنى من أعمالي لدى الأهل في يبرود، وهذا يعني نتاج أربعين سنة من محاولاتي. لم أتمكّن، بين قصف وآخر، إلا من دفن جزء يسير منها. كانت الغاية دومًا التبرّع بجهدي للمدينة الصغيرة، وإنشاء مركز للنحت وللثقافة عامّة في البلد. لكن الوحوش دفنوا حلمي وأجبروني على دفن بعض أعمالي.. أقدّر أن ما ضاع من جهدي يقارب تسعمئة عمل.
عاصم الباشا مع أنور البني وفارس الحلو وأصدقاء آخرين بعد حلول تمثال المعرّي في مالقة
حدثنا عن السنوات التي عشتها في (سوريا الأسد) حين قررت ترك الأرجنتين والعودة صبيًا إلى مسقط رأس والدك، وكيف قابلت الأجهزة الأمنية الأسدية رفضك إنجاز تماثيل لحافظ الأسد؟
الوالد المغترب هو الذي قرّر وليس نحن. جلبنا إلى مسقط رأسه بقرار منه (ندم في أواخر حياته)، كنت في الحادية عشر من عمري آنذاك، وما من رأي لي في ما جرى. ثم جاءت مرحلة التعلّم واستيعاب ثقافة الجغرافيا الجديدة. لم أقصّر بجهدي، على ما أعتقد، وبنيت رؤيتي للأمور بفضل ذلك السعي. أمّا علاقتي مع سلطة الطاغية، فكانت بيّنة منذ البداية. أوفدتني كلية الفنون الجميلة للدراسة في الخارج، أيام الرئيس نور الدين الأتاسي، لأعود معلّمًا في الكلية ذاتها، لكن التقارير الأمنية منعتني من ذلك. وعندما جاؤوا من القصر الجمهوري مطالبين بأن أنجز تماثيل للطاغية حافظ الأسد، بلطف في البداية ثم بالتهديد، أدركت أن لا مكان لي في البلد؛ فقرّرت اختيار النفي الذاتي، لي ولعائلتي. مضى على ذلك 33 سنة.
سؤالي عن النخب، كيف تعاملت معك ومع منتجك الفني في تلك السنوات؛ السنوات العجاف التي قضيتها في دمشق؟
لحسن الحظ أنني التقيت شلّة من المبدعين تشاركني الرؤية بعد عودتي من موسكو. المؤسف أن الغالبية رحلت. أذكر منهم سعيد حورانية وسعيد مراد وسعد الله ونوس وفواز الساجر ورياض الصالح الحسين وآخرين ما زالوا بيننا. كان اجتماعنا متنفّسًا لنا في ذلك الضيق، لكن دورنا كان محدودًا للغاية ومراقبًا دومًا. كنا نتساعد وندعم بعضنا جميعًا في ما نحاول تقديمه، لكن تأثير عملنا ظلّ محدودًا بسبب النظام الأمني.
كيف أثّرت أو تؤثّر الثورة السورية، والحرب التي أكلت الأخضر واليابس في البلاد، في كتاباتك وأعمالك الفنية بشكلٍ عامّ؟
لم ألحظ تغيّرًا، ربما لأنني امتهنت المعارضة والثورة باكرًا، ولا أميل إلى المباشرة كي لا أقع في إطار الإعلان. بالطبع هناك دومًا مواضيع تجبرك على استخدام ما يشير إليها، كالقضبان في حال المعتقل، لكنني أميَل إلى الإيحاء، كأن تصوّر الميت في شخص الحيّ.
برأيك، هل ارتقى الفن السوري إلى مستوى هذه الكارثة، بعد أن سُويّ أكثر من ثلث سورية العمراني بالأرض، ودُمّر المستقبل بالبراميل المتفجرة والرايات السوداء، وتشظى النسيج الاجتماعي، وعمّ الخراب روح الإنسان السوري، أينما وجد؟
الخراب لا يعمّ سوى نفس الكائن الخَرِب (لا أومن بالروح بل بالنفس). ومن المحال أن يحيط أيّ عمل إبداعي بجملة كارثة كالكارثة السورية. أنا لا يقلقني الخراب في الحجر أكثر مما تقلقني النفوس الخرِبَة. أما البراميل فقد حاولت تمثيل من ينتظر وقوعها.
هل حصل معك في مسيرتك الفنية الطويلة أن كانت هناك خطوط حمر توقفت أمامها عند قيامك بأي عمل فني جديد، سواء في السياسة أو الدين أو الجنس؟
الخط الأحمر الوحيد تمليه ثقافتك وأخلاقك. ليس من عادتي الامتناع عن قول رأيي الذي قد لا يتوافق مع رأي كثيرين، وبخاصّة بين من يؤمنون بالغيبيات أو القوميات أو أيّ طائفية.. لا أومن بالحدود الجغرافية التي وضعها البشر. و”وطني” هو الرصيف الذي أمشي عليه بكرامة، أينما كان.
كيف تجد اليوم علاقة الفن بالسياسة؟
كل عمل إبداعي هو سياسة، حتى عندما تقول: “صباح الخير” لجارك.
عندما أتوقّف أكون قد غادرتكم
صدر لك أكثر من عمل أدبي (قصص ويوميّات ورواية)، فهل لجأت إلى الكتابة، لأنك لم تستطع قول كل ما تريد من خلال الرسم والنحت؟
روايتان. تعلّقي بالكلمة بدأ في طفولتي في “بوينس أيرس”، منذ فضّل الوالدان إهداءنا الكتب بديلًا عن الألعاب، وقد سايرت نزواتي الكتابية التشكيلية منها، منذ البداية إلى أن استفحل التشكيل في النفس، وصرت تشكيليًا يكتب أحيانًا ذلك الذي يعجز عن التعبير عنه نحتًا أو رسمًا.
إلى أيّ مدًى يمكن أن تكون الكتابة والفنون شهادةً حيّة عن اللحظة التاريخية؟ وما دور الكاتب والفنان السوري في زمن ثورة الحرية والكرامة؟
أعتقد أنها تحاول دومًا ذلك الغرض، وإن كانت المحاولات اللامعة محدودة بالكمّ. أما دور من ذكرت فذلك يمليه هو وعقله وضميره وعلاقته مع الواقع وما يجري. لا فائدة هنا من المطالبة.
ماذا عن كونك سوريًا وُلد وعاش معظم حياته في المنفى، كيف يحضر المكان والبيئة في صياغة الأفكار والنص؟
غلاف كتاب (الشامي الأخير في غرناطة) لعاصم الباشا
الهوية هي جملة ما استزدته في تجربتك الحياتية، وليس بمقدورك الانسلاخ عن المكان والبيئة التي تكوّن بها وعيك وتشكّلت بها علاقتك مع العالم، ستبقى لصيقة بك ما دمت تحسّ وتعقل.
لماذا اخترت مدينة غرناطة، دون غيرها، للعمل والإقامة؟
لستَ أول من يسألني هذا. أحيانًا أجيب مازحًا أنني أحبّ فلسفة القيلولة! لكن سنواتي الأربع في مدريد لم تقنعني، فبحثت عن مكان “أرحم” يسنح لي فرصة امتلاك مشغل وحديقة ومسكن، وإن عشت وعملت في عزلة، فقد اعتدت أن أكون وحدي، وإن كان حولي زحام.
كيف ترى موضوع الهوية والتمسك بها أو التخلي عنها أو امتزاجها؟ وما نظرتك الحالية إلى مفهوم الوطن والهوية؟
سبق أن قلتُ رأيي، في ما يحسبه الآخرون “وطنًا”. حياتي التي توزّعت في بلدان عديدة، وعلاقتي مع الثقافات الأُخَر، جعلتا علاقتي بالمكان مغايرة. نحن، كلّ منّا، حصيلة تجربته الخاصة ومعرفته. لكن الانسلاخ عن منبع ثقافتك الأساس لا يخلو من الدناءة. عندما أُسأل من أين أنت؟ أجيب “سورية”، لأن حصيلة البداية كانت في شرق المتوسط.
في الحياة خسارات كثيرة، هل تعوّضنا الفنون بعض خسائرنا؟
تساعد بعض الناس في التنفّس والمتابعة. وأنا منهم.
لو قيّض لعاصم الباشا البدء من جديد، فأيّ مسار كان سيختاره؟ وهل أنت راض عن نتاجك الكتابي والفني الإبداعي حتى الآن؟
لن يقيّض.. لحسن الحظّ.أكرّر في كل مناسبة أنني فاشل محترف ينتقل من إخفاق إلى آخر. بعض الناس يعد ذلك تواضعًا زائفًا (ربما لأنهم لا يعرفونني)، لكنه أسلوبي في محاولة تجاوز ما أخفقت فيه. وأعتقد أن الحكم على قيمة ما نصنعه من مهمّة الآخرين.
أخيرًا، ما المشاريع الكتابية أو الفنية التي تعمل عليها الآن؟ وما عملك القادم؟
لا أعرف. توقّفت عن العمل منذ أشهر، بسبب مرض أصاب زوجتي وتحاول تجاوزه (وأنا واثق من هذا)، أن تقضي ثلاثة أيام أسبوعيًا في المشافي، ثم تحاول المساعدة للتخفيف من آثار الجرعات الكيمياوية البغيضة لا يترك في النفس رغبة للالتفات لمشاغلك أنت. لكنني سأعود بالطبع. عندما أتوقّف أكون قد غادرتكم.
عاصم الباشا إلى جانب تمثال أبو العلاء المعري
عما بعنوان (تحية لغوطة دمشق) – 2012
_________________________________________
(1) منظمة “ناجون من المعتقلات السورية”، وكان وراء إطلاقها الفنان فارس الحلو، وهي مسجلة في فرنسا، وتضم عددًا كبيرًا من الفنانين والكتّاب والإعلاميين والحقوقيين السوريين المعارضين. كان أول إنجازات المنظمة إطلاق مشروع «رأس المعري»، وهو عبارة عن منحوتة عملاقة، تجسد رأس الشاعر والفيلسوف أبي العلاء المعري بارتفاع قدره 325 سنتيمترًا، وتم نصبها في مدينة مالقة الإسبانية “إهداءً للمعتقلين والمُغيّبين قسريًا في سورية”، وستجوب المنحوتة مدنًا أوروبية إلى أن يحلّ السلام في سورية، وتتمكّن المنظمة من إعادة نصبها في معرة النعمان، جنوب إدلب. ويُشار إلى أنّ 350 سوريًا وعربيًا تبرعوا لإنجاز هذا العمل الذي نفذه النحّات عاصم الباشا. وكان مسلحون متشدّدون قد قطعوا رأس تمثال الشاعر الفيلسوف أبو العلاء المعري (التمثال الذي صنعه النحات السوري فتحي محمد عام 1940) في مدينته معرة النعمان سنة 2013.
(2) يَذكر عاصم الباشا، في مقالة له بعنوان «رحلة الخروج»، نشرت بتاريخ: 03/02/2013، أنّ أخاه (نمير) اعتقله عناصر من الفرقة الثالثة وقوى أمن مختلفة وشبّيحة، في بلدة يبرود، وبقي في المعتقل ما يقارب ثمانية أشهر. وكان في الواحد والخمسين من عمره. ثم أفرج عنه، لكنه مات -بسبب آثار التعذيب- بعد خمسة أيام، في مشفى خاصّ (بعدما كان قد فقد 45 كلغ من وزنه)، في 31/10/2012.
مركز رحمون