سياسة

تطورات الأزمة السورية، لا شرعية الأسد وانتخاباته، اعادة انتخاب الطاغية – مقالات مختارة-

لمتابعة الملف: عن “المعركة” بين روسيا وأميركا على الانتخابات الرئاسية السورية الذي أعدته “صفحات سورية” على مدى أشهر

من هنا

وهذا الملف هو استكمال لما نشر هناك

==============================================

غوتيريش يحذر من انجراف سوريا نحو حل “لا سلام لا حرب

نيويورك: حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، من “انجراف الوضع في سوريا نحو حل لا حرب ولا سلام”.

جاء ذلك في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك، حول الوضع في سوريا.

وقال الأمين العام في إفادته، إنه “يجب أن تتضمن الخطوة الأولى تقدما موثوقا به داخل اللجنة الدستورية من أجل تنفيذ القرار 2254 لصياغة دستور جديد، مما يسمح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة”.

ويطالب القرار 2254 الصادر بتاريخ 18 ديسمبر/كانون الأول 2015، جميع الأطراف بالتوقف الفوري عن شن هجمات ضد أهداف مدنية، ويطلب من الأمم المتحدة أن تجمع بين الأطراف في مفاوضات رسمية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة بهدف إجراء تحول سياسي.

وأوضح غوتيريش أن “المبعوث الخاص إلى سوريا (جير بيدرسن) عقد حتى الآن 5 جلسات للجنة الدستورية، وكانت نتائج عمل اللجنة أقل من توقعاتي، ولم ترق إلى مستوى توقعات الشعب السوري”.

وأردف “يجب أن تكون الدورة السادسة مختلفة عما حدث من قبل بأهداف واضحة وأساليب عمل موثوقة.. من خلال بناء الثقة وفتح الباب نحو عملية سياسية أوسع”.

وأثنى غوتيريش على حالة “الهدوء النسبي الذي شهدته سوريا هذا العام منذ ترتيبات وقف إطلاق النار المتفق عليها بين ضامني أستانا، تركيا وروسيا، في 5 مارس/آذار 2020 “.

وقال إن “الأمم المتحدة أرسلت ما معدله ألف شاحنة مساعدات شهريا عبر الحدود من تركيا إلى إدلب العام الماضي، استفاد منها 2.4 مليون شخص كل شهر على مدار العام”.

وحذر غوتيريش من أن إخفاق مجلس الأمن في تجديد آلية إيصال المساعدات العابرة للحدود في يوليو/تموز المقبل، من شأنه أن “يقضي على خطط توزيع لقاحات كورونا في سوريا وسيتوقف تسليم الغذاء والمساعدات الإنسانية الأخرى”.

(الأناضول)

—————

مؤتمر أممي ـ أوروبي لحثّ المجتمع الدولي على مساعدة النازحين السوريين/ هبة محمد

عواصم – «القدس العربي»  ووكالات: بحضور ثمانين وفداً من خمسين دولة ومنظمات غير حكومية ومؤسسات مالية دولية، اجتمع ممثلون عن الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في “مؤتمر بروكسل لدعم سوريا” عبر الفيديو أمس الإثنين، والذي يستمر يومين، من أجل تنسيق آلية جمع عشرة مليارات دولار كمساعدات إنسانية للسوريين في الداخل واللاجئين في دول الجوار.

جاء ذلك بالتزامن مع إصدار منظمات حقوقية وإنسانية مذكرات تحث فيها مجلس الأمن الدولي على منع ما وصفتها بالتصرفات العدائية للجانب الروسي ضد السكان المدنيين، وذلك من خلال عمله على فرض سياسة التجويع الممنهج عبر تعطيل قرارات مجلس الأمن بما يخص دخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا، وإصراره على إجراءات منع المساعدات، ما يتسبب في كارثة إنسانية قد تحل بالأهالي، مخالفا بذلك اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين.

وحث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الإثنين، مجلس الأمن الدولي على إعادة فتح المعابر والسماح بوصول المساعدات للسوريين شمال غربي البلاد. جاء ذلك خلال الجلسة التي يعقدها مجلس الأمن الدولي حول سوريا، برئاسة وزير الخارجية الأمريكي.

وفي تصريحات نقلتها قناة “الحرة” الأمريكية قال بلينكن: “يجب عدم تسييس المسألة الإنسانية في سوريا”. وأضاف: “دعونا نعيد الترخيص للمعبرين الحدوديين اللذين تم إغلاقهما ونعيد ترخيص المعبر الحدودي الوحيد الذي لا يزال مفتوحاً”.

وأعلنت الأمم المتحدة، أمس، أنها بحاجة إلى أكثر من 10 مليارات دولار من أجل تغطية أنشطتها الإنسانية في سوريا والمجتمعات المضيفة للاجئين السوريين هذا العام.

(تفاصيل ص 4)جاء ذلك في بيان مشترك أصدره وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارك لوكوك، والمفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، ورئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر، تزامناً مع مؤتمر المانحين الدوليين الذي انطلق أمس. وأوضح البيان الذي اطلعت عليه وكالة الأناضول، أن “24 مليوناً في سوريا والمنطقة بحاجة إلى مساعدة إنسانية أو شكل آخر من المساعدات خلال هذا العام، بزيادة أكثر من 4 ملايين مقارنة بعام 2020، ويعد هذا الرقم الأعلى منذ بدء الصراع في سوريا قبل 10 سنوات”.

وقال فريق “منسقو استجابة سوريا” في بيانه الذي أصدره بمناسبة اجتماعات مجلس الأمن الدولي ومؤتمر بروكسل للمانحين، إن موسكو استطاعت تعطيل العديد من القرارات الدولية من خلال التحكم بالمدة الزمنية لكافة القرارات التالية، مقابل الحصول على مكتسبات سياسية أبعد ما تكون عن نطاق الإنسانية.

ووفق البيان، فإن روسيا “تحاول منذ بداية تدخلها في سوريا، العمل على تقويض جهود فرض السلام والاستقرار في منطقة خفض التصعيد العسكري في محافظة إدلب السورية من خلال شن هجمات عسكرية (غير شرعية) لمصلحة النظام السوري وحلفائه في سوريا”.

—————————-

تناقضات. العقوبات السورية. عمار الحلبي.

https://www.alaraby.co.uk/sites/default/files/28-03-2021/Investigations.pdf

———————————

مؤيدو بشار في إسرائيل/ عمر قدور

تغلّب مؤيدو بشار الأسد في القيادة الإسرائيلية على معارضيه. هذا ما يخلص إليه وزير إسرائيلي كبير متحدثاً عن النقاش الذي دار داخل الحكومة لغاية التدخل العسكري الروسي، أي حتى لم يعد لتل أبيب القدرة السابقة على التحرك في سوريا. الكلام الذي نقله عن الوزير المحللُ العسكري في يديعوت أحرنوت رون بن يشاي قبل يومين تأتي أهميته من التأكيد على قوة المعسكر المساند لبشار، وتحديداً برئاسة الرجل القوي نتنياهو، بكل ما يرمز إليه الأخير من موقعه في اليمين المتطرف ومن قضايا تلاحقه في المحاكم.

رغم عدم كشفه عن أسرار مفاجئة، قدّم تقرير بن يشاي إحاطة جيدة بأجواء النقاش ضمن الحكومة والجيش، فأنصار بشار استندوا إلى عدم ضمان مجيء التغييرات لصالح إسرائيل، مع التخويف من التنظيمات الجهادية التي يرونها أخطر من نظيراتها بقيادة طهران. أما أنصار التغيير في سوريا فكانوا يرونها فرصة لمجيء نظام جديد، تربطه علاقات جيدة بواشنطن والغرب وحلفائهما العرب، ويمكن توقيع اتفاق سلام معه من دون الانسحاب من الجولان. الإشارة إلى الجولان تبقى ناقصة، ما لم تُستأنف بأنها ليست شأناً ساخناً موضوعاً على الطاولة بسبب مطالبة بشار بها، وليس لها تأثير يُذكر على القرار الإسرائيلي الخاص ببشار بسبب قدرة تل أبيب على الاحتفاظ بها.

إزاء هذا النوع من التقارير، ما يمكن استنتاجه له في كثير من الأحيان أهمية ما يُكشف عنه. من ذلك أن المفاضلة بين الجهادية السنية ونظيرتها الشيعية، ثم الانحياز إلى الثانية، لا يمكن فصله عن تدفق الميليشيات الشيعية إلى سوريا منذ عام2011، وفي طليعتها حزب الله. ذلك كله لا يمكن حدوثه من دون رضا إسرائيلي. هذا الاستنتاج يدحض ما جاء في التقرير لجهة عدم تدخل تل أبيب لصالح أية جهة في سوريا، ولدينا تسلسل واضح للأحداث بعدم استهداف تلك الميليشيات كما سيكون الحال بعد التدخل العسكري الروسي، أي بعد تكفل موسكو بمهمة إنقاذ بشار وتضاؤل الحاجة إليها.

كان التحالف الدولي ضد داعش قد أُنشئ قبل التدخل العسكري الروسي تماماً بسنة، وهكذا سيبدأ بالانحسار خطرُ التنظيمات الجهادية السنية، وستكون بداية النهاية لترك سوريا ساحة لإنهاك الجهادية السنية والجهادية الشيعية بحرب تستنزفهما بحسب الترويج الأمريكي آنذاك لسياسة أوباما. أي أن بدء الاستهداف الإسرائيلي المكثف للميليشيات الشيعية أتى في المرتبة الثالثة بعد ضمان الحرب على التنظيمات الجهادية السنية، وضمان الإبقاء على بشار، ولعل تسلسل الأولويات كما شهدنا يثبت تأثير الرؤية الإسرائيلية على تلك الوقائع رغم ما كان يُشاع عن فتور بين إدارة أوباما ونتنياهو.

 بالطبع، لا ينبغي أن يكون مفاجئاً الانخراط الإسرائيلي في الشأن السوري، بل العكس هو المستبعد تماماً. التدخل الإسرائيلي لصالح بشار لا يأخذ أهميته فقط مما حدث وانتهى، فواحدة من الإشارات الهامة في التقرير اتفاق مؤيدي بشار ومعارضيه الإسرائيليين على قدرة حكومتهم على إسقاطه أو الإبقاء عليه، أي أن تل أبيب لن تكون بعيدة عن تقرير مستقبل سوريا، مهما تراجعت نسبة تأثيرها في القرار الذي باتت تتشارك فيه قوى دولية وإقليمية أخرى.

نسترجع هنا ما كان يطرحه العديد من المعارضين السوريين حول إبقاء تل أبيب على بشار، لأن البديل “الوطني” لا بد أن يكون معادياً لها جذرياً بخلاف نفاق حلف الممانعة. في المقابل من هؤلاء، حاول معارضون قلائل التقرب من تل أبيب، إلا أن الأخيرة تعاطت مع محاولاتهم باستغلال إعلامي مؤقت يتناسب مع خفة مبادراتهم. لا أصحاب الخطاب المعادي كان لهم تأثير في النقاش ضمن الدائرة الأمنية الإسرائيلية، ولا دعاة السلام والانفتاح كان لهم ذلك التأثير أيضاً، فضلاً عن أن النقاش لا يتطرق إلى فرضية تغيير ديموقراطي حقيقي.

في ما مضى، والآن وفي الأمد المنظور، ستكون المعضلة الإسرائيلية قائمة، والتأثير الإسرائيلي في مستقبل سوريا يعيدنا إلى تقرير بن يشاي الذي قد لا تتغير معطياته بسهولة، بل ربما يجوز التحدث عما يشبه الثوابت التي ستحكم السياسة الإسرائيلية. في مقدمة تلك الثوابت ما يمكن اعتباره حساسية خاصة إزاء فرضية الفوضى في الجوار، فقد جربت تل أبيب ذلك في لبنان وقبل ذلك لزمن أقصر في الأردن، وقادتها العسكريون يرون في شبح الفوضى أسوأ الاحتمالات.

ربطاً بالخشية من الفوضى، تتفق تل أبيب مع دوائر صنع القرار الغربي على تفضيل الخطر الشيعي على نظيره السني، فالثاني منهما يصعب التعامل معه بسبب طبيعته غير المنضبطة، ولعدم خضوعه لمرجعية موحدة يسهل بالمقارنة الاشتباكُ معها عسكرياً أو سياسياً. من جهة أخرى، تندرج الميليشيات الشيعية ضمن مشروع إيراني واضح لاكتساب مناطق نفوذ، في حين تطرح الجهادية السنية أهدافاً “عظمى” تصل بها إلى العدمية السياسية، وإلى استخدام عدمي للعنف.

بصرف النظر عن دقتها وأحقيتها، ستبقى الهواجس الإسرائيلية “ومثيلتها الغربية” قائمة أمام أي مشروع للتغيير في سوريا، حتى لو افترضنا لوحة مضادة للأسد غير اللوحة الحالية، أي إذا خرج الإسلاميون منها واقتصرت على تحالف ديموقراطي-ليبرالي. الخشية الإسرائيلية أن تحالفاً من هذا النوع لن يكون قادراً على الحكم، بسبب افتقاده شعبية داخلية كافية، ولن يكون قادراً على السيطرة على الأوضاع وتأمين الاستقرار.

في جانب منها، لا يبدو أن هناك حلاً لهذه المعضلة سوى تولي تل أبيب أو الغرب مهمة التغيير في سوريا وفرض البديل القادر على تبديد تلك الهواجس. إلا أن ما يذكره تقرير بن يشاي عن النقاش الإسرائيلي يحبط هذه الفرضية، فقد جربت إسرائيل الوصفة في لبنان بتأمين انتخاب بشير الجميل رئيساً وفشلت. على صعيد متصل، لم تتوقف واشنطن عن استذكار تجربتها العراقية التي لا تريد تكرار فشلها ومآسيها.

الخلاصة أن تل أبيب لن تسمح بأي تغيير لا يناسبها في سوريا، وهي قادرة على التغيير بنفسها، وعلى منعه بدعوى ما فيه من مخاطرة، مع التنويه بأن أي تغيير لا يفتقر إلى نسبة من المخاطرة. مؤيدو بشار في إسرائيل حجتهم الذهبية الاستقرار الذي خبروه معه ومع أبيه من قبل، ويصعب إيجاد حجة مضادة مجرّبة. هذا لا يعفي المعارضة السورية من تقديم مشروع ينال ثقة الداخل الخارج، ويفكك التلازم السائد حتى الآن بين الاستقرار والاستبداد، وهي لا تفعل لنيل موافقة إسرائيل على التغيير، بل لتأكيد ما هو مُجرَّب عالمياً لجهة الاستقرار الحقيقي المستدام الذي تأتي به الديموقراطية.

المدن

————————–

الانتخابات السورية لن تكافئ بشّار/ خيرالله خيرالله

لم يعد سرّا الرهان الجديد للنظام السوري على انتخابات رئاسيّة يُعاد فيها انتخاب بشّار الأسد رئيسا في أيّار – مايو أو حزيران – يونيو المقبلين. لا همّ للنظام في هذه الأيّام سوى الإعداد لإجراء مثل هذه الانتخابات التي يعتقد أنّها السبيل إلى تجديد شرعيّة نظام لا شرعيّة له أصلا. كيف يمكن لنظام أقلّوي ذي طبيعة مذهبيّة معروفة منبثق عن انقلاب عسكري أن تكون له شرعيّة ما؟

أجريت الانتخابات الرئاسية السورية، كما تريد إيران، أم لم تجر كما ترغب أوروبا. ليس في الإمكان توقّع أي جديد في هذا البلد في ظلّ بقاء النظام الذي يرفض أخذ العلم بأنّ سوريا التي عرفناها لم تعد قائمة. سوريا التي عرفناها لم تعد قائمة لسبب في غاية البساطة يعود إلى التغيير الديموغرافي أوّلا وإلى وجود البلد تحت خمسة احتلالات ثانيا وإلى حجم الدمار والتهجير داخل سوريا نفسها وإلى خارجها ثالثا وليس أخيرا.

هناك ألف سبب وسبب للتأكّد من أن سوريا في حاجة إلى إعادة تشكيل بموجب صيغة مختلفة في منطقة دخلت كلّها في مخاض عسير. بدأ المخاض في العام 2003 مع الاحتلال الأميركي للعراق والخلل الذي حصل على الصعيد الإقليمي. لا تزال تداعيات الزلزال العراقي مستمرّة إلى يومنا هذا بعدما سلمّت إدارة بوش الابن العراق على صحن من فضّة إلى إيران. سمح ذلك لـ”الجمهورية الإسلامية” بالانطلاق مجدّدا في مشروعها التوسّعي.

يتبيّن يوميّا أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني كان مصيبا إلى حدّ كبير عندما تحدّث في تشرين الأوّل – أكتوبر 2004 عن “الهلال الشيعي” الممتد من طهران إلى بيروت عبر بغداد ودمشق. الأكيد أن كلام العاهل الأردني لم يكن وقتذاك موجّها ضدّ الشيعة بمقدار ما كان تحذيرا باكرا من الخطر الإيراني على المشرق العربي كلّه في ضوء سيطرة “الجمهورية الإسلاميّة” التي أسسها آية الله الخميني على بلد في غاية الأهمّية مثل العراق.

لم يأخذ بشّار الأسد علما بما يحدث في المنطقة وبالزلزال العراقي الذي خشي أن يطيحه مع نظامه، خصوصا أنّ وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول حمل إليه بعيد سيطرة الولايات المتحدة على العراق وإسقاطها نظام صدّام حسين مطالب محدّدة كان مطلوبا منه التزامها. حاول الأسد الابن حماية نظامه بطريقته العجيبة الغريبة. خاف من الوجود العسكري الأميركي في العراق. كانت لديه في تلك المرحلة خيارات عدّة من بينها الانفتاح على المطالب الأميركية واستكمال مدّ الجسور مع أوروبا وإعادة تموضع سوريا عربيّا والسير في إصلاحات داخليّة وعد بها سابقا وما لبث أن تراجع عنها.

اختار في المقابل أن يكون لصيقا أكثر بإيران من منطلق أنّها المنتصر الحقيقي في الحرب الأميركية على العراق. في الواقع، كانت “الجمهورية الإسلاميّة” البلد الوحيد في المنطقة الذي شارك على طريقته في الحرب على العراق وذلك بتقديمها تسهيلات إلى الأميركيين. كان من نتائج التنسيق بين بشّار الأسد وإيران في تلك المرحلة المشاركة لاحقا في عمليات تستهدف الأميركيين في العراق وصولا إلى التخلّص من رفيق الحريري في بيروت تمهيدا لانتقال الوصاية على لبنان من سورية – إيرانية إلى محض إيرانية. تصرّف بشّار الأسد في تلك المرحلة تصرّف المستغيث بإيران.

يعتبر ما وصلت إليه سوريا اليوم نتيجة طبيعية لأخطاء تراكمت منذ اليوم الأوّل لخلافة بشّار والده صيف العام 2000. لا يزال السؤال المتعلّق بمستقبل سوريا مطروحا منذ اتخذت العائلة قرارا بتوريث الابن السلطة. فقد تبيّن أن ليس في استطاعة بشّار الأسد الخروج من ظلّ إيران. وهذا ما يفسّر إلى حد كبير إصرار “الجمهورية الإسلاميّة” على الانتخابات الرئاسية السورية على الرغم من التحفّظ الروسي الذي تعبّر عنه رغبة موسكو عبر جهود خجولة. يعمل الكرملين من أجل تأجيل الانتخابات ويبحث في الوقت ذاته عن صفقة ما مع الولايات المتّحدة. يفترض في الصفقة استنادا إلى الحسابات الروسيّة تكريس واقع يتمثّل في أن سوريا منطقة نفوذ روسيّة على المتوسّط. بكلام أوضح، تريد روسيا مكافأة على دور لعبته منذ خريف العام 2015 في منع انهيار النظام العلوي القائم.

ليس مستبعدا تأجيل الانتخابات السورية، وهي انتخابات أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها غير طبيعية. الطبيعي، في حال مثل حال سوريا، ألّا تأتي الانتخابات مكافأة على سلسلة من الأخطاء ارتكبها بشّار الأسد منذ العام 2000، وربّما قبل ذلك عندما أصبح والده في العام 1998 غير قادر على ممارسة السلطة كما في الماضي بسبب تدهور وضعه الصحّي.

منذ العام 2000 وصولا إلى السنة 2021 دمّرت الأخطاء التي ارتكبها النظام السوري البلد تدميرا كلّيا. ليس معروفا بعد ما الذي دفع بشّار الأسد إلى ارتكاب كلّ تلك الأخطاء التي في أساسها إعجابه الشديد بإيران و”حزب الله” وابتعاده في الوقت ذاته عن حوار في العمق مع الإدارة الأميركية ومع الأوروبيين ومع دول الخليج العربي التي هبّت منذ البداية إلى مساعدته. إنّه بالفعل سؤال محيّر لا جواب منطقيا عنه باستثناء أنّ ليس لدى النظام السوري سوى الانغلاق على الذات من جهة وممارسة لعبة تقوم على تجاهل ما يدور في العالم وموازين القوى فيه من جهة أخرى.

الأهمّ من ذلك كلّه، قام النظام السوري في السنوات العشرين الأخيرة على فكرة أن الشعب السوري غير موجود ويمكن الاستغناء عن نصفه في أقلّ تقدير. ما أثبتته الأحداث أن هذا الشعب موجود أكثر من أيّ وقت، على الرغم من كلّ الممارسات التافهة التي اتسم بها سلوك معظم المعارضة. لو لم يكن هذا الشعب موجودا لما دخلت الثورة السورية عامها الحادي عشر ولما كانت المقاومة الشعبيّة للنظام مستمرّة. عاجلا أم آجلا، سيتبيّن أنّ الانتخابات، أي انتخابات في سوريا وغير سوريا، هي لمكافأة الناجح على نجاحاته وليس على أخطائه. لا يمكن للوحشية والقمع والبراميل المتفجرة تحويل الأخطاء إلى نجاحات ولا يمكن أن تأتي بشرعية مهما طال الزمن ومهما فعلت إيران ومهما أظهرت الإدارة الأميركية من حيرة… ومهما كان الدور الروسي في سوريا مخيّبا للآمال.

إعلامي لبناني

العرب،

——————————-

أول مواجهة بين إدارة بايدن وروسيا..حول سوريا

دار جدل غير مباشر بين وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن ونائب وزير الخارجية الروسية سيرغي فيرشينين خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي الخاص بالشق الإنساني في الملف السوري، والذي شارك فيه فيرشينين من خلال تقنية الفيديو. وكرّر الجدال حال الإنقسام القائم منذ عشر سنوات بين الغربيين وروسيا، أبرز الدول الداعمة لنظام بشار الأسد.

وأكد بلينكن “ضرورة عدم تسييس المسألة الإنسانية في سوريا”، و”إعادة فتح المعابر الحدودية التي أغلقت مع هذا البلد بضغط من روسيا العام الماضي من أجل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية”، في حين أصرّ نائب وزير الخارجية الروسية على “التسييس المتزايد للمساعدات الإنسانية”، معتبراً أن المساعدة العابرة للحدود “تنتهك مبادىء القانون الدولي، لأن الحكومة السورية القائمة لا تناسب الغرب”.

وانتقد فيرشينين عدم دعوة سوريا الى مؤتمر المانحين المقرر في بروكسل الثلاثاء، “ما يمثل تعدياً إضافياً على سيادتها”، في حين قال بلينكن إن “السيادة لم تُصمم أبداً لضمان حق حكومة في تجويع الناس وحرمانهم من الأدوية الحيوية، أو لارتكاب أي انتهاك آخر لحقوق الإنسان ضد المواطنين، ونظام الأسد لن يلبّي الاحتياجات الإنسانية للسوريين”، مذكراً بأن هذا النظام استهدفالاسبوع الماضي مستشفى مدينة الأتارب بريف حلب الغربي، وقتل 7 أشخاص بينهم طفلان.

من جهته، قال مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بسام صباغ  إن “بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن تتعمد تجاهل الآثار الكارثية للإجراءات القسرية غير الشرعية التي فرضتها على الشعب السوري، ما يوضح أنها لا تتطلّع إلى عمل إنساني في سوريا، بل إلى تحقيق أهداف سياسية من خلال توظيف واستغلال الوضع الإنساني فيها”.

وفيما أكد منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارك لوكوك أن 13.4 مليون سوري يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وأن أكثر من 4 ملايين شخص في شمال غربي البلاد يعتمدون على المساعدات الغذائية، خاطب بلينكن الذي ترأس الجلسة أعضاء مجلس الأمن الدول قائلاً: “يجب أن تخجل القوى العالمية من عدم تحركها. كيف يُعقل ألا نجد في قلوبنا حساً إنسانياً مشتركاً لإتخاذ إجراءات مهمة؟”.

وتابع: “أنظروا في قلوبكم. يجب أن نجد طريقة لفعل شيء، ونتحرك لمساعدة الناس. إنها مسؤوليتنا، وعارٌ علينا إذا لم نفعل ذلك”، مشدداً على ضرورة “عدم الضغط على السوريين للعودة إلى بلادهم إلا بإرادتهم”.

وطالب بلينكن بإعادة فتح نقطتي العبور اللتين أغلقتا في باب السلامة عند الحدود التركية أيضاً واليعربية عند الحدود العراقية، “لأنهما يوفران مساعدات ل 4 ملايين و1.3 مليون سوري على التوالي”. وتابع: “دعونا نمنح أنفسنا عددا أكبر من المعابر وليس أقل، كي نوفر الغذاء والدواء للشعب السوري”.

وفي تموز/يوليو الماضي، استخدمت روسيا والصين حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن الدولي لتقليص عدد نقاط إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا التي لا تتطلب موافقة النظام، إلى نقطة واحدة هي معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا والذي يُتيح إمداد شمال غرب سوريا ومحافظة إدلب التي لا تزال خارجة عن سيطرة النظام السوري. وينتهي تصريح استخدام الأمم المتحدة هذا المعبر في تموز/يوليو 2021.

———————–

روسيا “المحرجة”بمجلس الأمن..تتراجع عن فتح معابر سورية

غداة الاشتباك الدبلوماسي الأميركي-الروسي في مجلس الأمن الدولي حول “الضرورات الإنسانية” لفتح المعابر الحدودية مع الأراضي السورية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية إعادة إغلاق ثلاثة معابر تربط مناطق سيطرة النظام بتلك التابعة لنفوذ فصائل المعارضة في محافظتي إدلب وحلب شمال سوريا.

وكان وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن أصرّ خلال جلسة مجلس الأمن حول سوريا الاثنين، على فتح المعابر ل”توفير مساعدات إنسانية عاجلة للسكان الضعفاء”، في حين تحدث نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي فيرشينين عن “التسييس المتزايد للمساعدات الإنسانية، وعدم شرعية إرسال مساعدات عبر هذه المعابر من دون الإعتراف بسيادة نظام الرئيس بشار الأسد”.

وبرّر نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا الفريق أول ألكسندر كاربوف الثلاثاء، قرار الإغلاق “بقصف المسلحين المناطق المحيطة بمعبري سراقب وميزناس في إدلب، ومعبر أبو زيدين في حلب، ما عطّل حركة المواطنين ويمنع المركبات في الخروج. لذا جمّدنا عمل هذه الممرات الإنسانية، حتى استقرار الوضع وضمان سلامة المدنيين”.

وكانت طائرات حربية روسية شنت غارات جوية على الأطراف الغربية لمدينة إدلب في وقت سابق، فيما كثفت قوات النظام من قصفها المدفعي والصاروخي الذي طاول أكثر من 15 بلدة وقرية جنوب إدلب، ضمن ما يُعرف بمنطقة “خفض التصعيد الرابعة”.

وقالت مصادر محلية إن “الطائرات الروسية قصفت بصواريخ شديدة الانفجار مزارع محيطة ببلدة عين شيب ومحيط قرية مرتين غرب مدينة إدلب، ومركز إيواء خيمة للنازحين في تل القرقوربمنطقة سهل الغاب غرب حماة”.

وفي 24 آذار/مارس، تحدثت وسائل إعلام روسية وسورية عن إتفاق موسكو وأنقرة على فتح المعابر الثلاثة في إدلب وحلب، من أجل “تخفيف الأوضاع الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا شمالي سوريا”. لكن مسؤولين أتراك نفوا ذلك في اليوم التالي، وكذلك “الحكومة السورية الموقتة” التي اتهم رئيسها عبد الرحمن مصطفى وسائل الإعلام ب”نقل أخبار غير دقيقة”.

وترافق ذلك مع إطلاق ناشطين حملة “لا للمعابر مع النظام”، محذرين من عواقب فتحها، باعتبارها “تشكل متنفساً اقتصادياً للنظام، وتهديداً بنقل تجارة المخدرات إلى مناطق سيطرة المعارضة، وخرق مناطق سيطرة المعارضة أمنياً”. كما خرجت تظاهرات ضد فتح المعابر الداخلية في مدينتي عفرين واعزاز بريف حلب ومدينة إدلب، رفعت لافتات بينها “فتح المعابر خيانة لدماء الشهداء”.

المدن

—————————

رسالة سورية إلى الأسد:أفعالك مسؤولة عن العقوبات

أصدرت مجموعة من المنظمات السورية داخل سوريا وخارجها التي تعمل في المجال الحقوقي والقانوني بياناً، على شكل رسالة موجهة إلى رئيس النظام بشار الأسد، طالبت فيه الأسد بالتحرك الفوري  لإنهاء برامج العقوبات السورية، مشيرة إلى أن الأسد يمتلك مفاتيح رفع العقوبات إن انخرط في عملية سياسية حقيقية وفقاً للأطر الدولية المتفق عليها في قرار مجلس الأمن 2254، وتوقف عن انتهاك حقوق الإنسان وخضع لمتطلبات العدالة الحقيقية.

ولفت البيان إلى أن تقرير مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن الوضع في سوريا بين 15 من آذار/مارس و15 تموز/يوليو 2011، خلص إلى “وجود نمط من انتهاكات حقوق الإنسان يتمثـل في هجمات واسعة النطاق أو منهجية ضد السكان المدنيين”.

وأضاف البيان الذي نشره موقع “تلفزيون سوريا”، أن “توثيق الأمم المتحدة لانتهاكات حقوق الإنسان هذه، تبع مجموعة من برامج العقوبات مثل الأمر التنفيذي 13572 الذي أصدره باراك أوباما في نيسان 2011، والذي يفرض عقوبات خاصة على الحكومة السورية وقيادتها” مشيراً إلى انتهاكات حقوق الإنسان والعنف ضد المتظاهرين. أما الاتحاد الأوروبي فأصدر حزمة عقوبات مماثلة في أيار 2011″.

وضمن عنوان “أفعالك مسؤولة عن فرض برامج العقوبات السورية”، جاء في البيان: “عوضاً عن الالتزام بنداءات الأمم المتحدة المطالبة بإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان، فإنك صعدت من العنف والقمع ضد السوريين، جالباً بذلك المزيد من العقوبات. لم يتوقف توثيق خروقاتك، وكان آخر هذه التقارير ذلك الخاص بلجنة التحقيق الدولية المستقلة الصادر في آذار 2020”.

وتابع أن “مجلس حقوق الإنسان الذي منح اللجنة الدولية المستقلة صلاحياتها هو ذاته الذي منح أيضاً صلاحيات مقررة الأمم المتحدة الخاصة بأثر التدابير القسرية الانفرادية، إضافة إلى ذلك، فإن قرار مجلس الأمن 2254 الصادر في كانون الأول 2015، قد تبنى خارطة للعملية السلمية في سوريا، تم حينها تبني القرار بالإجماع، بما في ذلك روسيا والصين”.

وخاطب البيان الأسد مجدداً بالقول: “لقد رفضت الانخراط في أية عملية سياسية ذات معنى”، مشيراً إلى أن مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا السابق الأخضر الإبراهيمي وصف أفعال حكومة النظام  في آذار 2014 بأنها تنسف مفاوضات السلام الرامية لوضع حد للنزاع في سوريا.

واستشهد البيان بمداخلة ممثل المملكة المتحدة في مجلس الأمن جوناثان ألان الذي قال إن “الطريق لإزالة العقوبات واضح. بدلاً من إعاقة الإغاثة، وقصف المدارس والمشافي، واحتجاز مواطنيه واعتقالهم، يجب على النظام السوري الاستجابة لمطالب شعبه، والانخراط بشكل جدي مع المبعوث الخاص غير بيدرسن والعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، وتحقيق نهاية سلمية للنزاع”، مشيراً إلى أن قانون قيصر الأميركي الصادر عام 2019 يرسل الرسالة ذاتها في الفقرة 7402 الخاصة بالهدف من تطبيقه.

ووقع على هذا البيان كل من الشبكة السورية لحقوق الإنسان، ولجنة العمل السياسي، وسورية حرة، وعائلات من أجل الحرية، والمجلس السوري الأمريكي، والمجلس السوري البريطاني، وبدائل، وبيتنا، والبرنامج السوري للتطوير القانوني، والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير،

والمعهد السوري للتقدم، ومواطنون من أجل أمريكا آمنة ومطمئنة للعمل السياسي، وسوريون مسيحيون من أجل السلام، ومع العدالة.

———————-

مؤتمر بروكسل يستهدف جمع 10 مليارات دولار للسوريين

شاركت عشرات الدول والمنظمات الدولية في افتتاح محادثات افتراضية الثلاثاء، للمساعدة في معالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في سوريا ودول الجوار مع دخول الحرب عامها الحادي عشر دون حل سياسي في الأفق. وتستضيف الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي هذا الحدث السنوي لجمع التبرعات.

وقال المنظمون إن “الهدف الأشمل لمؤتمرات بروكسل هو استمرار دعم الشعب السوري وحشد المجتمع الدولي لدعم حل سياسي شامل وموثوق للصراع السوري”.

ومن المقرر أن تطالب الأمم المتحدة المانحين الدوليين المشاركين في المؤتمر الخامس، ب10 مليارات دولار مساعدات للسوريين الهاربين من الحرب، في ظل تزايد الحاجة إلى دعم إنساني مع استمرار تفشي جائحة كورونا.

وتريد الأمم المتحدة 4.2 مليارات دولار مساعدات للأشخاص داخل سوريا و5.8 مليارات للاجئين والدول المضيفة في الشرق الأوسط، علماً أن المؤتمر سيُناقش أيضاً سبل إيصال معدات طبية وأدوية إلى الشعب السوري.

وقال منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في الأمم المتحدة مارك لوكوك: “مرت 10 سنوات من اليأس والكارثة على السوريين. ثمة قتال أقل، لكن لم يتحقق السلام، والآن يتسبب تدهور الظروف المعيشية والتراجع الاقتصادي ووباء كورونا في مزيد من الجوع وسوء التغذية والمرض”.

وفيما يُعقد المؤتمر وسط غياب المشاركة الرسمية من دمشق التي لا يُقيم الاتحاد الأوروبي علاقات معها، وهو ما انتقدته روسيا خلال اجتماع مجلس الأمن الاثنين، قال رئيس منصة موسكو للمعارضة السورية، الأمين العام لحزب الإرادة الشعبية قدري جميل: “لا نتوقع أي شيء من مؤتمر بروكسل الذي يعقده الاتحاد الأوروبي لطرح شروطه الخاصة بحل الأزمة”.

واستشهد في حديثه على هامش نادي فالداي الدولي للحوار حول الشرق الأوسط، بمثل سوري يقول: “جبناك يا عبد المعين لتعين لقيناك يا عبد المعين بدك مين يعينك”. وتابع: “يعقد الإتحاد الأوروبي المؤتمر ليجد مكاناً له تحت الشمس في حل الأزمة السورية، وعقوباته المفروضة على دمشق لا تعرقل إيصال المساعدات الإنسانية، بل حياة الشعب السوري كله”.

ويفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على الحكومة السورية تمدد سنوياً. وقال رئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيف بوريل في منتصف آذار/مارس، إن “الاتحاد لن يرفع العقوبات المفروضة على سوريا، ولن يساعد في إعادة بناء هذه البلد حتى تبدأ عملية انتقال السلطة هناك”.

——————————-

بلينكن يطالب بـ«معابر إضافية» لمساعدة السوريين

ترأس جلسة لمجلس الأمن حول الأوضاع الإنسانية

واشنطن: علي بردى

طالب وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن أعضاء مجلس الأمن بـ«فتح المزيد من المعابر الحدودية» لإيصال المساعدات إلى ملايين المحتاجين من الشعب السوري، مؤكداً في الوقت ذاته أن عودة اللاجئين من الدول المجاورة يجب أن تحصل بطريقة طوعية.

وكان بلينكن يترأس اجتماعاً عبر الفيديو لمجلس الأمن مخصصا لمناقشة الحال الإنسانية في سوريا أمس (الاثنين)، إذ ذكر بأن هذا الشهر يصادف الذكرى العاشرة للانتفاضة السورية، موضحاً أنه «بعد عقد من النزاع عانى فيه الشعب السوري بلا حدود، صار الوضع خطيراً كما كان دائماً». ولاحظ أن «الحل الوحيد طويل الأمد لهذه المعاناة هو من خلال تسوية سياسية وحل دائم للنزاع، على النحو المبين في قرار مجلس الأمن الرقم 2254». وإذ حمل بشدة على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، قال: «يجب أن نضمن حصول السوريين على المساعدات الإنسانية التي يحتاجون إليها»، معتبراً أن «الطريقة الأكثر فاعلية لتوصيل أكبر قدر من المساعدة لمعظم الناس في الشمال الغربي والشمال الشرقي هي عبر المعابر الحدودية».

وأضاف أنه رغم ذلك «سمح مجلس الأمن مؤخراً بإلغاء التصريح بمعبرين حدوديين: باب السلام في الشمال الغربي، والذي كان يستخدم لإيصال المساعدات إلى نحو 4 ملايين سوري، واليعربية في الشمال الشرقي، والذي قدم مساعدات لـ1.3 مليون سوري آخرين».

ورأى بلينكن الذي تولت بلاده رئاسة مجلس الأمن للشهر الجاري أنه «لم يكن هناك سبب وجيه في ذلك الوقت لفشل المجلس في إعادة تفويض هذين المعبرين لأسباب إنسانية». وقال: «يعني الحد من المعابر الحدودية أن المزيد من قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة تضطر لعبور خطوط متعددة السيطرة، وتفاوض بشأن إيصال المساعدات مع مجموعات المعارضة المسلحة المختلفة، والسفر لمسافات أطول»، ملاحظاً أن «كل هذا يترك المزيد من الطرق (…) قبل أن تصل إلى الشعب السوري».

واستشهد بما قاله الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أن «توصيل المساعدات عبر الخطوط والحدود أمر ضروري». وأكد أنه «ليس من مصلحة الشعب السوري الضغط على اللاجئين السوريين للعودة إلى سوريا، بما في ذلك إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام، حيث يخشى الكثير من تعرضهم للاعتقال التعسفي أو التعذيب أو حتى القتل على يد قوات الأمن التابعة للأسد انتقاما من الفرار».

وأعلن أن الولايات المتحدة تتفق مع الأمم المتحدة على أن «عودة اللاجئين يجب أن تكون طوعية وواعية، ويجب أن تضمن سلامة وكرامة الأشخاص المعنيين – وإلا ينبغي ألا تحدث». واقترح نهجاً مختلفاً يقضي بإعادة تفويض المعابر الحدودية التي أغلقت، مع إعادة التفويض للمعبر الحدودي الوحيد الذي لا يزال مفتوحاً. وقال: «دعونا نمنح أنفسنا المزيد من المسارات، بدلاً من مسارات أقل، لتوصيل الغذاء والدواء إلى الشعب السوري».

وفي مستهل إحاطته لأعضاء مجلس الأمن، قدر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك أن «13.4 مليون شخص في كل أنحاء سوريا يحتاجون إلى مساعدات إنسانية»، أي 20 في المائة أكثر من العام الماضي.

وأشار إلى استمرار التصعيد العسكري، موضحاً أن قذائف مدفعية أصابت مستشفى الأتارب الجراحي «مما أدى إلى إخلائه وإغلاقه».

وقال إنه في يوم الهجوم على المستشفى «أصابت عدة صواريخ جو – أرض الطريق المؤدي إلى معبر باب الهوى الحدودي شمال إدلب»، حيث تعبر نحو ألف شاحنة من مساعدات الأمم المتحدة كل شهر. وأضاف أن هناك أكثر من أربعة ملايين شخص في شمال غربي سوريا «أكثر من 75 في المائة منهم يعتمدون على المساعدات لتلبية حاجاتهم الأساسية».

وأكد أن المنظمات الإنسانية التي تنسقها الأمم المتحدة تسعى إلى الحصول على ما يقدر بنحو 4.2 مليار دولار أميركي للاستجابة داخل سوريا، للوصول إلى 12.3 مليون شخص محتاج، علما بأن المطلوب 5.8 مليار دولار أخرى لدعم البلدان التي تستضيف لاجئين سوريين في المنطقة.

وقالت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للطفولة هنرييتا فور: «يحتاج الآن نحو 90 في المائة من الأطفال في كل أنحاء سوريا إلى المساعدة الإنسانية»، موضحة أن «هناك 3.2 مليون طفل داخل سوريا والدول المجاورة ممن لا يذهبون إلى المدرسة». ودعت مجلس الأمن إلى تجديد القرار بشأن المساعدة عبر الحدود.

———————–

المفوض الأعلى لشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل: على النظام السوري تغيير سلوكه داخلياً… وخارجياً

قال لـ «الشرق الأوسط» إنه يدعم اقتراح بيدرسن لتفعيل التعاون الدولي في التسوية وتنفيذ القرار 2254

لندن: إبراهيم حميدي

شدّد المفوض الأعلى لشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، على وجوب انخراط «القيادة السياسية» في دمشق في اتخاذ قرارات واضحة لا لبس فيها، لـ«إنهاء قمع الشعب السوري، والدخول بصورة هادفة في المفاوضات التي ترعاها وتشرف عليها منظمة الأمم المتحدة»، لتنفيذ القرار الدولي 2254.

وقال بوريل، في حديث بمناسبة انعقاد الدورة الخامسة من مؤتمر بروكسل للمانحين الاثنين، رداً على سؤال، إنه «لا بد أن يتخذ النظام السوري قراراً واضحاً بتغيير سلوكه، وتغيير أسلوب تفاعله مع بقية بلدان العالم، قبل أن يَجري التفكير في الدعوة» لعقد مؤتمر لإعمار سوريا بمساهمة الاتحاد الأوروبي.

وأضاف «على النظام، اعتماد تغييرٍ واضحٍ وصريحٍ في التصرفات، قبل التفكير في رفع العقوبات الاقتصادية من جانب الاتحاد الأوروبي».

وسئل بوريل عن الانتخابات الرئاسية السورية المقرر عقدها قبل انتهاء ولاية الرئيس بشار الأسد في 17 يوليو (تموز) المقبل، فأجاب: «إذا كنا نرغب في رؤية انتخابات تسهم في تسوية النزاع القائم، فلا بد أن تُجرى وفق القرار 2254»، مضيفا «في ظل ظروف الصراع الحالية، وبما أن النظام السوري قد أخفق في الانخراط بصورة هادفة في المفاوضات التي تقودها منظمة الأمم المتحدة (…)، لا يمكن لهذه الانتخابات الرئاسية أن تسفر عن أي إجراءات من شأنها التطبيع المباشر مع النظام. وعليه، فلقد دعونا أطرافاً أخرى في المجتمع الدولي، والمنطقة على نطاقها الأوسع، إلى تجنب الخوض في أي درجة من درجات التطبيع من هذا القبيل».

ولم يجب بوريل لدى سؤاله حول إمكانية حصول حوار أميركي – روسي بشأن سوريا، لكنه قال إن مؤتمر بروكسل «يجمع الجهات الفاعلة والبلدان المانحة الرئيسية على وجه التحديد، من أجل تشجيع استمرار الحوار والتقدم على مسار الحل السياسي للأزمة».

وأيد بوريل دعوة المبعوث الأممي، غير بيدرسن، لتعاون الدول الفاعلة لحل الأزمة السورية، قائلاً إنه من المهم «تعزيز سبل الحوار بين مختلف الجهات الفاعلة، المعنية والمؤثرة في مجريات الأزمة السورية».

وهنا نص الحوار الذي أجرته «الشرق الأوسط» الأحد:

> الدورة الخامسة من مؤتمر بروكسل للمانحين ستعقد الثلاثاء… ماذا تتوقعون من المؤتمر على الصعيدين السياسي والاقتصادي؟

– بعد مرور عشر سنوات على الصراع في سوريا، لا يمكن للمجتمع الدولي التردد في إيلاء المزيد من الاهتمام والتركيز على الحاجة الماسة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة الراهنة. إذ يدعو الاتحاد الأوروبي كافة الأطراف الدولية المعنية ذات الصلة والتأثير في الأزمة السورية إلى تضافر الجهود وتوحيدها خلال مؤتمر بروكسل في 30 مارس (آذار)، بهدف إعادة تأكيد وترسيخ الدعم القوي للوصول إلى حل سياسي بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، ومن شأن المؤتمر ضمان بقاء سوريا على رأس أولويات أجندة الأعمال الدولية.

> هل هناك تأثير لجائحة «كورونا» على توقعاتكم من الدول المانحة؟

– هدفي الأساسي هو أن يجدد المجتمع الدولي دعمه السياسي والمالي للشعب السوري، سواء من القاطنين داخل سوريا، أو اللاجئين إلى خارجها، في بلدان الجوار السوري، لا سيما في الأردن ولبنان وتركيا، وكذلك مصر والعراق.

ويشكل هذا المؤتمر الحدث الرئيسي لإعلان التعهدات بالمساعدات المالية لسوريا وللمنطقة في عام 2021، ويكمن هدفه الرئيسي في ضمان تلبية نداء منظمة الأمم المتحدة على أفضل وجه ممكن، لا سيما مع النظر إلى التحديات الإضافية المتمثلة في مواجهة جائحة فيروس «كورونا» المستجد.

> وفَّر المؤتمر الماضي مساعدات مالية بقيمة 7 مليارات دولار أميركي. هل تعتقدون أنه سيكون ممكناً الحصول على التعهدات المالية نفسها في مؤتمر العام الجاري؟ وهل سوف تتمكنون من الاستجابة لنداء منظمة الأمم المتحدة لتأمين المساعدات الإنسانية؟

– منذ بدء اندلاع الصراع في سوريا، في عام 2011، أسهم الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، بما يقرب من 25 مليار يورو لتغطية الاحتياجات الناشئة عن الحرب الأهلية السورية، في الأراضي السورية نفسها وفي المنطقة الإقليمية بمجالها الأوسع. وخرج نحو ثلثي التعهدات التي تمخضت عنها مؤتمرات المساعدات المالية المتعاقبة، من بلدان الاتحاد الأوروبي.

> يواكب انعقاد المؤتمر الذكرى العاشرة لاندلاع الأزمة. متى تتوقع انعقاد مؤتمر لإعمار سوريا؟ وما هي شروط المساهمة الأوروبية في إعمار سوريا؟

– أتطلع كثيراً إلى اليوم الذي نتمكن فيه من الدعوة لمؤتمر لإعادة إعمار سوريا. غير أن توقيت انعقاد مثل هذا المؤتمر يتوقف على تصرفات النظام الحاكم في سوريا، في المقام الأول. ونحن ندعو النظام الحاكم في سوريا إلى التغيير من تصرفاته. والأمر متروك برمته إلى القيادة السياسية في دمشق، لاتخاذ القرارات الواضحة التي لا لبس فيها بشأن إنهاء قمع الشعب السوري، والدخول بصورة هادفة في المفاوضات التي ترعاها وتشرف عليها منظمة الأمم المتحدة.

خلاصة القول، على النظام السوري اتخاذ قرار واضح بتغيير سلوكه، كذلك تغيير أسلوب تفاعله مع بقية بلدان العالم، وذلك قبل أن يجري التفكير في الدعوة لعقد مثل هذا المؤتمر.

معايير دولية

> لكن دمشق مقبلة على انتخابات رئاسية يتوقع أن يفوز فيها الرئيس بشار الأسد… كيف تنظرون لمثل هذه الانتخابات؟

– إن كنا نرغب في رؤية انتخابات تسهم في تسوية النزاع القائم، فلا بد أن تُجرى وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 تحت رعاية وإشراف منظمة الأمم المتحدة، مع السعي الحثيث لتحقيق أعلى المعايير الدولية المعروفة في الانتخابات، ولا بد أن تتسم بالحرية، والنزاهة، والسماح لكافة المرشحين المحتملين بالترشح فيها، وتنظيم الحملات الانتخابية بكل حرية، مع الحاجة الماسة إلى احترام الشفافية والمساءلة، وأخيراً وليس آخراً، إتاحة الإمكانية لكافة أطياف الشعب السوري، بما في ذلك الموجودون في الخارج، للمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

> دمشق وموسكو تريدان أن تستعمل الانتخابات للضغط في اتجاه التطبيع… فهل يمكن أن يُقدم الاتحاد الأوروبي على التطبيع مع دمشق بعد ذلك؟

– في ظل ظروف الصراع الحالية، وبما أن النظام السوري الحاكم أخفق في الانخراط بصورة هادفة في المفاوضات التي تقودها منظمة الأمم المتحدة، فليس من الممكن إجراء الانتخابات التي ينظمها النظام السوري الحاكم، على غرار تلك المطلوب انعقادها في وقت لاحق من العام الجاري، وفقاً للمعايير الدولية وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، ثم إنه لا يمكن لهذه الانتخابات الرئاسية أن تسفر عن أي إجراءات من شأنها التطبيع المباشر مع النظام السوري الحاكم. وعليه، فلقد دعونا أطرافا أخرى في المجتمع الدولي، والمنطقة على نطاقها الأوسع، إلى تجنب الخوض في أي درجة من درجات التطبيع من هذا القبيل.

> هل دعوتم الحكومة الروسية لحضور مؤتمر بروكسل المقبل؟ وكيف يمكنكم العمل مع موسكو بشأن الملف السوري مع بقاء العلاقات مع روسيا عند هذا المستوى المنخفض؟

– دعونا الاتحاد الروسي إلى كل مؤتمر انعقد في بروكسل بشأن الأزمة السورية، والحكومة الروسية محل ترحيب دائم في مثل تلك الفعاليات. وليس خافياً على أحد أن العلاقات بين الاتحاد الروسي والاتحاد الأوروبي ليست على المستوى المنشود في الآونة الراهنة. غير أن ذلك لا يحول بيننا وبين تبادل وجهات النظر بشأن المسائل والقضايا العالمية ذات الاهتمام المشترك، ولا يمنعنا من العمل مباشرة مع الجانب الروسي بغية الوصول إلى حلول جيدة عندما تتاح لنا الفرصة إلى ذلك. على سبيل المثال، هناك مستوى جيد من التعاون مع الحكومة الروسية داخل اللجنة الرباعية في الشرق الأوسط.

ضغوط

> ماذا عن العقوبات الاقتصادية على دمشق؟ وما هو الهدف منها؟

– تهدف العقوبات الاقتصادية المفروضة من الاتحاد الأوروبي والمتعلقة بسوريا، إلى تفادي إعاقة تدفقات المساعدات الإنسانية. ويشتمل هذا على الجهود المبذولة في خضم المكافحة العالمية لجائحة فيروس «كورونا» الراهنة. ومن ثم، فإن تصدير المواد الغذائية، أو الأدوية، أو اللوازم الطبية من شاكلة أجهزة التنفس الصناعي وأجهزة التهوية، لا تخضع أبداً للعقوبات الاقتصادية من طرف الاتحاد الأوروبي. وعلاوة على ذلك، يجري النظر في عدد من الاستثناءات المحددة بشأن الأغراض الإنسانية.

> دمشق وموسكو تؤكدان أن هذه العقوبات تؤثر على المساعدات الإنسانية

– دعونا لا ننسى الصورة الكبيرة للوضع: يتحمل النظام السوري الحاكم الجانب الأكبر من المعاناة الإنسانية التي يتكبدها الشعب السوري. وقد تعمد النظام الحاكم هناك، مراراً وتكراراً، رفض وصول المساعدات الإنسانية إلى عدد من المناطق السورية، كجزءٍ من استراتيجيته خلال الصراع الدائر.

إن تصرفات النظام السوري الحاكم تعد المسؤول الأول عن اندلاع الأزمة الإنسانية، وليس عقوبات الاتحاد الأوروبي. وهذه من النقاط المهمة التي سيُعنى الاتحاد الأوروبي بتوضيحها خلال فعاليات المؤتمر القادم، إن كانت هناك محاولات أخرى جديدة لإلقاء تبعات الأمر على العقوبات الاقتصادية الأوروبية في المعاناة الإنسانية الراهنة للشعب السوري.

> متى ترفع العقوبات؟

– الهدف من هذه التدابير العقابية مواصلة الضغوط على النظام السوري الحاكم، بغية وقف أعمال القمع، ثم التفاوض بشأن التسوية السياسية الدائمة للأزمة السورية، بما يتفق مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة. وتأتي تلك التدابير في معرض الدفع باتجاه الاستجابة الممنهجة وواسعة النطاق من قبل النظام السوري لاحترام حقوق الإنسان، والالتزام بالقانون الإنساني الدولي. على النظام السوري الحاكم، اعتماد تغيير واضح وصريح في التصرفات قبل التفكير في رفع العقوبات الاقتصادية من جانب الاتحاد الأوروبي.

أميركا وروسيا

> ماذا عن التسوية السياسية وجهود المبعوث الأممي غير بيدرسن خصوصاً أن الأمم المتحدة تساهم في رعاية مؤتمر بروكسل؟

– يواصل الاتحاد الأوروبي دعم مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، السيد غير بيدرسن، في جهوده الحثيثة لتعزيز كافة جوانب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، ضمن مقاربة عمل شاملة. ومن الأهمية بمكان إحراز المزيد من التقدم على مسار أعمال اللجنة الدستورية السورية، حيث إنها تقوم مقام البوابة التي تُفضي إلى العناية بجوانب أخرى ذات صلة بالقرار الأممي المذكور. ونحن على دراية كاملة بأن السيد غير بيدرسن يواصل محاولاته لإحراز التقدم الملموس في هذه الجوانب الأخرى، كما أننا ندعمه تماماً في هذه الجهود أيضاً، إذ يعتقد الاتحاد الأوروبي بأن مصير الأشخاص المفقودين والمحتجزين لدى النظام السوري لا بد من تناوله والتعامل معه على وجه السرعة، وبصفة خاصة على اعتباره من أبلغ بواعث القلق العميقة لدى العائلات في كافة أنحاء سوريا. وإنني، بصفة شخصية، أشجع السيد غير بيدرسن في جهوده المستمرة على هذا المسار.

> ماذا عن اقتراح بيدرسن تشكيل مجموعة جديدة للاتصال بشأن الأزمة السورية وضرورة تعاون المجتمع الدولي في الحل؟

– فيما يتصل بدعوة مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، للمشاركة الدولية الإيجابية والبناءة بشأن الأزمة السورية، فإنني أتفق معه تماماً في هذه النقطة أيضاً؛ إذ يُعتبر مؤتمر الجهات المانحة في بروكسل، نهاية الشهر الجاري، من الأمثلة العملية على التزام الاتحاد الأوروبي بتعزيز سبل الحوار بين مختلف الجهات الفاعلة المعنية والمؤثرة في مجريات الأزمة السورية.

> ماذا عن أميركا وروسيا؟ ما هو موقفكم من الحوار بينهما حول سوريا؟

– صحيح أن المفاوضات الأميركية – الروسية المشتركة قد اضطلعت بدور بارز ومهم في الملف السوري في الماضي، على غرار المباحثات التي جرت بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف. أما إذا كانت مثل تلك المفاوضات ممكنة الحدوث في الآونة الراهنة، فهذا أمر لا بد أن تسألهما عنه.

> هل الحوار بين واشنطن وموسكو وارد الآن؟

– ما نحن بصدد القيام به في مؤتمر بروكسل المقبل هو الجمع بين الجهات الفاعلة، والبلدان المانحة الرئيسية على وجه التحديد، من أجل تشجيع استمرار الحوار والتقدم على مسار الحل السياسي للأزمة. ويقف الاتحاد الأوروبي على أهبة الاستعداد للمشاركة والمساعدة المباشرة كلما أمكن ذلك، نظراً لأن سوريا هي من القضايا ذات الأهمية القصوى بالنسبة لنا.

> خطوط التماس في سوريا ثابتة لأول مرة منذ أكثر من سنة وهناك ثلاث مناطق نفوذ… ما هو موقف الاتحاد الأوروبي من هذا المشهد؟ هل رؤيتكم هي ذاتها لكل سوريا؟

– أجل، لدى الاتحاد الأوروبي رؤية متطابقة لكل منطقة تقوم على احترام مبادئ: الوحدة، والسيادة، وسلامة الأراضي في الدولة السورية. وعلاوة على ما تقدم، فإن الحل السياسي المنشود في إطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لا بد أن يكون معنياً بالمستقبل السوري، وتحت قيادة سورية، وموجهاً لصالح سوريا في المقام الأول.

سوريا بعد ١٠ سنوات… لا حل عسكرياً للصراع

> قال مسؤول الشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل في بيان بمناسبة الذكرى العاشرة لبدء الاحتجاجات السورية: «يصادف 15 مارس (آذار) 2021 ذكرى مرور عشر سنوات على بدء الاحتجاجات السلمية في جميع أنحاء سوريا، بعد أن أدى القمع والعنف الذي يمارسه النظام إلى نشوب صراع استمر عقداً كاملاً حتى الآن.

أدى القمع الوحشي الذي يمارسه النظام ضد الشعب السوري، وفشله في معالجة الأسباب الجذرية للانتفاضة، إلى تصعيد الصراع المسلح وتدويله. فعلى مدى السنوات العشر الماضية، تسببت الانتهاكات التي لا حصر لها لحقوق الإنسان، والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني من قبل جميع الأطراف، ولا سيما من قبل النظام السوري، في معاناة إنسانية هائلة.

إن المساءلة عن جميع انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان تكتسب أهمية قصوى، كشرط قانوني وكعنصر أساسي في تحقيق السلام المستدام والمصالحة الحقيقية في سوريا.

وتعد أزمة اللاجئين السوريين أكبر أزمة نزوح في العالم، حيث يوجد 5.6 مليون لاجئ مسجل، و6.2 مليون نازح داخل سوريا، يعيشون ظروفاً غير مواتية لعودتهم الآمنة والطوعية والكريمة والمستدامة، بما يتماشى مع القانون الدولي. علاوة على ذلك، فقد ترتب على الصراع تداعيات خطيرة في جميع أنحاء المنطقة وخارجها، كما أنه وفر للمنظمات الإرهابية ظروفاً مواتية. ويشير الاتحاد الأوروبي إلى أن جميع الجهات الفاعلة في سوريا يجب أن تركز على القتال ضد «داعش»، ولا يزال منع عودة ظهور التنظيم الإرهابي من الأولويات.

الصراع في سوريا لم ينته بعد، إذ لا يزال الاتحاد الأوروبي يعقد العزم على وضع نهاية للقمع، والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، ومشاركة النظام السوري وحلفائه بشكل هادف في التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. وسيجري تجديد عقوبات الاتحاد الأوروبي التي تستهدف كيانات النظام والأعضاء البارزين فيه، في نهاية مايو (أيار). ولم يغير الاتحاد الأوروبي سياسته على النحو المبين في الاستنتاجات السابقة للمجلس، ولا يزال ملتزماً بوحدة وسيادة وسلامة أراضي الدولة السورية.

وسيكون الاتحاد الأوروبي على استعداد لدعم انتخابات حرة ونزيهة في سوريا، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وتحت إشراف الأمم المتحدة، بما يرضي مبادئ الحوكمة وأعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة لجميع السوريين، بما في ذلك السوريون في الشتات المؤهلون للمشاركة. فالانتخابات التي ينظمها النظام السوري، مثل الانتخابات البرلمانية التي جرت العام الماضي أو الانتخابات الرئاسية في وقت لاحق من هذا العام، لا تفي بهذه المعايير، وبالتالي لا يمكن أن تسهم في تسوية الصراع، ولا تؤدي إلى أي إجراء للتطبيع الدولي مع النظام السوري.

ولا يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يتجاهل ذلك، لأن مستقبل سوريا وشعبها رهين الصراع.

وفي يومي 29 و30 مارس، يشارك الاتحاد الأوروبي مع الأمم المتحدة في رئاسة مؤتمر بروكسل الخامس حول «دعم مستقبل سوريا والمنطقة»، بمشاركة الحكومات والمنظمات الدولية، وكذلك المجتمع المدني السوري.

والاتحاد الأوروبي على استعداد لتعزيز الحوار بين جميع الجهات الدولية ذات النفوذ في الأزمة السورية، ويدعوها إلى توحيد الجهود في المؤتمر، لإعادة تأكيد وتوطيد الدعم القوي لحل سياسي وفقاً للقرار الدولي 2254، وكذلك فيما يتعلق بالجهود الحثيثة التي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة الخاص غير بيدرسن، للنهوض بجميع جوانب القرار 2254 في نهج شامل. ولا يمكن أن يكون هناك حل عسكري لهذا الصراع، حيث لا يمكن تحقيق السلام والاستقرار المستدامين إلا من خلال حل سياسي حقيقي وشامل بقيادة سورية، مع المشاركة الكاملة والفعالة للمرأة، ومع مراعاة اهتمامات جميع شرائح المجتمع السوري.

وكما كان الحال في السنوات السابقة، سيوفر المؤتمر أيضاً دعماً مالياً دولياً للمساعدة في تلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة بشكل كبير، داخل سوريا، كما للاجئين السوريين وللمجتمعات المضيفة لهم ولبلدان المنطقة. وستكون هناك دعوة قوية من المؤتمر لتجديد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2533 الذي يسمح بمرور وتسليم المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق عبر الحدود، وهو أمر ضروري في ظل الظروف الحالية لتلبية الاحتياجات الحيوية للملايين داخل سوريا.

نداء لتوفير 10 مليارات دولار للسوريين

> حث مسؤولو الشؤون الإنسانية واللاجئين والتنمية في الأمم المتحدة المانحين الدوليين على التحرك والوقوف بجانب ملايين الأشخاص في سوريا والمنطقة الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة ودعم سبل العيش بعد عقد من الحرب.

هناك حالياً 14 مليونا بحاجة إلى المساعدة الإنسانية أو غيرها من أشكال المساعدة في سوريا والمنطقة، في زيادة قدرها 4 ملايين عن العام الماضي، وأكثر من أي وقت آخر منذ بدء الصراع. في العام الحالي، هناك حاجة إلى أكثر من 10 مليارات دولار أميركي لتقديم الدعم الكامل للسوريين والمجتمعات المضيفة للاجئين المحتاجة. ويشمل ذلك 4.2 مليار دولار على الأقل للاستجابة الإنسانية داخل سوريا و5.8 مليار دولار لدعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة في المنطقة.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة مارك لوكوك: «لقد مرت عشر سنوات من اليأس والكارثة بالنسبة للسوريين. والآن أدى تدهور الظروف المعيشية، والتدهور الاقتصادي، و(كوفيد – 19) إلى مزيد من الجوع وسوء التغذية والمرض. لقد تراجع القتال، لكن ليس هناك عائد سلام. يحتاج المزيد من الناس إلى المزيد من المساعدة أكثر من أي وقت مضى خلال الحرب، ويجب أن يعود الأطفال إلى التعلم. الاستثمار في العطف والإنسانية أمر جيد دائما، ولكن الحفاظ على مستويات المعيشة الأساسية للناس في سوريا هو أيضاً عنصر أساسي للسلام المستدام. هذا في مصلحة الجميع».

من جهته، قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي: «بعد عقد من المنفى، تفاقمت معاناة اللاجئين بسبب التأثير الساحق للوباء، وفقدان سبل العيش والتعليم، وتفاقم الجوع واليأس، فإن المكاسب التي تم تحقيقها بشق الأنفس معرضة بالفعل للخطر. لا يمكن للمجتمع الدولي أن يدير ظهره للاجئين أو مضيفيهم. يجب أن يحصل اللاجئون ومضيفوهم على ما لا يقل عن التزامنا وتضامننا ودعمنا الذي لا يتغير. الفشل في القيام بذلك سيكون كارثيا على الناس والمنطقة».

في مؤتمر العام الماضي في بروكسل، تعهد المجتمع الدولي بتقديم 5.5 مليار دولار لتمويل الأنشطة الإنسانية والصمود والتنمية في عام 2020.

———————————-

الإعلان عن مساعدات لسوريا وبوادر صدام روسي أميركي بشأن آلية إدخالها

اكتسبت الأزمة السورية زخما دوليا جديدا اليوم الثلاثاء حيث تعهدت بعض الأطراف بتقديم مساعدات مالية للسوريين خلال مؤتمر المانحين المنعقد في بروكسل، في حين شهد مجلس الأمن سجالا حول آلية إدخال هذه المساعدات.

وقد شدد وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني على أن مواجهة التداعيات الإنسانية للأزمة السورية لن تتحقق إلا عبر الحل السياسي.

وأبدى الوزير القطري استعداد بلاده “لدعم اللجنة الدستورية بالتعاون مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا”.

وقال إن “النظام السوري ارتكب فظاعات ترقى لجرائم الحرب ويواصل عرقلة المسار السياسي”.

من جانبه، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم الثلاثاء أن بلاده ستقدم مساعدات إنسانية جديدة بأكثر من 596 مليون دولار لمواجهة الأزمة السورية.

وأضاف بلينكن في بيان أن المساعدات تهدف إلى تقديم العون للكثير من السوريين في الداخل، والذين يقدر عددهم بنحو 13.4 مليون نسمة، وكذلك مساعدة 5.6 ملايين لاجئ سوري في تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر.

وكان بلينكن طالب أمس الاثنين بإعادة فتح نقاط العبور أمام المساعدات الإنسانية، والتي أغلقت في العام الماضي بضغط من روسيا، وقال الوزير الأميركي إن القوى العالمية “يجب أن تخجل من عدم تحركها بهذا الشأن”.

مساعدة دول الجوار

أما ألمانيا، فتعهدت بتقديم أكثر من 1.7 مليار يورو لمساعدة سوريا، خلال المؤتمر الدولي للمانحين الذي ينعقد في بروكسل برعاية الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وأعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس عن مبلغ 1.738 مليار يورو.

وتهدف النسخة الخامسة من “مؤتمر بروكسل من أجل سوريا” إلى مساعدة دول الجوار التي استقبلت ملايين اللاجئين السوريين، وهي لبنان والأردن وتركيا على وجه الخصوص.

وكانت الأمم المتحدة دعت إلى تقديم تبرعات لا تقل عن 10 مليارات دولار (8.5 مليارات يورو) لهذا الغرض.

وقد أكدت الولايات المتحدة وأغلب الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي أهمية استمرار العمل بآلية إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا.

 لكن روسيا والصين قالتا في الجلسة الدورية لمجلس الأمن بشأن الأوضاع الإنسانية في سوريا إن الآلية الأممية تنتهك سيادة دمشق.

بوادر صدام

وقال مراسل الجزيرة في نيويورك مراد هاشم إن بوادر صدام تلوح داخل مجلس الأمن بشأن التجديد لآلية إدخال المساعدات التي تنتهي صلاحيتها في يونيو/حزيران المقبل إذا أصرت روسيا والصين على أن آلية إدخال المساعدات الإنسانية تنتهك سيادة النظام السوري، وطالبتا بإدخال المعونات إلى مناطق الشمال السوري عبر نظام بشار الأسد.

وانتقد سيرغي فيرشينين نائب وزير الخارجية الروسي العقوبات الأميركية والأوروبية على دمشق، وأشار إلى أن هناك تسييسا صارخا للقضايا الإنسانية، وتمييزا ضد المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، خاصة في ما يتعلق بتقديم المساعدات الإنسانية.

وفي يوليو/تموز الماضي استخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لتقليص عدد نقاط إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا -التي لا تتطلب موافقة دمشق- من 4 معابر إلى معبر واحد، وهو معبر باب الهوى بين سوريا وتركيا.

المصدر : الجزيرة + وكالات

—————————

مساعدة السوريين.. تحذير من “تدهور مأساوي” بعد عقد من “الموت واليأس

“الوقت الحالي ليس مناسبا لخفض المساعدات الدولية إلى سوريا”، يقول منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ، ماروك لوكوك، حيث أن السوريين عاشوا 10 سنوات من “الموت والدمار والنزوح والمرض والرهبة واليأس”.

وقال لوكوك، في مقال نشر على موقع أخبار الأمم المتحدة إن “هناك حاجة إلى مزيد من الدعم لتجنب مزيد من التدهور المأساوي الواسع النطاق” في البلاد، مضيفا أنه “بعد عقد من “الموت والدمار والتشريد والمرض والرهبة واليأس”، “لا يرى السوريون أي راحة”.

واشنطن بدورها تعي أهمية مساعدة السوريين في الوقت الحالي، وهو موقف عبر عنه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الثلاثاء، الذي قال أن الولايات المتحدة ستوفر 596 مليون دولار لدعم المساعدات “المنقذة للحياة” للمحتاجين السوريين في عموم المنطقة، حيث تستمر واشنطن بدعم جهود الأمم المتحدة “لإنهاء هذه الأزمة”.

وبحسب إحاطة قدمها لوكوك أمام مجلس الأمن، فإن الاحتياجات في سوريا هي “واقعيا أعلى من أي وقت مضى”، مضيفا أن نسبة المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في البلاد ارتفعت عشرين بالمئة عن العام الماضي” بوجود 13.4 مليون شخص محتاجين إلى المساعدة.

مأساة الهول

وقال لوكوك، الذي يرأس أيضا قسم الشؤون الإنسانية في المنظمة إن الغارات الجوية ومستويات الخطر “التي لا تطاق” في مخيم الهول للاجئين تهدد قدرة الأمم المتحدة على العمل.

وتشن قوات سوريا الديمقراطية حملة أمنية في مخيم الهول الذي يؤوي نحو 60 ألف شخص من عوائل داعش وعناصر من التنظيم، أسفرت عن اعتقال العشرات والعثور على أسلحة وملابس عسكرية ومعدات إليكتروني.

وقال لوكوك إن 41 من سكان الهول قتلوا هذا العام، مما يؤزم الوضع الانساني في المخيم الذي يسكن فيه 40 ألف طفل سوري وأجنبي، أكثر من ثلاثة أرباعهم دون 12 سنة.

وأضاف منسق الأمم المتحدة إن “من غير المقبول أن يبقى هؤلاء الأطفال في هذه البيئة غير الآمنة”، حاثا البلدان التي تمتلك مواطنين في هذا المخيم على “إعادتهم إلى ديارهم”، ومحاكمتهم محليا.

وكشف لوكوك عن إن “العملية الأمنية الكبيرة” الجارية في المخيم  أجبرت الأمم المتحدة على تعليق العديد من الخدمات الانسانية، مشددا على أنه “يجب توفير الأمن بطريقة لا تعرض السكان للخطر أو تنتهك حقوقهم، ولا تقيد وصول المساعدات الإنسانية”.

وصول المساعدات الإنسانية

وأعلن لوكوك أن نحو 75 في المائة من أكثر من أربعة ملايين شخص في شمال غرب سوريا يعتمدون على المساعدات لتلبية احتياجاتهم الأساسية، وأن ما يقرب من 85 في المائة منهم يعتمدون على الإعانة التي تصل إليهم شهريا عبر الحدود.

ودعا لوكوك إلى “زيادة المعابر الحدودية للتصدي على نحو أفضل لانتشار سوء التغذية.”

وفيما يتعلق بالشمال الشرقي، أقر لوكوك بأن الاحتياجات تفوق قدرات المنظمة الدولية على معالجتها، حتى مع توسيع نطاق تقديم المساعدات.

وقال المسؤول في الأمم المتحدة “نقدر أن 1.8 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة في مناطق شمال شرق سوريا خارج سيطرة الحكومة”، وأكثر من 70 في المائة منهم في حاجة ماسة، مضيفا أن “الرعاية الصحية غير كافية والإمدادات الطبية المنقذة للحياة منخفضة بشكل خطير”.

وتصل مساعدات الأمم المتحدة إلى نحو 7.7 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد كل شهر، وتقول المنظمة إن هذه الزيادة الكبيرة عن العام الماضي “تعكس تدهور الوضع”.

وتسعى المنظمات الإنسانية التي تنسق الأمم المتحدة عملها إلى الحصول على 4.2 مليار دولار للوصول إلى 12.3 مليون سوري داخل البلاد و5.8 مليار دولار أخرى للدول التي تستضيف لاجئين سوريين.

‘مأساة على مأساة’

وقالت رئيسة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، هنرييتا فورا، لسفراء دول مجلس الأمن إنه منذ بدء القتال، قتل أو جرح “12 ألف طفل في الأقل، ومن المرجح أن يكون هناك أكثر من هذا الرقم بكثير”.

وأضافت فورا أن “هذه مأساة بالنسبة لبلد كان يوما بلدا جميلا، ومأساة بالنسبة لجيل من الأطفال الذي يكبرون بدون أن يعرفوا شيئا آخر غير الحرب”.

وتقول فورا إنه في جميع أنحاء سوريا “يحتاج نحو 90 بالمئة من الأطفال إلى المساعدة الإنسانية”.

ودعت فورا المجلس إلى “تجديد القرار المتعلق بالمساعدة عبر الحدود” والتوصل إلى اتفاق بشأن الوصول إلى الأطفال من خلال عمليات عبر الخطوط المختلفة للجهات المتصارعة في سوريا.

والاثنين، طالب بلينكن بفتح المعابر المغلقة في سوريا وتمديد التفويض الدولي لتلك المعابر التي تمر من خلالها المساعدات الإنسانية.

وشددت مسؤولة اليونيسيف على إنه “على جميع الاطراف ان توقف فورا الهجمات على الاطفال” وان تحمي الخدمات الحيوية وتدعم دعوة اليونيسف الى “الافراج الآمن والطوعي والكريم عن الاطفال في شمال شرق البلاد واعادة الاطفال الى بلادهم واعادة دمجهم”.

التسوية السياسية هي الحل الوحيد

ونقل مقال الأمم المتحدة عن بلينكن قوله إن “حياة الناس هناك تعتمد على الحصول على مساعدة عاجلة”، مؤكدا “علينا أن نفعل كل ما في وسعنا، لخلق سبل للوصول إلى تلك المساعدات لهم، وفتح الطرق، وليس لإغلاقها”.

وأضاف الوزير الأميركي أن “الحل الوحيد على المدى الطويل لهذه المعاناة هو من خلال تسوية سياسية وحل دائم للنزاع كما ورد في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.

الحرة – واشنطن

——————————

واشنطن تقدم 596 مليون دولار مساعدات للسوريين

أعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الثلاثاء، أن واشنطن ستوفر 596 مليون دولار لدعم المساعدات “المنقذة للحياة” للمحتاجين السوريين في عموم المنطقة، حيث تستمر واشنطن بدعم جهود الأمم المتحدة “لإنهاء هذه الأزمة”.

    The needs of the Syrian people are profound. We are providing $596 million in additional lifesaving aid to those in need in Syria and across the region while we support @UN efforts to end to the crisis.

    — Secretary Antony Blinken (@SecBlinken) March 30, 2021

وأكد بيان لوزارة الخارجية أن “السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة أعلنت في مؤتمر بروكسل الخامس تقديم أكثر من 596 مليون دولار من المساعدات الإنسانية استجابة للأزمة السورية”، ليرتفع مجموع المساعدات الأميركية المقدمة للسوريين إلى نحو 13 مليار دولارا خلال 10 سنوات من الأزمة في سوريا، بحسب البيان.

وتعهد المانحون في مؤتمر بروكسل الرابع “لدعم سوريا والمنطقة” الذي أقيم في يونيو من العام الماضي بدفع 5.5 مليار دولار في عام 2020 لدعم العمليات الإنسانية وبرامج التنمية في المنطقة، و2.2 مليار دولار إضافية في 2021 لنفس المحاور.

وقال بيان الخارجية الأميركية إن واشنطن تبرعت بما يقرب من 141 مليون دولار لدعم الاستجابة لوباء “كوفيد-19” في سوريا والمنطقة.

وقال بلينكن إن المساعدات الأميركية “ستفيد العديد من السوريين الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية في سوريا والبالغ عددهم 13.4 مليونا”، فضلا عن “5.6 مليون لاجئ سوري في تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر”.

وأضاف الوزير “نحن نقدم الدعم لتخفيف معاناة أكثر الناس ضعفا في العالم، لأن هذا يتطابق مع قيمنا كأمة ومع مصالحنا الوطنية”، حاثا المانحين الآخرين على دعم الشعب السوري.

وقال بيان الوزير إن السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، شددت أيضا على مسؤولية المجتمع الدولي بتوفير وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق إلى جميع السوريين المحتاجين من خلال جميع السبل المتاحة”.

ودعت غرينفيلد إلى إعادة تفويض النقل عبر الحدود في يوليو المقبل وتوسيعه باعتباره “أولوية” للولايات المتحدة.

وكان بلينكن طالب، الاثنين، مجلس الأمن الدولي بـ”فتح المعبرين المغلقين في سوريا والسماح بوصول المساعدات” إلى المدنيين في البلاد، مؤكدا أنه “يجب عدم تسييس المسألة الإنسانية في سوريا.

وأضاف بيان الخارجية الأميركية إن “الشعب السوري واجه فظائع لا حصر لها، بما في ذلك الغارات الجوية لنظام الأسد وروسيا، والاختفاء القسري، ووحشية داعش، وهجمات بالأسلحة الكيميائية”، مضيفا “علاوة على ذلك، أدى الفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية على أيدي نظام الأسد إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الحادة، التي تفاقمت بسبب التحدي الذي يفرضه انتشار فيروس كورونا.

وقال البيان إن الولايات المتحدة إلى جانب حلفائها وشركائها تدعم جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة، غير بيدرسن، للتوصل إلى تسوية سياسية وحل دائم للصراع السوري، مؤكدا “لا يوجد حل عسكري يحقق السلام والأمن والاستقرار في سوريا والمنطقة”.

وقال بلينكن في اجتماع لمجلس الأمن الدولي، الاثنين، إنه “ينبغي رفع العوائق عن وصول المساعدات إلى السوريين خاصة في الظروف الحالية التي سببتها الجائحة”، مؤكدا أن “غلق المعابر الإنسانية واستهداف العاملين في مجال المساعدات يعقد إيصال الإغاثة لمحتاجيها”.

وطالب بلينكن، الذي ترأس جلسة مجلس الأمن، الدول المجتمعة بالتحرك لمساعدة السوريين “رغم الخلافات”، ومساعدة 14.5 مليون شخص في سوريا “يعانون من وضع إنساني صعب”.

الحرة – واشنطن

—————————

الخارجية الأميركية تحث مجلس الأمن على إعادة فتح المعابر في سوريا

حث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، مساء الإثنين، مجلس الأمن الدولي على إعادة فتح المعابر والسماح بوصول المساعدات للسوريين شمال غربي البلاد.

جاء ذلك خلال جلسة يعقدها مجلس الأمن الدولي حول سوريا، برئاسة وزير الخارجية الأميركي.

وفي تصريحات نقلتها قناة (الحرة)، قال بلينكن: “يجب عدم تسييس المسألة الإنسانية في سوريا”، وأضاف “دعونا نعيد الترخيص للمعبرين الحدوديين اللذين تم إغلاقهما (اليعربية الحدودي مع العراق، وباب السلامة الحدودي مع تركيا) ونعيد ترخيص المعبر الحدودي الوحيد الذي لا يزال مفتوحا (معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا)”.

وأكد على ضرورة ضمان حصول السوريين على المساعدات التي يحتاجون إليها، من خلال المعابر الحدودية باعتبارها “الطريقة الأكثر فعالية”، مشيراً إلى أنه لا يوجد أي سبب وجيه لإبقاء المعابر مغلقة.

وأضاف بلينكن أنه “من المهم الاتفاق بأن الحل الوحيد للوضع في سوريا هو الحل السياسي الذي ينهي النزاع”، مبيناً أن “نظام الأسد لن يلبي الاحتياجات الإنسانية للسوريين، وعلى المجتمع الدولي أن يقوم بذلك”.

من جهته، قال مارك لوكوك منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة إن “انعدام الأمن في سوريا وصل إلى مستوى غير مقبول”، وأضاف مخاطباً مجلس الأمن الدولي أنه “شهرياً يتم تسليم 1000 شاحنة من المساعدات عبر الحدود إلى شمال غربي سوريا، ولم نر حتى الآن شاحنة واحدة تعبر الخط”.

وأوضح لوكوك أن سبب سوء التغذية في شمال غربي سوريا هو أن جهود المساعدة ليست “كبيرة بما يكفي”، في الوقت الذي يعتمد فيه أكثر من 75 بالمئة من المدنيين على مساعدات الأمم المتحدة.

بدورها، قالت المديرة التنفيذية لليونيسف، هنريتا فور إن “ما يقرب من 90 بالمئة من الأطفال في جميع أنحاء سوريا يحتاجون إلى مساعدات إنسانية”.

وأضافت أن “3.2 ملايين من الأطفال داخل سوريا والدول المجاورة خارج المدرسة، وفي الشمال الشرقي، هناك أكثر من 37 ألف طفل يقبعون في مخيمي الهول وروج، وأكثر من 800 طفل في مراكز الاعتقال والسجون”.

وحثت المجلس على “تجديد القرار الخاص بالمساعدة عبر الحدود وبذل قصارى جهده للتوصل إلى اتفاق بشأن الوصول إلى الأطفال عبر العمليات العابرة للحدود للوصول إلى محافظة إدلب وأجزاء أخرى من الشمال الغربي”.

37d2d44b-9f1c-473d-bade-3571b1ff9969.jpg

الأمم المتحدة تحث المانحين على زيادة المساعدات المقدمة للسوريين

وتستضيف الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، الإثنين والثلاثاء، مؤتمراً للمانحين الدوليين، بهدف جمع التمويل اللازم للأنشطة الإنسانية المقدمة لأكثر من 11 مليون سوري بحاجة لمساعدات.

ومع وجود ما يقدر بنحو 24 مليون شخص داخل سوريا وفي دول اللجوء بالمنطقة بحاجة إلى مساعدات إنسانية، سيسعى اجتماع بروكسل الوزاري إلى جمع مبلغ قياسي قدره 10 مليارات دولار، ومن هذا المبلغ سيتم تخصيص 4.2 مليارات دولار لأكثر من 13 مليون شخص داخل سوريا، أكثرهم من المهجرين.

وطالب برنامج الأغذية العالمي، (WFP)، أمس الإثنين، بتقديم 600 مليون دولار، لتقديم مساعدات غذائية عاجلة لملايين السوريين الذين يواجهون اليوم أسوأ الظروف الإنسانية بسبب 10 سنوات من الصراع، وذلك بالتزامن مع افتتاح مؤتمر المانحين في بروكسل حول مستقبل سوريا التي مزقتها الحرب.

وتسعى الأمم المتحدة إلى جمع تمويل للأنشطة الإنسانية للسنوات القليلة المقبلة من أجل مساعدة السوريين المتضررين من الحرب التي يشنها نظام الأسد على قطاعات واسعة من الشعب السوري، والتي بدأت قبل نحو عشر سنوات.

—————————–

أميركا وأوروبا تقفان أمام رغبة موسكو بمنع السوريين من المساعدات/ تيم الحاج

إسطنبول – تيم الحاج

تجري في الوقت الراهن تحركات سياسية تقودها الولايات المتحدة الأميركية ودول من الاتحاد الأوروبي تحت مظلة الأمم المتحدة تهدف إلى تحسين الواقع الإنساني لملايين السوريين في الداخل ودول اللجوء المحيطة بسوريا، يأتي ذلك في وقت تسعى فيه روسيا إلى الاستئثار بمسار المساعدات لصالح نظام الأسد مستخدمة نفوذها السياسي أمميا وآلتها العسكرية على الأرض عبر تهديد المعبر الوحيد المتاح لوصول تلك المساعدات إلى الداخل السوري.

موقف أميركا والاتحاد الأوروبي الثابت من بشار الأسد والمساعدات

في جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي حول سوريا، برئاسة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أمس الإثنين، جدد المسؤول الأميركي حرص بلاده على وصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين، شاركه بذلك وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب.

الوزيران تطرقا إلى التصعيد الأخير الذي أقدمت عليه موسكو شمال غربي سوريا والذي أسفر عن استهداف معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا، والذي يُعد آخر شريان تصل من خلاله مساعدات الأمم المتحدة إلى السوريين.

وكانت روسيا ساندت نظام الأسد خلال آذار الحالي، في حملة قصف واسعة استهدفت مشفى الأتارب ومعبر “باب الهوى” إضافة إلى شاحنات نقل المساعدات، واعتبرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان

” هذا القصف عملا مخططا له ومقصودا ويشكل جريمة حرب من قبل القوات الروسية تستوجب المحاسبة.

الوزير بلينكن طالب في الاجتماع أمس، بإعادة فتح المعابر والسماح بانسياب المساعدات للسوريين بلا عوائق، ويعتبر هذا التصريح خطوة أولية من قبل أميركا باتجاه ما تخطط له روسيا في تموز المقبل إذ تسعى روسيا إلى استخدام صلاحياتها في مجلس الأمن لإغلاق معبر “باب الهوى”.

ومنذ 2014 وحتى 2020 استطاعت روسيا والصين إغلاق ثلاثة معابر حدودية كانت تصل منها المساعدات الأممية إلى ملايين السوريين داخل سوريا.

وفي هذا السياق، دعا ممثل ألمانيا في الأمم المتحدة روسيا والصين إلى عدم استخدام حق النقض الفيتو في تموز القادم لمنع وصول المساعدات إلى السوريين.

الموقف الأميركي والبريطاني جاء واضحاً أيضاً بشأن حل الأزمة السورية عبر قرارات الأمم المتحدة وبإشرافها، وفي هذا السياق اعتبر بلينكن، أن الحل الوحيد في سوريا هو تسوية سياسية ومعالجة نهائية للنزاع السوري.

بدوره قال راب إنه يجبُ التوصل إلى مسار سياسي تحت رعاية الأمم المتحدة وإنهاء الصراع في سوريا رافضاً العمليات العسكرية الروسية في شمال غربي سوريا لأنها تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، وفق تقديره.

يقابل هذا التحرك إصرار روسي على إثبات “شرعية” نظام الأسد ورئيسه بشار، إذ تتمسك موسكو في كل المناسبات الدولية بالحديث عن أحقية بشار في إعادة ترشيحه نفسه كما تصر على أن المساعدات الدولية يجب أن توّزع بإشراف النظام، مطالبة بإغلاق كل المعابر والتواصل مباشرة مع دمشق.

وفي شباط الفائت، دعت موسكو المجتمع الدولي إلى تقديم مساعدة لسوريا في إجراء الانتخابات الرئاسية خلال عام 2021، الدعوة الروسية جاءت على لسان النائب الأول لمندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي

، الذي قال إن النظام لديه الحق الكامل في إجراء الانتخابات حيث لا توجد أحكام قد تعرقل ذلك، معتبراً أن إعادة انتخاب الأسد لا تتعارض مع عمل “اللجنة الدستورية”.

وفي هذا السياق، شدّد المفوض الأعلى لشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، على وجوب انخراط نظام الأسد في اتخاذ قرارات واضحة لا لبس فيها، لإنهاء قمع الشعب السوري، والدخول بصورة هادفة في المفاوضات التي ترعاها وتشرف عليها منظمة الأمم المتحدة، لتنفيذ القرار الدولي 2254.

بوريل قال لصحيفة “الشرق الأوسط” أمس الإثنين، عن الانتخابات “إذا كنا نرغب في رؤية انتخابات تسهم في تسوية النزاع القائم، فلا بد أن تُجرى وفق القرار 2254″، مؤكداً أن نظام الأسد أخفق في الانخراط في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة لذلك لا يمكن لهذه الانتخابات الرئاسية أن تسفر عن أي إجراءات من شأنها التطبيع المباشر مع النظام. وعليه، “فلقد دعونا أطرافاً أخرى في المجتمع الدولي، والمنطقة على نطاقها الأوسع، إلى تجنب الخوض في أي درجة من درجات التطبيع من هذا القبيل”.

وسبق أن أصدرت كل من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، بيانا وصف الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها العام الحالي في سوريا بأنها “لن تكون حرة ونزيهة”، كما أنها “لن تلبي تطلعات المجتمع الدولي”.

وشدد البيان على أن نظام الأسد وداعميه “مسؤولون عن الآلام التي وقعت في الحرب المستمرة منذ 10 أعوام”، في حين حمل البيان شكراً “لكل من وثّق الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الدولي في سوريا”.

وأكد البيان أن قرابة 13 مليون شخص في سوريا باتوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، مضيفاً: “هناك ملايين السوريين الذين تستضيفهم تركيا والأردن ولبنان والعراق ومصر أو من اللاجئين فيها لا يستطيعون العودة إلى منازلهم خشية العنف والاعتقال التعسفي والتعذيب”.

اجتماع بروكسل يبحث تأمين 10 مليارات دولار من المانحين للسوريين

تزامنا مع اجتماع الأمم المتحدة برئاسة أميركا، تستضيف بروكسل بالتعاون مع الأمم المتحدة مؤتمر مانحين لمساعدة السوريين، يهدف لجمع أكثر من 10 مليارات دولار للمساعدة الإنسانية بسوريا ودعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة بالمنطقة، ولا سيّما لبنان وتركيا والعراق والأردن

وهذا المؤتمر يُنظّم بالتعاون بين الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ويأتي هذا العام بنسخته الخامسة، ويشارك به نحو 80 وفداً من خمسين دولة فضلاً عن منظّمات غير حكومية ومؤسّسات مالية دولية.

والهدف من المؤتمر جمع 4,2 مليارات للاستجابة الإنسانية في سوريا و5,8 مليارات لدعم اللاجئين ودعم المجتمعات المضيفة، حيث تستضيف الدول المجاورة لسوريا 80 في المئة من اللاجئين السوريين.

ويحتاج حوالي 24 مليونا إلى مساعدات أساسية، بزيادة أربعة ملايين خلال العام المنصرم وهو أعلى رقم حتى الآن منذ اندلاع الثورة في سوريا قبل عشر سنوات.

    follow 🔴 LIVE the press conference with @JosepBorrellF

and @UNReliefChief Mark Lowcock on the #SyriaConf2021. https://t.co/J0YioOtzkD — European External Action Service – EEAS 🇪🇺 (@eu_eeas) March 30, 2021

وبحسب وزارة الخارجية الأميركية فإن واشنطن ستقدم من خلال مؤتمر بروكسل أكثر من 596 مليون دولار كمساعدات إنسانية جديدة استجابة للأزمة السورية، كما شددت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد على مسؤولية المجتمع الدولي في توفير وصول المساعدات الإنسانية للسوريين “دون عوائق” المحتاجين، بما في ذلك عبر الحدود.

وزير الخارجية الأميركي، بلينكن قال في بيان اليوم الثلاثاء “لقد واجه الشعب السوري فظائع لا حصر لها، بما في ذلك الضربات الجوية لنظام الأسد والروسية، والاختفاء القسري، ووحشية داعش، والهجمات بالأسلحة الكيماوية علاوة على ذلك أدى الفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية على أيدي نظام الأسد إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الرهيبة، والتي تفاقمت بسبب التحدي المتمثل في COVID-19.”.

وبحسب البيان الأميركي، فإن المساعدات الأخيرة ترفع إجمالي المساعدات الأميركية إلى ما يقرب من 13 مليار دولار منذ بداية الأزمة التي استمرت عشر سنوات، والتي تشمل ما يقرب من 141 مليون دولار لدعم الاستجابة لوباء فيروس كورونا في سوريا والمنطقة.

وقال بلينكن إن المساعدات الأميركية ستفيد أكثر من 13.4 مليون سوري داخل سوريا يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، بالإضافة إلى 5.6 ملايين لاجئ سوري في تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر.

من جانبها تعهدت دولة قطر بتقديم 100 مليون دولار لتخفيف وطأة الكارثة الإنسانية في سوريا والإمارات بـ 30 مليون دولار، كما تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم 560 مليون يورو مساعدات للسوريين.

كما تعهدت ألمانيا بتقديم 1.99 مليار دولار، وفرنسا بتقديم 656 مليون دولار، وبريطانيا بتقديم 282 مليون دولار.

ماذا قدم مؤتمر بروكسل الرابع؟

في مؤتمر بروكسل بنسخته الرابعة

، الذي عُقد في 30 من حزيران 2020، تعهدت الدول بتقديم مساعدات إنسانية لسوريا وخمس دول مجاورة بقيمة 5.5 مليارات دولار لعام 2020، مقابل 2.2 مليار دولار لعام 2021، إضافة إلى قروض ميسرة تصل إلى 6.7 مليارات دولار.

تقرير مفوضية الأمم المتحدة الذي صدر في تشرين الأول 2020 أوضح أن الدعم المعلَن ذهب إلى الداخل السوري وخمس دول مجاورة تستضيف اللاجئين (لبنان وتركيا والأردن والعراق ومصر).

ووفقا لما أعلنت عنه المفوضية، جرى تخصيص 34% من المنح لسوريا، و19% للبنان، و16% لتركيا، و13% للأردن، و8% للعراق، و1% لمصر، بينما تذهب نسبة 9% المتبقية إلى المبادرات المتعددة البلدان والإقليمية من إجمالي إسهام المنح لعام 2020 البالغة 5 مليارات دولار.

تيم الحاج

تلفزيون سوريا

————————-

بيدرسون من “بروكسل”: لا يمكن ترك سوريا في حالة “لا حرب ولا سلام

قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، إن أصحاب المصلحة في سوريا يدركون عدم وجود حل عسكري للصراع الذي “جرى تدويله بعمق”، معتبرًا أن البلاد ممزقة بسبب التجزئة الإقليمية، ولا يمكن تركها في حالة “لا حرب ولا سلام”.

وأضاف بيدرسون اليوم، الثلاثاء 30 من آذار، “عانى السوريون من أعمال عنف عسكرية لا حصر لها وانتهاكات للقانون الدولي، ومن عذاب واعتقال أحد أحبائهم أو اختطافه أو اختفائه، وتأثرت المرأة السورية بطرق فريدة وغير متناسبة”.

كما أسهمت جائحة “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) بمزيد من الضغوط على المجتمع والاقتصاد الذي دمره عقد من الحرب وسوء الإدارة والفساد والانفصال عن الأسواق العالمية والصعوبات الاقتصادية في البلدان المجاورة، وفق قوله. 

وأضاف بيدرسون، في تغريدات عبر “تويتر”، عقب مشاركته في الجلسة الأولى من مؤتمر “بروكسل”، أن “المؤتمر شهادة على الاهتمام الدولي الدائم الذي تحظى به سوريا”.

    .@GeirOPedersen Syrian people…have suffered countless acts of military violence & violations of international law. Many families–from all areas & all backgrounds–have lived through the torment of having one of their loved ones detained, abducted or gone missing #SyriaConf2021

    — UN Special Envoy for Syria (@UNEnvoySyria) March 30, 2021

وأكد وجوب الوحدة في دعم جهود الأمم المتحدة لتسهيل تنفيذ جميع جوانب القرار الأممي “2254”، وتعزيز الخطوات المتبادلة في الاستجابة للتحديات الصعبة التي تواجه سوريا وتطلعات شعبها، وكذلك الالتزام بالتعهدات المالية والدعم اللازم.

وانطلق مؤتمر “بروكسل” الخامس حول سوريا، في 29 من آذار الحالي، برئاسة مشتركة من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وعُقد بصيغة افتراضية نظرًا إلى القيود المفروضة بسبب جائحة “كورونا”

ويهدف المؤتمر إلى استمرار دعم الشعب السوري و حشد المجتمع الدولي لدعم حل سياسي شامل و موثوق للصراع في سوريا، بما ينسجم و قرار مجلس الأمن الأممي “2254”.

وحث مسؤولو الأمم المتحدة في مجالات الإغاثة والتنمية وشؤون اللاجئين المانحين الدوليين قبيل المؤتمر على تعزيز دعمهم لملايين السوريين المعتمدين على المساعدات الإنسانية، بالتزامن مع بدء المؤتمر.

وجاء في بيان صادر عن الأمم المتحدة، الاثنين 29 من آذار، أن 24 مليون شخص في سوريا والدول المجاورة يحتاجون إلى أشكال مختلفة من المساعدات الإنسانية.

وازدادت أعداد المحتاجين إلى المساعدات أربعة ملايين شخص على عام 2020، ويعد أكبر رقم منذ بدء الصراع في سوريا.

ونوه البيان إلى أن فيروس “كورونا” زاد أزمات السوريين، من جوع وفقر ونزوح متواصل وهجمات مستمرة.

وتمثل الأزمة السورية أكبر أزمة لاجئين في العالم، بحسب البيان، وتستضيف الدول المجاورة لسوريا أربعة من كل خمسة لاجئين سوريين حول العالم.

ويتطلب الدعم الكامل للسوريين في عام 2021 توفير أكثر من عشرة مليارات دولار، يحتاج المقيمون داخل سوريا إلى 4.2 مليار دولار منها على الأقل، بينما تُقدّم 5.6 مليار منها لدعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة في المنطقة، وفقًا للبيان.

————————–

بريطانيا وأمريكا تواجهان روسيا في قضية معابر المساعدات السورية

تناول وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، الأوضاع الإنسانية الصعبة في سوريا، والتي لا مناص من حلّها بشكل سياسي، بحسب رأيه.

وقال راب إن النظام السوري وروسيا يدّعيان أن إغلاق ثلاثة معابر حدودية ليس بالأمر المهم، بزعم إمكانية تلبية جميع الاحتياجات الإنسانية عبر دمشق، في حين توضح الأدلة الدامغة وما يشير إليه الخبراء، عدم صحة ذلك.

وبيّن راب، خلال مداخلة ضمن إحاطة مجلس الأمن الدولي حول الوضع الإنساني في سوريا، الاثنين، 29 من آذار، أن إدخال المساعدات عبر الحدود أمر حيوي للغاية، لتسليم المساعدات اللازمة بشكل شهري لإنقاذ أرواح 2.4 مليون شخص يحتاجونها في شمال غرب سوريا.

    “يدّعي النظام ومعه #روسيا أن إغلاق 3 معابر حدودية ليس بالأمر المهم. ويزعمون أنه يمكن تلبية جميع الاحتياجات الإنسانية عبر #دمشق. لكن يتضح من الأدلة الدامغة وما يشير إليه الخبراء بأن هذا غير صحيح.”

    – دومينيك راب https://t.co/WBjbdElMzX

    — 🇬🇧وزارة الخارجية والتنمية البريطانية (@FCDOArabic) March 30, 2021

وشدد الوزير على أن إيصال المساعدات “عبر خطوط التماس” عن طريق دمشق لا يفي بالحجم أو الوتيرة المطلوبين لتلبية الاحتياجات الإنسانية، بما فيها الاحتياجات الصحية الأساسية.

ووفقًا لراب، فإن الأمر يزداد سوءًا جراء عرقلة تسليم المساعدات بسبب منع دخولها، بالإضافة لوجود البيروقراطية والعمليات العسكرية أيضًا، ما يسبب تفاقمًا في الأزمة الإنسانية.

وخلال كلمته دعا راب إلى تجديد قرار مجلس الأمن “2533”، وعدم نسيان السوريين، إذ لا يمكن تركهم وحدهم في مواجهة موجة أخرى من “العنف الوحشي”، على حد تعبيره.

موقف أمريكي

وكان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، حث مجلس الأمن الدولي على وقف تحويل المساعدات الإنسانية إلى سوريا إلى قضية سياسية، مطالبًا بفتح المزيد من المعابر الحدودية لتوفير الغذاء والمساعدات الأخرى لـ13.4 مليون شخص محتاج.

وعقدت جلسة مجلس الأمن، الاثنين 29 من آذار، وترأسها بلينكن، وطالب فيها كلًا من روسيا وحكومة النظام بالتوقف عن المشاركة في الهجمات على المستشفيات ونقاط العبور المصرح الدخول إليها، وتقديم الاعتذار عنها، بحسب ما أفادت وكالة “أسوشيتد برس“.

وقال بلينكن، “توقفوا عن جعل المساعدات الإنسانية، التي تعتمد عليها حياة ملايين السوريين، قضية سياسية تنتظر مجلس الأمن على أمل، لننهي الانتظار، فلنتحرك، لنساعد الشعب السوري”.

وحث على إعادة فتح المعبر الحدودي الثاني من تركيا (باب السلامة)، الذي كان يُستخدم لإيصال المساعدات إلى نحو أربعة ملايين سوري، والمعبر من العراق (اليعربية) الذي جلب المساعدات إلى 1.3 مليون في الشمال الشرقي، والذي تسيطر عليه “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المتحالفة مع الولايات المتحدة.

وأضاف الوزير “بإغلاق المعابر، يكون تقديم المساعدات أكثر تكلفة وأكثر خطورة وأقل كفاءة”.

تحركات روسية على الأرض

وخلال الأيام القليلة الماضية، أثارت قضية فتح ثلاثة معابر تصل بين مناطق سيطرة النظام، ومناطق سيطرة فصائل المعارضة في محافظتي إدلب وحلب، ردود فعل متباينة، إثر تأكيد روسي ونفي تركي.

وتحدثت قناة “روسيا اليوم” في 24 من آذار الحالي، عن التوصل لاتفاق روسي تركي، لفتح ثلاثة معابر في محافظتي إدلب وحلب، “لتخفيف الأوضاع الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا شمالي سوريا”.

وقوبل هذه الإعلان بنفي تركي نقلته وكالة “رويترز” عن مسؤولي أمن تركيين، كما نفت “الحكومة السورية المؤقة” على لسان رئيسها، عبد الرحمن مصطفى، فتح المعابر.

ووصف مصطفى أخبار فتح المعابر بأنها “غير دقيقة”، مؤكدًا في الوقت نفسه عدم صحتها.

وقال رئيس وحدة المعلومات في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، نوار شعبان، لعنب بلدي، إن المعابر الداخلية التي يريد الروس فتحها، تفيد بعدة نواحٍ، على رأسها إغلاق المعابر الدولية، وتعويم رئيس النظام، بشار الأسد، إضافة إلى التحكم بجميع المساعدات الداخلة إلى سوريا، و”هذا الشيء لا يريده الجانب التركي و(الحكومة السورية المؤقتة) والجانب الدولي”.

ويرى شعبان أن الموضوع ليس فتح علاقات أو فتح معابر، إنما يتعلق بكيفية دخول المساعدات، وإذا “تحكمت روسيا بهذا الملف، انتهت العديد من الأمور (سياسيًا وخدميًا)، وأصبحت روسيا تملك أدوات ضغط مخيفة”.

ورغم نفي فتح المعابر أصلًا، قال نائب رئيس “المركز السوري للمصالحة” في سوريا، الفريق أول ألكسندر كاربوف، اليوم الثلاثاء، 30 من آذار، إن المعابر الثلاثة “ستُغلق بسبب قصف المسلحين لها”، وفق ما نقلته وكالة “تاس” الروسية.

قضية معابر المساعدات

وكانت روسيا والصين  استخدمتا حق “النقض” (الفيتو) في مجلس الأمن، لمنع مشروع قرار بلجيكي- ألماني، يقضي بتمديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود دون موافقة النظام إلى الشمال السوري.

مشروع القرار المرفوض تضمّن تمديد الموافقة على نقل المساعدات عبر معبري “باب الهوى” و”باب السلامة” على الحدود السورية- التركية، لمدة عام كامل، وهو ما اصطدم بــ”فيتو” مزدوج، ورُفض بعده مشروع قرار روسي، طرحته موسكو.

واقتصر إدخال المساعدات منذ هذا الفيتو، في تموز 2020، على معبر باب الهوى الحدودي.

وانتهت فاعلية قرار تمديد مرور المساعدات إلى سوريا الذي استمر ست سنوات (مُدّد لأكثر من مرة)، في 10 من تموز 2020.

ومن المقرر أن يتصدى مجلس الأمن لمسألة المساعدات عبر الحدود مرة أخرى في تموز 2021، عندما ينتهي ترخيص معبر “باب الهوى”.

——————————-

واشنطن وموسكو تتنافسان في مناطق النفوذ التركي بسوريا احوال تركيا

نيويورك – طالبت الولايات المتحدة الاثنين بإعادة فتح معابر لإيصال المساعدات إنسانية عند الحدود السورية المغلقة منذ 2020 بضغط من روسيا على خلفية الحرب المستمرّة منذ عشر سنوات.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي ترأّس جلسة شهرية لمجلس الأمن الدولي حول الشقّ الإنساني في الملف السوري “كيف يعقل ألا نجد في قلوبنا، حسّا إنسانيا مشتركا لاتّخاذ إجراءات مهمة؟”.

وتنظر موسكو لهذا الإجراء على أنه محاولة من واشنطن لاختراق الحدود السورية وتوسيع نفوذها في تلك المناطق التي يزدحم فيها التنافس التركي الروسي، بينما تدفع روسيا عبر رفضها إيصال المساعدات

وتوجّه وزير الخارجية الأميركي إلى أعضاء مجلس الأمن بالقول “أنظروا في قلوبكم” داعيا إلى العمل للتوصل إلى تحسين الوضع الإنساني في سوريا الذي هو موضع مؤتمر مانحين يومي الاثنين والثلاثاء في بروكسل.

وأضاف بلينكن “علينا أن نجد طريقة لفعل شيء ما. أن نتحرّك لمساعدة الناس. إنّها مسؤوليتنا. وعار علينا إذا لم نقم بذلك”. ويثير هذا الملف انقساما منذ عشر سنوات بين الغربيين وروسيا، أبرز الدول الداعمة لدمشق.

وفي يوليو، استخدمت روسيا والصين حقّ النقض في مجلس الأمن الدولي لتقليص عدد نقاط إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا التي لا تتطلّب موافقة دمشق، إلى نقطة واحدة.

وتقع هذه النقطة في باب الهوى عند الحدود التركية وتتيح إمداد شمال غرب سوريا ومحافظة إدلب التي لا تزال خارجة عن سيطرة النظام السوري. وينتهي تصريح الأمم المتحدة لاستخدام هذا المعبر في يوليو.

وطالب بلينكن بإعادة فتح نقاط عبور أغلقت في 2020 في باب السلامة عند الحدود التركية أيضا واليعربية عند الحدود العراقية. وقال إنّ هذه المعابر تتيح على التوالي مساعدة 4 ملايين و1.3 مليون سوري.

وقال “دعونا نمنح أنفسنا عددا أكبر من المعابر وليس أقلّ لتوفير الغذاء والدواء للشعب السوري”.

وخلال المؤتمر المرئي في مجلس الأمن، انتقد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين بشدّة عدم دعوة سوريا إلى مؤتمر المانحين في بروكسل ورأى فيه تعديا إضافيا على سيادتها.

وتنظّم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي النسخة الخامسة من هذا المؤتمر الهادف إلى مساعدة السوريين واللاجئين السوريين في دول الجوار ولا سيّما لبنان وتركيا والعراق والأردن. ويشارك في المؤتمر نحو 80 وفدا من خمسين دولة فضلا عن منظّمات غير الحكومية ومؤسّسات مالية دولية.

والهدف من المؤتمر جمع أكثر من عشرة مليارات دولار، 4.2 مليارات للاستجابة الإنسانية في سوريا و5.8 مليارات لدعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة في المنطقة.

وتستضيف الدول المجاورة لسوريا 80 بالمئة من اللاجئين السوريين “في أكبر أزمة لاجئين في العالم”، وفق البيان.

وقال فيرشينين “ثمة تسييس متزايد للمساعدة الإنسانية”، معتبرا أنّ المساعدة العابرة للحدود “تنتهك مبادئ القانون الدولي وهذا لأن الحكومة القائمة لا تناسب” الغربيين.

وكان بلينكن صرّح أنّ “السيادة لم تصمّم أبدا لضمان حقّ حكومة في تجويع الناس وحرمانهم من الأدوية الحيوية أو لارتكاب أي انتهاك آخر لحقوق الإنسان ضد المواطنين”.

وقبل تصريحات وزير الخارجية الأميركي، كتب إيغور سوبوتين في صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية حول ‘خطوة تصعيدية أميركية في سوريا مموهة بدوافع إنسانية”.

وقال في مقال نقلته قناة روسيا اليوم على موقعها الالكتروني “يرأس وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن اجتماعا في الـ 29 من مارس لمجلس الأمن الدولي بشأن الوضع الإنساني في سوريا. ومن المتوقع أن يدافع فيه عن تمديد وتوسيع آلية تقديم المساعدة عبر الحدود لتلك الجيوب التي لا تزال تحت سيطرة معارضي دمشق الرسمية في سوريا.

وأشار إلى أن مصير “باب الهوى” سيصبح ملحّا في يوليو القادم عندما ينتهي تصريح استخدامه. روسيا، ضد تمديد آلية إيصال المساعدة هذه، فقد أصرت منذ البداية على أن عمليات الأمم المتحدة عبر الحدود كانت مؤقتة وأنها تفقد معناها بعد عودة معظم المناطق إلى سيطرة دمشق.

وأضاف أنهم “في الغرب، يرون أن الجانب الروسي بطلبه إغلاق قنوات المساعدات الإنسانية، يدفع المناطق المتمردة في سوريا إلى الخضوع لدمشق الرسمية. كما تثير عدالة توزيع الشحنات من قبل القوات الحكومية السورية شكوكا جدية بين الخبراء”.

وتابع “على هذه الخلفية، تبدو مبادرة بلينكن لتوسيع آلية المساعدة بمثابة نية صريحة لمجادلة موسكو حول من له الحق في تقديم المساعدة للمناطق المحتاجة، حسبما كتبت الصحافة العربية”.

————————

———————–

غوتيرس يحذر من انجراف الوضع في سورية نحو “لا حرب ولا سلام”/ محمد الأحمد

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الثلاثاء، إلى العمل على تنفيذ القرار الأممي “2254” لصياغة دستور جديد لسورية، من أجل السماح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف أممي، محذراً من انجراف الوضع في سورية نحو حل “لا حرب ولا سلام”.

جاء ذلك ضمن إحاطته التي قدمها في جلسة “الجمعية العامة للأمم المتحدة” المنعقدة بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك، حول الوضع في سورية.

وأشار غويترس إلى أن المبعوث الخاص إلى سورية، غير بيدرسن، عقد حتى الآن خمس جلسات للجنة الدستورية، وأشار إلى أن نتائج عمل اللجنة الدستورية أقل من توقعاته، ولم ترق إلى مستوى توقعات الشعب السوري، مضيفاً: “يجب أن تكون الدورة السادسة مختلفة عما حدث من قبل بأهداف واضحة وأساليب عمل موثوقة، وذلك من خلال بناء الثقة وفتح الباب نحو عملية سياسية أوسع”. كما أثنى على حالة الهدوء النسبي الذي شهدته سورية هذا العام، منذ ترتيبات وقف إطلاق النار المتفق عليها بين ضامني أستانة، تركيا وروسيا، في الخامس من مارس/ آذار العام الماضي. وفق وكالة الأناضول التركية.

وأكد الأمين العام أن الأمم المتحدة أرسلت بمعدل ألف شاحنة مساعدات شهرياً إلى إدلب العام الماضي عبر الحدود التركية، موضحاً أنه استفاد منها 2.4 مليون شخص كل شهر على مدار العام، وحذر مرة أخرى من إخفاق مجلس الأمن في تجديد آلية إيصال المساعدات العابرة للحدود في يوليو/ تموز المقبل، مُشيراً إلى أن ذلك سيقضي على خطط توزيع لقاحات كورونا في سورية، وسيتوقف تسليم الغذاء والمساعدات الإنسانية الأخرى.

من جهة أخرى، قال نائب وزير الخارجية التركي سادات أونال، عبر رسالة فيديو مسجلة خلال مشاركته في مؤتمر بروكسل (الخامس) للمانحين الدوليين بشأن “دعم مستقبل سورية والمنطقة”، إن المجتمع الدولي تقع على عاتقه مسؤولية مشتركة، للسعي من أجل إنهاء مأساة السوريين، ولفت إلى أن “المأساة السورية التي أكملت عامها العاشر، تعتبر واحدة من أكبر المآسي الإنسانية عبر التاريخ”، وأكد أنه قُتل خلالها مئات الآلاف من السوريين، وأُجبر أكثر من نصف الشعب السوري على ترك ديارهم.

وأشار أونال إلى أن الشعب السوري يعيش آلاما كبيرة منذ فترة طويلة، وأنه غير قادر على تحمل هذه المعاناة لعشرة أعوام أخرى، مضيفا أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية مشتركة للعمل على تخفيف معاناة الشعب السوري، موضحاً أن هذا الأمر “يتطلب جهوداً متضافرة ومتعددة الأبعاد لا تلبي احتياجات السوريين الملحة على أرض الواقع فحسب، إنما السعي لمعالجة جذور المشكلة في سورية أيضاً”.

وأكد نائب وزير الخارجية أن “السبيل الوحيد لإنهاء معاناة السوريين هو التوصل إلى حل سياسي دائم بموجب القرار الأممي رقم 2254″، مضيفاً أن “تركيا تعمل على توفير الاحتياجات الأساسية لنحو 9 ملايين سوري، بينهم 3.7 ملايين لاجئ داخل تركيا، إلى جانب النازحين في شمال سورية”، داعيا المجتمع الدولي للتضامن وتقاسم أعباء اللاجئين مع الدول المجاورة لسورية.

وتعليقاً على ذلك، قال يحيى العريضي المتحدث باسم “هيئة التفاوض السورية المعارضة” إن الهيئة “تنظر إلى مؤتمر بروكسل بجدية بحكم أنه يقدم المساعدة للكثيرين ممن يحتاجونها”، وأشار إلى وجود إشكاليات في هذا السياق، “وكأن هذه المؤتمرات لإدارة الكارثة، وليس للولوج الفعلي في جوهر القضية السورية”.

وأضاف العريضي، لـ”العربي الجديد”: “لو حدث ذلك، أي أن تلك القوى التي تقدم مساعدات على مدار هذه السنوات بالمليارات دخلت فعلياً في جوهر القضية السورية، لوفرت على نفسها المليارات، ووفرت على السوريين الدم والإذلال والعوز والتشرد”، مشدداً على أن “الشعب السوري شعب نبيل لا يريد أن يكون باستضافة هذه الدولة أو تلك ولا يعشق المخيمات ولا سلال الأغذية”.

وأوضح المتحدث باسم هيئة التفاوض أنه “في الوقت الذي تلتفت إليه الكثير من الدول لإنقاذ السوريين معيشياً، تقصف طائرات المحتل الروسي في منطقة خفض التصعيد الرابعة (إدلب وما حولها)، وتستخدم روسيا الفيتو لإغلاق قنوات المساعدة”، ولفت إلى أن “روسيا تريد حصر هذه المساعدات بأداتها في دمشق نظام الاستبداد، الذي حتى الآن يستهلك 70% من تلك المساعدات، التي شوهدت بأيدي عناصره، بالإضافة لتحكمه بالقائمين عليها من الأمم المتحدة”.

وأشار العريضي إلى أن “تقاعس المجتمع الدولي في إنهاء الأزمة السورية بسبب تضارب المصالح”، مردفًا بأن “كل الدول تريد أن تصفي حساباتها في الساحة السورية، وتحل عقدها ومشاكلها فيها، وتتمترس عند تفصيل حل بمقاسها ومقاس مصالحها ومقاس منظومة الاستبداد، بالإضافة للفيتو الروسي وأخذ موسكو مجلس الأمن كرهينة، وإسرائيل التي انسجمت تماماً مع نظام (أحكم البلد أو أدمرها)”.

وحول تصريحات وزير الخارجية السعودي، ونائب وزير الخارجية التركي، والأمين العام للأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء في مؤتمر بروكسل للمانحين، طالب العريضي بترجمة فعلية على صعيد واقعي لتلك التصريحات، واصفاً ذلك بعبارة “السوريين يريدون طحيناً”.

وكان وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن قد جدد اليوم، في تغريدة له على حسابه الشخصي في “تويتر”، تأكيده وقوف الولايات المتحدة الأميركية إلى جانب الشعب السوري، والمجتمع الدولي لإيقاف إطلاق النار في سورية، ووصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين المحتاجين، وأكد أن الولايات المتحدة أكبر مانح إنساني منفرد للشعب السوري، مضيفاً: ” نحن نقدم 596 مليون دولار أميركي كمساعدات إضافية منقذة للحياة للمحتاجين في سورية، وفي جميع أنحاء المنطقة بينما نقدم الدعم للأمم المتحدة للجهود المبذولة لإنهاء الأزمة السورية”.

العربي الجديد

————————–

مؤتمر دعم لاجئي سوريا: ألمانيا تقدم 1.7 مليار يورو وواشنطن 600 مليون دولار

عواصم ـ “القدس العربي” – وكالات: حثت الأمم المتحدة المانحين الدوليين على التعهد بتقديم ما يصل إلى 10 مليارات دولار، الثلاثاء، لمساعدة السوريين الفارين من الحرب الأهلية، في خضم جائحة كوفيد-19 .وقالت إن الحاجة إلى الدعم الإنساني لم تكن بهذا الحجم من قبل، في المؤتمر السنوي الخامس لوقاية اللاجئين السوريين من المجاعة، في وقت يحتاج حوالى 24 مليوناً إلى مساعدات أساسية، بزيادة أربعة ملايين على مدى العام المنصرم ،وهو أعلى رقم حتى الآن منذ حملة القمع التي شنها الرئيس السوري بشار الأسد على المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في عام 2011، مما أدى إلى اندلاع الحرب الأهلية.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في رسالة بالفيديو “أدعوكم لمساعدتنا في تلبية الاحتياجات المتزايدة وزيادة التزاماتكم المالية والإنسانية”. وأضاف أن “الاقتصاد السوري تعرض للدمار وتعصف به الآن تداعيات كوفيد-19 التي زادت الأمور سوءا. فقد نصف الأسر تقريباً مصدر دخلهم، ويعيش تسعة من كل عشرة سوريين في فقر”. وحذر غوتيريش من “انجراف الوضع في سوريا نحو حل لا حرب ولا سلام”.

وأقر غوتيريش بأن العديد من السوريين “فقدوا الثقة” بقدرة المجتمع الدولي على مساعدتهم في إنهاء الصراع الدائر في بلادهم. جاء ذلك في رسالة فيديو مسجلة بثت خلال مؤتمر بروكسل، وقال غوتيريش “إن العديد من السوريين فقدوا الثقة بقدرة المجتمع الدولي في صياغة مسار متفق عليه للخروج من الصراع المستمر منذ 10 سنوات”.

وكانت السويد من أوائل المانحين الذين تعهدوا بزيادة الدعم، فيما ذكرت شبكة تلفزيون الجزيرة أن قطر قالت إنها ستقدم 100 مليون دولار لمساعدة الجهود الدولية الرامية لتخفيف الأزمة الإنسانية في سوريا. وتعهدت ألمانيا الثلاثاء بتقديم أكثر من 1,7 مليار يورو لمساعدة سوريا التي تمزقها حرب مدمرة منذ عشر سنوات، خلال مؤتمر دولي للمانحين برعاية الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وأعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس عن مبلغ 1,738 مليار يورو، مشيرا إلى أنه “المساهمة الأكبر” لبلاده في السنوات الأربع الأخيرة.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الثلاثاء إن الولايات المتحدة ستقدم أكثر من 596 مليون دولار مساعدات إنسانية جديدة لمواجهة الأزمة السورية. وأضاف بلينكن في بيان أن المساعدات تهدف إلى تقديم العون للكثير من السوريين في الداخل، والذين يقدر عددهم بنحو 13.4 مليون نسمة، وكذلك مساعدة 5.6 مليون لاجئ سوري في تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر. وقال بلينكن إن “الشعب السوري واجه فظائع لا حصر لها من بينها ضربات جوية وجهها نظام الأسد وروسيا والاختفاء القسري ووحشية داعش والهجمات بالأسلحة الكيميائية”. ومضى قائلاً “زاد على ذلك أن الفساد الممنهج وسوء إدارة الاقتصاد من جانب نظام الأسد فاقما الأزمة الإنسانية الصارخة التي زاد من حدتها تحدي كوفيد-19”.

وتهدف النسخة الخامسة من “مؤتمر بروكسل من أجل سوريا” إلى مساعدة دول الجوار التي استقبلت ملايين اللاجئين السوريين، وهي لبنان والأردن وتركيا خصوصاً. ودعت الأمم المتحدة إلى تقديم تبرعات لا تقل عن 10 مليارات دولار (8,5 مليار يورو) لهذا الغرض.

القدس العربي”

——————————-

الدول المانحة تستعجل الحل النهائي في سوريا

بعدما طالبت الأمم المتحدة المؤتمر الدولي الخامس للمانحين المنعقد في بروكسل بتوفير مساعدات قيمتها 10 مليارات دولار للاجئين السوريين، أعلنت الولايات المتحدة خلال المؤتمر، أنها ستمنح 596 مليون دولار لبرنامج المساعدات الإنسانية، وتعهدت ألمانيا تقديم 1.7 مليار يورو، والمفوضية الأوروبية مبلغ 580 مليون يورو، وقطر 100 مليون دولار، والإمارات 30 مليون دولار.

وشدد المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الثلاثاء، على أن العقوبات المفروضة على سوريا “يجب ألا تؤثر على وصول المساعدات الإنسانية، في ظل الوضع الذي تعانيه البلاد منذ سنوات”.

ودعا بيدرسن إلى “تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في شكل عاجل، من دون أن ننسى التحديات الأخرى المرتبطة بالخلايا الإرهابية النائمة، علماً أن لا حل عسكرياً، ولا يمكن أن تستمر الأزمة السورية الى ما لا نهاية”. وأشار الى أن العمل جارٍ للتوصل إلى إصلاح دستوري وتنظيم انتخابات حرة. وقال: “الطريق الدستوري هو أحد أوجه العمل وفقاً لقرار مجلس الأمن، ويتطلب التنازل والمرونة من جميع الأطراف”.

وتعهد المانحون في مؤتمر بروكسل الرابع “لدعم سوريا والمنطقة” الذي أقيم في تموز/يونيو 2020 بدفع 5.5 مليار دولار في عام 2020 لدعم العمليات الإنسانية وبرامج التنمية في المنطقة، و2.2 مليار دولار إضافية في 2021 لنفس المحاور.

وأكد بيان لوزارة الخارجية الأميركية أن “السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة أعلنت في مؤتمر بروكسل الخامس تقديم أكثر من 596 مليون دولار من المساعدات الإنسانية استجابة للأزمة السورية”، ليرتفع مجموع المساعدات الأميركية المقدمة للسوريين إلى نحو 13 مليار دولار خلال 10 سنوات من الأزمة في سوريا، بحسب البيان.

وقال البيان إن السفيرة ليندا توماس غرينفيلد شددت أيضاً على مسؤولية المجتمع الدولي بتوفير وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق إلى جميع السوريين المحتاجين من خلال جميع السبل المتاحة. ودعت إلى إعادة تفويض النقل عبر الحدود في تموز/يوليو 2021 وتوسيعه باعتباره “أولوية” للولايات المتحدة.

من جهته، أعلن وزير الخارجية القطرية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني تعهّد بلاده بمبلغ 100 مليون دولار أميركي للتخفيف من وطأة الكارثة الإنسانية السورية. وأكد خلال مشاركته في المؤتمر، أن التعهد الجديد يأتي انطلاقاً من الإيمان الراسخ لدولة قطر بالوفاء بالتزاماتها الدولية وبالواجب الإنساني تجاه الشعب السوري.

ولفت إلى أن مساعدات قطر الفعلية للشعب السوري تجاوزت ملياري دولار أميركي. وقال: “الأوضاع الإنسانية تزداد سوءاً في سوريا وتتفاقم آثارها السلبية عاماً بعد عام، في ظل مواصلة النظام السوري، لانتهاكاته لحقوق الإنسان، وارتكابه لفظائع ترقى لجرائم حرب، وعرقلته لمسار الحل السياسي”. وشدد على أهمية دور اللجنة الدستورية في إنهاء أزمة الشعب السوري ومعاناته.

بدوره، أكد وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان أن “التسوية السياسية بإشراف الأمم المتحدة هي الحل الوحيد لقضية سوريا. وهذا شرط للمساهمة في إعمارها إلى جانب وقف إيران مشروعها الطائفي في هذا البلد”.

وينسجم ذلك مع موقف الاتحاد الأوروبي الذي يقول إن “عملية إعادة بناء المدن المدمرة التي تحتاج إلى مليارات الدولارات، لا يمكن أن تبدأ حتى تساعد القوى المشاركة في الصراع، وبينها روسيا وإيران، في الاتفاق على تسوية سلمية”.

ودعت المنظمة الدولية للصليب الأحمر المانحين الدوليين إلى المساعدة في إعادة بناء البلاد، لا سيما عبر إصلاح خدمات الصحة والمياه والكهرباء. وحثّ رئيسها بيتر ماورير القوى العالمية على “التوصل إلى اتفاق سلام، وإلا ستجد نفسها في مواجهة مزيد من مؤتمرات المانحين. فالعاملون في المجال الإنساني يتواجدون هنا لتقديم المساعدة، لكن المسؤولية النهائية تقع على عاتق أطراف الصراع”.

أما نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف فاستبعد نجاح أي قرار لحل الأزمة لا ينخرط فيه السوريون أنفسهم. وقال: “خطر الإرهاب في سوريا ما يزال قائماً خصوصاً في إدلب، والدول التي تدعم المنظمات الإرهابية مسؤولة عن الهجمات في سوريا وفي دول أخرى”.

ولمّح بوغدانوف إلى أن “العقوبات هي ما يوجع سوريا ويجعلها تواجه أزمة إنسانية كبيرة مع وجود عدد كبير من السكان الذين يحتاجون إلى دعم. أما روسيا فتقدم مساعدات طبية وغذائية وإنسانية بحسب قرارات مجلس الأمن والقانون الدولي”. وقال: “فتحنا 13 ممراً في حماة وحمص منذ تموز/يوليو 2020، وساعدنا في إزالة الألغام”.

وفيما يزداد قلق المجتمع الدولي من التأثيرات السلبية للانهيار الاقتصادي في لبنان على أوضاع اللاجئين السوريين في أراضيه، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إن “الظروف تزداد صعوبة، في حين أننا جميعاً في نفس القارب، ونحاول الصمود في وجه العاصفة الإقتصادية التي تفاقمت بسبب تفشي جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت المأسوي”.

وشدد على أن “إقامة النازحين السوريين في لبنان موقتة، ولا يجب أن تفسر تحت أي ظرف على أنها اندماج محلي، فهذا قرار سيادي وعمل عائد للدول”.

—————————-

مؤتمر بروكسل.. تعهدات بـ 6.4 مليارات دولار لدعم السوريين

أعلن الاتحاد الأوروبي، أمس الثلاثاء، أن مجموع التعهدات المالية من الدول المشاركة في مؤتمر بروكسل الخامس لدعم سوريا وصلت إلى 6.4 مليارات دولار أميركي.

وخصص المشاركون في المؤتمر 4.4 مليار دولار من تعهداتهم لسوريا والمنطقة لعام 2021، بالإضافة إلى تعهدات تبلغ تقريبا ملياري دولار لعام 2022 وما بعده.

وتعهدت ألمانيا بتقديم 2.04 مليار دولار مساعدات إنسانية لسوريا وهو أكبر مبلغ تقدمه في أربع سنوات، كما تعهدت بريطانيا بتقديم 205 ملايين جنيه إسترليني (281 مليون دولار) إلا أن رئيس لجنة الإنقاذ الدولية، ديفيد ميليباند، قال إن هذا المبلغ أقل من 300 مليون إسترليني الذي تعهدت به بريطانيا العام الفائت.

وأعلنت قطر عن تقديمها 100 مليون دولار للسوريين، والولايات المتحدة تعهدت بتقديم 596 مليون دولار أميركي، في حين بقي دعم الاتحاد الأوروبي ثابتاً عند 560 مليون يورو والذي يأتي من ميزانيته المشتركة بشكل منفصل عن أعضائه.

وفي تغريدة له عبر تويتر، عقب إعلان التعهدات، رحب وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة، مارك لوكوك، بنتائج المؤتمر، وشكر الاتحاد الأوروبي وكل من ساهم في تقديم التبرعات لـ “المساعدة في تخفيف الأزمة في سوريا ودول الجوار”.

وقال: “اليوم، الأمم المتحدة وشركاؤنا والمانحون اجتمعوا وأكدوا مبلغ 4.4 مليار دولار لتمويل العمليات الإنسانية في سوريا والمنطقة لعام 2021”.

    Today the @UN

, our partners, and the donor community came together and confirmed $4.4 billion for Syria and the region in 2021.

Thank you to our co-hosts, @eu_eeas, and all who contributed. https://t.co/41OmN87jAy#SyriaConf2021 #InvestInHumanity pic.twitter.com/j900VTC73U — Mark Lowcock (@UNReliefChief) March 30, 2021

وفي سياق آخر، حث رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بيتر ماورير، المجتمع الدولي إلى التوصل لاتفاق سلام في سوريا وإلا فسيجد نفسه في مواجهة مزيد من مؤتمرات المانحين لسوريا، قائلاً إن “المسؤولية النهائية تقع على عاتق أطراف الصراع”، داعياً إلى المساعدة في إعادة بناء سوريا، وخاصة إصلاح خدمات الصحة والمياه والكهرباء.

وقال الاتحاد الأوروبي إنه لا يمكن البدء بعملية إعادة الإعمار في سوريا بمساعدة أجنبية من دون اتفاق سلام بين النظام والمعارضة المسلحة.

واستضافت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين، مؤتمراً للمانحين الدوليين، بهدف جمع التمويل اللازم للأنشطة الإنسانية المقدمة لأكثر من 11 مليون سوري بحاجة لمساعدات.

ومع وجود ما يقدر بنحو 24 مليون شخص داخل سوريا وفي دول اللجوء بالمنطقة بحاجة إلى مساعدات إنسانية، سعى اجتماع بروكسل الوزاري إلى جمع مبلغ قياسي قدره 10 مليارات دولار، على أن يتم تخصيص 4.2 مليارات دولار لأكثر من 13 مليون شخص داخل سوريا، أكثرهم من المهجرين.

وطالب برنامج الأغذية العالمي، (WFP)، أول أمس الإثنين، بتقديم 600 مليون دولار، لتقديم مساعدات غذائية عاجلة لملايين السوريين الذين يواجهون اليوم أسوأ الظروف الإنسانية بسبب 10 سنوات من الصراع.

وكانت الحكومة الأردنية طالبت في خطتها لاستجابة “الأزمة السورية” للعام الجاري، قبل انعقاد مؤتمر المانحين في بروكسل، مبلغ 2.4 مليار دولار، للاجئين السوريين على أراضيها.

وقال نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية لسوريا، مارك كاتس، أول أمس الإثنين، إنه ليس لديهم ما يكفي من المال لتوفير جميع الخدمات المطلوبة للسوريين في داخل البلاد وخارجها، مضيفاً أن واقع النازحين واللاجئين السوريين هو صراع من أجل البقاء، وأن النساء والأطفال والكبار في السن والأشخاص ذوي الإعاقة هم الذين يعانون أكثر من غيرهم.

——————————–

بلينكن: عار علينا إذا لم نتخذ إجراءات لمساعدة أطفال سوريا

دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إيجاد طريقة لفعل شيء ما واتخاذ إجراءات لمساعدة الناس والأطفال في سوريا، مضيفاً “هذه مسؤوليتنا وعار علينا إذا لم نوفِ بها”.

جاء ذلك خلال كلمته في جلسة الإحاطة

والمشاورات التي يعقدها مجلس الأمن الدولي الإثنين، حول الوضع الإنساني في سوريا، برئاسة الولايات المتحدة الأميركية.

وأشار بلينكن إلى أن هذا الشهر يوافق الذكرى السنوية العاشرة للثورة السورية، مبيناً أنه “بعد عقد من الصراع الذي عانى فيه الشعب السوري، ما زال الوضع خطيراً، فهناك ما يقدر بنحو 13.4 مليون شخص (اثنان من كل ثلاثة سوريين) بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، أي 60 في المئة من السوريين معرضون لخطر الجوع.

وأوضح أنه بينما يجتمع مجلس الأمن كل شهر لمناقشة الوضع الإنساني في سوريا، فإن هذه الأعداد تتزايد وأن “كل رقم من هذه الأرقام يمثل حياة أفراد من البشر، كما يستمر استهداف الأشخاص الشجعان الذين وضعوا حياتهم على المحك في محاولة لمساعدة الشعب السوري”.

وقال بلينكن: في 21 من آذار، قصف نظام الأسد مستشفى الأتارب للجراحة غربي حلب، ما أدى إلى مقتل سبعة أشخاص، بينهم طفلان (أبناء عم 10 و12 عاماً)، كما أصيب في الهجوم 15 شخصاً بينهم طبيب أصيب بشظية في عينه ولن يبصر مرة أخرى.

وأضاف: “لقد قصف نظام الأسد هذا المشفى من قبل في العام 2014، وتمت إعادة بنائه مرة أخرى تحت الأرض، وتمت مشاركة إحداثيات المستشفى من قبل الأمم المتحدة وفق آلية عدم التضارب، وعرف النظام هذه الإحداثيات وقام بقصفه مرة أخرى، وكان المشفى يقدم خدمات طبية لـ 3650 شخصاً كل شهر”.

وبيّن أنه في اليوم نفسه الذي قصف فيه نظام الأسد المستشفى، كانت الضربات الجوية الروسية تقصف قرب المعبر الحدودي الوحيد المصرح به من الأمم المتحدة مع سوريا، ما أسفر عن مقتل مدني، وتدمير الإمدادات الإنسانية، “الأمر الذي يعرّض الطريقة الأكثر فعالية لإيصال المساعدات إلى الشعب السوري للخطر”.

ودعا بلينكن أعضاء مجلس الأمن إلى إيجاد قيم إنسانية مشتركة لاتخاذ قرار مجدٍ من شأنه تخفيف المعاناة عن الشعب السوري. وأضاف “لديّ طفلان صغيران، وأظن أن العديد من أعضاء هذا المجلس لديهم أطفال صغار أو أحفاد، إنني أفكر في طفليّ عندما أفكر في الأطفال السوريين، وأنتم فكّروا في أطفالكم، وانظروا في قلوبكم، ثم تحدثوا إلى زملائكم، وعلى الرغم من اختلافاتنا، علينا أن نجد طريقة لفعل شيء ما لمساعدة الناس، هذه مسؤوليتنا وعار علينا إذا لم نوفِ بها”.

وأكد أنه “بينما تركز جلسة اليوم على الأزمة الإنسانية في سوريا، من المهم أن نلاحظ أن الحل الوحيد الطويل الأمد لهذه المعاناة هو من خلال تسوية سياسية وحل دائم للنزاع، على النحو المبين في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.

———————–

خيبة أمل” من تعهدات مؤتمر بروكسل لمساعدة سوريا

قالت منظمة “ميرسي كوربس” الأميركية (غير حكومية): إن تعهدات مؤتمر بروكسل لمساعدة سوريا، ضرورية للحفاظ على الجهود الإنسانية، لكنها لا تزال غير كافية بشكل “محزن”.

وأضافت في بيان لها أن تسعة من كل عشرة سوريين يعيشون اليوم في فقر، وأكثر من 12.4 مليونا لا يملكون ما يكفي من الطعام، مشيرة إلى أن العائلات تحرق الأثاث للتدفئة.

وحثت المنظمة المانحين على ضمان أن يظل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية أولوية قصوى حتى تصل المساعدة إلى جميع السوريين ، حسب الحاجة؛ وطالبت بتجديد قرار مجلس الأمن رقم 2533، بحيث يمكن للمساعدات بما في ذلك برامج التطعيم ضد فيروس كورونا، أن تصل بسرعة إلى جميع أنحاء سوريا.

وشددت على ضرورة “الاستمرار في دعم البرامج متعددة السنوات عبر قطاعات متعددة وتغطي سوريا بكاملها والتي أثبتت أنها أكثر فاعلية وكفاءة وفائدة للسوريين”.

وقالت كاري دينر، مديرة Mercy Corps

في الأردن: “لا يوجد تخطيط طويل الأمد للاجئين المقيمين في المخيمات في الأردن. يجب أن نضع خطة لرسم مسار للاعتماد على الذات للاجئين في الأردن، ومع انخفاض التمويل بشكل حاد، نحتاج إلى هذه الخطة الآن. لحسن الحظ، يقوم الأردن بإدراج اللاجئين بشكل كامل في استجابته الصحية لفيروس كورونا ، وهو اعتراف مهم بالترابط بين السوريين والأردنيين”.

وتابعت “ستضطر الأماكن الملائمة للأطفال في مخيم الزعتري إلى إغلاق أبوابها هذا العام بسبب نقص التمويل. لا تزال تلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة والحالية للاجئين السوريين في الأردن أمرا حيويا، ولا يمكننا أن نسمح للوباء بإلهاء المساعدة المطلوبة أو استبعادها “.

كما حذر رافائيل فيلاسكيز  مدير Mercy Corps في لبنان من أن تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي في لبنان سيؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف واحتياجات كل من المجتمعات المحلية واللاجئين.

وتابع “بينما يواجه اللبنانيون أنفسهم شبه انهيار لاقتصادهم ودولتهم، يعيش السوريون المستضافون في لبنان في أكثر الظروف بؤسا التي شهدوها حتى الآن. تسعة من كل عشر أسر سورية لاجئة في لبنان تعيش في فقر مدقع”.

وأضاف “إذا تم النظر في العودة إلى سوريا، يجب أن تكون آمنة وطوعية وكريمة وقائمة على اختيار مستنير، خاصة بظروف كل أسرة. يجب أن يكون التمويل متاحا أيضًا لدعم اللاجئين المتبقين في لبنان، جنبا إلى جنب مع المجتمعات اللبنانية المضيفة الكريمة”.

تعهدات مخيبة للآمال

ووفقا للأمم المتحدة، في عام 2021 هناك حاجة إلى أكثر من 10 مليارات دولار لدعم السوريين المحتاجين بشكل كامل، ويشمل ذلك 4.2 مليارات دولار على الأقل للاستجابة داخل سوريا و 5.8 مليارات دولار أخرى لدعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة في المنطقة.

ويوجد 6.7 ملايين نازح داخلي في سوريا و 5.6 ملايين لاجئ سوري. ويحتاج ما يقدر بنحو 13.4 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية في عام 2021 داخل سوريا. وهذه الزيادة تقدر بنسبة 20 في المئة عن عام 2020.

وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 80 في المئة من الناس داخل سوريا يعيشون في فقر وجوع في مستوى قياسي. أكثر من 12.4 مليون شخص ليس لديهم ما يكفي من الغذاء المغذي لتناوله.

في حين يتجه لبنان نحو مزيد من الاضطرابات الاجتماعية وعدم الاستقرار السياسي. المنافسة المتزايدة من أجل البقاء تؤجج التوترات. العلاقات بين النازحين والمجتمعات المضيفة في أدنى مستوياتها، والبطالة تجاوزت 30 في المئة والجريمة آخذة في الارتفاع.

في الوقت نفسه أصدر الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين

جان إيغلاند بيانا رداً على مؤتمر بروكسل حول سوريا قال فيه “هناك حاجة ماسة للتمويل الذي تم التعهد به اليوم للاستجابة للمساعدات في سوريا، بعد عقد من هذه الأزمة التي تركتها القوى العالمية تتفاقم. نرحب بالتعهدات التي أبقت تمويل المساعدات على نفس مستويات العام الماضي على الرغم من الصعوبات الاقتصادية. ومع ذلك من المخيب للآمال أن نرى المملكة المتحدة والولايات المتحدة تخفضان مساهمتهما في وقت تواجه فيه الأسر السورية مستويات غير مسبوقة من الجوع والفقر في الداخل وفي المنطقة.

وتابع “لقد فشل المجتمع الدولي في ممارسة نفوذه لمنع الأطراف المتحاربة في سوريا من استخدام المدنيين كبيادق على رقعة الشطرنج. إن تكثيف المساعدات هو أقل ما يمكنهم فعله لمساعدة السوريين على البقاء والتعافي “.

————————

بيدرسون يدعو إلى صيغة دولية جديد لحل الأزمة السورية

دعا المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، الثلاثاء، إلى “صيغة دولية جديدة” لحل الأزمة السورية، عبر إشراك “جميع الأطراف المختلفة التي لها تأثير على الصراع.

ووصف بيدرسون على هامش مداخلته في النسخة الخامسة من مؤتمر دعم اللاجئين السوريين، مسيرة الصراع في سوريا التي أنهت عشر سنوات من الحرب بـ “الكارثية، رغم الهدوء النسبي على المسار العسكري”، بحسب قوله.

وطالب المسؤول الأممي المجتمع الدولي “بتدعيم وتمديد تفويض الأمم المتحدة للعمل في سوريا” وذكر أنه “يعمل على إجراء اتصالات من أجل تنظيم جولة سادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية”، بحسب ما نقلت عنه وسائل إعلامية.

وحول الانتخابات الرئاسية المرتقبة في البلاد، أشار بيدرسون إلى أن “قناعة المجتمع الدولي بأنه لا انتخابات حقيقية في سوريا بدون التنفيذ الكامل للقرار الأممي 2254”.

وتستعد الحكومة السورية لإجراء انتخابات رئاسية خلال الأشهر القادمة.

————————

 الانقسام الغربي ـ الروسي يخيّم على «مؤتمر بروكسل» تعهدات بـ6.4 مليار دولار لدعم السوريين… والسعودية «ترفض تدخلات إيران وميليشياتها»

واشنطن: معاذ العمري – الرياض- بروكسل – لندن: «الشرق الأوسط»

خيّم الانقسام بين أميركا والدول الغربية من جهة، وروسيا من جهة ثانية، على أعمال مؤتمر بروكسل للمانحين الخاص بسوريا أمس.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في رسالة بالفيديو، في افتتاح المؤتمر الذي ترعاه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وشارك فيه عدد كبير من المسؤولين العرب والأجانب: «أدعوكم لمساعدتنا في تلبية الاحتياجات المتزايدة وزيادة التزاماتكم المالية والإنسانية». وأضاف: «على مدى 10 سنوات، عانى السوريون الموت والدمار والتهجير والحرمان. الأمور تتطور إلى الأسوأ، وليس الأفضل (…) فقدت نصف الأسر تقريباً مصدر دخلها. ويعيش 9 من كل 10 سوريين في فقر».

من جهته، أكد الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي أن المملكة بذلت منذ بداية الأزمة جهوداً معلنة وغير معلنة في سبيل منع اندلاع وتفاقم مأساة الشعب السوري. وشدد على تجديد رفض تدخلات إيران والميليشيات التابعة لها في سوريا، مطالباً بوقف مشروع إيران الطائفي الذي يسهم في إطالة أمد الأزمة ويزيدها تعقيداً، وبخروجها وجميع القوات التابعة لها من الأراضي السورية.

وأعلن في ختام المؤتمر عن توفير نحو 6.4 مليار دولار، بينها 4.4 مليار للعام 2021، لدعم السوريين داخل بلادهم ودول الجوار.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في بيان، إن الولايات المتحدة ستقدم 596 مليون دولار. وقال ريتشارد أولبرايت، القائم بأعمال النائب الأول لمساعد وزير الخارجية، بمكتب السكان واللاجئين والهجرة: «نعمل على أن تذهب المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري».

———————

تصريح روسي غير متوقّع بشأن الانتخابات الرئاسيّة في سوريا

أعلن وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف”، اليوم الأربعاء، أنّ الانتخابات الرئاسية في سوريا لا يمكن تنظيمها إلا بإصلاح دستوري.

وفي لقاء صحفي، نقلته وسائل إعلام روسية، أكد “لافروف”، أثناء تواجده في منتدى فالداي في “موسكو”، أنّ “الانتخابات الرئاسية السورية لا يمكن تنظيمها قبل التوصّل إلى دستور جديد في البلاد”.

وأضاف وزير الخارجية، أنّ “النزاع في سوريا يبدو أنّه في وضع مجمد، وأنّ استمراره على النحو الذي هو عليه الآن يهدّد بانهيار الدولة السورية”.

سوريا

وكان الاتحاد الأوروبي، أكد في 14 من آذار/ مارس الجاري، أنّ الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا لا تفي بالمعايير الدولية ولا تسهم في تسوية الصراع، ولا تؤدي إلى أي تطبيع دولي مع نظام الأسد.

وبين الاتحاد الأوروبي، استعداده لدعم انتخابات حرة ونزيهة في سوريا، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وتحت إشراف الأمم المتحدة.

وعلّق سفير النظام السوري في روسيا، على بيان الاتحاد الأوروبي حول الانتخابات الرئاسية، بأن لا علاقة للاتحاد الأوروبي ولا لأي شخص آخر بتحديد شرعية الانتخابات في سوريا.

وقال السفير “رياض حداد”: “إنّ موضوع الانتخابات الرئاسيّة في سوريا يخصّ الشعب السوري فقط، وهو أحد الحقوق الدستورية للمواطنين السوريين”.

وكانت الولايات المتحدة، سبق أن أعلنت عن عدم اعترافها بنتيجة الانتخابات الرئاسية السورية القادمة ما لم يكن التصويت حراً وعادلاً وتشرف عليه الأمم المتحدة، وممثلاً من كافة أطياف الشعب السوري.

ومن المقرّر أن تقام الانتخابات الرئاسية السورية، بين 16 أبريل/ نيسان، و16 مايو/ أيار 2021، كما هو المعتاد في كل جولة.

ليفانت – وكالات

————————

حقيقة تصريحات لافروف حول ربط الانتخابات الرئاسية بدستور جديد

قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إن قرار مجلس الأمن رقم “2254” حول سورية، لا يمنع إجراء انتخابات رئاسية دون تعديل دستور البلاد.

وخلال مشاركته في منتدى “فالداي” في موسكو، اليوم الأربعاء، قال لافروف إن بلاده لا تقرأ في القرار “2254” ما ينص على عدم إمكانية إجراء انتخابات رئاسية إلا بعد تعديل أو كتابة دستور جديد لسورية.

وكانت وسائل إعلام وشبكات سورية تناقلت تصريحاً عن وزير الخارجية الروسي، مفاده أنه “لا يمكن تنظيم انتخابات في سورية قبل التوصل إلى دستور جديد”، إلا أن الإعلام الروسي لم يتطرق لذلك.

ونشر الخبير الروسي في شؤون الشرق الأوسط، ألكسي كليبنيكوف، تغريدة عبر حسابه في “تويتر”، نقل خلالها التصريح الصحيح للافروف حول الانتخابات، مؤكداً أن روسيا ترى أن القرار “2254” لا يمنع إجراء انتخابات دون تعديل الدستور السوري أو كتابة دستور آخر، حسب قوله.

    #Lavrov at the 10th Middle East conference of @valdaitweets: #Russia doesn’t read UNSC res 2254 on #Syria as dictating that any Syrian elections can only be held after the constitution is amended/a new one is adopted.

    — Alexey Khlebnikov (@AleksKhlebnikov) March 31, 2021

وفي تعليقه على الملف السوري، قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، خلال مؤتمر “فالداي”، إن “النزاع في سورية يبدو في وضع مجمد، واستمراره على هذا النحو يهدد بانهيار الدولة السورية”.

وكان من المتوقع أن يجري نظام الأسد انتخابات رئاسية خلال شهر أبريل/ نيسان المقبل، إلا التصريحات الصادرة عن مسؤولي النظام تشير لوجود تخبط حول موعد إجرائها.

إذ سبق أن أكد وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن الانتخابات ستجري في موعدها، وبحسب ما ينص عليه الدستور الحالي.

إلا أن سفير النظام لدى موسكو، رياض حداد، قال في تصريحات لوكالة “تاس” الروسية، الأسبوع الماضي، إن إجراء الانتخابات يرتبط بالوضع الوبائي لفيروس “كورونا” في سورية.

يُشار إلى أن روسيا دعت سابقاً المجتمع الدولي إلى مساعدة نظام الأسد بـ”الانتخابات الرئاسية”، التي يخطط لإجرائها، متذرعة بعدم وجود “أحكام تعرقل ذلك”.

وقال النائب الأول لمندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، دميتري بولانسكي، الشهر الماضي، إن “بعض الدول الأوروبية أعلنت منذ البداية أنها لن تعترف بهذه الانتخابات وستعتبرها غير قانونية”، مضيفاً ”هذه الطريقة بلا شك من حقها، لكننا نعتقد أنه لا توجد هناك أسس لهذا الموقف”.

واعتبر أن “الانتخابات الرئاسية ووضع الدستور الجديد عمليتان مختلفتان، ولذا لا أسباب لاعتبار الاقتراع غير دستوري”.

وتعتبر “الانتخابات الرئاسية” المقبلة، الثانية من نوعها التي ينظمها النظام خلال الثورة السورية، إذ كانت الأولى في 2014 وحصل الأسد حينها على نسبة 88.7%.

وبينما يؤكد نظام الأسد على تنظيم الانتخابات الرئاسية “في وقتها”، تقول دول غربية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية، بأنها “غير شرعية”، على اعتبار أن شريحة كبيرة من السوريين لن تشارك فيها.

قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إن قرار مجلس الأمن رقم “2254” حول سورية، لا يمنع إجراء انتخابات رئاسية دون تعديل دستور البلاد.

وخلال مشاركته في منتدى “فالداي” في موسكو، اليوم الأربعاء، قال لافروف إن بلاده لا تقرأ في القرار “2254” ما ينص على عدم إمكانية إجراء انتخابات رئاسية إلا بعد تعديل أو كتابة دستور جديد لسورية.

وكانت وسائل إعلام وشبكات سورية تناقلت تصريحاً عن وزير الخارجية الروسي، مفاده أنه “لا يمكن تنظيم انتخابات في سورية قبل التوصل إلى دستور جديد”، إلا أن الإعلام الروسي لم يتطرق لذلك.

ونشر الخبير الروسي في شؤون الشرق الأوسط، ألكسي كليبنيكوف، تغريدة عبر حسابه في “تويتر”، نقل خلالها التصريح الصحيح للافروف حول الانتخابات، مؤكداً أن روسيا ترى أن القرار “2254” لا يمنع إجراء انتخابات دون تعديل الدستور السوري أو كتابة دستور آخر، حسب قوله.

وفي تعليقه على الملف السوري، قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، خلال مؤتمر “فالداي”، إن “النزاع في سورية يبدو في وضع مجمد، واستمراره على هذا النحو يهدد بانهيار الدولة السورية”.

وكان من المتوقع أن يجري نظام الأسد انتخابات رئاسية خلال شهر أبريل/ نيسان المقبل، إلا التصريحات الصادرة عن مسؤولي النظام تشير لوجود تخبط حول موعد إجرائها.

إذ سبق أن أكد وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن الانتخابات ستجري في موعدها، وبحسب ما ينص عليه الدستور الحالي.

إلا أن سفير النظام لدى موسكو، رياض حداد، قال في تصريحات لوكالة “تاس” الروسية، الأسبوع الماضي، إن إجراء الانتخابات يرتبط بالوضع الوبائي لفيروس “كورونا” في سورية.

يُشار إلى أن روسيا دعت سابقاً المجتمع الدولي إلى مساعدة نظام الأسد بـ”الانتخابات الرئاسية”، التي يخطط لإجرائها، متذرعة بعدم وجود “أحكام تعرقل ذلك”.

وقال النائب الأول لمندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، دميتري بولانسكي، الشهر الماضي، إن “بعض الدول الأوروبية أعلنت منذ البداية أنها لن تعترف بهذه الانتخابات وستعتبرها غير قانونية”، مضيفاً ”هذه الطريقة بلا شك من حقها، لكننا نعتقد أنه لا توجد هناك أسس لهذا الموقف”.

واعتبر أن “الانتخابات الرئاسية ووضع الدستور الجديد عمليتان مختلفتان، ولذا لا أسباب لاعتبار الاقتراع غير دستوري”.

وتعتبر “الانتخابات الرئاسية” المقبلة، الثانية من نوعها التي ينظمها النظام خلال الثورة السورية، إذ كانت الأولى في 2014 وحصل الأسد حينها على نسبة 88.7%.

وبينما يؤكد نظام الأسد على تنظيم الانتخابات الرئاسية “في وقتها”، تقول دول غربية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية، بأنها “غير شرعية”، على اعتبار أن شريحة كبيرة من السوريين لن تشارك فيها.

——————————-

===================

تحديث 01 نيسان 2021

————————-

«الانسداد» الأميركي ـ الروسي ينعش اقتراح «خطوة ـ خطوة» في سوريا/ إبراهيم حميدي

توقعات في دمشق بقرب برنامج الانتخابات الرئاسية… ومؤتمر بروكسل يجدد شروط «التطبيع» و«الإعمار»

أعاد المؤتمر الدولي للمانحين في بروكسل، سوريا إلى رأس الأجندة الدولية والإقليمية بعد تراجع الاهتمام بها منذ تسلم إدارة الرئيس جو بايدن التي لا تزال في طور المراجعة السياسية بمشاركة المؤسسات الأميركية المختلفة.

في الوقت نفسه، كشف هذا «الاهتمام المؤقت» في الذكرى العاشرة لبدء الأزمة، استمرار الجدار وعدم بلورة تفاهم دولي – إقليمي بسبب تفاقم التوتر بين أميركا وروسيا وانعكاساته المختلفة في ملفات عدة بينها سوريا، المكان الوحيد الذي يقف فيها جيشا البلدين وجها إلى وجه تنظم العلاقة بينهما تفاهمات عسكرية لمنع الصدام، ما أعاد طرح مقاربة «خطوة – خطوة» بين موسكو واشنطن.

– ما هو المشهد من موسكو؟

تدعم موسكو دمشق في خطتها السياسية والمضي قدما في ملفي الانتخابات الرئاسية والإصلاح الدستوري. حسب المعلومات، فإن مجلس الشعب (البرلمان) السوري سيبدأ في 19 الشهر الجاري جلسة برلمانية، يرجح أن تطلق فيها عملية الإعداد للانتخابات الرئاسية، بموجب الدستور الحالي للعام 2012، ونص على أن «يدعو رئيس مجلس الشعب لانتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس القائم في مدة لا تقل عن ستين يوماً ولا تزيد على تسعين يوماً»، علما بأن ولاية الرئيس بشار الأسد تنتهي في 17 يوليو (تموز) المقبل.

كما تضمنت الشروط بأن «لا يقبل طلب الترشيح إلا إذا كان طالب الترشيح حاصلاً على تأييد خطي لترشيحه من 35 عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب، ولا يجوز لعضو مجلس الشعب أن يمنح تأييده إلا لمرشح واحد»، حسب الدستور. وزاد: «إذا لم تتوافر الشروط المطلوبة للترشيح سوى بمرشح واحد خلال المهلة المحددة، فيتوجب على رئيس مجلس الشعب الدعوة إلى فتح باب الترشيح مجدداً وفق الشروط ذاتها».

وإلى الآن، لم تظهر مؤشرات لظهور مرشح جديد ولم يعلن رسمياً برنامج الانتخابات ومواعيدها، علما بأن الانتخابات السابقة في 2014، وهي الأولى التي تجري بموجب دستور 2012 شهدت مشاركة مرشحين اثنين، وكانت الأولى التي لم تجر بصيغة الاستفتاء على مرشح واحد منذ عقود.

وتدعم روسيا هذا الاتجاه، وتقول إنه لا علاقة بين الانتخابات الرئاسية المقبلة والإصلاح الدستوري برعاية الأمم المتحدة بموجب القرار 2254، وجدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هذا الاتجاه في خطابه يوم أمس. كما كرر الموقف من ضرورة عدم وجود سقف زمني لعمل اللجنة الدستورية في جنيف. وأقصى ما كان ذهب إليه في جلسات خاصة، أنه في حال حصل إصلاح دستوري يمكن الدعوة لانتخابات رئاسية جديدة بعد الانتخابات المقبلة. وقد توافق دمشق على هذا لأنه يعطي غطاء في الدستور لولاية جديدة أو أكثر للأسد.

في غضون ذلك، يواصل المبعوث الأممي غير بيدرسن اتصالاته مع رئيسي وفد الحكومة أحمد الكزبري و«هيئة التفاوض» المعارضة هادي البحرة للوصول إلى اتفاق خطي حول آلية عمل اللجنة وكيفية البدء بصوغ الإصلاح الدستوري، خصوصاً بعدما تسلم الكزبري «توجيهات» للبدء بعملية «صوغ الدستور». وتتضمن الاتصالات الأممية مع الكزبري والبحرة تفاصيل الاتفاق على آلية العمل وإمكانية عقد جلسة جديدة للجنة الدستورية قبل الانتخابات الرئاسية مع مراعاة قدوم شهر رمضان بحدود 13 الشهر الجاري وانعقاد جلسة مجلس الشعب في 19 منه.

وتواصل موسكو هجماتها الدبلوماسية باتجاهات عدة، وتحث دولاً عربية وأوروبية على المساهمة في إعمار سوريا و«التطبيع» مع دمشق بعد استقرار العمليات العسكرية فيها وقرب الانتخابات الرئاسية. كما تواصل عنادها في مجلس الأمن باتجاه عدم التمديد للقرار 2533 الخاص بتقديم المساعدات الإنسانية «عبر الحدود» الذي تنتهي ولايته في 11 يوليو المقبل. وهي تضغط على الدول المانحة لتقديم المساعدات من دمشق والمؤسسات الأممية المقيمة فيها.

– ما هي «المأساة» من واشنطن؟

أول إطلالة لوزير الخارجية الأميركي الجديد أنطوني بلينكن في الملف السوري، كانت من بوابتين: الأولى، ترؤسه اجتماع مجلس الأمن الخاص بـ«المأساة الإنسانية». الثانية، رئاسة مؤتمر وزاري مصغر للتحالف الدولي ضد «داعش». أما بالنسبة إلى مؤتمر بروكسل للمانحين، فإنه فضل إيفاد المندوبة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد.

في مجلس الأمن، واجه بلينكن الجانب الروسي بأنه دعا إلى فتح ثلاثة معابر حدودية في باب الهوى وباب السلامة مع تركيا واليعربية مع العراق والعودة إلى الوضع الذي كان سائدا في بداية العام الماضي قبل تمديد القرار الدولي. وقال: «13.4 مليون شخص – اثنان من كل ثلاثة سوريين – بحاجة إلى المساعدة الإنسانية. إن ستين في المائة من السوريين معرضون لخطر الجوع». وزاد: «الطريقة الأكثر فاعلية ونجاعة لتوصيل أكبر قدر من المساعدة لمعظم الناس في الشمال الغربي والشمال الشرقي هي عبر المعابر الحدودية. ومع ذلك، سمح مجلس الأمن بانتهاء الترخيص لمعبرين حدوديين، هما: باب السلام في الشمال الغربي، والذي كان يُستخدم لإيصال المساعدات إلى ما يقرب من 4 ملايين سوري. ومعبر اليعربية في الشمال الشرقي، والذي قدم مساعدات لـ1.3 مليون سوري».

وشكل مجلس الأمن، منصة للصدام الأميركي – الروسي حول «تسييس المساعدات» و«السيادة السورية». وقال بلينكن: «السيادة لم يكن القصد منها أبداً ضمان حق أي حكومة في تجويع الناس، أو حرمانهم من الأدوية المنقذة للأرواح، أو قصف المستشفيات، أو ارتكاب أي انتهاك آخر لحقوق الإنسان ضد المواطنين»، ذلك في رد على نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فرشينين من أن المساعدة العابرة للحدود «تنتهك مبادئ القانون الدولي، لأن الحكومة القائمة لا تناسب الغرب»، وقوله إن عدم دعوة الحكومة السورية إلى مؤتمر بروكسل «تعد إضافي على سيادتها»، وانتقاده «التسييس المتزايد للمساعدات الإنسانية».

هذا الجدل الغربي – الروسي انتقل من نيويورك إلى بروكسل، وطال المساعدات والتمويل والسيادة وعدم دعوة دمشق. لكن المفاجأة السارة، كانت حجم التعهدات المعلنة في ختام مؤتمر المانحين الذي شارك فيه 79 وفداً (52 دولة) و«تأكيد التزام المجتمع الدولي سياسياً وإنسانياً ومالياً نحو الشعب السوري».

حسب الأرقام الرسمية، فإن التعهدات هي: 4.4 مليار دولار (3.6 مليار يورو) لعام 2021 وتعهدات متعددة الأعوام بملياري دولار (1.7 مليار يورو) لعام 2022 وما بعده. إضافة إلى تقديم مؤسسات مالية دولية ومانحين دوليين 7 مليارات (5.9 مليار يورو) كقروض ميسّرة.

لا تمانع موسكو ودمشق في ذلك لأنه يسهم في «تخفيف العبء» رغم الانتقادات العلنية. لكن المفاجأة غير السارة، قناعة المشاركين وبيان الرئاسة المشتركة من مفوض الشؤون الخارجية والأمنية الأوروبي جوزيف بوريل والمبعوث الأممي غير بيدرسن أن «التقدّم نحو حل سياسي لا يزال بعيد المنال بعد عقد من الصراع» وأن الاشتباكات على خطوط التماس مستمرة رغم «الهدوء الهش» ووقف النار منذ أكثر من سنة.

– ما شروط «التطبيع» و«الإعمار»؟

أيضا، أظهر المؤتمر الخلاف الروسي – الغربي حول الانتخابات الرئاسية السورية واستمرار التزام شروط «التطبيع» و«الإعمار»، إذ أشارت الرئاسة المشتركة إلى أن الحل يكمن في تنفيذ القرار 2254 و«إكمال عملية صياغة دستور جديد، تمهيداً لانتخابات حرّة وعادلة تحت إشراف الأمم المتحدة، يشارك فيها السوريون الموجودون في الشتات»، ما يعني عدم الاعتراف بالانتخابات المقبلة. وكان بوريل قال لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الانتخابات «لن تؤدي إلى التطبيع مع النظام السوري» وإن هذه الرسالة بعثت إلى دول في المنطقة، التي كانت تسلمت «رسالة» مختلفة من الجانب الروسي، تحث على المساهمة بإعمار سوريا لـ«الحفاظ على الدولة وإضعاف إيران».

وإذ أعرب مؤتمر بروكسل واجتماع مناهضة «داعش» عن القلق من ظهور «داعش» في البادية السورية، مناطق سيطرة الحكومة براً والطائرات الروسية جواً، في بداية العام الجاري، فإن الرسالة المشتركة، هي أن «اجتثاث الإرهاب على نحو دائم في سوريا يتطلب تسوية سياسية حقيقية تعالج أسباب الصراع الجذرية»، في وقت «تسوء الظروف الاجتماعية والاقتصادية» جراء عوامل عدة، بينها الفساد والعقوبات.

أما بالنسبة إلى إعمار سوريا، فإن الشرط الأوروبي غير السار لروسيا، لا يزال قائماً، إذ أفادت وثيقة المؤتمر بأن «الدول المانحة والاتحاد الأوروبي يؤكدان أن إعادة الإعمار (في سوريا) والدعم الدولي لتنفيذها سيكونان ممكنين فقط لدى سريان حلّ سياسي موثوق وراسخ ينسجم مع القرار 2254 وبيان جنيف… وحكومة سورية ديمقراطية وجامعة (…) ومحاورين (سوريين) موثوقين وشرعيين وضمانات فيما يتعلّق بتمويل المحاسبة». وأكد أيضا: «سوريا لا تفي حالياً بأي من هذه الشروط».

وأمام الفجوة الكبيرة بين موقفي روسيا وحلفائها من جهة وأميركا وشركائها الأوروبيين والإقليميين من جهة ثانية، أعيد طرح تفعيل مقاربة «خطوة مقابل خطوة» بين واشنطن وموسكو التي كانت اختبرت مرات عدة إلى صيف العام الماضي عبر محادثات سرية بينهما في فيينا. يتضمن العرض القديم – الجديد، استعداد الغرب لتقديم «حوافز» بينها رفع أو تخفيف أو عدم فرض العقوبات وفك العزلة على دمشق مقابل إقدام موسكو على «خطوات إيجابية» في مجال العملية السياسية ودور إيران في سوريا.

بيدرسن كان من أكثر المتحمسين لهذا الاقتراح خصوصاً مع تفاقم التوتر بين موسكو – بوتين وواشنطن – بايدن، لكن الجديد أن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس دعم هذا الاتجاه مع أنه كان غير مقتنع به في ضوء «خيبات» برلين من الحوار السابق بين المستشارة أنجيلا ميركل والرئيس فلاديمير بوتين عن سوريا.

الشرق الأوسط»

————————

إعادة انتخاب الأسد.. وهم دستوري ودعم روسي وشرعية مزعومة

أعد هذا الملف: طارق صبح وتيم الحاج

بعد عشر سنوات من الحرب التي أنهكت سوريا وشوّهت معالمها، تبدو المدن السورية اليوم وكأنها كتل صمّاء، تعيش في عزلة كاملة عما حولها، تسكنها فواجع من كل الأصناف، أشدّها بأساً فاجعة اقتصادية تكاد تلتهم أطفال السوريين قبل كبارهم، وتحاصرهم في شح ما يسدُّ رمق بطونهم، وتملأ بيوتهم غضباً “بارداً” من قلة الحيلة، كما يصفونه، فضلاً عن انهيار شبه كامل للقطاع الصحي والتعليمي والمعيشي.

مع ذلك، يترقب السوريون اليوم الإعلان عن الاستحقاق الرئاسي، الذي كان من المفترض أن يكون جزءاً من عملية سياسية تخرج من رحم حل سياسي تتفاوض لأجله الأطراف السورية منذ سنوات، إلا أن هذه المفاوضات لم تتبلور بعد من جرّاء تشرذم واضح للمعارضة بكل أطيافها، فضلاً عن إرادة دولية تضع أولوياتها بعيداً عن هموم السوريين وتطلعاتهم، الأمر الذي استخدمه نظام الأسد مراراً وتكراراً لتمرير جميع استحقاقاته الانتخابية، منذ الانتخابات الرئاسية في العام 2014، وحتى البرلمانية في تموز من العام الماضي.

ويمكن القول إن شرعية وجود أي مسؤول في منصبه، ترتبط بداهة بقدرته على القيام بأعباء هذا المنصب أو الموقع، وليس فقط بمجرد توفّر حقه القانوني في شغل هذا المكان، إلا أن الأسد وعبر سنوات حكمه الـواحدة والعشرون، أساء الحكم في مجمل قضايا السوريين وهمومهم، وأمعن في تدمير النسيج الاجتماعي للبلاد، وسخّر الموارد في سبيل بقائه في الحكم، ولعل أكبر جرائمه أن سوريا لم تشهد انقساماً سياسياً واجتماعياً عبر تاريخها مثلما تشهده اليوم.

ومع وجود روسيا في سوريا، وتأكيدها على دعم بقاء الأسد في السلطة في مقابل رفض دولي وأممي، يبدو الاستحقاق الرئاسي المقبل فصلاً آخر من فصول المأساة السورية، يعزز نظام الأسد ويطيل أمد المعاناة، وحتى لو غازلت روسيا المجتمع الدولي وأجّلت الانتخابات، سيبقى الأسد على رأس السلطة، فالفقرة الثانية من المادة 87 من دستور 2012 الذي عُلّب على مقاس الأسد، تنص على أنه “إذا انتهت ولاية الرئيس ولم يتم انتخاب رئيس جديد، يستمر الرئيس القائم بممارسة مهمّاته حتى انتخاب رئيس جديد”، ما يعني بقاء الأسد في السلطة حتى إشعار آخر.

في هذا الملف، يناقش موقع “تلفزيون سوريا” استحقاق الانتخابات الرئاسية السورية في سياقها الاجتماعي والدستوري الراهن، ويستطلع آراء خبراء ومعنيين بالشأن السوري.

لماذا يريد الأسد إجراء الانتخابات؟

أكد بشار الأسد في لقاء أجراه مع إحدى القنوات الروسية في تشرين الأول من العام 2020، أن استحقاق الانتخابات الرئاسية سيُجرى في موعده، مع وجود عدد كبير من المرشحين، مشدداً على أنها ستكون بشكل كامل تحت إشراف نظامه “من الألف إلى الياء”، حسب تعبيره.

حتى اليوم لم يعلن بشار الأسد عن ترشُحه للانتخابات، إلا أنه يصرّ على بث الرسائل عبر إعلامه ومسؤوليه، للإيحاء بأنه يملك الشرعية والقانون والدستور لإقامة الانتخابات في موعدها، من دون اكتراث لأي أصوات معارضة لهذه الانتخابات، سورية كانت أم غيرها، في خطوة يفسرها المراقبون للشأن السوري بأنها تصعيد للموقف السياسي، وبمنزلة إطاحة بكل الحلول والمسارات السياسية، للبقاء في سدة الحكم ولو على حساب خراب فوق الخراب وتدمير ما تبقى من البلاد وقتل من بقي من السوريين.

يرى الدبلوماسي السوري السابق بسام بربندي أن حاجة نظام الأسد للانتخابات تكمن في كونها “الآلية القانونية الوحيدة لاستمراره في السلطة، وإجراءها ضروري جداً قانونياً”، ويضيف أن “استمرار الأسد بالسلطة يعني بقاء القوات الروسية والإيرانية في سوريا، كونه هو من وجّه لهم الدعوة، وبقاؤه في الحكم يعني شرعية وجودهم العسكري”.

من جانبه، يعتبر المحامي المختص بالقانون الدولي الدكتور حسام الحافظ، أن الانتخابات بالنسبة للأسد “تعني بكل بساطة الاستمرار في الحكم، والسيطرة على ما بقي من مقدرات البلاد والعباد”، موضحاً أن “الأسد لن يتخلى بحال من الأحوال عن موقعه، لأن ذلك سيفتح عليه أبواب المحاسبة، والانتخابات توفر له شرعية مزعومة وصورية، لكنه يحتاجها ليبرر استمراره ووجوده”.

وتشارك الناشطة الحقوقية والكاتبة هنادي زحلوط، بربندي والحافظ في رأيهما، وتشير إلى أن “نظام الأسد قائم على فكرة الأبدية، ويعتبر أن البلاد مزرعة له، والانتخابات هي القالب الذي يكرّس فيه ذلك”.

أما المعارض والصحفي بسام يوسف فيؤكد أن “الأسد مرغم على الانتخابات، ولا خيار أمامه سوى بالذهاب إليها، فهي بوابة المرحلة المقبلة بالنسبة له”، مضيفاً أن ذلك لا يقتصر على النظام، بل إن الروس والإيرانيين يصرون على إجراء الانتخابات، فأي حل أو مسار آخر غير الانتخابات سيكون مشكلة جديدة، وهم غير قادرين على التعامل معها، فضلاً عن أن عدم إجرائها يعطّل مصالحهم في سوريا.

من سينتخب الأسد؟

مع بداية هيمنته على السلطة في سوريا، أدرك الأسد الأب ضرورة تعزيز دور المدن وكسب ود النخب الاقتصادية والاجتماعية فيها، ومع فهمه للتركيبة الإثنية والاجتماعية الفريدة لسوريا، أبعد الأسد اشتراكية “حزب البعث” عن ثروات العائلات السنية، وتقرّب منهم في سبيل خلق عوامل الاستقرار، وربط بقاء المنافع والمكاسب لهذه الفئة باستمرار حكمه ونظامه، وتجلى ذلك واضحاً في أوائل الثمانينات، حيث لم يهب سنّة المدن، وخاصة في دمشق، لدعم الإسلاميين في حماة.

وفي مقابل ذلك، عاشت الطبقة الوسطى من موظفين وأصحاب حرف ويد عاملة في ظروف متواضعة، عانت من تضخم اقتصادي وغلاء معيشي لسنوات طويلة، قضت تدريجياً على معظم أفراد هذه الطبقة وجعلها تندثر لصالح طبقات فقيرة انتشرت مع الطفرة العقارية منتصف الثمانينات في أطراف المدن والعشوائيات المحيطة بها، وطبقة أخرى من أثرياء السلطة ومحدثي النعمة.

هذه الاستراتيجية التي انتهجها الأسد الأب مع مختلف المكونات السورية، ضمنت له سطوة أمنية أفضت إلى أغلبية ساحقة حصدها في الاستفتاءات الرئاسية المتعاقبة التي أجراها خلال ثلاثين عاماً، وهي ذات الاستراتيجية التي اتبعها الأسد الابن خلال استفتاءين أجراهما قبل الثورة، وانتخابات صورية أجراها في العام 2014، زينها بمنافسين “كومبارس”.

إلا أن الحال اليوم يختلف عما كان عليه قبل سبع سنوات، فمعظم المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام دفعت ثمناً باهظاً لحراك الثورة السورية، اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، سواء شاركت بها أم لم تشارك، حيث الجوع والمرض عنوان للمرحلة الحالية، فضلاً عن غياب أكثر من نصف السوريين بين قتيل ومعتقل ونازح ولاجئ.

ووفق دراسة أعدّها مركز “جسور للدراسات

“، فإن التعداد الإجمالي المفترض لسكان سوريا في العام 2021 هو 26.38 مليون شخص، لكن التعداد الفعلي للسوريين هو 16.47 مليون شخص، يعيش منهم في مناطق سيطرة النظام نحو 9.4 مليون، أي ما يقارب 57 % من إجمالي عدد السكان، منهم نحو 40 % تحت السن القانوني للانتخاب، وفق بيانات الأمم المتحدة

، أي من بقي ممن يحق لهم التصويت في الانتخابات المزمع إجراءها نحو 5.64 مليون شخص.

يؤكد المحامي المختص بالقانون الدولي الدكتور حسام الحافظ أن “فرص الأسد بالنجاح في انتخابات صورية في ظل الوضع المهلهل الذي تعيشه البلاد عالية”، مضيفاً أن هذه الفرص “ربما لن تكون بذات النسبة التسعينية التي كانت سابقاً، لكنها فرص مضمونة”.

ويشير إلى أنه “ثمة طيف من السوريين يرتبطون بالأسد ويؤيدونه لأسباب مختلفة، منهم لأسباب أيديولوجية ومنهم من انخرط في آلة القمع والقتل ولا يريد التخلي عن الأسد إلا في سياق تسوية واضحة ذات ضمانات تشملهم”.

ويوضح الحافظ أن “الوضع الاقتصادي الطاحن داخل سوريا مرتبط بوجود الأسد، والتخلص منه يعني انتقال البلاد إلى بداية التعافي الاقتصادي، لكن المواطن العادي لا يستطيع بالضرورة أن يعكس هذه المعادلة في صناديق الانتخابات”.

من جهته، يعتبر الدبلوماسي السابق بسام بربندي أن “فوز الأسد بالانتخابات ليس له علاقة بالعملية الانتخابية ورأي الناس، وخصوصاً بغياب أي مراقبة قانونية لسير العملية الانتخابية، فضلاً عن غياب مرشحين منافسين وغياب الأحزاب والديمقراطية، وبالتالي رأي الشعب غير مهم، ونسبة التصويت غير مهمة”.

ويضيف أن “كل المستفيدين من النظام اقتصادياً سيؤيدون بقاءه في السلطة، أياً كان انتماؤهم، والأسد يحاول دائماً الإيحاء لمن يحارب معه بأنه سيستفيد في المرحلة المقبلة، لكنه لن يستطيع تنفيذ أي مما يعد به”.

ويشير بربندي إلى أنه “منذ أن حكم البعث سوريا ومدد الأحكام العرفية التي كانت موجودة زمن الوحدة مع مصر، وأعلن قانون الطوارئ، كان هدفه إظهار العملية الانتخابية كاستحقاق، وليس كانتقال سياسي أو ممارسة للديمقراطية”.

ماذا عن العلويين؟

من جانب آخر، عسكر الأسد طائفته العلوية، وحولهم إلى حرّاس لنظامه، وأفرغ بيوتهم في الساحل السوري لصالح تطويعهم في القتال ضمن الوحدات العسكرية والمليشيات المقاتلة على امتداد الجغرافيا السورية، ولعل أبرز ما حرص الأسد على زرعه في نفوس العلويين خلال السنوات الماضية هو الخوف من الآخر، والذي طالما استثمره وراهن عليه بهدف كسب دعمهم وتأييدهم والموت في سبيل حماية حكمه.

يقول المعارض والصحفي بسام يوسف إنه “لا يوجد أي حالة تنظيمية للعلويين في سوريا اليوم، وليس لهم أي أفق أو أي دور، فنظام الأسد اختطفهم وبالنسبة له هم عبارة عن أرقام يسيّرها كما يريد، ومن جانبهم، مشكلة العلويين حالياً ليست مع شخص بشار الأسد، بل هي هاجسهم الأمني، وإذا جاء أي أحد آخر يضمن لهم أمنهم سيقتلعون الأسد من جذوره”.

ويوضح أن العلوييين “هم ضد الأسد بالتأكيد، لكن ليس لديهم أي خيار آخر أمام أمنهم وخوفهم من حالات الانتقام والقتل التي زرعها نظام الأسد في أذهانهم، والتي طالما ابتزهم بها، فهم كبقية السوريين بأوضاعهم الاقتصادية الصعبة ومختلف أشكال المعاناة”، مؤكداً أنه “سنسمع قريباً حوادث وتفجيرات يختلقها النظام في مناطق العلويين، لشد العصبية القبلية ومواصلة ابتزازه لهم”.

ويشير يوسف إلى أن “الرغبة الحقيقية لكل السوريين، بمن فيهم النخب الاقتصادية والاجتماعية، ليس لها مصلحة ببقاء الأسد، بل على العكس من ذلك، أصبح الأسد عقبة أمام مصالحهم، فهم يعلمون تبعات بقائه في الحكم على الاقتصاد والمجتمع السوري، ولو كان هناك إمكانية لانتخابات حقيقية، فلن يحصل الأسد على أكثر من 5% من أصوات السوريين، بما فيهم العلويون”.

بينما تعتبر الناشطة الحقوقية والكاتبة هنادي زحلوط أن “العلويين، بما فيهم الموالون للأسد، يعيشون في حالة تذمر واضحة، والمؤشرات تدل على أن الطائفة العلوية ليس لديها مانع بتنحي الأسد، في مقابل انفراج الأوضاع وخلاص البلاد من الحالة التي تعيشها، لكنهم لن يصرّحوا بذلك نتيجة عقود طويلة من الكراهية والخوف التي زرعها النظام بين الطوائف السورية”، لكنها تشير إلى أنه “في حال وجود أي توافق على الانتقال من حقبة الأسد إلى حقبة أخرى، فالعلويون سيعملون على الفور للخلاص من الأسد”.

وعن الأصوات المعارضة، تقول زحلوط إن “الأصوات المعارضة موجودة، والجيد أن النظام لا يستطيع اعتقالها وتعذيبها كما كان يفعل من قبل، فالروس لن يسمحوا له بذلك، فهم يستخدمون المعارضة الداخلية، ووجودها يخدم ادعاءهم بأنهم يسعون للحل في سوريا”.

وتضيف زحلوط “رغم ذلك الحل ليس بيد الروس، نحن بانتظار توافق دولي للخلاص من الأسد، وقد يكون هذا التوافق بصيغة توافق محلي بين الأحزاب والتيارات والقوى الوطنية السورية، ما يساعد في الخروج من عنق الزجاجة الذي نحن فيه منذ سنوات”.

شرعية الانتخابات دستورياً وموقف روسيا والغرب منها

تعتقد المعارضة السورية أن الدستور الحالي في سوريا فُصّل عام 2012 بما يتناسب مع بقاء بشار الأسد على رأس السلطة، ولذلك هي تعتبر أن هذه الانتخابات غير شرعية، إلى جانب أنها تنسف قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بإيجاد حل سياسي في سوريا، وينسجم هذا الموقف مع موقف الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي الذي رفض الانتخابات الرئاسية المقبلة، في مقابل إصرار روسي على أن هذه الانتخابات لا تعطل عمل اللجنة الدستورية في جنيف ولا تتعارض مع قرار مجلس الأمن 2254.

ما آلية انتخاب الرئيس وفق الدستور الحالي في سوريا؟

كبير المفاوضين في وفد المعارضة السورية إلى اجتماع “جنيف 4″، محمد صبرا، يرى أن نصوص دستور بشار الأسد (دستور 2012) تعتبر أن الدعوة للانتخابات يجب أن تكون محصورة بين تاريخي 16 نيسان و16 أيار 2021، أي أنها يجب أن تكون في مدة لا تقل عن 60 يوماً ولا تزيد على 90 يوماً من انتهاء الولاية التي تنتهي رسمياً بـ 16 تموز المقبل.

والمادة 85 التي تضمنت “إجراءات انتخاب الرئيس” وضعت مهلة زمنية لدعوة رئيس مجلس الشعب لانتخاب الرئيس، لكنها سكتت عن الأثر القانوني في حال لم يقم رئيس مجلس الشعب بتوجيه هذه الدعوة، بمعنى أن المهلة هنا تصبح مجرد مهلة تنظيمية لأنه لا يوجد نص يحدد أي إجراء في حال عدم الالتزام بهذه المهلة، وفق صبرا.

وتشير شروط الترشّح لرئاسة الجمهورية في سوريا إلى أنها تبدأ بتقديم طلبات الترشح إلى المحكمة الدستورية خلال عشرة أيام من دعوة رئيس مجلس الشعب، مشفوعة بموافقة 35 عضواً من أعضاء المجلس على كل مرشح، حيث لا يحق للعضو إلا تزكية مرشح واحد، وفي حال لم يحصل على تزكية الـ 35 عضواً سوى مرشح واحد يعود رئيس مجلس الشعب لفتح مهلة الأيام العشرة وفق المهل والإجراءات السابقة.

ويرى صبرا أن هذا الإجراء يُمكّن النظام من إعطاء الأمر لأعضاء مجلس الشعب بعدم تزكية أي من المرشحين المفترضين أنهم سينافسونه وهذا يسمح بإبقاء المهل مفتوحة ولا سيما أن المادة 87 من الدستور تقول في حال انتهت ولاية الرئيس ولم يتم انتخاب رئيس آخر يبقى الرئيس الحالي في منصبه حتى انتخاب بديل، وهذه المادة من دون سقف زمني، وعليه فإن هذه إحدى الثغرات الأساسية في الدستور التي تسمح لبشار مدّ ولايته من دون أن يضطر لاتخاذ أي إجراء قانوني مثل تعديل الدستور أو تأجيل الانتخابات مثلاً.

وبناء على أن الدستور يغيب عنه النصوص المرجعية التي تسمح بإدارة عملية الانتخاب بشكل محايد ومستقل أو تضمن أي حد من النزاهة، فقد رفضنا، يقول صبرا، مثل هذه المسرحية، لمعرفتنا الدقيقة بأنها مجرد وهم دستوري شكلي يراد منه فقط القول إن في سوريا قانون ودستور.

ولا يتضمن دستور 2012، أي نص يحدد نسبة الحد الأدنى اللازم من المشاركة حتى تكون الانتخابات صحيحة، كما أنه لا يوجد نصوص تسمح بنقل السلطة إلى هيئة أخرى مثل مجلس الشعب أو الحكومة لمنع مد ولاية رئيس الجمهورية من دون أي سقف زمني محدد.

هل سيقبل النظام برقابة أممية على الانتخابات؟

يدور سؤال في أوساط سورية عدة حول ما إمكانية قبول نظام الأسد بمراقبة أممية للانتخابات الرئاسية المقبلة انطلاقاً من أن النظام يعتبر أن هذه الانتخابات حق مشروع للسوريين وللسلطة الحاكمة وأنها لا تتعارض مع العملية السياسية في جنيف.

ويرى كبير الباحثين في مركز “جسور للدراسات”، عبيدة فارس، أن النظام يسعى بدعم إيراني كامل إلى تكرار النموذج الانتخابي لعام 2014، والذي لا ينسجم بأي شكل مع المعايير الدولية، ولا يمكن أن يتوافق مع أي إشراف أممي ولو بالحدود الدنيا، ولذا فإنّ النظام ومعه إيران يرفضون بشكل قطعي وجود مثل هذا الإشراف.

ويعتبر، أن روسيا تسعى بالمقابل إلى وجود إشراف أممي، في مسعى منها لمنح الانتخابات نوعاً من الشرعية الدولية، لأنها تدرك أن ذلك يعني ضرورة إجراء تغييرات في شكل ومضمون الانتخابات، وهو ما لا تُمانع فيه، طالما أن ذلك لن يؤثر على النتيجة النهائية المتمثلة في فوز بشار الأسد.

ويعتقد فارس أنّ موافقة النظام وداعميه على الإشراف الأممي لا تُشكل العقبة الوحيدة أمام تنفيذ هذا الإشراف، إذ إن المجتمع الدولي لن يوافق على الحضور ما لم يتم تنفيذ جملة من الترتيبات القانونية والأمنية والسياسية، وهو ما يستحيل حصوله إن تم تنفيذ الانتخابات في وقتها المحدد دستورياً.

هل تصعّد الانتخابات الموقف السياسي؟

يمثل إجراء الانتخابات في موعدها، إن حصلت، تحدّياً من طرف النظام وداعميه للمجتمع الدولي، حيث سيعني تثبيتاً للأمر الواقع مدة سبع سنوات أخرى، وهو ما سيتعامل معه المجتمع الدولي باعتباره مؤشراً عن عدم رغبة داعمي النظام في التوصل إلى حل سياسي في سوريا، وفق فارس.

ويرى أن الطرف الروسي لا يرغب في الوقت الراهن في تصعيد الموقف السياسي، خاصة في ظل توتر العلاقات مع الإدارة الأميركية الجديدة. ولذا فإنّ من الملاحظ أن الدول الغربية عمدت إلى إعلان رفضها المسبق للاعتراف بالانتخابات ونتائجها، في مسعى منها للضغط على موسكو لتأجيل هذه الانتخابات، وهو ما يُعتقد أن روسيا تقوم بجهود حثيثة من أجله، إلا أنها تواجه بمقاومة إيرانية شرسة.

وكان المفوض الأعلى لشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، شدد على وجوب انخراط نظام الأسد في اتخاذ قرارات واضحة لا لبس فيها، لإنهاء قمع الشعب السوري، والدخول بصورة هادفة في المفاوضات التي ترعاها وتشرف عليها منظمة الأمم المتحدة، لتنفيذ القرار الدولي 2254.

بوريل قال عن الانتخابات “إذا كنا نرغب في رؤية انتخابات تسهم في تسوية النزاع القائم، فلا بد أن تُجرى وفق القرار 2254″، مؤكداً أن نظام الأسد “أخفق في الانخراط في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، لذلك لا يمكن لهذه الانتخابات الرئاسية أن تسفر عن أي إجراءات من شأنها التطبيع المباشر مع النظام”.

وعليه، يضيف بوريل “دعونا أطرافاً أخرى في المجتمع الدولي، والمنطقة على نطاقها الأوسع، إلى تجنب الخوض في أي درجة من درجات التطبيع من هذا القبيل”.

وسبق أن أصدرت كل من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، بياناً وصف الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها العام الحالي في سوريا بأنها “لن تكون حرة ونزيهة”، كما أنها “لن تلبي تطلعات المجتمع الدولي”.

وشدد البيان على أن نظام الأسد وداعميه “مسؤولون عن الآلام التي وقعت في الحرب المستمرة منذ 10 أعوام”، وأكد أن قرابة 13 مليون شخص في سوريا باتوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، مضيفاً أن “هناك ملايين السوريين الذين تستضيفهم تركيا والأردن ولبنان والعراق ومصر، أو من اللاجئين فيها لا يستطيعون العودة إلى منازلهم خشية العنف والاعتقال التعسفي والتعذيب”.

كيف ينظر الروس إلى الانتخابات الرئاسية في سوريا؟

في شباط الفائت، دعت موسكو المجتمع الدولي إلى تقديم مساعدة لسوريا في إجراء الانتخابات الرئاسية خلال العام 2021، الدعوة الروسية جاءت على لسان النائب الأول لمندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي

، الذي قال إن النظام لديه الحق الكامل في إجراء الانتخابات حيث لا توجد أحكام قد تعرقل ذلك، معتبراً أن إعادة انتخاب الأسد لا تتعارض مع عمل “اللجنة الدستورية”.

وجدد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، تأكيد موقف بلاده حين قال “إن الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا لا تتعارض مع قرار مجلس الامن 2254″، وهو ما يعني إصرار روسيا على عقد الانتخابات في وقتها.

المحلل الروسي أندريه أنتيكوف، يرى أن هذه الانتخابات تأتي وفقا للدستور الحالي (دستور 2012) وأنه لا يوجد خيارات أخرى غير إجراء هذه الانتخابات في موعدها وأي إجراء غير ذلك سيكون خارقا لـ “الدستور السوري”، وفق تعبيره.

وأما عن الدستور الجديد الذي تعمل المعارضة والنظام على وضعه فيرى أنتيكوف أنه “لم يتشكل بعد، حتى تكون هذه الانتخابات منافية له، ولو كان الدستور الجديد مشكّلا لكان هناك فرص للحديث عن الإجراءات التي ينص عليها”، معتبراً أن سوريا الآن فيها دستور وهذا الدستور ينص على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية، وعليه ووفق هذا الدستور فإنه لا مانع من أن يترشح بشار الأسد للرئاسة.

ويرى أنتيكوف أن إجراء هذه الانتخابات في ظل وضع اقتصادي منهار ووضع معيشي متردٍّ لا تقع المسؤولية في ذلك على بشار الأسد، بل على الدول التي فرضت العقوبات على النظام كأميركا ودول الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن “هذه العقوبات ستُرفع بمجرد وصول شخصيات خاضعة لهذه الدول إلى السلطة في سوريا”، على حد قوله.

وتابع “حتى لو دخل شخص محسوب على النظام في الانتخابات وفاز بالرئاسة فإن هذه العقوبات لن ترفع لأنه غير خاضع للأجندة الخارجية المرتبطة بأميركا وغيرها”.

ووفق وجه النظر الروسية التي ينقلها أنتيكوف، فإنه “من الضروري رفع العقوبات عن سوريا ودفعها إلى حياة الأمام، كما أن روسيا ستتعامل مع أي شخص ينتخبه الشعب السوري، سواء كان بشار الأسد أم غيره، وهي (أي روسيا) مستعدة للتعامل مع بشار الأسد أو غيره من قاعدة العلاقات الثنائية بين البلدين”.

تلفزيون سوريا

—————————

لا تعويم لبشار… ولكن/ منير الربيع

كل الطرق لإعادة تعويم بشار الأسد تقود إلى الفشل. تحول الرجل إلى بضاعة كاسدة. هو العبء الذي ينوء تحته الجميع. لا خلاف على أن مشاهد أو صوراً تشير إلى قبول بعض الدول ببشار الأسد، تدفع إلى اليأس أو الغضب، أو استثارة العاطفة السريعة لدى الكثيرين فيعبرون عن غضبهم بالقول: على ما يبدو أن الأسد باق ويتمدد. لكن العاطفة هنا هي التي تنطق، عاطفة دافعها الأسى والأسف والحنق. في مقابلة، عاطفة جياشة لدى مناصري رئيس النظام السوري يعبرون عن فرحهم في أي لقاء يعقده أو أي إشارة إلى فشل المباحثات الدولية حول إمكانية التوصل إلى حلّ سياسي أو اتفاق على المرحلة الانتقالية في المرحلة المقبل.

تلك العاطفة هي مشكلتنا الكبرى، مشكلة مجتمع مهما تعارضت توجهاته، تضفي العاطفية قدسية مبدئية لا يرضى المرء أن يحيد عنها، أو أن يتماشى مع الظروف والوقائع كي لا يخون نفسه. بينما تكون الدنيا كتلة متحركة من حوله بأحداثها وتطوراتها ومتغيراته، فيما لا يمكن لعاطفته أن تبقيه في مكان. إنها حكاية الحياة والموت، فالموت لا يوجع الموتى، بل يوجع الأحياء، ولأنهم أحياء يبتكرون كل السبل للتماهي مع متطلبات الحياة ومقتضياتها بعد وفاة حبيب أو رفيق أو شخص عزيز. في هذه الحالة، لا يمكن اختزال العاطفة، ولا سحقها أو خنقها ولا الانقلاب عليها، بل يبقى الالتزام بها ثابتاً، وتكون في زاوية عميقة عاملاً محفزاً متكاملاً مع ما يدفع إلى الحياة. متطلبات الحياة التي تحول العاطفة.

مناسبة الكلام هنا ليس بهدف صدم القارئ، لا توهين عزيمته، إنما هي مجال للتفكير المشترك في إمكانية خلق أي صيغة جديدة تتحفز فيها العاطفة مع الوقائع، ويمكن أن يبنى عليها في سبيل تحقيق المزيد من النقاط، أو تحصيل مكاسب من شأنها تغذية العاطفة الأساسية التي يشعر كثر من جموع السوريين الثائرين ومناصريهم في كل العالم بأنها أصبحت متخصصة بالحزن واليأس فقط والتفرج على مصير مفقود. تلك العاطفة على قدسيتها هي التي استخدمت ضد الثورة السورية، إما بهدف إبعادها عن كل ما له علاقة بالسياسة والبرامج السياسية وحصرها في خانة الهتاف والثورة الدائمة على النظام بدون تقديم أي رؤية بديلة. وإما من خلال تجييش عاطفة مضادة لدى مناصرين للنظام من طوائف ومذاهب مختلفة فأقحمت السياسة في صراع مذهبي طائفي ديني أخذ بعداً تقسيمياً وشتت كل ما كان يمكن أن تجمعه تلك الثورة والمعارضة. لذلك لا بد حالياً من التركيز على خلق فرصة جديدة يمكن الاجتماع عليها لتسجيل نقاط وفق مفهوم التراكم. لا بد من ذلك في ظل جملة تحولات ومتغيرات أساسية، وبعد تكريس يقينية سورية حول أن ما تعرض له الشعب السوري والثورة السورية هو أحد أشرس وأخبث المؤامرات في التاريخ الحديث، بمعنى أنه لا القوى التي ادعت دعم المعارضة كانت تريد لها أن تنجح وتفوز، ولا القوى الداعمة لبشار الأسد دعمته لشخصه أو لإنجاحه ولا لمصلحة مؤيديه. دخلت سوريا منذ اليوم الأول مدار لعبة الأمم، وتلك لعبة استخدمت فيها أعنف الأسلحة لكن أهمها كان ارتكاس السوريين لأكبر عملية شرخ داخلي اجتماعيا على أساس مذهبي وطائفي، وهو أمر استغله كل المتآمرين على الثورة السورية وسوريا ككل، وأول من استغله هو بشار الأسد. وقعت الثورة السورية في أخطاء متكررة أهمها عملية النبذ الأهلي والاجتماعي “للآخرين” وهؤلاء الآخرون الذين اعتبروا من صيغة النظام، ومن المتورطين بدماء السوريين، بينما ما يجب فعله حالياً هو مواجهة هؤلاء ليس بالشتم ولا بالتقريع، بل بسياسة اجتماعية وإنسانية ونفسية واضحة المعالم والأهداف، في ظل عدم قدرة النظام الذي جعلهم وقوداً في حروبه على تأمين أدنى مقومات الحياة لهم.

لماذا مناسبة هذا الكلام، والذي سيبدو في واقعيته قاسياً، لأن الأيام الماضية شهدت اهتماماً أميركياً بمنطق “فتح نوافذ” في سوريا. هذه النوافذ تقوم على قاعدة التعاطي الواقعي مع الوقائع على الأرض، بهدف نقل المواد الغذائية والمساعدات وغيرها من الاحتياجات إلى المناطق المتعارضة عبر معابر خاضعة لسيطرة جهات متعددة، بمعنى أوضح نقل مساعدات من مناطق المعارضة إلى مناطق النظام أو العكس، وهذا يحصل على كل الجغرافيا السورية. عندما تلجأ الدول إلى عقد اتفاقيات من هذا القبيل، فهذا يعني أن الحلول ستكون طويلة ومؤجلة، وتؤكد أن النظام غير قابل لإعادة التعويم. إنما الفترة التي سيطول انتظارها ليحين موعد رحيله ستكون خاضعة لمثل هذا الستاتيكو.

وهذه تجربة خبرها اللبنانيون بشكل كامل في ثمانينيات القرن الفائت، منذ ما بعد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت والانسحاب منها، وحرب الجبل والتي أخذت طابعاً طائفياً بين الدروز والمسيحيين، أو انتفاضة 6 شباط والتي أخذت طابعاً طائفياً بين المسلمين والمسيحيين، أو حربي التحريري والإلغاء واللتين أخذتا بعداً لبنانياً مع جهة خارجية، أو بعداً مسيحياً، بناء على كل هذه التداخلات، وفيما لم يتمكن أي طرف من حسم الصراع على حساب الآخر، تدخلت مجموعة قوى خارجية، بهدف تثبيت الستاتيكو القائم، ومن يعرف لبنان يعرف كيف رسمت خطوط التماس، وتم استخدامها كمعابر بين المناطق المتعارضة، ومن خلال هذه المعابر نقلت رواتب الموظفين، والخبز والمواد الطبية وغيرها.

أن يتم الوصول إلى عقد اتفاقات مماثلة لذلك في سوريا، يعني أن الأزمة ستكون طويلة في ظل غياب أي قدرة على إنتاج الحل، وبالتالي لا يمكن للأسد أن يكون جزءاً من الحلّ أيضاً في المرحلة المقبلة، بينما الأهم هو استفادة المعارضة في هذا الظرف وطوال هذه المدة من الوضع القائم لإنتاج تصورها السياسي، وخطابها الاجتماعي القادر على تسجيل اختراقات كبيرة في صفوف الموالين الذين لم يتمكن النظام من توفير مقومات الحماية والعيش لهم. أن يهتم وزير الخارجية الأميركية أنطوني بلينكن بهذه النوافذ والممرات الغذائية، يؤكد معلومات أخرى في المقابل أن الجيش الأميركي هو الذي يتسلم كل ملفات منطقة الشرق الأوسط، والجنرال ماكينزي هو الذي يدير العملية وليس وزارة الخارجية، هذا الأمر يفاجئ الإيرانيين الذين لم يعتادوا على مثل هذه التصرفات، خصوصاً أن الجيش لا يتصرف وفق الروتين الإداري والسياسي. وهذا التحول سيكون له انعكاسات متعددة على الأحداث في المنطقة مستقبلاً.

والأهم هو أن الأميركيين غير موافقين على إعادة تعويم بشار الأسد، وهم ثابتون على ثوابتهم برفض الأسد، وبرفض أي مفاوضات إسرائيلية مع النظام السوري. هذا الموقف والذي يعبر عنه الجيش الأميركي وقيادة الأركان، ولا يمكن للفريق السياسي أن يسير ضده، خصوصاً أن الديمقراطيين هم أصحاب قانون قيصر، يعني أنه لا مجال في إعادة تعويم بشار الأسد، كذلك المسار الروسي لا يحظى بأي رضى أميركي، ما سيظهر جدية الاختلاف في مقاربة الملف بين الأميركيين والروس بشكل مختلف جذرياً عن ما كان عليه أيام دونالد ترامب.

—————————-

هل عاد الاهتمام بالقضية السورية؟/ عمر كوش

شكّلت الذكرى العاشرة لانطلاق الثورة السورية مناسبةً لعودة الاهتمام مجدّداً بالقضية السورية على أكثر من صعيد، حيث صدرت بيانات وتصريحات دولية وإقليمية، ترافقت مع حراك سياسي وديبلوماسي واجتماعات دولية متعدّدة الأطراف، فيما أطلق بعضهم العنان لتكهناتٍ بانطلاق مسارات سياسية جديدة، واقتراب وضع حدّ للمعاناة الإنسانية لغالبية السوريين، ووصل الأمر إلى انتشار أحاديث وأقاويل عن إمكانية حدوث تغييرات سياسية كبرى في مسار القضية خلال العام الجاري.

وتتحدّث أوساط إعلامية وسياسية غربية أن الولايات المتحدة تسعى، بالتفاهم مع دول أوروبية، إلى وضع تصور لحلّ سياسي في سورية، لكن ملامح المساعي التي يتمّ الحديث عنها لم تتّضح بعد، في مقابل ظهور بوادر تفاهم غربي تُرجمت في البيان المشترك الذي أصدره وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا في الذكرى العاشرة لانطلاقة الثورة السورية، واعتبروا فيه أن “الانتخابات الرئاسية السورية، المقرّرة هذا العام لن تكون حرة ولا نزيهة، ولا ينبغي أن تؤدّي إلى أي إجراء دولي للتطبيع مع النظام السوري”. وجدّدوا تمسّكهم بالحل السلمي للصراع في سورية وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254، ودعم بلدانهم جهود المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، غير بيدرسون، وسعيها إلى محاسبة المسؤولين “عن الجرائم الأكثر خطورة”، عبر اللجنة الأممية لتقصي الحقائق، كما طالبوا في بيانهم نظام الأسد وداعميه بالانخراط الجدّي في العملية السياسية، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحتاجة إليها.

وقد اعتبر بيدرسون، في إحاطته أخيرا أمام جلسة لمجلس الأمن بشأن الوضع في سورية، أن الصراع فيها بات دولياً، ومعظم عناصر الحل لم تعد بيد السوريين أنفسهم، وأن المجتمع الدولي فشل في “تخليص السوريين من الحرب، وكل من ارتكب جرائم حرب أفلت من العقاب”. أما مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، فاعتبرت أنه “لا ينبغي السماح بأن تكون الذكرى الحادية عشرة للأزمة السورية كالذكرى العاشرة لها”، وأن الوقت قد حان لتحقيق الوحدة والتقدم بحلّ سياسيّ حقيقي، يمنح الشعب السوري المستقبل الآمن والمستقر والأمل الذي يستحقه”. وجاء ذلك بالتزامن مع تقديم أعضاء في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، من الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، مشروع قرار يتبنّى مواصلة دعم الثورة السورية، ويتوعد بمحاسبة بشار الأسد ونظامه وداعميه في النظامين، الإيراني والروسي.

وفي الجانب الأوروبي، أكد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في تغريدة له في الذكرى العاشرة للثورة، التزام بلاده بعدم السماح بالإفلات من العقاب، وبالوقوف الى جانب الشعب السوري الذي ثار مطالباً بالحرية والكرامة، وذلك في سياق حملة فرنسية مناهضة لنظام الأسد، ترافقت مع تحرّك في مجلس حقوق الإنسان من أجل إصدار قرار يحمّل النظام مسؤولية الانتهاكات التي وقعت منذ عام 2011. أما بريطانيا فسبق أن أعلنت عن حزمة جديدة من العقوبات ضد النظام، فيما أكد مبعوثها الخاص إلى سورية، جوناثان هارغريفز، على موقف بلاه الداعي إلى محاسبة بشار الأسد وضرورة التوصل إلى حل سياسي للقضية السورية.

وشهدت الدوحة، عشية الذكرى العاشرة لانطلاق الثورة، إطلاق مسار جديد بشأن الوضع في سورية، اجتماع وزراء خارجية قطر وروسيا وتركيا مولود جاووش أوغلو، توّج إطلاق عملية تشاورية جديدة بين دولهم بشأن الوضع السوري، وعبّروا في بيانهم الختامي عن اقتناع دولهم بغياب أي حل عسكري للصراع في سورية، وتقديم المساعدة في عملية سياسية تحت إشراف أممي من أجل التوصل إلى حل سياسي وفق القرار الأممي 2254.

وإلى هذا كله، شهد المسعى الروسي المضاد للمساعي الأوروبية تحرّكاً لوزير خارجية روسيا، لافروف، في جولة خليجية، في سياق محاولة الساسة الروس إعادة تسويق نظام الأسد تحت مسمى المسألة الإنسانية، بعد أن فشلوا في محاولتهم تسويقه سياسياً، وباتوا يخشون إرهاصات تدهور الوضع الاقتصادي الكارثي في مناطق سيطرة النظام، ويأملون في أن تقدّم دول الخليج مساعداتٍ سخية يمكنها تغيير الأوضاع المأساوية، ولكن الحصيلة كانت مخيبة لآمال الروس، إذ إن مساعيهم لإعادة النظام إلى جامعة الدول العربية، وتقديم المساعدات له تحت بوابة إعادة الإعمار تصطدم بالموقف الأميركي وقانون قيصر، وبعدم إمكانية تجاوز أي دولة خليجية الموقف الأميركي والأوروبي المتشدّد حيال تطبيع العلاقات مع النظام، قبل أن ينخرط جدّياً في العملية السياسية، فضلاً عن أن الموقف القطري ما يزال يرى أن “الأسباب التي أدّت إلى خروج سورية من الجامعة العربية لا تزال قائمة”.

والحاصل أنه على الرغم من تأكيد كل القوى الدولية على ضرورة الحل السياسي للقضية السورية، إلا أن هناك فروقاً جوهرية ما تزال قائمة بين ما تطرحه الولايات المتحدة والدول الغربية الحليفة لها وما يطرحه الروس وحلفاؤهم. وبالتالي، ليس ما صدر من مواقف وتصريحات دولية وإقليمية بخصوص القضية السورية جديداً، كونه يعيد تأكيد مواقف سابقة، ولا يقدّم شيئاً في طرق الوصول إلى حلّ سياسي. وعلى الرغم من ذلك، ذهبت أوساط في المعارضة السورية إلى اعتبارها تمثل عودة الزخم إلى القضية السورية، بعد سنوات من تراجع الاهتمام الدولي بها، وخصوصا إثر تغيّر مواقف الولايات المتحدة والدول الأوروبية التي جعلت في مقدمة أولوياتها مكافحة الإرهاب، وشكلت تحالفاً دولياً بقيادة الولايات المتحدة من أجل القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، الأمر الذي أفضى إلى ترك المجال أمام نظام الأسد وحلفائه في النظامين، الروسي والإيراني، للمضي في الحلّ العسكري ضد فصائل المعارضة السوريين، والبطش بالحاضنة الشعبية للثورة، والإفلات من أي عقاب على الجرائم التي ارتكبوها ضد المدنيين السوريين.

ولعل الأجدى بالمعارضة السورية العمل من أجل البناء والاستفادة من المواقف الغربية، وتنظيم صفوفها كي تساعد المجتمع الدولي على التعامل معها، والوقوف ضد نظام الأسد وحلفائه. وبالتالي ليس من الصواب الزعم أن الأجواء التي تخيم على المشهد الدولي الراهن تشبه كثيراً تلك التي سادت مطلع عام 2012، حيث ما يزال الاختلاف الواضح بين مواقف ورؤى الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين من جهة ومواقف ورؤى الروس وحلفائهم الإيرانيين والصينيين وسواهم من جهة أخرى يلقي ظلالاً كثيفة على ممكنات التوصل إلى حل سياسي ينهي الكارثة السورية.

العربي الجديد

—————————–

عشرية الأسد الجديدة:سوريون في شاحنات البضائع!/ إياد الجعفري

فيما كان رأس النظام السوري، بشار الأسد، يتحدث عن معركته مع “سعر الصرف”، كانت “معارك” حقيقية، مُصغّرة، تندلع في أحياء متفرقة من العاصمة دمشق. وهذا التوصيف ليس مجازياً للغاية. ذلك أنه خلال محاضرة الأسد أمام مجلس وزرائه، سُجل في العاصمة دمشق، اشتباكات بالعصي، وبالأسلحة البيضاء، أمام محطات وقود. اشترك في اثنتين أو ثلاثة منها على الأقل، عناصر من ميليشيا الدفاع الوطني والشرطة وعناصر أمنية، ليس لضبط طوابير المنتظرين أمام المحطات، بل للتصارع على الوقود الشحيح المتاح بأسعار مدعومة هناك. فيما حلّق سعر البنزين في السوق السوداء بشكل هائل، بالتزامن مع نقل صور مأساوية لأزمات نقل، احتشد فيها الآلاف إما تحت “جسر الرئيس” أو قرب “جسر الثورة” بالعاصمة، بانتظار أي وسيلة نقل يمكن لها أن تقلهم إلى الضواحي، بعد انتهاء أوقات عملهم.

وكانت من أسوأ الصور التي نشرتها إحدى الصفحات المحلية على “فيسبوك”، تلك القادمة من مدينة حلب، حيث يركب عشرات السوريين في شاحنات لنقل البضائع، ويزدحمون فيها في مشهدٍ يعزّ على أحد، مشاهدته.

في ظل هذه الظروف، ربما لم يستمع الكثيرون من السوريين القابعين تحت سيطرة النظام، لخطاب بشار الأسد. وقد يكون أغلبهم، لم يسعفه الوقت، ولم يحظ بظروف مناسبة، كي يتمعّن بما تضمنه هذا الكلام من رسائل. فهو أراد أن يخبرهم، وبكل صراحة، أن مسلسل المعارك الذي يخوضه، باسمهم، مستمر. ذلك هو باختصار، شعاره، في حملته الانتخابية، التي قد تنطلق قريباً، أو قد لا تنطلق أساساً. لا يعني السوريّ المنشغل بتوفير الحد الأدنى من مقومات البقاء على قيد الحياة،  تلك التفاصيل. فهو يعلم جيداً، أنه على الهامش، ولا قيمة لصوته، الذي قد يُطلب منه الإدلاء به لترسيم وضعٍ قائمٍ على أرض الواقع، أو قد لا يُطلب منه ذلك. ففي نهاية المطاف، الأمر محسوم.

وفي هذه الأجواء، تأتي رسالة جديدة من موسكو، موجهة لجهات عديدة، أحدها بشار الأسد، علّه يقدّم ولو تنازلاً طفيفاً في الاجتماع المرتقب للجنة الدستورية. فوزير خارجيتها قال بصراحة، إن نظام الأسد –الذي وصفه بـ “الدولة”- قد ينهار تحت وطأة جمود الوضع الراهن على حاله. تلك الرسالة تستهدف جهات أخرى دون شك، أحدها إسرائيل، فانهيار الأسد، قد يعني انفلات “التطرف” الذي تخشاه، والذي، خشيةً منه، فضّلت الأسد على مدى زمني يقرب من عقدين، كما كشفت المراجعات والنقاشات التي نُشرت في وسائل إعلام عبرية، في الفترة الأخيرة. 

أما الأسد، ذاته، فلا يعنيه التحذير الروسي. فهو مستمر في معاركه. آخر تلك المعارك، مع سعر الصرف، حقق فيها بعض “الإنجازات”، فهو استطاع، عبر المؤسسات الخاضعة لسيطرته، تخفيض الدولار الأمريكي من 4700 إلى 3600 ليرة سورية. هذا “الإنجاز”، الذي تبجح به الأسد أمام وزرائه، كان قبل شهرين فقط، هزيمة كبرى. قبل شهرين فقط، كان الدولار بـ 2920 ليرة. وهكذا، في عُرف الأسد، تتحول الهزيمة إلى “إنجاز” خلال شهرين فقط. أما أن يرفع التجار أسعار السلع على وقع سعر الصرف، فتلك “لصوصية” حسب فهم الأسد. من دون أن يسأل نفسه: كيف سيموّل التاجر شراء بضاعة جديدة بسعر مرتفع، إن باع بسعر منخفض؟ الجواب على هذا التساؤل، الذي لم يطرحه الأسد أساساً، رُصد في دمشق، خلال الأيام الفائتة، بشكل إضراب جزئي في بعض الأسواق، ليس تمرداً ضد النظام، بل عجزاً عن الاستمرار في دورة الحياة التجارية، بسبب التذبذب الكارثي لسعر الصرف، وعجز القدرة الشرائية للسوريين عن البقاء على قيد الحياة. فانهار الطلب على السلع، ومعه، تكاد تنهار التجارة تماماً في إحدى أعرق المدن التجارية في العالم.

تلك الصورة المأساوية في سوريا، لا تعني الأسد بشيء، ما دامت لم تتحول إلى احتجاج يهدد كرسي حكمه. فابن النظام الذي عُرف بالرهان “الاستراتيجي” على الوقت، ينتظر المدد الصيني عبر الحليف الإيراني. ولا يعني الأسد أن تندلع حرب باردة في المنطقة، بين الصينيين والأمريكيين، يكون بلده إحدى ساحاتها. بل على العكس، قد يفيده ذلك، فهو وعمود نظامه الفقري، يتقنون الاستفادة من الأزمات والحروب. بل وينعشهم اقتصاد الحروب. فشقيقه ماهر، أفاد كثيراً من العشرية السابقة، فتحولت فرقته الرابعة إلى وكيل معابر تهريب، وحواجز ترفيق، و”بزنس” مربح للغاية من تجربة “التعفيش”. أما الأسد ذاته، فأتقن إدارة وتقسيم الأدوار، ورفع وكلاء له، ونال من آخرين، بصورة تضمن له البقاء كأقوى أمير حرب في سوريا.  

في هذه الأثناء، يعيش السوريون تجربة جديدة مريرة، قد تكون أسوأ ما عاشوه حتى اليوم. فحشرهم في شاحنات البضائع قد يتحول في عشرية أخرى من تاريخ سوريا، لو استمر حكم الأسد، إلى واقعٍ يمكن التطبيع معه. هذا هو رهان النظام. وهو ما قاله الأسد صراحةً، أن على “المواطن” أن يقف مع “مؤسسات الدولة” في حربها الجديدة. وذلك بانتظار “الفرج”، سواء جاء من الصين، أو من إسرائيل نفسها، التي عليها أن تستمر بالخشية من بديل الأسد، وفق الرسالة الروسية الأخيرة.

المدن

——————————

النظام السوري يرفض مؤتمر بروكسل للمانحين بسبب عدم دعوته إليه/ عدنان أحمد

رفض النظام السوري، اليوم الخميس، مؤتمر بروكسل للمانحين، واعتبره غير مشروع، بسبب عدم دعوة النظام إلى المؤتمر.

وأعربت وزارة خارجية النظام في رسالة وجهتها إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، عن استهجانها لانعقاد هذا المؤتمر و”للمرة الخامسة دون دعوة الحكومة السورية”، بحسب وكالة أنباء النظام الرسمية “سانا”.

واعتبرت الوزارة أن “مشاركة الأمم المتحدة في رئاسة هذا المؤتمر في ظل غياب حكومة الدولة المعنية يمثل مخالفة واضحة لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة”. وانتقدت العقوبات المفروضة على النظام، مشيرة إلى أن “فرض دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة المزيد من الإجراءات القسرية أحادية الجانب وتجديدها بشكل تلقائي، على الرغم من تأثيرها السلبي وتزامنها مع تفشي فيروس كورونا، وقيامها في الوقت نفسه بتنظيم هذا المؤتمر، يعكس نفاقا في طريقة تعاملهم مع الوضع الإنساني في سورية”.

وانتقدت وزارة خارجية النظام ما سمته “انخراط الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في سياسات ترمي إلى زعزعة أمن واستقرار سورية، والتغطية على أعمال العدوان والاحتلال، وتجاهل ممارسات التنظيمات الإرهابية والمليشيات الانفصالية ورعايتها، وهو ما ينفي أي مزاعم لتلك الدول بالحرص الإنساني، والأولى ببعض تلك الحكومات التي تتبجح بتقديم المساعدات للسوريين في المؤتمر أن تتوقف عن سرقة ثروات السوريين وممتلكاتهم الثقافية ومحاصيلهم الزراعية، وعدم حرمان السوريين منها”.

ولفتت إلى عدم وفاء الكثير من المانحين “بما يعلنونه من تعهدات استعراضية، وتخصيص الكم الأكبر من المساعدات في حال تقديمها إلى دول الجوار والمناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، الأمر الذي يؤدي إلى إطالة أمد الأزمة والحد من الجهود الرامية إلى الارتقاء بالوضع الإنساني”.

ورأت الرسالة أن مؤتمر بروكسل “تحول إلى أداة ضغط وابتزاز بيد المانحين لفرض إملاءاتهم حول آليات تقديم المساعدات الإنسانية وتسييس العمل الإنساني، وربطه بشروط تتعارض مع مبادئ العمل الإنساني”، وجددت رفض نظام الأسد لما سمته “هذه الفعالية الاستعراضية، وعدم مشروعية ما يصدر عنها في ظل تغييب الحكومة السورية، وتدعو منظميها إلى الكف عن الاستمرار بهذه السياسات الفاشلة، وتبني نهج واقعي وبناء في العمل مع الحكومة السورية لتلبية الاحتياجات الأساسية للشعب السوري”.

وكان الاتحاد الأوروبي أعلن الثلاثاء أن مجموع التعهدات المالية من الدول المشاركة في مؤتمر بروكسل الخامس لدعم سورية وصلت إلى 6.4 مليارات دولار أميركي.

وخصص المشاركون في المؤتمر 4.4 مليارات دولار من تعهداتهم لسورية والمنطقة لعام 2021، إضافة إلى تعهدات تبلغ تقريبا ملياري دولار لعام 2022 وما بعده.

وفي إطار التنسيق بين النظام السوري وروسيا على رفض مؤتمر بروكسل، اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي فيرشينين، خلال جلسة مجلس الأمن أن “أصعب وضع إنساني في سورية هو في مناطق لا تخضع لسيطرة حكومة النظام السوري”. وكرر معارضة روسيا لعبور المساعدات إلى مناطق المعارضة، منتقدا بشدة تسليم المساعدات عبر الحدود، واتهم مجموعات إغاثية دولية بالتمييز ضد مناطق سيطرة النظام، وفق ما نقلت عنه وكالة “تاس” الروسية.

وتحدث فيرشينين عما سماه “التأثير السلبي الدراماتيكي” للعقوبات الأحادية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الاقتصاد السوري، مشيرًا إلى أن 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، و60% يعانون من الجوع ومليوني طفل لا يحصلون على تعليم.

العربي الجديد

————————–

أوروبا: لا نقاط عمياء في التعامل مع فظائع الأسد

بعدما اتفق الأوروبيون، خلال رعايتهم قبل يومين بالتعاون مع الأمم المتحدة مؤتمر بروكسل لدعم الشعب السوري، على عدم إنفاق أموال على إعادة بناء واسعة في هذا البلد حتى يلتزم نظام بشار الأسد بعملية سياسية حقيقية لحل النزاع، تعهد وزراء خارجية 18 أوروبية “عدم إفلات النظام السوري وداعش وباقي الجماعات الإرهابية من العقاب على ارتكابهما اعتداءات باستخدام أسلحة كيمياوية وعمليات خطف وتعذيب”.

وقال الوزراء في بيان مشترك نُشر على الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الفرنسية: “نلتزم ضمان عدم إفلات مجرمي الحرب ومرتكبي التعذيب من العقاب. من الضروري تسليط الضوء الكامل على عقد من الأعمال الوحشية في سوريا، بعدما قُتل خلال السنوات العشر الماضية نحو 400 ألف شخص وأجبر أكثر من 6 ملايين على الفرار من انتهاكات لا حصر لها لحقوق الإنسان”.

وتابعوا: “أثبتت الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيمياوية، بما لا يدع مجالاً للشك، أن النظام السوري استخدم الأسلحة الكيمياوية ضد شعبه في شكل متكرر، وأنه رفض بإستمرار تقديم تفسيرات الى فرق التحقيق الدولية، لكن الناجين من هجماته موجودون ليشهدوا على ما رأوه وعانوه”.

وأكد الوزراء مواصلتهم الدعوة إلى السماح بتحقيق المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم التي يشتبه بارتكابها في سوريا ومحاكمة الجناة، “لأننا لن نظل صامتين عن الفظائع التي حدثت في سوريا والتي يتحمّل النظام وداعموه الخارجيون مسؤوليتها الأساسية”، علماً أن محاكم في دول أوروبية عديدة حالياً تنظر في دعاوى عدة مرفوعة، إستناداً الى مبدأ الولاية القضائية العالمية الذي يسمح بمحاكمة مرتكبي الجرائم الخطرة، بغض النظر عن جنسيتهم ومكان حدوث الجرائم.

وفي شباط/ فبراير 2021، دانت محكمة ألمانية عضواً سابقاً في جهاز الاستخبارات السوري بتهمة “التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية”، ضمن أول محاكمة في العالم تتعلق بانتهاكات منسوبة إلى النظام السوري.

وأشار بيان الوزراء الأوروبيين الى أن الاتحاد الأوروبي تبنى عقوبات استهدفت أفراداً وكيانات مقربة من النظام تقف وراء قمع الشعب السوري، و”نحن نرفض رواية النظام بأن هذه العقوبات مسؤولة عن معاناة الشعب السوري، ونعتبر أن إهماله الصارخ وسوء إدارته للاقتصاد أدى إلى الأزمة الحالية التي يواجهها السوريون”.

وأكد البيان “الحاجة الى ايجاد حلول لمأساة المعتقليين السوريين واختفاء أكثر من مئة ألف شخص. ومن الضروري أن تكرس الأمم المتحدة كل الطاقة المطلوبة لتحقيق نتائج ملموسة، فمكافحة الإفلات من العقاب ليست مسألة مبدأ فقط ، بل واجب أخلاقي وسياسي، ومسألة تتعلق بأمن المجتمع الدولي”.

وقال: “استخدام الأسلحة الكيمياوية، في أي ظرف، يُهدد السلم والأمن الدوليين. ونحن رددنا على الهجمات الكيماوية بتعبئة جميع المؤسسات المختصة من أجل إجراء تحقيقات مستقلة تماماً، وأطلقنا شراكة دولية جمعت 40 دولة والإتحاد الأوروبي لمكافحة الإفلات من العقاب على استخدام الأسلحة الكيمياوية، ما سمح بإدانة المتورطين في تطوير أو استخدام الأسلحة الكيمياوية. ولن نرتاح حتى يُعاقبوا على جرائمهم، خصوصاً أننا نعتبر أن مكافحة الإفلات من العقاب شرط أساسي لإعادة بناء سلام دائم في سوريا”.

وفي تقرير نشرته صحيفة “دي فيلت”، شدد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس على أن بلاده “لن تبقى صامتة في وجه الفظائع والجرائم ضد الإنسانية التي لا حصر لها في سوريا، والتي يتحمل النظام ومن يدعمه من الخارج المسؤولية الأساسية لارتكابها”.

ودعا إلى أن “لا تكون هناك نقاط عمياء عند التعامل مع الفظائع التي اقترفها النظام خلال عشر سنوات على الحرب. ونظراً لخطورة الجرائم، نؤيد إعطاء الفرصة للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق فيها وتوجيه التهم للجناة”، مشيراً إلى أن “هدف توثيق الجرائم هو إفشال استراتيجية أولئك الذين يعرقلون إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية من خلال مجلس الأمن”.

المدن

——————————

مؤتمر المانحين قدّم نصف المبلغ المطلوب..والأمم المتحدة راضية

رحب مفوض الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة مارك لوكوك بنتائج مؤتمر بروكسل للدول المانحة لسوريا الذي شهد تعهد مؤسسات مالية ومانحين دوليين بمنح نحو 7 مليار دولار على شكل قروض ميسّرة.

وقال لوكوك في تغريدة: “الأمم المتحدة وشركاؤها والمانحون اجتمعوا في بروكسل، وأكدوا التزامهم تمويل العمليات الإنسانية في سوريا والمنطقة بمبلغ 4.4 مليار دولار لعام 2020، وملياري دولار لعام 2021. نشكر الاتحاد الأوروبي وكل من ساهم في تقديم تبرعات للمساعدة في تخفيف الأزمة في سوريا ودول الجوار”.

وكانت الأمم المتحدة طلبت تأمين 10 مليارات دولار لمساعدة النازحين واللاجئين السوريين.

واتفقت الرئاسة المشتركة للمؤتمر الذي يرعاه الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والمانحون الرئيسيون على الاستمرار في توسيع قاعدة الموارد، وضمان المزيد من التقيّد بالمواعيد المحددة وإمكان التنبؤ بتوفير المعونات ومرونتها واتساقها وفاعليتها، علماً أن المشاركين أعادوا تأكيد أهمية “إيجاد حل مستدام للصراع السوري يمكن أن يستند فقط إلى بيان جنيف الصادر عام 2012، ويخضع لقرار مجلس الأمن رقم 2254 الخاص بسوريا بالكامل، والذي يدعو إلى تنفيذ عملية سياسية يقودها السوريون برعاية الأمم المتحدة للوصول إلى تسوية سياسية تلبي تطلعات الشعب السوري المشروعة”.

وشدد المشاركون أيضاً على أهمية مشاركة النساء السوريات على نحو كامل وهادف في كل مراحل العملية السياسية من خلال تمثيلهن بنسبة 30 في المئة على الأقل، بهدف تحقيق التكافؤ، والتزام المجتمع الدولي بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها ووحدة أراضيها.

وغداة المؤتمر، أرسلت الأمم المتحدة من خلال معبر جيلوه غوزو بولاية هاتاي التركية المقابل معبر باب الهوى في سوريا، 64 شاحنة محمّلة بمساعدات إنسانية إلى محافظة إدلب وريفها شمال غربي سوريا.

والاثنين، دعا وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن مجلس الأمن الدولي إلى فتح ثلاثة معابر لإيصال المساعدات الإنسانية سبق أن أغلقت على الحدود السورية شمال غربي سوريا. وطالب بتسليم المساعدات عبر نظام مبسط للإمدادات الإنسانية والطبية إلى سوريا من الدول المجاورة، وبشكل أساسي عبر الحدود مع تركيا.

—————————–

حين يحتفي الأسد بتلاعب النظام بالليرة!

لم يكن مفاجئاً اختيار رئيس النظام السوري بشار الأسد اجتماع الحكومة لاستئناف ظهوره بعد الانقطاع الأخير بدعوى الإصابة بفيروس كورونا، حيث أتاح التحسّن في سعر صرف الليرة فرصة ظهور استعراضي قد لا يتوفر في القريب العاجل.

ورغم أن التحسن الأخير في سعر الصرف لم يعد بالليرة إلى مستوى معقول بالنسبة للمواطن، بل بالكاد عوّض الانخفاض الكبير الذي لحق بها خلال الأسبوعين الماضيين، ورغم أنه تحقق بفعل إجراءات قسرية من المتوقع أن تلحق ضرراً كبيراً بالاقتصاد السوري على المدى المتوسط والبعيد، إلا أن الأسد لم يتردد في اعتبار ما حدث “انتصاراً كبيراً على الفساد والمؤامرة”.

الأسد اعتبر أن مجموعة الاجراءات والتشريعات والقوانين التي صدرت في الآونة الأخيرة “تؤكد فكرة أنه لا يوجد شيء مستحيل” وأن “معركة سعر الصرف التي تمكنّا فيها من تحقيق إنجازات لم تتحقق سابقاً” تؤكد ذلك، مرجعاً مرة أخرى التدهور المستمر الذي تتعرض له الليرة إلى المضاربين والفاسدين في الداخل، والمعركة الخارجية على الاقتصاد السوري التي “تُقاد من الخارج”.

لا يختلف أحد حول الفساد والمضاربة اللذين يلعبان دوراً مهماً في ما تتعرض له الليرة، لكن الأسد لا يرى أن هذا هو السبب المهم الذي يجب التوقف عنده ومعالجته، فالأولوية، كما يرى، هي لمواجهة المؤامرة الخارجية التي “أصبحت أدوات الأعداء فيها واضحة… ومن خلال وضوحها ومعرفة آلياتها قمنا نحن باستخدام آليات معاكسة”، وبما أن “الجزء الأكبر منها هو حرب نفسية” فإن الحل، حسب الأسد لمواجهة هذا النوع من المعارك هو “توعية الناس”.

مقاربة حاول إعلام النظام الترويج لها ك”فتح”، فأفرد لها مساحات واسعة، وخصص معظم ساعات البث للحديث عنها وإظهار عبقريتها، لكن من دون أن ينجح في إقناع حتى القسم الأكثر موالاة للنظام بين السوريين، بها، خاصة وأن الجميع فقد الثقة بشكل كامل تقريباً بقدرة النظام على إيجاد حل ناجع للأزمات الاقتصادية المتفاقمة، التي لم تنجح كل المحاولات السابقة سوى في ضبط مؤقت لها قبل أن تعود لتخرج عن السيطرة بشكل أكبر.

نتيجة تبدو حتمية طالما أن النظام يلجأ في كل مرة إلى إجراءات تبدو فعّالة في ضبط سعر صرف الليرة على المدى القصير، لكن على المدى المتوسط والبعيد تُلحق أضراراً إضافية أكبر من كل العوامل التي تتسبب بانخفاض قيمتها وإلحاق مخاطر جسيمة بالاقتصاد المحلي الذي يعاني على كل الأصعدة.

وعليه فإن التحسن الكبير في سعر صرف الليرة الذي تحقق خلال الأيام الأخيرة الماضية، والذي أعاد لها نحو 15 في المئة من قيمتها أمام الدولار، لن يكون، حسب الخبراء، سوى تكرار حتمي لحلول هي في الواقع ترقيعات لن تلبث أن تؤدي إلى مزيد من التمزق في ثوب اقتصاد فقد معظم عوامل “الصمود والمقاومة”.

ويرى الخبير الاقتصادي عبد الرحمن أنيس في تصريح ل”المدن”، أن قيام البنك المركزي السوري بتغيير سعر صرف الدولار في وقت سابق، وإطلاق حملة أمنية لضبط السوق السوداء والحد من كميات الليرة المتداولة، كانت أبرز أسباب التحسن في سعر صرفها.

ويضيف أن “قرار البنك المركزي رفع السعر الرسمي لليرة أمام الدولار شجع المنظمات الدولية العاملة في مناطق سيطرة النظام لاجراء بعض التحويلات وفقاً لتلك الأسعار، ما أدى لضخ كميات من العملة الصعبة في هذه المناطق، كما قامت حكومة الأسد بحملة واسعة في السوق السوداء لحصر التعامل بالدولار مع المركزي والبنوك المرخصة فقط، ما سمح بالتحكم بسعر الصرف ليحتكر النظام أداة التسعير بيده”.

ويرى أنيس أنه من أجل تلمّس مؤشرات فعلية لتحسن قيمة الليرة السورية “فعلينا متابعة مؤشرين أساسيين هما، ايقاف الحرب باتفاق يرضي الجميع وإعادة عجلة الانتاج، وتشجيع التصدير بحيث يتم ترجيح الميزان التجاري مع الخارج، وهما إجراءان غير واردين على المدى المنظور، وبالتالي فإن كل ما يتّخذه النظام من حلول لن تؤدي سوى إلى إلحاق المزيد من الضرر بالاقتصاد السوري، حتى وإن ظهرت لها بعض الانعكاسات الإيجابية بلحظتها”.

وكان البنك المركزي في دمشق قد أصدر مجدداً تعليمات لتفعيل قرار سابق له يمنع نقل أي مبلغ يتجاوز الخمسة ملايين ليرة بين المحافظات، كما حدّد سقف المبلغ المسموح بسحبه من البنوك بمليوني ليرة، ووقف الحوالات الداخلية التي تتجاوز المليون ليرة، ما حدّ من السيولة المتاحة من العملة المحلية في الأسواق، الأمر الذي أسهم في رفع الطلب على الليرة، وبالتالي، تحسن سعر صرفها.

العودة للإجراءات السابقة التي طالما اعتمد عليها النظام لاحتواء الانهيارات المتكررة في سعر الصرف شملت كذلك شنّ حملة أمنية جديدة على مكاتب الصرافة وتحويل الأموال، فتمّ إغلاق بعضها، ومصادرة كميات من السيولة المتاحة في هذه المكاتب، وهي إجراءات تناقض حديث الأسد عن ضرورة زيادة الإنتاج، الذي يتطلب المساعدة في تحريك دورة الاقتصاد وليس تقييدها على هذا النحو.

ويرى المراقبون أن النظام سيكون مضطراً خلال وقت قصير للتراجع عن هذه القيود مجدداً، كما كان يحدث في كل مرة، حيث سبق وأن تجاهل قراره القديم بتقييد نقل السيولة بين المحافظات، كما غضّ الطرف عن تسليم الحوالات الخارجية من العملات الصعبة بسعر السوق السوداء لتوفير كميات إضافية من هذه العملات في السوق المحلية.

رغم كل استعراضاته الإعلامية، والتي لم يتوانَ حتى رئيسه عن المشاركة فيها، إلا أن النظام لا يجد خيارات أخرى من أجل السيطرة على سعر صرف الليرة، سوى الدخول في سباق مع المضاربين المحليين، وهم غالباً من المرتبطين به، والحد من العرض المتاح لليرة في السوق المحلية، وهي إجراءات يتفق الجميع على أنها يائسة لا تؤدي سوى إلى المزيد من المتاعب، مع غياب أي أفق بحل سياسي يعتبر الخطوة الأساس في إنقاذ ما تبقى من الاقتصاد السوري.

المدن

————————-

روسيا تضرب موعداً للجنة الدستورية..غير قابل للتحقق/ مصطفى محمد

يتواصل الحراك الروسي الهادف إلى عقد الجولة السادسة من مفاوضات الدستور السورية، وسط تعويل موسكو على عمل اللجنة الدستورية لتجاوز تعثر مسار الحل السياسي، الذي أدى إلى زيادة المتاعب الاقتصادية على حليفها نظام الأسد.

وتأمل روسيا أن تكون الجولة السادسة من مفاوضات اللجنة الدستورية مفصلية، بعد الاتفاق كما يبدو على عقد لقاء مشترك بين رئيسي وفد المعارضة والنظام، وهو الأمر الذي لم تشهده الجولات الخمس السابقة.

وقال الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن المعارضة هادي البحرة إن هناك جهوداً يبذلها المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن للوصول إلى تفاهم بخصوص منهجية عمل اللجنة الدستورية ونقاشاتها بشكل يؤدي الى نتائج تتوافق مع ولايتها المحددة بشكل واضح.

وأضاف في حديث ل”المدن”، أن وفد المعارضة تقدم باقتراحات لتلك المنهجية قبل الدورة الخامسة للاجتماعات وخلالها، كما تقدم بيدرسن باقتراح منه، وقبلناه كممثلين عن هيئة التفاوض السورية، لكن بكل أسف لم يتم التوافق عليها، وفور انتهاء الدورة الخامسة للاجتماعات تابع بيدرسن جهوده للاتفاق على المنهجية وما زالت جهوده مستمرة.

وقال: “أوضحنا أنه لا بد من التوافق عليها قبل تحديد موعد انعقاد الدورة السادسة لاجتماعات اللجنة الدستورية، كما طالبنا بضرورة تسريع وتيرة العمل وصولاً لجعله عملاً مستمراً لإنجاز مهمة اللجنة، وضرورة تنفيذ ما جاء بقرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي نعمل بولايته وتنفيذاً لما جاء فيه بخصوص العملية الدستورية حيث نص بشكل واضح في المادة الرابعة منه على “تحديد جدول زمني وعملية لصياغة دستور جديد”، مضيفاً “من واجبنا كلجنة الاتفاق على جدول زمني لإنجاز مهامنا”.

وحول احتمالية عقد لقاء مشترك بينه وبين الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن النظام أحمد الكزبري، قال البحرة إن الاجتماع منصوص عليه بشكل واضح ضمن “الاختصاصات والعناصر الأساسية للائحة الداخلية” لعمل اللجنة الدستورية المتفق عليها من الأطراف السورية كافة في اتفاق تشكيل اللجنة، بالتالي هو ليس بالجديد، إلا أن عدم تنفيذه سابقاً كان يعيق عمل اللجنة والطرف الذي يرفض تنفيذه يتحمل مسؤولية إعاقة العمل.

واعتبر أن “الأهم من الاجتماع المشترك هو وجود الإرادة لدى الجميع لتذليل العقبات وإنجاز المهام الموكلة للرئيسين المشتركين وأهمها ما تم النص عليه، وهو تسهيل واقتراح جدول أعمال وخطط عمل تمكن من تناول كل المسائل ولا تجعل تناول مسألة ما متوقفاً على الاتفاق حول مسائل أخرى، كما أشارت اللائحة الداخلية إلى الالتزام بعمل اللجنة بشكل سريع ومتواصل بما يؤدي لتحقيق نتائج”.

وأضاف البحرة أن هذه المواضيع التي ينبغي وضع آليات واضحة لإنجازها، لضمان إنجاز ولاية اللجنة بأسرع وقت ممكن، “هذا واجب علينا ولا يمكن القبول بالمضي دون إنجازات تحقق في كل دورة من اجتماعات اللجنة الدستورية”. وقال إن “الشعب السوري يعاني من مأساة خطيرة ومعاناة تتفاقم يومياً، وهذا يقتضي مضاعفة الجهود من قبل الاطراف كافة، لا القبول بالتعطيل فهو جريمة بحق كل السوريين”.

وكان وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف قد جدد الأربعاء، الحديث عن احتمال عقد الجولة السادسة من مفاوضات الدستور قبل حلول شهر رمضان، متحدثاُ عن جولة نوعية، يميزها عنصر جديد عن كافة الجولات السابقة.

وقال لافروف أثناء مشاركته في أعمال منتدى “فالداي” الدولي للحوار في موسكو: “لا نزال نأمل في إمكانية عقد الاجتماع المقبل للجنة الدستورية الذي كان مقرراً قبل حلول شهر رمضان، في موعده، ويتوقع أن يكون جديداً نوعياً”، كاشفاً عن الاتفاق على أن يعقد رئيسا وفدي المعارضة والنظام لقاء مباشراً، مضيفاً أن بيدرسن “عبّر عن ترحيبه بهذا الاتفاق، الذي ساعدت روسيا في التوصل إليه”.

لكن الناطق باسم هيئة التفاوض السورية وعضو اللجنة الدستورية يحيى العريضي استبعد عقد الجولة السادسة قبل حلول شهر رمضان، مؤكداً ل”المدن”، أنه لم يُسجل تطور يُذكر، يؤكد احتمال ذلك”.

كذلك، قلّل عضو اللجنة الدستورية المصغرة عن المعارضة حسن حريري من احتمال عقد الجولة السادسة من مفاوضات الدستورية قبل رمضان، موضحاً ل”المدن”، أن الوقت لم يعد عاملاً مساعداً على ذلك، لأن رمضان بات على الأبواب ولم يبق على حلوله سوى 12 يوماً، في حين أن الدعوات للجولة السادسة لم تُرسل بعد، فضلاً عن عدم التوصل إلى منهجية ناظمة لعمل الجولة السادسة، بما يخدم مصلحة الشعب السوري.

وكانت الجولة الخامسة من مفاوضات الدستورية، قد اختتمت أعمالها في أواخر كانون الثاني/يناير بالفشل، بسبب رفض وفد النظام الخوض في صياغة المضامين الدستورية، والاكتفاء بمناقشتها فقط. ولم يتم تحديد موعد الجولة السادسة، وقال بيدرسن في ختامها إنه ” لا يمكن أن تستمر المباحثات بهذا الشكل”.

من جهة ثانية، بدا أن تحذير لافروف من انهيار الدولة السورية، بالتزامن مع حديثه عن الجولة المقبلة من مفاوضات الدستور، مصمم لتوجيه رسائل تحذيرية للمعارضة والنظام، لكن يحيى العريضي، اعتبر أن تصريح لافروف “يعدّ استمراراً للدبلوماسية الروسية غير الجادة والبهلوانية في الملف السوري”.

———————-

أنه موسم تأجيل الانتخابات..ولبنان جاهز/ ساطع نور الدين

إنه موسم الانتخابات، أو بالأحرى موسم تأجيل الانتخابات، المقررة هذا العام، في أكثر من بلد عربي، ما زال يحفظ في دساتيره وسجلاته الوطنية هذا الاجراء الرمزي، الذي كاد الربيع العربي قبل عشر سنوات أن يحوّله الى طقس سياسي راسخ ومقدس، لولا غدر الزمان.

السباق على أشده هذه الايام بين فلسطين وسوريا، اللتين تتنافسان الآن  للإقدام، بوعي وتصميم، على إلغاء الانتخابات النيابية والرئاسية المقررة الشهر المقبل في البلدين. وما هي إلا ساعات أو أيام على الأكثر حتى يصدر قرار التأجيل من رام الله ومن دمشق. أيهما ستسبق الأخرى في الإعلان عن إبقاء مراكز الاقتراع مقفلة، ووقف الحملات والمعارك الانتخابية العابثة، التي لا تتناسب مع خطورة المرحلة، ولا تحترم الحرص الشديد الذي تبديه السلطات على صحة المواطن الفلسطيني والسوري المهددة بجائحة كورونا.

ولولا بعض الخصوصيات والحساسيات الوطنية، لأمكن التكهن بأن القرارين الفلسطيني والسوري بالتأجيل قد يصدرا في وقت واحد، ليكونا بداية موجة جديدة من الانقلاب المضاد، على ذلك الخيار الشكلي، البرتوكولي، بل الهامشي، تمتد آثارها الى مختلف أنحاء العالم العربي.. وإن إختلفت الحجج والذرائع، وتنوعت أشكال الحرج والتفلت، وتمايزت ردود الفعل الشعبية بين بلد وآخر، بحسب “قداسة” اللجؤ الى صناديق الاقتراع لقياس أصوات الناخبين والمقاطعين.

قوة الحجة الفلسطينية المحتملة للتأجيل لا شك فيها، ولا جدال: هل يمكن أن تجري أول إنتخابات فلسطينية منذ خمسة عشر عاماً، من دون القدس ومن دون أصوات المقدسيين؟.. بينما السؤال الملحّ هو: هل يمكن أن تجرى الانتخابات في ظل هذا التشظي بين “ديناصورات” حركة فتح، وفي مقدمتهم الرئيس محمود عباس نفسه، التي ترفض التسليم بقوانين الطبيعة، وبين أجيالها الجديدة الباحثة عن وجوه جديدة، مختلفة، لقيادة المشروع الوطني ووقف تعثره، مثل الاسير مروان البرغوثي وناصر القدوة؟ وهل يمكن أن تجري إنتخابات في ظل هذا التربص المتبادل بين الفتحاويين وبين حركة حماس، ومن دون بناء جسور الثقة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، ما سمح لشخصيات مشبوهة باختراق صفوف الجانبين، مثل محمد دحلان وسواه؟

المعلومات الواردة من رام الله تفيد بان قرار التأجيل وإراحة القيادات الفلسطينية من عناء هذا الاختبار الصعب للشعبية والشرعية، سيصدر بين لحظة وأخرى.. وهو كما يبدو سيسبق قراراً مماثلاً منتظراً من دمشق، التي تعاملت ولا تزال مع “الاستحقاق الدستوري” على طريقتها التقليدية الحاسمة: لا إنتخابات ولا من يحزنون؟ ولا مرشح غير الرئيس، ولا منافس غير من يختاره الرئيس؟ ولا ولاية رئاسية لأحد غير الولاية الرابعة؟ وإذا ما فتحت مراكز الاقتراع، لسبب أو لآخر،  فإن النتائج معروفة بدقة، وهي تزيد على ستة ملايين صوت، حسب تقديرات رسمية منشورة فعلا منذ أسابيع، ينالها حتما بشار الاسد، إذا شاء، وإذا رغب الروس والايرانيون في إضافة هذا الرقم الى سجلاتهم ومذكراتهم عن الإحتلال المزدوج للاراضي السورية.

الوقت السوري يداهم الجميع أيضاً. تأخر إطلاق الحملة الانتخابية للرئيس نفسه. جائحة كورونا التي اصابته كانت حجة عابرة. الحجج الاخرى لا تقل أهمية، وأبرزها أن الاستحقاق يأتي هذه المرة في ظل مجاعة حقيقية، ونقص في السلع الغذائية والمشتقات النفطية التي يفترض ان توزع على الناخبين لكي يندفعوا نحو مراكز الاقتراع، من تلقاء أنفسهم، لكي يختاروا الرئيس الذي إنتصر على نفسه وعلى الوباء وعلى الدولار الاميركي وعلى المؤامرة الكونية.

العراق هو التالي؟ أم تونس؟ ليبيا؟ الجزائر؟ السودان؟ اللائحة طويلة للبلدان العربية التي تهاب فتح ذلك الصندوق الاسود وما يمكن أن يخرج منه من شياطين وأبالسة وسحرة، يهددون السكون الذي إستعيد بالقوة القاهرة، وبالثورة المضادة، التي أحالت نصف العرب تقريباً الى شهداء أو سجناء أو معوقين، أو منفيين في مختلف أنحاء الكون، في عشر سنوات فقط لا غير.

لم يدخل لبنان بعد في هذا السباق، لكنه جاهز طبعا، نظراً لخبرته الطويلة في التأجيل والتمديد والتشويه لأي “إستحقاق إنتخابي”. ولن ينتظر لبنان حلول موعد “إستحقاقاته” النيابية والرئاسية العام المقبل، حتى يفاجىء العرب والعالم أجمع بإعلان التوقف عن سداد ديونه الانتخابية المتراكمة.  

المدن

———————

قيصر” و”قسد” والإجراءات الحكومية.. حركة النقل العام مشلولة في سوريا

ضياء عودة – إسطنبول

منذ قرابة أسبوعين باتت باصات النقل الداخلي التي تعمل على نقل الركاب في العاصمة دمشق “تعد على الأصابع”، وفي المقابل لم يعد هناك أي نشاط للباصات الصغيرة المعروفة محليا باسم “السرافيس”، ما انعكس سلبا على حركة تنقل المواطنين، الباحثين عن أرخص وسائل النقل ثمنا.

“الحركة مشلولة تماما، وعلينا الانتظار لساعات للركوب وقوفا وفوق بعضنا البعض بالباصات التابعة لوزارة النقل”. يقول عارف الذي يضطر صباح كل يوم للوقوف ضمن “طابور” في شارع الثورة وسط العاصمة.

ويضيف الشاب في تصريحات لموقع “الحرة” أن أحياء دمشق تعيش في “أزمة مواصلات” غير مسبوقة، بعد النقص الحاد في المحروقات لدى محطات الوقود، وما تبع ذلك من تخفيض حكومة النظام مخصصات مادتي البنزين والمازوت.

ويؤكد الشاب على حركة الشلل التام لحركة النقل العام، ويتابع: “هناك عدد قليل جدا من الحافلات التي تعمل حاليا. الناس باتوا يصطفون بطوابير ليس فقط للحصول على الخبز بل للذهاب إلى العمل والجامعة”.

وتعيش المحافظات السورية الخاضعة لسيطرة النظام أزمة في الحصول على المحروقات ليست بجديدة، لكن حدتها تصاعدات منذ أسبوعين. ووفق الرواية الرسمية، يعود سببها إلى تأخر وصول توريدات النفط عبر البحر، بعد أزمة حركة الملاحة في قناة السويس.

وعلى وقع أزمة الوقود أعلنت “الحكومة السورية” منذ ثلاثة أيام سلسلة قرارات خفضت بموجبها مخصصات البنزين والمازوت لمحافظات مختلفة، بينها دمشق وطرطوس وحمص وحماة وحلب.

في مدينة طرطوس، مثلا، حددت لجنة المحروقات فيها كمية الحصول على البنزين للسيارة السياحية الواحدة، وقالت: “يجب ألا تزيد تعبئة الواحدة منها عن 20 ليترا ولمرة واحدة كل سبعة أيام”.

وخفضت اللجنة حصة “ميكروباصات” النقل العاملة بين القرى ومراكز مدن المناطق حتى 50 بالمئة، فيما أبقت على مخصصات الميكروباصات اليومية التي تنقل الركاب بين مدينة طرطوس ومراكز المناطق.

زيادة في الأسعار قبل التخفيض

القرار المتعلق بتخفيض مادتي البنزين والمازوت للسيارات السياحية وحافلات النقل العام والخاص، كان قد سبقه قرار، في 15 مارس الماضي، رفعت بموجبه الحكومة السورية أسعار هاتين المادتين، المحسوبتين على قوائم “المواد المدعومة التي يحتاجها المواطن بشكل يومي”.

وبينما ارتفع سعر ليتر مادة البنزين الممتاز “أوكتان 90” إلى 750 ليرة سورية لليتر الواحد، تحدد سعر مبيع البنزين “أوكتان 95” للمستهلك بـ2000 ليرة لليتر الواحد.

كما أصبح سعر أسطوانة الغاز المنزلي التي تزن عشرة كيلوغرامات للمستهلك 3850 ليرة سورية.

أما مادة المازوت التي ينحصر بيعها عبر ما يسمى بـ”البطاقة الذكية” فلا سعر ثابتا لها، كون عملية بيعها تنشط بشكل أكبر في السوق السوداء بعيدا عن المخصصات التي تتيحها حكومة النظام السوري.

“المخصصات تباع للربح”

عبد الكريم سائق سرفيس في مدينة حمص وسط البلاد، يقول إن “معظم السائقين على خطوط الريف وداخل المحافظة اتجهوا لبيع المخصصات التي يستلمونها من لجان المحروقات التابعة للحكومة السورية”.

يضيف عبد الكريم الذي فضل عدم ذكر اسمه الحقيقي في تصريحات لموقع “الحرة”: “سعر ليتر المازوت يستلمه السائق بسعر 170 ليرة سورية ويبيعه في السوق السوداء بسعر 1800 ليرة سورية. بتوفي معنا بهالحالة (نربح) أكثر من العمل على الخط”.

ويتابع السائق: “حتى ولو اتجهنا للعمل على خطوط النقل داخل المحافظة وصولا إلى الريف، فإننا نعمل نصف ما هو محدد لنا. ليس ذلك فقط نحاول استيعاب عدد ركاب أكبر مما هو متاح لطاقة السرفيس. المقعد الواحد نجعله يتسع لأربعة ركاب بدلا من راكبين”.

في ما يخص باصات النقل الداخلي التابعة لوزارة النقل في الحكومة السورية، أوضح السائق في سياق حديثه أن عددها ومنذ قرابة أسبوعين انخفض بشكل كبير إلى الحد الأدنى، بسبب ندرة مادة المازوت.

ويشير: “باص النقل الداخلي الواحد باتت حمولته تزيد 10 مرات عن المحددة له. المواطنون يركبون بالغصب، كون البديل غير موجود. أصحاب التكاسي الصفراء ضاعفوا أسعارهم بسبب عدم ثبات سعر مادة البنزين وكمياتها”.

زاد عبد الكريم: “طلب التكسي وصل في اليومين الماضيين إلى 10 آلاف ليرة سورية للتنقل بين كراجات حمص الشمالية والجنوبية. في السابق كان الحد الأقصى المحدد له 3 آلاف ليرة سورية”.

“تسعيرات جديدة”

أمام ما سبق من ندرة الوقود في البلاد وما تبعها من شلل لحركة المواصلات الخاصة والعامة، اتجهت مجالس المحافظات السورية وبشكل مفاجئ إلى تعديل أجور نقل الركاب بسيارات الأجرة “التكاسي”.

وفي سلسلة قرارات صدرت في 30 من شهر مارس الماضي باتت أجرة فتح العداد بـ150 ليرة سورية، وسعر الكيلومتر الواحد بـ230 ليرة سورية، أما الساعة تحددت بـ2400 ليرة سورية وصولا إلى 4000 ليرة في العاصمة دمشق.

مشهد انتشار المواطنين على الطرقات وتجمعهم في المواقف الرسمية كانت صور وتسجيلات مصورة قد أظهرته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في الأيام الماضية، وأبرزها في كراجات مدينة جبلة الساحلية.

وأظهرت التسجيلات الازدحام الشديد والتدافع بين المواطنين عند قدوم أي باص أو “ميكرو باص”، لحجز مكان في وسيلة النقل.

وإلى جانب أزمة المواصلات الخانقة التي لا تقتصر على العاصمة دمشق بل تشهدها جميع المحافظات السورية، باتت تلوح أزمة تتعلق بشبكة الكهرباء والمعدل الزمني لوصولها إلى منازل المدنيين.

والأربعاء أعلن عضو المكتب التنفيذي المختص بقطاع النقل والكهرباء في محافظة اللاذقية، مالك الخيّر، زيادة ساعات التقنين الكهربائي لتصبح 5 ساعات قطع مقابل ساعة وصل.

وأضاف الخيّر لصحيفة “الوطن” شبه الرسمية: “التقنين قابل للزيادة ليصبح 6 ساعات قطع مقابل ساعة واحدة تغذية”، مشيرا إلى أن “النقص يشمل كل المحافظات وذلك جراء الحصار على بلدنا وعدم وصول التوريدات اللازمة”.

“أزمة دون حل”

ومنذ أشهر تعيش مناطق سيطرة النظام السوري أزمات في الحصول على المحروقات، وبررتها حكومة الأخير بالعقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة بموجب عدة قوانين، في مقدمتها “قانون قيصر”.

وتعتمد حكومة الأسد منذ سنوات على التوريدات النفطية التي توردها الدول الداعمة للنظام وخاصة إيران، إلا أنها انخفضت خلال الأشهر الماضية بسبب تشديد العقوبات الأميركية بموجب “قيصر”.

وتعتمد، أيضا، على تهريب المحروقات عبر صهاريج من المناطق الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” في مناطق شمال وشرق سوريا.

المحلل والاستشاري الاقتصادي، يونس الكريم يقول إن النظام يفتقد لأي مصدر للحصول على المحروقات بشكل مستمر ومتواصل في الوقت الحالي.

ويضيف الكريم في تصريحات لموقع “الحرة”: “هناك عدة أسباب لأزمة المحروقات الحالية، أولها عدم وجود احتياطي نقدي لشراء مخصصات النفط، الأمر الذي يلقي بظلاله على القطاعات التي تحتاجه هذه المواد”.

السبب الآخر يراه الاستشاري الاقتصادي في الخلاف بين الحكومة السورية و”قسد”، الأمر الذي يدفع الأخيرة لقطع طرق شاحنات النفط بين الفترة والأخرى.

ولا يتوقع الكريم أي انفراجة في أزمة المحروقات في المرحلة المقبلة، مشيرا إلى أن أسباب الأزمة تعود إلى أن “الحكومة السورية لم تحل الأزمة السابقة بشكل جذري، وإنما اتجهت إلى إعادة توزيع بعض المخصصات التي حصل عليها النظام السوري من مصادر مختلفة، سواء من الشحنات المهربة من شرق سوريا أو من إيران أو القادمة من السوق اللبنانية”.

ويتابع الكريم: “هذه الكمية تم استخدامها وصرفها، لتعود الأزمة من جديد”.

ومنذ سنوات تورّد إيران المحروقات إلى السواحل السورية، على الرغم من وجود عقوبات أميركية بموجب قانون “قيصر”، وتعمل الناقلات الإيرانية على إطفاء نظام التعريف التلقائي الذي يعرف بـ (AIS)، وهو نظام تتبع أوتوماتيكي للسفن الذي يحدد هويتها وموقعها ووجهتها النهائية.

وتقوم الناقلات بإطفاء النظام التعريفي عند اقترابها من السواحل السورية، أو عند إفراغ حمولتها لناقلات أخرى غير معاقبة أميركيا في وسط البحر قبل أن تنقلها إلى سوريا.

ضياء عودة – إسطنبول

الحرة

——————-

===================

تحديث 02 نيسان 2021

———————-

روسيا وورقة المساعدات لسورية/ بشير البكر

تضغط روسيا من أجل التحكّم بالمساعدات الإنسانية إلى سورية، والتي يعتمد عليها قرابة ستة ملايين في المناطق التي يسيطر عليها النظام، والخارجة عن سيطرته، ويشكل عدد المستفيدين النسبة الأكبر في ريفي حلب وإدلب، حيث تنتشر المخيمات العشوائية، ويسكنها أكثر من مليون مهجّر من جرّاء العملية العسكرية التي بدأها النظام والروس والمليشيات الإيرانية ما بين مايو/ أيار 2019 ومارس/ آذار 2020، وغالبية هؤلاء هربوا من بيوتهم وأراضيهم في أرياف حماة، إدلب، وحلب، وليس لديهم أي مصدر دخل، أو سبيل للعيش خارج المساعدات الدولية.

وقادت روسيا العام الماضي حملة في مجلس الأمن، ونجحت في تعطيل آلية إدخال المساعدات إلى سورية عبر عدة معابر، اثنان منها عبر تركيا (باب الهوى، باب السلامة) ومن العراق (اليعربية) والأردن (الرمثا)، وأسفر الضغط الروسي عن إغلاق ثلاثة معابر، باب السلامة، الرمثا، واليعربية، ولم يبق سوى معبر باب الهوى الذي يلبي حاجة 50% من المهجّرين، حسب تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس. وتعمل روسيا الآن على تغيير الآلية الحالية كليا، وتهدف إلى اغلاق الممر الأخير الباقي عبر تركيا (باب الهوى)، وحصر دخول المساعدات بالنظام وحده، وحجّة موسكو، حسب نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، أن هناك تسييسا للمساعدات الإنسانية، معتبرا أن “المساعدة العابرة للحدود تنتهك مبادئ القانون الدولي، لأن الحكومة القائمة لا تناسب الغرب”.

ومن المرجّح أن تتحوّل قضية المساعدات الإنسانية عبر المعابر إلى معركة دبلوماسية بين واشنطن وموسكو، فالولايات المتحدة عازمةٌ على أن ترمي بثقلها فيها، وذلك في صلب نهج الإدارة الأميركية الجديدة التي تعتبر الدبلوماسية الإنسانية من مقومات سياستها الخارجية، وكان ترؤس وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، جلسة مجلس الأمن عن سورية، يوم الاثنين الماضي، إشارة صريحة على هذا النهج. وفند بلينكن أطروحة موسكو ربط المساعدات بالسيادة، وقال في كلمته إن “السيادة لم تصمّم إطلاقا لضمان حق حكومة في تجويع الناس وحرمانهم من الأدوية الحيوية.. ونظام الأسد لن يلبي الاحتياجات الحيوية”. وستكون جلسة مجلس الأمن المقرّرة في 21 يونيو/ حزيران المقبل امتحانا لمواقف الإدارة الأميركية الجديدة. وفي حال مارست موسكو حق النقض ضد تمديد الآلية الحالية، لن يكون هناك سبيل لإدخال المساعدات إلا من خلال آلية خارج الأمم المتحدة، وهذه مسألة ليس في وسع دولة أن تنهض بها غير الولايات المتحدة التي لديها إمكانات لوجستية كبيرة، وقدرة على حماية القوافل من هجمات النظام وروسيا، مثلما حصل قبل حوالي أسبوعين، عندما تم قصف شاحنات كانت تنقل مساعدات عبر معبر باب الهوى، في رسالة صريحة تنذر بنية روسيا إغلاق هذا الشريان.

روسيا هي الدولة الراعية للجرائم ضد الإنسانية في سورية، تحمي نظام بشار الأسد من المساءلة الدولية، وتقدّم له شتى أنواع الدعم العسكري على الأرض، وخصوصا الإسناد الجوي الذي لعب الدور الأساسي في استعادة القسم الأكبر من الأراضي الخارجة عن سيطرة النظام، وتعمل الآن على لعب ورقة المساعدات. ومن الملاحظ أن معركة المعابر وإغاثة المهجّرين بدأت، وسوف تتصاعد إلى حين التصويت في مجلس الأمن. وحسب تطورات الأسابيع الأخيرة، لا يبدو أن موسكو سوف تترك التمديد يمر كي يستمر العمل بالآلية الحالية، وغير بعيد عن ذلك الضغوط الروسية لفتح ثلاثة ممرّات بين المناطق التي يسيطر عليها النظام، والتي تسيطر عليها المعارضة وتركيا في محافظتي إدلب وحلب. والهدف الروسي المنظور من هذه الخطوة هو تدفق السلع نحو مناطق النظام التي تعيش أزمة تأمين المواد الأولية، كالخبز والوقود والأدوية. وعلى الرغم من أن موسكو جمّدتها حاليا، فهناك مخاوف من أنها تمهد لإغلاق معبر باب الهوى، الشريان الأخير للمساعدات الدولية إلى مناطق المعارضة.

العربي الجديد

—————————

لا مقاومة للاحتلال الروسي في سورية/ غازي دحمان

الوجود الروسي في سورية احتلال صريح، أحد الأنماط الاستعمارية، بل يبدو أقرب إلى النمط الإمبريالي في مراحله الأولى، والذي تميز بالفجاجة والقسوة المفرطة التي طالما كان يتم التعبير عنها بسياسات اجتثاثية تجاه السكان الأصليين، ونهب موارد البلاد حتى الرمق الأخير.

لا يلغي شعار محاربة الإرهاب، الذي يرفعه الروس، حقيقة أنهم طرف مستعمر، فجميع المستعمرين رفعوا شعاراتٍ برّاقة، من نوع تحضير المجتمعات التي يستعمرونها، أو قيامهم بمهام جليلة لإنقاذ البلدان التي دخلوها من الفقر والمرض والتخلف، في حين كانت هذه الشعارات وسيلةً لإخفاء مآربهم، بل ومحاولة لشرعنة جرائمهم التي يرتكبونها بحق المجتمعات المستعمرة.

منذ ستة أعوام، نفّذت روسيا عملية احتلال علني لسورية، بدأتها بإعلان الحرب على قطاعات واسعة من المجتمعات المحلية السورية، وغزو مناطق عديدة في البلد، بذريعة وجود طلب من نظام الأسد الذي تعتبره روسيا يمثل الدولة السورية. وبناء عليه، جعلت روسيا أكثر من ثلثي مساحة البلاد والسكان هدفاً لضرباتها، مستثنيةً تلك المساحة وهذا الكم السكاني من أي قانون دولي أو إنساني، بما يعطيها الحرية لتجربة مختلف أنواع أسلحتها، وكل أنماط القتل التي تستطيع أسلحتها إنجازها.

بموازاة ذلك، وضعت روسيا يدها على جميع الأصول الإستراتيجية والاقتصادية في سورية، من موانئ ومطارات وحدود، وأيضا حقول النفط والغاز والفوسفات، وبعقود ذات آجال طويلة، وقابلة للتمديد، ما يعني أنها حالة استعمار لا أفق لنهايتها.

والأهم من ذلك كله تحكّمها بالحياة السياسية السورية، وشكل التسوية المحتملة. والمفارقة أن روسيا تريد تشكيل معارضةٍ على مقاساتها ووفق شروطها، وتريد إخضاع المجال السياسي السوري، المؤيد والمعارض، لسلطتها، وفق إدارة غرائبية من نوعها، ولا تطمح في تحقيقها حتى في روسيا نفسها.

والمفارقة الأكثر إذهالاً أن روسيا تطلب من العرب تمويل احتلالها سورية، من دون أن يحق لهم التقدّم باشتراطات ومطالب معينة، ولو إفراجا عن مئات آلاف المدنيين المعتقلين، أو إجلاء مصير المفقودين، بذريعة التهديد بأنهم يسيسون المساعدة الإنسانية لسورية. وتتضمّن هذه المساعدة ضخ مئات مليارات الدولارات لتشغيل شركات روسيا ومن يتبعها من رجال أعمال الأسد!

أمام هذا التجبر الروسي، والاستباحة الفاقعة للبشر والحجر، والاستهتار بمستقبل السوريين الحاليين والقادمين، وحصيلة الكارثة الثقيلة التي أنتجتها آلة القتل الروسية، لماذا لم تنشأ مقاومة ضد روسيا؟ وهو أمر خالف كل التقديرات التي ذهبت إلى احتمال مواجهة روسيا مصاعب جمّة في سورية. التفسير الأقرب إلى الوقائع أن روسيا، عندما دخلت الميدان السوري، كانت جميع القوى، وخصوصا المعارضة، قد وصلت إلى حالة من الاستنزاف، بعد أكثر من ثلاث سنوات حرب، لم تتوقف يوما واحدا، حيث استخدم النظام كل ما ادّخرته الدولة السورية من أسلحة، على مدار عقود من العسكرة، وما ورّدته مخازن إيران، ضد معارضين شكلوا هياكلهم الفصائلية تحت وابل النيران.

كما أن روسيا دمجت قواتها ضمن التحالف القائم على الأرض السورية، والمناهض للثوار، وبالتالي أصبحت جزءاً من الحروب التي ظلت مستمرّة إلى بداية العام الماضي، والمتقطعة. وبالتالي، كانت المواجهات على مختلف الجبهات مقاومةً للروس، وإن لم يتم إعلانها بشكل صريح، بالإضافة إلى أن الاحتلال الروسي، الذي يعتبر أحد مخرجات المشروع الجيوسياسي الروسي للمنطقة، يتلطى خلف مهمة الحفاظ على نظام الأسد، وهو المشروع الذي لا يزال غالبية السوريين يقاومونه.

وبخلاف ذلك، يحتاج مشروع مقاومة الاحتلال الروسي ساحات خلفية تمد الثوار السوريين بالأسلحة والإمدادات الضرورية واللازمة لإدامة المقاومة، وجعلها تحقّق نتائج مؤلمة لروسيا، وهو ما أثبتته تجارب المقاومة في فيتنام والجزائر، ولم يحصل في سورية نتيجة التفاهمات التي أجرتها روسيا مع الفاعلين الدوليين والإقليميين، ما أدّى إلى تحييد تأثيراتهم على الداخل السوري، وشكّل محدّداً لأي إمكانية مقاومة للاحتلال الروسي.

بالإضافة إلى ذلك، لم يكن خافياً أن السوريين كانوا يفاضلون بين الوجودين، الروسي والإيراني، وبنوا رهاناتٍ على إمكانية الاستفادة من الوجود الروسي الذي ستدفعه الحسابات العقلانية إلى موازنة مواقفه في إدارته الصراع، وخصوصا على صعيد التسوية السياسية النهائية. ولكن ذلك كله لا يبرّر عدم وجود مقاومة صريحة وعلنية للروس، الذين ثبت، بما لا يدع مجالاً للشك، أنهم قوّة احتلالٍ غاشمة، والطرف الذي أضرّ بالثورة السورية إلى أبعد الحدود، بل وأجهض الحلم بإمكانية تحقيق تغيير في سورية، على الرغم من الأثمان الباهظة التي قدمها السوريون. ولا تفسير لذلك سوى أن المعارضة المسلحة باتت رهينة سياساتٍ خارجية، وتحديداً السياسة التركية التي باتت توجه عشرات آلاف البنادق لخدمة أمنها القومي، ومصالحها خارج سورية، ووضعت قوّة هذه البنادق تحت سقف التفاهمات الروسية – التركية، متكئةً على ضيق أفق قيادات هذه القوى التي ترى أن سيطرتها على أجزاء صغيرة من الأرض السورية يحقّق طموحاتها السلطوية.

لا يوجد احتلال مقاومته مستحيلة، ولا ظروف تمنع نشوء مقاوماتٍ ضد الاحتلالات. لكن توجد دائماً نخب تحرف المقاومات عن أهدافها، وتدفعها باتجاه تحقيق أهداف صغرى وهامشية. ويبدو أن النخبة السورية الحالية، السياسية والعسكرية، استنفدت قدرتها على اجتراح صيغ جديدة لتحقيق المشروع السوري في الحرية والتغيير، وعلينا انتظار جيل آخر لديه رؤى مختلفة.

العربي الجديد

————————–

المساعدات والمعابر في سورية: ورقة ضغط روسية لتعويم النظام/ عماد كركص

سجلت روسيا فشلاً جديداً، حيال فتح معابر داخلية في سورية، بين مناطق سيطرة النظام من جهة، ومناطق سيطرة المعارضة من جهة أخرى، في الجزء الشمالي الغربي من البلاد، والتي كانت موسكو تهدف من خلالها إلى تنشيط الحركة التجارية بين مناطق المعارضة والنظام، في ظلّ تردي الوضع الاقتصادي داخل مناطق سيطرة الأخير. وتعود أسباب تردي الاقتصاد خصوصاً إلى تدهور سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، بسبب الشحّ في تلك العملات في المصارف، بعد تعاظم حدة العقوبات الغربية، لا سيما الأميركية منها بموجب “قانون قيصر”.

وعلى الرغم من تذرع روسيا، من خلال إصرارها على فتح المعابر في كلّ من إدلب وحلب، بتخفيف الأوضاع الإنسانية الصعبة في مناطق المعارضة، والسماح للمدنيين هناك بالخروج إلى مناطق النظام، إلا أن الأهداف الحقيقية تكمن في تنشيط الحركة التجارية والاستفادة من دخول القطع الأجنبي، بالإضافة للضغط على وصول المساعدات الإنسانية – الأممية التي باتت تدخل إلى مناطق سيطرة المعارضة عبر معبر وحيد، هو معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا من جهة إدلب، إلى مناطق سيطرة النظام. هذا الأمر قوبل بتحفظات تركية وقطرية خلال مباحثات الدوحة الأخيرة حول سورية، بين كلّ من روسيا وتركيا وقطر، الأمر الذي بات يهدد التجديد لآلية المساعدات عبر معبر باب الهوى التي تنتهي في 11 يونيو/حزيران المقبل. إذ من المتوقع أن تلجأ روسيا إلى تعطيل قرار التجديد في مجلس الأمن الدولي، بعدما نجحت سابقاً في تخفيض المعابر من أربعة إلى واحد. وتسعى موسكو كذلك إلى إنهاء دخول المساعدات من خلال هذا المعبر بحجة “تجاوز سيادة الدولة السورية”، ما يجعل الوضع في الشمال السوري وآلية إدخال المساعدات، أمام عدد من الاحتمالات، منها التعطيل في مجلس الأمن، ولجوء روسيا إلى التصعيد في إدلب ومحيطها لفرض رؤيتها، بعدما بات ملف المساعدات ورقة ضغط ومساومة سياسية بالنسبة إليها.

وأعلن نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة في سورية، الفريق أول ألكسندر كاربوف، قبل بضعة أيام، إغلاق ثلاثة معابر إنسانية في محافظتي إدلب وحلب اعتباراً من 30 مارس/آذار الماضي، “بسبب قصف المسلحين لها”. وأشار كاربوف إلى أن “الأوضاع في المناطق المتاخمة لمعبري سراقب وميزناس في محافظة إدلب، ومعبر أبو زيدين في محافظة حلب، التي فتحت بمساعدة هيئة حماية المدنيين الروسية، لا تزال تتدهور”، مضيفاً أن “التنظيمات الإرهابية التي كثفت نشاطها في الأراضي السورية الخاضعة لسيطرة القوات المسلحة التركية تقوم بقصف استفزازي، وتعطل حركة المواطنين والمركبات في ممرات الخروج”.

غير أن النقيب ناجي المصطفى، المتحدث باسم “الجبهة الوطنية للتحرير”، أكبر تشكيلات المعارضة السورية العسكرية في إدلب والحليفة لتركيا، نفى في تصريح لـ”العربي الجديد”، الادعاءات الروسية حول قصف المعارضة السورية تلك المعابر، واصفاً تلك الادعاءات بـ”الواهية والكاذبة”. وكان المصطفى قد أكد في تصريح سابق لـ”العربي الجديد”، عدم تسجيل أي حالة خروج للمدنيين من المناطق المحررة شمال غرب سورية التي تسيطر عليها المعارضة، إلى مناطق سيطرة النظام والمليشيات المساندة له منذ الإعلان عن افتتاحها، مشيراً إلى أن روسيا تريد تبرير فشلها أمام المجتمع الدولي للمرة الثانية من فتحها للمعابر بحجج واهية واتهامات باطلة، تنسبها للمعارضة لزيادة التصعيد والقصف في إدلب وما حولها.

وتمكن المانحون المجتمعون في مؤتمر بروكسل (الخامس) للمانحين الدوليين بشأن “دعم مستقبل سورية والمنطقة”، الذي انعقد يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين، من جمع قرابة 6.6 مليارات دولار أميركي لمساعدة اللاجئين والنازحين السوريين في قطاعات مختلفة، في مقدمتها الصحة والتعليم والإغاثة الإنسانية. وسيكون جزء كبير من هذه المخصصات ضمن المساعدات الإنسانية الأممية عبر الحدود، والمهددة بتعطيل آلية التجديد لها من خلال روسيا في مجلس الأمن في يونيو المقبل.

ورأى هشام ديراني، المدير التنفيذي لمنظمة “بنفسج” الفاعلة في الشأن الإنساني والإغاثي شمال غرب سورية، والذي شارك باسم منظمته في مؤتمر المانحين في بروكسل، أن “ما تريده روسيا هو إدخال المساعدات عبر الخطوط من مناطق النظام إلى مناطق المعارضة وليس العكس”، موضحاً في حديث لـ”العربي الجديد” أن السبب في ذلك يكمن في “تثبيت عدم الحاجة لقرار إدخال المساعدات عبر الحدود”، معتبراً أن “أثر ذلك سيكون سلبياً وخطيراً جداً على مناطق خارج سيطرة النظام”. ويعني ذلك بالنسبة إليه، أن هذه المناطق “ستصبح تحت رحمة النظام، صاحب القرار النهائي بتسيير أي قافلة للمساعدات عبر الخطوط، وبالتالي وضع شمال غرب سورية، مثلاً، تحت الحصار، وهذا ما كان حاصلاً في الغوطة الشرقية”.

وأشار ديراني إلى أن “الوصول عبر الحدود دائماً ما كان يصطدم بالفشل، لا سيما في الغوطة الشرقية ودرعا، إضافة إلى شمال شرقي سورية بعد إغلاق معبر اليعربية، وبالتالي كان تدهور الوضع الإنساني واضحاً”. وأضاف أن الغرض من هذا التحرك الروسي فقط هو محاولة تعطيل تجديد قرار “عبر الحدود” من خلال ادعاء أن آلية “عبر الخطوط” موجودة وفعّالة، والادعاء أن” الهلال الأحمر السوري”، الشريك الحصري والإجباري، قادر على خدمة كل سورية.

وفي ما يتعلق بالمعابر الثلاثة التي طالبت روسيا بفتحها في كل من إدلب وحلب، لفت ديراني إلى أنها “ليست لتمرير المساعدات الانسانية من مناطق المعارضة إلى مناطق النظام، وإنما لتفعيل الحراك التجاري بين المناطق وتعزيز الوضع الاقتصادي في مناطق النظام من خلال الاستيراد والتصدير، مع ما يرافق ذلك من حركة بشرية، وهو أيضاً حراك ذو بعد سياسي كبير جداً”. وشدّد ديراني على أن كلا من روسيا والنظام يسعيان لإدخال المساعدات من مناطق النظام إلى مناطق المعارضة ضمن آلية “عبر الخطوط”، وهذا لتعطيل آلية “عبر الحدود”، بهدف التحكم الكامل بمصير أربعة ملايين نسمة يسكنون في مناطق خارجة عن سيطرة النظام.

أما الآليات الثلاث المعتمدة لإدخال المساعدات الإنسانية – الأممية إلى سورية، فهي على الشكال التالي:

أولاً، المساعدات داخل مناطق النظام: وهي المساعدات التي تقدّمها منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وهذا يكون ضمن المحافظة التي تملك فيها الأمم المتحدة مستودعات ومكاتب مثل حلب ودمشق. وهنا التنفيذ إجباري ومحصور بكونه عن طريق “الهلال السوري” و”الأمانة السورية للتنمية”، المرتبطين بالنظام، وتمت أخيراً إضافة بعض المنظمات التي يقبلها النظام.

ثانياً، عبر الخطوط: المساعدات التي تقدّم من داخل سورية وتعبر بين مناطق سيطرة مختلفة “نظام – معارضة”، “نظام – معارضة – نظام”، وهذه الطريقة تكون عبر تسيير قوافل إنسانية يتحكم النظام السوري بشكل شبه كامل بها من خلال إجراءات بيروقراطية عدة. ومن هذه الإجراءات، التحكم بالوقت، وذلك من خلال تأخير الموافقات بحسب مصالحه السياسية، والتحكم بالمواد الموافق عليها، مثلاً رفض المواد الطبية وبعض المواد الغذائية، وذلك للتحكم بما يدخل إلى المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة، والتحكم بالمناطق التي سيتم خدمتها من خلال رفض أو قبول القافلة المرسلة.

ثالثاً، عبر الحدود: والتي تمّت من خلال قرار مجلس الأمن للمساعدات عبر الحدود، وتسمح للأمم المتحدة والمنظمات الانسانية بإدخال مساعد الإنسانية من خارج سورية إلى داخلها، أو تنفيذ مشاريع في مناطق خارج سيطرة النظام من دون موافقة النظام، وهي الطريقة التي تزود الخدمات والمساعدات كاملة لكل المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.

وعلى ذلك، فإن النظام وروسيا، باتا اليوم أمام خيارات متعددة لفعلها في ما يتعلق في مسألة إدخال المساعدات، أولها الضغط في مجلس الأمن لإنهاء آلية “عبر الحدود” للتحكم بالمساعدات عن طريق مناطق سيطرة النظام، أو السماح بتجديد آلية “عبر الحدود” مقابل وصول جزء من تلك المساعدات من مناطق المعارضة إلى مناطق سيطرة النظام، وهذا أمر اقترحته روسيا على كل من تركيا وقطر في مباحثات الدوحة الأخيرة، وقوبل بتحفظ من البلدين. كذلك يبقى التصعيد خياراً مطروحاً من قبل كلّ من النظام وروسيا للضغط على المجتمع الدولي لتحصيل الرؤية المناسبة لهما من خلال ورقة المساعدات الأممية.

العربي الجديد

————————–

واشنطن:لا نحاول “هندسة تغيير” الأسد

أكد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس أن إدارة الرئيس جو بايدن “لا تحاول هندسة تغيير النظام في سوريا، لكنها ستطالب بالعدالة لشعب هذا البلد الذي عانى من نظام بشار الأسد”.

وأوضح أن “نظام الأسد ذبح شعبه وانخرط في أعمال عنف عشوائية باستخدام أسلحة كيمياوية، لذا فهو يفتقد الشرعية في نظر الإدارة الأميركية، ولا توجد على الإطلاق أي فكرة لدينا لتطبيع العلاقات مع حكومته”.

واعتبر أن الإستقرار في سوريا “لا يمكن أن يتحقق إلا عبر عملية سياسية تمثل إرادة جميع السوريين، ونحن نلتزم بالعمل مع الحلفاء والشركاء والأمم المتحدة لضمان التوصل إلى حل سياسي دائم، وهو ما نأمل في تحقيق تقدم في شأنه”، فيما رفض الحديث عن أي دور محتمل لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) على الطاولة السياسية.

ولفت برايس إلى التزام الولايات المتحدة المالي “العميق” تجاه الشعب السوري، بعدما تعهدت خلال مؤتمر بروكسل الخامس لدعم سوريا والمنطقة الثلاثاء، بتقديم أكثر من 596 مليون دولار لبرامج المساعدات.

وخلال جلسة مجلس الأمن التي عُقدت الاثنين، حثّ وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن المجلس على “وقف تسييس المساعدات الإنسانية إلى سوريا”، مطالباً بفتح المزيد من المعابر الحدودية لتوفير الغذاء ومساعدات أخرى يحتاجها 13.4 مليون شخص.

وقالت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا غرينفيلد إن “الشعب السوري واجه فظائع لا حصر لهان وبينها الضربات الجوية لنظام الأسد وروسيا، والإخفاء القسري، ووحشية تنظيم داعش والجماعات الإرهابية، والهجمات بأسلحة كيماوية”.

المدن

————————-

لافروف: قانون قيصر “يخنق” الشعب السوري..والأوروبيين!

لمّح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى أن أطرافاً كثيرة، بينها دول أوروبية، “تخشى من تأثر أي تعاون اقتصادي تجريه مع سوريا بعقوبات قانون قيصر الأميركي على نظام بشار الأسد”، والذي يمنح، منذ أن وُضع قيد التنفيذ في حزيران/يونيو 2020، الإدارة الأميركية الحق في فرض إجراءات تقييد ضد منظمات وأفراد ودول، بينها روسيا وإيران، تقدم دعماً مباشراً وغير مباشر لنظام الأسد.

وقال لافروف لقناة “روسيا 1” التلفزيونية: “الإجراءات القسرية التي فُرضت على الشعب السوري أحادية الجانب، والأوروبيون الذين يتحاورون معي وأولئك من المنطقة يقولون همساً إنهم خائفون”.

وتابع: “منع قانون قيصر أي فرصة لهذه الأطراف من أجل إدارة الشؤون الاقتصادية مع سوريا، وواضح أن هدف القيود المفروضة على دمشق هو خنق الشعب السوري كي ينهض ويسقط بشار الأسد. لكن أنظروا ماذا يحدث في سوريا نتيجة قانون قيصر”.

وفي آذار/مارس، زار لافروف ثلاث دول خليجية، هي قطر والسعودية والإمارات، في إطار مسعى روسي للالتفاف على قانون قيصر. وبحث مع نظرائه في هذه الدول ملفات سياسية واقتصادية محورها إعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، وعملية إعادة الإعمار في هذا البلد.

وكان وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن قال الثلاثاء، إن “الفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية لنظام الأسد فاقما الأزمة الإنسانية الرهيبة الناتجة من أزمة وباء كورونا”.

بدوره، حمّل مفوض الشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل نظام الأسد مسؤولية إندلاع الأزمة الإنسانية، متجاهلاً التأثيرات السلبية لعقوبات الاتحاد.

وكان لافروف، حذّر الأربعاء، من “خطر تقسيم سوريا”، في حال واصلت واشنطن سياسات تشجيع “النزعات الانفصالية”. وحمل خلال مشاركته في أعمال منتدى “فالداي” للحوار، على “المعايير المزدوجة” التي يتعامل الغرب بها في الشأن السوري، معتبراً أن سياسة العقوبات والضغوط القوية الممارسة على دمشق لا تؤدي إلى دفعها لإبداء مرونة في الملف السياسي.

ووجّه لافروف انتقادات حادة إلى واشنطن، رغم إقراره بأنها لم تستكمل تشكيل فريقها للملف السوري، ولم تضع تصوراً نهائياً لاستراتيجيتها في هذه الأزمة.

ورداً على سؤال حول أبرز المخاطر التي تواجهها سوريا حالياً، قال الوزير الروسي إن “أسوأ مخاطر الوضع القائم تتمثل في احتمال جدي لتفكك الدولة السورية”، خصوصاً مع استمرار المشكلة الكردية، مضيفاً أن واشنطن “تواصل سياسات تشجيع النزعات الانفصالية، وتعمل على نهب ثروات سوريا للإنفاق على مشروعها الخاص في منطقة شرق الفرات”.

وأضاف أن “المكون الكردي فتح اتصالات مع موسكو، بعد إعلان الرئيس السابق دونالد ترمب نيته سحب القوات الأميركية من سوريا، وطالبت الإدارة الكردية موسكو بالمساعدة على إعادة فتح قنوات اتصال مع دمشق”.

وقال لافروف إن موسكو بذلت جهوداً في هذا الاتجاه، لكن “الأكراد تراجعوا عن مواقفهم، بعد تراجع ترمب عن قرار الانسحاب”. وأضاف “استقبلناهم وعرضنا عليهم أفكاراً كثيرة، مع تأكيد أننا لا نفرض أفكارنا، لكن المشكلة أنهم يربطون كل تحركاتهم بأميركا، وواشنطن لا ترغب في تحقيق أي تقدم، وتعرقل الحوار مع دمشق”.

المدن

———————–

لافروف: خطر تقسيم سوريا جدي… ودمشق لن تتنازل تحت الضغط

قال إن موسكو متفائلة بتحقيق تقدم في جولة اللجنة الدستورية المقبلة

موسكو: رائد جبر

حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من «خطر تقسيم سوريا»، في حال واصلت واشنطن سياسات تشجيع «النزعات الانفصالية»، في إشارة إلى الأكراد في شمال شرقي سوريا.

وحمل لافروف بقوة خلال مشاركته، أمس، في أعمال منتدى «فالداي» للحوار، على «المعايير المزدوجة» التي يتعامل الغرب بها في الشأن السوري، مشيراً إلى أن سياسة العقوبات والضغوط القوية الممارسة على دمشق لا تؤدي إلى دفعها لإبداء مرونة في الملف السياسي.

وخصص لافروف جزءاً مهماً من حديثه أمام المنتدى للشأن السوري، مع التركيز على التحركات الأميركية، ووجه انتقادات حادة إلى واشنطن، رغم إقراره بأنها لم تستكمل تشكيل فريقها إلى الملف السوري، ولم تضع تصوراً نهائياً لاستراتيجيتها في هذه الأزمة.

ورداً على سؤال حول أبرز المخاطر التي تواجهها سوريا حالياً، قال الوزير الروسي إن «أسوأ مخاطر الوضع القائم تتمثل في احتمال جدي لتفكك الدولة السورية»، خصوصاً مع استمرار المشكلة الكردية، موضحاً أن واشنطن «تواصل سياسات تشجيع النزعات الانفصالية، وتعمل على نهب ثروات سوريا للإنفاق على مشروعها الخاص في منطقة شرق الفرات».

وزاد: «المكون الكردي فتح اتصالات مع موسكو، بعد إعلان الرئيس السابق دونالد ترمب نيته سحب القوات الأميركية من سوريا، وطالبت الإدارة الكردية موسكو بالمساعدة على إعادة فتح قنوات اتصال مع دمشق». وأضاف لافروف أن موسكو بذلت جهوداً في هذا الاتجاه، لكن «الأكراد تراجعوا عن مواقفهم، بعد تراجع ترمب عن قرار الانسحاب». وزاد: «استقبلناهم (الأكراد) وعرضنا عليهم أفكاراً كثيرة، مع تأكيد أننا لا نفرض أفكارنا، لكن المشكلة أنهم يربطون كل تحركاتهم بأميركا، وواشنطن لا ترغب في تحقيق أي تقدم، وتعرقل الحوار مع دمشق».

وفي إطار المخاطر الأخرى المتوقعة، استبعد لافروف اندلاع مواجهات واسعة، وقال إن الأزمة حالياً «تعيش حالة التجميد».

وأعرب الوزير الروسي عن قناعة بأن أعمال اللجنة الدستورية السورية يمكن أن تشهد تقدماً مهماً في جولة الحوارات المقبلة، خصوصاً على خلفية الاتفاق على أن تتضمن الجولة المقبلة «عنصراً جديداً يميزها عن كافة الجولات السابقة».

وأشار لافروف إلى أن موسكو تعمل، عبر اتصالاتها مع المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، وممثلي الحكومة والمعارضة السوريين، على دفع الأطراف للتقارب.

وزاد أن «الاجتماع المقبل للجنة الدستورية كان مقرراً قبل حلول شهر رمضان، ولا نزال نأمل في إمكانية إجرائه في موعده، يتوقع أن يكون جديداً نوعياً، لأنه للمرة الأولى تم الاتفاق على أن يعقد رؤساء الوفود من الحكومة والمعارضة لقاء مباشراً». وأضاف لافروف أن بيدرسن عبر عن ترحيبه بهذا الاتفاق «الذي ساعدت روسيا في التوصل إليه ونأمل بأن يتحقق».

وقال الوزير الروسي إن الأطراف السورية «بحاجة إلى وقت مناسب لتقريب وجهات النظر والعمل بهدوء على المهام المطروحة أمامها»، مشيراً إلى أنه «لا بد من إتاحة الفرصة الكاملة والفترة الزمنية الكافية لتحقيق تقدُّم، ولقد حفرت على الأرض السورية خلال سنوات خنادق عميقة، ولا بد أن يعمل السوريون للتوصل إلى توافقات فيما بينهم».

وسُئل لافروف خلال الندوة عن الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا، و«هل يعني تنظيمها قبل إنجاز الإصلاح الدستوري دفن القرار 2254؟»، فأجاب أن القرار الدولي لم يربط مسألة الانتخابات بوضع دستور جديد لسوريا. وأوضح أن المشاورات الروسية مع المبعوث الدولي دلّت على أن «لدى بيدرسن فهماً واضحاً بأن عمل اللجنة الدستورية لا ينبغي أن يرتبط بخطوط زمنية مصطنعة»، مذكرا بأن تطبيق القرار 2254 كان مجمداً لولا جهود روسيا وتركيا وإيران في إطار «مسار آستانة» لدفع مسار المفاوضات حول الإصلاح الدستوري.

وفي الوقت ذاته، حمل لافروف بقوة على استمرار الضغوط الغربية على دمشق، وقال إن «قانون قيصر» ولوائح العقوبات والقيود الأخرى تهدف إلى تعزيز الضغط على دمشق، ودفع الشعب السوري إلى التمرد على حكومته، معرباً عن استغرابه من «مواصلة الغرب مطالبة دمشق بإبداء مرونة والمشاركة في اجتماعات في جنيف مع مواصلة تنفيذ هذه السياسات»، معتبراً أن «هذا ليس ممكناً».

وقال إن «ما حصل في مؤتمر المانحين أخيراً في بروكسل يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ويفاقم مشكلة كبرى أمام الأمم المتحدة»، مذكراً بأن واشنطن عملت على إفشال مؤتمر اللاجئين الذي عُقِد في دمشق، العام الماضي، ومارست ضغوطاً لمنع الأطراف من حضوره، ما أدى إلى أن يكون حضور الأمم المتحدة بصفة مراقب فقط، بسبب الضغوط الأميركية»، لافتاً إلى أنه، في الوقت ذاته، «يعقدون مؤتمراً الآن لدعم اللاجئين في مناطق اللجوء والمناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، ونحن لا نفهم كيف يمكن عقد اجتماع دولي لبحث ملف اللاجئين في بلد لا تحضر حكومته الشرعية هذا المؤتمر. هذا أمر مخالف بفظاظة للقانون الدولي».

وفي تجديد لانتقاد الوجود الأميركي في سوريا، قال لافروف إن الأميركيين يعلنون أنهم «باقون إلى الأبد»، ويمارسون «ازدواجية كاملة»، من خلال التحذير من استعادة تنظيم «داعش» نشاطه في بعض المناطق، في حين «يشجعون ويدعمون فصائل إرهابية في مناطق أخرى بينها إدلب».

ولفت الوزير إلى أن «داعش» ظهر نتيجةً مباشرةً للسياسات الأميركية في العراق، تحت قيادة الحاكم الأميركي للعراق بول بريمر، عندما تم حل حزب «البعث»، ومؤسسات الدولة.

وزاد أن «واشنطن استغلت وجود (داعش) بشكل كبير لعرقلة أي مجالات للتسوية في سوريا، وما زالت تعتقد أن المهمة الأساسية في هذا البلد هي تغيير النظام». وقال إن أكثر ما يقلق موسكو هو «محاولات واشنطن التوصل إلى تفاهمات مع بعض الإرهابيين خلف أبواب مغلقة».

الشرق الأوسط

———————-

واشنطن:لا نحاول “هندسة تغيير” الأسد

أكد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس أن إدارة الرئيس جو بايدن “لا تحاول هندسة تغيير النظام في سوريا، لكنها ستطالب بالعدالة لشعب هذا البلد الذي عانى من نظام بشار الأسد”.

وأوضح أن “نظام الأسد ذبح شعبه وانخرط في أعمال عنف عشوائية باستخدام أسلحة كيمياوية، لذا فهو يفتقد الشرعية في نظر الإدارة الأميركية، ولا توجد على الإطلاق أي فكرة لدينا لتطبيع العلاقات مع حكومته”.

واعتبر أن الإستقرار في سوريا “لا يمكن أن يتحقق إلا عبر عملية سياسية تمثل إرادة جميع السوريين، ونحن نلتزم بالعمل مع الحلفاء والشركاء والأمم المتحدة لضمان التوصل إلى حل سياسي دائم، وهو ما نأمل في تحقيق تقدم في شأنه”، فيما رفض الحديث عن أي دور محتمل لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) على الطاولة السياسية.

ولفت برايس إلى التزام الولايات المتحدة المالي “العميق” تجاه الشعب السوري، بعدما تعهدت خلال مؤتمر بروكسل الخامس لدعم سوريا والمنطقة الثلاثاء، بتقديم أكثر من 596 مليون دولار لبرامج المساعدات.

وخلال جلسة مجلس الأمن التي عُقدت الاثنين، حثّ وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن المجلس على “وقف تسييس المساعدات الإنسانية إلى سوريا”، مطالباً بفتح المزيد من المعابر الحدودية لتوفير الغذاء ومساعدات أخرى يحتاجها 13.4 مليون شخص.

وقالت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا غرينفيلد إن “الشعب السوري واجه فظائع لا حصر لهان وبينها الضربات الجوية لنظام الأسد وروسيا، والإخفاء القسري، ووحشية تنظيم داعش والجماعات الإرهابية، والهجمات بأسلحة كيماوية”.

المدن

————————-

لافروف: قانون قيصر “يخنق” الشعب السوري..والأوروبيين!

لمّح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى أن أطرافاً كثيرة، بينها دول أوروبية، “تخشى من تأثر أي تعاون اقتصادي تجريه مع سوريا بعقوبات قانون قيصر الأميركي على نظام بشار الأسد”، والذي يمنح، منذ أن وُضع قيد التنفيذ في حزيران/يونيو 2020، الإدارة الأميركية الحق في فرض إجراءات تقييد ضد منظمات وأفراد ودول، بينها روسيا وإيران، تقدم دعماً مباشراً وغير مباشر لنظام الأسد.

وقال لافروف لقناة “روسيا 1” التلفزيونية: “الإجراءات القسرية التي فُرضت على الشعب السوري أحادية الجانب، والأوروبيون الذين يتحاورون معي وأولئك من المنطقة يقولون همساً إنهم خائفون”.

وتابع: “منع قانون قيصر أي فرصة لهذه الأطراف من أجل إدارة الشؤون الاقتصادية مع سوريا، وواضح أن هدف القيود المفروضة على دمشق هو خنق الشعب السوري كي ينهض ويسقط بشار الأسد. لكن أنظروا ماذا يحدث في سوريا نتيجة قانون قيصر”.

وفي آذار/مارس، زار لافروف ثلاث دول خليجية، هي قطر والسعودية والإمارات، في إطار مسعى روسي للالتفاف على قانون قيصر. وبحث مع نظرائه في هذه الدول ملفات سياسية واقتصادية محورها إعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، وعملية إعادة الإعمار في هذا البلد.

وكان وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن قال الثلاثاء، إن “الفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية لنظام الأسد فاقما الأزمة الإنسانية الرهيبة الناتجة من أزمة وباء كورونا”.

بدوره، حمّل مفوض الشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل نظام الأسد مسؤولية إندلاع الأزمة الإنسانية، متجاهلاً التأثيرات السلبية لعقوبات الاتحاد.

وكان لافروف، حذّر الأربعاء، من “خطر تقسيم سوريا”، في حال واصلت واشنطن سياسات تشجيع “النزعات الانفصالية”. وحمل خلال مشاركته في أعمال منتدى “فالداي” للحوار، على “المعايير المزدوجة” التي يتعامل الغرب بها في الشأن السوري، معتبراً أن سياسة العقوبات والضغوط القوية الممارسة على دمشق لا تؤدي إلى دفعها لإبداء مرونة في الملف السياسي.

ووجّه لافروف انتقادات حادة إلى واشنطن، رغم إقراره بأنها لم تستكمل تشكيل فريقها للملف السوري، ولم تضع تصوراً نهائياً لاستراتيجيتها في هذه الأزمة.

ورداً على سؤال حول أبرز المخاطر التي تواجهها سوريا حالياً، قال الوزير الروسي إن “أسوأ مخاطر الوضع القائم تتمثل في احتمال جدي لتفكك الدولة السورية”، خصوصاً مع استمرار المشكلة الكردية، مضيفاً أن واشنطن “تواصل سياسات تشجيع النزعات الانفصالية، وتعمل على نهب ثروات سوريا للإنفاق على مشروعها الخاص في منطقة شرق الفرات”.

وأضاف أن “المكون الكردي فتح اتصالات مع موسكو، بعد إعلان الرئيس السابق دونالد ترمب نيته سحب القوات الأميركية من سوريا، وطالبت الإدارة الكردية موسكو بالمساعدة على إعادة فتح قنوات اتصال مع دمشق”.

وقال لافروف إن موسكو بذلت جهوداً في هذا الاتجاه، لكن “الأكراد تراجعوا عن مواقفهم، بعد تراجع ترمب عن قرار الانسحاب”. وأضاف “استقبلناهم وعرضنا عليهم أفكاراً كثيرة، مع تأكيد أننا لا نفرض أفكارنا، لكن المشكلة أنهم يربطون كل تحركاتهم بأميركا، وواشنطن لا ترغب في تحقيق أي تقدم، وتعرقل الحوار مع دمشق”.

المدن

———————–

لافروف: خطر تقسيم سوريا جدي… ودمشق لن تتنازل تحت الضغط

قال إن موسكو متفائلة بتحقيق تقدم في جولة اللجنة الدستورية المقبلة

موسكو: رائد جبر

حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من «خطر تقسيم سوريا»، في حال واصلت واشنطن سياسات تشجيع «النزعات الانفصالية»، في إشارة إلى الأكراد في شمال شرقي سوريا.

وحمل لافروف بقوة خلال مشاركته، أمس، في أعمال منتدى «فالداي» للحوار، على «المعايير المزدوجة» التي يتعامل الغرب بها في الشأن السوري، مشيراً إلى أن سياسة العقوبات والضغوط القوية الممارسة على دمشق لا تؤدي إلى دفعها لإبداء مرونة في الملف السياسي.

وخصص لافروف جزءاً مهماً من حديثه أمام المنتدى للشأن السوري، مع التركيز على التحركات الأميركية، ووجه انتقادات حادة إلى واشنطن، رغم إقراره بأنها لم تستكمل تشكيل فريقها إلى الملف السوري، ولم تضع تصوراً نهائياً لاستراتيجيتها في هذه الأزمة.

ورداً على سؤال حول أبرز المخاطر التي تواجهها سوريا حالياً، قال الوزير الروسي إن «أسوأ مخاطر الوضع القائم تتمثل في احتمال جدي لتفكك الدولة السورية»، خصوصاً مع استمرار المشكلة الكردية، موضحاً أن واشنطن «تواصل سياسات تشجيع النزعات الانفصالية، وتعمل على نهب ثروات سوريا للإنفاق على مشروعها الخاص في منطقة شرق الفرات».

وزاد: «المكون الكردي فتح اتصالات مع موسكو، بعد إعلان الرئيس السابق دونالد ترمب نيته سحب القوات الأميركية من سوريا، وطالبت الإدارة الكردية موسكو بالمساعدة على إعادة فتح قنوات اتصال مع دمشق». وأضاف لافروف أن موسكو بذلت جهوداً في هذا الاتجاه، لكن «الأكراد تراجعوا عن مواقفهم، بعد تراجع ترمب عن قرار الانسحاب». وزاد: «استقبلناهم (الأكراد) وعرضنا عليهم أفكاراً كثيرة، مع تأكيد أننا لا نفرض أفكارنا، لكن المشكلة أنهم يربطون كل تحركاتهم بأميركا، وواشنطن لا ترغب في تحقيق أي تقدم، وتعرقل الحوار مع دمشق».

وفي إطار المخاطر الأخرى المتوقعة، استبعد لافروف اندلاع مواجهات واسعة، وقال إن الأزمة حالياً «تعيش حالة التجميد».

وأعرب الوزير الروسي عن قناعة بأن أعمال اللجنة الدستورية السورية يمكن أن تشهد تقدماً مهماً في جولة الحوارات المقبلة، خصوصاً على خلفية الاتفاق على أن تتضمن الجولة المقبلة «عنصراً جديداً يميزها عن كافة الجولات السابقة».

وأشار لافروف إلى أن موسكو تعمل، عبر اتصالاتها مع المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، وممثلي الحكومة والمعارضة السوريين، على دفع الأطراف للتقارب.

وزاد أن «الاجتماع المقبل للجنة الدستورية كان مقرراً قبل حلول شهر رمضان، ولا نزال نأمل في إمكانية إجرائه في موعده، يتوقع أن يكون جديداً نوعياً، لأنه للمرة الأولى تم الاتفاق على أن يعقد رؤساء الوفود من الحكومة والمعارضة لقاء مباشراً». وأضاف لافروف أن بيدرسن عبر عن ترحيبه بهذا الاتفاق «الذي ساعدت روسيا في التوصل إليه ونأمل بأن يتحقق».

وقال الوزير الروسي إن الأطراف السورية «بحاجة إلى وقت مناسب لتقريب وجهات النظر والعمل بهدوء على المهام المطروحة أمامها»، مشيراً إلى أنه «لا بد من إتاحة الفرصة الكاملة والفترة الزمنية الكافية لتحقيق تقدُّم، ولقد حفرت على الأرض السورية خلال سنوات خنادق عميقة، ولا بد أن يعمل السوريون للتوصل إلى توافقات فيما بينهم».

وسُئل لافروف خلال الندوة عن الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا، و«هل يعني تنظيمها قبل إنجاز الإصلاح الدستوري دفن القرار 2254؟»، فأجاب أن القرار الدولي لم يربط مسألة الانتخابات بوضع دستور جديد لسوريا. وأوضح أن المشاورات الروسية مع المبعوث الدولي دلّت على أن «لدى بيدرسن فهماً واضحاً بأن عمل اللجنة الدستورية لا ينبغي أن يرتبط بخطوط زمنية مصطنعة»، مذكرا بأن تطبيق القرار 2254 كان مجمداً لولا جهود روسيا وتركيا وإيران في إطار «مسار آستانة» لدفع مسار المفاوضات حول الإصلاح الدستوري.

وفي الوقت ذاته، حمل لافروف بقوة على استمرار الضغوط الغربية على دمشق، وقال إن «قانون قيصر» ولوائح العقوبات والقيود الأخرى تهدف إلى تعزيز الضغط على دمشق، ودفع الشعب السوري إلى التمرد على حكومته، معرباً عن استغرابه من «مواصلة الغرب مطالبة دمشق بإبداء مرونة والمشاركة في اجتماعات في جنيف مع مواصلة تنفيذ هذه السياسات»، معتبراً أن «هذا ليس ممكناً».

وقال إن «ما حصل في مؤتمر المانحين أخيراً في بروكسل يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ويفاقم مشكلة كبرى أمام الأمم المتحدة»، مذكراً بأن واشنطن عملت على إفشال مؤتمر اللاجئين الذي عُقِد في دمشق، العام الماضي، ومارست ضغوطاً لمنع الأطراف من حضوره، ما أدى إلى أن يكون حضور الأمم المتحدة بصفة مراقب فقط، بسبب الضغوط الأميركية»، لافتاً إلى أنه، في الوقت ذاته، «يعقدون مؤتمراً الآن لدعم اللاجئين في مناطق اللجوء والمناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، ونحن لا نفهم كيف يمكن عقد اجتماع دولي لبحث ملف اللاجئين في بلد لا تحضر حكومته الشرعية هذا المؤتمر. هذا أمر مخالف بفظاظة للقانون الدولي».

وفي تجديد لانتقاد الوجود الأميركي في سوريا، قال لافروف إن الأميركيين يعلنون أنهم «باقون إلى الأبد»، ويمارسون «ازدواجية كاملة»، من خلال التحذير من استعادة تنظيم «داعش» نشاطه في بعض المناطق، في حين «يشجعون ويدعمون فصائل إرهابية في مناطق أخرى بينها إدلب».

ولفت الوزير إلى أن «داعش» ظهر نتيجةً مباشرةً للسياسات الأميركية في العراق، تحت قيادة الحاكم الأميركي للعراق بول بريمر، عندما تم حل حزب «البعث»، ومؤسسات الدولة.

وزاد أن «واشنطن استغلت وجود (داعش) بشكل كبير لعرقلة أي مجالات للتسوية في سوريا، وما زالت تعتقد أن المهمة الأساسية في هذا البلد هي تغيير النظام». وقال إن أكثر ما يقلق موسكو هو «محاولات واشنطن التوصل إلى تفاهمات مع بعض الإرهابيين خلف أبواب مغلقة».

الشرق الأوسط

———————-

========================

تحديث 03 نيسان 2021

—————————–

حكومة لبنانية لإنقاذ والي دمشق/ عمر قدور

الاتهامات الروسية – الأمريكية المتبادلة، حول الملف الإنساني في سوريا، تشير إلى صعوبة توصل الطرفين إلى اتفاق عبر الأمم المتحدة من أجل إدخال المساعدات. موسكو تريد وضع المساعدات تحت سيطرة ورحمة سلطة الأسد، كنوع من الاعتراف بشرعيتها كسلطة مسؤولة عن عموم السوريين بمن فيهم أولئك الذين خارج مواقع سيطرتها! ووزير الخارجية الأمريكي الذي ترأس اجتماع مجلس الأمن يوم الاثنين طالب بإعادة فتح منفذي باب السلام واليعربية عبر الحدود التركية، وكانت موسكو في الصيف الماضي قد استخدمت حق الفيتو من أجل تقليص المعابر إلى معبر واحد ينتهي العمل به في الصيف.

المأساة المعيشية السورية لن تحرض موسكو وواشنطن على تجاوز الخلافات والبرود، هناك ملفات عالقة بينهما لها أولوية على الشأن السوري. موسكو تظهر راغبة في المفاوضات، فهي تعطي إشارات من نوع تدخلها لتسهيل انعقاد اللجنة الدستورية، وفي المقابل تهوّل من وجود احتمال جدي لتفكك ما تسميه الدولة السورية بسبب الوجود الأمريكي الداعم للأكراد. أما واشنطن فلا تكترث بالضجيج الروسي، في حين تنهمك دبلوماسيتها في جهود إحياء المفاوضات مع طهران، وتعطي لوقف تجاوزات التخصيب الإيرانية أولوية على مجمل شؤون المنطقة.

في واجهة المنطقة ليس هناك من تحرك دولي، ولو وغير متواصل أو في حدود دنيا، سوى المتعلق بتشكيل الحكومة اللبنانية. تقود باريس المهمة برضا أمريكي، قد لا يصل إلى التفويض التام إلا أنه لا يستبعد لبنان كأحد المداخل لإعادة الحرارة للمفاوضات مع طهران. ولعلها المرة الأولى الذي يكون فيها لتشكيل الحكومة اللبنانية أهمية قصوى ربطاً بالانهيار اللبناني، فيما تتضح يومياً آثار هذا الانهيار على الأوضاع المعيشية لمناطق سيطرة الأسد في سوريا.

لا يتعلق الأمر بتكهنات أو فرضيات، فالانهيار الاقتصادي اللبناني قاد معه نظيره الأسدي إلى الهاوية بوضوح شديد. حتى على مستوى التفاصيل، لم يعد خافياً ذلك الترابط بين تقلبات سعر صرف الليرة اللبنانية ونظيرتها السورية، ولا أثر تهريب بعض السلع أو إيقافه على الأزمات في الجانب الآخر. لم تدفع جهات خارجية بلبنان إلى هذه الهاوية، باستثناء النفوذ الإيراني المهيمن على السلطة ومساعدة نخبة الفساد التقليدية، ما فعله الغرب والخليج هذه المرة هو عدم الهرولة لإنقاذ لبنان بشروط أصحاب النفوذ فيه.

في عدم الهرولة لإنقاذ لبنان كيفما اتفق، هناك رسالة لنخبته السياسية وأيضاً لممثلي النفوذ الإيراني، يُراد بها القول لتلك النخبة أن زمن إفلاتها من المسؤولية بلا حدود قد ولّى، ويُراد إفهام طهران أن هيمنتها بالقوة على الدولة والقرار اللبنانيين لن تنفعها إذا تُرك لها لبنان لتتحمل مسؤوليته الكاملة. لقد سئمت الدول المانحة إبداء الكرم الذي قوبل دائماً بسوء الاستخدام، وبأن يقع عليها عبء توازن لبنان فلا يترنح تحت العسكرة الإيرانية وحدها، وربما وجدت إدارة ترامب في الانهيار اللبناني فرصة للتضييق على طهران غير القادرة مالياً على مساندة حلفائها في لبنان وسوريا.

كشف أيضاً انفجار المرفأ والانهيارات المالية السابقة واللاحقة عليه مدى استخدام لبنان من قبل سلطة الأسد وحلفائها فيه، ومن العسير الظن بأن ذلك كان غائباً عن علم أجهزة المخابرات الكبرى. يصعب مثلاً الاقتناع بأن أحداً من تلك الأجهزة لم يتتبع مصادر المواد المتفجرة “أو التي تصنّع منها المتفجرات” القادمة إلى قوات الأسد، على الأقل لأن أكثر من جهاز مخابرات يرصد احتمال حصول الأسد على مواد غير تقليدية. الأرصدة المالية للتجار العاملين مع الأسد، وخطوط تهريب السلع العادية، لا يحتاج كشفهما إلى مهارة. يمكن اختصار تلك المرحلة بوجود سماح دولي بإنعاش الأسد من خلال المصارف والمواد المتفجرة والسلع الاستهلاكية، استكمالاً لدور ميليشيا حزب الله في سوريا.

تأخرُ تشكيل الحكومة اللبنانية يغري بربطها بملفات تتجاوز لبنان وانقساماته التي ليست بالمستجدة، فمن شبه البديهي ألا يكون التأليف بعيداً عن أجواء قنوات الوساطة بين واشنطن وطهران، إذا لم تكن هناك قنوات سرية مباشرة باشرت نشاطها. واليوم، فوق رفع العقوبات الأمريكية الذي سيأتي في النهاية، ليس لدى إدارة بايدن جزرة تقدّمها على نحو غير مباشر سوى في لبنان، ومن خلال تشكيل حكومة يقرر الغرب والخليج أنها أهل للثقة واستلام المساعدات.

في مفاوضات النووي الأولى، نالت طهران جزرة السماح لها باستباحة سوريا والدفاع عن واليها في دمشق، ولا يتحمل أوباما مسؤولية الفشل الإيراني الذي مهّد للتدخل العسكري الروسي. تغيرت لوحة النفوذ، ولا تتوقف موسكو عن محاولة إثبات سيطرتها على والي دمشق ومفاصل سلطته، بينما تعاني الميليشيات الإيرانية من رقابة وردع إسرائيليين. هذا يرفع من شأن البوابة اللبنانية، حيث لا وجود للنفوذ الروسي هنا، والصفقة تعني منح جرعة معنوية ضخمة لطهران.

من خلال الاتفاق على تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة، وما هو منتظر منها لوقف الانهيار، قد تتجاوز واشنطن وطهران ذلك الجدل الأمريكي-الروسي في الأمم المتحدة، ويعود لبنان إلى دوره كمتنفس لبشار الأسد من العقوبات الدولية، بفضل طهران وصفقاتها لا بفضل موسكو. إدارة بايدن، ضمن سياساتها الحالية، قد لا تكون بعيدة عن إعطاء طهران ما لا تود إعطاءه لموسكو. فوق ذلك، قد تكون بوابة “التهريب” اللبنانية حلاً لمعضلة الإدارة التي لا تريد خنق الأسد كلياً، ولا تريد تقديم قليل من الأكسجين له مباشرة.

على الضفة اللبنانية، لن يكون هناك ممانعون لاستخدام لبنان على هذا النحو من بين النخبة الحاكمة، فقط قد تنشأ خلافات حول الحصص من الأرباح التي ستدرها التجارة المخفية. هذه أكثر حكومة لبنانية ينتظر بشار الإفراج عنها، وأن يشترك مع اللبنانيين في ذلك فهو ليس بالأمر النادر إذ لطالما تسلق من لا يستحق على أكتاف أصحاب الحق.

المدن

———————-

ارتفاع حدة المطالبات الغربية بمحاسبة النظام السوري قبيل الانتخابات/ عماد كركص

تتزايد المطالبات الغربية والأوروبية لمحاسبة النظام السوري، قبيل أشهر من الانتخابات الرئاسية التي يعتزم النظام وحلفاؤه إجراءها في منتصف العام الحالي، بهدف التجديد لبشار الأسد لولاية رئاسية جديدة مدتها سبعة أعوام، وسط معارضة دولية للانتخابات، وحتى لنتائجها المستقبلية.

وبعدما بدأت بعض المحاكم الأوروبية الوطنية بتحريك دعاوى ضد شخصيات من النظام، بموجب الولاية القضائية العالمية، برز في الأيام الأخيرة البيان الصادر عن وزراء خارجية 18 دولة أوروبية، والذي حمّل النظام وداعميه المسؤولية الأساسية عن الجرائم التي تُرتكب بسورية، مع التشديد على مكافحة إفلات مرتكبي هذه الأعمال من العقاب ومحاسبتهم.

ولفت البيان المشترك، الذي صاغه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، ووقّعت عليه 18 دولة أوروبية، إلى أن “النظام السوري استخدم مراراً وتكراراً الأسلحة الكيميائية ضد شعبه، كما حددته بوضوح الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ورفض النظام باستمرار تقديم تفسيرات لفرق التحقيق الدولية، لكن الناجين من هذه الهجمات موجودون هناك للإدلاء بشهاداتهم على ما رأوه وما مروا به”. وأكد الوزراء “أننا لن نظل صامتين في وجه الفظائع التي ترتكب في سورية، والتي يتحمل النظام وداعموه الخارجيون المسؤولية الأساسية عنها. العديد من هذه الجرائم، بما في ذلك تلك التي ارتكبها داعش والجماعات المسلحة الأخرى، يمكن أن ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ولذلك، تقع على عاتق الجميع مسؤولية مكافحة إفلات مرتكبي هذه الأعمال من العقاب ومحاسبتهم أياً كانوا”.

وتابع البيان: “نواصل دعوة المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في هذه الجرائم المزعومة ومحاكمة مرتكبيها، لإحباط استراتيجية من يعرقلون إحالتها إلى مجلس الأمن. حشدنا جهودنا لضمان توثيق الحقائق، ريثما يتم فحصها من قبل القضاة المختصين، ولهذه الغاية، دعمنا إنشاء آلية دولية محايدة ومستقلة تجمع الأدلة وتحميها من أجل الإجراءات القانونية المستقبلية. هذه الجهود ضرورية. كما ندعم عمل لجنة التحقيق الدولية المستقلة، التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان في سياق الصراع السوري”. وأشاد البيان بجهود المبادرات والمحاكم الأوروبية في محاسبة مرتكبي جرائم الحرب في سورية، بالقول: “من الضروري وقف هذه الانتهاكات التي تم توثيقها بعناية فائقة على الفور، كما أننا مصممون على التمسك بجميع المعايير الدولية لحماية حقوق جميع السوريين، هذا هو معنى المبادرة الهولندية الأخيرة التي تطالب سورية بالمساءلة عن أفعالها لانتهاكها اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. والمحاكم الوطنية، التي فتح بعضها بالفعل إجراءات قانونية، لها دور مهم تلعبه في هذه العملية، في العديد من بلداننا”.

وأشار الوزراء إلى أن “مكافحة الإفلات من العقاب ليست مسألة مبدأ فحسب، بل هي أيضاً واجب أخلاقي وسياسي، ومسألة أمنية للمجتمع الدولي، إذ يشكل استخدام الأسلحة الكيميائية، في أي ظرف من الظروف، تهديداً للسلم والأمن الدوليين. وردا على الهجمات الكيميائية، حشدنا جميع المؤسسات ذات الصلة، التي تلتزم بمعايير حظر الأسلحة الكيميائية. وأطلقنا الشراكة الدولية ضد الإفلات من العقاب على استخدام الأسلحة الكيميائية (PICIAC)، وبفضل هذه المبادرة، أصبح من الممكن إدانة المتورطين في تطوير أو استخدام الأسلحة الكيميائية، ولن نتوقف عن تدفيعهم ثمن جرائمهم”.

ويأتي هذا البيان بعدما شهد شهر فبراير/ شباط الماضي صدور أول حكم قضائي بحق ضابط صف في قوات النظام، كان يؤدي الخدمة في أحد الأفرع الأمنية التابعة للنظام، بعد محاكمة في مقاطعة كوبلنز الألمانية، التي من المتوقع أن تصدر حكماً آخر بحق ضابط آخر من الفرع ذاته. لكن ردة فعل الشريحة الأوسع من السوريين على الحكم والمحاكمة لم تكن بتلك الإيجابية المتوقعة، لا سيما أن الشخصين اللذين خضعا للمحاكمة يعدان من المنشقين عن صفوف النظام في الفترات الأولى من عمر الحراك. كما أن الدعاوى التي حركت بحق مسؤولين كبار من النظام، لا سيما في فرنسا، توضح أنها تعتبر رمزية، دون توقع أن تكون لها نتائج ملموسة في طريق تحقيق العدالة في سورية، فهي رفعت بشكل غيابي، ما يعني عدم إمكانية إحضار المتهمين للمثول في قفص الاتهام داخل المحاكم.

وتبقى تلك المحاكمات والدعاوى محط استفهامات كثيرة حول جدواها وقدرتها على تحقيق العدالة للسوريين، في ظل استحالة جلب المتورطين الرئيسيين بجرائم الحرب إلى المحاكم الأوروبية الوطنية، التي تلقى إشادات من قبل مسؤولين أوروبيين وغربيين، في حين ينتظر السوريون، الذين دفعوا أثماناً باهظة جراء الجرائم المرتكبة من قبل النظام ورموزه، إحالة هذا الملف إلى المحاكم الدولية، لا سيما محكمتي الجنايات والعدل، فهناك يمكن للعدالة أن تأخذ مجراها بتطبيق الأحكام تحت الفصل السابع، بإشراف مجلس الأمن الدولي.

وتعليقاً على البيان الأوروبي، أشار القاضي والخبير القانوني السوري سليمان القرفان إلى أن الدول الأوروبية الموقّعة عليه تُشكر على موقفها بالثبات والتأكيد على محاسبة المجرمين ووضع آليات لعدم الإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم الحرب لمسؤولي النظام السوري. وأضاف، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “المحاكمات التي تجري اليوم في أوروبا في هذا المجال، محطة إيجابية لكنها رمزية في آن معاً، غير أنه من الممكن أن يبنى عليها مستقبلاً، وهي تحمل رسالة للمجرمين بأن المحاسبة آتية لا محالة، وأن الحقوق لا تسقط بالتقادم”.

ووصف القرفان البيان الصادر عن الدول الأوروبية الـ18، بـ”الهام للغاية”، مضيفاً: “كوننا رأينا بعض المتصدرين في المشهد السياسي السوري، قد يجنحون للتنازل عن حق السوريين وطي الصفحات، بذريعة التخفيف من وطأة الحرب على السوريين، لكن هذا الشيء غير سليم وغير صحي في سياق القضية السورية”. وأكد أنه “إذا كنا نريد الانتقال من البلاد التي عاشت تحت حكم استبدادي وحالة حرب طويلة وطاحنة إلى مرحلة استقرار، فيجب أن تكون محاسبة المجرمين من أولى الأولويات، لأن عدم المحاسبة يعني تكرار الانتهاكات بشكل مستمر”. وشدد على أن البيان الصادر عن الدول الأوروبية “يجب استثماره بشكل صحيح، لا سيما أن المعركة اليوم في القضية السورية قانونية بامتياز، وعلينا التركيز عليها كسوريين، ويسندنا في ذلك القرار الأممي 2254، الذي ينص على محاسبة المجرمين ومرتكبي جرائم الحرب، وهذا الحق لا يمكن التنازل عنه تحت أي ذريعة، ومنها الإسراع في إيجاد حل ينهي المأساة السورية”.

وتشكل هذه التحركات الأوروبية والغربية مزيداً من تضييق الخناق على النظام وحلفائه الراغبين بإعادة تعويمه، الأمر الذي قد يفرز للقضية السورية تطورات مفصلية داخلها، لا سيما مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي، والموقف الدولي الرافض له، بانتظار تحركات ملموسة، غربياً ودولياً، في هذا الجانب في المستقبل القريب.

العربي الجديد

—————————

الانتخابات السورية: فيتو أميركي بمواجهة محاولة تعويم الأسد/ عماد كركص

بدأت الولايات المتحدة الأميركية تكشف تدريجياً عن مزيد من مواقفها اتجاه النظام السوري، عقب وصول إدارة الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض، بعد أن ساد ما يشبه الغموض بموقف بايدن من النظام طيلة حملته للانتخابات الرئاسية، وحتى في الفترة الأولى التي تلت تنصيبه. وفيما يقترب موعد الانتخابات الرئاسية في سورية، المقرر إجراؤها بعد نحو ثلاثة أشهر، والتي باتت محط أنظار الفاعلين الدوليين في الشأن السوري، دخلت واشنطن على الخط بالقول إنها لن تعترف بشرعية هذا الاستحقاق، المستنكر أوروبياً، في ظلّ وضوح نوايا النظام وحليفيه الروسي والإيراني، لتوظيفه من أجل إعادة تعويم بشار الأسد، عبر انتخابه لفترة رئاسية جديدة مدتها سبع سنوات. وتسعى روسيا لتحقيق ذلك من بوابة إعادة سورية إلى محيطها العربي والجامعة العربية، وهذا ما كان واضحاً خلال جولة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، على عدد من العواصم الخليجية قبل أيام. في حين تأتي زيارة وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، إلى سلطنة عُمان التي بدأها يوم أمس السبت، كمحطة يمكن التوقف عندها في هذا السياق.

وأعلن نائب المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة بالإنابة، جيفري ديلورنتس، في تصريحات له أول من أمس الجمعة، أنّ إدارة بايدن “لن تعترف بنتائج الانتخابات في سورية، إذا لم يتم التصويت تحت إشراف الأمم المتحدة، وبشكل يراعي وجهة نظر المجتمع السوري بأسره”. وأكد ديلورنتس أنّ النظام السوري ينوي استغلال الانتخابات لتأكيد شرعية رئيس النظام بشار الأسد. وشدد على أنّ الإدارة الأميركية الحالية تعارض إجراء انتخابات “غير حرة” لا تخضع لإشراف الأمم المتحدة، مضيفاً: “نواصل التأكيد بحزم على أن السبيل الوحيد للمضي قدماً هو دفع العملية السياسية التي تفي بالشروط المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن 2254”. كذلك أشار ديلورنتس إلى أن “المعارضة السورية حاولت القيام بدور نشط في تطوير الدستور الجديد، لكنها قوبلت برفض دمشق التعاون في هذا الشأن”.

وفي الأشهر السابقة، حملت تصريحات غربية وحتى أميركية رفضاً واضحاً للانتخابات الرئاسية في سورية ونتائجها المتوقعة، بيد أنّ تصريحات ديلورنتس الأخيرة تقطع الشك باليقين، حيال نظرة الإدارة الأميركية وبايدن نفسه، إلى هذا الاستحقاق، الذي سيعتبر مفصلياً وحاسماً في طريق الأزمة السورية، التي أنهت قبل أيام عقدها الأول، بمئات الآلاف من الضحايا المدنيين؛ قتلى ومعتقلين، إلى جانب الملايين من النازحين واللاجئين.

ومع الخشية من أن يؤدي قرار بايدن بالعودة إلى التفاوض مع إيران بشأن ملف الأخيرة النووي إلى تراخٍ في الموقف الأميركي حيال النظام السوري، تزداد الضغوط من قبل الكونغرس على إدارة الرئيس الجديد لزيادة التشدّد في التعامل مع النظام وحلفائه، ولا سيما طهران. إذ طالب أعضاء من مجلس النواب الأميركي، أول من أمس الجمعة، وزير الخارجية أنتوني بلينكن، بتقديم إجابات رسمية بشأن تحديد الجرائم ضدّ الإنسانية التي ترتكبها إيران والمليشيات التي ترعاها، في سورية والعراق، وما إذا كانت إيران و”حزب الله” اللبناني والمليشيات المدعومة من طهران قد قامت بحملات تطهير طائفي في ضواحي دمشق، ما يمكن أن يعتبر منهجية واسعة الانتشار، وبالتالي فإنها تشكل جريمة موصوفة بحسب قوانين الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أنّ هذه المطالبات هي جزء من مشروع قانون جديد يتعلق بضرورة معاقبة إيران لقيامها بانتهاكات لحقوق الإنسان داخل أراضيها وفي كل من العراق وسورية، إلا أنه ستكون له انعكاساته على تعامل إدارة بايدن مع النظام، الذي سهّل عمل إيران في سورية، وكان سبباً في توغلها بالبلاد، وشريكاً لها بجرائم وعمليات تغيير ديمغرافي على أساس طائفي.

وتأتي هذه التحركات الأميركية، لمواجهة سعي موسكو إلى تعويم الأسد من خلال إعادة نظامه إلى المحيط العربي، عبر تطبيع العلاقات مع الدول العربية، والخليجية تحديداً، لكسب تأييدها ودعمها المالي في عمليات إعادة الإعمار في سورية. وكان ذلك واضحاً من خلال جولة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الخليجية الأخيرة التي توقف خلالها في كل من الرياض وأبو ظبي والدوحة. بيد أنّ لافروف تلقّى إجابات غير مرضية في الرياض والدوحة، إذ تم ربط مسألة عودة سورية إلى الجامعة العربية بإنجاز الحل السياسي الشامل في البلاد، على أن تكون المعارضة جزءاً من هذا الحل. في حين أنّ الموقف الإيجابي اتجاه طرح لافروف والذي أبدته الإمارات، غير كافٍ، نظراً لهشاشة الثقل الإماراتي في الملف السوري، على الرغم من أنّ أبو ظبي سارت في طريق إعادة تطبيع علاقاتها مع نظام الأسد قبل عامين، بهدف مساندته في مواجهة التمدد التركي في البلاد.

وبناءً على ذلك، يمكن اعتبار زيارة وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، إلى العاصمة العمانية مسقط، والتي بدأها أمس السبت، امتداداً لجهود لافروف بتسويق فكرة إعادة النظام لمحيطه العربي من البوابة الخليجية. وتلعب سلطنة عمان، عادةً، دور الوسيط في نزاعات المنطقة، وخصوصاً بالنسبة لإيران التي تربطها بها علاقات جيدة. ويبدو أنّ النظام يحاول تعزيز علاقاته مع مسقط بهدف فكّ العزلة عنه والحصول على شرعية سياسية، خصوصاً في وقت يحضّر فيه لإجراء انتخابات رئاسية، معتمداً على سياسة “الحياد” التي تتبعها السلطنة. مع العلم أنّ سلطنة عُمان هي الدولة الوحيدة في مجلس التعاون الخليجي التي لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية والسياسية مع النظام السوري، كما فعلت باقي الدول الخليجية، إذ عمدت فقط لتخفيض مستوى تمثيلها في دمشق عام 2012، إثر اندلاع الثورة السورية، وكانت أول دولة عربية وخليجية تعيد سفيرها إلى دمشق في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي.

وفي السياق، رأى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، عبد الأحد صطيفو، أنّ “المواقف الأميركية واضحة جداً وصارمة فيما يتعلق بانتخابات نظام الأسد الرئاسية المزمع عقدها خلال الأشهر المقبلة”. وأضاف في تصريح لـ”العربي الجديد” أنه “خلال متابعة وقراءة التصريحات الرسمية الأسبوع الماضي فقط، سواء لوزارة الخارجية أو للسفيرة ليندا توماس غرينفيلد، المندوب الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ورئيسة مجلس الأمن لهذا الشهر، إضافة إلى البيان المشترك لوزراء خارجية الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا الإثنين الماضي بمناسبة الذكرى العاشرة للثورة السورية، يتضح لنا ثبات المواقف الرسمية ليس فقط لأميركا، ولكن للدول الأوروبية أيضاً الفاعلة في الملف السوري. إذ تؤكّد هذه المواقف بلغة لا تقبل التأويل أنّ انتخابات النظام المقبلة لن تكون حرة ولا نزيهة، ولا تسهم في تسوية الصراع، ولن تؤدي إلى التطبيع الدولي مع النظام أو تضفي الشرعية عليه، كونها لا تفي بالمعايير المنصوص عليها في القرار الأممي 2254 (لعام 2015). وينصّ هذا الأخير على تشكيل حكم ذي مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية (أي هيئة الحكم الانتقالي) وصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة وفقاً لأعلى معايير الشفافية الدولية، عملاً بالدستور الجديد، وتحت إشراف الأمم المتحدة وبمشاركة جميع السوريين بمن فيهم الذين يعيشون في المهجر”.

وتابع صطيفو أنّ “المواقف الأميركية هي متناسقة ومتماسكة مع المواقف الأوروبية، كما جاء في عدد من مواقف وزارتي الخارجية الفرنسية والألمانية مثلاً، إضافة لبيانات الاتحاد الأوروبي وتصريحات المبعوث الأممي لسورية غير بيدرسن”. ولفت المتحدث نفسه إلى أنّ “الموقف الأميركي كذلك متوافق مع ما جاء في عقوبات قانون قيصر الذي دخل حيز التنفيذ في يونيو/ حزيران الماضي، ويؤكد استخدام الوسائل الاقتصادية والدبلوماسية والقسرية لإجبار حكومة بشار الأسد على دعم الانتقال السياسي في سورية. ووفقاً للمادة 401 من نص القانون، يتم تعليق العقوبات في حال تطبيق إجراءات بناء الثقة في ما يتعلق بالملفات الإنسانية والمحاسبة والانخراط الجاد في عملية سياسية تؤدي لحل سياسي عادل يحقق تطلعات شعبنا بالحرية والعدالة والكرامة والديمقراطية ودولة المواطنة المتساوية”.

من جهته، رأى الباحث السياسي، والمعارض السوري، رضوان زيادة، أنّ موقف الإدارة الأميركية الجديدة “يتماشى مع الموقف الأميركي العام في عدم الاعتراف بنظام الأسد والإصرار على الانتقال السياسي، وربطه برفع العقوبات المنصوص عليها في قانون قيصر وتطبيق بنود القرار 2254”. وأشار زيادة، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أنّ “المطلوب من الولايات المتحدة الآن موقف أقوى لناحية الجدية في تطبيق قانون قيصر، وفرضه حتى على أصدقاء أميركا الذين يرغبون في إعادة تأهيل نظام الأسد، مثل عُمان والإمارات، كما فعلت الإدارة السابقة، وهذا يشترط وضع سورية كأولوية بالنسبة لواشنطن في السياسة الخارجية، وهو ما لم يحصل للأسف إلى الآن”.

———————-

الشرق الأوسط على مشرحة موسكو/ بسام مقداد

بين 30 – 31 الشهر المنصرم عَقد في موسكو منتدى “Valdai” الروسي للحوار الدولي مؤتمره السنوي العاشر تحت عنوان “الشرق الوسط في البحث عن نهضة مفقودة”، بشراكة من معهد الإستشراق الروسي . وكان حضور المؤتمر ضعيفاً هذه السنة ، إذ أنه زاوج بين الحضور الشخصي والإفتراضي ،  وشارك فيه 50 إختصاصياً من حوالي 20 بلداً ، بما فيها لبنان ، حيث تحدث مستشار الرئيس ميشال عون النائب أمل أبو زيد .  ويأتي هذا المؤتمر في سياق الإهتمام الروسي المتزايد بالمنطقة ، التي يتضاءل إهتمام الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي فيها ، وتسارع روسيا والصين لملء “الفراغ”.

في الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر ، كان لوزير الخارجية سيرغي لافروف كلمة مقتضبة ، تبعها حوار مستفيض مع الصحافيين والحضور ، اعتبره بعض المراقبين الحوار الأول غير المباشر مع الإدارة الجديدة  للولايات المتحدة الأميركية . ورأى لافروف ، أن المنطقة لن تفقد أهميتها الإستراتيجية ، حتى بعد إنتهاء عصر الطاقة المستندة إلى النفط والغاز في خمسينيات أو ستينيات هذا القرن . وقال ، بأنه حين أصبح النفط والغاز محرك الإقتصاد العالمي ، إكتسب الشرق الأوسط أهمية جيوسياسية هائلة ، وأصبح مسرحاً لمختلف الألعاب ، التي كانت تتركز حول الوصول إلى مصادر الطاقة . وقال ، بأن روسيا مع أن تكف المنطقة عن أن تكون مسرحاً لتصادم مصالح الدول العظمى ، وأن روسيا إقترحت تطوير مفهوم الأمن الجماعي “للشرق الأوسط وليس فقط”. وقال ، بأنه يأمل بأن يخلي العداء لإيران مكانه للحس السليم ، وأن تصبح فكرة “الناتو الشرق أوسطي” و”الناتو الآسيوي ” من الماضي ، إذ “يكفينا الناتو الموجود حيث هو”.

وتناول لافروف الوضع السوري ، وتحدث عن “مخاطر جدية” من تقسيم سوريا  بسبب طموحات الأكراد والولايات المتحدة من خلفهم ، وأكد ، بأن إجتماع لجنة الدستور السورية قبل حلول رمضان أمر ممكن ، وأن سوريا لن تستسلم للضغوط . واعتبر البعض ، أن كلام لافروف هو رسالة للجميع ، بمن فيهم النظام السوري،  بأن روسيا مصرة على إطلاق العملية السياسية في سوريا ، وأنها ستقف بوجه كل من يعرقل إطلاقه ، وبالدرجة الأولى نظام الأسد نفسه.

لكن المعلق السياسي في صحيفة “NG” إيغور سوبوتين له رأي آخر في كلام لافروف بشأن  الملف السوري . فقد قال ل”المدن” ، بأن روسيا ، وعلى العكس من إيران ، “ليس بوسعها حتى التقدم بإقتراح ما” ، ولا يتبقى لها سوى أن تنتهج خطاً محافظاً “للإبقاء على الأسد في السلطة” ، وقال ، بأنه سيكون مسروراً لو تبين “أنه على خطأ” . ورأى سوبوتين ، أن إجتماعات مؤتمر “Valdai” أظهرت “كم ينتظرون من روسيا في الملف السوري” . وبرز ذلك ، برأيه ، في ما قامت به وكالات أنباء وقنوات  Telegram من توزيع خبر كاذب يقول ، بأن لافروف تحدث في المؤتمر عن “علاقة الإنتخابات الرئاسية السورية بعمل لجنة الدستور” . ويقول ، بأن الوزير “ما كان ليقول ذلك” بالتأكيد.

وقال سوبوتين ، بأنه إذا ما نظرنا إلى نشاطات موسكو في الأسابيع الأخيرة ، يغدو واضحاً كم نشطت ، سواء خطابياً، أو دبلوماسياً ، وسيقوم سيرغي لافروف في 13 الشهر الجاري بزيارة طهران ، حيث سيكون موضوع الصفقة النووية ، أحد المواضيع الرئيسية . لكن السؤال هو ما إذا كان الطرفان الخصمان ـــــــ الولايات المتحدة وإيران بحاجة فعلياً لمثل هذا النشاط الروسي المبادر. 

وعلى العكس مما يؤكده سوبوتين ، بأن إيران كانت الموضوع الأساسي على جدول أعمال المؤتمر ، قال موقع أسبوعية “rusmir” الموالي في اليوم الأول للمؤتمر ، بأن المؤتمرين سيبحثون كيف يتغير دور اللاعبين الخارجيين في المنطقة ، وعملية تغير الأنظمة السياسية والمجتمعات، والنهضة الأيديولوجية.

لكن من الواضح ، أن الهدف الرئيسي ، الذي وضعه منظمو المؤتمر نصب أعينهم ، كان الإستماع إلى كتاب وسياسيين وإختصاصيين من الشرق الأوسط ، أو خبراء مهتمين بشؤونه ، واستعراض آرائهم في عودة روسيا إلى المنطقة و”تنامي نفوذها ” فيها. ويقول، بأن روسيا  تنشط في إعادة إعمار سوريا بعد الصراع المسلح ، وتقوم بدور الوسيط بين أطراف النزاع الليبي ، وأطراف الصراع العربي الإسرائيلي ، “الذي طرأت عليه تغيرات مهمة” العام الماضي.

موقع “gazeta.ru” نقل عن مدير مركز الشرق الأوسط في كلية سانت أنتوني ، جامعة أكسفورد ، خبير منتدى “Valdai” روجين روغان قوله ، بأنه تجري الآن عملية إعادة تشكيل جغرافية الشرق الأوسط ، لكن الولايات المتحدة تحاول أن تقوم بذلك عن بعد “لننتظر ونرى إلى أي مدى ستنجح في ذلك” . ويقول ، بأنه ما كان ليبالغ في تقدير إمكانيات الولايات المتحدة ، أو حتى الإتحاد الأوروبي ، على العمل في هذه المنطقة . والمهم في هذا الإطار ، هو كيف سيتعامل الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مع وباء الكورونا والمشاكل الإقتصادية ، والغرب لم يكن في يوم من الأيام “على هذا القدر من الضعف في الشرق الأوسط” . وبعد وصول بايدن إلى البيت البيض ، أخذ يولي السياسة الشرق أوسطية إهتماماً أقل ، وأخذت الولايات المتحدة تعلن خططاً لتخفيض القوات العسكرية ، أو الإنسحاب الشامل من أفغانستان وسوريا والعراق . ويرى أن بلدان الإتحاد الأوروبي تفقد مواقعها بسرعة في منطقة الشرق الأوسط ، ونفوذها هناك يستمر بفضل “النوستالجيا الإستعمارية” لدى قسم من النخب المحلية . وهو لا يعتقد ، أن أحداً يصدق جدياً ، أن بريطانيا وفرنسا بوضع يمكنهما من تدخل ما وازن في شؤون المنطقة ، ومسؤولياتهما لا تقارن ، بالتأكيد ، مع إمكانياتهما على العمل في المنطقة.

ورأى الخبير، أنه بمقدار ما تفقد الدول الغربية دورها في الشرق الأوسط، بقدر ما يتنامى نفوذ روسيا ، التي تشارك في إقامة نظام جديد هناك ، ويتزايد دور الصين ، التي تركز بالدرجة الأولى على تحقيق المصالح الإقتصادية ، وليس العسكرية أو السياسية.

موقع أسبوعية “AiF” واسعة الإنتشار (2.7 مليون نسخة) نقل عن مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية في”Valdai” جوست هيلترمان قوله في الحديث عما تغير في المنطقة بعد الربيع العربي ، بأن الأنظمة ، التي عاشت الربيع العربي ، بقي معظمها في مكانه لم يتزحزح ، بل على العكس تعززت تلك الأنظمة ، أو أصبحت أكثر تعسفاً . ومن جانب آخر ، اصبح الناس يعرفون بعد الربيع العربي، أن لديهم القدرة على إسقاط النظام الحاكم . هذان العاملان يخلقان حلقة مفرغة ، ولذلك فإن التغيير الراديكالي لهده المنطقة “من المستبعد أن يجري في المستقبل المنظور”.

ويقول هيلترمان ، بإنه إذا قامت الأنظمة المذكورة بتخفيف قبضتها  ، فلن يعود بإمكانها السيطرة على الوضع ، و”سيحصل الإنفجار” . وإذا ما شددت قبضتها ، فهذا أيضاً يمكن أن “يؤدي إلى الإنفجار” . ونتيجة لذلك ، تخشى المنطقة أي تغييرات ، مما “يزيد تخلفها عن البلدان الأخرى” ، وتتزايد المشاكل ، التي لا يتولى أحد حلها ، والتي يمكن أن تؤدي ، في نهاية المطاف ، أيضاً “إلى الإنفجار” . ويختتم الرجل لوحته السوداوية للمنطقة بالتأكيد ، أنه ينبغي أن تظهر طليعة ما ، زعيم أو جماعة ما ، تمتلك رؤية محددة للطريق ، التي ينبغي سلوكها.

المدن

——————-

مبعوثة واشنطن إلى سوريا: الانتخابات الرئاسية لن تشرعن وجود الأسد

شددت المبعوثة الأميركية إلى سوريا بالإنابة، إيمي كترونا، على أن الانتخابات التي سيجريها نظام الأسد “غير حرة وغير نزيهة، ولن تشرعن وجود الأسد”، مشيرة إلى أنها “لا تتماشى مع معايير القرار الأممي 2254”.

وخلال لقاء عبر تقنية الفيديو مع رئيس “هيئة التفاوض السورية” المعارضة، أنس العبدة، والرئيس المشارك للجنة الدستورية السورية عن المعارضة، هادي البحرة، قالت كترونا إن بلادها تدعم جهود المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، موضحة أنها طلبت منه تكثيف جهوده من أجل إطلاق سراح المعتقلين، وتنفيذ كل بنود قرار مجلس الأمن الدولي 2254، باعتباره الطريق الوحيد للحل في سوريا.

وأضافت المبعوثة الأميركية أن الولايات المتحدة ستستمر بضغطها من أجل محاسبة مرتكبي الجرائم في سوريا.

    ١- شددنا خلال لقاءنا مع المبعوثة الأميركية إلى سوريا بالإنابة إيمي كترونا على ضرورة تحريك ملفات المعتقلين، المحاسبة، استمرار العقوبات على رموز النظام، دفع العملية السياسية، وضرورة تمديد القرار الأممي الخاص بإيصال المساعدات للسوريين، وتضمين معبر باب السلامة في القرار. #سوريا

pic.twitter.com/Tb9CnOyXSP — أنس العبدة Anas Abdah (@AlabdahAnas) April 1, 2021

من جانبه، أكد العبدة على ضرورة تحريك ملفات المعتقلين والمحاسبة، واستمرار العقوبات على رموز النظام، ودفع العملية السياسية، وضرورة تمديد القرار الأممي الخاص بإيصال المساعدات للسوريين، وتضمين معبر باب السلامة في القرار.

وأوضح أن “المعتقلين بحاجة ماسة إلى الحرية العاجلة وغير المشروطة”، مشيراً إلى أن “العملية السياسية باتت في خطر لذلك لابد من ضغط دولي من أجل دفعها، لأننا كسوريين عانينا أكبر من طاقتنا، وقضيتنا قضية حق”.

وشدد رئيس هيئة التفاوض السورية على أهمية تشديد العقوبات على النظام لإجباره على قبول القرار الأممي

——————————-

==================

تحديث 04 نيسان 2021

———————

هل يُحاسب النظام السوري؟/ عبسي سميسم

في الوقت الذي يتحضّر فيه النظام السوري لاستكمال الإجراءات الشكلية من أجل ترشيح بشار الأسد للانتخابات الرئاسية المقبلة، من خلال إعلان ذلك رسمياً في جلسة لمجلس الشعب خلال أيام، يعمل المجتمع الدولي ومنظمات من المجتمع المدني حول العالم، على إظهار الوجه الحقيقي للنظام السوري، وفضح كل جرائمه بحق السوريين، التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية. ويبدو ذلك كنتيجة لتشكّل قناعة لدى المجتمع الدولي، بضرورة عدم السماح لهذا النظام بالاستمرار في لعبة الانتخابات، وتكريس حكم بشار الأسد لسبع سنوات جديدة، وضرورة محاسبة مرتكبي الجرائم بحق السوريين، وعدم السماح بإفلاتهم من العقاب.

ولعل البيان الذي صدر عن وزراء خارجية 18 دولة أوروبية، الأربعاء الماضي، وحمّل النظام السوري المسؤولية الأساسية عن الجرائم التي تُرتكب في سورية، هو الموقف الأهم في هذا الإطار، كونه يحمل موقفاً سياسياً واضحاً وحازماً من معظم دول الاتحاد الأوروبي تجاه الجرائم التي يرتكبها النظام. ويضاف إلى ذلك تحميل البيان المسؤولية لداعمي النظام أيضاً بشأن تلك الجرائم، وهي المرة الأولى التي يُشار فها صراحة إلى ضرورة محاسبة الدول والكيانات التي تدعم النظام. فضلاً عن دعوة البيان للمحكمة الجنائية الدولية، من أجل التحقيق في جرائم النظام، والتذكير بأن الهدف من توثيق الجرائم يتمثل في “إفشال استراتيجية أولئك الذين يعرقلون إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية من خلال مجلس الأمن”.

كذلك، يكتسب التقرير الشامل الذي أصدرته منظمات حقوقية روسية أخيراً، عن الانتهاكات الروسية في سورية وتورط موسكو في جرائم حرب، أهمية خاصة، كونه أول تقرير يصدر عن منظمات من إحدى الدول الداعمة للنظام، بالإضافة إلى شموليته وصدوره عن فريق من أهم المدافعين عن حقوق الإنسان. وتضاف إلى كل ذلك تقارير أخرى صدرت بشكل متزامن عن منظمات حقوقية، إلى جانب عدد من التصريحات على لسان مسؤولين غربيين، كلها إما تشير إلى عدم شرعية الانتخابات الرئاسية في سورية في ظلّ الوضع الراهن، أو تتحدث عن جرائم النظام وضرورة محاسبة المتورطين فيها.

ولكن على الرغم من تصاعد الموقف الدولي ضدّ ترشيح بشار الأسد، إلا أنه لم يصدر حتى الآن موقف جدي وحاسم من المجتمع الدولي، من شأنه منع الانتخابات التي يصرّ عليها النظام، أو يفرض البديل عن تلك الانتخابات، عبر تطبيق قرارات الشرعية الدولية التي يتحدث عنها الجميع من دون أي نية حقيقية لتطبيقها.

العربي الجديد

——————————-

في سوريا… حل أم حلول؟/ إبراهيم حميدي

سوريا مقسمة حالياً إلى 3 «مناطق نفوذ» و4 «حكومات»، فيها 5 جيوش ومئات القواعد العسكرية وآلاف من جنود القوات الأجنبية. في «منطقة» توجد العاصمة والسيادة والمدن الرئيسية، وفي «منطقة» أخرى تقع الثروات الطبيعية.

إعمار سوريا يتطلب 400 مليار دولار أميركي، ونصف شعبها خارج منازله، ونحو 7 ملايين خارج بلادهم، معظمهم في دول الجوار. نحو 14 مليون سوري في حاجة لمساعدة إنسانية، و9 من 10 تحت خط الفقر. نهارات مدنها كئيبة، وشوارعها فارغة إلا من الطوابير، ومكاتبها مشلولة، ولياليها مظلمة.

هل هناك حل واحد أم حلول، بعدما تحولت «الدولة السورية» عقب عقد من بدء الأزمة إلى «دويلات» وأشياء أخرى، وأصبح «الشعب الواحد» إثر 10 سنوات «شعوباً»؟ وهل الحل سوري أم خارجي؟

– الحل السياسي: اختُبِر هذا الاحتمال مرات عدة منذ «بيان جنيف» في يونيو (حزيران) 2012، والدعوة إلى تشكيل «هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة». كما اختُبِر بعد صدور القرار (2254) في نهاية 2015 الذي وضع خريطة لـ«الانتقال السياسي» خلال 18 شهراً، تضمنت 3 مراحل، تشمل «حوكمة» وإصلاحاً دستورياً وانتخابات بإدارة أممية. جرت محاولات في جنيف، وأعيد اختبار المسار السياسي بمساري آستانة وسوتشي، بالتركيز على عمل اللجنة الدستورية. وكانت منصات المحاولات في جنيف وفي آستانة وغيرهما بسقوف مختلفة ومصير واحد: المراوحة بالمكان.

هذه الوثائق المرجعية تقول نصاً إن العملية السياسية بـ«قيادة ومُلكية سورية»، وإنه «لا جداول زمنية لها». لكن التعبير الصادق عن مدى «عدم صحة» هذا الكلام أن هذه الوثائق المرجعية التي تتحدث عن «السيادة السورية» و«حدود الدولة» كتبت بغياب السوريين، ومن قِبَلِ «اللاعبين» و«منتهكي السيادة» و«مخترقي الخريطة السورية». خُفِّض سقف المرجعيات من «الهيئة الانتقالية» إلى «الانتقال السياسي» و«الحوكمة» و«العملية السياسية» والإصلاح الدستوري… وصولاً إلى اللجنة الدستورية. الجامع الوحيد أن الحصاد السياسي كان صفراً، مع استمرار تأكيد «اللاعبين» أن الحل ليس عسكرياً، بل سياسي. وباتت هناك قناعة بأن أي اتفاق سياسي بين سوريين، إذا تحقق بمعجزة، لن يشكل منعطفاً في مسار الصراع.

– اتفاق سلام مع إسرائيل: طُرِح هذا الخيار وراء أبواب مغلقة، وهو يقضي بأن يُعقد اتفاق تطبيع بين دمشق وتل أبيب، كما حصل مع دول أخرى. وتبين أن هناك «عُقَداً» عدة أمام هذا الخيار. بداية، إسرائيل ليست في صدد إعادة الجولان كاملاً، بل هي معنية بـ«السلام مقابل السلام»، لكن دمشق متمسكة باستعادة السيادة على الهضبة السورية. وقد جرى تداول مقترحات مثل تحويل الجولان إلى «حديقة استثمارات وسياحة»، وأن تكون بوابة لإعمار سوريا. ولم تنضج ظروف الصفقة، لكن هناك شعوراً بأن الطرق تُغلَق ثم تُمهَّد أمام دمشق، بحيث يكون تعبيدها عبر تل أبيب. وفي خضم هذه الاختبارات، تقوم روسيا بإجراءات لـ«بناء الثقة» بين سوريا وإسرائيل، عبر إعادة العمل باتفاق فك الاشتباك في الجولان، وصفقات تبادل السجناء، وإعادة رفات إسرائيليين من سوريا. لكن «العقدة» الأبرز هي مطالبة تل أبيب بـ«إخراج إيران عسكرياً من سوريا».

– إخراج إيران: قد تكون النقطة التي تتفق عليها مطالب أطراف عدة من دمشق هي «إخراج إيران عسكرياً». أولاً، هذا بند أساسي من مطالب إسرائيل التي شنت مئات الغارات لـ«منع تموضع إيران في سوريا». ثانياً، هو أحد الشروط التي وضعتها واشنطن ودول أوروبية لفك العزلة والمساهمة في الأعمار ورفع العقوبات. ثالثاً، دول عربية عدة تطالب دمشق بإعادة تعريف علاقاتها مع طهران بالعودة إلى الحضن العربي، وأن تكون علاقاتها مع إيران طبيعية متوازنة.

وهناك إدراك في دمشق بأن هذا «أحد الحلول» التي ستؤدي إلى «تطبيع سياسي للوضع السوري»، وإلى تخفيف أو تجميد بعض العقوبات، والبدء ببعض مشاريع الإعمار، وتسخين الأقنية الدبلوماسية ما وراء الخط الأمني. لكن هناك أيضاً إدراك لـ«كلفة هذا القرار». لذلك، هناك من يقترح أن يكون هناك تفاهم بين دمشق وطهران على الدور الإيراني المستقبلي في سوريا، وأن يكون هذا ضمن بنود أي اتفاق محتمل بين أميركا وإيران حول الدور الإقليمي في «الاتفاق النووي»، بحيث تتخلى إيران عن البرنامج العسكري في سوريا وزعزعة استقرار المنطقة، مقابل قبول دور سياسي – اقتصادي.

– إدلب وشرق الفرات: هناك قناعة ضمنية في دمشق بأن العودة إلى إدلب وشرق الفرات غير متاحة في المدى المنظور. فالقرار في ذلك لم يعد في دمشق، بل في موسكو، وهو رهن بعلاقتها مع واشنطن وأنقرة. وأي من الخيارين يستدعي عسكرياً مواجهة بين وروسيا وتركيا أو أميركا. وبعض المحاورين السوريين اقترح تغييراً في التحالفات: التعاون الأمني مع أنقرة في إدلب لمحاربة القامشلي، أو التفاوض مع الأكراد لإخراج تركيا من الشمال. هذا يفترض قبول نسخة جديدة من «لواء إسكندرون السليب».

وفي المقابل، هناك من اقترح تعاوناً استخباراتياً وعسكرياً مع الأكراد لـ«القضاء على التوغل التركي». وهذا يفترض نسخة جديدة من الدعم السابق لـ«حزب العمال الكردستاني». وبعض الأطراف العربية تشجع هذا، وتقدم وعوداً مالية للمساهمة في الإعمار. لكن هناك «عُقَداً» تحول دون ذلك، بينها «قانون قيصر» الأميركي الذي يفرض قيوداً قانونية أمام مساهمات القطاع الخاص والحكومي في إعمار سوريا.

خلاصة القول، إن فحص هذه الخيارات الموجودة على الطاولة يوحي بأنه لم يعد هناك حل واحد كافٍ لسوريا، كما أنه لم تعد هناك وصفة سحرية تقلب الطاولة بين ليلة وضحاها. الزمن بات عاملاً ضرورياً، وكذلك التكامل بين المسارات والحلول. لذلك، باتت فكرة اجتراح حل بمسارين هي الأكثر قبولاً: مسار دولي – إقليمي يتم عبر عقد مؤتمر دولي بمشاركة اللاعبين للاتفاق على عناوين الحل السوري، ومسار سوري – سوري لتوفير شرعية وقبول للحل المرتجى. المشكلة هي أن ساعة السوريين تنبض على وقع المعاناة وتفاقمها، وساعة «اللاعبين» -خصوصاً أميركا وروسيا- مضبوطة على إيقاع «الصبر الاستراتيجي» المرتبط بملفات أخرى… بانتظار أن يرن هاتف يتضمن عرضاً لحوار جدي.

الشرق الأوسط

——————————

الحياة معطلة في مناطق النظام السوري… والأسد يتمسك بأولوياته/ أمين العاصي

تعطلت الحياة في مناطق سيطرة النظام السوري، خصوصاً في العاصمة دمشق، التي تحولت إلى “مدينة أشباح” وفق المعطيات والصور التي تصل منها، حيث لم تعد هناك مواصلات عامة أو خاصة، بسبب ندرة المحروقات، خصوصاً مع بدء ظهور آثار العقوبات الاقتصادية على النظام، في إطار الضغط الدولي المستمر عليه منذ سنوات. ولا حديث لدى سكان دمشق إلا عن تردي الحالة المعيشية التي تعصف بالسوريين الواقعين تحت سيطرة النظام، حيث “لا مواصلات ولا كهرباء، في ظل تفشٍ غير مسبوق لفيروس كورونا، وغلاء غير مسبوق في أسعار المواد التي لا غنى عنها لاستمرار الحياة”، وفق مصادر محلية.

وقال أحمد، الذي يقطن في حي الميدان الدمشقي، في حديث مع “العربي الجديد”، إنه يذهب إلى عمله في قلب العاصمة سيراً على الأقدام. وأشار إلى أن “هناك بالفعل من بات يستخدم الأحصنة والحمير للتنقل داخل دمشق وفي مدن سورية أخرى”. ولفت إلى أن “الأدهى من كل هذا أنه لا يوجد أمل في انفراج قريب. كل المعطيات تؤكد أن حلاً سياسياً بعيد المنال، وأن الحال في طريقه للأسوأ”. وأوضح أن أغلب المصابين بفيروس كورونا “يعالجون أنفسهم في منازلهم”، مشيراً إلى أن المستشفيات في مناطق النظام امتلأت بالمرضى.

وكانت حكومة النظام أصدرت، الإثنين الماضي، قراراً يقضي بتخفيض مخصصات البنزين بنسبة 50 في المائة، لتُصبح الكمية المخصصة للسيارات السياحية الخاصة 20 ليتراً كل 7 أيام، والسيارات العامة 20 ليتراً كل 4 أيام، فيما أوقفت تزويد سيارات النقل العام (الأجرة) بالمازوت المخصص حتى إشعار آخر، والاكتفاء بعمل باصات الشركة العامة للنقل التابعة لحكومة النظام.

ومن الواضح أن النظام لا يخشى من اندلاع احتجاجات على سوء الأوضاع المعيشية، إذ إن القمع الشديد الذي تعامل به مع المناطق الخارجة عن سيطرته طيلة 10 سنوات يجبر السوريين الخاضعين لسيطرته على تحمّل كل شيء. وأشار إبراهيم، الذي يقطن ضاحية قدسيا شمال غربي دمشق، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن “أغلب السوريين في مناطق النظام نادمون، لأنهم لم يهاجروا عندما كانت الهجرة متاحة قبل عام 2016 إلى مختلف البلدان الأوروبية”. وبرأيه، فإنه “لو فتح هذا الباب مرة أخرى لن يبقى في البلد إلا المستفيدون من هذه الحالة المزرية التي نمرّ بها”.

وفي السياق، قال الباحث الاقتصادي في مركز “جسور” للدراسات، خالد تركاوي، لـ “العربي الجديد”، إن “لدى النظام السوري الكثير من الموارد الاقتصادية التي يمكن أن تخفف من الأزمة الخانقة التي تضغط على الملايين الخاضعين لسطوته”. وأوضح أنه “لم يتعرض إطعام جيش النظام وأسلحته ودباباته لأي تقنين أو تخفيض، لأن النظام لا يزال يعتمد الحل العسكري، ويصرف كل الموارد على جيشه وأجهزته الأمنية ومليشياته”. ولفت إلى أن أولوية النظام هي العمليات العسكرية، والشعب يأتي ثانياً، وليس مهماً إن جاع، أو لم يبق لديه الحد الأدنى من أسباب الحياة.

من جانبه، أشار الائتلاف السوري المعارض، في بيان يوم الجمعة الماضي، إلى أن السوريين في مناطق سيطرة النظام “يعيشون أوضاعاً اقتصادية كارثية لا سابق لها في تاريخ سورية الحديث، حيث يستمر انهيار قيمة العملة، وطبع أوراق نقدية بلا رصيد، مع ارتفاع فاحش في الأسعار وانعدام في المواد الأساسية، إضافة إلى مظاهر الفقر والجوع والمرض، والانعدام شبه الكامل للخدمات الأساسية”، في مؤشر خطير على انهيار شامل في حال استمر وجود هذا النظام الذي يبدد موارد البلاد في الحرب على السوريين واستجلاب المليشيات والغزاة. وأشار إلى أنه “لا يوجد حل للكوارث التي تلاحق السوريين إلا برحيل هذا النظام المجرم الذي سبّب كل هذا الخراب، ووقف حربه الوحشية على سورية وأهلها، وإنجاز الانتقال السياسي”. واعتبر أن “أي خطاب يسعى لدعم النظام بحجة إنهاء هذه المعاناة، ليس سوى نفاق سياسي، يسعى لتوظيف الجريمة من أجل مكافأة المجرم وضمان تحقيق أهدافه، بدل الضغط من أجل محاسبته وإنقاذ المدنيين من إجرامه”.

وتأتي الأزمة الخانقة التي يمر بها النظام السوري في ظل برود في العملية السياسية، وغياب أي تحرك من قبل المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن من أجل “إعادة الروح” إلى هذه العملية التي تراوح في المكان ذاته منذ منتصف عام 2012، حيث صدر بيان “جنيف1”. وعلى الرغم من الحصار المحكم على النظام من قبل المجتمع الدولي وأميركا، من خلال قانون “قيصر” المفعّل منذ منتصف العام الماضي، لم يبد نظام بشار الأسد أي استجابة لتسهيل مهمات الأمم المتحدة لدفع العملية السياسية، خاصة لجهة كتابة دستور جديد للبلاد يمكن أن تجري بناء عليه انتخابات برلمانية ورئاسية. ومنذ بدء اجتماعات هذه اللجنة، أواخر 2019، لم يخفِ النظام خططه لإفشال مهماتها.

وكانت أصداء مأساة نحو 10 ملايين يقطنون في مناطق النظام (وفق تقديرات مركز “جسور” للدراسات)، دفعت وزراء خارجية 18 دولة أوروبية إلى إصدار بيان مشترك منذ أيام، أشاروا فيه إلى “أننا لن نظل صامتين في وجه الفظائع التي ترتكب في سورية، والتي يتحمل النظام وداعموه الخارجيون المسؤولية الأساسية عنها”. ومن الواضح أن النظام غير مكترث بمعاناة السوريين في مناطقه، حيث يتهيّأ لإجراء انتخابات رئاسية منتصف العام الحالي، وفق دستور عام 2012، تخوّل الأسد البقاء في السلطة حتى عام 2028. وذكرت مصادر مطلعة في العاصمة دمشق أن الأسد سيتقدم على الأرجح بأوراق ترشحه للانتخابات خلال إبريل/نيسان الحالي.

وأعرب المحلل السياسي رضوان زيادة، في حديث مع “العربي الجديد”، عن اعتقاده بأن النظام السوري “لن يفكر على الإطلاق في القيام بإصلاحات سياسية استجابة للضغوط الاقتصادية”. وبرأيه، فإنّ “تفكير النظام السوري ينحصر في الاستفادة من الأزمات الاقتصادية المتصاعدة، من خلال الحصول على أموال تبقي بشار الأسد في السلطة”. وذكّر بأنه “على مدى 10 سنوات كان النظام واضحاً بأنّ استمراره في الحكم فوق كل شيء. فوق تدمير سورية، وكرامة السوريين، وفقرهم، وعوزهم”.

—————————-

مجزرة خان شيخون: جهود محاسبة الأسد بلا نتائج/ عماد كركص

صبيحة الرابع من إبريل/نيسان عام 2017، ظنّ المدنيون في خان شيخون بمحافظة إدلب، أن التحليق الكثيف لطيران النظام، يندرج ضمن الأمور الاعتيادية، التي ألفها سكان إدلب ومحيطها، بعد احتدام الحرب السورية. لكن كل ذلك تبدد عند الساعة الثامنة صباحاً، حين نفّذت طائرات نحو 15 غارة جوية، مستهدفة وسط المدينة وأحياءها، بصواريخ وقنابل تحمل غاز السارين السام، ما حوّل المشهد في المدنية إلى كارثي خلال لحظات، إذ قتل أكثر من 100 مدني، بعد أن قضوا اختناقاً باستنشاقهم هذا الغاز، الذي لوث الهواء في خان شيخون.

وعلى الرغم من أن الجريمة كانت من أفظع الجرائم المرتكبة خلال سنوات الحرب السورية، إلا أنها على غرار المجازر الأخرى التي ارتكبها النظام السوري؛ سواء باستخدام السلاح الكيميائي أو غيره؛ ومنها مجزرة الغوطة الشرقية في دمشق صيف عام 2013 التي راح ضحيتها قرابة 1400 مدني، استطاع النظام الإفلات من العقاب بعد ارتكابها. وبدا ذلك أشبه بتواطؤ دولي متواصل، لا سيما بعد مجزرة الغوطة، إبان ولاية الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، الذي توصل إلى صفقة مع الروس، تقضي بتدمير ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية لتفادي القيام بعمل عسكري أميركي ضد النظام، ناسفاً بذلك خطه الأحمر حيال استخدام الأسلحة الكيميائية في حرب الأسد ضد السوريين.

وقبل فترة من خروجه من البيت الأبيض، أقر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في سبتمبر/أيلول 2020، بأنه كان ينوي فعلياً معاقبة الأسد على ارتكابه مجزرة خان شيخون، عبر اغتياله، غير أنّ وزارة الدفاع عارضت الخيار. واكتفى ترامب بقصف مطار الشعيرات بريف حمص، الذي خرجت منه الطائرات الحربية لتنفيذ الجريمة، بـ 59 صاروخاً موجهاً من نوع “توماهوك”، وذلك في السابع من إبريل/نيسان من العام 2017، أي بعد ثلاثة أيام على الحادثة. تلك الضربات شلّت قدرة المطار لفترة وجيزة، قبل استعادة نشاطه من جديد، بتحريك الطائرات وشنّ الضربات الجوية ضد السوريين، في مناطق الوسط والشمال.

وظلت الأصوات المطالبة بمحاسبة النظام مرتفعة في الأروقة الدولية وعبر المنظمات الفاعلة في هذا الشأن، حتى بعد عام على ارتكاب الجريمة في خان شيخون. لكن بعد أيام من الذكرى الأولى للمجزرة، ردّ النظام بارتكاب مجزرة أخرى في مدينة دوما شرقي دمشق، في 7 إبريل 2018، وأودت بحياة أكثر من 100 شخص، كلهم من المدنيين، بالإضافة إلى مئات المصابين، ليؤكد بذلك أنه ماض في استخدام السلاح الكيميائي.

وحول التحقيقات الدولية بهدف تحديد الجهة المنفذة لمجزرة خان شيخون، بالأدلة القانونية، قال مدير “مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سورية”، نضال شيخاني، إن “بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، حققت بهذه الجريمة وأحالت تقريرها بشأنها إلى آلية التحقيق المشتركة (بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة) (جيم)، والتي بدورها دانت نظام الأسد باستخدام مادة السارين في خان شيخون. وبالتالي قُدمت دعوى إلى المدعي العام الفيدرالي الألماني في العام 2020، من أجل بدء محاكمة في هذا الشأن، وما زلنا نعمل على تسليم الأدلة للقضاء”، مشيراً إلى مشاركة المركز في التحقيقات المتعلقة بالحادثة.

وفصّل شيخاني، في حديث مع “العربي الجديد”، دور المركز ومسار التحقيقات، بالقول إنه “بعد الحادثة مباشرةً، أي في منتصف إبريل، توجهنا مع بعثة تقصي الحقائق من أجل جمع الأدلة والاستماع إلى إفادات الشهود”. وأضاف: “من ثم أصدرت بعثة تقصي الحقائق تقريرها الأول الذي أشار إلى استخدام مادة السارين لأغراض عدائية، من دون تحديد الجهة المسؤولة عن ذلك. وفي العام نفسه، وبقرار من مجلس الأمن، تم تشكيل آلية التحقيق المشتركة (جيم)، والتي عملت بدورها على تحقيقات جنائية، وخلصت إلى أنّ النظام السوري مسؤول عن هجوم بمادة السارين على مدينة خان شيخون”. وأوضح شيخاني أنه “بعد تحقيقات متكررة، وأدلة لا يمكن الطعن بها، نؤكد على وجود مخزون لا يقل عن 600 طن من غاز السارين، فضلاً عن صواريخ سكود طويلة وقصيرة المدى، لديها إمكانية حمل رؤوس كيميائية، بالإضافة إلى حوالي 22 منشأة للتصنيع والتخزين، معظمها موجود في المناطق الساحلية السورية، والتي لم يتمكن فريق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من الوصول إليها”.

وحول إمكانية محاسبة النظام على ارتكابه مجازر باستخدام الأسلحة الكيميائية، أشار شيخاني إلى أنه “لا يوجد فرصة لحدوث ذلك أمام المحكمة الجنائية الدولية، لأنّ النظام السوري لم يوقع على اتفاقية المحكمة”. كما لفت إلى أنّ “مركز التوثيق” الذي يديره، قدم مقترحاً إلى وزارة الخارجية الأميركية في أغسطس/آب الماضي للعمل على محاسبة النظام. ولاحقاً عمل المدعي العام الألماني على فتح دعوى خان شيخون والغوطة الشرقية في آن.

وكان رئيس آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيمائية، إدموند موليت، أشار في 27 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017، خلال إحاطة حول أحدث النتائج المتعلقة في مجزرة خان شيخون، إلى أن “الآلية فحصت ثمانية سيناريوهات محتملة، بما في ذلك أنّ الحادثة ربما يكون قد تم تدبيرها لإلقاء المسؤولية على الحكومة السورية”. وأضاف: “لقد جمعت الآلية بعناية أجزاء من حجج معقدة لا تزال بعض أجزائها مفقودة، ولم تستطع التأكد على وجه اليقين من أن الطائرة التي حملت المواد الكيميائية، أقلعت من قاعدة الشعيرات الجوية، أو نوع الطائرة المستخدمة، لكن الطائرات السورية كانت في المنطقة المجاورة مباشرة لخان شيخون وقت القصف. وحدد الخبراء أن الحفرة التي خلفها القصف كانت ناجمة على الأرجح عن تأثير قنبلة جوية تنتقل بسرعة عالية”. وتابع موليت: “كشفت دراسة معملية متعمقة في كيمياء السارين، أن غاز الأعصاب المستخدم كان على الأرجح مصنوعاً من المادة الكيميائية السابقة نفسها، التي جاءت من المخزون الأصلي في سورية، بناءً على علامات فريدة”، مؤكداً أنّ “اللجنة واثقة من أنه عند جمعها معاً، فإنّ كل هذه العناصر تشكل دليلاً لا لبس فيه على أن سورية (النظام) كانت مسؤولة عن استخدام غاز السارين في خان شيخون”.

وفي إطار محاسبة النظام ورئيسه بشار الأسد على الهجمات الكيميائية التي استهدف بها المدنيين، استطاع المجتمع الدولي التوصل إلى القرار الأممي 2235، الصادر في 2015، والقاضي بتشكيل لجنة تحقيق مشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة، للتحقيق بمن يقف وراء الهجمات الكيميائية في سورية. وحددت اللجنة مسؤولية النظام بالوقوف وراء ثلاث هجمات باستخدام غاز الكلور، جميعها في إدلب (سرمين، قيمناس، تلمنس)، من دون أن تتطرق لثلاثة من المجازر الكبرى التي استُخدم فيها غاز السارين، في الغوطة وخان شيخون ودوما. وتم التمديد للجنة مرتين، وسط عراقيل كثيرة من قبل الروس، قبل أن ينتهي عملها بعد أن وجهت الاتهام للنظام بالوقوف وراء هجوم خان شيخون الكيميائي. إذ رفضت روسيا هذه الاتهامات، واستخدمت حق النقض الفيتو لإفشال عمل اللجنة في أكتوبر/تشرين الأول 2017.

وشهد شهر يوليو/ تموز عام 2019، تشكيل فريق تحقيق خاص بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، هو أول فريق لديه سلطات تتيح له توجيه اتهامات لمنفذي الهجمات. وفي أول تقرير له مطلع إبريل من العام الماضي، حدد الفريق مسؤولية النظام عن الوقوف وراء ثلاث هجمات كيميائية باستخدام غازي السارين والكلور السامين في بلدة اللطامنة بريف حماة، إلا أنّ الفريق أيضاً لم يتطرق إلى هجمات الغوطة وخان شيخون ودوما.

وفي ظل عدم تعاون النظام وحلفائه مع لجان التحقيق الأممية وتلك التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيمائية لتحديد هوية منفذي الهجمات الكيميائية في سورية، قدمت فرنسا خريف العام الماضي، مسودة قرار بالنيابة عن 46 دولة عضوة في المنظمة، لتعليق حقوق وامتيازات سورية في المنظمة، على أن يتم التصويت على هذا المشروع خلال اجتماع كامل أعضاء المنظمة في إبريل الحالي.

وكانت وزارة الخارجية الأميركية كشفت نهاية العام الماضي، وقبيل انتهاء ولاية ترامب، عن تقرير أرسلته إلى الكونغرس، يؤكد مواصلة نظام الأسد مساعيه للحصول على مكونات لبرامج الأسلحة الكيميائية والصواريخ، حيث يسعى لتطوير إمكانياته وقدراته في إنتاج أسلحة استراتيجية، كانت قد تآكلت خلال الحرب الدائرة منذ سنوات. وأشار التقرير إلى أنّ الخارجية تراقب عمليات الشراء التي يقوم بها النظام لدعم منظومة الأسلحة الكيميائية لديه وبرامجه الصاروخية، وسط مخاوف من ضلوع إيران في مساعدة النظام على التزوّد بصواريخ بالستية تدعم ترسانة غازي السارين والكلور لديه.

وفي الثاني من مارس/آذار الماضي، رفعت مجموعة من الناجين من الهجمات الكيميائية ومنظمات حقوقية سورية، دعوى جنائية في فرنسا لفتح تحقيق جنائي حول الهجمات بالأسلحة الكيميائية على الغوطة الشرقية في أغسطس 2013. وأيضاً لم تشمل تلك الشكوى حادثة مجزرة خان شيخون. لكن دعوة مشابهة كانت قدمت أمام القضاء الألماني في أكتوبر/تشرين الأول 2020، بشأن هجمات السارين بين عامي 2013 و2017 على الغوطة وخان شيخون، بحكم إثبات تورط النظام بكل من المجزرتين.

وعلى الرغم من أنّ القرار الدولي الرقم 2118 (2013) الخاص بنزع السلاح الكيميائي لدى النظام السوري، كان بمثابة إنقاذ للأخير الذي توقع العالم نهايته بعد ارتكابه مجزرة الغوطة عام 2013، إلا أنه كذلك لا يزال يشكل كابوساً بالنسبة للنظام. ويقضي القرار بانضمام سورية إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية، وسحب وتفكيك ترسانتها الكيميائية، وهذا ما يقول النظام إنه طبّقه، إلا أنّ المقلق بالنسبة له هو فرض عقوبات بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، في حال استخدم السلاح الكيميائي مجدداً، وفقاً للقرار الأممي.

—————————-

أداة دبلوماسية جديدة في يد موسكو/ يزيد صايغ

في 11 آذار/مارس، أعلن وزراء خارجية روسيا وتركيا وقطر عن إطلاق “عملية تشاورية ثلاثية جديدة” للمساعدة على التوصل إلى “حل سياسي دائم في سورية”.

وقد أعادوا في بيانهم المشترك التأكيد على المبادئ المعهودة التي هي محط إجماع دولي لإنهاء النزاع السوري. ولم يُضف الأفرقاء شيئًا جديدًا على نحوٍ واضح وصريح، سواء في شكل ترتيبات سياسية أو عملاتية.

لقد شدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على أن الإطار الثلاثي يُفترَض أن يكمّل، لا أن يستبدل، عملية الأستانة التي أُطلقت في كانون الثاني/يناير 2017 – أو مساريْ مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي واللجنة الدستورية السورية اللذين انبثقا عنها لاحقًا.

فما الهدف إذًا من إطلاق مبادرة جديدة، ولا سيما مبادرة تخلو إلى حد كبير من التفاصيل المحددة، بعد سلسلة من المبادرات الدبلوماسية السابقة التي دُفِن عدد كبير منها فيما الأخرى تحتضر؟ ولماذا هذه المبادرة الآن، في هذا التوقيت؟

في هذا الإطار، لن يُقدّم التدقيق في البيان المشترك والإجابات التي أدلى بها وزراء الخارجية الثلاثة في مؤتمرهم الصحافي الرسمي في العاصمة القطرية الدوحة، إضاءات كثيرة.

فقد ركّزوا على التزامهم الجماعي بسلامة ووحدة الأراضي السورية، وإطار العمل الذي نصّ عليه قرار مجلس الأمن الدولي 2254 من أجل التوصّل إلى تسوية سلمية، وبيان جنيف للعام 2012.

وجدّدوا أيضًا التأكيد على دعمهم مكافحة الإرهاب، وجهود اللجنة الدستورية والمبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة إلى سورية، والعمل على زيادة المعونات الإنسانية، والتصدّي لجائحة كوفيد 19، والمساعدة في ملف عودة اللاجئين والنازحين داخليًا، والإفراج عن المعتقلين ولا سيما النساء والأطفال وكبار السن.

لا يعدو ذلك مجرّد تكرار للّازمة نفسها. فقد جدّدت الترويكا في عملية الأستانة، أي روسيا وتركيا وإيران، التزامها بالعديد من المبادئ الأساسية نفسها قبل بضعة أسابيع.

وصدور هذا التأكيد عن الترويكا بعد جلسة فاشلة للّجنة الدستورية – التي أُطلِقت في كانون الثاني/يناير 2018 وتتألف من 150 ممثّلًا عن المعارضة والنظام والمجتمع المدني في سورية – سلّط الضوء مجددًا على ركود الدبلوماسية الدولية.

إذًا ما الذي تريده روسيا من المنصّة المشتركة الجديدة؟ ما الذي تقدّمه هذه المنصة ولا توفّره المحادثات الثنائية أو المسارات الدبلوماسية الروتينية؟

بحسب ما يُبيّنه علم تحليل سياسات الكرملين في حقبة الحرب الباردة، يكشف المشهد الرسمي الكثير من خلال قائمة المشارِكين والمستبعَدين: وإذ تشارك إيران في ترويكا الأستانة، فإن إشراك قطر في المنصة الثلاثية الجديدة هو الأمر الهام.

وفي هذا الإطار، غالب الظن أن روسيا تسعى إلى تليين المعارضة لنظام الأسد في المنطقة وتوسيع الدعم الخليجي لعودة النظام السوري إلى كنف جامعة الدول العربية، من خلال البناء على الدعوات التي أطلقتها الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا في هذا الصدد.

إضافةً إلى تخفيف العزلة السياسية والدبلوماسية لنظام الأسد، من شبه المؤكّد أن الهدف الأساسي الذي تسعى إليه روسيا هو تحسين وصول سورية إلى الأسواق الخارجية والسلع الضرورية والائتمانات. فقد شكّل ذلك هدفًا مهمًا منذ عامين أو ثلاثة، أطلقت روسيا خلالها نداءات من أجل الحصول على التمويل الدولي لإعادة الإعمار وعودة اللاجئين السوريين.

وقد أصبحت الحاجة إلى الإغاثة أكثر إلحاحًا في ضوء التدهور المتسارع للأوضاع في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام والتراجع الحاد في قيمة الليرة السورية. ولكن روسيا تفتقر إلى الإمكانات اللازمة لتمويل إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي، ولم تفلح في استنهاض الدعم الغربي لمبادراتها. في الواقع، لا بوادر تَشي بتخفيف العقوبات الاقتصادية الغربية على النظام، وهذا ما اشتكى منه لافروف لدى إعلانه عن المبادرة الجديدة في الدوحة. ولذلك من المنطقي جدًا أن تتحرك روسيا على خط الخليج الذي شكّل تاريخيًا مصدرًا أساسيًا للمساعدات المالية والاستثمارات وسوقًا للصادرات والعمالة السورية. وفي الخليج أيضًا، ظهرت مؤخرًا بصورة متزايدة رغبةٌ في إعادة تأهيل نظام الأسد.

لم تكن روسيا لتحصد أي جدوى من انعطافتها نحو قطر، لا بل كان ليرتدّ عليها ذلك بنتائج عكسية، لولا عودة العلاقات الدبلوماسية بين الإمارة وخصومها في مجلس التعاون الخليجي في 5 كانون الثاني/يناير الماضي.

وحتى في الوقت الراهن، هذه المصالحة هي رمزية أكثر منها جوهرية، في حين أن العلاقات المحسَّنة بين الإمارات العربية المتحدة والسعودية من جهة وتركيا من جهة أخرى لا تزال في طورها الأول في أفضل الأحوال.

ولكن إشراك قطر وتركيا، أي الفريقَين الإقليميَّين الوحيدَين اللذين لا يزالان ملتزمَين علنًا بدعم المعارضة السورية، في مبادرة تهدف إلى إنقاذ نظام الأسد، هو مسعى لانتهاز الفرصة المتاحة ويسهم في تسهيل العمل على توسيع نطاق الدعم الخليجي لإعادة تأهيل النظام السوري على المستويَين السياسي والاقتصادي.

وعلى مشارف الانتخابات الرئاسية السورية التي تفصلنا عنها بضعة أسابيع، ربما ترى روسيا أيضًا أن كل ما يضفي شرعيةً على حكم بشار الأسد من شأنه أن يؤمّن غطاءً مفيدًا لتحسين العلاقات مع الخليج.

بطبيعة الحال، يتوقّف الكثير، بالنسبة إلى بلدان مجلس التعاون الخليجي، على موقع إيران في هذه المعادلة وماهيّته. لا تعارض السعودية استعادة العلاقات مع النظام السوري، وتخوض محادثات نشطة مع روسيا بشأن المسألة السورية، ولكنها تريد أيضًا أن يحدّ الأسد، في المقابل، من علاقاته مع إيران.

وقد رحّبت وزارة الخارجية الإيرانية، من جهتها، بالبيان الثلاثي الصادر في الدوحة، ووصفته بأنه “مبادرة لمساعدة عملية الأستانة”. وهذا غير مُقنع، لأن عملية الأستانة تبدو في حالة احتضار.

فقد أظهرت عدم فاعليتها في منع التوغّل التركي في شمال شرق سورية في تشرين الأول/أكتوبر 2019 أو المواجهة الواسعة النطاق التي اندلعت في شباط/فبراير 2020 بين مراقبي الهدنة الأتراك الذين انتشروا في محافظة إدلب السورية وبين القوات الموالية للأسد التي تلقّت دعمًا جوّياً روسياً جزئيًا.

باتت عملية الأستانة تقتصر على المداولات البطيئة جدًّا للّجنة الدستورية التي لم تنعقد حضوريًا سوى خمس مرات منذ العام 2018. وقد عبّر مبعوث الأمم المتحدة الخاص غير بيدرسون عن ذلك وعن محدوديات دوره في تقريره إلى مجلس الأمن في 9 شباط/فبراير حين أشار إلى أن “لا المسار الدستوري ولا أي مسار آخر” في عملية السلام “سيحقّق تقدّمًا فعليًا”، نظرًا إلى الغياب المستمر للثقة وللإرادة السياسية اللازمة لتقديم تنازلات.

ولكن عملية الأستانة المتعثّرة تكشف الكثير عن المقاربة الروسية والتفكير الذي هو على الأرجح في أساس المنصة الثلاثية الجديدة. فمن جهة، تمنح المبادرة روسيا أداةً دبلوماسية إضافية وليست بديلة عن عملية الأستانة.

ومن جهة أخرى، غالب الظن أن المبادرة الجديدة ستسير على نفس المنوال: لم يحُل إطار الأستانة دون استعادة قوات النظام السيطرة على ثلاث من أصل أربع “مناطق خفض تصعيد” أنشأتها عملية الأستانة في كانون الثاني/يناير 2017.

وعلى النسق نفسه إلى حدٍّ كبير، ستتيح مبادرة الدوحة لروسيا ونظام الأسد إمكانية تحقيق مكاسب من دون العمل فعليًا على إحداث تغيير سياسي حقيقي في سورية.

* د. يزيد صايغ باحث كبير بمركز كارنيغي في بيروت، يتركّز عمله على الأزمة السورية، وسياسات الجيوش العربية، وإعادة إنتاج السلطوية، والصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

مؤسسة كارنيغي

—————————

روسيا في سوريا.. الخيار صفر/ بشير البكر

مقال رأي في الأول من نيسان/أبريل الحالي بخصوص الوضع في سوريا وقعه 18 وزير خارجية أوروبيا، تلاه في اليوم نفسه بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية. الموقفان الأوروبي والأميركي يؤكدان على محاربة الإفلات من العقاب على الجرائم التي ارتكبها النظام في سوريا، والتزام بضمان عدم إفلات مجرمي الحرب والجلادين من العقاب. ويوضح الموقف الأميركي الهدف من المبادرة “لسنا في مجال محاولة هندسة تغيير النظام في المنطقة، لكننا سنطالب بالمحاسبة والعدالة للشعب السوري، الشعب السوري الذي عانى بشكل رهيب ومروع في ظل حكم بشار الأسد”.

الموقف الأوروبي والأميركي تكرر أكثر من مرة، وكانت الذكرى العاشرة للثورة السورية في الخامس عشر من الشهر الماضي مناسبة لصدور بيان مشترك، عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أكد أن الإفلات من العقاب أمر غير مقبول في سوريا، وستتم مواصلة الضغط من أجل المساءلة عن الجرائم الأكثر خطورة.

فشلت كل الرهانات الروسية على إعادة تأهيل النظام وتعويمه، وباتت موسكو تدرك أن سياستها في سوريا وصلت إلى طريق مسدود، ولا سبيل أمامها لإخراج النظام من سلسلة الأزمات التي تحاصره، وهي أزمات مركبة. داخلية وخارجية. ويعود الفشل الروسي إلى عاملين: العامل الأول هو تمسك موسكو بالنظام كما هو من دون إدخال أي تعديل يفتح نافذة لحل يقوم على التلاقي في منتصف الطريق. والعامل الثاني هو أن فاتورة تعويم النظام باتت كبيرة جدا وباهظة من النواحي السياسية والاقتصادية، وتعمل أميركا وأوروبا على توريط روسيا أكثر فأكثر في المستنقع السوري.

في هذا الوقت تتصاعد الأزمة الاقتصادية على نحو دراماتيكي ينذر بالانهيار السريع لما بقي من الدولة السورية في المناطق التي يسيطر عليها النظام، حتى إن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لم يتردد في أن يحذر من مخاطر “تفكيك الدولة السورية”، ولكنه تهرب من تحديد السبب الفعلي، ورمى المسؤولية على سياسات واشنطن التي اتهمها بتشجيع “النزعات الانفصالية”، في إشارة إلى الأكراد في شمال شرقي سوريا. وعزى التصلب في موقف دمشق إلى سياسة العقوبات.

وشهد هذا الأسبوع انحدارا سريعا وتفاقما للأزمة الاقتصادية على نحو غير مسبوق. ندرة في المواد الأولية والمحروقات والأدوية في أسواق دمشق، حلب، حمص، وحماة، إلى حد أن النظام لم يعد قادرا على تأمين الوقود لسيارات النقل العام، وكانت طوابير المواطنين في ساحات المدن وهم ينتظرون وسائل المواصلات تعبيرا عن استقالة الدولة من دورها ووظيفتها، ولا يعبر ذلك عن عجز النظام فقط، بل روسيا وإيران كدولتين راعيتين له تحتم عليهما أصول الرعاية عدم تركه ينهار، لأن ذلك ينعكس عليهما بالضرر الكبير إلى حد يضيع معه الاستثمار الكبير الذي وظفتاه من أجل استمراره منذ بدء الثورة السورية.

ومما يفاقم من الأزمة ويرفع الفاتورة الروسية انسداد الأفق السياسي، وجمود الوضع على ما هو عليه سياسيا، في حين يتدهور اقتصاديا واجتماعيا، وهذا يضغط على الروس والنظام للبحث عن مخرج، ولا يبدو أن هناك خيارات غير استئناف الحرب للسيطرة على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غربي سوريا.

تبدو روسيا اليوم عند مفترق طرق، فالأمر لا يتوقف عند البحث عن حلول سريعة لمواجهة الأزمة الاقتصادية، بل هناك قرار إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في نهاية أيار/مايو المقبل. وتواجه هذا الاستحقاق عدة عقبات، يأتي في طليعتها الموقف الأميركي الأوروبي الذي يتلخص في رفض إجرائها على أساس الدستور الحالي، وعدم الاعتراف بشرعية نتائجها إن لم تتم وفق دستور جديد وتحت إشراف الأمم المتحدة، وتؤكد أميركا وأوروبا على عدم التطبيع مع بشار الأسد الذي بات يتلقى التهديدات الجادة بتقديم أركان نظامه إلى المحاكم الدولية المختصة بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، ولكن هذه المرة من خارج مجلس الأمن الذي عطلت موسكو دوره في محاسبة النظام السوري منذ عام 2012

تلفزيون سوريا

——————–

الاستثمار الإقليمي والدولي في ملف الأزمة السورية/ سمير صالحة

تضارب خطط الاستثمار في ملف الأزمة السورية وتفاقم مشكلة التفاهم حول تحديد نسب التحاصص بين اللاعبين المؤثرين في المشهد والتحول اللافت في مواقف عواصم عربية حيال الأزمة وانفتاحها على تسويات “مشروطة” مع النظام، هي اليوم أبرز العقبات في طريق نجاح الثورة ودعم الثوار في الوصول إلى ما يريدونه في مشروع سوريا الجديدة.

يدعو وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لإنهاء حالة قانون قيصر “انظروا ماذا يحدث في سوريا نتيجة هذا القانون “. موسكو قلقة أن ينهار النظام تماما على كل الجبهات. يرد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن قائلا إن “الفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية على أيدي نظام الأسد أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الرهيبة”. المفوض الأعلى لشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، يعلن بدوره “أن النظام وتصرفاته هما المسؤول الأول عن اندلاع الأزمة الإنسانية، وليس العقوبات”.

يحذر لافروف من مخاطر تفكيك الدولة السورية، في حال واصلت واشنطن سياسات تشجيع النزعات الانفصالية. بالمقابل أعلنت الإدارة الأميركية الجديدة عن رفضها الاعتراف بأية محاولة لإعادة انتخاب بشار الأسد وفرضه مجددا على الشعب السوري بقرار وخطة روسية. وضعية التمترس بين فريق الداعمين للنظام وتلميع صورته وإبرازه كلاعب لا يمكن الاستغناء عنه بقيادة روسية إيرانية، وبين فريق الرافضين والمعارضين لمواصلة الطريق مع نظام يتحمل مسؤولية تدمير بلاده وإلحاق الكارثة الإنسانية والاقتصادية والسياسية بها بإشراف واشنطن وعواصم أوروبية، واكبها في الأشهر الأخيرة انبعاث طرف ثالث من بين الركام عبر عن نفسه من خلال بيانات جامعة الدول العربية لطرح تسويات وحلول جديدة تعيده إلى المشهد السوري أكثر مما يكون هدفها إطالة عمر النظام.

بين أولويات موسكو في سوريا اليوم ترسيخ العقود العسكرية والتجارية البعيدة المدى الموقعة مع النظام والانتخابات الرئاسية واللجنة الدستورية والمعابر وإعادة الإعمار، وبين ما تتمسك به واشنطن من أوراق قانون قيصر ومحاسبة رموز النظام على أفعالهم والمرحلة الانتقالية والورقة الكردية. تحاول موسكو فرض ما تريده مستغلة تمددها العسكري والسياسي وعلاقاتها مع طهران وأنقرة. وواشنطن مدعومة من قبل العديد من العواصم الأوروبية وتل أبيب ترى أن التصدي لحلفاء أستانة في سوريا لا بد أن يكون له الأولوية لأن إضعاف الحلف الثلاثي هناك يعني إضعافه في ملفات إقليمية أخرى. فشل شركاء أستانة في تجاوز الكثير من الحواجز والعقبات للتقدم باتجاه تسوية ثلاثية ممكنة، عزز فرص اللاعب الأميركي لاسترداد ما فقده من ثقل ودور في الأعوام الثلاث الأخيرة للتأثير على الملف.

تستعجل روسيا لحصد ما زرعته في سوريا وليكون مقدمة لتمدد إقليمي أوسع في الشرق الأوسط وشرق المتوسط، وأميركا بايدن تقول إن الانسحاب وتسليم الملف لموسكو ليس بين خيارات اليوم وإن هزيمة الروس في سوريا ستعني تراجعهم في المنطقة والبلقان والقرم والقوقاز، وعواصم إقليمية ترصد عن قرب ما يجري أو تذكر بحصتها في أية تسوية محتملة. لكن اللافت كان بروز محور “المتضرر الثاني من الأزمة ” بعد الشعب السوري، والذي من حقه كما يقول أن يتدخل لطرح صيغة الحل وهو مجموعة من العواصم العربية التي تسعى لتسجيل اختراق أمام الطاولة السورية ومحاولة استرداد ما فقدته من ثقل إقليمي.

عدل العديد من العواصم الفاعلة من سياسته السورية بعدما تعقد المشهد واختلطت الحسابات. أوروبا تريد حماية نفسها من موجات لجوء جديدة بعدما وصل العدد إلى مليون سوري وافد تستضيف ألمانيا نحو الثلثين منهم. حاولت أوروبا مفاوضة تركيا قبل 5 أعوام لكنها اليوم تريد من واشنطن أن تتولى إدارة الملف نيابة عنها حيث توجد روسيا وتركيا وإيران في الجانب الآخر. أنقرة متمسكة برفض أي مشروع انفصالي على حدودها الجنوبية وتصر على ضمانات المنطقة الآمنة لإبعاد نفوذ قسد عن المنطقة وتسهيل عودة مئات الآلاف من السوريين إلى أراضيهم. طهران في وضعية “أب العريس” يده الأولى في جيبه والثانية على قلبه. لبنان والأردن والعراق ينتظرون الفرج. وإسرائيل تركز على حماية حدودها الشمالية وهمها مواجهة الخطر الإيراني أكثر من محاولة معرفة ما الذي سيحل بالنظام.

حقيقة أولى هي أن دعم المشروع العربي في سوريا قد تكون له الأولوية لكن بعد تبلور الرؤية الواضحة والمحددة حول معالم خارطة الحل السياسي التي يطرحها. حقيقة أخرى ليس سهلا تجاوزها وهي استحالة الجمع بين فشل المعارضة السورية في الوصول إلى ما تتبناه وتدافع عنه وبين إلزامها بأي حوار بضمانات عربية تكون على حساب القرارات الدولية والأممية ولا تضمن تثبيت معالم المرحلة الانتقالية بمشاركة وطنية شاملة تجمع رموز وشخصيات تمثل كل شرائح المجتمع السوري دون تحفظ أو استبعاد أو تهميش وفي إطار أسس غير قابلة للنقاش بينها وحدة سوريا وعروبتها وديمقراطيتها.

حقيقة ثالثة وهي أن رؤية سورية متكاملة وجامعة تناقش في مؤتمر وطني عام عملية الخلاص برعاية جامعة الدول العربية ودعم إقليمي لهذه المبادرة خطوة مهمة نظريا أو على الورق ربما. لكن الانطلاقة لا بد أن تبدأ مع تحول حقيقي في مواقف داعمي المشروع الانفصالي وتبني طرح المشروع الوطني الذي يضع جميع الأفراد أمام مساواة سياسية وقانونية واجتماعية بعيدا عن الرهان على المشروع الأميركي الأوروبي الهادف لخطة التقسيم في سوريا تحت ذريعة احترام حق تقرير المصير.

حقيقة أخرى بطابع إقليمي ودولي تقول إن تصاعد النبرات الغربية والأممية ضد النظام لتذكيره بما ينتظره سياسيا وحقوقيا وإنسانيا في المرحلة المقبلة هي للإعلان عن رفض بقائه في المشهد قبل أن تكون رسائل تحذير لروسيا وإيران ولبعض العواصم العربية التي تريد إنعاشه. من هنا فإن حوار المعارضة السورية في الداخل والخارج ينبغي أن يكون سريعا وشفافا وأن لا يتحول إلى عقبة أمام بناء سوريا الجديدة وعكس ذلك سيطيل عمر الأزمة ويعطي النظام المزيد من الفرص للبقاء أمام الطاولة مستفيدا من حالة التخبط والتشرذم السياسي والشعبي والانقسامات الإقليمية والدولية حوله.

إعلان واشنطن أنها بصدد مراجعة ما قد تفعله لتعزيز آفاق التسوية السياسية في سوريا. وتعهد 18 عاصمة أوروبية الالتزام بضمان عدم إفلات النظام من العقاب على أفعاله في العقد الأخير لا بد أن يواكبها موقف عربي واضح يعكس حقيقة أنه لا الأسباب التي أبعدت النظام عن الجامعة العربية تغيرت ولا أسباب ابتعاد الجامعة العربية عن سوريا تبدلت.

نماذج إقليمية ودولية كثيرة شهدها العالم وتشبه الحالة السورية. ينتفض الشعب ضد نظامه مطالبا بإصلاحات سياسية واجتماعية واحترام حقوق المواطن. يتحرك النظام عبر آلته العسكرية مدعوما من قوى خارجية لقمع الثورة. يتعقد المشهد وتخرج الأمور عن مسارها. سوريا دفعت الثمن الباهظ لكن شعبها تعلم الدرس في المنطقة وهو لن يمنح الجوائز لأطراف إقليمية ودولية تريد أن تخرج كرابح أول مما جرى حتى ولو كانت المفاوضات تجري فوق تلال الدمار.

رغم الكثير من التشاؤم بعد مرور عقد على الثورة لم تتغير قناعتنا. نحن أمام فرصة تحول جديدة في الملف السوري. المقاربة الأميركية الجديدة تجاه الوضع في سوريا ستكون مختلفة عن سابقتها وتفاعل تعقيدات المشهد ستدفع موسكو وغيرها من العواصم لتكون أكثر جدية باتجاه تقديم تنازلات إذا ما تأكد لها أن البعض يريد حقا البحث عن فرص تسوية في سوريا.

تلفزين سوريا

——————————–

آلاعيب الدستور تمكن الأسد من الاستمرار في منصبه دون انتخابات/ يعرب محمد الشرع

ثمة جهد جانب الصواب في أدنى القواعد والمبادئ العامّة الدستوريّة في دستور 2012، إذ تُؤكّد القراءة المتأنيّة والقانونيّة، أنّ يدَ الأسد ذاته كانت حاضرة حين صياغة القواعد الدستورية، وهي بعيدة كل البعد عن أدنى مبادئ القواعد والأعراف الدستورية العربية والأجنبية، الأمر الذي يكشف بما لا يدع مجالاً للشك، مدى التلاعب والاحتيال بصياغة نصوص دستور 2012، بهدف بقاء الرئيس الحالي متى شاء وكيفما شاء.

فدستور 2012 الذي وضعه النظام على عَجَل، بقصد إسكات الثورة، إلا أنه لم ينجح في ذلك، وسواء حصلت الانتخابات الرئاسيّة في موعدها التقليدي أم لم تحصل فسأحاول أن أُسلّط الضوء؛ مُجتهداً بتفسير بعض المواد الدستوريّة المتعلقة بهذه الانتخابات.

فقد ورد في المادة 85 الفقرة 1 من دستور 2012 ما يلي:

“يَدعو رئيس مجلس الشعب لانتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس القائم في مدة لا تقل عن ستين يوماً ولا تزيد عن تسعين يوماً”.

وكذلك ورد في المادة 186 من النظام الداخلي لمجلس الشعب لعام 2017 (اللائحة الداخلية للمجلس) ما يلي:

“يَدعو رئيس مجلس الشعب في جلسة علنية لفتح باب الترشيح لانتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس القائم في مدة لا تقل عن ستين يوماً ولا تزيد على تسعين يوماً”.

التعليق:

ورد في النّصّين آنفي الذكر؛ عبارة: .. لانتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس القائم… يُلاحظ أنّ المشرّع لم يضع كلمة (مدّة) بين كلمتيّ (انتهاء … ولاية) قد يبدو بأنّه لا فارق بين أن تكون أو لا تكون، ولكن بالتدقيق، نجد أنّ المشرّع ربما أغفلها قاصداً لكي تنسجم (أي لا تتعارض) مع مواد دستوريّة أخرى سنراها بعد قليل، ومنها مادة دستوريّة تسمح بتمديد مدّة الرئاسة بشكل مفتوح وبلا حدود ودون أسباب. ومادة أُخرى تسمح للرئيس باتخاذ الإجراءات السريعة عندما تتوفر أسباب معيّنة في ظروف معيّنة سنراها أيضاً.

وبالعودة لكلمة (مدّة) فلو قال المشرّع قبل انتهاء مدّة الولاية… أي لو ذكر كلمة (مدة) لأَلزمَ المشرّع نفسه، وألزم الرئيس القائم بسبع سنوات مدة الرئاسة مهما حصل من ظروف تستدعي التمديد، لذلك هو جعلها عامّة، وقال: قبل انتهاء ولاية الرئيس القائم..، إذ لا أحد يعرف متى تنتهي الولاية وفقاً للمواد الدستوريّة التي سنراها، والتي أطلقتْ يدَ الرئيس بالاستمرار في منصبه دون رقيب أو حسيب.

نعود إلى المادة 85 ف1 آنفة الذكر نفسها:

فالولاية مدّتها سبع سنوات، وقد بدأت بتاريخ 16/7/2014ويُفترض أنّها ستنتهي بتاريخ 16/7/2021 وعلى هذا الأساس يُفترض أن تتم الدعوة للعملية الانتخابية حصراً قبل موعد انتهاء (مدة) ولاية الرئيس القائم في مدة لا تقل عن ستين يوماً، ولا تزيد عن تسعين يوماً. وبالتالي يجب أن يدعو رئيس مجلس الشعب للانتخاب حصراً بين منتصف نيسان ومنتصف أيار تقريباً.

والسؤال هل يمكن للرئيس أن يستمر في منصبه بالرغم من انتهاء ولاية السبع سنوات، ودون إجراء انتخابات؟ نعم، كما سنرى في المواد الدستورية اللاحقة، ومنها ما تسمح بتأجيل الانتخابات ستة أشهر تقريباً، ومنها ما تسمح له بتمديد فترة الرئاسة إلى أمد غير محدود! في حالات ثلاث هي:

الحالة الأولى: فقد نصّت المادة 87 الفقرة 1 في دستور 2012 على ما يلي:

“إذا حُلّ مجلس الشعب خلال الفترة المحددة لانتخاب رئيس جمهورية جديد يستمر رئيس الجمهورية القائم بممارسة مهامه إلى ما بعد انتخاب المجلس الجديد وانعقاده، على أن يُنتخب الرئيس الجديد خلال تسعين يوماً تلي تاريخ انعقاد هذا المجلس”.

التعليق:

في هذه الفقرة من هذه المادة نجد بأنّ المشرع الدستوري قد أعطى لرئيس الجمهورية فرصة يستطيع من خلالها الاستمرار في منصبه إلى أن يتم انتخاب مجلس الشعب الجديد وانعقاده، وخلال التسعين يوماً التي تلي انعقاد المجلس الجديد، يجب أن يتم انتخاب الرئيس الجديد.

وبناءً على هذا الأساس يستطيع رئيس الجمهورية خلال فترة انتخاب الرئيس وهي الفترة التي تسبق يوم الانتخاب وعلى فرض أنّ موعد الانتخاب هو 1/7/2021يستطيع الرئيس الحالي حلّ مجلس الشعب قبل أيام من عملية التصويت في انتخابات الرئاسة، وبهذه الحالة يتم تأجيل انتخابات الرئاسة ويبقى في منصبه وينتظر مرور تسعين يوماً حتى انتخاب وانعقاد المجلس الجديد، وبعد ذلك وخلال تسعين يوماً أخرى تتم عملية انتخابات الرئاسة، أي يستطيع الرئيس الحالي أن يُماطل بالبقاء دستوريّاً حتى نهاية العام الحالي.

الحالة الثانية: وهي الأكثر غَرابة، هي ما ورد في المادة 87 الفقرة 2 من دستور 2012، والتي نصّت على ما يلي:

“إذا انتهت ولاية رئيس الجمهورية ولم يتم انتخاب رئيس جديد يستمر رئيس الجمهورية القائم بممارسة مهامه حتى انتخاب الرئيس الجديد”.

التعليق:

هذه المادة تؤكّد أنّ مدة ولاية الرئاسة قد تستمر لأكثر من سبع سنوات (المدة التقليدية المقرّرة دستوريّاً)، وبالتالي يستمر الرئيس الحالي بالقيام بمهامه حتّى يتم انتخاب رئيس جديد.

– لم يُحدّد هذا النصّ حدّاً  أقصى لمدة استمرار الرئيس في منصبه.

– لم يكشف هذا النصّ عن الأسباب المحتملة والموجبة والظروف التي تستدعي عدم إجراء انتخابات الرئاسة.

– لا يوجد في أي قانون أو لائحة تنفيذية أو تنظيمية تفسير أو تكميل أو توضيح للنص الدستوري.

– لا يوجد في المبادئ العامة للقانون ما يوضّح هذا الأمر.

– لا يوجد في العرف الدستوري ما يدعم هذه الحالة.

– لم يحدّد النصّ الجهة التشريعية أو التنفيذية المخوّلة بالإعلان عن استمرار الرئيس بتجاوز مدة الولاية المقررة .

  – لم يحدّد المشرّع أيضاً نوع الصك التشريعي أو التنفيذي أو التنظيمي الذي ينفذ مضمون هذا النص.

وقد سكتت المادة الدستورية عن كل ذلك، السكتة العجيبة!

الحالة الثالثة: هناك مادة دستورية أيضاً هي المادة 114من دستور 2012 والتي تنصّ على ما يلي:

“إذا قام خطر جسيم وحالّ يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة واستقلال أرض الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن مباشرة مهامها الدستورية، لرئيس الجمهورية أن يتخذ الإجراءات السريعة التي تقتضيها هذه الظروف لمواجهة الخطر “

التعليق:

في هذه الحالة أيضاً يستطيع الرئيس البقاء في منصبه دستوريّاً، تحت عدة ذرائع وحُجج، وتحت عنوان مفتوح وهو اتخاذ الإجراءات السريعة.. ويُلاحظ في هذا النصّ ما يلي:

– لم يُحدّد النصّ ماهي الإجراءات السريعة عند قيام حالة من الحالات التي وردت في المادة، مثل الخطر الجسيم والحالّ، يهدّد الوحدة الوطنية أو سلامة واستقلال أرض الوطن،  وترك النص الباب مفتوحاً على مصراعيه، وبالتالي يحق للرئيس القائم أن يستمر في مهامه دون إجراء انتخابات تحت مقولة إنّ أرض الوطن ليست جميعها تحت السيطرة وأنّ كثيراً من مؤسسات الدولة تعمل خارج سيطرته ولا تقوم بمهامها.. إلخ. وهذا هو الحاصل بالفعل. الأمر الذي يجعل الرئيس القائم يستمر بالبقاء في منصبه

تلفزيون سوريا

————————–

انتخابات سوريا ما بين نظامين إقليميّين متنافسين/ سمير التقي

 في المبدأ، يمكن تاريخياً إرساء شرعية نظام للحكم على واحد أو أكثر من ثلاثة أعمدة، إما من خلال الشرعية الدولية والإقليمية، أو البناء على الشرعية الداخلية أو أن يجري التسليم بالشرعية الفعلية De-facto.

 بالنسبة الى #سوريا، فرض المجتمع الدولي من خلال مجلس الأمن قيوداً على سيادة الدولة السورية وشرعيتها، وعلى النظام شروطاً معينة لإنشاء مجلس موقت جديد الخ. وما دامت مفاوضات جنيف لا تزال معطلة، فلا مجال للحديث عن إغلاق ملف القرار 2254.

 أما الشرعية الداخلية فلعلنا ندرك استحالة تحقيقها ما دام يستحيل تأمين الانتخابات المقبلة على أساس أي معيار منصف. فمن جهة، لدينا ما لا يقل عن 12 مليون سوري نازحين قسراً على الأقل، وعلى الجانب الآخر، لا طريقة لتنفيذ قوائم انتخابية يمكن التحقق منها، فيما يقع 80% من موارد الاقتصاد السوري خارج سيطرة النظام. لذلك لا طريقة لتوليد الشرعية المحلية من تلك الانتخابات.

 ما تبقى عملياً هو شرعية الأمر الواقع. وهذا بالضبط ما يتم الصراع حوله بالنسبة الى مستقبل النظام السوري. وشرعية الأمر الواقع تجعل من لعبة الشرعية لعبة القوى الجيواستراتيجية الدولية والإقليمية. فهي التي ستبتّ إذاً في النهاية في مستقبل شرعية الأمر الواقع في البلاد.

 ثمة نظامان إقليميان رئيسيان يتنافسان. النظام الأول هو النظام المعتاد والقائم على استمرار الهيمنة الغربية الأميركية، من جهة، وما يمكن أن نسميه بسلام بوتين (باكس ـ بوتينا) من جهة أخرى.

 ويمكننا أن نتتبع تظاهرات هذا الخط التحليلي في أنحاء المنطقة، وخلال مختلف الديناميات السياسية والدبلوماسية الجارية.

 عبر مسار الانتفاضة السورية، كان النظام الأميركي والغربي عموماً، بعيداً جداً عن الموثوقية والاستقرار. وكان تصور #الولايات المتحدة للنيات الروسية الحقيقية ساذجاً ومشوشاً إلى حد كبير؛ وظلت استراتيجيتها تتأرجح في حالة من عدم اليقين.

 وفي لحظة معينة، بدأت الولايات المتحدة تتساءل عن الهدف الاستراتيجي لبوتين، لذلك مضت بعيداً في فك الارتباط بعيداً عن الصراع السوري، بذريعة إعطاء فرصة للروس في سياق منطق “أنت كسرتها وأنت تصلحها”.

 وبدأ الأميركيون تفويض الروس بالعمل تفويضاً منفرداً في سياق التوسط لحلحلة الوضع الإقليمي والمحلي على الأرض (أستانا، سوتشي، ومصالحات درعا، إلخ) والتي شارك فيها بعض الدبلوماسيين الأميركيين لفترة من الوقت. كان الأميركيون يعطون فرصة نجاح للروس، ولقد التقطها الروس بحماسة وصنعوا منها خطتهم الخاصة.

 في الوقت نفسه، بدأت الولايات المتحدة إعادة النظر في استراتيجيتها الإقليمية، مؤكدة أهمية الجسر بين بحر قزوين والبحر الأبيض المتوسط. تصرفت الولايات المتحدة استباقياً من خلال التدخل في شرق الفرات، ومضت أكثر في تمكين الإدارة في أربيل. وبعد فترة وجيزة، تدخلت تركيا في غرب الفرات.

 في غضون ذلك، كان الأميركيون يفقدون الثقة بقدرة الروس على تحقيق السلام الأهلي والمصالحة الوطنية في سوريا، ناهيك بقدرتهم على احتواء الوجود الإيراني.

 مع زيادة تآكل الثقة بين الولايات المتحدة والروس، وفي مرحلة ثالثة، تحوّل نهج الولايات المتحدة إلى منطق جديد: “دع الروس يدركوا مدى عدم جدوى القفز إلى مثل هذا المستنقع من الصراع الطائفي الإقليمي”. “الاقتصاد سيعاني قريباً”.

 وكان الاعتقاد الأميركي أنه ما دامت الولايات المتحدة لا تزال متمسكة بقرار مجلس الأمن الرقم 2254، وما دامت قواتها لا تزال شرق الفرات، فإن الولايات المتحدة قادرة على الحفاظ على نفوذها الحاسم. هذا النهج، مرة أخرى، أثبت أنه يقدم لأميركا “قليلاً جداً وبعد فوات الأوان”.

 في هذا السياق، يتم عرض ثلاثة سيناريوات لحل الأزمة السورية:

 1. كان قرار المحكمة العليا 2254 سيناريو مفعماً بالأمل، قبل أن يصاب بالشلل في المناقشات الشرسة.

2. اتفاقيات سوتشي بين #روسيا وإيران وتركيا التي تهدف إلى الحفاظ على ترسيم المواقع الحالية لروسيا وإيران من جانب واحد وخطوط الترسيم التركية من جهة أخرى، ما يعني تقسيماً طويل الأمد للأراضي السورية.

3. شكّل الاجتماع الذي عُقد في القدس بين الشخصيات المسؤولة في الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية والروسية فرصة ثالثة. ووفقاً لأشخاص مقربين من المفاوضات، فإن الولايات المتحدة رسمت حدودها بين الدول وتركت للروس والإسرائيليين التفاوض على التفاصيل. بذلك أرست إسرائيل نفسها لاعباً في موقع ممتاز، سيكون له رأي كبير في تصميم نموذج الدولة السورية المستقبلية، ومستقبل استراتيجيتها الدفاعية، إلخ.

 لكن هذه الترتيبات كانت معلقة على قدرة روسيا على تهدئة المخاوف الإسرائيلية بشأن الوجود الإيراني المتعدد الطبقات، وتحديداً وجود صواريخ دقيقة على الحدود الإسرائيلية.

 وعلى عكس المراهنة الأميركية، فإن روسيا لم تعد منهكة من البقاء في سوريا؛ وبدلاً من ذلك، فإنها تستخدم سوريا بقوة منصة مركزية لتنفيذ دورها الإقليمي كوسيط قوة مهيمنة.

 ويعرض بوتين الآن على المنطقة بديلاً من (منظومة السلام الأميركي)، على أساس ترسيخ دور روسيا كوسيط عسكري. ومن خلال هذا المنهج، يحاول بوتين إثبات قدرة الدبلوماسية العسكرية الروسية على أن تصبح روسيا القوة المهيمنة الوحيدة الحاذقة في المنطقة. روسيا تريد ملء الفراغ الذي تعتقد أن الفراغ الأميركي والأوروبي خلفه.

 وتستعد الدبلوماسية العسكرية الروسية بقوة للانتخابات الرئاسية السورية من خلال خطة معقدة كُشف عنها جزئياً في الدوحة. ويقترح الروس ما يلي استعداداً للانتخابات:

 1. مطالبة الأتراك بالانسحاب إلى مسافة 15 كيلومتراً خارج الطريق M4 والسماح للنظام السوري بالسيطرة على نقاط التفتيش الحدودية حتى يتمكن النظام من اعتبار أنه تعافى من شمال غرب سوريا.

2. إعادة تأهيل النظام السوري في الجامعة العربية.

3. النظام السوري يطالب بانسحاب القوات الأميركية من شرق الفرات.

4. التطوّر السابق سيضعف الأكراد ويجبرهم على إبرام اتفاق مع النظام السوري.

5. ومن خلال التقليل من احتمال حدوث مواجهة بين إيران وإسرائيل وبحسب المفاوضات الجديدة مع إيران، تتسرب معلومات أن إيران تقبل سحب صواريخها الدقيقة من سوريا وربما من لبنان.

6. بعدما تم إقناع الأوروبيين بإعطاء الأولوية لرفع العقوبات في سوريا، تتمكن روسيا من أن تثبت مصداقيتها في تثبيت ودعم من تريد، والمهمة المتبقية الآن هي إقناع الإدارة الجديدة في البيت الأبيض بأن ليس أمامها إلا إعادة تأهيل النظام السوري.

 وستمهد كل هذه العناصر الطريق لإضفاء الشرعية الفعلية على الانتخابات السورية في ظل السلم البوتيني “باكس بوتينا”، وفي ظل مقايضة إيران سلاحها مقابل استمرار هيمنتها السياسية والميليشيوية في الإقليم من العراق الى لبنان إلى سوريا.

 يمكننا متابعة هذا التحليل في كل أنحاء المنطقة، بما في ذلك إسرائيل، بالطبع، لإضافة المزيد من السلطة إلى هذه المنظومة الروسية. وها هي الصين تعقد صفقة مع إيران لخمسة وعشرين عاماً، وتتجه إيران لصفقة مشابهة مع روسيا.

 في كل بلد في الشرق الأوسط، وإسرائيل ليست استثناءً، تمتلك روسيا قوى نفوذ محددة على حلفائها وتثبت التزاماً ثابتاً. ويبقى سؤال محوري واحد: هل تجد إدارة بايدن الحالية نفسها مستعدة أو سعيدة بتفويض روسيا كقوة مهيمنة في الشرق الأوسط والخليج؟ حتى الآن، أستطيع أن أقول هذا من الصعب أن نتصوره.

 في النهاية، ما هو السيناريو الذي ستفضله إسرائيل بعد الانتخابات الأخيرة؟ لقد قال نتنياهو إنه يعتقد أنه يستطيع التنقل بين روسيا والولايات المتحدة، وهو ما أشك به. وكذلك يقول أردوغان والآخرون.

النهار العربي

—————–

=================

تحديث 05 نيسان 2021

———————

الأسد

ما يعرفه الوزير الروسي عن نهاية الصراع السوري/ رستم محمود

قبل أيام قليلة، وخلال مشاركته في منتدى “فالداي” للحوار، حذر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بشكل استثنائي من إمكانية “تفكك الدولة السورية، عائداً ذلك إلى أمرين مركبين، يقوم الأول على تشجيع الولايات المُتحدة لما أسماها الوزير الروسي بـ”النزعات الانفصالية”، ومن جهة أخرى إلى “جمود الصراع” داخل سوريا، قاصداً بالضبط نهاية إمكانية إحداث تغيرات وحلول عسكرية لمناطق النفوذ العسكري/الجغرافية بين المتخاصمين السوريين وداعميهم الإقليميين والدوليين.

الوزير الروسي الذي تُعتبر بلاده الجهة الدولية الراعية للمسألة السورية، من حروب ومفاوضات وقرارات دولية، إنما يُعبر بمثل تصريحه الأخير عن تلاقي الاستحالتين في إمكانية حل المسألة السورية، حسب الشروط الراهنة للصراع، استحالة الحسمين العسكري والسياسي في الآن عينه.

فمن جهة لم تتمكن أي من الفرق المتصارعة من دحر الأخرى تماماً، وتالياً فرض “حلٍ” ما عمومي لكل سوريا، يكون بمثابة الحل/الأمر الواقع، وحيث أن هذه الحقيقة تفتح الباب واسعاً أمام إمكانية استمرار الصراع المسلح على شكل حروبٍ استنزافية إلى ما لا نهاية، تتحول فيها سوريا، باستثنائية موقعها وشبكة المصالح الإقليمية والدولية حولها، إلى مجرد ساحة أبدية للصراع.

الاستحالة الثانية كامنة في عبثية أشكال التفاوض الراهنة بين السلطة والمعارضة السورية، التي تبدو بوضوح كـ”حفلة مكاذبة مُعلنة” بين المنخرطين، الذين لا ولن يمنح أي منهما شرعية للآخر، وطبعاً يُستحال أن يتوصلا لأي توافقات ورؤى مُشتركة. 

أكثر من غيره، يعرف الوزير الروسي بأن تلك القطعية السورية تتأتى من منابع مستمرة التدفق: فالصراع السوري، مثلاً، هو تعبير واضح عن الصراع إقليمي صفري، حيث أن مجموع القوى الإقليمية المنخرطة في هذه المسألة السورية، لا يمكن لها أن تتعايش بوئام وتوافق معقول، وحيث أن الديناميكيات قد وصلت لدرجة من القسوة بحيث أن انتصار أي طرف إقليمي في سوريا هو تعبير عن كسر إرادة الأطراف الأخرى في المشهد الإقليمي.

ولفترة طويلة من الزمن، جربت روسيا أكثر من غيرها خلق توافق فيما بين تلك القوى الإقليمية، عبر مراعاة مجموع المصالح الإقليمية المتداخلة في سوريا في الآن عينه، بما فيها مصالحها هي، فروسيا في المحصلة أقرب ما تكون لدولة إقليمية منها لقوة دولية، لكنها فشلت تماماً كل مرة، وتجدد التفجر السوري مرة بعد أخرى عقب تلك المحاولات الصفرية الإقليمية التي تولد استدامة أبدية للصراع العسكري السوري.

كذلك يعرف الوزير الروسي بأن بحر الدماء والذاكرة الجمعية الأليمة وتاريخ الصراع في الداخل السوري، يُستحال أن يتم ترويضه عبر طيف من الخطابات الرنانة في جولات التفاوض، مثل الحديث عن الوطنية والدولة المدنية الديمقراطية وتوزيع السلطة وخلق اعتراف متبادل بين المتصارعين. 

فأطراف الصراع السوري تُدرك جيداً بأن أي حل سياسي سيكون حتماً على حساب واحد من الأطراف، وغالباً سيكون انتصاراً مطلقاً لطرف ما وخسارة تامة للطرف الآخر، وأن الطرف المستفيد من ذلك التتويج السياسي سيعمل بشكل استراتيجي لإعادة ترتيب أوراق ومكامن القوة في سلطة البلاد، على شكل حرب أهلية باردة، مكملة للحرب الأهلية الساخنة طوال عقد كامل مضى، ليتمكن في النهاية من نهش ما بقي من الطرف الآخر بالتتالي.

النظام السوري وقواعده الاجتماعية الموالية لا يمكن لهم الثقة بأي وعود تتطلب التخلي عن بعض السلطة والشرعية المطلقة التي يستحوذون عليها بشكل راهن، خشية الفارق الديموغرافي الكبير بينهم وبين مؤيدي القوى المعارضة، التي يمكن لها أن تستغل “اللعبة الديمقراطية” لصالح القبض على روح الدولة والسلطة السورية بالتقادم مستقبلاً.

كذلك تخشى قوى المعارضة ومؤيدوها من أن منح أي شرعية للنظام الحاكم، ودون ضمانات قوية لتغيير نواته الصلبة، إنما يحمل كل أشكال التهديد بإمكانية إعادة السلطة لبناء نفسها، كسلطة طائفية شمولية، تفلت من كل محاسبة وعقاب. 

تعرف روسيا ذلك تماماً، وترى نفسها منخرطة في تلاقي الاستحالات تلك، وأنها كانت سبباً في حدوثها منذ سنوات، خصوصاً من خلال إعاقتها لقرارات مجلس الأمن، خلال الأيام الأولى لانطلاق الثورة السورية. ومع تلك المعرفة، تُدرك تواضع قدراتها على اجتراح أي حلول استثنائية، غير ما تعرضه من مناورات لن تصل لنتيجة.

فروسيا اليوم، وإن كانت تعرض نفسها قوة دولية منافسة، إلا أن المسألة السورية تثبت تواضع قوتها، فهي ليست بريطانيا أوائل القرن المنصرم، حينما كانت ترسم خطوطاً فاصلة بين الدول والجماعات المتصارعة، وليست أيضاً الولايات المتحدة، التي تمكنت في أكثر من مثال من تحطيم نُظمٍ سياسية ما وتشييد أخرى. 

تعرف السياسة الخارجية الروسية بأن الحل الوحيد الممكن، الذي يُمكن فعلاً تسميته حلاً، هو القائم على اعتبار الكيان السوري فضاء رحباً لتعايش مجموعات بشرية كبرى شديدة الريب من بعضها البعض، حيث اخترع الذكاء الآدمي الأنظمة الفيدرالية والكونفدرالية لمثل تلك الحالات الكثيرة في التاريخ. 

بالضبط لارتيابها من قدراتها، لا تثق روسيا حتى بمجرد عرض مثل ذلك: دولة سورية عمومية، تقوم بوظائف السيادة العامة، لكنها تقدم أوسع مروحة من الحكم المحلي لسكانها، بالذات لهوياتهم الأهلية المتصارعة.

أن يكون للأقلية القومية الكردية حقوقاً ثقافية وسياسية واقتصادية واسعة في المناطق التي يشكلون فيها أغلبية سكانية مثلاً، وأن يتمتع أبناء الطوائف غير السُنية بأنماط من الحكم في المناطق التي يشكلون فيها أغلبية سكانية، غرب وجنوب البلاد، وحقوق دستورية وضمانات واضحة لعدم تعرض حقوقهم تلك للقضم عبر الأغلبية البرلمانية الطائفية مستقبلاً.

وأن يكون للعاصمة دمشق وضع سياسي وقانوني مدني خاص بها، كفسحة متاحة أمام كل السوريين، وأن يحق لأبناء الطائفة السُنية وسكان باقي المناطق أن يحددوا أشكال حكمهم المحلي، بأوسع مجال من الحُكم المحلي المُمكن، بما لا يتعارض مع الأسس العامة للدولة السورية.

تعرف روسيا بأنها أكثر هشاشة من فرض مثل ذلك الحل على القوى الإقليمية التي ستعترض عليه تماماً، وتعتبره مساً بأمنها القومي، خصوصاً تركيا وإيران وحتى بعض الدول العربية، لما تقدمه من نموذج جديد في المنطقة. ولأجل عدم فضح سوء قدرتها تلك، فإن روسيا نفسها تُعيق حلاً كهذا بكل شكل، رغم معرفتها شبه المؤكدة بأنه وحده ما يُمكن أن يكون حلاً، لشعب ذاق كل شيء، خلا إمكانية أن يرى نوراً في آخر النفق.   

الحرة

———————-

متى يُحاسب نظام الأسد على جرائمه؟/ عمر كوش

يكتسي المقال أو البيان، الذي وقعه وزراء خارجية 18 دولة أوروبية، أهميته الخاصة من كونه يحمل التزاماً أوروبياً واضحاً بمحاسبة مجرمي الحرب في سوريا، وتحميله نظام الأسد المسؤولية الأساسية عن الجرائم التي تُرتكب فيها، في وقت يستعد فيه النظام من أجل الشروع بمهزلة انتخاباته الرئاسية منتصف العام الجاري، إضافة إلى تحمليه المسؤولية أيضاً إلى الدول والقوى الداعمة للنظام، بما يشكل موقفاً سياسياً حازماً حيال مرتكبي الانتهاكات والجرائم، إذ إنَّ الدول التي ينتمي إليها الموقعون على البيان لن تبقى صامتة “في وجه الفظائع التي حدثت في سوريا، والتي يتحمل النظام وداعموه الخارجيون مسؤوليتها الأساسية. وقد ترقى العديد منها، بما في ذلك الجرائم التي ارتكبها داعش والجماعات المسلحة الأخرى، إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وتقع على عاتق الجميع مسؤولية محاربة الإفلات من العقاب والمطالبة بالمساءلة عن الجرائم المرتكبة في سوريا بصرف النظر عن الجناة”.

ويُذكّر البيان بنزول ملايين السوريين إلى شوارع درعا وحلب ودمشق، قبل عشر سنوات، “مطالبين بالديمقراطية واحترام حقوقهم وحرياتهم الأساسية”، وبالرد الوحشي للنظام، وبجرائمه وانتهاكاته، متوعداً مرتكبي الجرائم في سوريا بعدم إفلات من العقاب الذي ينتظرهم، بوصفها مسألة إنصاف للضحايا، انطلاقاً من أن “مكافحة الإفلات من العقاب ليست مسألة مبدأ فحسب، بل هي أيضاً واجب أخلاقي وسياسي، ومسألة تتعلق بأمن المجتمع الدولي”. إضافة إلى أن “مكافحة الإفلات من العقاب شرط أساسي لإعادة بناء سلام دائم في سوريا”.

ويلتقي البيان الأوروبي مع تأكيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في تغريدته بمناسبة الذكرى العاشرة لانطلاق الثورة السورية، على التزام فرنسا بعدم السماح بالإفلات من العقاب، وبالوقوف إلى جانب الشعب السوري الذي ثار مطالباً بالحرية والكرامة. كما يلتقي كذلك مع البيان المشترك الذي أصدره وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا في المناسبة نفسها، واعتبروا فيه أن “الانتخابات الرئاسية السورية، المقررة هذا العام، لن تكون حرة ولا نزيهة، ولا يجب أن تؤدي إلى أي إجراء دولي للتطبيع مع النظام السوري”، وأكدوا فيه على أنهم سيسعون لمحاسبة المسؤولين “عن الجرائم الأكثر خطورة”، ومواصلة دعم لجنة تقصي الحقائق الدولية، مع ترحيبهم بجهود المحاكم في مختلف الدول “لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في سوريا”.

ولا شك في أن المسعى الأوروبي والأميركي لمحاسبة نظام الأسد على جرائمه يلقى ترحيب غالبية السوريين، الذين يسكنهم التساؤل عما إذا كان الأمر سيبقى محصوراً في إطار الدعوات والتصريحات والبيانات، أم أنه سينتقل إلى مرحلة الفعل والتنفيذ عبر إنشاء محاكم خاصة بجرائم الحرب في سوريا، وهو أمر يبدو مستبعداً في المرحلة الراهنة، لأن مواقف الأوروبيين والأميركيين وبياناتهم تتحدث عن مواصلة “المطالبة بالسماح للمحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في الجرائم المزعومة في سوريا ومحاكمة الجناة”. وأن جهودهم تنصبّ على “إحباط جهود الأطراف التي تسعى إلى عرقلة إحالة الجناة عبر مجلس الأمن إلى المحكمة”، لذلك يعملون “على ضمان توثيق الحقائق، ريثما يتم فحصها من قبل القضاة المختصين”.

ولا شك في أن الجهود الأوروبية في توثيق جرائم الأسد مهمة، وكذلك الخطوات التي اُتخذت برفع دعاوى على بعض رموز النظام الأسدي وعناصره في بعض البلدان الأوروبية، لكنها تبقى خطوات محددة، ولا ترقى إلى مطامح عشرات آلاف الضحايا من السوريين، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الخطوة التي اتخذتها هولندا لمحاسبة نظام الأسد على انتهاكه اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

وبالرغم من أهمية ملاحقة نظام الأسد في المحاكم الوطنية في الدول الأوروبية، إلا أنها لا تغني عن محاكمة كل رموز نظام الأسد على جرائمهم، إنصافاً للضحايا وتحقيقاً للعدالة، وإنهاء لمحاولات بعض الدول التستر أو السكوت على جرائم النظام. إضافة إلى أن سوريون كثراً يشعرون بالخذلان والإحباط من تعامل الساسة الغربيين مع الكارثة السورية، لأنهم لم يفعلوا المطلوب إنسانياً حيال إيقافها، حيث لم يبذلوا جهوداً كافية من أجل تشكيل محكمة دولية خاصة بسوريا للنظر في جرائم النظام، وخاصة مجزرة الكيماوي في غوطتي دمشق في 21 من شهر آب/ أغسطس 2015، إذ بدلاً من معاقبة النظام على هذه الجريمة البشعة، ابتلع الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، خطه الأحمر، وعقد صفقة مع النظام الروسي، متبعاً نهجاً رخيصاً من المقايضة، قضى بتسليم النظام المجرم مخزونه من المواد الكيمياوية، مقابل الإفلات من العقاب على الجريمة التي ارتكبها، الأمر الذي شجع النظام على التمادي في جرائمه ضد المدنيين السوريين.

ولا تنحصر جرائم نظام الأسد بحق السوريين في جرائم القتل بمختلف أنواع الأسلحة والتعذيب والتجويع حتى الموت، فضلاً عن الاغتصاب والاختفاء القسري والاعتقال غير القانوني، وكلها جرائم موثقة ومدعومة بالصور، كالصور الرهيبة التي هربها “قيصر”، أو التقارير الحقوقية الدولية، وخاصة تقرير “المسلخ البشري” الصادم عن سجن “صيدنايا” الذي أصدرته “منظمة العفو الدولية” عام 2017. كما أن رئيس “اللجنة المستقلة من أجل العدالة الدولية والمحاسبة”، ستيفن راب، كشف عن أن الأدلة التي جمعتها هذه اللجنة عن مسؤولية نظام الأسد عن جرائم الحرب، تفوق تلك التي توفرت للمدّعين في محاكمة قادة النازية أو محاكمة الزعيم اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوسوفيتش، وأنه بات بحوزة اللجنة ما يزيد على 900 ألف وثيقة حكومية هرّبت إليها، وورد اسم بشار الأسد في عدد من التقارير الموثقة للانتهاكات ضد السوريين.

ومع ذلك كله، ما تزال جرائم نظام الأسد برسم العدالة الدولية، التي لا بد أن تأتي يوماً على سوريا لمنع إفلات المجرمين من العقاب، ولعله من سخرية القدر ألا يخضع آل الأسد، بدءاً من حافظ الأسد ووصولاً إلى بشار الأسد، إلى محاكمات على الجرائم التي اقترفوها بحق الشعب السوري، إحقاقاً للحق، وإنصافاً للضحايا والثكالى.

تلفزيون سوريا

————————-

ليس بوتين وحده القاتل/ عمار ديوب

الرئيس الروسيّ “قاتل”. هكذا وصفه الرئيس الأميركي، جو بايدن. الصفة أُطلقت لأسباب تتعلق بالقتل الفاشي والمُشين بالسمّ للمعارضين الروس الهاربين من بوتين أو داخل روسيا، وبدرجة أقل لتدخله في الانتخابات الأميركية السابقة ولصالح دونالد ترامب. عكسُ ذلك، لم يتقدم بايدن بأيّة مواقف ضد الوجود الروسي في سورية، وهي قضيتنا المركزية، حيث لم يتغيّر موقفه عن زميليه السابقين، أوباما وترامب، أي الاعتراف بالاحتلال الروسي لسورية، والاكتفاء بدعم “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وقانون قيصر، والتضييق على النظام السوري. إذاً لم يرَ بايدن في كلّ ما فعله القيصر في سورية من دمارٍ وقتل وتهجير واستيلاء على الاقتصاد السوري عبر اتفاقيات مع النظام ما يعكّر مزاجه، أو يدفعه إلى موقف أميركيّ جديد، ينصف فيه الشعب السوري. قانون قيصر، والقرارات الدولية المُنصفة، ومعلومات كثيرة، تدفع بايدن إلى موقف متشدّد ضد روسيا لو رغب فعلاً بتحقيق السلام وتحسين الديمقراطية ورعاية حقوق الإنسان في العالم، ولكن هيهات! هذا وهمٌ كبير، ما زال يداعب بعض المعارضة السورية المكرّسة. لا، يا سادة، لا جديد في أن يكون بوتين قاتلاً. وماذا نقول عن أوباما وترامب وبايدن، وهم يرون المأساة السورية، ويثرثرون عن التغيير عبر الشرعية الدولية، والقرارات الدولية، ثم ومن سيُنفِّذ الأخيرة. لن نضرب أمثلة بالجملة، عن خذلان الدول العظمى للشعوب المستضعَفة، وفي مقدمتها الشعبان الفلسطيني أو العراقي، وبخصوص سورية، جنيف1 و2 وسوتشي وأستانة 16 واللجنة الدستورية 5.

ينتظر العرب ما ستنتهي إليه السياسة الأميركية الجديدة، وكأنّ الولايات المتحدة يمكن أن تغيّر السياسات القديمة جذريا. صحيح أن ترامب راح إلى الأقصى في دعم التسلطيّات، كالسيسي ورئيس كوريا الشمالية وبوتين وسواهم، ولكن بايدن لن يعمل على تغيير قادة هذه البلاد. وضمناً، لن تتغير العلاقات بين أميركا وروسيا، أو تتدهور أكثر مما هي الآن كما يتوقع محلّلون. تعيد أميركا الحالية تعزيز تحالفها مع أوروبا، وتحاول، بالدبلوماسية، جلب إيران إلى طاولة التفاوض من جديد، ومحاولة تخفيف العداء بين العرب وإيران، وكذلك إبعاد الصين عن منطقتنا، وتعلن أن الصّين هي عدوّتها الرئيسة في العالم. ربما توضح هذه النقطة أنه لا قيمة حقيقية لجملة بايدن، وأنها للاستهلاك المحلي، ولن نرى في المستقبل شيئاً ضد روسيا. إذاً ليس هناك جديدٌ يُغيّر مما جرت عليه السياسة الأميركية في منطقتنا بعد احتلال العراق.

كيف يحصل التغيير في سياسة الدول العظمى؟ هذا ما يجب التركيز عليه. يحدث ذلك إن حدث تغييرٌ كبيرٌ في السياسات الاقتصادية بالتحديد، أو في حال هدّدت إحدى الدول العظمى مصالح دولةٍ أخرى. لنلاحظ كيف أن أميركا تكرّر أن لا مصالح كبرى لها في سورية. وبالتالي، لن تكون سورية سبباً إضافياً للصراع بين الدولتين. وهناك تنسيقٌ عالٍ بين الدولتين، بخصوص الترسانة العسكرية والملاحة الجوية، وبخصوص الوجود العسكري في شرق سورية. ونضيف أن تقارير تقول إن التنسيق يشمل كل الوضع السوري. أردت القول إن لا تغيير كبيراً في السياسة الأميركية إزاء روسيا، والعكس صحيح، ما دامت السياسات الاقتصادية للدولتين ذاتها، وما دام ليس هناك من تهديدٍ للمصالح العالمية لكلا الدولتين. والقضية هنا لا تكمن في الترسانة النووية المانعة للحروب بين من يمتلكها. الفكرة الأخيرة لا تلغي التطور النوعي في الوضع الاقتصادي بين كل من روسيا وأميركا ولصالح الأخيرة.

تَدخّلَ بوتين في سورية بتنسيقٍ إقليمي وأميركي، وبغرض إخماد ما تبقى من الثورة، وإنقاذ النظام الذي فشل، هو وإيران ومليشياتها، في الوقوف ضد الفصائل السلفية والجهادية. وعدا ذلك، هناك تصريحات كثيرة أطلقها الرؤساء الأميركيون والموظفون الأساسيون في الإدارة الأميركية، وكلّها تُجمِع على أن النظام السوري لا يتمتع بأية شرعية. ولكن كل القرارات الدولية المُدِينة له لم تساهم في تغيير الوضع السوري، وعكس ذلك سمح الأميركان بدخول روسيا لإنقاذ النظام. المقصد من هذا الكلام أن لا مكان لسورية في إشعال حربٍ بين روسيا وأميركا، وهي محض ورقة سياسية بينهما، حينما تحين لحظة التسويات.

قبل التدخل الروسي 2015، كان التدخل الأميركي عبر التحالف الدولي ضد الإرهاب، عام 2014، والذي لم يتعدَّ مناطق تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) حينها. ولم تضغط أميركا ومن معها نحو أيّة تسويةٍ للوضع السوري. وهناك تقارير تؤكِّد مسؤوليتها وحليفتها “قسد” عن دمار مدينة الرقة، إكمالاً لما فعله النظام بها، وببلدات كثيرة. وبذلك ساهم الأميركيون في تدمير السوريين وقتلهم وتهجيرهم وإخماد ثورتهم، والتي لا ينتمي إليها “داعش”، ولا كل الفصائل المسلحة السلفية والجهادية، كما حال هيئة تحرير الشام.

سنحلّل، نحن السوريين، الوضع العالمي انطلاقاً من وضعنا نحن بالدرجة الأولى، وعبره نفكّك هذا التصريح أو ذاك، تلك السياسة وسواها، لهذه الدولة أو تلك. لا علاقة لما قاله بايدن بالوضع السوري، وبايدن ذاته ليس أفضل حالا من بوتين في السياسة العالمية، سيما دور الإدارة الأميركية في تخريب العراق، وبايدن كان حينها نائباً للرئيس. وبخصوص سورية، يشكل صمته بعد أشهرٍ من انتخابه موقفاً وسياسة، ومن أكبر الأخطاء أن نتوقع عودة إلى بيان جنيف 1 (المعلن في 2012) أو القرارات الأممية.

دفعت سعة إجرام النظام السوري العالم إلى أن يتقبّل قانون قيصر، وهو ما أقرّته الإدارة الأميركية، ولكنها لم تنفذه بشكل شامل، فهو لا يشمل القضايا الطبيّة أو الغذائيّة، وهذا جيد، ولكن المشكلة معه أنّه لا يتضمّن جانباً تنفيذياً ضد التدخل الروسي أو الإيراني الذي لم يتوقف، وإيران ما زالت تُدخِلُ مليشياتها من البوكمال ولبنان، بينما المساعدات الدولية تقصفها روسيا كما جرى قبل أيام عند معبر باب الهوى. القصد هنا أن ما يعمّق أزمة النظام، بالدرجة الأولى، سياساته الاقتصادية، حيث سمته الأولى أيضاً الفساد والنهب، وكذلك ضعف قدرة الروس والإيرانيين على الاستمرار في دعمه كما فعلوا قبلاً.

في كل الأحوال، شكّل فشل سياسة الروس منذ العام 2015 دافعاً للبدء بمنصّةٍ جديدة، وهي مسار الدوحة، والذي جمع قطر وتركيا مع روسيا؛ أي جمع دولتين ترفضان تعويم النظام وإعادة الحياة له، وتؤكّدان القرارات الدولية، وضرورة تشكيل هيئة كاملة الصلاحيات كما ورد في “جنيف 1”. وبالتالي، هل يسعى الأميركان إلى استثمار المنصّة الجديدة، والبدء بتسوية، يقوم بها كل المتدخلين في الشأن السوري، وليس بالضرورة أن تكون كما “جنيف 1” أو قرار مجلس الأمن 2254؟ وطبعاً لن يعيق تصريح بايدن البدء بذلك. ألم يكن الرؤساء الأميركيون وبايدن هذه المرّة شركاء في استمرار مأساة السوريين؟

—————————

واشنطن: الانتخابات لن تمنح الأسد الشرعية

واشنطن: الانتخابات لن تمنح الأسد الشرعية واشنطن تعتبر قرار الأمم المتحدة رقم 2254 الطريق الوحيد للحل في سوريا (Getty)

شددت المبعوثة الأميركية بالإنابة إلى سوريا إيمي كترونا على أن الانتخابات الرئاسية التي سيُجريها نظام بشار الأسد “غير حرة وغير نزيهة، ولا تتماشى مع معايير قرار الأمم المتحدة رقم 2254″، لذا لن تشرّع وجود الأسد”.

وأضافت في لقاء جمعها عبر دائرة الفيديو مع رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة أنس العبدة والرئيس المشارك للجنة الدستورية السورية عن المعارضة هادي البحرة، أن “الولايات المتحدة تدعم جهود المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن الذي طالبناه بتكثيف جهوده من أجل إطلاق سراح المعتقلين، وتنفيذ كل بنود القرار رقم 2254، باعتباره الطريق الوحيد للحل في سوريا”. وتعهدت أن “تستمر الولايات المتحدة في ضغطها من أجل محاسبة مرتكبي الجرائم في سوريا”.

بدوره، شدد العبدة على ضرورة تحريك ملفات المعتقلين والمحاسبة واستمرار العقوبات على رموز النظام، ومواصلة دفع العملية السياسية. وطالب بتمديد القرار الأممي الخاص بإيصال المساعدات الى السوريين، وإدراج معبر باب السلامة في القرار الدولي.

وقال العبدة إن “المعتقلين في حاجة ماسة إلى الحرية العاجلة وغير المشروطة، في حين أن العملية السياسية باتت في خطر، لذا لا بدّ من ممارسة ضغط دولي من أجل دفعها قدماً، خصوصاً أن معاناة السوريين أكبر من طاقتهم، وقضيتهم محقة”، داعياً إالى تشديد العقوبات على النظام لإجباره على قبول القرار 2254.

وفي مناسبة الذكرى السنوية للهجومين اللذين شنهما النظام السوري باستخدام أسلحة كيماوية على المدنيين في بلدة خان شيخون بريف مدينة إدلب في 4 نيسان/ابريل 2017، ومدينة دوما بريف دمشق في 7 نيسان/أبريل 2018، طالب الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس النظام السوري بالوفاء بالتزاماته الدولية، وتحمل مسؤولية الفظائع التي ارتكبها في حق الشعب.

وأثبتت منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية استخدام غاز الكلور في الهجوم على مدينة دوما، في حين اتهمت لجنة التحقيق الدولية المشتركة الخاصة بالبحث باستخدام أسلحة كيمياوية في سوريا، النظام باستخدام غاز السارين في تنفيذ مجزرة بلدة خان شيخون التي قتل فيها أكثر مئة مدني وأصيب أكثر من 500 غالبيتهم من الأطفال، وسط إدانات دولية واسعة

————————-

الداعم يتلاشى والحرية على الأبواب/ يحيى العريضي

مهما كانت مأساة مَن نشدوا “الحرية” في سوريا، ومهما تعقّد حاضرهم، ومهما اتسعت معاناتهم؛ إلا أن المستقبل لهم. فعلوا “اللامُتَوقّع”، فكانوا أبطالاً بحق؛ والبطل يعمّر بلد، لا يدمره. لقد قطعوا مع الاستبداد، كمن يتخلّص من مرض. مَن استمر في ظل الاستبداد مغصوباً له عذره، ومَن عاش رمادياً، ستبقى حياته ومصيره كلونه. ومن تماهى مع الاستبداد له مصيره ذاته: العبودية والنهاية البائسة.

لن أعدد أو أصف مآسي ومصائب هؤلاء؛ إنها أكثر من واضحة. أما أولئك الذين دعموا الاستبداد من الخارج، فأزماتهم ومصائبهم من نوع آخر؛ ولا علاقة لها بالضمير أو العاطفة أو الإنسانية. كل مَن وقف إلى جانب الاستبداد في أزمة حقيقية وحالة إفلاس سياسي وأخلاقي.

لنأخذ “حزب الله”- حزب إيران برئاسة أداتها حسن نصر الله- كيف كان، وكيف صار. في أذهان ونفوس العرب، وخاصة السوريين كان بطلاً، مقاوماً، رمزاً للتحرير والعز والكرامة والشهامة بشعبية قلَّ نظيرها. الآن صفاته ومسلكه عكس ذلك تماماً. لم يساهم فقط بأذى سوريا ولبنان، بل امتد تخريبه حيث امتد مشروع إيران الخبيث المدمر في المنطقة العربية. يكفي تحوله إلى تاجر ومروج للمخدرات في منطقتنا ودول أخرى؛ والأهم أنه تحوّل إلى عبء حتى على منظومة الاستبداد في دمشق.

أما إيران فقد تحوّلت من منقذٍ للمنظومة إلى عبءٍ أكبر عليها. ففي الداخل الإيراني ذاته، تململ من ملالي الإجرام، والوضع الاقتصادي منهار، والسمعة الدولية في الحضيض. الكل يراها دولة مارقة داعمة للإرهاب، ويعمل على وقف امتداداتها؛ فلا حياة لمشروعها، لأنه مشروع موت لا حياة. يكفي أنه في نفس كل عربي أو مواطن في هذه المحيط إحساس رفض ونبذ واحتقار لهذه الجيرة الموبوءة. يكفي أن مشروع إيران التوسعي الخبيث أضحى مفضوحاً تماماً. الحديد والنار لن يحمي إيران؛ ومستقبل أسود ينتظر هذا البلد الذي نشهد تململه يومياً للخلاص ممن أوصله إلى هنا.

روسيا، المنقذ الآخر تتمتع بسمعة عالمية لا تُحسَد عليها كترسانة أسلحة ليس إلا، وكدكتاتورية ممقوتة تستجدي تواصلاً مع الآخرين عبر تقديم أوراق اعتمادها لإسرائيل مثلاً. زيادة على ذلك تتمتع بفشل اقتصادي، وتشهد تململاً شعبياً معارضاً؛ ملفاتها الإجرامية وخروجها على القانون تتراكم. جرائم النظام مشتركة بها؛ عقودها مع من ادعى الشرعية وباع البلد، لا قيمة لها. لن يحافظ عليها إلا بالقوة؛ وتكون قوة احتلال ومقاومتها واجبة. وهاهي أخيراً تُيقن أن تكرار منظومة الاستبداد مستحيلة؛ فهي تحتاج لمن ينقذها اقتصادياً، لتتمكن من إنقاذ المنظومة. والدلائل فشل بأهدافها المعلنة: عودة لاجئين إعادة إعمار إيجاد حل سياسي “على قياس مصالحها”؛ ولا بد من القطع مع هذه السياسة البهلوانية الخرقاء رمز الفشل أمام أميركا وإيران وتركيا، وحتى أمام الأسد الذي تحميه. ولو لم يكن بوتين أفشل من لافروف لطرده؛ فالنجاح الوحيد الذي حققته تلك السياسات كان في القتل والتدمير والتهجير، وتجريب صنوف السلاح على أرواح السوريين؛ وكل هذا وصمة عار في تاريخها. فما الذي تنتظره منظومة الاستبداد من هكذا “دولة عظمى”؟

ومِنَ العربان مَن سعى للتطبيع، من داهن وكذب وراوغ وتعامل بالخفاء المكشوف. من سعى لجعل المأساة السورية درساً لشعبه كي لا يفعل ما فعلته انتفاضة سوريا واضح. خوف البعض يعشش في داخلهم، ويجعلهم يرتعدون من مصير مشابه لمنظومة الاستبداد. يجعلهم في حالة تجاذب بين تعاطف مع ألم الشعب السوري، ومصير كل من يستبد بشعبه؛ فلا هم يريدون لثورة السوريين أن تنجح، ولا هم يستطيعون مد اليد لمنظومة الإجرام. الموقف الطيب والمساند لشعب سوريا، وهو الأقوى، أيضاً واضح؛ وموقف المرتعدون الذين لا يستطيعون علناً دعم منظومة الاستبداد واضح؛ وهو الأضعف، وغير المفيد لمنظومة الاستبداد.

أما إسرائيل، فقصتها غريبة قليلاً؛ فهي-منذ تأسيسها- لم تُنجز بقدر ما أنجزت خلال العقد الماضي؛ وعلى حساب مأساة السوريين. وحسب العارفين ببواطن الأمور استراتيجياً، هذا الجنى مؤقت؛ وعلى المدى البعيد، يعيدها إلى البداية والخوف والحصار والغربة؛ لأن السوريين وصلوا إلى قناعة بأنها الأحرص على من فتك ببلدهم وأوصله إلى هذا الوضع المأساوي؛ فهي لا تستطيع إنقاذ تلك المنظومة، ولا تستطيع المجاهرة بما فعلت، ولا تلبية استغاثة نظام خدمها.

أما الاستخبارات العالمية، فخسارتها كبيرة بحكم تضعضع منظومة الاستبداد، وانحسار الخدمات الجليلة التي كانت تسديها لتلك الاستخبارات؛ من خلال موقعها الاستراتيجي، واستعدادية أهل الاستبداد لبيع كل شيء من أجل بقاء السلطة.

طال الزمان أو قَصُر، مصير هذه المنظومة الهزيمة بفعل ذاتي وآخر موضوعي؛ فهي بذرة شر فقدت مقومات البقاء، ارتكبت ما لا يُغفر؛ ومَن وقف إلى جانبها يزداد ضعفاً وإحراجاً وتدهوراً؛ فهو لا يقوى على حَمْلِ ذاته، كي يحمل ذلك العبء الإجرامي الدموي.

حق السوريين كالرمح وكمنارة؛ وما على السوريين وهذا العالم المعمي على قلبه إلا أن يدغش نحوها كي يرتاح ويريح. والقول بأن “الحق” في عالمنا مسألة عاطفية؛ ويحتاج لقوة لتحصيله؛ فالقوة موجودة وسوريا قوتها بداية من قوة الله وإرادة شعبها. لا بد من تواصل العقول والأيدي السورية لتضع القرارات الدولية التي تنص على التغيير والانتقال من حالة الاستنقاع السياسي أمام العالم وبموقف واحد وصوت واحد: “نريد استعادة بلدنا وخلاصه والنهوض به”. ولن يكون أمام كل القوى المتدخلة بشؤونه إلا التجاوب مع تلك الإرادة وتلك القرارات، التي يتشدقون بضرورة تطبيقها. وإن كان لهم من مصالح، فلا بد من الاحتكام للقوانين والعلاقات الدولية بشأنها. وإن كان غير ذلك، فهذه القوى بحكم القانون والشرع قوى احتلال، ومن حقنا مقاومتها وتحرير بلدنا. تلك القوى مأزومة؛ لم يعد لدينا ما نخسره؛ الزمن يبدأ غداً؛ وهذه دعوة للتحرير والاستقلال الجديد.

————————–

=====================

تحديث 06 نيسان 2021

—————————

صحيفة عبرية: إسرائيل توصي بتحول في النهج حول سوريا وإزاحة بشار الأسد مقابل تحرك دولي للإعمار

في ختام عقد على نشوب الحرب الأهلية في سو­ريا، واضح أنها، مثلما كانت بين 1963 – 2011، لم تعد كما كانت؛ فالعصيان المدني الذي قُمع بوحشية من نظام ديكتاتوري مسنود عسكرياً ودبلوماسياً من روسيا وإيران، ترك سوريا منقسمة إلى مناطق نفوذ وسيطرة بإسناد دول أجنية. هذا الواقع يفرغ من مضمونه الشعار الذي يطلق كثيراً من جانب محافل سورية وبعض من الدول الغربية عن “الحفاظ على وحدة وسلامة الدولة السورية. يبدو أن الدولة السورية ستبقى منقسمة ومفككة في المستقبل المنظور.

“خريطة السيطرة”: سوريا منقسمة واقعياً إلى عدة جيوب: بشار الأسد، بمساعدة عسكرية من روسيا وإيران وفروعها، يسيطر ظاهراً على ثلثي الدولة، ولا سيما على العمود الفقري الذي يربط بين المدن الكبرى حلب وحمص ودمشق، وبقدر أقل في الجنوب. أما منطقة إدلب في شمال غربي سوريا، فهي جيب للثوار برعاية تركيا، فعلى طول الحدود السورية التركية مناطق تحت سيطرة تركية. ومعظم المناطق في الشمال الشرقي من الدولة، التي تضم معظم المقدرات الطبيعية، تخضع لسيطرة كردية برعاية الولايات المتحدة. وفي وسط وشرق سوريا تعمل خلايا لـ”داعش”. السيطرة على الحدود السورية تشهد سيادة منقوصة: 1. الجيش السوري، التابع لنظام الأسد، سيطر على نحو 15 في المئة من الحدود البرية الدولية؛ 2. حدود سوريا – لبنان تحت سيطرة حزب الله؛ 3. حدود العراق – سوريا تحت سيطرة ميليشيات شيعية – فروع إيرانية – على جانبيها.

حدود سوريا : تركيا تحت سيطرة جملة من الجهات ليس نظام الأسد وسيدته إيران بينها.

الوضع الإنساني: في العقد من الحرب فقد نحو نصف مليون شخص حياتهم (في مرحلة معينة توقفت محافل الأمم المتحدة إحصاء الضحايا)؛ نحو 12 مليون شخص فقدوا بيوتهم وهم اليوم إما لاجئون أو نازحون، 90 في المئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر. يسيطر الأسد على نحو 12 مليون نسمة من السكان الذي يقدر عددهم بـ 17 مليون. والدولة على شفا أزمة مجاعة بينما يتعاظم النقص في المواد الأساسية لا سيما الخبز والوقود. يقدر بأن نحو 11 مليون من السكان يحتاجون إلى مساعدة إنسانية.

البنى التحتية: أكثر من ثلث البنى التحتية في الدولة دمرت أو تضررت بشدة. هاجم النظام وحلفاؤه – روسيا وإيران – مراكز المدن في حربه ضد المعارضة المسلحة، بما في ذلك في ظل استخدام السلاح الكيميائي والبراميل المتفجرة كجزء من استراتيجية التدمير لتصفية المناطق التي يسيطر عليها الثوار. وتقدر كلفة إعادة بناء سوريا بنحو 250 – 350 مليار دولار، ولا توجد في هذه المرحلة جهة قادرة أو معنية بتمويل إعادة البناء.

المكانة الإقليمية والدولية: يقاطع الغرب نظام الأسد ويلوح أن إدارة بايدن تواصل السياسة الأمريكية الحازمة تجاه الأسد، باتخاذ عقوبات ضده وضد محيطه، وعدم الاعتراف به زعيماً شرعياً أو بنتائج انتخابات الرئاسة التي ستجرى في نيسان – أيار، وذلك طالما لا تلوح في الأفق إصلاحات سياسية وبداية استقرار وإعادة بناء سوريا وفقاً “لخريطة الطرق” التي وضعتها الأمم المتحدة – مشروع 2245. للأسد عدد قليل من الأصدقاء في الشرق الأوسط، رغم أن عدد الدول التي طبعت علاقاتها معه مثل عُمان والبحرين والإمارات بل ومصر والأردن، سلموا ببقائه في الحكم، وهم يدعون مؤخراً إلى التخفيف من العقوبات على الشعب السوري. ومع ذلك، بقيت سوريا خارج الجامعة العربية. روسيا، التي تعترف بأنه مطلوب إصلاح سلطوي واقتصادي في سوريا كي يعترف العالم بالنظام فيها كصاحب السيادة الشرعي، لا تنجح في تحقيق تسوية سياسية. من ناحيتها، يعدّ الثمن السياسي لإنهاء حكم الأسد جسيماً؛ لأنها لا تشخص جهة مستقرة يمكنها أن تحل محله. على هذه الخلفية، تحاول موسكو تسويق نظام الأسد الإجرامي كنظام شرعي في أوساط الأسرة الدولية.

لماذا ينبغي لنهج “الشيطان المعروف” أن يتغير؟

منذ بدأ التدخل الروسي في حرب سوريا، في أواخر 2015، سلمت إسرائيل استمرار حكم نظام الأسد بمثابة تفضيل “الشيطان المعروف”. وباستثناء جهد متواصل للتشويش على بناء “آلة الحرب” الإيرانية في الأراضي السورية، اختارت إسرائيل الجلوس على الجدار وعدم المشاركة في الصراع بين الجهات السورية المتخاصمة. ولكن صورة الوضع الحالية تستوجب إعادة تقويم السياسة الإسرائيلية، وأساساً الفهم بأن النهج الذي وجه سياسة عدم التدخل فقد مفعوله للأسباب التالية:

أولاً، بشار الأسد هو الذي منح إيران الفرصة لتوسيع نفوذها في سوريا والتموضع في مستويات مختلفة في الدولة على مدى الزمن، وهكذا خلق لإسرائيلي تحدياً أمنياً عظيم المعنى على حدودها الشمالة. دعمت طهران الأسد ولا سيما من خلال حزب الله، وكيلها اللبناني، وكذا ميليشيات قتالية جندت من السكان الشيعة في العراق وأفغانستان وباكستان. في السنتين الأخيرتين، تركز إيران على تجنيد مقاتلين سوريين ودمجهم بميليشيات الدفاع المحلية، تدربهم وتسلحهم؛ وتعمق إيران نفوذها في الجيش السوري من خلال تأهيل قادة كبار والمساعدة في بناء القوة العسكرية؛ يسيطر حزب الله على طول حدود سوريا ولبنان ويشكل خلايا إرهاب في هضبة الجولان؛ تهيئ إيران قواعد لفيلق القدس من الحرب الثوري الإيراني في شمالي سوريا، مما يسمح بانتشار سريع للقوات ووسائل إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة الهجومية نحو إسرائيل عند الطوارئ. أما الهجمات الجوية الإسرائيلية فلا تمنع التموضع والنفوذ الإيراني المتعاظم في سوريا وإن كانت تشوش بعض الشيء المخططات الإيرانية لخلق جبهة هجوم ضد إسرائيل في أراضي الدولة. طالما كان الأسد في الحكم – فإن التحدي الأمني أمام إسرائيل بهذا المعنى سيتعاظم.

ثانياً، لا يوجد توقع لحل سياسي للأزمة في سوريا طالما كان الأسد في الحكم. وقسم مهم من سكان الدولة لا يعترفون به كحاكم شرعي. وتبدو شرارات الاحتجاج الآن حتى في أوساط الطائفة العلوية التي لم يتجاوزها العوز والجوع. من هنا فإن بقاء الأسد سيضمن لسنوات أخرى انعدام الاستقرار، وسيعمق تلك الظروف التي أدت إلى نشوب الحرب منذ البداية. وإصرار الأسد على عدم إجراء إصلاحيات سلطوية أو أي تنازل سياسي هو عائق في وجه كل محاولة تحقيق تسوية بوساطة الأمم المتحدة أو بقيادة روسيا. فما بالك أن الولايات المتحدة تمتنع عن المطالبة الصريحة بـ “تغيير النظام”، ومطالبها تدل على أنها تسعى إلى هناك. تواصل إدارة بايدن خط نظام ترامب وتمنع كل مساعدة اقتصادية لإعادة بناء سوريا بغياب تنازلات سياسية وعودة إلى مسار الأمم المتحدة. إضافة إلى ذلك، فإن بقاء الأسد في الحكم يضمن ألا يعود معظم اللاجئين إلى سوريا خوفاً من الاعتقال أو التجنيد القسري إلى صفوف قوات النظام. إضافة إلى التخوف من العودة إلى الدولة التي سلبت فيها ممتلكاتهم، مع اقتصاد مدمر وغياب أفق تشغيلي.

ثالثاً، بقدر ما يدور الحديث عن نظام الأسد، فإن حجة وجود “عنوان مسؤول” يمكن أن تتبع تجاهه قواعد لعب فقدت من قيمتها، والدليل هو أن الأسد لا يسيطر بشكل فاعل حتى في المناطق التي سيطر عليها عسكرياً. جنوب سوريا حالة اختبار واضحة لذلك: مع عودة السيطرة إلى قوات النظام في صيف 2018، أصبحت المنطقة مجالاً للفوضى في خليط من الفصائل المسلحة المقاتلة دون أن ينجح النظام في لجمها – بينها جهات معارضة، وجهات تخضع للنفوذ الإيراني أو الروسي، وكذا جهات محلية تتمتع بقدر من الاستقلالية في علاقاتها مع النظام المركزي.

وأخيراً، فضلاً عن تقويمات الوضع الاستراتيجية، فإن الاعتبار الأخلاقي يجب أن يؤخذ بالحسبان من جانب أصحاب القرار في إسرائيل والأسرة الدولية. الاعتراف الدولي بزعيم ارتكب جرائم حرب على مدى السنين ولا يزال يواصل التنكيل بالمواطنين – بعض من الحالات لم ينكشف للعالم إلا مؤخراً – هو ليس أقل من وصمة عار أخلاقية على جبين من يسعون إلى قبوله في حضن المنظومة الإقليمية والدولية.

التوصيات

ثلاث فرضيات لإسرائيل تبددت: الأولى أن جهد الهجمات سيمنع التموضع الإيراني العسكري في سوريا؛ والثانية أن روسيا ستبذل جهداً لدحر الفروع الإيرانية عن سوريا وتقليص نفوذ طهران في الدولة؛ والثالثة أنه من الأفضل حكم مركزي، حتى تحت قيادة الأسد، في دولة موحدة، على كثرة العناوين. يجمُل بإسرائيل أن تعترف بأن سوريا ستبقى منقسمة ومتنازعة، وأن الأسد طالما بقي في الحكم فلن يكون ممكناً دحر إيران وفروعها من أراضي الدولة. وبالتالي، عليها أن تشجع مبادرة واسعة لإزاحة الأسد عن الحكم مقابل المساهمة الدولية ومن دول الخليج العربي لإعادة بناء سوريا.

إلى أن تستقر سوريا من جديد، على إسرائيل أن تأخذ مخاطر في المدى الزمني القصير كي تمنع إيران وفروعها من السيطرة على سوريا، وذلك من خلال زيادة دورها في ثلاثة مجالات استراتيجية حيوية لها:

1* جنوب سوريا – لمنع إيران من إقامة حدود إرهاب واحتكاك عال في هضبة الجولان من خلال فروعها، على إسرائيل أن تستغل ضعف نظام الأسد ومنافسة النفوذ بين إيران وروسيا كفرصة لاتخاذ سياسة فاعلة في المجال: ضرب الفروع الإيرانية، بما في ذلك قوات حزب الله، وبالتوازي تعزيز القوات المحلية سواء السنية أم الدرزية، وإقامة علاقات مع السكان المحليين المعارضين للنظام في ظل منح مساعدة إنسانية تساهم في خلق “جزر نفوذ إسرائيلية” وهكذا تشوش مخطط التموضع الإيراني في المنطقة.

2* في شمال شرق سوريا – مع التشديد على منطقة الحدود العراقية السورية، على إسرائيل أن تستعد لسيناريو إخلاء قوات الولايات المتحدة. إيران جاهزة للسيطرة على الفراغ الذي سينشأ لتثبيت الجسر البري من العراق إلى سوريا ولبنان. نوصي إسرائيل بتطوير قنوات تعاون، في الظل، مع القوات الكردية ومنحها مساعدة عسكرية واقتصادية، وإلى جانب ذلك بناء منصة لنشاط عملياتي متواصل في هذه المنطقة لمنع السيطرة الإيرانية على هذا الإقليم الاستراتيجي الغني بمقدرات الطاقة والزراعة.

3* الحدود السورية – اللبنانية. الرد المتبادل بين حزب الله وإسرائيل اتسع إلى الأراضي السورية إلى المنطقة المحيطة بالحدود السورية – اللبنانية. هذه المنطقة الواقعة تحت سيطرة حزب الله تسمح للمنظمة بنقل الوسائل القتالية إلى لبنان وإقامة صناعة تهريب حيوية لها، بل ونشر وسائل قتالية، توجه ضد إسرائيل في يوم الأمر. إن سيطرة حزب الله على الحدود السائبة بين سوريا ولبنان تعبر عن ضعف استراتيجي لإسرائيل سمحت بتعاظم المنظمة بعد حرب لبنان الثانية وتشكل رافعة نفوذ سياسي عسكري اقتصادي واجتماعي لحزب الله في سوريا. نوصي بأن تصعد إسرائيل نشاطها العملياتي في المنطقة في إطار “المعركة ما بين الحروب”. وإلى جانب ذلك، أن تشجع تدخلاً دولياً لإغلاق الحدود بين سوريا ولبنان على أساس التقدير بأنها خطوة حيوية لإعادة بناء لبنان مثلما لإضعاف الجهات المتطرفة في المنطقة كلها.

بقلم: أودي ديكل وكارميت بلنسي

نظرة عليا 6/4/2021

القدس العربي

———————-

التدخل الروسي في سوريا: أنقذنا النظام لكن الدولة انهارت../ بسام يوسف

خلال مشاركته في أعمال منتدى «فالداي» الدولي للحوار في موسكو، كشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن النزاع في سوريا يبدو في وضع مجمّد، وأن استمراره على هذا النحو يهدّد بانهيار الدولة السورية.

فسّر البعض تصريح لافروف على أنه تهديد مبطن للمجتمع الدولي، بأن موجة لجوء سورية كبيرة قادمة، إذا لم يوافق المجتمع الدولي على فكّ الحصار عن سوريا، والبدء بإعادة إعمارها.

بعيداً عن تصريح لافروف، وبعيداً عن غاياته، وعما قام به الروس على الأرض خلال سنوات تدخلهم العسكري المتوحش في سوريا، وبعيدا عن مدى مشاركتهم في انهيار الدولة السورية، فإن كل المؤشرات العلمية والمعايير المعتمدة لتقييم انهيار الدولة من عدمه، تذهب بنا إلى حقيقة أن الدولة السورية منهارة الآن، وأن ما يُبقي هيكلها الخارجي الذي يغطي انهيارها واقفاً، ما هو إلا محاولة من روسيا وإيران بهدف تحسين شروطهما في بازار الكارثة السورية.

لن أتحدث عن انهيار مجمل الركائز الأساسية للدولة السورية، وسأتطرق هنا فقط إلى الانهيار الاقتصادي، وهو المعيار الذي طالما كرر المدافعون عن الدولة السورية استعماله كدليل على بقائها.

 فيما يلي أهم المؤشرات التي تدل في حال وجودها، على أن الدولة منهارة اقتصاديا:

1- التراجع الاقتصادي الكبير في عوامل الاقتصاد الداخلي للدولة، مثل الدخل القومي، وسعر صرف العملة المحلية في مواجهة العملات الأخرى، والميزان التجاري، ومعدلات الاستثمار، ومعدل النمو، وكيفية توزيع الثروات، ومعيار الشفافية، وتفشي الفساد، والتزامات الدولة المالية.

 2- عدم القدرة على تقديم الحد الأدنى من الخدمات العامة للمواطنين، واستنزاف الإمكانات والثروات المتوفرة، وعدم القدرة على تجديدها.

 3- غياب الرقابة والمحاسبة الحقيقية، التي تشترط بالضرورة أن يكون جميع أفراد هذه الدولة تحت سقف القانون.

4- غياب التنمية الاقتصادية في مختلف القطاعات: التعليم، توفير فرص العمل، معدل الدخل، وتخفيض مستويات الفقر.

5- حدوث انقسام حاد في الطبقات الاجتماعية، واقتصارها على طبقتين، إحداهما فاحشة الثراء وأخرى مسحوقة، وغياب الطبقة الوسطى التي يؤشر حجمها وفاعليتها عادة على طريقة توزيع الثروة.

6- غياب الفرص الاقتصادية المتاحة للجميع، واحتكارها من قبل أقلية مميزة.

7- ازدياد أعداد المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر.

8- انعدام القدرة على الحفاظ على الموارد الاقتصادية وتنميتها.

9- انتشار الفساد على نطاق واسع.

10- الاعتماد الكبير على المساعدات الخارجية والقروض، وبيع أو تأجير الأصول السيادية، دون أن تُوظف الأموال المحصّلة من هذه المصادر في مشاريع تطوير حقيقي ملموس، الأمر الذي سيرتب مديونية متصاعدة، تُرهق كاهل الموازنة العامة.

اعتماداً على كل المؤشرات والمعايير السابقة، يُمكن القول ببساطة شديدة – ليس من قبل المختصين وحسب، بل ومن قبل المواطنين السوريين- إن الدولة السورية هي دولة منهارة اقتصادياً.

إن تحول أي دولة من جهة يُفترض بها أن تدير الاقتصاد وتضع خطط تنميته، وتعمل على تطويره لتلبية حاجات المجتمع الأساسية، إلى جهة جباية فقط، وتخصيص كامل ما تجبيه من أجل بقاء السلطة المتحكمة بها، هي دولة منهارة اقتصادياً، وهي في طريقها إلى التفكك.

لكن الصدمة التي يسببها تصريح لافروف، والذي يوحي بقلق روسيا وحرصها على بقاء الدولة السورية، تستدعي السؤال المهم، وهو ماذا فعلت روسيا لتمنع انهيار الدولة السورية، وهل أراد التدخل الروسي حماية الدولة أم حماية النظام حتى لو تطلبت حمايته إضعاف الدولة وانهيارها؟

يمكن لأي متابع لتفاصيل التدخل العسكري الإيراني، ومن بعده الروسي، أن يستنتج بسهولة أن هذا التدخل لم يحم الدولة السورية إلا بمقدار ما يخدم بقاء هذه الدولة مصالح روسيا وإيران، وأن المساعي الحثيثة التي بذلتها موسكو، وكان آخرها لقاء الدوحة الذي جاء بعد جولة خليجية، وجمعها مع وزير الخارجية التركي والقطري، لم تكن لإنقاذ الدولة السورية من انهيار ما تبقى منها، بل كان أساساً لمحاولة تحشيد دعم عربي للإبقاء على الأسد، كون بقائه هو الذي يبقي على المصالح الإيرانية والروسية، وهو الذي يشرعن ما نهبتاه، أو ستنهبانه من جسد سوريا المتداعية.

إن غياب إيران عن قمة الدوحة لم يكن محاولة لإقصائها، أو لإضعاف حضورها في المشهد السوري، كما حاول الروس الإيحاء به، بل كان مُتعمداً لعدم إثارة مخاوف بعض الدول الخليجية، ودفع هذه الدول للتوافق على الخطة الروسية، والتي تخدم فعلياً إيران وروسيا.

يعرف الروس جيداً أن إنقاذ الدولة السورية يعبر من ممر وحيد، هو صيغة لحل سياسي يفضي إلى التخلي عن بشار الأسد، وما يمثّله، وإن كانت روسيا لا تستبعد هذه الصيغة نهائياً، إلا أن إيران سيكون من الصعب جدا أن توافق عليها، فما تريده إيران من وجودها في سوريا يختلف عما تريده روسيا، فضلاً عن أن المصالح الروسية لا تلقى المعارضة القوية من الأطراف الدولية، بالمستوى الذي تلقاه المصالح الإيرانية.

إن المساهمة في صياغة حل سياسي حقيقي في سوريا، يتطلب من روسيا الاعتراف بأن بقاء عائلة الأسد هو عقبة حقيقية أمام أي حل قابل للحياة، وأن مجاراتهم للرؤية الإيرانية سيبقي سوريا في حالة استعصاء قد تودي بها، فهل يستمر العناد الروسي في تشبيك المصالح الروسية والإيرانية، متجاهلين الانهيار الحاصل في المجتمع والدولة السورية؟

لن يتمكن الروس من الوصول إلى نتائج حقيقية، إذا ما استمروا في التنكر لحقائق السنوات العشر الأخيرة، فهم في خضم معادلة سورية شديدة التعقيد، ولن تفضي المراهنة على الموقف الأميركي المتأرجح والمتناقض، والذي لايزال ملتبساً الى أي جدوى، فهناك في النهاية قرار أميركي، وهناك أيضاً أطراف أخرى، وفي مقدمتها دول الاتحاد الأوروبي، ترفض الموافقة على حل سياسي مفخخ، قد ينهار في أي لحظة.

من هنا يأتي غموض الموقف الروسي حيال الانتخابات الرئاسية في سوريا، وترددهم حيالها، ففي الوقت الذي يعتبرها الإيرانيون وبشار الأسد إنقاذاً لهما، يراها الروس مشكلة قد تتسبب في إطالة المعضلة السورية لسنوات، لن يستطيع الروس اللاهثون لحل سريع تحمّلها.

تلفزيون سوريا

————————

الخزانة الأميركية تجيب.. هل يضر قانون قيصر بغذاء ودواء السوريين؟

قدمت وزارة الخزانة الأميركية توضيحات بشأن تأثير قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا، وأكدت أنها تضمن وصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين المحتاجين، وأن القانون يتعامل مع أصحاب النشاطات التجارية والداعمين الإغاثيين الأميركيين وغير الأميركيين على حد سواء.

ونشرت الخزانة على حسابها في تويتر توضيحات صادرة عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (وكالة استخبارات مالية تنفّذ القانون في وزارة الخزانة في الولايات المتحدة) جواباً على سؤالين شائعين لتقديم مزيد من الإرشادات حول عقوبات قانون قيصر وبعض المساعدات الإنسانية.

    The U.S. is committed to ensuring that humanitarian assistance reaches Syrians in need. To that end, today OFAC published two FAQs providing further guidance on the Caesar Act sanctions & certain humanitarian assistance.

    Please see FAQs 884 and 885 for details.

    — Treasury Department (@USTreasury) April 5, 2021

السؤال الأول

: “هل يتعرض الأشخاص غير الأميركيين، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والمؤسسات المالية الأجنبية، لخطر التعرض لعقوبات ثانوية أميركية بموجب قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019 (قانون قيصر) بسبب الأنشطة التي يُصرح بها بموجب لوائح العقوبات السورية (SySR)؟

وأكد جواب “الخزانة الأميركية” على أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، يتعامل مع نشاطات الأشخاص الأميركيين وغير الأميركيين على حد سواء في تحديد العقوبات بموجب قانون قيصر، وبالتالي فإن المعاملات التي لا يُطلب فيها الحصول على ترخيص محدد من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، لا تعتبر “خطيرة (ذات أهمية)”.

وقالت الوزارة في جوابها على السؤال :”وفقاً لذلك، لن يخاطر الأشخاص غير الأميركيين، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والمؤسسات المالية الأجنبية، بالتعرض للعقوبات بموجب قانون قيصر بسبب الانخراط في نشاط، أو تسهيل المعاملات والمدفوعات لمثل هذا النشاط المصرح به للأشخاص الأميركيين، بموجب ترخيص عام صادر بموجب لوائح العقوبات السورية.

وأشارت إلى أنه، للحصول على قائمة التراخيص العامة بموجب لوائح العقوبات السورية SySR المتعلقة بالمساعدة الإنسانية والتجارة مع سوريا، فيمكن الاطلاع على بيان الحقائق الصادر عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في 16 من أبريل 2020، بعنوان: توفير المساعدة الإنسانية والتجارة لمكافحة COVID-19.

وعلاوة على ذلك، تنظّم المادة 7425 من قانون قيصر، مع بعض الاستثناءات، الترخيص العام في البند 542.516 من لوائح العقوبات السورية SySR الذي يسمح ببعض الخدمات لدعم المنظمات غير الحكومية. بالإضافة إلى ذلك، تتضمن المادة 7432 من قانون قيصر تنازلاً إنسانياً عن الأنشطة التي لا يغطيها البند .542.516

السؤال الثاني

: هل يجوز للأفراد الأميركيين وغير الأميركيين، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والمؤسسات المالية الأجنبية، تقديم أو تسهيل مساعدات إنسانية معينة لسوريا دون التعرض لخطر العقوبات؟

وأكدت الوزارة في إجابتها على السؤال بأنه لا يُحظر تصدير المواد الغذائية من أصل أميركي ومعظم الأدوية إلى سوريا، ولا يتطلب تصديرها الحصول على ترخيص من مكتب الصناعة والأمن التابع لوزارة التجارة (BIS) أو ترخيص من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، وبالتالي فإن الأشخاص غير الأميركيين لن يتعرضوا لخطر العقوبات بموجب قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019 (قانون قيصر) لمشاركتهم في مثل هذا النشاط.

وعرضت الوزارة إمكانية الاستفسار الخاص بالمعاملات التي تنطوي على مواد خاضعة للوائح إدارة التصدير الموجهة إلى سوريا، عبر الاتصال بقسم السياسة الخارجية في بنك التسويات الدولية على البريد الإلكتروني :Foreign.Policy@bis.doc.gov

وشددت الخزانة على أنها تواصل دعم العمل الحاسم للحكومات وبعض المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية والأفراد الذين يقدمون الغذاء والأدوية والإمدادات الطبية والمساعدات الإنسانية للمدنيين في سوريا، ووصول المساعدة إلى المحتاجين، وأن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية ما يزال ملتزماً بضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري ويحافظ على سياسة مواتية تدعم تقديم المساعدة الإنسانية،

وعرضت على الأفراد أو الشركات أو المؤسسات المالية الذين لديهم أسئلة حول المشاركة في المعاملات المتعلقة بهذه التصاريح، الاتصال بقسم الامتثال وتقييم العقوبات التابع لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية على  (800) 540-6322 أو (202) 622-2490.

بيان الحقائق “توفير المساعدة الإنسانية والتجارة لمكافحة COVID-19”

وفيما يلي ترجمة موقع تلفزيون سوريا لبيان الحقائق الصادر عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في 16 من أبريل 2020، بعنوان: توفير المساعدة الإنسانية والتجارة لمكافحة COVID-19:

إن العقوبات التي فرضها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قد تم تصنيفها لردع ومنع بشار الأسد ورفاقه ومن يقومون بتمكينه من الأجانب، والحكومة السورية من الوصول إلى النظام المالي الدولي وسلسلة الدعم العالمي. وأيضاً هنالك كثير من الفاعلين المحظورين الذين يعملون في سوريا، مثل من يرتبط بمن صنف بالإرهابي على المستوى الدولي، أو إيران أو روسيا، مما قد يدعو لفرض عقوبات ومحظورات إضافية. ويلتزم مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بضمان عدم قيام هذه العقوبات بالحد من قدرة المدنيين الموجودين في سوريا من الحصول على الدعم الإنساني الذي يقدمه المجتمع الدولي. وقد يشتمل هذا الدعم على تقديم المواد للمدنيين في سوريا، ومعدات الفحص بالنسبة لكوفيد-19، وأجهزة التنفس، ومعدات الوقاية الشخصية، والأدوية المستخدمة للوقاية والتشخيص والمعالجة وكذلك للنقاهة من مرض كوفيد-19. وتهدف الولايات المتحدة إلى العمل عن كثب مع المؤسسات الدولية ومجتمع المساعدات الإنسانية لمواجهة هذه العوائق.

التراخيص العامة والخاصة

فيما يلي التراخيص العامة ضمن قوانين العقوبات السورية الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية فيما يتصل بالمساعدات الإنسانية والتجارة مع سوريا. وبالطريقة ذاتها، حصرت الإعفاءات تحت قانون ترخيص الدفاع الوطني الخاص بالسنة المالية لعام 2020، تحت عنوان: قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019″ والذي يضع قوانين للتراخيص العامة التابعة لقوانين العقوبات السورية (التي سنأتي على ذكرها أدناه) والذي يبيح لخدمات محددة تقديم الدعم للمنظمات غير الحكومية، ويشمل ذلك التنازل الإنساني.

• يبيح القانون رقم 542.510 من قوانين العقوبات السورية بعض الصادرات أو المواد المعاد تصديرها إلى سوريا والتي تم ترخيصها أو منحت صلاحية عبر وزارة التجارة وما يتصل بها من خدمات محددة. وهذه الرخصة العامة ترخص أيضاً خدمات محددة تتم بشكل اعتيادي مرافق لعملية تصدير أو إعادة تصدير السلع والمواد إلى سوريا وبعض الخدمات الأخرى التي تتصل بتركيب وإصلاح واستبدال تلك المواد، شريطة أن يكون تصدير تلك السلع مرخصاً أو حاصلاً على ترخيص من قبل وزارة التجارة. كما أن الأغذية الأميركية الأصلية ومعظم الأدوية غير محظورة التصدير إلى سوريا، ولا تحتاج إلى رخصة من وزارة التجارة أو من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (راجع سوريا أسئلة متكررة 299).

• يبيح القانون رقم 542.512 من قوانين العقوبات السورية بموجب بعض القيود الحوالات الشخصية غير التجارية المرسلة من وإلى سوريا. كما يبيح مكتب مراقبة الأصول الأجنبية لمؤسسات الإيداع الأميركية التي تشمل المصارف وشركات تحويل الأموال المسجلة في الولايات المتحدة بإجراء عمليات التحويل الشخصية غير التجارية من وإلى سوريا، أو لصالح أو بالنيابة عن شخصية مقيمة بشكل اعتيادي في سوريا، شريطة ألا يتم تحويل الأموال عبر الحكومة السورية أو إليها أو من خلالها، أو أي شخصية تم تصنيفها على أنها محظورة من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية.

• يبيح القانون رقم 542.513 من قوانين العقوبات السورية الأنشطة الخاصة بمؤسسات دولية معينة، إذ بموجب بعض القيود، تبيح التراخيص العامة الصفقات والأنشطة التي تتم من أجل مشروع تجاري رسمي خاص بالأمم المتحدة ويشمل ذلك الوكالات الخاصة بها وبرامجها وأموالها وما يتصل بها من منظمات وموظفين ومتعاقدين ومتعهدين ومستفيدين من تلك المنظمات.

• يبيح القانون رقم 542.516 من قوانين العقوبات السورية بموجب بعض القيود للمنظمات غير الحكومية أن تقوم بتزويد خدمات معينة دعماً لأنشطة غير ربحية في سوريا، وكذلك يحق لمؤسسات مالية أميركية محددة أن تجري عمليات تحويل الأموال دعماً للأنشطة غير الربحية في سوريا، والتي تشمل:

– المشاريع الإنسانية التي تعمل على تلبية احتياجات الناس

– عملية إرساء الديمقراطية

– المشاريع التي تدعم التعليم

– المشاريع التنموية غير التجارية التي يستفيد منها الشعب السوري بشكل مباشر

– الأنشطة التي تدعم عملية حفظ وصيانة وحماية مواقع التراث الحضاري الأثرية.

• يبيح القانون رقم 542.525 من قوانين العقوبات السورية عملية التصدير وإعادة التصدير والبيع والتوريد للخدمات التي ترافق عملية التصدير وإعادة التصدير إلى سوريا ويشمل ذلك الحكومة السورية، وذلك بالنسبة للأغذية الأميركية الأصلية والأدوية والأجهزة الطبية التي تم تصنيفها تحت البند EAR99 الخاص بقوانين إدارة التصدير إذا كانت تخضع لتلك القوانين، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، من قبل الولايات المتحدة أو من قبل شخص أميركي من أي مكان كان، إلى سوريا، ويشمل ذلك الحكومة السورية.

• يبيح القانون 542.531 من قوانين العقوبات السورية تقديم خدمات طبية عاجلة غير محددة بجدول زمني.

• الترخيص الخاص: بالنسبة للصفقات التي لا تبيحها التراخيص العامة الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، يقوم هذا المكتب بدراسة طلبات الترخيص الخاص كل حالة على حدة مع إيلاء الأولوية لطلبات الترخيص والأسئلة المتعلقة بالمطابقة، وغير ذلك من الطلبات التي تتصل بالدعم الإنساني المقدم للشعب السوري.

تلفزيون سوريا

————————-

سوريا: تفاقم أزمة المحروقات والدواء في مناطق سيطرة النظام

تعمقت أزمة المشتقات النفطية في مناطق سيطرة النظام السوري خلال الأيام الماضية، جراء عدة عوامل أفضت إلى تشكل طوابير طويلة من السيارات والمركبات أمام محطات الوقود. وبحسب معلومات حصل عليها مراسل الأناضول من مصادر محلية، فإن توقف توريد المشتقات النفطية من المناطق التي يحتلها تنظيم “ي ب ك / بي كا كا” (الإرهابي بتصنيف تركيا) إلى مناطق سيطرة النظام، عمق من أزمة المشتقات النفطية. كما يجري الحديث عن أزمة دواء عميقة في مناطق النظام.

وتضيف المعلومات أن هذا التوقف بدأ قبل حوالى أسبوعين بسبب تراكم الديون على نظام الأسد، فضلاً عن ضغوط من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على التنظيم الإرهابي لوقف تجارة النفط مع النظام. كما يعيش النظام صعوبات أخرى تتعلق بهبوط قيمة الليرة السورية أمام الدولار (الدولار يعادل 3650 ليرة)، وارتفاع أسعار النفط، ما أدى إلى صعوبة في حصوله على النفط من إيران.

ويمضي أصحاب المركبات في دمشق وحلب واللاذقية وطرطوس وحماة والمدن الكبرى المزدحمة وقتهم في طوابير طويلة أمام محطات الوقود نتيجة شح المشتقات النفطية، حسب الأناضول، بالإضافة إلى أزمة الدواء وفقدان بعضها وارتفاع أسعارها بشكل يصعب على العائلات الفقيرة الحصول عليه.

وفي وقت تتعمق فيه أزمة المحروقات وتصيب الحياة بالشلل، فإن حسابات مقربة من النظام على وسائل التواصل الاجتماعي، تنقل عن حالة توقف المواصلات الداخلية في العاصمة دمشق، ومدينتي حلب واللاذقية. كما سعى النظام لحل هذه المشكلة عبر رفع أسعار المشتقات النفطية والمحروقات، ولكن هذه الخطوة أيضا لم تكن حلاً للأزمة الخانقة. وسجلت الليرة السورية في 16 آذار/ مارس الماضي أكبر خسارة في القيمة على مدار التاريخ، وفي اليوم نفسه رفع النظام سعر البنزين بما نسبته 50 في المئة.

وبعد الزيادات فإن أسعار المشتقات النفطية في مناطق النظام المدعومة حكومياً من البنزين والمازوت وصلت إلى نحو ألفي ليرة، ولكن لعدم وجود لائحة أسعار رسمية فإن المواطنين يضطرون لشراء المشتقات النفطية من السوق السوداء بضعفين أو ثلاثة أضعاف هذا المبلغ. وذهب النظام إلى تقليل الحصة من المحروقات لأصحاب المركبات إلى النصف في البطاقات الإلكترونية التي تمنح لهم، فيما ربط الأزمة بتأخر وصول المشتقات النفطية بسبب أزمة النقل في قناة السويس. وبتقليل النسبة، فإن أصحاب السيارات الخاصة في المدن الكبرى باتوا يحصلون على 20 ليترا من المحروقات في الأسبوع، فيما حددت حصة أصحاب سيارات الأجرة العمومية بخمسة ليترات في اليوم فقط.

وطرد تنظيم “ي ب ك / بي كا كا” نحو 1500 مدني من بيوتهم في مدينة الحسكة شرقي سوريا، بطلب من القوات الأمريكية، تحت مبرر “دواعٍ أمنية”. وأفادت مصادر محلية لمراسل الأناضول، أن عناصر التنظيم أجبروا سكان 15 بناء في محيط المدينة الرياضية التي توجد فيها مواقع للقوات الأمريكية وللتنظيم على إخلائها لأسباب أمنية، بعد تلقيهم طلبا من القوات الأمريكية بهذا الصدد.

————————

عشرية الموت والآلام السورية..بفضل روسيا/ بسام مقداد

التقرير ، الذي أصدرته الجمعة الماضية أربع منظمات روسية للدفاع عن حقوق الإنسان ، وكما كان متوقعاً ، تجاهله كلياً الرسميون الروس ، وكذلك المواقع الإعلامية الروسية الدائرة في فضاء الكرملين ، حتى تلك ، التي كانت حتى وقت قريب تعتبر مستقلة . واقتصرت تغطيته الروسية على عدد من المواقع الإعلامية المعارضة ، القليلة أصلاً ، من دون إرفاقه بأية تعليقات ، ” خشية  التعرض للعقوبات ، التي قد تصل حد الإقفال” ، حسب مصدر ل”المدن” في موسكو شارك في المقابلات  ، التي إعتمدها التقرير .  وقد يكون الكرملين بانتظار ردة الفعل الدولية والعربية على التقرير ليقرر الموقف منه ، والعقوبات على واضعيه ، والتي قد تتراوح بين الملاحقات والمحاكمات وإدراج المنظمات المعنية  في قائمة “عميل أجنبي” ، التي سبق وضمت إثنتين منها ( جمعية ““Memorial و”المساعدة المدنية”) ، وتبقى خارج القائمة “جمعية أمهات الجنود” في سانت بطرسبورغ و “الحركة الشبابية للدفاع عن حقوق الإنسان” .

حملت النسخة الإنكليزية من التقرير عنوان “عقد مدمر” ، والعربية “عقد من الويلات” ، والروسية “عشر سنوات رهيبة” . وتراوحت عناوين نصوص المواقع الروسية بشأنه بين ” أكلتُ قطة إسمها صوفيا ، ولن أنسى ذلك أبداً” لصحيفة “Novaya” ، التي اضافت إليها “المدافعون عن حقوق الإنسان قدموا التقرير الروسي الأول عن الحرب في سوريا ، وشرحت لماذا يجب معرفة ذلك ويقرأه من هم فوق سن 18″ ؛ و”قصص الناس جعلتنا نبكي” لقناة التلفزة “Dojd” ، التي اضافت “كيف تم إعداد التقرير عن التعذيب ، الجوع والإعدامات في سوريا” ؛  و”الإنسان ، الذي مر بذلك ، هو نصف ميت” لموقع “TSN” الأوكراني الناطق بالروسية ، والذي أضاف “تقرير المدافعين عن حقوق الإنسان عن عشر سنوات حرب في سوريا” ؛ و”عشر سنوات رهيبة” لموقع “Rosbalt” ، الذي اضاف “المدافعون عن حقوق الإنسان قدموا تقريراً عن التعذيب والجوع في سوريا” ؛ و”عشرات الألوف عانوا من الدعم الروسي لبشار الأسد” للموقع الروسي “kasparov” ؛ و”المدافعون عن حقوق الإنسان : الأسد بدعم من روسيا إستخدم القنابل والسلاح الكيميائي ضد سكان سوريا” لموقع “MBK” العائد للمعارض ميخائيل خاداركوفسكي ، الذي أمضى عشر سنوات في سجون الكرملين .

كانت “المدن” قد أرسلت النسخة الروسية من التقرير لعدد من كبار الكتاب السياسيين والمعلقين الروس ، من الموالاة والمعارضة الليبرالية على السواء ، وسألتهم ما إن كانوا يرغبون في إبداء رأيهم به . ومع أن أحداً منهم لم يرد بالرفض،إلا أنهم صمتوا جميعاً ، وذلك ، على ما يبدو ، إما توافقاً مع التجاهل الرسمي للتقرير ، وإما تحسباً لردة فعل السلطات الروسية وتفادي إشكال إضافي معها .

لكن “المدن” طرحت عدداً من الأسئلة على أحد المشاركين الأساسيين في إعداد التقرير ، محامي “جمعية أمهات الجنود” في سانت بطرسبورغ ألكسندر غورباتشوف (لا صلة قرابة مع الرئيس السابق ميخائيل غورباتشوف) ، الذي شارك في الكثير من المقابلات مع ضحايا التعذيب والجوع السوريين ، بما فيها المقابلات في عرسال شمال لبنان . 

رداً على سؤاله  عما إن كان التقرير ، على الرغم من أهميته الكبيرة ، قد جاء متأخراً ، وما الذي دفعهم لإعلانه الآن بالذات ، قال بأنهم ، حين بدأوا العمل في التقرير ، كانت العمليات العسكرية تشمل عملياً جميع الأراضي السورية ، وكانوا يدركون ، أن وضع تقرير نوعي ، يتطلب وقتاً . ويقول ، بأن الصراع لم ينته بعد ، لكن إعادة إعمار سوريا بعد الحرب “تجري على قدم وساق” في المناطق ، التي إنتهى الصراع فيها . ولذا ، فإن التقرير، برأيه ،  قد “يدفع الأطراف” إلى بناء مجتمع “أكثر عدالة” في سوريا ما بعد الحرب ، وإلى التحقيق في المعلومات ، التي يتضمنها التقرير ، وإلى إعادة النظر في موقفها من الحرب في تلك المناطق ، التي لم ينته الصراع فيها بعد .

وعن الهدف من وضع التقرير ، يقول الرجل ، بأن الهدف الاساسي كان إيصال المعلومات لسكان روسيا “عن المأساة السورية ، عن مأساة الناس العاديين ، الذين اصطدموا بحرب لا إنسانية” . ومن غير الصحيح القول ، بأنه لم تكن هناك حرب مع الإرهابيين ، “بل هي كانت” ، وبموازاتها كان هناك صراع سياسي داخلي ونضال ضد “النظام ، الذي “إعتبره كثيرون من المواطنين السوريين الذين سألناهم مجرماً” ، وهو ما لا تتحدث عنه كبريات وسائل الإعلام الروسية”. ويقول ، “لكن نحن تجنبنا كلياً التقويمات السياسية والإتهامات وركزنا على خرق حقوق الإنسان” .        

وفي الرد على السؤال عن ردة فعل ، التي يتوقعوها من السلطات الروسية ،: التجاهل التام ، ملاحقة واضعي التقرير وإتهامهم بموجب قانون “العميل الأجنبي” ، حملة واسعة لتشويه التقرير في المجتمع الروسي، قال  بأنه لم تصدر عنها أية ردة فعل حتى الآن ، “أما ما سيكون عليه الأمر لاحقاً

فسنرى” .

وبشأن ردة الفعل الدولية المتوقعة قال ، بأن إعلان التقرير ترافق مع الكثير من  النصوص بشأنه( المواقع الغربية الناطقة بالروسية ــــ “الحرة” ، BBC، rfi ، استعرضت التقرير فور نشره) . وواضعو التقرير يريدون التصديق ، بأن المجتمع الدولي لن يسمح “بنسيان الوضع في سوريا” والناس البسطاء ، الذين حرمتهم الحرب “القريب والبيت ووسيلة العيش” .

وعن السؤال عن تأثير التقرير على الجهود ، التي تبذل لإقامة محكمة دولية بشأن سوريا ، وعلى المحاكمات الجارية في ألمانيا لعاملين سابقين في أجهزة المخابرات السورية ، وعلى قائد سابق لمنظمة إسلامية راديكالية في فرنسا ، قال ، بأنهم استخدموا في التقرير كمية كبيرة من الوثائق ، التي نشرها “زملاؤنا” من المدافعين عن حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية ، ويؤكد ، بأن الكثير من الشهادات ، التي جمعوها ، تؤكد “صحة إستنتاجات” هذه الوثائق والشهادات.  وقال “بودنا أن نأمل ، بأن المحاكم الدولية سوف تقوم بتحقيق شامل يستطيع أن يساعد في الكشف عن الحقيقة” .

وعما إذا كان التقرير يساعد في إيجاد مخرج للإستعصاء السوري ، قال غورباتشوف ، بأن التقارير نادراً ما تشكل وسيلة للخروج من المأزق . ويرى الوسيلة للخروج من الوضع المستعصي ، هي عملية التفاوض بين جميع الفرقاء المعنيين ، و”نحن على إستعداد ، حيث من الممكن والضروري ، أن نشارك في هذه العملية” .

وكان ألكسندر غورباتشوف قال في مقابلة معه الأحد المنصرم على قناة التلفزة “Dojd” ، رداً على ما يشاع عن أن التقرير يستهدف روسيا ، بأن التقرير لم يستهدف لا روسيا ولا أي طرف آخر، بل نقل ما قاله السوريون عن تحميل المسؤولية لجميع المنخرطين في القتال ،  لكن للنظام بالدرجة الأولى وللمتطرفين الإسلاميين . وعن العسكريين الروس النظاميين ، قال ، بان آراء السوريين كانت متنوعة ، وإن “كانت بشكل عام سلبية” ، ويرون أن روسيا تقوم “بدور هدام” في سوريا . وعن المرتزقة الروس “فاغنر” في وحدات “طباخ بوتين” ، نفى أن يكون قد أتى السوريون على ذكرهم .

في تعليق لأحد القراء الروس على نص حول التقرير نشرته “الحرة” الناطقة بالروسية ، بأن التقرير عن القتل والتعذيب والوحشية بحق السوريين ، كان ينبغي أن ينتهي بالقول “بفضل روسيا” .

المدن

———————–

هل تشعل العبارات على الجدران..ثورة ثانية في سوريا؟/ منصور حسين

مع اتساع هوة الفقر وتفاقم المشاكل المزمنة التي تعاني منها مختلف القطاعات الاقتصادية، تتزايد نقمة سكان المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، لتأخذ أشكال الاحتجاج منحى تصاعدياً في العديد من المدن السورية، بعد أن استنفذ المواطنون كل محاولات تأمين متطلبات العيش الأساسية.

وبالرغم من استبعاد كثيرين من السوريين فكرة انفجار ثورة جياع لأسباب عديدة، إلا أن الواقع يشير إلى عكس ذلك. فقد شهدت مناطق عديدة مظاهرات وانتشار عبارات جدارية تطالب برحيل نظام الأسد وتحمله مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع المعيشية على جميع المستويات.

عبارات الثورة الأولى

بعد انتشار صور على مواقع التواصل الاجتماعي، لعبارات مناهضة للأسد مكتوبة على جدران بلدة حفير الفوقا “الأثرية” بمنطقة القلمون بريف دمشق، سارع ضباط من فرعي المخابرات والأمن العسكري إلى دخول البلدة، وعقدوا اجتماعاً مع وجهائها والمسؤولين الحكوميين فيها، الذين تعهدوا بضبط الشبان ومنعهم من القيام بأي نشاطات معارضة، بعد التهديد بعودة الحملات والملاحقات الأمنية للمدنيين.

سوريا حفير كتابات ضد الأسد

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً حصلت المدن على بعضها، تظهر عبارات مكتوبة على جدران بلدة حفير الفوقا تنذر بالمجاعة وتطالب برحيل بشار الأسد ونظامه.

كما شهدت مدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية في ريف دير الزور الأسبوع الماضي، استنفاراً أمنياً وعسكرياً مكثفاً من قبل عناصر قوات النظام والمليشيات الموجودة في المدينة، بعد انتشار عبارات  على جدران بعض المدارس تطالب بإسقاط الأسد وطرد المليشيات الإيرانية من المدينة.

ويؤكد الناشط نذير ديراني في حديث ل”المدن”، أن الأهالي عمدوا إلى العديد من أنواع الاحتجاج السلمي قبل بلوغها هذا السقف من المطالب، منها تعليق رغيف الخبز على نقاط مرتفعة ورئيسية مثل جسر الحياة وسط مدينة البوكمال قبل أسابيع.

ويضيف “نتيجة ما وصل إليه الأهالي من صعوبة تأمين قوت يومهم، أخذت ظاهرة سرقة الطعام واقتحام المطابخ بالانتشار، وهي ظاهرة لم تعرفها مدينة البوكمال من قبل، حيث سجلت العديد من الحالات منها ما تم الإبلاغ عنه وأخرى انتشرت على نطاق واسع بعد ترك رسائل اعتذار وتبرير من الجناة بعدم قدرتهم على تأمين الطعام لأطفالهم”.

وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، قد أعلنت في تقريرها الذي صدر في آذار/نيسان، أن تقاعس النظام السوري عن معالجة أزمة الخبز بصورة عادلة وملائمة، “يدفع بملايين السوريين إلى الجوع”.

لا تغيير في النهج

وردد الكثيرون ممن تواصلت معهم “المدن” عبارة “الناس جاعت”، ولم ينفكوا عن المقارنة بين وضعهم الحالي وما كان عليه خلال فترة المعارك بين قوات النظام والمعارضة، وندمهم على قرار البقاء في الداخل السوري.

“لا وجود للحياة في حلب”، هكذا يصف أبو عبد الرحمن من سكان حي الأنصاري في حلب الوضع المعيشي في المدينة. ويقول: كل شيء سعره نار، مقابل غياب الدخل المادي، أقل منزل اليوم بحاجة إلى أمبيرين كهرباء بسعر عشرين ألف ليرة اسبوعياً، والمياه غير متوفرة بشكل دائم، وربطة الخبز سعرها 500 ليرة، واللحم الأبيض 4500 ليرة والأحمر يقارب 30000 “منين تاكل الناس!!”.

ومع ذلك، لا يبدو أن النظام يخشى من اندلاع ثورة جياع في مناطق سيطرته، مع استمراره باتباع سياسة تقنين المخصصات بشكل دوري، آخرها تخفيض مخصصات السيارات من البنزين المدعوم، رغم الأزمة الخانقة التي يعاني منها قطاع المواصلات، وتحضيراته لإجراء الانتخابات الرئاسية التي تخول بشار الأسد البقاء في السلطة حتى 2028، دون تأجيل، بالرغم من التحذيرات الغربية بتشديد العقوبات على النظام في حال حدوثها.

ويرى المحلل السياسي درويش خليفة في حديث ل”المدن”، أن الكتابة على الجدران لا يمكن التعويل عليها في صناعة حدث يلفت أنظار المجتمع الدولي، مع تمتع النظام في كثير من المناطق بهيمنة نسبية على المستوى الأمني، مثل السويداء ودرعا، خاصة وأن الأوضاع الحالية تختلف عما كانت عليه عام 2011.

ويضيف “الجميع يدرك أن النظام هو من أوصل السوريين إلى هذه الحالة، ولكنهم بالمقابل لا يجرؤون على القيام باحتجاجات يعرفون أنها ستودي بهم إلى الموت أو الاعتقال، لأن تهمة الإرهاب تنتظرهم”.

ويرى خليفة أن الجغرافيا السورية تشهد صراعاً معقداً قسمها إلى مناطق نفوذ تتوزع على جيوش خارجية فيما تخضع سلطات البلاد لعقوبات دولية، و”هذه العوامل جميعها كفيلة في سكوت الناس على مأساتهم بالرغم من بعض التحركات التي تزعج النظام، إلا أنها تبقى تحت السيطرة”.

في حين يعتقد مسؤول الدائرة السياسية في اتحاد ثوار حلب هشام سكيف أن انتفاضة السكان في مناطق النظام قادمة “لا محالة”، مع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، إلا أنها ستكون “من داخل الحاضنة الشعبية للنظام والخزان البشري لمليشياته”.

ويضيف ل”المدن”، أن “المحافظات الرئيسية مثل دمشق وحلب وبقية المناطق التي عاش أبناؤها الثورة والحرب السورية، باتت تفتقد إلى مقومات الثورة، ولايمكن التعويل عليها بقلب الموازين حالياً، وهذا الأمر يدركه النظام جيداً، وهو ما يفسر استمراره بالضغط على الأهالي وعدم اكتراثه بأوضاعهم”.

ويشير سكيف إلى أن أكثر ما يتخوف منه بشار الأسد هو انقلاب حاضنته الرئيسية، وهو ما يجري حالياً في العديد من قرى الساحل الموالية التي بدأت تتأثر بالأزمة الحالية، بعد فشله في تعويضهم عن أبنائهم والخدمات التي يقدمونها في سبيل بقائه، نتيجة العقوبات المفروضة عليه دولياً وأميركياً، “إضافة إلى تزعزع الثقة داخل قوى النظام الأساسية جراء الصراع بين زوجة الأسد ورامي مخلوف، ووقوف قسم من الطائفة العلوية مع مخلوف لاعتبارات عديدة، أهمها الخوف على مصالحهم الشخصية وتحجيم دورهم الاقتصادي الذي كان يدعمه مخلوف”.

بينما يعتقد البعض أن إرهاق السوريين بعد عشر سنوات دامية مرّت عليهم سيمنعهم من القيام بأي حراك شعبي كرد فعل على تدهور وضعهم المعيشي إلى حد بات ينذر بالمجاعة، لا يستبعد البعض أن يحدث الانفجار في أي لحظة وأن تشهد البلاد ثورة ثانية ربما يكون عنوانها “ثورة الجوع”.

———————–

كيف يخدم مشروع “الإدارة الذاتية” نظام الأسد؟

إسطنبول – تيم الحاج

وصفهم بشار الأسد في أكثر من مناسبة بـ “الواهمين” وهددهم باستخدام القوة لاستعادة ما يسيطرون عليه. وزير خارجيته، فيصل المقداد، نعتهم مراراً بـ “العملاء لأميركا وإسرائيل”، وطلب منهم مبعوث الأسد السابق للأمم المتحدة، بشار الجعفري، أن يشربوا حب “الباندول” كي ينسوا مشروعهم.

أما وسائل إعلام نظام الأسد فتكرّس جل وقتها للتأكيد على أن مشروع “الإدارة الذاتية” انفصالي، واصفة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بـ “السارقين لثروات سوريا”، وبخدام المشاريع الأميركية.

لكن وعلى الرغم من قساوة الألفاظ والتخوين الممنهج، إلا أن النظام في دمشق يُعد أكبر المستفيدين من مشروع “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا، القائم حاليا، فكيف ذلك؟.

مسارات التعاون الوثيق بين الأسد و”الإدارة الذاتية”

لا يحتاج المراقب للعلاقة بين الأسد وقوى الأمر الواقع المسيطرة على مناطق شمال شرقي سوريا للبحث كثيرا عن خيوط ودلائل للتأكد من أن كلام بشار الأسد ومسؤوليه في الإعلام يمحوه الفعل على أرض الواقع.

فخلال السنوات الفائتة وتحديدا منذ تأسيس “النظام الاتحادي الديمقراطي في شمال سوريا ” في آذار 2016، بعد اجتماع نحو 200 شخصية، مثلت الأحزاب الكردية النسبة الأكبر على حساب العرب والآشوريين والتركمان والسريان والشيشان، في مدينة رميلان، ولاحقاً تشكيل “الإدارة الذاتية” في أيلول 2018 وقبلها ذراعها العسكرية “قسد” في 2015؛ اتخذ نظام الأسد إعلاميا موقفا رافضا تجاه هذه التشكيلات، لكنه فتح قنوات تواصل خلفية معها.

وشهد عاما 2018 و2019 لقاءات عدة بين أعضاء من “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) ممثلاً برئيسته التنفيذية، إلهام أحمد، و رئيس مكتب الأمن الوطني السوري، اللواء علي مملوك، بعضها كان بشكل مباشر، وأخرى عبر الوسيط الروسي في قاعدة حميميم، إلا أن هذا التعاون هو الوحيد بين الطرفين الذي يتكلل بالفشل في كل مرة.

وكان آخر تواصل في هذا السياق بينهما، في شباط 2020، حينما قالت إلهام أحمد،  إن النظام وافق بوساطة روسية على بدء مفاوضات سياسية، مع إمكانية تشكيل “لجنة عليا” مهامها مناقشة قانون “الإدارة المحلية” في سوريا، والهيكلية الإدارية لـ”الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا”، وذلك خلال لقاء أجرته مع صحيفة “الشرق الأوسط

وأضافت أحمد التي زارت دمشق، حينها، أن الروس تعهدوا بالضغط على النظام للقبول بتسوية شاملة، ووعدتهم بترجمة الوعود خلال الأيام المقبلة، لكن حتى هذه الساعة، لم يتم تحريك هذا الملف، وحكم عليه بالفشل كسابقيه.

يقول الباحث المختص في الشأن الكردي، بدر ملا رشيد، لموقع تلفزيون إن مصير واردات النفط والغاز لا يزال مجهولاً في شمال شرقي شوريا، وتحكمه تفاهمات بين النظام و”قسد” تعود للعام 2012، والظاهر منه هو إن تأمين وإدارة حقول النفط من قبل “قسد” مقابل حصولها على نسبة من واردات النفط عبر بيعه بشكل مستقل والحصول على بعض مشتقات النفط من مصافي نظام الأسد.

وفيما يتعلق بالعقوبات الأميركية يشير رشيد إلى أن “الإدارة الذاتية” دعت الولايات المتحدة لإعفائها من قانون “قيصر”، وهو ما يفسر التغاضي الأميركي عن شحنات النفط الواصلة لمناطق النظام، ويضيف “أعتقد أن واشنطن تقوم بهذا الأمر لعدة أسباب منها السماح للإدارة الذاتية بتوفير الأموال الضرورية للحكم، والسماح بوصول دفعات نفط للنظام لا تجعله يكون مرتاحا ولا تقطعه بحيث تنهار مؤسسات الحكم المركزية”.

ويخضع نظام الأسد لعقوبات “قيصر” التي لا يختلف اثنان على أنها كبّلته، وحدّت من نشاط حيتان الاقتصاد الذين أفرزتهم الحرب لخدمة الأسد، وعليه كان لابد للنظام من إيجاد طرق للالتفاف على هذه العقوبات التي يقول إنها تسببت في انهيار الليرة السورية وهو ما وظفه لإشراك المدنيين في تحمل أعباء هذه العقوبات، فبدأ برسم سياسات اقتصادية فاشلة، جعلت من السوريين يحتلون مراتب متقدمة في تدني المستوى المعيشي، فباتوا يقفون لساعات طويلة في طوابير تمتد على مد النظر للحصول على الوقود وعلى المواد الغذائية، على رأسها الخبز.

في المقابل تقول واشنطن إن هذه العقوبات لا تستهدف المدنيين، وإنها مخصصة لحث الأسد على التوقف عن سياساته القمعية.

إحدى الأيدي التي امتدت لنجدة نظام الأسد المتهالك، هي يد “الإدارة الذاتية”، فمن مناطقها يتم دعم الأسد بالدولار والنفط والمحاصيل الزراعية.

تتعدد أوجه الفائدة الاقتصادية التي تمنحها “الإدارة الذاتية” لنظام الأسد، حيث رسخ الطرفان على مدار السنوات الماضية عمليات تبادل مهمة في هذا القطاع، في مقدمتها النفط.

فقد أوجد النظام ممرا معتمدا للنفط رغما عن الكثافة الأميركية في المنطقة، بالاتفاق مع “قسد” عبر وسطاء، نشط في هذا السياق حسام قاطرجي، الذي بات اسمه مرتبطا بعمليات إيصال النفط الخام من “قسد” إلى الأسد.

وفي هذه الجزئية نستحضر تقرير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” المنشور في أيلول 2019 والذي وثق عمليات التبادل هذه، وجاء فيه أن الحقول النفطية الخاضعة لسيطرة “قسد” تنتج ما يقارب 14 ألف برميل يوميا، ونقل التقرير شهادات حصلت عليها الشبكة الحقوقية، حينئذ، أكدت أن “قسد” تبيع برميل النفط الخام لنظام الأسد بقرابة 30 دولارا، أي بعائد يومي يقدّر بـ 420 ألف دولار، وبعائد شهري يقدر بـ 12 مليون و600 ألف دولار، وبعائد سنوي يقدر بـ 378 مليون دولار، باستثناء عائدات الغاز.

التقرير أشار إلى وجود تنسيق بين “قسد” والنظام، منذ منتصف عام 2012، عندما انسحب النظام من محافظة الحسكة، إذ بدأت تلك العمليات منذ نهاية عام 2017، عندما أحكمت “قسد” سيطرتها على آبار وحقول النفط والغاز في محافظة دير الزور، حيث تكون عمليات التزويد من حقلي رميلان والسويدية في محافظة الحسكة، اللذين لم يتوقف إنتاجهما منذ منتصف 2012.

وحتى تتم عملية التبادل هذه، فإن على حسام القاطرجي، تحريك أسطول الشاحنات الخاص به والمتمركز في الرستن وسط سوريا، حيث تقوم الشاحنات بزيارة مناطق “قسد” نحو مرتين في الشهر، تحمل من هناك النفط الخام، وتعود بجزء منه مكرر كي تستخدمه “الإدارة الذاتية”.

ورصد موقع تلفزيون سوريا، قبل أيام في تقرير تضمن شهادات خاصة من سائقي هذه الشاحنات، رصد عمليات نقل النفط تلك، وكيف يتم نقلها للتكرير في مصفاة حمص، وكيف تقوم “قسد” بمرافقة الشاحنات على طريق عين عيسى- تل تمر، وهذا الطريق يعج بالدوريات الأميركية.

الدولار نهر متدفق:

يقول الباحث بدر ملا رشيد، إن هناك عدة نواحٍ يستفيد منها النظام فيما يخص واقع الحكم في منطقة شمال شرقي سوريا، ومنها موضوع الدولار، الذي يقدم للمنطقة سواء عبر تجارتها مع بقية مناطق سوريا، أو من الحوالات القادمة من خارج سوريا، أو البعض من مصاريف المنظمات التي تقوم بصرفها في المنطقة، لكنه لفت إلى أن معظم أهالي المنطقة يفضلون استثمار أموالهم من العملة الأجنبية في المنطقة نفسها، سواء عبر الإبقاء عليها كعملة صعبة او استثمارها في العقارات والأراضي، وهو ما تم ملاحظته من ارتفاعٍ كبير في سعر متر البناء الذي يصل لـ 1500 دولار في بعض أحياء مدينة القامشلي على سبيل المثال.

وفي هذا السياق، كشف مصدر خاص لموقع تلفزيون سوريا، قبل أيام، نقل نظام الأسد شحنة من الدولارات تقدر بأكثر من 50 مليون دولار إلى دمشق عبر مطار القامشلي الدولي.

المصدر أكد أن نظام الأسد يسحب ملايين الدولارات بشكل شبه يومي من أسواق مدن محافظة الحسكة، معتمدا على شبكة من التجار وصرافي العملة يهيمنون على سوق القامشلي، إذ يقومون بشراء الدولار وضخ العملة السورية للأسواق من فئتي الـ 5000 والـ 2000 ليرة سورية.

وتتداول أسواق الحسكة والقامشلي تتداول أكثر من 100 مليون دولار يومياً بين عمليات صرف وحوالات مالية قادمة من خارج البلاد، خاصةً مع نشاط الحركة التجارية في معبر سيمالكا الحدودي مع إقليم كردستان العراق، وهذا النشاط دفع النظام للبحث عن حديقة خلفية يحصل منها على القطع الأجنبي المفقود في خزينته بدمشق.

وبالرغم من تدهور قيمة الليرة السورية منذ مطلع العام الماضي، إلا أن مناطق “الإدارة الذاتية” تشهد بروز رؤوس أموال عديدة تمثل مصدرا للقطع الأجنبي، إلى جانب عمل عشرات المنظمات الدولية ومؤسسات إعلامية في المنطقة، وأموال المغتربين التي تضخ من الخارج عبر الحوالات والاستثمارات بشكل شهري إلى هذه المناطق.

المحاصيل الزراعية سلة “قسد” بيد الأسد:

كثيرة هي التسجيلات المصورة التي نشرت خلال الأعوام الماضية توثق عمليات نقل المحاصيل الزراعية من مناطق “الإدارة الذاتية” إلى مناطق نظام الأسد.

وفي الأساس الأمر لا يحتاج إلى توثيق وبحث، فهيئة “الاقتصاد والزراعة” شمال شرقي سوريا تبيح للمزارعين بيع محاصيلهم للنظام.

حدث ذلك في أيار عام 2019 حينما أعلنت ذات الهيئة في بيان، أنها لا تمانع بيع المزراعين لمحاصيلهم إلى النظام.

أما في عام 2020، فقد رفضت “الإدارة الذاتية” بيع النظام محاصيل المزارعين، وحاولت إجبار المزارعين على تسليم القمح في المناطق التي تسيطر عليها، ما أدى إلى ردود فعل غاضبة، لأن المزارعين سيجبرون على بيع المحصول بالتسعيرة التي تريدها “الإدارة الذاتية” والتي تقل عن تسعيرة النظام، ومع استمرار المزارعين بالاحتجاج تمكنوا من بيع محاصيلهم خارج مناطق “الإدارة الذاتية” لكن بعد أن اشترطت عليهم أن يتم تأمين جميع حاجة المنطقة من المحاصيل.

ولا بد لنا هنا من ذكر الطريق التجاري الذي افتتحته روسيا في أيار 2020، بين مناطق نظام الأسد و”الإدارة الذاتية” ومركزه الطريق الدولي “M4” ( حلب- الرقة- عين عيسى- تل تمر- القامشلي)، هذا الطريق أمّنت روسيا من خلاله متنفسا تجاريا للنظام، وجاء نتيجة تفاهم مع “قسد” إذ تتكفل روسيا بحماية القوافل المدنية التي تنطلق بين عين عيسى وتل تمر على طريق “M4” المرصود ناريا من قبل الجيش التركي في منطقة عملية “نبع السلام”.

ووفق تحليل بياني أعدّه موقع “COAR

” بعد شهرين من افتتاح هذا الطريق، فإن النشاط التجاري عبر هذا الطريق يركز على مبدأ قانون العرض والطلب، وعلى العلاقات بين الأطراف المؤثرة في المنطقة، إذ يستورد النظام من مناطق “الإدارة الذاتية” النفط الخام، بشرط إعادة جزء منه على شكل مواد مكررة مثل المازوت، كما يصدّر معظم القمح من “الإدارة الذاتية” الى مناطق النظام مقابل إعادة الطحين، إضافة إلى وجود حركة لتجارة الخضار والفواكه والمواد الصناعية، فأسواق “الإدارة الذاتية” متعطشة للمنتجات الصادرة من معامل مناطق معامل نظام الأسد

عسكريا.. “قسد” والأسد في خندق واحد بوجه الجيش الوطني السوري

في سياق التعاون العسكري، بين الطرفين، يقول الباحث بدر ملا رشيد، إن النظام اعتمد واستفاد من مناطق شمال شرقي سوريا خلال السنوات الماضية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن العلاقة بين “قسد” والنظام باتت تنافسية تتمظهر من خلال حالات التضييق المتبادل من الطرفين.

ويجمع النظام و”قسد” منذ تشرين الأول 2019 تحالف عسكري ضد الجيش التركي والجيش الوطني السوي، وسمح هذا التحالف لقوات نظام الأسد بدعم روسي من إعادة تموضعها شمال شرقي سوريا.

وفي أعقاب عملية “نبع السلام” التركية، قال  قائد “قسد”، مظلوم، في تصريحات صحفية إنه وقع اتفاقية مع النظام حول انتشار قوات الأخير في نقاط التماس مع القوات التركية.

وأضاف أن الاتفاقية وقعت بينه وبين مملوك الذي وقع باسم النظام بضمانة روسية.

تلفزيون سوريا

—————————–

عقد من مقابلات الأسد: تعالوا نكذب/ مالك داغستاني

أن تتيح منصة إعلامية للديكتاتور منبراً لكي يكذب، فهذا سلوك يشوبه عيب أخلاقي بالـتأكيد. لكنه للأسف، في حالة بشار الأسد، هذا ما كان يحصل على مدار عقد كامل. لم تنقطع كبرى الشبكات الإعلامية عن طلب مقابلة بشار الأسد، وفي العديد من الحالات تلبية دعوته لإجراء المقابلات معه. ولكن للمفارقة، في حالة الأسد فإن معظم الرسائل التي حاول توجيهها للعالم تم تلقيها بطريقة سلبية، وغالباً ما اتُهم بالكذب. في أكثر من حالة علق المذيعون الذين أجروا المقابلات معه، ووصفوه بأن يكذب دون حياء أو شعور بالخجل. ولكن هذا لم يكن ليثني الأسد عن طلب أو تلبية مزيد من المقابلات، فهو لم يكن يهتم إن صدقه جمهور تلك المحطات أم لا، وكل ما كان يعنيه من تلك المقابلات، هو إيصال رسالة للسوريين بأنه ما زال مقبولاً لدى دول العالم، وإلا لما كانوا جاؤوا إليه للاستماع إلى روايته للأحداث، بل وفي كثير من الحالات، للإصغاء إلى رأيه في صراعات المنطقة، وحتى بالسياسات الدولية، كأي رئيس لدولة مستقرة ولا يجري فيها كل ما جرى في سوريا.

كنت تلمست، ككثير من السوريين، قبل الثورة أن بشار يكذب تكراراً، ولكن لم أكن قد علمت بعد أن الكذب جزء أصيل من شخصيته المريضة، بعيداً حتى عن موقعه والكذب الاضطراري والمألوف للسياسيين. ولذا وجدت أن مقابلته نهاية عام 2011 مع باربرا وولترز مذيعة قناة “اي بي سي” تشكل حالة نموذجية جديرة بالدرس، بل وتغني عن متابعة باقي مقابلاته خلال العقد الأخير. تسأله عن رسام الكاريكاتير الذي تم تكسير أصابعه لأنه انتقده، فيجيب بسؤال بأن لديه عديدا ينتقدونه فهل يعقل أن يقتلهم جميعاً؟ تنتقل لتعذيب طفل وصلت جثته مشوهة إلى ذويه، فيخبر المذيعة بأنه قابل والد الطفل حمزة الخطيب، ولم يكن هناك تعذيب، وقد تشكلت لجنة تحقيق خاصة ووجدت أنه لم يتعرض لأي تعذيب، وأن كل تلك إنما هي شائعات. ولذلك فإنه يطلب، عبر وولترز، من وسائل الإعلام تداول الحقائق وعدم الإصغاء للشائعات. تردد عليه خلاصة تقرير للأمم المتحدة استند إلى شهادة 220 سوريا تعرضوا للتعذيب والاغتصاب، فيجيب: ومن قال إن الأمم المتحدة لديها مصداقية؟ التقطت وولترز جوابه بدهشة فعادت للسؤال باستغراب: ألا تعتقد أن الأمم المتحدة ذات مصداقية؟ أجاب بدون تردد: لا. وهنا ستعتقد الإعلامية الأميركية أنها ستحشره بتذكيره أن لديه سفيرا هناك. فيجيب مقهقهاً (طبعاً لا داعي لأصف لكم ضحكته فأنتم تعرفونها): نعم إنها لعبة نلعبها، ولا يعني أن نصدقها.

ومن قال إن على الكذّاب أن يصدّق الآخرين؟ لا يعتبر علماء النفس كل من يكذب كذاباً. ولكن عندما يتطور هذا الفعل، ويلازم الشخص فعندئذ يكون هذا الشخص مصابا بالكذب المرضي، ويضيفون بأن هذا النوع من الكذب قد يقترن بعدد من الجرائم مثل الغش والنصب والسرقة (للأمانة لم يوردوا جريمة القتل من بين تلك الجرائم). ويضيف علماء النفس بأن الكذب قد يقترن ببعض المهن أو الأدوار مثل المهن الدبلوماسية والإعلامية. أولى كذبات بشار الأسد التي قرأتها شخصياً، كانت قبل موت أبيه بحوالي عامين، حين سئل في مقابلة صحفية عن إمكانية أن يخلف والده في رئاسة سوريا، فأجاب ساخراً، كمن يتحدث عن البديهيات مستغرباً جهل الآخرين، بأن من يعتقد ذلك لا يعرف أن دستور سوريا لا يتيح لمن هو دون الأربعين بتولي منصب الرئاسة. هل لاحظتم كم كانت الإجابة تنطوي على وعي بالدستور واحترام راسخ له.

هناك ما يعرف بمتعة الكذب بهدف إفحام الخصم، ولو كان الخصم يعرف أن من يحاوره يكذب. وفي حالات الاعتقال يعرف المحقق أن المعتقل يلفق كثيرا من الروايات ويكذب، وهو إنما يفعل ذلك لإخفاء حقائق ستؤدي إلى أذى سيقع على آخرين، وقد يصل الأذى إلى كارثة اعتقالهم. لكن على من تقع الكارثة فيما لو أن بشار الأسد قال الحقيقة؟ سيفاجئكم مثلما فاجأني وأنا أكتب هذه المادة، عدد الروابط فيما لو وضعتم على محرك البحث “غوغل” عبارة: “بشار الأسد يكذب”. ولن تجدوا فيها أن معارضيه فقط من يكذبونه، ولكنهم مسؤولون دوليون بينهم أهمّ حلفائه.

تستمرئ “وولترز” السماع لكذب بشار الأسد، فتوغل أكثر وتخبره أن والده قاد هذا البلد 30 عاماً، وهو نفسه يقوده منذ أكثر من عقد. فماذا لو كان الربيع العربي قد جاء لينهي قاعدة حكم العائلة الواحدة؟ ومع ذهول المذيعة لصفاقة الكذبة، سيجيب الأسد أنه ضد قاعدة حكم العائلة الواحدة، ويسهب بعدها بأن والده لم يتحدث معه بالسياسة أبداً، وهو لم يعمل أبداً على تأهيله لمنصب الرئاسة. ثم يذهب أبعد، فيؤكد بأن والده لم يكن أبداً ينوي أن يعطي منصبه لأبنائه، وهو لم يتحدث معهم حول ذلك. تعيد وولترز صياغة سؤالها، علّها أخطأت في الصياغة الأولى، وتسأله: إذا كيف أصبح الابن رئيساً؟ وهنا تأتي الإجابة المدهشة من الأسد (معجزة العرب الحديثة): “بعد وفاة الرئيس، حاصر المتظاهرون مبنى البرلمان وطالبوا برئيس جديد، وعندها قمت بترشيح نفسي، مع أني لم أفكر بذلك مطلقاً من قبل”.

طبعاً يمكنني القول دون أن أقع في فخّ المبالغة، إن المقابلة بكاملها كانت سلسلة متراصّة من الأكاذيب، من مثل أن هناك أوامر خطّية بعدم استخدام السلاح ضد المتظاهرين، وأن معظم الضحايا هم من مؤيدي الحكومة، وصولاً لتعليقه الأشهر بأنه “لا توجد حكومة في العالم تقتل شعبها، إلا إذا كان يقودها شخص مجنون”. لا أعرف بماذا فكرت باربرا وولترز بعد أن أنهت تلك المقابلة، لكن ما أنا متأكد منه أنها حتماً وصلت إلى نتيجة بديهية تفيد بأن الأسد ليس مجرماً فقط بل هو مجنون وكذّاب أيضاً.

في مقابلة لبشار الأسد مع “بيل نيلي” من قناة “إن بي سي” صيف عام 2016، سيسمع الأسد من “نيلي” ما لم يقله صحفي لأي رئيس دولة في التاريخ من قبل “إنك تعلم ما تقوله النسخة الحالية للتاريخ: أنت ديكتاتور قاسٍ، إنك رجل تلوثت يداه بالدماء، وإن الدماء التي على يديك أكثر حتى من التي كانت على يدي والدك” كان ذلك بعد أن سأله: هل حدث أن بكيت على ما حدث في سوريا؟ فأجاب الأسد بالنفي. تلك الإجابة كانت الوحيدة التي تصادف للأسد أن كان صادقاً بها.

تلفزيون سوريا

—————————-

كلفة معيشة الأسرة السورية تقفز إلى مليون ليرة شهرياً/ عدنان عبد الرزاق

زادت معاناة السوريين بعد ارتفاع الأسعار وشح السلع والمنتجات بالأسواق، في الآونة الأخيرة. وما فاقم من موجة الغلاء، شلل قطاع النقل إثر تقنين توزيع المشتقات النفطية بعد رفع أسعارها للمرة السادسة خلال الثورة.

وفي حين يصرّ نظام بشار الأسد على تثبيت الرواتب والأجور، رغم تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار من 50 ليرة عام 2011 إلى 3700 ليرة، أمس الإثنين، ارتفعت تكاليف معيشة الأسرة السورية المؤلفة من خمسة أشخاص، بحسب مركز “قاسيون” للدراسات، من العاصمة دمشق، من 773 ألف ليرة، مطلع العام الجاري، إلى مليون وأربعين ألف ليرة حالياً.

ويبيّن مركز قاسيون (مستقل) من العاصمة السورية، أن أسعار سلة إنفاق الأسرة السورية المكونة من ثماني حاجات أساسية (غذاء، سكن، صحة، تعليم، لباس، أثاث، نقل واتصالات)، ارتفعت خلال الشهرين الماضيين، بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والمشتقات النفطية وتراجع سعر صرف الليرة من 2900 ليرة في نهاية عام 2020 إلى 4000 ليرة الشهر الماضي، قبل أن تتحسن إلى 3700 ليرة، أمس.

وتشهد الأسواق السورية ارتفاعات كبيرة في الأسعار، بعد توقف الاستيراد جراء وقف المصرف المركزي تمويل المستوردات، وزيادة أسعار المشتقات النفطية، التي تصفها مصادر من دمشق، بالسلع التحريضية التي رفعت مجمل أسعار المنتجات الزراعية والصناعية.

وأشارت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، إلى أن نظام الأسد أوقف توزيع المشتقات النفطية، بعد تقنينها للحد الأدنى، ويعد اليوم بالتوزيع وفق رسائل ترسل للمستهلكين على هواتفهم، مبينة أن سعر ليتر المازوت ارتفع بالسوق السوداء إلى 2000 ليرة، وليتر البنزين إلى 3500 ليرة، الأمر الذي شلّ حركة النقل وزاد من معاناة السوريين.

اللاذقية سورية-اقتصاد-13-9-2016 (لؤي بشارة/ Getty )

ويرى أسامة القاضي، وهو رئيس مجموعة اقتصاد سورية، أن “وضع سوريي الداخل بات خانقاً بمعنى الكلمة، بعد أن زاد انقطاع التيار الكهربائي عن 20 ساعة يومياً ونفدت المشتقات النفطية من الأسواق، وإن وجدت بالسوق الهامشية فسعرها يفوق قدرتهم الشرائية”.

ويؤكد القاضي، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن أسعار السلع والمنتجات الضرورية للاستهلاك اليومي ارتفعت خلال الشهر الأخير بأكثر من 30%، فسعر ربطة الخبز (أقل من 2 كيلوغرام) تباع بألف ليرة في الأسواق، في حين أن التسعير الرسمي لها هو 100 ليرة، كما أن تصميم النظام على تصدير الخراف والخضر والفواكه، ليحصّل الدولار، رفع من أسعار اللحوم والخضر والفواكه، كما انتشر بأسواق دمشق نمط الشراء بالحبة اليوم، جراء ارتفاع الأسعار ومحدودية الدخل.

وحول أسباب ارتفاع الأسعار واستمرار تراجع سعر صرف الليرة، يقول القاضي إن الأسعار لم ترتفع منذ عام 2011 إذا ما قيمناها وفق أي عملة عدا الليرة السورية، لكن الذي تهاوى واقترب من الانهيار هو العملة السورية، فقد تراجعت أكثر من 210% خلال العام الماضي فقط وتستمر بالتراجع حتى الآن، وهذا هو سبب الغلاء وفقر السوريين، لأن دخولهم مثبتة بالليرة.

ويضيف رئيس مجموعة اقتصاد سورية أن من أهم أسباب تراجع سعر صرف الليرة هو عجز الموازنة منذ سنوات بأكثر من 30%، إذ يلجأ نظام الأسد لتمويل العجز عبر طبع أوراق نقدية جديدة وضخها بالأسواق، من دون زيادة بالإنتاج أو وجود عملات أجنبية، بعد تبديد الاحتياطي النقدي الذي تجاوز 18 مليار دولار عام 2011.

وحسب مصادر خاصة من العاصمة السورية دمشق، ارتفعت أسعار المنتجات الاستهلاكية خلال شهر بين 30 و50%، وانتشرت سلع متدنية المواصفات ومجهولة المصدر.

وكانت جهات دولية عدة قد حذرت من مجاعة بسورية، إذ قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إن سورية تواجه أزمة غذاء غير مسبوقة، حيث يفتقر أكثر من 9.3 ملايين شخص إلى الغذاء الكافي، مشيراً إلى أن عدد الأشخاص الذين يفتقرون إلى المواد الغذائية الأساسية ارتفع بواقع 2.2 مليون.

كما قال تقرير أصدرته “نقابة عمال المصارف في دمشق”، الشهر الماضي، إن خسائر الاقتصاد السوري وصلت إلى أكثر من 530 مليار دولار حتى الآن؛ أي ما يعادل 9.7 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد عام 2010.

وقال رئيس النقابة أحمد حامد، خلال تصريحات سابقة، إنه خلال السنوات الماضية بقيت العدالة الاجتماعية غائبة، وتدنت معها التنمية التي أوصلت أكثر من 80 في المئة من شعبنا إلى خط الفقر وما دونه، وباتت المجاعة تلوح في الأفق.

واعتبر التقرير أن الحكومة حتى هذه اللحظة لم تقدم أي مبادرات حقيقية لتجاوز الأزمات التي يعيشها السوريون، بل زاد احتكار الثروة في أيدي قلة قليلة من المستفيدين على حساب الشريحة الكبرى من المجتمع.

وكان رئيس حكومة النظام السوري حسين عرنوس قد أكد، أول من أمس، أن الحكومة تعمل جاهدة لتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وأصبح لديها من احتياطي القمح ما يكفي كل هذا الموسم.

وأشار عرنوس، خلال كلمة لأعضاء مجلس الشعب والفعاليات الاجتماعية بمدينة حماة، وسط سورية، إلى أن كيس الدقيق يباع للمخابز بـ2000 ليرة وبعض المخابز تبيعه بـ40 ألف ليرة، ولتر المازوت بـ135 ليرة ويباع بالآلاف، وقال: في وقت ما سنصوب هذا الأمر ولن نقبل بغير سعر واحد للمشتقات النفطية.

العربي الجديد

————————–

مركز إسرائيلي: مطلوب تحول بنهجنا بسوريا والتخلص من الأسد/ أحمد صقر

سلط مركز بحثي إسرائيلي الضوء على الأوضاع المختلفة في سوريا بعد عقد على الثورة السورية، حيث بات وجود زعيم النظام السوري بشار الأسد، “غير مريح لإسرائيل”، موصيا ببذل جهد دولي لإزاحته كمدخل لإبعاد إيران عن المنطقة.

وأوضح “مركز بحوث الأمن القومي” التابع لجامعة “تل أبيب” العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي أعده أودي ديكل وكارميت بلنسي، أن “العصيان المدني الذي قمع بوحشية من نظام ديكتاتوري، مسنود عسكريا ودبلوماسيا من روسيا وإيران، ترك سوريا منقسمة لمناطق نفوذ وسيطرة بإسناد دول أجنبية”، مؤكدا أن “سوريا في المستقبل المنظور ستبقى منقسمة ومفككة”.

وأشار إلى أن “خريطة السيطرة” توضح أن “سوريا منقسمة إلى عدة جيوب، بشار الأسد وبمساعدة عسكرية من روسيا وإيران وفروعها، يسيطر ظاهرا على ثلثي الدولة، ومنطقة إدلب شمال غرب سوريا هي جيب للثوار برعاية تركيا، وعلى طول الحدود السورية التركية توجد مناطق تحت سيطرة تركية، في حين تخضع معظم المناطق في الشمال الشرقي من الدولة والتي تضم معظم المقدرات الطبيعية لسيطرة كردية برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، أما في وسط وشرق سوريا فتعمل خلايا لداعش”.

وذكر المركز في تقديره الذي يأتي ضمن نشرة استراتيجية يصدرها بشكل شبه دوري تحت عنوان “نظرة عليا”، أن “السيطرة على الحدود السورية تشهد على سيادة منقوصة؛ أولا- جيش الأسد يسيطر على نحو 15 في المئة من الحدود البرية الدولية، وثانيا- حدود سوريا مع لبنان توجد تحت سيطرة حزب الله، وثالثا- حدود سوريا مع العراق توجد تحت سيطرة مليشيات شيعية”.

وعن الوضع الإنساني بسوريا، أشار إلى “فقدان نحو نصف مليون شخص لحياتهم، ونحو 12 مليون أصبحوا إما لاجئين أو نازحين، و90 في المئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر، وتوجد الدولة على شفا أزمة مجاعة، والنقص في المواد الأساسية لا سيما يتعاظم، ويقدر بأن 11 مليون من السكان بحاجة إلى المساعدة”.

وعن البنى التحتية، أكد أن “أكثر من ثلث البنى التحتية في سوريا دمرت أو تضررت بشدة، حيث استخدم الأسد السلاح الكيميائي والبراميل المتفجرة كجزء من استراتيجية التدمير لتصفية المناطق التي سيطر عليها الثوار، وتقدر كلفة إعادة بناء سوريا بنحو 250- 350 مليار دولار، وفي هذه المرحلة لا توجد جهة قادرة أو معنية بتمويل إعادة البناء”.

المكانة الدولية

وبشأن المكانة الإقليمية والدولية، “يقاطع الغرب نظام الأسد، ويلوح بأن إدارة جو بايدن تواصل السياسة الأمريكية تجاه الأسد، باتخاذ عقوبات ضده وضد محيطه، وعدم الاعتراف به كزعيم شرعي أو بنتائج الانتخابات للرئاسة التي ستجرى في نيسان.

وذكرت الدراسة أن “للأسد عددا قليلا من الأصدقاء في المنطقة، رغم أن بعض الدول طبعت علاقاتها معه، مثل عُمان والبحرين والإمارات ومصر والأردن، وسلموا ببقاء الأسد، ومع ذلك فقد بقيت سوريا خارج الجامعة العربية، أما روسيا، فلا تنجح في تحقيق تسوية سياسية، وهي ترى أن الثمن السياسي لإنهاء حكم الأسد جسيم، هذا تحاول تسويقه كنظام شرعي في أوساط الأسرة الدولية”.

ونوهت إلى أنه “منذ التدخل الروسي في الحرب السورية عام 2015، سلمت إسرائيل باستمرار حكم نظام الأسد، كتفضيل “الشيطان المعروف”، باستثناء جهد متواصل للتشويش على بناء “آلة الحرب” الإيرانية في سوريا، ولكن صورة الوضع الحالية تستوجب إعادة تقويم السياسة الإسرائيلية، لأن النهج الذي وجه سياسة عدم التدخل فقد مفعوله لعدة أسباب منها: أولا- أن الأسد هو الذي منح إيران الفرصة لتوسيع نفوذها في سوريا والتموضع في مستويات مختلفة في الدولة على مدى الزمن، وهكذا فإنه خلق لإسرائيل تحديا أمنيا على حدودها الشمالية، وعملت طهران على دعم الأسد عبر حزب الله وتجنيد عناصر شيعة وتدريبهم وتسلحيهم، وعمقت إيران نفوذها في الجيش السوري”.

ونبه المركز إلى أن “إيران تهيئ قواعد لقوة القدس من الحرس الثوري الإيراني في شمال سوريا، ما يسمح بانتشار سريع للقوات ووسائل إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة الهجومية نحو إسرائيل عند الطوارئ”، مؤكدا أن “الهجمات الجوية الإسرائيلية، لا تمنع التموضع والنفوذ الإيراني المتعاظم في سوريا، لكنها تشوش بعض الشيء المخططات الإيرانية لخلق جبهة هجوم ضد إسرائيل”.

وقدر أنه “طالما بقي الأسد في الحكم؛ فإن التحدي الأمني أمام إسرائيل سيتعاظم”.

ثانيا- أنه “لا يوجد توقع لحل سياسي للأزمة في سوريا طالما بقي الأسد في الحكم، وشرارات الاحتجاج تبدو منذ الآن حتى في أوساط الطائفة العلوية، التي لم يتجاوزها الجوع، ومن هنا فإن بقاء الأسد سيضمن لسنوات أخرى انعدام الاستقرار وسيعمق تلك الظروف التي أدت لنشوب الحرب منذ البداية”.

وأفاد بأن “إصرار الأسد على عدم اجراء إصلاحيات سلطوية أو أي تنازل سياسي، هو عائق في وجه كل محاولة تحقيق تسوية بوساطة الأمم المتحدة أو بقيادة روسيا، وما بالنا وواشنطن تمتنع عن المطالبة الصريحة بـ”تغيير النظام”، منوها إلى أن “بقاء الأسد في الحكم يضمن ألا يعود معظم اللاجئين لسوريا”.

وثالثا- أنه “بقدر ما يدور الحديث عن نظام الأسد، فإن حجة أنه يوجد “عنوان مسؤول” يمكن أن تتبع تجاهه قواعد لعب فقدت من قيمتها، والدليل أن الأسد لا يسيطر بشكل فاعل حتى في المناطق التي سيطر عليها عسكريا”.

بقاء الأسد وصمة عار

وأخيرا- أن “الاعتراف الدولي بزعيم ارتكب على مدى السنين جرائم حرب ولا يزال يواصل التنكيل بالسوريين، هو ليس أقل من وصمة عار أخلاقية على جبين من يسعون لقبوله في حضن المنظومة الإقليمية والدولية”.

وخلص المركز إلى أن “3 فرضيات إسرائيلية تبددت: الأولى، أن جهد الهجمات سيمنع التموضع الإيراني العسكري في سوريا؛ الثانية، أن روسيا ستبذل جهدا لدحر الفروع الإيرانية عن سوريا وتقليص نفوذ طهران في الدولة؛ والثالثة، أن من الأفضل وجود حكم مركزي، حتى تحت قيادة الأسد، في دولة موحدة، على كثرة العناوين”.

وأكد أنه “طالما بقي الأسد في الحكم، فلن يكون ممكنا دحر إيران وفروعها من سوريا، وبالتالي فإن على إسرائيل أن تشجع مبادرة واسعة لإزاحة الأسد عن الحكم مقابل المساهمة الدولية ومن دول الخليج لإعادة بناء سوريا”، مضيفا أنه “إلى أن تستقر سوريا من جديد، فإن على إسرائيل أن تأخذ مخاطر في المدى الزمني القصير كي تمنع إيران وفروعها من السيطرة على سوريا، من خلال زيادة دورها في ثلاثة مجالات استراتيجية حيوية”:

الأول: جنوب سوريا، “لمنع إيران من إقامة حدود احتكاك عال في هضبة الجولان، على إسرائيل أن تستغل ضعف نظام الأسد ومنافسة النفوذ بين إيران وروسيا، كفرصة لاتخاذ سياسة فاعلة في المجال؛ بضرب الفروع الإيرانية، بما في ذلك قوات حزب الله وبالتوازي تعزيز القوات المحلية، سواء السنية أم الدرزية، وإقامة علاقات مع السكان المحليين المعارضين للنظام، مع منح مساعدة إنسانية تساهم في خلق “جزر نفوذ إسرائيلية” وهكذا تشوش مخطط التموضع الإيراني في المنطقة”.

الثاني: بحسب المركز، في شمال شرق سوريا، “ومع التشديد على منطقة الحدود العراقية السورية، على إسرائيل أن تستعد لسيناريو إخلاء القوات الأمريكية، وإيران جاهزة للسيطرة على الفراغ الذي سينشأ لتثبيت الجسر البري من العراق إلى سوريا ولبنان”.

وأوصى المركز البحثي بأن “تطور إسرائيل قنوات تعاون، في الظل، مع القوات الكردية ومنحها مساعدة عسكرية واقتصادية، وإلى جانب ذلك بناء منصة لنشاط عملياتي متواصل في هذه المنطقة لمنع السيطرة الإيرانية على هذا الإقليم الاستراتيجي، الغني بمقدرات الطاقة والزراعة”.

وأما المجال الثالث: فيتعلق بحدود سوريا مع لبنان، وأفاد بأن “الرد المتبادل بين حزب الله وإسرائيل اتسع الى الأراضي السورية والمنطقة المحيطة بالحدود السورية-اللبنانية، وهذه المنطقة التي توجد تحت سيطرة حزب الله تسمح للمنظمة بنقل الوسائل القتالية إلى لبنان، وإقامة صناعة تهريب حيوية لها بل ونشر وسائل قتالية، في يوم الأمر توجه ضد إسرائيل”.

ونبه إلى أن “سيطرة حزب الله على الحدود السائبة بين سوريا ولبنان، تعبر عن ضعف استراتيجي لإسرائيل، سمح بتعاظم المنظمة بعد حرب لبنان الثانية، وتشكل رافعة نفوذ سياسي عسكري اقتصادي واجتماعي لحزب الله في سوريا”، موصيا هنا بأن “تصعد إسرائيل نشاطها العملياتي في المنطقة في إطار الحرب ما بين الحروب، وإلى جانب ذلك، أن تشجع تدخلا دوليا لإغلاق الحدود بين سوريا ولبنان على أساس التقدير بأن هذه الخطوة حيوية لإعادة بناء لبنان وإضعاف الجهات المتطرفة في المنطقة كلها”.

————————–

خيبة في دمشق من رد أوروبا على رسالة المقداد

استهداف جديد لجنود تركيا بريف الحسكة… و«داعش» يخطف مدنيين في البادية

إبراهيم حميدي

أُصيبت دمشق بخيبة إزاء الرد الأوروبي على رسالة خطّية غير علنية بعث بها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، إلى وزراء عدد من الدول الأوروبية، تضمنت المطالبة بـ«فتح حوار» مع دمشق و«الحيلولة دون اتخاذ أي مواقف جديدة ضمن إطار الاتحاد الأوروبي».

وحث المقداد في رسالته إلى عدد من وزراء الخارجية في عدد من الدول، بينها النمسا ورومانيا وإيطاليا واليونان وهنغاريا، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، على الإفادة من «دروس السنوات القاسية» للعمل على «عدم السماح مستقبلاً باستمرار السياسات الخاطئة التي يتبناها بعض الحكومات المعروفة».

من جهته، كتب منسق الشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل: «إذا ما اتخذت الحكومة السورية الخطوات السليمة في الاتجاه الصحيح، سنستجيب جميعاً لذلك. وحتى بلوغ هذه اللحظة، سنواصل ممارسة الضغوط على الصُّعد كافة. لن نتوقف عن فرض العقوبات الاقتصادية، ولن يكون هناك تطبيع من أي مستوى، ولن ندعم جهود إعادة الإعمار أبداً».

على صعيد آخر، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بـ«انفجار لغمين بمجموعة من القوات التركية في ريف الحسكة أدّيا إلى مقتل 4 أتراك وإصابة 7 بجروح». كما أشار «المرصد» إلى أن تنظيم «داعش» خطف 19 شخصاً غالبيتهم من المدنيين في البادية السورية.

———————–

تلفزيون سوريا يكشف ارتكابات سرية ومثيرة للأسد في مناطق قسد | لم الشمل

——————–

هل بدأ العد العكسي بين موسكو وطهران في سورية؟/ سعد كيوان

قد لا تبدو عشرة أعوام من عمر ثورة الشعب السوري التواق إلى الحرية شيئاً، أو غير كافية، مقارنة بما عاناه نحو خمسين سنة من قهر واستبداد وظلم نظام أثبت، يوماً بعد يوم، أنه السباق في ممارسة أبشع أنواع القمع والإجرام ووسائل القتل ضد شعبه، من استعمال السلاح الكيميائي إلى القصف بالبراميل المتفجرة وبمدافع الدبابات. فضلاً عن تشريد مئات ألوف لا بل ملايين السوريين، بالإضافة إلى الأسرى في سجون تدمر وصيدنايا وغيرهما، أين منها معسكر غوانتانمو، وصولاً إلى المجازر والمقابر الجماعية… إنها جرائم ضد الإنسانية حوّلت شعباً إلى حقل تجارب واختبار للتفنن في أساليب التعذيب والفظاعة في القمع والسحق التي يجيدها نظام الملالي في إيران، ولقّنها جيداً لربيبه بشار الأسد، ولنا في “أرشيف صور قيصر” (أكثر من خمسين ألفاً) خير دليل على ذلك! نظام أب وابن وحزب هو آلة استبداد جهنمية تمكّنت من تدجين (وتطويع) فئات وشرائح من المجتمع السوري التي لم يتح لها نظام الحزب الواحد والحاكم المستبد الأوحد مجرد التعرف على معنى الحرية، لأنها نشأت وتربت على “النظام المرصوص وتمجيد القائد والحزب” كل صباح في المدارس والجامعات والحضانات والفرق الرياضية والكشفية، وفي المؤسسات والدوائر الرسمية والحكومية، ما يتشارك في هذا كله مع كل أنظمة الحكم القومية العربية الاستبدادية. لذلك، بات يعضها يفكّر بطريقة النظام ويتصرّف مثله. وهي اليوم، ومن موقعها المعارض، تقاتله، وتريد أن تسقطه مستعملة النهج نفسه والأساليب نفسها. ولا عجب إن تحولت بعض شرائحها إلى أرض خصبة للحركات الاستئصالية، أمثال تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وأخواته، وفي خدمة النظام نفسه. وربما شعار “ليسقط النظام ولتسقط المعارضة” الذي رفع في لحظة ما في بلدة كفرنبل، الواقعة على طريق حلب – اللاذقية، وعرفت بـ”أيقونة الثورة”، يعبر أصدق تعبير عن مأساة الشعب السوري.

للمعارضة السورية ما لها وما عليها، من إخفاقات وتشتت وشرذمة وارتهان للخارج، بعد أن فرض عليها بشار الأسد العسكرة، فقد رفعت الحركات والتنظيمات السياسية والمسلحة شعار إسقاط النظام بدون أفق ولا استراتيجية واضحة، ولا خطة عمل مشتركة، ولا إطار سياسي تمثيلي موحد وجامع، فيما انتهى بعضها إلى برامج وتوجهات إسلامية أصولية تسعى إلى استبدال قمع النظام واستبداده باستبداد أشد وطأة وأكثر همجية وظلامية، تمارسه اليوم في المناطق التي تسيطر عليها، والتي يغذّيها ممولوها ورعاتها الإقليميون.

غير أن النظام، وبفضل ثورة السوريين الأحرار، بات اليوم مجرد دمية في يد رعاته الخارجيين، وتحديداً روسيا التي خاضت غمار أول وأعقد تدخل عسكري في الخارج منذ تدخل الاتحاد السوفييتي السابق في أفغانستان سنة 1979، لإنقاذ النظام الأفغاني الصديق وبسط نفوذه في آسيا. تماماً كما يحاول أن يفعل اليوم الرئيس فلاديمير بوتين من أجل استعادة موطئ قدم روسيا في الشرق الأوسط، بعد أن تم إخراجها من ليبيا عام 2011 على إثر ثورة الليبيين على نظام معمر القذافي. ولكن موسكو تدخّلت لإنقاذ نظام الأسد المنهار في سبتمبر/ أيلول عام 2015، بعد أن كان قد سبقها الى ذلك نظام إيران الذي دفع مليشياته متعدّدة الأجناس والأعراق، تتقدّمها مليشيا حزب الله اللبناني، ثم تركيا وإسرائيل الحاضرة دائماً، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، التي تحافظ على وجود عسكري لها في شمال شرق سورية لمراقبة المعبر الاستراتيجي الذي تحاول إيران أن تشقه وترسّخه من طهران إلى بيروت عبر الحدود العراقية – السورية. ومع ذلك، سلمت واشنطن لموسكو بدورها ونفوذها وتموضعها الاستراتيجي في سورية، غير أن بوتين لا يريد أن يغرق في أوحال سورية كما غرق ليونيد بريجنيف في أوحال أفغانستان. ولكن سورية اليوم هي مجموعة دويلات سورية تتقاسمها خمسة جيوش، إيران وتركيا وإسرائيل (لها السيادة في الجو) وأميركا وروسيا، موزعة التمركز والنفوذ، على الرغم من أن القرار الفصل يبقى لروسيا، إلا أن هذا لا يمكن أن يُرضي بوتين الذي يتحمل العبء الأكبر، والذي أدرك جيداً بعد أكثر من خمس سنوات على تدخله العسكري باهظ الثمن بشرياً وعسكرياً ومالياً وأمنياً أن الإمساك بسورية، بوصفها مفتاحاً جيوستراتيجياً في المنطقة، لا يمكن أن يتم إذا لم تقم سلطة ذات مصداقية في دمشق، تطلق ورشة الإعمار الباهظة، وتمهد لعودة ملايين النازحين السوريين إلى ديارهم كما ينص عليه قرار مجلس الأمن 2254. ولا يمكن أن يضطلع بهذه الورشة سوى أميركا والدول الأوروبية ودول الخليج، وشرط هذه الدول هو أقله خروج إيران ومليشياتها من سورية. وهذا هو عنوان المرحلة المقبلة من الصراع وحسابات النفوذ في سورية وعليها، وعلى الصعيد الإقليمي. وقد توصلت موسكو إلى هذا الاستنتاج بعد محاولات دؤوبة خلال السنوات الماضية، للالتفاف على هذا الواقع، عبر إيجاد إطارات بديلة من نوع مؤتمرات أستانة ثم سوتشي، وبدائل أخرى على الأرض لم يكتب لها النجاح، فهي تسيطر ولا تسيطر، لا في الشمال ولا في الجنوب. وحتى في دمشق، اضطرت إلى الضغط على الأسد وحصر نفوذه عملياً في محيط دمشق، واختراق الجيش والأجهزة، ثم إنشاء فرقة خاصة، هي الفرقة الخامسة التي تخضع كلياً لأوامر الضباط الروس من أجل وضع حد للنفوذ الإيراني، المتغلغل ليس فقط عسكرياً، وإنما يعمل على اختراق النسيج الاجتماعي، بالإضافة إلى سعيه الحثيث إلى نشر التشيع بين شرائح معينة بغرض تقويض الأرض من تحت أقدام روسيا.

وأمام موسكو اليوم خريطة تقاسم مناطق نفوذ جغرافي وسياسي على امتداد العمق السوري، تريد أن تُحكم إمساكها بها. وهي تعتبر أن حصة النظام هي عملياً من حصتها، لأن الأسد لولاها لكان اليوم في خبر كان، وتريد بالتالي أن ترسمل ما تدفعه منذ أكثر من خمس سنوات. أما إيران ومليشياتها فهي موجودة في معظم مناطق النظام، في الجنوب والشرق والوسط، إلا أنها لم تفلح في وقف اندفاعة فصائل المعارضة إلى داخل دمشق، فأرسلت جنرالها قاسم سليماني، الذي اغتاله دونالد ترامب، في بداية عام 2020، إلى موسكو طالباً تدخل بوتين لإنقاذ الأسد. ثم تركيا التي تسيطر على الشمال الغربي، وتسعى إلى التمدد في إدلب، إما عسكرياً أو بالتحايل على روسيا ومحاولة ابتزازها عبر استمالة بعض فصائل الشمال وتسليحها. فيما اختارت أميركا التمركز في أهم منطقة في الشمال الشرق الغني بالنفط، وتقوم بدعم وتسليح قوات سورية الديمقراطية (قسد)، وربما تعترف بالشمال كياناً خاصاً للأكراد. ومن موقعها، تراقب إيران ومليشياتها عبر الحدود العراقية – السورية، ومن قاعدة التنف العسكرية في الجنوب الشرقي.

من هذا المنطلق، كانت الجولة التي قام بها أخيراً وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى دول الخليج، والتي سمع منها بشكل واضح أن لا إمكانية لتعويم النظام، ولا مشاركة في تمويل إعادة الإعمار والاستقرار إذا لم تخرج إيران ومليشياتها من سورية، كما أن إسرائيل لن تسمح بوجود عسكري لإيران في سورية، وإقامة قواعد أو الاقتراب من هضبة الجولان، تماماً كما هو موقف الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي. وكان أول الغيث، فور عودة لافروف، أن وجّه دعوة إلى وفد من حزب الله لزيارة موسكو، جاءت بمثابة استدعاء، إذ كان الاستقبال بارداً جداً، ولم يدم اللقاء معه أكثر من عشرين دقيقة، أبلغهم خلاله أن على حزب الله أن ينسحب من سورية في أقرب وقت. وقد انعكست هذه الخطوة بشكل فوري على الداخل اللبناني، إذ قلب حزب الله الذي كان داعماً لخيار سعد الحريري على رأس حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين الطاولة، وضغط باتجاه العودة إلى حكومة سياسيين، مهدّداً باللجوء إلى “خطوات غير قانونية وغير دستورية” كما جاء على لسان أمينه العام حسن نصر الله. توجّس حزب الله من التوجه الروسي يدفعه إلى التحصن في الداخل، وإحكام قبضته على أي حكومة جديدة ستشكل في لبنان.

هل ستشهد المرحلة المقبلة في سورية ضغطاً إضافياً على إيران وأذرعها؟ أكثر من مؤشّر يدل على أن طهران غير مرتاحة للتحرّك الروسي، وقد اختارت، على ما يبدو، التصعيد في اليمن والعراق ولبنان، بانتظار أن تتبلور نيات إدارة جو بايدن، الذي يبدو هو الآخر حائراً بين التصعيد والعودة إلى الاتفاق النووي. ولكن المؤكد أن سورية أصبحت عبئاً حتى على محتليها!

العربي الجديد

———————–

موسكو:الاسد يوقف تعاونه مع منظمة الكيماوي..إذا حرم من “إمتيازاته

قال نائب مندوب روسيا في مجلس الأمن دميتري بوليانسكي إن النظام السوري قد يوقف تعاونه مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إذا ما تمّ قبول اقتراح من الدول الغربية للحد من حقوق سوريا في المنظمة.

وقال بوليانسكي: “إنني أحثكم على التفكير، إذا حرمتم سوريا من حق المشاركة في صنع القرار في المنظمة، فما الهدف من استمرار دمشق في التفاعل معها أصلا؟”. وأضاف أنه “إذا كان أعداء سوريا هم أيضاً معارضون للتدمير الحقيقي للأسلحة الكيماوية في جميع أنحاء أراضيها، وحققوا ما يريدون، فسنواجه جميعا أوقاتاً صعبة للغاية”.

وتابع بوليانسكي أنه من المرجح أنه “قبل ختام المسرحية الكبيرة” في وقت لاحق من نيسان/أبريل، فإن فريق منظمة حظر الأسلحة الكيماوية “سيقدم مفاجأة أخرى” ويعرض تقريراً “عن تحقيق زائف آخر مع اتهامات ضد السلطات السورية في استنتاجاته”.

وساد خلاف بين روسيا من جانب والولايات المتحدة وحلفائها من جانب آخر ليل الثلاثاء، حول تصويت يجري في وقت لاحق من نيسان، قد يجرّد سوريا من حقوق التصويت في المنظمة الدولية لمراقبة الأسلحة الكيماوية.

وتتهم موسكو الغرب بمحاولة “تشويه صورة دمشق”، فيما تطالب الولايات المتحدة برسالة قوية إلى الحكومة السورية أن استخدام الأسلحة الكيماوية له عواقب.

جاءت الخلافات في الاجتماع الشهري لمجلس الأمن الدولي بشأن الأسلحة الكيماوية في سوريا. وقالت مفوضة الأمم المتحدة المعنية بنزع السلاح الكيماوي إيزومي ناكاميتسو إن إعلان دمشق عن مخزوناتها الكيماوية ومواقع إنتاج الأسلحة الكيماوية قبل ما يقرب من ثماني سنوات لا يزال غير مكتمل، مع وجود 19 مسألة معلقة.

ومن بين تلك المواقع، منشأة لإنتاج الأسلحة الكيماوية أعلنت الحكومة السورية أنها لم تُستخدم مطلقاً في مثل هذا الإنتاج، لكن خبراء من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية عثروا على مؤشرات على أن غاز الأعصاب قد تمّ إنتاجه أو تحميله في أسلحة.

كما ذكرت ناكاميتسو أن الزيارات الميدانية التي قام بها خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في أيلول/سبتمبر 2020، وجدت بعض المواد الكيماوية “غير المتوقعة” في العينات. وقالت إن سوريا أرسلت مذكرة تحتوي على “مزيد من التوضيح” يجري تحليلها.

وفي نيسان/أبريل 2020، ألقى محققو منظمة حظر الأسلحة الكيماوية باللوم في ثلاث هجمات كيماوية وقعت في 2017، على حكومة الرئيس السوري بشار الأسد. ورد المجلس التنفيذي للمنظمة بمطالبة سوريا بتقديم التفاصيل. وعندما لم تفعل ذلك، قدمت فرنسا مسودة نيابة عن 46 دولة في تشرين الثاني/نوفمبر، لتعليق “الحقوق والامتيازات” السورية في المنظمة.

وسيتم النظر في الأمر في اجتماع الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية الذي يبدأ في 20 نسيان/أبريل، في مقر المنظمة في لاهاي، هولندا.

———————-

=======================

تحديث 09 نيسان 2021

———————

كلفة التخلص من الأسد/ بكر صدقي

تقاطعت خطوط عدة، في الآونة الأخيرة، ساهمت في إشاعة أوهام لدى سوريين معارضين لنظام الأسد الكيمياوي بشأن اقتراب لحظة التخلص منه. من ذلك أن «المجتمع الدولي» بدوله ومنظماته المختلفة، أصدر، بالتزامن مع انقضاء عشر سنوات على بداية الثورة السورية، بيانات وتصريحات يمكن اعتبارها متشددة تجاه النظام، رفض فيها الاعتراف بشرعيته أو شرعية الانتخابات الرئاسية التي يستعد لإجرائها «بمن حضر» من السوريين، بعد استبعاد نصف السكان بين لاجئين ونازحين ومعتقلين، وبعد تجويع وتركيع النصف المتبقي «في حوزته». ورفضت تلك الدول والمنظمات أي مساهمة في إعادة الإعمار قبل الشروع في الحل السياسي وفق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

… ومنها الأزمة الاقتصادية الاجتماعية الخانقة التي تعاني منها مناطق سيطرة النظام، إضافة إلى مفاعيل انتشار وباء كورونا في ظل غياب أي موارد لمواجهته. ومنها تحركات دبلوماسية بدا وكأنها تشي بجديد بعد انسداد أفق الحل السياسي على الطريقة الروسية، كجولة لافروف الخليجية وإطلاق «آلية ثلاثية» جديدة للتعامل مع المسار السياسي، حلت بموجبها قطر محل إيران في آلية آستانة. وبموازاة ذلك تطايرت في الفضاء الافتراضي سيناريوهات ومشاريع سياسية أبرزها «المجلس العسكري».

… ومنها بداية اهتمام الإدارة الأمريكية الجديدة بالمشكلة السورية، سواء في مجلس الأمن أو من خلال بعض تصريحات المسؤولين الأمريكيين.

بالنسبة للنقطة الأخيرة اتضح أن إدارة جو بايدن لا جديد لديها بشأن سوريا غير مواصلة فرض العقوبات على النظام وتشديدها باطراد، كآلية وحيدة للضغط عليه «بهدف دفعه إلى السير قدماً في العملية السياسية» أو لفتح المعابر للمساعدات الدولية المخصصة للنازحين، ومن جهة أخرى مواصلة دعم «قوات سوريا الديمقراطية» في منطقة نفوذها شرقي نهر الفرات. بالمقابل، كان الناطق باسم الخارجية الأمريكية واضحاً في قوله: «ليس لدى الولايات المتحدة أي نوايا لهندسة تغيير نظام الأسد» في استئناف للسياسة الأمريكية تجاه سوريا في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، بل بسقف أكثر انخفاضاً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن كلاً من وزارة الدفاع والمخابرات المركزية في عهد أوباما الأول كانت لهما أنشطة تدخلية في الصراع العسكري، لفترة محدودة، سرعان ما توقفت حتى قبل تلزيم الصراع السوري لروسيا بدءًا من خريف العام 2015.

أما النشاط الظاهر لشخصيات معارضة، في الآونة الأخيرة، وإطلاقها مشاريع وأوهام بقرب نهاية النظام، فتلتقي فيه طموحات شخصية لدى معارضين يريدون لعب دور سياسي، ودول إقليمية تتنافس على مناطق وميادين نفوذ جديدة لتثبت أهميتها وقوتها في المعادلات الإقليمية والدولية. ينطبق الأمر ذاته على الفصائل العسكرية المعارضة أيضاً، ويمكن قراءة الفيلم الوثائقي الذي صوره صحافي أمريكي مع أبي محمد الجولاني، وتسربت بعض عناوينه إلى وسائل الإعلام، في الإطار نفسه، حيث يسعى الجولاني إلى تسويق منظمته لدى الرأي العام الغربي.

سأقترح هنا قراءة أخرى، متشائمة، للتطورات المذكورة، وأتمنى أن أكون مخطئاً فيها.

حين تظهر الولايات المتحدة والدول الأوروبية «تشدداً» بلاغياً في وجه النظام الكيماوي، وتربط بين رفع العقوبات والمساهمة في إعادة الإعمار، بإحراز تقدم في تطبيق قرار مجلس الأمن 2254، فهي تعرف أن النظام لن يرضخ لذلك. ولمَ يرضخ ما دامت سلطته غير مهددة بصورة جدية، حتى لو كانت هذه على جزء من الأراضي السورية فقط، وملايين السوريين الواقعين تحت قبضته، المهددين بالجوع، لن يشكلوا خطراً عليه. فهو مستعد للتعايش مع الاحتلالات الأجنبية، والأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وتفكك المجتمع، سنوات وسنوات.

بهذا التمسك بالسلطة، مهما كان الثمن، يخدم النظام الكيماوي أيضاً دول الغرب، فيقدم لها الذريعة المناسبة للتنصل من واجباتها. كيف ذلك؟

لنفترض جدلاً أن النظام رضخ للضغوط فوافق على تنفيذ متطلبات الحل السياسي وفقاً لقرارات مجلس الأمن، أو اختصر رأس النظام الأمر على نفسه وتنحى بقرار ذاتي وخرج من سوريا. فما الذي سيحدث في اليوم التالي؟

سيكون على مجلس الأمن أن يتولى أمر إعادة الاستقرار إلى سوريا ما بعد الأسد، وهو ما يتطلب إطلاق ورشة عمل هائلة ومتعددة الوظائف، بموارد فلكية، لإرساء أسس نظام جديد قابل للحياة، وإنهاء الاحتلالات الأجنبية، ونزع سلاح التشكيلات المسلحة لدى جميع الأطراف، وإعادة بناء جيش وقوى أمنية من الصفر، وفرض النظام العام، والبدء بإعادة الإعمار تمهيداً لعودة ملايين المهجرين واللاجئين والنازحين، والمساعدة على إعادة تدوير الاقتصاد بما في ذلك إيجاد ملايين الوظائف.

ما لم يحدث ذلك فالصراعات المسلحة يحتمل جداً أن تستمر بين مختلف المناطق بعد رحيل رأس النظام وحاشيته المقربة، ولن يكون باستطاعة «هيئة الحكم الانتقالية» المذكورة في قرار مجلس الأمن أن تضبط النظام العام بدون أدوات أمنية وعسكرية يتطلب إعادة بنائها الكثير من الموارد البشرية والمادية، ناهيكم عن إعادة عجلة الاقتصاد والتجارة والخدمات العامة للدوران.

لقد رأينا في مؤتمر المانحين الأخير غياب الحماسة لدى الدول المشاركة لتقديم مساعدات إنسانية، فكان المؤتمر نوعاً من بروفا مصغرة لما يمكن أن يقدمه المجتمع الدولي لسوريا، على فرض انتهاء الحقبة الأسدية وبداية سوريا جديدة. قد يكون السيناريو الأكثر واقعية هو أن يتم تعزيز القوات الروسية في سوريا بحيث يصبح بإمكانها ضبط الأمن بوصف روسيا الدولة الوصية أو «المنتدبة» على تركة النظام الأسدي. ولكن ليس لدى المحتل الروسي ما يقدمه في المجالات الأخرى. وهذا ما يعيدنا إلى المربع الأول، أي حاجة المحتل الروسي إلى أموال أوروبية وأمريكية وخليجية، سواء لتمويل إعادة الإعمار أو لدفع كلفة الاحتلال نفسه. ولا مصلحة للدول المذكورة في إغداق الأموال على روسيا بلا مقابل، وتسليمها الدولة السورية فوق ذلك، في الوقت الذي تقول مؤشرات عدة أن حرباً باردة جديدة على وشك أن تبدأ بين روسيا والصين من جهة، والولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى.

يكثر السوريون المعارضون من تذكير المجتمع الدولي بالكلفة الهائلة لبقاء الأسد، لكن المجتمع الدولي يفكر بالكلفة الهائلة للتخلص منه.

كاتب سوري

القدس العربي

————————

البحث في مصير الأسد.. “سوريا” مؤجلة/ منير الربيع

تضارب في المواقف نقل عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. نقل عن الرجل قوله، إنه لا يمكن إجراء انتخابات رئاسية في سوريا من دون التوصل إلى دستور جديد. سريعاً تم تصحيح الموقف، ونسبه إلى خطأ في الترجمة، ليأتي التوضيح بأن ما قصده وزير الخارجية الروسي هو أن لا إلزام قانوني بالاتفاق على الصيغة الدستورية قبل إجراء الانتخابات الرئاسية.

الإصرار على هذا الموقف يعني أن موسكو لا تزال عند موقفها الثابت وهو عدم مناقشة رحيل بشار الأسد عن السلطة، وتأكيد على أن الانتخابات ستجري في موعدها. تعلم موسكو علم اليقين أن هذه الانتخابات لن تكون إلا عنواناً انقساميا جديداً، لن يحظى بإجماع داخلي ولا دولي. بل إطالة أمد الاستنزاف والخراب السوري، بانتظار لحظة البازار الكبير.

 يلقى الموقف الروسي دعماً إسرائيلياً، وفي بعض الأوساط الغربية والأميركية، فهؤلاء قد استسلموا لفكرة إيجاد بديل لبشار الأسد، ولا ويريدون الخوض في عناء البحث عن حلول سياسية طالما أن الاستعصاء السوري يؤدي النتائج المطلوبة، وطالما أن المصلحة الاستراتيجية الإسرائيلية مؤمنة، من خلال حماية الجبهة الجنوبية، وبما أن الصراع على المعابر والممرات والمرافئ مستمر، في مثل هذا الصراع، لا تحتاج الدول إلى سلطة حديثة قادرة على لملمة أشلاء وطن تدثر. وحتى لو وصلت أي سلطة جديدة ولو كان قوامها بين المعارضة والنظام ومن مشارب مختلفة إما أنها لن تكون مؤهلة على لجم التدهور وضبط الساحة وشوائبها، أو أنها ستكون ذات توجهات متعِبة فتنتج أزمات متعددة بدلاً من أزمة واحدة، أزمة، يتم التعامل معها حالياً من خلال توسيع نطاق النفوذ على الجغرافيا السورية بين جهات متعددة، كل واحدة منها قادرة على ضبط الحيّز الجغرافي لمنطقة نفوذها.

صحة هذا الكلام تتأكد من تصريح للخارجية الأميركية حول أن واشنطن لا تسعى لهندسة تؤدي إلى تغيير النظام، ولكنها تؤكد وجوب محاسبته على ما ارتكبته بحق الشعب السوري وتحميله المسؤولية الكاملة. إنه موقف ليس فيه وضوح يشتهيه السوريون الطامحون إلى تغيير النظام وإلى موقف دولي يغيّر المعادلة برمتها. لكنه أيضاً بنفس الوقت لا يشفي غليل موسكو ولا طهران ولا نظام بشار الأسد الذي لن يتمكن من التهرب من مسؤوليته أو محاسبته. لكنه تصريح يطيل أمد الأزمة، ويبقي سوريا مفتوحة على صراعات مديدة، وسط نقاش عقيم حول اللجنة الدستورية التي لم تنتج ولن تنتج بناء على قرار واضح من قبل النظام.

 يشبه كلام الخارجية الأميركية، مواقف أميركية سابقة صدرت أيام إدارة باراك أوباما عن أنه لا مستقبل لبشار الأسد في سوريا، هذا أمر ثابت، ولكن السؤال هو متى يحين موعد هذا المستقبل؟

هنا المسألة تبدو في غاية التعقيد، والأزمة مفتوحة على زمن غير محدد بعد، إلّا أن الأكيد هو استحالة إعادة تعويم بشار الأسد. وما نقل عن لسان لافروف ولو كان خاطئاً فهو لا يعني أنه لم يكن فكرة متداولة وبقوة في مرحلة سابقة، وهي التي ستكون المخرج الأساسي من الأزمة عندما يحين وقت الخروج منها. ما نقل عن لسان لافروف هو عبارة عن فكرة جرت مناقشتها دولياً على مراحل، وصلت إلى حدّ التفكير بتأجيل الانتخابات الرئاسية السورية لسنة ريثما يتم وضع اتفاق دولي شامل وواضح المعالم، بذلك يكون الأسد قد كسب سنة إضافية في الحكم وبعدها يتم الاتفاق على صيغة بديلة من مجلس حكم انتقالي أو حكومة انتقالية.

 رفضت روسيا هذه الفكرة، وطرحت فكرة مضادة، وهي توفير انتخاب بشار الأسد لولاية رئاسية جديدة، أي 7 سنوات، وبعد الانتخابات بسنة يبدأ العمل على بلورة اتفاق سياسي ودستوري برعاية دولية، يسحب صلاحيات رئيس النظام ويبقيه صورياً لتنتقل الصلاحيات إلى حكومة انتقالية تضم شخصيات موالية ومعارضة متوزعة على جماعات المعارضة المتعددة والمتنوعة. لم يتم التوصل إلى اتفاق حول أي من الفكرتين، لكن الفكرة هي الصيغة التي سيكون وفقها المخرج متاحاً فيما بعد. بينما السؤال الأساسي يبقى حول قدرة موسكو على الاستمرار في حالة الاستنزاف وما يمكن لها أن تحققه من تنازلات غربية. مقابل تقديمها لتنازلات في المقابل.

 العقدة الأساسية في هذا المسار هي إيران، إطالة أمد الأسد يعني توسيع هامش الفوضى في سوريا، وهو أكثر ما تنجح طهران باستثماره، بينما تسعى موسكو مع طهران ومع حزب الله لإعادة رسم قواعد جغرافية لمناطق ومواقع نفوذهم في سوريا، وذلك في محاولة لتجنب مزيد من الضربات الإسرائيلية والتصعيد الأميركي، والموقف الخليجي المتشدد من وجود إيران وحلفائها على الأراضي السورية. هنا تؤكد المعلومات أن روسيا قدمت طرحاً مكتوباً للطرفين أي لإيران وحزب الله حول ضرورة إجراء عملية إعادة تموضع، مقابل إعطاء ضمانات حول حفظ مصالح طهران في سوريا، لم يأت الجواب الإيراني بعد، ولكن على أساسه ستحاول موسكو تقديم برنامج عمل أو مبادرة جديدة بعد الانتخابات السورية وإعادة انتخاب الأسد، من شأن هذا البرنامج أن يمثل خطة عمل مشتركة مع المجتمعين العربي والدولي للمرحلة المقبلة.

————————–

النظام يحاول اختراق الاتحاد الأوروبي..عبر دوله غير المؤثرة/ مصطفى محمد

لا يوجد أمام النظام السوري الذي فشل حتى الآن في تغيير موقف الاتحاد الأوروبي الموّحد الرافض للتطبيع معه قبل تقدم المسار السياسي، غير استثمار علاقاته السابقة ببعض الدول الأوروبية، معولاً على عدم وجود سياسة موحدة للدول الأعضاء، لدفع الاتحاد لإجراء مراجعة بموقفه من الملف السوري.

إذ كشفت الأيام الأخيرة، عن مقاربة جديدة يتبعها النظام السوري، لاختراق الموقف الأوروبي، من خلال الطلب من بعض الدول الأوروبية بينها النمسا ورومانيا وإيطاليا واليونان، فتح حوار معه، لتجنب اتخاذ المزيد من الإجراءات العقابية ضده.

جاء ذلك في رسالة خطية أرسلها المقداد في منتصف آذار/مارس 2021، قبيل انعقاد مؤتمر بروكسل، إلى وزراء خارجية تلك الدول، دعاهم فيها إلى “منع اتخاذ أي مواقف جديدة ضمن إطار الاتحاد الأوروبي، لأنها تشكل عائقاً أمام الحوار المنشود، والعودة الطوعية والآمنة للاجئين، في ظل الاحترام الكامل للقانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، والقانون الإنساني الدولي”، بحسب ما جاء في نص الرسالة.

وقال مصدر خاص على صلة بالحكومة الرومانية، ل”المدن”، إنه سبقت هذه الرسالة، تحركات دبلوماسية من جانب النظام في عدد من الدول الأوروبية، أثمرت عن توقيع اتفاقيات بروتوكولية في شأن التعليم والصحة والتجارة، مع النمسا وهنغاريا، والتعليم والصحة مع رومانيا.

وقلّل المصدر من تأثير هذه الاتفاقيات، لأنها جاءت خارج نطاق أو موافقة الاتحاد الأوروبي، وقال: “لا زال الاتحاد الأوروبي مثابراً على موقفه من التطبيع والحوار مع نظام الأسد”، ويأتي رفض الاتحاد الأوروبي لدعوة المقداد، وإن كان بطريقة غير مباشرة، ليؤكد ثبات الموقف الأوروبي الموحد، وفق المصدر ذاته.

ويرى المحلل السياسي والخبير بالسياسات الأوروبية أسامة بشير أن الاتحاد الأوروبي لا يزال متشدداً في موقفه من النظام، بحيث يرفض الاتحاد الحوار مع النظام، من باب إعادة اللاجئين السوريين، أو من أبواب أخرى.

ورداً على سؤال عن سبب اختيار المقداد لدول محددة، يقول بشير ل”المدن”، إن “النظام اختار الدول التي لم تقطع علاقاتها معه بشكل كامل، أو التي لها مواقف ليّنة منه، ليقول إن هناك دولاً أوروبية لا زالت تعقد الاتفاقيات معه”، ويضيف “حتى لو فتحت هذه الدول حواراً مع النظام، فذلك لا يعني شيئاً، لأنها دول ضعيفة القرار في الاتحاد الأوروبي”.

وفي السياق ذاته، يقول عضو البرلمان الألماني السابق جمال قارصلي ل”المدن”، إن تحركات النظام الدبلوماسية نحو دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، لا تشكل ثقلاً سياسياً، “هي بالون اختبار لاكتشاف مواقف الدول الأوروبية المؤثرة، من الملف السوري”.

ويرى قارصلي أن النظام يحاول معرفة مدى تأثر سياسات أوروبا في المنطقة، بعد تسلم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لقرار البيت الأبيض، الإدارة التي تتعاطى بشكل جديد مع العديد من ملفات الشرق الأوسط. وليس مستحيلاً من وجهة نظر قارصلي، أن ينجح النظام في اختراق مواقف عدد من الدول الأعضاء، مشيراً إلى عدم وجود بنية صلبة للسياسات الخارجية للاتحاد الأوروبي، الذي يضم 28 دولة.

لكن ذلك، لا يعني أن هناك تغيراً في الموقف الأوروبي الموحد تجاه النظام السوري، بحيث لا زالت هناك محددات واضحة وشروط يجب على النظام الالتزام بها، وفي مقدمتها تقديم تنازلات للحل السياسي، كما يؤكد قارصلي، ويضيف: “لا يستطيع أي طرف باستثناء روسيا، تحمل عبء النظام وخصوصاً من الناحية الأخلاقية”.

ولم يستغرب قارصلي أن لا يأتي أي رد على رسالة المقداد حتى من الدول الأوروبية التي تربطها علاقات معه، مثل رومانيا وهنغاريا، لأن جرائم النظام والأدلة الموثقة بحوزة الدول على ارتكابه إياها، تجعل التطبيع معه بمثابة المجازفة الأخلاقية.

وفي منتصف آذار/مارس، أعرب أعضاء في البرلمان الأوروبي عن قلقهم إزاء استمرار المأزق السياسي في سوريا، وعدم إحراز تقدم في إيجاد حل سياسي، معتبرين أن الانتخابات الرئاسية التي يخطط النظام لها “تفتقر للمصداقية في نظر المجتمع الدولي”.

العربي الجديد

————————

عن عدائية النظام وتعطّل الحل السياسي في سوريا/ هشام حميدان

في اللغة العربية نقول إن الإنسان وحده مَن يعيش، بينما باقي الكائنات فهي تحيا فقط. والتفريق بين مجرّد الحياة التي يشترك فيها الإنسان مع الحيوانات والنباتات، وبين أنماط العيش التي يختص بها الإنسان وتجعل منه كائناً سياسياً على سبيل المثال، يمكن أن يساعد على توصيف الحياة السياسية في سوريا، ويفتحنا على التساؤل حول ما إذا عاش السوريون حياة سياسية أثناء العهد الأسدي أم لا.

كان النظام قبل الثورة هو الذي يحدد قواعد اللعبة السياسية الداخلية، ويرسم سياسات الدولة الداخلية والخارجية، ويقرر مَن من الشعب يستطيع أن يدخل حقل السياسة، ولكن حصراً كلاعب ثانوي ليس لصوته أيّة قيمة، إذا قورن بأصوات الزمرة الحاكمة، مهما كانت مكانته.

أما بعد الثورة، فأخذت السلطة السياسية تفلت شيئاً فشيئاً من يد النظام وبدأت تظهر السياسات الإيرانية بوضوح أكثر، إلى أن وصلنا إلى مرحلة الاحتلال الروسي، الذي لا يتحكم بكل تفاصيل الحياة السياسية، لكنّه صار اللاعب الأبرز فيها.

السياسة حكر على النظام، بينما الشعب مستثنى أو محروم منها، أي أنه لم يعرف العيش السياسي، والحياة السياسية ازدادت تعقيداً مع كثرة اللاعبين بعد الثورة، ولكن عن أيّة سياسة نتكلم عندما نتكلم عن سياسة النظام؟ ما هو السياسي أو ما الذي يحدد ماهيته؟ وتحت أي صنف تندرج سياسات النظام؟

العدوّ والصديق

يشير “كارل شميت” إلى أن مفهوم “السياسي” غالباً ما ارتبط بمفهوم “الدولة”، على اعتبار أن “مفهوم الدولة يفترض مفهوم السياسي من ذات نفسه”، وإلى أنه “من النادر أن نصادف تعريفاً واضحاً للسياسي. فاللفظة تكاد لا تُستعمَل أبداً إلا بشكل سالب، في مقابل مفهومات أخرى شتى ضمن نقائض من قبيل السياسة والاقتصاد، السياسة والأخلاق، السياسة والقانون”.

إلا أن شميت ينبّه إلى هشاشة تعريف السياسي انطلاقاً من الدولة، أو الاعتماد على المعادلة التي اعتبرها غير دقيقة وبؤرة للأخطاء والتي تقول: “الدولة = سياسة”، لأن “الإحالة على الدولة لم يعد يمكنها أن توفّر ما به يُعرّف الطابعُ المميّز والمخصوص للسياسي”.

يتجاوز شميت الارتباط بين مفهوم الدولة والسياسة ليقترح تعريفاً آخر للسياسي، يقوم على التقابل بين الصديق والعدوّ. يقول في ذلك: “إنّ التمييز المخصوص للسياسي، الذي إليه يمكن أن تعود الأفعال والدوافع السياسية، إنّما هو التفريق بين الصديق والعدو. فإنه يوفّر مبدأ لتحديد الهوية له قيمة المقياس”.

يضيف شميت إلى ذلك ما معناه أن هذا التقابل بين الصديق والعدوّ الذي يحدد “ما هو السياسي”، هو تقابل مستقل، لا ينبغي خلطه أو إحالته أو استنتاجه من تقابلات أخرى، اقتصادية أو أخلاقية أو جمالية، فالصديق في السياسة ليس حتماً “مفيداً” على مستوى اقتصادي أو “جميلاً” على المستوى الجمالي أو “خيّراً” على المستوى الأخلاقي، والعدو بالمعنى السياسي ليس بالضرورة قبيحاً أو شريراً أو ضاراً.

سياسة النظام

في سياسة النظام السوري، يتوافق “ما هو سياسي” مع “ما هو اقتصادي وأخلاقي وجمالي”، بل يمكن أن يُستنتج منها أو يحال عليها، فالعدوّ السياسي عنده قبيح وشرير وضار، والصديق جميل وخيّر ومفيد. كذلك هي إيران، الصديق الخيّر الذي يقف عسكرياً معه ضد “الإرهاب”، والمفيد الذي يدعمه اقتصادياً، وهذا ينطبق على حزب الله أيضاً، الذارع الإيرانية الصديقة، والذي تجد صور أمينه العام في الشوارع والبيوت والسيارات. ولنا في روسيا خير مثال أيضاً، فهي المنقذ والسيف المسلول على الأطماع الغربية، البلد البعيد/ القريب والجميل، الذي يرأسه “أبو علي بوتين” حسب التوصيف الشعبي، حامي الأقليات الكاريزماتي.

أما الأعداء السياسيون، فهم المتآمرون الكونيّون على سوريا ومواقفها الممانعة، هم عين الشر والقبح والضرر، ولائحتهم تطول، تبدأ بمَن ثار من الشعب على النظام (الجراثيم التي ينبغي تطهير البلد منها) ولا تنتهي بأمريكا.

والحال أن العداء الشديد من جهة المعارضة العسكرية والسياسية يماثل سياسة النظام العدائية هذه، التي ترى في العدوّ السياسي ما تراه من قبح وشر وضرر، ولكن علينا أن نقول إن النظام لا يستحق ولم يترك مجالاً إلا لمعاملته بهذا الخلط بين السياسي والأخلاقي والجمالي والاقتصادي، ولا يقبل بعدوّ سياسي يشاركه السلطة، بل لا يقبل إلا بفنائه. الجميع يعلم أن النظام لا يقدّم تنازلات لأنه يرى أنها لا تجر إلا تنازلات، وتفلت زمام السلطة من يده، لذلك بقي على سياسة العداء نفسها، التي ما انفكّ يمارسها منذ بدء سيطرته على سوريا.

علينا أن نضيف أن شميت يشير إلى أن هذا التحديد لـ”ما هو سياسي” ليس مستوفياً أو جامعاً. ولا نستعين به هنا إلا لأنه يقدّم لنا منظوراً محدداً قد يساعد على فهم الانسداد السياسي الحاصل في الشأن السوري.

فكرة الحوار مع النظام لن تكون مرضية إلا بما يضمن محاسبة كل مسؤول عن القتل والدمار، والحق أن النظام لا يستحق إلا أن يندثر كل أثر خلّفه في النفوس والعقول والأجساد والأشياء، إلا أن الحوار الجدي، مهما كانت الشروط والتنازلات التي سيقدّمها النظام، سيبقى كأس سم مهما حاولنا تخفيف الأمر، ولكن يبدو أننا سنتجرعه رغم أنفنا في وقت ما، لأن سقوط النظام صار احتمالاً بعيداً ولم يعد مسألة مطروحة أو قريبة في السياسة الدولية ولأن النظام انتصر عسكرياً ويتخذ الشعب السوري كرهينة، ولا يخفى على أحد أن محاولات الحوار السابقة كانت محكومة بالفشل بالدرجة الأولى لأن النظام هو النظام.

لا نشير من وراء هذه الإضاءة على مفهوم “السياسي” إلى أن النظام كان أو سيكون “جميلاً” أو “مفيداً” أو “خيّراً”، بل نشير إلى العمل السياسي بما هو عمل يقبل فصل الجانب الأخلاقي والجمالي والاقتصادي عن السياسي أو يؤجله أو يغض النظر عنه، لكننا نشير أيضاً إلى أن النظام ما زال غير قابل للحوار، ولا يقبل إلا بسياسة عدائية من نوع مخصوص، تقوم على رفض جذري لـ”ما هو سياسي”، ولا يعرف إلا شيطنة الآخر، أي أن النظام عدوّ لـ”ما هو سياسي”، اللهم في الصيغة الأكثر انحطاطاً وعدائية.

ولا مبالغة في القول إن النظام هو المرض السوري المزمن، الذي أوصل الناس إلى البؤس المعيشي الحاصل الآن، وإنه عدوّ نفسه أيضاً، فهو منذ أول أمره يحمل أسباب تفككه وانحلاله.

في البلاد الديمقراطية ذات الدول الراسخة، حيث يوجد إجماع على الدولة، ينشغل الناس بالدفاع عن المجتمع أكثر من دفاعهم عن الدولة، فالأخطار هناك لا تهدد وجود الدولة بما هي الأفق السياسي القانوني الذي يوحّد شعباً ما، أما في البلاد التي لم يترسخ فيها مفهوم الدولة أو لا تمتلك دولة قوية، فتنشأ الحاجة للدفاع عنها أو الحرص عليها، كي يضمن الناس أقل قدر من التدبير المؤسساتي لشؤون حياتهم المعيشية اليومية.

لذلك فإن السياسية، التي يعتبر ميشال فوكو أنها “مواصلة الحرب بوسائل أخرى” عليها أن تحافظ على الدولة وتهاجم النظام فقط، لكن الأمر المؤسف أن النظام لن يقبل إلا بانهيار الدولة أيضاً إذا انهار هو، بل يحاول أن يرسّخ في عقول الناس الخلط بين النظام والدولة، ولن يرى العدوّ السياسي إلا شرّاً وقبحاً وضرراً، وحتى إذا قبلت المعارضة باستقلال السياسي وبادرت بكل أطيافها إلى محاورة النظام، فإن النظام لن يقبل بحوار وطني جدّي لإنقاذ ما تبقى من الدولة ولن يتردد في قتل أعدائه السياسيين إذا سنحت له الفرصة.

رصيف 22

———————–

جيمس جيفري: لم نقدم وعوداً للاكراد بدولة في سوريا

اعتبر المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا جيمس جيفري أن التواجد الروسي والإيراني في سوريا، يمسّ الأمن القومي لكل من الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل.

وقال جيفري في مقابلة مع وكالة “الأناضول”، إن “الوجود العسكري لهذه الدول الثلاث (الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل) في سوريا ساهم في خلق وقف إطلاق نار غير رسمي في البلاد وتعزيز حالة اللا منتصر على الأرض. باستثناء بعض الحوادث الطفيفة في إدلب، لم يطرأ أي تغيير جدي على مناطق النفوذ العسكري في سوريا منذ 3 سنوات”.

ورأى أن هذا الوضع خلق ضغوطاً على نظام الأسد وأجبر كلا من روسيا وإيران على التفاوض في بعض القضايا. واعتبر أن تركيا والولايات المتحدة، شريكان مقربان للغاية في سوريا، ويمكنهما العمل معاً في هذا البلد.

وقال جيفري إن العلاقات التركية-الأميركية تمرّ الآن بفترة هدوء، وإنه متأكد من أنها سوف تتحسن خلال الفترة المقبلة.

وأضاف جيفري أن الرؤى بين البلدين وكذلك العلاقات ليست متقاربة، إلا أنها تشهد فترة من الهدوء في هذه الأثناء، وأنها سوف تتجه نحو التحسن خلال الأشهر ال6 المقبلة. وأوضح أن البلدين الحليفين واجها مرحلة صعبة وقضايا أثرت سلباً على العلاقات.

وتابع: “هناك علاقات متشعبة للغاية بين تركيا والولايات المتحدة. هذه العلاقات سوف تستمر. لم يلتقِ الرئيس جو بايدن ونظيره التركي رجب طيب أردوغان بعد، إلا أنهما يعرفان بعضهما البعض جيداً”.

وقال جيفري: “ليس هناك هامش كبير للخطأ الآن. ستستمر هذه العلاقات لكونها مهمة، لكن بمستوى أقل مما رأيناه في الفترات السابقة”.

وعن سبب دعم الولايات المتحدة للأكراد، قال جيفري إن وجود الولايات المتحدة في سوريا في سياق محاربة تنظيم “داعش” يصب في مصلحتها الوطنية، ولا يمكن القيام بذلك بدون شريك موجود على الأرض. وأضاف “سبب ذهابنا إلى هناك هو محاربة داعش الذي لا يشكل مصدر تهديد لسوريا وتركيا والعراق فقط، بل للمنطقة بأكملها بما في ذلك أوروبا. شريكنا الوحيد في محاربة داعش على الأرض كان ي ب ك (حزب الاتحاد الديمقراطي)”.

ونفى جيفري أن تكون الولايات المتحدة قدّمت للأكراد في سوريا وعوداً بإقامة دولة في المنطقة، قائلاً: “لم نفعل ذلك أبداً. قلنا لهم هذا في كل مرة. حتى أننا كنا حذرين عند التواصل مع الإدارة الذاتية التي أسسوها”. وأضاف “بالنسبة لكل ما يتعلق بسوريا، لا بد وأن يمر بعملية سياسية تجري برعاية الأمم المتحدة بما في ذلك صياغة دستور جديد للبلاد والاستفتاء والانتخابات الديمقراطية وما إلى ذلك”.

—————————–

واشنطن:قانون قيصر لا يشمل مساعدة السوريين بالأغذية والأدوية

قدمت وزارة الخزانة الأميركية توضيحات بشأن تأثير قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا، وأكدت أنها تضمن وصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين المحتاجين، وأن القانون يتعامل مع أصحاب النشاطات التجارية والداعمين الإغاثيين الأميركيين وغير الأميركيين على حد سواء.

ونشرت الخزانة في تغريدة، توضيحات صادرة عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية جواباً على سؤالين شائعين لتقديم مزيد من الإرشادات حول عقوبات قانون قيصر وبعض المساعدات الإنسانية.

    The U.S. is committed to ensuring that humanitarian assistance reaches Syrians in need. To that end, today OFAC published two FAQs providing further guidance on the Caesar Act sanctions & certain humanitarian assistance.

    Please see FAQs 884 and 885 for details.

    — Treasury Department (@USTreasury) April 5, 2021

الجواب الأول على سؤال حول إمكانية أن يتعرض الأشخاص غير الأميركيين، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والمؤسسات المالية الأجنبية، لخطر عقوبات ثانوية أميركية بموجب قانون قيصر بسبب الأنشطة التي يُصرح بها بموجب لوائح العقوبات السورية ، كان أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، يتعامل مع نشاطات الأشخاص الأميركيين وغير الأميركيين على حد سواء في تحديد العقوبات بموجب قانون قيصر، وبالتالي فإن المعاملات التي لا يُطلب فيها الحصول على ترخيص محدد من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، لا تُعتبر “خطيرة”.

وأضافت الوزارة أنه “وفقاً لذلك، لن يخاطر الأشخاص غير الأميركيين، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والمؤسسات المالية الأجنبية، بالتعرض للعقوبات بموجب قانون قيصر بسبب الانخراط في نشاط، أو تسهيل المعاملات والمدفوعات لمثل هذا النشاط المصرح به للأشخاص الأميركيين”.

وحول جواز تقديم أو تسهيل مساعدات إنسانية معينة لسوريا من قبل الأفراد الأميركيين وغير الأميركيين، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والمؤسسات المالية الأجنبية، دون التعرض لخطر العقوبات، أكدت الوزارة أنه لا يُحظر تصدير المواد الغذائية من أصل أميركي ومعظم الأدوية إلى سوريا، ولا يتطلب تصديرها الحصول على ترخيص، وبالتالي فإن الأشخاص غير الأميركيين لن يتعرضوا لخطر العقوبات لمشاركتهم في مثل هذا النشاط.

وشددت الخزانة على أنها تواصل دعم العمل الحاسم للحكومات وبعض المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية والأفراد الذين يقدمون الغذاء والأدوية والإمدادات الطبية والمساعدات الإنسانية للمدنيين في سوريا، ووصول المساعدة إلى المحتاجين.

المدن

———————–

 حوار غير مباشر» بين دمشق وبروكسل حول شروط «التطبيع»

وزير الخارجية السوري بعث برسالة خطّية إلى وزراء أوروبيين لـ«الحيلولة دون إجراءات جديدة»

لندن: إبراهيم حميدي

لم يردّ وزراء الخارجية في عدد من الدول الأوروبية على رسالة خطّية غير علنية، بعث بها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، تضمنت المطالبة بـ«فتح حوار» مع دمشق و«الحيلولة دون اتخاذ أي مواقف جديدة ضمن إطار الاتحاد الأوروبي».

لكن الرد غير المباشر جاء من مسؤول الشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، الذي قال في مدونته، إنه إذا «اتخذت الحكومة السورية الخطوات السليمة في الاتجاه الصحيح، سنستجيب جميعاً»؛ بهدف الوصول إلى «سوريا الجديدة»، مضيفاً: «لن نتوقف عن فرض العقوبات الاقتصادية، ولن يكون هناك تطبيع من أي مستوى، ولن ندعم جهود إعادة الإعمار أبداً حتى نشهد بدء عملية الانتقال السياسي في سوريا». وساهم هذا «الرد القاطع» من بوريل، والوحدة في الموقف الأوروبي في تريث المقداد في الاستمرار بمطالبة الأوروبيين بفتح الحوار، والسعي إلى فتح شقوق في جدار الموقف الأوروبي.

«الإرهاب عدو مشترك»

في منتصف الشهر الماضي، بعث المقداد برسالة خطّية إلى عدد من وزراء الخارجية في عدد من الدول الأوروبية بينها النمسا ورومانيا وإيطاليا واليونان، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها. وتضمنت رسالة المقداد، الذي تسلم منصبه خلفاً لوليد المعلم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عرضاً عاماً للأوضاع في السنوات الماضية، حيث «سادت الفوضى وعدم الاستقرار في عدد من البلدان، ومن أبرز الأسباب التي أسفرت عن ذلك كان ظهور ثم انتشار ظاهرة الإرهاب التي خيّمت بأجواء قاتمة على سوريا مع عدد من البلدان الأوروبية، فضلاً عن عدد من بلدان أخرى حول العالم. تلك الظاهرة التي أسهمت في فقدان كثير من أرواح الأبرياء». كما أشار إلى مخاطر «التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، سواء كان ذلك بالتدخلات العسكرية المباشرة أو عن طريق ما يُعرف إعلامياً بالقوة الناعمة، بُغية فرض أجندات سياسية معينة مع تحقيق مصالح ضيقة وربما آنيّة، تبعد كل البعد عن مصالح وتطلعات الشعوب، وبأسلوب يمثل انتهاكاً صارخاً للسيادة الوطنية، ولأحكام القانون الدولي، وكذلك لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة».

ثم انتقل المقداد للحديث عن الوضع السوري، قائلاً: إن «سوريا، كانت بين أكثر البلدان تضرراً في المنطقة جراء تلك التفاعلات والتدخلات سالفة الذكر، لا سيما من واقع الأعمال الإرهابية العنيفة ذات الدعم المباشر من جهات خارجية. ولا يمكن لسطور هذه الرسالة الموجزة أن تفسر على نحو كامل مدى الآلام والمعاناة والمآسي التي لحقت بالشعب السوري، ولا الدمار الرهيب الذي ألمّ ببلادنا جراء ذلك»، قبل أن يخاطب كل وزير أوروبي بضرورة العمل على الإفادة من «دروس السنوات القاسية» للعمل على «عدم السماح مستقبلاً باستمرار السياسات الخاطئة التي يتبناها بعض الحكومات المعروفة».

عليه، دعا المقداد إلى «ضرورة تعزيز لغة الحوار والتفاهم فيما بيننا، على أسس الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة، ومحاربة الإرهاب، بما قد يسهم في تحقيق التطلعات المشتركة، ثم الوصول إلى مستوى الأمن والاستقرار المنشود لدينا جميعاً» ذلك بعيداً عن سياسات «الحكومات الرامية إلى مواصلة التدخلات السافرة في الشؤون الداخلية مع فرض الإجراءات القسرية أحادية الجانب على الشعب السوري»، لافتاً إلى أن «التصريحات الملفّقة الصادرة في الآونة الأخيرة عن بعض المؤسسات التابعة للاتحاد الأوروبي لن تخدم المصالح المشتركة لبلداننا في شيء (…) وستسهم في إطالة أمد الأزمة في سوريا».

وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض عقوبات على نحو 350 فرداً وكياناً سورياً. ومن المتوقع أن يمدد في مايو (أيار) المقبل العقوبات الدورية على دمشق، حيث لا يزال ملتزماً خلاصة المجلس الوزاري التي تربط المساهمة في إعمار سوريا بـ«تقدم جوهري في العملية السياسية لتطبيق القرار 2254».

ودعا المقداد الدول «الوسطية» مثل اليونان وقبرص ورومانيا والتشيك وهنغاريا وإيطاليا، إلى «الحيلولة دون اتخاذ أي مواقف جديدة ضمن إطار الاتحاد الأوروبي» التي عدّها عائقاً أمام «الحوار المنشود (…) والعودة الطوعية والآمنة للاجئين، في ظل الاحترام الكامل للقانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، والقانون الإنساني الدولي». وزاد أن الحكومة السورية «قد بذلت، وتواصل بذل قصارى جهدها من أجل الوصول إلى حل للأزمة السورية، ذلك الذي يحقق تطلعات الشعب السوري الحقيقية ضمن الاحترام الكامل لسيادته الوطنية».

وكان المبعوث الأممي غير بيدرسن قد رفض مقترحاً أوروبياً لتحميل دمشق مسؤولية عدم التقدم في عمل اللجنة الدستورية، في البيان الختامي لمؤتمر المانحين في بروكسل في 30 الشهر الماضي.

وجاءت رسالة وزير الخارجية السوري قبل مؤتمر بروكسل. وقال دبلوماسي أوروبي لـ«الشرق الأوسط» إن المقداد «أراد أن يدق إسفيناً بين الدول الأوروبية لاختبار مدى وحدة الموقف»، لافتاً إلى أنه «على الأغلب لم يكن يتوقع رداً من وزراء الخارجية على رسالته».

«ثلاث لاءات» أوروبية

من جهته، كتب بوريل مقالاً بمثابة الرد على المقداد قال فيه: «ندرك جميعاً حجم الدمار الذي تعاني منه سوريا ومدى المعاناة التي كابدها الشعب السوري، ولا يزال في كل يوم منذ عشر سنوات. لقد صارت سوريا مرادفاً ملازماً للموت، والخراب، والدمار، فضلاً عن أكبر حركة هجرة بشرية يشهدها القرن الحادي والعشرون حتى الآن»، لافتاً إلى بعض الأرقام بينها «400 ألف قتيل، واختفاء نحو 100 ألف شخص آخرين. ونعلم جيداً أن الاقتصاد السوري في حالة من السقوط المدوي السريع. ويعيش أكثر من 90% من المواطنين السوريين تحت خط الفقر المدقع راهناً. كما يواجه أكثر من 13 مليون مواطن سوري –أي ما يقارب نسبة 60% من إجمالي سكان البلاد ونصفهم من الأطفال– انعداماً شديداً في الأمن الغذائي مع احتياجاتهم الملحّة للحصول على المساعدات الإنسانية العاجلة. وهذا، مع فرار أكثر من 12 مليون مواطن سوري من بلادهم، مع الآلاف الآخرين منهم الذين يعيشون في مخيمات العراء في شمال البلاد».

وأضاف أن الاتحاد الأوروبي منح 560 مليون يورو، وهو المبلغ نفسه الذي تعهد به الاتحاد الأوروبي في مؤتمر العام الماضي، يضاف إلى 25 مليار يورو قيمة المنح المالية التي أقرها الاتحاد الأوروبي منذ بداية الأزمة السورية، و«استطعنا من خلال ذلك المؤتمر، الذي ضم أكثر من 85 مندوباً وممثلاً عن أكثر من 55 دولة وأكثر من 25 منظمة دولية، أن نؤمّن ما يوازي 5.3 مليار يورو من إجمالي التعهدات بالمنح المالية الجديدة بصفة مشتركة».

وقال المفوض بوريل: «مصالحنا كأوروبيين بسيطة للغاية، وهي تتسق مع ما يريده المواطنون السوريون أيضاً: نريد لسوريا أن تعاود الوقوف على أقدامها كدولة جوار آمنة ومستقرة (…) اتفقت الأطراف الدولية والأطراف الأخرى المعنية بالأزمة السورية على ضرورة صياغة دستور جديد للبلاد مع إجراء الانتخابات الحرة والنزيهة تحت رعاية وإشراف منظمة الأمم المتحدة بموجب 2254». وزاد: «سوريا تحتاج إلى تغيير المسار الراهن (…) ويقع على عاتق النظام السوري الحاكم مسؤولية كبرى في اتخاذ الخطوات المهمة والمنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. وإذا ما اتخذت الحكومة السورية الخطوات السليمة في الاتجاه الصحيح، سنستجيب جميعاً لذلك. وحتى بلوغ هذه اللحظة، سوف نواصل ممارسة الضغوط على الصُّعد كافة. لن نتوقف عن فرض العقوبات الاقتصادية، ولن يكون هناك تطبيع من أي مستوى، ولن ندعم جهود إعادة الإعمار أبداً حتى نشهد بدء عملية الانتقال السياسي في سوريا». وقال دبلوماسي إن هذه الشروط هي «لاءات أوروبية ثلاث».

وردّت الخارجية السورية على بيان مؤتمر بروكسل بوصفها ما صدر عنه بأنه «غير شرعي». وقالت الخارجية في رسالة وجهتها إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، إن «الجمهورية العربية السورية تعرب عن استهجانها لانعقاد هذا المؤتمر وللمرة الخامسة دون دعوة الحكومة السورية»، علماً بأن روسيا شاركت في المؤتمر ووجّهت الانتقاد نفسه بسبب عدم تمثيل دمشق.

الشرق الأزسط

————————-

ما الفرق بين شروط واشنطن لـ«التطبيع» مع دمشق ورفع العقوبات؟/ إبراهيم حميدي

في واشنطن 7 شروط لرفع عقوبات «قانون قيصر»، و6 شروط لـ«التطبيع» مع دمشق، 4 منها تعود إلى ما قبل 2011. وهناك 5 أهداف تريد أميركا تحقيقها في سوريا، عبر استخدام 9 أدوات ضغط، عبر ممارسة النفوذ أو العرقلة. مع اقتراب مرور ثلاثة أشهر على توليها الحكم، تأكد أن الملف السوري ليس أولوية لإدارة الرئيس جو بايدن، حيث لم يستكمل إلى الآن تشكيل فريقه، في وقت يشرف فيه مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، بريت ماغورك، على «مراجعة سطحية» للسياسة إزاء سوريا، قبل تعيين مبعوث خاص لها، كما جرى في شأن إيران ولبنان.

ولم يستجب إلى الآن وزير الخارجية أنتوني بلينكن لرسالة خطية بعث بها عدد من النواب في الكونغرس، يطالبونه فيها بتعيين مبعوث خاص لسوريا، لكنه ترأس اجتماعين؛ يتعلق الأول منهما بالمساعدات الإنسانية في مجلس الأمن، والثاني يتعلق بمحاربة «داعش»، ما أعطى إشارة إلى أولوية هذين الملفين حالياً.

– رفع العقوبات

حسب مصادر أميركية، هناك أكثر من 600 شخص وكيان سوري مدرجون على قائمة العقوبات الأميركية، التي تشمل جوانب عدة، كان آخرها «قانون قيصر»، الذي بدأ تنفيذه في يونيو (حزيران) الماضي، وشمل 114 شخصاً وكياناً سورياً. وبين الـ600 الذين شملتهم العقوبات، هناك 350 فرداً وكياناً مدرجون في القوائم الأوروبية للعقوبات، كما أن بريطانيا أصدرت، في منتصف الشهر الماضي، قائمتها الخاصة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، وشملت ستة أفراد وكيانات.

ومنذ تسلمها الحكم، بدأت إدارة بايدن مراجعة للعقوبات في سوريا والعالم، للتأكد من أنها لا تؤثر على تدفق المساعدات الإنسانية ومواجهة «كورونا». وأعلنت وزارة الخزانة، قبل يومين، توضيحاً بضرورة عدم تأثير العقوبات سلباً على الأدوية والغذاء والمساعدات الإنسانية. وساهم هذا التوضيح في قيام أطراف ودول عربية بتقديم مساعدات إنسانية لمناطق الحكومة، كما أعلنت واشنطن أنها قدمت خلال 10 سنوات 13 مليار دولار أميركي، ضمن حوالى 50 ملياراً قُدمت خلال عقد لتمويل المساعدات الإنسانية للسوريين.

– لكن ماذا عن رفع العقوبات؟

كان موضوع رفع العقوبات محوراً أساسياً في المفاوضات الأميركية – الروسية غير العلنية في فيينا، عامي 2019 و2020. وزيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى واشنطن، نهاية عام 2019. وحسب قول مسؤول غربي مطلع على المفاوضات لـ«الشرق الأوسط»، فإن الجانب الروسي «كان منزعجاً جداً من العقوبات، وقال أكثر من مرة إنها تخنق سوريا وستؤدي إلى انهيار الدولة».

وأوضح الجانب الروسي أن الرد الأميركي كان أن رفع عقوبات «قانون قيصر» قراره في دمشق وموسكو وطهران بـ«تنفيذ شروط القانون السبعة»، إذ يحق للرئيس الأميركي تعليق تنفيذ كامل، أو جزءٍ من العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون، أو تنفيذ العقوبات المنصوص عليها في أي تعديل يحمل هذا العنوان، لفترات قابلة للتجديد لا تتجاوز 180 يوماً، إذا قرر الرئيس أن المعايير التالية توافرت في سوريا:

أولاً: إذا لم يعد المجال الجوي فوق سوريا يجري استغلاله من جانب الحكومة السورية أو حكومة روسيا الاتحادية، لاستهداف سكان مدنيين.

ثانياً: إذا لم تعد المناطق المحاصرة من جانب حكومات سوريا وروسيا الفيدرالية وإيران بمعزل عن المساعدات الدولية، ولديها القدرة على الحصول بانتظام على مساعدات إنسانية.

ثالثاً: أن تطلق حكومة سوريا سراح جميع السجناء السياسيين المحتجزين قسراً داخل منظومة السجون التابعة لنظام بشار الأسد، وأن تسمح حكومة سوريا بإمكانية الوصول الكامل للمنشآت التابعة لمنظومة السجون التابعة لها، بهدف إجراء تحقيقات من جانب المنظمات الدولية المناسبة المعنية بحقوق الإنسان.

رابعاً: إذا لم تعد قوات حكومات سوريا وروسيا الاتحادية وإيران متورطة في الاستهداف المتعمَّد لمنشآت طبية ومدارس.

خامساً: أن تتخذ دمشق خطوات للتنفيذ الكامل لالتزامات معاهدتي حظر تطوير الأسلحة الكيماوية، والحد من انتشار الأسلحة النووية.

سادساً: أن تسمح حكومة سوريا بالعودة الآمنة والطوعية والكريمة للسوريين.

سابعاً: أن تتخذ حكومة سوريا خطوات لمساءلة حقيقية لمرتكبي جرائم الحرب التي ارتكبها نظام الأسد. وأوضح المسؤول أن أي تغيير في نصوص القانون يتطلب تصويت الكونغرس «في وقت أصبح أكثر تأييداً للقانون مما كان عليه الحال في 2019، حيث يسعى لفرض تشريعات إضافية».

– شروط التطبيع

وحسب قول مصادر أميركية، فإن الشروط السابقة لرفع العقوبات تختلف عن شروط «التطبيع» مع دمشق، التي وضعتها إدارة الرئيس دونالد ترمب بموجب خطة صاغها وزير الخارجية مايك بومبيو، بدعم من المبعوث الأسبق جيمس جيفري ونائبه جويل روبرن، وتشمل: أولاً: وقف دعم الإرهاب. ثانياً: وقف دعم الحرس الإيراني و«حزب الله». ثالثاً: عدم تهديد دول الجوار. رابعاً: التخلي عن أسلحة الدمار الشامل. خامساً: العودة الطوعية للاجئين والنازحين. سادساً: محاربة مجرمي الحرب.

وأضافت أن الأهداف الأربعة الأولى تعود إلى مرحلة ما قبل 2011، حيث كان هناك تمثيل دبلوماسي بين واشنطن ودمشق. وكان المبعوث الأميركي السابق في شرق الفرات، السفير ويليام روباك، قد قال إن الأهداف السياسية التي وضعت لإدارة ترمب، هي: «أولاً: هزيمة تنظيم (داعش)، ومنع عودته. ثانياً: دعم مسار الأمم المتحدة لتنفيذ القرار الدولي 2254. ثالثاً: إخراج إيران من سوريا. رابعاً: منع النظام من استعمال أسلحة الدمار الشامل والتخلص من السلاح الكيماوي. خامساً: الاستجابة للأزمة الإنسانية، ورفع المعاناة عن الشعب السوري داخل البلاد وخارجها».

– أدوات الضغط

منذ تسلم إدارة بايدن، أرسلت الإدارة إشارات واضحة بأنها باقية عسكرياً في شمال شرقي سوريا. وقال المسؤول إن «معظم الذين انتقدوا قرار ترمب بالانسحاب من شرق الفرات، مثل ماغورك، هم أساسيون في الإدارة الحالية، لذلك فإنهم يقولون بوضوح إن الأميركيين باقون في شرق الفرات إلى أجل مفتوح».

ويعتبر الوجود العسكري إحدى الأدوات الرئيسية للوصول إلى الأهداف السياسية المعلنة. وتشمل «أدوات الضغط» على موسكو ودمشق وسائل تدخلية أو سلبية: أولاً، الوجود الأميركي حيث ينتشر بين 500 و800 جندي ومتعاقد مزود بمعدات عسكرية متطورة في شرق الفرات وقاعدة التنف. ثانياً، دعم 100 ألف من «قوات سوريا الديمقراطية» وعناصرها المحلية بالسيطرة على ربع مساحة سوريا و90 في المائة من ثرواتها الاستراتيجية. ثالثاً، العقوبات الاقتصادية ضد النظام. رابعاً، التحالف الدولي ضد «داعش»، حيث يوفر منصة نفوذ دبلوماسية دولية من نحو 84 منظمة ودولة. خامساً، التأثير الدبلوماسي عبر منصة مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة. سادساً، عرقلة جهود التطبيع العربي أو الأوروبي مع دمشق. سابعاً، دعم استخباراتي ولوجيستي للغارات الإسرائيلية. ثامناً، مباركة التوغل العسكري التركي في شمال سوريا وشمالها الغربي (عدا شرق الفرات). تاسعاً، وقف إعمار سوريا ومساهمة دول عربية وأوروبية فيه، حيث قال مسؤول الشؤون الخارجية والأمنية الأوروبي جوزيف بوريل: «لن نتوقف عن فرض العقوبات الاقتصادية، ولن يكون هناك تطبيع من أي مستوى، ولن ندعم جهود إعادة الإعمار أبداً حتى نشهد بدء عملية الانتقال السياسي في سوريا».

واللافت أنه منذ تسلم بايدن، تراجع إيقاع إصدار قوائم جديدة للعقوبات، كما أن فريقه لم يقم بجهود قيادية مع دول عربية وأوروبية لوقف التطبيع أو المساعدات، وإحكام العزلة الدبلوماسية، ما سمح بظهور التصدع في الموقف الموحّد الذي تحاول موسكو ودمشق العمل على توسيعه والتسلل عبره.

وكانت رسالة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى 7 وزراء أوروبيين لحثهم على «الحوار»، وجولة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في دول عربية لإعادة دمشق إلى الجامعة العربية، مثالين قريبين لاختبار ذلك، ولتلمس الحدود القانونية التي يسمح بها «قانون قيصر»، والإرادة السياسية لإدارة بايدن.

الشرق الأوسط

—————————-

كواليس مفاوضات سرية جرت بين واشنطن والأسد.. مسؤولان توجَّها لدمشق، لكن المحادثات فشلت!

في الصيف الماضي، خاطر مسؤولان أمريكيان بالدخول إلى منطقة “معادية” لعقد اجتماعٍ سري شديد الخطورة مع مسؤولين في النظام السوري، الذي لديه مشاكل معقدة مع الولايات المتحدة، وذلك بهدف إجراء مفاوضات حول استعادة رهائن أمريكيين محتجزين في سوريا.

صحيفة The Independent البريطانية كشفت، في تقرير، عن كواليس بعض هذه الرحلة التي خاضها المسؤولان الأمريكيان، حيث قالت إن الجانب السوري بدا أنه مستعد لمناقشة مصير الرهائن الأمريكيين الذين أشارت المعلومات إلى أنهم محتجزون في سوريا.

كواليس قضية تايس

كانت قضية أوستن تايس، الصحفي الذي قُبض عليه في سوريا، قد احتلت مكانة بارزة في الرأي العام والسياسي منذ اختفائه في أغسطس/آب 2012 عند نقطة تفتيش تقع في إحدى المناطق المتنازع عليها وقتها غرب دمشق. فقد غامر تايس بالتوغل في عمق البلاد في وقتٍ أحجمت فيه أكثرية المراسلين الآخرين عن الأمر باعتبار أنه شديد الخطورة، واختفى قبل وقت قصير من الموعد المقرر لمغادرته.

بعدها بأسابيع، ظهر تايس في مقطع فيديو، وهو معصوب العينيين ومحتجز لدى رجال مسلحين، ثم لم يُسمع عنه شيء منذ ذلك الحين.

في أغسطس/آب 2020 عُقد اجتماع في دمشق يمثل أعلى مستوى محادثات تجري منذ سنوات بين الولايات المتحدة ونظام بشار الأسد. وكان الأمر غير عادي بالنظر إلى العلاقة العدائية بين البلدين، ولأن النظام السوري لم يعترف، في أي وقت من الأوقات، باحتجاز تايس أو معرفة أي شيء عن مكان وجوده.

يقول روجر كارستينز، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة بالجيش الأمريكي، وأحد الذين حضروا الاجتماع مع كاش باتيل بصفته مبعوثاً أمريكياً خاصاً لشؤون الرهائن في عهد ترامب: “اعتقادي أن تايس على قيد الحياة، وينتظرني أن أصل إليه وأعيده”.

أشار باتيل إلى أن التحضير للاجتماع استمر لأكثر من عام تقريباً، وشمل طلب المساعدة من مسؤولين في لبنان، الذي لا يزال يُبقي على علاقاته مع نظام الأسد.

تعمد المفاوضون الذهابَ في وفد صغير إلى الاجتماع، وقادوا عبر دمشق، التي لم يروا فيها أي علامات واضحة على الصراع الذي أودى بحياة نصف مليون شخص وشرّد نصف سكان سوريا البالغ عددهم 23 مليوناً قبل الحرب المستمرة منذ 10 سنوات في أعقاب قمع الأسد للثورة السورية.

مفاوضات معقّدة مع السوريين

خلال الاجتماع الذي عُقد في مكتب علي مملوك، رئيس مكتب الأمن الوطني، طلب المفاوضون معلومات عن تايس، وكذلك عن مجد كمالماز، وهو طبيب نفسي من ولاية فرجينيا الأمريكية اختفى في عام 2017، ومعه عدة أشخاص آخرين.

في البداية كان هناك بعض الأمل للوهلة الأولى لدى الأمريكيين، فقد أبدى ترامب بالفعل استعداده لسحب القوات الأمريكية من سوريا وأماكن أخرى في الشرق الأوسط. وقد جعل استعادة الرهائن أولوية قصوى لسياسته الخارجية، واحتفى بالإفراج عنهم بدعوات للمعتقلين المفرج عنهم إلى البيت الأبيض.

لكن الشروط التي طرحها السوريون، بحسب وصف العديد من الخبراء، كانت تقتضي إعادة تشكيل كاملة لسياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا تقريباً.

يقول باتيل إنه لما بدا للسوريين أنه من المستعصي تلبية مطالبهم، امتنعوا عن تقديم أي معلومات ذات مغزى عن تايس، ولو حتى دليل على بقائه على قيد الحياة، وهي خطوة كانت من الممكن أن تولد زخماً كبيراً لدفع الأمور.

وبنظرة يملؤها الأسف، يضيف باتيل: “أود أن أقول إنها على الأرجح أحد أكبر إخفاقاتي في ظل إدارة ترامب: عدم استعادة أوستن تايس”.

أخفقت الرحلة في بلوغ أهدافها في النهاية، فقد رفع السوريون سلسلة من المطالب التي من شأنها أن تعيد تشكيل سياسة واشنطن تجاه النظام السوري بدرجة أساسية، وشمل ذلك أموراً مثل رفع العقوبات وانسحاب القوات الأمريكية من البلاد واستعادة العلاقات الدبلوماسية الطبيعية.

زاد الأمر إشكالية بالنسبة للمفاوضين الأمريكيين، أن المسؤولين السوريين لم يقدموا أي معلومات جديرة بالاعتبار عن مصير أو مكان تايس وغيره من المحتجزين.

من هؤلاء الأمريكيين أوستن تايس، الصحفي الذي قُبض عليه قبلها بثماني سنوات. كما كان إطلاق سراح الأمريكيين بمثابة فرصة تنطوي على منحةٍ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل أشهر من الانتخابات. والأهم من ذلك أن إنجاز الأمر بدا ممكناً.

وفي أول تعليق عام حول هذه الجهود، قال كاش باتيل، الذي حضر الاجتماع بصفته مستشاراً كبيراً للبيت الأبيض: “كان نجاح هذه المهمة سيُعيد الأمريكيين المحتجزين إلى أرض الوطن، لكننا لم نصل إلى نقطة قريبة من ذلك قط”.

المهمة الآن على إدارة بايدن

اعترف البيت الأبيض بانعقاد هذا الاجتماع في أكتوبر/تشرين الأول، لكنه لم يُفصح عن كثير بشأنه. ومع ذلك، ظهرت تفاصيل جديدة على إثر المقابلات التي أجرتها وكالة The Associated Press في الأسابيع الأخيرة مع أشخاص مطلعين على المحادثات التي جرت وقتها، وقد تحدث بعضهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية الموضوع.

كما كشفت وكالة The AP عن محاولات الولايات المتحدة التمهيدية لبناء وسطٍ من النيات الحسنة مع سوريا قبل وقت طويل من إجراء المحادثات، حيث أشار باتيل إلى تقديم حليفٍ، لم يُكشف عنه، للولايات المتحدة في المنطقة، المساعدة في معالجة زوجة بشار الأسد من السرطان.

بالإضافة إلى ذلك، سلطت التفاصيل التي كشفتها الوكالة الضوءَ على الجهود الحرجة والسرية في كثير من الأحيان للعمل على تحرير الرهائن المحتجزين لدى خصوم الولايات المتحدة، وهي مجهودات أسفرت في أحيانٍ عن نجاحات رفيعة المستوى لإدارة ترامب، لكنها وصلت أيضاً في أحيان أخرى إلى طريق مسدود.

أما الآن، فمن غير الواضح مدى قوة إدارة بايدن الجديدة في تعزيز الجهود لتحرير تايس والأمريكيين الآخرين المحتجزين في جميع أنحاء العالم، لا سيما عندما تكون المطالب المطروحة على طاولة المفاوضات متعارضةً مع الأهداف الأوسع نطاقاً للسياسة الخارجية للبيت الأبيض.

————————-

واشنطن ساعدت بعلاج أسماء الأسد.. تفاصيل جديدة عن مفاوضات الرهائن

كشفت وكالة “أسوشييتد برس” عن تفاصيل جديدة بشأن المفاوضات السرية بين نظام الأسد والولايات المتحدة الأميركية في الصيف الماضي، والتي أقرّت بها إدارة الرئيس دونالد ترامب في تشرين الأول الماضي، وقالت إنها عقدت لمناقشة مصير الرهائن الأميركيين المحتجزين لدى النظام، من دون أن تقول الكثير بشأن هذه المفاوضات.

المساعدة بعلاج أسماء الأسد من السرطان.. “نيات حسنة” أميركية تجاه النظام

ووفق مصادر خاصة لـ “أسوشييتد برس” اطلعت على المفاوضات، فإن واشنطن أجرت عدة محاولات لبناء “نيات حسنة” مع نظام الأسد، قبل وقت طويل من إجراء المحادثات، حيث قال أحد كبار مساعدي البيت الأبيض والذي شارك في المباحثات، كاش باتل، إن أحد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، من دون أن يسميه، قدّم المساعدة في علاج زوجة رئيس النظام بشار الأسد، أسماء، من مرض سرطان الثدي.

وأشار مصدر الوكالة أنه في سبيل بناء “حسن النية” بين الطرفين، توسّط حليف لواشنطن في المنطقة في العام 2018 لتقديم المساعدة في علاج أسماء الأسد، رافضاً الإدلاء بمزيد من التفاصيل، في حين أعلن النظام تعافي زوجة الأسد من سرطان الثدي بعد عام من ذلك.

وتسلط التفاصيل التي كشفتها الوكالة الضوء على الجهود الحساسة والسرية على عمليات تحرير الرهائن الأميركيين المحتجزين، وبحسب الوكالة فإن هذه العمليات أسفرت عن نجاحات رفيعة المستوى لإدارة ترامب، ولكنها انتهت في طريق مسدود، وحالياً من غير الواضح مدى قوى إدارة بايدن في دفع الجهود لتحرير الصحفي الأميركي أوستن تايس ورهائن آخرين، خاصة أن مطالب نظام الأسد على طاولة المفاوضات تتعارض مع أهداف السياسة الخارجية للبيت الأبيض.

اجتماع دمشق.. نظام الأسد طالب بإعادة تشكيل سياسة واشنطن تجاه سوريا

في الصيف الماضي، اجتمع كبير مساعدي البيت الأبيض، كاش باتيل، والضابط السابق في الجيش الأميركي، روجر كارستينز، مع رئيس جهاز استخبارات نظام الأسد، علي مملوك، في دمشق، لمناقشة مصير الرهائن الأميركيين المحتجزين لدى نظام الأسد، بمن فيهم الصحفي أوستن تايس، الذي اختفى في آب من العام 2012، والطبيب مجد كمالماز  الذي اختفى في العام 2017.

وبدا الاجتماع، الذي عقد في آب من العام 2020، حدثاً غير عادي بالنظر إلى العداء بين واشنطن ونظام الأسد، فضلاً عن عدم اعتراف النظام باحتجاز تايس أو تقديم أي معلومات عن مكان وجوده، ما جعل الاجتماع غير مثمر، حيث قال كاش باتيل “كنا سننجح في إعادة الرهائن الأميركيين إلى الوطن، لكن لم نصل إلى ذلك”.

وفي حين لم يقدّم نظام الأسد أي معلومات ذات قيمة عن مصير ومكان الرهائن الأميركيين، إلا أنه أثار خلال الاجتماع مجموعة من المطالب من شأنها أن تعيد تشكيل سياسة واشنطن تجاه سوريا بشكل أساسي، بما في ذلك رفع العقوبات، وانسحاب القوات الأميركية من سوريا، واستعادة العلاقات الدبلوماسي بشكل طبيعي.

ومع ذلك، أظهر دونالد ترامب استعداد بلاده لسحب قواتها من سوريا وأماكن أخرى من الشرق الأوسط، في مقابل استعادة الرهائن، معتبراً “ذلك أولوية قصوى للسياسة الخارجية للولايات المتحدة”.

أوستن تايس حي

وبعد أشهر من المحادثات، كثفت وسائل الإعلام الأميركية إظهار اسم أوستن تايس في الأخبار، ما دفع الرئيس ترامب إلى إرسال رسالة إلى والدي تايسن، أكد فيها أنه “لن يتوقف أبداً عن العمل من أجل إطلاق سراح ابنهما”، إلا أن ولايته انتهت في 20 كانون الثاني الماضي من دون أن يظهر مصير تايس.

وتعهّدت إدارة بايدن أيضاً بجعل استعادة الرهائن أولوية، لكنها دعت حكومة النظام إلى وقف انتهاكات حقوق الإنسان، ما يجعل من غير المرجح أن تكون واشنطن أكثر تقبلاً للشروط التي أثارها النظام من أجل مواصلة الحوار.

وقال الضابط السابق في الجيش الأميركي روجر كارستينز، الذي حضر الاجتماع بصفته المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن في عهد ترامب، “أظن أنه على قيد الحياة، وينتظرني أن أحضره”، الأمر الذي دعا الرئيس بايدن إلى إبقائه بمنصبه في إدارته.

من جهته، كبير مساعدي البيت الأبيض كاش باتل، الذي كان مستشاراً بارزاً لمكافحة الإرهاب في البيت الأبيض، وشغل منصب مساعدة لجنة المخابرات في مجلس النواب، حيث اكتسب خبرة في قضية دفع جهود الجمهوريين لتحدي التحقيق في التدخل الروسي في انتخابات العام 2016، كما شغل سابقاً منصب المدعي العام في وزارة العدل في عهد باراك أوباما، أوضح أن الاجتماع كان قيد الإعداد لأكثر من عام، مما دعاه إلى طلب المساعدة من جهات لبنانية على علاقة مباشرة مع الأسد.

فشلت المفاوضات لكن التعامل مع نظام الأسد ممكن

ووفق مصادر “أسوشييتد برس”، فقد وصل المسؤولان الأميركيان إلى دمشق عبر لبنان، وقالا إنهما لم يريا أي آثار أو علامات واضحة على الصراع الذي أودى بحياة نصف مليون شخص وشرّد نصف سكان سوريا، ما يشير إلى عمل النظام على إخفاء وإزالة آثار عملياته العسكرية وانتهاكاته لحقوق الإنسان في مناطق سيطرته.

في دمشق، طالب المسؤولان الأميركيان، خلال اجتماع داخل مكتب رئيس المخابرات، علي مملوك، بمعلومات عن الصحفي تايس والطبيب كمالماز، إلا أن مطالب النظام التي واجهها المفاوضان بدت غير منطقية وتتعارض مع السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

وذكر العديد من الأشخاص أن شروط النظام لكشف مصير الرهائن تمثلت بتغير سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا بالكامل، وقال باتل إنه “مع عدم تلبية مطالب النظام، لم يقدم أي معلومات ذات معنى عن تايس، بما في ذلك دليل على الحياة، والذي كان من الممكن أن يولّد زخماً كبيراً”.

وأشار المسؤول الأميركي إلى أنه حينذاك كان “متفائلاً بعد المفاوضات، لكنه ينظر الآن إليها بأسف”، معتبراً أن ما حصل “واحدة من أكبر إخفاقاتي في ظل إدارة ترامب هي عدم استعادة أوستن”.

وقال والد الصحفي المحتجز، مارك تايس، إنه “على الرغم من تراجع الأمل بالمفاوضات الدبلوماسية، فإنها أظهرت أن التعامل مع نظام الأسد كان ممكناً”، مضيفاً أنه “من الممكن أن تحصل المفاوضات من دون أن يتعرض الأمن القومي للولايات المتحدة للتهديد، ومن دون أن تتأثر سياستنا في الشرق الأوسط، ومن دون أن تحدث كل الأشياء الفظيعة التي حدثت خلال السنوات الماضية”.

وفي تشرين الثاني الماضي، نشر صحفي على موقع “توتير” خبراً خاطئاً عن إطلاق سراح تايس، فكتبت والدة تايس أنها تأمل أن تتحول هذه الأخبار المزيفة إلى حقيقة واقعة يوماً ما”.

فرد عليها ترامب برسالة كتبها بقلمه قال فيها “نعمل بجد على هذا ونبحث عن الأجوبة، نريد عودة أوستن، ولن نتوقف أبداً”، لكن والدة تايس قالت إن الأسرة “لا تحتاج إلى رسائل من الرئيس”، مضيفة “الشيء الذي نطلبه هو رؤية أوستن على مدرج المطار، وجعل رئيس الولايات المتحدة يصافحه”.

يشار إلى أن وزارة الخارجية الأميركية قالت، في بيان سابق لها، إن “إعادة الرهائن إلى الوطن إحدى أولويات إدارة بايدن”، داعية نظام الأسد إلى إطلاق سراحهم، إلا أن آفاق المفاوضات غير مؤكدة، بسبب عدم التزام دمشق، ومن غير المرجح أن ترى الإدارة الأميركية نظام الأسد شريكاً موثوقاً فيه للتفاوض، خاصة مع الجهود الأميركية لمساءلة نظام الأسد من قبل “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية” في كانون الأول الماضي.

وأغلقت الولايات المتحدة الأميركية سفارتها في دمشق في العام 2012، وسحبت سفيرها مع تصاعد العمليات العسكرية، وعلى الرغم من إعلان ترامب في العام 2019 عن انسحاب قوات بلاده من شمالي سوريا، لا يزال الوجود العسكري الأميركي يساعد “قوات سوريا الديمقراطية” وفصائل أخرى في مناطق شمال شرقي سوريا، الغنية بالنفط والغاز الطبيعي.

ولم يعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي بدأ ولايته قبل أقل من ثلاثة أشهر حتى الآن الكثير عن سوريا، إلا أنه أدرجها ضمن المشكلات الدولية التي يجب على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة معالجتها. في حين كان آخر تصريحات وزير الخارجية أنطوني بلينكن الأسبوع الماضي أن “الوضع في سوريا ما زال خطيراً كما كان دائماً”.

تلفزيون سوريا

————————–

بشار الأسد يلتقي مبعوث بوتين في دمشق.. وخارجية النظام تطالب بوقف اعتداءات إسرائيل/ محمد الأحمد

ذكرت “رئاسة جمهورية” النظام السوري، عبر معرفاتها الرسمية، اليوم الخميس، أن مبعوث الرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف التقى رئيس النظام بشار الأسد وكبار المسؤولين، لبحث آخر تطورات الملف السوري، وعلى رأسها العملية السياسية المتمثلة بـ”اللجنة الدستورية”، والعقوبات الأميركية المفروضة على النظام.

وجدد الوفد الروسي، خلال اللقاء، دعم بلاده لوحدة الأراضي السورية، وعبّر عن رفض موسكو لأي خطوة أو إجراء يخرق سيادة سورية، وأكد عزم بلاده على “القضاء على ما تبقى من وجود للتنظيمات الإرهابية، واستعادة سيطرة حكومة” النظام على كافة الأراضي السورية، وفق وكالة “سانا” الموالية للنظام.

وحضر اللقاء من جانب النظام كل من رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك، والمستشارة الخاصة لرئاسة النظام بثينة شعبان، ومعاون وزير الخارجية والمغتربين أيمن سوسان، والمستشارة الخاصة للجمهورية لونا الشبل، ومدير إدارة أوروبا في وزارة الخارجية والسفير الروسي في دمشق.

وتناول الجانبان الحديث عن الشأن السياسي، وجرت مناقشة اجتماعات اللجنة الدستورية، واعتبرا أن الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الغربية تعرقل عمل اللجنة، وأكدا أن أي تقدم على المسار السياسي يتطلب التزاماً بالمبادئ الأساسية والثوابت التي يتمسك بها السوريون بخصوص مكافحة الإرهاب وحماية وحدة وسلامة الأراضي السورية، والتي لا يملك أي طرف الحق في التنازل عنها.

وكان مبعوث بوتين قد أجرى زيارة إلى دمشق والتقى الأسد، قبيل أيام من انعقاد الجولة الثالثة من اجتماعات اللجنة الدستورية، في أغسطس/ آب من العام الماضي، كما أجرى زيارة إلى دمشق في أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، قبل انعقاد مؤتمر “اللاجئين”.

من جهة أخرى، أكد رئيس الحرس الوطني الروسي فيكتور زولوتوف، اليوم الخميس، أن الحرب على الإرهاب في سورية مستمرة، وأضاف: “مشاركتنا في محاربة الإرهاب في سورية مستمرة، وهي ليست أمراً سرياً”، مدعياً أن القوات الروسية “تعمل على ضمان سلامة البعثات الإنسانية وتسهل جهود إزالة الألغام”. جاء ذلك خلال مقابلة مع وكالة “تاس” الروسية.

في غضون ذلك، جددت حكومة النظام مطالبتها مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءات حازمة وفورية لمنع تكرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية. وتأتي مطالبات حكومة النظام هذه، عقب الغارات الإسرائيلية، منتصف ليل أمس، والتي استهدفت مقرات للمليشيات الإيرانية في محيط العاصمة دمشق.

وأكدت وزارة خارجية النظام أن “استمرار إسرائيل في نهجها العدواني الخطير ما كان ليتم لولا الدعم اللامحدود والمستمر الذي تقدمه لها بشكل خاص الإدارة الأميركية والحصانة من المساءلة التي توفرها لها هي ودول معروفة في مجلس الأمن”، وطالبت بأن يُفرض على إسرائيل “احترام قراراته المتعلقة باتفاقية فصل القوات ومساءلتها عن إرهابها وجرائمها التي ترتكبها بحق الشعبين السوري والفلسطيني وعن دعمها المستمر للتنظيمات الإرهابية”.

وأشارت، في بيان، إلى أن “الولايات المتحدة لم تعد تملك لا المبرر القانوني ولا المبرر الأخلاقي لتكون إحدى الدول المناط بها السهر على حفظ السلم والأمن الدوليين”، لافتةً إلى أن “سياساتها العدوانية في المنطقة تؤكد بشكل واضح بأنها أصبحت جزءا لا يتجزأ من صناع وتجار المخاطر التي تهدد السلم والأمن الدوليين”، وأكدت أن “سلطات الاحتلال الإسرائيلي أقدمت، بعد منتصف ليلة أمس، الأربعاء، على الاعتداء على أراضي سورية عبر إطلاقها موجات متتالية من الصواريخ من فوق الأراضي اللبنانية، والتي استهدفت محيط العاصمة دمشق”.

وأشار البيان إلى أن “هذا العدوان الإسرائيلي يأتي في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بعيد الفصح المجيد، الذي نعتبره رسالة محبة وسلام للعالم كله، إلا أن إسرائيل بعدوانها على سورية تثبت أنها لا تؤمن بالسلام وإنما بشريعة الغاب”، وأكد أن “سورية ما زالت تعول على الشرعية الدولية وعلى مجلس الأمن، وتطالبه مجدداً بتحمل مسؤولياته في إطار ميثاق الأمم المتحدة، وأهمها حفظ السلم والأمن الدوليين واتخاذ إجراءات حازمة وفورية لمنع تكرار هذه الاعتداءات الإسرائيلية”.

———————-

لافرنتييف عند الأسد:لاستعادة سيطرة النظام على الأراضي السورية

التقى رئيس النظام السوري بشار الأسد مبعوث الرئيس الروسي ألكسندر لافرنتييف التقى رئيس النظام بشار الأسد وكبار المسؤولين، لبحث آخر تطورات الملف السوري، وعلى رأسها العملية السياسية المتمثلة بـ”اللجنة الدستورية”، والعقوبات الأميركية المفروضة على النظام.

وقالت وكالة أنباء النظام (سانا) إن الوفد الروسي جدد خلال اللقاء، دعم بلاده لوحدة الأراضي السورية، وعبّر عن رفض موسكو لأي خطوة أو إجراء يخرق سيادة سوريا.

وبحسب “سانا”، أكد الوفد الروسي عزم موسكو على “القضاء على ما تبقى من وجود للتنظيمات الإرهابية، واستعادة سيطرة حكومة” النظام على كافة الأراضي السورية.

وحضر اللقاء من جانب النظام كل من رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك، والمستشارة الخاصة لرئاسة النظام بثينة شعبان، ومعاون وزير الخارجية والمغتربين أيمن سوسان، والمستشارة الخاصة للجمهورية لونا الشبل، ومدير إدارة أوروبا في وزارة الخارجية والسفير الروسي في دمشق.

وتناول الجانبان الحديث عن الشأن السياسي، وجرت مناقشة اجتماعات اللجنة الدستورية، واعتبرا أن الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الغربية “تعرقل عمل اللجنة”، وأكدا أن أي تقدم على المسار السياسي “يتطلب التزاماً بالمبادئ الأساسية والثوابت التي يتمسك بها السوريون بخصوص مكافحة الإرهاب وحماية وحدة وسلامة الأراضي السورية، والتي لا يملك أي طرف الحق في التنازل عنها”.

وكان مبعوث بوتين قد أجرى زيارة إلى دمشق والتقى الأسد، قبيل أيام من انعقاد الجولة الثالثة من اجتماعات اللجنة الدستورية، في آب/أغسطس 2020، كما أجرى زيارة إلى دمشق في تشرين الأول/أكتوبر، قبل انعقاد مؤتمر “اللاجئين”.

وفي السياق، أكد رئيس الحرس الوطني الروسي فيكتور زولوتوف الخميس، أن الحرب على الإرهاب في سوريا مستمرة، وأضاف “مشاركتنا في محاربة الإرهاب في سوريا مستمرة، وهي ليست أمراً سرياً”، مضيفاً أن القوات الروسية “تعمل على ضمان سلامة البعثات الإنسانية وتسهل جهود إزالة الألغام”، وذلك خلال مقابلة مع وكالة “تاس” الروسية.

———————–

السعودية تدعو لخروج إيران من سوريا..ووقف “إجرامها

أعلن مجلس الوزراء السعودي “دعم جميع الجهود الدولية التي تؤدي لعودة الاستقرار والسلام إلى سوريا وشعبها الشقيق”.

وخلال جلسة لمجلس الوزراء السعودي عبر تقنية الفيديو برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز، شدّد المجلس على “المطالبة بوقف مشروع إيران الطائفي الذي يسهم في إطالة أمد الأزمة ويزيدها تعقيداً، وخروجها وجميع القوات التابعة لها، ووقف ممارساتها الإجرامية الهادفة لتغيير هويتها العربية، وأهمية محاربة التنظيمات الإرهابية بأشكالها كافة”، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السعودية “واس”.

وفي وقت سابق، عبّر وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان خلال مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأميركية، عن أمل السعودية في أن تتخذ حكومة نظام الأسد الخطوات المناسبة لإيجاد حل سياسي، مشيراً إلى أن هذا هو السبيل الوحيد للتقدم في سوريا.

وردأ على سؤال بشأن ما إذا كانت السعودية تخطط للتواصل مع رئيس النظام بشار الأسد، قال بن فرحان إن “هناك عملية ترعاها الأمم المتحدة بحيث تنخرط المعارضة مع حكومة النظام”، موضحاً أن السعودية تدعم هذه العملية.

وأضاف بن فرحان “نحن بحاجة إلى استقرار سوريا، وهذا يتطلب حلاً وسطاً من قبل نظام الأسد ويتطلب تضافر جهود الحكومة والمعارضة، حتى نتمكّن من المضي قدماً في عملية سياسية يمكن أن تحقق الاستقرار”.

وفي مؤتمر بروكسل للمانحين الدوليين مطلع نيسان/أبريل، أكد بن فرحان أن التسوية السياسية بإشراف أممي هي الحل الوحيد للأزمة السورية. وطالب إيران بوقف مشروعها للتغيير السكاني والطائفي في سوريا، مشدداً على أن تلك التسوية هي شرط الإسهام في إعمار ذلك البلد.

————————–

مقتل مسلحين موالين لإيران بقصف إسرائيلي قرب دمشق

دمشق تطالب مجلس الأمن بوقف «انتهاكات» تل أبيب

قُتل ثلاثة مقاتلين من مجموعات موالية لإيران وداعمة للنظام في القصف الإسرائيلي الذي استهدف، ليل الأربعاء – الخميس، مواقع عسكرية قرب دمشق، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، صباح الخميس.

وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، نقلاً عن مصدر عسكري، بعد منتصف الليل، أن القصف الإسرائيلي أسفر عن إصابة أربعة جنود بجروح ووقوع خسائر مادية.

وأوضحت «سانا» أن الدفاعات الجوية السورية تصدت للصواريخ الإسرائيلية التي «استهدفت بعض النقاط في محيط دمشق (…) وأسقطت معظمها».

من جهته، قال المرصد السوري إن القصف الإسرائيلي طال موقعاً عسكرياً لقوات النظام ومستودعاً توجد فيهما قوات إيرانية ومجموعات موالية لها من جنسيات غير سورية، أبرزها حزب الله اللبناني، قرب منطقة الديماس شمال غربي العاصمة.

وأسفر القصف عن مقتل ثلاثة عناصر من تلك المجموعات، وفق المرصد الذي لم يتمكن من تحديد جنسياتهم.

وخلال الأعوام الماضية، شنّت إسرائيل عشرات المرات ضربات في سوريا، مستهدفة مواقع للجيش السوري وأهدافاً إيرانية وأخرى لحزب الله اللبناني.

ونادراً ما تؤكد إسرائيل تنفيذ ضربات في سوريا، لكن الجيش الإسرائيلي ذكر في تقريره السنوي أنه قصف خلال العام 2020 نحو خمسين هدفاً في سوريا، من دون أن يقدم تفاصيل عنها.

وتكرر إسرائيل أنها ستواصل تصديها لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا.

وجددت دمشق مطالبتها مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءات «حازمة وفورية لمنع تكرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية». وطالبت الخارجية السورية مجلس الأمن بأن «يفرض على إسرائيل احترام قراراته المتعلقة باتفاقية فصل القوات ومساءلتها عن إرهابها وجرائمها التي ترتكبها بحق الشعبين السوري والفلسطيني وعن دعمها المستمر للتنظيمات الإرهابية».

وقالت الخارجية، في بيان، إن «استمرار إسرائيل في نهجها العدواني الخطير» ما كان ليتم «لولا الدعم اللامحدود والمستمر الذي تقدمه لها بشكل خاص الإدارة الأميركية والحصانة من المساءلة التي توفرها لها هي ودول معروفة في مجلس الأمن».

وأضافت أن أميركا «لم تعد تملك المبرر القانوني ولا المبرر الأخلاقي لتكون إحدى الدول المنوط بها السهر على حفظ السلم والأمن الدوليين»، وأن سياساتها العدوانية في المنطقة «تؤكد بشكل واضح أنها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من صناع وتجار المخاطر التي تهدد السلم والأمن الدوليين». وذكرت الخارجية أن «سلطات الاحتلال الإسرائيلي أقدمت بعد منتصف ليلة أمس على الاعتداء على أراضي سوريا عبر إطلاقها موجات متتالية من الصواريخ من فوق الأراضي اللبنانية، التي استهدفت محيط دمشق».

واختتمت الوزارة بيانها بأن سوريا «ما زالت تعول على الشرعية الدولية وعلى مجلس الأمن وتطالبه مجدداً بتحمل مسؤولياته في إطار ميثاق الأمم المتحدة، وأهمها حفظ السلم والأمن الدوليين واتخاذ إجراءات حازمة وفورية لمنع تكرار هذه الاعتداءات الإسرائيلية».

إلى ذلك، أكد مصدر في الشركة السورية لنقل النفط وصول ناقلة نفط إيرانية إلى مصب بانياس على الساحل السوري. وقال المصدر إن الناقلة تحمل مليون برميل من النفط، دون أن يعلق نفياً أو إثباتاً على معلومات تقول إن الناقلة هي واحدة من أربع ناقلات ستصل تباعاً.

يذكر أن أحد المواقع المتخصصة بتعقب حركة السفن كان رصد، منذ أيام، ناقلة إيرانية تتجه نحو بانياس السورية، وقال إن «الناقلة هي جزء من أسطول أكبر من الناقلات المتجهة إلى بانياس في سوريا». كما كان رئيس الحكومة، حسين عرنوس، وعد بانفراج في أزمة المشتقات النفطية.

وأعلنت «وكالة الأنباء السورية الرسمية» (سانا) أن الرئيس بشار الأسد استقبل المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، حيث «أكد الجانبان عزمهما على مواصلة وتكثيف العمل الثنائي وبذل الجهود للتوصل إلى حلول للمصاعب الناتجة عن سياسات بعض الدول الغربية ضد سوريا والتخفيف من آثار العقوبات الجائرة المفروضة على الشعب السوري والمساعدة على تجاوزها».

وزادت أن الوفد الروسي «أكد دعم بلاده الراسخ لسيادة سوريا ووحدة أراضيها ورفض موسكو لأي خطوة أو إجراء يخرق هذه السيادة ويؤثر على الجهود الرامية لإنهاء الحرب على سوريا والقضاء على ما تبقى من وجود للتنظيمات الإرهابية، واستعادة سيطرة الدولة على أراضيها كافة».

في تل أبيب، كشفت مصادر أمنية في تل أبيب، أمس الخميس، أن القصف الذي تعرضت له سوريا، الليلة الأخيرة، استهدف مخازن أسلحة في عدة قواعد تابعة للجيش السوري، بعدما رصدت الاستخبارات الإسرائيلية شحنات أسلحة جديدة جلبت من إيران.

وقالت مصادر إسرائيلية إن أحد الصواريخ التي أطلقتها وسائط الدفاع الجوي السوري باتجاه الطائرات الإسرائيلية، أخطأ هدفه وسقط بالقرب من قرى الجنوب اللبناني. وقد أحدث هلعا في صفوف سكان الحدود الإسرائيليين واللبنانيين. وأكدت هذه المصادر أن القصف جاء ضمن المنهج الإسرائيلي لمكافحة تهريب الأسلحة والذخيرة الإيرانية إلى سوريا ولبنان. وقال إن هذه معركة شاملة تستهدف أيضا طرد الإيرانيين من سوريا ومنعهم من وضع قواعد لميليشياتهم قرب الحدود مع إسرائيل لفتح جبهة جديدة.

الشرق الأزسط

——————————-

الأسد أكد سورية مزارع شبعا وأسقط “مزاعم” حزب الله

في لقاء بين الديبلوماسي الأميركي، فريدريك هوف، ورئيس النظام السوري بشار الأسد في قصر تشرين في 28 شباط 2011، أكد الأخير أنّ “مزارع شبعا وتلال كفرشوبا سورية”. ففي مقال نشره في مجلة “Newline Magazine”، أمس الأربعاء، كشف هوف عن لقاء وكلام لا يُنتسى أسرّ به الأسد في ذلك اللقاء: لم يفاجئني قول الأسد إنّ ادّعاء حزب الله لبنانية مزارع شبعا زائف. لكن صدمتني صراحته وعدم تردّده في إخبار ديبلوماسي أميركي بهذا الأمر. موقف الأسد حينها أتى للدفع في اتجاه وساطة للسلام كانت بدأت بالتلاشي، وقد كان واضحاً أنه مقابل السلام واستعادة سوريا جميع الأراضي التي خسرتها في حرب حزيران 1967، فهو سيعمل على حلّ العلاقة العسكرية بين سوريا وإيران ويلزم لبنان بالتوصّل إلى سلام مع إسرائيل، وبالتالي إنهاء مقاومة حزب الله بشكل كامل.

نتنياهو والمعلّم

كان المفاوض السوري حينها، وزير الخارجي وليد المعلّم الذي توفّى عام 2020. هو مفاوض بارع ولامع ومؤمن حقيقي بالسلام مع إسرائيل لاستعادة أراضي 1967، وكان ينال ثقة كاملة من رئيسه بشار الأسد. لكن بالنسبة للطرف الإسرائيلي، لم يكن المعلّم في موقع يعتدّ به لتقديم الالتزامات. وأراد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التأكد من أن الأسد نفسه ملتزم بالسلام وإعادة ‏رسم توجهات سوريا الإقليمية. وكان نتنياهو يعرف ثمن السلام الذي تريده سوريا وهو استرداد كامل أراضيها. وقد أثار احتمال قطع سوريا علاقتها بإيران وحزب الله وحركة حماس اهتمامه الشديد، إلا أنه كان قلقاً من أي تجاوب يبديه المعلّم يتراجع عنه الأسد في وقت لاحق. لذا، كان موقف نتنياهو يشير إلى أنه على الأسد أن يلتزم شخصياً بقطع هذه العلاقات التي تهدّد أمن إسرائيل. فكان هوف أن اقترح على نتنياهو، في اجتماع عقد في القدس مطلع 2011، أن يقابل الأسد شخصياً لتقييم موقعه وموقفه من هذا الملف، فوافق نتنياهو على الاقتراح.

لقاء دمشق

يقول هوف: جاء اللقاء المنفرد بيني وبين الأسد ثمرة هذا الاقتراح، وتم في 28 شباط 2011، حيث كان الأسد صريحاً بشكل مبالغ به وغير طبيعي تجاه المقايضة. فاجأني عدم ترّدده في موقفه ولم أتوقع أن يكون حازماً. وبينما كنت أحاول استيعاب ما كان يقوله، تساءلت عمّا إذا كان قد حسب بدقة ردّ فعل إيران وحزب الله تجاه تخلّي دمشق عن الجمهورية الإسلامية ووكيلها اللبناني لتتمكّن سوريا من استعادة أراضيها والسير في السلام مع “العدو الصهيوني”. تركت دمشق متوجهاً إلى القدس في الأول من آذار 2011، متسائلاً عما إذا كان الأسد تساءل كيف سيتصرّف حلفاؤه لما قد يعتبرونه خيانة جبانة. وكنت ارتحت لو قال شيئاً على غرار أنّ الخطوة “لن تعجبهم لكني على استعداد لمقاتلتهم إذا لزم الأمر من أجل المصالح السورية”. إلا أنه توقع أن يلحق توقيع سلام بين سوريا إسرائيل، معاهدة سلام بين لبنان وإسرائيل وأنّ حزب الله وإيران سينصاعان للأمر. كنت مندهشاً وغير مقتنع في آن. ومع ذلك، بعد أيام على إطلاعه على الأجواء، أعلن أنّ الوساطة في مرحلة جدية وفوّض فريقه اتخاذ الخطوات اللازمة لاستمرار المفاوضات.

القرى السبع

ويكتب هوف: بعد عام 2000، أكد حزب الله على ضرورة تنفيذ انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي اللبنانية. فلو لم يستمرّ الاحتلال فضد من كان ليقاوم حزب الله؟ ومن دون مقاومة كيف كان لإيران أن تحافظ على ميليشيا مسلّحة في لبنان مستقلّة عن القوات المسلحة اللبنانية؟ فلجأ حزب الله أولاً إلى بالون اختباري أوّل اسمه “القرى السبع”، وهي سبع قرى شيعية شمالي فلسطين تم فصلها عن لبنان خلال الترسيم الفرنسي البريطاني للحدود عام 1924. وعام 1948 تمّ طرد سكان هذه القرى من الأراضي الفلسطينية إلى لبنان خلال هجوم عسكري إسرائيلي. واعتبر حزب الله أن الانسحاب الإسرائيلي لا يمكن أن يكون كاملاً دون إعادة ضمّ هذه القرى إلى لبنان، مدركاً أنه لا يمكن لإسرائيل القبول بإعادة هذه الأراضي، وامتناعها عن ذلك سيبرّر وجود المقاومة المسلحة. وسبق أن وجّهت سؤالاً لرئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سليم الحص عام 2000، حول القرى السبع، فبدى حائراً ومحرجاً.

تلال ومراعي

إثارة حزب الله لملف القرى السبع قوّض الموقف الرسمي اللبناني المؤيد للحدود التي رسمتها سلطات الانتداب، وهي الحدود التي تحوّلت خط الهدنة الذي فصل بين لبنان وإسرائيل عام 1949. شئنا ام أبينا، اعتبر لبنان ‏دائماً أن القرى المعنية خارجة عن ولايته، كما أنّ في لبنان قلق من قيام إسرائيل ‏بتحويل خط الانتداب/الهدنة لصالحها. إذ إنّ المطالبة بالقرى السبع يعني المخاطرة بوضع كل ‏شيء على الطاولة من جديد. ومع ذلك، عندما قامت الأمم المتحدة بترسيم الخط الأزرق بعد الانسحاب الإسرائيلي، أتيحت فرصة لمطالبة حزب الله بأجزاء من المرتفعات في شبعا فيها مزارع ومراعي. فعاشت المقاومة.

أرادت سوريا استمرار “المقاومة” للضغط على إسرائيل، فسارعت وجارت ادعاء حزب الله. وجاء في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حينها كوفي عنان أنه “في اتصال ‏هاتفي أجريته مع وزير الخارجية السوري السيد فاروق الشرع، في 16 مايو 2000، قال إن سوريا تدعم موقف لبنان”. والتزمت الحكومات اللبنانية المتعاقبة بهذه المطالبة، إذ ألزمتها إيران ممثلة بحزب الله بذلك.

نصرالله وتصفية المقاومة

أكد لي الأسد خلال اللقاء يوم 28 شباط 2011، من بين أمور أخرى، أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، سيقوم بتصفية منظمته المقاومة ويتماشى مع أحكام معاهدة السلام اللبنانية الإٍسرائيلية التي ستبصر النور تلقائياً بعد توقيع الاتفاق السوري الإٍسرائيلي. سألت ‏الأسد عما إذا كان تخلي نصر الله عن “المقاومة” سيتطلب أولاً أن تقوم سوريا بنقل مزارع شبعا ‏والأراضي المرتبطة بها رسمياً إلى لبنان‎.‎ وجاء جوابه دون أي لبس: “لا، لا. الخرائط تظهر بوضوح أن المنطقة المعنية ‏سورية. بمجرد استعادة سوريا لأراضيها من إسرائيل، ستكون هناك محادثات مع لبنان حول ‏التعديلات المحتملة على الحدود هنا وهناك، وحول صكوك ملكية الأراضي ومن أصدرها”. وقال ‏الأسد إن الأرض سورية. نقطة انتهى‎.

تابعت وتعمّقت وكتبت حول الجدل على مزارع شبعا منذ ابتداعها كمشكلة، ففوجئت (وسعدت) ليس فقط برفض الأسد المطالبة اللبنانية بالمنطقة إنما اعتراف حكومته بها أيضاً. أما ‏بالنسبة للمحادثات المحتملة مع لبنان حول التعديلات الحدودية، فقد جرت ‏بالفعل مفاوضات ثنائية رسمية قبل خسارة مرتفعات الجولان. لم تتنازل سوريا عن أي شيء ‏لجارتها اللبنانية‎. ومع ذلك لم يصدر عن الدولة اللبنانية شيء حيال احتلال أي من أراضيه عام 1967، إلا أنّ خرج الادعاء بذلك بعد 33 عاماً. كانت المنطقة التي يطلق عليها اسم “مزارع شبعا” و”تلال كفرشوبا” تحت الإدارة السورية حتى حزيران 1967 عندما احتلّها إسرائيل.

على أي حال، قرار الأسد، في ربيع 2011، بقتل المتظاهرين السلميين بدلاً من السعي لتحقيق السلام مع إٍسرائيل يؤكد على الأرجح استمرار خسارة هذه الأراضي. ومع ذلك، يبقى أنّ الأسد أسقط ادعاء حزب الله بمقاومة إسرائيل لتحرير الأراضي اللبنانية، مسجّلاً للتاريخ. نظرة الأسد إلى الأراضي التي تحتلها إسرائيل كانت واضحة: إنها سورية.

—————————-

الأسد يريد مزارع شبعا/ مهند الحاج علي

اللافت في ما كتبه السفير الأميركي السابق فريديريك هوف في مجلة “نيوز لاين ماغازين”، عن تصريح للرئيس السوري بشار الأسد عن “سورية” مزارع شبعا، وأيضاً الاستعداد المبدئي للتخلي عن العلاقة مع ايران و”حزب الله”، أن الكلام يخرج من مسؤول أميركي سابق لعب دوراً في وساطات إدارة الرئيس السابق باراك أوباما. وبالتالي، يُعبّر هوف لا عن مزاجية الإدارة السابقة بقيادة دونالد ترامب، بل عن الدبلوماسية التقليدية الأميركية ورؤيتها لمسار الحل. والكلام يتطابق أيضاً مع تاريخ العلاقة بين “حزب الله” وإيران من جهة، وبين النظام السوري، من جهة ثانية. هي علاقة مبنية على اهتزاز الثقة، رغم مظاهر التحالف والتآلف.

هوف، وهو دبلوماسي أميركي ووسيط سابق في ملف ترسيم الحدود الإسرائيلية-اللبنانية، كان شاهداً بنفسه في 28 شباط (فبراير) عام 2011 على كلام الرئيس السوري بأن المزارع “سورية” وليست لبنانية (كما جاء على لسان قادة “حزب الله” ومسؤولين في الدولة). كان هوف حاضراً في هذه الجلسة، وربط بمقاله بينها وبين مسار المفاوضات والمطلب الإسرائيلي فيها (كلام الأسد نقدي ضد سردية حزب الله ويُخفي انسجاماً مع الجانب الإسرائيلي).

على سبيل المثال، وصف هوف وزير الخارجية السوري الراحل وليد المعلم بأنه “مؤمن حقيقي بالسلام مع إسرائيل”، ويحظى بثقة كاملة لدى رئيسه بشار الأسد.  المعلم دوماً أكثر تحفظاً وأقل اندفاعاً من رئيسه في الجلسات، إذ يُبادر بالكلام في قضايا حساسة مثل مزارع شبعا. ذاك أن سردية المحادثات الإسرائيلية-السورية تشمل دوماً تلميحاً أو حديثاً مباشراً عن استعداد النظام السوري، للتخلي عن العلاقة مع إيران و”حزب الله”. والعراقيل التي حالت دون مثل هذا الاتفاق، جاءت نتيجة الطلب بالتنازل المسبق أو التزام واضح ودائم (كما جاء في كلام هوف نقلاً عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو) أو نظراً لغياب صفقة إقليمية أوسع تشمل الدور السوري في لبنان.

خلال موسم مفاوضات أوسلو، كان المشهد مماثلاً، إذ شعر الجانب الإيراني بقلق وبعث بوفد الى دمشق ليعود خالي الوفاض، وسط شعور إيراني بأن طهران في طريقها الى عزلة تامة نتيجة موقفها من السلام مع إسرائيل، ودعمها لحركة “حماس” حينها.  هذا التوتر وصفه أنتوني لايك مستشار الامن القومي السابق في إدارة كلينتون، بالقول إن إيران والحزب “شعروا بتوتر شديد… وقادة حزب الله تساجلوا في ما بينهم عن كيفية انتهاج أجندة متطرفة في زمن سلام لبناني-إسرائيلي”. حينها، كان الحديث السوري-الإسرائيلي أن أي اتفاق سلام سيشمل لبنان بطبيعة الحال نتيجة الهيمنة السورية في هذا البلد.

وهذا الكلام انسحب أيضاً على المفاوضات السورية-الإسرائيلية في عهد بشار الأسد، وتحديداً قبل حرب تموز (يوليو) عام 2006. رغم أن حلفاء الأسد في لبنان كانوا يخوضون معركة سياسية للدفاع عنه، لم يجد مانعاً من الانخراط في مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، شمل بنداً عن المساعدة في “حل سلمي للمشكلات مع الفلسطينيين وفي لبنان وايران”، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة إسرائيلية وترجمته الغارديان البريطانية. بحسب المصدر ذاته، نشرت “هآرتس” بأن مسؤولين سوريين طلبوا عقد اجتماعات سرية مباشرة بين الجانبين لكن إسرائيل رفضت ذلك.

عملياً، لا يُمانع النظام في التفاوض حول مصائر حلفائه، حتى لو كانوا يخوضون معارك دفاعاً عنه، كما الحال في المفاوضات غير المباشرة عام 2005  و2006، أو في المحادثات التي كشف عنها هوف، وانتهت قبل أسابيع قليلة من انطلاق الثورة السورية عام 2011، وقبل شهور من بدء تدخل “حزب الله” دفاعاً عنه.

وفي موازاة ذلك، اعتبار الأسد مزارع شبعا سورية عام 2011، والتنقيب عن الغاز في منطقة بحرية متنازع عليها بين البلدين عام 2021، هما حدثان يتشاركان في المعنى. لهذا السبب، تحتاج الحدود مع سوريا، ترسيماً طارئاً يتقدم على المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي. ذاك أن أي تعافٍ للنظام ضمن صفقة إقليمية، ستكون له تبعات على احتمالات حل النزاع الحدودي، ليصير على حساب الجانب اللبناني دون أي مفاوضات أو ندية بين الطرفين. صمت النظام ليس علامة رضى، بل تأجيل لظروف تُناسبه أكثر.

المدن

————————–

النفط الإيراني إلى بانياس..قصّة ذات وجهين/ إياد الجعفري

يبدو وكأن هناك علاقة “قدرية” غير قابلة للتفسير، تربط بين الوصول إلى ذروة غير مسبوقة لأزمة الوقود في سوريا، في نيسان/أبريل من كل عام، وبين حصول انفراجة مؤقتة للأزمة، في الشهر نفسه.

تكرر ذلك في نيسان/أبريل من العامين 2019 و2020. وها هو يحدث للمرة الثالثة على التوالي، في نيسان/أبريل من العام الجاري، حيث وصلت أزمة شح الوقود في مناطق سيطرة النظام، إلى ذروة جديدة غير مسبوقة، دفعت الإعلام الروسي إلى الإقرار بأنها أسوأ أزمة على الإطلاق. لكن البحرية الروسية، ستسارع لإنجاد حليفها بدمشق، وسترافق على الأرجح 3 ناقلات نفط إيرانية تتجه إلى الشواطئ السورية، بعد أن سبقتهم ناقلة أولى إلى مصفاة بانياس، بصورة دفعت وزارة النفط إلى إصدار بيان، أشبه بـ “بشرى سارة” تزفها للسوريين، تفيد باقتراب “الفرج”، الذي سيتيح متنفساً ربما لأسابيع فقط، قبل الولوج إلى أزمة جديدة.

الأزمة الأخيرة، تسببت بها حادثة إغلاق قناة السويس، بصورة مباشرة. لكن ما مهد لها، هو تصاعد حرب الناقلات، بين إسرائيل وإيران. لتأتي حادثة إغلاق القناة، وتدفع الأزمة إلى مدىً غير مسبوق. ذلك التفسير الظاهري، يوضح –بصورة سطحية- ما حدث. وفي الوقت نفسه ، يعطي إيحاءً، بأن روسيا وإيران، حريصتان على صمود حليفهما – الأسد-، فيما تستهدفه إسرائيل. لكن التمعن في التفاصيل، يدفع إلى قراءة أعمق، وأكثر تعقيداً.

في نهاية شهر نيسان/أبريل من العام الفائت، رصد موقع “تانكر تراكرز”، المتخصص في تتبع ناقلات النفط، وصول سفن نفط إيرانية، تحمل أكثر من 6.8 مليون برميل، إلى ميناء بانياس السوري.

الموقع ذاته، تحدث قبل يومين، عن اقتراب وصول 4 ناقلات نفطية إيرانية إلى الميناء ذاته، تحمل هذه المرة حوالي 3.5 مليون برميل.

نظرياً، لا تغطي الكمية الأخيرة الاستهلاك المحلي في مناطق سيطرة النظام، إلا لـ 35 يوماً فقط. لكن النظام يستعد لديمومة أطول للكمية القادمة، عبر سياسة تقشف تحدّ من النشاط الحكومي، بعد تعليق دوام الموظفين أو تخفيض مدته، لـ 10 أيام. إلى جانب التخفيضات الأخيرة التي فرضتها حكومة النظام على مخصصات البنزين المدعومة. فمن يريد الحصول على البنزين، فليتجه إلى السوق السوداء. وهذا بيت القصيد. فالروس يحمون بعض الناقلات، والإيرانيون يوردون كميات كبيرة من النفط إلى سوريا، ونظام الأسد يموّل السوق بكميات محدودة من النفط المدعوم، فيما يلعب دوراً في بيع الكميات الأكبر من النفط الإيراني عبر السوق السوداء.

هذا ما ذهبت إليه، كل من المعارضة الإيرانية -عبر مصادرها في الداخل الإيراني-، ووزارة الخزانة الأمريكية، التي تستند إلى معلومات استخباراتية، وذلك في تقارير صدرت عن الجانبين، خلال العام الفائت.

ففي نيسان/أبريل 2020، قال موقع راديو فاردا الإيراني المعارض، إن نظام الأسد في سوريا حلّ محل الصين، في المرتبة الأولى بين مستوردي النفط الإيراني. وقال الموقع، إنه منذ فرض العقوبات الأمريكية على إيران في أيار/مايو 2019، يصل إلى سوريا، بصورة وسطية، حوالي 2 مليون برميل نفط شهرياً. لكن هذه الكمية ترتفع إلى أعلى من ذلك، في بعض الأوقات. وهو ما يفسّر حصول انفراجات مؤقتة لأزمات الوقود المُستدامة في سوريا.

وتتفق وجهة النظر الأمريكية، جزئياً، مع المعارضة الإيرانية، إذ يشير تقرير صادر عن وزارة الخزانة الأمريكية، في أيلول/سبتمبر 2019، إلى أن إيران نقلت نفطاً بمئات ملايين الدولارات عبر شبكة شحن، سرّية، يشكّل كل من “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني، وحزب الله، ونظام الأسد، أذرعاً رئيسية فيها. وذلك التقرير غطّى فقط الفترة بين أيار/مايو 2019 – تاريخ فرض العقوبات الأمريكية على إيران- وأيلول/سبتمبر 2019، تاريخ صدور التقرير. أي أن إيران نقلت –على الأغلب- نفطاً بمليارات الدولارات، عبر شبكة الشحن السرّية تلك، حتى اليوم.

ووفق التقرير الذي تحدث عنه باستفاضة تحليل نشره “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، قبل يومين، فإن شركات روسية، تشارك في تسهيل شحن ملايين البراميل من النفط إلى نظام الأسد، فيما يسهّل الأخير عبر “مصرف سورية المركزي”، نقل الأموال –ثمن النفط- إلى حزب الله. ومقابل هذه الخدمات، يحصل نظام الأسد على حصّة من النفط الإيراني، بأسعار أقل من الأسعار العالمية، لكن، ليس مجاناً.

هذه الشبكة المعقّدة، لبيع النفط خلسةً، بعد فرض العقوبات الأمريكية في 2019، هي ما دفع إسرائيل إلى استهداف بعض ناقلات النفط التي تعتقد أنها تحمل نفطاً إيرانياً، إلى سوريا، تحديداً. وهو ما أدى إلى انخراط إيران بنشاط مضاد يستهدف بعض سفن الشحن البحري التابعة لإسرائيل. أي أن الأخيرة لم تكن تستهدف، بصورة أساسية، نظام الأسد، الذي تضرّر من حرب الناقلات، ولم يعد يحصل على حصّته من النفط الإيراني، بانتظام، فتفاقمت أزمات الوقود في مناطق سيطرته.

وهكذا، يبدو النفط الذي لا يصل إلى سوريا، في وقته، أشبه بقصّة ذات وجهين. فهي من السطح، قصّة صمود لنظام يكافح العدو الإسرائيلي، ويسانده حليفاه المخلصان، إيران وروسيا. أما من الباطن، فهي قصّة بيع وشراء، وسمسرة. فإيران التي تعجز عن بيع نفطها بشكل شرعي، بسبب العقوبات الأمريكية، تتمكن من تصريف جزء منه، والحصول على ثمنه، من جيوب السوريين، الذين يضطرون للجوء إلى السوق السوداء، لشراء الكميات التي يحتاجونها من الوقود، والتي لا يتمكنون من الحصول عليها عبر قنوات الدعم الحكومي. وهنا يأتي دور نظام الأسد، الذي يحرص، يوماً تلو الآخر، على تقليص جدوى قنوات الدعم تلك، لصالح سوق سوداء، يكون هو ذاته، المورّد الرئيس لها.

المدن

============================

تحديث 14 نيسان 2021

—————————-

الساعات ال24 الأولى بعد سقوط الأسد/ العقيد عبد الجبار العكيدي

في ظل الحديث عن سيناريوهات تُطرح اليوم للحل السياسي في سوريا، سواء كانت جدية أو غير جدية، فإن السؤال الذي لا يمكن تصور أنه يغيب عن اهتمامات كل الدول، وخاصة المتداخلة منها في الشأن السوري، كان وما يزال “ماذا عن اللحظات التي ستلي مباشرة سقوط النظام!”.

تلت الضربة بالأسلحة الكيماوية التي نفذها نظام الأسد على الغوطة الشرقية 2013 والتي راح ضحيتها أكثر من 1200 شهيد، تصريحات نارية من مختلف العواصم، كان أبرزها اعتبار الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما أنها تجاوزت خطوطه الحمراء، وأنه قرر توجيه ضربة للنظام. تفاءل السوريون وقتها كثيراً عساها تقصم ظهره وتنهي معاناتهم.

بعدها بأيام كان لنا اجتماع في غرفة العمليات بالعاصمة التركية أنقرة، ضم رئيس أركان الجيش الحر وقادة المجالس العسكرية وقادة الجبهات الخمس، مع ممثلي الدول الفاعلة في الملف السوري، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، وكان الاجتماع الأطول ومحوره الأساسي وضع الخطط لتوجيه ضرة تأديبية قوية للنظام قد تؤدي لسقوطه.

تدارسنا الأهداف التي يجب توجيه الضربات لها بحيث يكون تأثيرها العسكري كبيراً، مع الحرص أن تكون بعيدة عن المناطق المدنية، وتتركز على المطارات العسكرية وغرف قيادة العمليات وقيادة الحرب الإلكترونية والحرس الجمهوري والفرقة الرابعة ومراكز البحوث التي يتم فيها تصنيع البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية ومواقع أخرى.

تم تحميل تلك المواقع الهامة على الخرائط استعداداً لساعة الصفر، على أن نكون نحن على أهبة الاستعداد للسيطرة على المراكز الأمنية في المدن والقيام بحفظ الأمن والسلم الأهلي، ومنع وقوع أي أعمال انتقامية أو تخريبية، ولكن انتظارنا لساعة الصفر طال كثيراً، واستخدم النظام لاحقاً الكيماوي عشرات المرات وما زلنا ننتظر.

هل كنّا حقا سذجاً وصدقنا الأمريكيين بأنهم سيعاقبون الأسد على جريمة استخدامه السلاح الكيماوي؟! أم كان لديهم حسابات أخرى مع مجرم أيدوا خرقه للدستور في بضع دقائق بعد وفاة والده صيف 2000 وتمّ تنصيبه رئيساً غير شرعي على سوريا بمباركة وزيرة خارجيتهم آنذاك مادلين أولبرايت، أم أن حرصهم على مفاوضاتهم مع إيران حول ملفها النووي، والحفاظ على أمن إسرائيل جعلهم يحجمون عن ذاك القرار.

المؤكد أن المسؤولين الأميركيين والغربيين طرحوا فيما بينهم هذا السؤال “ماذا بعد سقوط الأسد!”، وبناءً عليه أعادوا النظر في نواياهم توجيه الضربة، هذا لو افترضنا جدلا صدق نواياهم بمعاقبة النظام على جريمته، وربما كان الجواب على هذا السؤال أحد الأسباب التي جعلتهم يكتفون بمصادرة أداة الجريمة ويتركون المجرم حراً طليقاً حتى الآن يسبح في دماء السوريين.

سؤال هام وملح كان يتوجب علينا جميعا في قوى الثورة والمعارضة أن نطرحه منذ البداية وأن يكون لدينا إجابات واضحة ومنطقية عليه، ونعد له العدة ونضع الخطط لكل السيناريوهات المحتملة لسقوط الأسد ومنها:

أولا: أن تكون إزاحة الأسد بتوافق دولي وإقليمي في سياق العملية السياسية وفق القرارات الدولية ذات الصلة (بيان جنيف 1 والقرار 2254) وهنا السؤال الأهم: هل المعارضة بكل أطيافها جاهزة بكوادر وخبرات ومخططات لتكون شريكة حقيقية في السلطة؟ أم أنهم سيصبحون مجرد ديكورات يتمّ من خلالها إعادة انتاج النظام مجددا حتى بدون بشار الأسد؟

وبالتالي كان يتوجب على المعارضة أن يكون لديها مشروعاً جاهزاً لإعادة تنظيم المنشقين عن الجيش والشرطة والقوى الأمنية من كافة الرتب العسكرية في مؤسساتهم، خاصة أنه لدينا من الضباط المنشقين عن الجيش حوالي 4000 ضابط منهم 7 برتبة لواء، 115 برتبة عميد، 860 برتبة عقيد، والآلاف من باقي الرتب، بالإضافة إلى عشرات الالاف من صف الضباط والمجندين.

أما من ضباط الشرطة لدينا أكثر من 600 ضابط وعشرات الآلاف من العناصر وصف الضباط المنشقين.

هؤلاء كانوا قادرين على أن يشكلوا ثقلاً حقيقياً بشرط أن يتم إجراء دورات تأهيل وتدريب لهم باستمرار ليبقوا في جو العمل، لا كما هو حاصل الان.

كنت قد عملت منذ صيف 2012 على دراسة مشروع تأسيس أكاديمية عسكرية حقيقية وليست شكلية استعراضية، لتأهيل الكوادر وتخريج الضباط لرفد الجيش الوطني بالخبرات والكفاءات، والحفاظ على المنشقين بكامل جهوزيتهم، ولكنها لم تلق أذاناً صاغية.

وما ينطبق على العسكريين ينطبق على المنشقين الموظفين المدنيين، فنحن لدينا الآلاف من المنشقين عن إدارات ومؤسسات الدولة، بينهم رئيس وزراء وقضاة ومحامين ودبلوماسيين ومدرسين وصحفيين ومهندسين وأطباء وخطباء مساجد وغيرهم، كانوا قد أطلقوا في السنوات الأولى للثورة روابط ومؤسسات تجمعهم، مثل تجمع العاملين في الدولة، ونقابات المهندسين الأحرار، المحامين الأحرار، هيئة القضاة والقانونيين وكثير من الكيانات التي تشكلت بجهود فردية من أصحابها لتنظيم أنفسهم، ولكن للأسف لم يجدوا أي اهتمام أو رعاية من مؤسسات المعارضة الرسمية، وبالتالي لو افترضنا سقوط النظام الآن، وبعد انقطاع هؤلاء حوالي عشر سنوات عن العمل، ألم يصبحوا غير مؤهلين للعودة مجدداً الى وظائفهم لإعادة بناء المؤسسات؟

أما السيناريو الثاني المتوقع فهو السقوط المفاجئ للنظام وانهياره لأي سبب داخلي، وهنا فإن الحديث عن هذا الاحتمال يدخلنا في عالم التنجيم والفرضيات التي قد يصيب بعضها ويخطئ أكثرها.

الاحتمال الأكبر أنه في الساعات الست الأولى ستعم فوضى عارمة أنحاء البلاد، وخاصة الواقعة تحت سيطرة النظام، وربما نشهد انهياراً لمؤسسات الدولة وتفكك المؤسسة العسكرية والأمنية وانطلاق عمليات واسعة لتصفية الحسابات، إلا إذا كانت هذه المؤسسات قادرة على الدفع بشخص يستطيع الإمساك بزمام الأمور، وربما مجهز مسبقاً.

في الساعات الست التي تليها سنشهد ردود أفعال إقليمية ودولية مبهمة وغير واضحة المعالم. فينا الساعات التي تليها ستكون حالة من الترقب الشعبي أمام مصير غير واضح ويبدأ السؤال يتبلور أكثر: ماذا سنفعل؟

الساعات الأخيرة من اليوم ربما تتوضح الأمور عبر خارطة طريق مبدئية تنتج عن اتصالات ومشاورات سريعة بين العواصم الفاعلة في المشهد السوري مع هياكل المعارضة والمتنفذين من أقطاب النظام الذين لم ينقطع تواصل تلك العواصم التي لا تترك الأمور للصدف، معهم.

في كل السيناريوهات التي تم ذكرها هل سيكون هناك دور لمؤسسات المعارضة والمنشقين عن الجيش والشرطة والأجهزة الامنية وغيرهم من العاملين في الدولة، وخاصة أن أغلبهم أصبح في مناطق متباعدة خارج البلاد؟

ماذا سيكون دور دول الجوار الفاعلة على الساحة السورية والتي لها قوات على الأرض؟ ما هو موقف روسيا وإيران وهل سنشهد صراع بينهما وكيف سينعكس ذلك على انتقال السلطة؟

هل الحديث في الآونة الأخيرة عن تشكيل مجلس عسكري من ضباط منشقين وآخرين من النظام يدخل في حسابات هكذا سيناريو؟

احتمال حدوث الانهيار المفاجئ وارد جداً في ظل الأزمة الاقتصادية القاسية التي يعيشها النظام الآن، وهذا الاحتمال يستدعي من المعارضة أن تكون في حالة جهوزية وتضع استراتيجية متكاملة من أجل هذه اللحظة، فقد فاتنا الكثير ولكن الوقت دائماً متاح للتفكير والعمل، إذا وُجدت الإرادة، بإطلاق مبادرات ومشاريع تعالج هذا الخلل الخطير وأن لا نترك الأمور للصدفة بما يضمن أن نكون مؤثرين وفاعلين، لا أن نعمل بردود الأفعال.

من الأمور الضورية أن نتواصل مع الجميع، ونرسم خارطة طريق ونعمل على فرز جميع الكوادر العسكرية والمدنية، أقله على الورق، كل حسب اختصاصه، وتوزيع المسؤوليات ضمن مؤسسات الدولة بشكل نظري تحضراً لتلك الساعات.

لطالما تساءل المجتمع الدولي عن البديل للأسد، فهم يتحدثون عن دولة ذات موقع جيواستراتيجي غاية في الأهمية، تشكّل عقدة ربط بين القارات الثلاث، آسيا واوربا وأفريقيا، إضافة إلى وجود الكيان الصهيوني على حدودها، والذي يخشى من تشظي هذا الجسم السوري في حال أفلتت أدوات الصراع من أيدي اللاعبين الدوليين.

نحن كسوريين نعتقد بل متأكدين أن سوريا زاخرة بالشخصيات الوطنية والكوادر القادرة على إدارة البلاد في حال توفر دعم من هذا المجتمع الدولي الذي ترك الشعب السوري يواجه القتل والتدمير والاعتقال والتهجير على مدى عقود من الزمن، لكن أهم الأسئلة هي: هل لدى المجتمع الدولي الرغبة الحقيقية بتوفير هذا الدعم للشعب السوري للنهوض من تحت ركام الحرب وبناء سوريا ديمقراطية مدنية تعددية لكل السوريين؟

المدن

—————————

عن أوان الأسد وانتخاباته/ موفق نيربية

يبدو أن بشار الأسد لم يستطع مقاومة رغبته بتقليد فلاديمير بوتين في دخوله الكرملين كقيصر قديم، ليستعرض مشيته الفخورة على السجادة الحمراء وحيداً، حتى وصل إلى حيث أقسم يمينه الدستورية. وقد قام الأسد بمشهد يشبهه، حين استجلب أعضاء مجلس الشعب إلى القصر الجمهوري، ليقسم يمينه أمامهم، بعد يمين بوتين وفيلمه الوثائقي المعروف بعامين، في 16/7/2014.

الآن، يريد تكرار تلك الانتخابات، خلال فترة تبدأ بعد يومين في السادس عشر من إبريل/ نيسان الجاري، وتنتهي بعد شهر. ولا يبدو أن العالم يعير الأمر اهتماماً كافياً مؤخراً، ليبدو وكأنه اقتنع بنصيحة من اقترح تجاهله واحتقار مسرحيته، أو ربّما انشغل الناس بمشاغل أكثر أهمية وراهنية، مثل موجة الوباء الثالثة، وجدول أعمال الإدارة الأمريكية الجديد المزدحم، خصوصاً فيما يخصّ إيران ومسار الاتفاق النووي، وأوكرانيا وتوتّر حدودها مع روسيا، ولولا إحساسهم بالقهر، لعلّ السوريين أيضاً كانوا سيتجاهلونه.

من حقّ العالم كذلك أن يمسك قلبه بيده، حين يتذكّر كيف ترافقت الانتخابات السابقة مع حصار «داعش» للموصل ثم دخوله إليها واغتنامه 2300 سيارة رباعية الدفع، شكّلت جزءاً مهماً من بنيته التحتية العسكرية لاحقاً. ولا تتوفّر للنظام حالة تخيف الآخرين ويختبئ وراءها كتلك حالياً، إلّا إن جاءت عن طريق توتّر باهرٍ يتعلق بإسرائيل أو إيران وحزب الله، أو أوكرانيا والبحر الأسود.

أصبح عادياً القول إن شرعية الأسد تآكلت حتى الاهتراء، ولكن ذلك لا يؤثّر في شهيّته وحماسة زوجته، التي حاولت مؤخراً الدفع نحو تطبيقات إلكترونية للزكاة، تُدخلها في مسارات النظام المالية، وتحاول الاستثمار في شهر رمضان. اختلطت تلك الشرعية باستبداد وفساد، وإجرام بحق الإنسانية لعقود عديدة، ثم تدهورت بشكل لولبي مع قتل مئات الألوف وتشريد الملايين، عندما اعتدت على حقوق أكثر من نصف سكان البلاد في حياتهم ووطنهم، أولئك السكان أنفسهم الذين كانوا سيمارسون حق الانتخاب، أو المقاطعة، والذين يجعل غيابهم أي انتخابات باطلة.

تلاشت حتى الشرعية الشكلية، رغم بقائه خارج القضبان وبعيداً عن المحاسبة عمّا هو مسؤول مباشرة ومن دون أيّ شك. وجرائمه باعتقال مئات الآلاف، وقتل عشرات الآلاف تحت التعذيب، إضافة إلى قتل قواته والميليشيات التي اصطنعها، أو استقدمها من خارج البلاد لمئات الآلاف أيضاً وتعويق أضعافهم، وتدمير بنية البلاد التحتية واقتصادها وتعليم أبنائها، وتدمير ما كان قد بقي من تماسك في نسيج المجتمع السوري، الذي انتشر جائعاً في البلاد أو شريداً في أصقاع الأرض.

وفوق ذلك كله، فقد النظام بشكل عملي شرعيةَ إجراء انتخابات، وهو رسمياً في سياق عملية سياسية تخضع للقانون الدولي، يتمّ من خلالها وضع دستور جديد، سيكون مرجعاً لأي انتخابات لاحقة. ويشكّل النظام طرفاً في تلك العملية لا يحقّ له القفز من فوقها، وتجديد رئاسته التي يريد لها أن تكون أبدية كما اعتاد قبل المحرقة.

أصبحت سوريا ثلاثة أقاليم الآن، تتفرّع منها أقاليم أخرى غير واضحة المعالم بشكل قاطع. أكبر تلك الأقاليم نظرياً هو ما يقع تحت سلطته، المتداخلة مع سلطات إيرانية وروسية، وسيطرة عشرات الميليشيات المحلية والمستوردة، التي لا تعدو كونها عصابات تتداخل مصالحها وتتعارض حسب الوقائع اليومية. أكبر تلك العصابات يتمثّل بالفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، وحزب الله الذي لم يحسم أمره بعد ويحمل متاعه ويرحل. في ذلك الإقليم، بقايا الدولة التي أفشلها الأسد، وأوصل سكانّها إلى حدود المجاعة، بعد أن قام بتحطيم اقتصادها ونهبه، وتحويلها إلى نموذج لا يمكن تبيّن ملامحه، ولا مقارنته مع غيره في التاريخ الحديث. الإقليم الثاني في إدلب وحتى الحدود مع تركيا شمالاً وغرباً، تتداخل فيه سلطات الأمر الواقع الخاضعة للنفوذ التركي بشكل كامل، أو بشكلٍ جزئي، كما هو الأمر مع هيئة تحرير الشام. ما يسود تلك المنطقة من واقع عسكري واقتصادي واجتماعي وثقافي، يجعل مهمة الذين سوف يقومون بإعادة لحمة البلاد صعبة جداً في المستقبل القريب أو البعيد. الإقليم الثالث فريد وجديد في نوعه أيضاً، في شمال شرق سوريا، حيث تسيطر الولايات المتحدة بظلّها الثقيل، ودعمها لسلطات الأمر الواقع أيضاً هناك، التي أقامت نظاماً تجريبياً للسلطة والإدارة من دون استشارة أحد. هنالك تداخل غريب في تلك المنطقة ما بين وجود رسمي وإداري للنظام، ووجود عسكري تركي في شريط عريض على الحدود، إضافة إلى وجود روسي يقوم بدور الميسّر أحياناً، ليكسب المزيد من النفوذ ويلعب به ألعاباً رابحة أخرى. في ذلك الإقليم أفضلية نسبية على غيره، بوجود شكلٍ» مدني» وبعض الحرية والحياة، ممتزج بممارسة شمولية ويسارية، وروح عسكرية متغلّبة وقادرة على القمع، وعلاقة لا تقتصر على الأمريكيين، وتتعدّاها إلى حيث معسكرات حزب العمال، العدو الأكثر عدائية للحكومة التركية، والأكثر استهدافاً من قبلها.

من الإقليم الأول الذي تسيطر فيه سلطة الأسد رسمياً، تتفرّع منطقة، أو إقليم رابع غير محدد الحدود أو الملامح في المحافظات الجنوبية، حيث تتداخل قوى النظام والروس والإيرانيين والمعارضة، التي لم تُهزم إلّا جزئياً، إضافة إلى معارضة من نوع مختلف أيضاً في جبل العرب، الذي بقيت له بعض استقلاليته، رغم تبعيته رسمياً إلى دمشق. تهيمن في هذا الإقليم كذلك ظلال إسرائيل الغامقة، التي يحسب الجميع حسابها وحساب مصالحها، إلّا إيران بالطبع. هنالك» أقاليم» أخرى تشكلها ملايين تشرّدت ولجأت هنا وهناك، ولن تكون لها أيّ علاقة مع شيء يخصّ الأسد ونظامه. ولكن الناس على الأرض بدورهم، ليس في المناطق البعيدة عن سيطرة النظام وحسب، بل حتى في تلك التي تخضع له نظرياً، لن يكون لديها من الوقت – بمعظمها في أزمتها الخانقة، حتى بين من يوالون الأسد، أو يلوذون به – ما تعطي فيه اهتماماً لتلك المهزلة. فأيّ انتخابات يا رجل؟ وأنت لا تستطيع جمعاً أو طرحاً، في انتظار أن تحين ساعة الجدّ ويختمر العجين وتنضج القوى المتصدّية للأمر في المقدمة على نار قوية وهادئة.. تلك الساعة ستكون ساعة الحساب والمحاسبة أيضاً. لن يكون الخيار سهلاً ما بين إجراء تلك الانتخابات الصورية المهزلة، أو تأجيلها بذريعة ما، يمكن أن تكون ظروف الوباء مثلاً؛ وفي الحالتين سيقع النظام في حرجٍ شديد يزيد من ضعفه وتهافته. وممّا يبدو على السطح، يرى المراقبون تكراراً كوميدياً للاستفتاءات القديمة، تقودها زوجة الأسد في ما يبدو، التي تدفع باتّجاه الانتحار بعد أن فقدت كلّ أوراقها أيضاً، ودخلت في نادي الذين تشملهم العقوبات وتلاحقهم المساءلة والمحاسبة.

لم يعد هنالك وقت كافٍ لأن يقنع الروس الأسد بالتنحّي جانباً قبل الانتخابات، وليس من مؤشّرات على مثل ذلك الميل لديهم حتى الآن أيضاً، وخصوصاً بعد فتحهم لجبهة مناوشات دولية جديدة، وتوتّر استراتيجي في أوكرانيا غير معروفة الأفق. وكذلك تنشغل إيران بقوة ما بين انتخاباتها الرئاسية، وتطورات المفاوضات حول الاتفاق النووي، وتتفاعل الساحة العراقية بشكل أكثر من السابق، بحيث يمكن أن تؤدّي إلى قطع طريق إمداد دمشق – وبيروت – البرّي بالسلاح، كما تزداد الحالة اللبنانية حرجاً واستنفاراً لتشغل حزب الله ومشغّليه. وقد قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدوره كذلك بخطوة على طريقة الأسد مؤخراً، ليتيح لنفسه تمديد رئاسته إلى «أَبَدِه» الخاص، الأمر الذي يبدو أنه إغراء» أبدية» خامنئي، الذي يكتفي بتطبيق مبدأ الفترتين على روحاني وإخوانه من الرؤساء. وسوف يزيد هذا من انجذاب الأسد إلى إجراء الانتخابات، ويدخله في الورطة التي تجعله ينسف العملية السياسية الجارية، والقرار الدولي 2254، واللجنة الدستورية، كلّها بضربة واحدة. ذلك كلّه يمكن أن يخدعه ليحسب العالم منشغلاً قد نسيَه حيث هو، إلّا أن المظاهر قد تخدع كثيراً.

كاتب سوري

القدس العربي

——————————

لعبة التذاكي لدى النظام السوري/ خيرالله خيرالله

بعد ما يزيد على أسبوع من نشر فريدريك هوف مقاله عن سعيه في مرحلة معيّنة كمبعوث للإدارة الأميركية إلى تحقيق سلام بين سوريا وإسرائيل، لم يصدر عن الجانب السوري أي نفي لما ورد في المقال أو توضيح له. كان عنوان المقال كافيا كي يكون هناك رد على هوف. كان العنوان “الأسد: مزارع شبعا سورية، بغض النظر عمّا يدّعيه حزب الله”.

في المقال الطويل الذي نشره موقع “نيولاينز ماغازين”، وهو جزء من كتاب سيصدره هوف قريبا، تفاصيل دقيقة عن جهوده للتوصل إلى سلام بين سوريا وإسرائيل. كذلك فيه جانب من محاضر للقاءات بينه وبين بشّار الأسد الذي فاجأه في جلسة عقدت يوم 28 شباط – فبراير 2011 في “قصر تشرين”، وهو قصر الرئاسة السوري، بكلام صريح ومباشر عن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا التي يعتبرها “حزب الله” أراضي محتلّة. اعتبرها كذلك كي يبرر الاحتفاظ بسلاحه تحت شعار “المقاومة”.

مؤسف، بل محزن أنّ ما تبيّن منذ العام 2000، تاريخ انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان تنفيذا للقرار الرقم 425 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة، في العام 1978، هو استخدام “حزب الله” ذرائع من أجل الاحتفاظ بسلاحه. هذا السلاح الذي ليس سوى سلاح موجّه إلى صدور اللبنانيين الآخرين العزّل.

مؤسف ومحزن أكثر استفاقة بشّار الأسد في 2011 على أنّ مزارع شبعا سوريّة. لماذا لم يوضح ذلك ويؤكده منذ البداية. لا تفسير منطقيّا للأمر سوى الخدمات المتبادلة بين “حزب الله”، أي إيران، من جهة والنظام السوري من جهة أخرى. خدمات متبادلة ذهب ضحيّتها لبنان وجنوب لبنان.

قال هوف في مقاله “لقد شرح الرئيس الأسد أمامي، كيف أنّ حزب الله اللبناني مصرّ على الاحتفاظ بسلاحه، لأنّ هناك – حسب رأيه – بعض الأراضي اللبنانية التي لا تزال محتلة (…) ومنها مزارع شبعا، وتلال كفرشوبا. إنّ رأي حزب الله ليس صحيحاً أبداً، لأنّ الأراضي التي يتحدث عنها الحزب في المزارع والتلال هي أرض سوريّة”. يضيف هوف “فوجئت بكلام الأسد”. ويشدّد على أنّه حرص على كتابة أن بشّار كان “حازماً وبعيداً عن التلعثم ما يدل على ثقة بالنفس، وأنّ لا مساومة في هذا الأمر”. ويذكّر “أنّ ما قاله بشار الأسد في هذا اللقاء في ما يتعلّق بمزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ليس إلاّ القليل من الحديث الطويل الذي دار بيننا. لقد كان التشديد على أمر واحد فقط، هو كيفية إعادة الأراضي السورية التي احتلتها إسرائيل في العام 1967 في حرب حزيران – يونيو. وأكد الأسد في اللقاء المذكور، أنه في حال إعادة هذه الأراضي المحتلة، فإنّ سوريا مستعدة لفك تحالفها مع إيران. ليس هذا فقط، بل أنّ سوريا ستكون عندئذ مستعدّة لتفرض على لبنان توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل”.

بين السنتين 2000 و2011 لعب النظام السوري لعبة يمكن وصفها بلعبة التذاكي. قامت تلك اللعبة على التسريب في وسائل الإعلام أنّه يعترف بأنّ مزارع شبعا لبنانية. فعل ذلك من منطلق الشراكة مع “حزب الله” في لعب ورقة الجنوب اللبناني وتبادل الأدوار بينهما. لم يقدم يوما على خطوة تترجم تسريباته عن أن المزارع لبنانية. كان مطلوبا منه تقديم مذكّرة رسميّة إلى الأمم المتحدة في هذا الشأن. لم يفعل ذلك كي يتمكن لبنان من استعادة المزارع.

ليس سرّا أن مزارع شبعا احتلت في العام 1967 وكان فيها الجيش السوري. حصل ذلك في موازاة احتلال إسرائيل للجولان. ما لا بدّ من التذكير به هو أن لبنانيين يملكون الأرض، لكنّ الذي حصل أنّ الجيش السوري تمركز فيها منذ العام 1956 بحجة مكافحة التهريب من جهة وضرورة التصدي لإسرائيل من جهة أخرى. كان ذلك في مرحلة العدوان الثلاثي على مصر.

خلاصة الأمر أنّ أهمّية مقال فريدريك هوف تكمن أوّلا في كشفه أن النظام السوري لم يرد يوما استعادة الجولان. كلّ ما أراده هو المتاجرة بالجولان الذي احتلّ في العام 1967 عندما كان حافظ الأسد وزيرا للدفاع. لا يزال احتلال الجولان قضيّة غامضة، لكن الأكيد أن الإعلان عن سقوط الهضبة قبل أن تحتلّها إسرائيل لم يكن بريئا.

أمّا الأهمّية الثانية للمقال، فهي تتمثّل في أن من الخطأ الاعتقاد أنّ هناك تمييزا بين نظام “الجمهوريّة الإسلامية” في إيران ونظام بشّار الأسد. يستطيع الرئيس السوري قول ما يشاء، لكنّ مرجعيته في نهاية المطاف هي في طهران. هذا ما لم يدركه الجانب الروسي في يوم من الأيّام. لم يدرك ذلك ولن يدركه في غياب الرغبة في الاعتراف بأنّ كلّ ما فعله في سوريا، منذ اندلاع الثورة الشعبيّة فيها قبل عشر سنوات، صبّ في خدمة إيران. لا يمكن لوم موسكو على ذلك ما دامت لم تستوعب منذ البداية تغطية النظام السوري، وحتّى مشاركته، في تنفيذ عملية اغتيال رفيق الحريري. بعد صدور حكم المحكمة الدوليّة لم يعد سرّا من اغتال رفيق الحريري ورفاقه وظروف الاغتيال.

يمكن التوقف عند تفاصيل أخرى في مقال هوف، تفاصيل يصلح كلّ منها لفكرة مقال. لكنّ الأهمّ من ذلك كلّه أنّ المقال يوحي بشكل عام بأنّ هناك غيابا لأيّ ثقة جدّية لدى الإسرائيليين في بشّار الأسد. قد يكون ذلك عائدا إلى معرفتهم بأن النظام السوري لم يرد يوما استعادة الجولان. لو كان جدّيا في ذلك، لما كان اعترض على استعادة مصر سيناء، ولا اعترض أصلا على زيارة أنور السادات للقدس. لم يكن لدى مصر وقتذاك من خيار آخر غير التفاوض من أجل استعادة سيناء وما فيها من نفط وغاز…

في النهاية، ما حصل في سوريا ابتداء من آذار – مارس 2011، بعد أقل من شهر من الاجتماع الذي انعقد بين بشّار الأسد وفريدريك هوف وما دار فيه من تبادل للآراء، يكشف أنّ الانفجار السوري كان طبيعيا. كان أكثر من طبيعي بعدما مارس النظام لعبة تقوم على التذاكي ولا شيء آخر غير التذاكي باستثناء استخدام الإرهاب وسيلة لابتزاز العرب وغير العرب… وحتّى أميركا!

إعلامي لبناني

العرب

—————————–

ماذا بعد إقرار الأسد بسورية المزارع؟/ شارل جبور

ما أكّده رئيس النظام السوري بشار الأسد للديبلوماسي الأميركي فريدريك هوف في لقاء بينهما عُقد في 28 شباط 2011، بأنّ «مزارع شبعا وتلال كفرشوبة سورية» يؤكّد المؤكّد، بدليل رفض هذا النظام تقديم الوثائق التي تثبت لبنانيتها على رغم المطالبات اللبنانية الرسمية وغير الرسمية المتكرّرة بذلك.

يعرف «حزب الله» جيداً حقيقة الموقف السوري من مزارع شبعا، ولكنه أخفاه على اللبنانيين لأكثر من 20 عاماً من أجل ان يحتفظ بسلاحه خلافاً للدستور، والتذرّع بأنّ مهمته لم تنته بالانسحاب الإسرائيلي في العام 2000. ولكن من يحاسب الحزب على سلوكه الذي فجّر انقساماً داخلياً عمودياً لم ينته بعد، وجرّ لبنان إلى حرب في العام 2006 أدّت إلى تدمير نصف البلد وخسائر بشرية ومادية لا تعدّ ولا تُحصى؟ وكيف يجب التعاطي مع هذا الحزب من الآن فصاعداً؟ وهل يمكن اعتبار الأسد، الذي أسرّ بكلام إلى ديبلوماسي أميركي أخفاه على اللبنانيين، بأقل من عدو للبنان؟ وما الإجراءات التي على الدولة اللبنانية المباشرة بها واتخاذها سريعاً بعد هذا التطور؟

قد يقول قائل انّه لا يفيد بشيء إثبات سورية مزارع شبعا، لأنّ «حزب الله» لن يسلِّم سلاحه للدولة سوى بقرار إيراني، وقام أساساً بربط سلاحه بتوازن الرعب مع إسرائيل، متحدثاً عن كونه مصدر قوة للبنان، وسلاحاً رادعاً لأطماع تل أبيب، وإلى آخر هذه المعزوفة المملة التي زاوجت بين تحرير المزارع والدفاع عن لبنان من أجل تعزيز حجج الاحتفاظ بالسلاح، ولكن على رغم ذلك، فإنّ الدولة مطالبة بالتحرك لحسم هذه الإشكالية لمرة أخيرة ونهائية، من خلال استدعاء السفير السوري في لبنان ووضعه أمام خيارين لا ثالث لهما، إما تأكيد ما أورده هوف على لسان الأسد، وفي حال تأكيده يعود إلى الدولة التسليم بسورية المزارع، او الدخول في نزاع قانوني دولي حسماً لهويتها، وإما نفيه والتأكيد على لبنانية المزارع، الأمر الذي يستدعي مطالبته بمراسلة الأمم المتحدة فوراً بالأمر لتحويلها إلى لبنان بشكل رسمي.

وبالتوازي مع استدعاء السفير السوري، على الدولة التعامل مع كلام هوف كوثيقة دولتية، واعتبار المزارع خاضعة للقرار 242، بانتظار إثبات هويتها القانونية، في حال قرّرت عدم التسليم بسوريتها، والدعوة إلى طاولة حوار لحسم الاستراتيجية الدفاعية التي يجب ان تستند حصراً إلى ركيزتي الدولة والقرارات الدولية.

فما كشفه هوف يجب ان يُعيد النقاش إلى المربّع الأول، اي سلاح «حزب الله» ودوره، وخصوصاً انّ هذا الكشف تزامن مع محاولة استيلاء سورية على مساحة بحرية لبنانية، من خلال التوقيع على عقد مع شركة روسية للتنقيب عن النفط في بلوك بحري متداخل في شمال لبنان، ويصل النزاع الحدودي البحري فيه إلى حوالى 1000 كيلومتر مربّع، الأمر الذي يستدعي من الدولة ألّا تكتفي بمعالجة هذه الإشكالية المستجدة التي تستدعي معالجة جدّية طبعاً، إنما الاستفادة منها والتأسيس عليها للعودة إلى القرار 1680 الذي ينصّ على ضرورة تحديد الحدود المشتركة بين لبنان وسوريا.

وفي الوقت الذي يرفض فيه النظام السوري ترسيم حدوده مع لبنان لاعتبارات أيديولوجية تتعلق بعدم اعترافه بالدولة اللبنانية، واعتباره انّ لبنان هو جزء من سوريا، يواصل «حزب الله» مناوراته، ليس فقط بادّعاء لبنانية مزارع شبعا، إنما أيضاً بإدخال النزاع الحدودي البحري مع إسرائيل جنوباً في مبالغات بحقوق لبنانية مخالفة لاتفاق الإطار الذي كان أعلنه الرئيس نبيه بري، وكل ذلك بهدف نسف المفاوضات من باب تقني لا سياسي، فيتلطّى بالتقني لإسقاط الترسيم سياسياً، لأنّه لا مصلحة له برفض الترسيم لاعتبارات سياسية تضعه في مواجهة مباشرة مع واشنطن.

ومعروف انّ الحزب لا يمكن ان يقبل بالترسيم لا البري ولا البحري، لأنّ الترسيم يُسقط ذريعته بالمقاومة، ما يعني انّ هذا الملف سيواصل دورانه في الحلقة المفرغة نفسها، ولن يخرج عن سياق عملية الإلهاء السياسية والإعلامية القائمة، فما يكاد يتقدّم حتى يتراجع إلى النقطة الصفر، لأن لا قرار بحسمه بسبب ان ترسيم الحدود مع إسرائيل ممنوع إيرانياً، كما انّ ترسيم الحدود مع سوريا ممنوع بعثياً، ويستحيل ان تتخلّى طهران عن هذه الورقة قبل ان تصل إلى تسوية شاملة مع واشنطن حول النووي والباليستي ودورها في المنطقة، فيما النزاع الحدودي بين لبنان وإسرائيل يبقيها في صلب الصراع مع تل أبيب.

فالحدود اللبنانية مع إسرائيل ممسوكة من إيران لاعتبارات لها علاقة بالدور الإيراني في المنطقة، فيما يتولّى «حزب الله» مهمة تغطية القرار الإيراني بحجج تقنية وعرقلة داخلية. وأما الحدود اللبنانية مع سوريا فممسوكة من قِبل نظام الأسد لاعتبارات أيديولوجية تتمثل برفضه الاعتراف بنهائية لبنان واستقلاله وسيادته، وما بين اعتبارات النظام الإيراني واعتبارات النظام السوري، ضاعت السيادة اللبنانية.

وفي موازاة المناورة التي سيواصل كل من النظام السوري و»حزب الله» اتباعها رفضاً لتطبيق القرارين 1680 و1701، وعلى رغم القناعة التامة بأنّ الترسيم لن يتحقق لا شمالًا ولا جنوباً، وانّ كل ما يحصل وسيحصل لن يخرج عن سياق المناورة السياسية، إلّا انّ هذا المعطى لا يعفي القوى السيادية من ثلاث خطوات متلازمة:

الخطوة الأولى، تحميل رئيس الجمهورية والحكومة المستقيلة والأكثرية النيابية، مسؤولية مخالفة الدستور وانتهاك السيادة، ومطالبتهم بضرورة تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة: 1559، 1680 و 1701.

الخطوة الثانية، دعوة المجتمع الدولي عموماً وواشنطن خصوصاً إلى وقف أو تعليق اي تفاوض حول الحدود البحرية المتنازع عليها مع إسرائيل، لأنّ «حزب الله» يستفيد من هذه المفاوضات التي لن تصل إلى اي مكان، كما مطالبة الأمم المتحدة بتخيير لبنان بين تطبيق القرارات الدولية او سحب القوات الدولية من الجنوب.

الخطوة الثالثة، الدفع قدماً بدعوة البطريرك الماروني إلى عقد مؤتمر دولي، من أجل ترجمتها على أرض الواقع، لأنّ لا حلّ للأزمة اللبنانية سوى من خلال مؤتمر من هذا النوع. وجاء النزاع الحدودي القديم-الجديد ليضيف مسوِّغاً إضافياً على ضرورة انعقاد هذا المؤتمر: انهيار مالي، حدود سائبة، سيادة منتهكة، دولة فاشلة…

فلم يعد الترقيع يجدي نفعاً، خصوصاً بعد ان خسر لبنان كل وضعيته ومقوماته، وجاءت رواية هوف لتكشف حقيقة نيات محور الممانعة بكل فصائله حيال اللبنانيين، وتثبت استحالة ان يعرف لبنان الراحة ما لم يتمّ وضع حدّ نهائي للتواطؤ السوري-الإيراني ضدّ لبنان واللبنانيين. ورواية هوف ما هي سوى إدانة إضافية لهذا المحور ما فوق سياسية، وتُضاف إلى سجله في إبقاء لبنان ساحة مستباحة لأغراضه ومصالحه وأهدافه.

جريدة الجمهورية

—————————-

المعابر الإنسانية في سورية: ورقة بيد الروس لمساعدة الأسد/أمين العاصي

تستخدم روسيا مسألة المعابر الإنسانية لإدخال مساعدات أممية إلى الداخل السوري كورقة لتعزيز سلطة النظام وإنعاش اقتصاده، مع عرقلتها مساعي من قبل الأمم المتحدة لإعادة افتتاح ثلاثة معابر كانت معتمدة، لتخفيف معاناة ملايين السوريين الخارجين عن سيطرة النظام في شمال سورية وشمالي شرقها.

وفي جديد هذا الملف، برز كلام لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، فولكان بوزكير، خلال زيارته إلى ولاية هاتاي التركية، أول من أمس السبت، مبدياً أمله في أن يزيد مجلس الأمن عدد المعابر لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الداخل السوري. وتفقد المسؤول الأممي خلال الزيارة مركز نقل المساعدات الإنسانية في بلدة ريحانلي “الريحانية” التابعة للولاية في جنوب تركيا. وفي معرض حديثه للصحافيين، أشار بوزكير إلى أن شمال غربي سورية يحتضن نحو 2.7 مليون سوري نازح يعيشون في ظروف إنسانية صعبة، موضحاً أن الجمعية العامة للأمم المتحدة ناقشت الملف السوري 3 مرات. وأضاف: “للأسف لدينا بوابة واحدة مفتوحة من أصل 4، لإيصال المساعدات الإنسانية الأممية إلى سورية، وأتمنى أن يرفع مجلس الأمن عدد هذه البوابات في أقرب فرصة”. وأعرب بوزكير عن دعمه لمناشدات ومساعي المجتمع الدولي في هذا الإطار، مشدّداً على أنه سينقل انطباعاته وملاحظاته التي تلقاها في الميدان إلى كل أعضاء الأمم المتحدة، متعهداً ببذل كل الجهود من أجل دفع مجلس الأمن الدولي لتغيير قراره، والسماح برفع عدد بوابات إيصال المساعدات الأممية إلى سورية.

وكانت الأمم المتحدة قد اعتمدت في عام 2014 آلية لتوزيع المساعدات التي تقدمها جهات ومنظمات دولية إلى السوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام عبر 4 معابر، تشرف على عملية التوزيع عبرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). وقوّضت روسيا والصين جهوداً أممية لتخفيف معاناة السوريين في مناطق سيطرة المعارضة، واستخدمتا منتصف العام الماضي حق النقض ضد مشروع قرار بتمديد التفويض الدولي للأمم المتحدة بإدخال المساعدات إلى سورية من دون إذن النظام عبر منفذين حدوديين مع تركيا، هما باب الهوى وباب السلامة. وكانت الدولتان استخدمتا حق النقض أيضاً في ديسمبر/كانون الأول 2019 بشأن مشروع قرار قدمته ألمانيا وبلجيكا والكويت، يدعو لتمديد توزيع مساعدات من الأمم المتحدة إلى 4 ملايين سوري لمدة عام.

وكانت تستخدم قبل هذا التاريخ أربع نقاط عبور لإيصال المساعدات: باب الهوى وباب السلامة، ونقطة الرمثا عبر الأردن ونقطة اليعربية عبر العراق. وتحاول موسكو استخدام ورقة المعابر إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام لتعزيز موقفه السياسي، في ظلّ محاولته إنعاش اقتصاده. وتتذرع موسكو بـ”السيادة السورية” لإغلاق المعابر الخارجة عن سيطرة النظام: باب الهوى، وباب السلامة بيد فصائل المعارضة، واليعربية بيد “قوات سورية الديمقراطية” (قسد). وفشلت روسيا الشهر الماضي في إقناع الجانب التركي بفتح معابر بين مناطق النظام والمعارضة في الشمال والشمال الغربي من سورية، في مسعى لم يُكتب له النجاح لتنشيط الحركة التجارية، كي يستفيد النظام من النقد الأجنبي ليوقف انهيار الليرة السورية. لذلك من المتوقع أن تعرقل موسكو تجديد آلية المساعدات الأممية عبر معبر باب الهوى، التي تنتهي في 11 يونيو/حزيران المقبل. مع العلم أن المساعدات الأممية تدخل أيضا إلى مناطق النظام السوري عبر معبر المصنع مع الجانب اللبناني.

وتعهد مانحون دوليون أواخر الشهر الماضي بجمع قرابة 6.6 مليارات دولار أميركي لمساعدة اللاجئين والنازحين السوريين في قطاعات مختلفة، في مقدمتها الصحة والتعليم والإغاثة الإنسانية. وسيكون جزء كبير من هذه المخصصات ضمن المساعدات الإنسانية الأممية عبر الحدود، والمهددة بتعطيل آلية التجديد لها من خلال روسيا في مجلس الأمن منتصف العام الحالي.

وأشار الباحث الاقتصادي في مركز “جسور” للدراسات خالد تركاوي، في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، إلى أن التعنت الروسي إزاء فتح المعابر الإنسانية “يأتي في سياق مواصلة حصار المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري”، مضيفاً أن “الروس يريدون التحكم بالأموال والمساعدات الإنسانية لتوزيعها كيفما يريدون لمصلحة النظام”.

من جهته، رأى المحلل العسكري العميد مصطفى الفرحات، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن الموقف الروسي إزاء الملف السوري برمته “واضح”، مضيفاً: “لو تمكنت موسكو لأخضعت كل الجغرافيا السورية مرة أخرى للنظام الأسدي”. وأضاف أن “أي شيء يضغط على السوريين الخارجين عن سيطرة النظام لإجبارهم على العودة إلى سلطة الأسد لن تترد موسكو في استخدامه، والمعابر الإنسانية جزء من الضغوط الروسية”. وكشف أن الجانب الروسي “يضغط من أجل إعادة السوريين إلى مناطق النظام”، مضيفاً: “لم يتوان الروس عن استخدام كل أصناف الأسلحة في قتل السوريين. منذ أيام قليلة تم استهداف سيارة تقل مدنيين بقرية الناجية في ريف إدلب الغربي ما أدى إلى مجزرة بحق عائلة كاملة، وسبق هذا الحادث استهداف الروسي لمشفى في بلدة الأتارب في ريف حلب الغربي”.

ونوّه الفرحات إلى “المعابر التي يُعلن فتحها من وقت إلى آخر لعودة السوريين من الشمال إلى مناطق النظام، لم يعبر منها أحد، لذلك يحاول استهداف كل أسباب الحياة في الشمال السوري”. وذكر الفرحات أن الجانب الروسي “يريد وضع يده على كل المعابر الحدودية السورية“، مشدّداً على أن “الروس يحاولون استغلال المساعدات الإنسانية الأممية لإسعاف النظام الذي يختنق بسبب العقوبات الدولية عليه نتيجة جرائمه ضد السوريين”. ورأى أن موسكو “فشلت فشلاً ذريعاً في سورية، فلم تستطع إخضاع السوريين عسكرياً وسياسياً، لذلك يحاول السيطرة على المعابر، لأنها الشريان الذي يمكن أن يعيد جانباً من الحياة إلى مناطق سيطرة النظام الذي يتعرض اقتصاده لانهيار متواصل”.

العربي الجديد

——————————

الكرد السوريون وواشنطن والمعارضة/ بشير البكر

الموقف الأميركي الأخير من المسألة الكردية في سوريا كان مؤشرا صريحا على تحول، يتمثل في دعوة الأطراف الكردية إلى تشكيل وفد موحد، يشارك في منصات المعارضة ومحادثات السلام السورية التي ترعاها الأمم المتحدة، على حد تعبير نائب المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا ديفيد براونستين، والذي عقد في الآونة الأخيرة عدة اجتماعات منفصلة مع قادة الأحزاب الكردية، ونقل سعي الإدارة الأميركية إلى إنجاح المحادثات، بهدف تشكيل وفد كردي موحد يضم، إلى جانب أحزاب المجلس الوطني الكردي، حزب الاتحاد الديمقراطي السوري، وأحزاب مجلس سوريا الديمقراطية.

ويأتي الموقف الأميركي في ظل عدد من التطورات. الأول هو، فشل الحوار الكردي بعد عام على انطلاقه، وحملّت قيادات من المجلس الوطني الكردي حزب الاتحاد الديموقراطي مسؤولية الوصول إلى طريق مسدود، وعدم تحقيق أي هدف من أهداف الحوار، وأوضحت أن هناك خمس نقاط لا تزال محل خلاف، ويصعب تجاوزها بسبب التصلب الذي يبديه قادة من حزب الاتحاد، وعلى رأسهم ألدار خليل القيادي في حزب العمال الكردستاني. وتتلخص النقاط الخمس في: مصير المعتقلين والمختطفين من أنصار المجلس الكردي لدى قوات سوريا الديموقراطية- سلة الحماية والدفاع، وعودة قوة «بيشمركة روج آفا» التابعة للمجلس الكردي المنتشرة في إقليم كردستان العراق المجاور- والعملية التعليمية والمناهج، والتي تمس جميع سكان مدن وبلدات شمال وشرقي سوريا، ولا تتوقف عند التعليم باللغة الكردية لمناهج غير معترف بها دوليا- وإدارة المنطقة من قبل الكرد السوريين، وشركائهم من المكونات الأخرى، بعيدا عن التدخلات الخارجية، والمقصود بهذا البند الدور الذي يلعبه حزب العمال الكردستاني، وهو الدور الأساسي، حيث يسيطر على قرار قسد السياسي والعسكري، وأحد شروط الحوار والتهدئة مع أطراف إقليمية ودولية هو ترحيل مئات من أعضاء وقيادات الكردستاني من سوريا- مطالبة قادة المجلس الكردي بأن تكون لهم المشاركة الفعالة في مؤسسات الإدارة الذاتية وهيئاتها.

والتطور الثاني هو، تعويل قوات سوريا الديموقراطية على دعم من قبل إدارة الرئيس جو بايدن، أكثر رسوخا، وأكبر من ذلك الذي كانت تتلقاه من إدارة ترامب، والذي تعتبر أنه مال إلى جانب تركيا في العامين الأخيرين من ولايته، وتمثل ذلك في تأييد عملية نبع السلام التي قامت بها أنقرة والجيش الوطني السوري في ريفي الرقة والحسكة، وانتهت بالسيطرة على مناطق حدودية استراتيجية مثل رأس العين في ريف الحسكة، وتل أبيض في ريف الرقة.

أما التطور الثالث فهو يتمثل في التجاذب الحاصل من حول مدينة عين عيسى بين كل من تركيا وقسد والنظام. وتدعم روسيا النظام من أجل استعادة المدينة، في حين تسعى تركيا لانتزاعها من سيطرة قسد. وساد التوتر الشديد بين تركيا وقسد في مطلع العام الحالي، وتأجلت المواجهة العسكرية بعد وساطات روسية، ولكن المناوشات لا تزال مستمرة. ويبدو أن مصير هذه المدينة مرهون بالموقف الأميركي، وحسب مسؤول في المجلس الوطني الكردي فإن السفير ديفيد براونستين نقل لهم حرص الإدارة الأميركية على إنجاح المحادثات الكردية، وأن تفضي هذه الجهود إلى إدارة شاملة، تضم مكونات وأحزاب شمال شرقي سوريا كافة، للانضمام في مرحلة لاحقة إلى منصات المعارضة السورية والهيئة العليا للتفاوض، والمشاركة في محادثات السلام الدولية الخاصة بحل الأزمة السورية. ونقل القيادي الكردي موقف واشنطن في حال تعثرت المحادثات، ولم يتم التوصل إلى توافقات سياسية، بقوله: “بتصورنا، فإن الجانب الأميركي، ومن لقاءاتنا المكررة، سيعيد النظر بدعمه للإدارة الحالية شمال شرقي سوريا، إذا لم تستطع أن تكون شاملة لكل مكونات المنطقة”.

تلفزيون سوريا

——————————

تدخل إيران العميق في سوريا/ فايز سارة

تعددت وتنوعت التدخلات الخارجية في سوريا في السنوات العشر الماضية، وإذا كانت التقديرات تذهب إلى قول، إنَّ التدخل الروسي كان أهم التدخلات الخارجية في نتائجه المباشرة، فإنَّ التدخل الإيراني هو الأهم في نتائجه البعيدة، وهو الأعمق والأكثر شمولية من أي تدخل آخر.

الفارق بين التدخل الإيراني وغيره من التدخلات، أنَّ الأول تواصل في إطار استراتيجية إيرانية بدأت قبل أكثر من أربعين عاماً مع بدء نظام الأسد الأب ونظام الملالي علاقاتهما عام 1979؛ مما فتح أبواب سوريا على وسعها لتدخلات إيرانية متعددة المجالات والمستويات، حيث اشتغل الإيرانيون عبر مؤسسات رسمية ودينية وشخصيات في كل ما استطاعوا من شؤون سياسية واقتصادية وثقافية من دون أن يغفلوا عن الاهتمام بالمجالات الأمنية والعسكرية، ولم تقتصر تدخلاتهم على المستوى الرسمي في علاقاتهم مع كبار المسؤولين والمؤسسات الرسمية، بل شملت النخبة السورية في قطاعاتها وصولاً للأوساط الشعبية، وعكست تدخلات إيران في سوريا شكل القبضة الناعمة لطموحات إيران في التمدد الإقليمي والذي أخذ أشكالاً عنيفة في بلدان المنطقة، كانت بين أسباب حرب الثماني السنوات بين إيران والعراق 1980 – 1988.

ورغم قوة العلاقات الإيرانية – السورية التي أسسها نظام الأسد وملالي طهران، فإنَّها شهدت جفوات وإشكالات، كان الجزء الأساسي فيها توجس حافظ الأسد من استغلال طهران لخواصر ضعف نظامه، كما بدت قضية تشييع شقيقه جميل الأسد وتشكيله جمعية الإمام المرتضى ذات التوجهات الإيرانية؛ مما جعل الجانبين يسعيان إلى معالجة الإشكالات، خاصة في ضوء تحول دمشق إلى بوابة لبعض علاقات ونشاطات إيران الإقليمية والدولية، حيث لعب نظام الأسد الأب دوراً في دعم علاقات طهران مع الفلسطينيين، ولا سيما حركتي «الجهاد» و«حماس» والجبهة الشعبية القيادة العامة، كما كان بوابة إيران إلى لبنان، وخاصة لجهة العلاقة مع حركة أمل، وفي تأسيس وصعود «حزب الله»، ولعب الأسد الأب دوراً في كسر حدة العداء العربي لإيران، وخاصة في حربها مع العراق، وكان وسيطاً مهماً في تأسيس وتطوير علاقات إيران مع الاتحاد السوفياتي السابق بعد وصول الملالي إلى السلطة عام 1979، وهي القاعدة التي تتواصل على أساسها علاقات إيران مع روسيا.

وشهدت العلاقات الإيرانية – السورية بعد وصول بشار الأسد إلى السلطة عام 2000، تطوراً ملحوظاً في ظل انفتاح أوسع للأسد على إيران، ومسايرة كل طموحاتها ومطالبها في سوريا، وقيامه بدعم ومساندة «حزب الله» في لبنان، وتوفير ممرات آمنة لاحتياجاته، وخاصة من الأسلحة والذخائر، إضافة إلى دعم سياسة إيران في العراق، وكلها أمور جعلت إيران شديدة الحماس لدعم الأسد في مواجهة ثورة السوريين منذ اللحظات الأولى للثورة، بخلاف ما أطلقته من مواقف حيال ثورات الربيع العربي الأخرى، وثمة شهادات ترددت بأن موقف إيران في دعم الأسد ضد السوريين وثورته، رسم الموقف النهائي لـ«حزب الله» اللبناني، ودفعه للتدخل الواسع في حرب النظام على السوريين.

لقد رفعت ثورة السوريين مستويات التدخل الإيراني في سوريا ووسعتها إلى أبعد الحدود، حيث لم يقتصر التدخل على إيران، بل شمل دفع ميليشيات من أفغانستان والعراق و«حزب الله» من لبنان، تخضع لأوامر طهران للمجيء والقتال في سوريا، ورغم أن دور الميليشيات تركز في الجانب الميداني، فإنه ساهم في خدمة التدخل الإيراني في جوانب أخرى، وساند المهمات التي قامت بها القوى العسكرية والأمنية، التي كانت واجهة إيران الأبرز في السنوات العشر الأخيرة في سوريا.

إن الموازي في المجريات، والأخطر في تأثيرها، تمثله تدخلات خفية، كانت الأقل ظهوراً للعيان، وتشمل سيطرة على المؤسسات الأهم في نظام الأسد، ولا سيما المؤسستين السياسية والعسكرية – والأمنية القابضتين على القرار وقوة تنفيذه، ولإيران سيطرة كبيرة عليهما من خلال رأس النظام ومعاونيه وكبار ضباط الجيش والأمن، وعبرهم تمد طهران أيديها إلى بقية المجالات، التي اشترى الإيرانيون مسؤولين وموظفين فاعلين فيها؛ مما يجعل تأمين المصالح الإيرانية في مؤسسات النظام أمراً مؤكداً، ويجري مراعاتها بصورة بديهية.

ولعل الجهد المبذول من الإيرانيين في أوساط النخبة والقطاعات الشعبية، ليس أقل مما يتم القيام به داخل مؤسسات النظام؛ لأن هذا المسار يمثل السند البديل والمستدام لإيران في سوريا فيما إذا ذهب نظام الأسد، وهو أمر يفكر فيه الإيرانيون؛ لأن الفطنة تفترض ألا يضع الإنسان البيض في سلة واحدة، كما يقول المثل الشائع. وتوفر العلاقة مع أوساط النخبة والقطاعات الشعبية امتداداً لحضور إيران فيها، بل وتطبيعاً لوجودها، وفتحاً لتوسع علاقاتها ومصالحها، أن المثال الأبرز في نتائج هذه العلاقة يبدو في السيطرة الإيرانية على غالبية الشيعة السوريين، وهو إحدى نتائج نشاط الإيرانيين، ومثله تمدد التشييع الفارسي في عدد من المناطق السورية.

ولئن كان النشاط الإيراني محدوداً في خريطته الجغرافية وفي قطاعاته في فترة ما قبل الثورة، فقد صار أشمل وأكثر تنوعاً في السنوات الأخيرة. ففي السابق كان الجهد الإيراني منصبّاً بشكل رئيسي في مدينة السيدة زينب جنوب دمشق، التي تحولت إلى مركز للتشييع الإيراني من خلال المقام والحوزات الشيعية والمقبرة، ثم توسع في دمشق القديمة بالكشف عن مقامات عدة، وشمل بلدات في ريفها القريب مثل داريا وعدرا وطريق الزبداني، حيث مقام النبي هابيل، وتمدد إلى أنشطة تعليم اللغة الفارسية ومعارض الكتب والفنون وأسابيع السينما، وجرى توسيع هذه الأنشطة إلى بعض المحافظات، منها مدينتا الرقة وحلب، حيث أحيى في الأولى مقام أويس القرني، وفي الثانية مشهد الحسين في جامع النقطة.

تمدد النشاط الشيعي الإيراني في السنوات الأخيرة أكثر، منتشراً في الجهات الأربع من مناطق سيطرة النظام، أعني المنطقة الشرقية، وخاصة خط الحدود السوري – العراقي في البوكمال، والمنطقة الشمالية ومركزه مدينة حلب، التي صار إيرانيون يشيعون، أنها كانت مدينة شيعية، والمنطقة الثالثة وهي المنطقة الجنوبية ومركزها دمشق وريفها وفيه مدينة السيدة زينب، ومنها تتوالى مساعي تمدد للتشييع نحو درعا والسويداء، والمنطقة الرابعة هي المنطقة الغربية، وثمة دأب إيراني متواصل لتأسيس وجود هناك، عبر ربط أبناء الطائفة العلوية بالشيعة الإيرانية، حسب فتوى إيرانية، صدرت في ثمانينات القرن الماضي، لكنه ولأسباب متعددة، فإن استجابة العلويين ضعيفة، وتحد من الطموح الإيراني.

انتشار النشاط الإيراني في سوريا، يشير إلى تعدد مجالاته، التي تتجاوز الأنشطة الشائعة والتقليدية من نشاطات تعليمية وثقافية، ومن نشاطات اقتصادية فيها استثمارات صناعية وزراعية وسياحية، ويجري فيها التركيز على أمرين، أولهما نشر التشييع الإيراني وسط الأفراد والعائلات وصولاً إلى العشائر، والآخر تشكيل ميليشيات تتبع إيران، وتكون بمثابة ذراع مسلحة وأمنية لها، وهذا لا يعزز قبضة إيران في سوريا اليوم فقط، بل أيضاً يجعلها قوة مؤسسة وحاضرة حتى لو خرجت قواتها وأجهزة مخابراتها وميليشياتها المتعددة الجنسيات، حيث سيوفر المنتمون إلى الطائفة الشيعية من السوريين والمنضويين منهم في ميليشيات تتبع إيران حالة تقارب المثال اللبناني، حيث يسيطر «حزب الله» على شيعة لبنان بعد أن اختطفهم ووضعهم في خدمة إيران ومشروعها في المنطقة.

الشرق الأوسط

——————————–

«إما أنا وإما الأسد»/ غسان شربل

هل مات لبنان؟ هل فقد مبررات وجوده بعدما أضاع دوره؟ هل ثمة فرصة جدية لترميم لبنان القائم على التعايش والتوازن والانفتاح أم أننا في الطريق إلى لبنان آخر ستحمل ملامحه آثار حروبه وحروب الآخرين فيه وعليه؟ هل يستطيع هذا الدم اللبناني الحار المتمثل في الشابات والشبان الغاضبين اختراع لحمة لبلد احترف الهشاشة منذ نعومة أظفاره؟ وهل يمكن ترميم البيت اللبناني وإعادة الاحترام إلى النوافذ والأبواب بحيث لا يبقى مشرعاً على كل أنواع الاستباحات أو الأحلام الانتحارية؟ وهل صحيح أن على اللبنانيين الاعتياد على لبنان آخر أشبه بمحافظة فقيرة لا تزعم دوراً أو ريادة أو اختلافاً؟ وهل صحيح أن لبنان قُتل مرة في حروب اللبنانيين وقتل دائماً في حروب الآخرين؟

لم يحدث أن خاف اللبنانيون على بلادهم وأولادهم كما يخافون اليوم. سرقت المنظومة الفاسدة مدخراتهم وشرذمت تحركاتهم وأيقظت كل أنواع الجروح لتديم فسادها وتسلطها وهيمنتها. يفر اللبنانيون من لبنان كأنه وباء يحدق بهم وبأطفالهم. هذا يهاجر أو يخطط للهجرة. وذلك يعجز فينقب في النفايات عما يسد الجوع. لم يحدث أن أُذِل اللبنانيون كما يذلون اليوم. مسرحية التدقيق الجنائي المتأخرة لا تعطي العهد ورقة تين. كان على ميشال عون أن يتصرف كرئيس منذ اليوم الأول. كان عليه ألا يدخل القصر عبر سلسلة من التعهدات المتناقضة والوعود والمحطات الغريبة. لا أحب السياحة في دفتر الجروح هذا. لكنني تذكرت أن يوم غد هو يوم ذكرى الشرارة الأولى لهذه الحرب التي قتلت الأجداد وتصطاد اليوم أحفادهم.

كان ذلك في 13 أبريل (نيسان) 1975. في منزله في بلونة (في قضاء كسروان) وقف جان عبيد يرحب بضيوفه. رئيس الحكومة رشيد الصلح وخالد جنبلاط وعباس خلف ومحسن دلول وتوفيق سلطان وجورج حاوي ومحسن إبراهيم وغيرهم. وواضح أن المأدبة كانت يسارية الهوى وغنية بالمقربين من كمال جنبلاط الذي لم يكن من حزب المآدب.

لم يكن البلد يرفل في حرير الاستقرار. تكشفت بوادر هشاشته حين اضطرت السلطة اللبنانية إلى توقيع «اتفاق القاهرة» في 1969 مع المقاومة الفلسطينية التي ستوسع هجرتها إلى بيروت بعد مواجهات 1970 في الأردن. ولم يكن سراً بعد أحداث 1973 في لبنان بين الجيش اللبناني والمنظمات الفلسطينية أن «الحركة الوطنية» اللبنانية بزعامة جنبلاط اختارت الذهاب بعيداً في الرهان على البندقية الفلسطينية لتعزيز حضورها في مواجهة السلطة اللبنانية. لكن لم يكن أحد يتوقع في ذلك الوقت أن تندلع في لبنان حرب بلا نهاية. حرب تتعدد فيها المعارك وتتبدل التحالفات وتتناسل الاغتيالات وتتعدد الجنازات. ففي يوم المأدبة، بدأ النهار باغتيال مرافق «كتائبي» لرئيس الحزب الشيخ بيار الجميل في محلة الشياح – عين الرمانة، أعقبته مجزرة استهدفت حافلة تقل فلسطينيين، بينهم عدد من المسلحين. في يوم المأدبة، اندلعت الشرارة التي ستشعل حريقاً يتظاهر بالانطفاء تحت وهج اتفاقات أو وساطات، لكنه يعاود الاشتعال، وها هو يقترب من مرحلة الدمار الشامل.

في مساء ذلك اليوم، ستهب الرياح الساخنة. روى جورج حاوي أن منظمات فلسطينية استعدت للرد على حادث الحافلة وأكدت رغبتها في اقتحام منطقة الأشرفية في بيروت – وهي معقل مسيحي و«كتائبي» – ما يمكن أن يؤدي إلى مجزرة واسعة في صفوف المدنيين. وقال حاوي إنه لم يكن ممكناً امتصاص هذا التوجه من دون خطوة سياسية كبيرة، وإنه بلور بالاتفاق مع محسن إبراهيم فكرة «عزل الكتائب» التي سيحمّلها كثيرون لاحقاً مسؤولية عسكرة الشارع المسيحي وتقدم ظاهرة الميليشيات فيه.

وإذا كان اللبنانيون انقسموا قبيل توقيع «اتفاق القاهرة»، فإنهم في 13 أبريل 1975 انقسموا وتحسسوا بنادقهم وبدأوا رحلة البحث عن حلفاء على استعداد لتزويدهم بالسلاح والمال. وسيعثر كل فريق على من يدعمه. ومنذ تلك الأيام سيصاب لبنان بأعطاب لم ينجح في الشفاء منها، على رغم «اتفاق الطائف» الذي وفّر سنوات من الاستقرار، قبل أن يتحرك خط الزلازل الإقليمي فيقتلع تمثال صدام حسين في بغداد ويبعثر أشلاء رفيق الحريري بعد عامين في بيروت. وإذا كان السلاح الفلسطيني المنظم غادر لبنان في أعقاب الغزو الإسرائيلي في 1982. فإن سلاحاً جديداً سيدخل المعادلة اللبنانية العاجزة عن استيعابه، وهو سلاح «حزب الله» الذي سيعيد وضع لبنان على خط الزلازل الإقليمي وشراراته الإيرانية. وكما انقسم اللبنانيون في السبعينات حول السلاح الفلسطيني ينقسمون حالياً حول سلاح «حزب الله».

يكاد لبنان يندثر بفعل النزاعات بين أبنائه والنزاعات عليه. فهل يستطيع الشباب اللبناني التصدي لأسباب الهشاشة الداخلية والوقوف في وجه الشراهة الخارجية؟ حاورت عدداً من الذين شاركوا في الغداء الشهير. اتفق معظمهم على أن لبنان دفع في السبعينات ثمن المواجهة بين حافظ الأسد وياسر عرفات. قالوا إن الأسد أراد وضع يده على لبنان للإمساك أيضاً بالقرار الفلسطيني واستخدام الورقتين لتعزيز موقع سوريا. وقالوا إن عرفات رفع شعار «القرار الفلسطيني المستقل» تعبيراً عن معارضته لدخول بيت الطاعة السوري. وتذكرت ما قاله لي حاوي عن رحلته إلى تونس لإقناع عرفات الذي كان أخرج من بيروت بزيارة دمشق. قال عرفات إن «بوابة الحل لا تتسع لاثنين، فإما أنا، وإما الأسد». وبعد سنوات طويلة، سيعترف محسن إبراهيم أن من بين الأسباب التي دفعت عرفات إلى قبول أوسلو، خوفه الدائم من أن يستيقظ ذات يوم فيرى إسرائيل وافقت على حل في الجولان فلا يبقى للمنظمة أي مكان في الحل. لقد قُتل لبنان في حروب اللبنانيين وحروب الآخرين.

الشرق الأوسط

—————————-

مراسيم الأسد:رسوم الاحوال المدنية..تستهدف اللاجئين

أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد مرسوماً تشريعياً يقضي بإعفاء السوريين من الغرامات المترتبة عليهم بسبب تأخرهم في تسجيل واقعات الأحوال المدنية أو في الحصول على البطاقة الشخصية أو الأسرية عن المدة المحددة قانوناً.

وبموجب نص المرسوم رقم 7 للعام 2021، يُعفى السوريون من الغرامات المترتبة عليهم المنصوص عليها في قانون الأحوال المدنية، لمدة ستة أشهر من تاريخ نفاذه.

واحتفت وسائل إعلام النظام ب”مكرمة الأسد” الجديدة، ونقلت صحيفة “الثورة” الرسمية عن مدير عام الأحوال المدنية في وزارة داخلية النظام أحمد رحال قوله إن المرسوم “يهدف إلى التخفيف من الأعباء المادية عن المواطنين السوريين المقيمين في الداخل والخارج”.

فيما اعتبرت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام أن المرسوم يساعد المواطنين على “تيسير” أمورهم ومعاملاتهم في الخارج وتسهيل “عودتهم” إلى البلاد، وخصوصاً الذين لم يتمكنوا من تسجيل واقعات الأحوال المدنية، نتيجة الأحداث التي مرت بها سوريا وخروج العديد من أمانات السجل عن الخدمة.

وعلى خلفية المرسوم، يوضح عضو هيئة القانونيين السوريين المحامي عبد الناصر حوشان أن قانون الأحوال المدينة يفرض غرامات مالية على السوريين تتراوح بين 5000-20000، في حال التأخر بإجراءات تسجيل الواقعات المدنية (زواج وطلاق وولادات ووفيات) خلال المدة القانونية المفروضة بموجب القانون.

ويوضح ل”المدن”، أن المرسوم ألغى غرامات التأخير فقط، وأبقى رسوم تسجيل الواقعات المدنية، المحددة ب300 ليرة عن كل وثيقة تصدر عن دائرة الاحوال المدنية، و1000 ليرة عند الحصول على البطاقة الشخصية، و2000 ليرة سورية عند الحصول على البطاقة الأسرية (دفتر العائلة).

والأجدر بحسب حوشان، أن يتم إلغاء رسوم تسجيل الواقعات أيضاً، إذا كان النظام يهدف فعلاً إلى تخفيف الأعباء المالية عن المواطنين، ويقول: “بالتالي لا يهدف النظام من هذا المرسوم إلا للتماهي مع الحراك الروسي الهادف إلى تحريك ملف عودة اللاجئين”.

وهو ما أكد عليه رئيس “الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين” المحامي فهد الموسى، معتبراً أن نظام الأسد يريد أن يعطي صورة مغايرة للواقع على الأرض بما يخص ملف اللاجئين.

ويقول الموسى ل”المدن”: “كل تحركات النظام تهدف إلى خدمة أجنداته، والغرض منها حسابات خاصة لا علاقة لها بمعاناة الشعب السوري، وهنا قد تكون الانتخابات التي يتحضر لها النظام على رأس حسابات النظام، إذ يريد النظام تصدير صورة أن الوضع في مناطقه بات جيداً، ولا عوائق أمام عودة اللاجئين والنازحين”.

ويؤكد أن النظام يريد تصوير سوريا على أنها بيئة آمنة، صالحة لإجراء الانتخابات، في الوقت الذي يعيش فيه ما لا يقل عن 11 مليون سوري خارج مناطق سيطرته، بين لاجئ في الشتات، ونازح في الشمال السوري، ونسبة كبيرة منهم لم يسجلوا في القيود المدنية السورية.

كما أن هذا المرسوم لن يسهم في حل مشكلة المكتومين، كما يوضح الموسى، لأن الخوف من الاعتقال والتنكيل وغيرها من الحسابات تمنع الأهالي من التوجه إلى مناطق النظام لتسجيل الواقعات المدنية، وليس الحسابات المادية المتعلقة بغرامات تأخير تسجيل الواقعات.

من جانب آخر، أكد الموسى أن السوريين ينتظرون مراسيم تتعامل مع ملفات المعتقلين والمغيبين قسراً في سجون ومعتقلات النظام السوري، لا مراسيم بدون مفاعيل.

لا يزال النظام السوري يتحدث بالعموميات، مبتعداً عن إطار الحل السياسي الذي من شأنه تخفيف عذابات السوريين في الداخل والخارج، وفي مقدمتها المعاناة الناجمة عن الأوضاع الاقتصادية المتردية.

المدن

——————————-

مبادرة لـ«صفقة شاملة» تعيد دمشق إلى «العمق العربي»/ إبراهيم حميدي

تضمنت خطوات لمواجهة «توغل» تركيا و«تغلغل» إيران في سوريا

ستكون القمة الثلاثية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في بغداد، بعد أيام، محطة رئيسية لاستكشاف نتائج الحراك الدبلوماسي الروسي لإعادة دمشق إلى جامعة الدول العربية، ونتائج مبادرة سورية سلمت إلى العاصمة العراقية، تضمنت خطوات لعودة دمشق إلى «العمق العربي»، ومواجهة «تغلغل» إيران في سوريا، و«توغل» تركيا شمالها.

الحراك الروسي شمل زيارة وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى القاهرة أمس، بعد جولته الخليجية قبل شهر، ولقاء ألكسندر لافرينييف مبعوث الرئيسي الروسي فلاديمير بوتين في دمشق الرئيس السوري بشار الأسد قبل يومين، بعد زيارة غير علنية قام بها لافرينييف إلى دول عربية.

– موقف روسيا

حثت موسكو دولاً عربية على إلغاء قرار تجميد عضوية دمشق في الجامعة العربية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، وعلى بلورة موقف عربي يعلن في القمة العربية في الجزائر. وبحث لافروف، خلال زياراته إلى السعودية والإمارات وقطر الشهر الماضي، هذا الملف، على أمل «بلورة موقف جماعي». وتعتقد موسكو أن الانتخابات الرئاسية السورية التي ستبدأ إجراءات إطلاقها لدى عودة مجلس الشعب (البرلمان) إلى الانعقاد بعد «عيد الجلاء» في الـ17 من الشهر الجاري، ستكون «نقطة مفصلية» في مسار الأزمة السورية بعد 10 سنوات. كما تشير إلى أن العملية السياسية «تتقدم» عبر حوارات اللجنة الدستورية في جنيف، والبناء على وقف النار وثبات خطوط التماس منذ مارس (آذار) 2020.

ويتحدث مسؤولون روس، في جلسات مغلقة، عن أن «إضعاف إيران في سوريا يتطلب عودة العرب سياسياً واقتصادياً إلى دمشق»، وعن ضرورة «عدم انهيار الدولة السورية» بسبب العقوبات الأميركية والأوروبية التي «تخنق الشعب السوري»، ليحثوا دولاً عربية على تقديم مساعدات مالية إلى الحكومة السورية. وعليه، سعت موسكو إلى تحرير مليار دولار أميركي تعود للحكومة السورية «مجمدة» في مصارف عربية، بحيث تستخدمها في تمويل القمح ومشتقات النفط إلى سوريا. كما تعهدت موسكو بتقديم 500 مليون دولار أميركي قرضاً ميسراً إلى دمشق، ضمن إجراءات معالجة تدهور سعر صرف الليرة.

ويدرك الجانب الروسي، ودول عربية، أن هناك «حدوداً لما يمكن تقديمه» إلى دمشق، بسبب «القيود القانونية» التي يفرضها «قانون قيصر»، والشروط الأوروبية – الأميركية على المساهمة في الإعمار، ما فتح الباب أمام إمكانية «الالتفاف» على ذلك عبر تقديم المساعدات الإنسانية، خصوصاً بعد إعلان أميركا «توضيحات» عن أن «قانون قيصر» لا يمنع تقديم مساعدات دوائية وإنسانية إلى دمشق، في «بادرة حسن نية» من واشنطن التي اتصل بها أكثر من طرف عربي يحثها على «غض الطرف» عن التواصل مع دمشق.

– الموقف العربي

هناك انقسام عربي إزاء إعادة دمشق إلى الجامعة العربية، و«التطبيع الثنائي» مع الحكومة السورية. فثمة دول متمسكة بضرورة تنفيذ «بيان جنيف»، والقرار 2254، و«إخراج الميلشيات الطائفية والأجنبية من سوريا»، وأن تبدأ المسيرة بخطوات من دمشق. وبعض الدول أعاد تشغيل السفارة في دمشق، دون تعيين سفير، لـ«اختبار الموقف السوري»، وبعضها الآخر أعاد السفير، كما حصل أول من أمس مع موريتانيا، وكما هو الحال مع عُمان التي حافظت على علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، وتبادل وزيرا الخارجية الزيارات عبر السنوات. لكن الأمر الواضح هو تنامي قلق بعض الدول العربية من «توغل» تركيا شمال سوريا، و«التغلغل» الإيراني في سوريا، وسط «غياب عربي كامل».

الاتجاه العربي هو أن عودة دمشق إلى الجامعة العربية «تتطلب موقفاً جماعياً» من الدول العربية الرئيسية، و«مبادرات من الجانب السوري»، وسط رغبة الجزائر في أن «تقطف ثمار الإنجاز» في قمتها. ومن الناحية التقنية، يتطلب هذا تقديم دمشق طلباً إلى الجامعة العربية للعودة إليها. ومن الناحية السياسية، تتوقع الدول العربية «إقدام دمشق على سلسلة من الخطوات السياسية لتنفيذ القرار 2254، والتعاطي الإيجابي الملموس في اجتماعات اللجنة الدستورية برعاية الأمم المتحدة»، إضافة إلى «توفير ظروف عودة اللاجئين، وأن يتخذ السوريون قراراتهم فيما يتعلق بالعملية السياسية، والحفاظ على استقرار سوريا ووحدتها».

ومن الناحية الجيوسياسية، فإن دولاً عربياً تتوقع «خطوات ملموسة» من دمشق إزاء تخفيف النفوذ الإيراني في البلاد و«خروج الميليشيات الطائفية»، ومن موسكو «إجراءات» لمنع «التوغلات» التركية في الشمال ودفع العملية السياسية و«الوفاء بتفاهمات سابقة تخص لجم نفوذ إيران وإطلاق العملية السياسية».

– مبادرة العمق العربي

وضمن هذا السياق، تقدمت شخصيات سورية بارزة بـ«مبادرة العمق العربي» إلى دول عربية، بينها مصر والأردن والعراق، لتعزيز مساهمتها في «إيجاد الحل الأنسب الذي يؤمل أن يؤدي إلى تحقيق الاستقرار السوري الداخلي، وأن يعزز الدور العربي»، باعتبار أن عدداً من الدول العربية «تتشارك في حرصها على عودة الاستقرار إلى سوريا، وعلى وحدة أراضيها، وفي خشيتها من توسع التطرف الديني والإرهاب في المنطقة، ومن تمدد النفوذ التركي والإيراني في بلاد الشام، في ظل غياب وجود عربي فاعل».

وفي حال انطلقت مبادرة «العمق العربي» التي قدمت إلى بغداد قبل استضافة القمة الثلاثية، ستشكل منصة موازية لـ«ضامني آستانة» التي تضم روسيا وتركيا وإيران، إلى جانب «منصة جديدة» تضم روسيا وتركيا وقطر، بحيث تقدم على خطوات ملموسة، بينها «دعم الحوار مع الحكومة السورية لبحث إجراءات بناء الثقة، ومنها: إطلاق المعتقلين، والتشجيع على إعادة النازحين بدعم عربي، وفصل السلطات لضمان استقلالية القضاء، والتشجيع على إقامة منصة سورية جديدة تحظى برعاية الجامعة العربية أو رعاية مبادرة العمق العربي»، إضافة إلى «الحوار مع الأميركيين والروس، وتزويدهم بالأسباب الموجبة للمواقف والمشاريع التي تراها المبادرة مناسبة للتطبيق في الداخل السوري».

وتتضمن «مبادرة العمق العربي» التي نوقشت في دول عربية خطوات محددة، بينها العمل على «إقناع دمشق بالتعاون مع المبادرة للتوصل إلى صياغة مشروع متطور للإدارة المحلية، ينتج عنه نظام لامركزي إداري واقتصادي، ثم دراسة مشاريع الحوكمة التي يمكن تطبيقها في سوريا، بدءاً بالأطراف، مثل شمال شرقي سوريا وفي الجنوب» في السويداء ودرعا، وإقناع «الإدارة الذاتية» شرق الفرات بـ«بناء إدارة جديدة قائمة على مبدأ تقاسم سلطة حقيقي مع الأحزاب الكردية الأخرى والعشائر العربية» في تلك المنطقة.

– موقف دمشق

دمشق التي تعتقد بإمكانية إحداث «اختراق» في الجدار العربي، على عكس الباب الموصد من أميركا، والموارب أوروبياً، تلقت بعض هذه الأفكار، سواء خلال زيارة وزير الخارجية فيصل المقداد إلى مسقط أو لقاء الأسد مع لافرينييف أو خلال اتصالات أمنية بين مسؤولين سوريين ونظرائهم من دول عربية. وبداية، هناك تباين في المقاربة في العاصمة السورية إزاء سرعة وعمق «الشروط» المطلوبة و«الحوافز» المتوقعة. ومن الناحية الفنية، رفضت دمشق قبل سنتين تقديم طلب إلى الجامعة للعودة إليها، قائلة إن «العرب يجب أن يقدموا طلباً للعودة إلى سوريا التي هي عضو مؤسس بالجامعة».

وسياسياً، إلى الآن، تعطي دمشق الأولوية للانتخابات الرئاسية منتصف الشهر المقبل، وبدء الأسد ولاية جديدة في 17 يوليو (تموز). ولمح بعض المسؤولين إلى أن «الإصلاح السياسي سيأتي بعد الانتخابات»، وأن التعاطي سيكون «إيجابياً» مع اللجنة الدستورية لإجراء إصلاح دستوري بعد إجراء الانتخابات بموجب دستور 2012 مع بعض «الإصلاحات». كما تعطي دمشق أولوية لمواجهة العقوبات الغربية، وتحسين الظروف المعيشية، عبر العمل على تسلم شحنات نفط من إيران، ومواد غذائية وحبوب من روسيا، وعقد «صفقات» مع «قوات سوريا الديمقراطية» لتسلم مشتقات نفطية وحبوب من شمال شرقي سوريا.

وتكتيكياً، لا تزال دمشق «تلعب على الحبلين» بين موسكو وطهران، بحيث إنها تسبح في ضفة عندما يفيض الضغط على الضفة الأخرى. ولا يزال هذا «اللعب» ناجحاً، إذ إن لافروف أبلغ محاورين قبل فترة أن «ضغطنا الزائد على دمشق يدفعها أكثر في الحضن الإيراني». كما توافق دمشق على طلبات موسكو لإبراز «حسن النية» مع تل أبيب.

وجيوسياسياً، تراهن دمشق أيضاً على أن «تعاظم توغل» تركيا، و«تعمق تغلغل» إيران، و«توسيع نفوذ» روسيا في سوريا والمنطقة، ستدفع دولاً عربية إلى التعاون معها، بحيث تأتي «المبادرات» و«الحوافز» من العواصم العربية وليس من دمشق، ليمارس العرب ضغوطاً على واشنطن للحصول على استثناءات من العقوبات الأميركية، ما دام أن إلغاء «قانون قيصر» يقتضي تحولات استراتيجية من دمشق تكون كافية لإقناع الكونغرس بالتصويت لإلغائه، وهذه الشروط غير متوفرة في الأفق حالياً.

الشرق الوسط

———————————–

الخارجية الأميركية: نظام الأسد يعيق عمل المنظمات الإنسانية

فورين بوليسي- ترجمة: ربى خدام الجامع

كشف تقرير لوزارة الخارجية الأميركية عن أن نظام الأسد ما يزال يعيق المنظمات الإنسانية ويمنعها من تسليم المساعدات لملايين السوريين الذين يواجهون أزمة بعد عقد من الحرب في بلادهم.

ففي المناطق التي يسيطر عليها النظام، لا يقدم الأخير ما يكفي لوصول تلك المنظمات للناس، إذ يستخدم قيوداً فرضها على سمة الدخول وغير ذلك من العقبات الإدارية لمنع المساعدات من الوصول، وذلك بحسب ما كشفه تقرير صدر في شهر شباط الماضي رفعته الخارجية للكونغرس، واطلعت عليه مجلة فورين بوليسي.

وقد أتت تلك النتائج في الوقت الذي خصصت فيه إدارة بايدن 600 مليون دولار لجهود إعادة الإعمار في سوريا، وذلك ضمن الحملة التي أطلقتها هيئة الأمم المتحدة لجمع نحو عشرة مليارات دولار أميركي بهدف مساعدة السوريين واللاجئين السوريين في دول الجوار.

الولايات المتحدة ستقدم 596 مليون دولار مساعدات إنسانية إلى سوريا

ولهذا ترى منظمات حقوقية تلك العقبات أنها جزء من استراتيجية ممنهجة يمارسها النظام بهدف الاستفادة من تلك المعونات ولمعاقبة خصومه في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، في الوقت الذي يسعى فيه النظام لتعزيز مكاسبه من الحرب التي استمرت لعقد من الزمان.

وذكر تقرير وزارة الخارجية أن النظام طلب من المنظمات الإنسانية أن تدخل في شراكة مع جهات فاعلة محلية تم التدقيق بأمرها وذلك “لضمان تمرير الاستجابة الإنسانية بشكل مركزي من خلال جهاز الدولة ولصالحها، مقابل وصول المساعدات إلى الناس دون أي عوائق” وخصوصاً في المناطق التي استعادها النظام، والتي ما تزال تشهد حالات مستمرة لخرق اتفاقيات وقف إطلاق النار.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن 11.1 مليون نسمة في سوريا، أي ما يقارب ثلثي السكان، كانوا بحاجة للمساعدات الإنسانية خلال عام 2020، نصفهم أو يزيدون يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها النظام.

وفي التقرير الذي رفع إلى الكونغرس، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عن الآتي: “إن غالبية تلك المجتمعات أصبحت بحاجة ملحة للمساعدات بسبب فترات الحصار السابقة التي عاشتها والتي امتدت لزمن طويل، وبسبب دمار البيوت والبنية التحتية، ومحدودية فرص كسب الرزق، ونقص الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والمياه الصالحة للشرب”.

بينما ذكر مسؤولون رفيعون لدى إدارة بايدن أن إغلاق نقاط التفتيش الحدودية التي تخضع لرقابة الأمم المتحدة أجبر وكالات الإغاثة على التفاوض مع جماعات المعارضة، كما أجبرها على قطع العديد من خطوط السيطرة، وهذا ما تسبب بالمعاناة للسوريين الذين يحتاجون إلى المساعدة. أما وزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن، فقد أعلن في شهر آذار الفائت بأن: “النهج الحالي غير مبرر وغير فعال ولا يمكن الدفاع عنه بأي حال من الأحوال، لأنه يتسبب بزيادة معاناة الشعب السوري”.

إذ لتقييم الوضع في المناطق التي يسيطر عليها النظام، يتعين على الوكالات الإنسانية أن تحصل على تصريح من قبل الدولة التي يسيطر عليها النظام، غير أن الموافقة على هذا النوع من التصاريح تأتي بشكل غير متوقع ومتناقض في معظم الأحيان، وذلك لأن النظام لا يكتفي بتقييد أو تأخير إصدار سمات الدخول التي تمنح لكوادر المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات غير الحكومية فحسب، وهذا بحد ذاته يقيد قدرة تلك الكوادر على تسليم المساعدات بصورة فعالة، بل إن النظام يفرض أيضاً قيوداً على بعض العمليات، كنقل مواد طبية معينة مثلاً.

فقد أورد مصدر يعمل لدى منظمة غير حكومية عمل في ظل النزاع القائم في سوريا واشترط عدم ذكر اسمه خوفاً من العقاب أو الانتقام ما يلي: “عليك أن تقوم بالتسجيل، وأن تكون حاضراً هناك، وأن تطلب الموافقة، أي أنك تعمل تحت رحمتهم حتماً”.

يذكر أن وكالات الإغاثة، ومن بينها منظمات تحصل على تمويل أميركي، قد واجهت عوائق كبيرة في المناطق التي استعادتها القوات الموالية للنظام في عام 2018، ويشمل ذلك المناطق الموجودة في محافظتي القنيطرة ودرعا الواقعتين جنوب غربي البلاد، وذلك بحسب ما أوردته وزارة الخارجية الأميركية. وفي الوقت الذي تمكنت فيه هيئة الأمم المتحدة وبعض المنظمات من استعادة النذر اليسير من قدرتها على الوصول إلى الناس، إلا أن الأمر يختلف من وكالة إلى وكالة، وذلك لأن نظام الأسد يقيد وكالات الأمم المتحدة ويمنعها “من إنشاء مكاتب فرعية” لتقوم بإرسال المساعدات والمستلزمات نحو أقصى الجنوب في سوريا، وذلك بحسب ما ورد في التقرير الأخير الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية. إلا أن مجموعة من المنظمات غير الحكومية التي تمولها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لم يكن بوسعها إلا أن تعدل من تلك العوائق “بعد أشهر من المفاوضات مع السلطات” حسبما ذكرت وزارة الخارجية الأميركية، في الوقت الذي حصلت فيه منظمات أخرى على مذكرات تفاهم.

ويخبرنا ذلك المصدر الذي يعمل لدى إحدى المنظمات غير الحكومية بوجود حالات تمت فيها: “مصادرة معدات طبية مخصصة لشمال شرقي سوريا في دمشق، قبل أن ترسل إلى تلك المنطقة”.

بل حتى في المناطق التي تم تحريرها من براثن تنظيم الدولة، والتي بقي فيها نحو 900 جندي أميركي، نجح نظام الأسد في منع برنامج الغذاء العالمي من توزيع المساعدات خلال العام الماضي لقرابة شهرين من الزمان، الأمر الذي قطع المساعدات عن حوالي 200 ألف شخص. ثم أصبحت عملية الوصول أصعب بكثير منذ العام الفائت، بعدما فشل مجلس الأمن الدولي في ضمان وصول المساعدات الإنسانية وتمريرها عبر معبر اليعربية مع العراق. كما ذكرت وزارة الخارجية الأميركية بأن الذخائر التي لم تنفجر في دير الزور وأجزاء من حماة قد صعبت عملية تسليم المساعدات.

جهود أميركية لاستعادة معبرين أغلقتهما روسيا

هذا ولقد أثارت تلك القيود والعوائق حالة من الاستياء في أوساط الكونغرس وإدارة بايدن، إذ يقول السيناتور كريس مورفي وهو عضو في لجنة الشؤون الخارجية: “لقد تآمر بوتين والأسد على مدار سنوات لقطع المساعدات الإنسانية اللازمة ومنعها من الوصول إلى السوريين الذين هم بأمس الحاجة إليها. وعندما رفض وزير الخارجية السابق بومبيو التورط بشكل شخصي في قرار أممي يتصل بأمر التجديد خلال العام الماضي، استغلت روسيا الفرصة لتلغي معبرين حدوديين كانا يستخدمان لتمرير المساعدات الإنسانية إلى البلاد. إلا أنني سعيد لأن وزير الخارجية بلينكن قد أوضح بأن ذلك سيتحول إلى أهم أولوية لدى المجلس، وبأن الوفد الأميركي سيتعاون مع حلفائنا على استرجاع هذين المعبرين، وذلك لأنه لا ينبغي للمساعدات الإنسانية أن تتحول إلى مشكلة سياسية، ولأن الشعب السوري يستحق الأفضل”.

إلا أن الدعم المالي الأميركي قد هبط من 720 مليون دولار تم تخصيصها خلال السنة الماضية، كما أن المملكة المتحدة قد خفضت هي أيضاً من تمويلها للمساعدات بنسبة الثلث، مما تسبب بموجة انتقادات شنتها وكالات الغوث الإنسانية.

فقد أخبرنا ذلك المصدر الذي يعمل لدى منظمة غير حكومية في سوريا بالآتي: “إن تلك المساهمة مهمة بكل تأكيد، بيد أن الاحتياجات أكبر بكثير منها، بل إنها أكبر من أي مساهمة أو التزام تقدمه الدول”، وقد أشار هذا المصدر إلى أن الجائحة قد فاقمت تلك التحديات والمخاطر التي كانت موجودة بالأصل.

بيد أن نقطة التحول قد تأتي في شهر تموز، عندما سيقرر مجلس الأمن الدولي أمر تجديد قرار ترخيص مرور المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى شمال غربي سوريا من عدمه. غير أن هذا التجديد يتعرض لعوائق سياسية مهمة، وهنا تأتي روسيا على رأس القائمة، لكونها دعمت نظام الأسد منذ وقت طويل وهي مستمرة على النهج ذاته، وعن ذلك يقول ذلك المصدر: “إنهم يريدون أن تمر كل المساعدات الإنسانية عبر دمشق”.

ويبدو أن احتمال إنهاء وقطع ذلك الطريق المخصص للمساعدات في ظل استمرار العقوبات الأميركية ضد نظام الأسد يثير قلق الخبراء والمنظمات التي تقوم بتوزيع المساعدات تجاه ذلك الوضع الذي يمكن أن يسوء أكثر، الأمر الذي يحد من الطرق المتاحة أمام الولايات المتحدة للرد على ذلك.

المصدر: فورين بوليسي

——————————-

خطة لنظام الأسد تُعطل إيصال المساعدات لملايين المعارضين له.. أمريكا: يريد الاستئثار بها وحده

قالت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إن نظام بشار الأسد يواصل عرقلة المنظمات الإنسانية عن تقديم المساعدات لملايين السوريين، الذين تتنامى أزمتهم بعد مرور عقد على الحرب في سوريا.

تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية قدمته إلى الكونغرس، في فبراير/شباط الماضي، قال إنه في المناطق التي يسيطر عليها الحكومة، يعيق نظام الأسد مرور المساعدات من خلال فرض قيود على أذونات المرور وعقبات إدارية أخرى، وفقاً لما أوردته مجلة Foreign Policy الأمريكية، الثلاثاء 13 أبريل/نيسان 2021.

يأتي هذا التقرير في الوقت الذي تعهدت فيه إدارة بايدن بتقديم 600 مليون دولار لإعادة إعمار سوريا، في إطار حملة تقودها الأمم المتحدة لجمع ما يقرب من 10 مليارات دولار لمساعدة السوريين واللاجئين السوريين في البلدان المجاورة.

استراتيجية مدروسة

من جانبها، رأت الجماعات الحقوقية أن هذه العقبات جزء من استراتيجية مدروسة ينفذها النظام للاستفادة من هذه المساعدات لنفسه، ومعاقبة المعارضين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، في إطار سعيه لتعزيز مكاسبه في الحرب.

وزارة الخارجية الأمريكية ذكرت في تقريرها أن حكومة الأسد ألزمت المنظمات الإنسانية بالتعاون مع أطراف محلية، بهدف “الاستيلاء على المساعدات الإنسانية من خلال جهاز الدولة ولصالحه، على حساب منع وصول المساعدات إلى السكان دون عوائق”، لاسيما في المناطق التي استعادها النظام، إلى جانب انتهاكه المتواصل لاتفاقيات وقف إطلاق النار.

تُشير المجلة الأمريكية إلى أنه لكي تتمكن وكالات الإغاثة الإنسانية من الوصول إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام يتعين عليها أن تحصل أولاً على إذن من الدولة، ولا تتمكن من الحصول عليه في كل الأحوال.

لكن لا يقتصر الأمر فقط على تقييد أو تأخير حكومة النظام إصدار أذونات المرور لموظفي الإغاثة، ولكنها تقيد أيضاً بعض العمليات، مثل نقل الإمدادات الطبية.

تقول الخارجية الأمريكية إن وكالات الإغاثة، ومن ضمنها مجموعات تمولها أمريكا، واجهت معوقات كبيرة في المناطق التي استعادت القوات الموالية للنظام سيطرتها عليها عام 2018، ومن ضمنها محافظتا القنيطرة ودرعا في جنوب غرب البلاد.

نظام الأسد يعرقل وصول المساعدات لملايين السوريين المعارضين له – رويترز

عوائق أمام المنظمات

فعلى الرغم من أن الأمم المتحدة وجهات أخرى تمكنت من استعادة قدر ضئيل من إمكانية المرور، فالأمر يختلف من منظمة لأخرى، إذ يمنع نظام الأسد الوكالات التابعة للأمم المتحدة “من إنشاء مكاتب فرعية” لإرسال المساعدات والإمدادات إلى الجنوب.

بحسب تقرير الخارجية الأمريكية، فإن مجموعة من المنظمات غير الحكومية الممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لم تتمكن من إصلاح العوائق إلا “بعد شهور من المفاوضات مع السلطات”، بينما تمكنت مجموعات أخرى من توقيع مذكرات تفاهم.

وحتى في المناطق المحررة من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، قريباً من مكان تمركز حوالي 900 جندي أمريكي في البلاد، تمكن نظام الأسد من منع برنامج الغذاء العالمي من توزيع المساعدات العام الماضي لمدة شهرين تقريباً، ما أدى إلى حرمان 200 ألف شخص من المساعدات.

كما ازداد المرور صعوبة منذ العام الماضي، بعدما فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تأمين وصول المساعدات الإنسانية عبر معبر اليعربية مع العراق، وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية أن الذخائر غير المنفجرة في دير الزور وأجزاء من حماة جعلت من الصعب أيضاً توصيل المساعدات.

أدت هذه العوائق جميعاً إلى شعور بالإحباط في الكونغرس وإدارة بايدن، إذ قال السيناتور كريس مورفي، عضو لجنة الشؤون الأجنبية: “لسنوات، تآمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظام الأسد لمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين الذين هم في أمسّ الحاجة إليها”.

أضاف مورفي: “حين رفض وزير الخارجية السابق مايك بومبيو المشاركة شخصياً في تجديد قرار الأمم المتحدة، العام الماضي، استغلت روسيا الفرصة لرفع حاجزي عبور حدودين يُستخدمان لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى البلاد، وأنا سعيد لأن الوزير بلينكن أكد أن هذا سيكون أولوية قصوى في المجلس، وأن الوفد الأمريكي سيعمل مع حلفائنا لإعادة تلك المعابر الحدودية، فلا يجوز تسييس المساعدات الإنسانية، والشعب السوري يستحق الأفضل”.

————————–

قمة بغداد..هل تُليّن الموقف من عودة الأسد للجامعة العربية

تستعد العاصمة العراقية بغداد، لاستضافة القمة الثلاثية العراقية المصرية الأردنية، التي ستتناول المشاريع الحيوية والاقتصادية المشتركة المقبلة، ومحاولة توحيد الرؤى في العديد من القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها الملف السوري. وكانت القمة مقررة غدا الخميس، إلا أنها ارجئت لبعض الوقت نتيجة الاحداث الاخيرة في الاردن.

وتعدّ القمة الثلاثية المرتقبة، الثانية بعد القمة الأولى التي عُقدت في العاصمة الأردنية عمان في آب/أغسطس 2020، والتي أسفرت عن تأسيس مجلس تنسيقي لبحث التعاون المشترك.

وقبل أيام، كان رئيس مجلس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، قد جدّد دعم العراق لإعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، أحمد الصحاف إن “الموقف العراقي يدعم إعادة سوريا إلى الجامعة العربية، وهو موقف معلن منذ سنوات، ولا جديد فيه أصلاً”.

وأضاف الصحاف ل”المدن”، أن العراق يتبنى المبادرات الجماعية التي تعزز العمل العربي المشترك، وتنعكس استجابة لتحديات عربية راهنة، اقتصادية وأمنية تتصل بالوضع الإقليمي، مؤكداً أن العراق يلتزم حياداً إيجابياً يعزز من حضوره المُبادر، وينأى بنفسه عن أن يكون ضمن محور في المنطقة أو العالم.

وخلال مؤتمر صحافي جمعه مع وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف في القاهرة الاثنين، قال وزير الخارجية المصرية سامح شكري إنه من الضروري عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية والحاضنة العربية، ونأمل في عودة سوريا لما كانت عليه من استقرار، ولكي يستمتع الشعب السوري في ممارسة الحياة السياسية.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي زياد الريّس أن القمة الثلاثية لن تخرج عن الإجماع العربي والموقف الموحد حول عودة النظام إلى جامعة الدول العربية، وإعادة العلاقات الدبلوماسية معه، موضحاً ل”المدن” أن الموقف العربي يشترط تطبيق قرارات مجلس الأمن، أو اتخاذ خطوات -على الأقل- في هذا الإطار، قبل إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية.

—————————–

سورية وعربٌ قلوبهم طيبة/ غازي دحمان

تكشف دعوات رسميين ومثقفين عرب إلى احتضان النظام السوري طيبة قلب مبالغا بها، تجاه نظامٍ ما زال يشتم في إعلامه، صباح مساء، العرب، برسمييهم ومثقفيهم ورموزهم ودولهم، ولا ينظر لهم إلا بوصفهم مغفّلين وخونة بالطبيعة والتربية الثقافية والأخلاق المنحطة.

والمشكلة مع نظام الأسد أنه لا يقبل منطق عفا الله عما مضى، مع أن كل أنماط الأخلاق وأشكال القوانين، المنحطّة والغريبة، لا يمكنها العفو عن جرائمه، بل يريد من العرب الاعتذار والاعتراف بأنهم مذنبون، والقدوم إليه راكعين، يمتدحونه على منصّاته الإعلامية، ويبدون الأسف على ما فعلته الشعوب العربية تجاهه.

يبرّر هؤلاء مواقفهم وانحيازاتهم لنظام الأسد بذريعة إنقاذ شعب سورية، وإخراجه من بؤس الأوضاع الاقتصادية، وإنقاذ سورية مما وصلت إليه. لكن ذلك ليس كل ما في الأمر، فأصوات كثيرة صادرة في العالم العربي تذهب إلى مديح النظام السوري ومرونته تجاه العملية السياسية، بل وادعاء تقديمه تنازلات عديدة من أجل حل المشكلة، وهي تنازلاتٌ لو جرى البحث عنها بالمجاهر لما أمكن رؤيتها، ثم إن المسألة لا تحتاج إلى تنجيم، فهناك معايير وافقت عليها روسيا، عرّابة النظام وراعيته، للقول إنه يتقدّم للحل السلمي، من نوع إخراج المعتقلين السياسيين، تأمين عودة آمنة للاجئين، ووقف مصادرة أملاك اللاجئين.

اللافت أن نظام الأسد، خلال السنوات السابقة، لم يكن مجرّد نظام ديكتاتوري، أو عصابة مجرمة وحسب، لنقل إن هناك مثقفين عربا كثيرين يحبّون هذا النوع من الأنظمة، طالما هو لا يعتقلهم ولا يغيبهم في سجونه، لكن هذا النظام تعمّد تحقير الشخصية العربية، كما أنه لم يكن مقاوماً كما يجري عنوة إلباسه هذا اللبوس، إذ على الدوام كان على استعداد لمصالحة إسرائيل، بل وشن حربٍ على كل من يرفض توجهاته تلك. وقد أكد الدبلوماسي الأميركي السابق، فريدريك هوف، أن الأسد كان، في عام 2011، مستعدّا لفرض عملية سلام بين لبنان وإسرائيل، بل وإجبار أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، على تفكيك حزب الله، عربونا يقدّمه الأسد لإسرائيل وأميركا لإثبات أنه شريك موثوق به.

بالعودة إلى خوف أولئك على مصير سورية ومستقبلها، تبريراً لدعوتهم إلى إعادة الأسد إلى الحضن العربي، ومنحه الأموال لبناء ما دمرته آلته العسكرية، هل يعتقد هؤلاء أن الأسد سينصف أكثر من 15 مليون مهجّر ونازح، وسيأمن هؤلاء للعيش تحت سلطة أجهزته، وهو الذي رفض تقديم أدنى تنازل، ولو على صعيد تطمين أهالي المختفين والمعتقلين عن مصير أبنائهم؟ وما هي الآلية التي سيتم اعتمادها لتوزيع أموال إعادة الإعمار على المتضرّرين السوريين؟ كيف يمكن التوصل إلى صيغة وسط وحقيقية لحل هذه المشكلات! أم أن المسألة مجرّد لفلفة حل يشرعن الأسد ويمحق السوريين؟

بالنسبة لهؤلاء، المبرّر الأهم اعتبارهم نظام الأسد كتلة متماسكة، بعكس الطرف الآخر الذي تجد به جبهة النصرة والجيش الحر و”داعش”. ومن السهل القول بوجود تنظيمات إرهابية في هذا المقلب، لكن أليس في المقلب الآخر، مرتزقة فاغنر، وزينبيون وفاطميون، كذلك أجهزة الأمن التي تفوق كل هؤلاء إجراماً، أليس لديهم ماهر الأسد المشهور بساديّته وإجرامه، أليس  في الجيش والأجهزة الأمنية السورية قتله ومجرمون؟ في تقرير أصدرته أخيرا، أكدت اللجنة الخاصة بحقوق الإنسان في سورية، والتي أجرت تحقيقات مع آلاف السوريين، واستندت إلى أدلة ومعطيات كثيرة، أن جميع الأطراف في سورية ارتكبت جرائم حرب، لكن حصة النظام من هذه الجرائم 95%.

المدهش في الأمر، النبرة التي يجري فيها الحديث عن سورية ونظامها، من مثقفين، لم يؤيد جزء منهم نظام الأسد في البداية، وإن كانوا لم يؤيدوا الثورة عليه، هي نبرة اعتذارية، وفي الوقت نفسه، لا تعطي أهمية لأكثر من ثلثي الشعب السوري الذين دفعوا أثمانا باهظةً في حرب النظام عليهم، وهي أثمان وصل بعضها إلى حد دمار مستقبل فئاتٍ وشرائح كثيرة، ستناضل، في ظروفٍ سياسيةٍ طبيعية، وهو ما لن يحصل في زمن حكم الأسد، عقودا طويلة، حتى تسترد جزءاً من حياتها الطبيعية، يكفي أن نتذكّر أن خمسة ملايين طفل من بيئات معينة، خارج التعليم، وأن نسبة كبيرة من هؤلاء تشوهت نفسياتهم جرّاء ما عاشوه من قصف وتنكيل وهروب، فضلاً عن ملايين الأسر التي تفكّكت أو أصبحت بدون معيل.

في كل الأحوال، ليست بريئة الدعوات المتكاثرة إلى إعادة احتضان الأسد، هي جزء من سياق الثورات المضادّة التي رأت في الخراب فرصةً للدعوة إلى عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 2011، بذريعة عدم وجود خياراتٍ أخرى، فقد انتهت مرحلة تشويه الثورات. والآن يجري البناء على تلك المرحلة في المطالبة، بشكلٍ صريحٍ وعلني، بتبرئة القتلة من دماء الشعوب.

بالتأكيد، جميعنا يبحث عن حلول واقعية ومنطقية، ولا أحد يرغب في استمرار الأوضاع على ما هي عليه، وهي الأوضاع التي فرضتها الأنظمة بدائل عن خضوع الناس لها، لكن هل من الواقعية تسليم رقاب الناس لقاتلها، وهل من الواقعية احتضان مجرم حرب بذريعة أنه يمثل جبهة متماسكة، في حين أن جيوشا أجنبية تحتله، بات يشتغل عندها في تأمين المشاريع الجيوسياسية لهذه الأطراف، ولماذا لا تشمل طيبة قلب العرب ملايين السوريين المكلومين

العربي الجديد

—————————————

هل ينتهي التفويض الأميركي لروسيا؟/ نبراس إبراهيم

كثيراً ما سمع السوريون عن “تفويض” أميركي لروسيا في الملف السوري، دون أن يقرأ أحد وثيقة تؤكد ذلك، أو تصريحاً مباشراً من طرف أميركي أو روسي يدعم هذا الافتراض، واستندوا في ذلك إلى تفسيرات ومعطيات جدّية يمكن البناء عليها، فضلاً عن مواقف كل من الولايات المتحدة وروسيا تجاه القضية السورية بعد حديث دبلوماسيين غربيين عن وجود مثل هذا التفويض.

في عام 2015، ظهرت أولى بوادر التفويض الأميركي لروسيا، بعد اجتماعات بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري ناقشت الشأن السوري، وما تلاها من لقاءات روسية مع زعماء عرب في موسكو في العام نفسه، كالأردن ومصر والإمارات، ولقاء ثلاثي ضم وزير الخارجية الروسي ونظيريه الأميركي والسعودي عادل الجبير، وبالتوازي معها، كان هناك لقاء هو الأول من نوعه على صعيد الموقف الروسي من المعارضة السورية المطالبة بإسقاط الأسد، جمعت وزير الخارجية الروسي بالائتلاف السوري المعارض، بعد أن كانت تحافظ على صلة ضعيفة بالائتلاف، وتقتصر على مبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف، ومن ثم مبادرة روسيا بشكل مفاجئ لدعوة رئيس الائتلاف لزيارة موسكو للتشاور.

تُوّجت كل هذه اللقاءات في العام نفسه بإصدار مجلس الأمن بياناً رئاسياً كان مفاجئاً في حينه، أقر خطة للحل السياسي في سوريا، تتضمن تشكيل هيئة حكم يشترك في تشكيلها النظام السوري والمعارضة، في محاكاة لبنود بيان جنيف الأول، وتشكيل أربع مجموعات عمل لمناقشة مكافحة الإرهاب وإعادة الإعمار والأمن والمسائل السياسية، واللافت أن روسيا التي طالما استخدمت حق النقض الفيتو في وجه أي قرار أو بيان يمس النظام السوري، امتنعت عن ذلك تلك المرة، وكشف أعضاء في مجلس الأمن أن القرار صدر دون استشارتهم، ما أكّد أنه قرار روسي – أميركي مشترك غير تقليدي.

كذلك أقر مجلس الأمن في الوقت نفسه، قراراً بتوسيع مهمة اللجنة الأممية لتقصي الحقائق حول استخدام السلاح الكيميائي في سوريا، وهو ما كانت روسيا تعترض عليه بشدّة.

كل ذلك، دعم فكرة التفويض الروسي من الأميركيين والدول دائمة العضوية على الخطة وما سيترتب عليها، ودعم فكرة أن روسيا وافقت على البيان واللجنة لأنهما يمكّناها من الضغط على النظام السوري عبر ورقة الحل السياسي والهيئة الحاكمة المشتركة والسلاح الكيميائي، للقبول بتسوية تعمل موسكو على إنضاجها بتفويض أميركي.

خلال السنوات التي تلت، صار التفويض الأميركي للروس أكثر وضوحاً، حين سارت موسكو بمسارات أستانا، وسوتشي، والتي شارك فيها بعض الدبلوماسيين الأميركيين لفترة من الوقت، وحين سارت روسيا بالمصالحات العسكرية على الأرض في درعا وغيرها ومن بعدها المفاوضات مع تركيا والأكرد والعرب، وشبه استفرادها في الملف السوري، مقابل موقف أميركي اتّسم بالسلبية واللامبالاة من كل ما يجري في سوريا، وتتويج هذه اللامبالاة بالإعلان عام 2017 بلسان وزير خارجيتها حين ذاك ريكس تيلرسون أن بلده لم يعد ينظر إلى رحيل الأسد كأولوية في حل النزاع السوري.

خلال سنوات التفويض الأميركي المفترض لروسيا بالملف السوري، أقامت روسيا قواعد عسكرية في الأرض السورية، برية وجوية وبحرية، وأدارت معارك كثيرة، وتفاوضت ونسّقت مع إسرائيل بشأن ضرباتها في سوريا، واستحوذت بأسعار رمزية على استثمارات اقتصادية تضمن لها نفوذاً قوياً في مرحلة إعادة الإعمار التي تلي الحل السياسي، كما أنها قلّصت من النفوذ الإيراني، العسكري والسياسي، وغيّرت في المؤسسة العسكرية السورية لتزيد من حجم المؤيدين لها فيها، وتُقلل من حجم المؤيدين لإيران، ونظّمت دورات عسكرية في روسيا لضباط أمراء من الجيش السوري، وحاولت التنسيق مع تركيا بشأن الشمال والأكراد، وبخلاصة القول، صارت روسيا نظرياً على الأقل المنسّق للحراك الدولي في سوريا لسنوات.

خلال كل تلك الفترة، بقي الموقف الأميركي شبه ثابت، مشوّش للجميع، وصحيح أنها لم تتنازل عن شبر واحد من الأراضي التي تُسيطر عليها من خلال حلفائها على الأرض، ولم تُغلق أي قاعدة عسكرية لها في سوريا، واستمرت بتهديد كل من يتجرأ ويدوس على بساطها السوري، لكنها لم تكن تأبه بالحل ولم تسع له، وكان واضحاً أنها لا تنظر إلى الحرب السورية كقضية أساسية، وأنها تُساير روسيا إلى حد بعيد فيما يخص الملف السوري.

الولايات المتحدة التي لم تكن ترغب بالاصطدام مع روسيا، ولا تريد أن تغرق في الوحل السوري، كانت تريد رؤية عملية سياسية في سوريا، من الممكن ألا تقود إلى تغيير النظام، لكن تؤدي إلى تغيير جذري في سلوكه، وضمان عدم تأمينه مأوى للمنظمات الإرهابية، وعدم تأمينه قاعدة لإيران، وضمان التوازن مع تركيا، ومراعاة مصالح إسرائيل، وإنهاء ملف تنظيم “داعش”، وملف حزب الله، والأكراد ومناطق نفوذهم، والمعارضة وسياساتها، والدور العربي المتعلق بسوريا، والدور الأوربي المتعلق بالملف نفسه، ورأت أن تسليم الملف لروسيا سيؤدي إلى أحد أمرين، إما نجاح روسيا في كل هذا وتحقق ما تريد الولايات المتحدة دون جهد، أو فشل روسيا وضعفها وسهولة سحب الملف من يدها في وقت لاحق.

خلال ست سنوات، لم تنجح روسيا واقعياً في أي ملف من الملفات المُشار إليها، وبقيت جميعها حتى اللحظة ملفات مفتوحة وحرجة وقابلة للانفجار، وخلال السنة الأخيرة لحكم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبدايات حكم الرئيس الحالي جو بايدن، بدأت الولايات المتحدة تتساءل عن مدى نجاح روسيا في إدارة الملف السوري، كما بدأت تتساءل عن الهدف الاستراتيجي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومن المُرجّح منطقياً وسياسياً واستراتيجياً أن تقول لروسيا قريباً إن الفرصة لإدارة الملف قد استُنفذت ويجب إعادته للأيادي التي يمكن أن تُديره بنجاح، وضمن شروط جديدة.

يمكن القول بكثير من الثقة إن الولايات المتحدة تعرف عدم قدرة روسيا على تحقيق السلام الأهلي والمصالحة الوطنية في سوريا، وعدم قدرتها على احتواء الوجود الإيراني في سوريا والمنطقة، وعدم قدرتها على إدارة الصراعات الإقليمية الشرق أوسطية المعقّدة، ولا على تهدئة المخاوف الإسرائيلية، ولا على أن تصبح القوة المهيمنة الوحيدة في المنطقة، ولا على ملء الفراغ الأميركي والأوروبي، وهم سعداء بغرق روسيا التدريجي في مستنقع من الصراعات الإقليمية، لكنهم بالتأكيد سيغيّرون الاستراتيجية حين يرون أن الفشل الروسي زاد عن الحد، كما هو في الوقت الراهن.

في الغالب، وبعد عشر سنوات من الصراع، ووجود العديد من الملفات الشرق أوسطية المفتوحة والتي لم تستطع روسيا إغلاقها، وبدء تفاقم التوتر بين أميركا وروسيا وانعكاساته المختلفة في عدة ملفات، ستجد إدارة الرئيس جو بايدن، التي لا تزال في طور المراجعة السياسية، نفسها مستعدة لإنهاء تفويض روسيا كقوة مهيمنة في سوريا، وستضع مساراً جديداً، يُبلور لتفاهم دولي – إقليمي ليست روسيا الآمر الناهي فيه، ويُنهي تفويضاً لم تستطع روسيا استغلاله، أو بالأدق، لم يكن لديها أساساً القدرة على إدارته والنجاح به، وما لم تفعل ذلك الإدارة الحالية، فإن الملف السوري لن يجد نهاية مُبشّرة له لأربع سنوات قادمة على الأقل.

تلفزيون سوريا

——————————–

بعض النصائح لأصدقائي السوريين والسوريين الأميركيين/ فريدريك هوف

ترجمة أحمد عيشة

إن السوريين والأميركيين السوريين يعربون عن مخاوف عميقة من أن الإدارة الجديدة للرئيس جوزيف بايدن، بخصوص سورية، لن تُظهر أكثر من استعادة السياسات الفاشلة المرتبطة بإدارة الرئيس باراك أوباما. سأكون مذعورًا، لو كانت هذه هي الحال، غير أني لا أظنّ أن الحالة هكذا. ولكن من الطبيعي أن تأمل إدارة بايدن بحماس، بدءًا بالرئيس نفسه، في أن يُترك انفجار سورية من حيث الجوهر للآخرين، لكي يتعاملوا معه؛ وأن تكتفي السياسة الأميركية بالبيانات العامة والمعونة الإنسانية وحدها.

والواقع أن أولئك الذين يقدّمون المشورة لنهج السياسة الأميركية في التعامل مع سورية، بالتركيز على النهج الأساسي: التحوّل السياسي (وإن كان أقل كثيرًا من تغيير النظام العنيف)، لا بدّ أن يأخذوا في الحسبان الأولويات التي أعلنها الرئيس بايدن. وهي تعكس جدول أعمال (أجندة) طموحًا للغاية.

يهدف بايدن إلى استعادة القدرة على إنقاذ قدرة الديمقراطية الأميركية، وضمان الازدهار المحلي، وإحياء الحياة المدنية، وحماية الشعب الأميركي وحلفائه من الخصوم الاستبداديين في مختلف أنحاء العالم. إن التغلّب على هذا الوباء [كوفيد 19]، ودفع عجلة الاقتصاد، وتجديد البنية الأساسية الحيوية، وحماية حقوق التصويت، واستعادة التحالفات والشراكات، هذه هي الأولويات. وتتصدر الهند والمحيط الهادئ وأوروبا ونصف الكرة الغربي القائمة في التركيز الجغرافي للسياسة الخارجية.

يتعين على السوريين، والسوريين الأميركيين، وأولئك الذين يريدون الدعم الأميركي الفعال للتحول السياسي في سورية أن يدركوا أولًا أولويات إدارة بايدن في أثناء صياغة التوصيات السياسية المتصلة بسورية، وتقديم المشورة إلى الإدارة والكونغرس؛ فالتوصيات والمشورة التي لا ترتبط بهذه الأولويات لن تلقى قبولًا حسنًا. 

قد يكون من الواضح لأولئك الذين وقعوا في معمعة الكفاح السوري، طوال عقد من الزمان، أن خصوم الولايات المتحدة استخدموا الصراع هناك لإلحاق الضرر بالسمعة الأميركية، على الصعيدين الإقليمي والعالمي؛ وجعلوا سورية مُصدّرًا لرعب البشرية، ومستوردًا للإرهاب الإيراني وغيره من أشكال الإرهاب، وكلها تنتقل عبر الحدود الوطنية. ولكن أولئك الذين ركزوا الوقت كله على سورية لا ينبغي لهم أن يفترضوا أن ما يرونه وما يقتنعون به، يراه الآخرون.

ويتعين على أولئك الذين يشيرون بجزع إلى نظام بشار الأسد وعناصر تمكينه المستمرة في استخدام سورية، كمرحلة لزرع العجز الأميركي في المنطقة وعلى الصعيد الدولي، أن يأخذوا في الحسبان احتمال أن الرئيس بايدن لا يرى الأمر على هذا النحو؛ وأنه قد يعتقد أن سورية لا تربطها صلة على الإطلاق بأولوياته السياسية الجديرة بالثناء والمرهقة. قد يعتقد، كما قد يفعل بعض كبار مسؤوليه، أن مصالح الأمن القومي الأميركي غير مأخوذة بالدمار الذاتي الكارثي الذي تشهده سورية؛ وأن الحلفاء والشركاء الأميركيين الذين يعيشون على مقربة من الانهيار السُميّ يجب أن يدافعوا عن أنفسهم.

ولا يقصد بأي من هذا أن يوحي باليقين بخصوص ما ستقرره إدارة بايدن في النهاية بصدد سورية. ولعل الرئيس بايدن وأعضاء رئيسين في فريقه لن يسمحوا بأن تمرّ عمليات القتل الجماعي للمدنيين في سورية، بلا ردع ومن دون عقاب. ولعل الإدارة المنظمة تنظيمًا جيدًا، التي تضم شخصية بارزة مؤهلة جيدًا بصدد سورية، سوف تثبت قدرتها على الاهتمام بالأولويات العليا للرئيس، في حين تعمل على تنفيذ استراتيجية تهدف إلى تعظيم احتمالات التحوّل السياسي، في بلدٍ يقدّم فيه إرهاب الدولة مقومات الحياة للإرهاب الإسلامي المرتبط بكل من إيران والقاعدة. ولعل الإدارة الجديدة سوف تدرك، في نهاية المطاف، من دون الاستفادة من الفشل الخطير في السياسة الخارجية، وجود صلة مهمة بين ما يحدث في سورية وتحقيق أهداف سياستها الخارجية.

ولكن احتمال التنازل الأميركي في سورية لا يمكن صرف النظر عنه واستبعاده. ومن عجيب المفارقات أن الأمر قد يكون نتيجة النية الحسنة لرئيسٍ يحاول أن يعرض هذا النوع من التركيز المنضبط الذي يراه كثيرون على أنه جدير بالإعجاب.

هناك خطرٌ حقيقي في أن ينجح في نهاية المطاف أولئك الذين يدعون -في الداخل والخارج- إلى التطبيع مع نظام الأسد، وفكّ عرقلة المساعدات المقدّمة لإعادة الإعمار، لصالح نظام اللصوصية والزعران (الكليبتوقراطي). قد يعتقد البعض أن الاعتراف بالهزيمة في سورية قد يكون مجرد أمرٍ لإقناع طهران باتخاذ خطوات جوهرية نحو استعادة الاتفاق النووي. ويجوز للبعض الآخر أن يستعين بمساعدات إنسانية فقط، وأن يستشهد بتصريحات تدين القتل الجماعي -إلى جانب المطالب الخطابية بالمساءلة- بكونها كافية للتحقق من صندوق السياسة العامة ومأزقها بصدد سورية.

والواقع أن السوريين والأميركيين السوريين يعبّرون على نحو متزايد عن مخاوفهم من تمسك ولاية الرئيس أوباما الثالثة بالفعل بسياستها تجاه سورية. أنا لا أعرف. بالتأكيد لن يكون هناك تصرف استعراضي علني وعام يوجه دكتاتور للتنحي أو يرسم خطوط حمراء قابلة للانتهاك. إن اتخاذ قرار بالرد الخطابي فقط على المذابح بحق المدنيين في سورية قد يدفع المسؤولين في هذه الإدارة إلى تجنب استخدام عبارة “لن تتكرر أبدًا” المتعلقة بالمحرقة (الهولوكوست).

ولكن، حتى لو اتضح أن السلبية هي السياسة المختارة، فإن نظام الأسد وداعميه قد يعضّون الولايات المتحدة وحلفائها وشركاءها في نهاية المطاف، بما يكفي من القسوة، للحصول على مزيد من التفويض من الغرب، بدلًا من الإسعافات والمحادثات. ولكن في غضون ذلك، فإن أولئك الذين يقدمون المشورة المتعلقة بسورية، إلى رئيس وإدارة يفضلون أن يكون التركيز في أماكن أخرى، من الأفضل أن يتواضعوا في توصياتهم ويضبطوا أنفسهم في توقعاتهم.

وإذا كانت هناك خطط كبرى غير اعتيادية في العمل الذي يتطلب أكبر قدر من الجهد أو الموارد أو الاعتبار على المستوى الأميركي، لتحويل سورية من تهديد للسلام إلى نموذج للحكم الشرعي الشامل، فإن الوقت الآن ليس مناسبًا لعرضه. ومن المؤكد أن مثل هذه المقترحات سوف يستخدمها المدافعون عن السلبية والتنازل، في السخرية من “الغرباء” الذين “لا يفهمون ذلك”. وإذا قررت الإدارة، فبوسعها أن تزيفها بأمان بخصوص سورية، فسوف تتعلم قريبًا ما أصبح واضحًا في إدارة أوباما: من الممكن أن يكون التقاعس في حد ذاته طائشًا ومزعزعًا للاستقرار وخطيرًا؛ ويمكن أن يؤدي إلى عواقب قاتلة غير مقصودة بالسهولة التي يمكن بها اتخاذ إجراءات غير مدروسة.

يعرف الرئيس بايدن أن هذا صحيح. لقد مرَّ بذلك حين كان نائبًا للرئيس أوباما. ومن الناحية المثالية، سوف يأذن بجهد متواضع الموارد للعمل بشكل فعال في سورية، في حين يبقي عينيه على الجائزة: تأسيس الديمقراطية، باعتبارها نظام التحول العالمي المنشود. ومن الناحية المثالية، سيصدر توجيهاته بأن تكون سورية منبرًا لإعادة إحياء التحالفات والشراكات الرئيسة. إن السماح لها بأن تظل مسرحًا تتبختر عليه إيران وروسيا والأسد، في دراما تبرز عجز أميركا وعدم أهميتها، لن يكون متسقًا مع ما يسعى الرئيس الأميركي الجديد إلى تحقيقه على المستوى الدولي. وسوف تستخلص الصين وروسيا وإيران وغيرها استنتاجات من سورية، بخصوص عزيمة أميركا، بصرف النظر عن رغبة واشنطن في المشاركة. وقد فعلوا ذلك منذ عقد من الزمن. لا شيء سيتغير. وليس هناك ببساطة أي مفرٍّ من أنك أنت الولايات المتحدة.

لا يستطيع الرئيس بايدن فعل كل شيء. ولا يجب أن يحاول. ولكن ما يحدث في سورية لن يبقى هناك. لم يحدث أن بقي، ولن يحدث أبدًا. ومع ذلك فإن المناصرين لسياسة أميركية في سورية، تركّز على التحول السياسي، لا بد أن يكونوا حساسين في مناصرتهم لأولويات السياسة التي تتبناها إدارة تريد أن يشكل نجاحها أهمية حيوية بالنسبة إلى الولايات المتحدة والعالم. ومن الضروري ربط تلك الدعوة بتلك الأولويات. العلاقة واضحة هناك. إن بناءها هو ثمن الاعتراف من أجل التقدير الجاد.

اسم المقال الأصلي         Some advice to my Syrian and Syrian-American friends

الكاتب   فريدريك هوف، Frederic C. Hof

مكان النشر وتاريخه         المجلس الأطلسي، Atlantic Council، 30 آذار/ مارس 2021

رابط المقال         https://bit.ly/31Pu9s0

ترجمة   وحدة الترجمة/ أحمد عيشة

مركز حرمون

————————–

فايننشال تايمز: العقوبات والمعاناة الاقتصادية تزيد خيبة العلويين من نظام الأسد

إبراهيم درويش

نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا لمراسلتيها كلوي كورنيش وأسماء العمر عن التوتر في العلاقة بين بشار الأسد وقاعدته العلوية، فالمدن الساحلية البعيدة عن الحرب شهدت ازدهارا اقتصاديا أثناء الحرب، لكنها بدأت تعاني بسبب العقوبات الأمريكية التي فرضت بموجب قانون قيصر وانتشار فيروس كورونا. وقالتا إن البلدات الساحلية السورية تنتشر فيها النصب للجنود الذين قدمتهم الطائفة العلوية دفاعا عن الأسد والذي ينتمي نفسه إلى الطائفة، ولكن وبعد عقد من الحرب يكافح النظام من أجل أن يحافظ على الدعم في معقل الدعم له.

وقد دمرت الحرب معظم سوريا التي يسيطر فيها الديكتاتور على ثلثي البلد ويواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة بما فيها مناطق العلويين الذين يعتمد عليهم الأسد في مؤسساته الأمنية والقتال في جيشه. ومثل معظم السوريين يعاني العلويون من الفقر وانقطاع التيار الكهربائي وانهيار العملة والبطالة. وفاقم الانهيار الاقتصادي الناجم عن الحرب وصول كوفيد -19 والعقوبات الأمريكية والأزمة المالية في الجار لبنان والذي كان بمثابة شريان مصرفي له.

ونقلت الصحيفة عن طالبة عمرها 22 عاما من اللاذقية قولها: “لا أعرف كيف أصف الوضع الرهيب الآن”. وتعتمد الطالبة على 10 دولارات في الأسبوع من دروس التقوية التي تعطيها وتحويلات مالية من شقيقها في ألمانيا. وأضافت “ربنا يساعد من ليس له أحد في الخارج ليرسل له المال”.

ويعتبر العلويون الذين يشكلون نسبة 15% من السكان طائفة مهمشة ولكنهم ظلوا يمثلون حجر الأساس للنظام في بلد غالبيته سنية. ومنذ سيطرة حافظ الأسد، والد بشار، على السلطة عام 1970، قام النظام بملء المناصب الأمنية وفي الاستخبارات من أبناء الطائفة. وأصبحت الدولة مصدر الوظائف للطائفة في بلد يسيطر فيه السنة والمسيحيون على المؤسسات التجارية.

وتقول إليزابيث تيرسكوف من “معهد نيولاين” إن الأسد عندما تبنى سياسات انفتاح للاقتصاد بعد وفاة والده حافظ “كان هناك نوع من التحسن في مستويات الحياة، للدولة وتحديدا العلويين”. ولهذا السبب لم يشارك سكان اللاذقية أو طرطوس في الثورة ضد الأسد في 2011، مما أبعدهم عن العنف الذي أصاب غالبية البلاد. وكأقلية كان لديهم ما يخشونه من الثورة التي بدأت بمطالب ديمقراطية قبل سيطرة جماعات متشددة عليها وترى فيهم جماعة منحرفة.

وقال كاتب من عائلة علوية في السبعين من عمره “كثوريين شعرنا بالخذلان من هذه الرايات السود”، في إشارة إلى راية تنظيم الدولة. ودعم العلويون النظام لأسباب سياسية وليست طائفية، كما يقول أليكس سايمون، مدير شركة أبحاث في بيروت “سينابس”، مضيفا “أصبحت الدولة العجلة الأولى للحراك الاقتصادي ومعيشة” العلويين. لكن الروابط تعرضت للضغط الآن، حيث تقدم صفحات الفيسبوك للمدن والبلدات العلوية صورة عن المظالم المحلية، من انقطاع التيار الكهربائي الذي لا يصل سوى لساعات في اليوم إلى نقص المحروقات وفشل المسؤولين في معالجة غياب الخدمات.

وأدت زيادة التضخم وانهيار العملة السورية التي صارت تساوي 3.500 ليرة مقابل الدولار إلى فقدان رواتب الجند والموظفين قوتها الشرائية. وقالت تيرسكوف: “عاد الحديث الآن إلى الحياة التي باتت إهانة مستمرة” كما كانت في عهد حافظ الأسد. ولا أحد لديه الجرأة لانتقاد بشار الأسد على الظروف إلا أن الكثيرين يشعرون بتخليه عنهم.

وقال مترجم من اللاذقية ومتطوع في مبادرات ثقافية عمره 38 عاما “لا يتعامل النظام إلا بالكاد مع المشاكل الاقتصادية” و”تحولت الدولة إلى أداة جمع، وبخاصة في العامين الماضيين حيث أصبحت الضرائب والغرامات هستيرية، لأن الحكومة مفلسة”. وفي الوقت الذي يدعم فيه البعض النظام جهلا أو خوفا إلا أن الوضع الاقتصادي أضعف إيمانهم به و”خرج الناس عن دينهم”. لكن قمع الدولة يجعل العلويين داعمين للنظام.

وقال كاتب: “وفي كل فترة، ترسل أجساد المعتقلين الذين ماتوا تحت التعذيب إلى عائلاتهم”. وأضاف أن “الجيل الذي ظل في سوريا شاهد الخوف والاضطهاد بطريقة تجعله غير قادر على الثورة مرة ثانية، والقبضة الأمنية قوية”. وعلق المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسون “تحولت غالبية (السوريين) إلى البؤس والمعاناة”. ولا تستطيع نسبة 60% من السكان الحصول على الطعام الكافي، وهناك 13% تعتمد في حياتها على المساعدات.

وتقلل تيرسكوف من إمكانية العودة إلى احتجاجات واسعة مهما كانت معاناة العلويين وبقية السوريين و”كان النظام قادرا على الإظهار للسوريين أنهم سيستسلمون ويخضعون والجميع يعرف أن الوضع لا يحتمل لكن أحدا لا يقوم بعمل شيء”. ورغم انخفاض وتيرة العنف في سوريا إلا أن الرعب اليومي لم يتوقف “شاهدت طفلا مستلقيا إلى جانب سلة نفايات واعتقدت أنه ميت وحاولت تحريكه وتبين أنه على قيد الحياة” كما يقول الكاتب الذي يعيش قرب دمشق.

———————-

رئيس النظام السوري يقيل حاكم المصرف المركزي

أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد مرسوما، الثلاثاء، أقال فيه حاكم مصرف البنك المركزي حازم قرفول اعتبارا من تاريخه، بالتزامن مع استمرار أزمة شح النقد الأجنبي وتراجع سعر صرف الليرة.

ونقلت وكالة أنباء النظام “سانا” مرسوم الأسد الذي تضمن “إنهاء تعيين قرفول حاكماً لمصرف سوريا المركزي الوارد بالمرسوم رقم 299 بتاريخ 24 سبتمبر/ أيلول 2018”.

وبينما لم يعلن المرسوم عن أسباب الإقالة أو تسمية حاكم جديد لمصرف سوريا المركزي، إلا أنه يأتي في وقت تعاني فيه البلاد من فوضى أسعار الصرف، وتراجع ثقة السوق المحلية بـ “الليرة”.

وتشهد السوق الموازية للعملة انتعاشا متصاعدا داخل البلاد، وسط تراجع وفرة النقد الأجنبي، ليسجل الدولار في التعاملات غير الرسمية اليوم 3300 ليرة، مقارنة مع 1257 السعر الرسمي.

وقرفول كان مكلفاً قبل تعيينه حاكماً لمصرف سوريا المركزي، بوظيفة النائب الأول لحاكم المصرف، إضافة لكونه عضواً في جمعية العلوم الاقتصادية بسوريا.

(الأناضول)

———————–

الائتلاف السوري: تعيين موريتانيا سفيراً لها في دمشق انحياز للمجرم وانحدار/ جلال بكور

اتهم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، اليوم، موريتانيا بالانحياز إلى النظام السوري “المجرم” والانحدار “إلى مستنقع الإجرام والدماء الذي يغرق فيه مع حلفائه”، وذلك على خلفية تعيين موريتانيا سفيراً لدى النظام السوري في دمشق.

وقال الائتلاف في بيان له: “في الوقت الذي تتراكم فيه الأدلة حول مسؤولية النظام عن ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية واستخدام الأسلحة الكيميائية، وتؤكد فيه دول كثيرة إصرارها على معاقبة المسؤولين عن تلك الجرائم؛ نجد من ينحاز نحو المجرم ويقبل أن ينحدر إلى مستنقع الإجرام والدماء الذي يغرق فيه مع حلفائه”.

وأضاف أن “قيام السلطات في موريتانيا بتعيين سفير لها لدى العصابة المجرمة يأتي في هذا السياق، وهو رضوخ غير مبرر على الإطلاق للابتزازات التي تديرها أطراف تسعى لتحويل المنطقة إلى شبكة إجرامية استبدادية تقوم على البلطجة وحبك المؤامرات، وتستند إلى خلق الفوضى وفرض واقع خال من المبادئ والمثل والأخلاق وتكريس مبدأ إفلات المجرمين من العقاب”.

وقال الائتلاف إن “الشعب السوري يرفض هذه الخطوة المدانة والمستنكرة، كما يستنكر ويدين أي دعوة لتعويم نظام الأسد، وينظر إليها كشراكة في الإجرام، إضافة إلى كونها دعاوى مشبوهة وقصيرة النظر، ولن تأخذ المنطقة إلا نحو مزيد من سيناريوهات القتل والإرهاب والتفجير التي لا يتقن النظام سواها”.

وذكّر الائتلاف في بيانه “الأطراف، التي تدعو بين الحين والآخر إلى تعويم نظام الأسد، بسجله المليء بالمجازر وجرائم التهجير والتعذيب واستخدام غاز السارين لخنق الأطفال والنساء والشيوخ”، كما طالبها بـ”الالتزام بمواقف الجامعة العربية والشعوب العربية، التي ترفض قطعاً النزول إلى مستنقع الدماء التي سفكها النظام أو السكوت عن جرائمه بحق الشعب السوري”.

وشدد البيان على ضرورة التذكير بأن “كل يد تمتد للنظام تفعل ذلك أمام 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل جرى قتلهم وتعذيبهم بشكل منظّم على يده”،وتساءل البيان عن “طبيعة المصالح التي تقف وراء مثل هذه الخطوات غير المدروسة وحجم الابتزاز والفساد الذي يدور حولها”.

وأكد البيان الثقة بـ”أن مصير هذه الخطوة المؤسفة لن يكون مختلفاً عن محاولات بائسة ومبتورة أخرى سعت إلى تعويم النظام، فكل من يصرّ على مد يده للمجرمين سيسقط في نفس أوحالهم”.

وقال البيان: “سورية ليست نظام الأسد، ولا يمكن للمجرم أن يمثل الضحية، والسوريون يتطلعون إلى تحقيق الشروط الكفيلة بعودة بلدهم إلى الجامعة العربية وإزالة الأسباب التي تمنع ذلك، وعلى رأسها نظام الأسد، أما المساعي الرامية إلى تعويم المجرم وتجاوز الحل السياسي والقرارات الدولية؛ فلن تكون سوى جريمة جديدة بحق الشعب السوري وإهانة لتضحياته واستهزاء بحقوقه وتطلعاته”.

وأضاف البيان: “إذا كنا نطالب العالم بتنفيذ القرارات الدولية، ومحاسبة المجرمين وحلفائهم، وضمان عدم الإفلات من العقاب، فإننا نتوقع من الدول العربية والشعوب الشقيقة مواقف أكثر ثباتاً ورسوخاً، بما يضمن تصعيد الضغوط ضد النظام والعمل من أجل انتقال سورية إلى نظام سياسي مدني جديد وفق مقتضيات بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2254”.

وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد، يوم الأحد الماضي، قد قبل أوراق اعتماد أحمد أدي محمد الراظي سفيراً للجمهورية الإسلامية الموريتانية لديه في دمشق.

وكانت موريتانيا قد أعلنت، بتاريخ 22 مارس/آذار العام الماضي، عن تعيين الوزير السابق أحمد أدي محمد ولد الراظي سفيراً جديداً لها لدى دمشق، في أول إجراء من نوعه منذ اندلاع الثورة ضد النظام السوري قبل عشرة أعوام، وجرى تقديم أوراق اعتماده لوزير خارجية النظام في فبراير/ شباط الماضي.

—————————

مصر تدعو لعودة النظام السوري إلى الحاضنة العربية/ محمد الأحمد

قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إنه من الضروري عودة سورية إلى جامعة الدول العربية والحاضنة العربية، جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي، اليوم الاثنين، عقب لقاء جمعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في العاصمة المصرية القاهرة، وأضاف أن مصر تألمت لما عانى منه الشعب السوري خلال السنوات الماضية. وأشار إلى أن الشعب السوري تعرض للقتل والنزوح، من دون التطرق لمن تسبب بالمأساة الحقيقة للشعب السوري.

وأشار شكري خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع لافروف إلى أن “الجميع شاهد أيضاً على التدخلات والاستهداف الإرهابي لسورية”، آملاً في عودة سورية لما كانت عليه من استقرار، ولكي يستمتع الشعب السوري في ممارسة الحياة السياسية. ولفت إلى أن الشعب السوري هو من سيقرر مستقبله وسيشكل الحكومة التي تمثله في الانتخابات المقبلة. وفق ما نقله موقع “روسيا اليوم”.

وكان وزير الخارجية المصري تحدث في تصريح سابق له، في يناير/كانون الثاني من العام الجاري عما وصفه بـ”التعقيدات” أمام عودة العلاقات الدبلوماسية بين سورية ومصر، وأشار حينها إلى أن بلاده تتطلع إلى عودة سورية إلى محيطها العربي، كما جدد شكري الحديث عن عودة سورية خلال اجتماع لوزراء الخارجية العرب في الدورة الـ155 لمجلس جامعة الدول العربية، في الثالث من مارس/آذار الفائت، معتبراً أن عودتها إلى الحاضنة العربية “أمر حيوي”، من أجل صيانة الأمن القومي العربي.

ووصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى القاهرة صباح اليوم الاثنين، لبحث ملفات مشتركة بين البلدين وتطوير العلاقات الثنائية، وكذلك بحث الملفات الإقليمية والدولية، والتقى، خلال زيارته، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وسامح شكري، وزير خارجية مصر.

ويبدو جلياً أن لافروف يحاول جاهداً من خلال زياراته الأخيرة لدول الخليج (قطر والسعودية والإمارات)، في مارس/آذار الفائت، الدفع باتجاه إعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية وحاضنتها، الأمر الذي عاد ليؤكده اليوم خلال لقائه نظيره المصري في القاهرة، وذلك قبيل الانتخابات الرئاسية السورية المزمع إجراؤها في يونيو/حزيران المقبل.

وأوضح لافروف خلال المؤتمر الصحافي، الاثنين، أنه على يقين بضرورة عودة سورية إلى الأسرة العربية، وأكد أن نداءات روسيا المتكررة في هذا الاتجاه بدأت تلقى آذاناً صاغية لدى شركاء في المنطقة. ولفت إلى أنه يجب أن تدرك الجامعة العربية ودمشق أيضاً الميزات الناجمة عن عودة سورية إلى عضوية الجامعة.

ولفت لافروف إلى أن موسكو تستعد لزيارة رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري ومسؤولين لبنانيين بارزين آخرين، في الفترة المقبلة، ومن المرجح أيضاً أن يبحث لافروف خلال زيارته المقبلة إلى بيروت موضوع عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية، وإعادة العلاقات بين النظام ومحيطه العربي، في محاولة من روسيا للالتفاف على قانون “قيصر” الذي فرضته الولايات المتحدة الأميركية في منتصف يونيو/حزيران العام الماضي، ويهدف القانون إلى منع الأنشطة التجارية الأجنبية من التعاون مع النظام السوري.

وكانت الجامعة العربية قد علقت عضوية النظام السوري خلال اجتماع طارئ في العاصمة المصرية القاهرة على مستوى وزراء الخارجية، في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011، بعد أشهر من اندلاع الثورة السورية واندلاع الاحتجاجات ضد حكم بشار الأسد، حينها وافقت 18 دولة عربية على تعليق العضوية، في المقابل رفض كل من لبنان واليمن القرار، بالإضافة إلى النظام السوري.

————————–

منظمة حظر الأسلحة الكيميائية: مروحيّة للنظام السوري هاجمت سراقب بغاز الكلور عام 2018/ هبة محمد

في أوضح إدانة للنظام السوري أممياً، قال محققون عينتهم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، إنهم يعتقدون أن الجيش السوري ألقى قنبلة كلور في عام 2018 على منطقة سكنية يسيطر عليها ثوار معارضون في شمال غربي سوريا، حسبما ذكرت المنظمة في تقرير لها أمس الإثنين.

وأضاف البيان أن “التقرير خلص إلى أن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن مروحية عسكرية تابعة لقوات النمر، وهي وحدة خاصة في الجيش السوري، هاجمت شرق سراقب، يوم 4 شباط/ فبراير 2018، وألقت أسطوانة واحدة على الأقل”. وأضاف التقرير أن الأسطوانة انفجرت وأطلقت غاز الكلور فوق مساحة كبيرة، مما أثر على 12 شخصاً من الأفراد المعروفة هوياتهم. وهذا هو التقرير الثاني الذي يصدره فريق التحقيق وتحديد المسؤولية التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، المسؤول عن تحديد هوية مرتكبي استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.

واعتمد التحقيق على تقرير بعثة تقصي الحقائق، والعينات ومواد أخرى حصلت عليها الأمانة الفنية، فضلاً عن تحليل طبوغرافي للمنطقة المعنية ونمذجة تشتت الغاز لتأكيد روايات الشهود والضحايا يوم 4 شباط / فبراير 2018.

وشارك في التحقيق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إلى جانب منظمة الدفاع المدني السوري، ومركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا، و”هيومن رايتس ووتش”، ومصادر أخرى.

مدير الشبكة السورية لحقوق الانسان، فضل عبد الغني، وصف التقرير الصادر عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بأنه “قانوني وحقوقي وبمعايير هي الأعلى في العالم”، ويمكن استخدامه مع جميع الأدلة التي معه، ببناء قضية متماسكة ضد النظام السوري الذي استخدام الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري”. وقال “إذا كانت هناك محكمة خاصة ضد النظام السوري لاستخدام أسلحة من هذا النوع أو محكمة ضمن المتاح حالياً، أي ضمن اختصاص القضاء العالمي، أو إذا أنشئت لاحقاً محكمة خاصة لسوريا، فهذا التقرير يمتلك من الأدلة ما لا يمتلكها غيره من المنظمات، لمحاسبة النظام، عبر مجلس الأمن عسكرياً واقتصادياً تحت الفصل السابع”.

مدير فريق الدفاع المدني السوري رائد صالح وصف في حديث مع “القدس العربي” التقرير الصادر عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والذي أكد مسؤولية نظام الأسد عن استخدام الأسلحة الكيميائية في مدينة سراقب، بأنه “خطوة مهمة جداً وتقرير مهم يضاف إلى تقارير سابقة أثبتت استخدام نظام الأسد للسلاح الكيميائي في خان شيخون وسراقب”.

———————-

لماذا أعفى الأسد محافظ المصرف المركزي من مهامه؟

في خطوة لم تكن مفاجئة، أقال رئيس النظام السوري بشار الأسد، حازم قرفول من منصب حاكم مصرف سوريا المركزي، من دون أن يتم الإعلان عن خليفته.

ونص مرسوم، صادر عن الأسد الثلاثاء، على إنهاء تعيين حازم يونس قرفول حاكماً لمصرف سوريا المركزي، بعد أن تم تعيينه في منصبه بموجب المرسوم رقم 299 لعام 2018.

وكعادته، يحاول النظام تحميل جزء من  مسؤولية الأزمات إلى المسؤولين، بحيث يتم الحديث عن فشل وتقصير من قبل هذا المسؤول وغيره، من دون الإشارة إلى مسؤولية رئيس النظام بشار الأسد.

وبعد الإعلان عن المرسوم، قال موقع “سيريا ديلي نيوز” الموالي للنظام، إن قرار إعفاء حازم قرفول جاء لدوره السلبي وتقصيره الشديد وربما لفساده، في عملية المواجهة بين الليرة والدولار.

وأضاف أن قرفول يتحمل مسؤولية كبيرة في ارتفاع سعر صرف الدولار خلال العام الماضي، بحيث لم يمتلك الجرأة والمسؤولية ليأخذ أي إجراء تقني لكبح ارتفاع الدولار، ورفض أي مقترحات مفيدة كانت تطرح لتقوية الليرة وتعزيز قدرتها أمام الدولار بحجة أنها مقترحات غير صحيحة، ما يؤكد عدم امتلاكه فكر المبادرة و تقنية التفكير الصحيح في مجاله المالي والمصرفي.

وأنهى الموقع بالإشارة إلى أن “إجراءات الدولة مستمرة في مواجهة الحرب المالية وسيستمر تراجع الدولار أمام الليرة”.

ووفق قراءة الباحث الاقتصادي يونس الكريم، تشير خلفيات القرار، إلى أن النظام يحضر لإدارة جديدة لملف الليرة السورية والدولار، وفي الوقت ذاته يريد النظام إرسال رسائل تطمينية إلى التجار وشركات التحويل والصرافة، مفادها أن الطريقة الأمنية لإدارة ملف الليرة، قد تغيّرت.

ويوضح ل”المدن”، أن قرفول كان سباقاً في تطبيق الحل الأمني بما يخص المشهد النقدي السوري، بحيث منع قرفول تداول الدولار في مناطق سيطرة النظام، وكذلك منع نقل المبالغ المالية الكبيرة بين المحافظات، واتخذ عدداً من الإجراءات الأخرى بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، ضد مكاتب الصرافة، أغلقت بموجبها شركات صرافة عديدة.

وقال الكريم، إن قرفول منذ تسلمه مركزي النظام، عمد إلى تطبيق سياسة واحدة، وهي إلغاء طلب الدولار وتجميد عرضه، بحيث قادت هذه السياسة إلى ارتفاع الدولار من نحو 500 ليرة سورية في أيلول/سبتمبر 2018، إلى 4000 ليرة وأكثر.

ويرى أن تحسن قيمة الليرة بعد تصحيح مسارها نحو التحسن، ووصولها عند حاجز ال3200 حالياً، هو أمر ناجم عن  سياسة قرفول ذاتها، بحيث تم إلغاء الطلب على الدولار بعد توقف البيع والطلب على العقارات والسيارات وغيرها، وجعل الحركة التجارية في الحد الأدنى، مستدركاً: “لكن أي زيادة في الحركة التجارية ستؤدي فوراً إلى ارتفاع الدولار مجدداً”.

ويتساءل الكريم: “هل سيسير خليفة قرفول على النهج ذاته، بحيث لا يتغير المشهد النقدي، وتبقى العملة عرضة للتذبذب، وعلى وشك الانهيار”، مضيفاً “انتهى دور قرفول وكانت مرحلته بائسة اقتصادياً، وعملية الإصلاح شبه مستحيلة، وأمام المحافظ الجديد مهام صعبة، وأهمها مهمة منع الليرة من تسجيل المزيد من الانهيار، بانتظار الحل السياسي”.

وفي أيلول/سبتمبر2020، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قرفول بموجب قانون “قيصر” لحماية المدنيين في سوريا، ويُعتبر قرفول الحاكم الثاني عشر للمصرف المركزي، وهو من مواليد 1967 محافظة طرطوس، وحاصل على شهادة الدكتوراه في المالية والمصارف من جامعة مونتسكيو في فرنسا.

وسابقاً شغل قرفول منصب أمين سر هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وعمل قبل ذلك في مصرف سوريا المركزي لدى مديرية الأبحاث الاقتصادية والإحصاءات العامة.

———————-

باريس وبرلين لمحاسبة الأسد على إستخدام الكيماوي في سراقب

شدّدت ألمانيا وفرنسا على ضرورة محاسبة نظام الأسد بعدما خلص تحقيق لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية إلى أن دمشق استخدمت أسلحة كيماوية لقصف مناطق في إدلب عام 2018.

وقال وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان في بيان، إن “استخدام نظام الأسد لهذه الأسلحة في شكل موثق ومؤكد هو أمر مرفوض”، مشدداً على وجوب “الرد في شكل مناسب”.

وأضاف لودريان أن التقرير الجديد الناتج عن عمل مستقل وحيادي يحدد هوية مرتكبي استخدام الأسلحة الكيماوية خلال هجوم سراقب، مؤكدا أن استخدام النظام السوري لهذه الأسلحة لا يمكن دحضه. وأدان بشدة، أي استخدام للأسلحة الكيماوية في أي مكان وزمان ومن قبل أي شخص وتحت أي ظرف من الظروف، مشدداً على أن “فرنسا لا تزال في حالة استنفار كامل لضمان الاستجابة المناسبة لهذه الإجراءات”.

من جهته، قال وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس في بيان، إنه “بالنسبة إلينا، من الواضح أن انتهاكاً بهذه الصراحة للقانون الدولي يجب ألا يمر من دون عواقب”، مؤكداً وجوب “محاسبة المسؤولين” عنه.

وأضاف ماس أن “جميع الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية مدعوة إلى الرد على هذه الانتهاكات المتواصلة لسوريا لمعاهدة حظر الأسلحة الكيماوية”، داعياً هذه الدول إلى “استخدام السبل المتاحة في إطار المعاهدة لفرض احترامها”.

وكانت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أكدت بعد إجرائها تحقيقاً، أن قوات الأسد الجوية استخدمت غاز الكلور، أثناء هجوم على مدينة سراقب في شباط/فبراير 2018.

وتصوت الدول الأعضاء في المنظمة في وقت لاحق من نيسان/أبريل، على إمكان فرض عقوبات على النظام قد تشمل تعليق حقّه في التصويت، في ما يشكل العقوبة الأشد التي تجيزها المنظمة إذا لم يتخذ البلد المعني إجراءات في هذا الصدد.

————————–

لا تترك السوري جوعان”.. تبرّع لعلي رامي مخلوف!

أطلق علي مخلوف، ابن رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، حملة في مواقع التواصل الاجتماعي من أجل جمع التبرعات للسوريين الجائعين، حسب تعبيره، بعد أسبوع واحد فقط من استفزازه مشاعر السوريين أنفسهم بصوره الباذخة في حفلة عيد ميلاده التي تضمنت قالب حلوى مزيناً بحفارة نفط، فيما تعاني البلاد أزمة محروقات ضمن أزمات اقتصادية متعددة.

ونشر علي (21 عاماً) بياناً للحملة الخاصة به، عبر حسابه في “أنستغرام”، قال فيها أنه تواصل مؤخراً “مع عدد من المشاهير العرب الذين لديهم عدد كبير من المتابعين في منصات التواصل الاجتماعي ليتم بالتعاون معهم الإعلان عن حملة تبرعات للمساهمة في انقاذ الشعب السوري الجائع بالأخص في هذا الشهر الرمضاني المبارك”، مشيراً إلى اختيار شخصيات عربية من الإمارات والسعودية والكويت ومجموعة من السوريين والدول العربية الأخرى، للترويج لهذه الحملة التي ختمها بجملة مستفزة أخرى: “هذا خطنا وهذا دورنا ونحن خلقنا لنساعد”.

ويبدو أن علي مخلوف يقسم وقته بين سوريا ودبي وروسيا. ويدأب على تحميل صور تبين حياة الترف التي يعيشها سائحاً حول العالم ومقتنياً أغلى الأغراض. ويتابعه عبر “إنستغرام” 223 ألف شخص، بينما يقدر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أن ما لا يقل عن 12.4 مليون شخص، أي 60% من السوريين داخل البلاد، يعانون انعدام الأمن الغذائي والجوع، بزيادة قدرها 4.5 ملايين شخص خلال عام واحد فقط.

وفيما اعترف بيان علي، بوجود الفقر والجوع في البلاد، فإنه لم يشر إلى السبب الحقيقي وراء ذلك، وهو سياسات النظام الاقتصادية بالتحديد، والفساد المستشري في البلاد منذ عقود سبقت الثورة السورية. كما أن ثروة والده الذي قالت صحيفة “غارديان” البريطانية العام 2012 بأنه أغنى رجل في سوريا، وحدها كافية لمنع السوريين من الانزلاق إلى الجوع، لو تم توزيعها بشكل عادل عليهم، بدلاً من تقديم مثل هذه الحملات التي تهدف إلى تلميع صورة عائلة مخلوف وتقديمهم بمظهر إنساني بالتوازي مع تعرض رامي مخلوف شخصياً لملاحقات النظام خلال العام الماضي، في دراما محلية أظهرت الصراع داخل عائلة الأسد.

وكان رامي مخلوف ظهر العام الماضي، في مقاطع مصورة عبر “فايسبوك”، هاجم فيها النظام السوري وهدّد رئيسه بشار الأسد، بعد التضييق الكبير الذي تعرض له، والسيطرة على أمواله وممتلكاته وعلى رأسها شركة “سيرتيل” التي يرأس مجلس إدارتها، وتدرّ عليه مبالغ طائلة سنوياً. وكان من نتيجة ذلك سيطرة أسماء الأسد بشكل متزايد على قطاع الجمعيات الخيرية في البلاد، عبر مؤسستها “العرين” التي باتت بديلاً لجمعية “البستان” الخيرية التابعة لمخلوف.

وبحسب بيان علي مخلوف، فإن الحملة تهدف إلى جمع مبلغ 10 مليون دولار، أي ما يعادل تقريباً 35 مليار ليرة سورية، يساهم فيها شخصياً بمبلغ مليونَي دولار، ما يعادل تقريباً 7 مليارات ليرة سورية. وذلك بالشراكة مع “الهلال الأحمر الإماراتي” لما يتمتع به من مصداقية ورصيد في العمل الإنساني على مستوى العالم، حسب تعبيره.

————————

===========================

تحديث 17 نيسان 2021

————————

تفاصيل أسدية-4 حافظ الأسد يطبق على دمشق: ترييف أم علونة.. أم أسدنة؟/ غسان المفلح

لابد لنا من توضيح بعض المفاهيم التي تحكم رؤيتنا لهذه التفاصيل الأسدية. كي لا نبقى أسيري الخطاب المتداول ومعاييره وسياقاته التي تحكمنا. من جهة أخرى نحن مربكون حتى اللحظة في إنتاج معرفتنا عن بلدنا. لكننا نحاول المثابرة من أجل إنتاج مفاهيمنا عن بلدنا هذه. أحيانا أجد نفسي مثلا، عند مناقشة أي جانب في وضعيتنا، والكتابة فيه وعنه، أجد أن أدوات معرفتنا ناقصة. في كل محاولة لتلافي النقص هذا تجد نفسك أحيانا في حالة فقر معرفي من جديد. نحاول تبييئة مفاهيم سوريا. مازلت أذكر ردود بعض الأصدقاء على دراسة مطولة قمت بها في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي حول مفاهيم الوطنية واللاوطنية والبرجوازية البيروقراطية، قلت فيها لا يمكن الحديث عما يجري في سوريا، دون تشريح حالة اللاسلم واللاحرب القائمة بين سوريا الأسد وإسرائيل، معترضاً في ذلك الوقت على تقييم النظام انطلاقا من مفهومي الوطنية واللاوطنية التي كان يتبناها حزبنا (حزب العمل الشيوعي) في سوريا. للأسف تم مصادرة هذه الدراسة وكانت تقع في 140 صفحة تقريبا. كتبتها وأنا في حالة تخفٍ هروبا من المخابرات في حلب.

استتب وضع البلد أسديا منذ عام 1972  بالتأكيد معادلة “ريف/ مدينة” على أهميتها في دراسة تشكل المجتمعات المعاصرة، إلا أننا هنا نتحدث عن حالة سياسية فرضت من فوق على الريف والمدينة معا.

برأيي الأجدى القول أسدنة دمشق وليس ترييفها، وهي محاولة لإنتاج مفاهيم خاصة بالحالة السورية، والتي لاتزال معرفتنا قاصرة عن التعريف بحالنا. علما حاولت في الجزء الأول الحديث عن الطبيعي والطبقي في قضية ريف مدينة. لكننا هنا أمام حالة خاصة جدا، وهي أسدنة دمشق. أو أسدنة حلب بالتالي أسدنة سوريا ريفا ومدينة. يقول بعض الأصدقاء الكتاب بعلونة الدولة السورية عسكريا على الأقل، وأصدقاء آخرون يتحدثون عن” أهلنة الدولة”. هذا ما اشتقه المفكر السوري ياسين الحاج صالح. هذه الأهلنة مستندة على الأهل العلوي، كما يراها ياسين ” ظهور الدولة الأهلية والمجتمع الأهلي، وصعود السياسة الأهلية والثقافة الأهلية، أعني جنوح السياسة القليلة المتاحة لأنه تجد حواملها في الجماعات الأهلية، وتحول الثقافة إلى تعبيرات مواربة قليلاً أو كثيراً عن الولاءات والاستقطابات الأهلية”.

أعتقد مع خصوبة كل هذه القراءات إلا انني أجد من المناسب في سوريا الحديث عن أسدنة الدولة والمجتمع معا. وهذا يستغرق الأهلنة والعلونة والترييف. هذا ما حاولت الحديث عنه في مقالات سابقة وأسميته” عقيدة الأسد”. نحن لا نتحدث عن ديكتاتور حكم لسنوات قليلة بل نتحدث عن ديكتاتور يحكم منذ أكثر من 53 عاما. خمسة عقود، تغير فيها العالم بمسافات ضوئية. وسوريا الأسد تغيرت بمزيد من فشل الدولة وتغول الأسدية.

يقول الباحث شوكت غرز الدين” أنَّ مفهوماً كمفهوم الفاعل السياسيّ يشمل جميع الفاعلين السياسيّين الذين وجدوا والموجودين الآن والذين سيوجدون في المستقبل، ولكنه يتضمن أقل قدرٍ ممكن من الصفات الأساسيّة التي يشترك فيها جميع الفاعلين السياسيّين، والتي يمكن أنْ تحدّ المفهوم وتعيّنه. وبفضل ممارسة السلطة كسلطة، ومسلّماتنا المعرفيّة عن هذه الممارسة، حدثَ عندنا العكس؛ فتقلّصَ عندنا مفهوم «الفاعل السياسيّ» في الشمول، واقتصرَ على فاعلٍ واحد هو الرئيس أساساً، والذي يتبعه بدرجات متفاوتة عدد معيّن من الفاعلين، ينظم العلاقة فيما بينهم شكلٌ هرميٌ وخيطٌ لا مرئيٌ يصلهم بشخص الرئيس. وهؤلاء الفاعلون هم: النظام، الأمن، الجيش، رئيس الوزراء، الوزراء، أصحاب رأس المال، الحزب، النقابات العماليّة والحرفيّة والاتحادات بأنواعها الفلاحيّة والنسائيّة والطلابيّة والشبابيّة والرياضيّة ومنظمات الطلائع و«المؤسسات» الدينيّة والمذهبيّة. كذلك الدولة، ومؤسساتها التنفيذيّة والماليّة والدبلوماسيّة والتشريعيّة والقضائيّة والإعلاميّة والأيديولوجيّة”.

الأسدنة تتميز بالاستيلاء على المال العام أيضا. بالسرقة والنهب أو بالتحكم عبر أجهزة دولتها. الأسدنة انطلاقا من مفهوم الفاعل السياسي، انطلقت بشكل سريع منذ المنتصف الأول للسبعينيات، وحل الأسد فاعلا سياسيا وحيدا في سوريا. حتى وصلنا إلى ما عرف ب” سورية الأسد”. في الأرياف والمدن والبعيدة عن دمشق يمكننا أن نجد هامشا أهليا ما عشائريا أو دينيا، لكن في دمشق أطبق عليها الأسد إطباقا قل نظيره في أي عاصمة عربية أخرى اللهم طرابلس الغرب، وبغداد في عهد صدام. لا ينفع القول إن هنالك شراكة لأي طرف مع الأسد، من حيث الفاعلية السياسية. يمكننا الحديث أنه بعد اتفاقيات الفصل عام 1974 التي تمت برعاية هنري كيسنجر على الجبهة الإسرائيلية السورية، ثم زيارة نيكسون الرئيس الأمريكي لدمشق 1975. ودخول القوات الأسدية إلى لبنان، هؤلاء المتبقون في النظام عبارة عن منفذين لسياسة هذا الفاعل السياسي على كافة المستويات.

لا يحتاج الأمر لدليل وهو ببساطة أن الجميع يتغير ما عدا الأسد. وهذا ينطبق على الأسد الابن. الجميع بدون استثناء ضباط وزراء مدراء مؤسسات. كل ما يخص أجهزة الدولة والقوة يتغير، المسؤولون فيها إلا الأسد. الحديث عن شركاء للأسد بوصفه فاعلا سياسيا حديث غير خصب ولا يقدم أية فائدة. هذا الفاعل السياسي تكرس بفعل اتفاقيات الفصل هذه. بدون تحليلها وتحليل الوضعية التي نتجت عنها لا يمكننا فهم العقيدة الأسدية. حتى في عهد الشباطيين الذي لم يدم سوى سنتين قبل أن يستولي الأسد عمليا على السلطة 1968. قبله في عهد القيادة الانقلابية الآذارية 1963-1966 كان هنالك مراكز قوى داخل الحزب ومؤسسات الجيش والأمن، يمكننا فيها الحديث عن تعدد الفاعل السياسي نسبيا. هذا الموضوع بعد عام 1968 بدأت نهايته وتوجت بشكل نهائي في زيارة نيكسون لدمشق. باتت عمليا “سوريا الأسد” تتويج غربي أمريكي بامتياز وسوفييتي ايضا، لأن السوفييت كانوا يرون أن هذا حجمهم في دمشق. رغم معرفتهم بالأسد ونظامه. هذا الفاعل بحكم القمع والرشوة، لم يعد يحتاج كثيرا لتدريب منفذي أوامره لأنها باتت شبه معرفة، والقنوات المهمة للتواصل السياسي على الصعيد الدولي خاصة مع السوفييت والأمريكان والإسرائيليين والفرنسيين كانت ممسوكة من الأسد شخصيا. البقية منفذون ومستشارون في أقصى حالاتهم. سواء كان هؤلاء علويين أم سنة أم مسيحيين أم دروزا أم اكرادا.

أطبق الفاعل السياسي الأسدي الوحيد على دمشق.

————————–

عن أوان الأسد وانتخاباته|/ موفق نيربية

يبدو أن بشار الأسد لم يستطع مقاومة رغبته بتقليد فلاديمير بوتين في دخوله الكرملين كقيصر قديم، ليستعرض مشيته الفخورة على السجادة الحمراء وحيداً، حتى وصل إلى حيث أقسم يمينه الدستورية. وقد قام الأسد بمشهد يشبهه، حين استجلب أعضاء مجلس الشعب إلى القصر الجمهوري، ليقسم يمينه أمامهم، بعد يمين بوتين وفيلمه الوثائقي المعروف بعامين، في 16/7/2014.

الآن، يريد تكرار تلك الانتخابات، خلال فترة تبدأ بعد يومين في السادس عشر من إبريل/ نيسان الجاري، وتنتهي بعد شهر. ولا يبدو أن العالم يعير الأمر اهتماماً كافياً مؤخراً، ليبدو وكأنه اقتنع بنصيحة من اقترح تجاهله واحتقار مسرحيته، أو ربّما انشغل الناس بمشاغل أكثر أهمية وراهنية، مثل موجة الوباء الثالثة، وجدول أعمال الإدارة الأمريكية الجديد المزدحم، خصوصاً فيما يخصّ إيران ومسار الاتفاق النووي، وأوكرانيا وتوتّر حدودها مع روسيا، ولولا إحساسهم بالقهر، لعلّ السوريين أيضاً كانوا سيتجاهلونه.

من حقّ العالم كذلك أن يمسك قلبه بيده، حين يتذكّر كيف ترافقت الانتخابات السابقة مع حصار «داعش» للموصل ثم دخوله إليها واغتنامه 2300 سيارة رباعية الدفع، شكّلت جزءاً مهماً من بنيته التحتية العسكرية لاحقاً. ولا تتوفّر للنظام حالة تخيف الآخرين ويختبئ وراءها كتلك حالياً، إلّا إن جاءت عن طريق توتّر باهرٍ يتعلق بإسرائيل أو إيران وحزب الله، أو أوكرانيا والبحر الأسود.

أصبح عادياً القول إن شرعية الأسد تآكلت حتى الاهتراء، ولكن ذلك لا يؤثّر في شهيّته وحماسة زوجته، التي حاولت مؤخراً الدفع نحو تطبيقات إلكترونية للزكاة، تُدخلها في مسارات النظام المالية، وتحاول الاستثمار في شهر رمضان. اختلطت تلك الشرعية باستبداد وفساد، وإجرام بحق الإنسانية لعقود عديدة، ثم تدهورت بشكل لولبي مع قتل مئات الألوف وتشريد الملايين، عندما اعتدت على حقوق أكثر من نصف سكان البلاد في حياتهم ووطنهم، أولئك السكان أنفسهم الذين كانوا سيمارسون حق الانتخاب، أو المقاطعة، والذين يجعل غيابهم أي انتخابات باطلة.

تلاشت حتى الشرعية الشكلية، رغم بقائه خارج القضبان وبعيداً عن المحاسبة عمّا هو مسؤول مباشرة ومن دون أيّ شك. وجرائمه باعتقال مئات الآلاف، وقتل عشرات الآلاف تحت التعذيب، إضافة إلى قتل قواته والميليشيات التي اصطنعها، أو استقدمها من خارج البلاد لمئات الآلاف أيضاً وتعويق أضعافهم، وتدمير بنية البلاد التحتية واقتصادها وتعليم أبنائها، وتدمير ما كان قد بقي من تماسك في نسيج المجتمع السوري، الذي انتشر جائعاً في البلاد أو شريداً في أصقاع الأرض.

وفوق ذلك كله، فقد النظام بشكل عملي شرعيةَ إجراء انتخابات، وهو رسمياً في سياق عملية سياسية تخضع للقانون الدولي، يتمّ من خلالها وضع دستور جديد، سيكون مرجعاً لأي انتخابات لاحقة. ويشكّل النظام طرفاً في تلك العملية لا يحقّ له القفز من فوقها، وتجديد رئاسته التي يريد لها أن تكون أبدية كما اعتاد قبل المحرقة.

أصبحت سوريا ثلاثة أقاليم الآن، تتفرّع منها أقاليم أخرى غير واضحة المعالم بشكل قاطع. أكبر تلك الأقاليم نظرياً هو ما يقع تحت سلطته، المتداخلة مع سلطات إيرانية وروسية، وسيطرة عشرات الميليشيات المحلية والمستوردة، التي لا تعدو كونها عصابات تتداخل مصالحها وتتعارض حسب الوقائع اليومية. أكبر تلك العصابات يتمثّل بالفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، وحزب الله الذي لم يحسم أمره بعد ويحمل متاعه ويرحل. في ذلك الإقليم، بقايا الدولة التي أفشلها الأسد، وأوصل سكانّها إلى حدود المجاعة، بعد أن قام بتحطيم اقتصادها ونهبه، وتحويلها إلى نموذج لا يمكن تبيّن ملامحه، ولا مقارنته مع غيره في التاريخ الحديث. الإقليم الثاني في إدلب وحتى الحدود مع تركيا شمالاً وغرباً، تتداخل فيه سلطات الأمر الواقع الخاضعة للنفوذ التركي بشكل كامل، أو بشكلٍ جزئي، كما هو الأمر مع هيئة تحرير الشام. ما يسود تلك المنطقة من واقع عسكري واقتصادي واجتماعي وثقافي، يجعل مهمة الذين سوف يقومون بإعادة لحمة البلاد صعبة جداً في المستقبل القريب أو البعيد. الإقليم الثالث فريد وجديد في نوعه أيضاً، في شمال شرق سوريا، حيث تسيطر الولايات المتحدة بظلّها الثقيل، ودعمها لسلطات الأمر الواقع أيضاً هناك، التي أقامت نظاماً تجريبياً للسلطة والإدارة من دون استشارة أحد. هنالك تداخل غريب في تلك المنطقة ما بين وجود رسمي وإداري للنظام، ووجود عسكري تركي في شريط عريض على الحدود، إضافة إلى وجود روسي يقوم بدور الميسّر أحياناً، ليكسب المزيد من النفوذ ويلعب به ألعاباً رابحة أخرى. في ذلك الإقليم أفضلية نسبية على غيره، بوجود شكلٍ» مدني» وبعض الحرية والحياة، ممتزج بممارسة شمولية ويسارية، وروح عسكرية متغلّبة وقادرة على القمع، وعلاقة لا تقتصر على الأمريكيين، وتتعدّاها إلى حيث معسكرات حزب العمال، العدو الأكثر عدائية للحكومة التركية، والأكثر استهدافاً من قبلها.

من الإقليم الأول الذي تسيطر فيه سلطة الأسد رسمياً، تتفرّع منطقة، أو إقليم رابع غير محدد الحدود أو الملامح في المحافظات الجنوبية، حيث تتداخل قوى النظام والروس والإيرانيين والمعارضة، التي لم تُهزم إلّا جزئياً، إضافة إلى معارضة من نوع مختلف أيضاً في جبل العرب، الذي بقيت له بعض استقلاليته، رغم تبعيته رسمياً إلى دمشق. تهيمن في هذا الإقليم كذلك ظلال إسرائيل الغامقة، التي يحسب الجميع حسابها وحساب مصالحها، إلّا إيران بالطبع. هنالك» أقاليم» أخرى تشكلها ملايين تشرّدت ولجأت هنا وهناك، ولن تكون لها أيّ علاقة مع شيء يخصّ الأسد ونظامه. ولكن الناس على الأرض بدورهم، ليس في المناطق البعيدة عن سيطرة النظام وحسب، بل حتى في تلك التي تخضع له نظرياً، لن يكون لديها من الوقت – بمعظمها في أزمتها الخانقة، حتى بين من يوالون الأسد، أو يلوذون به – ما تعطي فيه اهتماماً لتلك المهزلة. فأيّ انتخابات يا رجل؟ وأنت لا تستطيع جمعاً أو طرحاً، في انتظار أن تحين ساعة الجدّ ويختمر العجين وتنضج القوى المتصدّية للأمر في المقدمة على نار قوية وهادئة.. تلك الساعة ستكون ساعة الحساب والمحاسبة أيضاً. لن يكون الخيار سهلاً ما بين إجراء تلك الانتخابات الصورية المهزلة، أو تأجيلها بذريعة ما، يمكن أن تكون ظروف الوباء مثلاً؛ وفي الحالتين سيقع النظام في حرجٍ شديد يزيد من ضعفه وتهافته. وممّا يبدو على السطح، يرى المراقبون تكراراً كوميدياً للاستفتاءات القديمة، تقودها زوجة الأسد في ما يبدو، التي تدفع باتّجاه الانتحار بعد أن فقدت كلّ أوراقها أيضاً، ودخلت في نادي الذين تشملهم العقوبات وتلاحقهم المساءلة والمحاسبة.

لم يعد هنالك وقت كافٍ لأن يقنع الروس الأسد بالتنحّي جانباً قبل الانتخابات، وليس من مؤشّرات على مثل ذلك الميل لديهم حتى الآن أيضاً، وخصوصاً بعد فتحهم لجبهة مناوشات دولية جديدة، وتوتّر استراتيجي في أوكرانيا غير معروفة الأفق. وكذلك تنشغل إيران بقوة ما بين انتخاباتها الرئاسية، وتطورات المفاوضات حول الاتفاق النووي، وتتفاعل الساحة العراقية بشكل أكثر من السابق، بحيث يمكن أن تؤدّي إلى قطع طريق إمداد دمشق – وبيروت – البرّي بالسلاح، كما تزداد الحالة اللبنانية حرجاً واستنفاراً لتشغل حزب الله ومشغّليه. وقد قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدوره كذلك بخطوة على طريقة الأسد مؤخراً، ليتيح لنفسه تمديد رئاسته إلى «أَبَدِه» الخاص، الأمر الذي يبدو أنه إغراء» أبدية» خامنئي، الذي يكتفي بتطبيق مبدأ الفترتين على روحاني وإخوانه من الرؤساء. وسوف يزيد هذا من انجذاب الأسد إلى إجراء الانتخابات، ويدخله في الورطة التي تجعله ينسف العملية السياسية الجارية، والقرار الدولي 2254، واللجنة الدستورية، كلّها بضربة واحدة. ذلك كلّه يمكن أن يخدعه ليحسب العالم منشغلاً قد نسيَه حيث هو، إلّا أن المظاهر قد تخدع كثيراً.

كاتب سوري

القدس العربي

——————————-

نظام الأسد يستعد لانتخاباته: إجراءات لتخفيف الاحتقان الشعبي/ أمين العاصي

تشير الوقائع والمعطيات إلى أن النظام السوري حسم قراره بإجراء الانتخابات الرئاسية منتصف العام الحالي، وفق دستور وضعه عام 2012، ما يعني انتهاء العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، والتي لم تستطع حتى اللحظة دفع النظام إلى مفاوضات ذات مغزى، بسبب رفض النظام أي حلول سياسية يمكن أن تقوّض وجوده أو لا تسمح ببقاء بشار الأسد في السلطة. وذكرت مصادر مطلعة في العاصمة السورية دمشق أن “مجلس الشعب” (البرلمان) التابع للنظام سيعقد يوم الأحد المقبل جلسة، من المرجح أن تخصص للدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية لتثبيت بشار الأسد في السلطة لدورة جديدة، مدتها 7 سنوات وفق دستور 2012، الذي ينصّ على أن “يدعو رئيس مجلس الشعب لانتخاب رئيس للجمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس القائم في مدة لا تقل عن 60 يوماً ولا تزيد عن 90 يوماً”.

وقبيل نحو شهرين من إجراء الانتخابات المتوقعة في يونيو/حزيران المقبل، بدأ النظام سلسلة من الإجراءات الاقتصادية لتخفيف الأزمة المعيشية التي تضغط منذ أشهر على السوريين في مناطق سيطرة الأسد، فسمح منذ أيام بتسليم الحوالات الخارجية (الدولار) بسعر 3175 ليرة، إضافة لإجراء آخر يتعلق بتمويل مستوردات الصناعيين والتجار عبر بعض شركات الصرافة بدولار بسعر 3375 ليرة.

ويسعى النظام من وراء هذين الإجراءين لتحقيق مكاسب اقتصادية تتجلى بالحصول على كمية أكبر من القطع الأجنبي، وأخرى سياسية لتخفيف الاحتقان الشعبي في مناطق سيطرته والذي كاد أن يصل إلى حافة الانفجار خلال الشهر الماضي نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة. فقد وصلت أسعار المواد الغذائية إلى مستويات يعجز عنها أغلب السوريين، في ظل انقطاع التيار الكهربائي، وندرة المحروقات.

كما أعفى الأسد منذ أيام حازم قرفول من منصبه حاكماً لمصرف سورية المركزي، في محاولة لتحميله تراجع سعر صرف الليرة السورية إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ سورية، مع اقتراب الدولار من حاجز 5000 ليرة سورية الشهر الماضي. ومن المرجح أن يتخذ النظام خطوات اقتصادية أخرى خلال الفترة التي تسبق إجراء الانتخابات الرئاسية، لحث الخاضعين لسيطرته على المشاركة في التصويت لإقناع المجتمع الدولي للقبول بنتائج هذه الانتخابات.

في السياق، اعتبر الباحث الاقتصادي في مركز “جسور” للدراسات خالد التركاوي، في حديثٍ لـ “العربي الجديد”، أن النظام “يحاول تخليص السوريين الخاضعين لسيطرته من بعض المشاكل قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة هذا العام”، مضيفاً: استطاع النظام تأمين كمية من المحروقات ربما تكفي الاستهلاك المحلي لمدة أسبوعين. ولفت إلى أنه “لاحظنا في الأيام القليلة الماضية تحسّنا في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، ما يعني أن النظام ضخ كميات كبيرة من الدولارات في السوق، لإنعاش الأسواق خصوصاً في شهر رمضان، ولإيهام الشارع الموالي أن النظام يعمل على تحسين المعيشة”. وأشار التركاوي إلى أن النظام “يحاول إصلاح ما خرّبه، ولكنه إصلاح مؤقت لن يدوم”. ورأى أن “ليس من أولويات النظام تحسين سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار وغيره من العملات”، معتبراً أن “همّ النظام الأساسي جمع قطع أجنبي، خصوصاً الدولار واليورو، من خلال ترهيب وترغيب التجار، لذا يتحكّم بسعر الصرف بناء على هذه الأولوية”. وأوضح أن لدى النظام أولوية أخرى “وهي دفع الرواتب للموظفين”، مشدّداً على أن النظام لا يهمه على الإطلاق تدني هذه الرواتب، فأي تراجع في سعر صرف الليرة يصب لصالحه في النهاية. في غضون ذلك، لا تزال العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة مجمّدة بشكل كامل، وكان واضحاً أن النظام يماطل بدعم من الروس والإيرانيين وصولاً إلى منتصف العام الحالي، لدفع المجتمع الدولي للقبول بنتائج الانتخابات الرئاسية.

ولم يعد هناك حديث عن جولة جديدة من اللجنة الدستورية، لأن إصرار النظام على إجراء انتخابات رئاسية وفق دستور عام 2012 أفقد هذه اللجنة أي أهمية سياسية، إذ كانت المعارضة السورية تأمل إنجاز دستور جديد تجري على أساسه انتخابات لأنها لا تعترف بالدستور الذي وضعه النظام. وعقدت هذه اللجنة عدة جولات خلال عامي 2019 و2020، إلا أنها لم تحقق أي تقدم يذكر، لأنه كان من الواضح أن العملية السياسية ليست من الأولويات لدى النظام، الذي لا يعترف حتى اللحظة بوجود معارضة له سواء في الداخل والخارج. واختفى المبعوث الدولي إلى سورية غير بيدرسن عن المشهد خلال الشهر الحالي، في ظل أنباء عن ترحيل النظام أي نشاط يخص العملية السياسية إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية.

وأشار المحلل السياسي رضوان زيادة إلى أنه “كان جلياً منذ فترة طويلة أن بشار الأسد سيترشح للانتخابات وسيفوز بها”، مضيفاً في حديث لـ”العربي الجديد”: “يجب ألا يكون هناك شك حول نوايا الأسد فقد باتت معروفة للجميع”. وتابع بالقول: “بشار الأسد لم يأخذ يوماً مفاوضات جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة، أو القرار 2254 على محمل الجد، والمفاوضات بالنسبة له فرصة لكسب الوقت من أجل تغيير الوقائع على الأرض وقتل أو تصفية أو تهجير من بقي من المعارضة داخل سورية”. وعن توقعاته لموقف المجتمع الدولي من نتائج الانتخابات الرئاسية، رأى أنه لن يختلف عن الانتخابات السابقة، التي جرت عام 2014. روسيا ستدعم الأسد وستقول هذه هي نتائج الانتخابات، والبلدان الأوروبية والولايات المتحدة لن تعترف بالنتيجة. وفي مقابل الجمود في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، برزت أخيراً محاولات من أطراف عربية لتعويم النظام مرة أخرى قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية، فظهرت دعوات من هذه الأطراف لإعادة النظام إلى الجامعة العربية التي كانت جمّدت عضويته أواخر عام 2011 بسبب رفضه التجاوب مع مساعيها لحل القضية السورية. ولكن من المرجح أن تفشل هذه المحاولات بسبب رفض الولايات المتحدة اتخاذ أي خطوات من شأنها تأهيل النظام، مع استمرار رفضه للقرارات الدولية التي رسمت الطريق أمام حل سياسي يبدو بعيد المنال في المدى المنظور.

العربي الجديد

—————————

شرّ النظام السوري ما يُضحك/ جمانة فرحات

يمتلك النظام السوري فيضاً هائلاً من الانفصام عن الواقع، ولوزارة خارجيته حصة الأسد. قبل سنوات، بشرنا الراحل وليد المعلم أنه “سننسى أن هناك أوروبا على الخريطة وسنتجه شرقاً”. مات المعلم ولا تزال أوروبا على الخريطة التي أراد شطب قارّة بأكملها منها كرمى لعيون رئيسه. الوزارة عينها في عهد خلفه، فيصل المقداد، تبدو وفيةً لهذا النهج. قبل أيام، أصدرت بياناً حمّلت فيه أميركا عواقب سياستها الإجرامية، واتهمتها بـ”نهب النفط والقمح السوري وتسخيره لخدمة خزائنها وإرهابييها على حساب تجويع الشعب السوري وإفقاره وحرمانه من ثرواته الوطنية”، قبل أن تطالبها “بالتعويض عن الأضرار الجسيمة والخسائر الفادحة التي ألحقها العدوان والاحتلال الأميركي بحق الشعب السوري”. كما ذهبت باتجاه حثّ “جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن على الوقوف بقوة مع سورية لردع هذا الاستهتار الأميركي بالقانون الدولي وبحقوق الشعوب وثرواتها”.

يُخيّل لمن يقرأ البيان، للوهلة الأولى، أنه صادر عن نظام حريص على شعبه لا نظام لا يشبع من القتل، وحول الشعب نفسه الذي يتحدّث عنه، بفعل إجرامه، إلى شعب مهجر ولاجئ ونازح بالملايين، وأن من بقوا في البلاد، حتى من أنصار النظام، فعلوا ذلك لانعدام الخيارات أمامهم، لا لسبب آخر. لكن المرء لا يحتاج وقتا كثيرا لتذكّر أن من كتب هذا البيان هو نفسه، على الأرجح، من خطّ بيان “رفض” ما خلصت إليه منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، لجهة وجود “أسباب معقولة للاعتقاد” بمسؤولية النظام عن استخدام غاز الكلورين على بلدة سراقب في عام 2018، والتحلّي بالوقاحة لوصف النتائج بالكاذبة، لأن النظام “من الأساس لم يستخدم أي غازات سامّة في بلدة سراقب أو أي مدينة أو قرية أخرى في سورية”. مع العلم أن هذه النتائج لم تصدُر إلا بشقّ الأنفس، بعدما كانت حليفة النظام المخلصة، روسيا، قد بذلت كل ما في وسعها لإحباط أي محاولةٍ جدّية للتحقيق في جرائم النظام باستخدام الأسلحة الكيميائية، بما في ذلك إحباط مساعي تمديد العمل بآلية تحقيق مشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة في 2015. ولا داعي للتذكير أيضاً بما فعلته أسلحة النظام المحرّمة بأهالي الغوطة في عام 2013. .. وخارجية النظام نفسها هي التي امتعضت، قبل نحو أسبوعين، من انعقاد مؤتمر بروكسل “للمرّة الخامسة من دون دعوة الحكومة السورية، الطرف المعني بشؤون الشعب السوري واحتياجاته والشريك الأساسي للأمم المتحدة والمجتمع الدولي في العمل الإنساني في سورية”.

يعيش هذا النظام، بمختلف مؤسساته وشخصياته، على قاعدة “إن لم تستح فافعل ما شئت واكذب بقدر ما ترغب”. ولعل في ذلك التفسير المنطقي لما يقوم به هذا النظام منذ سنوات. يقتل الآلاف وينكر ذلك، يعذّب ويخفي الآلاف، ثم يتحدّث عن حقوق الإنسان، ويتساءل لماذا تفرض العقوبات، ولن يجد في الداخل من يذكّره أن كل ما يجري من تدهور وفقر وعوز وطوابير بسبب ممارساته خوفاً من بطشه. يدع الشعب يئن من وطأة الجوع، ويخرج بتصريحات عن معركة عملةٍ تُدار من الخارج لتدمير “الدولة”، وعن دور مصارف لبنان ومسؤولية السوريين الذين وضعوا أموالهم فيها عوضاً عن حفظها في مصارف سورية، ثم يُتبع ذلك باتهاماتٍ لوحشية الرأسمالية العالمية وغسل الأدمغة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وفوق ذلك يُخرِج بعبع النيوليبرالية من قمقمه، قبل أن يتوّج ذلك كله بنصيحة وقف برامج الطبخ، كي لا يشاهد السوريون أكلاتٍ، ويتحسّروا لعجزهم لعدم الحصول عليها.

العربي الجديد

—————————–

تضارب المصالح بين موسكو وطهران في سورية/ عمار ديوب

دولتان، إحداهما إقليمية، إيران، وأخرى عالمية، روسيا، تقتسمان المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، وهما اللتان منعتا سقوطه، وتوسعتا في أرض المعارضة، فصارت “للنظام” أغلبية سورية. مناطق الدولتين جزء من المشهد السوري. وهناك تركيا وأميركا. ولتكتمل المأساة، هناك المناطق التي تحتلها إسرائيل. إذاً، سورية بأكملها محتلة. على الرغم من ذلك، هناك عقوبات مشدّدة على النظام، وضد حُماته، روسيا وإيران. تمنع العقوبات موسكو من التمتع بالاستثمارات التي عقدتها مع النظام. وكل الدول المتدخلة في الشأن السوري تعزّز مناطق نفوذها، وإذا كانت تركيا تؤمن احتياجات المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وأميركا وإسرائيل تفعلان ذلك، فإن روسيا وإيران تعاقَبان كما النظام، وحالة مناطق الأخير هي الأسوأ. وقد بدأت الحالة تُقلِق روسيا التي فعلت المستحيل لإعادة تعويمه قبل 2015 وبعده، والآن. الاشتراطات الأميركية والأوروبية واضحة إزاء روسيا. فعلى روسيا تهميش الوجود الإيراني في سورية، وبعدها يمكن إجراء تسوياتٍ معها، كالخطوة خطوة أو تسوية معينة ترضى موسكو. ويتضمن ذلك بقاء النظام الحالي فترة، ومن ثم إجراء إصلاحات فيه تؤدّي إلى انتقاله نحو نظامٍ جديد، يفتح الأفق نحو الدمقرطة، وتمكين السوريين من حكم أنفسهم.

بدت مؤشرات جديدة على خلافاتٍ عميقة بين روسيا وإيران وحزب الله، وتجلّت عبر عدم وجود إيران في منصة الدوحة، واستدعاء وفدٍ من حزب الله إلى موسكو، وتسريباتٍ تؤكّد ضرورة دمج الفرقة الرابعة بالحرس الجمهوري، أي التخفيف من سطوة ماهر الأسد في الجيش والسلطة، والطلب من حزب الله إعادة الصواريخ الدقيقة إلى إيران، والانسحاب من سورية، وطلبات أخرى في السياق ذاته، سياق التخفيف من الوجود الإيراني، وهذا مطلب إسرائيلي أميركي، ولكنه حاجة روسيا لتتفرد باستثماراتها وتتمركز في سورية، وهذا غير قابل للتحقق مع الوجود الإيراني الكبير، والفاعل في السلطة السورية، الذي يرى نفسه الحامي الحقيقي للنظام، والمانع سقوطه، وهناك فئات في السلطة تابعة تبعة كاملة لإيران. هنا يصبح الخلاف كبيراً؛ فروسيا تعتبر نفسها منقذة النظام، وتتخوّف من تفكّك أركان الدولة، بينما إيران تعتبر أنها من استدعت روسيا، وأغرتها بالاستثمارات المستقبلية، بشرط أن تظل هي المهيمنة على النظام السياسي، وهذا غير ممكنٍ في عرف الدول العظمى، وبالتالي يُشطَب.

منطق الدول العظمى إضفاء الهيمنة الكاملة على الدولة المحتلَّة، أو إشراك دول أخرى، لغاياتٍ محدّدة، ولأسباب معينة. الأخيرات يجري التراجع عنها، حينما تزال عقباتٌ كانت تمنع تلك الهيمنة، فكيف وتركيا وأميركا وإسرائيل مجمعاتٌ على ضرورة تهميش الوجود الإيراني. عدا ذلك، هناك إشكالية متصاعدة، تتعلق بإمكانية “تفكّك الدولة السورية”، كما نُقِل عن لافروف. وبالتالي، لا يمكن روسيا المخاطرة بما فعلته منذ 2011 في سورية، وهذا يقتضي تحقيق الشروط الإسرائيلية والأميركية والأوروبية، والمتعلقة بتخفيف الوجود الإيراني، لتُسلَّم سورية لروسيا.

الأزمة الاقتصادية الاجتماعية العميقة في النظام السوري، وبوادر شعبية للاحتجاج ضده، ينذران روسيا بالتحرّك نحو مداخل جديدة لاستمرار احتلالها وضمان مصالحها المستقبلية. إيران تعي التحليل أعلاه، وتعلم أنها مرفوضةٌ من دولٍ كثيرة، ومن أكثرية الشعب السوري، ولكنها أيضاً لن تغادر سورية سريعاً كما فعل النظام بمغادرة لبنان بليلة وضحاها عام 2005. عدم مغادرة إيران يستدعي تفاوضاً جديداً بينها وبين روسيا، ومماحكات على الأرض السورية، وربما تصفيات معينة في قلب السلطة ذاتها. لا تريد إيران الاقتراب من هذه اللعبة، فهي ستفتح على جولات وجولات، وكذلك لا تريدها روسيا. إيران معنيةٌ بالتخفيف من وجودها في سورية، ولم يعد ممكناً الاختفاء ضمن تشكيلات الجيش السوري أو ألاعيب أخرى؛ فالفرقة الرابعة قد تُدمج بالحرس الجمهوري أو تُفكك، وهي رسالة روسيّة إلى إيران.

مشكلة إيران أن استمرار وجودها الفاعل في لبنان مرتبطٌ بسورية، وهناك سردية قدمتها للشعب الإيراني عن سبب وجودها في سورية، والتخفيف “وربما الخروج العسكري” سيكون بداية الانحسار الإقليمي لها. مشكلتها أنّها تلعب بمنطقةٍ أصبحت تتحرّك فيها الدول الأقوى عالمياً، كروسيا وأميركا وخلفها أوروبا، وهناك الصين، وهناك حظ إيران السيّئ بسبب عدائها الشديد مع إسرائيل. الخلاف بين روسيا وإيران ليس جديداً، والمماحكات ليست جديدة، لكنها وصلت إلى لحظةٍ حرجة لروسيا ولمستقبل وجودها في سورية، وهذا يستدعي سياسةً جديدةً روسية، مفتاحها التخفيف من الوجود الإيراني في سورية، وإجبار النظام على تقديم تنازلاتٍ حقيقيةٍ للمعارضة، وقد تنتهي بالتخلي عنه تدريجاً. النظام وإيران يعيان أنهما غير قادرين على الحفاظ على السلطة في سورية، إذا هَددت روسيا بانسحابها، وبالتالي ليس في حوزتهما إلا الخضوع للروس، إن قرّروا إجراء تسوية مع الأطراف الدولية. ليس سهلاً تحليل اللحظة الراهنة في سورية، وأية خيارات ستَشق طريقها نحو المستقبل، وتكون منسجمةً مع حركة التاريخ وضمان مصالح لروسيا، وهذا غير ممكن من دون ضمان مصالح الشعب السوري.

مدخل روسيا إلى الطلب الجاد من الأميركان وتركيا وإسرائيل مغادرة سورية يفترض إخراج إيران ومليشياتها؛ وقدرة روسيا على منع تفكّك الدولة السورية، مرتبطة بتنفيذ حلٍّ سياسيٍّ يبدأ من قرار مجلس الأمن 2254، وإعادة الشعب المهجّر إلى بلاده وأملاكه، وحينها يمكن أن تبدأ أميركا وأوروبا بالمساهمة في النقاشات عن إعادة الإعمار، كما أكدت ذلك أوروبا في مؤتمر المانحين في بروكسل أخيراً.

يبدو أن روسيا صارت تفكر في هذا المدخل جدّياً، وليس واضحاً كيف سيتصاعد الخلاف بينها وبين إيران، وكيف سيستجيب قادة النظام للشروط الروسية، ولا سيما أن سياسات القادة تكاد تهدّد بقاء أركان الدولة السورية.

العربي الجديد

————————–

سفارات النظام السوري تفتح نافذة الانتخابات الرئاسية

فتحت السفارات السورية في عدة دول أبواب التسجيل للسوريين الراغبين بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وفقاً لأحكام قانون الانتخابات العامة للعام 2014 وتعديلاته.

وقالت السفارة السورية في أبوظبي على “فايسبوك”، أنه “تحضيراً للانتخابات الرئاسية تقوم السفارة السورية في أبوظبي والقنصلية العامة في دبي بتحضير القوائم الانتخابية للمواطنين السوريين المقيمين والمتواجدين في دولة الإمارات”.

وطلبت السفارة من “المواطنين السوريين البالغين الراشدين والراغبين بالانتخاب ممن أتموا سن الثامنة عشر من العمر أو تجاوزوه بتاريخ الانتخاب، تسجيل أسمائهم وذلك قبل تاريخ 25 نيسان/أبريل 2021”.

بدورها، نشرت سفارات سوريا في كل من لبنان وفرنسا وفنزويلا، استمارة التسجيل في القوائم الانتخابية، مطالبةً “المواطنين السوريين الراغبين بممارسة حقهم الانتخابي إلى تسجيل أسمائهم عبر البريد الإلكتروني أو الحضور شخصياً إلى السفارة”.

كما دعت السفارات السورية في كل من السودان والكويت والسويد وبريطانيا السوريين لتسجيل أسمائهم أيضاً بهدف المشاركة في الانتخابات الرئاسية.

————————-

الكونغرس يريد زيادة الضغط..لأن الأسد يسعى لمحو إدلب

حثّ أعضاء في الكونغرس الأميركي، إدارة الرئيس جو بايدن على تطبيق جميع بنود “قانون قيصر”، في سبيل تصعيد الضغط على نظام بشار الأسد وحلفائه.

وفي جلسة استماع عقدتها لجنة الشرق الأوسط وجنوب آسيا الفرعية، شارك فيها كل من الباحثة السورية لينا الخطيب، والناشط السوري عمر الشغري، دعا أعضاء الكونغرس الإدارة الأميركية إلى وضع استراتيجية واضحة في سوريا بأسرع وقت ممكن.

وقال رئيس اللجنة النائب الديمقراطي تيد دويتش إن الكونغرس “سيسعى إلى تطبيق جميع بنود مشروع قيصر، فنحن في موقع قوة للضغط على نظام الأسد، والتوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة”.

ووجّه دويتش انتقادات لاذعة للنظام ولرئيسه بشار الأسد، منتقداً سعيه “لمحو إدلب من الوجود”، مضيفاً أن “الصراع في سوريا ساعد إيران على توسيع نفوذها، وروسيا على بسط سيطرتها كلاعب أساسي في المنطقة”.

وأشار دويتش إلى أن “الأسد وداعميه من إيران يعتدون على الشعب السوري، يومياً”، مذكراً بالاستعمال المتكرر للأسلحة الكيماوية، ومشدداً على ضرورة العمل لإطلاق سراح الأميركيين المحتجزين في سوريا، وتحديداً الصحافي الأميركي أوستن تايس والطبيب السوري الأميركي ماجد كم الماز، مضيفاً أن “الكونغرس لم ينسَ الشعب السوري”.

من جانبه، قال كبير الجمهوريين في اللجنة النائب جو ويلسون في جلسة الاستماع التي عقدت بعنوان “10 أعوام من الحرب: النظر في الصراع المستمر في سوريا”، إن نظام الأسد “غير شرعي”، مشدداً على أنه “لا حل للأزمة في سوريا طالما أن الأسد باق في منصبه”.

كما دعا النائب ويلسون الإدارة الأميركية إلى “اعتماد مقاربة مختلفة، لأن كل المحاولات التي سعت إلى التوصل إلى حل بالتعاون مع روسيا وإيران، باءت بفشل ذريع”، وحثّ ويلسون، إدارة بايدن، على التصرف بسرعة لمنع الأسد من “مسح إدلب عن الخريطة”.

وتأتي هذه الجلسة في وقت أصدرت فيه أجهزة الاستخبارات الأميركية، تقييمها السنوي للتهديدات المحدقة بالولايات المتحدة. وتطرق التقرير إلى سوريا، ورجح مسؤولو الاستخبارات الأميركية، أن يستمر الصراع والتدهور الاقتصادي والأزمة الإنسانية هناك، في السنين المقبلة، وأشار التقرير إلى أن التهديدات المحدقة بالقوات الأميركية هناك ستزداد أيضا.

وفي السياق، طالب الائتلاف الوطني السوري المعارض بتحرك دولي يستند إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وفق ما يقتضيه القرار 2118، بناءً على نتائج التقرير الثاني الصادر عن فريق التحقيق التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، الذي حمّل نظام الأسد مسؤولية الهجوم بغاز السارين على سراقب في آب/أغسطس من العام 2018.

وقال الائتلاف في بيان، إن “التقرير الأخير أكد كما كان حال التقرير الذي سبقه، الحقيقة التي يعرفها الجميع، ومفادها أن قوات النظام تعمّدت استخدام الأسلحة الكيماوية”.

وأشار إلى أن التقريرين الصادرين عن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية يقدّمان النتائج نفسها، موضحاً أنه “ينتظر أن يتحمل أطراف المجتمع الدولي الملتزمون حقاً بأمن العالم واستقراره، والأطراف الدولية الفاعلة، مسؤولياتهم، وأن يبادروا إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة المجرمين ومنع تكرار مثل هذه الجرائم”.

المدن

———————————

لعبة “لمّ” الدولار من السوق السورية/ إياد الجعفري

كان يمكن رفع القبعة تحيةً لإجراءات سلطات النظام الأخيرة، التي أدت إلى ارتفاع ملحوظ في سعر صرف الليرة السورية. لكن خبرة قديمة مع سياسات سبق أن انتهجها مصرف سورية المركزي، بصورة صنّفته كأكبر تاجر عملة في البلاد، تدفع للتريث، وتجعلنا نترقب المشهد بعد انتهاء موسم الحوالات “الدسم”، الممتد حتى نهاية شهر رمضان.

فأسابيع قليلة فقط، بعد عطلة عيد الفطر، ستتيح لنا أن نجزم الإجابة على التساؤل التالي: هل هي لعبة من المركزي للمّ الدولار من السوق بسعر رخيص؟

بين عامي 2012 و2016، لعب المركزي السوري، في ظل إدارة الحاكم يومها، أديب ميالة، دور تاجر عملة محترف. كانت مهمته توفير القطع الأجنبي لتمويل آلة حرب النظام التي كانت في أوج نشاطها. وكان ذلك يتطلب استنفار كل مصادر الإيرادات، وكان أحدها، تجارة العملة. فتَرَك المركزي الليرة لحالة تعويم موجّه، منذ مطلع العام 2012، وهو ما أقرّ به، أديب ميالة، يومها، في حديث مع صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، في وقتٍ كانت فيه الليرة قد فقدت حوالي 40% من قيمتها، حيث انحدرت من 47 ليرة للدولار الواحد في آذار/مارس 2011، إلى حوالي 73 ليرة للدولار الواحد، في كانون الثاني/يناير 2012.

منذ ذلك التاريخ، وحتى مطلع صيف 2016، تاريخ إعفاء أديب ميالة من منصبه، كانت سنوات أربع حافلة بتدخل المركزي في السوق. حيث كان ميالة، يعقد جلسات تدخل شهيرة، يستدعي فيها مدراء شركات ومكاتب الصرافة، ويضخ عبرهم دولارات المركزي في السوق، فيبيعونها للتجار، وأحياناً لغير التجار، بأسعار أقل قليلاً من السعر الرائج للدولار في السوق السوداء، فينخفض هذا الأخير، وبالتالي، ينخفض سعر “دولار الحوالات” الذي يتلقاه السوريون عبر قنوات مكاتب الصرافة، والذي كان يذهب للمركزي ذاته، إذ كانت شركات الصرافة تُسلّم الحوالات بالليرة السورية حصراً، وفق تعليمات المركزي. وتسلّم الدولار الواصل إليها، من خلال تلك الحوالات، للمركزي. وهكذا كان الأخير، عبر ضخ بضعة ملايين من الدولارات في السوق، يخفض السعر الرائج لدولار السوق السوداء، ومن ثم السعر الرائج لـ “دولار الحوالات”، وبالتالي يحصل على الدولار القادم عبر تلك الحوالات، بسعر رخيص. وكانت الحوالات تقدّر، حسب ميالة حينها، ما بين 3 إلى 7 مليون دولار يومياً. بمعنى آخر، كان المركزي يضخ بضعة ملايين من الدولارات، ليسترد عشرات الملايين من الدولارات، بسعر رخيص. وهكذا يخرج من هذه العملية، بحصيلة من ملايين الدولارات، تدخل إلى خزينته. وبعد أن تنتهي هذه الجولة، يمسك المركزي الدولار عن السوق، فيرتفع مجدداً، ليعود ويضخ الدولار في السوق، بسعر أعلى من السابق، وهكذا يحقق هدفين في آن، يتحكم بسعر الدولار في السوق، وفي الوقت نفسه، يحقق أرباحاً عبر المتاجرة بالدولار، فيشتري بسعر رخيص، ويبيع بسعر مرتفع. يومها، شاع وصف بين التجار الناشطين في سوق العملة، للعبة المركزي تلك، إذ أسموها لعبة “لمّ الدولار” من السوق. وتكررت هذه العملية مرات عديدة، في السنوات الأربع التي أشرنا إليها.

لكن تلك الحقبة انتهت مع تولي دريد درغام إدارة المركزي في مطلع صيف 2016، لتبدأ حقبة جديدة شاعت فيها الاتهامات لـ ميالة، بأنه أفرغ خزينة المركزي من الدولارات، فتلك الخزينة التي كانت تضم حوالي 17 مليار دولار عام 2011، باتت تحتوي عام 2016 حوالي 700 مليون دولار فقط، وفق تقديرات البنك الدولي في ذلك التاريخ. لكن أحداً لم يكن يجرؤ على الحديث عن سرّ فراغ خزينة المركزي من الدولار، رغم أنه كان يتاجر بالعملة، ويحقق الأرباح. فكان يحلو لمنظّري الإعلام الموالي، اتهام ميالة بأنه أنفق خزينة المركزي بغية لجم انهيار سعر صرف الليرة السورية معتبرين استراتيجيته في التدخل بالسوق عبر ضخ الدولار، خاطئة. لكن الحقيقة كانت في مكانٍ آخر، وهي أن تمويل آلة حرب النظام، التي كانت تعني إنفاقاً هائلاً على الوقود وعلى تمويل المقاتلين والذخيرة، وغيرها من التكاليف، في وقتٍ كانت فيه المناطق التي تحتوي على الموارد الرئيسية في البلاد، وفي مقدمتها النفط، قد أصبحت خارج سيطرة النظام، كان تمويل هذه الآلة الحربية، يتطلب زخماً من الدولارات. لذلك، رغم كل الاتهامات الإعلامية التي طالت أديب ميالة، لم يتعرض الرجل لأي مساءلة حكومية، أو إجراء سلبي من جانب نظام الأسد، بل على العكس، عيّنه النظام، وزيراً للاقتصاد، لمدة سنة، قبل أن يخرج من العمل الحكومي تماماً، ليتفرغ لعالم البزنس، ويؤسس شركة خاصة للاستشارات المالية، حاله كحال معظم رجالات النظام المُخلصين، الذين يحتفظون بأسرار “قذرة”، لكنهم يحظون في الوقت نفسه، بثقة النظام، بصورة تجعلهم يخرجون من هذا العالم، بأمان وسلاسة، وبثروة مالية كبيرة.

اليوم، يحتوي المشهد الراهن في سوق العملة، بعضاً من مقدمات لعبة “لمّ” الدولار من السوق. فالمركزي ضخ الدولار عبر شركات صرافة محددة في السوق، وعرضها على التجار والصناعيين المستوردين، بأسعار أقل من السوق السوداء، فانخفض الدولار في السوق، وانخفض معه سعر تصريف “دولار الحوالات”، وفي الوقت نفسه، أتاح المركزي لشركات الصرافة ذاتها، تسليم الحوالات للسوريين بأسعار أعلى من السعر الرسمي بكثير، الأمر الذي أعاد الحوالات إلى قنوات مكاتب الصرافة المتعاملة مع المركزي، ما يعني أن المركزي سيحصل على الدولار مجدداً من الحوالات. وسيستمر هذا المشهد حتى نهاية شهر رمضان، الذي تصل فيه قيمة الحوالات إلى 10 ملايين دولارات يومياً، وفق تقديرات خبراء.

وهنا، سيكون السؤال: ماذا سيحدث لسعر الصرف بعد عيد الفطر؟ الجواب في احتمالين، الأول، أن يبقى تحرك هذا السعر ضمن هوامش محدودة في حالة استقرار نسبي، تفيد المستهلك السوري، إذ تؤدي إلى استقرار أسعار السلع. وحينها، نستطيع أن نقرّ لإدارة النظام بالنجاح في لجم التضخم المفرط الذي لحق بأسعار السلع، مع انفلات سعر الصرف من عقاله. لكن تحقيق ذلك يتطلب شرطاً صعباً، وهو استمرار ضخ الدولارات عبر مكاتب الصرافة لتُباع للتجار والمستوردين بسعر دولار منخفض (أقل من السوق السوداء). وهو أمر لطالما عجز النظام عن المداومة عليه، لأنه يعني استنزاف احتياطي المركزي من العملة الصعبة، مما يحيلنا للاحتمال الثاني الأكثر ترجيحاً، وهو ارتفاع الدولار مجدداً، وعودة حالة التذبذب في سعر الصرف، وما ينتج عنها من تضخم، ينعكس سلباً على المستهلك السوري. إذا حدث الاحتمال الأخير، نستطيع يومها أن نجزم، أن ما يحدث الآن في رمضان، كان مجرد لعبة للـ “لمّ” الدولار من السوق، يديرها محترفو المركزي، الذين تربوا على يدَي، أديب ميالة. ونستطيع أن نقول بكل ثقة، أن عهد ميالة، واستراتيجياته، قد عاد من جديد. وهو عهد عنوانه باختصار، إن كنت عاجزاً عن مواجهة الدولار، لماذا لا تتاجر فيه!

المدن

——————————

المركزي السوري ينتظر الحاكم الجديد.. وحديث عن إدارة “أجنبية” من وراء الستار/ ضياء عودة

ثلاثة أيام مضت ولا يزال البنك المركزي في سوريا دون حاكم يرأسه، وذلك بعد المرسوم الذي أصدره رئيس النظام السوري، بشار الأسد، الأربعاء، وأقال بموجبه الحاكم السابق، حازم قرفول، في قرار مفاجئ يترافق مع أسوأ أزمة اقتصادية تعيشها البلاد.

الفراغ في منصب “الحاكم” في الوقت الحالي هو حالة استثنائية لم يسبق أن شهدتها سوريا في العقود الماضية، حسب محللين اقتصاديين، أشاروا بدورهم إلى أن ذلك قد يرتبط بشيء أو بآخر بالصراع الذي يدور بين ما توصف بـ”الأجنحة المتضاربة” داخل الدائرة الضيقة للسلطة في دمشق.

وفي المقابل كان هناك رواية أخرى تفيد بأن عدم تسمية حاكم جديد خلفا لقرفول قد يكون حالة روتينية، على اعتبار أن لهذا المنصب نائبين، الأول هو محمد إبراهيم حمرة، فيما يشغل منصب النائب الثاني، محمد عصام هزيمة.

وكان حمرة وهزيمة قد استلما مهامهما بموجب قرار صادر عن رئيس مجلس الوزراء السابق، عماد خميس أواخر عام 2018.

وفي عهد قرفول، منذ عام 2018، شهدت الليرة السورية تدهورا كبيرا في سوق العملات الأجنبية، حتى أنها وصلت منذ قرابة شهر إلى حد 5000 ليرة أمام الدولار الأميركي الواحد، وهو الأمر الذي اعتبرته مصادر مقربة من نظام الأسد السبب الرئيسي في إعفائه من منصبه.

“لهذه الأسباب”

قبل يومين نشرت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية، تقريرا حمل عنوان “لهذه الأسباب تم إعفاء مصرف سوريا”، تطرقت فيه إلى أسباب إعفاء قرفول من منصبه.

وحمّلت الصحيفة قرفول مسؤولية ارتفاع سعر الصرف خلال العام الماضي، وبحسب ما نقلته: “لم يمتلك الجرأة والمسؤولية ليأخذ إجراء تقنيا يكبح ارتفاع الدولار، كما أنه كان يرفض المقترحات المفيدة التي كانت تطرح لتقوية الليرة وتعزيز قدرتها أمام الدولار بحجة أنها مقترحات غير صحيحة”.

واعتبرت “الوطن” أنه لهذه الأسباب لم يمتلك قرفول “حتى فكر المبادرة، ولم يمتلك تقنية التفكير الصحيح في مجاله المالي والمصرفي”.

واتهمته بأنه لم يتتبع جهة ذهاب القروض التي منحها لـ”تجار حرب”، وكان متمسكا بفكرة أنه من الصعب مواجهة الدولار حتى أُعفي عمليا خلال الأسابيع الأخيرة.

وأشارت إلى أن حكومة الأسد شكلت لجنة برئاسة نائبه وأعضاء من مجلس “النقد والتسليف” وخبراء ماليين قدموا قائمة من المقترحات نتج عنها تخفيض سعر الدولار خلال الأسابيع الماضية في السوق السوداء من 4800 إلى 3100 ليرة.

“كبس فداء”

ما ذكرته الصحيفة المقربة من نظام الأسد يتضارب مع الذرائع والمبررات التي كانت تضعها حكومة الأسد كأسباب رئيسية لتدهور العملة في البلاد، مؤخرا.

ومن هذه الذرائع العقوبات الغربية التي فرضت على رأس النظام والمقربين منه بصورة متواترة وعلى عدة فترات، في مقدمتها العقوبات المرتبطة بقانون “قيصر”، إلى جانب انهيار الموارد ومقومات الاقتصاد التي كانت تعتمد عليها سوريا ما قبل عام 2011.

الاستشاري الاقتصادي، يونس الكريم يرى أن طريقة الهجوم التي بدأت في الأيام الماضية على قرفول “مبالغ فيها”.

ويقول في تصريحات لموقع “الحرة” إنها ترتبط بمحاولة حكومة الأسد تحميله السبب الجوهري لتدهور الليرة السورية، “علما أن قرفول يقتصر دوره على صبغ وتقديم رؤى حول إدارة السياسيات النقدية. هو ليس الوحيد الذي يتخذ القرار بل هناك غرفة مالية تتبع للقصر الجمهوري يتم فيها نقاش جميع الخطوات التي لابد من اتخاذها”.

ويضيف الاستشاري الاقتصادي أن العادة درجت في سوريا سابقا أنه عندما تتم إقالة أي مسؤول لابد أن يسبق ذلك مناقشة أسماء محددة، يتسرب البعض منها إلى الإعلام.

ويرى الكريم أن التأخير في تعيين الحاكم البديل لقرفول أمر لافت، ويوضح: “البنك المركزي مؤسسة حساسة وهو أحد أهم الجهات المكونة للغرفة المالية في القصر الجمهوري، والتي يتم فيها اتخاذ القرارات النقدية، من تحديد سعر القطع الأجنبي وتمويل المشاريع الممولة من حكومة الأسد ودعم بعض الشخصيات بالقروض وكيفية إدارة الأموال في الخارج”.

ويتابع الاستشاري الاقتصادي: “بهذه الغرفة المالية يوجد الحاكم ونائبيه، وعادة عندما يتولى شخص البنك المركزي يتم توقيعه على سندات تنازل عن كل الأموال التي يتم إيداعها، وهي وصفة بعثية لتلافي العقوبات وتهريبها. متى تتم إقالته يتم تحريك هذه الأموال”.

رفع إلى الضعف

ما بين قرار الإقالة والتكهنات المرتبطة بهوية الحاكم الجديد للبنك المركزي في سوريا، صدر عن الأخير، الخميس، قرار رفع بموجبه سعر صرف الليرة السورية إلى الضعف، بعد ثباته لأشهر في نشرات المصرف، وارتفاعه بشكل كبير في السوق السوداء.

وحسب النشرة الصادرة عن المصرف بشكل يومي بلغ سعر صرف الليرة السورية 2512 مقابل الدولار الواحد، بعد أن كان 1256، في حين بلغ سعر صرف الليرة مقابل اليورو 3008.

ونوه المصرف إلى أن سعر شراء الدولار الأميركي لتسليم الحوالات الشخصية الواردة من الخارج بالليرات السورية هو 2500 ليرة لكل دولار واحد.

وسبق أن رفع البنك المركزي سعر صرف الليرة السورية من 700 إلى 1256 مقابل الدولار الأميركي، منتصف يونيو 2020، حيث ثبتت عند هذا الحاجز في نشرات المصرف فيما وصلت إلى 4000 في السوق السوداء، خلال الأسابيع الماضية، دون إجراء أي تعديل من قبل المصرف.

“حاكم أجنبي”

على الرغم من أن مرسوم إقالة قرفول صدر في الرابع عشر من أبريل الحالي، رجح اقتصاديون أن يكون القرار قد اتخذ في وقت سابق، ولاسيما في منتصف مارس الماضي، عندما انخفضت قيمة الليرة السورية إلى نحو 5000  مقابل الدولار.

الباحث والمحاضر في الاقتصاد، خالد تركاوي توقع أن يكون البنك المركزي يُدار من قبل حاكم أو خبير أجنبي، إذ يُلاحظ وجود اختلاف في الأدوات والقرارات التي صدرت في الشهر الأخير عنها في أي وقت سبق، مما يدل على تغير في الإدارة.

وبحسب الباحث: “من المتوقع أن تكون الإدارة الجديدة قد أدخلت أموالا أجنبية في التداول لشراء كميات من الليرة ما ساعد على خفض سعرها إضافة لعوامل أخرى”.

من جانبه يرى الاستشاري يونس الكريم أن من يخلف قرفول سيحدد اتجاه الليرة السورية واتجاه الحكومة أيضا، لكنه لن يكون ذا “ثقل اعتباري”، كون البلاد تفتقد إلى أسماء متعمقة في السياسات النقدية والمالية.

ويقول الكريم: “هناك نقطة لافتة وهي أن الأجهزة الأمنية لها دور في تعيين الحاكم وجميع الموظفين فيه – ترشح وتزكي- والذي سيتسلم البنك في المرحلة المقبلة يجب أن يكون من خلفية نقدية، أي لا يمكن أي فرع من الاقتصاد أن يدير هذا البنك”.

واعتبر الاستشاري الاقتصادي أن البنك المركزي في سوريا يعتبر في الوقت الحالي “مؤسسة هشة، ووضعها خطير، ومراقبة محملة بكثير من الأعباء، وهي أيضا معاقبة وهو أمر بالغ الخطورة سيلقي بظلاله على الحاكم المقبل”.

الحرة

—————————-

أمريكا التي تُقهر/ عبد الحليم قنديل

دخل العالم من سنوات حقبة الحرب الباردة الثانية، قطباها هذه المرة، الصين وروسيا والحلفاء المتناثرون من جانب، وعلى الجانب الآخر، تصحو الولايات المتحدة الأمريكية، ربما بعد فوات الأوان، وتمد شبكة صلاتها ذاتها، الموروثة عن مشهد ما بعد الحرب الكونية الثانية، وفي قلبها دول الاتحاد الأوروبي الرئيسية، مضافا إليها حلفاء الشرق الأقصى في اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية وتايوان، مع جذب الهند الصاعدة اقتصاديا وعسكريا، وذات المصلحة الحدودية في الصدام مع الصين منافس أمريكا الأول.

ومع تولى جون بايدن، الذي تكوّن وعيه وخياله فترة الحرب الباردة الأولى مع الاتحاد السوفييتي، يحاول الرئيس الأمريكي الجديد استنساخ الوصفة نفسها في الصدام مع الصين، والعودة إلى فكرة الستار الحديدي ذاتها، وحصار الصين بأطواق من العداء والتوجس، واستخدام الأسلحة القديمة، من نوع دعاوى الدفاع عن العالم الحر والديمقراطية وحقوق الإنسان، وجعل «الحزب الشيوعي الصيني» الحاكم شيطان اللحظة الواجب تحطيمه، ومن دون وعي كاف بالفروق الجوهرية في زمن الحرب الجديدة، وهو ما حذر منه هنري كيسنجر، أهم مفكر استراتيجي أمريكي، وفي رأي كيسنجر الذي يخطو إلى عتبة المئة عام من عمره، أن تكرار الأساليب البالية سيؤدي إلى كارثة لأمريكا، وأن الوفاق مع الصين هو الخيار الأفضل، والطريق الوحيد المتاح لبناء نظام عالمي جديد.

وتبدو نظرة العجوز كيسنجر أكثر واقعية، بعد أن تهتك نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، الذي ضمنت فيه أمريكا لنفسها قيادة ما كان يسمى بالعالم الحر، وانهكت امبراطورية الاتحاد السوفييتي، وأدخلتها في سباق تسلح مميت، انتهى بتفككها، وصعود أمريكا إلى القمة منفردة، وعبر فترة قصيرة من القطبية الأحادية، سرت فيها أخطاء شائعة قاتلة، من نوع نهاية الصراع العالمي، والانتصار الأبدي للصيغة الأمريكية، وكتابتها لنهاية التاريخ، وهو ما بدا وهما تبدد بسرعة تحت لفح شموس الشرق، خصوصا مع الصعود الصاروخي للصين، وخروجها من عقود الكمون والانكفاء على الذات، وتضاعف قوتها الاقتصادية والتكنولوجية إلى حدود مخيفة، جعلت تجاوزها لأمريكا في حكم الأقدار، وقد جرى بالفعل من سنوات بمعايير تبادل القوى الشرائية، ويتوقع أن تتأكد السيادة الصينية اقتصاديا قبل ختام العقد الجاري، وأن تكون الصين القوة الاقتصادية الأولى، عدا ونقدا، في ما تترنح قوة الاقتصاد الأمريكي، الذي كان يشكل وحده نصف اقتصاد الدنيا، عقب الحرب العالمية الثانية، في ما لا تسعفه قدراته الإنتاجية المتآكلة اليوم على خوض منافسة ناجحة مع التنين الصيني، الذي يتمتع إضافة لقوة الاقتصاد الكاسحة، بموارد قوة كاملة الأوصاف، بينها مدد سكاني لا ينفد، وقدرات نووية هائلة، وتطور عسكري متسارع، يجهد لسد الفجوة مع القوة العسكرية الأمريكية، التي لا تزال الأولى عالميا، وبتعاون لصيق مع القوة الروسية المتفوقة عسكريا، يجعل القطب الروسي الصيني في وضع أقوى عسكريا من القطب الأمريكي وحلفائه الأطلنطيين، فوق تفوق الفوائض المالية الصينية المرعبة، والكفيلة بضمان خوض سباق تسلح عالمي إلى ما لا نهاية، وبالذات مع تقدم مطرد في شبكة «الحزام» و»الطريق» التي تغزلها الصين، وتقيم مناطق وقواعد نفوذ عبر القارات، يفوق أثرها بكثير، ما تبقى من قواعد عسكرية أمريكية منتشرة عالميا، بلغ عددها نحو الألفين، وتناقص في السنوات الأخيرة إلى نحو 800 قاعدة، في ما تكتفي الصين إلى اليوم بقاعدة عسكرية وحيدة خارج محيطها في «جيبوتي» وتحصن حضورها العالمي بموانئ تجارية وشبكة طرق فائقة السرعة حول العالم، تزيد في تأكيد اتساع سوقها الطاغي، وحيازتها للقسط الأكبر من مجموع التجارة العالمية.

وفي ما تتحدث الصين وتتصرف بهدوء الواثقين، وتنمي استثماراتها العسكرية مع روسيا، وتطور أسطولها البحري وحاملات طائراتها، فوق ترسانة صواريخها الدفاعية البالغة الدقة، وتحس أن الزمن يجري لصالحها، تشعر أمريكا غريزيا بفوات زمنها، وتريد استثمار ما تبقى من امتيازها العسكري، والسعي لردع الصين ومعها روسيا، واستعجال صدامات خشنة، دونما ثقة أكيدة في الفوز، وعلى مسرح يمتد من بحر الصين الجنوبي والمحيط الهادي حتى أوكرانيا في الجوار الروسي، وبالأسلحة المتهالكة ذاتها، على طريقة اتهام الصين بقمع «الإيغور» والتبت وهونغ كونغ، واتهام روسيا بقمع حركة «نافالني» وغيرها، واتهام الصين بتهديد بقاء تايوان، واتهام روسيا بالحشد العسكري لغزو أوكرانيا، وشفع الاتهامات بالتحرك العسكري المباشر، وتخفيض واشنطن لعتادها العسكري في منطقة الخليج، وإعادة نشر قواتها وحاملات طائراتها بالقرب من الصين، في ما يشبه الافتتاح الحربي الساخن للحرب الباردة الجديدة، ولكن من دون تحقيق الأثر الإرعابي المطلوب عند القطب الصيني الروسي، فقد ردت بكين بحسم، واعتبرت التدخل في شؤونها الذاتية لعبا بالنار، وأكدت أن تايوان جزء لا يتجرأ من الصين، وأن ردها للبر الصيني مسألة وقت، فوق تشجيعها لكوريا الشمالية على تحدي مطالب النزع النووي الأمريكية، وقبلها وبعدها، تقدمت الصين إلى تصرف هجومي في منطقة الخليج، وقررت الإعلان عن اتفاق صيني مع إيران، يمنح الأخيرة استثمارات صينية بقيمة 400 مليار دولار في 25 سنة مقبلة، مقابل مزايا تجارية وعسكرية استراتيجية في الموانئ الإيرانية، وشراء البترول الإيراني بأسعار مخفضة وبطرق سداد مؤجلة، إضافة لحفظ حيوية علاقاتها مع بترول دول الخليج العربية، فالصين هي المستهلك الأول للبترول في العالم، وتشتري نحو ستة ملايين برميل يوميا، وتراكم مخزونات طاقة بأرقام فلكية، ولديها بدائل لا تنفد من بترول وغاز روسيا إلى بترول وغاز الخليج بضفتيه الإيرانية والعربية، وتقدم نفسها كوسيط سلام، ومورد إعمار وضامن أفضل لأمن الشرق الأوسط، وفي تحالف مرئي مع روسيا، التي تعاملت بخشونة مع استفزازات أمريكا عند حدودها مع أوكرانيا، التي انتزعت منها روسيا شبه جزيرة القرم ومدينة سيفاستويول، وأعادتها إلى أراضي روسيا، كما كان عليه الوضع قبل خمسينيات القرن العشرين، بالسلاح، ثم باستفتاء شعبي أواخر 2014، ورغم مساندة أمريكا والأطراف الغربية لأوكرانيا، والمطالبات اللحوحة بإعادة القرم إلى كييف، ولجوء بايدن إلى إعادة إثارة الموضوع المتقادم، فقد صممت روسيا على غلق القصة نهائيا، بل ونقلت الكرة المشتعلة إلى حجر أمريكا، واتهمت واشنطن والاتحاد الأوروبي بتحريض أوكرانيا على إشعال الحرب، ودفعها للانضمام إلى حلف الأطلنطي، ونقل قوات أمريكية وأطلنطية إلى حدود روسيا الغربية، وهو ما اعتبرته روسيا خطا أحمر، وأنذرت بعواقب حربية وخيمة، قد تلغي وجود أوكرانيا ذاتها، وتفصل عنها منطقة الدونباس في جنوب شرق أوكرانيا، وهي منطقة مناجم كبرى، تضم سكانا غالبهم من العرق الروسي، أقاموا جمهوريات تخصهم من جانب واحد في حرب 2014 الأهلية، من نوع «دونيتسك» و»لوجانسك» تضم نحو خمس إجمالي سكان أوكرانيا، وتتطلع للانضمام إلى روسيا التي تكتفي بدعمهم، وتعدهم قوة ضغط مفيدة على كييف ورئيسها الكوميدي فلاديمير زيلينسكي، الذي يكتشف بالممارسة عجز أمريكا والغرب عن نجدته لحظة الخطر، ويخشى من تنفيذ روسيا لتهديدها بإزالة دولته من الوجود، وتحويل الحرب من «رصاصة في القدم إلى رصاصة في الرأس» على حد وعيد مسؤول روسي، ومع إظهار روسيا لعينها الحمراء، بدت واشنطن كأنها تراجع أوراق العملية الأوكرانية، خصوصا بعد إعلان بايدن الانسحاب من أفغانستان، بعد حرب العشرين سنة الخاسرة، وطلب بايدن لقاء قمة مع الرئيس الروسي بوتين، وهو الذي وصف بوتين قبل أسابيع بالقاتل، وكأنه يكتفي من الغنيمة بالإياب في حرب كونية تقهر فيها أمريكا.

ولا تبدو منطقتنا بعيدة عن تقلبات الحرب الباردة الجديدة، فقد تركت واشنطن حلفاءها في الخليج لمصائر بائسة، وتتجه لتفاهم ما مع إيران، حتى لا ترتمى الأخيرة تماما في حضن القطب الروسي الصيني، مع الاتجاه لتوكيل «إسرائيل» في توجيه ضربات إنهاك لطهران على جبهات سوريا والسفن والمفاعلات النووية، في ما تستمر تركيا على حالة الشد والجذب بين روسيا وحلف الأطلنطي الذي تنتمي إليه رسميا، مع تفاهم روسي عربي متزايد على إعادة سوريا لجامعة الدول العربية، وتقدم الصين كبديل جاهز لإعادة إعمار سوريا، ومد حبال التهدئة بين أنقرة والقاهرة، والانفصال المرئي المحسوس لمصالح مصر عن علاقات «العروة الوثقى» مع واشنطن، وارتياب القاهرة في الدور الأمريكي الإسرائيلي الداعم للتعنت الإثيوبي ضد المصالح المائية للسودان ومصر، وتوثيق القاهرة لعلاقات شراكة استراتيجية شاملة مع الصين وروسيا، وعدم استبعاد أدوار وساطة روسية صينية حتى في أزمة سد النهضة، ربما بهدف تجنب حرب وشيكة عند منابع النيل.

كاتب مصري

القدس العربي

——————————-

بشار الكيماوي: حبيب العرب/ عمر قدور

لا نستطيع تسميتها بالمفارقة؛ أن تتكثف الجهود لإعادة بشار إلى الجامعة العربية، بينما تصعّد برلين وباريس وواشنطن من المطالبة بمحاسبته على استخدام السلاح الكيماوي. وكان تقرير لمحققين دوليين عينتهم منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، أُعلن عنه الاثنين الفائت، قد حمّل قوات الأسد مسؤولية الهجوم بغاز الكلور على مدينة سراقب يوم الرابع من شباط2018، بعدما حمّل فريق الخبراء العام الماضي تلك القوات المسؤولية عن ثلاث هجمات بالسلاح الكيماوي، حدثت جميعها بعد صفقة الكيماوي التي يُفترض أن يكون قد تخلص بموجبها من مخزونه من المواد السامة المصنَّعة بقصد القتل.

هي ليست مفارقة أن يحثّ قبل يومين أعضاء في الكونغرس إدارة بايدن على اعتماد استراتيجية ضغط قوية في سوريا، وأن يقول جو ويلسون كبير الجمهوريين في لجنة الشرق الأوسط أن نظام الأسد غير شرعي ولا حل في سوريا طالما بقي في منصبه. في حين كان وزير الخارجية المصري، يومَ صدور تقرير الكيماوي، قد صرّح “بضرورة عودة سوريا إلى الجامعة العربية والحاضنة العربية”، معبّراً عن أمله “بعودة سوريا إلى ما كانت عليه من استقرار، كي يستمتع الشعب السوري بممارسة الحياة السياسية”!

هناك سلطات عربية تصرّح بدعمها عودة بشار إلى الجامعة العربية، وسلطات أخرى ليست أقل تلهفاً تعمل على الهدف ذاته من وراء تلك التي في الواجهة. جدير بالذكر أن الدول العربية التي كانت منخرطة في الشأن السوري قد انسحبت منذ خريف2015، أي منذ التدخل العسكري الروسي، والغالبية منها تنسّق الآن مع موسكو في موضوع إعادة بشار إلى الجامعة. ذلك يدعم فرضية الدعم غير المعلن الذي ناله التدخل الروسي من هذه الدول، ولو بذريعة عدم ترك بشار للوصاية الإيرانية كي تنفرد به.

موضوع التحالف مع طهران يطلّ ليكون ذريعة لإعادته إلى الجامعة العربية، وليصبح الوجود الإيراني الكثيف نتيجة الفراغ الذي خلّفه الغياب العربي فحسب. ثمة ما لا يُقال، ومفاده أن بشار الأسد قابل للشراء والابتعاد عن طهران، فيما لو دفعت دول الخليج سعراً مناسباً. ومن دون تنزيهه عن تلك القابلية، تتجاهل الفرضية المذكورة عمق الوجود الإيراني في مفاصل سلطة الأسد العسكرية والمخابراتية، فضلاً عن عشرات الميليشيات الإيرانية، ما يدحض الصورة عن مقايضة مبسّطة يستطيع من خلالها بشار إبعاد طهران لقاء ثمن يرضيه. مما يتناساه أيضاً أصحاب هذه الذريعة أن الوجود الإيراني في سوريا غير مقترن بالثورة، علاقة التحالف بين الطرفين تغيرت منذ موت حافظ الأسد، ليأتي الوريث ضعيفاً ومتصاغراً أمام النفوذ الإيراني، وحتى أمام نفوذ حزب الله.

الذريعة الثانية المستجدة هي مواجهة بشار التدخل التركي، ورغم بروز عوامل التهدئة مؤخراً بين أنقرة وبعض العواصم العربية إلا أن عوامل الخلاف قد تبقى فاعلة، فيبقى معها التخويف من الخطر التركي تلميحاً إذا غاب تصريحاً. مزاعم تخليص بشار من النفوذ الإيراني ومساعدته على مواجهة التوغل التركي هي بمثابة وصفة تقليدية للتقارب معه، إذ ينبغي أن يُسند إليه دور ما من أجل تبرير تلك الخطوة، مع علم الجميع بأنه من الضعف بحيث لا يستطيع مواجهة طهران أو أنقرة، والضعف الذي وصل إليه هو تحديداً أهم دافع لدى بعض السلطات العربية لإنقاذه.

تعلم الأنظمة الساعية إلى إعادة بشار إلى الجامعة العربية أن التصعيد الغربي تجاهه، لمناسبة اتهامه رسمياً باستخدام الكيماوي، هو تصعيد لفظي سيصطدم بالفيتو الروسي في مجلس الأمن، بل لا يُستبعد مقابلته بتصعيد هددت به موسكو وهو انسحاب الأسد من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية. حدود التصعيد الغربي يرسمها تصريح بايدن الذي انتقد شنّ بلاده في ما مضى حروباً عبثية، وهو يريد سحب جنوده من الخارج لا الزج بهم في أية حرب جديدة. أيضاً تضع المفاوضات النووية مع طهران حدوداً لضغط إدارة بايدن على بشار، ويُلاحظ تجاهل الإدارة الموضوع السوري تماماً، إلى درجة اضطر فيها الكونغرس مرتين إلى حثّها على وضع استراتيجية تخص سوريا مع تذكيرها بقانون قيصر الذي بقي تطبيقه في الحدود التي وصل إليها أثناء إدارة ترامب.

من المرجح ألا يغيب العامل الإسرائيلي، فتل أبيب التي تمسك بالعصا تهدد بها الوجود الإيراني في سوريا ليست في صدد تقديم جزرة، وربما تشجع أنظمة عربية صديقة على تقديمها. احتمال العودة إلى الاتفاق النووي مع طهران لا يُستبعد أن يقيّد حرية العصا الإسرائيلية، بحيث تزداد الحاجة إلى تجريب الجزرة العربية، لعل نجاح الأخيرة يصلح ما أفسدته السياسة الإسرائيلية التي تتعرض مؤخراً لانتقادات داخلية بسبب سماحها بتمدد النفوذ الإيراني في سوريا إلى حد صار من الصعب ردعه بغارات الطيران.

بالحديث عن كونها جامعة للأنظمة العربية، نخطئ بفهم هذا الوصف تقليدياً وكأن الأنظمة منفصلة كلياً عن أمزجة الشعوب العربية، فنحن نعرف القدر المتدني من التعاطف الذي تناله القضية السورية على امتداد البلدان العربية، بل نعرف التعاطف الساحق الذي يحظى به بشار لدى العديد من شعوب المنطقة أو نخبها. لدينا أيضاً نموذج نسترشد به هو صدام حسين الذي لم تتأذَّ شعبيته العربية جراء استخدامه السلاح الكيماوي، وهي حادثة أشهر من حملة الأنفال التي خلّفت عدداً أضخم من الضحايا.

خارج الأنظمة العربية، لدينا إرث من المعجبين بالطغاة يجعل من بشار الكيماوي حبيب ملايين العرب، وهؤلاء ينقسمون بين من ينكر استخدامه الكيماوي ومن يبرره. يتفق الذين ينكرونه والذين يبررونه على استخدام نظرية المؤامرة الكونية، فهو إما متهم بريء من قبل أقطاب تلك المؤامرة، أو اضطر إلى استخدام الكيماوي لمواجهة المؤامرة. لا بد من مؤامرة عظمى للإعجاب بالطاغية، وكلما ازدادت جرائمه يجب التحدث عن مؤامرة أعظم تستهدفه. أما من ناحية الأنظمة العربية فربما يجوز تلخيص ما حدث كالتالي؛ جُمّدت عضوية بشار في الجامعة العربية لأنه فشل حينها في قمع الثورة، والآن يستحق بجدارة العودة إليها طالما أثبت قدرته على البقاء والنجاة رغم كل ما ارتكبه من فظائع.

المدن

——————–

سوريا على أجندة لقاء بايدن ـ بوتين/ بسام مقداد

في الساعات الأولى ، بعد مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن في 13 الجاري إلى الإتصال هاتفياً بالرئيس الروسي بوتين واقتراحه عقد لقاء شخصي بين الزعيمين ، عمت “النشوة” المواقع الإعلامية الروسية “وأخيراً ، ها هما يلتقيان” . هذا الوصف لكيفية تلقي روسيا مفاجاة بايدن الإتصال بنظيره الروسي ، بعد أن كان قد وصفه سابقاً ب”القاتل” ، جاء على لسان مدير المركز الروسي للعلاقات الدولية أندريه كارتونوف في مقابلة له مع موقع إعلامي روسي ، تمحورت حول هذا الإتصال والموضوعات ، التي قد تندرج على جدول أعماله. وانعكس النبأ مباشرة على سوق الأسهم الروسية وسعر صرف الروبل ، اللذين سجلا إرتفاعاً عند إقفال ذلك اليوم .

لكن “نشوة” الإعلام الروسي بمبادرة بايدن بالدعوة لعقد اللقاء بين الرئيسين ، والأثر الإيجابي ، الذي تركته على أسواق المال الروسية ، لم تلبث أن تبدلت ، بعد أيام ،  إلى توتر جديد في العلاقات بين البلدين ، يهدد بنسف المبادرة الأميركية وإلغاء إقتراح عقد لقاء بين الرئيسين . فقد أعلنت الولايات المتحدة الخميس في 15 من الجاري قائمة عقوبات جديدة على روسيا ، طاولت دين روسيا السيادي و32 شخصاً ومؤسسة وطرد 10 دبلوماسيين روس . ولم تتأخر موسكو في الرد بقائمة عقوبات جوابية مساء الجمعة في 16 الجاري ، إقترحت طرد 10 عاملين في السفارة الأميركية بموسكو ، وتقليص عدد التأشيرات الروسية للمنتدبين من الخارجية الأميركية إلى 10 تأشيرات في السنة ، ومنع الممثليات الدبلوماسية الأميركية من توظيف عاملين روس وأجانب في روسيا.      

قبل حرب العقوبات الجديدة ، لم يكن قد تحدد بعد جدول أعمال المؤتمر المقترح من قبل بايدن وموعده ومكانه ، وبقي مجالاً خصباً للتكهنات والتخمينات  في وسائل الإعلام . واقتصر الإعلان عن إمكانية حدوث اللقاء ، بأن عبر الرئيسان عن الإستعداد لمواصلة الحوار “في المجالات الأهم للأمن العالمي” ، وإعلان الرئيس الأميركي ، بأنه مهتم بتطبيع العلاقات الثنائية وبناء “تعاون مستقر قابل للتنبوء به” .

رئيس مجلس الإتحاد الروسي كونستانتين كوساتشيف قال ، بأن الرئيسين قد يبحثان مسألة إحياء عدد من الإتفاقيات في الأمن الإستراتيجي والحد من التسلح ، ورأى ، أن إقتراح بايدن بعقد اللقاء في بلد ثالث يشير إلى “جدية النوايا” . وأشار موقع “Lenta” الروسي ، الذي نقل كلام كوساتش ، أن وزير الخارجية لافروف التقى مع الممثل الخاص للرئيس الأميركي لشؤون المناخ جون كيري خلال زيارته نيودلهي في “لقاء غير مخطط له” .

مدير المجلس الروسي للعلاقات الدولية أندريه كارتونوف ، وفي مقابلة مع الموقع الروسي “”Fontanka نقلها موقع المجلس قال، بأنه لم يكن يتوقع هذا الإتصال من بايدن ، وأنه كان يعتقد ، بأن الإتصالات بين الطرفين سوف تكون على مستوى وزراء الخارجية أو وزراء الدفاع . لكن الوقت قد حان ، برأيه ، للإتصالات الجدية ، حيث تراكمت لدى الطرفين أسئلة كثيرة جداً لبعضهما ، والكثير من القضايا الدولية ، التي لا حلول لها من دون تعاون روسي أميركي ما . وقال ، بأنه ، إضافة إلى الحد من الأسلحة الإستراتيجية والإستقرار العالمي ، سوف يتضمن جدول أعمال لقاء الرئيسين عدداً من القضايا الإقليمية المتعلقة  بأوكرانيا ، إيران ، سوريا وأفغانستان. وخلافاً لقضية المعارض الروسي السجين ألكسي نافالني ، التي “يستحيل الإتفاق” بشأنها ، قال ، بأن الإتفاق ممكن حول كل من أوكرانيا وسوريا . والمسألة في سوريا، برأيه ، هي الآن مسألة المعابر الإنسانية إلى إدلب ، التي يتوفر قرار لمجلس الأمن الدولي بشأنها . أما في أوكرانيا فالأمر أكثر تعقيداً ، حيث يريد بايدن إنسحاب القوات الروسية (جيشان و3 فرق إنزال جوي) من  الحدود مع أوكرانيا ، والعودة إلى طاولة المفاوضات .

يعتبر كارتونوف ، أن لدى بايدن نظرته الخاصة إلى بوتين ، التي لا يمكن تغييرها “مهما فعل بوتين أو قال” . وعلى الرغم من موافقة بايدن على وصف بوتين  ب”القاتل” ، إلا أنه لا خيار آخر لديه من التحدث إلى “زعيم دولة عظمى” . وبالنسبة لبوتين نفسه ، لن يكون هذا الوصف عائقا يحول دون الجلوس مع بايدن والتحدث إليه . ولن يجد أية صعوبة في إسكات حملة بروباغندا أجهزة الإعلام الروسية ،  التي هبت ضد وصف بايدن ذاك ، إذ أن هذه الأجهزة “تضخم حين يقولون ضخمي ، وتخرس حين يقولون إخرسي” ، ويرى أن الآمال ، التي تعقدها هذه البروباغندا على اللقاء “ليست مبررة كليا” .

في تعليقه على فرضية ، أن بايدن قام باتصاله مباشرة تقريباً ، بعد تصريحات وزير الدفاع سيرغي شويغو عن إشارات إيجابية في سياسة الإدارة الأميركية الجديدة ، وسؤاله ما إن كانت وزارة الدفاع ستحل طويلاً محل وزارة الخارجية في روسيا  ، قال كارتونوف ، بأن عملية عسكرة السياسة الخارجية تجري منذ زمن بعيد “وليس عندنا فقط” . وقال ، بأن الدبلوماسيين لا يقومون ، في الواقع ، سوى بتظهير القرارات المهمة ، التي يتخذها العسكريون ، وهذا ينطبق على سوريا وأوكرانيا ، وعلى الكثير من موضوعات العلاقة مع الولايات المتحدة . ففي سوريا ، مثلاً ، تلعب وزارة الدفاع الدور الرئيسي ، التي لها نظرتها وأولوياتها وآفاق مـــــا ترسمه مــــــن خطـــــــط . بالنسبة للعسكريين ، قد يكون التعاون مع الجيش السوري هو الأولوية الأرفع ، ولذا من المستبعد ، أن ينتقدوا الأسد لعدم تطبيقه قرار مجلس الأمن ، ويعتبرون موقفه في جنيف أمراً ثانوياً .  الأمر يختلف بالنسبة للدبلوماسيين ، الذين عليهم أن يروا ، ليس ساحة المعركة والوضع على الأرض فحسب ، بل والمشهد الدولي أيضاً ، والنظر إلى سوريا في السياق الأوسع لعلاقات روسيا بالغرب . ولذا ، مهما كان “عسكريونا والرفيق شويغو” رائعين ، إلا أن على وزارة الخارجية أن تلعب دوراً أنشط في تلك الحالات ، التي تتقدم فيها وزارة الدفاع إلى الواجهة ، (سارعت الناطقة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا إلى الإعلان ، بأن الوزارة قامت بالعمل المطلوب منها في الإعداد للقاء الرئيسين) . وحين سئل كارتونوف عما إذا كان الوزير لافروف لا يزال قادراً على القيام بمثل هذا العمل ، وهو الذي “يبدو تعباً منذ زمن طويل” ، جاء رده حمّال أوجه ، حيث قال “من الصعب القول . بالطبع ، السنوات العديدة التي أمضاها وزيرا للخارجية تشكل عبئا ثقيلا”، وأطنب من ثم في إمتداح خبرته ومزاياه (لافروف رئيس مجلس أمناء المجلس الروسي المذكور).

وفي إجابته عن السؤال ، لماذا لا يتعجل الكرملين في الرد على إقتراح بايدن ، وهل هو بحاجة إلى الوقت للتعامل مع “صدمة الإتصال ، الذي طال إنتظاره “، أم أنه “لا يجوز إظهار فرحته” ، قال كارتونوف ، بانه لم يكن ليسعد كثيراً بإقتراح البيت الأبيض ، لأن الحديث سيكون طويلاً ، متوتراً ، وبدون نتائج واضحة كلياً حتى الآن . وأكد ، أن بوتين تعامل مع العديد من الرؤساء الأميركيين ، بدءاً من بيل كلينتون ، لكنه لا ينبغي  أبداً الإستهانة بالرئيس بايدن كمفاوض مقابل ، سيما أن الحوار “أفضل دائماً من مونولجين متوازيين”.

صحيفة الكرملين “vz” لا ترى ما يراه كارتونوف من أن إقتراح بايدن بعقد لقاء مع بوتين ، “هو خطوة جريئة ، وليس ، بالتأكيد ،  تنازلاً لموسكو” . في النص ، الذي نشرته الصحيفة حول مبادرة بايدن قالت ، بأنه ليس بايدن من استمع إلى صوت بوتين وهو يدعوه للقاء وحوار مفتوح خلال رده على وصف بايدن المهين له ، بل بوتين هو من استمع إليه وهو يطلب المساعدة في حل النزاع الأوكراني وإحياء الصفقة النووية الإيرانية والمواجهة مع الصين . وترى ، أن روسيا بحاجة إلى لقاء يسفر عن نتائج ملموسة ، وليس إلى لقاء صورة وتسجيل نقاط شخصية ، واستبعدت أن يكون اللقاء بناءاً

المدن

———————-

حفل “ذكرى استقلال سورية” في قاعدة حميميم الروسية: نشاط ترفيهي للمحتلين الجدد/ عدنان أحمد

أحيا النظام السوري، أمس الجمعة، ذكرى جلاء المحتل الفرنسي عن أرض سورية في قاعدة عسكرية لمحتل آخر، في مفارقة تثير حزن غالبية السوريين، وهم يشاهدون بلادهم تخضع اليوم لجيوش خمسة محتلين، فضلاً عن مئات المليشيات المسلحة، ما جعل “عيد الاستقلال” بلا معنى، بعد أن فقدت البلاد خلال السنوات الماضية، كل أشكال الاستقلال.

والواقع أن سورية لم تعش فترات استقرار حقيقي في ظل حكم مدني إلا لفترات وجيزة، إذ كانت عرضة للانقلابات العسكرية في السنوات التالية مباشرة للاستقلال عام 1946، لتعيش فترة ذهبية قصيرة بين عامي 1954 و1958 شهدت خلالها حكماً مدنياً ديمقراطياً إلى حد كبير، قبل إعلان الوحدة مع مصر عام 1958، التي شكلت بنظر البعض نكسة للحكم الديمقراطي في سورية، الذي تلاشى تحت ظلال حكم جمال عبد الناصر.

وجاء الانقضاض على الوحدة من جانب الانفصاليين في سورية، مستغلين تجاوزات الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة الوحدة، لتدخل البلاد في مهب حقبة جديدة من الانقلابات والمؤامرات الداخلية أسست لحكم حافظ الأسد، الذي استولى على السلطة عام 1970 عبر انقلاب عسكري سماه الحركة التصحيحية.

ومنذ ذلك التاريخ، تعيش البلاد تحت حكم عائلة الأسد الأب، ومن ثم الابن، التي كرست هيمنة مطلقة للأجهزة الأمنية على مؤسسات الدولة وحياة المواطنين، بعد أن اصطبغت ومعها الجيش بصبغة طائفية، تتركز وظيفتهما في حماية النظام، ودوام حكمه، وقمع كل معارض له.

وتمرّ اليوم الذكرى الـ 75 عاماً على رحيل فرنسا عن سورية، وقد رحل نحو 7 ملايين سوري عن بلادهم، توجه بعضهم إلى فرنسا نفسها، بينما أدخل “النظام الوطني” سورية في متاهة حرب لا تلوح لها نهاية، قتلت حتى الآن نحو مليون سوري، وثلاثة أضعافهم من المصابين، بعضهم بعاهات مستديمة، فيما تدمر أكثر من 3 ملايين مسكن وهُجِّر 12 مليوناً، أي أكثر من نصف السكان، داخل البلاد وخارجها.

وفي ضوء هذه الصورة القاتمة لما آلت إليه البلاد بعد 75 عاماً على جلاء آخر جندي فرنسي، لا يجد معظم السوريين، بمن فيهم الموالون للنظام، أي معنى للاحتفال بعيد الاستقلال، وهم يرون بلادهم ترزح تحت حكم عدد كبير من الجيوش والمليشيات المحلية والأجنبية، بينما ينهشهم الجوع والعوز، في ظل فقدان معظم مقومات الحياة.

ولعل الاحتفال الذي أقيم في قاعدة حميميم الروسية على الساحل السوري، يكشف هذه المفارقة، حيث بات النظام “الوطني” مجرد ضيف على السيد الروسي الذي دعا ممثلي النظام إلى حضور الاحتفال بذكرى الاستقلال السوري كنشاط ترفيهي لجنود القاعدة الروس، إذ كانت الفقرة الأهم، فقرات الغناء والرقص لفنانين وفنانات روس.

وبدا الاضطراب على محيا وزير دفاع النظام، العماد علي عبد الله أيوب، وهو يوزع الهدايا على الجنود الروس، وهي هدايا مقدمة من القاعدة الروسية نفسها التي أرادت تكريم جنودها والترفيه عنهم، فأحضرت بعض مسؤولي النظام وكبار ضباط الجيش ومحافظي اللاذقية وطرطوس، ومسؤولي حزب البعث ووزير شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزام، للمشاركة في هذا المسرح العبثي، لدرجة دفعت حتى الموالين للنظام إلى القول إن ما جرى استهزاء من الروس بسورية وأهلها.

ودرجت القوات الروسية في قاعدة حميميم على إقامة احتفالات في الأعياد الوطنية الرسمية الروسية، آخرها كان الاحتفال بذكرى تأسيس الملاحة الجوية الروسية في 24 مارس/ آذار الماضي،كذلك دشّنت عدة نصب تذكارية في القاعدة لجنود روس قُتلوا خلال عمليات عسكرية في سورية، وأيضاً لشخصيات روسية تاريخية.

—————————

الجرائم الكيميائية تهدد نظام الأسد/ عماد كركص

بات النظام السوري يستشعر خطر محاصرته أكثر فأكثر، من خلال ملف السلاح الكيميائي الذي استخدمه في هجمات متفرقة شنّها على مواقع مدنية في سورية، إذ يجهد اليوم مع حلفائه لتفنيد تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الثاني، الذي صدر قبل أيام، والذي اتهم النظام بشكل مباشر بتنفيذ هجمة باستخدام السلاح الكيميائي على مدينة سراقب في ريف إدلب الشرقي، في فبراير/ شباط 2018.

وفي 12 من شهر إبريل/ نيسان الحالي، حدّد فريق التحقيق وتحديد الهوية التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، سلاح الجو التابع للنظام السوري أنه استخدم غاز الكلور أثناء هجوم على مدينة سراقب في العام 2018.

وأعلنت المنظمة في بيان، أن فريقها “خلص إلى أن وحدات من القوات الجوية العربية السورية استخدمت أسلحة كيميائية في سراقب في 4 فبراير 2018″، مشيرة إلى أنه “ثمة دوافع منطقية لاعتبار أن مروحية عسكرية تابعة لسلاح الجو السوري ضربت شرق سراقب بإلقاء برميل واحد على الأقل”، موضحة أن “البرميل انفجر ناشراً غاز الكلور على مسافة واسعة أصابت 12 شخصاً”. وذكرت أن محققيها “استجوبوا 30 شاهداً، وقاموا بتحليل عيّنات أخذت من المكان، وعاينوا الأعراض التي أصيب بها الضحايا والطاقم الطبي، إضافة إلى صور التقطتها الأقمار الصناعية بهدف التوصل إلى خلاصاتهم”. وأشار محققو المنظمة إلى أن “الأوامر التي صدرت بشنّ الهجوم على سراقب في 2018 مصدرها مسؤولون كبار، وليس ثمة أي مؤشر إلى أن عناصر أو أفراداً معزولين قاموا بهذا الأمر”، ولفتوا إلى أنه على الرغم من عدم كشف وجود “هرمية قيادية محددة”، يبدو أن القيادة السورية العسكرية العامة “أصدرت القرارات حول استخدام الكلور للقادة على الصعيد العملاني”.

وشهد أول من أمس، الخميس، أقوى التصريحات من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تجاه النظام السوري، حين أشار المدير العام للمنظمة فرناندو آرياس إلى أن “حظر الأسلحة” وثّقت حوالي 18 حالة على الأقل استعمل فيها النظام السلاح الكيميائي، وذلك في كلمة له أمام اللجنة الفرعية للأمن والدفاع في البرلمان الأوروبي.

وسبق ذلك هجوم حاد شنّته الولايات المتحدة ضد النظام السوري، بعد صدور تقرير منظمة حظر الأسلحة حول هجمة سراقب. وأكد بيان لوزارة الخارجية الأميركية، صدر عن المتحدث باسمها نيد برايس، على ما أوردته المنظمة في تقريرها حول تورط النظام بهجمة سراقب باستخدام غاز الكلور، معتبراً أن هذا الاكتشاف “لا يجب أن يفاجئ أحداً”، ومضيفاً أن النظام “يتحمل المسؤولية عن عدد لا يحصى من أعمال وحشية ترقى بعضها إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”. وحمل بيان الخارجية الأميركية توافق واشنطن مع الاستنتاجات التي جاءت في تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، مشيراً إلى أن النظام “لا يزال يحوز كميات ملموسة من الكيميائيات كافية لاستخدام غاز السارين ونشر ذخائر معبأة بالكلور وتطوير أسلحة كيميائية جديدة”. ودعم بيان الوزارة جهود المنظمة الدولية، ودعا إلى محاسبة النظام بالقول: “يجب أن تبدي جميع الدول المسؤولة التضامن في مواجهة نشر الأسلحة الكيميائية من خلال الحفاظ على المعايير الدولية المضادة لاستخدامها، ويتعين علينا أن نكون مستعدين لمحاسبة نظام الأسد، وأي أحد سيقرر استخدام هذه الأسلحة المروعة”.

وكانت وزارة الخارجية في حكومة النظام قد ردّت على تقرير فريق منظمة حظر الأسلحة بأن “التقرير تضمن استنتاجات مزيفة ومفبركة تُمثل فضيحة أخرى لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وفرق التحقيق فيها، تُضاف إلى فضيحة تقرير بعثة تقصي الحقائق المزور حول حادثة دوما 2018″، نافية استخدام النظام غازات سامة، سواء في سراقب أو غيرها. واضطر وزير خارجية النظام فيصل المقداد للخروج على التلفزيون الرسمي قبل يومين في مقابلة خاصة، لتفنيد تقرير المنظمة ورد الاتهامات. وأول من أمس، عادت خارجية النظام لتصدر بياناً جديداً هاجمت فيه تأييد التقرير من قبل الممثل الأعلى للشؤون الخارجية وسياسة الأمن لدى الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الذي كان قد أيد نتائج التقرير فور صدوره.

من جهتها، هاجمت الخارجية الروسية التقرير بوصفه “منحازاً ومسيساً”. وقالت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا في إحاطة صحافية، أول من أمس، إنه “من أجل جعل الاستنتاجات المنحازة والمسيسة والزائفة أكثر منطقية، شاركت مجموعة من الأشخاص الذين يمكن تخيلهم، والذين لا يمكن ذلك، في عملية التحقيق المفترضة، بمن في ذلك خبراء في مجال الأرصاد الجوية وعلم السموم والأسلحة وتحديد الموقع الجغرافي والتقنيات الرقمية”، مضيفة: “كل ذلك تم من أجل تقديم نوع من الأساس العلمي المزيف للنسخة المفترضة الوحيدة الممكنة لإلقاء أسطوانة تحتوي على غاز الكلور المنزلي من طائرة عمودية، وعلى ما يبدو من ارتفاع كبير، على قطعة أرض فارغة في منطقة سراقب”. وتابعت المتحدثة أن “الأمر الجيّد في كل ذلك، هو أن العديد من عمليات التزوير والمكائد المستخدمة في إعداد مثل هذه التقارير الاتهامية، أصبحت معروفة للجميع، بفضل موظفين فريدين وصادقين وغير متحيزين سياسياً في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي كانت تحظى بالثقة ذات يوم”.

حدة الردود على التقرير والتأييد له، تشير إلى استشعار النظام وحلفائه، لا سيما روسيا، للخطر القادم حيال ملف استخدام الأسلحة الكيميائية. وفي هذا الصدد، يشير مدير مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سورية نضال شيخاني، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن “الهجمة التي تم تنفيذها في سراقب باستخدام غاز الكلور، جاء أمر تنفيذها من قبل (قوات النمر) التي يقودها العميد سهيل الحسن، وهي مدعومة من روسيا بشكل كامل”. ويلفت شيخاني إلى أنهم في المركز “يعتقدون بواحد من أمرين، إما أن تكون روسيا أعطت الأمر بتنفيذ الهجمة المحددة في التقرير بسراقب، أو دعمت تنفيذها بشكل أو بآخر من خلال دعم هذه المليشيات التي أعطت الأمر لتنفيذ الهجمة”.

و”قوات النمر” هي مليشيا أسسها الضابط في الاستخبارات الجوية التابعة للنظام سهيل الحسن، بإشراف مباشر من روسيا، وتحول اسمها في ما بعد لـ”الفرقة 25- مهام خاصة”، بعدما تمّ توسيعها من خلال رفدها بالكوادر البشرية وزيادة دعمها من قبل الروس. وشاركت المليشيا بشكل رئيسي في معارك إدلب ومحيطها، واتهمت من قبل المعارضة بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين.

وعلى صعيد محاصرة النظام لاستخدامه السلاح الكيميائي، سيواجه النظام في 20 من شهر إبريل الحالي، احتمالاً كبيراً بتجميد عضويته في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، إذ كانت فرنسا قد قدمت، خريف العام الماضي، مسودة قرار بالنيابة عن 46 دولة عضو في المنظمة لتعليق حقوق وامتيازات سورية (النظام) في المنظمة، على أن يتم التصويت على هذا المشروع خلال اجتماع كامل للدول الأعضاء في المنظمة في لاهاي، مطلع الأسبوع المقبل.

وفي هذا السياق، يشير شمخاني إلى أن “193 دولة ممثلة في المنظمة، ويتطلب التصويت على أي قرار حضوراً شخصياً لممثليها، واليوم ظروف انتشار فيروس كورونا تفرض نفسها، وهذا ما سيعرقل حضور بعض الدول الأطراف للتصويت على القرار”، مفضلاً عدم استباق الأحداث، تاركاً لاجتماعات المنظمة التي ستستمر ثلاثة أيام البوح بما ستؤول إليه الأمور هناك. لكن شيخاني يؤكد وجود مقترح فرنسي، لا يقضي فقط بتجميد عضوية النظام، وإنما بـ”اتخاذ إجراءات بالاستناد إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية لمحاسبة المتورطين من قبل النظام، بما في ذلك إنشاء محكمة أو جهاز قضائي يضمن التحقيق والنظر في كل الهجمات التي نفذها النظام، أو على الأقل الهجمات الـ18 التي تحدث عنها المدير العام للمنظمة”.

—————————

الجوع سيد موائد الإفطار في دمشق/ ميسون شقير

قالت المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، جيسيكا لوسون، لوكالة أوروبا برس للأنباء، إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بمختلف أنواعها، في سورية، وصل إلى أربعة عشر ضعفاً، بالمقارنة مع أسعارها قبل أزمة البلاد. كما ارتفع سعر السلة الغذائية التي يعتمدها البرنامج بنسبة 107%، وهذا هو أعلى ما سجل طوال عمل المنظمة في كل العالم.

وجاء في رؤيا يوحنا أن الأربعة القاهرين للبشرية هم الوباء والحرب والجوع والموت. وسورية التي مر بها القديس يوحنا، ونشر رسالة السلام، ودفن جثمانه فيها في الجامع الأموي، تعيش حاليا هذه البنود القاهرة بكل جدارة، وبكل قهر ربما لم يعرفه التاريخ الحديث في مكان في العالم. ويأتي رمضان، شهر الخير والبركة والحب والسلام، شهر الصوم عن الطعام والشراب، وعن الأذية والنميمة والغش، شهر التذكير بإنسانية الإنسان، والصوم عن الشهوات وعن مغريات الجسد، يأتي إلى السوريين ليجعل مصائبهم أوضح وأشدّ وجعا، فالجائع الذي لا يجد الخبز طوال أشهر السنة كيف يصوم؟ وهل يمكن أن يكون صوم شهر رمضان، الشهر الذي يحسّن شكل الحياة وشكل العلاقات الاجتماعية، صوما عن الحياة، وهو جوع يعلي مستويات الجريمة إلى درجة لم تعرفها سورية منذ وجدت.

تفيد التقارير بأن أسعار المواد الغذائية في أسواق دمشق سجلت ارتفاعاً خيالياً مع اقتراب شهر رمضان، فسعر الأرز والمعلبات ارتفع بنسبة 33%، كما ارتفع سعر الزيوت والسكر بنسبة 18%. وسجل كيلو المعكرونة 3400 ليرة سورية، وسعر ليتر واحد من الزيوت النباتية 9500 ليرة سورية، وسعر ثماني كيلوغرامات من السمنة 80 ألف ليرة، علما أن هذه المواد متطلبات أساسية لطعام فقير بالفيتامينات والبروتينات والمعادن، وحتى السكريات اللازمة لوجبة الإفطار، ليستعيد جسم الصائم حيويته. أما عن أسعار الفواكه فحدث ولا حرج، فكيلو البرتقال بأربعة آلاف ليرة، والحبة منه بألفين وكذلك سعر الحبة من التفاح والموز. وإذا ما جئنا إلى الحلويات التي كانت من أهم ميزات موائد رمضان السورية وأشهاها، فسعرها حلق فوق الغيوم، حيث وصل كيلو المبرومة التي تشتهر بها سورية إلى مائة ألف ليرة سورية، أي ما يزيد على راتب أستاذ في الجامعة، ووصل سعر كيلو الشوكولاتة الفاخرة التي باتت من المنسيات إلى ما يساوي ضعفي راتب أستاذ في جامعة دمشق.

اليوم، وبعد عشر سنوات من أول مظاهرة سورية قالت “الموت ولا المذلة”، وقالت “الشعب السوري مو جوعان، الشعب السوري بدو كرامة”، اليوم وحده الجوع هو الطعام الرخيص الثمن، والمتوفر للجميع في سورية الأسد، هو سيد موائد رمضان من دون منازع.

وحده انقطاع المواد النفطية هو الطاقة التي تسير عليها مركبات البلد، ووحدها العتمة هي ضوء الليالي المظلمة، ووحده النقص الحاد في الدواء بأسعاره الصاروخية، هو المتوفر في الصيدليات، والنقص المرعب لأجهزة التنفس الصناعي، وهي طريقة المعالجة لمرض فيروس كورونا الذي يرقص في بيوت السوريين، مع الخوف والجوع وارتفاع الحرارة المصاحب للإصابة، وارتفاع الأسعار المصاحب لكلمة سيادة الرئيس العصماء والبكماء والخرساء التي لا تفهم منها شيئا.

السوري أول من زرع القمح على هذا الكوكب، وأول من حصده، ومن طحنه، وخبزه، يموت من الجوع، فقط لأنه تجرّأ يوما على الحلم ببلد تسوده المواطنة والديمقراطية، بلد لا تحكمه أجهزة المخابرات، ولا تبتلعه العائلة الأسدية.

واليوم وبعد عشر سنوات من حرب واعتقال وموت ورعب وجوع وتشريد، يتبجح الأسد بسورية الجديدة المتجانسة، ويصمت مؤيدوه وهم يموتون من الفقر. يصمت الجميع بعد كل هذا الخذلان العالمي، ولا أحد يستطيع أن يفهم كيف يمكن أن يبقوا صامتين، ولا أحد يستطيع أن يتوقع مع أيٍّ من مدافع رمضان الكريم الذي نعيشه الآن سينفجر السوري مرة ثانية، ويخرج للشارع “شاهرا سيفه”.

وكما نهاية رواية غسان كنفاني “رجال تحت الشمس” عن ثلاثة رجال فلسطينيين يريدون أن يعبروا بشكل غير نظامي إلى الكويت، من أجل لقمة العيش التي عزّت عليهم، ويقبلون أن ينقلهم المهرّب داخل خزّان صهريج للماء، .. تنتهي الرواية بصرخة السائق الذي يعود فيجدهم قد ماتوا “لماذا لم تقرعوا جدار الخزان؟”.

نعم لماذا لا يخرج اليوم السوريون، كل السوريين، دفعة واحدة، وقد تماثلوا الآن جميعهم، موالاة ومعارضة، في مأدبة الجوع الشهي على مائدة الإفطار؟ لماذا لا يخرجون كلهم، نساء ورجالا وأطفالا وشيوخا؟ كي يقرعوا جدار هذا الخزان ألف مرة؟ فلا يمكن أن يستمر خوفهم من أشد الأنظمة قمعا ورعبا من أن يجعلهم يموتون من الجوع بصمت. .. متى سيقرع السوريون جدار هذا العالم؟

————————-

الروس يحتفلون “باستقلال سوريا” عن الاحتلال الفرنسي

في سوريا الأسد فقط، يتم الاحتفال بعيد الجلاء، أي ذكرى استقلال سوريا عن الانتداب الفرنسي، ضمن قاعدة عسكرية روسية، في واحد من تناقضات كثيرة تمتلئ بها البلاد التي استبدلت محتلها القديم بمحتلين جدد، حسب الوصف السائد في مواقع التواصل الاجتماعي.

وأثار الاحتفال بذكرى عيد الجلاء الموافق في 17 نيسان/أبريل من كل عام، في قاعدة “حميميم” الروسية باللاذقية بحضور ضباط روس، سخرية واسعة بين السوريين، خصوصاً أن وسائل الإعلام الرسمية بما في ذلك وكالة “سانا” تحدثت عن مفاهيم “خيالية” مثل “السيادة الوطنية” و”الاستقلال”، فيما شكر وزير دفاع النظام السوري، علي عبدالله أيوب، الذي تواجد في الاحتفال “حرص القيادة الروسية على إحياء العيد الوطني السوري”، حسب تعبيره.

ونشرت صفحات موالية للنظام السوري مقطع فيديو قصيراً يظهر صوراً ولقطات مصورة لرئيس النظام السوري بشار الأسد وهو يتحدث في خطابات سابقة عن السيادة الوطنية والاستقلال. وتم التركيز على الأسد وهو يزور مناطق استعاد النظام السيطرة عليها خلال السنوات الماضية، فيما اعتبر أيوب أن “الجلاء الأكبر” هو القضاء على الإرهاب في سوريا وخروج “المحتل الدخيل، لا سيما المحتل الأمريكي والتركي”، حسب تعبيره، من دون الإشارة لحلفاء النظام السوري، إيران وروسيا، اللتين تتمتعان بمناطق نفوذ في البلاد أيضاً.

وبحسب المعلومات المتداولة أقيمت حفلة موسيقية بمناسبة “عيد الجلاء” في “حميميم” حضرها إلى جانب أيوب، عدد من كبار الضباط الجيش والقوات المسلحة وأمناء الفروع الحزبية في المنطقة الساحلية، إضافةً إلى وزير شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزام ومحافظ اللاذقية اللواء إبراهيم خضر السالم واللواء رياض عباس. وعدد من الضباط والجنود الروس، ورفعت في قاعة الحفل صورة رئيس النظام السوري بشار الأسد وصور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وامتلأت مواقع التواصل بالمنشورات الساخرة والغاضبة في آن معاً، فقال أحد المغردين: “الاحتلال الروسي في سوريا يحتفل بذكرى خروج الاحتلال الفرنسي عن سوريا”، علماً أن التدخل العسكري الروسي العام 2015 إلى جانب النظام السوري، قلب موازين الحرب السورية، ومكن النظام من استعادة معظم الأراضي التي فقد السيطرة عليها لصالح المعارضة حينها.

ومنذ ذلك الحين تمتلك روسيا نفوذاً واسعاً في البلاد، وقواعدها العسكرية هناك آخذة في التوسع على ساحل المتوسط.

    #مباشر #جبلة #حميميم #مركز_القاعدة_الروسية أقيم في مركز القاعدة الروسية في حميميم حفل موسيقي بمناسبة عيد الجلاء في…

    Posted by ‎شبكة أخبار جبلة‎ on Friday, April 16, 2021

—————————

النظام يشارك السوريين حوالاتهم..الدولار ينخفض والأسعار تحلق/ منصور حسين

لا يبدو أن الإجراءات الاقتصادية الأخيرة للنظام قد حققت النتائج المرجوة منها بالنسبة إلى التجار والمواطنين، الذين استمروا بالتذمر من مستويات الغلاء التي تعيشها الأسواق السورية، رغم الوعود الكثيرة بخفض الأسعار وتشديد الرقابة التموينية وتوفير بدائل مناسبة.

وإذا كان متوقعاً ارتفاع أسعار المواد الغذائية مع دخول شهر رمضان، حيث تسهم الحوالات الخارجية في انعاش الحركة السوق، إلا أن المُلاحظ أن الانخفاض الملحوظ في سعر صرف الدولار لم ينعكس على الأسعار التي استمرت بالارتفاع رغم ذلك، ما يؤكد أن المواطن العادي لا يستفيد من تحسن سعر صرف الليرة السورية.

وقبل أيام أعلن النظام رفع قيمة الدولار للحوالات المالية الواردة من الخارج لتصبح 3170 بدل “2512” المثبت لدى المصرف المركزي، تلاه صدور المرسوم التشريعي الرقم 8 الخاص بحماية المستهلك ودعم الموردين، بالإضافة إلى الحديث عن العديد من الاجراءات التي قال النظام إنها تستهدف تحقيق الاستقرار والتوازن في البيئة الاقتصادية المحلية.

تحميل المستهلك المسؤولية

لكن مع استمرار العجز في السيطرة على الأسعار، لم يجد مسؤولو النظام سوى العودة من جديد لتحميل المستهلكين المسؤولية عن ذلك، واتهام المواطن بعدم الواقعية.

وفي تصريح صحافي، قال أمين سر اتحاد غرف التجارة السورية محمد حلاق: “هناك انخفاض مقبول في بعض أسعار السلع، لكن المشكلة الحقيقية اليوم في المستهلك الذي يعتقد أنه سوف ينزل إلى الأسواق ويجد أن السلع تُباع ببلاش”.

وبالرغم من المحاولات الحكومية التسويق لانخفاض أسعار المواد الغذائية في السوق المحلية، نتيجة التحسن الطفيف في قيمة الليرة، إلا أن الواقع يؤكد عكس ذلك، ما أدى لاستمرار حالة الركود في الأسواق والارتفاع الملحوظ في أسعار سلع السلل الرمضانية، خاصة المنتجات الحيوانية والمواد التموينية وغيرها خلال الأيام القليلة الماضية، في حين حافظت بقية السلع على استقرارها.

ويوضح تاجر التجزئة في حلب أبو غسان ل”المدن”، أنه لايوجد شيء اسمه انخفاض أسعار في السوق، وما تفعله الحكومة هو التملص من واجباتها ودفع التجار الصغار إلى مواجهة المستهلك من خلال حديثها في الإعلام عن تحسن الأسعار ليتفاجأ المواطن بالعكس، و”هنا تبدأ مشكلتنا كتجار ونوافذ بيع مباشر للمستهلك الذي يتهمنا بالجشع والاستغلال وكثيراً ما تحدث مشاكل بين البائع والزبون بسبب ذلك. لكن المشكلة أن الأسعار مفروضة علينا من قبل التجار الكبار والمستوردين، وهؤلاء غالباً مرتبطين بالنظام ولا يمكن أن تطاولهم أي مساءلة”.

ويضيف أن وزارة التجارة وحماية المستهلك “تصدر أسعار السلع مقارنة بسعر الدولار، لكنها لا تضع بالحسبان أجور الشحن الخيالية، ولا المصاريف الأخرى التي علينا أخذها بالاعتبار عند التسعير وما يتبقى لنا من هامش ربح تقاسِمنا به إدارة الضرائب والبلدية وغيرها، وكلها مصاريف تضاف للأسف على السعر النهائي للسلعة ويتحملها المستهلك في النهاية”.

مهرجانات التسوق..وصفة الفشل

وكما جرت العادة في كل مرة تفشل فيها الحكومة بضبط الأسواق أو الحد من تسجيل ارتفاع جديد بالأسعار، عاودت حكومة النظام إلى وصفة الأسواق المفتوحة ومهرجانات التسوق، لكن اللافت هذه المرة التذمر الشعبي المتزايد منها رغم الترويج الواسع لها في العديد من المحافظات، خاصة طرطوس وحماة ودمشق.

وبحسب إعلام النظام، يشارك في هذه الأسواق التي أطلقتها وزارة الأوقاف، بالتعاون مع وزارة التجارة، أكثر من ثمانين شركة، لتوفير جميع السلع التي يحتاجها المواطنون، من مواد غذائية ومنظفات وألبسة، بأسعار التكلفة أو منافسة لسعر السوق.

لكن أبو ماجد وهو من سكان دمشق، يقول إن “فارق السعر البسيط الذي يتم توفيره من هذه الأسواق، ندفعه كأجور نقل بسبب بُعد مراكز التسوق هذه عن مركز المدينة والأحياء الفقيرة، فضلاً عن أن البيع فيها يكون غالباً بكميات كبيرة وهو أمر خارج عن طاقة الناس وامكانات الغالبية، لذلك لا تشهد اقبالاً كبيراً”.

وتشير التقديرات التي كشف عنها إعلام النظام إلى ارتفاع معدل الحوالات الواردة بالقطع الأجنبي من  3-4 ملايين دولار يومياً، لتصل إلى عشرة ملايين دولار خلال الأيام الأخيرة، بعد قرار النظام رفع سعر الدولار الخاص بالحوالات ، بينما يتوقع المحللون إمكانية ازديادها إلى مستوى الضعف خلال شهر رمضان وثم عيد الفطر، ما أسهم بتحسن سعر الليرة بنسبة كبيرة.

لكن هذا التحسن لم تكن له أي انعكاسات ايجابية على المواطن العادي، الذي يرى أن ما جرى على مستوى أسعار الصرف بمثابة سرقة لقيمة الحوالة التي وصلته، حيث انخفض سعر الدولار بينما لم تنخفض الأسعار.

وفي السياق، يشرح الخبير الاقتصادي عبد الرحمن أنيس أن من أهم الأسباب التي دفعت النظام إلى اصدار المرسوم رقم 8 ورفع قيمة الحوالات الخارجية وما جرى من عزل حاكم المصرف المركزي، كان نتيجة الشحّ الذي تعاني منه الخزينة العامة للبنك المركزي، بعد حرمانها من الثروات الباطنية ومردود الملاحة، إضافة إلى توقف حركة الانتاج والتصدير.

ويشير أنيس إلى سبب آخر ساهم باصدار المرسوم الأخير وهو “الدعم المالي الذي وصل إلى النظام مؤخراً من بعض الدول العربية التي دعت لإعادة سوريا الى جامعة الدول العربية ومنهم من أعاد فتح سفارات في دمشق استعداداً للاستثمار”.

ويقول “فقد التجار ثقتهم باقتصادات سوريا العديدة وفقدوا ثقتهم بأن ثمة سلطة قد تحمي أموالهم، لذلك تراهم دوما يسبقون الناس بخطوة لضمان أصول بضائعهم فيكونون سباقين بزيادة الأسعار مواكبة لارتفاع قيمة سعر الصرف، كون العملة العالمية وعملة التجارة الدولية هي الدولار”.

يدرك التجار أن تحسن قيمة العملة مرهون بمرحلة زمنية معنية وهي الأعياد الدينية التي ترتفع فيها نسبة الحوالات الخارجية، كما حدث ويحدث مع كل عام، الأمر الذي يمنعهم من التقيد بالأسعار الحكومية، والحفاظ على هامش الأمان في البيع، دون وجود أي حلول جديدة وحقيقة من قبل النظام تساعد على انهاء حالة الركود وإعادة الثقة بين التاجر والدولة، ليبقى المواطن الخاسر الأكبر.

————————-

“التعتيم والترميم” في ظلِّ مجازر وانتخابات الأسد/ أحمد بغدادي

طيلة عشر  سنوات، منذ انطلاق الثورة في سوريا، ونظام الأسد يراهن “مستذئباً” مع حلفائه على إخماد ثورة شعب برهنَ للعالم قاطبةً أنه لا ينحني، حتى أمام كل الوسائل العسكرية الفتّاكة، والأسلحة المحرّمة دولياً. ورغم ما استدعاه الوريث الطاغية برضاه أو مرغوماً، من ميليشيات طائفية، وجيوش جرّارة ومرتزقة، لقتل السوريين وتهجيرهم، وسلبهم أراضيهم وحقوقهم، لا تزال صرخة الحرية تثقب مسامع الطغاة، وتميط لثام المجتمع الدولي، والقوى الكبرى، لتظهر حقائقهم – تلك الدول التي تدّعي مناصرة الحريات وحقوق الإنسان! وعليه؛ يبدو أن مسعى روسيا لتثبيت المجرم الأسد في سدّة الرئاسة مجدداً بعد كل هذه الدماء والانتهاكات قاب قوسين أو أدنى من النجاح؟ ذلك لأن السنوات المنصرمة في سوريا أكّدت تخاذل وتواطؤ “أصدقاء الثورة السورية”، وعلى رأسهم الأميركان، الذين ألهبوا ظهورنا بسياط الانتظار من خلال تهديداتهم الفارغة ضد بشار الأسد ونظامه. وما حصدناه نحن السوريين، من وعيد وتهديد واشنطن، ليس إلا هذا الواقع الذي نشاهده! بلد مدمّر وشبه مقسّم، مع اقتصاد دون الصفر وشعب بين لاجئ ونازح.. عدا عن احتلالات عالمية تجوب سوريا من جنوبها إلى شمالها. والأسد الآن،  يختار ربطة عنق مُلوّنة، تناسب خطاباته الميتافيزيقيّة، وتحاكي الدماء التي أهرقت على مدار عقد كامل من صمت العالم، و”الأشقاء” العرب والمسلمين!

سفارات القاتل و”بروباغندا” الانتخابات

طالما كانت سفارات نظام الأسد في خارج البلاد عبارة عن مراكز استخبارات، وبالأخص ضمن الدول العربية. فهو (نظام الأسد) لا يستطيع اللعب “بذيله” إلا ما ندر في دول أوروبا. حيث إن السفارة كما نعرف، هي واجهة دبلوماسية تعكس الصور الإيجابية عن بلدها؛ إلا عند “آل الأسد”- نرى القيح الدبلوماسي ينزُّ عبر موظفي تلك السفارات والقنصليات، وعمليات التجسس مستمرة على قدمٍ وساق تجاه المواطنين السوريين، مع اختلاق مشكلات جنائية وسياسية تضرّ معارضي الأسد في بلاد المهجر. طبعاً علاوةً على الفساد المستشري، والمحسوبيات الممهورة بالأختام أكثر من معاملات المواطنين القائمين في دول الاغتراب واللجوء!

في 12 من نيسان، نشرت سفارة نظام الأسد في “أبو ظبي” عبر صفحتها على “الفيس بوك

” إعلاناً -ترويجيّاً- لانتخابات الطاغية التي سوف تنطلق -قسراً- بتاريخ 14 من تموز 2021. مفاد المنشور، أنه على المقيمين في الإمارات العربية المتحدة، من البالغين، والراغبين بالانتخابات، تسجيل أسمائهم عبر رابط مرفق

، لملء البيانات الشخصية قبل 25 من نسيان الجاري، وفقاً لجواز السفر، أو الهوية الشخصية!

وعلى غرار منشور سفارة نظام الأسد في “أبو ظبي”، أيضاً في “كاراكاس-فنزويلا

” دعت سفارة الطاغية  المواطنين السوريين المقيمين هناك، إلى المشاركة بما سمته “استحقاقاً انتخابياً

“، وممارسة حقّهم الانتخابي، إما عن طريق الحضور شخصياً إلى مقرّ السفارة، أو التسجيل في الرابط المرفق بالمنشور!

من ناحية أخرى، فبفضل الدعم السياسي لنظام الأسد من قبل دول خليجية، منها الإمارات، وعُمان، والبحرين، والحضور الدبلوماسي المكثّف في الآونة الأخيرة، مع الروس وبعض زعماء

الخليج، فقد استعاد الأسد القليل من ماء وجهه إن صح التعبير، عربياً. وقد أضاء الأخير (مختار حي المهاجرين) “غمّاز” مركبته مبتسماً، نحو تحالف  الجنرال “حفتر”  معه في ليبيا، وتصريحات وزيرة الخارجية الليبية “نجلاء المنقوش

” حول افتتاح سفارات وقنصليات دول العالم مقراتها في ليبيا!

أما سلطنة “عُمان” –البراغماتية، التي وقّعت اتفاقية

 مع نظام الأسد في أواخر آذار الشهر الماضي، تنصّ على “الإعفاء المتبادل من متطلبات التأشيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة والخدمة”.. هي في ركب الدول التي حملت خناجر لطعن الشعب السوري، وتقويض ثورته الوطنية وسحق أهدافها السامية، التي بالضرورة إن نجحت، سوف تشكل خطراً داهماً على عروش الوصاية الغربية في الأنظمة العربية!

شرعية الأسد مفضوضة قانونياً

    خلال سؤالي للمحامي والمحلل السياسي ورئيس تجمّع “مصير

    ” أيمن فهمي أبو هاشم، حول الانتخابات المزعومة، التي سوف يجريها نظام الأسد بدعم روسي وإيراني؛ قال: هذه الانتخابات التي يحاول من خلالها نظام الأسد تجديد شرعيته، مع أنه فعلياً فاقد للشرعية القانونية والوطنية والأخلاقية، بسبب حجم الجرائم الفظيعة التي ارتكبها ضد الشعب السوري خلال سنوات الثورة السورية، هي باطلة، إن لم تتم في أجواء من القبول الشعبي.

    و هذه الانتخابات تفتقد لأي مستند شرعي أو قانوني. هي عبارة عن تصرف سياسي الهدف منه إعادة فرض هذا النظام بطريقة غير قانونية. بالتالي دور السفارات السورية الآن إن كان في الإمارات أو فنزويلا، هو محاولة الالتزام بتعليمات النظام السوري بإشاعة مناخات وكأن هناك إجراءات يتم التحضير لها لعقد الانتخابات التي من المؤكد أنها ستكون إجراءات صورية لا تقوم أيضاً على إجراءات قانونية سليمة.

    ومن اللافت للانتباه أن نشاط سفارة النظام في الإمارات يعكس خللا في موقف الإمارات التي أعادت سفارتها أيضاً إلى دمشق. وكان من المفترض على دولة الإمارات أن لا تقبل هذه الانتخابات باعتبار أنها تخالف بذلك موقف الجامعة العربية الذي جمّد عضوية سوريا بسبب مواقف النظام من الجامعة العربية. وأي مساعدة أو حراك لأي دولة بهذه الانتخابات تتحمل مسؤولية قانونية وسياسية أمام الشعب السوري.

واشنطن .. إيران والأسد

أما بالنسبة للشفافية السياسية، فقد حذّرت واشنطن منذ شهر تقريباً بشار الأسد، أنها لن تعترف بنتيجة الانتخابات الرئاسية المقبلة، ما لم تكن تحت إشراف الأمم المتحدة؛ وهذا مستحيل.. لأن نظام الأسد بإيعاز روسي وإيراني يرفض أي وجود أممي أو لجان حقوقية تشرف على أي عملية سياسية في سوريا، ويتعنّت، ويهدر الوقت كعادته. إضافة إلى كثير من الملفات المهمّة التي يحاول التهرّب منها، ويحاول نسفها على طاولة المفاوضات. أهمّها ملف المعتقلين، وتطبيق قرارات بيان “جنيف1

”  30 حزيران 2012، التي انتزعها بشقّ الأنفس “كوفي عنان”؛  “الفاشل كما غيره من المبعوثين الأمميين إلى سوريا”.

    طهران، رغم انشغالها بالملف النووي، والعقوبات المفروضة عليها، لديها من الشراهة أن تبتلعَ كل الوطن العربي والإسلامي

  إيران الآن تحاول أن تتمسّك بــ “خريطة الطريق”؛ الخاصة بالاتفاق النووي، إبّان عهد الرئيس أوباما، بعد أن رفضها وريث الأخير في البيت الأبيض “دونالد ترامب”. حيث شكّل الملف النووي الإيراني إرباكاً لواشنطن وإسرائيل، وتحدياً كبيراً للاتحاد الأوروبي لإيصال المفاوضات “النووية” إلى حل يقبله الجميع ! لكن طهران، رغم انشغالها بالملف النووي، والعقوبات المفروضة عليها، لديها من الشراهة أن تبتلعَ كل الوطن العربي والإسلامي عبر “ولاية الفقيه

” متجاهلةً – حبّاً وكرامة- غضب “إسرائيل” وصواريخها التي تدك قواتها المساندة للأسد وقواعدها في سوريا؟! وبهذا، سوف يتلاشى الدور الإيراني في سوريا على مدى طويل؛ يكون هذا إن اتخذت إدارة “جو بايدن” قرارات سياسية فعّالة تجاه الملف السوري، أو تحرّكات “عسكرية” وهي مرجّحة ضد الوجود العسكري الإيراني الداعم للأسد المتمثل في الميليشيات الطائفية بشكل كبير.

أخيراً، مع كل هذه العوامل، الداخلية والخارجية، وتضارب مصالح الدول الكبرى في سوريا، نرى أن الطاغية الأسد باقٍ، مع (انتخابات) صورية، أو من دونها؛ على الأقل حتى يتم ترتيب البيت الداخلي للإدراة الأميركية الجديدة، وهذه ليست نظرة استشرافية، بل واقع مرير، أراده نظام الأسد، وقبلت به الأنظمة العربية قبل الغربية عندما تخلّت عن ثورة السوريين، وتركتنا نواجه مصيراً دموياً، ووحشية تنظيمات إرهابية تمت صناعة معظمها في غرف الاستخبارات العربية والعالمية.

——————–

الدب الروسي حين توهم نفسه ثعلباً!/ عقيل حسين

أثارت تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأسبوع الماضي، حول قرب عودة النظام إلى جامعة الدول العربية، تخوف كثيرين من أن تكون موسكو قد نجحت بعقد صفقة ما تقرب النظام أكثر من استعادة موقعه الذي كان عليه قبل العام 2011.

التخوف بلغ مستوى الفزع لدى البعض، خاصة مع ضخ إعلامي مكثف رافق تصريحات لافروف، وكم كبير من التقارير التي تحدثت عن تفاصيل ومعطيات توحي بالفعل بأن الروس لم يبق أمامهم سوى خطوة واحدة لتحقيق هذا الهدف (الحلم) بالنسبة لهم، والكابوس بالنسبة للثوار والمعارضة.

لكن قراءة متأنية لهذه التصريحات الروسية (المتفائلة جداً)، وكذلك للقمة الثلاثية التي من المقرر أن تنعقد في بغداد، وتضم ملك الأردن والرئيس المصري وقادة العراق، والتي قال لافروف إنها ستبحث في إجراءات عودة النظام للجامعة العربية، بل وحتى تصريحات وزيري خارجية مصر والعراق حول ذلك، تكشف ببساطة شديدة أن ليس هناك أي معطى جدي حتى الآن يمكن البناء عليه عند الحديث عن قرب إعادة النظام إلى الحضن العربي.

تقول الحكاية إن ثعلباً تاه في الصحراء حتى كاد أن يهلك عطشاً، لكنه في الرمق الأخير وجد بئر ماء عليه دلو، فجلس بقادوس الدلو الفارغ في الأعلى ليجد نفسه بلمحة بصر عند الماء العذب البارد، وبعد أن شرب وانتعش، تنبه إلى أنه بات عالقاً في الأسفل وأنه لن يستطيع الخروج من البئر حتى تيقن أنه هالك لا محالة.

لكن فجأة أطل دب كبير من الأعلى ونظر في البئر وهو يلهث من شدة العطش، وعندما شاهد الثعلب سأله عن الماء، فعاد الأمل للأخير، الذي أجاب على الفور بأنه أطيب وأعذب وأبرد ماء في الأرض كلها.. تلمظ الدب وسأل الثعلب عن الطريقة التي يمكنه بها الشرب، فأجابه بأن كل ما عليه أن يجلس في القادوس العلوي لينزل به إلى الأسفل، وهذا ما حدث، حيث أصبح الدب في قاع البئر وصعد القادوس الآخر بالثعلب الذي نجا، وعندما هم بالمغادرة سأله الدب وقد روى ظمأه أيضاً: كيف يمكنني أن أخرج ؟ فرد الثعلب: عليك أن تنتظر دباً أكبر منك كي يأخذ مكانك.

طبعاً أنا لست مع فرضية أن روسيا في ورطة حقيقية في سوريا الآن، فلا خسائرها البشرية ولا المادية تقول ذلك، بل على العكس، فإن المكاسب الاستراتيجية التي ظفرت بها جراء التدخل في سوريا يمكن القول إنها كبيرة وأكثر مما كانت تحلم به موسكو على الإطلاق، لكن هذه المكاسب ليست آمنة أو مستقرة، كما أنها تحتاج إلى شروط ودعائم لتثبيتها، وإلا تحولت بالفعل إلى مشكلة كبيرة، وبمرور الوقت إلى ورطة حقيقية بالفعل.

ورطة روسيا الحقيقية أن وجودها العسكري ونفوذها السياسي في سوريا حالياً مهددان وبقوة، ليس فقط من أعدائها وهم كثر، بدءا من الشعب ذاته الذي شاركت موسكو في قمعه وقتله وإفقاره وتشريده من أجل الحفاظ على النظام، وليس انتهاء بالولايات المتحدة التي ما زالت مصرة على الحفاظ على وجودها العسكري شمال شرقي البلاد، بل وحتى من حلفائها، النظام والإيرانيين، الذين تعرف أنه لا يمكن الوثوق بهم وأنهم لم يأتوا بها من أجل أن تقاسمهم النفوذ والتسلط، بل لتحقيق هدف واحد هو إنقاذ النظام من السقوط الذي كان وشيكاً، والاكتفاء بقاعدتين عسكريتين بحرية وجوية في الساحل.. لا أكثر، وحتى هذه القواعد لتكون في خدمة طموحات إيرانية التوسعية.

تدرك روسيا أن انهيار مؤسسات الدولة السورية هو هدف إيراني سيحقق طموحات طهران في أن تحل أذرعها وميليشياتها محل هذه المؤسسات، من أجل ضمان ديمومة المشروع والوجود الفارسي في سوريا، كما حدث في العراق ويحدث في لبنان واليمن، ولذلك فهي تكافح وبقوة من أجل إنقاذ النظام من أزمته الاقتصادية الخانقة، وأن انهياره الذي بات سيناريو محتملاً جداً، سيعني فوضى لن تكون قواتها قليلة العدد قادرة على احتوائها، وأن أذرع إيران ستوجه قبل غيرها، تحت اسم قوات المعارضة أو جهات مجهولة، الضربات لقواعد وعساكر الروس، كما سبق أن هدد عضو مجلس الشعب خالد العبود، من أجل إجبارها على الانكفاء داخل حصون القاعدة الجوية في حميميم، التي ستكون حدود الروس في سوريا وقتها.

لذا بذل لافروف طيلة أكثر من شهر كل الجهد لإقناع العواصم العربية الرئيسية بإعادة النظام إلى جامعة الدول والتطبيع معه، لكن من دون أن يقدم مقابلاً يمكن أن يغري الدول التي لا تزال متمسكة بموقفها من الأسد، فلا هي (أي روسيا) قادرة على إخراج إيران من سوريا كما تريد السعودية، ولا هي قادرة على إجبار النظام على تطبيق القرار 2254 كما تريد قطر والأردن ودول أخرى، بما فيها مصر أيضاً.

أما إذا كان لافروف يعول على سلطنة عمان والعراق وموريتانيا، فبالتأكيد سيكون عليه أن ينتظر طويلاً قبل أن يرى ممثل الأسد على مقعد جامعة الدول العربية مجدداً، فالأمر لا يقف فقط عند “إجراءات فنية” كما أدعى الوزير الروسي، بل يكفي أن تعترض دولة واحدة، حسب ميثاق الجامعة، على أي قرار ليصبح لاغياً حتى لو أيدته جميع الدول الأخرى، وهذا كله من دون الحديث عن عدم قدرة أي دولة على تجاوز الإرادة الأميركية التي تبدو حازمة في رفض أي تطبيع مع النظام أو اعتراف بشرعيته حتى الآن.

يظن لافروف نفسه ثعلباً وهو يجول بين العواصم العربية عارضاً عليها إعادة العلاقات مع النظام وتقديم الدعم له، مهدداً مرة بالفوضى، ومرّغباً مرة أخرى بإمكانية إبعاده عن إيران، بينما يهمس الجميع بعد لقاءاتهم معه ضاحكين أن عليه أن ينتظر دباً أكبر من الدب الروسي لكي ينتشله من البئر الذي لم يفكر جيداً قبل أن يطمع بمائه.

———————-

أقصى أحلام السوريين مقعد في سرفيس

لم تعد أحلامنا التخرج من الجامعة والحصول على فرصة عمل لإكمال الطريق في هذه الحياة الموحشة، بل نبحث عن وسيلة نقل لنصل إلى البيت أو الجامعة، هذه كلمات رامي ابن التاسعة عشر عاماً عندما سألناه عن أحلامه بعد عشر سنوات من الحرب في سوريا.

يشير رامي إلى أنه يخرج من منزله قبل ساعتين من أي موعد: “حتى إذا ما لقيت سرفيس ما في حل إلا كمل مشي”. وتشهد مناطق الحكومة السورية وخاصة دمشق نقصاً في المحروقات، ما أثر على وسائل النقل وقلص عددها بشكل كبير جداً، لتعيش العاصمة السورية حالة من الشلل.

حلم ركوب سرفيس سوري

قبل أيام تمكنت من ركوب سرفيس بعد انتظار دام أكثر من ساعة، حيث كان عدد الراكبين قليلاً، قبل أن تتهافت الناس على الركوب في الموقف التالي، وعندما تنظر إلى وجه من يفوز بمقعد بعد معركة من التدافع ترى فرحة وكأنه كسب جائزة يانصيب، أو تذكرة سفر إلى جزر المالديف، حيث يمكنك النظر إلى الوجوه لتكتشف كمية الارتياح وكأنها تقول “حلم وتحقق”.

يصعد الركاب ويقول السائق: “الأجرة 400 ليرة ويلي مو عاجبو ينزل”، صمت يملأ السرفيس ويدفع الجميع المبلغ على الرغم من أن الأجرة هي 75 ليرة سورية. تقول راكبة بجواري: “الكل بدو يستغلك من الصغير للكبير.. المواطن حصالة دهب.. نتفوا ريشنا على الآخر.. صار حلم تركب سرفيس”.

وعندما يصل السرفيس إلى الموقف الأخير ستجد في استقبالك حشداً جماهيرياً لن يسمح لك حتى النزول إلا بعد معاناة كبيرة، والتي قد تفقد خلالها أحد أغراضك الشخصية، فالجميع يريد الفوز بمقعد في السرفيس.

وفي حال لم تتمكن من كسب مقعد في السرفيس، سيكون خيارك الثاني سيارات الأجرة الأغلى سعراً، حيث يأخذ السائق أجرة كما يشاء والتي تصل إلى ضعفين أو ثلاثة عن الأيام السابقة دون حسيب أو رقيب.

ومع قلة وسائل النقل العامة لجأ السوريون إلى سيارات الأجرة مرغمين، والتي تعتمد على تجميع الركاب ونقلهم إلى منطقتهم مقابل مبلغ يرتفع بشكل يومي، أما الراكب فبات الحلقة الأضعف فهو لا يريد سوى الوصول إلى منزله بعد يومٍ من “الشنشطة والتعتير”.

حلول منتهية الصلاحية

ذكرت مصادر من محافظة دمشق أنها تقوم بتسيير العديد من باصات النقل الداخلي ليل -نهار بشكل يومي ، وقال مدير عام الشركة العامة للنقل الداخلي بدمشق وريفها سامر حداد لوسائل إعلام محلية: “أدت مشكلة المحروقات لخروج منظومة السرافيس بشكل شبه دائم، وبدأت تعود تدريجياً، والنقص الحاصل قمنا بتغطيته بباصات النقل الداخلي بنسبة وصلت ما بين 95٪ و96٪”.

وخلال جولة قصيرة في شوارع العاصمة لن تجد على جوانبها إلا أناساً ينتظرون وسيلة نقلٍ، ويركضون كأنهم في سباق ماراتون عندما يظهر سرفيس وسط استقبال يشبه استقبال الفاتحين.

يقول سامر في منطقة البرامكة بدمشق: “صار عمري خمسين سنة ما ضل عندي لا حلم ولاشي.. بدي أوصل على بيتي بعد الشغل وساعة كهربا زيادة وأمن شوية أكل لعيلتي”.

وبالنسبة للحلول الحكومية وتسيير الباصات تشير رؤى (موظفة في شركة خاصة) إلى عدم فائدتها كون عددها قليلاً وتضيف: “إذا في 100 ألف شخص والمحافظة عم تبعت 10 باصات شو الفائدة!.. الزحمة والقتال والتدافع مستمر حتى نركب”.

هذا الوضع دفع الحكومة السورية لتخفيض عدد العاملين في الوزرات والمؤسسات الرسمية، كما تقرر إيقاف الدوام في الجامعات بحدود الأسبوعين بالإضافة إلى بعض الصفوف في المدراس.

انتهت الأحلام

لم يعد هناك أحلام وطموحات في هذا البلد، لا مجال للتفكير سوى بالمواصلات والكهرباء ولقمة العيش، هذا ما يتحدث عنه سمير (25 عاماً)، ويضيف “تخرجت من كلية العلوم ودورت على شغل وما لقيت إلا مطعم فلافل أشتغل فيه ب80 ألف ما بتكفي مواصلات”.

أما رويدة (طالبة جامعية) تذكر أنها من ستة أشهر تركت كلية السياحة واتجهت للعمل في مشغل خياطة حتى تساعد أهلها في المصروف، وتقول: “تخليت عن حلمي بالتخرج والسفر خارج سوريا، لأن المصاريف أصبحت كبيرة على أهلي”، وتذكر أنها تضطر كل يوم للوقوف على دور الخبز كون والديها كباراً بالسن، ثم تذهب إلى العمل مشياً لعدم توفر المواصلات.

في محال بيع المواد الغذائية ستجد أحلاماً صغيرة كبرت ولم يعد الأطفال قادرين على اللحاق بها، يدخل طفل صغير وبيده 200 ليرة يأخذ قطعة حلوى صغيرة يخبره البائع بأنها أصبحت بـ 500 لترتسم على وجهه معالم الحزن والاستغراب، ويبحث عن شيء آخر بالمبلغ الذي يحمله دون أن يجد ليخرج من المحل على الفور.

ولا يمر يوم دون أن تشهد الأسواق السورية ارتفاعاً في أسعارها بالتزامن مع صعود سعر صرف الدولار، وعندما ينخفض تبقى الأسعار كما هي دون أي تراجع وسط غياب أي رقابة حكومية.

أحلام سورية خالصة

عندما تسأل الشعوب عن أحلامها لابد أن تكون الأجوبة تتعلق بالسفر والسياحة أو شراء سيارة أو منزل أو الزواج في الأحوال الطبيعية وغير ذلك من أحلام الإنسان، لكن في سوريا هذه الأحلام تبخرت واختفت من القاموس السوري منذ سنوات.

يقول جاد: “عمري 30 سنة ما بملك أي شي، لا بدي زواج ولا سفر، بدي حس بالاستقرار والأمان، كل يوم بالبلد عذاب، راكضين ورا الكهربا والخبز والمواصلات.. الناس وصلت على القمر ونحن خارج التغطية”.

أما أحمد (26 عاماً) فيتحدث عن أحلامه عندما كان صغيراً وكيف اختلفت بالكامل: “كان الأستاذ بالمدرسة يسأل الطلاب عن أحلامهم، وكنت جاوب بأني أحب أن أصبح مهندساً”، ويضيف: “لقد تخرجت من الجامعة ولم يتمكن أهلي من مساعدتي بسبب ظروف البلاد، وحالياً أعمل في سوق الهال وأنهي عملي مساء، على أمل أن أعود إلى بيتي وأجد وسيلة نقل بشكل سريع وكهرباء في المنزل لأتمكن من الاستحمام”، ويؤكد أحمد أن هذه أقصى طموحاته حالياً.

يبدو أن الأحلام الاعتيادية الخاصة بالحياة والتي يحلم بها أي شخص بالعالم، قد تلاشت وتبخرت في سوريا لتحل مكانها أحلام حياتية تتعلق بالأكل والمواصلات والكهرباء والتي تطغى على أي شيء عندما تظهر، وكما يقول جرير:”نظرت الى الحياة فلم أجدها سوى حلم يمر ولا يعود”.

======================

تحديث 20 نيسان 2021

————————

سوريا الفشل بعد الفشل/ بشير البكر

لا يأتي تقرير الاستخبارات الأميركية (سي آي أيه) الأخير عن الشرق الأوسط بجديد عن سوريا، سوى أنه يؤكد على أن الدولة المفككة التي صار عليها هذا البلد تتناسل فشلا ينمو، ويكبر مع الوقت، لتصبح معه مسألة العودة إلى الوضع الطبيعي ضربا من المستحيل. وهذا أمر بات بديهية يدركها الجميع، وصدرت حولها تقارير محلية ودولية كثيرة شخّصت الشأن السوري بكل جوانبه، ولم تترك مجالا إلا درسته بالتفاصيل المملة. وفي كل مرة يصدر تقرير على مستوى عال من الأهمية، يتم الوقوف عند الأسباب والنتائج نفسها مع بعض الإضافات التي تمليها مصلحة الجهة التي عملت على التقرير. والأمر اللافت في التقرير الأميركي الاستخباري الذي نتحدث عنه هنا هو أنه أعطى اهتماما بالوضع السياسي، وأكد على الاتجاهات الحالية التي تتحكم بالوضع، ولخصها في عدة نقاط أهمها استمرار الصراع والأزمات الإنسانية والتدهور الاقتصادي خلال السنوات القليلة المقبلة. ورجح أن يمتنع نظام الأسد عن الدخول في مفاوضات سياسية جدية، في حين سيواصل اعتماده على دعم روسيا وإيران، وقال التقرير إن “رئيس النظام بشار الأسد سيعاني لاستعادة السيطرة على بقية الأراضي الخارجة عن سيطرته”. أما بالنسبة للمناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، فذكر التقرير أنها سوف تواجه ضغوطاً من النظام وروسيا ومن تركيا.

التقرير يميل إلى بقاء القوات الأميركية شمال شرق سوريا، والبديل عن ذلك أي في حال الانسحاب، “تزايد الضغوط مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية”. ولكن التحديات التي ستواجه هذه القوات تتمثل في تهديدات من إيران والميليشيات الموالية لها ولنظام الأسد، من خلال شن هجمات عليها. وقدّر التقرير أن “التنظيمات الإرهابية” ستحاول شن هجمات على قوات التحالف من ملاذاتهم الآمنة في سوريا. ورغم أن التقرير أضاء على الجوانب التي جرت العادة للتركيز عليها، فإنه خرج بخلاصتين تستحقان التوقف أمامهما مطولا. الأولى هي، استمرار الصراع والأزمات الإنسانية والتدهور الاقتصادي في سوريا خلال السنوات القليلة المقبلة. والثانية هي، قد يؤدي تزايد القتال أو الانهيار الاقتصادي إلى موجة هجرة جديدة من البلاد. وهاتان الخلاصتان لا تشكلان مفاجأة لأحد، في وقت لا تعيران اهتماما بالأطروحات التي تسوقها بعض الأطراف حول إمكانية الذهاب في طريق حل المسألة السورية عن طريق المسارات المعتمدة، مثل اللجنة الدستورية وأستانا.

لا يتحدث التقرير عن فشل رهانات روسيا حول إمكانية حصول مرونة أميركية أوروبية من أجل إعادة الإعمار، وهي المسألة التي تؤرق موسكو أكثر من غيرها، بل يركز في صورة أساسية على أن الدولة السورية باتت في حساب الماضي، وليس هناك أي إمكانية لاستعادتها. وهذا الاستنتاج يؤكد على خلاصات انتهت إليها تقارير ودراسات حول إعادة الإعمار التي تحتاج إلى أرقام فلكية، بسبب حجم الدمار الذي عرفته سوريا، والخسائر التي لحقت باقتصادها، وتقدرها بعض الجهات الدولية المختصة بنحو 400 مليار دولار. والمفارقة التي نقف عندها في هذا التقرير هي ذاتها التي رافقت كل التقارير المتعلقة بالمسألة السورية منذ بداية الثورة في آذار/مارس 2011، ومفادها أن التقارير التي تصدر عن جهات رسمية أميركية وأوروبية لا يتم توظيفها من قبل المؤسسات الرسمية ـ وتبقى بين أصحاب الاختصاص مثل تلك التي تصدرها مراكز الأبحاث والدراسات لأغراض علمية. وما يثير الكثير من إشارات الاستفهام هو الموقف الروسي. وبعدما استثمرت روسيا عسكريا وسياسيا في النظام منذ أيلول/سبتمبر 2015، لا تبدو أنها تحت ضغط استعادة استثماراتها، وإلا لكانت اتبعت نهجا مختلفا يقوم على أمرين. الأول هو الحفاظ على الدولة السورية وعمل كل ما يمنع انهيارها. والثاني هو البحث عن صيغة حل سياسي، لا يكون فيه التمسك بالنظام هو الأساس.

تلفزيون سوريا

———————

طموحات روسيا تزيد غرقها في المستنقع السوري/ رانيا مصطفى

يتصرّف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كقيصر طموح إلى استعادة نفوذ إمبراطوريّته السوفييتية الغابرة، وذلك عبر جعل التدخل العسكري في سورية بوابةً إلى التوسع الجيوسياسي في الإقليم. وعلى الرغم من أنّ روسيا لا تملك مقومات الدول العظمى الراهنة، إذ إنّ اقتصادها ريعي يعتمد على تصدير النفط، فهي تستغلّ تراجع الاهتمام الأميركي في المنطقة إلى المرتبة الثانية، وتراخي علاقات واشنطن مع حلفائها، في الخليج العربي، وتركيا، وحتى العراق.

لماذا تضع روسيا كلّ رهاناتها في سورية على استمرار نظام الأسد، مع وجود بدائل سورية عديدة مطروحة، وتدور في الفلك الروسي، ولا تعمل بجدّية على حل عقدة الوجود الإيراني في سورية، وإرضاء الأميركيين وأوروبا وإسرائيل والعرب، ورفع التعطيل الأميركي عبر قانون قيصر عن هدفها المركّب بعودة اللاجئين وإعادة الإعمار؟

تعتقد روسيا أنّ بمقدورها مواجهة واشنطن وحلفها الغربي، وأن تفرض نفسها مسيطرة على المنطقة برمتها، عبر بناء التحالفات الإقليمية، وفتح المسارات المتعدّدة، والمتعارضة أحياناً؛ كتحالف أستانة مع تركيا وإيران ويتعلق باتفاقات مناطق النفوذ، ومنصة الدوحة مع تركيا وقطر، وتدفع باتجاه قمة بغداد العربية بين العراق ومصر والأردن، والتي تقدّم مبادرة للحلّ في سورية، وموجهة ضد النفوذين، الإيراني والتركي، في سورية. وجسّ نبض دول عربية عن إعادة مقعد سورية في جامعة الدول العربية، هذا فضلاً عن التحالف العربي – الإسرائيلي الذي يستهدف التوسع الإيراني في المنطقة، وإطلاق مسار التطبيع.

جاء الحراك الروسي، أخيراً، بعد اتّضاح ملامح سياسة إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن؛ إذ يبقى همّ تعزيز القواعد العسكرية في بحر الصين، ضمن الأولويات الأميركية، وعلى حساب تقليص حجم الوجود العسكري في الشرق الأوسط، والاعتماد أكثر على الحلفاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في استكمالٍ لسياسة كلّ من أوباما وترامب، من دون أن تتغير الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، حيث تمسك واشنطن بكلّ خيوط التحالفات فيها، وتتمتع بقدرتها على تعطيل المسارات، حين لا تتوافق مع مصالحها؛ وكذلك تستمر الإدارة الأميركية في تطبيق سياسة الضغوط القصوى ضد إيران، مع استمرار الضربات العسكرية الإسرائيلية ضد مواقعها في سورية، كما كان في عهد ترامب، وذلك قبل الخوض في مفاوضاتٍ حول اتفاق نووي جديد مع طهران.

تشهد العلاقات الأميركية – الروسية تراجعاً في عهد بايدن، مقارنةً بما كان في عهد ترامب، وبالمثل، هي العلاقات التركية الأميركية. ولا تبدي الإدارة الأميركية الجديدة، ومعها الاتحاد الأوروبي، غير التشدّد في تعطيل المساعي الروسية إلى تعويم نظام الأسد، والقفز فوق الحلّ السياسي، وباتجاه عودة العلاقات العربية مع دمشق، عدا عن موقف غربي عام يدين جرائم النظام. وبالتالي، يدفع هذا روسيا إلى حراك دبلوماسي في المنطقة، باتجاه بناء تحالفاتٍ فيها، في غياب تنسيق عربي، وذلك من أجل أن تمسّك روسيا بكلّ الخيوط التي تحقق التوازن بين دول المنطقة المتنافسة على النفوذ، وأن تلعب دور الوسيط بينها. وروسيا تستفيد هنا من توجّه الصين إلى تقوية علاقاتها مع دول المنطقة، خصوصاً الاتفاق الاستراتيجي الإيراني – الصيني، وعلاقات أكثر قوة مع دول الخليج، بالتوازي مع عقود اقتصادية قصيرة الأمد بين روسيا وإيران، وعلاقات لروسيا أقوى مع الخليج ومصر والعراق، ومحاولتها أخذ دور في اليمن، عبر دعم الحوثيين بالتحالف مع إيران، فضلاً عن نفوذها في حوض المتوسط، ودورها في الصراع الليبي، بالتحالف مع الإمارات والسعودية ومصر.

هذا الطموح الروسي لنفوذ أكبر في المشرق العربي وعموم غرب آسيا، دفع روسيا إلى معاندة أميركا في المنطقة، واعتبارها ندّاً لها، بدلاً من التواضع، والاعتراف بمحدودية القدرة الروسية، في مقابل الهيمنة العسكرية والاقتصادية الأميركية على العالم. وبالتالي، تتجاهل روسيا التي تبحث عن نفوذ وهيمنة على المنطقة، حقيقة عجزها عن الهيمنة على سورية، عبر دعم نظام الأسد، وإخضاع تركيا والمعارضة التي تدور في كنفها إلى اتفاقات أستانة والمصالحات، وعبر توقيع عقود استثمار طويلة الأمد لأهم الموارد الحيوية وللمطارات والطرقات؛ هي عاجزة بحكم الوجود الأميركي شرق الفرات، وفي قاعدة التنف شرقاً، ودعم واشنطن قوات سورية الديمقراطية (قسد) وإدارة ذاتية للمنطقة، والسيطرة على غالبية حقول النفط والثروات الطبيعية والحبوب، ومنعها عن النظام وروسيا، وفاعلية قانون قيصر في منع أيّ حلول روسية منفردة، تتعلق بتعويم النظام من دون تحقيق الشروط الأميركية. إذاً، ليس في مقدور روسيا تغيير هذه الحقيقة بالقوة العسكرية، بل بتوافق دولي، عليها تقديم تنازلات فيه، ومنها إخراج إيران من سورية، والبدء بالحلّ السياسي وفق القرارات الدولية.

هناك علاقات تاريخية قوية بين دول الخليج العربي والغرب الأوروبي وأميركا، ووجود عسكري أميركي بقواعد ضخمة في مفاصل مهمّة تجعل حكومات تلك الدول عاجزة عن التحليق بعيداً خارج السرب الأميركي، باتجاهات فضاءات روسية أو صينية غير مضمونة. وكذلك بالنسبة لتركيا، فإنّها على الرغم من مضيّها في صفقة المنظومة الدفاعية الروسية “إس – 400” وعلى الرغم من جفاء إدارة بايدن لها، فإنّها لا تثق بروسيا بسبب سياساتها الانتهازية في استغلالها المخاوف التركية من خطر التوجهات الانفصالية الكردية شمالي سورية، وكانت ستفضل الحليف الأميركي لولا ذلك.

تفضّل روسيا إبقاء إيران في حلفها، ضدّ رغبة الولايات المتحدة في احتوائها، وهي لا ترغب في مواجهةٍ مع طهران داخل سورية، على الرغم من المنافسة بينهما على الاستثمارات، وفي السيطرة على مفاصل القرار السوري، وهي لا تملك وسائل تحدّ من قوة (وتوسع) إيران وأدواتها على الأراضي السورية، كالحرس الثوري وحزب الله اللبناني، غير السماح للطائرات الإسرائيلية بقصف القواعد العسكرية الإيرانية ومخازن أسلحتها، فالحدّ من النفوذ الإيراني في سورية يحتاج إلى توافق دولي، ولا يبدو أنّ هذه الخطوة ضمن أولويات الغرب، خصوصاً مع تعثر انطلاق مفاوضات فيينا المبدئية مع إيران بشأن برنامجها النووي.

الولايات المتحدة الأميركية راضية، ومشاركة عن بُعد في كلّ خطوات موسكو على الأراضي السورية، من تعزيز قواعدها في الساحل السوري، ومسار أستانة، واتفاقات خفض التصعيد والمصالحة، ومسار اللجنة الدستورية، وملف الجنوب وغيرها، ودعمت تركيا لتعطيل تقدم النظام إلى عمق إدلب. لكنّ واشنطن، أيضاً، سعيدة بحالة الاستنقاع السوري التي تستهلك الروس والإيرانيين والأتراك معاً، وتُضعف سورية دولةً وحكومة، أي لا تتوفر إرادة دولية للحلّ في سورية في الفترة القريبة، وهذا يعني استمرار حالة الاستنقاع، مع استمرار واشنطن في وضع العراقيل في وجه أي تحرّك روسي لفرض حلّ منفرد.

وبخلاصة مكثّفة، كلّ التحركات الدبلوماسية الروسية لبناء تحالفات وتكتلات في المنطقة خطوة فارغة من القيمة الفعلية، ولن يكون لها أثر سوى أنّها ستشكل، في حال نجاحها، بعض الأوراق في يد موسكو، قد تستفيد منها لحظة التفاوض مع واشنطن.

———————

غطرسة السلطة/ نايل شامة

يبدو أن الرئيس السوري بشار الأسد قد انتصر. فهو لا يزال في سُدة الحكم، والنزاع السوري يشارف على الانتهاء، كما تتزايد الجهود المبذولة في العالم العربي لتطبيع العلاقات مع النظام السوري. ومع أن معدّل العنف الممارَس في سورية انخفض على الأرجح بعد عشر سنوات من الدمار، هل من الدقيق القول إن الأسد غيّر أسلوبه في الحكم؟ وهل بدّلت الأحداث الجسام التي شهدتها سورية رؤيته حيال جوهر السياسة؟

للإجابة على هذين السؤالين ، لا بدّ من العودة بأذهاننا إلى الشرارة الأولى للانتفاضات العربية. ففي أوائل العام 2011، وحتى بعد أن نجحت موجات الحراك الاجتماعي، في غضون أسابيع قليلة، في الإطاحة برئيسين سلطويين دام حكمهما طويلًا، أعلن الأسد أن تلك الأحداث لا تؤثّر على سورية. وأخبر صحيفة وول ستريت جورنال أن “سورية مستقرة”، مشدّدًا أن بلاده هي  “خارج كل ذلك”، في إشارة إلى ما شهدته تونس ومصر.

ولم تمضِ إلا أسابيع قليلة حتى واجه الأسد انتفاضة سورية أظهرت مدى انفصاله عن الواقع. واليوم، بعد مرور عقدٍ على انطلاق الاحتجاجات في سورية، لا يزال من الجائز التساؤل عن أسباب إغفال الدكتاتور السوري بوادر ضعفه. وتتبادر إلى الذهن عوامل ثلاث تشرح هذا الانفصال.

العامل الأول هو أن عائلة الأسد لم تدرك أن سيطرتها المفرطة أضعفت قدرتها على معرفة الديناميكيات الداخلية للمجتمع السوري، ما أعاق بصيرتها. فالسياسة عملية ديناميكية تنطوي على التعبير والتفاوض والنزاع. وبحلول العام 2011، كان قد مضى على منظومة السيطرة المُحكمة والمعقّدة التي فرضها الأسد الأب ثم الابن أكثر من أربعة عقود، استطاعت خلالها أصابع النظام من التغلغل في جميع جوانب المجتمع. فمن خلال إحكام النظام قبضته على هياكل السلطة والأجهزة الأمنية والأحزاب السياسية والمجالات العامة، وضع كل جوانب السياسة المرئية تقريبًا تحت سلطته الصارمة.

والمشكلة في ذلك هي أن عائلة الأسد لم تدرك أن تقييد الحياة السياسية بهذا الشكل دفع هذه النقاشات إلى أماكن أكثر ضبابية وغموضًا، إذ تحوّلت الآراء والخلافات من السياسات الحزبية والمداولات البرلمانية ووسائل الإعلام إلى أحاديث ونقاشات خاصة كما برزت أشكال خفية من المعارضة. يشير هذا إلى أن الحقائق الصغيرة تعبّر عن قضايا كبيرة، ” فالغمزات يمكن أن تعبر عن نظرية المعرفة وغارات الأغنام قد تعبّر عن الثورة”، بحسب عالم الأنثروبولوجيا الثقافية كليفورد غيرتز. ففي عهد الأسد الأب والابن، كل حذف في الكلام، أو عبارة مجازية، أو إيماءة خيبة، أو زفير للغضب، أو حتى الصمت أصبح أبلغ إنباءً من الكلام للتعبير عن هموم السكان وجذور استيائهم.

لكن بشار الأسد، من علياء قصره المطلّ على دمشق، رأى مشهدًا مختلفًا. فقد قرأ في الصمت ولاءً له، وفي الرقابة الذاتية قبولًا وإذعانًا. وإن دلّت انتفاضة آذار/مارس 2011 على شيء، فإنما دلّت على قراءته المغلوطة للواقع.

يوضح العامل الثاني سبب فشل الأسد في تلمّس المزاج العام السائد في البلاد. فالسوريون لم يخفوا فقط تفضيلاتهم الحقيقية في وجه الضغوط السياسية، بل عمدوا أيضًا إلى تزييف ردود فعلهم في الكثير من الأحيان وتظاهروا بأنهم يدعمون النظام. وقد أطلق الخبير الاقتصادي تيمور كوران على هذه الممارسة اسم “تزوير التفضيلات”، بمعنى تصنّع الابتسامات أو المجاملات في سياق المناسبات الاجتماعية الخاصة. أما في سياق الأنظمة السلطوية، فتأخذ هذه الممارسة أبعادًا أكبر.

من المُلفت أن داعمي الأسد الأب والابن ومنتقديهما على السواء يعتبرون أن النظام السوري شيّد حكمه على استراتيجية الخوف. ففيما أطلق منتقدو النظام على سورية اسم “جمهورية الخوف”، سعى النظام إلى الحفاظ على ما سمّاه “هيبة الدولة”، بما ينطوي عليه هذا المفهوم من قمعٍ ورعب. وبين العامَين 1970 و2011، جرت مأسسة سياسة الترهيب في البلاد. وهكذا، اكتسب السوريون موهبة الصمود والبقاء، مختارين إما السير مع التيار، أو التقوقع على الذات، أو العيش في حالة من المنفى الذهني، أو ادّعاء الولاء للنظام.

وقد أحسن أبو العتاهية، أحد الشعراء المخضرمين في العصر العباسي الأول، توصيف هذا الواقع قائلًا: “وإن ضاق عنكَ القول فالصمتُ أوسعُ”. وهكذا، عاش السوريون في دوامة من الصمت قبل العام 2011. لكن الصمت هو غالبًا علامة الصبر أكثر مما هو علامة الرضا والإخلاص. ولأنه يشكّل عبئًا على كاهل الأفراد، فهو لا يدوم إلى الأبد.

لكن بدلًا من القراءة بين سطور الصمت، انكبّ النظام على تكريس نمط عبادة شخص الرئيس الأسد والتوق إلى حكمه الأبدي تحت شعار “الأسد إلى الأبد”. لكن من السهل رؤية كيف أدّى هذا التزلّف إلى الغطرسة.

أما العامل الثالث فيشير إلى اتّساع هوة التفاوت بين الواقع والخيال مع مرور الزمن. واقع الحال أن نظام الأسد عانى بسبب طول عمره، فحاصره الزمن. فكلما طال بقاء الحاكم السلطوي في السلطة، زاد اعتماده على زمرة من المقرّبين والمتزلّفين الذين يشاركونه آراءه وأوهامه. وهذه الدائرة الضيقة التي يحيط بها الحاكم نفسه تحدّ من انفتاحه وسعة اطّلاعه، فيصبح الواقع بالنسبة إليه أشبه “بالليل الذي تبدو فيه كل الأبقار سوداء”، على حدّ تعبير الفيلسوف الألماني هيغل.

بحلول أوائل العام 2011، كان حافظ وبشار الأسد قد أمضيا 40 عامًا في البرج العاجي. وقد صرّح مستشار سابق لبشار أن الرئيس “يعيش في شرنقة”. وواقع الحال أن بشار ربما لم يكن حتى على دراية تامة بالديناميكيات الداخلية لأجهزة الدولة التابعة له، وخصوصًا الأجهزة الأمنية الجامحة. فحين تحوّلت سورية إلى إرث عائلي أصبحت أقرب إلى الدولة الدكتاتورية المجزّأة، حيث تنتشر فيها الإقطاعيات الشخصية، ما جرّد المؤسسات العامة من الفاعلية والأهمية.

لقد أخذت الانتفاضة الدكتاتور السوري على حين غرّة وجرّدته من هالته، وأثبتت أن السياسة لا يمكن إلغاؤها أو دفنها إلى الأبد. وفي حال كرّر النظام أخطاءه هذه بعد انتهاء الانتفاضة، فستعود أحداث العقد الماضي المريرة لتطلّ برأسها مجدّدًا.

مركز كارينغي للشرق الأوسط

———————————

النظام السوري يحدد 26 مايو موعداً للانتخابات الرئاسية

فادت وكالة أنباء النظام السوري، الأحد، بأن مجلس الشعب حدد يوم 26 مايو/ أيار المقبل موعداً لإجراء الانتخابات الرئاسية.

ونقلت الوكالة أنه سيتم “فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية اعتباراً من يوم غدٍ الإثنين 19 نيسان/ أبريل” وعلى الراغبين تقديم طلبات الترشح إلى المحكمة الدستورية العليا خلال مدة 10 أيام تنتهي 28 أبريل/ نيسان الجاري.

ويأتي قرار إجراء الانتخابات رغم تواصل النزاع العسكري في البلاد، وعدم وجود أفق لحل سياسي مع فشل جميع المفاوضات بين المعارضة والنظام، وتحول أكثر من 10 ملايين من السوريين إلى لاجئين أو نازحين، إضافة إلى أن نحو 40% من مساحة البلاد خارج سيطرة النظام.

وقد نجح رئيس النظام السوري بشار الأسد في جميع الانتخابات التي خاضها منذ توليه السلطة (عام 2000) وريثاً لوالده حافظ الأسد بنسب تفوق 88%.

وتبدو نتائج هذا الاستحقاق محسومة لصالح الأسد في بلد دخل النزاع الدامي فيه عامه الحادي عشر في غياب أي آفاق لتسوية سياسية.

وأعلن رئيس مجلس الشعب حمودة صباغ خلال افتتاح دورة برلمانية استثنائية موعد الانتخابات الرئاسية في الـ26 من أيار/مايو. وحدد موعد الاقتراع للسوريين “في السفارات في الخارج” في 20 أيار/مايو.

ولم يعلن الأسد (55 عاماً)، الذي يحكم البلاد منذ العام 2000، حتى الآن رسمياً ترشحه إلى الانتخابات. وقد فاز، في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في حزيران/يونيو 2014، بنسبة تجاوزت 88 في المئة.

ووافق مجلس الشعب في العام 2014 على مرشحين اثنين إضافة إلى الأسد. ولا تتوفر حتى الآن أي معلومات عن أشخاص قد يقدمون ترشيحهم.

وتولى الأسد الرئاسة في 17 تموز/يوليو 2000 خلفاً لوالده حافظ الذي حكم البلاد طيلة 30 عاماً. وفي العقد الأول من ولايته، قاد سياسة انفتاح اقتصادي، إلى أن اندلعت حركة احتجاجات العام 2011 التي واجهها بالقمع والقوة، وتحولت إلى نزاع دام وخسر في سنواته الأولى السيطرة على محافظات بأكملها.

وبعكس العام 2014، وبفضل دعم حليفين أساسيين هما روسيا وإيران، تجري الانتخابات الرئاسية اليوم بعدما باتت القوات النظامية، وإثر هجمات واسعة ضد الفصائل المعارضة، تسيطر على نحو ثلثي مساحة البلاد وتضم غالبية المدن الرئيسية مثل حلب وحمص وحماة.

ولن تجري الانتخابات الرئاسية سوى في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

وفي المناطق الواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية الكردية (شمال شرق)، قد توضع صناديق اقتراع في أحياء قليلة لا تزال تتواجد فيها قوات النظام في مدينتي الحسكة والقامشلي، فيما ستغيب الانتخابات عن المناطق الأخرى.

كما لا تعني الانتخابات نحو نصف مساحة محافظة إدلب ومناطق محدودة محاذية لها (شمال غرب)، وتسيطر عليها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا)، فضلاً عن منطقة حدودية واسعة تسيطر عليها قوات تركية وفصائل سورية موالية لها.

وتنظم الانتخابات الرئاسية بموجب الدستور، الذي تم الاستفتاء عليه في 2012، فيما لم تسفر اجتماعات اللجنة الدستورية، والتي تضم ممثلين عن الحكومة والمعارضة، برعاية الأمم المتحدة عن أي نتيجة.

وتنص المادة 88 من الدستور، الذي تم الاستفتاء عليه في 2012، على أن الرئيس لا يمكن أن ينتخب لأكثر من ولايتين كل منها من سبع سنوات. لكن المادة 155 توضح أن هذه المواد لا تنطبق على الرئيس الحالي إلا اعتبارا من انتخابات 2014.

ومن شروط الترشح للانتخابات أن يكون المرشح قد أقام في سوريا بشكل متواصل خلال الأعوام العشرة الماضية، ما يغلق الباب أمام احتمال ترشح أي من المعارضين المقيمين في الخارج.

ولقبول ترشيحه، يحتاج المرشح تأييد خمسة وثلاثين عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب، الذي يسيطر عليه حزب البعث الحاكم.

دعوة للمقاطعة

وتتزامن الانتخابات مع أزمة اقتصادية خانقة تشهدها سوريا، فاقمتها العقوبات الغربية وإجراءات احتواء فيروس كورونا، فضلاً عن الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور حيث يودع سوريون كثر، بينهم رجال أعمال، أموالهم.

وترافقت الأزمة مع تدهور قياسي في قيمة الليرة السورية، ما انعكس ارتفاعاً هائلاً في الأسعار. ويعيش غالبية السوريين اليوم تحت خط الفقر. ويعاني 12,4 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، وفق برنامج الأغذية العالمي.

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، تكثر التحليلات عما إذا كانت سوريا تتجه نحو تسوية سياسية، بعد سنوات لم تحقق فيها جولات تفاوض عدة قادتها الأمم المتحدة أي تقدّم. إلا أنه ليس هناك أي تغير ملموس في الأفق، برغم انفتاح عربي محدود تجاه دمشق، ومحاولات روسيا لجذب الاستثمارات لإعادة الإعمار.

وخلال جلسة لمجلس الأمن الدولي الشهر الماضي، قالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد إن “هذه الانتخابات لن تكون لا حرة ولا نزيهة. ولن تُكسب نظام الأسد أي شرعية”، و”لا تستجيب لمعايير القرار 2254 الذي ينص على إجرائها بإشراف الأمم المتحدة أو بموجب دستور جديد”.

وفي بيان مشترك دعا وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، التي “لن تؤدي إلى أي تطبيع دولي للنظام السوري”.

وتابع الموقعون أن “أي مسار سياسي يتطلّب مشاركة كل السوريين، ولا سيما (أولئك في دول) الشتات والنازحون لضمان إسماع كل الأصوات”.

وأسفرت أكثر من عشر سنوات من الحرب عن مقتل أكثر من 388 ألف شخص واعتقال عشرات الآلاف ودمار البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان.

(وكالات)

القدس العربي

————————-

انتخابات الأسد في 26 أيار..ومهلة الترشيحات 10 أيام

حدّد مجلس الشعب السوري الأحد في 26 أيار/مايو موعداً لإجراء الانتخابات الرئاسية، بدءا من السابعة صباحا حتى السابعة مساء، لتكون ثاني انتخابات صورية تخوضها سوريا خلال سنوات الحرب المستمرة منذ 10 سنوات.

وأعلن رئيس مجلس الشعب حمودة صباغ أيضاً موعد الانتخابات للسوريين “في السفارات في الخارج” في 20 أيار وذلك من خلال الصناديق التي سيتم وضعها في السفارات السورية، “أنّى تسنى ذلك”.

كما أعلن فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية اعتباراً من الاثنين. ودعا الراغبين بالترشح لتقديم طلبات الترشيح إلى المحكمة الدستورية العليا خلال مدة 10 أيام.

وقال صباغ: “اليوم نحن أمام الاستحقاق الدستوري الأكثر أهمية، وإجراؤه تعبير صادق عن الانتماء للوطن”. وأضاف “على كل واحد منا المشاركة في هذا الاستحقاق الدستوري لإفشال المخططات التي تستهدف سوريا”.

ويخوض الأسد نزاعاً لتشريع انتخاباته التي يُتوقع أن يفوز بها بسهولة، بعدما أعلنت دول غربية، بينها الولايات المتحدة والدول الأوروبية الكبرى، أنها لن تعترف بالأسد، إلا بعد أن يخوض في عملية سياسية جديدة، تفضي إلى نظام حكم جديد.

وتأتي انتخابات الأسد لتضرب عرض الحائط، باجتماعات اللجنة الدستورية، وكل النداءات لتأجيل الانتخابات، وإتاحة المجال لنقاش دستوري حقيقي، يمهد لتشكيل حكومة تتولى مرحلية انتقالية تنتقل خلالها البلاد من الدكتاتورية إلى نظام ديمقراطي تتمثل فيه غالبية السوريين في الحكم.

————————-

استمارات حزب الله للاجئين السوريين: إخضاعهم قسراً لانتخاب الأسد/ لوسي بارسخيان

على أبواب انتخابات سوريا الرئاسية، يخرج من يزور مخيمات النازحين السوريين في البقاع، بانطباعات عن حجم الخيبة التي يعيشها هؤلاء من عدم تغير شيء في نظام بلدهم، بعد أكثر من ثماني سنوات على هربهم القسري منه.

البحث عن وطن بديل

أن تدعو السلطة نفسها التي هجّرتهم لانتخابات أخرى في سوريا، معناها أنها لن تكون أكثر من “مبايعة” لشخص رئيسها الحالي بشار الأسد. وعليه ليست الانتخابات الرئاسية المقبلة، كما يقولون، سوى مقدمة لسبع سنوات إضافية يقضونها بعيداً عن سوريا، فيما النظام ماض في قمع شعبه بالداخل والخارج، وفي إبتزاز من يرغب منه بالعودة.

يقول أحدهم: “أنا من الناس الذين دخلوا لبنان في شهر آذار 2011، أي أنني اليوم لا أعرف ماذا يوجد في سوريا، أتيت من حمص، ولم أشارك يوماً في أي مواجهة مع السلطة، وإن كنت قلبياً أرغب بالتغيير في سوريا، ولكن إذا أردت العودة إلى بلدي اليوم، فإنني أعلم أنني سأقع في قبضة النظام وأجهزته بتهمة جاهزة “إيواء إرهابيين”. هم يربطون العودة بلجان المصالحة، فيما مهمة هذه اللجان إخضاع الراغبين بالعودة، وكتم صوتهم نهائياً مقابل استعادة ولو جزء من ممتلكاتهم. ولذلك، يقول، “إذا عاد بشار رئيساً سأبيع ممتلكاتي بسوريا، وحتى لو لم يأوني لبنان، فسأبحث عن أي وطن آخر لي”.

يؤرخ النازحون في مخيمات البقاع للانتخابات المقبلة بكونها الثانية التي تجري في ظل توزع الشعب السوري بالشتات. فمع بداية عهد جديد للرئيس بشار الأسد قبل سبع سنوات، كان عمرُ “هربِ” السوريين من بلدهم لا يزال صغيراً، إلا أن أملهم بقي كبيراً بأن تكون تلك آخر ولاية للنظام الذي هجرهم من قراهم وأراضيهم وبيوتهم. ولكن ذلك لم يحصل. فبعد مئات آلاف الضحايا والقتلى، وأطنان الركام من الممتلكات والمنازل التي خلفتها حرب النظام على شعبه، فقد سوريو المخيمات الأمل بإمكانية عودتهم مجدداً إلى بلادهم.

يقول أحدهم: كنا على مقربة جداً من تحقيق حلمنا بـ”التحرر”. فثورتنا وصلت إلى باب القصر الرئاسي، ولكن تدخل حزب الله ومن خلفه إيران وروسيا وحتى أميركا، أنهك الثورة: “فقتلونا ودمرونا وحاصرونا وأعطونا وعوداً كاذبة”.

إخضاع اللاجئين

وهكذا تراقب مخيمات البقاعين الأوسط والغربي، بصمت “عملية التزوير” الجديدة لإرادة الشعب “برعاية حزب الله في البقاع”، الذي تحول ماكينة انتخابية لبشار الأسد. فأدار محركاته من منطقة بدنايل في بعلبك بما سمي “لقاء حواري” دعا إليه تحت إسم “رابطة العمال السوريين”. وخلص إلى تشكيل لجان ستملأ استمارات إحصائية بأعداد “الناخبين” بهدف تأمين وسائل نقلهم إلى مراكز الانتخابات، وفقا لما ورد من معلومات عن الاجتماع، الذي حضر فيه “بشار الأسد” كمرشح مطلق ووحيد.

منذ قدومهم إلى لبنان، توزع النازحون السوريون بحسب أهوائهم السياسية في المناطق اللبنانية. فحط أبناء الجزيرة والرقة في شمال البقاع أي بعلبك والهرمل، فيما استضافت تجمعات المخيمات في عرسال بالإضافة إلى البقاعين الأوسط والغربي بدءاً من برالياس إلى الفيضة ومجدل عنجر والمرج وغزة وباقي قرى البقاعين الغربي والأوسط، النازحين من مناطق المعارضة السورية أي حمص ومناطق دمشق ودرعا وإدلب وحتى اللاذقية، بحثا عن بيئة أكثر تناغماً مع توجهاتهم.

ومن هنا، تبدو التوقعات واضحة بالنسبة للمقيمين في هذه البيئة المعارضة. لا مشاركة “كبيرة” متوقعة من مخيمات البقاعين الأوسط والغربي في الانتخابات الرئاسية الوشيكة لسوريا. مقابل زحف انتخابي من مناطق بعلبك الهرمل، حيث بدأ حزب الله يعد العدة لتأمين أوسع مشاركة برعايته.

التزام الصمت

برأي أحدهم، فإن من سيلبون الدعوة هم من مؤيدي النظام، الذين وجدوا في وجع الشعب وشتاته فرصة للاسترزاق. وأغلبهم من أبناء الرقة والجزيرة والدير، وخصوصاً من أتقن منهم دور المرتزقة في كل المراحل التي مرت بها الثورة. فتلاحموا مع الجيش الحر، ورحبوا بداعش، ومن ثم ارتموا في أحضان النظام وجيشه. وعندما قيل لهم أن الأكراد يقومون بالتوظيف في مناطقهم، التحقوا بالأكراد للحصول على الرواتب.

أما من لا يريدون النظام ورأسه، فلا مكان لوصول صوتهم. حتى الورقة البيضاء الكفيلة بتبديل معادلة 99.99 بالمئة لن تكون متاحة أمامهم. ولذلك يقول أحدهم “سنلتزم في هذا اليوم بالصمت”، ونعتبر أننا غير معنيين به، وإن كنا في قرارة أنفسنا نتمنى التغيير.

رغم الحدود الفاصلة بين لبنان وسوريا، وتحرر لبنان أقله من وجود الجيش السوري في لبنان، لا يشعر السوريون بأنهم ينعمون بأمان كاف للتعبير بحرية عن رأيهم في انتخابات سوريا ومجمل قضاياها. ولذلك، يتحفظون عن إعطاء أسمائهم عند الإدلاء بأي تصريح، “حماية لأقاربهم المتواجدين بسوريا قبل أن يحموا أنفسهم” كما يقولون.

برأي أحدهم، “العسس موجود في وسطنا، والكثيرون من أبناء المخيمات مطلوبون لدى فروع الأمن في سوريا. ولذلك تجدهم يمتنعون عن السفر إلى بلادهم”. ومن هنا يؤكد بأن التجديد للرئيس بشار الأسد “يعني أن العودة ستتأجل بالنسبة لنا سبع سنوات إضافية. وفي الأثناء حتى أصغر أولادنا لن يعود لديهم أي ارتباط بهذه الأرض. وسيزيد النظام الفجوة بينهم وبين بلدهم”.

وحدة الحال في البلدين

لم يعد الكثير من أبناء المخيمات يبالون بانتخابات أو غيرها في سوريا. برأيهم الأسد سقط فعلياً، ومن يبقيه واقفاً على رجليه هو الصراع الأميركي الإيراني في المنطقة. ويتحدثون عن وحدة حال، تفصلهم عن سوريا بالجغرافيا، ولكنها تفرض عليهم أن يعيشوا ظروفها في لبنان.

الواقع الاقتصادي والمعيشي في البلدين هو واحد من مضاعفات هذه الوحدة، التي لا يعتبر نازحو البقاع أنها ستكون أقل وطأة عليهم في بلادهم.

إلا أنهم يرفضون بالمقابل تحميلهم تبعات الأزمة الكبيرة التي يمر بها لبنان، فيقول أحدهم “صار لنا أكثر من سبع سنوات في لبنان، هل سمع أحدهم بمزاولة سوري لمهنة الطب، أو الهندسة، أو الإعلام وحتى التجارة. كنا عمال مياومين في الحقول وورش البناء ولا زلنا كذلك. والفارق الوحيد أننا كنا في الماضي نعمل هنا لنرسل أموالنا إلى سوريا، بينما نحن اليوم ننفق كل مقدراتنا في هذا البلد”.

لا شك أن “القلة تولد النقار”، إلا أنه برأي نازحي مخيمات البقاع، النقمة على لقمة عيش السوري مصدرها “كراهية” يفتعلها مناصرو النظام تجاه السوريين المقيمين في لبنان، حماية لظهره في سوريا. يتفق بعضهم “أن هناك محاولة لتصوير النازحين بأنهم أعداء لبنان، بينما وجع اللبنانيين والسوريين متأتٍ من طرف حزب الله””، الذي برأيهم “قلب موازين القوى ضد إرادة الشعب في سوريا، ويجر اللبنانيين إلى إرادته، مستنزفاً آخر المقدرات للوصول إلى تسويات لمصلحته. ما يجعلنا بلدين وشعبين في رحمة أنظمة لم تسمع يوماً صوت الناس وأفقرت شعوبها وساهمت بتهديم بلادها”.

————————–

نيوزويك: لماذا يجب على واشنطن الاستمرار في عزل نظام الأسد؟

قال بيتر ميتزغر المساعد الخاص السابق لرئيس شؤون الأمن القومي الأميركي إنه بينما يتركز جل اهتمام المراقبين لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط الآن على مساعي إدارة الرئيس جو بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي “الفاشل” مع إيران يخاطر هؤلاء بفقدان الضغط على حليف رئيسي لطهران في مواجهة الغرب هو النظام القاتل للرئيس السوري بشار الأسد.

وأكد ميتزغر -في مقال له بمجلة “نيوزويك” (Newsweek) الأميركية- أن جهود واشنطن وحلفائها الآخرين في المجتمع الدولي لعزل نظام الأسد عن الاقتصاد الدولي والاستفادة من علاقات دبلوماسية مع قوى إقليمية وعالمية -بما في ذلك جامعة الدول العربية التي تواصل إبقاءه على هامش اجتماعاتها- يجب أن تستمر.

وأضاف أنه سيكون من الخطأ الجزم بأن الولايات المتحدة لم تعد لها أي مصلحة سياسية في سوريا بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2019، وأنه على العكس من ذلك تماما من مصلحة واشنطن مع قرب انتهاء مهمتها ضد التنظيم مواصلة عزل نظام الأسد، والدفع نحو حل سياسي حقيقي للصراع يمنح الكلمة أخيرا للشعب السوري الذي طالت معاناته.

أما إذا ابتعدت الولايات المتحدة وحلفاؤها عن سياسة الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية الفعالة ضد النظام فإن كفة الميزان ستنقلب مجددا لصالح الأسد.

ويزداد هذا المطلب إلحاحا -بحسب الكاتب- بعد أن دخل الصراع الداخلي في سوريا عامه الـ11 ليتحول إلى أحد أطول الصراعات وأكثرها ترويعا في التاريخ، حيث تسبب في مقتل أكثر من نصف مليون سوري، وفي معاناة إنسانية غير مسبوقة ما زالت مستمرة، فيما لم يظهر الرئيس “المستبد” بشار الأسد أي التزام حقيقي حتى الآن بحل سياسي مدعوم دوليا للصراع.

كما أن نظام الأسد وداعميه الأساسيين -روسيا وإيران- يعملون فقط على تأجيج النزاع وإطالة أمد المعاناة الإنسانية وزعزعة استقرار المنطقة في بلد تتنازع فيه مصالح ما لا يقل عن 6 دول (تركيا والولايات المتحدة وإسرائيل، فضلا عن روسيا وإيران والنظام السوري).

لذلك لا يمكن -بحسب الكاتب- لأي من النظام أو روسيا أو إيران الادعاء بتقديم حل سياسي فعلي للصراع بينما إستراتيجيتهم هي بالأساس إستراتيجية “استنزاف جيوسياسي”، ولا يمكن أن يكونوا في الوقت ذاته فاعلين شائنين محرضين على العنف وضامنين للحل السياسي.

ففي يوليو/تموز الماضي منعت روسيا والصين تمديد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2504، ولم يتبق سوى معبر حدودي وحيد لإدخال المساعدات الإنسانية من تركيا إلى سوريا، وقد بررت موسكو تصويتها بدعوى احترام “السيادة السورية” متجاهلة المعاناة الإنسانية التي ستترتب على هذا القرار، فيما تواصل آنذاك هجوم قوات النظام على إدلب.

خدعة سياسية

كما تقدم روسيا ونظام الأسد الانتخابات الرئاسية السورية المتوقعة في الربيع المقبل على أنها تستجيب لمتطلبات “انتخابات حرة ونزيهة” امتثالا لقرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي صاغ تصورا لحل سياسي للصراع، لكن الأمر “مجرد خدعة” بحسب الكاتب، لكون النظام السوري انتهك فعليا الشروط السياسية للقرار، وستؤول تلك الانتخابات في ظل غياب إشراف دولي فاعل إلى مهزلة فوز ساحق آخر للأسد.

ويختم الكاتب بأنه بينما ترتب إدارة الرئيس جو بايدن أولوياتها في المنطقة يجب ألا تتناسى الحاجة للمضي قدما في مسار الحل السياسي في سوريا، مؤكدا أن هذا الوقت ليس مناسبا البتة لتغيير نهج واشنطن إزاء النظام السوري الذي يرتكز على توافق حزبي بين الديمقراطيين والجمهوريين وعقوبات اقتصادية على الأسد وداعميه بموجب “قانون قيصر” الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2019.

المصدر : نيوزويك

—————————-

حزب الله يعتقل ضباطا علويين وميليشيا أسد تستنفر.. ما هي الأسباب وإلى أين تم نقلهم؟

أورينت نت – حسان كنجو

في تغيرات مفاجئة أرجعها مراقبون لصراع النفوذ بين إيران وروسيا في سوريا، أقدمت ميليشيا حزب الله اللبنانية مؤخراً على اعتقال عدد من عناصر ميليشيات أسد وضباطه، بعد توجيه العديد من التهم لهم، من بينها العمالة والخيانة وتسريب معلومات القوات الإيرانية والميليشيات المدعومة من قبلها، في مشهد يعيد للأذهان ما فعلته القوات الروسية مراراً بعناصر أسد وقواته الأمنية.

وفي ظل التصعيد الإسرائيلي على المواقع الإيرانية في سوريا، بدأت إيران تشن حملات اعتقالها بحق عناصر وضباط أمن أسد بتهمة لطالما استخدمتها لإنهاء نفوذ أية رتبة تشكل خطراً عليها وهي (منح الإحداثيات الإيرانية للطائرات الإسرائيلية)، وهي ذات التهمة التي استخدمتها ميليشيا (حزب الله مؤخراً).

ضباط معتقلون بيد قوات النخبة

وقالت مصادر خاصة في حلب لـ أورينت نت، إن “مجموعات تابعة لكتائب الرضوان والتي تشكل (قوات النخبة في ميليشيا حزب الله) والتي تتولى قيادة الميليشيات الشيعية في جنوب وشرق حلب، اعتقلت خلال الشهرين الماضيين العديد من عناصر وضباط أسد بتهم شتى وجهت إليهم من بينها (الخيانة وتسريب الإحداثيات وتسهيل مرور مقاتلي داعش في المناطق الإدارية الواصلة بين حلب والرقة) وغيرها من التهم الأخرى.

وتضيف: “تراوحت رتب الذين تم اعتقالهم من الضباط بين (ملازم ومقدم)، فيما زجت الميليشيا بالعشرات من المجندين والعناصر في سجونها، غالبيتهم ليسوا من (الجيش النظامي)، بل من ميليشيات أخرى في الغالب هي مدعومة روسياً، وهو ما يعيد السيناريو إلى نقطة البداية ممثلة بـ (الصراع الإيراني  – الروسي).

ميليشيا الحزب تنقل المعتقلين

صفحة (عين الفرات) نشرت أن ميليشيا حزب الله نقلت معتقلين من قوات أسد لديها، من (سجن المسلخ) التابع لها في معمل السكر شرق حلب نحو مقر قائد الحرس الثوري الإيراني، (جواد الغفاري) في بلدة النيرب القريبة من وسط مدينة حلب، إلا أنها لم تذكر الأسباب لذلك واكتفت بذكر الخبر دون أية تفاصيل أخرى.

ووفقاً للمصادر، فإن عملية نقل المعتقلين، جاءت بعد تلقي الأخيرة تهديدات من ميليشيات أسد الأخرى (المحلية) وأفرعه الأمنية، بتحرير المعتقلين رغماً عنها، سيما أن بعض العناصر المعتقلين لديها هم من أبناء الطائفة العلوية وغالبيتهم ينحدر من قرى العلويين بريفي حماة وحمص، وقد اختارت ميليشيا حزب الله مقر الحرس الثوري في النيرب، لكونه يشكل ثكنة عسكرية كبيرة للميليشيات الإيرانية، حيث تُعتبر المنطقة التي تضم بلدة النيرب ومطارها العسكري المجاور لها ومحيط مطار حلب الدولي أكبر معقل للميليشيات الإيرانية في حلب وريفها، لذا فإن أي هجوم على تلك المنطقة سيتم إحباطه على الفور بدعم من الميليشيات الأخرى المدعومة إيرانياً.

تنقلات ميليشيات إيران مستمرة

وأواخر الشهر الماضي، أفرغت الميليشيات الإيرانية مخازن ومستودعات عسكرية بريف حلب الجنوبي ونقلتها إلى القرى والبلدات الواقعة هناك، وقد اعتمدت في ذلك على المنازل إما الفارغة أو التي تم الاستيلاء عليها بالقوة بدعاوٍ شتى، حيث عمدت تلك الميليشيات، لإفراغ المستودعات ونقلها إلى أماكن أخرى بذريعة تصدع البناء الخاص بها بسبب القصف الجوي الإسرائيلي الذي طالها في وقت سابق”.

وقد أكدت مصادر لـ أورينت نت، أن عمليات النقل تمت أيضاً في ريف دمشق، حيث نقلت إيران كميات كبيرة من السلاح بما في ذلك رشاشات متوسطة وثقيلة وصواريخ متوسطة المدى من مواقعها في جمرايا والكسوة باتجاه مدن الغوطة الشرقية كـ (المرج وحرستا)، حيث ومن وجهة نظر إيران فإن مواقعها باتت مكشوفة ومعروفة وهو ما يجعل استهدافها سهلاً بسبب وقوعها في مناطق (خالية من السكان)”.

——————————–

هل تولد استراتيجية جديدة للتعامل مع الأسد/ إبراهيم الجبين

لا يمكن للنشاط الكثيف الذي تشهده الساحة السياسية السورية في الآونة الأخيرة، لاسيما بعد انسداد أفق التفاوض، إلا أن يفضي إلى تصوّرات جديدة عن حل النزاع الذي يدخل عامه الحادي عشر مخلّفا شروخا هائلة في المسألة السورية برمّتها، الدولة وهويتها والمواطنة والدور التاريخي والمستقبلي..

تكثر المشاريع السياسية الجديدة، وتتوالد الأفكار حول الهاجس ذاته؛ معارضة سورية موحّدة تواجه نظاما برهن طيلة الأعوام الماضية على قدرته على التماسك رغم الضربات التي تلقّاها، ورغم انحساره عن ثلثي الأراضي السورية، قبل أن تنجح سياساته البراغماتية في استرجاعها مستعينا بالروس والإيرانيين والميليشيات من كل حدب وصوب. ولن يجدي نفعا ترداد المعارضين القول إنه لم يستعد توازنه بمفرده، ففي الحُكم وضروراته، تكون المآلات هي المقياس لا كيفية الوصول إليها.

وقد بدا المشهد، الذي سرّبته مؤخرا منابر النظام السوري عن احتفال بعيد جلاء الفرنسيين عن سوريا الذي يصادف السابع عشر من أبريل كل عام وأقيم في قاعدة حميميم العسكرية التي يسيطر عليها الروس وبمشاركتهم، مشهدا يفصح عن الكثير. وآخر ما يمكن أن يقرأ المرء منه، الرغبة الروسية بالتعبير عن الانتصار على الغرب الذي تمثّله أوروبا وفرنسا التي غادرت سوريا قبل عقود.

أبعد من ذلك يريد الروس أن يرسّخوا ما تمكنوا من إقناع الولايات المتحدة به في جنيف، عبر البيان الشهير الذي استبدل ردّ الفعل الدولي حيال استخدام السلاح الكيميائي من قبل الأسد ضد المدنيين، بحل سياسي لا بديل عنه، ولا سبيل إليه.

ما يحتفل به الأسد حقا، نجاحُه في تحويل الانتفاضة الإصلاحية السلمية إلى “حرب أهلية”، وسيحتج المعارضون السوريون مجددا على تعبير “حرب أهلية”، بحكم ما يعنيه ذلك من استحقاقات وتبعات قانونية تختلف عما يرون أنه قد حصل في بلادهم.

الواقع الجديد الذي خلقه نظام الأسد، حين كرّس أن ما يجري في سوريا هو حرب أهلية يتجسّد أولا بتحويله للحالة السورية من ميدان جدل سياسي من أجل التغيير، إلى ساحة حرب على الإرهاب الذي كان هو شخصيا يطالب الغرب بتعريف محدّد له، لتمييزه عن المقاومة وغيرها، حرب تسببت بفوضى شاملة ومدمّرة، وبات هو طرفا فيها لا مركزا للقرار، فوضى تسلّلت إليها مشاريع متطرفة من كل حدب وصوب، وجدت في سوريا بيئة ملائمة. وبنزعه للصبغة السياسية من المشهد، أصبح الأسد قادرا على الاستمرار بحظر أي نشاط مناوئ له على الأراضي التي يسيطر عليها، فكل من يخالفه في الرأي حول حملته العسكرية هو بالضرورة يناصر الإرهاب الذي يتهدّد الدولة وأمنها. كما تمكن من استدراج القوى الداعمة له إلى رقعة حربه، وهو يدرك أكثر من الجميع أنها غير قادرة على البقاء إلى الأبد، لأن العالم تغيّر ولم يعد الغزو والاحتلال والاجتياح الخارجي قابلا للعيش وسط منظومة دولية مستقرة، على الأقل شكليا. ولا حاجة إلى التذكير بأن آخر احتلال عسكري رسمي لدولة لأخرى كان احتلاله للبنان وانسحابه منه بإجماع دولي وتحت التهديد.

أخطر ما يملكه الأسد، هو معرفته الدقيقة بكون نظامه ضرورة عضوية، سواء في الإقليم أو على المستوى الدولي. فتقديمه لسوريا كبوابة أمام كل الدول الطامحة إلى بسط نفوذها أمرٌ لا تريده دول الإقليم. وسوريا بفعل عوامل عديدة، لم يكن الأسد بعيدا عن تركيبها، استُعملتْ من قبل الأميركيين، وبجدارة، وحسب تعبير وكالة الاستخبارات المركزية كـ”مصيدة للذباب” لاستقطاب المشاريع المتشدّدة، من جهة، ومن جهة أخرى، كنقطة ارتكاز لإعادة تشكيل الخطر الأوراسي في الخارطة الدولية، روسيا والصين بالطبع، ويجري على ظهر الملف السوري استدراج تلك القوى إلى معادلات وحسابات في نقاط توتر عديدة في العالم، تبدأ بأوكرانيا ولا تنتهي في بحر الصين وحرب الغاز التي تدور في أوروبا بهدوء. أما إيران في حسابات الأسد، فهي ورقة للتفاوض أكثر منها حليفا داعما.

وسط هذا كلّه، فكّرت جهات معارضة تقيم في الداخل السوري، بإحياء مشروع قديم، تأسس في العام 1979، ولم يكتب له الاستمرار، قاده المفكر السوري الراحل جمال الأتاسي، وكان يحمل اسم “التجمّع الوطني الديمقراطي” الذي ضمّ العديد من أطياف المعارضة السورية، غالبيتها جمعها الفكر القومي العروبي.

من هنا ولدت فكرة عقد مؤتمر لتأسيس جبهة وطنية ديمقراطية، أطلقت على نفسها اختصارا اسم “جود” ترعاها هيئة التنسيق الوطنية بقيادة المعارض المخضرم حسن عبدالعظيم والعديد من التيارات والقوى السياسية السورية المتباينة الأهداف والتوجهات. اضطرت من أجل تلصيق تفاهماتها إلى أن تعلن اعترافها بحقوق قومية للأكراد وغيرهم من القوميات التي تعيش في سوريا، لتتجاوز تلك الأحزاب صلاحياتها وتقفز فوق أي دستور سوري، سابق أو مستقبلي، يعترف بالمواطنة للجميع لا بالحقوق العرقية والطائفية لأحد.

منعت أجهزة النظام “جود” من عقد مؤتمرها في دمشق، بعد الدعوة العلنية إليه وتحديد موقعه، مع أن عبدالعظيم أكّد أن الهدف من المؤتمر الدعوة إلى الحلّ السلمي، وفتح آفاق جديدة وصولا إلى الحل السياسي التفاوضي، وتنفيذ القرار 2254 كمشروع جدول أعمال لبيان جنيف، وبالتنسيق مع القوى السياسية.

واشتكى عرّاب المؤتمر من أنّ زملاءه فوجئوا بالتطويق الأمني لعناصر النظام لمحيط الفندق الذي كان سيعقد فيه، وتم منع القيادات المعارضة من الوصول إليه.

الحادثة كشفت عن حقيقة جديدة، فالمعروف أن هيئة التنسيق تعمل في دمشق برعاية روسية، وبضمانات من موسكو بعدم تعرّض الأجهزة الأمنية السورية إلى أي من أعضائها، رغم أن الأمر تم اختباره لمرات، ونتج عنه اعتقال شخصيات هامة من قيادة الهيئة مثل الطبيب عبدالعزيز الخير رئيس مكتب العلاقات الخارجية فيها الذي ألقت المخابرات السورية القبض عليه إثر عودته إلى دمشق من الخارج، وكذلك أمين سرّ الهيئة رجاء الناصر، بالإضافة إلى حوادث أخرى مشابهة.

الاختبار الجديد الذي تمثّل في منع عقد مؤتمر “جود”، رسالة من النظام السوري إلى الروس، أكثر منه رسالة إلى معارضة الداخل التي تدرك أنه لا يمكن لأي عمل سياسي أن يرى النور، مادام ضباط المخابرات السورية لا يزالون يستدعون قيادات تلك المعارضة ويناقشون معها الخطوط الحمراء التي لا يُسمح لأي نشاط بتجاوزها.

المعادلة تتغير من حول المعارضة السورية، وثباتها على مطالبها لا يشبه عناد الأسد في الإصرار على البقاء، والعالم والإقليم لن ينتظرا إلى الأبد، فالمعارضة من جانبها باتت تميل إلى الجمود وقلّة الحيلة، بينما الأسد يغلق الباب كلّ مرّة ليدلّ الجميع إلى طريق وحيدة يمكن المرور منها نحو الحل، طريق تمرّ عبره هو دون سواه، بعيدا عن أي قرارات دولية أو اتفاقات أو حديث عن محاسبة، وهو يراهن على العاملين اللذين بقيا دوما يعملان لصالحه وينقذانه من جميع المآزق التي وقع فيها سابقا، والمفقودين من جميع استراتيجيات المعارضة السورية؛ الزمن وخلق الحاجة.

كاتب سوري

العرب

———————–

رامي الشاعر ينتقد إعلان بشار الأسد إجراء انتخابات مجلس الشعب.. وهذا ما قاله عن رياض حجاب!

كشف الصحفي رامي الشاعر أن نظام الأسد لا يعتزم القيام بأي مبادرات أو إجراءات فعلية تشير لنواياه لتحمل مسؤولية الوضع الراهن.

وقال الصحفي المقرب من روسيا بمقال رصدته الوسيلة إن عامة السوريين تنتظر البدء بعملية الانتقال السياسي السلمي والتخلص من الفقر والجوع.

ورأى أن إعلان الاسد موعد انتخابات البرلمان يعد تجاهلا لكل ما يبذل من جهود للمساعدة لعملية بدء المسار التنفيذي للقرار 2254.

وأضاف أن هذه الانتخابات، لن تعني للشعب السوري أي شيء، فغالبية الشعب لم يعد يثق بالنظام، بوضعه وبشكله ونهجه وآلياته.

وانتقد الشاعر النظام الذي يخفي مصير رئيس وزرائه ولا أحد يعرف عن أسباب وتفاصيل إقالته شيئاً.

كما أشار إلى أنه لايمكن الوثوق بنظام يتركه رئيس وزرائه (رياض حجاب) ليتابع “النضال”، لا من أراض سورية بل من أروقة فنادق فخمة بالخارج.

وتحدث عن فقدان النظام ثقة الشعب الذي غص بالرشاوى والفسـ.اد والنهـ.ب والمحسوبيات والتشبـ.يح.

ولام الشاعر المعارضة التي لا تتخذ موقفاً مبدئياً موحداً يعلي من شأن السوريين.

وأكد أن النظام السوري والمعارضة الموزّعة بين تركيا والسعودية، يشتركان برغبتهما بحدوث شرخ بالعلاقات الروسية التركية، والروسية الإيرانية.

وتابع أن هدفهما نسف مسار أستانا حتى يتخلص النظام من استحقاقات القرار 2254، وتتخلص المعارضة من دور أستانا أملا بدعم واشنطن.

وأردف أن لا النظام ولا المعارضة يكلّف أحدهم عناء التفكير فيما يمكن أن يكلفه ذلك من ضحـ,ايا ود,مار ما تبقى من سوريا.

—————————–

الرسائل الروسية من إعلان النظام السوري موعد الانتخابات الرئاسية/ فراس فحام

يستعد النظام السوري لإجراء انتخابات رئاسية شكلية، ستفضي في نهاية المطاف إلى نجاح “بشار الأسد” لفترة رئاسية جديدة، وذلك بعد ضبابية في المشهد وتكهنات باحتمالية أن تقوم موسكو بتأجيل الانتخابات أو إلغاءها.

لم يعد سراً أن روسيا صاحبة تأثير كبير في قرار النظام السوري، خاصة فيما يتعلق بالمسار السياسي وما يتفرع عنه من قضية اللجنة الدستورية والانتخابات الرئاسية، ولهذا لا يمكن قراءة إعلان البرلمان التابع للنظام السوري مؤخراً عن تحديد موعد الانتخابات الرئاسية بمعزل عن الرغبة الروسية ودوافع موسكو الكامنة وراء هذا الإعلان ورسائلها الموجهة إلى الفاعلين الدوليين.

بعيد وصول “جو بايدن” إلى البيت الأبيض في الولايات المتحدة الأمريكية، بات يتضح بشكل تدريجي توجهات الرئيس الديمقراطي لمواجهة النفوذ الروسي المتنامي، وظهر هذا أولاً من خلال إعادة التوازن للعلاقات مع الحلفاء الأوروبيين، وإعطاء أهمية أكبر لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، ثم إرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا التي تعيش على صفيح ساخن.

ودشنت واشنطن قبل يومين حملة طرد واسعة لدبلوماسيين روس من على الأراضي الأمريكية، شاركت فيها دول أوروبية أخرى مثل “التشيك”.

وعلى عكس التكهنات بأن تسود التوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا في ظل الإدارة الديمقراطية التي يرأسها “بايدن”، فإن الأمور تبدو تميل للهدوء الذي لم يعكره حتى اللحظة أي تصعيد سياسي حقيقي يذكر، بل إن واشنطن أكدت مراراً أنها تقف إلى جانب تركيا في ملف إدلب، وهذا أيضاً يعد بمثابة مؤشر على تركيز واشنطن على مواجهة النفوذ الروسي كأولوية، وبالتالي عدم رغبتها في استفزاز أنقرة ودفعها باتجاه موسكو.

على الجانب الآخر لم تتمكن موسكو من إحداث اختراقات مهمة مع الدول الغربية وتركيا فيما يتعلق بالعملية السياسية وفق الرؤية الروسية القائمة على فكرة كتابة دستور جديد، ثم فتح الباب أمام انتخابات رئاسية لا يستثنى منها “بشار الأسد” تفضي في نهاية المطاف إلى الإقرار بالنفوذ الروسي كأمر واقع، واستقطاب رأس المال للانطلاق في عملية إعادة الإعمار، بل سارعت واشنطن وغيرها من العواصم الأوروبية وعلى رأسها “باريس” و “برلين” إلى رفض الانتخابات التي سيديرها النظام السوري، وطالبت بشكل واضح بعملية انتقال سياسي حقيقية.

ورغم الضغوطات التي مارستها “موسكو” فإنها لم تنجح في استصدار موافقة من تركيا على فتح معابر بين شمال غرب سوريا والمناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري بهدف خلق رئة تنفس للحاضنة التي يمارس النظام حكمه عليها.

في ظل هذا التصعيد الحاصل بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والذي تحتضن أوكرانيا أبرز محطاته، والتحركات الأمريكية الهادفة إلى الضغط على النفوذ الروسي بما في ذلك سوريا، يبدو أن “موسكو” تريد من خلال دفع النظام السوري للإعلان عن موعد الانتخابات إبداء تمسك بـ “بشار الأسد”، وعدم المرونة في التوصل إلى حل سياسي في سوريا، وهذا سيكون له تداعياته على الدول المختلفة خاصة التي تتحمل عبئ الأزمة الإنسانية مثل الاتحاد الأوروبي وتركيا.

لا تقتصر الرسائل الروسية المتضمنة التأكيد على صلابة الموقف في سوريا على تحديد موعد الانتخابات، بل تخطتها إلى الإعلان الروسي عن إنشاء غرفة عمليات مشتركة مع إيران والنظام السوري لتأمين تدفق آمن للنفط والقمح إلى الموانئ السورية، في خطوة تهدف إلى التأكيد على دعم استمرار “الأسد” الذي بات مؤخراً مهدد من حاضنته الشعبية ذاتها بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والمعاشية.

غرفة العمليات التي أعلنتها موسكو تحمل بشكل ضمني تلويح بالتمسك بالتحالفات التقليدية، وعدم الرغبة في العمل على حد النفوذ الإيراني طالما أن النفوذ الروسي هو المستهدف.

ويمكن القول أيضاً أن تمرير روسيا لإعلان النظام السوري لموعد الانتخابات يصب في دعم الرؤية الإيرانية التي تتبنى فكرة إجراء الانتخابات، وهذا التماشي مع الطرح الإيراني ما كان ليحصل لو أن موسكو حصلت على مكتسبات مهمة من الفاعلين الدوليين، حيث أن روسيا كانت تعرض قبل فترة على المعارضة السورية وبعض الدول أن يتم تأجيل الانتخابات مقابل التفاعل مع العملية السياسية التي تطرحها موسكو.

خلاصة القول: منذ أن خسرت روسيا ليبيا مع تدخل الناتو وإسقاط القذافي، حرصت موسكو على استمرار بقاء “بشار الأسد” في حكم سوريا، وذلك لرغبتها في الحفاظ على مصالحها في منطقة المتوسط، ولا ترغب روسيا أن تفرط بورقة “الأسد” وما يمثله من “سلطة شرعية” من وجهة نظرها، إلا في حال ضمنت تعاون دولي أكبر معها بما يتيح لها الفرصة لترتيب المشهد السياسي السوري بما يحقق لها مصالحها، وهذا يعني أن الصفقة المناسبة لموسكو لم  تأتي بعد.

رئيس تحرير موقع نداء بوست

نداء بوست

———————-

موسكو تفكر بمخرج من ورطتها في سورية/ الدكتور محمود الحمزة

نعم إن موسكو تفكر بجد بالخروج من المستنقع الذي غرقت فيه في سورية، فليس لديها خيارات مريحة ومشرفة مادامت مستمرة بسياستها التي تمجد بالديكتاتور والمستبد وتغض النظر عن الشعب وطموحاته وتضحياته ومآسيه، التي كان نظام الطاغية الأسد وحلفائه السبب وراءها.

ولكن قد يكون التوتر الكبير بين موسكو والدول الغربية والتصعيد العسكري في شرقي أوكرانيا، واحتمال انفجار الوضع والذي سيكون كارثيا على روسيا وأوكرانيا، وقد تكون العقوبات الغربية المتلاحقة والضغوطات الهائلة على روسيا، وتردي الوضع الداخلي في روسيا، أو التحالف الصيني الإيراني طويل الأمد الذي يقلل من فرص موسكو الاقتصادية والجيوسياسية، أو إمكانية إعادة الاتفاق النووي مع إيران، بعد وصول الديمقراطي بايدن الى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وبذلك تخسر ها موسكو كحليف لها، لأن ايران ستفتح صفحة مع الغرب على حساب علاقاتها مع موسكو. كل ذلك قد يكون سببا في تنازلات سياسية ستقوم بها موسكو لحفظ ماء الوجه في سورية.

الوقت كالسيف وموسكو تبحث ليلا نهارا عن بصيص أمل للإيحاء للعالم بأن عملية سياسية بدأت في سورية. فعندما اخترعت قصة اللجنة الدستورية أولاً ، في مؤتمر سوتشي 2018 في كرنفال هزلي سمته مؤتمر الحوار السوري السوري، حيث تمخض الفيل وولد فأراً. وكانت تلك لعبة خبيثة قلبت الأولويات الواردة في القرارات الدولية حول سورية. والتفت على تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015 وتشكيل هيئة حكم انتقالية تقود المرحلة الانتقالية وتنهي مأساة السوريين. ومن المؤكد أنه لا حل للمشكلة في سوريا بطرق ترقيعية ولن يحدث استقرار وأمن في سورية بوجود عصابة مارقة مجرمة في السلطة.

الروس، للأسف، ما زالوا يفكرون بطريقة خاطئة واضعين نصب اعينهم اجنداتهم الخاصة ، التي يظنون أنها مرتبطة بنظام العصابة الاسدية، دون أي مراعاة لمصلحة السوريين.

ونشهد مؤخراً نشاطا ملحوظاً للدبلوماسية الروسية. ففي شهر مارس/آذار زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف دول الخليج (الإمارات والسعودية وقطر) وبذل جهودا كبيرة لإقناع قادة تلك الدول بتطبيع العلاقات مع نظام الأسد المجرم وإعادته إلى الجامعة العربية، وكأن موسكو تريد مكافأته على جرائمه أو تريد تلميع صورته وتبرئته. وقد يكون لافروف قد قال لدول الخليج بأنكم يجب ان تعيدوا الاعتبار للأسد لكي نقنعه بالتنازل والتعاون في تفعيل اللجنة الدستورية وهذا عذر اقبح من ذنب (مثلما ما اقترح مركز كارتر المعروف بتعاطفه مع نظام الأسد المجرم حيث طرح مؤخرا فكرة أنه يجب التعاون مع النظام لإقناعه على تفعيل اللجنة الدستورية والقيام بخطوات سياسية)، لكن الأسد لن يتعاون ولن يغير موقفه المافيوي وهو أصلا ليس لديه خيارات سوى الاستمرار بالحل العسكري. فالحل السياسي سيقضي على بشار وشبيحته.

أما موسكو، فيقتضي العقل والمنطق، ويبدو أن سياسة الأنظمة الشمولية ليس فيها منطق ولا عقل، بأن تعيد النظر في سياستها في سورية وتدرك أن الاستمرار بالدفاع عن الأسد ونظامه المهترئ هو رهان خاسر.

ذهب المبعوث الخاص للرئيس الروسي الى سورية الكسندر لافرينتيف إلى الرياض قبل زيارة لافروف بيوم واحد والتقى بولي العهد السعودي وهو اليوم زار دمشق بشكل مفاجئ . اما لافروف سيتابع لقاءاته املتعلقة بسورية بالدرجة الأولى ويلتقي بوزير الخارجية الإيراني قريبا ثم يذهب للقاهرة ليلتقي بالأمين العام للجامعة العربية وسيبحث معه عودة نظام الأسد الى الجامعة.

وهناك من يعتقد أن لافرينتيف جاء الى دمشق ليضغط على الأسد ليتعاون في اللجنة الدستورية أو ليؤجل الانتخابات الرئاسية المقررة بعد شهرين تقريبا، والتي ينتقدها كل العالم، ويبدو ان موسكو تدرك بأن اجراء الانتخابات التي يريد بشار تثبيت نفسه لسبع سنوات أخرى ليظهر أمام العالم كأنه شرعي ، فإن موسكو تدرك أن بشار فقد أوراق بقائه بسبب فشله في إدارة البلاد وبسبب الفساد والنهب الذي دمر الاقتصاد السوري واوصل البلاد الى وضع كارثي في المجال الاقتصادي والاجتماعي والذي تجلى في الارتفاع الجنوني للأسعار وغلاء المعيشة، حيث انخفضت الليرة مئات الاضعاف ويعيش السوريون بظروف كارثية متشابهة في كل انحاء سورية الموزعة تحت سيطرة قوى الأمر الواقع من نظام وميليشيات طائفية وارهابية ومن فصائل تنسب نفسها للمعارضة ودول محتلة.

ولا ننسى أن الشعارات والمبادئ في السياسة تنقلب بين ليلة وضحاها. فروسيا التي تمسكت بنظام الأسد واستماتت بدعمه وتبرئته من كل الجرائم والدفاع عنه في مجلس الأمن ودعمته اقتصاديا وعسكريا وسياسيا، قد نجدها غداً تتخلى عن الأسد وذلك بإخراجه من المشهد السياسي بطريقة ما، لأن روسيا جاءت الى سورية وتدخلت بكل قوتها ليس لسواد عيون بشار أو حبا بالنظام، بل من أجل مصالحها الخاصة، وعندما تجد خطرا على تلك المصالح فإنها ستقوم بتدوير الزوايا.

ويرى بعض الخبراء أن موسكو تجازف بمصالحها، فالوقت ليس لصالحها، لأن الحرب انتهت ويجب البدء بالعملية السلمية في إعادة الإعمار ولكن كيف يمكن بناء سوريا مع نظام تلطخت ايديه بدماء السوريين، وتحولت البلاد إلى قنابل موقوتة زرعتها سلطة المخابرات والنظام الطائفي والميليشيات الإرهابية من داعش وجبهة النصرة وقسد، الذين عزفوا على وتر الدعاية الاسدية في زرع النعرة الطائفية والقومية والانفصالية.

سورية اليوم جريحة ويجب ترميم جراحها بإزالة أسباب الكارثة من جذورها. فلا يمكن تلميع صورة المجرمين الذين تسببوا بقتل أكثر من مليون سوري ومئات الالاف من المعتقلين تحت التعذيب، وتهجير ثلثي سكان البلاد وتشريد ملايين الأطفال واغلبهم أصبحوا معاقين واميين وتدمير ملايين المنازل بالقصف الجوي بالبراميل بمساعدة روسيا.

اليوم تقف موسكو أمام تحدي مصيري حول وجودها في سورية. فإما أن تدرك أن استقرار البلاد مرتبط برحيل الأسد وشبيحته وإما فهي تلعب بالنار وكما يقول المثل لا تلعب بالنار تحرق أصابيعك.

هناك من يرى بأن موسكو تطبخ طبخة سياسية لسورية بالتعاون مع قوى دولية وإقليمية، ونتمنى أن تكون الطبخة نظيفة تهدف لتحقيق حل سياسي مقبول للسوريين.

ولكن بالرغم من أن موسكو وواشنطن وعواصم إقليمية تفكر بمخرج من المستنقع السوري، فإن السوريين امامهم واجب مقدس وهو تجميع القوى وتوحيد الصوت الوطني المستقل لكي يعرف العالم بأن الثورة حية لم تموت، وأن الشعب الذي قدم ملايين الشهداء والضحايا وفقد كل شيء إلا كرامته لن يتراجع ولن يفرط بمطالبه. وستنطلق الثورة من جديد لأن ظروف الثورة، نضجت في الداخل من جديد بعد عشر سنوات من الصراع مع نظام مافيوي قاتل، أراد الحفاظ على السلطة، فوجد نفسه حاكما في بلد مدمر ودولة فاشلة وشعب جائع.

وأود التذكير بنداء الأستاذ ميشيل كيلو (شفاه الله واعاده لنا سالما) بأن السوريين اليوم كلهم أمام تحدي ويجب أن يترفعوا عن خلافاتهم وتناقضاتهم ويتمسكوا بالموقف الوطني الجامع لإنقاذ سوريا وشعبها من الكارثة، والحفاظ على استقلالها ووحدتها وذلك بالاستمرار في الكفاح لإسقاط نظام الأسد المجرم.

لا يوجد في سورية حل إلا باقتلاع جذور هذه العصابة فسورية للسوريين وليس لآل الأسد. ويجب على العصابة أن تدفع الثمن عما ارتكبته ايديها من جرائم بحق السوريين اخرها اذلالهم وتجويعهم، بينما الأسد وشبيحته ينعمون بالعيش الرغيد ويلعبون بالمليارات.

نريد سورية حرة كريمة دولة مدنية ديمقراطية تعددية.

——————————

صحيفة عبرية: هكذا يحقق الأسد “فوزاً عظيماً” على “المجهول” قبل إجراء الانتخابات!

ستجرى الانتخابات الرئاسية في سوريا الشهر المقبل، ولكن لا توجد حتى الآن حملة انتخابية في وسائل الإعلام أو في الشوارع، وليس واضحاً أيضاً ما إذا كان التصويت سيتركز في سؤال “بشار الأسد – نعم أم لا؟” أم سيظهر اثنان أو ثلاثة مرشحين آخرين يمنحون التصويت نكهة ديمقراطية مزعومة.

من يمكنه أن يتنافس؟ يجب أن يكون ابن 40 على الأقل، ويحمل الجنسية السورية من جهة الأبوين، بلا ملفات جنائية، وغير متزوج من مواطنة أجنبية، ويجب أن ينال أيضاً تأييد 35 نائباً برلمانياً في دمشق، ويثبت أنه سكن في سوريا في العقد الأخير. هكذا يسد الطريق مسبقاً على المعارضة، وعن ترشح الفارين من حرب السلطة ضد مواطنيها. وتصف المعارضة السورية هذه الشروط كـ “نكتة بائسة”. وبالتوازي، يضيف سفير سوريا في موسكو رياض حداد، بأن الانتخابات ستجرى هذه المرة “بشكل مفاجئ”، بسبب كورونا ولا يوجد بعد موعد ملزم.

الأسد نفسه لم يعرض بعد ترشيحه على الإطلاق، ولكنه يعتزم الفوز بعظمة. هذه ستكون ولايته الرابعة، رغم أن الدستور يقيدها بولايتين فقط. ووفقاً لكل المؤشرات، تقررت النتائج منذ الآن في مشاورات سرية مع روسيا وإيران، التي تنشغل الآن في المفاوضات الأولية مع الولايات المتحدة.

الرئيس بايدن لا يهتم بسوريا بحد ذاتها؛ فبتقدير محافل استخبارات أمريكية، إذا ما تحققت نتائج إيجابية مع إيران، فستهدأ سوريا وحزب الله في لبنان. ونشأ على هذه الخلفية قاسم مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران وروسيا: كل واحد منهم، لأسبابه، معني بتواصل الحكم السوري، بلا مفاجآت.

من ناحية إسرائيل، يعد الأسد أفضل الشرور، وإذا كانت تريد مواصلة الهجوم على سوريا على قواعد عسكرية إيرانية، فالأفضل لها بقاء الرئيس المعروف وألا تنشب ثورة مضرجة بالدماء تؤدي إلى تدخلات أقوى من جانب روسيا وإيران وتركيا. نعم، تركيا قلقة بالتأكيد، وأردوغان يعد كمن من شأنه أن ينزل أمراً بغزو عميق.

بالإجمال، يشعر الأسد بالارتياح. ينكشف نشاطه الخاص في تقويمات الوضع؛ فعندما لا ينجح مع الإيرانيين، يتوجه إلى رجل الاتصال الروسي، وإذا لم يحصل على ما يريد من الروس يجلب إليه رجل الاتصال الإيراني الذي يتصل بخامينئي في طهران. روسيا، بعد خمس سنوات لها في سوريا تمنع حكم الأسد من الانهيار، وإسرائيل لن تنفذ هجوماً واسعاً قد يخرق هذا التوازن. وبالمقابل، لا يحق لسوريا العودة إلى حضن العالم العربي، ولكن ثلاث إمارات في الخليج الفارسي – عُمان، وأبو ظبي، ودبي – بعثت ببرقيات تهنئة للأسد، وتمنت يوم استقلال سعيد في “عيد الجلاء”، إحياء لذكرى خروج الفرنسيين من سوريا.

ويتبقى موضوع أخير: الأسد ومساعدوه الكبار يتجاهلون مشكلة اللاجئين السوريين: فما لا يقل عن 5.5 مليون لاجئ يتواجدون في تركيا، والأردن، ولبنان وومصر، مسجلون كمواطنين في دولتهم ولا يحلمون بالعودة طالما بقي بشار وأخوه ماهر يديران الحكم بوحشية. وتلوح على هذه الخلفية ظاهرة مذهلة لآلاف اللاجئين الذين يتوجهون لإسرائيل ويطلبون “خذونا”. قصة المرضى السوريين الذين تعالجوا عندنا صار لها جناحان وأنبتت أملاً، ولكن إسرائيل تصر على الرفض في هذه الأثناء.

بقلم: سمدار بيري

يديعوت 20/4/2021

القدس العربي

—————————-

المعارضة السورية ومراقبون عن الانتخابات الرئاسية: استنساخ مسرحية 2014/ جلال بكور

ترى المعارضة السورية ومراقبون، أن ما يجريه النظام السوري عبر مؤسسات الدولة التي يسيطر عليها في سورية من أجل إقامة انتخابات رئاسية الشهر المقبل، ما هو إلا مسرحية تعيد ما حدث في عام 2014 حيث يظهر مرشحون لمنافسة بشار الأسد في الانتخابات على “كرسي” الرئاسة، دون رصيد شعبي أو سياسي حقيقي.

ولعل الإعلان المتأخر من النظام لإجرائه الانتخابات في أيار المقبل كان بدفع روسي وصمت إيراني، فيما رأى الائتلاف السوري المعارض – هو أبرز تشكيلات المعارضة السورية – في بيان له أن ما يجري من قبل النظام وحلفائه والتخطيط لـ “مسرحية انتخابات” “مهزلة صريحة”، مضيفاً أن “نظام الأسد يمتلك أسوأ سجل في حقوق الإنسان، ويتربع في قاع مؤشر الحرية على مستوى العالم، ولم يقم بإجراء أي عملية ديمقراطية نزيهة منذ استيلائه على السلطة بانقلاب عسكري”.

وحتى يوم أمس، أعلن رئيس “مجلس الشعب” التابع للنظام، حمود صباغ، تقديم شخصين طلب ترشيح لخوض الانتخابات، فيما لم يعلن النظام بعد مرشحه بشار الأسد.

وبحسب رئيس “مجلس الشعب” التابع للنظام، فقد تقدم كل من عبد الله سلوم عبد الله ومحمد فراس ياسين رجوح بطلب ترشيح إلى منصب رئيس الجمهورية، وعبد الله سلوم عبد الله هو عضو في حزب الوحدويين الاشتراكيين، فيما محمد فراس ياسين رجوح عضو في “الحزب الديمقراطي السوري”، وهذه الأحزاب تنسب إلى ما يسمى “معارضة الداخل”.

تكرار المسرحية

ويرى الباحث في مركز “جسور” للدراسات، عبد الوهاب عاصي، في حديث لـ”العربي الجديد” أن ما يقوم به النظام تكرار لمسرحية عام 2014 بعد إخفاق روسيا في مساعي الوصول إلى تسوية مع الولايات المتحدة والغرب.

وقال عاصي: “من الواضح أنّ إعلان الانتخابات تعبير عن إخفاق جهود روسيا في التوصل إلى تسوية سياسية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفي إقناع شخصيات من المعارضة السورية بالترشح للانتخابات”.

ويرى أن “روسيا باتت على قناعة بعدم وجود خيار سوى تكرار نموذج انتخابات عام 2014 في محاولة لإظهار قدرتها على تحدي الغرب عبر استمرار التمسّك بالنظام السوري وخرق القرار 2254 (2015) الذي يدعم فقط إقامة انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة”. وذلك يدعو النظام، وفق الباحث السوري، إلى “تكرار نموذج انتخابات 2014، عبر وجود مرشحين شكليّين مقابل بشار الأسد الذي سيفوز حتماً بنسبة تراوح بين 80 و85%، أي أقل من 88% التي سُجِّلَت قبل 7 سنوات، كتعبير مضلل عن الوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي”.

دعاية انتخابية

ويبدو من اللافت في المرشحين اللذين أُعلنا، أن أحدهما، وهو المرشح محمد رجوح، كان قد ترشح في مواجهة الأسد عام 2014، ثم عاد وانسحب وصوّت لبشار الأسد، وكان وفق مصادر محلية لـ”العربي الجديد” جزءاً من دعاية بشار الانتخابية.

وتوحي تلك العملية، بحسب المصادر، بأن هؤلاء المرشحين مجرد شخصيات شكلية في “مسرحية الانتخابات” التي سيجريها النظام بناءً على الدستور الذي أقره في عام 2014، والذي من خلاله أزال مادة تسمح لحزب البعث بالتفرد بالسلطة في سورية.

وقالت نائبة رئيس الائتلاف السوري المعارض، ربا حبوش، في بيان لها مساء أمس، إن ما يجريه النظام “مسرحية هزلية، والسوريون تجاوزوا النظام منذ سنين، ولا يرونه سوى عصابة، وبشار مجرم حرب”، مضيفة أن هذه الانتخابات “ليس لها أي قيمة من الناحية السياسية أو القانونية، وتجري برعاية فروع الأمن، ولا تعني السوريين”.

وقبل عام 2014 كان النظام السوري يتبع أسلوب الاستفتاء على رئيس الجمهورية، حيث لا يكون لبشار الأسد أو لوالده مرشح منافس، وكانت الرئاسة محصورة أيضاً بـ”حزب البعث”، لكن في 27 فبراير 2012 قام النظام بتعديل شكلي في الدستور السوري يسمح بترشيح منافسين من أحزاب أخرى لبشار الأسد، ووضع معوقات تمنع ترشيح المعارضين الحقيقيين للنظام.

وتنص المادة الـ 86 في دستور 2012 على أن رئيس الجمهورية ينتخب من الشعب مباشرة، حيث يعد الفائز برئاسة الجمهورية المرشح الذي ينال أغلبية مطلقة من الأصوات من بين الذين ترشحوا، وإذا لم يحصل أي من المرشحين على الأغلبية المطلقة، تعاد الانتخابات خلال أسبوعين بين المرشحين الأكثر حصولاً على الأصوات، ويُعلن رئيس مجلس الشعب نتائج الانتخابات بعد فرز الأصوات.

———————

الموالي إذ يتفرج على انتخاب رئيسه/ عمر قدور

ربما، مثل معظم الذين اطلعوا على الخبر، عرف الموالي الأسدي بوجود شخص اسمه حمودة صباغ، يشغل منصب “رئيس مجلس الشعب”، وهو الذي أعلن باسم المجلس عن إجراء الانتخابات الرئاسية في السادس والعشرين من الشهر المقبل. في الأصل، ذلك الموالي ليس من البلاهة بحيث يكترث بحفظ اسم رئيس صوري لمجلس شعب صوري، والأكثر نفعاً له “على سبيل الاطلاع ليس إلا” أن يعرف أسماء ضباط المخابرات الكبار، وأن يستذكر أسماء وزراء مسؤولين عن الخدمات المقطوعة، أو اسم رئيس الحكومة، عندما يود التذمر من الأوضاع المعيشية المتردية.

لدى الموالي حدس جيد إزاء مراكز القوى الفعلية، لذا قد ينسى اسم حمودة الصباغ بعد حين من ذلك الإعلان قبل يومين، وقد ينسى مجلس الشعب برمته. الأكثر حماساً بين الموالين هو ذاك السعيد بوجود مجلس شعب لا قيمة له، ومهمته الأولى والأخيرة التنكيل بفكرة الشعب والبرلمان، أما نظيره الموالي “فقط لأن تفكيره لا يصل إلى أبعد من ذلك” فهو يرى التنكيل من طبيعة الأمور، ولا يرى نفسه أهلاً لما يسمع به من حريات وديموقراطية تحدث في أمكنة أخرى.

بفضل الثورة، كانت انتخابات الرئاسة عام2014 أول انتخابات يقترع فيها الموالي، الأمر لا يتصل بتغيير اسم العملية من استفتاء على “مرشح” وحيد إلى “انتخاب” يتنافس فيه شكلياً عدة مرشحين. أيضاً يدرك الموالي أن تغيير اسم العملية بموجب التعديلات الدستورية لا يغير من جوهرها، فالنتيجة معروفة سلفاً، بل من المحتمل جداً أن تكون مقررة بالنسب والأرقام قبل أن يعلن آنذاك رئيس مجلس الشعب “من يذكر اسمه؟” عن موعد الانتخابات في الثالث من حزيران. فكرة اقتراع الموالي حينها مرتبطة بتمايزه في اتخاذ القرار المختلف عن سوريين آخرين قرروا الثورة على العائلة الحاكمة، واقتراعه كان تأكيداً على موقفه وعلى اصطفافه في الحرب على أولئك المخالفين.

خلال أربعة عقود ونصف من حكم الأسدَيْن كانت النسبة الساحقة من السوريين تُساق إلى ما كان يُسمى “تجديد البيعة”، ولم يكن هناك تمايز بين الموالي الذاهب ليجدد البيعة بإرادته وذاك الذاهب ليجددها غصباً عن إرادته، ولا يندر أن يُظهر الثاني حماساً يفوق الأول بداعي الخوف من ميوله المضطر إلى كبتها. كان ثمة مساواة في الظاهر، ومساواة في انعدام القيمة ضمن مزرعة الأسد، لتأتي الثورة وتمنح الموالي تلك القيمة التي لم يكن يتمتع بها من قبل بنظر الأسد وحلقته الضيقة. في حزيران2014، كان للموالي قيمة واعتبار من أجل تشجيعه على الاستمرار في الحرب، وكانت قوات الأسد والميليشيات الشيعية الحليفة تسيطر على أقل من نصف سوريا، وهي بحاجة إلى الخزان البشري الموالي، الحاجة التي ستنخفض فيما بعد مع دخول الطيران العسكري الروسي لترجيح ميزان القوى لصالح الأسد، ما سيعيد الموالي إلى قيمته المتدنية السابقة.

فقد الموالي قيمته التي اكتسبها مؤقتاً، وفي السنوات السبع المنقضية على “الانتخابات” الماضية صارت هيمنة حلفاء الأسد واضحة أكثر من ذي قبل، وصارت التفاهمات الدولية الخاصة بسوريا أوضح من قبل أيضاً. لذا لا يفوت الموالي، كما لا يفوت غيره من السوريين، أن “الانتخابات” المقبلة ما كانت لتحدث لو وُجدت نية دولية حقيقية لإطاحة الأسد. بعبارة أخرى، مجرد إجراء الانتخابات هو دلالة على أن القوى الفاعلة اقترعت وانتخبت بقاء بشار في السلطة. عطفاً على ذلك، لن يذهب الموالي ليقترع متحدياً “المؤامرة الكونية” على زعيمه، ولن يقترع متحدياً سوريين تجرأوا على الثورة، لن يكون لصوته تلك القيمة التي اكتسبها يوماً بفعل عدائه للثورة ومكافأة على عدم انضمامه إليها.

سيذهب الموالي إلى الاقتراع كما كان الحال قبل عام2011، سيقترع شكلاً بعدما اقترع الناخبون الكبار الفعليون، سيكون جزءاً من الفرجة المحلية المبتذلة التي تترجم الإرادة الدولية، سيكون متفرجاً “لا فاعلاً” والفرجةَ في وقت واحد. وفوق أنه سيبتلع الإهانة المعتادة قبل ذلك التاريخ، سيقترع هذه المرة وهو في أسوأ حال على الإطلاق، وسيؤخذ تدهور معيشته واقتراعه لمن تسبب في مأساته معاً كمؤشر أقوى على موالاته، سيتاجر بشار وأزلامه بتجديد الولاء الذي يأتي في شروط معيشية غير مسبوقة بقسوتها، وبعد مضي سنوات تكفي لإحصاء دماء الموالين التي أُريقت قرباناً له.

إلا أن ما يقلل من شأن المقترعين، ويجعل منهم مجرد فرجة مبتذلة، ينسحب على العملية برمتها. فبشار الأسد لن يكون هذه المرة في موقع القوي، أو الحاكم الفعلي، الذي يدخل الانتخابات ليستهزئ بالديموقراطية. هو أيضاً، بضعفه وتبعيته، جزء من المهزلة التي سيفوز بنتيجتها. هو أيضاً في منزلة الموالي، وإن اختلفت التكهنات حول موالاته موسكو أو طهران، أو التنقل بينهما. بينما يظهر بشار أقوى مما كان عليه في 2014، يعلم الجميع أن الانتصارات تُحسب لحلفائه أولاً، بل تُحسب حتى لحلفاء المعارضة الذين أعادوا له السيطرة على بعض المناطق فلا يتبقى شيء ليُحسب لكفاءته الشخصية.

قد يقتضي استكمال النفاق تصريح أكثر من مسؤول غربي أو إقليمي للطعن بشرعية الانتخابات المقبلة وعدم القبول بها، حدث شيء مشابه قبل سبع سنوات، ولعل أعزّ آمال بشار أن يحدث هذا بعد سبع سنوات، وأن يتكرر منطوياً على القبول ببقائه. لكن ما يعلمه بشار، ويعلمه ذاك الموالي وعموم السوريين الذي لا يد لهم في تقرير مصيرهم، ويعلمه عموم المتفرجين، أن إجراء الانتخابات لا تترتب عليه أية آثار ذات قيمة. الحقيقة الوحيدة التي يسوّقها حلفاء بشار في الخفاء، ويسوّقها الغرب في الكواليس أيضاً، مفادها: ليفزْ بشار في الانتخابات وفق الدستور الذي فصّله على قياسه، فعندما تحين ساعة الجد لا قيمة لوجوده بانتخابات أو من دونها، القرار سيكون لأولئك “الناخبين الكبار” الذين يقررون مصيره. هؤلاء كما نعلم لا يبايعون أحداً، إنهم يتقنون البيع.

————————

الانتخابات السورية في 26 أيار..نهاية سياسية للحسم العسكري؟

إلى جانب السخرية الطبيعية والمتوقعة من إعلان مجلس الشعب السوري يوم 26 أيار/مايو المقبل موعداً للانتخابات الرئاسية المقبلة، تحدث ناشطون وصحافيون سوريون في مواقع التواصل الاجتماعي عن ارتباط هذه الانتخابات بفكرة الشرعية التي يبحث عنها نظام الأسد في محيطه العربي وأمام المجتمع الدولي بعد عشر سنوات من الثورة في البلاد.

وفيما تم وصف الانتخابات المقبلة على نطاق واسع بأنها “مسرحية هزلية”، بما في ذلك بيان للائتلاف الوطني المعارض، ومقره إسطنبول، شدد آخرون على تناول الموضوع بجدية أكبر لأن النظام يسعى إلى وضع نهاية سياسية من خلال الانتخابات بعد حسمه الحرب العسكرية، وهي مقولات يكررها إعلام النظام منذ شهور عند تناوله للموضوع.

    ‏الانتخابات الرئاسية في ‎#سوريا ليست مجرد مسرحية هزلية كما يظن البعض نظام ‎#الأسد لا يزال يفاوض على استعادة الشرعية…

    Posted by Hisham Munawar on Sunday, April 18, 2021

وكتب الإعلامي المعارض هشام منور عبر حسابه في “فايسبوك”: “‏الانتخابات الرئاسية في ‎سوريا ليست مجرد مسرحية هزلية كما يظن البعض. نظام #الأسد لا يزال يفاوض على استعادة الشرعية والاهتمام الدولي من خلال الإصرار على إجراء انتخابات شكلية لم يمنح المترشحين لها سوى 10 أيام لاستكمال أوراقهم!”.

من جهته اعتبر المحامي السوري أنورالبني عبر حسابه في “تويتر” أن الانتخابات التي لا تجري بموجب القرار 2254 هي غير شرعية ويتوجب تعليق عضوية سوريا بكل المحافل الدولية، مضيفاً: “لنعمل جميعاً على عدم الاعتراف بالانتخابات وعدم شرعية أي سلطة تنتج عنها وتعليق عضوية سوريا بكل المحافل الدولية واعتبار أنه لا يوجد من يمثل سوريا”.

    الانتخابات التي لا تجري بموجب القرار 2254 هي غير شرعية ويتوجب تعليق عضوية سوريا بكل المحافل الدولية

    لنعمل جميعا على عدم الاعتراف بالانتخابات وعدم شرعية أي سلطة تنتج عنها وتعليق عضوية سوريا بكل المحافل الدولية واعتبار أنه لا يوجد من يمثل سوريا#لنجعل_الانتخابات_مقتلة_المجرمين

    — anwar al bunni أنور البني (@anwaralbounni) April 19, 2021

واستبق سوريون ترشيح رئيس النظام بشار الأسد (55 عاماً) لنفسه، بنشر صور مركبة له تظهره كمرشح وحيد بهيئات مختلفة، في إشارة إلى أن هذه الانتخابات هي استحقاق معد سلفاً ونتائجه محسومة لصالح الأسد الذي يحكم البلاد منذ العام 2000، وفاز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة العام 2014 بنسبة تجاوزت 88%.

    الانتخابات الرئاسية في #سوريا

    والمرشحين لجولة الانتخابات القادمة pic.twitter.com/pA4BZ1XOuP

    — Abdulrazak Almardod (@M88Mrdod) April 18, 2021

    لايمكن إجراء انتخابات رئاسة حرة ونزيهة في سوريا دون تسوية سياسية ذات مصداقية وفقاً لقرار 2254، الذي يسمح بمراقبة الأمم المتحدة ومشاركة جميع السوريين، لن تعترف كندا بشرعية الإنتخابات الرئاسية في سوريا التي يجري تنظيمها وأكد النظام عليها.

    المنسق التنفيذي الكندي لسوريا 👇🏻 https://t.co/QU3xZdiPg1

    — Qussai | قصي (@Qussai_jukhadar) April 18, 2021

    الانتخابات في سوريا مخالفة للقانون الدولي

    وهي غير شرعية والاهتمام بها عبثية بحد ذاتها الاسد مرتكب جرائم حرب وهي موثقة دوليا

    والقرار ٢٢٥٤ واضح ولايحق الاسد إجراء الانتخابات الرئاسية أبدا

    — مهاجر (@Muhag_er) April 19, 2021

————————-

منظمة حظر الكيماوي تعد عقوبات إستثنائية على النظام السوري

تصوّت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية هذا الأسبوع على فرض عقوبات غير مسبوقة على سورية لاتهامها باستخدام أسلحة كيماوية وعدم الإفصاح عن كامل مخزونها منها، بحسب وكالة “فرانس برس”.

وتصوت الدول الأعضاء في المنظمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، على اقتراح فرنسي ينص على تعليق “حقوق وامتيازات” دمشق داخل المنظمة، ومن ضمنها حقها في التصويت، في إجراء غير مسبوق في تاريخ الهيئة.

والنظام السوري متهم بعدم الرد على أسئلة المنظمة بعد نشرها تقريراً في 2020، يفيد بأن نظام دمشق استخدم غاز السارين والكلور عام 2017 ضد بلدة في محافظة حماة كانت تسيطر عليها فصائل معارضة، وذلك في انتهاك لاتفاق حظر الأسلحة الكيماوية.

وأعلن الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، في تصريح مشترك في الأمم المتحدة، أن “رفض سوريا تقديم المعلومات المطلوبة بشكل وافٍ لا يمكن ولا يجب أن يبقى بلا رد”. وتابع: “يعود الآن إلى الأسرة الدولية أن تتخذ التدابير المناسبة”.

ومن المتوقع أن يٌطرح الاقتراح للتصويت على الدول ال193 الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية الأربعاء أو الخميس، على ما أفادت به مصادر دبلوماسية وكالة “فرانس برس”. وفي حال الموافقة على الاقتراح الفرنسي، ستكون هذه أول مرة تفرض المنظمة العقوبة القصوى على دولة.

وصوتت غالبية الدول الأعضاء عام 2018 على تعزيز صلاحيات المنظمة من خلال السماح لها بتحديد منفّذ الهجوم الكيماوي بدل الاكتفاء بتوثيق استخدام هذا السلاح.

وتؤكد دمشق أنها سلمت مخزونها من الأسلحة الكيماوية تحت إشراف دولي بموجب اتفاق أميركي روسي عام 2013، حين انضمت سوريا إلى المنظمة، بعد هجوم يشتبه باستخدام غاز السارين فيه، أسفر عن مقتل 1400 شخص في الغوطة الشرقية بريف دمشق.

غير أن تحقيق المنظمة أكد العام الماضي أن القوات الجوية التابعة للنظام السوري ألقت قنابل تحتوي على غاز السارين والكلور عام 2017 على بلدة اللطامنة.

وبعد ذلك، لم يلتزم النظام السوري بمهلة 90 يوماً حددتها المنظمة للإفصاح عن الأسلحة المستخدمة في الهجمات والكشف عن المخزون المتبقي لديها. ورداً على ذلك، طرحت فرنسا مذكرة تحظى بدعم 46 دولة، تدعو المنظمة إلى تجميد حقوق سوريا في صفوفها.

وازداد الضغط على النظام الأسبوع الماضي، بعد نشر تقرير ثانٍ للمنظمة يتهمه باستخدام غاز الكلور عام 2018 في هجوم على بلدة سراقب على بعد 50 كيلومتراً جنوب حلب، والتي كانت في ذلك الحين تحت سيطرة فصائل معارضة.

وقال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيي: “إحساساً مني بخطورة الوضع، حان الوقت لتحميل النظام السوري المسؤولية”. وتابع: “أدعو جميع الدول الموقعة على الاتفاقية حول الأسلحة الكيميائية إلى دعم” الاقتراح الفرنسي.

——————–

شكوى جديدة..الكيماوي يلاحق الأسد إلى السويد

أعلنت أربع منظمات غير حكومية الاثنين، أنها تقدمت بشكوى جنائية إلى الشرطة السويدية ضد مسؤولين رفيعي المستوى في النظام السوري، بمن فيهم رئيس النظام بشار الأسد نفسه، بتهمة ارتكاب هجمات بالأسلحة الكيماوية عامي 2013 و2017.

والشكوى المقدمة من منظمات المجتمع المدني “المدافعون عن الحقوق المدنية” و”المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” و”الأرشيف السوري” و”مبادرة عدالة المجتمع المفتوح”، تتهم النظام السوري بشن هجمات باستخدام غاز الأعصاب السارين في خان شيخون عام 2017 والغوطتين الغربية والشرقية عام 2013.

وتتضمن الشكوى، بحسب “فرانس برس”، “شهادات مباشرة من ضحايا وناجين من الهجمات بغاز السارين في كل من خان شيخون والغوطة” بالإضافة إلى “مئات الأدلة الوثائقية، بما في ذلك الصور والمقاطع المصورة” و”تحليل شامل لتسلسل القيادة العسكرية السورية”.

وقالت المستشارة القانونية في منظمة “المدافعون عن الحقوق المدنية” عايدة سماني: “في النهاية الهدف من الشكوى هو تقديم هؤلاء المسؤولين عن الهجمات بالأسلحة الكيماوية إلى العدالة”. وأضافت “ما نأمله هو أن يقوموا بفتح تحقيق (…) وإصدار مذكرات اعتقال بحق المشتبه بارتكابهم هذه الأفعال”.

وأشارت سماني إلى أن مثل هذا القرار يعني أن المدعين العامين السويديين قد يصدرون مذكرات توقيف أوروبية للقبض على المشتبه بهم في حال دخولهم الأراضي الأوروبية.

ووفقاً لملخص الشكوى الذي اطلعت عليه “فرانس برس، فقد تمّت تسمية أكثر من عشرة أشخاص باعتبارهم مشتبه بهم في ارتكاب الهجمات وبينهم الأسد. وتم ربط وزير الدفاع السوري علي عبد الله أيوب بالهجوم على خان شيخون وشقيق رئيس النظام، ماهر الأسد بالهجوم على الغوطة.

كما تم إدراج أسماء مسؤولين آخرين رفيعي المستوى في النظام والجيش السوري يُعتقد بأنهم متورطون بشكل مباشر في الهجمات.

وقالت المنظمات التي قدمت شكاوى مماثلة في ألمانيا وفرنسا، إنها تأمل في تعاون السلطات السويدية مع نظيرتيها في برلين وباريس.

وقال رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير مازن درويش إن “الجهد المشترك بين السلطات سيزيد من فرص إصدار مذكرة توقيف أوروبية، وتحقيق العدالة الفعالة للضحايا والناجين”.

وأوضحت سماني أنه تم اختيار هذه الدول بسبب عوامل عدة، بينها وجود سوريين متضررين على أراضيها ولأن ولاياتها القضائية تسمح لها بالتحقيق بجرائم ارتكبت خارج أراضيها.

ووفق المنظمات، قامت دول عدة بتقديم مشروع قرار لحرمان سوريا من حقوقها في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية وذلك رداً على استخدامها المستمر لهذه الأسلحة.

وقال كبير مسؤولي السياسات في  “مبادرة  عدالة  المجتمع  المفتوح” اريك ويت إن “تمرير القرار من شأنه أن يشير الى أن استخدام النظام السوري للأسلحة الكيمياوية له عواقب دبلوماسية”.

————————

مرشحان مغموران لمنافسة الأسد في الانتخابات الرئاسية

أعلن مجلس الشعب في سوريا تقديم مرشحين اثنين للانتخابات الرئاسية أوراق ترشحهما بشكل رسمي الاثنين، بعد يومين من تحديد المجلس موعد الانتخابات في 26 أيار/مايو، بينما يتوقع تقديم عدد آخر من طلاب الترشح أوراقهم للمشاركة في المنافسة.

وقال رئيس البرلمان حمودة الصباغ إنه تبلّغ من المحكمة الدستورية موافقتها على طلب كل من عبدالله سلوم عبدالله ومحمد فراس رجوح الترشح للانتخابات الرئاسية، بانتظار حصولهما على الأصوات المطلوبة من أعضاء مجلس الشعب قبل أن يصبح ترشحهما قانونياً.

وحسب قانون انتخابات رئيس الجمهورية في سوريا، المقرر عام 2014، يتوجب على الراغب بالمشاركة في المنافسة الحصول على موافقة 35 عضواً من البرلمان، بالإضافة إلى شروط أخرى منصوص عليها في القانون والدستور السوري.

وشهد عام 2014 أول انتخابات رئاسية في سوريا تجري عن طريق الاقتراع المباشر بمشاركة أكثر من مرشح منذ عام 1970، بعد أن كان انتخاب الرئيس يتم بطريقة الاستفتاء على مرشح واحد، لكن تغيير قانون الانتخابات الذي أعقب تعديل الدستور عام 2012 لم يكن سوى إجراء شكلي، أدى إلى تفاقم المزيد من الغضب الشعبي واستمرار الصراع في البلاد.

وينتمي عبدالله عبدالله، الذي وافقت المحكمة الدستورية على طلبه خوض الانتخابات، إلى حزب الوحدويين الاشتراكيين العرب، أحد أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية المتحالفة مع حزب البعث الحاكم، وهو عضو المكتب السياسي للحزب، سبق أن شغل عضوية مجلس الشعب في دورتين، الأولى بين عامي 2007-2003، والثانية بين 2016-2012.

كما شغل منصب وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب سابقاً، وهي إحدى الحقائب الوزارية المخصصة لأحزاب الجبهة الستة الأخرى، التي ينظر إليها السوريون على أنها أحزاب ديكورية يستخدمها حزب البعث للإيحاء بوجود تعددية سياسية، مقابل منحها عدداً محدوداً جداً من المقاعد في البرلمان، وثلاث وزارات بدون حقائب أو بحقائب خدمية.

ويتكون مجلس الشعب من 250 عضواً بينهم 167 من حزب البعث الحاكم، مقابل 16 عشر من الأحزاب الأخرى المرخصة، بالإضافة إلى 67 من المستقلين نظرياً، لكن من الناحية العملية يتفق السوريون أنهم يتبعون للنظام أو تختارهم أجهزة المخابرات.

وحسب عدد أعضاء البرلمان الحالي، فإن الحد الأقصى للمرشحين الذين يمكنهم الحصول على تفويض من البرلمان هو سبعة، حيث ينص القانون على أن عضو مجلس الشعب لا يمكن أن يمنح صوته لأكثر من مرشح واحد، بينما علمت “المدن” أن أشخاصاً آخرين، بينهم حزبيون ومستقلون، ينوون تقديم أوراقهم قبل نهاية المهلة المحددة للترشح في 28 نيسان/أبريل الجاري.

وبينما يتوقع أن يحصل المرشح عبدالله، وهو من مواليد حي المزرعة بدمشق عام 1956 على العدد المحدد من الأصوات، فإن حصول المرشح المستقل فراس رجوح على موافقة 35 نائباً يتوقف على مدى رغبة النظام بإشراكه في المنافسة، المحسومة مسبقاً لصالح رئيس النظام بشار الأسد.

ورجوح هو رجل أعمال دمشقي مغمور، من مواليد حي المزة عام 1966، غير معروف سابقاً باستثناء نشر صوره على حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي برفقة ممثلين وفنانين سوريين، بينما يرجح الكثيرون أن يحظى بالعدد المحدد من أصوات نواب البرلمان، ويقولون إنه لم يكن ليتجرأ على إعلان ترشحه لولا الموافقة المسبقة من النظام الذي يحتاج إلى منافسيين شكليين في هذه الانتخابات.

وبينما أعلنت جميع قوى المعارضة الداخلية والخارجية مقاطعة الانتخابات الرئاسية القادمة، واعتبرتها مسرحية مستفزة ستزيد من تعقيد الملف السوري، مطالبة بتأجيلها إلى ما بعد الوصول إلى حل سياسي وفق القرار الدولي 2254، أصرّ النظام على تنظيم هذه الانتخابات، التي من المتوقع أن يشارك فيها مرشحون آخرون، بعضهم كممثلين عن أحزاب مرخصة، وبعضهم من المستقلين الذين يُنتظر أن يعلنوا تقديم أوراق ترشحهم خلال الأيام القليلة القادمة.

وسبق للولايات المتحدة وعدد كبير من الدول الأوربية والغربية الإعلان عن رفضها الاعتراف بشرعية هذه الانتخابات أو بنتائجها، كما أكدت هذه الدول أنه لن يكون هناك أي تطبيع مع النظام قبل تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بالحل السياسي في سوريا، والتي تشمل إقامة هيئة حكم انتقالي تجري انتخابات بإشراف دولي وفق دستور جديد، وبعد تهيئة بيئة آمنة لإجراء هذه الانتخابات.

المدن

————————————-

عودة سوريا إلى الجامعة العربية/ غسان إبراهيم

عودة سوريا إلى الحضن العربي شعبياً والجامعة العربية رسمياً تواجه عدة عقبات بعد عقد من الحرب جعل البلاد ساحة مفتوحة للجميع غاب عنها العرب وهيمنت عليها إيران وتركيا وروسيا والولايات المتحدة.

ومع تزايد الأصوات العربية بضرورة دور عربي لإنقاذ سوريا من الضياع تبقى المعطيات السورية كما هي، فالنظام السوري وتصرفاته التي سببت تجميد عضوية سوريا هي نفسها اليوم، وعقلية النظام التي رحبت بإيران لتنقذه هي نفسها اليوم، ونزعته المتكبرة ورفضه تقديم أيّ تنازلات للسورين والعرب هي نفسها اليوم.

ما تغير في سوريا هو مشهد الدمار الذي فكك المجتمع السوري وحطم بنيته التحتية وجعلها مسرحاً للميليشيات التركية والإيرانية والعزلة بعيداً عن الحضن العربي.

عقلية النظام اليوم لا تختلف أبداً عمّا كانت عليه أثناء الحرب

لا شك أن العرب لم يتركوا سوريا ولن يتخلوا عنها بينما رفض النظام السوري أيّ تعاون مع الجامعة العربية في إيجاد أيّ حل، حتى لو كان رمزياً.

العرب دائما يبدون رغبة ويعملون لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، ولكن هل قدّم النظام السوري طلباً بالعودة كما تقتضيه الإجراءات الرسمية. هل بادل النظام العرب هذه المودة والاستعداد أم أنه رد بأن على العرب أن يعودوا إلى سوريا لا أن تعود سوريا إليهم.

لا بد من دور عربي ينقذ سوريا من نفسها ومن العقلية التي عمّقت الأزمة سواء من النظام أو المعارضة، ولا بد من دور عربي جاد ينقذها من ورطتها وكثرة اللاعبين ممن اقتصرت أدوارهم في الداخل السوري على الحرب والدمار والأجندات الإيرانية والتركية بطموحات طائفية وعرقية وإرهابية.

لا بد من حلّ عربي ينقذ سوريا ويتوّج بعودتها إلى الجامعة العربية، ودون الحل الذي يسبق العودة فلن يسمح النظام السوري بأيّ دور عربي جاد.

فعقلية النظام اليوم لا تختلف أبداً عمّا كانت عليه أثناء الحرب، وخصوصا أن سوريا اليوم مفقودة الإرادة، وعودتها إلى الجامعة العربية تتطلب الأخذ بعين الاعتبار التوازنات الإقليمية والدولية وحجم ما يمكن تقديمه عربياً وإمكانيات الحل.

فالنظام السوري أمام نفوذ إيراني مطلق وضغوط أميركية شديدة عبر عدة ملفات أبرزها قانون قيصر الذي يجعل صعوبة عودة سوريا إلى الجامعة العربية أشد من ذي قبل.

فالحل العربي سيواجه تعنتا إيرانيا وعرقلة أيّ محاولات عربية تضعف من نفوذها في سوريا، وضغوطا أميركية على عودة النظام السوري قبل أيّ حل سياسي يشارك فيه الروس والأميركان معاً.

ودون حل سياسي بين السوريين يشارك العرب فيه لن تنتهي القصة، كما أنها لن تنتهي بمجرد قرار بعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية.

تزداد الضغوط الغربية اليوم على حلفاء النظام أكثر من أيّ وقت، ومحاولة روسيا الالتفاف على هذه الضغوط بدعوة الدول العربية لإعادة النظام السوري لن تكون الحل النهائي.

كما أن الوعود الروسية بأن عودة العرب إلى سوريا ستضعف الإيرانيين والأتراك لا يوجد ما يدعمها بالمطلق على الأرض. فتركيا لم تستطع الدخول المباشر إلى سوريا دون الغطاء الروسي وليس الأميركي. وإيران ما كان لها أن تصمد وتتمدد في سوريا لولا دخول الروس في الحرب السورية.

الحل العربي لسوريا يجب أن يضع الجانبين الروسي والأميركي أمام التزاماتهما وفقاً للقرارات الأممية لإخراج كل الميليشيات الموجودة في سوريا، فلا حل في هذا البلد وهناك ميليشيات تمارس سلطاتها وكأنها دولة مستقلة داخل دولة منهكة.

عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضرورة تتطلب جهداً عربياً للمشاركة في صياغة مستقبل البلاد ليس شكلياً، بل عملياً.

أما إذا كان الهدف إجرائيا فقط عبر رفع قرار تجميد العضوية لسوريا، فلن يتغير الوضع والتوازنات. ولن تهرع الميليشيات التركية والإيرانية للخروج من سوريا ولن تُرفع العقوبات الأوروبية والأميركية. لا بد أن يضع العرب سوريا على سكة الحل للوصول إلى الجامعة العربية.

العرب

———————-

ممثلة “مسد” في واشنطن: انتخابات الأسد غير شرعية

إسطنبول – عبد القادر ضويحي

أنهى نظام بشار الأسد الجدل والتكهنات، حول الانتخابات الرئاسية في سوريا، إذ عقب إعلان مجلس الشعب التابع له عن تحديد موعد الانتخابات في الـ26 من أيار المقبل، طُرحت تساؤلات عن مشاركة السوريين فيها، ومدى شرعيتها الداخلية، نظراً لعدم مشاركة شريحة واسعة من السكان في تلك الانتخابات.

وعلى الرغم من أن موقف المعارضة السورية كان واضحاً، بأن تلك الانتخابات عبارة عن مسرحية، فإن على المجتمع الدولي التحرك لوقف تمادي نظام بشار الأسد.

وهذا الموقف من المعارضة، يتناغم مع موقف “الإدارة الذاتية” من الانتخابات الرئاسية، كون الطرفين (المعارضة والإدارة الذاتية) يسيطران على مساحات واسعة، ويبلغ تعداد السكان في مناطقهما نحو 6 ملايين نسمة وفق إحصائيات غير رسمية.

وحيال تلك الانتخابات قالت سينم محمد – ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) في العاصمة الأميركية واشنطن – في تصريح خاص لموقع تلفزيون سوريا، إنّ الانتخابات الرئاسية المقبلة غير شرعية، وليست ذات مصداقية، لأنّ الكثير  من السوريين لن يشاركوا في تلك الانتخابات”.

وأضافت أن المهجّرين واللاجئين السوريين في دول اللجوء، فرّوا من بطش نظام الأسد، ولن يشاركوا أيضاً في تلك الانتخابات وبالتالي فإن شريحة واسعة من السوريين في الداخل والخارج سيكونون مقاطعين لتلك الانتخابات التي ينوي النظام المضي بها في أيار المقبل.

وحيال احتمالية سماح الإدارة الذاتية للنظام بإجراء الانتخابات في مناطق سيطرتها شمال وشرقي سوريا، قالت ممثلة “مسد” إنّ الإدارة الذاتية لم تصدر أي بيان بشأن تلك الانتخابات، وبالتالي لا يمكن الغوص حالياً في تلك الفرضية.

وأشارت “محمد” إلى أنّ الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي أجراها النظام في السنوات الأخيرة، اعتمدت على صناديق وُضعت في مناطق يسيطر عليها، ولم تدخل تلك الصناديق إلى مناطق تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وأنّ المشاركة في تلك المناطق اقتصرت على المدنيين القاطنين في مناطق يسيطر عليها “النظام” بمحافظة الحسكة.

5.5 ملايين سوري لن يشاركوا في الانتخابات

وبحسب خريطة النفوذ والسيطرة فإن منطقتين رئيسيتين ستقاطعان تلك الانتخابات الرئاسية، وستكون المشاركة محصورة في مناطق يسيطر عليها “النظام”، حيث تشير بعض الإحصائيات غير الرسمية إلى أنّ نحو 2.5 مليون سوري في شمال شرقي وشمال غربي سوريا لن يشاركوا في الانتخابات، فضلاً عن نحو 3 ملايين سوري يمتلكون حق الانتخاب لن يشاركوا بها أيضاً في دول اللجوء.

كذلك فإنّ المناطق التي يسيطر عليها “النظام”، تفتقد عنصر الشباب، لأنّ كثيرا منهم ترك تلك المناطق لأسباب أمنية أو هرباً مِن بطش النظام، فالاعتماد على السكّان هناك سيفقد تلك الانتخابات صوت الناخب الرئيسي الذي غادر بلاده لأسباب كثيرة.

على الصعيد الدولي فإن الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا، تفتقد للشرعية الدولية، لرفض الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية الاعتراف بأيّة انتخابات في سوريا لا تجري وفق القرارات الدولية، وبإشراف الأمم المتحدة، لكن إقرار موعد الانتخابات يفند جميع الروايات التي كانت تتحدث عن ضغوط روسية على “الأسد” لتأجيل الانتخابات.

———————

موقف عربي داعم للأسد وانتخاباته/ مالك الحافظ

تزامن إعلان مجلس الشعب بدمشق، يوم الأحد الفائت، فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية وتحديد موعدها بشكل رسمي (بعد حوالي 40 يوما)، مع تهنئة عدد من رؤساء الدول العربية، رئيس النظام السوري بشار الأسد، بالذكرى الخامسة والسبعين لاستقلال سوريا.

تهنئة بعض رؤساء الدول يتصدرها الاهتمام الإماراتي المكثف بالتواصل مع الأسد، حيث سجل حضوره عبر رئيس الدولة (خليفة بن زايد آل نهيان)، ورئيس وزرائها (محمد بن راشد آل مكتوم)، ولعل ذلك يساعد في تحديد ملامح الفترة المقبلة على الملف السوري وكيفية التعاطي العربي معه، والأولويات التي ستحدد عمل ذلك الملف.

إلى جانب حاكم دولة الإمارات ونائبه، حضرت تهنئة رؤساء عُمان (السلطان هيثم بن طارق آل سعيد)، ورئيس موريتانيا (محمد ولد الغزناوي)، ورؤساء بيلاروسيا وماليزيا وإيران وروسيا. إذاً فالتهنئة التي جاءت بذكرى عيد الجلاء، تأتي كدلالة سياسية ملفتة في ظل تزامن التهنئة مع إعلان موعد الانتخابات الرئاسية، غير المعترفة بها دولياً في ظل الإجراء على إصرارها دون تحقيق أي انتقال سياسي أو التزام بمخرجات القرار الأممي 2254.

    التواصل الرسمي الأخير يعزز من الخطوات الإماراتية باتجاه ترتيب أوراق الأسد في الأروقة العربية سياسياً واقتصادياً

ترسم التهنئة الإماراتية/ الخليجية، شكل خريطة التحركات العربية والسورية (حكومة النظام)، إزاء الملف السياسي في سوريا وما يتصل به، فالجانب الإماراتي الذي أخذ خطوة متقدمة صوب الأسد، منذ بدء جائحة كورونا (آذار 2020)، إلا أن التواصل الرسمي الأخير يعزز من الخطوات الإماراتية باتجاه ترتيب أوراق الأسد في الأروقة العربية سياسياً واقتصادياً.

أدركت روسيا بأن استثمار أي تقارب خليجي- خليجي- تركي سيبدد الاستعصاء الحاصل في سوريا ليس وفق مخرجات القرار الأممي 2254، وإنما وفق ما ترسمه مصالح الأطراف الفاعلة في الملف السوري، فكان إعلان انتهاء المعارك بين قوات النظام وقوات المعارضة على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في شهر أيلول الماضي (بعد 3 أشهر من إعلان أولى عقوبات قانون قيصر الأميركي).

أولى الخطوات الروسية في سياستها الطارئة لتنفيذ أجندة استراتيجيتها في سوريا، لتتبعها بتحريك ملف عودة اللاجئين، وتعميق التفاهمات مع الجانب التركي، قبل أن تتجه موسكو مجددا إلى دول الخليج (آذار الفائت)، حيث طالبت خلال زيارة وفد ترأسه لافروف بضرورة عودة دمشق إلى الجامعة العربية “من أجل كسر جبل الجليد بين الأسد وبينهم (الخليجيون)”، و عندها تتغير الاصطفافات والمواقف، بالتوازي مع تفعيل المحادثات الأميركية – الخليجية في الشأن السوري، لتكريس مبدأ العقوبات الذكية، يعني “لا إعمار كاملا في مناطق جديدة لم تكن تضررت من الحرب، لكن من الضروري إعادة ترميم البنى التحتية المتضررة (مدارس، مستشفيات، مراكز خدمية وتنموية)، يمكن لدول الخليج تولي حصة وازنة من هذه الخطة”.

لا يقف الأمر عند تفعيل المرحلة الأولى والرئيسية من إعادة الإعمار، أو عودة دمشق للجامعة العربية مع إعادة التعويم البطيء على الصعيدين السياسي والاقتصادي، بل إن الملف السوري كما كان محطة أساسية في تقوية العلاقات الروسية – التركية، سيكون الملف ذاته محطة مهمة في تصفية أجواء العلاقات الخليجية-الخليجية وكذلك الخليجية-التركية، فضلا عن الاحتمال المتصاعد التوقعات حول اتفاقية سلام بين دمشق وتل أبيب، برعاية روسيّة وتنسيق عربي.

كذلك فإن التقارب العربي مع دمشق، يعني إمكانية تقديم مشروع مواجهة للمشروع الإيراني الذي يشكل خطراً على إسرائيل التي وقعت اتفاقيات سلام مع دول عربية، وأخذت وعد من روسيا بتحجيم النفوذ الإيراني في سوريا.

وبالتوازي مع ذلك فإن التوافق أيضاً في ملف مكافحة الإرهاب، سيكون مرضياً للأطراف الفاعلة في الملف السوري، ليكون ملف الدستور وتشكيل حكومة جديدة تضم طيفاً من المعارضة، هندسة سياسية مقبولة لدى كل من موسكو وحلفائها الإقليميين.

لجانب العربي مستعد أكثر من أي وقت مضى للتقارب مع الأسد ودعمه؛ بما لا يقترب بشكل علني من حدود “قيصر”، فضلاً عن الضوء الأخضر العربي لإقامة الانتخابات الرئاسية، والذي تجلى عبر تصريح وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الروسي إلى القاهرة، حيث اعتبر شكري أن الانتخابات الرئاسية السورية شأن داخلي.

الإدارة الأميركية الجديدة المتجهة لسياسة أقل عدائية مع طهران، لن تكون مستعدة لتغليظ العقوبات على دمشق، إذا ما رأت أن التوافق الإقليمي في سوريا سيجنب المنطقة تصعيدا متزايدا ستكون واشنطن بغنى عنه، وهي الراغبة بإنهاء حرب اليمن وتبديد مخاطر التغول الإيراني في المنطقة.

————————-

بعد أن حرق البلد.. ماذا يقول بشار الأسد للسوريين؟/ بسام يوسف

صور ومقاطع فيديو تم تداولها مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي، تكثّف إلى حد كبير الحالة السورية، وكيف يرى رأس “النظام” السوري، سوريا والشعب السوري، ليس هذا فحسب، بل لعلّها تقول ما هو أبعد، فتخبرنا أيضاً إلى أين ستمضي سوريا، فيما لو لم تتبدل المعادلة التي حكمتها منذ وصول حافظ الأسد إلى السلطة، بانقلابه العسكري المشؤوم سنة 1970م.

في مقطع الفيديو الذي يُظهر فرقة إنشاد ديني تدعى “مداح الحبيب”، وهي كما يدل اسمها فرقة تنشد في مدح رسول الله “محمد” صلى الله عليه وسلم، لكنّها وبمناسبة حلول شهر رمضان المبارك هذا العام، تتحول لمديح بشار الأسد، في إيحاء صادم ومستفز لمشاعر السوريين، ولمشاعر المسلمين عموماً، ولا يخجل منشدو الفرقة المقرّبة من وزير الأوقاف السوري من قول مديح مبتذل يعرفون، ويعرف السوريون كلهم، أنه مجرد كذب صفيق:

إنه البشار ضوء القمر

عشرون عاماً قد مضت

والمجد فيها قد حضر

قد سدّت والعدل ظهر

والحق باقٍ معتبر

نهواك يا نور البصر

في مشهد آخر، لا يقل استفزازاً وإهانة للسوريين، ولسوريا وتاريخها، يظهر وزير الدفاع السوري ممثلاً لرئيس الجمهورية في قاعدة عسكرية لجيش يحتل سوريا، وعلى أرض سوريا، مُشاركاً في احتفال ترعاه هذه القاعدة العسكرية، لكن الفاجع في الأمر أن مناسبة الاحتفال هي العيد الوطني لسوريا، وخروج المحتل الفرنسي من أراضيها، أي فضيحة هذه؟

في صورة أخرى، يظهر بشار الأسد وزوجته وهما يوزعان أكياس تحوي مادة “البرغل” على مواطنين سوريين، بسبب تردي قدرة معظم السوريين على شراء حاجاتهم الضرورية، ووصولهم الى مرحلة الجوع، قد تكون الصورة عادية في بلد منكوب لسبب ما، أما أن يقوم من نهب البلد، وتسبب بدمارها، وتشريد أهلها، وتجويع من بقي منهم، بتقديم مساعدته الهزيلة، فهذه إهانة بالغة للشعب السوري الذي لم يجع عبر تاريخه إلا في عهده.

 بوضوح شديد يقول بشار الأسد رسالته للسوريين: لا تهمني كرامتكم، ولا كرامة سوريا، ولا يهمني التاريخ، ولا المستقبل، ولا يشغلني معنى الوطن، فهذه المزرعة لي، ورثتها عن والدي، ولا يهمني معنى المواطنة، فما أنتم إلا عبيد في مزرعتي، ولن أرحل، فهناك قاعدة عسكرية لجيش محتل مدجج بأحدث الأسلحة مهمتها حمايتي، وهناك رجال دين بلا ضمير ولا دين، لن يترددوا في تسميتي إلهاً إن أردت، ولقمة خبزكم في يدي، وليس لكم في هذا العالم نصير، ومن تتوهمون نصرتهم لكم لن يفعلوا..

هكذا هم الطغاة، يضعون أنفسهم في موضع القداسة، ويتعالون على شعوبهم فلا يرون فيهم مواطنين، ولا يرون لهم حقوقا ً، ويجعلون من بقاء الناس أحياء فضلاً منهم، وعطاء ومنّة، فيرهبون الناس ويذلوهم، وينهبون أموالهم وأملاكهم بالقهر والقوة، ويجعلون من كل من حولهم، رجال الدين، مثقفين، سياسيين حاشية بلا أخلاق، وبلا دين.

لا يستطيع الطغاة أن يحكموا إلا عندما يصبح كل ما حولهم مريضاً، ومشوها، ولا يشعر الطاغية بالأمان إن لم يخلق بيئة بلا كرامة، مهانة ومذلولة، تتحدث دائماً عن عظمته، وتردد بلا توقف مدائح له، وتنسب له الإنجازات العظيمة، والانتصارات المتوهمة، وهو بذلك إنّما يُعوض عن شعوره العميق بالدونية، والنقص، وكلّما تزايد إحساسه بهذه الدونية، كلّما عمد إلى تعميق التشوه في البيئة المحيطة به، فيغيرها، أو يقتلها، بعد تحميلها مسؤولية كل الأخطاء، مستنداً إلى سلطاته التي لا يضبطها قانون أو دستور، فيستبدل تابعيه بآخرين أشدّ وضاعة، وأشدّ نفاقاً وتملقاً.

من يتابع ما يجري في سوريا، وكيف يتعامل رأس النظام مع الكارثة التي تعصف بها، سيصدمه أن هذا الشخص لايزال بعد عشر سنوات من حرب أنهكت كل سوريا، ودمرتها، ومزقتها، وأعادتها عقوداً إلى الخلف، يتكلم ويتصرف بالحماقة نفسها التي عُرِف بها في بداية سنوات حكمه، كأنّ عشرين عاماً في موقع الرئاسة لم تعلمه شيئاً، وكأنّما العشر سنوات الأخيرة من حكمه، والتي حرق بها سوريا، لم تجعل منه أقل فظاظة، فهو لا يخجل من أن يعيد نصب تماثيل والده فوق ركام المدن المدمرة، ولا يخجل من أن يجمع مجلس وزرائه كتلاميذ في مدرسة ابتدائية، ليعطيهم دروساً في معنى المسؤولية، ومعنى التخطيط، ولا يتردد لحظة واحدة في أن يكذب بكل وقاحة عندما يسأله صحفي عن حقائق يعرفها العالم كله، فينكرها، ويخرج مزهواً بأنه أنكرها.

هذا هو من يُهيئ نفسه لحكم سوريا سبع سنوات أخرى، تُضاف إلى إحدى وعشرين سنة ماضية، هذا هو من يرسل رسائله اليوم إلى السوريين، تمهيداً لسبع سنوات أخرى من اغتصاب السلطة، والوطن، والكرامة، هذا هو من ينام بحراسة جيوش تحتل سوريا، ويبقى بدعمها، ويبيع سوريا لها كي تحرسه، وتبقيه رئيساً ولو على ربع مساحة سوريا.

هذا هو بشار الأسد – الشخصية المريضة بوهم عظمتها، والتي لا تحترم المجتمع، ولا وقوانينه ولا قيمه ولا أعرافه، ولا تعرف الإحساس بالذنب أو الندم، ولا تتعلم من تجاربها السابقة، ولا تعرف الشفقة أو الرحمة أو العدل أو الكرامة، وكل ما يهمها هو تحقيق أكبر قدر من شهوتها بالمال والسلطة، حتى لو كان ثمن هذه الشهوة تدمير بلد، وتشريد شعب.

اليوم، والسوريون الذين يعدّون أيامهم لحظة بلحظة، على أمل الخروج من هذا النفق المظلم الذي ابتلعهم لما يزيد عن عشر سنوات، يتساءلون: هل سيبتلعنا هذا الجحيم سنوات أخرى؟

—————————-

هل تنجح روسيا في تعويم النظام السوري؟/ عمار ديوب

بوتين قاتل؛ هكذا وصفه بادين. أمريكا وأوروبا تتشدّدان ضد روسيا، وضد إيران أيضاً؛ إذاً سياسات روسيا في سوريا والعالم ليست للتفاوض أوربياً وأمريكياً. لأوروبا وأمريكا سياسات عالمية، تشمل سوريا والعالم، وستتفاوض عبرها مع روسيا. الأخيرة حمت النظام السوري منذ 2011، وحتى هذه اللحظة، تجد نفسها عاجزة عن ذلك، ولأنّها كذلك، تُكثِر من المبادرات العالمية والإقليمية والعربية للهدف ذاته، وبالتالي تريد تعويم النظام مجدّداً. إن مساهمة قطر في منصتها، وزيارة لافروف إلى مصر مؤخراً، يراد منها الأمر ذاته، تعويم النظام وإعادته إلى الجامعة العربية والموافقة على الانتخابات الرئاسية في الأشهر القادمة. روسيا بتحركها الأخير لا تخرج عن سياساتها الفاشلة منذ 2011.

تتجاهل روسيا الإصرار الأمريكي والأوربي، بأنّه سيكون لروسيا حصة الأسد في سوريا في حال أَخرجت القوات الإيرانية والمليشيات التابعة لها، وجلبت النظام إلى مفاوضات وفقاً لاتفاق 2254، وهذا سيفتح الطريق نحو تخفيف العقوبات عن النظام السوري، وشطب قانون قيصر، وسيسمح لروسيا الاستفادة من الاستثمارات التي وقعت عقودها مع النظام. إنّ خضوع روسيا للشروط الغربية، تقرؤه روسيا بأنّه إقرارٌ للدول الغربية بقوتها وهيمنتها على العالم، وهذا بالضبط ما ترفضه روسيا البوتينية، وتتجه نحو عقد تحالفاتٍ مع دولٍ في محيطها، ومع تركيا وإيران وإسرائيل ودول عربية كثيرة. كافة هذه التحالفات، لا يمكنها أن تُقوّي روسيا؛ فهناك فيتو أمريكي أولاً وأوربي ثانياً على أيِّ تغييرٍ عميق في المنطقة العربية، ولهذا نجدها تلج ساحات الصراع الماقبل الحديث بقوّةٍ شديدة، وتتفكك الدول والبنى الاجتماعية، وهذا سيضعف هيمنة روسيا وإيران وتركيا وسيكون لصالح إسرائيل والدول الغربية.

روسيا “المثخنة” من جرّاء عقوبات عليها، وكذلك إيران، لا تستطيعان مساعدة النظام السوري إلى أمدٍ طويل، وهناك الوجود التركي في مناطق عديدة في سوريا، وكذلك الأمريكي، وهناك الإسرائيلي. وبالتالي ليس من مصلحة روسيا الاستمرار في حالة الجمود على الساحة السورية. الحالة هذه تدفع روسيا للتحرّك هنا وهناك، ولكن لا يمكن لأمريكا أو أوربا، اللتين تتشددان مؤخراً ضد النظام، أن تمكناها من كسر الجمود، فهما تفتحان ملف السلاح الكيماوي، وقضايا كثيرة مرفوعة أمام المحاكم الدولية ضد قادة النظام السوري. عدا المؤشرات المذكورة، هناك الوضع الاقتصادي المتأزم، والذي تتخوف منه روسيا والنظام معاً، وتسعيان إلى تفادي تفاقمه بكل السبل. بدوره الخليج لا يمكنه أن يُطبّع مع النظام ويرسل نقوده إليه، ولا يمكن إعادته إلى الجامعة العربية ما دام لا يخضع للشروط الدولية، والبدء بتطبيق 2254، أي البدء بالحل السياسي.

روسيا تحاول بكل ما أوتيت من علاقات إقليمية وعربية وعالمية تفادي الشروط الغربية، ولكنها وصلت إلى طريقٍ مسدود تقريباً، ولقاء لافروف مع المصريين لن يغير في المعادلة شيئاً. الحصيلة هنا أنّ روسيا تنتهج سياسة خاطئة بالكامل، وقد تواجه مستقبلاً ثورة “الجياع”، وليس فقط مواجهة أمريكا وتركيا وإسرائيل وإيران، وهناك مئات الألوف من المقاتلين السوريين المستعدين لمقاتلتها، وذلك إن سمحت تركيا لهم بذلك؛ وعدا عن كل ما ذكرنا هناك الاتجاهات السلفية والجهادية التي تنتعش وبقوّةٍ في الدول الفاشلة أو المتعثرة بشدّة، والعودة الجديدة لداعش مثالٌ على ذلك.

لا شك أنّ أمريكا، وأوروبا من بعدها، تتعامل مع سوريا، ومنذ 2011 كورقة سياسية، وليست كدولة ضمن مجالها العالمي، وخطأ روسيا أنّها تنطلق من الزاوية ذاتها، بينما الأدق أن تتعامل مع سوريا كجزء من عالمها الأوراسي، سيما وأنّها دولةً واعدة بثرواتها وبمكانها الجيوستراتيجي، وبما يخدم السياسات الروسية عالمياً.

كل تأخر عن المساهمة في تغيير النظام السياسي، كما فعلت لعقدٍ بأكمله، يحوّل روسيا إلى عدوٍ تاريخي بعين الشعب السوري، كما حالة إيران أولاً وإسرائيل ثانياً، وربما تتقدّم عليهما في حالة استمرار الفشل بحياة السوريين، وعلى كافة الصعد. ممانعة النظام للحل السياسي ليست هي المشكلة كما تدعي روسيا، فلو رغبت الأخيرة لأجبرته على التغيير بين ليلة وضحاها. النظام يتحرّك في الإطار الإيراني والروسي ما دام قطار التسويات لم يصل بعد.

الآن ليس بمقدور روسيا تعويم النظام، وليس موضوعاً على طاولة بايدن أو إسرائيل، وهناك صفقات بين تركيا وروسيا وإيران تبقي الوضع على حاله، وضمن ذلك تترسخ مناطق النفوذ للدول التي تحتل سوريا. إذاً روسيا ليست جادة في تعويم النظام بشكل فوري، وهي تعامله كورقةٍ بين يديها ولزمنٍ مستقبلي، ولكنها أيضاً تُعقد المشهد السوري أمامها.

النظام بدوره لا يساهم في تخفيف كراهية الشعب له، وكذلك المعارضة؛ فممارساتها جعلتها مكروهةً ومرفوضة شعبيٍّاً، وهناك الانقسام الكردي العربي الشديد. إذاً النظام ومعارضته وقوى البين بين ليست بوارد إنتاج مشروعٍ وطنيٍّ وهوية جامعة لكافة السورين في الأفق الراهن، وهذه نقطة أخرى في تأخير تعويم النظام وتأزيم وضعه لدى الموالاة والمعارضة بآن واحد. هنا نتقدم بفكرة لا تنتمي لأفكار متن المقال، ولكنها تتعلق بتعقيد المشهد، فنقول إنّ المعارضة أيضاً لن تتمكن من تعويم نفسها، وقد فشلت في كافة المهمات الوطنية، وهي مهام أيّة سلطةٍ تصبح مسؤولة عن الشعب، وهي مسؤولة عن كتلة كبيرة من السوريين.

رغم كل ما ذكرته عن السياسات العالمية والإقليمية والنظام والمعارضة، فإنّ السوريين من معارضة ونظام يقع عليهما بالتحديد البحث عن قواسمٍ مشتركة لإيقاف التدهور العام في الوضع السوري؛ وإذا كان النظام لا يستطيع بسبب قوة العطالة فيه، فإنّ المعارضة بكل تنويعاتها يقع عليها البحث عن مشروع تاريخي جديد يعيد إنتاجها من جديد، وأيضاً رداءة كتل كبيرة في المعارضة المكرّسة حالياً تفترض إنتاج معارضة جديدة، ومشروعاً جديداً، يكسر حدّة الانقسامات السورية السورية.

إنّ تأخر الدول المتدخلة بسوريا عن عقد تسوية يفترض دوراً للسوريين، رغم أنّ أغلبية أوراق القوة أصبحت بيد الخارج. إنّ إطالة إمساك الخارج بالوضع السوري، سيعني، ونظراً لما وصفناه أعلاه، تعميق الانقسامات والتأزمات، وهذا بالتحديد ما يؤشر لمستقبل تتجذر فيه الانقسامات، ويكون تمهيداً لتقسيمٍ واقعي بالفعل. الفكرة الأخيرة إحدى سيناريوهات سوريا، وإن كان الأضعف، حيث ورغم التعقيد الذي حاولنا توصيفه فإنّ الوضع السوري ما زال يفترض إعادة سوريا إلى ما كانت عليه قبل 2011، ولكن كدولةٍ ديموقراطية موحدة، وعلمانية بالضرورة.

حصيلة نقاشنا، ليس ممكناً تعويم النظام، وربما وعي الأخير لهذه الفكرة بعمقٍ كبيرٍ يدفعه لرفض كل تسويةٍ جادة مع بقية السوريين؛ فهل تعي روسيا هذه الفكرة وتبحث عن تسوية تنقذها من مصيرها الأفغاني؟

ليفانت – عمار ديوب

————————–

برنامج بشار الأسد الانتخابي/ عدنان عبد الرزاق

يبدو أن الدخان الأبيض، خرج من موسكو و واشنطن في آن واحد، ولم يعد من عائق أمام بشار الأسد ليترشح لفترة وراثية رابعة، رغم كل ما قيل من “فاقد للشرعية ومجرم حرب” كما بحضور المعتقل السوري السابق، عمر الشغري أخيراً، جلسة مجلس الشيوخ الأميركي وإدلائه بشهادة حول واقع الظلم والاضطهاد، وقبله حضور الدكتورة السورية، أماني بلور جلسة مجلس الأمن، وتعريتها جرائم النظام السوري، وبعدهما، تقرير منظمة “حظر الأسلحة الكيميائية” (OPCW) قبل أيام،  وإدانة نظام الأسد بتنفيذ الهجوم بالأسلحة الكيميائية، بريف إدلب، ما كانت سوى دغدغة لمشاعر السوريين ورش بعض الأمل على جروح السوريين المفتوحة.

فالمصلحة الدولية على ما يبدو، وبمقدمتها مصلحة محتلي الأرض السورية، تقتضي بقاء بشار الأسد لسبع عجاف أخرى، ريثما تلوح ملامح الحل، إن ببقاء المستعمرين بوظيفة الأوصياء، أو تقسيم سورية واعتماد سيناريو يوغسلافيا، بعدما تمتع العالم بمشاهدة جرائم فرانكو العصر الحديث، وأبعد نيرون وهولاكو عن منصة أي تتويج، بمسابقة قتل الشعب وتهديم البلاد والمستقبل، وأدبوا شعوب المنطقة بالسوريين، إن سوّلت لهم أنفسهم يوماً، وطالبوا بالحرية والعدالة.

بالأمس، أعلن رئيس مجلس الشعب بنظام الأسد، حمودة صباغ أنه تم تحديد موعد الانتخابات الرئاسية في سورية في 26 من شهر أيار/مايو المقبل، ليلغي ما نسب لروسيا من تأجيل الانتخابات ويدحض ما أعلنه الغرب المتحضر، في بروكسل وواشنطن، من لاشرعية ولا انتخابات قبل الحل السياسي.

ولأن الديمقراطية هي المشتهى، فتح “حمودة” باب الترشح منذ اليوم الإثنين، لكل من تسوّل له نفسه حكم سورية، ليتقدم بطلب ترشحه إلى المحكمة الدستورية العليا، خلال مدة 10 أيام، وبعدها ليحظى بتأييد خطي لترشيحه من 35 عضوا، على الأقل، من أعضاء مجلس الشعب، ليعيد تاريخ 2014 نفسه بكل التفاصيل، إذ لم تمنع مجزرة الكيميائي التي ارتكبها الأسد عام 2013، وقتله زهاء 1300 مدني سوري بغوطة دمشق، من الترشح، بل وحصد 97.62% من الأصوات.

قصارى القول: بمنأى عن هل ستحدث مفاجآت ونرى أفعالاً، أوروبية وأميركية، تمنع المخرج الروسي من عرض هذه المسرحية، أو حدثا مفاجئا يقلب المعادلة داخل سورية لتختلف حسابات السوق عن المتوقع بالصندوق، نسأل وبعيداً عن تلك الأماني التي تتضاءل احتمالات حدوثها.

ترى، ماذا يمكن أن يقدم بشار الأسد للشعب بحملته الانتخابية الذي بدأتها الفرق الحزبية البعثية بدمشق ووجهت بها دوائر التوجيه السياسي والمعنوي بجيش الأسد العقائدي؟

هل سيعد السوريين الجياع بتذليل نسب الفقر التي نافت على 90% وتشغيل العاطلين بعدما تعدت نسبتهم 83%؟

هل سيجسر الهوة بين الدخل الذي لا يزيد على 60 ألف ليرة والإنفاق الذي تجاوز المليون للأسرة الواحدة؟

لمن سيحمّل وزر تكاليف الحرب التي أعلنها على طالبي الحرية والكرامة، بعد أن نافت الخسائر على 1.2 تريليون دولار، وكيف سيبرر تراجع الناتج المحلي الإجمالي من 60 مليار دولار مطلع الثورة عام 2011 إلى نحو 10 مليارات اليوم؟

وأما إذا قفزنا عن الخسائر الاقتصادية، لنسأل عن القوى البشرية التي سيتطرق لها برنامج الأسد الانتخابي، بعدما زاد عدد المهجرين خارج القطر والنازحين داخله، على نصف السكان، وجلهم من الشباب والكفاءات العلمية؟

وإن وجد الأسد لكل ما سبق، تبريرا ورمى المسؤولية على المعارضة التي تمادت وطلبت العدالة وتداول السلطة، فكيف له أن يحيي أكثر من 400 ألف قتيل ومثلهم ربما، مغيّب ومعتقل ويعيد العافية لضعفهم من المصابين والمعاقين؟

أم يعتقد بشار الأسد، بحركاته البهلوانية الأخيرة، من عزل حاكم المصرف المركزي وتحسين سعر صرف الليرة، عبر القمع الأمني، أو بترؤسه اجتماعا وزاريا للتوجيه بتطبيق مرسوم محاربة الغش والاحتكار…

أم بما تلاه، من الاحتفال بعيد جلاء الفرنسيين عن سورية بمعقل المحتل الروسي بحميميم، ومن ثم توزيعه وزوجته أسماء الأخرس، كيلو برغل على الجياع،

يمكن أن يبدّل قناعات السوريين، كل السوريين الذين أجمعوا على أن وريث أبيه، حولهم إلى أدنى السلالم والتصنيفات العالمية، الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، ووزعهم مهاجرين ومهجّرين، يتقاذفهم اللئام، في دول الأخوة والجوار قبل الغرباء.

نهاية القول: ليس من حول ولا قوة للسوريين، إن الذين يعيشون بمعتقل كبير في الداخل، أو المرتهنين لسياسات مواطنهم الجديدة في الخارج، كما لم يترك العالم المتحضر ومدّعو الدعم، بأيدي المعارضة، سبيلا أو وسيلة، ليردوا بها على نظام قايض بقاءه على كرسي أبيه، بالشعب والاقتصاد ومصير العباد والبلاد، بعد أن استقوى عليهم بجيوش حلفاء تحولوا إلى محتلين.

لكن التاريخ الذي صنّف الحرب على سورية وحلم بنيها، بمأساة العصر، بعد أن تعدت بعمرها وخسائرها نتائج الحربين العالميتين مجتمعتين، لا يمكن أن يسقط العار عن جبين العالم المتحضر ودعاة حقوق الإنسانية والديمقراطية، ليس فقط إن مرروا الأسد لسبع عجاف جديدة، بل إن لم يُسق إلى محاكم جرائم الحرب ليبدأ السوريون عدهم التصاعدي، بالأمل والتنمية، بعد زوال صفر سورية المعيق.

———————–

في ذكرى جلاء الفرنسيين: الروس يغنون والنظام السوريّ يصفقُ لهم!/ كارمن كريم

إذاً وحتى مع علم النظام بأنه ليس الابن المدلل للروس، ما زال يستمر بالتدليس وحني الرأس أكثر أمامهم، لحين إيجاد البديل وتأكده من قدرته على السيطرة مجدداً والتقاط زمام مصالحه.

المرةُ الأولى التي بكيتُ فيها عند سماع أغنية “موطني”، كانت خارج سوريا عام 2016، كنّا مجموعة نساء نعمل في ورشات تهدف إلى إحلال السلام وتمكين السوريات، أتذكر هذه اللحظة البعيدة بينما تعزف فرقة كشّافة في الخارج موسيقى أغنية “موطني”، احتفالاً بذكرى استقلال سوريا. حينها بكيت لأنني شعرت بخسارة المكان الذي أنتمي إليه وعلى رغم أني عدت بعد أسبوع إلى سوريا إلّا أن شعور الخسارة العميق ظل يرافقني، بكيت بحرقة كما لم أبكِ يوماً. كُنّا مجموعةً من النساء نختتم ورشة نفكر فيها بطرائق لإحلال السلام، لم أتخيل أن أشهق باكية لسماع أغنية موطني وفي الحقيقة كانت المرة الأخيرة.

مغنون روس على الأرض السوريّة

يتمايل المغنون والمغنيات الروس على وقع كلمات لا نفهمها وجمْعٌ من السوريين يصفقون ببلاهة من دون أن يفهموا كلمة، أفكر بشكل الاحتلالات المعاصرة “الموديرن”، الاحتلالات التي تحتفل بجلاء محتل سبقها عن أرض ليست لها، ولولا بعض الوجوه السوريّة لما صدقت المشهد، إذاً إنّه الدب الروسي يحتفل ويغني ونحن نصفق له.

أقيمَ الحفلُ في قاعدة “حميميم” الجويّة الروسيّة في ريف اللاذقية بمناسبة مرور 75 عاماً على خروج الاحتلال الفرنسي من سوريا، وشارك فيه كلٌّ من وزير دفاع النظام السوري علي عبد الله أيوب، ووزير شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزام، إضافة إلى عددٍ من كبار ضباط الجيش والقوات المسلحة وأمناء الفروع الحزبية في المنطقة الساحلية. من اللافت أن الإذاعات الرسمية وحين الإعلان عن الخبر ذكرت الفعاليات السياسية والشعبية الروسيّة بقائمة مطولة قبل ذكر الحضور السوريّ في النهاية، الذي كان مقتصراً على شخصيات سياسية وحزبية من دون أي حضور شعبي، يبدو كما لو أن النظام يحتفل من دون شعبه.

ليست المرة الأولى التي يقيم فيها الروس احتفالات رسمية في قاعدة حميميم فقد احتفلوا سابقاً بعدد من المناسبات الروسية الوطنية، آخرها كان في 24 آذار/ مارس المنصرم، حين احتفلت القاعدة بذكرى تأسيس “الملاحة الجوية الروسية”، إذاً فالبيت بيتهم والأرض منحهم إياها نظام الأسد، حتى إنهم دشنوا في اللاذقية نصباً تذكاري لطيّار روسي قتل في مدينة إدلب أثناء قصفه المدينة.

صرّح وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، في وقتٍ سابق أن العملية العسكرية في سوريا ساعدت الجيش الروسي على رفع الروح المعنوية وفحص الأسلحة واتخاذ خطوة نوعية في التطور، كما أنها سمحت لهم باختبار الأشخاص والأسلحة ونظام التعليم وكأنّ وزير الدفاع يقول شكراً لنظام الأسد، “الذي منحنا أرضه وشعبه لنختبر عليها أسلحتنا ونقتل المدنيين لنتأكد من فاعلية نظامنا العسكري!”. إذاً في المحصلة ليست الأرض والشعب السوري سوى فأر تجاربٍ للروسي يتأكد من خلالهم من فعالية خططه وأسلحته.

يبدو أنه بالنسبة إلى نظام الأسد لم يعد الاحتلال يعني أخذ الأرض بالقوة والحروب والمعارك، بات الاحتلال أكثر بساطة، إنه يدعى “صديقاً وحليفاً” ويُمنح المواقع الإستراتيجية والقواعد والثروات ومن ثم يُحتَفل بلغته و”ستايله” الغريب بخروج الاحتلال من الأرض التي يحتلها هو الآن!

وبين المفهوم الكلاسيكي للاحتلال الذي يقوم على سلب الأوطان بالقوة، تلجأ روسيا إلى احتلال من نوع جديد، تحت ذرائع محاربة الإرهاب والتحالف مع سوريا، وما حضور مغنين وفرقة أوركسترا روسية خصيصاً لهذه المناسبة، إلّا رسالة مفادها أن الروس يتصرفون على أساس أنهم أصحاب أرض ولهم في سوريا أكثر ما للسوريين فيها، أيعقل عدم مشاركة مطرب سوري واحد في الحفل؟ ولو من باب التدليس للنظام لا مجاملة الشعب.

روسيا التي ستتخلى عن الأسد يوماً

منذ تدخل روسيا بشكل فعلي عام 2015 بعدما كان دورها مقتصراً على تسليح النظام وبعض التدريبات لعناصره، حيث اتخذت بشكل مباشر من قاعدة حميميم مركزاً لعملياتها وبدأت قصف مواقع المعارضة السورية منذ الأسبوع الأول لانتشارها، ليغير هذا التدخل بشكل واضحٍ في موازين الحرب بعدما كانت المعارضة المسلحة تحرز تقدماً على الأرض مقابل ضعف عناصر الجيش السوري، بسبب قلّة خبرتهم وإقحامهم مباشرة في المعارك من دون تدريب جيد بسبب نقص أعداد الجنود، مع بدء هجرة الشباب هرباً من الجيش.

ولا يخفى على أحد أن العامل الأساسي للتدخل الروسي هو محاولة إعادة روسيا إلى الساحة العالمية وفرض قوتها وموقعها السياسي أمام الولايات المتحدة الأميركية، وكلّ ما تفعله اليوم هو لتأكيد سلطتها على الأراضي السورية، باعتبارها واحداً من أهم الملفات الدولية في الوقت الراهن، وعلى رغم أن أحد أدوار روسيا المتوقعة كان إصلاح القطاع الأمني السوري إلّا أن هذا الأمر لم تظهر ملامحه للآن، لكن عموماً غدا الدور الروسي واضحاً وأكثر تماسكاً وطغى إلى حد كبير على الدور الإيراني الذي ما زال يفضّل العمل في الظل، وبات اليوم أي تفاوض مع النظام يعني التفاوض مع الروس بشكل مباشر، لكن هذا لم يلغِ الدور الإيراني بشكل كامل للآن.

ساعد على تقوية الدور الروسي في سوريا، علاقتها الطيبة مع “إسرائيل”، التي يفتقدها الإيرانيون، والتي تشكل حجر زاوية أساسي في الصراع السوري اليوم، وإن كانت روسيا لم تظهر رؤيتها السياسية للآن، إلا أن ضعف إيران في الفترة الأخيرة سيشكل ورقة رابحة لها، إذ ستختفي مخاوفها من لجوء النظام إلى إيران في حال ضغطها عليه نحو تغييرات سياسية، وهذا ما أشار إليه الدكتور اندريه كورتنوف، المدير العام للمجلس الروسي للعلاقات الخارجية خلال ندوة في كلية واشنطن للحقوق. فروسيا منحت الأسد فرصة أخيرة خلال الانتخابات المقبلة لإجراء تغييرات وتحسينات فعلية على أرض الواقع اجتماعياً واقتصادياً وإدارياً، مع بدهية فوزه بالرئاسة في ظل غياب الشفافية والموضوعية في الانتخابات. وبحسب أندريه فإن روسيا غير متمسّكة بالأسد في حال وجود نظام صديق يكون بديلاً عنه، وهذا يعني تخلي روسيا عن الأسد في أي لحظة، وهذا ما لن يقبله النظام بطبيعة الحال، ما سيشكل بوابةً لأزمات سورية جديدة.

إذاً وحتى مع علم النظام بأنه ليس الابن المدلل للروس، ما زال يستمر بالتدليس وحني الرأس أكثر أمامهم، لحين إيجاد البديل وتأكده من قدرته على السيطرة مجدداً والتقاط زمام مصالحه.

سوريا اليوم كلّها محتلة، إنها وطن ليس لنا، لا نملك سوى البكاء عليه لمرة واحدة، وطن غدا كقطعة حلوى وزّعت بغير تساوٍ على دول غريبة، روسيا، تركيا، أميركا، إيران، حزب الله اللبناني وتنظيمات متشددة… لكنّ ذلك لا يعتبر احتلالاً!

ما الفرق حقاً إن كان الشعب ما زال يعيش في أسوأ أزمة اقتصادية سورية، فيغدو نظام الأسد محتلاً كذلك، محتلاً نهب ثروات السوريين وكمم أفواههم وقتلهم وأخرجهم من منازلهم، فالمحتل ما زال بيننا منذ أكثر من أربعين عاماً، محتلٌ يمتصّ حياة السوريين وحريتهم.

درج

——————————–

========================

تحديث 21 نيسان 2021

——————————

سورية: بشار الأسد يترشح لولاية رئاسية جديدة/ جلال بكور

قدّم رئيس النظام السوري، بشار الأسد، اليوم الأربعاء، أوراق ترشحه لولاية جديدة في الانتخابات المقرر إجراؤها في 26 مايو/ أيار، فيما نددت المعارضة بالاقتراع، واعتبرته “مسرحية هزلية”، تستهدف ترسيخ حكم الأسد.

وأعلن رئيس مجلس الشعب السوري، حمودة صباغ، تقدم الأسد، الأربعاء، بطلب ترشيح إلى منصب رئيس الجمهورية.

سورية

وأشار رئيس مجلس الشعب، إلى تلقي 3 كتب من المحكمة الدستورية العليا تعلمه بتقديم كل من بشار الأسد ومهند نديم شعبان ومحمد موفق صوان، طلبات إلى المحكمة بترشيح أنفسهم لمنصب رئيس الجمهورية.

وكان المجلس قد تلقى من المحكمة الدستورية ثلاثة كتب بتقديم عبد الله سلوم عبد الله ومحمد فراس ياسين رجوح وفاتن علي نهار، طلبات إلى المحكمة بترشيح أنفسهم لمنصب رئيس الجمهورية.

ويعتزم النظام السوري إجراء الانتخابات في مايو المقبل، وسط مقاطعة من المعارضة السورية وعدم وجود اعتراف دولي بالانتخابات.

——————-

بعد عشر سنوات من نزاع مدمّر لإزاحته

الأسد يتقدّم بطلب الترشح لولاية رئاسية رابعة في سوريا

– أ. ف. ب.

 دمشق : قدّم الرئيس السوري بشار الأسد الأربعاء طلب ترشح رسمي الى الانتخابات المقبلة المحددة في 26 أيار/مايو المقبل، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي، في استحقاق تبدو نتائجه محسومة سلفا لصالح حصوله على ولاية رئاسية رابعة.

وأعلن رئيس مجلس الشعب حمودة صباغ تبلّغ المجلس من “المحكمة الدستورية العليا تقديم بشار حافظ الأسد طلب ترشيح إلى منصب رئيس الجمهورية”.

والأسد (55 عاماً) هو المرشح السادس الذي يقدم طلب ترشيح الى المحكمة الدستورية، في حين أن المرشحين الخمسة الآخرين غير معروفين على نطاق واسع، وبينهم عضو سابق في مجلس الشعب، وآخر رجل أعمال وسيدة.

وفاز الأسد بانتخابات الرئاسة الأخيرة في حزيران/يونيو 2014 بنسبة تجاوزت 88 في المئة، ويتوقع أن يحسم نتائج الانتخابات المقبلة دون منافسة تُذكر، بعد أكثر من عشر سنوات من نزاع مدمّر بدأ بانتفاضة شعبية لإزاحته، وتسبب بمقتل أكثر من 388 ألف شخص واعتقال عشرات الآلاف ودمار البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان.

وبحسب الدستور السوري، تواصل المحكمة الدستورية العليا استقبال الطلبات لمدة عشرة أيام بدءاً من الاثنين، أي حتى 28 من الشهر الحالي.

ولقبول الطلبات رسمياً، يتعيّن على كل مرشح أن ينال تأييد 35 عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب البالغ عددهم 250، وحيث يتمتع حزب البعث الحاكم بغالبية ساحقة.

ومن شروط التقدّم للانتخابات أن يكون المرشح قد أقام في سوريا بشكل متواصل خلال الأعوام العشرة الماضية، ما يغلق الباب أمام احتمال ترشح أي من المعارضين المقيمين في الخارج.

وتُجرى الانتخابات الرئاسية مرة كل سبع سنوات. وتعدّ الانتخابات المقبلة الثانية منذ بدء النزاع العام 2011.

وبعد أن ضعفت في بداية النزاع، استعادت القوات الحكومية بدعم عسكري روسي وإيراني مساحات واسعة من البلاد. وتبقى مناطق محدودة تحت سيطرة أطراف محلية مدعومة من قوى خارجية وتنظيمات جهادية، ولن تشملها الانتخابات على الأرجح.

ويحل الاستحقاق الانتخابي فيما تشهد سوريا أزمة اقتصادية خانقة خلّفتها سنوات الحرب، وفاقمتها العقوبات الغربية، فضلاً عن الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور حيث يودع سوريون كثر، بينهم رجال أعمال، أموالهم.

————————

تجريد نظام الأسد من حق التصويت بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.. عوقب لضربه سوريين بغازات سامة

جردت الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، الأربعاء 21 أبريل/نيسان 2021، النظام السوري من حقوق التصويت في المنظمة، بعدما تبين أن النظام استخدم مراراً غازات سامة ضد مدنيين خلال الحرب.

وأيدت أغلبية من الدول خلال تصويت قراراً بإلغاء امتيازات سوريا في المنظمة على الفور.

المنظمة تتحرك ضد نظام الأسد

يأتي هذا بعدما قالت المنظمة إنها تبحث تجريد نظام الأسد من حقوقه في المنظمة التي مقرها لاهاي، رداً على نتائج تقرير أفاد بأن قواته استخدمت مراراً غازات سامة في الحرب.

فيما نفى النظام السوري وروسيا مراراً استخدام أي أسلحة كيماوية في الحرب المستمرة منذ عشر سنوات، والذي حول المنظمة -التي كان اختصاصها في يوم من الأيام فنياً فحسب- إلى سبب للخلاف بين القوى السياسية المتنافسة، وإلى انقسام في مجلس الأمن.

وقال لويس شاربونو، مدير شؤون الأمم المتحدة في هيومن رايتس ووتش، إنه يأمل في أن تشجع الخطوة الدول على ملاحقة أفراد قضائياً، بالمسؤولية الجنائية عن تلك الوقائع، وتابع قائلاً “بينما ستكون هذه الخطوة رمزية إلى حد بعيد، فمن الضروري تذكير العالم بنطاق وخطورة جرائم الحرب التي ارتكبها النظام السوري”.

وخلصت العديد من التحقيقات في الأمم المتحدة، وأخرى أجراها فريق التحقيق والتقصي الخاص التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، إلى أن النظام السوري استخدم غاز السارين وقنابل من براميل الكلور في هجمات شنها بين عامي 2015 و2018، قتلت وأصابت الآلاف.

وفي الأسبوع الماضي، خلص الفريق إلى أن هناك “أسباباً معقولة للاعتقاد” بأن النظام السوري أسقط قنبلة من الكلور على حي سكني في منطقة إدلب، الخاضعة لسيطرة المعارضة، في فبراير/شباط من عام 2018.

————————

محاولات التحايل الروسي/ عالية منصور

عندما كتبت قبل أسابيع عن استحالة تعريب الأسد، كانت الأصوات التي خرجت لتطالب بعودته إلى الحاضنة العربية لا تزال خافتة، بينما بتنا اليوم نسمع عن مبادرات ودعوات تصدر من عدة دول وجهات للمطالبة بعودة نظام الأسد إلى جامعة الدول العربية والتطبيع معه. والساعي الأكبر لتفعيل هذا المسار هو وزيرالخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي يقوم منذ أسابيع بجولات وزيارات لعدة دول عربية داعيا إلى إلغاء قرار تجميد عضوية دمشق في الجامعة العربية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، والخروج بموقف عربي يعلن في القمة العربية في الجزائر.

يحاول الروس أن يسوقوا أن العملية السياسية «تتقدم» عبر حوارات اللجنة الدستورية في جنيف، في محاولة منهم لإعطاء شرعية ما أو اعتراف ما بالانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا، بينما في الحقيقة فقد سبق وصرح المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون أمام مجلس الأمن بعيد انتهاء الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية أن الجولة «كانت فرصة ضائعة وعبارة عن خيبة أمل».

كذلك يحاول الروس الإيحاء بأن عودة النظام إلى جامعة الدول العربية والتطبيع معه يضعف إيران في سوريا ويبعد الأسد عنها، وهذه الوصفة جربت مرات عدة وأثبتت فشلها قبل الثورة كما بعدها، ولا ننسى كيف عول البعض بعد التدخل العسكري الروسي، على أن هذا التدخل سيضعف إيران ويخرجها من سوريا، ولكن بعد أكثر من خمسة أعوام كانت نتيجة التدخل العسكري الروسي المزيد من التوغل الإيراني في سوريا والمزيد من السيطرة لا على القرار السياسي السوري وحسب بل أيضا على الجغرافيا السورية.

النقطة الثالثة التي يستخدمها الروس لتسويق ضرورة التطبيع مع الأسد ونظامه، هي الوضع الاقتصادي والأزمة الناتجة عن العقوبات المفروضة على النظام وخصوصا عقوبات قيصر، ويكرر الروس التخويف من «انهيار الدولة السورية»بسبب هذه العقوبات. لقد كان الجانب الأميركي والأوروبيون واضحين عندما أخبروا الروس بآلية رفع هذه العقوبات، وتحدثوا عن شروط لرفعها أو تخفيفها، منها وقف الاستهداف المتعمد من قبل النظام السوري وروسيا وإيران للمنشآت الطبية والمدارس، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والسماح للمنظمات الدولية بالوصول إلى السجون السورية، كذلك التزام دمشق بالتنفيذ الكامل لالتزامات معاهدتي حظر تطوير الأسلحة الكيماوية، والحد من انتشار الأسلحة النووية. يتجاهل الروس ومن معهم هذه الشروط، بينما لو كانوا جادين في موضوع «تخفيف معاناة المدنيين»لالتزموا بتطبيقها وطالبوا وضغطوا على نظام الأسد لتنفيذها، ولكن بطبيعة الحال لا يمكن أن ننسى أن روسيا نفسها هي من مارست حق النقض (الفيتو) أكثر من مرة في مجلس الأمن لتمنع إدخال المساعدات الإنسانية إلى بعض المناطق السورية. فليس المعروف عن روسيا اهتمامها بالجانب الإنساني وحقوق الإنسان ومحاولة السعي للتخفيف من معاناتهم، ولكنها وجدت في موضوع العقوبات والمعاناة التي يعيشها السوريون في مناطق سيطرة النظام حجة قد تنفعها بخطتها لإعادة التطبيع مع الأسد في خطوة لإعادة تمويله.

هي ليست المبادرة الأولى لروسيا والتي يكون ظاهرها إنسانيا بينما هدفها إيجاد تمويل للنظام السوري ولعملياتها في سوريا بعد أن أنهكتهم العقوبات المفروضة على سوريا مثل إيران، وليس مؤتمر إعادة اللاجئين السوريين الذي عقد قبل أشهر في دمشق إلا إحدى محاولات استجلاب الدعم المالي.

لا شك أن ما يعيشه السوريون في مناطق النظام هو مأساة حقيقية، حتى بتنا نسمع عن عمليات هروب ونزوح من مناطق النظام إلى مناطق سيطرة المعارضة في الشمال، وخصوصا مع ارتفاع معدلات الفقر إلى نسب خيالية، ولكن تبقى مأساتهم جزءا من مأساة الشعب السوري والتي لا يمكن أن تنتهي إلا بحل شامل وعادل للجميع، حل يحاسب جميع من تسببوا في هذه المأساة، فليس من الإنسانية في شيء أن تترافق الدعوات لرفع العقوبات عن نظام الأسد مع صدور نتائج تقرير صادر عن فريق تحقيق أممي والذي حمل النظام السوري المسؤولية عن الهجوم الكيماوي الذي استهدف بلدة سراقب في إدلب في فبراير (شباط) 2018.

والمطلوب اليوم هو عودة العرب إلى سوريا، وعودة سوريا إلى محيطها العربي، وذلك لن يتحقق إلا بحل عادل يضمن تعافيها وانتقال سياسي وفق بيان «جنيف واحد»والقرار 2254 وخروج جميع القوى الأجنبية وأدواتها من سوريا.

—————–

تركيا تؤكد عدم اعترافها بانتخابات نظام الأسد: لن يعترف بها أحد

 أعلن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، عدم اعتراف أنقرة بـ”الانتخابات الرئاسية” التي أعلن نظام الأسد إجرائها في أيار/مايو المقبل.

وقال جاويش أوغلو، في مقابلة مع قناة “خبر ترك” اليوم الثلاثاء، إنه ” لا شرعية لانتخابات الرئاسة التي ينظمها النظام في ‎سورية، ولا أحد يعترف بها”.

وأضاف الوزير التركي أن “هناك نظام (في سورية) لا يؤمن بالحل السياسي، ويؤمن بالحل العسكري”.

وحول علاقات بلاده مع النظام، أكد أوغلو أنه “بعد وضع دستور جديد وقوانين انتخابية، وتنظيم انتخابات وتحقيق الوحدة الوطنية، يمكن إقامة العلاقات”.

موقف أمريكي مماثل

وتزامن ذلك مع إعلان متحدث باسم الخارجية الأمريكية، بأن “الانتخابات الرئاسية السورية المقترحة هذا العام لن تكون حرة ولا نزيهة”.

ونقلت قناة “الحرة“، عن متحدث باسم الخارجية لم تكشف عن اسمه، قوله إنه ” في هذه الأجواء لا نقيم هذه الدعوة لإجراء انتخابات بأنها تتمتع بالمصداقية”.

واعتبر المتحدث أنه “يجب اتخاذ خطوات نحو إجراء انتخابات حرة ونزيهة وفقا لدستور جديد، تدار تحت إشراف الأمم المتحدة”.

وكان “مجلس الشعب” التابع لنظام الأسد، أعلن الأحد الماضي، موعد “الانتخابات الرئاسية” إلى جانب فتح باب الترشح.

و حدد رئيس المجلس، حمودة الصباغ، موعد الانتخابات الرئاسية للسوريين في الخارج يوم 20 أيار/ مايو 2021، في حين حدد موعد الانتخابات للسوريين داخل سورية في 26 أيار/ مايو المقبل.

وأعلن  أن ثلاثة أشخاص تقدموا بطلب الترشح حتى اليوم وهم: “عبد الله سلوم عبد الله”، و”محمد فراس ياسين رجوح” و”فاتن علي نهار”.

وتعتبر “الانتخابات الرئاسية” المقبلة، الثانية من نوعها التي ينظمها النظام خلال الثورة السورية، إذ كانت الأولى في 2014 وحصل الأسد حينها على نسبة 88.7%.

وبينما يؤكد نظام الأسد على تنظيم الانتخابات الرئاسية “في وقتها”، تقول دول غربية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية، بأنها “غير شرعية”، على اعتبار أن شريحة كبيرة من السوريين لن تشارك فيها.

يُشار إلى أن فرنسا قدمت في مارس/ آذار الماضي، وثيقة نيابةً عن عدة دول أوروبية، باسم “مجموعة ذات تفكير متشابه”، هدفها رفض إجراء أي انتخابات رئاسية في سورية خارج قرار مجلس الأمن “2254”، وقطع أي محاولة لـ “التطبيع” مع نظام الأسد عقب الانتخابات.

وتأتي “الانتخابات” في ظل واقع اقتصادي متردي يعصف بالمناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، نتيجة انهيار الليرة السورية وارتفاع أسعار المواد الأساسية، إلى جانب أزمات معيشية وعلى رأسها أزمة الخبز والبنزين والكهرباء.

———————-

========================

تحديث 22 نيسان 2021

———————————

بشار الكيماوي وانتخاباته الرئاسية/ بكر صدقي

قبل كل شيء يسجل لـ«موسم» الانتخابات الرئاسية في سوريا أنها جعلتنا نعرف اسم رئيس مجلس الشعب، حمودة الصباغ الذي لم تستطع حتى وكالات الأنباء العالمية تجاهله. والحال أن الصفحة المخصصة للرجل في موقع ويكبيديا يخبرنا بمساره الصاعد في مراتب الحزب والدولة الأسديين، وصولاً إلى موقعه الحالي، في مؤشر لا تخطئه العين إلى إخلاصه الشديد للنظام منذ مطلع الثمانينيات حين كان عضو قيادة رابطة شبيبة الحسكة، وإلى الخدمات الخفية التي يحتمل أنه قدمها للأجهزة المختصة. وتدرج الرجل بعد ذلك في مراتب الحزب وصولاً إلى قيادته القطرية ولجنته المركزية، وفي الدولة وصولاً إلى رئاسة مجلس الشعب. وفي مطلع العام 2019، اتهم الحملات الانتقادية للحكومة بسبب تردي مستوى الخدمات العامة أو انعدامها بأنها «تدار من الخارج» فتلقى انتقادات حادة من الرأي العام الموالي بصدر رحب عربوناً لتفانيه في الإخلاص للنظام.

حمودة الصباغ هذا أعلن، إذن، عن وصول ستة طلبات ترشيح إلى رئاسة مجلس الشعب للنظر في صلاحيتها قبل إقرارها، بينها طلب من بشار الأسد الذي تأخر عن زملائه الراغبين في المنصب ليرفع من منسوب التشويق لدى الرأي العام. وهو تشويق متلف للأعصاب في البيئة الموالية التي ترى فيه المنقذ. ماذا لو استنكف عن ترشيح نفسه؟ ما هو مصير البلد إذا خيب آمال عشاقه واكتفى بالسنوات الواحدة والعشرين التي أمضاها في تحمل العبء الصعب؟ في وقت تصحرت فيه سوريا ولم يبق لبشار أي بديل قادر على حمل عبء المسؤولية؟

إذن تنفس الموالون الصعداء لأن بشاراً لم يتخل عنهم وعن سوريا في هذا المنعطف المصيري، ووافق على الاستمرار في إنقاذ البلد إلى الأبد. أما فوزه في الانتخابات المتوقع إجراؤها بعد نحو شهر من الآن فهو مضمون بالنظر إلى شعبيته الجارفة وإنجازاته التاريخية في العقدين المنصرمين، كما بالنظر إلى منافسيه المحتملين الذين لا يعرفهم أحد. لذلك فلا خشية على مستقبل سوريا ما دام بشار يرتضي الاستمرار في حكمها.

ولكن، ما دام الأمر كذلك، لماذا إذن كل تلك الاشتراطات في الترشح لرئاسة الجمهورية؟ ما المغزى من اشتراط حصول طالب الترشح على تزكية 35 من أعضاء مجلس الشعب؟ لا بد أن سبب ذلك هو تعزيز الحيثية التمثيلية للمرشح وتقوية حظوظه في «السباق الرئاسي». وما معنى اشتراط أن يثبت المرشح أنه كان مقيماً بصورة متواصلة في سوريا طوال السنوات العشر السابقة على ترشحه؟ هل ثمة خشية من أن يرشح سوري «من الخارج» نفسه للرئاسة؟ وماذا لو فعل؟ فهو لن يحظى بتزكية 35 من أعضاء مجلس الشعب على أي حال. أي أن أحد الشرطين السابقين كاف لوحده لقطع الطريق على أي ترشيح غير مرغوب فيه. وضع الشرطين معاً يشبه أن يهرب المرء من المطر إلى داخل البيت ويفتح مظلته أيضاً، فلا شيء يضمن ألا يتسرب المطر من خلال السقف الاسمنتي، على رغم وجود عدة طوابق فوق البيت.

أضف إلى ذلك أنه حتى النازحين السوريين في «لبنان الشقيق» سيحظون بممارسة حقهم الانتخابي، كما رأينا في الانتخابات السابقة في العام 2014، هذا لكي لا نتحدث عن ملايين الناخبين الذين سيصوتون لبشار داخل مناطق سيطرة النظام. فلا خشية عليه من التعثر في السباق في جميع الأحوال. ما يثير الاستغراب إنما هو كل تلك الاحتياطات المتخذة لضمان فوزه على رغم أنه مضمون. ترى هل الغاية من ذلك هي إثارة التشويق ليقال إن هناك تنافساً حاداً بين المرشحين، الأمر الذي يعني إضفاء كساء ديمقراطي على عملية لا علاقة لها بإرادات الناخبين؟ أي اكتساب شرعية ديمقراطية تضاف إلى شرعيته الشعبية والثورية؟ (فالرجل قد حقق ثورةً كوبرنيكية في سوريا التي حولها إلى خرابة وتغييراً ديموغرافياً ثورياً تخلص بموجبه من السكان الفائضين عن الحاجة).

لا غرابة في كل ما سبق، فهذا هو نظام الأسد كما يعرفه العالم ويقبل به، بل يعمل لإنعاشه من غيبوبة الموت. لكن هذه الانتخابات المفعمة بالتفاصيل السوريالية التي أشرنا إلى بعضها فقط، تعني أيضاً أن النظام يمد لسانه ليس فقط للسوريين الذين اكتووا بناره، بل أيضاً للمجتمع الدولي، فيقول لهما: هذا أنا وليس لديكم خيار آخر غير القبول بي كما أنا. لتبلوا قرارات مجلس أمنكم وتشربوا ماءها.

كاتب سوري

القدس العربي

———————–

“تعويم” الأسد بدولارات المُهجّرين/ إياد الجعفري

لا يبدو أن نظام الأسد مهتم بالأصوات الانتخابية للاجئين والمغتربين السوريين في الخارج. لكنه مهتمٌ للغاية، بدولاراتهم. أما أصواتهم “الانتخابية”، فهو يريد تقليصها، كما يشير التوجيه الحكومي بعدم تمكين من خرج بصورة غير شرعية من البلاد، من ممارسة “حقه الانتخابي”. وهذا التوجيه من جانب النظام، لا يأتي خشيةً من أن يتعرض لـ “هزة انتخابية” إذا صوّت عدد كبير من المناوئين له بالخارج. فالجميع يعلم أن “الانتخابات” القادمة في سوريا، مسرحية، يتم الإعداد لها لأسباب “سيكولوجية” موجهة للسوريين أنفسهم، وسياسية موجهة للقوى الخارجية المعنية بالشأن السوري. أما التوجيه المشار إليه، فلا يعدو كونه رسالة لمن يهمه الأمر، بأن “دولة الأسد”، ستبقى هي الجلّاد والحَكَم في آن، وأن من فرّ من طغيانها، بصورة غير شرعية، حتى لو كان ذلك بغية النجاة بحياته، لا يستحق نيل “شرف” المشاركة بـمسرحية “الانتخابات” التي يتم الترتيب لها. إنه جانب من الغاية السيكولوجية المرتبطة بهذه “الانتخابات”، وهي تأكيد سطوة النظام على السوريين، في الداخل والخارج أيضاً، بوصفه يمثّل “شرعية الدولة” ويحتكر سطوتها القانونية.

ومما يؤكد عدم اهتمام نظام الأسد بالأصوات الانتخابية لمن هم في الخارج، تلك السابقة التي حدثت عام 2014، حينما أعلنت وزارة خارجية النظام، وبكل شفافية، أن عدد من شارك في “الانتخابات الرئاسية” حينها، خارج سوريا، كانوا حوالي 200 ألف سوريّ فقط، وذلك من أصل نحو 7 ملايين لاجئ سوريّ يتمتع نصفهم تقريباً بحق التصويت. أي أن حوالي 6% فقط، ممن كان يحق لهم التصويت، خارج سوريا، شاركوا يومها في “الانتخابات”. وأعلن النظام حينها، الأمر، على الملأ. في حالة جليّة من اللامبالاة. وهو ما سيتكرر هذه المرة أيضاً.

أما حينما نتحدث عن “دولارات” سوريي الخارج، يختلف موقف النظام. فهو يرحب بها بحرارة. سواء عبر الحوالات المرسلة الى سوريي الداخل، أو عبر المعاملات واستصدار الأوراق والوثائق القانونية التي يضطر السوريون للحصول عليها في سفارات بلادهم بالخارج، والتي تشكل مورداً مهماً من موارد القطع الأجنبي، الذي يدخل خزينة نظام الأسد، بشكل دوري. وبهذا الصدد يمكن الإشارة إلى آخر إحصائية على هذا الصعيد، حينما ذكرت وزارة داخلية النظام، في تصريح رسمي، أن إيرادات استصدار جوازات السفر، فقط، بلغت حتى نهاية الربع الثالث من عام 2020، حوالي 22 مليون دولار أمريكي.

لكن الكنز الأكثر أهمية، هو حوالات السوريين في الخارج، التي شكلت طوق نجاة لليرة الغارقة، مؤخراً، حينما أعاد النظام توجيه قنوات دخول تلك الحوالات إلى مكاتب وشركات الصرافة المرخصة، المتعاملة معه، عبر رفع “دولار الحوالات” إلى 2500 ليرة، وإتاحة المجال لتلك المكاتب، كي تشتري “دولار الحوالات” بأرقام أكبر من ذلك، بضوء أخضر منه. وهكذا عاد ذلك الشريان المهم ليصب في خزينة النظام مجدداً، بمعدل 10 ملايين دولار أمريكي، يومياً، خلال شهر رمضان الجاري، حسب تقديرات خبراء.

وحالما خرجت الليرة السورية من مستنقع انهيارها الأخير، وسجلت سعراً غير مسبوق منذ طرح ورقة الـ 5000 الجديدة، قبل ثلاثة أشهر، أعلن النظام أن “رئيسه” تقدم بطلب ترشيحه لرئاسة الجمهورية في “الانتخابات” القادمة. وبذلك يكون الأسد قد عوّم نفسه مجدداً، لكن هذه المرة، باستخدام “دولارات” سوريي الخارج، الذين هجّر غالبيتهم، ومنع جزءاً كبيراً منهم من المشاركة في مسرحية “انتخابه”.

لكن أحد الأسئلة التي تستحق الوقوف عندها، والتي تُطرح للنقاش في أوساط السوريين هذه الأيام، هل يحتاج الأسد حقاً إلى “انتصار اقتصادي”، من قبيل تحسن سعر الصرف، كي يُقدم على عملية “انتخابية” يعلم الجميع، بمن فيهم أنصاره، أنها محسومة مُسبقاً؟

الجواب ببساطة يرتبط بما يُعرف بـ “صناعة الصورة الذهنية” للديكتاتور. فالأسد كان بحاجة ملحة لترميم هذه الصورة في أوساط أنصاره، بعد الانهيار المعيشي غير المسبوق الذي انحدرت إليه أوضاع غالبية السوريين في مناطق سيطرته. وأكثر ما يعني الأسد، بهذا الصدد، حاضنته، تلك التي نازعه الزعامة المطلقة عليها، منذ مدة قصيرة، ابن خاله، رامي مخلوف، قبل أن يختفي –لأسابيع- عن المشهد. وكان رامي يضرب على الوتر الاقتصادي. وكما هو معلوم، فالديكتاتور لا يعمل نيابةً عن أكثرية مواطنيه، بل يعمل لصالح حفنة محدودة من الشعب، تلك التي تشكل مصدر دعمه وقوته القسرية في الجيش والأمن. وحينما ترتفع كلفة دعم الديكتاتور، على داعميه، يصبح احتمال انقلاب أولئك الداعمين عليه، أمراً وارداً. ورغم ضآلة تلك الاحتمالية في حالة الحاضنة الشعبية للأسد الممثلة بصورة رئيسية في الطائفة العلوية، فمن الطبيعي أن تكون ذلك الاحتمال، هاجساً نال من تفكير الأسد في الأشهر القليلة الفائتة. وإلا، فكيف نفسّر الإعلان عن إصابة الأسد وزوجته بـ “كورونا”، وهي تقنية معروفة من تقنيات الدعاية السياسية، عبر توظيف المرض، واستخدام المآساة الشخصية في كسب التعاطف ولفت الأنظار، وتدعيم الصورة الذهنية للديكتاتور، بأنه قريب من الشعب، ويعيش كواحدٍ منهم، ويجري عليه، ما يجري عليهم.

وكما تم توظيف مرض الأسد المزعوم، وقبله، الوعكة العابرة التي ألمت به في خطابه أمام مجلس الشعب في الصيف الفائت، تم توظيف الهبوط بسعر صرف الدولار من حدود 4800 ليرة إلى أقل من 3000 ليرة، بوصفه إنجازاً للأسد، تم بإدارة وتوجيه ومتابعة شخصية منه، وفق ما دأبت على الترويج له وسائل إعلام النظام، خلال الأيام القليلة الفائتة. بينما الحقيقة، أن حوالات مهجّري سوريا ومغتربيها، هي التي أعادت تعويم الليرة، والأسد معاً. وهذا التعويم مؤقت، وهذا ما يتضح من مواقف التجار في السوق السورية، الذين يرفضون الهبوط بأسعار سلعهم، مشيرين في أكثر من حديث صريح، مع بعضهم، إلى أنهم يرجحون بشدة، ارتفاع الدولار بصورة كبيرة، حالما تنتهي مسرحية “انتخابات” الأسد. وحينها، سيلجأ النظام إلى الحديث عن المؤامرة الخارجية “الحاقدة” على “التفاف” الشعب من حول الأسد، و”تصويت” غالبيتهم لصالحه، بوصفها السبب في التدهور المرتقب لليرة السورية.

المدن

————————–

بشار الأسد مرشحاً للانتخابات: مسرحية وخمسة “كومبارس” إلى الآن/ عماد كركص

لا يشكل ترشح بشار الأسد لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة في سورية حدثاً مفاجئاً، إذ ينظر السوريون، معارضين ومؤيدين، ومعهم المجتمع الدولي الضالع في إيجاد حل للأزمة السورية المستمرة منذ عشرة أعوام، بأن الانتخابات ليست سوى محطة للتجديد للأسد لولاية رئاسية رابعة مدتها سبعة أعوام، بحسب الدستور الحالي، الذي كان الأسد نفسه فرضه في العام 2012، بعد اندلاع الثورة السورية بعام، وأجرى له استفتاءً شكلياً لم يحظ بمشاركة الغالبية العظمى من السوريين. 

وأعلن اليوم رئيس مجلس الشعب (البرلمان) التابع للنظام، حمودة الصباغ، ترشح بشار الأسد للانتخابات، مشيراً إلى أنه “ورد إلى المجلس كتاب المحكمة الدستورية العليا رقم /6/ والمتضمن الطلب المقدم من بشار بن حافظ الأسد بترشيح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية العربية السورية وقد سجل الطلب لدى المجلس في سجل خاص برقم 6”. 

وبحسب الدستور الحالي، يتطلب أن يحصل طالب الترشيح على تأييد خطي من 35 عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب، ولا يجوز لعضو مجلس الشعب أن يمنح تأييده إلا لمرشح واحد. ومنذ إعلان موعد الانتخابات يوم الأحد الماضي، وفتح باب الترشح اعتباراً من يوم الاثنين الماضي، ورد إلى مجلس الشعب عبر المحكمة الدستورية العليا، ستة طلبات للترشح، كان آخرها طلب بشار الأسد، فيما لا يزال باب الترشح مفتوحاً. 

ويعاند الأسد وحلفاؤه، وبالأخص الروس والإيرانيين، تطلعات المجتمع الدولي، لا سيما الدول الغربية الراغبة بتنفيذ القرار الدولي 2254 حيال الأزمة السورية، بما يتضمن انتقالاً سياسياً وصياغة دستور جديدٍ للبلاد، ومن ثم إجراء انتخابات بموجب الدستور الجديد، لكن الأسد ونظامه، وبمساندة واضحة من حليفيه، أمعنوا في المراوغة والمماطلة في الجلوس جدياً إلى طاولة التفاوض السياسية بمسارات مختلفة، فتمكنوا من القفز على السلة الأولى في القرار الأممي 2254، وهي مرحلة الحكم الانتقالي، والذهاب لسلة كتابة الدستور، وفي هذا المسار استخدم النظام كل طاقاته في سبيل تعطيل انعقاد اللجنة بداية، حوالي عام ونصف، من ثم عرقل أعمالها وجولاتها الخمس التي لم تسفر عن نتائج تذكر، نتيجة طرح وفد النظام مواضيع غير دستورية للنقاش بهدف كسب الوقت والوصول إلى الانتخابات الرئاسية، ما أضاع عاماً ونصف آخر، منذ انعقاد أول جولة للجنة وحتى اليوم. 

منافسون “كومبارس”

وطوال خمسين عاماً من حكم النظام الحالي للبلاد، كانت الانتخابات الرئاسية، وحتى البرلمانية، شكلية بلا نتائج حقيقية، كونها تعكس ما تمليه فروع الأمن التي تعد القوة الضاربة للنظام، لا ما تقتضيه رغبة المواطنين السوريين في من يحكمهم، إذ ثمّة شرخ بين شرائح واسعة من عموم الشعب والنظام ظلّ يتّسع ويتعمّق منذ وصوله للحكم نهاية ستينيات القرن الماضي وحتى اندلاع الثورة عام 2011، وارتكاب النظام مجازر فظيعة بحقه على كامل الجغرافية السورية.

ويستحضر السوريون المناصرون للثورة ما يصفونها بأنها مسرحية هزلية التي جرى خلالها التجديد للأسد في انتخابات عام 2014. حينها اضطر النظام، للمرة الأولى، للاستعانة بمرشحين إلى جانب الأسد، للقول إن الانتخابات تنافسية وديمقراطية، لكن الجميع كان يعلم أن المرشحين، حسان النوري وماهر حجار، ليسا سوى ممثلين من صنف “كومبارس” دفعت بهما أجهزة المخابرات للترشح وإتمام المسرحية، التي بدت ركيكة النص والحبكة والإخراج. 

كل المرشحين المنافسين للأسد ليس لهم حضور ووزن في المشهد السياسي في سورية، سواء ضمن المعارضة أو الموالاة، ويشار إلى أغلبهم بأنهم أبدوا مواقف مؤيدة للأسد منذ اندلاع الثورة السورية

وعلى المنوال ذاته، تسير الانتخابات هذه الدورة، فالمرشحون المنافسون من ذات نوعية المرشحين في الانتخابات الماضية، إن لم يكونوا أقل جودة، فكل من عبد الله سلوم عبد الله، ومحمد فراس ياسين رجوح، وفاتن علي نهار، ومهند بن نديم شعبان، ومحمد موفق صوان، ليس لهم حضور ووزن في المشهد السياسي في سورية، سواء ضمن المعارضة أو الموالاة، ويشار إلى أغلبهم بأنهم أبدوا مواقف مؤيدة للأسد منذ اندلاع الثورة السورية، ما يؤكد فرضية خروج أوامر ترشيحهم من أفرع المخابرات.

معارضة دولية وعدم اعتراف بالشرعية

دولياً، خرجت تصريحات لاذعة من دول غربية معارضة للانتخابات، مشيرة إلى عدم شرعيتها وشرعية نتائجها المستقبلية، واتخذت مؤخراً الولايات المتحدة الأميركية موقفاً حازماً حيال الانتخابات، بعد أن أعلن نائب المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة، جيفري ديلورنتس، نهاية الشهر الماضي، عن موقف إدارة الرئيس جو بايدن حيال الانتخابات، مشيراً إلى أن الإدارة “لن تعترف بنتائج الانتخابات في سورية إذا لم يتم التصويت تحت إشراف الأمم المتحدة، وتراعَ وجهة نظر المجتمع السوري بأسره”. وأكد ديلورنتس أن النظام السوري ينوي استغلال الانتخابات لتأكيد شرعية رئيس النظام بشار الأسد.

ويتطابق مع الموقف الأميركي، موقف أوروبي صارم، لا سيما من فرنسا وألمانيا ورئاسة الاتحاد الأوروبي، برفض الانتخابات ونتائجها المستقبلية، دون التوصل إلى حل سياسي شامل في البلاد، تكون مصدره الأروقة الأممية وطبقاً للقرارات الدولية وأولها القرار 2254 للعام 2015، الذي يقضي بأن تكون هناك هيئة حكم انتقالي تحضر لدستور جديد للبلاد والإعداد للانتخابات ومن ثم إجراءها تحت إشراف الأمم المتحدة.

غياب الناخبين

ويصر الأسد والنظام على إجراء الانتخابات رغم نزوح أكثر من عشرة ملايين سوري عن مساكنهم الأصلية، ولجوء نصفهم إلى خارج البلاد، فيما يقبع النصف الآخر في مخيمات اللجوء كنازحين نتيجة تعاظم القبضة الأمنية والعسكرية في مناطقهم جراء المعارك، أو يقطنون في مناطق سيطرة المعارضة، ويتوزع حوالي خمسة ملايين آخرين بين مناطق سيطرة المعارضة في كل من إدلب وشمال حلب، ومناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” الكردية شمال شرق سورية، ما يعني أن نحو ربع السكان فقط لا يزالون في مناطق سيطرة النظام التي يستطيع الأسد نشر صناديق الانتخابات فيها. 

وحتى 14 تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، سجّلت “المفوضية العليا لشؤون اللاجئين” التابعة للأمم المتحدة، 5,570,382 لاجئاً سورياً؛ 3,626,734 منهم في تركيا، و879,529 في لبنان، و659,673 في الأردن، و242,704 في العراق، و130,085 في مصر، و31,657 في دول شمال أفريقيا (تونس، الجزائر، المغرب، ليبيا، السودان)، وذلك استناداً إلى الإحصائيات الرسمية والأعداد المسجلة لدى المفوضية فقط، إذ تقول الدول إنّ الأعداد الحقيقية أكبر من ذلك، وإن جزءاً كبيراً من اللاجئين غير مسجّل.

ولا تشمل هذه الإحصائية اللاجئين في أوروبا، الذين يفوق عددهم المليون، إذ تستضيف ألمانيا بمفردها 600 ألف لاجئ سوري. هذا عدا عن النازحين داخلياً والمهجرين قسراً، الذين يبلغ عددهم نحو 6 ملايين، ما يعني أنّ نصف السوريين اليوم بعيدون عن بيوتهم.

ويرى عبد المجيد بركات، عضو الهيئة السياسية في “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، أن “هذه الانتخابات ليست سوى محاولة فاشلة من قبل النظام وحلفائه لإعادة تعويمه على المستوى الداخلي والخارجي، والظهور بمظهر المتعافي بعد الحرب الطاحنة التي أنهكت البلاد”. ويضيف بركات، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “الانتخابات وسيلة أيضاً للتهرب من الاستحقاقات الداخلية الملقاة على عاتق النظام لا سيما بعد تردي الوضع المعيشي، من تأمين أبسط مستلزمات الحياة للمواطنين في مناطق سيطرته، بالإضافة للتهرب من الاستحقاقات الخارجية، المتمثلة بالحل السياسي للأزمة السورية”. 

وينوه بركات إلى أن “النظام يجري الانتخابات دون أي صفة من صفات الشرعية أو أهلية قانونية لذلك، سيما مع عدم سيطرته على كامل المساحة الجغرافية في البلاد، بالإضافة لارتكابه جرائم حرب ضد المدنيين خلال السنوات العشر الماضية، كما يفقد التأييد الدولي لهذه الانتخابات طالما أنها تجرى خارج إطار القرار الأممي 2254، كما أن النظام غير قادر على الالتزام بالحقوق الانتخابية للناخبين في خارج مناطقه، فأكثر من ثلثي السوريين اليوم خارج مناطق سيطرة النظام؛ إما داخل سورية أو خارجها، وهم إما غير قادرين على الانتخاب أو غير قادرين على الترشح لتلك الانتخابات بحكم قانون الانتخابات الهزيل”.

العربي الجديد

—————————-

ترحيب بتجريد سورية من حقوق التصويت في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية/ وسام سليم

توالت ردود الأفعال على الخطوة التي اتخذتها الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أمس الأربعاء، بتجريد سورية من حقوق التصويت في المنظمة، بعدما تبين أن قوات النظام السوري استخدمت مراراً غازات سامة ضد المدنيين السوريين.

ورحب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، بالقرار، مشيراً إلى أنّ نظام بشار الأسد استخدم “السلاح الكيميائي 50 مرة”.

وقال برايس، في إحاطة صحافية: “هذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مثل هذا القرار بحق بلد ما. وترحب الولايات المتحدة بقرار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وتعرب عن امتنانها للمجتمع الدولي، لالتزامه المستمر بدعم المعايير الدولية ضد استخدام الأسلحة الكيميائية”.

ورحب الاتحاد الأوروبي بالقرار، وقال في بيان صدر عنه، إنه “بمثابة رسالة قوية ضد الإفلات من العقاب”، مشيراً إلى ما وصفه بـ”إخفاق النظام السوري في الامتثال لمعاهدة الأسلحة الكيميائية”.

وحثّ البيان النظام السوري على “الكشف بشكل كامل عن نطاق برنامجه للسلاح الكيميائي والعودة للامتثال التام بالمعاهدة”.

في المقابل، أدانت وزارة خارجية النظام السوري، في بيان نقلته وكالة الأنباء “سانا” التابعة له القرار، ووصفته بأنه “سابقة خطيرة في تاريخ المنظمة”.

وقالت خارجية النظام إن القرار يشكل “تطوراً خطيراً في مسيرة عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ويتنافى مع ميثاقها، وهو بذات الوقت خطوة عدوانية ضد دولة طرف في الاتفاقية”.

من جانبه، اعتبر المندوب الروسي لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ألكسندر شولغين، أنّ القرار الغربي في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ضد سورية “يشير إلى أن هذا الهيكل قد تحول إلى أداة سياسية وينتهك قواعد القانون الدولي”.

ونقلت وكالة “تاس” الروسية عن شولغين قوله إنّ ما حدث اليوم داخل أسوار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية “سيكون مخجلاً، ليس فقط بالنسبة إلينا وإلى البلدان التي صوتت ضد هذا القرار، ولكن أيضاً للعديد من أولئك الذين أيدوه”.

في سياق متصل، أعلن رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، فولكان بوزكير، أنّ الجمعية العامة بدأت اتخاذ الخطوات الأولى لتحقيق العدالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في سورية.

وقال بوزكير، خلال جلسة للجمعية العامة عقدت الأربعاء لمناقشة الصراع في سورية، وسبل التحقيق مع الأشخاص المسؤولين عن أخطر الجرائم المرتكبة فيها ومقاضاتهم إن “اللجنة مفوضة بجمع الأدلة المتعلقة بانتهاكات القانون الإنساني الدولي لتسهيل الإجراءات الجنائية العادلة في المحاكم”.

وطالب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء بمواصلة دعم الآلية وتمويلها بشكل كاف، مشدداً على أن “المساءلة والعدالة النزيهة والشاملة هي من بين الشروط المسبقة للمصالحة والعملية السياسية في سورية”.

كذلك أعرب المسؤول الأممي عن أمله في أن تستمر عمليات المساعدة الحاسمة عبر الحدود التي تقوم بها الأمم المتحدة، والتي تعد شريان حياة للملايين في شمال شرق سورية، دون انقطاع، داعياً الدول الأعضاء المعنية إلى ضمان تمديد ولاية تلك العمليات إلى ما بعد يوليو/ تموز.

————————-

واشنطن تنسحب من مسار أستانة السوري

أعلن السفير الأميركي في كازاخستان وليم موزير أن بلاده لا تخطط للعودة كمراقب إلى مسار أستانة، وتعتبر محادثات جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة أفضل طريقة للحل في سوريا.

وقال السفير في إحاطة عبر الفيديو: “نعتقد أن صيغة جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة هي أنسب عملية لحل هذا الصراع. لذلك، لا نريد أن نكون مراقبين في عملية أخرى بعد الآن”.

ولم تشارك، واشنطن في مع إيران وروسيا وتركيا في مسار أستانة حول سوريا، في 15 شباط/فبراير، وتحدث مسؤول أميركي فضل عدم ذكر اسمه لقناة “الحرة” الأمريكية، أن “المسار الوحيد لإنهاء النزاع في سوريا يمر عبر العملية السياسة التي تسهلها الأمم المتحدة في جنيف بموجب القرار 2254”.

من جهة ثانية، رحبت الولايات المتحدة بقرار منظمة حظر الأسلحة الكيماوية حول سوريا، مؤكدة أن نظام الأسد استخدم السلاح الكيماوي 50 مرة.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس في إيجاز صحافي: “نظام الأسد استخدم السلاح الكيماوي 50 مرة ونرحب بقرار منظمة حظر الأسلحة الكيماوية المتعلق بسوريا”.

وشدد على أن المجتمع الدولي سيواصل “التزامه في تطبيق المعايير الدولية ضد استخدام الأسلحة الكيماوية الذي يشكل تهديداً أمنياً خطيراً للجميع”.

وكانت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية صوتت في وقت سابق الأربعاء، على تجريد سوريا من حقوقها بالمنظمة بعدما أكد تقرير مسؤولية نظام الأسد في عدد من الهجمات بأسلحة كيماوية.

———————————

أنا كاليغولا .. انتخبوني !/ صالح الحاج صالح

بين خطاب القسم لبشار الأسد في 10 – 7 – 2000 م وحملة الترشيح التي يقوم بها اليوم لتولي فترة رئاسية رابعة، يكون قد مرت على السوريين وبلدهم 21 سنة وبين قَسمه برعاية مصالح الشعب وسلامة الوطن في ذلك الخطاب، وحصيلة اليوم التي أدت إلى قتل ما يقرب من المليون ضحية، وتهجير 13 مليون سوري من بيوتهم، ومليوني مشوّه حرب، وخمسة احتلالات، تكون سورية وسكانها قد دخلوا ببداية العقد الثالث تحت حكم الوريث، وبين قوله في ذات الخطاب أنه لا يملك عصاً سحرية لتحقيق المعجزات، ووضوح أنه يمتلك هراوة غليظة حطم بها سورية لتُحتَلّ تحت ظلّه، وسِنيّ حكمه، المرتبة الأخيرة في العالم بكل مقومات الحياة، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا غذاء ولا تعليم ولا صحة . فمن يرصد فترة حكم الوريث، وخاصة خلال العقد الأخير، سيجد أنه عبارة عن كاريكتر لطاغية تم تجميعه من بقايا خردة لطغاةٍ سبقوه، فمن هذا برغي، ومن ذاك سلك، ومن آخر ذراع معدنية، ومن رابع وخامس وسادس .. بطارية وعزقة ورنديلة تمّ تلحيمها وتوصيلها مع بعضها البعض للحصول على طاغية صغير، مليء بالشر والحقد. فقد حصل على حركة الأيدي البلهاء من هتلر، ومن دكتاتوريات أميركا الجنوبية خلال فترة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي استمدّ فكرة الحماية والوصاية، وجعل سورية حديقة خلفية لروسيا وإيران، ونقل عن صدام حسين ترويع محكوميه وأهل بلده بقصفهم بالسلاح الكيماوي. وقلّد ستالين الذي كان يرسل الوثائق والمستندات لذوي المعتقلين والمخفيين في سجون الغولاغ لمن تم قتله وإعدامه، وهم مئات الألوف، على أن أولادهم ماتوا دفاعاً عن الاتحاد العظيم، ودفنوا في ساحات الشرف، كي يقطع عليهم الطريق، ولا يسأل أحداً عن ابن أو زوج أو أخ اختفى، أو كيف مات. كذلك فعل الطاغية الصغير بشار بإصدار آلاف التقارير الطبية لأهالي المعتقلين على أن ابنهم مات بسكتة قلبية- يا للصدفة، فالكل مات بنفس الطريقة – كي لا يستفسر أحد عن سبب الوفاة، ولا لماذا مات ؟ أما القالب الذي وضعت فيه كل هذه الخردة، المسماة بشار الأسد ،هو قالب الإمبراطور الروماني كاليجولا الذي حكم روما لمدة خمس سنوات بين عامي 37 – 41 ميلادي، ورغم أن بينهما التاريخ الميلادي بكامله لكن التشابه بينهما مغرٍ للمقارنة . – – فمثلاً يُنقل عن كاليجولا أنه كثيراً ما ينفجر ضاحكاً أمام الحاضرين مهما كانوا- قناصل دول، أعضاء مجلس شيوخ، قادة عسكريين – بدون سبب !.. ومرة تجرّأ أحد أعضاء مجلس الشيوخ بسؤاله عن سبب ضحكه ، فقال له : ” الأمر بسيط، أضحك من فكرة أنني أستطيع بإيماءة واحدة أن أرى رؤوسكم تتدحرج أمامي ” بهذا التجسيد وجد بشار الأسد نفسه عندما ينفجر ضاحكاً، مفاجئاً مستمعي خطبه أو أمام صحفيين يجرون معه مقابلة ، يضحك على نكتٍ يقولها هو، ويضحك عليها لوحده، وفي ذات الوقت الذي يضحك ضحكته البلهاء يسقط عشرات السوريين غرقى بدمائهم، وتتناثر أشلاء أجسادهم في الطرقات، أو يدفنون تحت ركام بيوتهم بأوامر منه ! – ويقال أنه استبدّت بكاليغولا فكرة أنه إله على الأرض، وملك هذا العالم بأسره، ويفعل ما يحلو له، لكن سنيّ حكمه القصير لم تحقق له من أمانيه سوى نحت عشرات التماثيل التي احتلّت الفضاء العام لمدينة روما، وكانت تراقب الناس في غدوهم ورواحهم .في هذا الجانب تفوق بشار الأسد على القالب الذي وضع به وضاق عليه، عندما أثلج قلبه قول عضو مجلس الشعب : (قيادة سورية والوطن العربي قليل عليك، وأنت لازم تقود العالم يا سيدي الرئيس )، مما جعل أحد صحفييه يصرخ بوجه السوريين “يتغير نظام الكون، وتشرق الشمس من الغرب وتغيب في الشرق، ولا يتغير الرئيس بشار الأسد، ليتبعه آخرون ويعلنون بشار الإله الذي يعبدون، وفرضوه على الناس، فقد تم تسريب فيديوات يظهر فيها جنده، وهم يجبرون بعض الناس على قول ( لا إله إلا بشار)، كما انتشرت صور لمؤيّديه، وهم يسجدون لصوره ويصلون له..! أما الثالثة التي سعى بشار ليكون كاليغولا عصره ، هي اشتراكهما في امتلاك كل ما تطاله أيديهم وما تراه أعينهم ، فمرة طلب كاليغولا القمر، لا لشيء سوى لأنه من الأشياء التي لا يملكها. ولهذا استبد به الحزن حين عجز عن الحصول عليه! بينما بشار الأسد وعائلته كانوا متواضعين لمعرفتهم باستحالة الحصول على القمر وعدم أهمية فائدة الحصول عليه، فاستبدلوا القمر بالحصول على سورية، وكان ذلك ، فقد أصبحت الغابات والجامعات والشوارع والساحات والمدارس والحدائق والثروات والمطارات والمزارع والجنود لهم و بأسمائهم، وحتى الأجنة بأرحام أمهاتهم كانت ملكاً لآل الأسد ( من يريد امتلاك المستقبل عليه امتلاك الجيل ) قول لحافظ الأسد. ملكهم هذا أسموه” سورية الأسد ” تصرفوا به كما يريدون، استثمروه وعصروه حتى آخر نقطه، وباعوه بالجملة والمفرق لمن يرغب، وعندما شعروا أن ملكهم قد يخرج من أيديهم حطموه . أما الخاطر الذي مرّ بذهن كاليغولا وتفعيله للسرقة العلنية في روما – بالطبع كانت مقصورة عليه وعلى حاشيته، ومن يسرق من العامة يرمى من ظهر جبل – ولما قل ّ ما يسرق، أجبر في فترة لاحقة كل أشراف روما وأفراد الإمبراطورية الأثرياء على حرمان ورثتهم من الميراث وكتابة وصية أن تؤول أملاكهم إلى خزانة روما بعد وفاتهم وبالطبع خزائنه هو، إذ أنه كان يعتبر نفسه روما. وكان في بعض الأحيان يأمر بقتل بعض الأثرياء حسب ترتيب القائمة التي تناسب هواه الشخصي، كي ينقل سريعاً إرثهم إليه دون الحاجة لانتظار الأمر الإلهي. وكان يبرّر ذلك بعبارة شهيرة جداً: ” أما أنا فأسرق بصراحة ” .. اليوم بشار الأسد وزوجته وعائلته الصغيرة والمقربين منهم بعد نهبهم لأموال سورية وتبديد ثرواتها، باشروا في الاستيلاء على أموال ” الحاشية “شركاء الأمس، معتبرين أنفسهم سورية، وورثة كل فاسديها ومفسديها، معتمدين على المقولة الدارجة ” السارق من السارق كالوارث من أبيه ” مقابل عبارة كاليجولا ” أما أنا فأسرق بصراحة ” .. ، وحتى التلاعب بمشاعر الناس الذين أفسدوا كاليجولا المضطرب نفسياً، وجعلوه يتمادى بظلمه وقسوته بصمتهم وجبنهم وهتافهم لكل ما يقوم به حرفياً، جبناً أو طمعاً ، فذات مرة خرج كاليجولا بخدعة أنه يحتضر وسيموت، ومن لروما بعده، ولا يوجد بديل؛ فبادر عدد غير قليل من الحاشية وسكان روما بالدعاء له بالشفاء، وأعربوا عن استعدادهم للتضحية من أجله، وهتفوا أن روحهم فداءً له. وعندما خرج من مخبئه بعد فترة ليبشّرهم إنه لم يمت، أجبر من أعلن عن فدائه على الوفاء بما وعد ! وعقب على ذلك بقوله ” غريب أنني إذا لم أقتل أحداً أشعر أنني وحيد ” ، فقد فعل بشار الأسد ذات الأمر، عندما دفع مئات الآلاف الذين هتفوا له ( بالروح بالدم نفديك يا بشار) بالوفاء بما وعدوا، وزجّهم بمقتلة مستمرة منذ عشر سنوات، وأهدى كل روح فدته ” ساعة حائط ” ، وكي لا يشعر بالوحدة القاتلة كما شعر بها مثاله، يقوم بيده بالضغط على زر التفجير كي يقتل، ويؤنس وحدته، حتى إذا كان من خاصته ومن المقربين له .. تفجير خلية الأزمة مثالاً على ذلك. ما يثير في لحظة كاليجولا الأكثر جنوناً أنها ظهرت لدى بشار رغم الفارق الزمني بينهما 2000 سنة. صحيح أن بشار لا يمتلك جواداً يدخل به على الدوائر الحكومية، لكن لديه زوجة، وهي بمثابة ” تانتوس”. فذاك جواد كاليجولا، وهي زوجة بشار، وكلاهما الجواد والزوجة لا ميزة لهما إلا أنهما ملك لكاليجولا ولبشار؛ فالزوجة هنا أيضاً دخلت الدوائر الحكومية مع زوجها مثلما دخل ” تانتوس ” إلى مجلس الشيوخ في روما، وكلاهما – الجواد والزوجة – لا صفة رسمية لهما، ورغم ذلك الجواد احتل منصب عضو مجلس شيوخ، والزوجة دخلت الدوائر الحكومية والوزارات، و تربعت صورتها مع صورة زوجها على حيطان مكاتب النواب والوزراء والمديرين العامين وقادة الجيوش، وتلقّوا الأوامر من الزوجة بهز الرؤوس ، وعلت صورتها مع صور العائلة الشوارع والساحات، وهتفت الحاشية باسمها، وألهم حضورها قصائداً عن أناقتها ورقتها وبساطتها، قيلت على ألسنة الشعراء، وعُقدت ندوات تتكلم حسن تدبيرها ورجاحة عقلها، إنها ” تانتوس بشار”، ومثلما استلهم الرومان من عرف جواد كاليجولا عرفاَ يعلو خوذ جنودهم، استلهمت بيوت الأزياء والموضة من لبسها وتسريحة شعرها موديلات اجتاحت البلاد. ومن احتج على عضوية الجواد بمجلس الشيوخ كعضو إضافي أزيح، واحتل الجواد مكانه كعضو أصيل مكانه ، وكذلك من احتج على نفوذ الزوجة أزيح، واحتلت مكانه، ولو كان ابن خال ! لكن من المستدعي للاهتمام الفارق بالشعور بالأمان، حيث كان كاليجولا صريحاً في إجرامه لشعوره أن مزيداً من الإجرام يمنحه مزيداً من الأمان، وتجلى ذلك مرةً لما شعر بالضجر كإله وحيد، وأراد أن يشعر بقوته، ويمتحن إرادته، وأن كل أمور الحياة بيده ، جلس يراقب الناس بتلذذ، وهم يتعذبون ويموتون بالجوع بعد مصادرته الغلال وتخزينها في مخازنه ومستودعات الحاشية، وقال كلمته الشهيرة: ” سأحل أنا محل الطاعون، أما المقّلد فتأتّى أمانه من الإنكار، مزيداً من الإنكار مزيداً من الأمان، والجريمة والدمار الذي حققه لا وجود لها إذا أنكرها. هذا ظهر عندما عرض عليه صحفي الأمريكي صور قيصر، بقوله (من هؤلاء.. من تحقق من هذه الصور .. هل تحققت من هوية هؤلاء .. هذه مجرد مزاعم .. هذه بروباغندا من بلدك ومن المنظمات الدولية ..هي صورة فوتوشوب )، إنكار كامل كحال نعامة عندما تدفن رأسها بالرمل ، يزول الخطر، حتى عندما قال ( أنا أعرف ) عندما سأله أحد صحفييه عن جوع الناس ليقابل بها قول كاليغولا ” أنا الطاعون ” كانت نهاية حالة جنون كاليجولا عندما صاح أحد أعضاء مجلس الشيوخ ” إلى متى يا أشراف روما نظل خاضعين لجبروت كاليجولا” فاستجاب لصيحته أشراف روما وقضوا عليه وقتلوا حصانه. . ولما وصل الخبر إلى الشعب خرج مسرعاً، وحطّم كل تماثيل كاليجولا ومعها أيضاً تماثيل أفراد عائلته الكثيرة.. أما أمنية كاليغولا التي لم تتحقق رغم ما ألحقه من خراب وفوضى لبلده، وبقيت غصة في قلبه، ناجى نفسه وهو يداعب سيفه قائلاً : ” لو أن هذا الشعب برأس واحد لأقطعها بضربة سيف واحدة ” يقولها بشار الأسد بصيغة أخرى فترة رئاسية جديدة لأقضي على من تبقى من هذا الشعب.

* كاتب سوري – هولندة

————————————-

انتخابات الأسد بوابة التقسيم/ حسان الأسود

أعلن رئيس مجلس الشعب السوري حمودة صباغ قبل أيام فتح باب الترشّح للانتخابات الرئاسية في سوريا، وحدد يوم الانتخابات في 20 من أيار المقبل لمن هم غير مقيمين داخل سوريا وفي 26 من الشهر ذاته للمقيمين داخلها. إثر ذلك ترشّح عدد من السوريين والسوريات، من بينهم سيدة أعلنت أنّ هدفها من الرشّح ليس الوصول إلى سدّة الرئاسة، بل نيل شرف ذكر اسمها إلى جانب اسم بشار الأسد!

يعلم القاصي والداني أنّ هذه الانتخابات مجرّد إجراء شكلي لا أكثر، فالدستور المقرّ عام 2012 اشترط أن يكون المترشّح مقيماً في سوريا إقامة دائمة مستمرة لعشرة أعوام قبل الترشح، كما أنّ قانون الانتخابات الصادر عام 2014 يشترط أن يحصل المترشح على تأييد 35 عضواً من أعضاء مجلس الشعب، وهذان الشرطان لوحدهما كفيلان – من حيث القانون – باستبعاد أكثر من نصف السوريات والسوريين من ممارسة هذا الحق الدستوري، هذا إذا لم نأخذ بعين الاعتبار، باقي التفاصيل التي تتلخّص بسيطرة بشار الأسد شخصياً على مفاصل الدولة كاملة، من خلال أجهزة الأمن التي تدير هذه المسرحية الهزلية في الواقع.

رغم كلّ ما سبق ذكره، يتمسّك الأسد ونظامه بهذه الشكليات بوقاحة منقطعة النظير، وهو يستغلّ بهذا الأمر الرخصة الممنوحة له من المجتمع الدولي، باعتباره – رغم كل ما ارتكبه من جرائم بحق الإنسانية – لا يزال رئيساً معترفاً به وفق القوانين والأعراف الدولية. ولذلك نرى كيف بدأت السفارات السورية في بلدان العالم بالإعلان عن فتح أبوابها لاستقبال الناخبين لتسجيل أنفسهم وللمشاركة بالانتخابات لاحقاً، وهذا أمرٌ لا يمكن لأيّ دولة حسب القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية أن تمنعها من القيام به. كذلك كان لحلفائه الروس محاولات عديدة لفتح كوّة في جدار العزلة الدولية من بوّابة استعادة سوريا إلى حضنها العربي، ووجوب عودتها إلى جامعة الدول العربية، وكان لوزير خارجيتها لافروف جولة مطولّة بهذا الخصوص، في دول الخليج العربي إضافة إلى جمهورية مصر العربية.

لم يقتصر تحرّك الحلفاء الروس على الحراك الخارجي، بل بدأ جنرالاتهم بالتواصل مع وجهاء المجتمعات المحلية في مناطق سيطرة النظام، لحثّهم على المشاركة بهذه الانتخابات، ووصل بهم الأمر لأن يطلبوا من وجهاء مدينة بصرى الشام قبل أيام الخروج بمسيرة تأييد للأسد، الأمر الذي رفضه أهالي المدينة رفضاً قاطعاً، وأيّدهم بذلك كلّ أهالي حوران. وما يفعله الروس في الجنوب لا بدّ وأنهم يفعلونه أو يخططون لفعله في باقي المناطق شرقاً وغرباً وشمالاً. يضاف إلى ذلك كلّه محاولتهم مع شركائهم الإيرانيين إمداد حكومة الأسد ببعض أسباب البقاء من محروقات ومواد غذائية لتجاوز هذه المرحلة الحرجة. كذلك لعب النظام على ورقة إطلاق سراح بعض المعتقلين هنا وهناك لتنفيس الاحتقان الشعبي الهائل ضده.

يتمسّك الأسد ونظامه بهذه الشكليات بوقاحة منقطعة النظير، وهو يستغلّ بهذا الأمر الرخصة الممنوحة له من المجتمع الدولي، باعتباره – رغم كل ما ارتكبه من جرائم بحق الإنسانية – لا يزال رئيساً معترفاً به وفق القوانين والأعراف الدولية

لقراءة المشهد بشكل كامل، لا بدّ من الالتفات إلى مناطق الحكم الذاتي شمال شرقي سوريا ومناطق سيطرة المعارضة السورية شمال غربها ومناطق سيطرة هيئة تحرير الشام في إدلب. فالمنطقتان الأخيرتان لا يُتوقّع أن يكون بهما أي نشاط انتخابي على الإطلاق، فلا وصول لنظام الأسد لهما من جهة، ومن جهة ثانية أبدى السوريون المقيمون هناك رفضهم لهذه المهزلة بشكل قاطع، من خلال مشاركاتهم الفعّالة بحملة “لاشرعية للأسد وانتخاباته” التي أطلقتها بداية هذا العام بعض القوى السياسية وعلى رأسها المجلس السوري للتغيير.

لكنّ الصورة غير واضحة بعد بالنسبة لمناطق سيطرة مجلس سوريا الديمقراطي أو الإدارة الذاتية، التي أعلنت على لسان نائب رئيس الهيئة التنفيذية فيها، حكمت حبيب، قبل أسابيع، عن إنشائها مفوضية عليا للانتخابات، تمهيداً لإجراء انتخابات شاملة خلال المرحلة المقبلة في مناطق سيطرتها. فالمؤشرات تدلّ على المساعي الروسية لدى هذه الإدارة بالسماح لحكومة الأسد بفتح مراكز الاقتراع في مناطق سيطرتها. يُضاف إلى ذلك ما تداولته وسائل إعلام مختلفة من تصريحات منسوبة للسيدة جيهان أحمد الناطقة الرسمية باسم قوات سوريا الديمقراطية، من عدم ممانعة قسد دخول الجيش السوري إلى منبج، لمنع تركيا من السيطرة عليها بعد الانسحاب الروسي منها، مضيفة أنّ علاقتهم بالنظام كعلاقة الأبناء بأبيهم، وأنّ المشكلات بينهم تُحلّ ضمن إطار الأسرة الواحدة. ورغم أنّ المذكورة قد نفت ما نسب إليها، إلا أنّ ذلك لا يقطع الشك باليقين، بل يزيد الطين بلّة كما يقال، حول الموقف الحقيقي للإدارة الذاتية من هذه الانتخابات، ولا شكّ لدينا بأنّ هذه الإدارة لن تضيّع الفرصة لكسب مزيد من الاعتراف بها من قبل النظام، ما لم يتعارض ذلك بالطبع مع توجيهات الإدارة الأميركية الداعم الأول والأكبر لها ولمشروعها في سوريا.

دولياً أعلنت القيادة الأميركية وقيادة الاتحاد الأوروبي عدم اعترافهما المسبق بنتائج هذه الانتخابات، كما أعلنتا صراحة عن ارتباط مساهمتهما في عمليات إعادة الإعمار بتطبيق القرارات الدولية والبدء بعملية الانتقال السياسي وإنشاء هيئة الحكم الانتقالي. لن يكون بمقدور حلفاء النظام إعادة إعمار ما دمّرته حربهم، ولن تستطيع دول الخليج تقديم الدعم بهذا الشأن لاعتبارات كثيرة، لعلّ أهمها أنّ ذلك سيصبّ لا محالة بمصلحة عدوّها الأول إيران، كما أنّ إسرائيل لن تقبل أن يتمّ ذلك قبل التأكد من إخراج إيران من سوريا نهائياً، لكنها تخشى بكل وضوح من انعكاسات المفاوضات الجارية حول الملف النووي الإيراني على هذا الأمر، وهذا ما لمسناه جليّاً من خلال منشورات مراكز الدراسات الإسرائيلية خاصّة تلك المدعومة من الاستخبارات، والتي تؤكد على وجود تغيّر ملحوظ برؤية إسرائيل وموقفها من نظام الأسد برمّته.

على صعيد المعارضة الرسمية أعلن الائتلاف الوطني وهيئة التفاوض موقفهما الرافض لهذه الانتخابات، لكنّ ذلك لا يكفي، فالأسد ماضٍ على طريق إنجاز انتخاباته مهما كلّفه الأمر. ويقتضي الموقف والحال هذه من جميع قوى الثورة والمعارضة، توحيد خطابها ومواقفها لمواجهة هذا الاستحقاق الوطني المهم، فإجراء الانتخابات يعني التمديد للأسد سبع سنوات عجاف قادمة، وهذا يعني من جهة أخرى تثبيت التقسيم الحالي لسوريا وفق خرائط السيطرة الحالية ووفق حسابات الدول الراعية لقوى الأمر الواقع. يجب أن تتواصل القوى السياسية والثورية المختلفة مع قيادات الأمر الواقع في شمال شرقي سوريا لمنعها من الانجرار وراء مصالح ضيقة والذهاب مع النظام في مسرحيته الهزلية. علينا جميعاً – كلّ في موقعه – القيام بما يلزم لمنع الاعتراف بهذه الانتخابات الحاصلة لا محالة، وهذا أقلّ ما يمكننا فعله، وإلا علينا جميعاً ألّا نتفاجأ بعد عدّة أعوام من تقسيم سوريا إلى عدّة أقاليم فاشلة محكومة بالفقر والإرهاب والتبعيّة للخارج.

تلفزيون سوريا

————————–

ليس كل السوريين.. من يحق له الإدلاء بصوته في انتخابات الرئاسة؟

إسطنبول – تلفزيون سوريا

أعلنت حكومة نظام الأسد أن التصويت في انتخابات الرئاسة السورية للسوريين خارج البلاد سيكون متاحاً فقط للمقيمين في الدول الأجنبية الذين لديهم ختم الخروج الرسمي على جواز سفرهم.

وقالت وكالة أنباء النظام “سانا” إن نص المادة 105 من قانون الانتخابات العامة يشير إلى أن “الناخب يقترح بجواز سفره السوري العادي ساري الصلاحية والممهور بختم الخروج من أي منفذ حدودي سوري”، بينما تنص المادة 103 على أن الانتخابات في الخارج ستجري قبل 10 أيام على الأكثر من الموعد المعين لإجرائها داخل سوريا.

ويمنع هذا الشرط مشاركة آلاف الناخبين المحتملين المقيمين في الخارج الذي يفترض أن يدلوا بأصواتهم في 26 من أيار المقبل، خاصة أن ملايين السوريين عبروا الحدود خلال السنوات الماضية باتجاه الدول المجاورة، تركيا ولبنان والأردن والعراق، دون أختام رسمية على جوازات سفرهم، حيث كانت المنافذ الحدودية الرسمية قد أصبحت خارج سيطرة نظام الأسد.

كما لا تتوفر إحصائيات دقيقة حول أعداد اللاجئين السوريين الذين خرجوا عبر المطارات الرسمية، وما زالوا يحتفظون بجوازات سفر صالحة بعد سنوات من لجوئهم إلى أوروبا أو دول أخرى، أو عمن تخلوا عن جوازات سفرهم السورية بعد الحصول على جنسية جديدة.

ووفق تقديرات الأمم المتحدة، يوجد أقل من مليون لاجئ سوري مسجل في لبنان، وفي الأردن نحو 600 ألف، بينما يوجد نحو 3.5 ملايين لاجئ سوري في تركيا، فضلاً عن مئات الآلاف في مختلف دول العالم.

وفق دراسة أعدها مركز “جسور للدراسات”،  فإن الإجمالي المفترض لتعداد سكان سوريا في عام 2021، 26 مليوناً و285 ألف شخص، لكن من بقي في سوريا حتى مطلع العام 2021 يصل عددهم إلى 16 مليوناً و475 ألفاً.

وأوضحت الدراسة أنه خرج من سوريا خلال السنوات العشر الماضية، ثمانية ملايين و845 ألف شخص، في حين قتل وغُيب مليون و65 ألف شخص.

وفي الوقت الحالي، يبلغ عدد السكان في مناطق سيطرة النظام 9.4 ملايين سوري، وفي مناطق سيطرة فصائل المعارضة شمال غربي سوريا 4 ملايين و25 ألف سوري، أما في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” شمال شرقي سوريا فيبلغ عدد السكان 3 ملايين و50 ألف سوري.

يشار إلى أن برلمان النظام أعلن، الأحد الماضي، عن فتح باب الترشّح لمن يرغب في التقدم للانتخابات الرئاسية المزمع عقدها داخل سوريا في 26 من أيار المقبل وللمقيمين خارجها في 20 منه.

وحتى الآن، تلقى البرلمان إشعارات من المحكمة الدستورية العليا بتقدم ستة مرشحين للترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، هم: عبد الله سلوم عبد الله، محمد فراس ياسين رجوح، السيدة فاتن علي النهار، مهند نديم شعبان، محمد موفق صوان، وآخرهم رئيس النظام بشار الأسد.

واستناداً لأحكام الدستور وقانون الانتخابات العامة، تنتهي المهلة المحددة لمن يرغب بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية يوم الأربعاء في 28 من نيسان الجاري.

وتنص المادة 30 من قانون الانتخابات العامة، الذي أعده النظام، على أنه يشترط في المرشح لمنصب رئيس الجمهورية في سوريا أن يكون متمّماً الأربعين عاماً من عمره، وأن يكون متمتعاً بالجنسية السورية بالولادة من أبوين متمتعين بالجنسية العربية السورية، وألا يكون متزوّجاً من غير سورية، كما يحتاج لقبول ترشيحه أن يجمع تأييد خمسة وثلاثين عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب.

وستنظم الانتخابات الرئاسية السورية وفق دستور عام 2012، الذي تنص المادة 88 منه على أن الرئيس لا يمكن أن ينتخب لأكثر من ولايتين كل منهما سبع سنوات، لكن المادة 155 توضح أن ذلك لا ينطبق على الرئيس الحالي، إلا اعتباراً من انتخابات العام 2014.

—————–

الانتخابات السورية 2021 في ظلّ بيئة قانونية وسياسية غير مواتية/ نائل جرجس

يستمرّ نظام الأسد وداعموه في عنادهم بتجديد ولاية رئاسة بشار الأسد، على الرغم من الأهوال التي عايشها السوريون، ليس خلال العقد الماضي فحسب، بل منذ تبوّء حافظ الأسد سدّة الرئاسة إثر انقلابه في العام 1971. فقد شغلَ هذا الأخير، ومن بعده ابنه بشار الأسد، منصب رئاسة الجمهورية لأكثر من خمسين عامًا، في ظلّ انتخابات صورية غير حرّة وغير نزيهة. لم تكن هذه الانتخابات أكثر من ظاهرية، يتم خلالها تسخير موارد الدولة للدعاية لشخص الرئيس، وتبديد أموال الساعين لتحقيق مكاسب شخصية، عبر إرضائهم لأجهزة الأمن التي لا تتردد عن ترهيب المواطنين لإجبارهم على التصويت، وتعزيز الملفات الأمنية لمن يمتنع عن الاقتراع لمصلحة النظام الحاكم.

تستدعي الانتخابات الحرّة والنزيهة إجراءَ إصلاح قانوني وسياسي شامل، يؤدي إلى تحقيق انتقال سياسي واستئصال ترسانة التشريعات المكرّسة للاستبداد ولانتهاكات حقوق المواطنين؛ حيث ترتبط الانتخابات بمجموعة من القوانين الناظمة لوجود الإعلام المستقل والصحافة الحرّة وحرية التجمع والتظاهر وتشكيل الأحزاب والجمعيات واستئصال التمييز بين المواطنين، فضلًا عن حتمية الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، بما يسهم في تحقيق تداول السلطة الذي لم تشهده سورية على الإطلاق، طوال العقود الماضية. يتزامن هذا الإصلاح التشريعي مع كفّ يد حزب البعث العربي الاشتراكي عن التغلغل في مفاصل الدولة والتأثير فيها، إضافة إلى إلغاء المحاكم الاستثنائية، وحلّ الأجهزة الأمنية وإعادة هيكلتها بناءً على أسس ديمقراطية تخضع بموجبها للرقابة والمحاسبة. وتشكّل مسألة الانتقال السياسي وتهيئة الأجواء الديمقراطية شرطًا أساسيًا، يسبق إجراء أيّة انتخابات حرّة ونزيهة.

تتعارض أيضًا التشريعات السورية الناظمة للانتخابات مع أدنى المعايير الدولية، لا سيّما نصّ المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادقت عليها سورية. حيث نصّت هذه المادة على حقّ كل مواطن، دون أي وجه من وجوه التمييز، في أن “يشارك في إدارة الشؤون العامة، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية”، و”أن يَنتخب ويُنتخب، في انتخابات نزيهة تجرى دوريًا بالاقتراع العام، وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السرّي، تضمن التعبير الحرّ عن إرادة الناخبين”، و”أن تتاح له، على قدم المساواة عمومًا مع سواه، فرصة تقلّد الوظائف العامة في بلده”. غير أنّ الدستور السوري الحالي، كسابقه لعام 1971، يتضمن العديد من المواد المنتهكة لهذه المادة؛ حيث تحرم مادته 84 السوريين المتزوجين من غير سوريّات وغير المقيمين في سورية لمدة لا تقل عن عشر سنوات إقامة دائمة متصلة، من تقديم طلب الترشيح. وهذا ما يستثني فئة ليست قليلة من السوريين، لا سيما المهجّرين خلال العقد الماضي، من الترشح للانتخابات. ونجد هذا التمييز بين المواطنين أيضًا، بمقتضى المادة الثالثة من الدستور الحالي التي تنصّ على أن يكون الإسلام دين رئيس الجمهورية، وبذلك يُحرم غير المسلمين من الترشح لهذا المنصب. وقد أضافت الفقرة الثالثة من المادة 85 أنّه “لا يُقبل طلب الترشيح، إلا إذا كان طالب الترشيح حاصلًا على تأييد خطّي لترشيحه من خمسة وثلاثين على الأقل من أعضاء مجلس الشعب”. ومن الواضح في سورية أن السلطة التنفيذية، ممثلةً بشكل خاص برئيس الجمهورية، تسيطر على هذا المجلس، لا سيّما من حيث إمكانية حلّه بحسب المادة 111 من الدستور نفسه، فضلًا عن انتخابات أعضائه التي تسيطر عليها الأجهزة الأمنية وحزب البعث العربي الاشتراكي.

كحال الدستور السوري، جاءَ قانون الانتخابات العامة رقم 5 لعام 2014، ليكرّس انتهاك المعايير الدولية ذات الصلة بالانتخابات. وهو يحوي بدوره على أوجه التمييز المذكورة بالدستور والخاصة بترشّح رئيس الجمهورية. ويُعطي هذا القانون للسلطة التنفيذية، وبخاصة لوزارتي الداخلية والعدل، صلاحيات واسعة في الإشراف على العمليات الانتخابية، بما يؤدي إلى غياب أي إمكانية لإجراء انتخابات حرّة ونزيهة. فيكون لوزارة الداخلية، التي يتبع لها العديد من أجهزة الأمن السورية، تأمين مستلزمات انتخاب رئيس الجمهورية وفرز عاملين للعمل تحت إشراف اللجان الانتخابية (المادة 123) وإعداد السجل الانتخابي العام (المادة 28)، وتُعطى للمحافظين صلاحية إصدار قرارات تشكيل اللجان الانتخابية لكل مركز (المادة 15). بينما يكون كلّ هذا من صلاحيات إدارة انتخابية محايدة ومستقلة منشأة للإشراف على الانتخابات في الدول الديمقراطية. وعلى الرغم من إحداث “اللجنة القضائية العليا”، بموجب المادة 10 من القانون رقم 5، وذلك لإدارة عملية انتخاب رئيس الجمهورية تحت إشراف المحكمة الدستورية العليا، فإنّ عضوية هذه اللجنة المشكّلة حصرًا من قضاةٍ بقيَت تحت سيطرة السلطة التنفيذية؛ إذ يُعيَّن أعضاؤها السبعة بمرسوم رئاسي، بعد تسميتهم من طرف مجلس القضاء الأعلى الذي يرأسه رئيس الجمهورية نفسه (المادة 132 من الدستور). بالتالي، يحتاج الوضع السوري إلى الانصياع للمعايير الدولية بإنشاء “سلطة انتخابية مستقلة، للإشراف على عملية الانتخاب ولضمان إنصافها ونزاهتها وسيرها وفقًا للقوانين المعمول بها، بما يطابق أحكام العهد”، وهذا ما جاءَ صراحة في تعليق لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية على المادة 25 من العهد المذكورة أعلاه.

الإصلاح الانتخابي يرتبط إذًا بعملية الانتقال السياسي، ولا سيّما في سورية التي تعاني انتهاكاتٍ واسعة ومنهجية لحقوق الإنسان، وحالةَ اقتتال داخلي وتدخلات خارجية، حيث يمكن أن تسهم العملية الانتخابية في تعزيز السلام المستدام، إذا أعقبت الوصول إلى حلّ سياسي يقضي على بنية الاستبداد في سورية، ويمهّد لتطبيق أركان العدالة الانتقالية وبناء دولة القانون. فتهدف الانتخابات بشكل أساسي إلى إفراز سلطة سياسية تعبّر عن إرادة الشعب وتحمي حقوقه وكرامته، الأمر الذي لن يتحقق في ظلّ غياب التشريعات والمؤسسات المبينة بمقتضى سيادة ودولة القانون.

مركز حرمون

———————

نتائج الانتخابات الرئاسيّة في سوريا/ كمال اللبواني

حدّد مجلس الشعب يوم ٢٦ /٥ كموعد لإجراء الانتخابات الرئاسية في سوريا، ولكن منذ الآن تبدو النتائج واضحة بل حتمية، وهي فوز بشار الأسد كمرشح وحيد أو بوجود مرشح منافس يختاره هو، وبنسبة أصوات أيضاً يحددها هو، فهو المرشّح وهو الناخب وهو النتيجة وهو الشعب وكل ما عداه باطل، هو الشرعيّة والوطن طالما أنّ سوريا باعتبارها مزرعة خاصة بعائلته والتي حولت سوريا إلى جمهورية وراثية، يتم فيها التجديد دورياً وآليا للراعي والرئيس المفدى ومن ثم توريث السلطة لولده من بعده.

النتائج التي سنتحدّث عنها ليس للانتخابات بحد ذاتها، فهي محسومة سلفاً، لكن لتبعات ذلك القرار بإجراء الانتخابات قبل التوصّل لحل سياسي اتفق عليه في مجلس الأمن، ونصّ عليه القرار ٢٢٥٤، فقد كان النظام والروس يخططون للتحايل على الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن، لإعطاء شرعية ما لهذه الانتخابات عبر اللجنة الدستورية، ومن خلال المعارضة ومسار جنيف، حيث كان المفترض أن تقبل المعارضة المشاركة ويعتمد إشرافاً دولياً شكلياً على تلك الانتخابات بعد تعديلات دستورية طفيفة، وهو ما أسقطه الشعب السوري الثائر ولجم المعارضة الانتهازية عن السير في طريق الخيانة الكاملة، رافعاً شعار المطالبة بمحاكمة المجرمين والذين ارتكبوا جرائم بحق الإنسانية، من قتل وخطف وتهجير واستخدام أسلحة دمار شامل، وهكذا فقد النظام هذه الورقة التجميلية، مما اضطر الروس لطرح موضوع التأجيل بانتظار الالتفاف على هذا الرفض، لكن رعونة النظام وداعميه الإقليميين والعرب جعلتهم يهبّون لمساعدته ومدّه بالدعم للسير في طريق إجراء هذه الانتخابات، متوهمين أنّ أحداً يمكنه أن يصدق وجود فرصة للشعب لكي يعبر عن رأيه أو يختار من يريده، هذه الرعونة أفقدت الانتخابات أي فرصة للحصول على اعتراف دولي، ناهيك عن الشعبي، بل بالعكس قوّضت كل المساعي للتحايل والتجميل والالتفاف على المحاسبة القانونية، وأحرجت الروس الذين وقعوا على قرار مجلس الأمن، وأطلقت يد الغرب في تشديد العقوبات، ويد الشعب في تشديد المطالبة بدماء وحقوق ضحاياه الذين فتك بهم النظام.

رعونة إيران التي تريد تفعيل أوراق الضغط في تفاوضها الساخن مع الأمريكان، هي من دفعت بمستخدمها بشار لهذا الموقف، بعد أن قدّمت له دعمها بالمال والنفط، والذي ترافق مع دعم بعض الدول العربية، المادي والديبلوماسي، مما شجعه أيضاً على ركوب رأسه والسير قدماً، ضارباً عرض الحائط بإرادة الدول النافذة التي ستتجه نحو إلغاء مسار التفاوض ومسار الحل المعتمد دولياً، والبحث عن آليات تنفيذ جديدة للقرار ٢٢٥٤، خاصة وأنّ إيران أصبحت في تحدٍّ سافر للأمريكان، وهي من تعتبر أنّ بقاء الأسد هو عنوان بقاء احتلالها ونفوذها في سوريا.

لن تستطيع انتخابات صورية في سوريا أن تعطي الشرعيّة للاحتلال الإيراني، ولا أن تقدّم الحصانة لمرتكبي جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، ولا أن توقف مسار الملاحقات والضغوط الدولية، مثل سيزر والكيماوي، ولا أن تلغي مفعول القرار ٢١١٨ المتعلق بالكيماوي الذي انتهكه وبشكل صارخ نظام الأسد ١٨ مرة، كما أفاد التقرير النهائي للجنة الخاصة التابعة للأمم المتحدة.

نتيجة السير قدماً في إجراء الانتخابات لا تخدم النظام، بل قد تكون الشعرة التي تقصم ظهر الحل السياسي التفاوضي ومسار جنيف وظهر المعارضة السورية الوكيلة للأجنبي، المتمثّلة في منصّات إسطنبول وموسكو والقاهرة والرياض، مما يفتح الباب نحو مقاربات جديدة وآليات جديدة، غالباً لن تكون في صالح الأسد الذي سيفوز في الانتخابات، ولكنّه سيخسر السلطة أو ما هو أكثر من السلطة.

————————–

الخارجية الأمريكية تطلق منافسة مفتوحة لتقديم مشروع يعزز العدالة الانتقالية والمساءلة بسوريا

دعت وزارة الخارجية الأمريكية، إلى منافسة مفتوحة للمنظمات والهيئات المهتمة بتقديم طلبات لمشروع “يعزز العدالة الانتقالية، وعمليات المساءلة المتعلقة بالملف السوري”، وهو ما يعد تحركاً أميركياً جديداً في هذا الملف، رغم الانتقادات التي تتلقاها الإدارة الأميركية الجديدة حول تجاهل الأوضاع في سوريا، أو عدم اتضاح معالم استراتيجيتها في التعامل مع هذا الملف.

وأفصح مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل بوزارة الخارجية، عن أهداف هذه المبادرة الجديدة والتي تركّز على دور المرأة السورية في تحقيق العدالة والمساءلة التي تعالج الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان المرتكبة في سوريا، وتتعامل مع الأبعاد الجنسانية (الجندر) للنزاع السوري والتجارب الجنسانية، وآثار انتهاكات حقوق الإنسان، لا سيما تلك المرتكبة ضد النساء والفتيات، محددة مبلغ 987 مليون دولار أميركي سقفاً أعلى لمن يريد التقدم إلى هذه المنافسة، فيما قدّرت السقف الأدنى بـ500 ألف دولار.

وأوضح المكتب في شروط المنافسة، أن هدف دائرة الديمقراطية وحقوق الإنسان سيركز على تحقيق أربعة أمور، وهي: أولاً، تعزيز المشاركة الهادفة للمرأة السورية، وقيادة الجهود المبذولة لتحقيق الحقيقة والعدالة والمساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان. ثانياً، تضخيم ودمج الأصوات ووجهات النظر والتجارب المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان للمرأة السورية، في الوقت الحاضر والمستقبل، والحقيقة الرسمية وغير الرسمية، وجهود العدالة والمساءلة والعملية السياسية.

ثالثاً، تحسين التعاون والتنسيق والتعاون بين النساء والمنظمات التي تقودها النساء، التي تسعى وراء الحقيقة والعدالة والمساءلة، وكذلك بين الشبكات النسائية وجهود العدالة والمساءلة الأوسع نطاقاً، وأخيراً، تعزيز القدرة المؤسسية للمنظمات التي تقودها النساء المنخرطة في السعي وراء الحقيقة والعدالة والمساءلة، بما في ذلك التعلم من خلال الدروس المقارنة، وتبادل الخبرات من خلال الحوار بين الأقران.

ورسمت وزارة الخارجية في هذا المشروع نتائج أولية متوقعة، بأن يتم تعزيز النشاطات والمبادرات التي تقودها النساء، والمشاركة بشكل مباشر في تصميم وتنفيذ مبادرات الحقيقة والعدالة والمساءلة الحالية والمستقبلية لانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في سوريا، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر التحقيقات، والملاحقات القضائية في الجرائم الفظيعة، فضلاً عن العملية السياسية، مبينة أن مدة تنفيذ هذه المبادرة يجب ألا تتعدى 36 شهراً أي ثلاثة أعوام، ابتداء من نهاية هذا العام، أي في سبتمبر (أيلول) من هذا العام.

وقالت إن السوريين والمجتمع الدولي يعترفون بأنماط أوسع ومتنوعة من الأضرار التي تلحق بالإنصاف وآثارها الجنسانية، بما في ذلك تلك التي تؤثر بشكل غير متناسب على النساء والفتيات، بشكل مباشر وغير مباشر مثل الانتهاكات الاجتماعية والاقتصادية، مشيرة إلى أن السوريين والمجتمع الدولي أكثر استعداداً لتحديد العوامل الكامنة التي سمحت بحدوث هذه الانتهاكات، والاستجابة لها والتفسيرات الجنسانية للعدالة الخاصة بالسياق السوري.

وأكدت على أنه سيتم الحفاظ على تجارب النساء والفتيات وقصص النزاع، والاعتراف بها جنباً إلى جنب مع الروايات الأكثر شيوعاً للنزاع، عن طريق استخدام الطرق الفعالة للمناهج المبتكرة والإبداعية، والمراعية للنوع الاجتماعي، مشددة على كل من يريد التقدم لهذه المنافسة أن يعمل على إحداث تأثير يؤدي إلى الإصلاحات، ويجب أن يكون لها إمكان الاستدامة بما يتجاوز موارد إدارة الحقوق الرقمية.

وأضافت: “يُفضل تجنب تكرار الجهود السابقة من خلال دعم الأساليب الجديدة والإبداعية، وهذا لا يستثني من النظر في المشاريع التي تعمل على تحسين أو توسيع المشاريع الناجحة القائمة بطريقة جديدة ومكملة، وقد تسعى البرامج الناجحة إلى المشاركة والبناء على عمليات متعددة ومستمرة وطنية ودولية، يقودها سوريون لضمان دمج الخبرات الجنسانية وآثار انتهاكات حقوق الإنسان، بشكل هادف في هذه العمليات والآليات القائمة”.

يذكر أن السياسية الأميركية تجاه سوريا حتى الآن تمثلت في إعلان الولايات المتحدة في 6 أبريل (نيسان) عن تقديم مساعدة إضافية بقيمة 596 مليون دولار للشعب السوري، بمن في ذلك اللاجئون، مع الالتزام بتطبيق قانون قيصر الذي تم إقراره في 2019 ومواصلة قتال داعش ودعم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي الفرات.

وفي 29 مارس (آذار)، أدلى وزير الخارجية أنتوني بلينكين بأولى ملاحظاته حول سوريا خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي، إذ دعا إلى تمديد تفويض إيصال المساعدات إلى شمال غربي سوريا عبر الحدود التركية، في الوقت الذي هددت روسيا باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد تصريح جديد، رغم وجود 2.7 مليون نازح في شمال غربي سوريا، حيث يعيش كثير منهم في مخيمات أو مبان مهجورة، مع مواجهة عمليات القصف والمدفعية الروسية من قبل قوات نظام الأسد، وفق صحيفة “الشرق الأوسط”.

—————————

====================

تحديث 23 نيسان 2021

————————-

صاروخ ديمونة: الطراز الإيراني في حروب الثأر الصوتية/ صبحي حديدي

عديدة هي الخلاصات التي يُتاح استنتاجها من واقعة سقوط صاروخ أرض ـ جو من طراز SA ـ 5 على مقربة من المنشآت النووية التي تقيمها، وتتستر عليها، دولة الاحتلال الإسرائيلي في منطقة ديمونة، جنوب فلسطين المحتلة. وما يُستخلَص هنا لا يقتصر على معادلات الاشتباك وقواعده بين دولة الاحتلال والنظام السوري وإيران فقط، بل يمتدّ استطراداً إلى مناطق نفوذ طهران في لبنان والعراق واليمن، ويتوسع أيضاً إلى ما يصحّ تسميته بـ«البروتوكولات» غير المعلنة بين موسكو وتل أبيب حول اعتداءات جيش الاحتلال المنتظمة ضدّ أهداف إيرانية داخل العمق السوري، ونوعية السلاح الروسي الذي يُؤذن لجيش النظام السوري باستخدامه ضدّ الغارات الإسرائيلية.

الخلاصة الأولى هي أنّ منشآت الاحتلال النووية لم تعد بمنأى عن الأخطار المحدقة، في عصر الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة؛ بافتراض أنّ إرادة سياسية لدى خصوم دولة الاحتلال يمكن أن تكسر قاعدة اشتباك كبرى ذات صلة بمفاعل ديمونة، أو أنّ شرارة عابرة يمكن أن تطلق اللهيب حتى بمعزل عن الإرادة والقرار والتصميم. صحيح، بالطبع، أنّ الصاروخ الذي سقط في النقب غير بعيد عن المفاعل كان من طراز سوفييتي قديم يعود إلى أواسط ستينيات القرن الماضي، وليس من أيّ طراز معاصر متقدّم يستخدمه الجيش الروسي ومنح بعض بطارياته إلى جيش بشار الأسد (منظومة S ـ 300 على سبيل المثال). غير أنّ مسافة الـ300 كم التي قطعها الصاروخ من الأراضي السورية قبل أن يسقط قرب ديمونة كافية، في ذاتها، للبرهنة على الخطورة الكلاسيكية لهذا السلاح، خاصة وأنه يحمل كتلة متفجرات لا تقل عن 217 كغ.

الخلاصة الثانية هي أنّ إطلاق الصاروخ كان، أغلب الظنّ، قراراً إيرانياً أكثر من كونه تحولاً دراماتيكياً في منهجية تعامل النظام السوري مع الغارات الإسرائيلية المتكررة؛ إذْ بات من الثابت، على مدار عقود وليس سنوات في الواقع، أنّ الأسد اعتمد ردّ فعل وحيد له طابع لفظي، يتكئ دائماً على حكاية احتفاظ النظام بحقّه في اختيار الزمان والمكان المناسبين للردّ. فإذا صحّ أن ضابطاً إيرانياً ما، ضمن عشرات «المستشارين» العاملين مع جيش النظام، كان وراء تفعيل منصّة انطلاق صاروخ الـ SA-5؛ فهذا، استطراداً، يعني أنّ طهران بدورها ما تزال تلتزم بالقاعدة «الانتقامية» ذاتها، حول اختيار الزمان والمكان و… نوعية السلاح أيضاً. ومن اللافت أنّ وسائل إعلام إيرانية أغدقت المديح على صاروخ ديمونة، وأشارت إلى أنه كان يمكن أن يتابع طريقه إلى المفاعل، لولا أنّ «التسبّب في كارثة ليس هو المطلوب»!

في عبارة أخرى، كان في وسع طهران استخدام سلاح صاروخي آخر أكثر ذكاء، وأعقد توجيهاً؛ لو كانت الإرادة الإيرانية تتوخى فعلاً ثأرياً يلاءم الردّ على العملية الإسرائيلية في مفاعل نطنز الإيراني، وليس مجرّد «انتقام» لا يتجاوز تطيير رسالة صوتية مفزعة، محدودة الأثر والجدوى. وفي هذا خلاصة ثالثة تتصل بالبون الشاسع، كما تشير الدلائل على الأقلّ، بين السطوة العالية التي يتمتع بها الضباط الإيرانيون في تسيير أمور جيش النظام وتسخير أسلحته التقليدية، وبين القصور الهائل الأقرب إلى الانعدام في مقدار تحكّمهم بالأسلحة الروسية المتقدمة التي يستخدمها الجيش ذاته والتي تخضع ـ في أوّل الأمر وآخره، كما يلوح ـ لقرار الضباط الروس وسياسة الكرملين في العلاقة مع دولة الاحتلال. ولا تُنسى، في هذا السياق، مسؤولية الصاروخ القديم ذاته عن إسقاط طائرة استطلاع روسية، بطريق الخطأ، في سماء اللاذقية خريف 2018، أسفرت عن مقتل 15 عسكرياً روسياً.

خلاصة رابعة تشير إلى تقارير سبق أن كشفت النقاب عنها أسبوعية «نيوزويك» الأمريكية، تفيد بأنّ طهران نجحت في تهريب عدد من الصواريخ بعيدة المدى إلى داخل اليمن، في إطار تزويد الحوثيين بأسلحة ستراتيجية التأثير قد تتيح تغيير الموازين العسكرية في الحرب الراهنة ضدّ السعودية. لكنّ بعض أنواع هذه الصواريخ يمتلك أمدية كفيلة بإصابة أهداف في العمق الإسرائيلي، وأنّ منطقة ديمونة تحديداً ليست بذلك بعيدة عن قدرات هذه الصواريخ؛ وما دامت طهران ترخّص للحوثيين قصف منشآت سعودية حيوية مثل المصافي والمطارات المدنية، وحروب الشدّ والجذب مع واشنطن حول إعادة إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات قائمة ومحتدمة؛ فما الذي يدفع المرشد الأعلى الإيراني إلى «التعقّل» في دفع الحوثي إلى استهداف دولة الاحتلال، سوى (في طليعة أسباب أخرى متعددة) الإبقاء على قواعد الاشتباك في حدود منضبطة، لا ترقى البتة إلى المواجهة الشاملة؟

ورغم تقارير غير مؤكدة تشير إلى احتمال انطلاق صاروخ ديمونة من العراق، وليس من بطارية في درعا أو مطار الضمير، فالواضح في المقابل أنّ رسالة طهران الصوتية تتفادى توريط لبنان، أي «حزب الله» تحديداً، في أية عمليات واسعة النطاق يمكن أن تتخذها الردود الانتقامية الإسرائيلية. وإذا صحّ هذا الاستنتاج الخامس فإنه يؤكد، من جانب أوّل، أنّ الخيارات الإيرانية في لبنان باتت أضيق من ذي قبل، أو لا قبل لها بحرب مفتوحة مع الاحتلال الإسرائيلي؛ وأنّ ذراع إيران في البلد، «حزب الله» ومؤسساته وميليشياته وأسلحته، ليست من جانب ثانٍ في وضع مريح بالنظر إلى ظروف لبنان السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومن الحكمة تجنيب الحزب المزيد من حرج الخارج إضافة إلى حرج الداخل.

الجانب الثالث، والذي يصلح استنتاجاً سادساً، هو أنّ توريط النظام السوري في عملية إطلاق صاروخ ديمونة قد يتجاوز، من الوجهة الإيرانية، إحراج النظام، سواء بمعنى حدود المواجهة مع دولة الاحتلال، أو بمعنى نطاق الخدمات غير المحدودة التي يقدمها للنفوذ الإيراني العسكري على الأرض السورية. فالنظام، ابتداء من رأسه وانتهاء بأصغر ضابط في جيشه أو أجهزته المختلفة، لا حول له ولا طول أصلاً، حتى قبل أن يبلغ التدخل الإيراني في الشؤون السورية مستويات قصوى غير مسبوقة. ليس مستبعداً، والحال هذه، أن يسعى التوريط إلى إحراج موسكو، إذْ لم تعد خافية أوجه التنافس بين طهران وموسكو على ميادين النفوذ والسيطرة في سوريا. وضباط «الحرس الثوري» الإيراني خير من يقيس، مباشرة وعلى الأرض، سوية الحساسية التي يمكن أن تبديها موسكو إزاء توريطها مع دولة الاحتلال على الأرض السورية؛ بل يصحّ القول إنّ الورطة لن تتوقف عند الضباط الروس في قاعدة حميميم، بل ستصل أصداؤها إلى الكرملين ذاته، وإلى أسماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصياً.

وتبقى خلاصة سابعة تعيد الارتباط مع الخلاصة الأولى، وقد أحسن التعبير عنها المعلّق الإسرائيلي سيث فرانتزمان حين كتب، في «جيروزاليم بوست» أنّ صاروخ ديمونة «يمثّل ذلك النوع من اختزال جميع المخاوف التي ترافق الناس وهم يأوون إلى الفراش آملين ألا يستفيقوا عليها». لكنها مخاوف صوتية في نهاية المطاف، على شاكلة الرسالة الإيرانية التي حملها صاروخ ديمونة، ليس لأنّ طهران تمقت التسبب في الكوارث، فما تفعله في سوريا ضدّ الشعب السوري أفظع بكثير من صفة الكارثة؛ وإنما لأنّ أية كارثة تصيب دولة الاحتلال الإسرائيلي يمكن أن تقذف إيران في أتون كوارث كبرى لا عدّ لها ولا حصر. خير، إذن، أن يكتفي المرشد الأعلى بالصاروخ الصوتي، ومفردات رسالته، والتوريط هنا وهناك، والزعم بأنّ ثأر نطنز قد تحقق.

وكفى الله شرّ القتال!

كاتب وباحث سوري يقيم في باريس

القدس العربي

—————————-

«انتخابات» الرئاسة: كوميديا الأسد السوداء!

يثير قرار السلطات السورية إجراء انتخابات على منصب الرئاسة، على الأغلب، مواجع لدى كل من يمسّهم الملف.

يستفز الإعلان ملايين السوريين الذين هاجروا إلى البلدان المجاورة ليشكّلوا بؤرا للفقر والمعاناة الإنسانية، ومئات الآلاف منهم الذين انتشروا في بلدان العرب، حيث يلقى كثيرون منهم عنتا وقساوة فيعاملون كإرهابيين، كما حصل على حدود الجزائر، أو يستخدمون لعقاب غيرهم من سابقيهم، كما حصل في السودان التي قامت بنزع الجنسية التي حصل عليها كثيرون، أو يطرد متواضعو الدخل منهم لأتفه الأسباب، كما حصل في بعض دول الخليج، فيما يحمى أعضاء من الأسرة الحاكمة أو بعض من خرجوا بثروات كبيرة منها.

والأغلب أن القرار سيستفز أيضا الملايين الذين ظلوا في البلاد، حيث تعاني غالبيتهم من الظروف الصعبة والفقر ويصطف كثيرون منهم في طوابير طويلة للحصول على ربطة خبز أو لتر مازوت أو كيروسين، مضافا إلى كل ذلك استمرار آلة القمع التي لم تتوقف، وطالت حتى كثيرا من الموالين للنظام الذين جأر بعضهم بالشكوى، أو تذمر من الفساد والقهر.

جرى الإعلان بعد أيام من «احتفال» البلاد بذكرى استقلال سوريا عن فرنسا في 17 نيسان/إبريل 1946، وهو حدث حفل أيضا بمفارقات سوداء كثيرة، منها إجراء احتفال موسيقي بهذه الذكرى في قاعدة عسكرية روسية، حضره قائد القوات الروسية في سوريا رفقة مسؤولين سوريين منهم وزير دفاع النظام العماد علي أيوب.

يشبه احتفال المحتلّين باستقلال البلد الذي يحتلونه، إلى حد كبير، «انتخاب» رئيس ورث الرئاسة عن أبيه الذي كانت الأدبيات الرسميّة تسمّي البلاد باسمه («سوريا الأسد) فعدّل الدستور ليتناسب مع سنّه آنذاك خلال ربع ساعة، ليقود البلاد منذ 21 عاماً إلى الخراب الشامل الذي آلت إليه، وبعدها لا يتورع عن إعادة المهزلة السياسية مجددا والإيعاز بتنظيم «انتخابات» جديدة، يعلم كل المشاركين فيها أن سياسة رئيسهم استجلبت احتلالات جعلته في منصب المأمور، وأن كل من يشارك فيها يعرف أنها تكريس للقهر وإمعان في التهريج والإساءة لكرامة البلاد والعباد.

يجري هذا في الوقت الذي تستخدم فيها إيران وإسرائيل الأجواء والأراضي والمياه السورية لمعارك التفاوض على الاتفاق النووي، فيسقط صاروخ «طائش» من الأراضي السورية قرب مفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي، ويزهو الإعلام الإيراني بأن مناطق إسرائيل «الحساسة» غير محصنة، فيما تردّ إسرائيل بقصف مواقع عسكرية وتقتل ضابطا سوريا.

أحد «المرشحين» للرئاسة السورية، قدّم بيانه الانتخابي فتحدث عن كونه كان قياديا في «منظمة طلائع البعث» وهي المنظمة التي كانت تقوم بعسكرة الأطفال السوريين، مشيرا إلى أن المقصود من ترشحه للرئاسة «ليس المجابهة والتحدي» وبعد محاولة رجل أعمال سوري مقيم في فرنسا الترشّح اكتشف أن شروط الترشيح «غير شرعية» وأنه كان أحرى بالأسد «إعلان نفسه رئيسا لولاية أخرى من دون هذه المسرحية».

القدس العربي

———————————-

اللاجئون السوريون وانتخاب “السيد الرئيس”/ ناصر السهلي

في عام 2012، بعد تعديل الدستور، وإلغاء المادة الثامنة منه نظرياً، والتي تفيد بأنّ حزب “البعث هو القائد للدولة والمجتمع” في سورية، وتحديد حق الترشح للرئاسة بدورتين (انتخابات 2014 غير محسوبة)، خرج مقربون من رجل الأمن والسفير السابق في الأردن، الراحل بهجت سليمان، يطمئنون بعضهم: “عند انتهاء دورات الرئيس بشار، يكون الشاب حافظ جاهزاً للرئاسة”. وبغض النظر عن صحة أو زيف تقديم بشار ابنه حافظ لضيوفه كـ”ولي العهد”، فلا شيء مستبعدا لناحية تكرار تعديل الدستور على مقاس الوريث.

فعلى مدى 50 سنة، عمل “البعث القائد”، على الطريقة الكورية الشمالية، لتحويل الوراثة إلى ثقافة، بحيث تقطف رؤوس من يشكك في أبدية حكم آل الأسد. في الواقع، فإنّ تلك ليست تهيؤات. فرفعت الأسد، وعلى الرغم من خروجه من البلد بعد صراع على السلطة عام 1984، ظلّ رسمياً نائباً لشقيقه حافظ حتى عام 1998، تمهيداً لتوريث بشار بدل أخيه باسل، الذي قضى بحادث سير مثير للجدل.

وثمة ثابت في يوميات السوريين، منذ ما قبل ثورة 2011، عن حرفة ترسيخ فكرة “المملكة الأسدية”، بملصقات وصور على الجدران ونوافذ السيارات والحافلات التي تمجّد السلالة الحاكمة مثل: “حافظ الخالد” و”باسل القدوة” و”بشار الأمل”، أو صورة الثلاثي التي تقول “هكذا تنظر الأسود”، وقد أُضيف إليها، حشواً، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأمين العام لـ”حزب الله” اللبناني حسن نصر الله، منذ 2015.

واقعياً، لم تتخل “المملكة الأسدية” عن البعث كقائد. لكن سورية تغيّرت، بالدمار وتهجير نصف السكان، واستدعاء رسمي لاحتلالات متعددة، وتفشي إقطاعيات أمراء الحرب، وكومبرادورية (طبقة البرجوازية) مستعدة لتقديم كل الخدمات حفاظاً على غنائمها التي نهبتها من السوريين. لكن، ما لم يتغيّر في الكوميديا السوداء، هو دعوة “الإخوة المواطنين إلى ممارسة حقهم الدستوري”، مع لزوم مسرحية “منافسين لسيادته”.

بالتأكيد، يعلم رعاة الأسد فصول المسرحية. وعلى الرغم من ذلك، تمضي الوقاحة السياسية نحو دعوة اللاجئين الفارين من براميل النظام وبطشه، إلى “انتخاب سيادة الرئيس” في 20 مايو/أيار المقبل.

وبحسب معلومات لـ”العربي الجديد”، فإنّ مشهد “متلازمة استوكهولم” (ارتباط الضحايا بمرتكب الانتهاكات بحقهم) من باريس وبرلين إلى كوبنهاغن واستوكهولم، يثير اهتماماً صحافياً وسياسياً، إذ يُتابِع عن كثب من يفترض أنهم لجأوا هرباً من الأسد، وما إذا كانوا سينتخبونه في أوروبا.

ليس ذلك فحسب، فثمة ناشطون سوريون، ومع معاناة اللاجئين في بعض الدول من قوانين وقرارات تعتبر بعض مناطق بلدهم آمنة لعودتهم، مثلما تفعل كوبنهاغن، يطلقون حملة توعية وتحذير من الانعكاسات الخطيرة على أوضاع الأغلبية الساحقة، حال ساهم البعض في مسرحية “انتخاب السيد الرئيس”.

وتركز أحزاب اليمين الأوروبي المتشدد، وبعض البرلمانيين من يمين الوسط، اهتمامها على مشهد العشرين من الشهر المقبل، خصوصاً في ما يتعلق باللاجئين، وليس المهاجرين قديماً، المقيم بعضهم أصلاً في باريس واستوكهولم، كفارّين قبل أكثر من 30 سنة من اضطهاد نظام حافظ الأسد، قبل أن يصبحوا، بعد الحصول على الجنسية، مؤيدين وزائرين دائمين كـ”مغتربين”، وضيوفاً عند السيدة بثينة شعبان في إشرافها على “مؤتمرات المغتربين”.

ويأتي الاهتمام في إطار التشكيك في أحقية هؤلاء الفارين في اللجوء. ويفيد بعض الأشخاص المتواجدين في برلين، “العربي الجديد”، بأنّ “سفارة الأسد تتحضر لاستقبال من هم ليسوا بسوريين (لدى العربي الجديد جنسيات وأسماء ناشطين مؤيدين للأسد)، لزوم الصورة التي يحتاجها النظام، كدليل على تأييده حتى بين اللاجئين”.

وفي السياق ذاته، يستحضر يمين الدنمارك المتشدد، والصحافة الأقرب إلى الجناح القومي المحافظ، كما هو الحال في استوكهولم وبرلين، زيارات سابقة لحفنة قليلة من اللاجئين السوريين إلى دمشق، عبر مطار بيروت، للتحريض عليهم والتعميم بأنهم “لاجئون اقتصاديون” وليسوا لاجئي اضطهاد. ومنذ بضع سنوات، استُغلت تلك القضية في الدنمارك، فأثرت على الأغلبية الساحقة المستحقة للحماية.

وسبق أن أضاء “العربي الجديد” في 2018، على كيف عمل سماسرة السفر، لقاء مبالغ مالية، على تسفير الراغبين من مطار بيروت بتنسيق مع الأمن السوري، بحافلات تعبر رسمياً الحدود بين سورية ولبنان من دون أختام (ووصلت دعاية شركات سفر لبنانية-سورية، وأخبار التسهيلات الأمنية في نقطة المصنع الحدودية إلى السلطات في كوبنهاغن، ما أثار سجالاً ترتب عليه مزيد من التشدد).

الآن، ووفقاً لمعلومات جديدة لـ”العربي الجديد”، خصصت بعض المؤسسات الرسمية، ودوائر هجرة وخارجية، مجموعات متخصصة، وبعض عناصرها يجيدون العربية، لمراقبة مدى تجاوب من يحمل صفة لاجئ مع دعوات رئيس مجلس الشعب السوري، حمودة صباغ، لهم للمشاركة في التصويت بعد شهر من الآن. ولأن مثل تلك المشاركة تعزز نظرية أنّ العاصمة السورية دمشق وريفها آمنان، فإنها، بحسب ناشطين سوريين، ستضر كثيراً بوضع اللاجئين السوريين في أوروبا.

—————————-

انتخابات الأسد المبتذلة وخيبات مُفتعلة/ حسن النيفي

بينما تمضي حكومة نظام الأسد منهمكةً في التحضير لانتخابات الرئاسة المقبلة في 26 أيار المقبل، محاولةً إثارة المزيد من الضجيج الإعلامي المحلي والدولي؛ لا يرى قسم كبير من شارع المعارضة السورية أيّ بأس من الانخراط في هذا الانهماك الإعلامي، بل ربما رأى بعضهم أنه من الضروري الوقوف عند مسألة الانتخابات المزمع إجراؤها، باعتبارها ترسيخاً لسلطة الأسد واستمرار الاستبداد، فضلاً عن كونها انتهاكاً للقرارات الأممية ذات الصلة بالقضية السورية وخاصة القرار 2254  الذي ينص على كتابة دستور جديد ومن ثم الدخول في عملية انتخابية تحت إشراف أممي.

قد يبدو هذا التوجه منسجماً مع المنظور الأممي أو الدولي لقضية السوريين، ولكن هل ينسجم حقاً مع منظور السوريين لطبيعة وماهيّة نظام الأسد؟ يمكن التأكيد على أن السوريين وحدهم من عرف وعانى مرارة التسلّط الأسدي منذ عام 1970 وحتى الوقت الراهن، وبالتالي من المفترض أن يكونوا هم أكثر معرفة بماهية هذا النظام من جهة، وكذلك أكثر خبرة بالتعاطي مع طرق مواجهته ومقاومته من جهة أخرى، فلماذا إذاً هذا الإصرار من جانب أكثر النخب السياسية والثقافية السورية، على التعاطي مع قضاياهم وشؤونهم الوطنية من خلال منظور وفهم الآخرين لها، وليس من خلال معرفتهم وتجاربهم ومعايشتهم لواقعهم؟

لقد استولى حافظ الأسد على السلطة وتسلّط على رقاب السوريين طيلة ثلاثين سنة، ثم ورث الحكم من بعده ابنه بشار، وما يزال مستمراً في حكم البلاد منذ عشرين سنة، وطيلة نصف قرن من حكم آل الأسد، لم تكن انتخابات الرئاسة تجري سوى بنسخة واحدة، فالمُرشّح للرئاسة هو رئيس النظام ذاته، والإجراءات القانونية الشكلية هي ذاتها، والحصانة الأمنية لسيرورة الانتخابات هي هي لم تتغيّر، والنتائج معروفة قبل بدء العملية الانتخابية، أي سيفوز الرئيس بنسبة ساحقة.

ولعل تكرار هذه العملية قد جعل المسألة تتحوّل من استحقاق دستوري وقانوني إلى طقوس احتفالية يتم التحضير لها مسبقاً، ولم تكن تلك الطقوس والمهرجانات الاحتفالية تجري في أقبية المخابرات أو في أماكن أخرى سرية، بل على الملأ، لتتبعها بعد عدّة أيام رسائل التبريكات الموجهة من دول ورؤساء العالم مهنِّئة رئيس النظام بتجديد البيعة الجماهيرية له.

ولئن كان تكرار تلك العملية الانتخابية بهذا الشكل المعهود طيلة خمسين سنة ماضية من حكم الأسدين لم يلق استنكار المجتمع الدولي، ولم ينتقص من شرعية نظام الأسد دستورياً وقانونياً لدى جميع المحافل الدولية، فما الذي سيدفع المجتمع الدولي في الوقت الراهن لاستنكار العملية الانتخابية التي سيجريها بشار الأسد في السادس والعشرين من أيار المقبل؟ هل هو حجم الدمار الذي ألحقه الأسد بسوريا؟ أم هي درجة التوحّش والإيغال في قتل مئات الآلاف من السوريين؟ إذا كان الأمر كذلك، فهل كان حافظ الأسد إبان فترة حكمه بريئاً من دم السوريين؟ وهل كانت سوريا في عهده واحة للسلام والديمقراطية؟

أمّا إن كان سبب استنكار المجتمع الدولي عائد إلى عدم التزام الأسد ببنود القرار 2254 فيما يخص كتابة الدستور ومن ثم الانتخابات، فيمكن القول: لماذا لم يستنكر المجتمع الدولي، ومن ثم يسعى إلى إلزام الأسد بالبنود الإنسانية الملزمة في القرار المذكور، وأعني ما يخص الإفراج عن المعتقلين والكشف عن المغيّبين؟ وهي مسألة لا تقل شأناً، بل ربما هي أكثر أهمية بالنسبة إلى ملايين السوريين، من مسألة الدستور والانتخابات.

ويبقى السؤال عن المآلات العملية للموقف الدولي من انتخابات الأسد موضع رهان كثيرين، أي إن أنجز الأسد انتخاباته المقبلة، غير آبه بأي استنكار أو احتجاج، سواء أكان سورياً أو دولياً، واستمرّ في تصدير شرعية، مصدرها الوحيد هو قدرته على الاستمرار في القتل والإجرام بمؤازرة حليفيه الروسي والإيراني، وهذا ما سيحصل على الأرجح، فهل سيتحوّل الاستنكار الدولي إلى مواقف أكثر عملية، كأنْ تبادر الولايات المتحدة الأميركية ودول أوربية أخرى إلى طرد سفراء النظام وممثليه الدبلوماسيين كتعبير فعلي عن عدم اعترافها بشرعية انتخاباته؟ وهل سيشهد السوريون دعوات دولية لإبعاد تمثيل نظام الأسد من المحافل الدولية كالأمم المتحدة وسواها؟ واقع الحال يؤكّد أنه لا المعطيات السياسية الراهنة، ولا إرث العلاقات الغربية مع نظام الأسد يؤيد ذلك، بل لعل سقف التوقعات لن يتعدّى المواقف الإعلامية التي تكرر وجوب التزام الأسد بالتفاعل مع القرارات الأممية، وبالمقابل لن يعدم الروس القدرة على مشاغلة المجتمع الدولي من خلال حضور نظام الأسد في اللقاءات المقبلة للجنة الدستورية، حضور من أجل المشاغلة فقط، دون الوصول إلى نتيجة.

وبالتوازي مع المآلات المُتَوقَّعة لمهزلة انتخابات الرئاسة الأسدية المُزمع إجراؤها، ستعلو نبرة الكيانات الرسمية للمعارضة السورية، وسيسمع السوريون كلاماً مكروراً على عدم شرعية الأسد وبطلان انتخاباته دستورياً، وكذلك على عدم التزامه بتنفيذ القرار 2254، بل ربما سيمضي بعضهم باتهام المجتمع الدولي بتهاونه وتقصيره عن ممارسة ضغوط جدية من شأنها إجبار نظام الأسد على تنفيذ القرارات الدولية، وكأنهم يكشفون للسوريين عن حقائق كبرى لم يكن يعلم بها أو يتوقعها أحد سواهم، بل سيعمدون إلى الندب والصياح نتيجة خيبة مُفتَعلة، هم أوّل من سعى إلى تأسيسها حين تحدّوا إرادة السوريين من خلال الانصياع للتفسيرات الروسية للقرارات الأممية، وكذلك من خلال ادّعاء  براغماتية كاذبة وواقعية سياسية وهمية قوامها الرضوخ السلس لإرادة الدول الراعية لمسار أستانا.

وأصرّوا – خلال سنوات مضت – على تعزيز القناعة لدى السوريين بأن إيجاد دستور جديد سيكون المدخل المناسب في العملية السياسية وتفكيك نظام الأسد، في حين أكّد لهم الروس ونظام الأسد معاً أنْ لا علاقة تلازمية بين عمل اللجنة الدستورية وانتخابات الرئاسة، كما أكّد لهم الشارع السوري بعفويته الثورية تمسّكه بتراتبية حقوقه كما أقرتها الجهات الأممية، فاتهموه بالشعبوية والغوغائية، واليوم إذ يستنكرون ويعربون عن خيبة أمل، حيال نتيجةٍ هم من ساهم بتعزيز أسبابها، فإن هذه الخيبة الافتعالية أو المصطَنعة لن تضيف أيّ جديد إلى فهم كثيرٍ من السوريين الذي بنوا موقفهم من نظام الأسد على وعي صادق بماهيته، وليس على فهم مُستعار.

فأنْ يكذبَ المرءُ على نفسه، ويسعى إلى جعْلِ كذبته حقيقة، فهذا شأنه، أمّا أن يطلب من الآخرين تصديقها، فتلك مصيبة.

تلفزيون سوريا

———————–

لماذا لا يرد نظام الأسد وحلفاؤه على الهجمات الإسرائيلية؟/ ماجد عزام

نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي أوائل الشهر الجاري فيديو لعملية برية سرية نفذها في عمق الأراضي السورية الصيف الماضي بينما قدمت صحيفة إسرائيل اليوم في الخامس من نيسان تفاصيل إضافية عنها تضمنت قيام لواء النخبة في سلاح المشاة “غولاني” بالتعاون مع وحدة هندسية خاصة بتفجير موقع تابع لقوات النظام وحلفائه من الميلشيات الإيرانية أقيم في المناطق العازلة منزوعة السلاح على الحدود السورية الفلسطينية حسب اتفاقية فك الاشتباك التي تم توقيعها –عام 1974 – برعاية الأمم المتحدة في أعقاب حرب تشرين أول/ أكتوبر 1973، وبما يتناقض أيضاً مع التفاهمات السياسية والعسكرية التي تم التوصل إليها بين إسرائيل وروسيا التي أتت في سياق تعويم النظام وأتاحت له العودة إلى المنطقة لحراسة الحدود، كما فعل خلال العقود الخمسة الماضية.

تزامن نشر جيش الاحتلال لفيديو العملية وتقرير الصحيفة العبرية عنها، مع غارات إسرائيلية جديدة في السابع من نيسان، استهدفت مواقع للنظام وحلفائه جنوبي دمشق وبالقرب من الحدود مع فلسطين المحتلة، ورد عليها النظام بآلته الدعائية المعتادة وصواريخه العشوائية عديمة الجدوى التي وصلت حتى بلدة حولا بجنوب لبنان، بينما جاء الرد العملي المعتاد عبر ارتكاب مجازر جديدة بحق الشعب السوري والمدنيين العزل، كما حصل في مدينة جسر الشغور بمحافظة إدلب في اليوم التالي للغارات الإسرائيلية.

تقرير صحيفة “إسرائيل اليوم” الموثق بفيديو جيش الاحتلال، يقدم في الحقيقة صورة عن المشهد في الجولان والمنطقة الحدودية بشكل خاص وسوريا بشكل عام في سياقاته وأبعاده المختلفة السياسية والإعلامية والعسكرية والأمنية.

كما قلت فقد تحدث الإعلام الإسرائيلي الصيف الماضي بشكل مقتضب وعام عن عملية برية لتفجير موقع عسكري للنظام وحلفائه أقيم في المنطقة العازلة منزوعة السلاح على الحدود في هضبة الجولان، وكنت قد أشرت للعملية بإحدى مقالاتي هنا في سياق الحديث عن عجز النظام وحلفائه عن الردّ على الهجمات الإسرائيلية لعدم امتلاك الإرادة ، ناهيك عن القدرة على التنفيذ، غير أن التفاصيل الجديدة والموثقة التي نشرتها صحيفة “إسرائيل اليوم” بدت لافتة لجهة الحديث عن موقع عسكري أقامه نظام الأسد بالتناقض مع اتفاقات فكّ الاشتباك التي حافظ عليها لعقود تحديداً عبر حمايته للحدود، ما مثّل ضمن معطيات أخرى أحد أسباب موافقة الاحتلال على عودته للانتشار في المنطقة الحدودية وجنوبي سوريا بشكل عام، إضافة إلى الرغبة الإسرائيلية في ترسيخ فكرة التفاهمات مع روسيا وتحميلها مسؤولياتها باعتبارها القوة الكبرى القائمة بالاحتلال في سوريا، كما يردد الإعلام الإسرائيلي دائماً.

حسب تقرير الصحيفة العبرية فقد أوصل الاحتلال الإسرائيلي رسائل إلى نظام الأسد عبر الأمم المتحدة لإزالة الموقع ومواقع أخرى أقيمت في نفس الفترة، خاصة مع انتشار أذرع للاحتلال الإيراني فيها، غير أن النظام تجاهل الأمر رغم انتهاكه الموصوف الغريب والمفاجىء للاتفاقية الدولية والتفاهمات الروسية الإسرائيلية التي خضع لها بشكل عام.

لكن تقرير الصحيفة العبرية تجاهل الإشارة إلى روسيا، القوة الكبرى القائمة بالاحتلال حسب التعبير الدارج، الأمر الذي بدا لافتاً ومستغرباً  أيضاً، وأعتقد جازماً أن تل أبيب ناقشت الأمر مع موسكو على الأقل بموازاة نقاشها مع الأمم المتحدة المعنية مباشرة بالملف، والتي تنشر قوات دولية تابعة لها بالمنطقة –يوندوف – وربما لم ترد روسيا أو نقلت ردّ النظام السلبي لكن الأكيد أنها أعطت إشارة ضمنية لإسرائيل بالتصرف بما يتوافق مع رؤاها ومصالحها، كما يحدث دائماً وفق قاعدة أن عدم التزام النظام وحلفائه بالتفاهمات الإسرائيلية الروسية يستوجب رد فعل إسرائيلي تتفهمه روسيا في العادة لكن مع عدم تهديد وجود النظام نفسه باعتبار ذلك قاعدة التفاهم المركزية ومصلحة مشتركة للجانبين.

أعتقد أيضاً أن النظام الفاقد للحيلة والسيادة لم يحرك ساكناً لعجزه عن مواجهة إيران وميليشياتها وكان على يقين أن إسرائيل ستتصرف في النهاية كما يحصل مع تخزين أسلحة إيرانية في مواقع ومعكسرات النظام الأخرى التي تتعرض للقصف الإسرائيلي الدائم.

حسب التقرير العبري فقد فجرت القوات الخاصة المتوغلة الموقع، لكن دون أي إشارة إلى مصير شاغليه، مع توقع أنهم قضوا تحت أنقاضه دون إعلان أو حتى نعي لهم من قبل النظام وحلفائه.

وحسب التقرير عادت القوة الخاصة الإسرائيلية إلى قواعدها سالمة أيضاً بلا أي ردّ فعل فوري ومباشر من النظام وحلفائه، في تأكيد إضافي على نفاقهم وجبنهم، علماً أن هذا لا يحدث في غزة، ففي آخر توغل مماثل لقوة خاصة لجيش الاحتلال في تشرين ثاني 2018، اشتبكت المقاومة الفلسطينية معها وقتلت قائدها وجرحت آخرين، ما أحدث صدمة في الدولة العبرية وهزة في قيادة تلك القوة لم تتعاف منها حتى الآن.

عموماً مرت العملية العسكرية الإسرائيلية بهدوء ودون ضجة من قبل النظام وآلته الدعائية، ولا حتى من الحشد الشعبي الإيراني وأبواقه الإعلامية الناطقة بالعربية التي تتشدق صباحاً ومساء بالعداء لإسرائيل والاستعداد لمواجهتها، بل وتعتبر ذلك مبررا لسياسات الحشد الدموية في سوريا والمنطقة.

في الحقيقة؛ تشبه العملية المعلن عنها عشرات العمليات الإسرائيلية الأخرى ضد النظام وحلفائه داخل سوريا وخارحها، علماً أننا نتحدث عن مئات الغارات خلال السنوات الأخيرة تم فيها إلقاء أطنان من القنابل ما أوقع مئات القتلى وآلاف الجرحى في صفوف النظام والحلفاء دون أي ردّ جدي من جانبهم.

وفي سياقها العام تشبه العملية كذلك حرب الناقلات – كما كتبت هنا قبل أسبوعين – التي  تشنها إسرائيل من جانب واحد ضد إيران لمنع تموضعها الاستراتيجي في سوريا لا وجودها الداعم لبقاء نظام الأسد الذى يمثل نقطة توافق بين إسرائيل وايران أيضاً كما قالت صحيفة يديعوت أحرونوت -الأربعاء 21 أبريل نيسان- الحرب التي خسرت فيها طهران مليارات الدولارات دون أي إعلان من جانبها رغم تلقيها الضربات بشكل متواصل، بينما جاء الإعلان عنها بتسريب متعمد من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اللاهثة للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران لإزالة الملف عن جدول الأعمال الدولي حتى بثمن استمرار سياسات إيران الاستعمارية الدموية في سوريا والدول العربية بشكل عام.

بالتزامن مع نشر التقرير أيضاً شنت إسرائيل غارات في سوريا هي الثالثة خلال شهر والتاسعة منذ بداية العام دون رد فعل من النظام وحلفائه-أوقعت 75 قتيلا على الأقل- اللهم إلا إطلاق صواريخ عشوائية مضادة للطائرات سقط بعضها في بلدة حولا جنوبي لبنان، وهو نفس ما حصل قبل ذلك في مدينة الرمثا جنوبي الأردن.

عموماً نحن أمام دليل إضافي على الاستخدام الدعائي للقضية الفلسطينية ونهج المقاومة والعداء لإسرائيل من قبل بشار الأسد وحلفائه، والجبن عن الردّ عملياً عليها لكونها لا تهدد وجود وبقاء النظام نفسه الذي يمثل الهدف المركزي لإيران وأذرعها الطائفية، بينما نرى الاستقواء والردّ الدموي الإجرامي على الشعب السوري الثائر لكونه انتفض ضد النظام وسوريا الأسد مطالباً بالحرية والكرامة في سوريا العظيمة.

في الأخير وباختصار يتمثل الاستناج الأهم مما سبق بحقيقة أن لا إمكانية لتفكيك المستعمرة الإسرائيلية ودحر الغزاة الصهاينة دون التخلص من الطغاة العرب الذين فشلوا في امتحانات الخبز والحرية والكرامة وقبل ذلك وبعده امتحان فلسطين، الطغاة الذين قال عنهم وزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشيه دايان بعد نكبة لا نكسة حزيران/ يونيو 1967 “نحن محظوظون بأعداء كهؤلاء” النكبة التي رفع نظام البعث بعدها معادلة بقاء النظام هو الأهم حتى لو تم تدمير الجيش وضياع الجولان، وهي المعادلة نفسها التي حدّثها النظام بعد الثورة لتصبح الأسد أو نحرق البلد

———————–

======================

تحديث 24 نيسان 2021

————————–

سوريا الأسد وروسيا بوتين/ بسام مقداد

في العام 2017 تقاسم بوتين مع شاعر روسيا العظيم ألكسندر بوشكين المرتبة الثانية بعد ستالين برأي الروس في “الشخصيات العشر الأبرز في كل العصور ولدى سائر الشعوب” ، حسب مركز” ليفادا” الروسي لاستطلاعات الرأي ذي المصداقية الرفيعة. وفي العام 2014 ، وإثر ضم القرم لروسيا ،  كان بوتين شرط وجود روسيا ، حسب قول النائب الأول لرئيس ديوان الرئاسة الروسية آنذاك فيتشسلاف فالودين في تعبيره الشهير”في بوتين ـــــ في روسيا ، ما في بوتين ـــــــ ما في روسيا” . لكن بوتين تحول اليوم ليصبح شرط وجود السلام في العالم حسب موقع “بوتين اليوم” الرسمي، الذي نشر نصاً بمناسبة رسالة بوتين السنوية لمجلس الإتحاد في 21 من الجاري وعنونه “في بوتين ــــــــ في سلام، ما في بوتين ـــــــ ما في سلام” .

هذه المبالغات الممجوجة على غرار “سوريا الأسد´و “الأسد أو لا أحد” ، التي تعتمدها الأنظمة التسلطية تنطوي، عدا الإستخفاف الظاهري بشعوبها ، على إقرار داخلي بالخوف المميت من هذه الشعوب وبممارسة العنف لمواجهته . وهي في حرب دائمة مع “شعوبها” ، تخشى أي هدنة معها  ، واي تراخٍ في قمعها وعنفها، تحرص على بقاء السوط والسكين بيدها ، حين “تتنازل” عن بعض حقوق الشعوب في العيش  وخدمات الكفاف للإستمرار في الوجود الجسدي . 

لم يخرج بوتين عن هذا السياق في رسالته السنوية التقليدية إلى مجلس الإتحاد الروسي . فعلى ساعة وبضع دقائق ، أغدق بوتين على الروس الكثير من الوعود بالتغلب على وباء كورونا، وبتقديم المعونات المالية للأسر والأطباء والمدرسين والنساء الحوامل في ظروف عائلية صعبة ، وحتى لصغار رجال الأعمال ومتوسطيهم. وأنهى رسالته بتوجيه إنذار إلى كل من تسول له نفسه بارتكاب هفوة بحق روسيا، ولكل من يعتقد أن حديث موسكو عن الرغبة في إقامة علاقات متوازنة حتى مع الأطراف التي لا تستقيم العلاقات معها. ودعم إنذاره هذا المغلف بالهدوء، برأي بعض الخبراء الغربيين، باستعراض الجديد لديه من الأسلحة الإستراتيجية النووية وسواها.

ولكي لا تدع مجالاً لتشكيك الروس بالتقديمات التي وعد بها بوتين، عمدت إدارة الإحصاء المركزية الروسية، وبمناسبة رسالة بوتين، وعلى غير عادتها، إلى تأجيل نشر تقريرها الفصلي عن دينامية مداخيل الروس الفعلية من 20 إلى 29 الشهر الجاري . ويقول موقع ” Forbes” الذي نقل النبأ ، أن إدارة الإحصاء حرصت، “على الأقل” هذه السنة، على أن تنشر تقاريرها الفصلية في موعدها. وبررت الإدارة هذا التأجيل بأن جمع المعلومات حول بعض مكونات المؤشر تَطلّب وقتاً إضافياً على غير المعتاد. ويقول مدير الاستثمارات في شركة “Loko-Invest” ديمتري باليفوي، بأنه لا يتذكر سابقة أجلت فيها إدارة الإحصاء المركزي نشر المعطيات عن المداخيل الفعلية للروس  . 

ترافقت رسالة بوتين هذه السنة مع تظاهرات مؤيدة للمعارض السجين ألكسي نافالني، شملت عشرات المدن الروسية تقدمتها موسكو وسان بطرسبورغ. ولاحظت BBC الناطقة بالروسية ، أن تعامل الشرطة لم يتميز هذه المرة بالعنف المعروف عنها في التظاهرات السابقة، خاصة في موسكو، التي بلغ المتظاهرون فيها وسط المدينة، حيث كان يعقد اللقاء مع بوتين. وفسر المراقبون هذا الأمر بسعي السلطة لتفادي التأثير السيء لعنف الشرطة على صدى رسالة الرئيس وسط الروس. لكن الشرطة لم “تتساهل” مع التظاهرات في المناطق الروسية الأخرى كما في موسكو ، حيث بلغ عدد الموقوفين  في 97 مدينة حوالي 1786 شخصاً، كان نصفهم تقريباً (806 أشخاص) في سان بطرسبورغ وحدها المدمنة على الإحتجاج.

في الوضع العالمي، الذي ختم به بوتين رسالته، لم يتطرق إلى حرب تبادل طرد الدبلوماسيين  المستعرة الآن بين روسيا ومعظم دول الغرب، والتي تهدد بشلل عمل السفارات، كما في حال تشيكيا، التي ناشدت الناتو  تقديم المساعدة لسفارتها في “عملها المشلول” في موسكو. كما لم يتطرق أيضاً إلى الشرق الأوسط ككل، وأتى على ذكر سوريا وليبيا في سياق قوله ، بأن روسيا تسعى للمساعدة في تسوية الصراعات الإقليمية واستقرار الوضع في سوريا وإقامة حوار سياسي في ليبيا .

وجد بوتين في الحديث عن الوضع العالمي  فرصة سانحة لإبراز السوط إلى جانب الجزرة، التي لوح بها في الداخل. فقال، حسب موقع الكرملين الرسمي في النص الذي نشره للرسالة، بأن منظمي أية إستفزازات ضد المصالح الرئيسية لأمن روسيا “سوف يندمون على ما يفعلونه ، كما لم يندموا من قبل”. روسيا تريد أن تكون لها علاقات جيدة مع جميع الأطراف الدوليين، حتى مع أولئك الذين “لا تستقيم العلاقات معهم” في الفترة الأخيرة. إلا أن من يعتبر نوايا روسيا الطيبة “ضعفاً أو لا مبالاة”، وهو نفسه يريد تدمير هذه العلاقات مع روسيا، عليه أن يعرف أن رد روسيا سيكون “غير متكافئ ، سريع وقاس” .

وبعد أن يشير بوتين إلى صمت الغرب بشأن الأنباء عن “محاولة إغتيال” الرئيس البيلوروسي ألكسندر لوكاشنكو وأبناءه (المشتبه بهم اعتقلوا في موسكو)، يقول، ملمحاً إلى مسؤولية الغرب عن هذه المحاولة، بأنه مهما كان الرأي بسياسة الرئيس البيلوروسي، لكن  تنظيم الإنقلابات والقتل السياسي، بما فيه كبار المسؤولين، “أمر قد زاد عن حده وتخطى جميع الحدود”. وتحدث عن معلومات لديه تشير إلى أن المشاركين في “المؤامرة” ضد لوكاشنكو كانوا يستعدون لشن هجوم إلكتروني على بيلوروسيا، وتوسع في رسم صورة مأساوية لما كان يمكن أن يلحقه مثل هذا الهجوم من أضرار بالكهرباء والمياه وخدمات الإنترنت في العاصمة البيلوروسية .

النص الذي نشره موقع “بوتين اليوم” الرسمي في اليوم الذي أذاع فيه بوتين رسالته إلى مجلس الإتحاد، لم يكن يخاطب الغرب بقدر ما يخاطب المعارضين الليبراليين الروس، الذين ” نشأوا على القيم الغربية ويشكلون في الحقيقة “طابوراً خامساً”، برأيه. النص الذي لم يوقع بإسم كاتب معين، يمثل في حقيقته مناظرة مع ألكسي نافالني والمعارضة “الطامحة لإحلال” أي كان” محل بوتين”. ويقول بأنه لا يخشى الكلمات التي سطرها في العنوان “في بوتين ـــــ في سلام ، ما في بوتين ـــــ ما في سلام”، لأن “معارضينا الليبراليين” هزئوا بما عرضه بوتين من أسلحة جديدة خلال رسالته المماثلة العام 2018، وقالوا بأنها “أفلام كرتون”، في حين أصيب الناتو بالذهول وهو يدرك أنه ليس في الأمر خداع.

وبعد تأكيده على أن الكتاب السياسيين والخبراء الغربيين والروس ينتظرون ما سيقوله بوتين في كل رسالة دورية إلى مجلس الإتحاد، يقول النص بأن روسيا تُتهم بشتى أنواع الجرائم، وتدفع الولايات المتحدة الرئيس الأوكراني لإشعال حرب في الدونباس، ويحاولون إشعال الوضع في كل الإتجاهات حولها. ويقول “لا يكفينا” كل هذا، بل وتطل برأسها الشريحة الليبرالية المعارضة، ذلك الجزء من المجتمع الروسي الغريبة عليه كلمات مثل “حب الوطن” و”التضحية بالذات”، والذي لا يبالي لا بالبلد ولا بالشعب. وهم لا يريدون أن يكونوا روساً، ويعتبرون أنفسهم “أبناء العالم”، ويقولون بأنهم لن يحاربوا من أجل “روسيا بوتين” والأوليغارشيين، بل كل ما يريدونه هو الحصول على الكثير من النقود، “وأن يحصلوا عليها، لا أن يستحقوها بالعمل” .

يستطرد النص طويلاً في هذا الهجوم ــــ المناظرة مع  المعارضة الروسية الليبرالية “المنخرطة في كل هذا التآمر على روسيا”، والذي على بوتين مواجهته والدفاع عن روسيا في الحروب عليها، والحفاظ على أمنها وعلى السلام في العالم ، مما يبرر عنوانه “في بوتين ـــ في سلام ، ما في بوتين ما في سلام” .

والسؤال الذي يفرض نفسه: أين يفترق كلام نص موقع “بوتين اليوم” عن ما يقوله ويرتكبه الأسد في تبرير شعاراته “الأسد أو لا أحد” واشتراط وجود سوريا بوجوده”سوريا الأسد” ؟

المدن

———————-

مؤشرات انقلاب في موقف مشيخة العقل من بشار الأسد/ عماد كركص

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التي يخطط النظام السوري لإجرائها، في 26 مايو/ أيار المقبل، تسود العديد من التكهنات بشأن مواقف العديد من الأطراف. لكن الأنظار تتجه إلى شيخ العقل الأول للطائفة الدرزية في سورية حكمت الهجري، خصوصاً بعد التسريبات التي تتوالى منذ فترة عن مواقفه المعارضة للانتخابات، ولبقاء رئيس النظام بشار الأسد في السلطة، من دون أن تصدر أي مواقف رسمية تنفي صحتها أو تؤكدها.

وتروج أوساط مقربة من الهجري، والذي يتخذ من محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، جنوب البلاد، مقراً له، والذي لطالما عرف بمواقفه المؤيدة للأسد، بأنه في طريقه لأن يبتعد عن تأييد الأسد في الانتخابات المقبلة. وينقل مقربون عن الهجري، في حديث مع “العربي الجديد”، أن الأخير ليس ضد شخص بشار الأسد، وكان داعماً دائماً له لسنوات طويلة، لكن الهجري يعتقد اليوم، أو بات مقتنعاً بأن البلاد باتت الآن بحاجة لوجه سياسي جديد ينتشلها من حالة التشرذم والحرب والانهيار.

وأكدت الأوساط المقربة من الهجري أن شيخ العقل لم يُعلق إلى الآن على موضوع الانتخابات الرئاسية التي تمهد لتثبيت الأسد في السلطة لأعوام طويلة مقبلة، غير أنها أشارت إلى أنه مع كل ما يحفظ سورية ووحدتها وكرامتها، وهو خيار استراتيجي بالنسبة إليه. وكانت وسائل إعلام سورية معارضة قد سلطت الضوء على هذا الموقف للهجري، الأسبوع الماضي. وانتظرت الأوساط الشعبية في السويداء خروج بيان نفي من قبل الهجري المعروف بموقفه المؤيد للأسد، لكن النفي خرج عبر أحد مستشاريه دون علم الهجري، بحسب المصادر، التي أشارت إلى أن الشيخ لم يفوض أحداً بالرد، بل طلب الالتزام بما يصدر عن صفحة الرئاسة الروحية فقط. وأكدت المصادر، التي تواصلت مع “العربي الجديد”، أن مكتب التلفزيون الرسمي للنظام حاول إجراء مقابلة مع الهجري للحصول على نفي للادعاءات حول موقفه الأخير من الأسد، غير أن الهجري رفض الظهور للإعلام في اللقاء، واكتفى بالقول للصحافي الذي تواصل معه بعبارة فضفاضة إن “الثوابت لا تتغير”.

وعلمت “العربي الجديد” من مصادر أخرى مواكبة لما يجري، بأن الموقف المحرج الذي تعرض له الهجري بما يشبه الإهانة قبل شهرين، من قبل العميد لؤي العلي، رئيس فرع الأمن العسكري التابع للنظام والمقرب من إيران، دفع الشيخ للتفكير بعقد تحالفات جديدة تقوي من مركزه في حال أمعن النظام في الضغط عليه.

وفي حين تحدثت هذه المصادر عن أن الهجري تلقى عرضاً من النائب اللبناني السابق وليد جنبلاط بأن يكون تنسيق رئاسة الطائفة الدرزية في سورية بشكل مباشر مع الروس، على أن يتولى جنبلاط مد جسور التواصل من خلال علاقته الطيبة مع الروس، نفى العضو في مجلس القيادة في الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني خضر الغضبان، وهو متابع للملف السوري، في اتصال مع “العربي الجديد”، الموضوع جملةً وتفصيلاً، مؤكداً أنّ رئيس الحزب وليد جنبلاط لا يتدخل في شؤون الطائفة الداخلية في سورية، ومواقفه، في الخطوط العريضة، تتمثل في الحفاظ على مختلف مكونات الشعب السوري وطوائفه. وشدد الغضبان على أنّ كل ما يُشاع في هذا الإطار مرتبط بخلافات قديمة جرى حلّها وانتهت. وأكد مصدر قيادي آخر مقرّب من جنبلاط، لـ”العربي الجديد”، أن الأخير يركز اهتماماته اليوم بشكل أساسي على الوضع الداخلي في لبنان، نظراً للظروف القاسية والصعبة التي تمرّ بها البلاد، وتنصبّ مشاوراته ومباحثاته على الملف الحكومي.

وبحسب المصادر السورية، التي تحدثت مع “العربي الجديد”، فإن الروس عقدوا اجتماعاً، أخيراً، مع الهجري في دارته ببلدة قنوات، حيث أبلغهم بموقفه المتذمر من الأسد والنظام عموماً، وأن هذا الموقف ثابت ولن يتغير طالما أن المعطيات السياسية والاقتصادية تسير من سيئ إلى أسوأ، ولا أمل بأي إصلاح يُنقذ البلاد. وبحسب المصادر، فإن الهجري يكتفي، في الآونة الأخيرة، باستقبال زواره في دار قنوات كالعادة، ويُكرر لضيوفه بأنه رجل دين وليس سياسة، على الرغم من كل المحاولات التي تبذل لمعرفة رأيه الواضح في ما نسب إليه من أقوال عن عدم دعمه للأسد، ومسألة اتفاقه مع موسكو.

ويتقاسم رئاسة مشيخة العقل في السويداء كل من شيخ العقل الأول حكمت الهجري، الذي يتصدر الرئاسة الروحية للطائفة، وشيخ العقل الثاني يوسف جربوع، بالإضافة إلى شيخ العقل الثالث حمود الحناوي. يشار إلى أن هذه الرئاسة تعتبر منقسمة إلى تيارين، الأول يقوده الهجري بموقف مؤيد إلى حد ما للنظام والأسد، أما الثاني فيقوده جربوع والحناوي، اللذان يميلان لاتخاذ مواقف وسطية، قريبة للمعارضة إلى حد ما.

وفي بداية العام الحالي، بدأ النظام الترويج لحملة ترشيح بشار الأسد للانتخابات، بمحاولة الحصول على تأييد عشائري بدأ في حماة، وانطلق إلى السويداء بمبادرة من الشيخ العشائري نواف طراد الملحم، الذي التقى مع وجهاء وشيوخ من الطائفة الدرزية، من بينهم جربوع، بحضور ممثلين عن العائلات ووجوه اجتماعية مختلفة ورجال دين في دار الطائفة. وطرح الملحم حينها فكرة ترشيح الأسد للانتخابات من قبل الوجوه الاجتماعية والعشائرية نيابة عن عائلاتهم وعشائرهم كما حدث في حماة. إلا أن طرحه، بحسب مصادر من داخل الاجتماع نقلت تفاصيله لـ”العربي الجديد”، لم يلقَ تجاوباً من قبل وجوه السويداء ومشايخها، ولم يحصل خلال اجتماعه بهم على نتائج نهائية إيجابية.

وفي منتصف العام الماضي، شهد مركز محافظة السويداء احتجاجات شعبية على خلفية تردي الوضع المعيشي والاقتصادي لسكان المحافظة، كما حال باقي السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام. وسرعان ما تحولت تلك الاحتجاجات إلى تظاهرات هتفت ضد بشار الأسد، وطالبت بإسقاطه مع نظامه، دون أن تلقى تلك التظاهرات والاحتجاجات رفضاً من مشايخ الطائفة الدرزية في المحافظة أو وجوهها، ما يشير إلى أن المزاج العام في المحافظة بات ميالاً لمعارضة أكبر للنظام ورئيسه بشار الأسد، بانتظار ما سيكون عليه الموقف الشعبي والديني والعشائري في المحافظة خلال الانتخابات المقبلة، وكيفية تعامل النظام معه.

العربي الجديد

—————————–

واشنطن لن تقاوم روسيا في سوريا..بأمل إبعاد إيران

رأت صحيفة “ذا هيل” الأميركية أن الولايات المتحدة في عهد إدارة الرئيس جو بايدن لن تتحدى الوجود الروسي في سوريا، ما يعني أن النفوذ الروسي سيتمدد أكثر في المستقبل، مشيرة إلى احتمال فكّ التحالف بين روسيا وإيران هناك.

وتضيف الصحيفة في مقال للكاتب مارك كاتز بعنوان: “السياسة الروسية تجاه سوريا: مخاطر النجاح”، أن رئيس النظام السوري بشار الأسد قد يكون قادرا على الحكم لفترة، لكن تقرير إصابته بكورونا، أظهر أن هناك قوى داخل النظام قادرة على الخروج من نطاق السيطرة، إذا أظهر عدم قدرة على الحكم.

وقالت الصحيفة: شئنا أم أبينا، كانت السياسة الروسية تجاه سوريا منذ تدخل موسكو هناك عام 2015 ناجحة بشكل ملحوظ. حكومة رئيس النظام السوري بشار الأسد لا تواجه خطر الإطاحة بها من قبل أي من معارضيها الداخليين، ليس ذلك فحسب، بل تمكنت أيضاً من استعادة الكثير من الأراضي التي فقدتها لهم ذات يوم.

حافظت روسيا على القاعدة البحرية على الساحل السوري ووسّعتها، والتي كان من الممكن أن تخسرها لو تمّت الإطاحة بالأسد، وحصلت على قاعدة جوية أيضاً. يرى العديد من حلفاء أميركا في الشرق الأوسط -بما في ذلك إسرائيل والسعودية والإمارات والبحرين- أن الوجود الروسي في سوريا يعمل على كبح النفوذ الإيراني هناك. لم تتحدَى إدارتا باراك أوباما ودونالد ترامب بجدية الوجود الروسي في سوريا، ولا يبدو أن إدارة بايدن ستفعل ذلك أيضاً.

كل هذا حدث بتكلفة منخفضة نسبياً لموسكو من حيث الخسائر. في الواقع، كان التدخل الروسي على نطاق أصغر في سوريا أكثر نجاحاً بكثير من التدخل الأميركي الأكبر في أفغانستان والعراق.

لكّن موسكو تواجه بعض المشاكل في سوريا. كانت روسيا تأمل في التوسط في اتفاق سلام بين نظام الأسد وبعض خصومه الداخليين على الأقل، ولكن كلّما شعر الأسد بالتدخل الآمن، قلّ استعداده لتقديم أي تنازلات لهم. لم تتمكن موسكو أيضاً من إقناع الغرب أو دول الخليج العربي أو الصين بتمويل جهود إعادة الإعمار الضخمة التي لا تستطيع روسيا تحملها، والتي ستحتاجها سوريا للمساعدة في استقرارها.

أكثر من ذلك، في حين أن الأسد قد يكون قادراً على الحكم لبعض الوقت، فإن التقرير الأخير الذي أظهر إصابته بفيروس كورونا، هو تذكير بأنه إذا لم يعد قادراً على الحكم، فقد يؤدي الصراع على الخلافة إلى صراع داخل النظام الذي يوجد داخله قوى قادرة على الخروج عن نطاق السيطرة. هناك أيضاً احتمال تجدد الصراع بين تركيا من جهة، وكل من حكومة الأسد وخصومها من جهة أخرى.

أخيراً، من الممكن دائماً أن يلعب القول المأثور القديم: “عندما ينتهي الغرض من التحالف، ينتهي التحالف نفسه”، إذا بدأت روسيا وإيران في التركيز على التنافس مع بعضهما البعض من أجل التأثير في سوريا بمجرد أن يروا أن منافسيهم المشتركين هناك لم يعودوا يشكلون تهديدات.

ما قد تفعله موسكو جيداً هو العمل على تنمية حلفاء داخل نظام الأسد، وكذلك مع الأطراف المعارضة الراغبة في العمل مع شخصيات أخرى غير الأسد. يمكننا أيضاً أن نتوقع من روسيا أن تواصل غض الطرف عن الهجمات الإسرائيلية على الأهداف الإيرانية وحزب الله، والتي تساعد روسيا على إبقاء النفوذ الإيراني محدودًاً من دون أن تضطر موسكو إلى تحمل المسؤولية الثقيلة بنفسها. وإذا تحسنت علاقات موسكو مع دول الخليج العربية وإسرائيل بشكل أكبر، فقد تقنعهم إما بتمويل جهود إعادة الإعمار التي تقودها روسيا أو حث أميركا والغرب على عدم عرقلتها.

وبالتالي، من غير المرجح أن يستمر النفوذ الروسي في سوريا فحسب، بل سيتم دعمه أيضاً إلى حد ما من قبل حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط الذين يرون أن وجود روسيا هناك أفضل من وجود إيران.

وإذا رأى حلفاء واشنطن في المنطقة مزايا في استمرار الوجود الروسي في سوريا  فقد لا تتمكن الولايات المتحدة من فعل الكثير لمعارضة موسكو هناك دون الإضرار بعلاقاتها مع شركائها في الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإن عدم الاستقرار المتأصل في الصراع السوري قد يؤدي إلى نشوء أزمة لن تتمكن موسكو من احتوائها.

المدن

————————-

الأسد..و16 مرشحاً يتنافسون على دور الكومبارس

بلغ عدد المتقدمين بطلب الترشح لانتخابات رئيس الجمهورية في سوريا حتى السبت 17 مرشحاً بينهم 3 سيدات، بينما أعلن حزب التضامن تراجعه عن المشاركة في هذه الانتخابات التي من المقرر أن تجري في 26 أيار/مايو 2021.

ونشر مجلس الشعب السوري قائمة بأسماء المرشحين الذين وافقت المحكمة الدستورية على الطلبات التي تقدموا بها، ما يعني استيفاءهم الشروط المنصوص عليها في قانون انتخابات رئاسة الجمهورية  الذي أقر عام 2014 حسب الدستور الجديد.

مرشح للرئاسة السورية

وباستثناء رئيس النظام بشار الأسد، فإن أياً من المرشحين الآخرين غير معروف من قبل الشعب السوري، على الرغم أن بينهم وزيراً سابقاً هو عبدالله عبدالله، وناشط حقوقي سبق أن اعتُقل لفترات قصيرة قبل تفجر الثورة الشعبية عام 2011 هو محمود مرعي.

وبالإضافة إلى أن المرشحين الذين يفترض أنهم سيخوضون المنافسة ضد بشار الأسد غير معروفين، وبينهم من لا يمتلك أي مؤهلات علمية أو سياسية، فقد أدى ترشحهم إلى موجة سخرية بين السوريين الذين علق الكثيرون منهم بالقول إن مثل هذه المسرحية يناسبها هؤلاء الممثلون الذين لا يستحقون حتى لقب كومبارس.

ومع ذلك لم تتردد الفئة الأشد تأييداً للنظام عن مهاجمة هؤلاء المرشحين وانتقاد تجرؤهم على هذه الخطوة، على الرغم من أن أغلبهم أدلى بتصريحات شددت على تأييده المطلق للرئيس الأسد، الأمر الذي يؤكد حسب المعارضين أن ترشحهم كان بطلب من النظام الذي يريد مشاركين في الانتخابات كديكور.

ويتفق الجميع على عدم جدية هذه الانتخابات وأن النظام لا يمكن أن يسمح بترشح أي شخص دون موافقة مسبقة من أجهزة الأمن عليه، أو على الأقل لن يكون بإمكان المرشحين غير المرضي عنهم الحصول على تأييد مجلس الشعب للمشاركة في هذه الانتخابات.

وينص قانون انتخابات رئيس الجمهورية في سوريا على ضرورة حصول طالب الترشح على تأييد 35 من أعضاء مجلس الشعب الذي يسيطر عليه حزب البعث، والبالغ عددهم  250 عضواً، ما يعني أن الحد الأقصى للمرشحين الذين يمكن أن يحظوا بموافقة البرلمان سيكون 7، علماً أنه لا يحق للنائب منح تأييده لأكثر من مرشح واحد.

وبالنظر إلى اليقين المسبق بأن نتائج الانتخابات محسومة مسبقاً لصالح بشار الأسد، فإن الأنظار تتجه نحو المرشحين الآخرين الذين سوف يحظون بالموافقة البرلمانية، التي يتفق الجميع أيضاً على أنها مرهونة بتوجيهات مخابرات النظام وقادته، على اعتبار أن وجود مرشحين آخرين شرط أساسي لكي تصبح الانتخابات قانونية.

ويتوقع أن يحصل عبدالله عبدالله، مرشح حزب الوحدويين الاشتراكيين، أحد أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية الحليفة لحزب البعث، على تأييد العدد الكافي من أعضاء البرلمان، بينما علمت “المدن” أن المرشح محمود مرعي يتواصل بشكل مكثف منذ أيام مع بعض الأعضاء من المحسوبين على كتلة المستقلين، وكذلك نواب الأحزاب الأخرى من أجل الحصول على دعمهم، لكن موافقتهم تبقى مرهونة بتوجيهات النظام.

ويبدو أن عدم الثقة بالحصول على تأييد العدد المطلوب من النواب هو ما دفع حزب التضامن لإعلان عدم المشاركة في الانتخابات التي كان ينوي ترشيح أمينه العام محمد أبو قاسم لها، حيث أصدر السبت بياناً أكد عدم المشاركة.

وحسب مصادر “المدن” فقد شكل توجه الحزب السابق لخوض الانتخابات صدمة للقوى السياسية المتحالف معها أو الصديق لها، حيث يصنف “التضامن” نفسه كحزب معارض، ما دفع العديد من الشخصيات السياسية للتواصل مع أبو القاسم على مدار الاسبوع الماضي من أجل إقناعه بالعدول عن هذا التوجه، الذي كان سيمثل خرقاً لموقف المعارضة الداخلية بمقاطعة هذه الانتخابات.

والحزب هو أحد مكونات مشروع الجبهة الوطنية الديمقراطية المعارضة “جود”، كما أنه جزء من منصتي القاهرة وموسكو، بالإضافة إلى العلاقات التي تربطه بهيئة التنسيق الوطني المعارضة، وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي يقود الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا.

————————-

الشيوعي السوري يدعم ترشيح الأسد..مزرعة بكداش في خدمة النظام!/ عقيل حسين

مقابل إعلان أحد أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية التي ستنظم في السادس والعشرين من أيار/مايو 2021، وعلى الرغم من اليقين العام أن هذا الترشح تمّ بتوجيه أمني، وبينما لم يصدر موقف علني من بقية أحزاب الجبهة التي يقودها حزب البعث الحاكم التي اكتفت بالصمت، فإن الحزب الشيوعي السوري، أعلن في بيان دعمه رئيس النظام بشار الأسد في هذه الانتخابات.

ليس في هذا الموقف ما يمكن مناقشته، بل من الواضح مستوى المزاودة في تأييد النظام التي يظهرها البيان بمواجهة بقية أحزاب الجبهة، موقف ليس جديداً أيضاً، فمنذ أن وقع الحزب على وثيقة التحالف مع “بعث-حافظ الأسد” عام 1971، تنازل للنظام عن كل ما يمكن لأي حزب سياسي أن يملكه، ليس الاستقلالية والسعي لتطبيق أفكاره والمنافسة على قيادة الدولة والمجتمع فحسب، بل وحتى التنازل عن تاريخ الحزب ومستقبله، الذي لم يأتِ عام 1995 حتى كان قد انتهى عملياً، بعد مقاومة يائسة ومحاولات عديدة بذلها قادة وأعضاء فيه على شكل انشقاقات من أجل إحياء هذا الحزب والحفاظ عليه.

عندما استولى حافظ الأسد على السلطة عام 1970، ودعا الأحزاب التي تريد أن تحافظ على وجودها في سوريا للعمل تحت سلطته، توقع الكثيرون أن يكون خالد بكداش، أول نائب شيوعي يصل إلى برلمان عربي بانتخابات حرة على الإطلاق عام 1956، والأمين العام للحزب الشيوعي، أحد اعرق الأحزاب في تاريخ سوريا الحديث، أن يكون أول الرافضين، لكن المفاجاة كانت أنه أول من قبل وأكثر من استسلم للأسد.

لكن ما كان يُتداول من قبل خصوم بكداش السياسيين حول تخليه مبكراً عن الفكر الشيوعي واستغلاله الحزب وشعاراته من أجل تحقيق مكاسب سياسية وبناء ثروة مالية، والذي اعتبر حتى آواخر ستينيات القرن الماضي مجرد مناكفات وحرب دعائية، بدأ يظهر بشكل أوضح منذ بداية السبعينيات، سواء من خلال تحالفاته السياسية أو التجارية، ناهيك عن تكريس نفسه وعائلته كقادة مطلقين للحزب.

شهد عام 1969 تفجر أول صراع داخل الحزب الشيوعي “بسبب تسلط الأمين العام خالد بكداش وقيادته الفردية” كما تقول وثائق حزب العمل الشيوعي، وجرى انتخاب لجنة مركزية جديدة عملت على إنجاز مشروع سياسي جديد يؤكد على استقلالية القرار الحزبي عن موسكو، ورغم أن قيادة اللجنة المركزية والمكتب السياسي وقفت ضده، إلا أن الاتحاد السوفيتي دعم بكداش، ما أفشل محاولة اقصائه.

وفي نيسان/أبريل 1973، انشقت مجموعة من كوادر الحزب وقادته، على رأسهم رياض الترك، ليؤسسوا ما عرف لاحقاً بالمكتب السياسي، رافضين تحالف بكداش مع نظام الأسد وتماهيه المطلق مع الاتحاد السوفيتي، ليكون ذلك باكورة سلسلة من الانشقاقات والانقسامات التي لن تتوقف لاحقاً.

شهد عقد الثمانينات انشقاقين آخرين عن جناح بكداش، حيث خرج مراد يوسف عام 1982 عن عباءة الأمين العام ليؤسس مجموعة حزبية من الشيوعين عرفت باسمه، قبل أن يتبعه انشقاق جديد قاده يوسف الفيصل عام 1989، وكلا الانشقاقين استند على رفض هيمنة خالد بكداش وزوجته على الحزب من جهة، واتهامات له بالتحالف مع الطبقة البرجوازية من جهة أخرى، وخاصة بعد انفضاح المشاريع التجارية الضخمة التي كان شريكاً فيها مع والد قدري جميل، هذا الأخير الذي سصبح قيادياً في الحزب منذ بداية التسعينيات بعد أن تزوج ابنة خالد بكداش.

وعلى عكس انشقاق رياض الترك، وكذلك تأسيس مجموعة حزب العمل الشيوعي الثوري عام 1978، الحركتان اللتان جاءتا “رفضاً للجمود الفكري والتحالف مع حزب البعث”، فإن هذين الانشقاقيين لم يتطرقا بالنقد إلى علاقة الحزب بروسيا والنظام، بل حظي جناح يوسف الفيصل برضى السلطة التي ضمته للجبهة الوطنية التقدمية ومنحته امتيازات أحزابها الأخرى، بينما كان قادة وكوادر المكتب السياسي وحزب العمل يمضون سنوات طويلة في المعتقلات.

توفي خالد بكداش عام 1995، وانتخب الحزب زوجته وصال فرحة أميناً عاماً له، في حدث اعتُبر بمثابة دق آخر مسمار في نعش “الشيوعي السوري” الذي رفض طيلة الوقت إجراء أي مراجعات فكرية وسياسية تتناسب والتحولات التاريخية الكبرى التي شهدها العالم بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، ليخرج الكثير من أعضائه بعد أن فقدوا آخر أمل لهم بالشيوعية وبالحزب، الذي سيشهد ما تبقى منه، وقد غدا مجرد اسم ومكتب وصحيفة، انشقاقاً جديداً عام 2003، لكن هذه المرة بقيادة زوج ابنة خالد بكداش قدري جميل، الذي أسس مجموعته الخاصة بعد انفصاله عن زوجته.

يتفق الكثيرون على أن انشقاق جميل جاء بعد إدراكه أنه لن يتمكن من تحقيق طموحه بالوصول إلى منصب الأمين العام للحزب، الذي كانت فرحة تمهد الطريق لانتقاله إلى ابنها عمار بكداش، وهو ما حصل بالفعل عام 2010 عندما تنازلت، قبل عامين من وفاتها، عن هذا المنصب لصالح نجلها، الذي كان يواجه اتهامات واسعة منذ دخوله المكتب السياسي مطلع التسعينيات بالسيطرة على الحزب، والاستحواذ على أمواله، بل والوشاية بالكثير من كوادره الذين كانوا يطرحون أفكاراً مناهضة لبعض سياسات النظام داخل الاجتماعات الحزبية وفي نقاشاتهم الخاصة.

أربعة مناصب قيادية في الحزب كان قد تسلمها بكداش الابن قبل أن يصبح رئيسه المطلق، بينما حظي بأول منصب سياسي عام عندما اختير لعضوية مجلس الشعب عام 2007، وهو المقعد الذي ما زال يشغله حتى الآن.

ثلاثة عقود كانت كفيلة بالإجهاز على ما تبقى من فكر الحزب وشعاراته لصالح التماهي التام مع السلطة وخدمتها، وعليه لم يكن مفاجئاً موقفه من الثورة التي اتهمها منذ اللحظة الأولى، مثل النظام، بأنها تمثل مؤامرة امبريالية تنفذها أدوات سلفية متطرفة، ضارباً عرض الحائط بكل الشروط الموضوعية والتاريخية التي كانت تشير بوضوح، حسب أدبيات الشيوعية وفكر الحزب، إلى أن تفجر مثل هذه الثورة الشعبية أمر حتمي بسبب سياسات النظام وطبيعة حكمه.

يعتبر الكثيرون أن الحزب الشيوعي السوري بقيادة عائلة بكداش، يمثل صورة مصغرة عن النظام، من حيث تحوله إلى مزرعة عائلية تتوارث حكمها وتسيطر على مقدراتها وتتاجر بشعارات حزبية وسياسية لتكريس سلطتها في هذه المزرعة، وبينما هيمن آل الأسد على سوريا بأكملها، اكتفى آل بكداش بالهيمنة على حزب وصل إلى حالة من البؤس حيث بات كل ما يبحث عنه اليوم هو بيان يزايد فيه بحب النظام على الآخرين.

المدن

————————-

الأسد وعون.. وقبلهما صدام حسين/ يوسف بزي

باسم العروبة أخذ صدام حسين العراق من دولة بالغة الثراء والبحبوحة والازدهار وبجيش قوي منيع إلى حرب مدمّرة وعبثية مع إيران استمرت ثماني سنوات مهلكة، خرج منها العراق محطماً. كبرياء الديكتاتور وعناده وإنكاره لكل واقع، وهرباً من حساب الكارثة، أخذه إلى الأسوأ. وهذه المرة باسم فلسطين سيغزو الكويت. حرب سترتّب على العالم العربي بأسره خسائر فلكية وتحولات عميقة وتاريخية ما زلنا نعاني نتائجها حتى اليوم. أما العراق نفسه “المتنطح للامبريالية”، فسيكون دولة بؤس وتحت حصار دولي استمر 12 عاماً، بنى أثناءها صدام سلسلة من القصور الخرافية تأكيداً لـ”انتصاراته”، فيما كان راتب أي موظف يساوي سعر بيضتين.

الديكتاتور الذي لا يعرف الهزيمة ولا يقر بخطأ ولا يشعر بندم، نجح بتحويل العراق إلى بلاد منكوبة أكثر في الحرب الأخيرة ضد أميركا عام 2003، لينتهي طريداً مختبئاً في جحر، قبل أن تعدمه فرقة من ميليشيا شيعية في مشهد همجي تقريباً. كانت نهايته للأسف متأخرة كثيراً، طالما أنه أكمل مهمته بتحطيم العراق كلياً. فبعده، 18 عاماً من الجحيم الطائفي والمذهبي والإرهابي الذي أفقد العراق أجيالاً من النخب والمتعلمين والكفوئين ومزق نسيجه الاجتماعي ودمر مكونات الحياة المدنية والروابط الوطنية، ومؤسسات الانتظام العام، عدا عن فقدان الثروات وتبددها وخسارة جهود ما يوازي مئة عام من التنمية. رحل صدام ومعه ملايين القتلى.

المزيج من الوحشية والقسوة والعناد اليائس سنراه مجدداً في شخص عديم الكاريزميا، ممقوت وتتنازع في دواخله مشاعر انعدام الثقة ورغبة عارمة في التفوق على أبيه “الداهية” تسلطاً. لقد بدأ عهد بشار الأسد مع نهايات صدام حسين. التوجس من المصير نفسه، دفعه إلى الاستشراس قمعاً في الداخل، وابتذالاً أكثر في “إدارته” للبنان، وارتماءً كلياً في حضن الحرس الثوري الإيراني.

كل ما اقترفه صدام حسين عاوده بشار الأسد على نحو خال من أي ادعاءات بطولية، لا باسم العروبة ولا باسم فلسطين، كان شرّه مَرَضياً وسادياً. ما فعله بسوريا وبالشعب السوري، فقط كي يبقى في السلطة، كان شرّاً كاملاً لا معنى سياسياً له. إلا إذا كانت “السياسة” شراً مطلقاً.

عشر سنوات لم يبق من سوريا المقتدرة إلا الهباء.. أرض بؤس وكوابيس مستمرة. وعلى الأرجح أن الأسد هذا مستمر في الرئاسة فوق الحطام. وإذا ذهب ذات يوم، فسيكون رحيله مصحوباً أيضاً بملايين القتلى (حتى الآن، ما يناهز المليون قتيل).

ليس من ديكتاتور في لبنان. لا رأس واحداً للحكم. يمكن القول أن هناك ديكاتوريين صغار، وفوقهم “مرشد أعلى” ليس باستطاعته حتى الآن أن يكون ديكتاتوراً أوحد رسمياً. والرئيس الرسمي، العسكري السابق، الجنرال ميشال عون يحجب نزعته إلى الديكتاتورية وإن كانت ثقافة تياره السياسي تقدسه وترفعه إلى مصاف القائد الملهم والمخلص والرئيس الأبدي المعصوم عن الخطأ.

بهذا المعنى، وعلى منوال التيار العوني، كما على منوال أتباع حسن نصرالله، وسائر أتباع القادة الأبديين، كل في طائفته وجماعته، يمكن القول أن الديموقراطية ميتة في لبنان. هناك فقط نوع من “تعايش” اضطراري بين أولئك الديكتاتوريين وفق توازن قوى هش، وقائم على العدائية لا على التفاهم.

مجموعة الديكتاتوريين، أكانوا من نمط إقطاعي أو ثيوقراطي أو فاشي أو بطريركي، يتسمون باحتقارهم للسياسة وضيقهم الشديد بأي منافسة أو اعتراض أو نقد. وهم كل بمفرده غير قادر على فعل ما فعله صدام أو بشار، لكنهم كمنظومة ملعونة إلى هذا الحد، استطاعوا حصد نتائج مشابهة كويلات على لبنان. فحتى لو تجاوزنا الحصاد الكارثي لمغامرات عون 1988- 1990، فإن حصاد 2006 و2008، وصولاً إلى 2016 ثم الحصيلة المبهرة لعامي 2019- 2020، تقودنا إلى وقائع مريرة، إما باسم فلسطين أو باسم “حقوق الطائفة” أو حتى باسم “مقارعة الامبريالية”: لبنان في القعر، خراب بلا حرب، عوز وإفلاس، حصار وعزلة، الضحالة والتفاهة، انهيار مالي وسياسي وقضائي وثقافي، هوية وطنية ممزقة، خسارة متمادية للنخب، انعدام المستقبل.

عون ليس صدام حسين ولا بشار الأسد. لكن ادعاء الطهارة والإيمان بالفرادة واحتكار “الحق” قد يكون مشتركاً بين كل صغار ديكتاتوريي لبنان والطاغيين العراقي والسوري. ربما ما يزعج عون ويميزه أنه ليس حاكماً مطلقاً وليس وحده في السلطة. فخلفه عدد لا يحصى من الديكتاتوريين الصغار، الذين يزاولون تحطيم البلاد فقط رغبة منهم بالسلطة، بفتات السلطة ولو فوق الحطام.

ايلاف

——————-

سوريا.. مجلس للنظام وليس للشعب/ بهاء العوام

إجادة فن “المعارضة” حرفة يحتاجها عضو “مجلس الشعب” فالاعتراض يجب أن لا يمس بالرئيس الأسد وأن يشير بلباقة إلى الفساد والمحسوبية دون ذكر شخصيات بعينها والأهم من هذا وذاك أن لا “يوهن نفسية الأمة”.

مر عقد كامل على الأزمة السورية، تغيرت خلاله الهوية الديموغرافية والجغرافية للدولة كثيراً، ولكن “مجلس الشعب” بقي على حاله. في الواقع، هو لم يمثل السوريين منذ وصول عائلة الأسد إلى السلطة. كان ولازال مجرد حلقات من المصفقين لـ”الرئيس”، فقط من أجل راتب شهري، أو لوحة سيارة، أو فتات من الكسب غير المشروع.

وفق الأمم المتحدة أسفرت الحرب في سوريا حتى الآن عن أربعمائة ألف قتيل، وأكثر من سبعة ملايين نازح داخل البلاد، ونحو ستة ملايين لاجئ خارجها، فضلا عن مئات الآلاف من المعتقلين. كما أدت الحرب لاستنزاف البنى التحتية، وشلت مجمل مضامير الحياة، وكل هذا بسبب “الرئيس” الذي يريد “مجلس الشعب” أن يمنحه ولاية رابعة، ليكمل تدمير البلاد، وينهي أيّ أمل للسوريين في استعادة دولتهم.

هذا المجلس الذي قاد العمل الوطني إبان الاحتلال الفرنسي وترأسته شخصيات مثل فارس خوري، أصبح أداة للسلطة، وعاش خمسة عقود تحت وصاية “آل الأسد”. لا ينسى السوريون كيف استدعي أعضاؤه عام 2000 على عجل ليعدّلوا الدستور على مقاس بشار الأسد كي يخلف والده في رئاسة “الجمهورية”. ولا ينسوا أيضا كيف وقف “البرلمانيون” يصفقون لـ”الرئيس” وهو يقهقه على وقع القمع والقتل الذي مارسه في الأيام الأولى للثورة عام 2011.

رؤية ضيقة

في الذكرى الأخيرة لاستقلال سوريا عن الفرنسيين خرج “مجلس الشعب” ببيان يتحدث فيه عن “تكالب قوى الشر والعدوان والإرهاب مع أذناب العمالة والخيانة والتآمر والتضليل على سوريا في محاولة لتخريب وتدمير المنجزات التي حققتها على مدى سنين طويلة”.

لا يملك أحد من أعضاء المجلس أن يذكر منجزاً واحداً لـ”سوريا الأسد”، فهي لم تعرف على مدار نصف قرن إلا سلسلة متصلة من الجرائم بحق السوريين، بزعم مواجهة “المؤامرات الكونية” التي يحيكها العالم ضدهم.

يطلب “البرلمان” من الطاغية البقاء في الحكم. ولا عجب في هذا؛ في زمن البعث هذا هو الشرط اللازم لتدخل “مجلس الشعب” وتعمّر فيه. أما التعبير عن صوت الناس ومطالبهم فهذا آخر ما تحتاجه، لأنه قد يصل بك إلى السجن كما حدث مع النائب رياض سيف عام 2001، عندما فتح ملف شبكة الخليوي وقال إن الفساد فيه يضيع على خزينة الدولة نحو 7 مليار دولار في ذلك الوقت.

أهم المهارات التي تحتاجها كعضو في “مجلس الشعب” التطبيل والتصفيق. وإن كنت تملك موهبة التعبير عن إعجابك بـ”حكمة وشجاعة الرئيس” شعراً أو نثراً أو هتافاً، فهذا يضمن لك الديمومة تحت قبة المجلس. ويُضربُ المثلُ في نائب قال يوما “إن حكم سوريا قليل على بشار الأسد، وهو يجب أن يحكم العالم”.

إجادة فن “المعارضة” في ظل حكم الأسود حرفة يحتاجها عضو “مجلس الشعب” أيضاً، فالاعتراض يجب أن لا يمس بالرئيس ولا بأذرعه المالية والأمنية. كما أنه يجب أن يشير بلباقة إلى الفساد والمحسوبية دون ذكر شخصيات بعينها. والأهم من هذا وذاك أن لا “يوهن نفسية الأمة” ولا يتجاهل “المؤامرة الكونية” على البلاد.

هذه الثوابت عاشت عليها أجيال من أعضاء “مجلس الشعب”. هناك وجوه كثيرة لم تتغير لأربع دورات متتالية، ولكن ذلك لا يهم طالما أن النواب لا يملكون من أمرهم إلا بقدر ما يسمح النظام.

المجلس أطلق استفتاء جديدا مضمون النتائج من أجل منح الأسد سبعة أعوام جديدة

من باب الإنصاف، لا بد من الإشارة إلى متغير وحيد طرأ على “مجلس الشعب” خلال سنوات الحرب، فقد بات يضم بين صفوفه أزلاما لأمراء الحرب وإيران وروسيا إلى جانب أزلام النظام التقليديين. هؤلاء جميعهم يراعون سقف المنافسة بينهم لأن المصلحة واحدة في بقاء النظام الذي يعتاشون على فساده، ولكنّ ولاءهم لمرجعياتهم بات لا يقل أهمية عن ولائهم للنظام. هم ينفذون أجندة من يوظفهم كأعضاء في المجلس، ولا يهمهم إن كانت هذه الأجندة تتعارض مع مصلحة البلاد ومستقبل السوريين.

نواب المحتلين إن جازت تسميتهم، يسافرون إلى طهران أو موسكو بين فترة وأخرى لجمع الأموال وتلقي التوجيهات، أما نواب أمراء الحرب فالأموال والتعليمات تصلهم إلى مكاتبهم، كما هو حال الأعضاء الممثلين للنظام بحزبه وأمنه وجيشه. أما القلة التي لم تفلح في تمثيل أيّ من الأطراف الأربعة رسميا، فهي تكتفي بالمعاشات ومميزات عضوية المجلس.

بخارطة انتماءاته التي رسمتها الحرب على مدار عقد كامل، دعا “مجلس الشعب” إلى انتخابات رئاسية جديدة في السادس والعشرين من مايو المقبل. وبتعبير أدق أطلق المجلس استفتاءً جديدا مضمون النتائج من أجل منح الأسد سبعة أعوام جديدة، ومنح النظام الذي يديره أمراء الحرب وروسيا وإيران سبعة أعوام أخرى، فيما يواصل أعضاء المجلس سرقاتهم وفسادهم وانتهازيتهم وهم يصفقون ويطبلون للأسد ومشغليهم.

ولأن عضوية “مجلس الشعب” ليست إجبارية ولا يوجد ما يبرر سلوك النواب وقراراتهم، لا يمكن تبرئة أيّ عضو من المسؤولية الأخلاقية على الأقل، فيما جرى ويجري خلال سنوات الحرب. كل من اختار أن يشارك في برلمان الدمى طوال هذه السنوات، عليه أن يدرك أنه ساهم في خراب سوريا وما طال سكانها من موت وتشريد وفقر، وعليه أن يعتذر يوما عن كل مرة صفق أو هتف أو ضحك فيها بوجه الطاغية.

العرب

————————

صراع حلفاء الأمس في الشرق السوري/ غسان ابراهيم

تستعد روسيا للتمركز في شرق سوريا بعد أن كان تركيزها على غرب البلاد في مراحل تواجدها الأولى عندما كانت المهمة إنقاذ نظام الأسد. ومع تغير المهمة أصبح التواجد في الشطر الآخر أولوية موسكو الجديدة.

والحجة جاهزة وهي داعش الذي تحرك مؤخراً هناك، بينما الحقيقة أبعد من ذلك، فما تريده روسيا في شرق البلاد له أبعاد كثيرة.

التنافس بين حلفاء الأمس أصبح مبرراً من الجانبين، فروسيا التي تريد أن تكون صاحبة الكلمة الأخيرة في سوريا تواجه الموقف الإيراني الذي يرى أنهم أسياد اللعبة، فهم من أحضر الروس لمهمة إنقاذ النظام، فكيف تتحول المهمة لمسيطر على المشهد، وكيف يمكن أن تخرج إيران جانباً؟

والروس الذين اعتمدوا على الإيرانيين في مرحلة الحرب عبر ميليشيات متعددة الأشكال والولاءات لم تعد لهم حاجة بهم اليوم. بل أصبحوا عبئاً على البلاد. وأصبحت إيران ككل مصدر إزعاج. فروسيا التي تطرق أبواب الدول العربية لإعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية وتمويل إعادة الإعمار تصطدم بحائط عربي رافض للوجود الإيراني.

ما تريده روسيا في شرق سوريا له أبعاد كثيرة

الحاجة للتقارب أصبحت حاجة للابتعاد، والأجندة التي وحدتهما أصبحت تفرقهما اليوم عبر أجندة جديدة تتطلب إنقاذ النظام ليس من المعارضة هذه المرة، بل من عزلة دولية تخنقه سياسياً وتضعفه اقتصادياً وتفككه استراتيجياً.

ما جمع الطرفين انتهى، وبدأت مهمة جديدة من الصراع الهادئ على النفوذ، كما أن انعدام الثقة يتزايد يوماً بعد يوم. والتضارب بين الطرفين مرتبط بخيط رفيع ليس من مصلحة أحدهما أن يقطعه. فروسيا التي تضغط على إيران بشكل محسوب ترفض زيادة الجرعة لأنها تعلم أن الإيراني أيضا لديه من الأوراق في سوريا ما يزيد عمّا في جعبتها.

فلا يمكننا أن نتوقع صراعا مباشرا، فإيران التي تتمسك بوجودها الاستراتيجي تقهقرها هناك يعني انكفائها إلى العراق وربما إلى ما وراء حدودها. سوريا بالنسبة إليها الحصن الأول لمشروعها التوسعي وبوابتها إلى المتوسط. بينما الروسي يفكر بعقلية استراتيجية تتجاوز الأشخاص عبر توقيعها اتفاقات طويلة المدى مع النظام السوري، وتريد سوريا منصة لتواجد استراتيجي ينافس التواجد الأميركي في المنطقة.

هذه التطلعات بعيدة المدى تنطلق بتحركات صغيرة وتدريجية لتفرض نفوذها على أغلب المناطق السورية، وفي هذا الإطار الكبير تأتي التحركات الصغيرة في دير الزور.

التواجد الروسي الجديد هناك أصغر من أن يوصف بقاعدة عسكرية وأكبر من نقطة عسكرية تقليدية، يكاد يكون تشكيلاً عسكرياً فريداً له مهمة التدخل السريع في شرق البلاد.

هذه المنطقة التي تخضع لنفوذ النظام السوري شكلياً تدار من قبل ميليشيات إيرانية أو سورية تعمل بالنيابة عن الإيرانيين نتيجة مغريات تجذب الشباب للعمل في صفوفها مع تدهور الوضع الاقتصادي. كما يحدّ هذه المنطقة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها المكون الكردي السوري الذي لا تثق روسيا به لتمسكه بعلاقات وطيدة مع الجانب الأميركي.

وجود الروس في المنطقة محاولة لجذب الشباب السوري لصفها بدلاً من ميليشيات طائفية تعمل بأجندات دينية متشددة.

ودخول الروس هناك يعني منافسة إيران في منطقة تعتبر بوابتها التي تربط العراق بسوريا لتكون ممر إيران نحو العمق السوري. وقد يتحول هذا الوجود العسكري الروسي للعب دور شرطي على مرور الإيرانيين براً ومراقبة وضبط من يدخل ويخرج على المدى الأبعد.

سوريا بالنسبة إلى إيران الحصن الأول لمشروعها التوسعي وبوابتها إلى المتوسط

كما ستستخدم موسكو هذا الوجود العسكري لحماية ما يشتريه النظام من النفط السوري من الأكراد، ومنع اليد الإيرانية من السيطرة على ما يتركه الأميركيون من مصادر طاقة.

وهذا التواجد العسكري يأتي في وقت قد تحاول فيه إيران الوصول إلى صفقات مع الأميركيين ليس فقط على الملف النووي، بل ربما وجودها في سوريا وما يمكنها السيطرة عليه هناك.

فبينما موسكو لا ترى أملاً قريباً لتفاهمات مع واشنطن، لن تترد طهران في ضمان نفوذها في سوريا عبر تفاهماتها المقبلة مع واشنطن إن حدثت.

ما يجعل التنافس بين البلدين يصل مرحلة حرجة تمنع روسيا من تحويل وجودها الجديد إلى قاعدة كبيرة وبنفس الوقت تكلفها بمهام أكبر. فحجة محاربة داعش لا تقلق أحداً وتلقى ترحيباً من الجميع، والهدف أبعد من ذلك بكثير.

هذا لا يعني أن الإيرانيين سيستسلمون ويقدمون المنطقة للروس، فالجميع يتذكر الجنوب السوري الذي من المفترض أن يديره الفيلق الخامس التابع شكلياً لجيش النظام وعملياً للروس، وكيف استطاعت إيران عبر ميليشياتها والفرقة الرابعة الموالية لها اختراق المنطقة من جديد، وعدم التزامها بتفاهمات روسية بخصوص تلك المنطقة.

المنافسة بين الطرفين تسير بدم بارد وبحركات بطيئة كلاعب شطرنج يحاول محاصرة الخصم، حركة روسية صغيرة في الشرق، لا يمكن الاستهانة بها أو الرد عليها من الطرف الآخر.

—————————-

ظاهرة تعظيم الأسد.. من المقاومة إلى الهدم/ مصلح مصلح

لا يمكن للمرء تفهم طبيعة الخطاب البلاغي الساذج المبثوث في ثنايا كتاب “حافظ الأسد مدرسة قومية خالدة” (2002) لمحرره الإعلامي الراحل أحمد صوان، المأخوذ عن الشهادة الشفوية لوزير دفاع الأسد السابق مصطفى طلاس، التي ذهب فيها حد رفع الأسد إلى مصاف عظماء القرن العشرين، ورفع طبائع شخصيته الغامضة إلى مستوى السر الكوني العظيم: “حافظ الأسد هو أحد عظماء القرن العشرين، فقد كان الأكثر قدرة على رؤية جوانب المسألة بشمولية وإدراك عميق، ناهيك عن الوقار والتواضع والصدق وحكمة القول، الأمر الذي جعل العالم مسحورًا باحثًا عن سر شخصيته”، دون أن يدرجه ضمن طابع البلاغة الإنشائي “لظاهرة تعظيم الأسد” التي اتخذت منها الباحثة الأمريكية ليزا وادين في كتابها “السيطرة الغامضة” الفرضية الأساسية للكشف عن الغايات والأساليب التي انطوت عليها تلك الظاهرة لإخضاع السوريين لسلطة الأسد المطلقة.

عميقة ونافذة هي فرضية وادين الخاصة بظاهرة تعظيم الأسد، إلا أنها في الوقت نفسه صادمة على نحو مروع، ذلك أن الأسد في محاولته لرفع نفسه أو سلطته المشخصنة إلى مستوى الألوهية المطلقة، ولم يحاول بذل أي جهد ممكن لإقناع محكوميه بصدق ما يقوله عن نفسه كما ذاته المتألهة، وبقدر ما يترك للسوريين أن يصدقوا جميع ادعاءاته عن البطولة والرعاية الأبوية دون أي احتجاج يذكر، رغم معرفته المسبقة بأنها لا تتعدى مستوى الكذب الزلال. فمنذا الذي يمكن له أن يصدق بأنه الصيدلاني الأول والفلاح الأول والمعلم الأول؟ ومن ذا الذي يمكن أن تنطلي عليه هرقطاته عن الخلود والأبدية، المكدسة على نحو عجائبي في ذلك الشعار المدرسي الممجوج “قائدنا إلى الأبد.. الأمين حافظ الأسد”، اللهم إلا من باب المبالغة الفجة المولدة للضحك؟

في ظاهرها تبدو قضية تصديق الكذب الأسدي كما لو كانت نوعًا من المجاملات العامة، التي تندرج ضمن آداب الحديث التي يحرص فيها المستمع على عدم وصف شطحات محدثه الخيالية بالكذب، إما تحاشيًا للاصطدام معه أو التقليل من شأنه، إلا أنها في العمق مرعبة على نحو مخيف. فنحن في سياق الكذب لا نصدق الكذب الأسدي وحسب، بل نتواطأ على الذهاب معه وترديده كما لو كان حقيقة ماثلة للعيان. فمنذا الذي يجرؤ على القول إن الأسد ليس أبًا لجميع السوريين، في تجمع تشرف عليه المخابرات أو أحد من أعوانها؟ ومنذا الذي يستطيع أن يجاهر بالقول إن الأسد ليس رمزًا للثورة العربية في معرض استماعه لأحد الرفاق الحزبيين وهو يتشدق بإنجازات قائده الفذ على الصعيد القومي؟

لا تهدف ظاهرة تقديس الأسد القائمة على تقنية البلاغة الكاذبة إلى تدجين الناس، أو إخراجهم من السياسية، أي حقهم في تقرير شؤون حياتهم اليومية وحسب، بل إلى تدمير الطابع الشخصي لكل منهم عبر تذكيره بأنه معزول وعاجز عن التغيير والفعل كما الاحتجاج، ذلك أن منطق الكذب الأسدي يقوم على فكرة تشجيع الناس المعزولين على النفاق والشطط فيه، كما التنافس فيما بينهم على إنتاجه وتسويقه إلى أقصى مدى ممكن، على النحو الذي نراه في كتاب أحمد صوان، الذي شاء الشريكان المنافقان، صاحب الحكاية ومدونها، على أن يكون بمفعول رجعي، يتجاوز وفاة صاحب ظاهرة الكذب بعامين كاملين.

واحدة من مآزق السلطة الأسدية وهي تعمل على تحويل السوريين إلى مجموعة من الناس المعزولين عن بعضهم البعض، على النحو الذي لا يتحرج البعض منهم من إبلاغ المخابرات عن مقاومة إخوتهم، الذين يحاولون التفلت من الخضوع لمنطق الكذب الأسدي ومآزقه الوجودية؛ أنها تنسى أن الكذب غير القابل للتصديق سلاح ذو حدين، فإذا كان يصلح لتدجين الناس وتدمير ثقتهم فيما بينهم كيلا لا يستطيعوا الانتظام في أي نوع من أنواع الاحتجاج المنظم ضد السلطة، إلا أنه في الوقت نفسه مادة للتفكير في الكذب من أجل دحضه. فكيف يعقل أن يكون الأسد أبًا للسوريين فيما هو في الحقيقة العيانية لا يخرج عن كونه أبًا لنفسه، أو على أبعد تقدير أبًا لعائلته، أو لجماعته الأهلية، أو قل للجزء الذي يمد له يد العون في محاولات الضبط والاخضاع، بينما بقية السوريين متروكين لقدرهم في تحمل النقص في كل شيء، من الكرامة وصولًا إلى الحاجات والخدمات الأساسية الضرورية للعيش.

مع أن ظاهرة تعظيم الأسد شأنها في ذلك ظاهرة التعذيب الممنهج في سجونه قد صمّمت بقصد الإطباق على السوريين وإخراجهم من السياسية، عبر نزع الطابع الإنساني عنهم في دفعهم لتصديق الكذب، ومن ثم إدراجه في بنيتهم الجسدية في جميع الحالات التي تضطرهم الظروف لحمل صور الرئيس وترديد الشعارات الممجدة لشخصه. فإن نقطة ضعفها الأساسية تكمن في تركيزها على التماهي مع الكذب، دون أي محاولة لتثبيته في الوجدان الشخصي للفرد على النحو المعمول به في الدولة الشمولية بنسختها الستالينية وأختها المعاصرة، دولة الأخ الكبير كيم إيل سونغ وورثته من بعده. الأمر الذي يجعل أمر مقاومتها ممكنًا على الصعيد الفردي، أو على مستوى الجماعة الصغيرة عبر تقنية النكته.

تنطوي النكتة في حد ذاتها على فعل مقاوم، ذلك أن الفرد سواء في حالة كونه ناقلًا لها أو مستمعًا، فإنه يبدي استعدادًا نفسيًا عاليًا لاستعادة نفسه المشطورة بين رفض الكذب والتماهي معه. فما النكتة في الجوهر سوى تعرية وهدم لفكرة الكذب؛ كذب الحاكم وكذب الذات المغلوبة على نفسها، والتعريض به عبر فضح طابعه المضاد لكل منطق عقلي كما في حالة “الفلاح الأول”.

مع ذلك فإن الطابع المقاوم للنكتة ظل حبيس الفعل الفردي غير القادر على الإفصاح عن نفسه على شكل علني، الأمر الذي جعل منها سلوكًا تنفيسًا لذات معذبة تنوس بين حدي تصديق الكذب والتماهي معه.

إذا كانت النكتة السياسة هي مفتاح مقاومة ظاهرة تقديس الأسد، فإن الكوميديا السياسية في المسرح، والكوميديا السوداء في السينما، قد أحدثتا نقلة نوعية في تلك المقاومة. ذلك أن النكتة أو اللوحة الكوميديا في المسرح تتم في جو من كسر عامل العزلة التي سعت إليه الأسدية، ففي مسرحيات محمد الماغوط كما في أفلام أسامة محمد ونبيل المالح وسمير ذكرى، تحضر النكتة في جو من الألفة الاجتماعية والحس الجماعي الرافض للكذب السلطوي، على العكس من الكوميديا المنزلية التي نهض بها مسلسلا بقعة ضوء ومرايا.

مع ذلك يتساءل المرء كيف أمكن للسلطة الأسدية أن تتسامح مع ظاهرة النقد تلك، سواء في المسرح والسينما أو في الدراما التلفزيونية، مع علمها المسبق أن ذلك النقد يستهدف منطق زيف أكاذيبها في الأبوة الأسدية والبطولات المتخيلة في الدفاع عن الأرض السليبة والعمل على استعادتها، كما يستهدف كسر حالة العزلة التي تفرضها على محكوميها عبر جعل عيبوبها ونقائصها مادة للضحك المباح؟

لكنه سيكتشف أن السلطة في سماحها بمثل هذا النقد لم تكن تحرص على حل مشكلة التناقض بين الادعاءات الرئاسية والوقائع العياني، عبر ظاهرة تنفيس الاحتقان في أوساط المحكومين المفجوعين بوقاحة الكذب وحدته، بقدر ما كانت تحرص على ترسيخ فكرة تنزيه الذات الأسدية عن القصور الإداري والفساد الحكومي، عبر تحميله لصغار الموظفين الذين يستغلون طيبة قلب الأب المشغول بقضايا السياسية الخارجية، المهمومة بضمان سلامة المواطنين كما أبنائهم من أي عدوان خارجي قد يطال سلامتهم الشخصية.

في الـ 15 من آذار/مارس 2011، أثبت السوريون هشاشة ظاهرة تعظيم الأسد، التي حاولت كل ما بوسعها لابقائهم في دائرة أكاذيبها الرئاسية، هذا ناهيك عن إثباتهم لامرين اثنين؛ تمثل الأول باستحالة إخراجهم من السياسية، فيما تمثل الثاني بقطعهم مع تلك الأكاذيب التي كانت تصر على الطابع الخالد للذات الأسدية. الأمر الذي يفسر إصرار الناس على إطلاق شعار “يلعن روحك يا حافظ” لكونه محاولة رمزية لرمي تلك الروح الفاسدة في باب اللعنة الأبدية، كما إصرارهم على إسقاط تماثيله التي أرادها وسيلة مادية لترسيخ وجوده الفاني رغم أنف السوريين، كما إعلان حضوره البوليسي عليهم في كل مطرح وفي كل حين.

على الرغم من العطب الحقيقي الذي أصاب ظاهرة تعظيم الأسد إثر خروج الناس للمطالبة بحقوقهم السياسية، فإن محاولات السلطة الأسدية لترميم ذلك العطب ظللت قائمة على قدم وساق، سواء عبر محاولاتها المستميتة لإعادة ترميم التماثيل الأسدية وإعادتها للميادين، أو عبر البحث عن رموز وشعارات جديدة تضمن الحد الأدنى من التضامن بين أنصار النظام المكلومين أنفسهم هذه المرة. وما محاولات تسويق الخطاب الرسمي عن المؤامرة الكونية والنصر الإلهي المؤزر عليها، سوى حلقة طويلة من حلقات التضامن الأخويّ بين الأنصار المنخرطين في الدفاع عن الاستبداد ورموزه، الذين لم يتورعوا عن إعادة الاعتبار للحذاء العسكري، ورفعه إلى مستوى الرمز الوطني الكبير، الذي رأي فيه الفنان الدرامي بسام كوسا تاجًا وطنيًا عظيمًا، لا يقل عظمة عن الرموز الوطنية الأخرى كالعلم الوطني والنشيد والبراميل المتفجرة العمياء.

الترا صوت

————————-

والبقية تأتي… أبرز المحطات في 21 سنة من حكم بشار

أعلن بشار الأسد، رأس النظام السوري، اعتزامه البقاء في السلطة، سبع سنوات مقبلة عبر ترشحّه للانتخابات الرئاسيّة، التي يتفق كل من يهتم بالشأن السوري على كونها “صوريّة”، إذ ينافس الأسد مرشّحون يهتفون باسمه، ويرفقون إعلانات ترشحهم للرئاسة بعبارات مثل “عاشت سوريا الأسد”.

في تموز/ يوليو المقبل يكون بشار الأسد قد أتم 21 عامًا على كرسي الرئاسة في “الجمهوريّة” السوريّة، أيّ ثلاث فترات رئاسيّة. وبحسب الدستور السوري المعدل، الصادر في 2012، لا يجوز للرئيس أن يترشح سوى مرة واحدة تالية عقب انتهاء ولايته الأولى. ويحكم بشَّار خلفًا لوالده حافظ الأسد الذي استولى على السلطة في سوريا في مطلع السبعينيات وبقي في سدّة الرئاسة ثلاثين سنة، حتى وفاته في حزيران/ يونيو من العام 2000.

 في ما يلي أبرز التواريخ والمحطات المفصليّة في سوريا منذ تولّي بشار الأسد رئاستها. واعتمدنا في ذكر الحدث على أهميته وتأثيره على نظام الحكم وعلى المجتمع السوري، والمحيط الإقليمي، والدولي أحيانًا.

استلام السلطة: 10 تموز/ يوليو 2000

استلم بشار الأسد السلطة رسميًا بعد شهر من وفاة والده، بعد تعديل الدستور السوري في زمن قياسي حتى يناسب الرئيس الجديد، وتمّ تغيير سن رئيس الجمهوريّة من 40 سنة إلى 34، عمر بشار الأسد آنذاك.

بيان الـ99: 27 أيلول/ سبتمبر 2000

وهو بيان وقّع عليه 99 مثقفًا سوريًا طالبوا فيه بإنهاء العمل بقانون الطوارئ والعفو عن السجناء السياسيين، والسماح للمبعدين والمنفيين بالعودة إلى البلاد، وحماية حريّة التعبير وحريّة التجمّع. ومن أبرز الموقعين على البيان برهان غليون وصادق جلال العظم وميشيل كيلو وخالد تاجا وعمر أميرالاي ومحمد ملص.

أحداث البدو: تشرين الثاني/ نوفمبر 2000

في أول تحدٍ للرئيس الجديد، تجدّدت الاشتباكات بين البدو والدروز في محافظة السويداء، جنوب البلاد، بسبب خلافات على مناطق الرعي، ومن ثمّ تحوّلت المواجهات لتصبح بين المدنيين وقوات الأمن. راح ضحيّة هذه الأحداث عشرات القتلى ومئات الجرحى، إلّا أنّ السلطات الأمنيّة استطاعت في النهاية السيطرة على المحافظة، وأنشأت على إثر ذلك فرعًا للمخابرات الجويّة في مدينة السويداء.

ربيع دمشق: أيلول/ سبتمبر 2000 حتى شباط/ فبراير 2001

فترة قصيرة من الحريّة النسبيّة، أطلقت فيها السلطات الحريّات العامة، فسمحت بحرية التعبير وحريّة التجمعات، فأنُشئ على إثر ذلك عدد من المنتديات واللقاءات، انتهت باعتقال العشرات في شباط/ فبراير2001.

بيان الألف: 9 كانون الثاني/ يناير 2001

أو بيان “إحياء المجتمع المدني” الذي وقّع عليه ألف مثقف سوري. قدمّ البيان خطة إصلاحيّة للنظام، وتضمّن مطالب بإلغاء قانون الطوارئ واحترام الحريات السياسيّة وحماية حريّة الصحافة وحريّة التعبير وإنشاء قضاء مستقل وتشريع قوانين انتخابيّة حرّة واحترام وحماية الحقوق الاقتصاديّة وإنهاء التمييز ضدّ المرأة.

لقاء الأسد مع ملكة بريطانيا: 19 كانون الأول/ ديسمبر 2002

وهو أول لقاء لرئيس سوري مع الملكة البريطانيّة اليزابيث، كما التقى الأسد الأمير تشارلز ورئيس الوزراء البريطاني – وقتها- توني بلير خلال هذه الزيارة التي وُصفت بالتاريخيّة. أصطحب الأسد زوجته، أسماء الأخرس (الأسد) معه، وكانت هذه الزيارة بداية ترسيخ صورة الأسد مع زوجته، كشابين منفتحين على العالم ومختلفين في الحكم عن الطريقة التي حكم بها الأسد الأب سوريا.

الاجتياح الأمريكي البريطاني للعراق: آذار/ مارس 2003

بحجة الأسلحة الكيماويّة وبهدف إنهاء حكم صدام حسين للعراق، بدأ الاجتياح الأمريكي البريطاني للعراق، الذي يحد سوريا من الشرق، حوّل هذا الاجتياح الشرق الأوسط إلى منطقة مشتعلة، وتصاعدت التوترات بين سوريا والولايات المتحدة، خاصة بسبب اتهام الأخيرة لسوريا بدعمها للمقاتلين ضدّ القوات الأمريكيّة في العراق. وأشارت تقارير وأبحاث إلى أنّ آلاف المقاتلين الذين واجهوا القوات الامريكية ووصفوا بـ”الإرهابيين” دخلوا إلى العراق عن طريق سوريا.

انتفاضة الأكراد: 12 آذار/ مارس 2004

خلال مباراة كرة قدم في مدينة القامشلي ذات الغالبيّة الكرديّة، بين فريق “الجهاد” المحلي وفريق مدينة دير الزور “الفتوة”، انطلقت أعمال عنف راح ضحيتها ثلاثة أطفال أكراد، وتحوّلت تلك شرارة انتفاضة كرديّة انتقلت إلى معظم مناطق الأكراد في سوريا، وتم خلالها تحطيم تمثال حافظ الأسد في مدينة عامودا لأول مرة في سوريا. قمع النظام الانتفاضة بعنف، وراح ضحية أعمال القمع هذه عشرات الشبّان الأكراد، كما تمّ اعتقال الآلاف منهم.

اغتيال رفيق الحريري: 14 شباط/ فبراير 2005

بكمية هائلة من المتفجرات تمّ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في بيروت، التي كانت تحتلها سوريا منذ عام 1976. أشارت أصابع الاتهام إلى سوريا بشكل مباشر وحليفها اللبناني “حزب الله”، وقُطعت على إثر حادثة الاغتيال العلاقات الدوليّة مع سوريا، فعاشت سوريا فيما يُشبه العزلة الدوليّة لسنوات. صار الاغتيال شرارة انطلاق “ثورة الأَرز” التي أنهت الوجود السوري في لبنان في الثلاثين من نيسان/ أبريل من العام نفسه.

اغتيال الشيخ معشوق الخزنوي: أيار/ مايو 2005

في العاشر من أيار/ مايو 2005، اختفى رجل الدين الكردي، وشيخ الطريقة الخزنويّة، معشوق الخزنوي، بالقرب من مكتبه في دمشق، وعُثر على جثته بعد ثلاثة أسابيع قرب مدينة دير الزور شرق البلاد. اتجهت أصابع الاتهام إلى النظام السوري الذي نفى ذلك. وجاء الاغتيال بعد حوالي شهر من كلمة ألقاها الشيخ في ذكرى مرور سنة على مقتل شاب كردي خلال انتفاضة الأكراد 2004 على أيدي عناصر الأمن، هاجم فيها النظام السوري، مطالبًا إياه بمنح الأكراد حقوقهم.

اغتيال سمير قصير: 2 تموز/ يونيو 2005

بعد إعلان انسحاب القوات السوريّة من لبنان، شهد لبنان الواقع في غرب سوريا، عددًا من عمليات الاغتيال والتصفيّة، أبرزها اغتيال الصحافي والكاتب اللبناني سمير قصير، أشد المعارضين لنظام الأسد. لم يُعرف مرتكب عملية الاغتيال إلى الآن؛ إلّا أنّ أصابع الاتهام وُجهت إلى سوريا.

إطلاق “إعلان دمشق”: 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2005

وهي وثيقة وقّع عليها عدد من السياسيين السوريين المعارضين لحكم الأسد، وضمّت للمرة الأولى سياسيين وناشطين ومثقفين سوريين من توجهات مختلفة، ليبراليّة وإسلاميّة، وكانت تدعو لإنهاء حكم الأسد واستبداله بنظام ديمقراطي، واعتبرت وثيقة جامعة لـ”قوى التغيير الوطنيّة المعارضة في سوريا”، ونشأ منها عدد من اللجان والمجموعات التي نشطت سياسيًا في سوريا وخارجها منذ ذلك التاريخ. اعتُقل على إثر هذا الإعلان عدد كبير من الموقعين عليه، أبرزهم ميشيل كيلو.

حرب تموز/ يوليو 2006

بدأت إسرائيل بشن حرب على لبنان، وبشكل خاص على حزب الله، الحليف الرئيسي لنظام الأسد في لبنان، واستمرت الحرب أكثر من شهر ونتج عنها مئات القتلى من الجانبين، الإسرائيلي واللبناني، إضافة إلى نزوح ولجوء مئات الآلاف من اللاجئين اللبنانيين، واستقبل الكثير من العائلات السوريّة عائلات لبنانيّة، كما فُتحت المدارس والمراكز الخدميّة لاستقبال اللاجئين من البلد المجاور.

الاستفتاء الرئاسي 27 أيار/ مايو 2007

الاستفتاء هو بديل الانتخابات في سوريا، وقد اعتمد حافظ الأسد ومن بعده بشَّار على الاستفتاءات، إذ يُستفتى الشعب على بقاء الرئيس في الحكم من عدمه كلّ سبع سنوات، ويتم التصويت بنعم أو لا، دون أن يكون هناك مرشحون آخرون. في الأشهر التي سبقت الاستفتاء، بعد سبع سنوات من حكم الأسد الإبن، انتشرت في سوريا حملة إعلاميّة كبيرة تحت شعار “منحبك”، وظهرت خيم احتفاليّة كبيرة في الشوارع وسُيّرت مسيرات كثيرة مؤيدة لبشار الأسد. أعلن النظام السوري عن بقاء بشار الأسد في السلطة بعد أن “صوّت” 97.62% بـ”نعم”. تحوّلت تلك النسبة إلى “نكتة” سريّة في الشارع السوري، تقول: إنّ الرئيس لم يحصل للمرة الأولى على 99.9% من الأصوات، وقد قام بإعدام من “صوّت” بـ”لا”.

اغتيال أبو القعقاع: 28 أيلول/ سبتمبر 2007

وهو محمد غول اغاسي إمام جامع الإيمان في حلب، أشهر أئمة جوامع سوريا في تلك الفترة، وعُرف لسنوات طويلة بدعوته إلى “الجهاد”، ومن ثمّ إرساله لكثير من شباب سوريا إلى “الجهاد” في العراق بعد الاجتياح الأمريكي البريطاني للبلد المجاور. انتشرت شائعات عن عمالته للنظام السوري، وعن أنّ مقتله تمّ عن طريق النظام نفسه بعد أن أصبح قوة لا يُستهان بها، وكذلك شائعات مضادة قالت إنّ من قتله هو أحد مريديه السابقين بعد أنّ غيّر أبو القعقاع من آرائه حول الجهاد، وآخرون قالوا إنّ المخابرات الأمريكيّة هي من خططت لقتله، إلّا أنّ أياً من الروايات لم تتأكد حتى الآن.

حملة قمع للمعارضين في نهاية العام 2007

استمرت اعتقالات الناشطين السياسيين والمعارضين لحكم الأسد ولم تتوقف، لكن في نهاية 2007 بدأ النظام واحدة من أوسع الحملات، شملت مجموعة من الشباب الناشطين في المنتديات السريّة والعلنيّة وفي الأحزاب المعارضة للأسد، وخاصة في مدن دمشق وحمص وحلب.

الجفاف وتغيّر المناخ: 2006 – 2010

ضرب الجفاف مناطق واسعة في شرق وشمال شرقي سوريا، وتُعد من أسوأ وأطول فترات الجفاف التي ضربت سوريا، لم تستطع سياسات الحكومة الليبراليّة أن توفّر حلولًا لملايين السكّان في تلك المناطق، فضرب الفقر مناطق واسعة تعتمد على الزراعة بشكل أساسي، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من السكان للعيش في بيوت عشوائيّة وخيم وبيوت صفيح في محيط المدن الكبرى، حمص وحلب ودمشق واللاذقيّة.

دمشق عاصمة الثقافة العربيّة 2008

أراد النظام السوريّ أن يُظهر دمشق مدينة مركزيّة في الثقافة العربيّة، منفتحة على العالم العربي والعالم. وظّفت الدولة السوريّة كلّ إمكاناتها لتتحول المدينة إلى مركز ثقافي كبير خلال السنة كلّها، فتمّت دعوة موسيقيين ومطربين وكتّاب ورسامين ونحّاتين ومسرحيين وسينمائيين وغيرهم من الفنانين إلى سوريا، وكثير منهم دخل إليها للمرة الأولى. وكانت الحفلات والأمسيات التي عقدت في دار الأوبرا وفي قلعة دمشق من أبرز أحداث هذه السنة، وذلك بسبب جمهورها الكبير الذي وصل إلى الآلاف في كلّ أمسية. استمرت الاحتفاليّة حتى الشهور الأولى من العام 2009.

اعتُبرت القمة العربيّة في دمشق من أنجح القمم العربيّة بسبب حضور عدد كبير من قادة الدول إلى دمشق، وبسبب التحضيرات الكبيرة التي قام بها النظام من أجل إنجاح القمة، في رد على الضغوط الخارجيّة التي كانت سوريا تتعرض لها في السنوات التي تلت اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.

مجزرة سجن صيدنايا: 5 تموز/ يوليو 2008

بعد عصيان قام به معتقلون في سجن صيدنايا، السجن الأسوأ في عصر الأسد الابن، بعد أن كان سجن تدمر هو الملمح الأبرز في عصر الأسد الأب، قامت قوات الأمن السوريّة بإنهاء العصيان بالقوة. قتل العشرات من السجناء ومن عناصر الأمن، لتُعتبر هذه المجزرة أولى المجازر التي قام بها نظام بشار الأسد.

بعد الانفتاح الأوروبي على النظام السوري بدءًا من عام 2007، وإعادة تعويم النظام دوليًا بعد سنوات قليلة من القطيعة إثر اغتيال الحريري، زار بشار الأسد وزوجته باريس بدعوة من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لتطبيع العلاقات السوريّة الفرنسيّة، ومن أجل حضور قمة إطلاق “الاتحاد من أجل المتوسط”. انتشرت صور بشار الأسد وعقيلته في شوارع باريس كحملة دعائيّة جديدة للأسد.

انطلاق الثورة السوريّة: 15 آذار/ مارس 2011

بعد تظاهرات صغيرة مناصرة للثورات في تونس ومصر وليبيا وبعد دعوات لثورة في سوريا، انطلقت تظاهرة بالقرب من الجامع الأموي في دمشق في الخامس عشر من آذار/ مارس، وبالتوازي انطلقت تظاهرات كبيرة في مدينة درعا جنوب البلاد في الثامن عشر من آذار/ مارس بعد اعتقال الأمن السوري لأطفال كتبوا عبارات مناوئة للنظام على جدران مدارسهم. ما لبثت أن تحولت هذه التظاهرات إلى ثورة عارمة اجتاحت البلاد. شنّ نظام الأسد حربًا لا هوادة فيها ضدّ هذه الثورة، فقتل مئات الآلاف واعتقل الآلاف وهجّر الملايين، وأُدخلت البلاد في نفق الحرب المفتوحة المستمرّة حتى اليوم.

“إصلاحات” ما بعد الثورة 2011

بعد قيام الثورة السوريّة، وعد الأسد بتقديم إصلاحات في النظام، من تغيير الدستور وإلغاء المادة الثامنة التي تقول بأنّ حزب البعث هو الحزب الحاكم للدولة والمجتمع، ومنح الجنسية للأكراد الذين حُرموا منها لسنوات طويلة، وفتح حوار وطني، لكنه لم ينجح في امتصاص غضب الشارع، وذلك لاستمرار آلة قتل المتظاهرين وقمع الثائرين على النظام على أيدي قوات الأمن والميليشيات الموالية للأسد.

تفكك الدولة وخروج مناطق من تحت سيطرة الأسد: 2011 – 2012

مع ازدياد رقعة التظاهرات، وازدياد استعمال العنف من قبل قوات الأمن والجيش، تشكّل “الجيش السوري الحرّ” من منشقين عن الجيش متطوعين مدنيين حملوا السلاح، بهدف حماية التظاهرات أولًا، ومن ثمّ لمهاجمة قوات النظام.

 خرجت مناطق واسعة في ريف إدلب وحلب والغوطتين الشرقيّة والغربيّة وحمص وريفها ودرعا، من تحت سيطرة النظام. وفي ذلك الوقت اشتدّت الدعوات لرحيل الأسد والمطالبة العربيّة والدوليّة بانتقال سلمي للسلطة وبناء نظام ديمقراطي. أبرز هذه الدعوات كانت الخطوط الحمراء التي أعلن عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأمريكي باراك أوباما (قام النظام السوري بخرق هذه الخطوط الحمراء لاحقًا من دون الالتفات لهذه التصريحات) وتعليق وجود سوريا في جامعة الدول العربيّة، وفرض عقوبات أوروبيّة وأمريكيّة على شخصيات أساسيّة من النظام على رأسها بشار الأسد.

معركة داريا تشرين الأول/ نوفمبر 2012 – شباط/ فبراير 2013

اعتمد النظام السوري على إستراتيجية الحصار الكامل والقصف الثقيل على المناطق التي خرجت عن سيطرته (مخيم اليرموك، حمص القديمة، الغوطة الشرقيّة، أحياء حلب الشرقية…). وكذلك فعل في بلدة داريا الواقعة في الغوطة الغربية. تشتهر داريا كذلك خلال الحرب السوريّة بمجزرة داريا في آب/ أغسطس 2012 وقد راح ضحيتها مئات القتلى من المدنيين.

معركة القصير: أيار/ مايو 2013

واحدة من أبرز معارك الحرب السوريّة، وذلك بسبب تدّخل حزب الله اللبناني بشكل علني في الصراع السوري، ومن خلفه الإعلان الواضح والعلني لدعم إيران المطلق لنظام الأسد. انتهت المعركة بسيطرة حزب الله والجيش السوري على مدينة القصير على الحدود السوريّة اللبنانيّة.

هجوم الغوطة الكيماوي: 21 آب/ أغسطس 2013

من أكبر المجازر في الحرب التي شنها النظام السوري ضدّ المناطق الخارجة عن سيطرته، والتي راح ضحيتها المئات (آلاف في روايات أخرى) من المدنيين، قام النظام السوري بقصف مناطق من الغوطة الشرقيّة بغاز السارين. حمّلت الدول الأوروبيّة وأمريكا وجهات المعارضة والمنظمات الحقوقيّة والتوثيقيّة النظام السوري المسؤوليّة، ونتج عن ذلك إرسال بعثة تحقيق، وإطلاق برنامج لنزع السلاح الكيمائيّ من النظام السوريّ، كما رفعت منظمات حقوقيّة دعاوى في محاكم أوروبيّة مختلفة ضد مسؤولين في النظام السوري عن هذا الهجوم الذي عُدّ أكبر هجوم كيماوي في سوريا، إلى جانب هجوم خان شيخون في ريف إدلب في نيسان/ أبريل 2017.

الانتخابات الرئاسيّة: 3 حزيران/ يونيو 2014

عُدّت هذه الانتخابات هي الأولى في تاريخ حكم عائلة الأسد لسوريا بعد استفتاءات كثيرة سابقة. جرّت “الانتخابات” بين ثلاثة مرشحين، دون مراقبة من أيّ جهة مستقلة. أعلن النظام السوري فوز بشار الأسد بولاية دستوريّة ثالثة وذلك بعد “نجاحه” في الانتخابات بنسبة 88.7% من الأصوات.

إعلان خلافة البغدادي: 29 حزيران/ يونيو 2014

أعلن أبو بكر البغدادي، قائد تنظيم الدولة الإسلاميّة في العراق والشام (داعش)، الخلافة الإسلاميّة في مناطق واسعة من سوريا والعراق، وسيطر التنظيم على مناطق كثيرة. انتهت قوة التنظيم في سوريا بعد الدعم الأمريكي والدولي للقوات الكرديّة التي قاتلت التنظيم في معارك كثيرة أبرزها معركة عين العرب-كوباني. ومن أبرز محطات “الخلافة” سيطرتها على مدينة تدمر وتدميرها آثار المدينة وسجن تدمر.

الدخول الروسي المباشر: أيلول/ سبتمبر 2015

دخل النظام الروسي في المعارك بشكل مباشر، وسيطر على القرار السوري، بعد أن ساندت روسيا الأسد في مجلس الأمن، عن طريق الفيتو المشترك مع الصين ضدّ كلّ القرارات المُتعلقة بإدانة نظام الأسد. إحدى أشهر صور سوريا خلال السنوات الأخيرة هي صورة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة حميميم العسكريّة، بالقرب من مدينة اللاذقية، والمركز الرئيسي للقوات الروسيّة في سوريا، ومن خلفه يقف بشار الأسد ممنوعًا من الاقتراب منه، ويظهر كأحد جنود بوتين.

استعادة السيطرة على حلب: 22 كانون الأول/ ديسمبر 2016

بعد معارك شرسة وفقدان السيطرة على أحياء كثيرة في ثاني أكبر المدن السوريّة، أعلن النظام السوري، المدعوم روسيًا، سيطرته الكاملة على مدينة حلب، بعد تهجير سكان الأحياء المعارضة والمقاتلين من المدينة نحو ريف إدلب وريف حلب.

تهجير الغوطة الشرقية واستعادة السيطرة عليها: آذار/ مارس 2018

استعاد النظام السوري السيطرة على واحد من أكبر معاقل المعارضة السوريّة بعد سنوات من الحصار والقصف الثقيل. انتهت المعارك بتهجير آلاف المدنيين نحو مدن وبلدات ريف إدلب وريف حلب.

قانون قيصر: كانون الأول/ ديسمبر 2019

أقر الكونغرس الأمريكي قانون عقوبات شديداً على سوريا، بناءً على الصور التي سرّبها أحد المصورين العاملين مع قوات الأمن السوريّة، والذي لُقب بـ”قيصر”. توثّق هذه الصور مقتل آلاف المدنيين السوريين في أقبية فروع الأمن تحت التعذيب.

الصراع مع رامي مخلوف: أيار/ مايو 2020

في بداية شهر أيار/ مايو 2020، نشر رجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري والداعم الاقتصادي الأكبر له، مقطع فيديو على صفحته الشخصيّة على موقع فيسبوك، وتبعها بمقاطع أخرى، موجهًا انتقادات إلى النظام السوري وجهات لم يسمها في النظام. وكانت تلك المرة الأولى الذي يظهر فيها خلاف عائلي في هرم السلطة في سوريا إلى العلن، بعد خلاف حافظ ورفعت الأسد في ثمانينيات القرن الماضي.

أرقام من سوريا

 بعد واحد وعشرين سنة من حكم بشار الأسد لسوريا، وبعد واحد وخمسين سنة من حكم عائلة الأسد للبلاد، لجأ ونزح أكثر من نصف تعداد سكان في سوريا، كأكبر مصدّر للاجئين في العالم، كما تجاوز عدد قتلى الحرب السوريّة نحو نصف مليون قتيل، فضلًا عن مئات الآلاف من الجرحى والمعتقلين.

تقبع سوريا في المرتبة 173 في حرية الصحافة من أصل 180 دولة، كما تقع في قائمة الدول الأكثر فقرًا في العالم مع وجود أكثر من 90% من سكانها تحت خط الفقر. كذلك تُعد من أكثر دول العالم خطرًا، فضلًا عن الكارثة البيئيّة التي تنتظرها.

————————

====================

تحديث 25 نيسان 2021

——————–

انتخابات الأسد وتأثير الداخل السوري/ عبسي سميسم

تشي الأنباء الواردة من بعض المناطق التي يعوّل عليها النظام السوري لإنجاح مسرحية الانتخابات، المقررة في 26 مايو/أيار المقبل، بوجود بعض مؤشرات لعدم تأييد انتخاب رئيس النظام بشار الأسد لولاية جديدة من قبل زعامات تلك المناطق. ومن هذه المواقف، الموقف الملتبس من قبل مشايخ عقل الطائفة الدرزية في محافظة السويداء، الذين لم يبدوا تأييداً مطلقاً للأسد، كما في الانتخابات السابقة (2014)، فضلاً عن حصول بعض التحركات الشعبية في المحافظة التي دعت لمقاطعة الانتخابات.

وبرز التذمر العام في العاصمة دمشق أيضاً من الوضع الاقتصادي المنهار، والذي بدأ قسم من المواطنين يجاهر بتحميل النظام المسؤولية عما آلت إليه أوضاعهم. في المقابل، يبدو أن بعض الأطراف لن تسمح بإجراء الانتخابات أصلاً في المناطق التي تسيطر عليها، كما في شرق الفرات التي تسيطر عليها “قوات سورية الديمقراطية” (قسد). وتشهد تلك المنطقة حالياً توتراً كبيراً بين لجان “الدفاع الوطني” التابعة للنظام وقوى الأمن الداخلي “الأسايش” القوة الضاربة للإدارة الذاتية التي تسيطر على المنطقة. وسبق أن ردّد بعض مسؤولي الأحزاب شرقي الفرات، بأن التوجه العام ينحو باتجاه عدم السماح بإجراء انتخابات في المنطقة التي تشكّل أكثر من ثلث مساحة سورية.

وبعد أن أعلن الأسد ترشيح نفسه رسمياً لخوض هذه الانتخابات، وبعد أن سبقه في الترشح خمسة من الكومبارس، الذين يتهيأون لأداء دور المنافس له في المعركة الانتخابية، تبدو المسرحية في ظل الأوضاع المتردية على جميع المستويات، أكثر انكشافاً للسوريين الذين يعيشون في مناطق النظام. ويدرك هؤلاء جيداً أن قرار تنصيب الأسد رئيساً لولاية جديدة، من خلال مسرحية الانتخابات، لا يمكن أن يمنعه احتجاج أو امتناع عن التصويت. كما يدركون أن أصواتهم ستذهب لصالح الأسد حتى وإن امتنعوا عن التصويت، وستحقق النسبة المطلوبة لنجاحه في الانتخابات.

ولكن على الرغم من أن الاحتجاج والمقاطعة في الداخل لن يغيّرا شيئاً من المسار المرسوم لتلك الانتخابات، إلا أن اتساع رقعة الاحتجاج والمقاطعة بالتزامن مع الموقف الدولي الرافض لتلك الانتخابات، وفتح منظمات المجتمع الدولي ملفات تفضح جرائم النظام وتثبت تورطه بجرائم بأدوات محرّمة دولياً ضد شعبه، ربما تهيئ بيئة مناسبة لتطور ما في الموقف الدولي للدرجة التي يمكن من خلالها إيقاف هذه المهزلة.

————————

مذكرة قانونية حول بطلان الانتخابات في سورية وتعليق عضوية النظام السوري في الأمم المتحدة

جمعية حقوق الإنسان السورية في إسطنبول.

معالي الأمين العام للأمم المتحدة

السيد أنطونيو غوتيرش المحترم

تحية طيبة وبعد :

مع اندلاع الثورة السورية في ربيع 2011 سقطت شرعية نظام الأسد مع رفضه لجميع مطالب الشعب السوري المشروعة والمتمثلة بالحرية والكرامة وإنهاء حكم الاستبداد والفساد، وبدلاً من الاستجابة لنداءات هذا الشعب الذي طالب برحيله وتسليمه للسلطة عبر انتخابات حرة وديموقراطية في البلاد، استخدم جميع أنواع الأسلحة الفتاكة بما فيها السلاح الكيماوي لإخماد تلك الثورة السلمية المدنية، فقتل الأطفال والنساء والشباب، وارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وعلى رأسها جريمة التهجير القسري لأكثر من 13 مليون سوري، وقام باعتقال وتعذيب وتصفية مئات الآلاف من المدنيين السوريين واستخدم كل أنواع القتل والقصف العشوائي للسكان بواسطة الصواريخ والبراميل المتفجرة في أغلب المناطق السورية، كما ارتكب جريمة الخيانة العظمى باستقدامه قوات أجنبية من روسية وإيران لاحتلال سورية وقتل شعبها، واستعان بالمليشيات الطائفية والمنظمات الإرهابية من جنوب لبنان والعراق وإيران وأفغانستان وغيرها من الدول لتقتل وتقصف المدنيين وتدمر المشافي وحتى المدارس والمنشآت التعليمية ودور العبادة وتعمل على التغيير الديمغرافي في البلاد وتطرد سكانها الأصليين منها بقوة السلاح ….

وبالمقابل منعت روسيا كل الجهود الدولية لإنهاء المأساة السورية باستخدامها الفيتو 16مرة لتعطيل صدور أي قرار في مجلس الأمن، مما يجعلها شريكاً لنظام الأسد في جميع تلك الجرائم.

معالي الأمين العام للأمم المتحدة:

    في ظل التعطيل المستمر الذي تقوم به روسيا لمجلس الأمن الدولي، وبعد أن اتخذت الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي بتاريخ 21 نيسان/أبريل 2021 قراراً يؤكد على استمرار نظام الأسد باستخدام الأسلحة الكيمياوية ضد الشعب السوري، وحيازته وتصنيعه لها بشكل متجدد، الأمر الذي يعد انتهاكاً صارخاً لالتزاماته بموجب معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية وعدم استكماله للإجراءات المنصوص عليها في قرار المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومخالفته الصريحة للقرار 2118 الصادر عن مجلس الأمن الدولي والمتعلق بهذا الشأن…

    وبعد قيام المجرم بشار الأسد بترشيح نفسه لانتخابات هزلية ضارباً بالقرارات الدولية عرض الحائط ورافضاً تطبيقها وخاصة القرارين 2118 و2254 والذي نص في فقرته الرابعة على دعم الانتقال السياسي في سورية بقيادة سورية، تيسرها الأمم المتحدة، من خلال انتخابات حرة ونزيهة تجري عملًا بدستور جديد، فـي غضون 18 شهراً تحـت إشراف الأمم المتحدة، وكون هذه الانتخابات والاعلان عنها يعد باطلاً وهي فاقدة للشرعية وحكمها العدم لمخالفتها نص ومضمون القرار الدولي 2254 وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 262 /67 لعام 2013، إضافة إلى أن ما يزيد عن نصف الشعب السوري هو بين لاجيء خارج سورية أو نازح داخلها، ناهيك عن المناطق الخارجة عن سيطرته في الشمال والشمال الشرقي وغيرهما من المناطق السورية الأخرى، وبالتالي فإن هذه الانتخابات هي والعدم سواء.

    وأمام الفشل المستمر لمجلس الأمن الدولي في التمكن من أداء واجباته بحفظ الأمن والسلم في سورية على مدار السنوات العشر السابقة، فإننا نلتمس منكم وإنقاذاً لسورية ولمن تبقى فيها من السوريين واحتراماً للإنسانية ولحقوق الإنسان، اتخاذ القرارات التالية:

أولاً : دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة الى عقد اجتماع تحت عنوان “الاتحاد من أجل السلام” لتدارس الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها نظام الأسد وما زال، وكذلك الأوضاع الإنسانية العاجلة في سورية، وإقرار التدابير المطلوبة لوقف إطلاق النار وإنهاء المأساة السورية والعمل على استصدار قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يلبي الطموحات المشروعة للشعب السوري، ويحقق مطالبه في الحرية والعدالة والانتقال السياسي للسلطة وينهي معاناته المستمرة منذ 10سنوات وإلى اليوم، ويضمن دخول المساعدات الإنسانية العاجلة لجميع المدنيين المنكوبين في سورية، إعمالاً لمبدأ «الاتحاد من أجل السلم»، الذي أصدرته سابقاً الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الثاني من العام 1950، وحمل الرقم 377، والذي نص على ضرورة أن تتحمل الجمعية العامة للأمم المتحدة مسؤولياتها في حماية السلم والأمن الدوليين، حتى لو اقتضى الأمر استخدام القوة العسكرية.

ثانياً: العمل على استصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة بعدم شرعية الانتخابات المزمع القيام بها من النظام السوري، وإبطال كافة مفاعيلها القانونية والسياسية.

ثالثاً: العمل على استصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة بإحالة بشار الأسد ومرتكبي جرائم الحرب في سورية من شركائه الروس والإيرانيين ومليشياتهم الإرهابية الى محكمة الجنايات الدولية، لضمان عدم افلاتهم من العقاب على الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب السوري، وفتح تحقيق في جميع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما فيها جريمة التهجير القسري التي ارتكبها هذا النظام المارق وحلفائه في سورية.

رابعاً: العمل على استصدار قرار من الجمعية العام للأمم المتحدة بتجميد عضوية النظام السوري في الأمم المتحدة، ونزع الصفة التمثيلية عنه، وطرد سفيره منها نظراً لإمعان ذلك النظام في انتهاك مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، و اعتباره نظام مارق رفض الانصياع لكل القرارات الدولية بما فيها قرارات مجلس الأمن و َالجمعية العامة،وايقافه فوراً عن مباشرة حقوق العضوية ومزاياه فيها، وذلك وفقاً للمواد 5 و 6 على التوالي من ميثاق الأمم المتحدة.

خامساً: العمل على تشكيل هيئة تنفيدية سورية مؤقته بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، ريثما يتمكن الشعب السوري من اختيار ممثليه الشرعيين وفق انتخابات حرة وديموقراطية تشرف عليها الأمم المتحدة بشكل كامل و مباشر.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير

جمعية حقوق الإنسان السورية في إسطنبول.

25/4/2021

-نسخة للأمين العام للأمم المتحدة.

-نسخة لرئيس مجلس الأمن الدولي.

-نسخة للأمين العام لجامعة الدول العربية.

-نسخة للأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي.

-نسخة لمفوضية السياسة الخارجية بالاتحاد الأوربي.

————————–

من سيفوز في انتخابات الرئاسة السورية/ د.محمود عباس

سؤال دراماتيكي، مضحك ومبكي، فيه من الألم والحسرة ما لا يمكن وصفه، مثل العملية الانتخابية بحد ذاتها، ومجريات أحداثها التي تحتاج إلى مجلدات، فهي كانت وعلى مدى ستة عقود ماضية، مسرحية كاريكاتورية عرضت على الشعوب السورية برضاهم أو غصبا عنهم، والأبشع فيه أنه كان عليهم التصفيق بعد ظهور النتائج الكونية، وبقدرة قادر كانت دون المئة %، وكما نعلم، كان المنافس هو ذاته، الأسد المقبور والأبن، الذي كانت صناديقه، مثلما هي صناديق أبنه المجرم الأن، مليئة بدماء السوريين منذ السنة الأولى من اغتصابه للسلطة، قبل أن تمتلئ بأصوات الأمة الميتة.

على مدى العقود المظلمة؛ لم يتجرأ السوريون على فتح حوارات عن الأخلاق، ولا عن القيم الديمقراطية، لكنهم استمعوا إلى نقاشات طويلة مملة حول مصداقية المسيرة الديمقراطية التي جرت فيها الانتخابات، وفي الواقع كانت الحاشية مثل الشعب والعالم أجمع، يدركون تماما الأفكار السائدة في الشارع السوري، لكنهم وعلى رأسهم المجرمين، كانوا ولا زالوا يؤمنون بمنطق الحجاج بن يوسف الثقفي، يوم قال: أريد ألسنتهم وليس قلوبهم، وهذا هو بالضبط منطق الطغاة في العالم، إلى أن يبلغوا حد القناعة على أنها حقيقة، مثلما كان يظنها معمر القذافي، قائلا لحظة إخراجه من المجرى تحت الطريق، أنه والدهم، معتقداً أن جميع الشعب الليبي كانوا يقدرونه كأب، هكذا كانت الحاشية المنافقة حوله تنقل له الأخبار وتحرف أراء المجتمع، وهي ذاتها ما كان يقال لحافظ الأسد، وصدام حسين والطغاة الأخرين، وخلف هذه الدعاية المنافقة تلذذت الحاشية بالاستبداد والسيادة، ونهب الشعب والوطن.

في الواقع العملي الانتخابات تسند بالدستور، مثلما يتم تكرار بشار الأسد رئيسا، لكن في الواقع المخفي، هناك من يريدون التغطية على الوجه الدموي للنظام، والتلويح ببنود الدستور على أن الديمقراطية تسود، بينهم روسيا، وبعض المنظمات المتعاملة مع السلطة، وهو ما يطيب لبشار الأسد، الذي لو بقي لديه ذرة من القيم الإنسانية والأخلاق والإحساس بالوطن، ولو كان يشعر بنتفة من آلام آلاف عائلات الشهداء، وببعض التقدير للألاف الذين قتلهم وتم تسميمهم بالمواد الكيميائية، وأحس بمآسي الملايين من المشردين والمهاجرين والذين يعانون الويلات في المخيمات، لما أقدم على إجراء الانتخابات.

أو على الأقل لحصرها ضمن البرلمان، وصرف الأموال التي ستهدر على المهزلة لمساعدة مئات الأطفال والعائلات المعانية جوعا حد الموت، على الأقل في هذا الشهر الفضيل.

لكنه لعنة ابتليت بها سوريا، والألعن منه ذلك الذي سيدعم الانتخابات، أو يؤيدها. وكل من سيذهب إلى الصناديق الطافية فوق دم الإنسان السوري، يشاركه في الجريمة.

روسيا تتصدر تأييد إخراج المسرحية الساخرة، وعلى أثرها قام بالعديد من العمليات العسكرية في بادية الشام في هذه الفترة تحديداً، ونشر الأعلام السوري على أنه تم قتل المئات من الإرهابيين، وهم من المجموعات التي كانت تدفع روسيا بالسلطة لتدعمهم، وسلمت لهم في السنوات الماضية مدينة تدمر والقواعد العسكرية المحيطة بها واستلمتها منهم بعد شهور قليلة، بعدما تم إفراغها من الأسلحة التي قدمت لهم، مقابل النفط الذي كان داعش يرسلها لهم بنفس الكميات التي كانت ترسلها إلى تركيا، مقابل مرور المتطوعين التكفيريين القادمين من العالم الخارجي، والسلاح المشتراة من الأسواق السوداء.

روسيا لا تهمها بقاء بشار الأسد، أو عدمه، شريطة أن يكون القادم هو الموقع أو الموافق على عقود الاتفاقيات الطويلة الأجل، وبالتالي لا يستبعد أن تكون هي وراء الأسماء الخلبية التي ظهرت، بشكل مفاجئ لتنافس بشار الأسد في الانتخابات، بينهم من لم يسمع به، وظهر فجأة على سوية رئيس جلس وحاور العديد من رؤساء العالم، كظهور الغول من المصباح السحري، والمهزلة أكثر من واضحة، ليبنوا فيها للعالم على أن سوريا تحت حكم السلطة الحالية، بدأت تميل إلى الديمقراطية، مقابل المعارضة التكفيرية والمتهمة بعضها بالإرهاب والتي أدرجتها تركيا في خانة الارتزاق، وخير مثال المنافسة الجارية على صناديق الانتخابات، ولا نستبعد أن يذهب المتنافسون إلى دمشق، لإخراج المسرحية على الإعلام بشكل كامل النفاق.

وبالمقابل، وكرد فعل نشرت الإدارة الأمريكية معلومات على أنها قادمة على نوع جديد من الحصار الاقتصادي السياسي على النظام، فحتى لو كانت مجرد دعاية إلا أنها تعني أنهم لا يعترفون بالانتخابات، ويرفضون بشار الأسد مع أو بدون المسرحية.

الأبشع من عملية روسيا، كان ولا يزال موقف المعارضة، وبينهم الائتلاف، المتداخل ما بين عدم الاعتراف، والمطالبة بأن يشارك المهاجرون وأبناء المخيمات في الخارج بالعملية، ولربما يجب أن يتم الحديث عن مواقف كل الأطراف السورية التي بدأت تنظر إليها وكأنها الحدث الأهم، متناسية مسيرة كتابة الدستور والتي غطت فترة زمنية من المهزلة الدولية بحق المجتمع السوري، إلى جانب أخر، تحوم بعض الشكوك حول تصريحات شريحة قيادية في المعارضة، تعكس وكأنها لا تتمنى أن يبارح أو يعزل بشار الأسد عن السلطة ويحل مكانه بديل دولي، تحت حجج ضحلة، يقال أنهم يريدونه للحفاظ على المكتسبات الفردية التي يحصلون عليها كمعارضة لنظامه.

أي كانت النتائج، ومهما كانت درجات مصداقية تأييد نسبة السوريين لبشار الأسد والذي وبالتأكيد له مؤيدوه، بينهم ليس فقط من طائفته، بل من الطائفة السنية، وقسم واسع من المسيحيين ليس حبا به بقدر ما هو كره بالمعارضة التكفيرية، ستظل القيم الإنسانية هي الحكم، ودماء السوريين هو الذي يجب تغمس فيه أوراق الانتخابات قبل أن توضع في الصناديق.

وجل هؤلاء تنطبق عليهم علامات النفاق، أنهم يظهرون الإيمان، ويبطنون الكفر، فإما الحجج التي ترسخت في ذهنيتهم تعدم الحقائق، أو أن مواقفهم تدرج ضمن جدلية ما ذكره بشار الأسد، يوم سأله الصحفي، قائلا إن العالم يقول: أن يداك ملطختان بدماء الألاف من السوريين، وكان جوابه: أنه يشبه ذاته بالجراح الذي يخرج من العملية ويداه ملطختان بالدماء، وأعتبر ذاته منقذ المجتمع السوري! والجواب يخلف الألاف من الأسئلة التي تبين مدى الانحطاط الخلقي والفكري للطاغية، والأمراض النفسية التي تلتهمه، وهي التي أوصلته إلى درجة القناعة على أنه يقتل الأطفال لإنقاذه المجتمع السوري من المعاناة، متناسيا أنه وحاشيته عراب الدمار والخراب، والمعاناة، والجوع، والكوارث.

المسرحية الانتخابية ستتم، وبدون ضجة إعلامية عالمية، لأن المناطق الساخنة: أوكرانيا، المباحثات الإيرانية الأمريكية، وقضية تفجير مفاعل نطنز الإيرانية النووية، وتهديدات إيران لإسرائيل، والقمة الأمريكية الروسية القادمة، والخلافات المتصاعدة بينهما، ومثلها ما بين الناتو وروسيا، وغيرها، تغطي حالياً على القضية السورية، وبالتالي ستستمر مسيرة الانتخابات بدون تبيان مواقف دولية ذات أهمية حول شرعيتها أو عدمها. ويبقى السؤال:

من سيربح الانتخابات السورية؟ بوتين أم الخامنئي؟ أم بشار الأسد؟

د. محمود عباس

الولايات المتحدة الأمريكية

————————-

تقرير إسرائيلي: بقاء الأسد في الحكم مصلحة مشتركة لإسرائيل وروسيا

قال خبير استشاري في المخابرات الإسرائيلية، إن رحيل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، عن السلطة في سوريا، سيترك بلاده في مواجهة أسئلة صعبة، في ظل تخوف من البديل الذي سيتولى الحكم بعده.

ونقلت صحيفة “هآرتس” العبرية في تقرير لها، الجمعة 23 من نيسان، عن الخبير الاستشاري قوله، إن سوريا في عهد الأسد على الرغم من أنها “مثال جيد لدول معادية بشدة لإسرائيل”، لا تشكل أي تهديد استراتيجي ضدها.

وأرجع الخبير ذلك إلى عدة أسباب، منها “القدرات العسكرية المحدودة لسوريا” من جهة، و”تعزيز العلاقات السورية- الإسرائيلية من خلال التفاهمات بين إسرائيل وروسيا وعدد من دول الخليج العربي، كالإمارات والبحرين، نظرًا إلى علاقاتها المتجددة مع النظام”، من جهة ثانية.

وبحسب التقرير، فإن إسرائيل تعمل بحرية في المجال الجوي فوق سوريا ولبنان، وتهاجم منشآت إيرانية، وتهاجم دمشق والحدود السورية- العراقية بالقنابل.

هل لروسيا نهاية في سوريا؟

ووفقًا للتقرير، فإن رئيس اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، تيد دويتش، وجّه سؤالًا الأسبوع الماضي لخبراء حول استراتيجية أمريكا في سوريا.

وسأل دويتش الخبراء، “هل هناك نهاية تترك فيها روسيا سوريا، ونهاية لخروج الأسد وإيران وتركيا من سوريا؟”.

ووصف بعض الخبراء السؤال بأنه “هدف بعيد عن الواقع”، بينما أوصى آخرون “بالتعاون الأمريكي- الروسي الذي سيعطي الفرصة لروسيا بالبقاء في سوريا عسكريًا، حتى وإن خرج الأسد”.

إسرائيل “كانت تريد إسقاط النظام”

وأوضح الخبير الاستشاري في المخابرات الإسرائيلية، في حديثه للصحيفة، أن إسرائيل كانت “مهتمة” في بداية الحرب السورية بإسقاط النظام السوري، إلا أن استعادة الأسد بمساعدة روسية معظم المناطق التي سيطرت عليها المعارضة “أقنع إسرائيل بالتواصل مع منظمات معينة يمكن أن تخدم مصالحها المباشرة”، على حد قوله.

وأصبحت إسرائيل بعد ذلك لا تريد تغيير النظام، بل “ركزت أهدافها على منع القوات الموالية لإيران من تركيز نفسها قرب حدود إسرائيل”.

واعتبر التقرير أن روسيا شريك لإسرائيل من خلال ما تقوم به من أعمال على الأراضي السورية، “هدفها الترويج لحل دبلوماسي”.

وتتجلى الأعمال الروسية تلك وفقًا للتقرير، بإعلان روسيا الأسبوع الماضي عن قتل 200 مقاتل “إرهابي” قرب تدمر السورية، والوساطات والتسويات والمصالحات التي تتم بواسطتها في أغلب محافظات سوريا.

إسرائيل تسامحت مع مقاتلين في صفوف الأسد

وفي 22 من نيسان الحالي، نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين ومسؤولين غربيين، أن إسرائيل تسامحت مع دخول آلاف المقاتلين الإيرانيين من لبنان والعراق وأفغانستان إلى سوريا، للقتال إلى جانب رئيس النظام السوري، بشار الأسد، ضد الذين يسعون للإطاحة بحكم عائلته الاستبدادي.

وبحسب المسؤولين الأمنيين، فإن إسرائيل تحولت إلى استهداف اختراق إيران للبنية التحتية العسكرية لسوريا، مع إنهاء الأسد بالكامل لـ”التمرد” المستمر منذ عشر سنوات، وفقًا لما نقلته الوكالة.

وكان التدخل الإسرائيلي الوحيد في وقت سابق في الصراع السوري، عبارة عن ضربات جوية متفرقة لتدمير شحنات الأسلحة التابعة لجماعة “حزب الله” اللبنانية، المدعومة من إيران، ومنع الميليشيات من إنشاء قواعد في جنوب غربي سوريا، بالقرب من الحدود الإسرائيلية.

ومما يساعد ويشجع إسرائيل على الاستمرار في قصفها، غياب أي رد حقيقي من جانب النظام السوري، باستثناء المضادات الأرضية، التي لا تعوق أي استهداف إسرائيلي داخل الأراضي السورية، بحسب ما نقله موقع “إيلاف” الإخباري عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، هيداي زيلبرمان.

———————

كما رخصتم سيولّى عليكم رخيص/ عدنان عبد الرزاق

بلغ عدد المرشحين لمسرحية الانتخابات الرئاسية في سوريا، حتى اليوم، 18 مرشحا، من بينهم ثلاث نساء وكردي، وربما يزيد عدد الحالمين، بدور ثانوي أو كومبارس، بتلك المسرحية، قبل أن تنتهي مهلة تقديم الطلبات في 28 نيسان/ابريل الجاري، لنشهد عرضاً ديمقراطياً، بالخارج في 26 من شهر أيار/مايو المقبل، وعرساً بالداخل في 28 من منه.

من أدنى درجات الفطنة ربما، ألا نقع بفخ التطرّق للمرشحين، من هم وماهي أرصدتهم ولا حتى لماذا ترشحوا، إذ مجرد أن ترى صورة بشار الأسد خلف صورة لمرشح أو إنهاء منشور لآخر بـ”سوريا الأسد”، ستعي سطحية المكيدة وسوء إخراج اللعبة.

بيد أن ما يجب الوقوف عليه، للتاريخ على الأقل، هي بيانات من تسمى أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية التسعة، والتي أجمعت وأيدت ترشيح بشار الأسد، وأصدر كل من الأحزاب على حدة، بياناً فضحوا خلاله محبتهم للأسد وأسباب تأييده ومن ثم دعوتهم “الأعضاء والجماهير” للتصويت له.

ولأن الوضع الداخلي من السوء والإساءة ما يمنع “الأمناء العامين” التعتيل عليه أو المتاجرة به، بعد طوابير الجوعي ومشاهد الذل، وجدت الأحزاب بـ”الصمود والتصدي” العباءة الواسعة والشماعة التي تقبل، كل الخيانات.

فوجدنا وريث خالد بكداش بما يسمى الحزب الشيوعي السوري، قد اختصر ذلّه بـ”دعما لاستمرار الصمود الوطني السوري المشرف في مواجهة العدوان الاستعماري” في حين تفتقت عبقرية صفوان القدسي، صاحب دكانة “الاتحاد الاشتراكي العربي” بمقولة ستُتعب من بعده المتملقين: “بشار الأسد .. ليس من أحد غيرك” عنوَن خلالها بيانه، ليرى صفوان سلمان رئيس المكتب السياسي لحزب “السوري القومي الاجتماعي” أن بشار الأسد “قاد بثبات وإصرار المعركة الوطنية الكبرى في مواجهة الإرهاب وقادة صمود ووحدة المجتمع السوري في تلك المواجهة بحكمة القرار وجلاء الرؤية وقوة الإرادة” من دون أن يقول لأعضائه الذين يزيدون عن سعة باص أخضر كبير، كيف كانت المواجهة وإلامَ انتهت.

وعلى هذه الشاكلة، تسابق الرفاق في تقديم الطاعة، فالمرحلة بنظر غسان عبد العزيز عثمان، أمين عام حزب العهد الوطني، تتطلب “امتلاك المزيد من الوعي والالتزام بالثوابت الوطنية وبالمشروع الوطني الذي عمل ويعمل على إنجازه “قائد الوطن السيد الرئيس بشار الأسد”، وغاب عن المشهد “حركة الاشتراكيين العرب” بسبب تعليق العضوية منذ عام.

قصارى القول: لم يزل حتى اليوم، احتمال المفاجآت والتدخل الدولي قائماً، لمنع وريث أبيه منذ ثلاثين سنة، الاستمرار بسبع عجاف أخر، أو حدث داخلي خارج عن التوقع، يغيّر من خطة تدمير ما تبقى من سورية ويوقف تحوّلها كاملة، لدولة فاشلة، يصعب على الجميع لملمتها بعد ذاك أو تحويط تطاير شررها. إذ إن ملفات جرائم الأسد، وما استخدم خلالها الأسلحة الكيماوية تحديداً، تفتح بتتابع، وليس من الغرابة أن نسمع عن قرار، ولو من قبيل تأجيل أو إلغاء الانتخابات، بواقع التصعيد بين الأقطاب والذي ربما، يكون رمي ورقة بشار الأسد، بعض تسوياتها، لتهدئة أو صفقة لا يكون فيها للصغار حساب ولا وزن قوّة.

 وذلك، رغم الخشية من أن يعيد تاريخ 2014 نفسه هذا العام، ويكتفي العالم الديمقراطي بالبيانات والفتوحات القولية، من قبيل فاقد للشرعية وانتخابات باطلة، واستمرار المعارضة، منزوعة الأظافر والصلاحية، بالتهكم حيناً والندب والتشكّي، بقية الأحايين.

ليكون السوريون والعالم، أمام حدث هو الأكثر فُجْرًا على مرّ التاريخ، لن تسجله اسبانيا فرانكو ولا روما نيرون، بعد أن تصدّر بشار الأسد قائمة قتل شعبه وتهجيرهم وبيع حاضرهم ومستقبلهم، وفتح سقفاً جديداً، علا أي عرف أو ذريعة، أو حتى سقف قانون، يمكن لدعاة الحرية والديمقراطية بعد اليوم، التشدّق بها.

نهاية القول: لن يشعر بالألم وهول بقاء بشار الأسد على كرسي أبيه، إلا السوريون الذين كابدوا جميع أشكال الذل والجوع والكبت، ولن يدفع ثمناً كمثلهم أحد، إن “انتصر” الوريث باستمرار حكم الأسرة أكثر من نصف قرن، لأن الانتقام سيتسمر ممن أكدت الأحداث، مرضه وثأريته، ويستمر بيع وتأجير الوطن، ليؤمّن المفلس اكسير البقاء، ولو للقصر والأمن والجيش العقائدي.

لذا، ورغم صعوبة ما بعد لذا، الحل بيد سوريي الداخل وحدهم، إن استعهر العالم ومرر الانتخابات، لأنه سيرفق جريمته، ولو شكلياً، برقابة أو إشراف أممي، وقتها، يمكن لمن يريد الحياة والخروج من الذّل وعلى الاستبداد وانسداد الأفق، أن يقول لا، فغرف التصويت ستكون مغلقة ولن يخرجكم من الذل إلا تمردكم على البقاء فيه.

——————–

برنامج بشار الأسد الانتخابي.. كتبه بأشلاء السوريين وخطّه بدمائهم/ سوزان عزالدين

أعلن يوم الأحد الفائت عن بدأ تقديم الأوراق للمرشحين الراغبين في خوض مسرحية الانتخابات السورية، ويوم الأربعاء الفائت قدم بشار الأسد أوراق ترشحه للانتخابات السورية المزمع إقامتها في أواخر شهر أيار ولتكتمل المسرحية الهزلية قام مجموعة من الكومبارس بتقديم أوراق ترشحهم إلى مجلس الشعب وقد بلغ عددهم حتى اللحظة 12 مرشحاً منهم محمد رجوح الذي شارك سابقاً في انتخابات 2014 وكمحاولة للنظام لإظهار نفسه كنظام علماني منفتح داعم للمرأة وحقوقها قامت المحامية فاتن النهار بتقديم أوراقها للترشح أيضاً والمشاركة في هذا العرس الديمقراطي الذي يقام كل 7 سنوات بحسب دستور سوريا الذي أصدره النظام عام 2012.

علماً أن بشار الأسد بعد انتهاء فترته الأولى لم يقم بإجراء انتخابات بل قام بإجراء ما أسماه استفتاء وإعادة مبايعة على شرعيته وفاز بنسبة 99% آنذاك، وعلى الرغم من أن شروط التقدم إلى الانتخابات السورية أن يكون المرشح مقيماً في سوريا في السنوات العشر الأخيرة التي تسبق الترشح، وأن يكون عمره أكثر من 40 سنة، وكلا الشرطين كانا مفقودين لدى بشار الأسد عند توليه الحكم عام 2000 خلفاً لوالده إلا أنه قام بتعديل الدستور وأصبح رئيساً لسوريا.

وقام بإجراء انتخابات شكلية في عام 2014 وطبعاً فاز فوزاً كاسحاً، مع أنها لم تشهد أي إقبال جماهيري، أما بالنسبة لبرنامج بشار الأسد الانتخابي الذي لم يقم بالإعلان عنه بعد، ستقوم نينار برس باستعراض البرنامج الذي سيتقدم به للظفر بكرسي الرئاسة لولاية رابعة:

أولاً: أول رئيس سوري تصل في عهده نسبة الفقراء المهددين بمجاعات حقيقية إلى90% قابلة للزيادة في ظل الاستمرار بالانهيار الاقتصادي.

ثانياً: عدد اللاجئين في ظل حكمه الرشيد في الخارج وصل إلى حوالي 40% من عدد السوريين موزعين في أنحاء العالم كافة.

ثالثاً: أول رئيس في العالم يقوم بتغييب قسري لأكثر من 500 ألف شخص، وتحدثت بعض المنظمات عن وجود أكثر من مليون مفقود ومعتقل في معتقلاته، ثم يقوم بتعذيبهم حتى الموت بمختلف الوسائل والأدوات، والصور التي تسربت من سجونه يخجل منها حتى النازيون.

رابعاً: دمر الجيش السوري وحوله إلى مجموعة لصوص (عفيشة وشبيحة) تقتل الناس وتدمر المدن وتنشر الرعب بين المواطنين، ولم تدخل إلى قرية أو مدينة إلى وحولتها إلى ركام وهذا الجيش عاجز عن مجابهة أي جيش أو حتى ميليشيا.

خامساً: استجلب كل أنواع الاستعمار وأعاد سوريا إلى عهود الانتدابات العسكرية ووضعها تحت الحكم الروسي والإيراني اللذان يتحكمان بكل صغيرة وكبيرة في سوريا ويستبيحان خيراتها.

سادساً: أضحت سوريا في عهده مقسمة ما بين حكم قسد بإشراف أمريكي كالمنطقة الشرقية والشمال خاضع للجيش الوطني تحت مظلة الأتراك ومناطق سيطرته التي تبلغ 60% من مساحة الأرض السورية ولكن تحت وصاية روسية/إيرانية.

سابعاً: دمر أكثر من 70% من الأراضي السورية ما بين دمار كامل وجزئي، وسيشهد التاريخ أنه أول رئيس في العصر الحديث استخدم الأسلحة المشروعة وغير المشروعة المدمرة والكيميائية والحارقة وغيرها، وجعل من الشعب السوري حقل تجارب للأسلحة الروسية والإيرانية.

ورغم كل ما ذكر مازال هناك الكثير من الفظائع التي لم نتطرق لها، لكن أبلغ رد على انتخابات الأسد هي رسالة أحد الموطنين السوريين التي قام بتوجيهها لبشار الأسد منذ أسبوعين حيث خاطبه قائلاً: يا سيادة الرئيس استحلفك بالله هل ولادك جوعانين متل ولادي ابنك عم يشتهي الأكل متل ابني أو فقدت تنين ولاد عساكر بعمر الورد متلي أنا عم نام والدمع بعيوني لأني جوعان أنا جوعان يا سيادة الرئيس بدي أسالك ولادك وولاد المسؤولين بشو أحسن من ولادي حتى أنا وولادي نجوع وإنتو لا؟؟؟ أنا ليش ما بقدر أشتري كنزة لإبني وأنت ابنك بيعمل سياحة بروسيا، أنا راتبي ما بكفي حق قنينة زيت.. أنت مو رئيس هالبلد أنت لازم تطلعنا من هالأزمة أنا ما فيي قلو لابني صمود قدام ريحة الفروج، أنا موظف ومعي شهادة جامعية بس عم لم بلاستيك من الحاويات مشان أمن حق رغيف الخبز أنا بدي عيش بني آدم وليكني حكيت وسمعتك صوتي لشوف شو رح تكون تهمتي؟؟ إنو أنا جوعان، بتقلي أمريكا وعقوبات أنا شو دخلني فيهن أنت اعمل الي بدن إياه المهم إبني يشبع.

بهذه الكلمات العامية البسيطة لخص المواطن مجهول الهوية مأساته ومأساة جميع السوريين، لا أدري ماذا يمكن أن يجيبه بل ويجيب جميع السوريين في الداخل والخارج لماذا دمرت حياتنا لماذا حولتنا إلى لاجئين ونازحين ماذا جنيت أو ماذا كسبت؟ والأهم ماذا تريد بعد، ألم تكفيك شلالات الدماء التي سالت من دير الزور حتى درعا ألم تشبع ألم تكتف؟ وإلى متى ستستمر بالعبث في حياة السوريين؟؟ دمرت حاضرهم، دع لهم بناء مستقبلهم بعيداً عنك وعن إجرامك واستبدادك.

——————–

السجن والاغتيال والعزلة أو المنفى… مصير رؤساء سوريا السابقين/  إبراهيم حميدي

الانتقال الوحيد للسلطة جرى بين هاشم الأتاسي وشكري القوتلي عام 1955

أحد ممثلي «معارضة الداخل» محمود مرعي تقدم إلى جانب 12 شخصاً آخرين أحدهم الرئيس بشار الأسد، بطلب الترشح إلى انتخابات الرئاسة السورية، ليكون العدد غير مسبوق منذ أول اقتراع قبل حوالي تسعة عقود.

وينتهي الترشح في 28 الشهر الجاري، على أن تجرى الانتخابات في 26 الشهر المقبل، بموجب دستور العام 2012، الذي ينص على وجوب أن يحصل المرشح على 35 صوتا من أعضاء مجلس الشعب ذي الـ250 مقعداً. وفي انتخاباته العام الماضي، حصلت «الجبهة الوطنية التقدمية» التي تضم تحالف أحزاب مرخصة بقيادة «البعث» على 183 مقعداً (بينهم 166 بعثياً)، ما يعني أن قرار الترشح الرئاسي بأيدي الحزب الحاكم وائتلاف الأحزاب المرخصة. وأعلنت دول غربية بينها أميركا أن الانتخابات «لن تكون حرة ونزيهة وذات مصداقية.

وحسب قرار مجلس الأمن 2254، تتطلب الانتخابات ذات المصداقية في سوريا إشراف الأمم المتحدة وبيئة آمنة تضمن حماية جميع السوريين، بمن في ذلك اللاجئون والنازحون داخلياً، لممارسة حقهم في التصويت». ولن يكون معظم اللاجئين في الخارج (عدا في لبنان)، قادرين على المشاركة بسبب وجود شرط «الخروج الشرعي» من البلاد لتملك الحق بالتصويت، كما أن معظم الدول الغربية أغلقت البعثات الدبلوماسية السورية. في المقابل، اعتبرت روسيا وإيران هذه الانتخابات «استحقاقا دستورياً»، حيث يتوقع أن يفوز الرئيس بشار الأسد بها بولاية رابعة مدتها سبع سنوات.

لكن كيف وصل رؤساء سوريا للحكم؟

تحمل الانتخابات المقبلة الرقم 18 منذ عام 1932 التي جرت تحت الانتداب الفرنسي الذي تسلم البلاد في 1920. تنافس ستة مرشحين، ما كان يمثل أكبر عدد من المتنافسين في انتخابات رئاسية في تاريخ البلاد قبل ارتفاع العدد في الانتخابات الحالية إلى 13 مرشحاً.

قبل تسعة عقود، كان اثنان من المتنافسين حاكمين سابقين للبلاد، هما حقي العظم رئيس «دولة دمشق» ورئيس الدولة السابق صبحي بركات، واثنان أحدهما رئيس الوزراء الحالي والسابق وقتذاك، تاج الدين الحسني ورضا الركابي. أما المرشحان المتبقيان فأصبحا في وقت لاحق أول وثاني رئيس لسوريا: محمد علي العابد وهاشم الأتاسي. الأول، كان سفير السلطنة العثمانية في واشنطن ووزير المال في «الاتحاد السوري الفيدرالي» والثاني، ممثل «الكتلة الوطنية».

في 1936، ترشح الأتاسي وفاز بالتزكية لغياب المنافسين، فيما عين قائد «قوات فرنسا الحرة» شارل ديغول تاج الدين الأتاسي في 1941. وأصبح أحد أركان «الكتلة الوطنية» شكري القوتلي رئيساً بعد فوزه دون منافس في 1943 و1947. وفي 1949، قام حسني الزعيم بأول انقلاب في تاريخ سوريا وأجرى استفتاء ليكون الأول في عهد البلاد. هنا اللافت، أن ممثل «حزب الله» السوري بشير كمال، الذي نشط في حلب بشكل سلمي تحت تأثير أفكار غاندي، رشح نفسه، لكنه «نصح بالانسحاب من السباق» وسرت إشاعة منظمة بأنه «مجنون».

بعد فترة وجيزة، قام سامي الحناوي بانقلاب ضد حسني الزعيم وأصبح رئيسا لأركان الجيش، وطلب من «القائد التاريخي» هاشم الأتاسي «الإشراف على انتخابات مؤتمر تأسيسي». أصبح رئيسا للحكومة وبعد المؤتمر التأسيسي، انتخب الأتاسي رئيساً. وعندما نفذ أديب الشيشكلي انقلابه عين فورا، وزير الدفاع فوزي السلو في الرئاسة. وفي 1953، جرت في «برلمان مصغر» انتخابات الشيشكلي.

بعد خروج الشيشكلي «كي لا تراق دماء» في 1954، عاد هاشم الأتاسي لإكمال ولايته. بعد سنة، جرت أشهر انتخابات في التاريخ المعاصر لسوريا، إذ ترشح خالد العظم، وهو «رئيس دولة» سابق في 1941 خلال الحرب العالمية الثانية ورئيس حكومة في 1948، ضد شكري القوتلي الذي فاز بالقصر.

تخلى القوتلي عن الرئاسة للرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي فاز باستفتاء بعد الوحدة السورية – المصرية في 1958. وفي «عهد الانفصال»، فاز ناظم القدسي ضد سعيد الغزي في تصويت تحت قبة البرلمان في 1961 خلفاً لعبد الناصر.

وبعد تسلم حزب «البعث» الحكم في 1963، عين مجلس قيادة الثورة الضابط لؤي الأتاسي رئيس «مجلس قيادة الثورة». وبعد «حركة» يوليو (تموز) أصبح أمين الحافظ «رئيس مجلس الرئاسة» إلى حين قيام صلاح جديد بـ«حركة» فبراير (شباط) في 1966، وتسلم نور الدين الأتاسي منصب «رئيس الدولة». بعد قيام وزير الدفاع حافظ الأسد بـ«الحركة التصحيحية» في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 1970، عين أحمد الخطيب «رئيس دولة» إلى مارس (آذار) 1971، حيث أصبح رئيسا للبرلمان، وفاز الأسد بالرئاسة عبر استفتاء، الأمر الذي تكرر إلى حين رحيله في 2000. وإثر تعديل الدستور، فاز بشار الأسد بالرئاسة في استفتاء. وفي 2012، تمت صياغة دستور جديد بالتحول من «الاستفتاء» إلى «الانتخابات».

وفي 2014، ترشح الأسد واثنان آخران، هما وزير التنمية الإدارية في حسان النوري والنائب ماهر الحجار.

وما هو مصير الرؤساء السابقين ومرشحي الرئاسة؟

في 1936 أجبر محمد علي العابد على الاستقالة كما هو الحال مع هاشم الأتاسي في 1939. الأول توفي في منفاه في مدينة نيس الفرنسية في 1939، وتوفي الثاني لكبر سنه في حمص في 1960.

وكان تاج الدين الحسني الذي عينه الفرنسيون في 1941، الرئيس الوحيد الذي يموت في «فراش القصر» في 17 يناير (كانون الثاني) 1943. وأخرج شكري القوتلي من القصر بانقلاب عسكري في مارس (آذار) 1949 قاده حسني الزعيم الذي خرج أيضاً بانقلاب آخر في أغسطس (آب) قاده سامي الحناوي.

الزعيم قتل بـ176 رصاصة في جسده في انقلاب الحناوي الذي سجن ثم قتله حرشو البرازي في بيروت في 1950. كان أديب الشيشكلي نفذ في ديسمبر (كانون الأول) 1949، انقلابه ووضع الحناوي بالسجن لمدة قبل أن يطلقه تلبية لضغوطات وطلبات. أما الشيشكلي الذي ترك البلاد بعد الحكم، فاغتيل في البرازيل في 1964 بسبب «ممارساته ضد الدروز» جنوب سوريا.

غادر هاشم الأتاسي مقعد الرئاسة في نوفمبر (تشرين الثاني) 1951، بعدما تسلمه مؤقتا في ديسمبر (كانون الأول) 1949. أمام فوزي السلو، فإنه غادر «طوعا» لصالح أديب الشيشكلي في 1953.

في فبراير (شباط) 1955، جرت مراسم التسليم والتسلم الشهيرة بين هاشم الأتاسي وشكري القوتلي، ليكون «الانتقال السلس» الوحيد في تاريخ البلاد، حيث عاد القوتلي واستقال لصالح جمال عبد الناصر في 1958، على عكس لؤي الأتاسي «الذي نصحه العسكر بالاستقالة» بعد أحداث يوليو (تموز) 1963، ثم توفي في حمص في 2003.

أما القوتلي، فإنه توفي في منفاه في بيروت بجلطة في «نكسة» يونيو (حزيران) 1967. أمين الحافظ، الذي «خلعه» صلاح جديد في 1966، سجن. غادر إلى المنفى ثم عاد وتوفي في حلب في 2009.

نور الدين الأتاسي وضع مع صلاح جديد في السجن من الأسد لدى تسلمه الحكم في 1970. توفي الثاني في المعتقل، فيما توفي الأول بمجرد خروجه منه. أما الخطيب «رئيس الدولة» في أول سنة من حكم الأسد، فأصبح رئيسا للبرلمان لسنة ثم تنحى من العمل السياسي، كما هو الحال مع مرشحي العام 2014، الذي صار أحدهما وزير تنمية، ثم «اعتزل السياسة».

الشرق الأوسط

————————

===============

تحديث 26 نيسان 2021

————————

الانتخابات السورية:تمثيل فاشل أم مقصود؟/ حازم نهار

ألا يعلم النظام السوري أن هناك من سيسخر من “انتخاباته” أو أن قطاعًا واسعًا من السوريين لا يصدِّقه، وأن حكومات الدول، المؤيدة له والمعارضة على حد سواء، تنظر إلى “انتخاباته” بوصفها مسرحية هزلية؟ بلى هو يعلم ذلك تمامًا، وربما أكثر من الجميع. السؤال الذي يفرض نفسه بناء على ذلك هو: هل كان بإمكان النظام تقديم “انتخاباته” بصورة أكثر إقناعًا، أو بصورة أكثر جدية، خصوصًا أن نتائجها مضمونة بنسبة مئة في المئة لمصلحته؟ نعم كان بإمكانه أن يفعل ذلك. إذًا لماذا يصرّ على تقديم نفسه بوصفه ممثِّلًا فاشلًا لا يتقن أداء دوره المسرحي، في لحظة يحتاج فيها إلى شيءٍ من الصدقية لإقناع السوريين ودول العالم كافة بأدائه؟

ماذا يريد النظام عندما يعرض إعلامُه مقابلاتٍ مع المترشِّحين الآخرين للرئاسة، ويُظهرهم أشخاصًا هامشيين غير معروفين حتى من جيرانهم في الأحياء التي يسكنون فيها؟ ألا يعرف النظام أن التقليل من قيمة وشأن المترشِّحين يقلِّل من صدقية “انتخاباته”؟ أليس من مصلحة النظام أن يقنعنا بأنه جادٌّ بعض الشيء في “انتخاباته”؟ أليس من مصلحته أن يقدِّم صورة مغايرة، فيصوِّرهم أنهم مرشّحون حقيقيون وأصحاب كفاءات، ما يعطي بعض الشرعية لانتخاباته التي يشكِّك فيها أكثرية أهل الأرض؟ هل هذا تمثيل فاشل أم مقصود؟ يعلم النظام أن الجميع يعرف أن “انتخاباته” لا تعدو كونها مسرحية، وليست انتخاباتٍ حقيقية، لكن لماذا يصرّ على إخراجها بصورة فاشلة؟ هل النظام مخرج أو ممثِّل فاشل فعلًا؟

لماذا يصرّ النظام على تقديم العملية الانتخابية على أنها مسرحية هزلية، على الرغم من أن نجاحه سيبقى محسومًا إن أعطى المترشحين الآخرين بعض القيمة، وقدّم العملية الانتخابية بصورة أكثر جدية قليلًا؟ لماذا يصرّ على تقديم مترشِّحين لا مؤهلات معقولة لديهم، ولا هم من ذوي التأثير السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي، ولا وجود لقوى سياسية أو منظمات مدنية داعمة لهم؟ أنا أميل طبعًا إلى أن النظام السوري أستاذ في الإخراج والتمثيل، ولا أحد يبزّه في هذا الأمر، وأن أداءه “الفاشل” مقصود.

منطقيًا؛ عندما يترشّح مواطن سوري لمنصب رئاسة الجمهورية، فهذا يعني بداهة أنه ينظر إلى نفسه على أنه أكثر كفاءة من المترشِّحين الآخرين، وأنه يؤمن بقدرته على القيام بأداء أفضل منهم، وأنه يختلف عنهم في السياسة أو الاقتصاد، ويعارضهم توجهًا وأداءً بهذا القدر أو ذاك، وأن لديه برنامج سياسي مختلف أو رؤية مغايرة في عددٍ من الأمور الحيوية، وأنه واثق بوجود فرص متساوية تتيحها إجراءات الترشيح والانتخاب والرقابة المعمول بها، وأن لديه الحرية في التنقل وعقد الاجتماعات والمؤتمرات مع السوريين، أما أن يكون جميع المترشِّحين للمنصب موالين للنظام القائم، ويسبِّحون بحمده، ويرفعون لواءه، ويدافعون عن خياراته، فهذه أمور لا تحدث إلا في بلاد العجائب. لماذا لا يسمح النظام لكومبارس المترشِّحين بأداء أدوار أكثر إتقانًا وإقناعًا ما داموا لا يملكون أي احتمال بالفوز؟

في محاولة الإجابة عن الأسئلة المنطقية السابقة يمكن أن نضع إجابات كثيرة، لكن لا بدّ من الإشارة أولًا إلى أننا عندما نطرح الأسئلة المنطقية السابقة ونجيب عنها باستخدام عقلنا نفسه الذي نعتقد أنه منطقي، لن نصل في الحقيقة إلى تفسير منطقي. فالإجابة عن هذه الأسئلة المنطقية تحتاج إلى فهم منطق النظام وتفكيره، أي تحتاج إلى أن نفكر قليلًا بعقل النظام ذاته، ومن ثمّ، بعد ذلك، نعيد تركيب وبناء المسألة كلها بعقلنا المنطقي.

ينبغي لنا أولًا ألّا ننفي وجود قطاع مهم صادق من موالي النظام، وهذا القطاع يستنكر أصلًا أن يسمح النظام لمرشحين آخرين بدخول العملية الانتخابية. هذا القطاع أكثر تطرفًا من النظام ذاته، كونه غير معني أصلًا بمراعاة أي ضغوط خارجية أو تقديم مجاملات شكلية وبسيطة جدًا، كما هو حال النظام. هذا القطاع من السوريين يدخل في حسابات النظام عند الإقدام على أي خطوة تتعلق بالوضع الداخلي. في الحقيقة، يستحيل تحرير هذا القطاع ودفعه إلى التقدم خطوة في اتجاه التفكير الحرّ إلا من خلال صدمة كهربائية؛ تعادل “غياب أو تغييب الأب” من منظور علم النفس.

يُضاف إلى ذلك أن النظام السوري، على ما يبدو، يخشى خيال الديمقراطية أيضًا وليس الديمقراطية نفسها فحسب، ولا يريد حتى تمثيل عملية انتخابات جدية بدرجة مقنعة نوعًا ما، على الرغم من أنه يتحكم فيها بصورة مطلقة ونتيجتها محسومة لمصلحته. إنه يريد بوضوح أن يسخر من فكرة الديموقراطية ذاتها، ومن الانتخابات ذاتها، وأيضًا من المترشِّحين الذين سمح لهم بالترشّح أو أمرهم بترشيح أنفسهم، ويرى أن دخول فكرة الديمقراطية والانتخابات إلى حيز التداول العام والفضاء السوري، ولو تمثيلاً، يمكن أن يشكل تهديدًا حقيقيًا لوجوده. بمعنى آخر، يدرك النظام أنه إذا خطا خطوة حقيقية ومنطقية في ما يتعلق بالانتخابات، فإنها ستتحول، بعد زمن ما، إلى حقٍّ للسوريين يمكن أن يبنوا عليه للحصول على حقٍّ آخر، في حين يريد هو أن يبقي “انتخاباته” في حيز “المكرمة” أو “العطاء” مثل سائر الأمور. أي أن أي تنازل يقدِّمه ربما يجبره على تنازل آخر مستقبلًا، وهذا سيفتح عليه أبوابًا كثيرة يصعب إغلاقها، وقد تهدِّده وتطيحه.

وأيضًا، تقوم تركيبة النظام على نفي وجود شخصية ثانية يمكن أن تشكل احتمالًا بسيطًا لأن تكون بديلًا، أو في الأحرى على وجود مسافة ضوئية بين شخص الرئيس الموجود في الحكم وأي شخصية سورية أخرى، موالية أو معارضة، ومن ثمّ يستحيل أن يقبل النظام بترشّح شخصية يمكن أن تعطي ملمحًا، ولو بسيطًا، باقترابها من موقع الرئاسة. لذلك، من مصلحة النظام فعلًا الإمعان في الإقلال من قيمة المترشِّحين الآخرين لموقع الرئاسة.

عندما ظهرت إحدى المذيعات السوريات على شاشة قناة الدنيا في نيسان/ أبريل 2011 لتقول إن السوريين تجمعوا من أجل شكر ربهم على نعمة هطول المطر، نافية تظاهرهم ضدّ النظام، ألم يكن النظام يعلم أن كلامها سيُقابل بالسخرية والتندّر، وهل كان هذا يصبّ في خانة الغباء الإعلامي؟ في اعتقادي، يرى النظام أن العمل على تسخيف القضية بطريقة غير مقنعة، حتى لو جلبت السخرية، سيكون أقل ضررًا عليه من توصيف الحقيقة الواقعية؛ مثلًا، التسخيف سيدفع بعض معارضي النظام إلى الانحدار، من حيث لا يعلمون، إلى مستوى يفرِّغ قضيتهم من مضامينها، أو ربما سيؤدي إلى بروز معارضين قادرين على التعامل مع المستوى المتدنِّي الذي يفرضه النظام، على حساب المعارضين العقلاء من الطبقة الرزينة إن جاز التعبير. سيحصل النظام من هذا الفعل، على أقل تقدير، على تسخيف القضية بكليتها، ومن ثم دفع كثيرٍ من معارضيه للتشارك معه في اقتراف القبح، وعندما يتساوى الطرفان في الرذيلة يميل الناس إلى الطرف الأقوى، لأن الفضيلة جرى تحييدها أو رميها.

اعتاد النظام، مثلًا، عندما لا يريد لأمر ما أن يحصل، على تصدير ناطقين باسمه أو مدافعين عنه، يتصفون بالحماقة أو السطحية أو التفاهة؛ فوجود مثل هذه الشخصيات كافٍ لتقليل أهمية الطرف الآخر، حتى لو كان “عبقري زمانه”، إذ سينجر الأخير عمليًا إلى ساحة “المهاترات” والصغائر والصراخ، أو سيصمت. و”الحكمة” هذه طبقها النظام أيضًا في بداية الثورة السورية عبر (قناة الدنيا) التي جرّت القنوات الفضائية كلها، تدريجيًا، إلى مستواها في الانحطاط. في الحقيقة، لا يرتبك العاقل أو الواعي إلا في حضور الجاهل، لأنه لن يستطيع التكهن بخطاب وأفعال الجاهل أو سيعجز عن مجاراته في الحماقة.

من جانب آخر، بالنسبة إلى النظام، لم يكن تصديق شعاراته وخطاباته وأعماله أمرًا مطلوبًا أو هدفًا له على المستوى السوري، في أي وقت؛ في الحقيقة، لم يكن لزامًا على السوريين أن يُؤمنوا بمقولاته، بل كان عليهم أن يتصرّفوا فحسب وكأنهم يؤمنون بها حقًا، أي أن يصطنعوا أو يمثِّلوا أنهم يقبلون بها، أو على الأقل أن يتقبلوها بصمت ويعيشوا بين طيات الأكذوبة. ومن خلال هذه الحقيقة الواقعية بالتحديد، كان السوريون يعزِّزون النظام، ينفِّذونه، يصنعونه، ويصبحون هم النظام.

تقول ليزا وادين في كتابها (السيطرة الغامضة)، في فصل بعنوان “كما لو أن”، إنّ السوريين يدركون، على الأرجح، الفجوة بين ما يعيشونه والادّعاءات والوعود الفارغة للنظام، ومع ذلك يعيش السوريون كما لو أنهم يصدِّقون ما يقوله، وبفعلهم هذا هم يرسِّخون وجود هذا النظام واستمراريته. لا تعتمد السلطة على تصديق الناس لأقاويلها، بل على سلوكهم القائم على التظاهر بالتصديق. لا يريد النظام من السوريين في الداخل اليوم سوى التظاهر كما لو أنهم يعيشون تجربة ديمقراطية، وأن يؤدوا أدوارهم التمثيلية بكفاءة في مسرحية انتخابات مسلية. هذا هو كلُّ المطلوب منهم.

المدن

—————————–

الأسد يهاتف بوتين..لإطلاعه على استعداداته للانتخابات

قال موقع الكرملين الصحافي إن رئيس النظام السوري بشار الأسد أطلع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الاستعدادات للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 29 أيار/مايو، وتم الاتفاق على مزيد من الاتصالات على مختلف المستويات.

وقال الكرملين: “تمت مناقشة القضايا الحيوية على جدول الأعمال الثنائي بالتفصيل، أولاً وقبل كل شيء، آفاق مزيد من تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية والإنسانية، فضلاً عن التعاون في مكافحة انتشار عدوى فيروس كورونا، بما في ذلك توفير اللقاحات الروسية”.

وأضاف البيان أن “الرئيس السوري أعرب عن عميق امتنانه لروسيا على الدعم الشامل والمساعدة للشعب السوري”. كما تم تبادل وجهات النظر حول الوضع في سوريا مع تركيز الاهتمام على تعزيز عملية السلام بين الأطراف السورية في إطار اللجنة الدستورية.

في المقابل، قالت “الرئاسة السورية” في بيان، إن الأسد اتصل ببوتين لمناقشة عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وعزم روسيا على توريد لقاحات إضافية لمساعدة الشعب السوري. ولم يذكر البيان الحديث عن الانتخابات الرئاسية في سوريا التي ذكرها البيان الروسي.

وبحسب البيان، ناقش الأسد مع بوتين أيضًا العقوبات الغربية، والتوترات في أوكرانيا، واللجنة الدستورية السورية.

وكان رئيس مجلس الشعب السوري حمودة صباغ أعلن رسمياً إجراء انتخابات الرئاسة في 26 أيار/مايو، ودعا الراغبين بالترشح إلى تقديم أوراقهم. وسيغلق باب الترشح للانتخابات خلال 11 يوما، وتنص قواعد الانتخابات السورية على أن يكون المرشح للرئاسة قد عاش في سوريا في السنوات العشر الأخيرة على الأقل.

المدن

——————

الجراد يغطّي سماء دمشق..والنظام ينتظر المطر!/ نور عويتي

بينما تكتسح أسراب الجراد الصحراوي سماء العاصمة دمشق وريفها، تقوم حكومة النظام السوري بطمأنة مواطنيها، لتخبرهم عبر قنوات الإعلام الرسمي أن تلك الأسراب هي أسراب عابرة ليس إلّا، من دون أن تتحرك قيد أنملة لإيجاد حل للكارثة.

وسائل الإعلام الموالية تحركت لتستوعب “غضب الشارع السوري” الذي تجسّد بشكل واضح على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. ومن خلال التصريحات، فإن الحكومة السورية أشارت إلى أنها ستنتظر الطبيعة لإيجاد حل للأزمة، حيث صرحت وزارة الزراعة السورية بأن المنخفض الجوي الذي سيضرب البلاد في الأيام القادمة سيكون كفيلاً بحل مشكلة الجراد وتطويق انتشاره، متجاهلةً الكوارث والخسارات الاقتصادية التي قد يتعرض لها الفلاحين خلال مرور أسراب الجراد في هذه الأيام.

ليس ذلك وحسب، بل إن حكومة النظام السوري نفت عبر بيان رسمي صادر عن وزارة الزراعة صحة المقاطع المصورة والصور التي وثّقها الفلاحون من محافظات شرق سوريا عن الأضرار التي خلفها الجراد في حقولهم واعتبرتها مفبركة، وأصرّت على رواية واحدة: أسراب الجراد التي مرت هي بالغة ومنخفضة التغذية ولا تسبب أي أضرار على المحاصيل. علماً أن الفلاحين قاموا بالتواصل مع الجهات المعنية في وزارة الزراعة ليطلبوا تزويدهم بالمبيدات الحشرية اللازمة لمكافحة الجراد، إلا أن المندوبين بالوزارة تجاهلوهم.

ويقول أحد المزارعين في منطقة البوكمال ل”المدن”: “عندما بدأت أسراب الجراد بالدخول إلى مزارعنا، عرفنا من خبرتنا بأشكال الجراد أنه من النوع الصحرواي الخطير، فهو معروف بشراهته للأكل. حينها تواصلنا مع المعنيين في وزراة الزارعة لمساعدتنا في مكافحة الجراد بأقصى سرعة، إلا أنهم كانوا على إصرار أن هذا الجراد ليس من النوع الصحراوي ولا يشكل خطورة”.

ويضيف “عندما تكررت الشكاوى من قبل المزارعين أخبرونا بأنهم يعملون على مكافحتها على الخطوط الحدودية  لمنع انتشارها في باقي المحافظات السورية، وأنه يتوجب علينا التعاون معهم لمكافحتها دون أن يقدموا لنا العون”.

ظل موضوع انتشار الجراد  في المناطق الشرقية قيد التعتيم الإعلامي، ومن دون أي اهتمام قبل أن تصل أسراب الجراد إلى  العاصمة دمشق وريفها، لتنتشر بعدها مئات المقاطع والصور التي توثق الأمر مرفقة بتعليقات غاضبة.

حينها قام المكتب الصحافي لوزراة الزراعة بنشر تصريحات يبرر فيها تقصيره، إذ قال معاون مدير الوقاية في وزارة الزراعة السورية حازم الزيلع إن مرور مجموعات من الجراد الصحراوي فوق دمشق هو محدود جداً وقد لا يُسجَّل أي تأثير له، وهو غالباً مجرد مرور عابر.

المرور العابر الذي تحدث عنه الزيلع، تسبب بخسائر فادحة في محاصيل المزارعين في غوطة دمشق. تواصلت “المدن” مع أحد المزارعين في غوطة دمشق الذي شرح عن الأضرار التي طالت المنطقة نتيجة مرور أسراب الجراد موضحاً أنه يملك خمسة بساتين للكرز، و”قد أكل الجراد كافة الأشجار فيها”.

ويضيف “لقد ضُرب محصول الكرز بالنسبة لي هذا العام. وهذه ليست المرة الأولى، فالعام الفائت عانينا من هجوم الجراد على محاصلينا ولم تعوضنا الدولة على الإطلاق، ولا أظن أنه سيتم تعوضينا هذه المرة أيضاً. الإجراء الوحيد الذي قد يتخذونه هو محاسبتنا عند ارتفاع سعر الكرز، ونعتنا بتجار الأزمة وتحميلنا مسؤولية غلاء الأسعار”.

ليس المزارعين فقط من تأثروا بهجوم الجراد، فمع غزو الجراد للمدن، أصبح المواطنون خائفين من مغادرة منازلهم أو حتى فتح نوافذهم كي لا يدخل منها الجراد. إضافةً إلى أن القاطنين في بيوت المناطق العشوائية أو في البيوت العربية القديمة قد لا يكون لديهم أي سبيل لمنع الجراد من اختراق منازلهم.

وطالب المواطنون الحكومة ببخّ الأحياء السكنية بالمبيدات الحشرية، إلا أن المحافظة تعاملت مع تلك المطالب على أنها نابعة من خوف غير مبرر. ومن داخل دمشق، يقول مصدر ل”المدن”: “لم نستطع الذهاب إلى الجامعة بسبب  خوفنا من أسراب الجراد المرعبة التي تحلق في السماء. وفي المنزل الوضع سيء أيضاً، فالكهرباء تنقطع لساعات طويلة، وعادةً نقوم بفتح النوافذ لتبريد البيوت في هذا الوقت من السنة، لكن ذلك ليس ممكناً الآن. لقد تواصلنا مع المحافظة والبلدية ليقوموا برشح المنطقة بالمبيدات الحشرية، فكان جوابهم واحد: يلي خايف لا يطلع من بيته كلها يومين وبيمرقوا”.

المدن

————————–

انتخابات الأسد غير شرعية..لهذه الأسباب

قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير الاثنين، إن الانتخابات الرئاسية التي يعتزم النظام السوري القيام بها منفرداً غير شرعية وتنسف العملية السياسية وتجري بقوة الأجهزة الأمنية، مشيرة إلى أن بشار الأسد متهم بارتكاب العديد من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ويجب محاسبته.

وقال التقرير -الذي جاء في 15 صفحة- إن النظام السوري ينتهك قرار مجلس الأمن 2118 وبيان جنيف-1، بإعلانه عقد انتخابات رئاسية في أيار/مايو، وينتهك إضافة إليهما قرار مجلس الأمن 2254، الذي وضع فيه مساراً تسلسلياً واضحاً لعملية الانتقال السياسي، مؤكداً على وجود مرشح أوحد من حزب “البعث” هو بشار الأسد، ومُذكِّراً أن هذه الانتخابات تأتي بعد أن أثبتت آلية التحقيق المشتركة مسؤولية النظام السوري 3 مرات عن استخدام سلاح الدمار الشامل الكيماوي، وكذلك أثبتت آلية التحقيق وتحديد المسؤولية التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية مسؤولية النظام السوري عن أربع هجمات كيميائية إضافية.

وأوضح التقرير أن النظام السوري كان قد انتهك سابقاً قرار مجلس الأمن 2118 وبيان جنيف-1، عندما أجرى انتخابات رئاسية من طرف واحد في حزيران/يونيو 2014، وكانت عبارة عن مسرحية معدة مسبقاً ومبرمجة لتحقيق فوز ساحق لمرشح البعث الأوحد بشار الأسد.

ووفقاً للتقرير فإن النظام السوري لم يتوقف يوماً عن ارتكاب الانتهاكات الفظيعة ضد المواطن السوري، فقد استمر منذ الانتخابات الصورية، في ارتكاب أنماط متعددة من الانتهاكات، يرقى بعضها بحسب تقارير لجنة التحقيق الدولية المستقلة إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

وأورد التقرير حصيلة لأبرز تلك الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري منذ الانتخابات الرئاسية الصورية السابقة في 2014 حتى نيسان/أبريل 2021، بحسب قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، حيث سجل مقتل 47967 مدنياً بينهم 8762 طفلاً و5309 سيدة (أنثى بالغة)، وما لا يقل عن 58574 شخصاً بينهم 1986 طفلاً و4693 سيدة (أنثى بالغة) لا يزالون قيد الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية التابعة للنظام السوري.

إضافة إلى ما لا يقل عن 44652 شخصاً بينهم 1827 طفلاً و3516 سيدة لا يزالون قيد الاختفاء القسري. كما سجل التقرير مقتل ما لا يقل عن 4901 شخصاً بينهم 84 طفلاً و52 سيدة بسبب التعذيب في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية التابعة للنظام السوري.

ويقول فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إن “إجراء انتخابات رئاسية من قبل شخص متورط بجرائم ضد الإنسانية والفوز بها يفقد المجتمع السوري أية ثقة بالعملية السياسية والتحول الديمقراطي، ويُعزز من سردية التنظيمات المتطرفة وينشر ثقافة الثأر”.

ودعا الدول الداعمة للعملية السياسية إلى الرفض المطلق لهذه الانتخابات الصورية، والتأكيد على عدم شرعيتها، والرد باتخاذ خطوات جدية ضمن جدول زمني محدد لإنجاز الانتقال السياسي نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان.

أوردَ التقرير ثمانية أسباب رئيسة متسلسلة رأى أنها تجعل من الانتخابات الرئاسية التي يعتزم النظام السوري القيام بها منفرداً فاقدة للشرعية، وغير ملزمة للشعب السوري، وجاءت النقاط الثماني على النحو التالي:

1- الانتخابات جرت وتجري وفقاً لدستور 2012، الفاقد للشرعية.

2- انعدام التأثير الفعلي للسلطة القضائية: فالنظام السوري متجسداً في شخص بشار الأسد يسيطر على مجلس القضاء الأعلى، والمحكمة الدستورية العليا.

3- سيطرة السلطة التنفيذية متجسدة في شخص رئيس الجمهورية على السلطة التشريعية لصالح حزب واحد يرشح شخصاً واحداً للانتخابات الرئاسية هو بشار الأسد.

4- بشار الأسد باعتباره القائد العام للجيش والقوات المسلحة متورط في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بحق الشعب السوري ولا يمكن قبوله رئيساً للشعب السوري، بل يجب أن تتم محاسبته.

5- إجراء انتخابات رئاسية يخالف قرارات مجلس الأمن رقم 2118 و2254.

6- تسلُّط وتهديد الأجهزة الأمنية ينهي البيئة الآمنة والمحايدة وحرية الرأي.

7- أزيد من نصف الشعب السوري مشرَّد قسرياً.

8- قرابة 37 في المئة من مساحة الدولة السورية خارج سيطرة النظام السوري.

ووفقاً للتقرير فقد ساعد فشل المجتمع الدولي بما فيه مجلس الأمن الدولي في عدم تحقيق أي تقدم جدي على صعيد الانتقال السياسي نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا، مع الإفلات التام من العقاب، النظام السوري على الاستمرار في تحدي المجتمع الدولي وإجراء انتخابات رئاسية منفرداً وترشيح الشخص نفسه المتورط في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

———————————

دمشق:النظام يخالف مراسيمه الخاصة بتجريم التعامل بغير الليرة السورية/ محمد كساح

لجأ النظام السوري مؤخرا لاتخاذ العديد من الإجراءات التي تخصّ الحوالات المالية الواردة من الخارج، تتسم بالتضارب والتناقض، كما تشكل بعداً غير مسبوق لتعامل النظام مع السوق الموازية.

ويعتقد خبراء اقتصاديون بأن النظام دفع باتجاه تحسين سعر صرف الليرة السورية عبر إلغاء الفارق بين السعر في السوق الموازية والسعر الرسمي من خلال رفع تسعيرة الدولار الى قرابة 2500 ليرة، في محاولة للاستحواذ على القطع الأجنبي الوارد من الحوالات الرمضانية وتلك التي تنشط عادةً عشية عيد الفطر.

ويقول رئيس “مجموعة عمل اقتصاد سوريا” أسامة قاضي ل”المدن”، إن النظام السوري يمتلك تاريخاً حافلاً في ممارسة القوانين المتضاربة في آن معاً داخل المجتمع السوري، “على طول الخط يكون هناك قوانين متضارية يغضّ النظام الطرف عنها”.

في حين يرى الباحث الاقتصادي يونس الكريم أن النظام يحاول زيادة حجم الحوالات المالية عبر الأقنية الرسمية “لكن حتى الآن لا توجد قناعة لدى المحولين بالأسعار التي تعرضها شركات النظام”.

قرارات مفاجئة

في إجراء غير مسبوق أعلنت شركة “المتحدة للصرافة” أنها على استعداد لتسليم حوالات لتجار وصناعيين، بالدولار الأميركي، ما يخالف قرارات سابقة للنظام تخصّ تجريم التعامل بغير الليرة السورية. كما أعلنت الشركة ذاتها بالتوازي مع شركات صرافة أخرى عن بيع الدولار الآجل بأسعار متفاوتة وفقاً لمدة تسليم القطع الأجنبي بأسعار تبدأ من 3250 للدولار الواحد، وصولا إلى 3100، وانتهاء ب2900 ليرة.

وينص المرسوم التشريعي رقم 3 الصادر في 18 كانون الثاني/يناير 2020، على أن كل شخص يتعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات “يعاقَب بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن سبع سنوات”.

ويرى أسامة قاضي أن مخالفة المرسوم 3 من قبل بعض الشركات يمكن تصنيفه في سياق سياسة التناقض التي انتهجها النظام السوري مراراً. ويتابع: “ليست المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا التضارب، فمثلاً يطلب النظام دفع بدلات الخدمة العسكرية بالدولار وهو مخالف للمرسوم رقم 3 على اعتبار أن الشاب الذي يلجأ لدفع البدل سيحمل في جيبه مبلغ 8000 دولار داخل دمشق لتسليمها للنظام. وفي حال تم إلقاء القبض عليه من قبل دورية ما فسيتم سجنه لمدة 7 سنوات بموجب مرسوم تجريم التعامل بغير الليرة”.

إلغاء المرسوم رقم 3؟

من الواضح أن النظام -بحسب قاضي- في طريقه إلى إلغاء المرسوم رقم 3، الذي يعتبره “مرسوماً أسود ويزيد الطين بلة داخل سوريا، وقد أدّى إلى إغلاق محلات الصرافة ما خفف من كمية الحوالات المالية المرسلة للسوريين من الخارج”. ويوضح أن المرسوم منع عن سوريا حوالي مليار ونصف إلى ملياري دولار وهذا ما خفف النشاط الاقتصادي بشكل كبير جداً. ويضيف أن العام الحالي سيشهد إلغاء المرسوم رقم 3.

في المجمل، يسعى النظام ضمن السياسة الجديدة إلى استعادة ثقة المواطن بالمصرف المركزي، لكن تضارب القوانين والتاريخ الطويل من انعدام الثقة بين المواطن والنظام سيكون حجر عثرة أمام نجاح هذه السياسة سواء في اكتساب ثقة المواطن العادي أو التاجر أو الصناعي.

ويشدد القاضي على أنه ما لم يتم إلغاء المرسوم رقم 3 وعودة شركات الصرافة العادية ضمن بيئة تحمي المواطن فسيظل المواطنون يتعاملون مالياً ومعيشياً ضمن الحد الأدنى، لأن النظام بلجوئه إلى شركات صرافة بعيداً عن المصارف مثل “المتحدة للصرافة” لتنفيذ سياسة معينة يضع أي مواطن وصناعي تحت طائلة القانون.

إيصال رسالة إيجابية

ويرى الباحث الاقتصادي يونس الكريم أن الهدف الأساسي من عرض تسليم الحوالات المالية بالعملة الصعبة وعرض بيع الدولار الآجل، هو التلميح إلى أن التصحيح السعري لليرة السورية سوف يستمر.

ويقول ل”المدن”، إن النظام السوري يريد إيصال رسالة أخرى توحي بأن السياسات النقدية السابقة تتغير وأن هذا التغير ليس آنياً أو مؤقتاً بل هو تنفيذ لسياسة عامة وستعود شركات الصرافة إلى سابق عهدها.

ويلاحظ الكريم وجود شركة واحدة أعلنت عن تسليم الحوالات بالدولار وهي المتحدة للصرافة، ويقول إن الشركة تعد بمثابة مرياع لسوق الصرف، ويرى أن اعطاء هذا الامتياز لشركة واحدة أمر يدعو للغرابة. فيما يتفق مع قاضي في ربط التعارض في القرارات الصادرة إلى تناقض المسؤولين عن السياسة النقدية في إصدارها للقوانين.

ويقول إن أمام النظام السوري للخروج من حالة التناقض هذه أن يصدر قانوناً يلغي المرسوم رقم 3 “لكن هذا غير ممكن إلا عن طريق رئيس الجمهورية وبما أن النظام الآن في مرحلة انتخابات فيعدّ إصدار مرسوم من هذا النوع غير شرعي”.

إصلاحات طفيفة

أدّى افتقار النظام السوري للقطع الأجنبي إلى أزمات متفاقمة جعلت من سوريا مكانا يعيش قاطنوه في شلل شبه تام. ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية التي يزمع بشار الأسد خوضها مع بضعة مرشحي “كومبارس” يحاول النظام الحصول على القطع الأجنبي لتحسين الظروف الاقتصادية للبلد ولو بشكل طفيف.

ويقول الباحث في مركز “جسور” للدراسات خالد التركاوي إن شركات الصرافة باتت تعرض سعرا أفضل للدولار مقارنة بالسابق، من أجل الاستحواذ على القطع الأجنبي الناجم عن التحويلات المالية التي تتزايد في رمضان وقبيل عيد الفطر كما جرت العادة. ويتابع ل”المدن”، أن “هناك محاولة قدر الإمكان لشد الليرة السورية نحو التحسن”.

ويرى التركاوي أن تسليم الحوالات بالدولار الذي يعد مخالفاً لقوانين النظام هو أمر مؤقت وسيعرض العملاء الذين يتسلمون بالقطع الأجنبي إلى الاعتقال في مرحلة ما. ويتوقع أن القضية ليست سوى “تطميع الناس لتخفيض سعر الصرف لكن بعدها: إما يلجأ النظام للاعتقال أو يعرقل التسليم”.

المدن

————————-

البلدان العربية على حافة التحول لدول فاشلة/ خليل عليان

يمكن تعريف الدولة الفاشلة (Failing State) بأنها الدولة التي لا يوجد فيها رؤية ورسالة واستراتيجية وأهداف بعيدة المدى سياسية واقتصادية واجتماعية يتم تطبيقها للنهوض بالأمة كما لا يتم العمل بالدستور الذي تم التوافق عليه.

تتسم الدول الفاشلة بالخصائص الآتية:

1-أسلوب الحكم دكتاتوري.

2-لا تحترم حقوق الانسان بالمفهوم المعاصر.

3-نسبة كبيرة من السكان تحت مستوى خط الفقر.

4-لا يوجد عدالة في توزيع الدخل بين المواطنين.

5-تفشي البطالة بدون توفير فرص عمل للعاطلين عن العمل والاهتمام بهم.

6-عدم شمول الفقراء بالتأمين الصحي الشامل.

7-عدم احترام حرية الرأي والصحافة الحرة.

8- تزوير الانتخابات التي تفرز أعضاء بمجالس الأمة عديمي الكفاءة وهم دائما موافقون على قرارات السلطة التنفيذية، وعدم وجودهم يوفرعلى الدولة مبالغ طائلة.

9-عدم السماح بتعدد الأحزاب وإن وجدت فهي مقصورة على حزب واحد هو حزب الرئيس.

10- عدم السماح بالمعارضة السياسية وتكميم أفواه المعارضين واضطهادهم.

لكون معظم البلدان العربية تتوفر فيها الخصائص السابقة للدولة الفاشلة فهي على حافة هاوية التحول الى دول فاشلة.

للخروج من حالة الدولة الفاشلة يوصي خبراء السياسة والاقتصاد والاجتماع بالإصلاحات التالية التي يجب تبنيها من قبل الزعماء والقادة العرب قبل فوات الأوان.

اولا: السماح بالتعددية السياسية لأحزاب وطنية شريفة.

ثانيا: تحول الملكيات العربية الى ملكيات دستورية على غرار المملكة المتحدة في بريطانيا حيث تقتصر صلاحيات الملكة على تمثيل الدولة امام الداخل والخارج كرمز للبلد دون التدخل في تعيين رئيس الحكومة كما ينطبق عليها قانون الضرائب على اموالها وممتلكاتها أسوة ببقية المواطنين.

ثالثا: تحول دول الجمهوريات العربية الى دول رئاسية يتم انتخاب رؤسائها مباشرة من قبل أفراد الشعب وتحدد مدة الحكم بأربع سنوات قابلة للتمديد اربع سنوات اخرى في حالة فوز الرئيس بالانتخابات الحرة المباشرة لمرة ثانية.

رابعا: تحقيق تكافؤ الفرص بين المواطنين في الوظائف والتخلص من التمييز بين المواطنين.

خامسا:عدم اعتماد السلطة الحاكمة على طبقة النخبة (Elites) ومعظمها لا يحلل ولا يحرم ولا يهمها سوى مصالحها الخاصة وليذهب الآخرون من الطبقات المتوسطة والفقيرة الى الجحيم!

خلاصة القول أن الدول لا تخلق فاشلة وانما يفشلها القادة والنخب الفاشلة.

نأمل من قادة البلدان العربية القيام بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية طبقا لأفضل الممارسات الدولية قبل فوات الأوان من أجل تحويل دولهم الفاشلة الى ناجحة اقتداء بقول الشاعر العربي “الحطيئة “:

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه       لا يذهب العرف بين الله والناس

* د. خليل عليان أستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية

المصدر | السبيل

————————–

==================

تحديث 27 نيسان 2021

——————————

أسوأ ما في السيرك الانتخابي السوري/ عمر قدور

تقول النكتة التي كان السوريون يتداولونها ذات يوم أنه عندما تولى الرئاسة راح يتجول في القصر، فرأى في حديقته دجاجة ونظر إليها مستنكراً: دجاجة في قصري؟ أجابت الدجاجة: لست دجاجة عادية سيدي الرئيس، أنا من أفخم السلالات لحماً وبيضاً، وموجودة هنا لأقدم نفسي وأولادي على مائدتك كي تتفرغ لمعالجة هموم الوطن. ربت على ريشها قائلاً: بارك الله بك. بعد خطوات: ما هذا! خروف في قصري؟! سيقول الخروف كلاماً مشابهاً لما قالته الدجاجة، وينال ما نالته من ثناء…. في ركن آخر من الحديقة سيعلو صوته ودهشته: وأنت أيضاً ما الذي أتى بك إلى هنا؟! يجيب الحمار: سيدي.. لا أدري، أنا مثلك، بالمصادفة وصلت إلى هنا.

هذه النكتة سبّاقة بزمن طويل على سيرك “الانتخابات الرئاسية الأسدية الحالية” ومن الواضح أنه تصدر عن وجدان عام لا يكنّ تقديراً لمنصب الرئاسة ولشاغله، ولا تستبعد الوصول إلى المنصب لتوفر شرطين؛ المصادفة وانعدام الكفاءة. بحسب النكتة، لا ينبغي أن تكون السخريات المتداولة من المرشحين الحاليين عائقاً أمام وصولهم إلى قصر الرئاسة، والعائق كما نعلم هو في مكان آخر، وضمن حسابات ليست الكفاءة من ضمنها.

إذا كان لا بد من ملاحظة ذات مغزى تشمل المرشحين الحاليين، من السهل ملاحظة مدى التهافت والابتذال اللذين ظهروا به، وهي ليست مصادفة بالطبع. ولأن أياً منهم لا يجرؤ على “اقتراف” أدنى فعل من تلقاء نفسه، لا يصعب التكهن بوجود جهة تشرف على تقديمهم كمادة مغرقة في التفاهة والتناقضات، كأن يدعو البعض منهم إلى ممارسة الديموقراطية في “سوريا الأسد”!

زيادة منسوب الإسفاف، ويُرجَّح أن نشهد جرعات إضافية منه، تنتمي إلى ما هو أصيل وثابت في الأسدية، وهو التنكيل بالديموقراطية مفهوماً وممارسة. لكنها تنتمي أيضاً إلى ما هو متحرك ومتغير، فمعيار القياس في هذه الحالة هو المرشح الفائز سلفاً، وكلٌّ من المرشحين ينبغي أن يظهر تافهاً ومثيراً للسخرية بالمقارنة معه، فوق أنه أصلاً تم اختياره والإشراف على خطواته من قبل المخابرات. وحدة القياس هذه تفرض شروطها على المرشحين، والحفاظ على مسافة واسعة لصالح بشار يقتضي تقديمهم بمظهر مثير للسخرية، ويقتضي أن تزداد المبالغة في ذلك كلما تدنت صورة المثال الذي يُقاسون عليه.

في عام 2014، وقت أول “انتخابات تعددية”، لم تكن صورة بشار قد انحدرت على النحو الذي سيحدث في السنوات التالية. كان الإتيان بمرشحيَن مغموريَن، وجعلهما مادة للتندر، لا يتطلب الإفراط في ذلك كما هو الحال اليوم. فخلال سبع سنوات تراجعت صورة بشار في أماكن سيطرته إلى نحو غير مسبوق، الحماية الإيرانية ثم الروسية أعادتا إليه مناطق خرجت عن السيطرة، وفي المقابل ظهر تابعاً ذليلاً، وصُوّر في مشاهد مخصصة من قبل الإيراني والروسي لإهانته. فوق الدماء التي سُفحت على مذبح بقائه، تبين للجميع الثمن المعيشي لحرب التدمير والإبادة، أو المعنى الفعلي لـ”الأسد أو نحرق البلد”، حيث لا يعني بقاؤه أيضاً سوى إحراق البلد.

اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يستطيع الموالي “ومن في حكمه بموجب مكان الإقامة” شتمَ بشار الأسد، وبخشيةٍ أقل مما مضى لأن المخابرات لن تقوم بملاحقة ملايين الغاضبين واعتقالهم، ولأنها تدرك استحالة ترجمة الغضب إلى انتفاضة أو ثورة حالياً. تدهورُ صورة بشار، صورته الشخصية المعطوفة على كفاءته، والتندر عليه يستتبعان تصنيع منافسين أدنى بمسافات من أدنى صورة له. لا ننسى في هذا السياق أن كفاءته كانت منذ البداية موضع شك، ولطالما نُظر إليه كرئيس بالمصادفة، وللولاء له كاستمرار للولاء لأبيه، ويعرف الموالون قبل غيرهم كيف لُفّقت له صورة وكفاءات على عجل بعد موت أخيه الذي كان معدّاً للوراثة بالطريقة ذاتها، إنما على نار أهدأ.

أسوأ ما في السيرك الانتخابي الأسدي أن فكرة تصنيع البديل المتهافت المثير للسخرية لا تقتصر عليه، فهي أيضاً موجودة ومطروحة منذ انطلقت الثورة من قبل القوى الدولية المعنية بالقضية السورية. حينها قدّم بشار نفسه للغرب بديلاً عن التطرف الإسلامي الذي سيحكم البلد في حال إسقاطه، ولن يمضي وقت طويل قبل أن تتبنى دوائر غربية شعار “الأسد أو داعش”، وهو شعار يجعل من نظيره الداخلي “الأسد أو نحرق البلد” قليل الكلفة أخلاقياً على الغرب. لم يتغير الكثير مع دحر داعش بوجود العديد من القوى التي بقيت مصرة على طرح بشار بديلاً للخطر الإسلامي، بينما يتسلى هو بتصنيع بدائل “أو مهازل” للجمهور المحلي لمناسبة السيرك الانتخابي.

لا ينفرد بشار بإهانة السوريين، والحق أن الإهانة مضاعفة ببقائه رغم انكشافه على نحو مذل، ثم تصنيع “منافسين انتخابيين” لا ينافسونه سوى بتهافت الصورة التي يقدمونها عن أنفسهم. الإهانة الأوسع والأقوى هي بطرح هذا السؤال: ما البديل عن بشار؟ قوى الخارج التي تطرحه تعلم أنه سؤال ينطوي على الإجابة التي تنفي وجود بديل عنه، لأن السؤال مصمَّم من أجل هذه الإجابة الوحيدة.

لنتجاوز الانحدار الذي وصلته المعارضة بهياكلها وشخوصها، فالمفاضلة بينها وبين بشار، من أي طرف أتت، تعيد السؤال ذاته الذي يتجاوز إرادات السوريين، ويفترض وجود بديل ناجز لا ذاك البديل “المجهول” الذي ينبغي أن يقترعون له في انتخابات حقيقية. ما يهم القوى الدولية في هذه المفاضلة هي سيطرة بشار على الجيش والمخابرات، ومن البديهي أن المعارضة لا تملك نفوذاً عليهما، فضلاً عن أنها الكفاءة الوحيدة التي تُسجّل لبشار رغم فقدانه أجزاء منها لصالح طهران وأجزاء أخرى لصالح موسكو.

لا خلاف جوهرياً بين احتقار بشار الديموقراطية وأولئك الذين بذريعة أو أخرى يتساءلون عن البديل، في الحالتين نحن إزاء ازدراء السوريين بسلبهم حقهم في الاقتراع الحر. في انتخابات حرة، قد لا ينتخب السوريون الأفضل كل مرة، أسوة بشعوب سبّاقة ديموقراطياً كان لها كبوات، وقد يخطئون في الاختيار ويتندرون على أخطائهم. حينها ستكون لهم أيضاً نكاتهم الجديدة، وربما لا تقل إضحاكاً عن نكتة ذلك الحمار الناطق في قصر الرئاسة.

المدن

——————————

هكذا رئيس يستحق هكذا منافسين/ مالك داغستاني

رشّح “وحيد.م” جارنا في الحي، نفسه كمستقل لانتخابات الإدارة المحلية عام 1976. وحيد رجل بسيط يقود دراجته الهوائية صباح كل يوم للذهاب إلى عمله، كمستخدم في إحدى دوائر الدولة، ومساء يعود إلى بيته، وقد حمّل في “خُرج البسكليت” ما أوصته عليه زوجته وأمه من مستلزمات البيت. لم يأخذ أحد في الحي هذا الترشيح على محمل الجد، فالرجل طيب وبسيط جداً، ولا يمتلك أية مؤهلات لاحتلال هذا الموقع، بل وأكثر من ذلك تحوّلت حكاية الترشّح إلى طرفة انشغل بها رجال الحي تلك الأيام.

بعد تجربة انتخابات الإدارة المحلية الأولى عام 1972 والتي فازت بها قائمة “الأحرار” بكامل أسمائها في مدينة حمص، وهزمت قائمة الجبهة الوطنية التقدمية المتشكلة حديثاً، بدا أن المخابرات في الدورة التالية، لم تكن تريد تكرار التجربة، فتقرر فوز قائمة الجبهة بالتزكية دون انتخابات. طُلب من المرشحين المستقلين الانسحاب، فانسحبوا جميعاً باستثناء الجار “وحيد.م”. فما كان منه إلا أن اختفى من الحيّ، وسرت شائعة أن دوريات للأمن السياسي تبحث عنه، لتطلب منه الانسحاب. بعد أيام من البحث سيجدونه، وربما يكون هو من ذهب إليهم، ولكنه للمفاجأة، رفض الانسحاب، وكانت حجته أن الدعاية الانتخابية قد كلّفته الكثير من المال. كان وحيد طبع لنفسه نسخاً من صورة له بالأبيض والأسود، يظهر فيها وهو يضع ربطة عنق، وعنونها بشعاره الانتخابيّ “أعطِ العامل حقّه قبل أن يجفّ عرقه”، وألصقها بنفسه في حيّنا والحي المجاور، كما ألقى كلمة يشرح فيها برنامجه أمام باب فرن الحيّ، فصعد إلى المصطبة وخاطب جمهور المنتظرين على دور الفرن. في النهاية، بعد مفاوضات بدت لوحيد أن نتائجها عادلة، سحب الرجل ترشيحه، وقيل إن المخابرات السياسية عوّضته بمبلغ مجزٍ من المال، بمقاييس تلك الأيام، ربما بلغ الألف ليرة.

أحداث حكاية وحيد جرت في فترة ما قبل الثمانينات، حين كانت أجهزة مخابرات الأسد ما زالت تهتم بمراعاة بعض الشكليات. بعد عقود، وقد جرى في النهر السوري ماء الأسد الذي لا يشبه أي ماء، وانقلب كل شيء بشكل كارثيّ، في العام 2014، وعلى العكس من حالة وحيد.م، كان النظام/المخابرات يحتاج لمن يترشح لمنصب الرئاسة إضافة للأسد، بعد تعديل الدستور، الذي صار يقتضي إجراء انتخابات بدلاً من الاستفتاء على اسم واحد كما جرت العادة، هذا الواحد كان على الدوام هو “الأسد”، بل ويتصادف أن بشار الأسد وقبله أبوه لم يهزموا أو يفشلوا بالفوز في أي استفتاء منذ خمسة عقود. مرشحون للرئاسة؟ إنه الأمر الذي لم يكن أي سوري يتجرأ على مجرد التفكير فيه خلال عقود حكم الأسدين. مع ذلك، استطاعت المخابرات في تلك الدورة تأمين ترشيح 24 من معارفها، استوفى اثنان منهم، إضافة لبشار لأسد طبعاً، شروط الترشّح، بحسب المحكمة الدستورية العليا. حسان النوري عضو مجلس الشعب عن دمشق، وهو وزير دولة سابق لشؤون التنمية الإدارية، وماهر حجار عضو سابق في حزب الإرادة الشعبية الذي يقوده قدري جميل حليف موسكو، وعضو مجلس الشعب عن مدينة حلب. وهما وجهان معروفان إلى حدٍّ ما، أقله لدى المهتمين بالشأن العام. ومضت اللعبة بسلاسة.

تغيير الدستور عام 2012 على ركاكته، أجبر النظام على ألعاب جديدة لم يكن مضطراً لها قبلاً. كل الاستفتاءات السابقة كانت تسير بيسر وبدون أيّ جهد إخراجي. في مرّة واحدة احتاج النظام لهذا الجهد. عام 1991 تم تغيير موعد الاستفتاء الرئاسي من آذار 1992 إلى كانون أول 1991، وكان سؤال السوريين، لماذا؟ فانتخابات مبكّرة يمكن أن تحدث في بلدان أخرى، وهي جزء من الألعاب السياسية لترجيح فرص الفوز على الخصوم. ولكن في سوريا حيث لا خصوم، لماذا يتم تغيير موعد الانتخابات؟ في موسم الانتخابات، وقد نالت ذاك العام تكثيفاً إعلامياً خاصاً، اكتشف السوريون أن تغيير الموعد كان فقط لتغيير موعد موسم العطايا والمكرمات التي يمنحها الأسد للرعية في مثل تلك المواسم. فقد حصل موظفو الدولة على زيادة في الرواتب بلغت 500 ليرة، وتم الإفراج عن حوالي 3000 سجين سياسي، وهي سابقة تاريخية لم تحدث أبداً في حكم الأسد، وبذات الوقت انعقد مؤتمر مدريد المقرر منذ بداية العام، وكانت المرة الأولى التي يجلس فيها علناً، وفد سوري مع وفد إسرائيلي، وهذه كانت من المحرّمات، وتجاوزها يدعو للعار الوطني في وجدان السوريين، فاختلط حابل الفوز بنابل الجلوس وجهاً لوجه مع الإسرائيليين. في ذاك الاستفتاء الرئاسي فاز حافظ الأسد بنسبة 99.99 بالمئة. ستعتقدون هنا، أنني أورد النسبة التهكمية المعتادة التي يتداولها السوريون بمعرض السخرية؟ لا، إنها النسبة التي أعلنها النظام حقيقةً في حينه، مع اعترافه بأن 396 ورقة احتوت عدم الموافقة على اختيار الرئيس، وكانت هناك 753 ورقة باطلة.

في دورة عام 2014 وجدوا اسمين معروفين إلى حد ما، ارتضيا لنفسيهما هذا الدور الذي ينطوي على الكثير من الركاكة الشخصية والهزال الأخلاقي، لكن يبدو أنهم في هذه السنة، حتى الآن على الأقل، لم يحظوا بعد بمتطوعين معروفين قابلين للانخراط في المهزلة التي ستُشعِر أحفاد المرشحين بسوء المنبت. فأن نرى 21 مرشحاً، حتى لحظة كتابة هذه المادة، يمجّدون خصمهم الانتخابي، ويضعون صوره في مكاتبهم، فهذه سابقة في التاريخ، ولو شاء أعظم كتاب الأدب الساخر في العالم أن يُحيكها، لما تأتّى له إنجازها على هذا النحو. جارنا وحيد.م كان لديه من عزّة النفس والكرامة ما جعله يوزّع صورته، ولم يوزّع صور منافسيه.

ولكن، إذا كانت لعبة انتخابات رئاسة سوريا مكشوفة للجميع، إلى هذه الدرجة أو تلك. إذا لماذا يلعبونها؟ إنها “عُدَّة الشغل”. فبماذا سيجيب إعلاميو النظام ودبلوماسيوه، خلال السجالات في بعض المحافل حول شرعيّة الأسد، إن لم يكن لديهم ما يروونه عن انتخابات بين متنافسين؟ بل وبماذا سيجيب حتى أصدقاء الأسد من أمثال لافروف وزير الخارجية الروسي، حين يبرر دفاع بلاده عن الأسد؟ وأساساً، متى كان الهدف من أية انتخابات سورية غير ذلك؟

لا يحدث في دولة أخرى، بما فيها دول العالم الأكثر ثالثيةً، أن يتقدم لانتخابات موقع الرئاسة أناس بلا أي ماض في العمل العام، وبخاصة السياسي. وإن حدث هذا الأمر أحياناً، فسوف يكون خبراً صحفياً بارزاً، تشوبه الطرافة غالباً. والمفارقة الأكبر اليوم هو موقف عموم السوريين، فالموالون لا يهاجمون خصوم الأسد من المرشحين لهذه الانتخابات، والأدهى أنه حتى السوريون ممن يحلمون أن تخرج سوريا من الأسر الأسدي، لتعود للتاريخ والحركة، وللحياة الطبيعية، هؤلاء أيضاً يكتفون بالتندر، ولسان حالهم يشي بما يشبه الطرفة الشهيرة: “هكذا رئيس، يلزمه هكذا منافسين”.

تلفزيون سوريا

————————

ثمانية أسباب تجعل الانتخابات “فاقدة للشرعية وغير ملزمة للسوريين

أصدرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” تقريراً أوردت فيه ثمانية أسباب رئيسية متسلسلة، رأت أنها تجعل من الانتخابات الرئاسية التي يعتزم نظام الأسد القيام بها في أيار المقبل منفرداً “فاقدة للشرعية، وغير ملزمة للشعب السوري”.

وقالت الشبكة في تقريرها إن هذه الانتخابات “غير شرعية وتنسف العملية السياسية وتجري بقوة الأجهزة الأمنية”، مشيرة إلى أن بشار الأسد متهم بارتكاب العديد من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وتجب محاسبته”.

وجاءت الأسباب التي أوردتها الشبكة في تقريرها على النحو الآتي:

السبب الأول: الانتخابات جرت وتجري وفقاً لدستور العام 2012، الذي يعد فاقداً للشرعية لعدة أسباب أبرزها:

    اعتُمِدَ بشكل انفرادي وإقصائي من السلطة الحاكمة لكافة المعارضين الفعليين لنظام الأسد.

    جرى الاستفتاء عليه في ظل ارتكاب نظام الأسد جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وتسببت تلك الجرائم في توليد حالة من الإرهاب والرعب لدى المواطن السوري تدفعه نحو التصويت لصالح النظام ودستوره.

    العديد من نصوص دستور النظام لعام 2012 تخالف أبسط معايير النصوص الدستورية، وتنسف مبدأ الفصل بين السلطات، وتخرج مفهوم الدستور من مضمونه.

    دستور النظام الأمني لعام 2012 مصمم لفوز بشار الأسد حصراً في جميع الانتخابات الرئاسية القادمة، ولا يمكن لأي أحد هزيمته.

السبب الثاني: انعدام التأثير الفعلي للسلطة القضائية: فنظام الأسد متجسداً في شخص بشار الأسد يسيطر على مجلس القضاء الأعلى، والمحكمة الدستورية العليا.

السبب الثالث: سيطرة السلطة التنفيذية متجسدة في شخص رئيس الجمهورية على السلطة التشريعية لصالح حزب واحد يرشح شخصاً واحداً للانتخابات الرئاسية هو بشار الأسد.

السبب الرابع: بشار الأسد باعتباره القائد العام للجيش والقوات المسلحة متورط في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بحق الشعب السوري، ولا يمكن قبوله رئيساً للشعب السوري، بل يجب أن تتم محاسبته.

السبب الخامس: إجراء انتخابات رئاسية يخالف قرارات مجلس الأمن رقم 2118 و2254.

السبب السادس: تسلُّط وتهديد الأجهزة الأمنية ينهي البيئة الآمنة والمحايدة وحرية الرأي.

السبب السابع: أزيد من نصف الشعب السوري مشرَّد قسرياً.

السبب الثامن: قرابة 37 % من مساحة الدولة السورية خارج سيطرة نظام الأسد.

thumbs_b_c_c0c97d14009f955a4cdb6953156e283d.jpg

الأمم المتحدة:انتخابات الرئاسة السورية ليست ضمن العملية السياسية

ووفقاً للتقرير، فقد ساعد فشل المجتمع الدولي، بما فيه مجلس الأمن الدولي، في عدم تحقيق أي تقدم جدي على صعيد الانتقال السياسي نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا، وساعد هذا الفشل مع الإفلات التام من العقاب، نظام الأسد على الاستمرار في تحدي المجتمع الدولي وإجراء انتخابات رئاسية منفرداً وترشيح الشخص نفسه المتورط في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

وطالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، والدول الراعية لعملية السلام في جنيف، بإدانة إجراء انتخابات رئاسية من طرف واحد، والإعلان عن رفض الاعتراف بنتائجها، والعمل على إلزام كافة الأطراف بمسار الحل السياسي وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ووضع جدول زمني محدد لإنجاز ذلك.

كما أوصى بالإعلان بأن المتورطين في الجرائم الفظيعة، مثل الجرائم ضدَّ الإنسانية، ليس لهم دور في مستقبل سوريا، والتأكيد على رفض أي تأهيل لهم لأن ذلك عبارة عن تأجيج للنزاع وليس حلاً له

—————————–

الانتخابات.. استمرار لتدمير سوريا/ نبراس إبراهيم

إذاً، فقد حسم رأس النظام السوري أمره، وقرر عدم تأجيل الانتخابات الرئاسية، وأصرّ على أن تجري معاكسة لمفردات قرار مجلس الأمن رقم 2254 الصادر عام 2015، ودون أي رقابة دولية أو ضمانات حقيقية لنزاهتها أو شفافيتها، ودون وجود أي تمثيل للمعارضة السورية، بل وبالأدق، دون مشاركة نحو نصف الشعب السوري الذي يعيش في المنافي.

قرر الأسد المضي في انتخابات لا تحظى باعتراف شرعي، على المستوى المحلي والإقليمي والدولي ولا حتى العربي، انتخابات تأتي بعد سلسلة طويلة من الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية في سوريا، وجرائم الحرب اللا محدودة التي ارتكبها نظامه في سوريا، انتخابات تلي معاناة السوريين من الأفران البشرية، ومسلسلات القتل والاعتقال والتعذيب، انتخابات تنسف أي حل سياسي محتمل، وتؤكد على أن النظام ماض في تعنته إلى ما بعد بعد النهاية.

أصرّ النظام السوري على إجراء الانتخابات الرئاسية، رغم الاعتراض المحلي والإقليمي والدولي، وفي الوقت الذي وصل فيه عدد القتلى السوريين إلى مئات الألوف، جلهم من المدنيين، ويعيش نصف الشعب السوري مهجراً ونازحاً خارج سوريا وداخلها، وتشهد البلاد أسوأ موجة حرب وفقر ودمار شهدتها في تاريخها الحديث.

نتائج انتخابات نظام الأسد معروفة ومحسومة مسبقاً، كسابقتها عام 2014، ويعرف الجميع أنه لن يعترف بها أحد، عدا موسكو وإيران، ولن تكون حرّة ولا نزيهة ولا شفافة، ولن تلبي تطلعات السوريين بأي شكل، ولن تحقق شروط المجتمع الدولي، وفي الوقت نفسه، لن تُلغى العقوبات المفروضة على النظام السوري ورجالاته، ولن تفيد في أي خطوة نحو تطبيع النظام دولياً، ولن توقف الضغوط على الأسد للمضي في الحل السياسي الذي يضمن التغيير الحقيقي والجذري للنظام السياسي.

صدقت المعارضة السورية حين أطلقت على الانتخابات وصف “مسرحية”، لأن جلّ سوريا لن تنتخب الأسد، لكنّه سيفوز، وسيقاطع الانتخابات غالبية الشعب السوري، ومع هذا سيفوز بنسبة عالية، فعائلات مئات آلاف الضحايا لن ينتخبوه، وأهالي نحو مليوني معاق بسبب براميله وصواريخه لن ينتخبوه، وأهالي عشرات الآلاف من المختفين قسراً أو المّذوّبين بالأفران البشرية لن ينتخبوه، ونحو عشرة ملايين لاجئ خارج سوريا أو نازح داخلها هربوا من بطشه، لن ينتخبوه، ومن اكتشفوا زيف النظام وتمييزه وفساده وطائفيته لن ينتخبوه، وكل من لم يعرف طعم الحرية زمنه وزمن أبيه، لن ينتخبه، حتى أبناء مواليه، مشكوك بأنهم سينتخبونه بعد أن أفقدهم أحبتهم من أجل كرسيّه، كما لن ينتخبه أبناء درعا الثورة، وأبناء حمص الأصلاء، وأبناء الغوطة والزبداني وداريا وتلبيسة وبصرى وكفرنبل والحولة وبصرى الحرير وعدد لا يُحصى من القرى والبلدات التي شهدت عنف النظام، ورغم هذا، سيفوز الأسد في “مسرحيته”، وبنسبة قد تصل إلى 88.7 في المئة كعام 2014، أو ربما تزيد.

الانتخابات بشكل عام هي عملية مُعقّدة، وفي الحالة السورية هي عملية غاية في التعقيد، وتحتاج لضوابط عديدة وظروف خاصة وشروط موضوعية، جميعها غير متوفرة في سوريا الآن، كما تحتاج، وفق أي دستور، إلى قانون إعلام حر، وقانون أحزاب حر، وسلطة قضائية نزيهة وحرة ومستقلة، وإشراف قضائي صارم، وحرّية مطلقة للتعبير والتظاهر والاحتجاج والدفاع عن البرامج الانتخابية، وتحتاج إلى كف يد الأجهزة الأمنية كلّياً عن الحياة السياسية، وتحييد الجيش عن العملية الانتخابية، وحيادية السلطة التنفيذية، كما تحتاج أيضاً دوراً قوياً للمنظمات الحقوقية المحلية والعربية والدولية والأممية لمراقبة العملية الانتخابية ومنع التزوير، وتحتاج قبل هذا وذاك إلى بيئة آمنة، وأمن وسلام واستقرار.

لا يمكن إجراء انتخابات في زمن الحرب، وفي زمن اللا استقرار، وزمن لا يُسيطر فيه النظام السوري على أكثر من ثلث مساحة سوريا، وتوجد فيه خمس قوات عسكرية أجنبية على الأقل في الأراضي السورية، والعديد من الميليشيات الأجنبية الطائفية، وفي زمن يخاف فيه المواطن داخل سوريا أن يفتح فمه ليقول “لا للأسد”.

كل ما يهدف إليه النظام السوري من وراء “مسرحيته” الانتخابية هذه، وكل ما يأمل من ورائها، هو أن تكون جسر عبور له إلى الشرعية الدولية، وهو ما لن يحصل مهما توهّم، فالمجتمع الدولي واضح -حتى الآن على الأقل- في أنه لن يعترف بشرعية الأسد دون حل سياسي حقيقي، حل يقود إلى دولة حقيقية لا مزرعة، حل يقود إلى نظام ديمقراطي وحكم لا طائفي، يضمن سلطة تداولية وعدالة انتقالية وتشاركية كاملة بين جميع السوريين.

لن تنجح “مسرحية” الانتخابات السورية لأنها مبنية على باطل، وتستند إلى ظروف مريضة، وتنقصها جميع الشروط التي يمكن أن تضمن لها النجاح، وتنقصها الأمانة والنزاهة والحيادية، والأهم، أنها تمنح الحق لمن دمّر سوريا أن يشارك في مستقبلها، وهذا ما لا يقبله -ولن يقبله- لا العقل ولا المنطق ولا التاريخ، وهو استمرار لتدمير سوريا.

——————————

بقاء بشار الأسد في موقع الرئاسة يعني موت سوريا/ بسام يوسف

لم يختر السوريون في تاريخهم الحديث من يمثّلهم، ولم يختاروا قادتهم، ليس فقط على مستوى رئاسة الجمهورية، أو أعضاء البرلمان، بل على مستوى مختار قرية، وربما أقل من هذا، وعندما حاولوا استعادة هذا الحق قامت الدنيا ولم تقعد، فأُحرقت بلادهم، ودُمرت، وهُجّروا منها، وخسروا ما يقارب المليون منهم، لذلك فإنّه من الطبيعي أن يتناولوا بسخرية مريرة تعكس حجم يأسهم، مسرحية الانتخابات الرئاسية التي تجري فصول الاستعداد لها اليوم، والتي من المقرر أن تجري في السادس والعشرين من الشهر المقبل.

ليس أمام السوريين إلّا السخرية، فهم الذين خبروا طويلاً فصول هذه المسرحية، عايشوها، وعرفوا تفاصيلها طوال سنوات حياتهم، هي وإن كانت تختلف عن سابقاتها طوال نصف قرن، فإنّ هذا الاختلاف يكمن فقط في أنّها تجري بعد أن تمزّقت بلادهم، وهُجِّر نصف شعبها، واحتلتها جيوش وميليشيات لا عدّ لها، والأدهى من كل هذا، أنّهم يعرفون جيداً أنّ من تسبب بكل ويلات بلدهم، هو الوحيد الذي تجري فصول هذه المسرحية لإعادته – مرة رابعة- حاكماً عليها، وأنّها تجري بعد عشر سنوات من ثورتهم على هذا الحاكم، ثورة دفعوا ثمنها غالياً، من دمهم وشبابهم، وأحلام ومستقبل أجيالهم.

لم تجرِ أي انتخابات في سوريا، وبالأخص الانتخابات الرئاسية يوما بدلالة حاجات الشعب السوري، أو بدلالة الوضع السياسي، واختلاف البرامج السياسية بين أحزاب، أو شخصيات لها حضورها السياسي، كما هو معتاد في الدول التي تعرف حداً أدنى من الديمقراطية، ولم تكن يوما لتعكس رأيهم، وربما لم يتبقَ من السوريين الذين عرفوا طوال حياتهم انتخابات حقيقية إلا القليل، والذين تجاوزا الثمانين من عمرهم، فمنذ أن قبض العسكر على مواقع السلطة، لم تعُد لأية عملية انتخابات أي معنى.

اليوم، يسخر السوريون كلّهم، وهم يتابعون مشهد سيل المترشحين لموقع الرئاسة، (بلغ عدد المترشحين حتى لحظة كتابة هذا المقال 21 مرشحاً)، يتقاطعون جميعاً بأنّهم يؤيدون بشار الأسد، وبأنّهم جميعاً بلا أي برنامج، وجميعهم بلا أي مؤهلات حقيقية، والأدهى من كل هذا، أنهم جميعاً ينتظرون تعليمات أجهزة المخابرات، ليعرفوا ماذا يتصرفون، وماذا يحق لهم قوله إن اضّطروا للتحدث إلى وسيلة إعلامية، وهل يستمرون في ترشحهم أم ينسحبون!

باختصار وبوضوح، يُمكن القول: إن الشعب السوري بكامله، وبكل وجوه مأساته، ليس موضوعاً لهذه الانتخابات، والغاية الوحيدة لها هي الرسالة التي يريد قولها من يمسكون بالقرار السوري – وأقصد إيران وروسيا- للأطراف الدولية الأخرى.

لكن ماذا يعني استمرار بشار الأسد في موقع الرئاسة لسبع سنوات أخرى؟ وهو الذي يحكم سوريا منذ واحدٍ وعشرين عاماً، ولماذا يصّر الروس والإيرانيون على تحدي السوريين والعالم، والإبقاء عليه رئيساً، رغم أنهم يعرفون جيداً أن الخطوة الأولى للحل، والتي لا بديل عنها، تكمن في رحيله؟

أول ما يعنيه بقاء بشار الأسد رئيساً لسوريا، هو استمرار المأساة السورية لسنوات أخرى قادمة، فسوريا ستبقى رهينة صراع مصالح الآخرين على أرضها، وستبقى مشلولة، ونازفة، وغير قادرة على تضميد جراحها.

ويعني أيضاً أن مستقبل سوريا سيظل غامضاً، رغم أن ما يجري على الأرض يدفع للخوف الشديد على وحدتها، وصيغة نظامها السياسي، وأن استنقاع الوضع على ما هو عليه، سيؤدّي إلى تكريس أمر واقع، سيكون من الصعب جداً على السوريين تجاوزه مستقبلاً.

لكن الأخطر من كل هذا، أن أطرافاً فاعلة على الأرض السورية، تعمل جاهدة ومنذ سنوات، لتكريس وجودها الدائم في سوريا، سواء عبر اتفاقات طويلة يوافق عليها من يغتصب السلطة في سوريا، والذي لاحول له ولا قوة أمام القوى التي تمسك بمصيره، أو عبر خلق مرتكزات أو حاضنة اجتماعية لها على أسس قومية أو طائفية، ورغم أن كل الاحتلالات خطيرة، ولها نتائجها الكارثية على مستقبل سوريا، إلا أن أخطرها هي الأطراف التي تسعى لترسيخ وجودها عبر تفتيت النسيج الاجتماعي السوري، وربط جزء من هذا النسيج بها، وتحويله إلى أداة لتحقيق مصالحها.

لا أدري لماذا كلّما صدر بيان ختامي لاجتماع أطراف أستانا، يذكر فيه أن الأطراف المجتمعة متمسكة بوحدة واستقلال سوريا، أشعر بأنهم يريدون القول إن تقسيم سوريا قادم لكن ظروفه لم تنضج بعد، فما يجري على الأرض لا يدفع أبداً باتجاه الحفاظ على وحدة واستقلال سوريا، وإن بقاء بشار الأسد هو الشرط المناسب لهذه الأطراف كي تستكمل مرتكزات تقسيم سوريا، وتحطيم أهم مرتكز، وأقصد هوية الشعب السوري وعناصر تلاقيه.

إنَّ بقاء بشار الأسد في السلطة، يعني بكل وضوح، أن ما تبقى من إمكانات سوريا وقدراتها للخروج من مأساتها سيتم استنزافه، وإنّها ستغرق في وضع شديد الضعف، ومفخخ وقابل للتفجير في أي لحظة، الأمر الذي سيوصل في ظل هذه المعطيات داخل سوريا وخارجها إلى صيغ سياسية مؤقتة، ولن تدوم، وستكون بوابة تقسيم إلى كيانات هشّة تتبع هذا الطرف أو ذاك

تلفزيون سوريا

———————-

موعد قريب لـ”أستانة 16″.. جولة جديدة تزامناً مع “انتخابات الأسد

قالت وزراة الخارجية الكازاخية إن الجولة 16 من محادثات “أستانة” حول سورية سوف تنعقد خلال الصيف القادم.

وفي بيان نشرته الخدمة الصحفية لوزارة الخارجية الكازاخية، اليوم الثلاثاء، وتناقلته وكالات عالمية، فإن الجولة المقبلة سوف تنعقد في العاصمة نور سلطان خلال وقت لاحق من الصيف المقبل، مع الأخذ بعين الاعتبار ظروف انتشار فيروس “كورونا”.

وأضاف: “بالتأكيد لن يكون هناك اجتماع في مايو/ أيار، هذا متوقع في الصيف، لكن كل شيء سيعتمد على الوضع الصحي والوبائي في البلاد”.

وكانت الجولة 15 من “أستانة” قد انتهت في فبراير/ شباط الماضي، في مدينة سوتشي الروسية، بحضور ممثلين عن “الدول الضامنة” (روسيا- تركيا- إيران)، والمبعوث الأممي إلى سورية جير بيدرسون، وبمشاركة 3 دول عربية هي: الأردن والعراق ولبنان.

وانتهت الجولة ببيان ختامي أكدت فيه الدول المشاركة على تمديد جميع الاتفاقات المتعلقة بـ”خفض التصعيد” و”التهدئة” في إدلب، وأكدت التزامها “بوحدة أراضي سورية وسيادتها”.

وحول العملية السياسية السورية، حث المشاركون في “أستانة 15” على ضرورة استكمال عمل اللجنة الدستورية السورية في جنيف، وإحراز تقدم في عملها حتى تتمكن من صياغة إصلاح دستوري يُطرح للاستفتاء، حسبما ورد فيه.

وكان المبعوث الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرنتييف، تحدث في وقت سابق عن موعد الجولة 16 من أستانة، مشيراً إلى أنها قد تنعقد في مايو/ أيار أو يونيو/ حزيران المقبلين، في العاصمة الكازاخية نور سلطان.

وفي حال انعقدت الجولة بالوقت المحدد فإنها ستتزامن مع الانتخابات الرئاسية التي ينوي نظام الأسد إجراءها في 26 مايو/ أيار المقبل، وسط رفض دولي للاعتراف بشرعيتها، على اعتبار أن شريحة كبيرة من السوريين لن تشارك فيها.

ويعتبر مسار “أستانة” الأطول من ناحية المسارات السياسية المتعلقة بالملف السوري، وكانت أولى جولاته قد انطلقت في مطلع عام 2017، وبلغت 15 جولة حتى اليوم، ومن أبرز ما توصلت إليه “الدول الضامنة” فيها، هي مناطق “خفض التصعيد”، والتي سيطرت قوات الأسد عليها بشكل كامل، ما عدا محافظة إدلب، والتي تعتبر منطقة “خفض التصعيد” الرابعة.

وعلى الرغم من إدراج هذا المسار ضمن محادثات الحل السياسي، إلا أن الدول الراعية له أضفوا عليه صبغة عسكرية، من خلال التطرق في كل جولة منه إلى حدود الخارطة العسكرية لمناطق النفوذ، وبشكل أساسي إدلب في الشمال الغربي لسورية.

———————–

====================

تحديث 29 نيسان 2021

———————-

بعد عقد من قمع الثورة ضد الدكتاتورية في سوريا: انتصار بشار الأسد الوهمي وغطرسة السلطة/ ائل شما

يبدو أن الرئيس السوري بشار الأسد قد انتصر. فهو لا يزال في سُدة الحكم، والنزاع السوري يشارف على الانتهاء، كما تتزايد الجهود المبذولة في العالم العربي لتطبيع العلاقات مع النظام السوري. ومع أن معدّل العنف الممارَس في سورية انخفض على الأرجح بعد عشر سنوات من الدمار، هل من الدقيق القول إن الأسد غيّر أسلوبه في الحكم؟ وهل بدّلت الأحداث الجسام التي شهدتها سورية رؤيته حيال جوهر السياسة؟

للإجابة على هذين السؤالين ، لا بدّ من العودة بأذهاننا إلى الشرارة الأولى للانتفاضات العربية. ففي أوائل العام 2011، وحتى بعد أن نجحت موجات الحراك الاجتماعي، في غضون أسابيع قليلة، في الإطاحة برئيسين سلطويين دام حكمهما طويلًا، أعلن الأسد أن تلك الأحداث لا تؤثّر على سورية. وأخبر صحيفة وول ستريت جورنال أن “سورية مستقرة”، مشدّدًا أن بلاده هي “خارج كل ذلك”، في إشارة إلى ما شهدته تونس ومصر.

ولم تمضِ إلا أسابيع قليلة حتى واجه الأسد انتفاضة سورية أظهرت مدى انفصاله عن الواقع. واليوم، بعد مرور عقدٍ على انطلاق الاحتجاجات في سورية، لا يزال من الجائز التساؤل عن أسباب إغفال الدكتاتور السوري بوادر ضعفه. وتتبادر إلى الذهن عوامل ثلاث تشرح هذا الانفصال.

البطولات الهزلية للأسد

العامل الأول هو أن عائلة الأسد لم تدرك أن سيطرتها المفرطة أضعفت قدرتها على معرفة الديناميكيات الداخلية للمجتمع السوري، ما أعاق بصيرتها. فالسياسة عملية ديناميكية تنطوي على التعبير والتفاوض والنزاع.

وبحلول العام 2011، كان قد مضى على منظومة السيطرة المُحكمة والمعقّدة التي فرضها الأسد الأب ثم الابن أكثر من أربعة عقود، استطاعت خلالها أصابع النظام من التغلغل في جميع جوانب المجتمع. فمن خلال إحكام النظام قبضته على هياكل السلطة والأجهزة الأمنية والأحزاب السياسية والمجالات العامة، وضع كل جوانب السياسة المرئية تقريبًا تحت سلطته الصارمة.

والمشكلة في ذلك هي أن عائلة الأسد لم تدرك أن تقييد الحياة السياسية بهذا الشكل دفع هذه النقاشات إلى أماكن أكثر ضبابية وغموضًا، إذ تحوّلت الآراء والخلافات من السياسات الحزبية والمداولات البرلمانية ووسائل الإعلام إلى أحاديث ونقاشات خاصة كما برزت أشكال خفية من المعارضة. يشير هذا إلى أن الحقائق الصغيرة تعبّر عن قضايا كبيرة، ” فالغمزات يمكن أن تعبر عن نظرية المعرفة وغارات الأغنام قد تعبّر عن الثورة”، بحسب عالم الأنثروبولوجيا الثقافية كليفورد غيرتز. ففي عهد الأسد الأب والابن، كل حذف في الكلام، أو عبارة مجازية، أو إيماءة خيبة، أو زفير للغضب، أو حتى الصمت أصبح أبلغ إنباءً من الكلام للتعبير عن هموم السكان وجذور استيائهم.

لكن بشار الأسد، من علياء قصره المطلّ على دمشق، رأى مشهدًا مختلفًا. فقد قرأ في الصمت ولاءً له، وفي الرقابة الذاتية قبولًا وإذعانًا. وإن دلّت انتفاضة آذار/مارس 2011 على شيء، فإنما دلّت على قراءته المغلوطة للواقع.

لماذا لم يكن بشار الأسد مستعدًا إطلاقًا لانتفاضات الربيع السوري؟

يوضح العامل الثاني سبب فشل الأسد في تلمّس المزاج العام السائد في البلاد. فالسوريون لم يخفوا فقط تفضيلاتهم الحقيقية في وجه الضغوط السياسية، بل عمدوا أيضًا إلى تزييف ردود فعلهم في الكثير من الأحيان وتظاهروا بأنهم يدعمون النظام. وقد أطلق الخبير الاقتصادي تيمور كوران على هذه الممارسة اسم “تزوير التفضيلات”، بمعنى تصنّع الابتسامات أو المجاملات في سياق المناسبات الاجتماعية الخاصة. أما في سياق الأنظمة السلطوية، فتأخذ هذه الممارسة أبعادًا أكبر.

من المُلفت أن داعمي الأسد الأب والابن ومنتقديهما على السواء يعتبرون أن النظام السوري شيّد حكمه على استراتيجية الخوف. ففيما أطلق منتقدو النظام على سورية اسم “جمهورية الخوف”، سعى النظام إلى الحفاظ على ما سمّاه “هيبة الدولة”، بما ينطوي عليه هذا المفهوم من قمعٍ ورعب. وبين العامَين 1970 و2011، جرت مأسسة سياسة الترهيب في البلاد. وهكذا، اكتسب السوريون موهبة الصمود والبقاء، مختارين إما السير مع التيار، أو التقوقع على الذات، أو العيش في حالة من المنفى الذهني، أو ادّعاء الولاء للنظام.

وقد أحسن أبو العتاهية، أحد الشعراء المخضرمين في العصر العباسي الأول، توصيف هذا الواقع قائلًا: “وإن ضاق عنكَ القول فالصمتُ أوسعُ”. وهكذا، عاش السوريون في دوامة من الصمت قبل العام 2011. لكن الصمت هو غالبًا علامة الصبر أكثر مما هو علامة الرضا والإخلاص. ولأنه يشكّل عبئًا على كاهل الأفراد، فهو لا يدوم إلى الأبد.

لكن بدلًا من القراءة بين سطور الصمت، انكبّ النظام على تكريس نمط عبادة شخص الرئيس الأسد والتوق إلى حكمه الأبدي تحت شعار “الأسد إلى الأبد”. لكن من السهل رؤية كيف أدّى هذا التزلّف إلى الغطرسة.

أما العامل الثالث فيشير إلى اتّساع هوة التفاوت بين الواقع والخيال مع مرور الزمن. واقع الحال أن نظام الأسد عانى بسبب طول عمره، فحاصره الزمن. فكلما طال بقاء الحاكم السلطوي في السلطة، زاد اعتماده على زمرة من المقرّبين والمتزلّفين الذين يشاركونه آراءه وأوهامه. وهذه الدائرة الضيقة التي يحيط بها الحاكم نفسه تحدّ من انفتاحه وسعة اطّلاعه، فيصبح الواقع بالنسبة إليه أشبه “بالليل الذي تبدو فيه كل الأبقار سوداء”، على حدّ تعبير الفيلسوف الألماني هيغل.

بحلول أوائل العام 2011، كان حافظ وبشار الأسد قد أمضيا 40 عامًا في البرج العاجي. وقد صرّح مستشار سابق لبشار أن الرئيس “يعيش في شرنقة”. وواقع الحال أن بشار ربما لم يكن حتى على دراية تامة بالديناميكيات الداخلية لأجهزة الدولة التابعة له، وخصوصًا الأجهزة الأمنية الجامحة. فحين تحوّلت سورية إلى إرث عائلي أصبحت أقرب إلى الدولة الدكتاتورية المجزّأة، حيث تنتشر فيها الإقطاعيات الشخصية، ما جرّد المؤسسات العامة من الفاعلية والأهمية.

لقد أخذت الانتفاضة الدكتاتور السوري على حين غرّة وجرّدته من هالته، وأثبتت أن السياسة لا يمكن إلغاؤها أو دفنها إلى الأبد. وفي حال كرّر النظام أخطاءه هذه بعد انتهاء الانتفاضة، فستعود أحداث العقد الماضي المريرة لتطلّ برأسها مجدّدًا.

نائل شما

حقوق النشر: مركز مالكوم كير – كارنيغي للشرق الأوسط 2021

نائل محمد شاما هو باحث وكاتب سياسي مقيم في القاهرة. يمكن متابعته عبر تويتر على: @Nael_Shama

 ————————–

منوعات سورية في ساعة الغفلة/ موفق نيربية

في الأعم الأغلب سوف يمضي الأسد بخطته، إلا إن حدث طارئ، أو إذا تحولت فورة الوباء – لا سمح الله – إلى حالة قاهرة. وما تجري الإشارة إليه هنا هو الاستفتاء على فترة رئاسية جديدة لبشار الأسد، تتحدى قوانين الطبيعة والمجتمع.

فقد صدر قرار بإجراء تلك الانتخابات في 26 أيار/مايو، وفُتح باب الترشيح المرسوم على الجدار الأصم، وزاد عدد المرشحين وطفح، بمجموعة من الأفراد من ضعاف الخلفية، أهمهم واحد يمثل قوة صغيرة ثائرة حتى على المعارضة الداخلية. وهنالك الكثير من المؤشرات المتكررة التي توحي بأن «المسخرة» لم تتغير، وما زالت مجرد تجديد رئيس لنفسه بموافقة الطغمة المحيطة به. ما تغير خلال السنوات السبع الماضية، لم يكن إلا انحداراً إضافياً ونوعياً بالدولة نحو الفشل، وبالسلطة إلى انعدام الشرعية بكل المعايير.

هنالك فوضى على الأرض وفي المواقف الإقليمية والدولية، تنعكس فوضى في الأوضاع السياسية، فقد تفجرت جداول القوى الموجودة، وتعددت ولاءاتها والأيديولوجيات التي تحملها – إن وُجدت- حتى صار تفكيك مشكلة تحدث في السويداء أو الحسكة أو الباب أو عفرين، مهمة فائقة الصعوبة أحياناً، ما لم نستسهل شتم الجميع والاعتصام بحبل «الثورة» دائماً كما يفعل بعضنا كثيراً. وربما تكون النقطة الممكن عزلها عن غيرها حالياً، هي كون الإيرانيين استمروا بموقفهم الثابت الداعم للنظام والأسد، والروس حسموا موقفهم في ذلك أيضاً، ولكن يبدو أن ذلك يحمل بعض المرارة للطرفين، بحيث لا يبدو أن انسجامهما مع النظام عميق، ولا توافقهما أو توافق تحركاتهما طويل الأمد.

*أول الأمثلة على هذه الحال صاروخ النقب، فلم يتضح حتى الآن من كان وراء استهداف تلك الصحراء، على بعد ثلاثين كيلومتراً من مفاعل ديمونا بصاروخ من جيل الستينيات، أثار في إسرائيل كثيراً من الجدل حوله. فعجز القبة الحديدية عن إسقاطه مشكلة إسرائيلية حكومية وعسكرية، يمكن معالجتها لاحقاً، ولكن معناه والمقصود منه هو ما أعجز المحللين في المنصات الإسرائيلية المعنية. كان الأسهل هو اتهام الإيرانيين بالوقوف وراءه، لأنه يشبههم أكثر، ولثقة الإسرائيليين بتعاونهم الاستراتيجي مع الروس. لم يفترض أحد أن» النظام» هو الفاعل، رغم كونه الفاعل المباشر. أكثر النتائج لفتاً للنظر، كان ما ورد في تحليل محترف في صحيفة «هآرتس» كان عنوانه «إن لإسرائيل وروسيا مصلحة مشتركة في سوريا: إبقاء الأسد «فوق» في الوقت الراهن». ثم جاءت خلاصته في سطوره الأولى على لسان خبير استراتيجي بالقول: «إن أي تغيير استراتيجي في سوريا يمكن أن يجعلنا نواجه أسئلة صعبة».. ذلك الصاروخ إذن جعل إسرائيل تمنحه صوتها.

*ثاني الأمثلة هو ذلك الخبر الإشكالي الذي مرّ هكذا عَرَضاً، عن «غارات روسية زادت عن المئتين، على معسكرين سريين للإرهابيين شمال شرق تدمر». تقول روسيا هذه المرة عبر ذلك الخبر الذي يستحيل التحقق من دقته، إن خطر الإرهاب ما زال كبيراً، لم يستطع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أن ينهيه، وأن فارس البيداء المجرب هنا هو الأسد.. ولعل هذا تصويت أول له من الروس.

*ثالث الأمثلة، وربما أكثرها أهمية هو اشتباكات القامشلي، بين القوى الأمنية (الأسايش) التابعة للإدارة الذاتية، التي يشكل الكرد نواتها الصلبة، في إطار أوسع هو قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وخصوصاً حزب الاتحاد الديمقراطي المتداخل إلى هذا الحد أو ذاك مع حزب العمال الكردستاني (التركي) المتمركز في جبال قنديل في العراق. تسيطر الإدارة الذاتية على مدينة القامشلي، ما عدا مربع أمني ما زال النظام يديره في علاقة معقدة ومثيرة مع الكرد، وكذلك بعض الأحياء الجنوبية، وأهمها الحي الذي يقطنه أبناء قبيلة طي العربية، وتسيطر عليها «قوات الدفاع الوطني» وهي ميليشيات شكلها النظام في المدن والمناطق، لمساعدته على التصدي للمعارضة منذ الثورة في 2011. هنالك أياد إيرانية عضوية التداخل، ويدٌ روسية جاِثمة بظل ثقيل وذات نفوذ، والكثير من عناصر التشبيح التي يشجعها النظام. اصطدم الطرفان نتيجة لاعتداء أحدهما على حاجز للآخر وقتل أحد القياديين، واشتعلت أصوات القتال، وفيها نداءات للنخوة العربية تطلب استنفار و»فزع» القبائل والعشائر العربية، في إثارة إضافية للنيران. ما هو ظاهر وأقرب إلى الأكيد، هو أن النظام يريد فرض مساهمة أهالي المنطقة في «احتفالات» العملية الانتخابية، وكسر تمنع الإدارة الذاتية ومقاطعتها لتلك العملية. هنالك أصوات ثلاثة للأسد، من الإيرانيين والروس وبعض العشائر اللاجئة إلى حضن الأسد من طغيان القوة الكردية وحلفائها.. وتجري الآن تصفية النتائج، من خلال اتفاق يعكس ميزان القوى، ربما يقايض به النظام وحلفاؤه تسليمهم ببعض التنازلات لقسد، المدعومة من الولايات المتحدة، بتصريحات الجنرال ماكينزي مباشرة، في مقابل تسهيل العملية الانتخابية، أمام الإعلام وشكلياً على الأقل، وربما أقل أو أكثر. وفي الحقيقة، فإن أسوأ ما يجري هناك هو الحفر عميقاً في تأصيل الصراعات العنصرية وإذكاء أوارها.. وهذا ضرر سوف يؤثر في المستقبل ما لم يجرِ تداركه بالسرعة المناسبة.

لعل الروس والإيرانيين وأشتات نظام الأسد معاً، يحاولون التمهيد والتأثير في ناحيتين: أولاهما التصويت المقبل على تجديد فتح المعابر، الذي يرغبون من خلال تعطيله سد الطرق على الملايين المشردة في الشمال وإرهابها بحرب تجويع، طالما سلك النظام طريقها. وثانيهما، تحسين الشروط المترافقة مع معالجات الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في المنطقة، التي يُحتمل أنها سوف تتبلور في فترة قريبة من منتصف العام، بشكل ربما يتواقت مع تصويت مجلس الأمن المذكور. ربما يحتاج الروس إلى استمرار الأسد لسبع سنوات أخرى، ولو كان خيال مآته، أو أن هذا ما رأوا في النهاية أنه الأفضل لسياساتهم في المراحل المقبلة، تكريساً لاتفاقاتهم مع هذا النظام نفسه، وحتى يحموها من العبث بها أو إلغائها. وربما يريد الإيرانيون الاستمرار بالإمساك بالورقة السورية، ليس من أجل المقايضة ببعضها في المفاوضات، التي ستزداد حرارتها قريباً؛ بل كذلك من أجل طموحات استراتيجية أخرى أكثر بعداً باتجاه المستقبل.

الغائب الوحيد هو بديل النظام، الذي كان يمكن لو أنه موجود بما يقنع الآخرين، أن تختلف كل المعادلات، وفي ذلك مسؤولية كبرى على القوى الإقليمية التي منعت بشكل مباشر أو غير مباشر تطوير معارضة سياسية فاعلة ومنظمة، ومسؤولية أكبر على المعارضين السوريين.. الضعفاء أمام «الخارج» المؤمنين بقدراته الخارقة. لن تأتي الاستراتيجية الأمريكية المقبلة بجديد قادر على بناء سوريا من غير السوريين. وما هو محمود ومشكور حتى الآن، في الجهتين الأمريكية والأوروبية، تعميق وتحصين الحفرة التي يتم تحضيرها لأهل جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، الأمر الذي لن يترك مجالاً لأي ادعاء بأي شرعية، سواءٌ بانتخابات أصبحت أكثر من مهزلة، أو من دونها.

كاتب سوري

القدس العربي

——————–

الانتخابات السورية… “نعم” أم “نعمين”!/ د. خالد باطرفي

كنت في زيارة لسوريا عام 1985، سنة الانتخابات الرئاسية التي خاضها الرئيس حافظ الأسد. كانت الحملة الانتخابية على أشدها، ولا مجال للتهاون ولا مساحة للتقصير، فمستقبل سوريا والمنطقة والعالم على المحك. صوره وتصريحاته وشعارات التأييد تملأ الشوارع والصحف وشاشات التلفزيون، وتماثيله في كل مكان.

سوريا تخوض تجربتها الديموقراطية لتثبت أن من يحكمها، حزباً ورئيساً، يمثلون الشعب بكل أطيافه، ويعبرون عن إرادة الوطن والأمة. وهكذا، فقد كان الجميع يعيش اللحظة الاحتفالية التاريخية، فلا حديث في المجالس والبيوت والإعلام إلا عن خيارات الشعب وحرية المواطن ومستقبل الوطن.

كل هذا أمر طبيعي ومتعارف عليه في البلدان التي تحظى بنعمة الديموقراطية، وتحترم قرار الناخب، وتحكم باسم الأمة. مع فارق تفصيلي، بسيط، يتعلق بخصوصية سوريا التاريخ والعروبة والبعث. فالناخبون بالملايين والمرشح واحد، لا منافس له. ولحل الإشكالية التقنية التي ستواجه صناديق الاقتراع، فقد كان الخيار على بطاقة الانتخاب بين “نعم” و”نعمين” لـ”الرئيس الى الأبد حافظ الأسد”.

تصويت معارض

صديقي السوري قرر أن يعبر عن رأيه الحر في النظام الذي حرمه فرص العمل، بعد أن أهدر أجمل سنوات عمره مجنداً بلا راتب، فقرر أن يصوت بـ”نعم” واحدة. لم ينم ليلتها، وهو يقلب الأمر ويدرس احتمالات انكشاف سره. وفي صباح اليوم التالي، ذهب الى موقع الاقتراع باكراً، وتأكد من خصوصية كشك التصويت، وعدم وجود عيون داخله. ولما جاء دوره، حمل بطاقة التصويت بكل ثقة ويقين … معلناً على الملأ حبه وولاءه للزعيم الخالد، ودخل الكشك. وبعد شيء من تردد اللحظة الأخيرة، حسم أمره ووضع علامة الصح على خانة “نعم” وخرج باسماً يرفع علامة النصر والتأييد.

إلا أنه بعد أن ركب الحافلة في طريق العودة انتابته الشكوك وحامت حوله المخاوف، إذ نالت عائلته نصيبها من غضبة الأسد. سجن هو لأنه تهّرب من التجنيد، وحُبس أخوه لأنه تاجر بدهانات “امية” مزورة … وما أدراك ما سجون الأسد! ولما ضاق صدره وتصدع رأسه، ولم يعد يحتمل الوساوس، نزل في أول محطة، وعاد على عجل الى مركز الانتخابات.

يقول: “دخلت مسرعاً وأنا بالكاد التقط انفاسي، ووقفت امام الموظف المسؤول وشرحت له أنني أشك أنه ربما … بالخطأ البشري المجرد، ومن حماسي الزائد، وعيوني المبتلة بدموع الفخر والحب والولاء، أكون وضعت علامة الصح على خانة “نعم” بدلاً من “نعمين”. رد علي رجل يقف الى جانبه، تبينت من لهجته ولكنته العلوية أنه عنصر مخابرات، “أيه روح أخي! خلص … صلحناها!”. وهكذا، فاز الرئيس في هذا “الاستفتاء” الشعبي العظيم، الذي شارك فيه الكبير والصغير، بـ 6,202,260 “نعمين”، و 376 صوتاً لـ”نعم”.

ديموقراطية العرب

ولنكن عادلين، فالرئيس حافظ الأسد لم يكن وحده الذي حظى بهكذا شعبية. فقبله كان الرئيس أنور السادات قد فاز بانتخابات الرئاسة بنسبة 99.99 في المئة ولحق به كل زعماء العرب في سباق الشعبية المطلقة (ومافيش حد أحسن من حد).

إلا أن الرئيس السوري سنّ سنّة لم يسبقه اليها أحد، ثم تبعه كل أحد. فقد قرر أن يورث الحكم من بعده لابنه باسل. وفي ذلك الوقت، كان الشبل من ذاك الأسد مالئ الدنيا وشاغل الناس … وحبيب المدخنين. فقد اكتشفت أن السجائر الأميركية ممنوعة من التداول في سوريا المقاومة والمواجهة، إلا عند إشارات المرور. وعندما سألت مضيفي من أين أتت هذه السجائر، وكيف هُرّبت في بلد لم تسمح باختراق رصاصة واحدة أو فلسطيني واحد لحدود الجولان منذ الهدنة مع إسرائيل، أجاب: هذه بالذات لا تحتاج الى تهريب، فوكيلها الحصري هو باسل الأسد. وإلا كيف تتوقع أن تباع علناً في الشوارع، ويشتريها حتى عناصر المخابرات والشرطة، ولا تصادر منها سيجارة واحدة؟

اقتصاد المقاومة

كانت تلك زيارتي الأولى لسوريا الصمود والتحدي، وكانت جواً. ثم جاءت زيارتي التالية في عيد الفطر بعدها بثلاثة أعوام، من طريق البر، وليتني لم أفعل. فسيارتي تحمل لوحة سعودية، ولذلك يتم ايقافها في كل حاجز أمني، وتحريرها بعد دفع “العيدية”.

لاحظت وقتها أن الأوضاع ازدادت سوءاً لعامة الناس، فالاقتصاد الاشتراكي المقاوم لم يعد قادراً على توفير كثير من الاحتياجات الحياتية، كالكهرباء، والمواد الغذائية، وأدوات البناء. وفي الوقت الذي تعجز فيه عن الحصول على اللحمة والسمن والطحين في الجمعيات الحكومية، يمكنك الحصول عليها وأكثر من المهربين. وللمفارقة، فسوريا التي تحتل لبنان وقتها، كانت تستورد كل ما ينقصها من منتجات لتباع في السوق البيضاء والسوداء. نعم، لبنان، البلد الصغير، الذي لم يخرج بعد من الحرب الأهلية المدمرة كان يموّن الشقيقة الكبرى التي تحتله.

الورثة

كانت الخطة ماضية في إعداد الأسد القادم، فصوره وانشطته ومحبة الجماهير له حاضرة في كل وسائل الإعلام والإعلان. ولكن “أنت تريد وأنا اريد والله يفعل ما يريد”. فعاشق السيارات السريعة وقع ضحيتها، ومات الشبل قبل أبيه. وتم استدعاء الأبن الثاني، طالب طب العيون في بريطانيا، بشار، قبل أن يكمل دراسته، على عجل، ليكمل مسيرة أخيه والأسرة الحاكمة.

التحدي كان زمنياً، فالأسد الأب مريض، والأسد الابن قليل الخبرة، صغير السن. ولكن إرادة الوطن والشعب فوق كل تحدٍ. فبعد وفاة الرئيس عام 2000 تم تعديل الدستور وتغير الحد الأدنى لعمر الرئيس من الأربعين الى الأربعة والثلاثين تحديداً (ثم ألغي التعديل بعد أن بلغ بشار الأربعين)! وهكذا تمكن المرشح “الأوحد” من خوض غمار الانتخابات الرئاسية في اليوم نفسه. وتم التصويت على توليه في مجلس الشعب برفع الأيادي، ففاز بالإجماع فور الاعلان عن الاقتراع، وقبل عد الأيادي. ومنذ ذلك اليوم التاريخي المجيد، اختاره الشعب بالإجماع في كل مرة، حتى لما جرت انتخابات 2014 في عز الحرب الأهلية “ضد الإرهاب والمحتل الأجنبي”، وعندما كانت معظم البلد خارج سلطة الدولة، ونصف السكان مهجرين والنصف الآخر تحت القصف. ولاء ووفاء ماب عده ولا قبله!

الرئيس “الأبدي”

حقيقة، لا أعرف ما هي الحكمة من عقد اي انتخابات في بعض الجمهوريات العربية كسوريا، طالما أن خيار الشعب الوحيد هو الزعيم الأوحد، وطالما تيقن المجتمع الدولي من مدى حرص الشعب على استمرارية “قائده الى الأبد”. اليس من الأوفر والأجمل أن ينتخب الشعب ولي أمره مرة واحده “رئيساً مدى الحياة” كما استن ذلك الرئيس التونسي الراحل “الحبيب بورقيبة”؟

يبدو أن القيادة السورية تخالفني الرأي، فهي تعد اليوم لانتخابات رئاسية جديدة، تقدم لها حتى الآن مرشحون أكثرهم من حزب الرئيس نفسه، وليس فيهم معارض أو مخالف أو صاحب رأي. وجميعهم بلا استثناء ليست لهم جماهيرية أو قيمة أو ثقل.

وطبعاً، الانتخابات ستجري في موعدها أواخر أيار (مايو) المقبل، تحت إشراف محايد لعناصر المخابرات، وسيمارس فيها الناخب حريته الكاملة للتعبير عن ولائه للرئيس بنعم، نعمين، أو أكثر، تحت شعار “أمة سورية واحدة … ذات قيادة خالدة!

ومبروك مقدماً للشعب وسوريا الأسد … وإسرائيل وإيران وروسيا و”داعش”!

النهار العربي

————————–

السبعُ العجافُ القادمة.. بين التهويل والتهوين/ عبير نصر

أُغرقت البلادُ في الحربِ الأهلية، ليتحولَ الأمرُ سريعاً لما هو أكبر من مجرّد خلافٍ بين فريقين مع وضد الأسد، في وقتٍ بدأت فيه القوى الغربية انتقاءَ الأطراف التي ستدعمها، فعملت روسيا على إطلاقِ حملةٍ جوية لدعم الأسد عام 2015، فيما أرسلت إيران مئات المقاتلين وأنفقت مليارات الدولارات.

ساهمتِ الحليفتان القويتان في ترجيح كفّةِ النظام السوري في الحرب، في المقابل قدّمت أمريكا وفرنسا وبريطانيا دعماً لما اعتبروه مجموعات معارضة معتدلة، ولم يطل الأمر حتى أرسلت الولايات المتحدة قواتٍ خاصةً إلى سوريا عام 2014، لمساعدة (قوات سوريا الديمقراطية) على انتزاع الأراضي من قبضة تنظيم (داعش) شمال شرق البلاد، في حين قدّمت تركيا دعماً كبيراً للميليشيات المسلحة، لمجابهة أكراد سوريا، أما السعودية فبدت حريصة ومنذ البداية على الحدّ من النفوذ الإيراني، حيث دعمت المعارضة السورية بالمال والسلاح، وكذلك فعلت منافستها الخليجية قطر، في وقتٍ أظهرت فيه إسرائيل مخاوفاً جمّة مما رأته نفوذاً عسكرياً إيرانياً في سوريا، فأطلقت، وعلى مدى سنوات الحرب، حملات جوية بوتيرةٍ متسارعة في محاولةٍ جادّة لمواجهتهم.

وفي خضمّ هذه الساحة الملتهبة من الصراعات والمطامع الإقليمية، لم يتوانَ النظامُ السوري عن إجراء كلّ استحقاقاته الانتخابية، سواء الرئاسية منها أم انتخابات المجالس المحلية والبرلمانية، في رسالةٍ يوحي بها بأنّه صاحبُ الشرعية في قيادة دولةٍ ذات (سيادة)، لها دستورها الذي ينصُّ على إقامة الانتخابات في إطارها القانوني، وبشكلٍ دوري، دون أن يأبه لوجود معارضةٍ سياسية أو مسارِ حلٍّ سياسي، بما في ذلك اجتماعات اللجنة الدستورية. واليوم وبمجرد أن تلاشى مؤتمر جنيف عن واجهة الاهتمام، بعد فشله في تحقيقِ أية نتائج تؤدي إلى حلّ سياسي للصراع المسلح الدائر في سوريا، شرع النظامُ السوري يعدُّ العدّةَ لإجراء انتخاباتٍ رئاسية رابعة، لينهي بذلك أيّ أملٍ بإمكانية التوصل إلى تسويةٍ سياسيةٍ قائمة على تنفيذ البند الأهم في إعلان جنيف، وهو تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحياتٍ كاملة من النظام والمعارضة، للإشراف على إنهاء الصراع، وإعداد العدّة للانتقال إلى وضعٍ سياسي جديد.

وازدادت خلال الأشهر الماضية، وتيرةُ التصريحات من قبل مسؤولي النظام السوري حول انتخابات 2021، إذ لم يتركوا فرصة دون التأكيد على إجرائها وفق الدستور الحالي، ضاربين بعرض الحائط أيّ تحركاتٍ سياسية من قبل المجتمع الدولي، بهدف التوصل إلى دستورٍ جديدٍ ضمن اجتماعات اللجنة الدستورية، يمهد لانتخاباتٍ تحت إشراف الأمم المتحدة، وآخر هذه التصريحات ما قاله الأسد في مقابلة مع قناة (زيفزدا) الروسية، ( إنّ الأشياء التي يطلبونها تؤدي إلى إضعاف الدولة وتفكيكها، كما يحصل في مناطق مختلفة أخرى تتدخل فيها الولايات المتحدة وتضع دستوراً يؤدي للاضطراب والفوضى، بدلاً من أن يؤدي للاستقرار، وهذا الشيء نحن لا نقبل به، ولا نفاوض حول أشياء تمسُّ استقرار سوريا)، لذا يسعى النظام ومن خلفه الروس إلى إجراء الاستحقاقات الانتخابية في وقتها، وبالتالي القول للمجتمع الدولي بأنّ النظام باقٍ لسنواتٍ مقبلة، وعليكم أن تتفاوضوا معه.

في هذا السياق، وبعدما جسدتِ الأملَ المتبقي للسوريين في مواجهة النظام الدموي، جاء رئيسُ هيئة التفاوض السورية، نصر الحريري، ليقلّل من أهمية اللجنة الدستورية التي شُكلتْ من المعارضة والنظام لوضع دستورٍ جديد تحت إشراف الأمم المتحدة، وقال الحريري (أرى شخصياً أنّ اللجنةَ الدستورية بصيغتها الحالية وحراكها الحالي، ورغم إخلاصنا كقوى ثورة ومعارضة في العمل مع فكرةِ اللجنة وجهودِ الأمم المتحدة، وعلى الرغم من الحماس والدعم الدولي الكبيرين لها، إلا أنها لن تؤدي إلى نتيجة)، في وقتٍ لم تفرزِ المعارضةُ فيه قيادةً بديلةً تتمتع بالمصداقيةِ أمام المجتمع الدولي، وطيلة مسار النزاع السوري، ساهم العديد من العوامل في الحدّ من قدرة المعارضة على لعبِ دورٍ فعّال كقوةٍ سياسية يُعتدُّ بها، من بينها قضايا تتعلّق بالمعارضة نفسها، وخياراتها، ومناحي قصورها، حيث لم تضع قطّ أهدافاً استراتيجية واضحة، إضافة إلى فشلها في منافسة العديد من اللاعبين السياسيين المُنخرطين في الصراع السوري، بما في ذلك الجماعات الإسلامية المتطرفة، فيما كانت هي في الوقت عينه تعاني من الأجندات المتباينة لداعميها الخارجيين.

بالمقابل، وحسب خبراء وسياسيين، استفاد الأسد، لضمان استمراريته، من تقاطع عوامل داخلية، أبرزها تحكّمه بالقوات الأمنية والعسكرية، وخارجية، على رأسها تلكؤ الغرب في استخدام القوة ضده، مقابل دعم عسكري حاسم من إيران ثم روسيا، يضاف إلى ذلك الصبر واستثمار عامل الوقت، وهي الصفة المشهود بها لعائلة الأسد التي تحكم سوريا منذ بداية السبعينات، وعطفاً عن ذلك، لم تفرز بنية النظام شخصيات قيادية يمكنها لعب دورٍ بارز في مواجهته، لا بل قطعت الطريق على أي شخصية حاولت أن تبني حيّزاً لها في مستقبل البلاد، وذلك وسط الرّهان على تركيبة المجتمع الطائفية المعقدة، ويُضاف لها بالطبع فشل المعارضة السورية، على اختلاف مكوّناتها، بتوحيد صفوفها وتقديم بديلٍ جدي عن النظام، وذلك بعد خسائر ميدانية وسياسية متتالية، ساهمت في كبح صوتها، وتشتيت قياداتها التي تتحرك بالأصل وفق أجندات داعميها، فافتقدت إلى رؤيةٍ وطنيةٍ مفصّلة لسوريا ما بعد الأسد، وإلى خطةٍ عمليةٍ لتحقيق التغيير، وواجهت عقبات (كأداء) أمام احتمال تحوّلها إلى طرف وازن داخل سورية.

ورغم الفشل الذريع الذي حققته في مواجهة النظام، جاء موقفُ المعارضة السورية من الاستحقاق الرئاسي القادم مهوّلاً وقاحة الأسد في استسهال الانتخابات القادمة، حيث قال رئيسُ الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية (إنّ إعلانَ نظام الأسد عن موعدِ مسرحية انتخاباتٍ ستكون بإشرافِ الأجهزة ِالأمنية، كما العادة، يؤكد بؤسَ هذا النظام واستمراره في الانفصال عن واقع الشعب السوري، الذي ثار عليه ولفظه منذ عشر سنوات. لقد ماتت شرعية النظام مع سفك أول قطرة دم، ولو اجتمع كل مجرمي الدنيا فلن يستطيعوا إعادة الحياة لجثته)، من جانبه، قال رئيس المكتب السياسي في (الجيش الوطني السوري) الموالي لتركيا، مصطفى سيجري: (نحن في المعارضة وقوى الثورة السورية غير معنيين بهذا الإعلان، ونعتبر برلمان الأسد فاقداً للشرعية، ودعوته باطلة ولن تعدو كونها مسرحية هزلية جديدة، ومحاولة بائسة لإعادة إنتاج الأسد ونظامه الإرهابي).

وكان قد أعلن رئيسُ مجلس الشعب السوري، حمودة صباغ، رسمياً إجراء انتخابات الرئاسة يوم 26 أيار/ مايو القادم، ودعا الراغبين بالترشح إلى تقديم أوراقهم، على أن يكون المرشح للرئاسة قد عاش السنوات العشر الأخيرة على الأقل في سوريا. وبلغ عددُ المرشحين ثمانية عشرة مرشحاً من بينهم ثلاث نساء وكردي. ودون عراقيل تذكر ستجرى الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد، وما زال أكثر من نصف الشعب السوري بين لاجئ، ومهجر، ومشرّد، وسجين، أو تحت بند ما يسمى الإخفاء القسري. ويذكر أنّ آخر انتخابات شهدتها البلاد جرت في يونيو/ حزيران عام 2014، وأدّى الرئيس الأسد اليمينَ الدستورية بعد الإعلان عن فوزه بأكثر من 88 % من الأصوات في الانتخابات، التي شارك فيها إلى جانبه كلّ من رجل الأعمال والوزير الأسبق، حسان النوري، إضافة إلى النائب في البرلمان عن مدينة حلب، ماهر حجار.

ليفانت –  عبير نصر

—————————

انتخابات الأسد الديمقراطية ” والرئيس واحد … المرشحة المغيبة/ أمير سعادة

بعيداً عن السخرية وعن كل النكات التي أُطلقت مؤخراً بحق المرشحين لانتخابات الرئاسة السورية، علينا التوقف عند حالة واحدة فقط وهي المحامية الشابة فاتن النهار.

وحدها النهار بين كل “المرشحين” كلّفت خاطرها بوضع برنامج انتخابي، فيه وعد بتقليص نفوذ حزب البعث على مفاصل الدولة السورية، بما في ذلك السلطة القضائية.

لا نعرف إن كانت فاتن النهار هي من صاغ هذا البيان، أما أن أحداً تولّى ذلك نيابة عنها. ولا نعرف إن كانت قد قدّمت ترشحها عن طيب خاطر وسذاجة سياسية، أم أن أحداً طلب منها الترشح مع وعدها بمكافأة سياسية على غرار تلك التي حصل عليها حسان النوري قبل سنوات، عند تعينه وزيراً كجائزة ترضية على “خسارته” المعركة الانتخابية. السلطة قبلت أوراق ترشيحها وروّجت له لكي تقول للعالم إن المرأة السورية تتمتع بكافة حقوقها السياسية، وأن هذه الانتخابات تستوفي شروط كل “الجندرة” الأممية. ولو افترضنا حسن النوايا عند المرشحة فاتن النهار، سنقول إنها قدمت أوراقها لكي تُسجّل موقف لصالح المرأة السورية. ولو صح ذلك، فهو لا يختلف كثيراً عن إصرار نائب دمشق المستقل مأمون الحمصي ترشيح نفسه لرئاسة مجلس الشعب في نهاية التسعينيات، علماً أنه لم يكن بعثياً ولكن أراد تثبيت موقف للتاريخ، لا أكثر.

بالقانون لا يحق لفاتن النهار أو أي سيدة سورية التقدم لانتخابات رئاسة الجمهورية، حتى لو كانت حرة ونزيهة ومراقبة دولياً. ففي ذلك خرق واضح للدستور السوري الذي ينص على ذكورية منصب الرئاسة، تماماً مثل أسملته عبر المادة الثالثة. ففي المادة 83 مثلاً يقول النص: “يُمارس رئيس الجمهورية ومجلـس الـوزراء السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب،” وهي عبارة واضحة. وفي المادة التي تليها شروط الترشح للمنصب، “أن يكون متمماً الأربعين عاماً من عمره” وليس “من عُمرِها.” وأن يكون “متمتعاً بالجنسية السورية” وليس أن تكون متمتعة بالخمسية السورية. ولكن هذا النص المتخلّف عمره 100 عام، وهو منسوخ بأشكال مختلفة عن أول دستور عرفته البلاد السورية سنة 1920، أي دستور الملك فيصل. يومها كان الكلام عن الملك الرجل وهو اليوم عن الرئيس الرجل. افترض النص أن وصول رجل متهوّر إلى المنصب أفضل من وصول سيدة متزنة، ووصول رجل مسلم متزمت، أفضل من وصول “نصراني” منفتح.

أما حان الوقت لوصول المرأة السورية إلى هذا المقام وتعديل الدستور لضمان هذه المساواة؟ ألا يشعر أعضاء اللجنة الدستورية بالخجل عندما يعلمون أن حقوق المرأة كانت موجودة على طاولة مشرّعي دستور عام 1920؟ تم مناقشة حقوق المرأة يومها بعد وصول معروض موقع من سيدات سورية إلى رئيس اللجنة الدستورية في حينها الرحوم هاشم الأتاسي. كان الأتاسي محافظاً بسلوكه وتربيته الدينية وهو ابن مفتي وحفيد مفتي، ولكنه أثنى على طلب السيدات ودعمه. كما وقف معه عدداً من النواب الشباب يومها منهم نائب صيدا رياض الصلح ونائب حلب سعد الله الجابري. يومها لم تكن الكثير من الدول، الأقوى والأقدر والأكثر تطوراً من الدولة السورية، يسمحن لنسائهم بالتصويت. في أمريكا مثلاً، كانت بعض الولايات تجيز بذلك، مثل ولاية نيو يورك، ولكن حق الانتخاب لم يصبح قانوناً فيدرالياً سارياً على جميع الولايات حتى تعديل الدستور الأميركي في آب أغسطس 1920، أي بعد أربعة أشهر من طرح الموضوع في دمشق. خلال الحرب العالمية الأولى، أعطت بعض الدول الأجنبية هذا الحق لنسائها، مثل الاتحاد السوفييتي وألمانيا والنمسا والسويد، ولكنه حُصر في بريطانيا بمن تجاوزن الثلاثين من عمرهن. وفي بلجيكا، كان هذا الحق مُشرعاً فقط في الانتخابات البلدية وليس النيابية. كان المطلب السوري سباقاً عالمياً، قبل أن تأخذ المرأة حقوقها الانتخابية في دول مثل تركيا وإسبانيا وإيطاليا أو حتى فرنسا التي لن تنمحه حتى عام 1945 أو سويسرا، التي لم تعطهِ لنسائها حتى عام 1971.

عارضت نساء سورية سنة 1920 المادة 79 من الدستور التي حصرت حق الانتخاب بالذكور المتجاوزين سن الخامسة والعشرين، غير المحكومين، ممن يجيدون القراءة والكتابة. أول من أيّد اعطاءهن حق الانتخاب كان نائب جبل لبنان الشيخ إبراهيم الخطيب، الذي وصفه بالمطلب المُحق. اقترح على المجلس أن يتم حصر التصويت بالسوريات الحائزات على شهادة ثانوية فقط، ليكون ذلك مُحفزاً على تعليم شريجة أوسع من النساء. أثنى سعد الله الجابري على هذا الكلام وتبناه نائب غزة الشيخ سعيد مراد، أستاذ مادة الأحكام الشرعية في معهد الحقوق. كما أيدهن الزعيم الفلسطيني محمد عزة دروزة، سكرتير المجلس، الذي طالب بتحرير المرأة من كل القيود، “ومنها الحجاب،” قائلاً إنه “عادة مُبتدعة لا يجوز أن نحملها على التقاليد الدينية.” تكلم الشيخ مراد مجدداً وقال:

الشريعة الإسلامية سجّلت للمرأة حقاً لا يقل عن حق الرجال، وأنها جعلتها في فطنة حاكمة ومجتهدة وعالمة ومحدثة. الشريعة التي تجعل المرأة هكذا لا يمكن أن يقال إنها تمنع المرأة من الاشتراك في بعض المصالح العامة. أنا لا أنكر أن الحجاب عادة مبتدعة منذ قرون، ولا يجوز أن نحمله على التقاليد الدينية. لا أجد مجالاً للوهم من إعطاء حق الانتخاب للمرأة التي درست في المدارس. فالرجل الذي لا يرى بأساً في أن يكرس من حياة ابنته 12 سنة للمدارس لا أظنه يرى بأساً بأن تنتخب.

غضب نائب حماة عبد القادر الكيلاني، أحد أعضاء اللجنة الدستورية، من هذا الطرح ومن تحويل النقاش من قضية الانتخاب “الجوهرية” إلى قضية الحجاب “الثانوية.” سأل إن كان يقبل أعضاء المجلس أن تتمادى المرأة بمطالبها لو حصلت على حق الانتخاب، وتطالب بعدها بأن تُعيّن مبعوثة (سفيرة)، قائلاً: “إن الأوروبيين قد ساروا في حلبة التمدن 300 سنة، فعاداتهم وتقاليدهم لا تمنع المرأة من الاشتراك معهم في كل شيء، ومع ذلك، أروني دولة من دول أوروبا أعطت الإناث هذا الحق!” أشار أحد النواب إلى بريطانيا، فقال الكيلاني: “نساؤنا غير متعلمات بنسبة 99 بالمئة، فاذا أردتم رقي النساء كما تدعون فافتحوا لهن مدارس وعلموهن.” ثم أكمل قائلاً: “أنا أرى أن وجود المرأة ناخبة أو منتخبة أو مبعوثة، مع هذا الجهل وفساد الأخلاق، مضر لا نافع.”

تتالى النواب الرد عليه، وكان أعنفهم عادل زعيتر نائب نابلس الذي قال أن اعطاء المرأة حقوقها السياسية “لا يمتزج مع روح الأمة.” ثم جاءت مداخلة الشيخ أحمد القضماني، نائب دمشق، الذي تحدث بغضب قائلاً: “الله خلقها بنصف عقل ونصف ميراث!” صاح أحد النواب (لم يذكر اسمه بالمحاضر): “…ونصف لسان!” نهض نائب اللاذقية صبحي الطويل ورد بالقول: “المرأة ليست مكلّفة برفع الحجاب. إن أكبر حجة يوردها المعارضون في قولهم أن لا فائدة في انتخاب المرأة لأنها لا تعرف الرجل الذي تنتخبه، فأقول أن هذا الانتخاب لو لم يفد إلا إثبات حق المرأة، لكفى!”

أجابه القضماني: “من أين أتيت بهذا الحق، ومن أي شريعة؟”

فرد الطويل: “إن امرأة متعلمة واحدة خير من ألف رجل جاهل!”

نظر إليه القضماني وقال: “نحن في الشّام لا نريد ذلك، فافعله أنت في اللاذقية!”

نهض رياض الصلح طالباً الكلام من رئيس المجلس، موجهاً حديثة للنائب القضماني: “إذا كانت مقاهي الشّام لا تقبل فالمقاطعات الباقية تقبله بكل سرور!”

استمر الهرج والمرج حتى انسحاب ست نواب اعتراضاً على قضية المرأة، مما أفقد الجلسة نصابها القانوني. وفي المحصلة علّق الأمر كليّاً بسبب انهيار العهد الفيصلي إبان معركة ميسلون الشهيرة في 24 تموز 1920، دون البت في قضية المرأة. أيعقل أن يكون هذا الموضوع ما زال عالقاً حتى اليوم، بعد مرور قرن كامل على هذا النقاش؟

بعيداً عن فاتن النهار وانتخابات اليوم، حان الوقت لفتح الرئاسة أمام النساء والمسيحيين معاً، وعندها فقط تكون سورية قد مضت فعلاً نحو مستقبل أفضل وأكثر عدالة ورقي.

————————

تاريخ مختصر لـ”انتخابات” جمهورية الأسد

تُعقد في أواخر أيار/ مايو المقبل “الانتخابات الرئاسيّة” في “الجمهوريّة” السوريّة، وهي ثاني انتخابات رئاسيّة بعد انتخابات عام 2014، وذلك منذ سيطرة حزب البعث العربي الاشتراكي على الحكم سنة 1963، وبعد إلغاء الانتخابات واعتماد “الاستفتاءات الشعبيّة” بدلًا من الانتخابات الرئاسيّة منذ سيطرة عائلة الأسد على سوريا في العام 1970، إذ يُطلب من “الشعب” التصويت بنعم أو لا لحافظ الأسد، ومن بعده ابنه بشار، دون وجود مرشحين آخرين. وكثيرًا ما وُصفت هذه الاستفتاءات بالهزليّة  لأن الرئيس حسب الأرقام الرسميّة ينجح بنسبة 99.9% أو بنسبة تشبهها كلّ مرة.

وفي جلسة عقدها مجلس الامن الدولي أمس الأربعاء 28 نيسان/ أبريل، رفضت دول غربية على رأسها المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بمشروعية الانتخابات الروسية المنتظرة، خاصة أن “نتيجتها محسومة مسبقاً” وستجري تحت إشراف النظام السوري وحده من دون مراقبة أو إشراف دولي.

ديمقراطية “تمثيلية”

تبدو صورة الانتخابات الحاليّة شبيهة بسابقتها، إذ اعتبرتها الطوائف الواسعة والمتباينة للمعارضة السورية “مسرحيّة موجّهة” تستهدف أن يواصل الأسد حكم سوريا لسنوات قادمة، وهو الذي يحكمها منذ العام 2000 خلفًا لوالده حافظ الأسد، حتى إنّ السفيرة الأمريكيّة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد قالت خلال جلسة مجلس الأمن الدولي إنّ “هذه الانتخابات لن تكون لا حرّة ولا نزيهة، ولن تُكسب نظام الأسد أيّ شرعيّة”، كما دعا وزراء خارجيّة الولايات المتحدة الأمريكيّة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسيّة السوريّة، وذلك في بيان مشترك، ورد فيه أنّ “أيّ مسار سياسي يتطلّب مشاركة كلّ السوريين، ولا سيما (أولئك في دول) الشتات والنازحين”.

كذلك رفض كلّ قادة المعارضة السوريّة، بمختلف أطيافها وتوجهاتها، هذه الانتخابات، مشكّكين بشرعيتها، لعدم ارتباطها بمعايير تحفظ استقلاليتها ونزاهتها تحت إشراف الأمم المتحدة، “مما يُنذر بإطالة أمد النزاع في سوريا، باستخدام نفس الأدوات السياسيّة والعسكريّة والاقتصاديّة”.

 لكن، تختلف الانتخابات الحالية عن تلك التي سبقتها بأعداد المرشحين الضخمة، فقد بلغ أعداد من قدموا طلبات ترشّحهم إلى رئاسة “الجمهوريّة” واحدًا وخمسين، فيما ترشّح ثلاثة، أحدهم بشار الأسد، في انتخابات سنة 2014.

وفي إطار التشكيك المحلي والإقليمي والدولي بهذه الانتخابات وبنزاهتها وبحريتها، وافق “مجلس الشعب” السوريّ، بالأكثريّة، خلال جلسته الأخيرة على دعوة برلمانات، سماها “برلمانات الدول الشقيقة والصديقة”، من أجل “مواكبة عملية سير انتخاب رئيس الجمهوريّة العربيّة السوريّة والاطلاع على مجريات سيرها”.

 هذه البرلمانات هي برلمانات دول الجزائر وسلطنة عُمان وموريتانيا وروسيا وإيران والصين وفنزويلا وكوبا وبيلاروسيا وجنوب إفريقيا والإكوادور ونيكاراغوا وأرمينيا وبوليفيا، حسب وكالة الأنباء السوريّة الرسميّة (سانا)، وتُعرف كلّ هذه الدول بأنّها حليفة لنظام الأسد وداعمة له، فضلًا عن أن هذه الدول نفسها لا تتمتع بسمعة جيدة في ما يتصل بنزاهة عمليات الانتخاب ويغيب فيها تداول السلطة والديمقراطية، بالإضافة لسمعتها السيئة في مجالي حقوق الإنسان والحريات العامة والفردية.

 وبالتزامن مع أكبر أزمة اقتصاديّة تواجهها سوريا، ستحصل “الانتخابات الرئاسيّة” فقط في مناطق سيطرة النظام، ومن المعروف أنّ سوريا مقسّمة إلى ثلاث مناطق سيطرة، فبالإضافة إلى مناطق سيطرة النظام، فإنّ مجموعات مُعارضة معظمها مدعوم من تركيا تسيطر على مناطق في الشمال السوري، وخاصة في ريفيّ مدينتيّ حلب وإدلب، كما تسيطر قوات سوريا الديمقراطيّة (قسد) على مناطق واسعة في شمال شرقي سوريا.

تاريخ الانتخابات في سوريا

نشأت الدولة السوريّة سنة 1920 بعد تفكّك السلطنة العثمانيّة، وتشكّلت حدودها الحاليّة في ثلاثينيات القرن المنصرم، حين كانت قابعة تحت الانتداب الفرنسي الذي قدّم لواء اسكندرونة إلى تركيا، ونالت سوريا استقلالها سنة 1946، وكان يترأسها آنذاك الزعيم شكري القوتلي.

 شهدت سوريا انتخابات برلمانيّة عديدة خلال فترة الانتداب الفرنسي، لكن بعد جلاء القوات الفرنسيّة عاشت سوريا فترة من الانقلابات العسكريّة تخللتها بعض الانتخابات البرلمانيّة. أول هذه الانقلابات حصل بقيادة حسني الزعيم سنة 1949 ثمّ انقلاب سامي الحنّاوي وانقلابا أديب الشيشكلي فالانقلاب العسكري سنة 1954، الذي سلّم السلطة للمدنيين.

 عاشت سوريا أربع سنوات، منذ العام 1954 حتى إعلان قيام الجمهوريّة العربيّة المتحدة بالوحدة مع مصر سنة 1958 وتسلّم جمال عبد الناصر رئاسة الدولتين بعد تنازل شكري القوتلي عن كرسي الحكم، السنوات الأربعة التي سبقت الانضمام لدولة ناصر عُرفت باسم “ربيع الديمقراطيّة”. وخلال تلك السنوات الأربع من دون غيرها في تاريخ سوريا، عاشت البلاد حريّات شخصيّة وعامة وحريّات سياسيّة وانتخابات حرّة ونزيهة.

حتى إنّ المرة الوحيدة التي تمّ فيها انتقال للسلطة وتغيير رئيس الجمهويّة بشكل سلمي في تاريخ سوريا، كانت سنة 1955، حين انتخب شكري القوتلي خلفًا لهاشم الأتاسي، رئيسًا للجمهوريّة السوريّة.

بعد الانفصال عن مصر، جرت انتخابات سنة 1961 وانتخب ناظم قدسي رئيسًا للجمهوريّة، حتى انقلب حزب البعث بدعم من عسكرييه في الجيش، وتولّوا زمام السلطة حتى انقلاب حافظ الأسد على رفاق دربه سنة 1970، وقد بقيت بعده عائلته في الحكم إلى اليوم.

——————————-

الولايات المتحدة تعلن موقفها من انتخابات الرئاسة في سورية: مزيفة ولا تمثل الشعب/ وسام سليم

أعلنت الولايات المتحدة، الأربعاء، موقفها من انتخابات الرئاسة التي ينوي النظام السوري تنظيمها في 26 أيار/ مايو المقبل واعتبرتها بأنها “مزيفة” و”لا تمثل الشعب السوري”.

وقالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد خلال جلسة لمجلس الأمن حول سورية عقدت اليوم إن “ما تسمى بالانتخابات الرئاسية، لن تكون حرة ولا نزيهة، بل مزيفة ولا تمثل الشعب السوري”.

وأضافت، بحسب ما نقلت وكالة” الأناضول” التركية: “وفقاً لتكليف أصدره هذا المجلس بالإجماع يجب إجراء الانتخابات وفقاً لدستور جديد، وتحت إشراف الأمم المتحدة، ويجب على النظام السوري اتخاذ خطوات لتمكين مشاركة اللاجئين والنازحين في أي انتخابات سورية”.

وأعادت المندوبة الأميركية في كلمتها التذكير بأن بلادها لن تدعم أي مساعدات لإعادة الإعمار في سورية تعود بالنفع على النظام، في غياب التقدم في تحقيق الإصلاحات السياسية التي دعا إليها القرار 2254.

وجددت “غرينفيلد” موقف بلادها الداعم لكل أفراد الشعب السوري، مضيفة أن على النظام السوري الالتزام بوقف إطلاق النار على مستوى البلاد، و الاندماج بحل سياسي للصراع.

وطالبت مندوبة واشنطن مجلس الأمن الدولي بدعم الشعب السوري، ومنحه إمكانية الوصول إلى المساعدات الإنسانية التي هم في أمس الحاجة إليه، وقالت “أربعة ملايين شخص شمال غربي سورية يعتمدون على ألف شاحنة تابعة للأمم المتحدة تمر من هذا المعبر شهرياً. ليس هناك بديل، ونقطة العبور الوحيدة تلك غير كافية للاحتياجات الهائلة”.

كما شددت على أهمية إعادة تفويض باب الهوى لمدة 12 شهراً، وإعادة فتح معبري باب السلام واليعربية”، محذرة من أنه “إذا فقدت الأمم المتحدة إمكانية الوصول، فستتحول أزمة فيروس كورونا في سورية من مأساوية إلى كارثية”.

من جانبه، أعلن مندوب النظام السوري الدائم لدى الأمم المتحدة بسام صباغ اليوم خلال إفادته في مجلس الأمن التزام النظام السوري بـ “عملية سياسية بملكية وقيادة سورية تيسرها الأمم المتحدة ممثلة بمبعوثها الخاص غير بيدرسون في ظل الاحترام التام لسيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها” .

وأضاف، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الحكومية “سانا”، أن إنجاح عمل لجنة مناقشة الدستور “يستلزم احترام قواعد إجراءاتها التي تم التوافق عليها ورفض أي تدخلات خارجية فيها أو محاولات لفرض إملاءات حول خلاصات عملها أو جداول زمنية مصطنعة لها”.

كما أكد أن الانتخابات الرئاسية السورية، هي “استحقاق دستوري سيادي يتسق مع مهمة الدولة في ضمان قيام مؤسساتها بواجباتها الدستورية”.

وكان المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن أكد في إفادته في مجلس الأمن أن الأمم المتحدة لا تشارك في الانتخابات التي ينظمها النظام السوري، وليس لديها تفويض للقيام بذلك. مضيفاً:” تواصل الأمم المتحدة التأكيد على أهمية التوصل إلى حل سياسي تفاوضي للصراع في سورية”.

وانتهت الأربعاء، فترة تقديم طلبات الترشح لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية التي ينظمها النظام السوري، حيث بلغ عدد طالبي الترشح، 51 شخصاً بينهم رئيس النظام الحالي بشار الأسد، كما ضمت قائمة المرشحين 7 سيدات.

ويحتاج طالب الترشح إلى الحصول على 35 صوتاً من أعضاء “مجلس الشعب” التابع للنظام ليصبح مترشحاً لخوض الانتخابات، ويحق لكل عضو في برلمان النظام إعطاء صوته لمرشح واحد فقط.

————————-

برلمان البعث منح أصواته للأسد..من سيصوت لبقية المرشحين؟

ارتفع عدد المتقدمين بطلبات الترشح في انتخابات رئيس الجمهورية في سوريا المقرر، تنظيمها في 26 أيار/مايو، إلى 28، حسب مجلس الشعب الذي بدأ اعتباراً من الاثنين إجراء التصويت الداخلي بين أعضائه لاختيار المرشحين الذين سيخوضون الانتخابات بمواجهة رئيس النظام بشار الأسد.

وحسب مصادر في المجلس، فقد تم توجيه نواب حزب البعث البالغ عددهم 167، الذين لم يصوتوا حتى الآن بسبب وجودهم خارج دمشق، إلى تأجيل تصويتهم، بعد أن وجد النظام نفسه في ورطة بسبب منح جميع المرشحين المستقلين تأييدهم للأسد، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى اقتصار المنافسة على مرشحين اثنين فقط، هما الأسد والوزير السابق عبدالله عبدالله.

والأخير هو أمين عام حزب “الوحدويين الاشتراكيين”، أحد أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية المتحالفة مع حزب البعث الحاكم، ويبلغ عدد نوابها في البرلمان 13، وسبق له ان شغل عضوية مجلس الشعب عام 2007، كما اختير وزيراً بدون حقيبة عام 2014، لكنه لم يترشح عن حزبه بل كمستقل، بعد أن أعلنت جميع أحزاب الجبهة تأييدها ترشح بشار الأسد.

وأبلغت المصادر “المدن”، أن أعضاء المجلس عن فئة المستقلين، والبالغ عددهم سبعين نائباً

صوت 69 منهم لصالح الأسد، خشية إغضاب الأجهزة الامنية، خاصة وأن التصويت لاختيار المرشحين لم يكن سرياً، حيث تضمنت الورقة التي يتوجب على النائب ملؤها ثلاث خانات، الأولى مخصصة لوضع اسمه، والثانية لدائرته الانتخابية، بالإضافة إلى اسم المرشح الذي اختاره.

وحسب هذه المصادر، فإنه وعلى الرغم من عدم حصول توجيه مباشر من النظام للمستقلين لاختيار الأسد، إلا أن عدم توجيههم للتصويت إلى مرشح آخر محدد دفع الجميع إلى تجنب أي مساءلة يمكن أن يتعرضوا لها، الأمر الذي جعل قيادة حزب البعث تتواصل مع نواب الحزب وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية المقيمين خارج العاصمة وتطلب منهم تأجيل المشاركة في التصويت إلى حين تبلغهم بتوجيهات حول المرشحين الآخرين الذين يمكن أن يؤيدوا طلبات ترشحهم.

ويشترط قانون انتخابات رئيس الجمهورية في سوريا، الذي تم إقراره عام 2014 على أن يكون عدد المتنافسين في الانتخابات اثنين على الأقل، وفي حال لم يحصل مرشح آخر على تأييد 35  من أعضاء البرلمان، يتم إعادة فتح باب الترشح من جديد.

ورغم وجود مرشحين اثنين إستوفيا كامل الشروط القانونية لخوض الانتخابات، إلا أن المصادر توقعت أن يوجه النظام نواب حزب البعث الذين لم يشاركوا بالتصويت الداخلي بعد، لمنح تأييدهم إلى مرشح ثالث، مرجحة أن أن تحصل المحامية فاتن نهار على الأصوات اللازمة لدخولها الانتخابات بشكل رسمي، وهو ما يخدم توجهات النظام بإبراز مشاركة سيدة في الانتخابات.

ومن بين المرشحين الخمسة والعشرين المتبقين، يبرز اسم واحد فقط هو الناشط الحقوقي محمود مرعي، الذي يصنف نفسه على أنه من معارضة الداخل، لكن رغم اتصالاته المكثفة بأعضاء مجلس الشعب المستقلين طيلة الأيام الماضية، للحصول على تأييد ترشحه، إلا أنه فشل في الحصول على أي صوت حتى الآن، على الرغم من أن حظوظه ما تزال قائمة بأن يوجه النظام نواباً من حزب البعث للموافقة على ترشيحه أيضاً “لضرورات مسرحية الانتخابات” كما تقول المصادر.

وكان مجلس الشعب قد منح المرشحين الذين وافقت المحكمة الدستورية على طلبات ترشحهم حق الدخول إلى مبنى البرلمان واللقاء مع النواب من أجل مناقشتهم وعرض برامجهم الانتخابات عليهم، بهدف الحصول على تأييدهم، لكن هذه اللقاءات كانت شكلية وجرت في وقت قصير، حسب مصادر “المدن”.

———————-

51 طلب ترشّح للرئاسة في انتخابات النظام السوري/ جلال بكور

أعلن مجلس الشعب، التابع للنظام السوري، مساء اليوم الأربعاء، وصول عدد الطلبات المقدمة لخوض الانتخابات الرئاسية التي سيجريها الشهر المقبل إلى 51 طلباً، في انتظار حصولها على موافقة أعضاء المجلس لخوض الانتخابات، وذلك مع انتهاء المهلة الممنوحة لقبول الطلبات.

وأعلن مجلس الشعب أيضاً التصويت بالأكثرية على “دعوة بعض برلمانات دول عربية وأجنبية من أجل مواكبة الانتخابات في سورية”.

وبحسب المجلس، فإنّ البرلمانات التي ستُدعى لمواكبة الانتخابات الرئاسية هي من الجزائر، وسلطنة عمان، وموريتانيا، وروسيا، وإيران، وأرمينيا، والصين، وفنزويلا، وكوبا، وبيلاروسيا، وجنوب أفريقيا، والإكوادور، ونيكاراغوا، وبوليفيا.

وينص الدستور الذي وضعه النظام السوري عام 2012 على ضرورة أن يحصل المرشح على موافقة 35 عضواً من أعضاء مجلس الشعب، وبالتالي إنّ العدد الذي سيوافق عليه المجلس بالحد الأعلى هو أربعة مرشحين فقط.

وقالت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد” إنّ من المتوقع أن يقوم نظام بشار الأسد، وهو المسيطر على مجلس الشعب، بالسماح بترشيح شخصين على الأقل أمام الأسد أو ثلاثة بالأكثر، ومن المتوقع أن يكون بينهم امرأة أيضاً، و”ذلك بهدف إظهار أن العملية ديمقراطية ولا علاقة للنظام بها”.

وبحسب ما سربّه مجلس الشعب لوسائل الإعلام، فإنّ المجلس موافق ضمنياً على الأسد لكونه قائد النظام، في انتظار تأكيد ترشيح عبد الله سلوم عبد الله الذي تشير التسريبات إلى أنه حصل على تأييد 35 عضواً في المجلس، وبالتالي سيكون المنافس الأبرز للأسد في الانتخابات المزمع عقدها في وقت لم يحدد بعد في الشهر المقبل.

بدوره نقل موقع “روسيا اليوم” عن مصدر من مجلس الشعب، لم يسمه، أنّ من المتوقع أن يكون المرشحان الآخران لمنافسة الأسد، هما فاتن نهار، وهي أول سيدة تتقدم بطلب ترشح للمنصب في الانتخابات الحالية، أو محمود مرعي، المحسوب على “معارضة الداخل”.

وبشار الأسد مرشح عن “الجبهة الوطنية التقدمية” التي يأتي في مقدمتها “حزب البعث”، بينما عبد الله مرشح عن “حزب الوحدويين الاشتراكيين”، وهو أيضاً عضو في “الجبهة الوطنية” إلا أنه ليس مرشحاً عنها، بينما نهار مرشحة مستقلة.

وذكرت مصادر “العربي الجديد” أنّ هناك صعوبة في حصول مرعي على موافقة 35 عضواً في المجلس، وهو “الأمين العام للجبهة الديمقراطية المعارضة”، إلا أنه لا يُستبعد إقدام النظام على إجبار أعضاء المجلس على التصويت له، وبالتالي إكمال أركان المسرحية الهزلية تحت مسمى “الديمقراطية”، وفق قول المصادر ذاتها التي اشترطت عدم ذكر هويتها.

وبحسب نتائج الانتخابات الشكلية التي أجراها النظام في 19 يوليو/ تموز 2020 بعد تأجيلها مرتين بسبب جائحة فيروس كورونا، فإنّ المسيطر على مجلس الشعب هو “حزب البعث العربي الاشتراكي” وحلفاؤه في ما يُسمى “الجبهة الوطنية التقدمية” بأغلبية مقاعد المجلس بـ 177 مقعداً من أصل 250 مقعداً. وبالتالي سيكون هو المتحكم الأبرز بعملية الترشيح، فضلاً عن أنّ معظم بقية الأعضاء مرتبطون بأحزاب تأتمر بأوامر فروع أمن النظام.

وترى المعارضة السورية أو المعروفة بـ”معارضة الخارج”، وعلى رأسها “الائتلاف الوطني” أنّ ما يقوم به النظام السوري “مسرحية”، وخرق للقوانين الدولية المتعلقة بالملف السوري.

وفي بيان سابق، قالت نائبة رئيس “الائتلاف السوري”، ربا حبوش، إنّ ما يجريه النظام “مسرحية هزلية، والسوريون تجاوزوا النظام منذ سنين، ولا يرونه سوى عصابة، وبشار مجرم حرب”، مضيفة أنّ هذه الانتخابات “ليس لها أي قيمة من الناحية السياسية أو القانونية وتجري برعاية فروع الأمن ولا تعني السوريين”.

وقبل عام 2014 كان النظام السوري يتبع أسلوب الاستفتاء على رئيس الجمهورية دون مرشح منافس لرأس النظام، وكانت الرئاسة محصورة أيضاً بـ”حزب البعث”، لكن في 27 فبراير/ شباط 2012 قام النظام بتعديل شكلي في الدستور السوري يسمح بترشيح منافسين من أحزاب أخرى، ووضع معوقات تمنع ترشيح المعارضين الحقيقيين للنظام.

————————–

رفض غربي حازم لانتخابات الأسد:ليست شرعية

قالت الولايات المتحدة الأربعاء، إن الانتخابات الرئاسية التي سيجريها نظام بشار الأسد لن تكون حرة ولا نزيهة، ولن تمثل الشعب السوري.

وأوضحت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد خلال جلسة لمجلس الأمن، إن “ما تُسمى الانتخابات الرئاسية، التي يخطط نظام الأسد لإجرائها في 26 أيار/مايو، لن تكون حرة ولا نزيهة، بل مزيفة ولا تمثل الشعب السوري”.

وأضافت “وفقاً لتكليف أصدره هذا المجلس بالإجماع (تقصد القرار 2254 لعام 2015)، يجب إجراء الانتخابات وفقاً لدستور جديد، وتحت إشراف الأمم المتحدة، ويجب على نظام الأسد اتخاذ خطوات لتمكين مشاركة اللاجئين والنازحين في أي انتخابات سورية”.

وتابعت: “للتذكير، لن تدعم الولايات المتحدة أي مساعدات لإعادة الإعمار تعود بالنفع على النظام، في غياب التقدم في تحقيق الإصلاحات السياسية التي دعا إليها القرار 2254”. وقالت إن “الولايات المتحدة تقف مع كل أفراد الشعب السوري، لذلك نطالب نظام الأسد بالالتزام بوقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وندعو إلى حل سياسي للصراع”.

ورفضت الدول الغربية خلال جلسة مجلس الأمن، الانتخابات الرئاسية التي ينوي الأسد إقامتها. وقال السفير الفرنسي نيكولا دي ريفيير: “فرنسا لن تعترف بأي مشروعية للانتخابات التي يعتزم النظام إقامتها نهاية أيار”، مضيفاً أنه من دون إدراج السوريين في الخارج، فإنّ الانتخابات “ستنظّم تحت رقابة النظام فقط، من دون إشراف دولي كما نصّ عليه القرار الأممي 2254”.

بدورها، قالت ممثلة المملكة المتحدة سونيا فاري إن “انتخابات في ظل غياب بيئة آمنة ومحايدة، في جو من الخوف الدائم، وفي وقت يعتمد ملايين السوريين على المساعدات الإنسانية (…) لا تضفي شرعية سياسية، وإنما تظهر ازدراءً بالشعب السوري”.

كذلك عبّرت إستونيا وغيرها من أعضاء الاتحاد الأوروبي عن رفضهم للانتخابات، داعين إلى إجراء انتخابات تحت رعاية الأمم المتحدة وتشمل المعارضة واللاجئين السوريين خارج البلاد، وقال سفير إستونيا سفن يورغنسون إن “أي شيء آخر سيعتبر مهزلة جديدة”.

في المقابل قال مندوب روسيا فاسيلي نيبينزيا إنه “من المحزن أن بعض الدول ترفض الفكرة نفسها لهذه الانتخابات وأعلنت بالفعل أنها غير شرعية”، مستنكراً “التدخل غير المسموح به في الشؤون الداخلية لسوريا”.

فيما أكد المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن في الاجتماع ذاته، أن “الانتخابات ليست جزءاً من العملية السياسية التي أنشأها قرار مجلس الأمن 2254”. وقال: “لا تشارك الأمم المتحدة في هذه الانتخابات وليس لديها تفويض للقيام بذلك. تواصل الأمم المتحدة التأكيد على أهمية التوصل إلى حل سياسي تفاوضي للصراع في سوريا”.

وأشار في هذا الصدد إلى “أن القرار 2254 يفوض الأمم المتحدة بتسهيل عملية سياسية تتوج بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وفق دستور جديد، تدار تحت إشراف الأمم المتحدة بأعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة، مع جميع السوريين، بما في ذلك أعضاء الشتات المؤهلون للمشاركة”.

———————-

صهاريج نفط النظام تتجه لمناطق قسد..نتيجة معركة القامشلي؟

أظهر تسجيل مصور توجّه مئات الصهاريج المخصصة لنقل النفط، نحو حقول الرميلان النفطية الخاضعة لسيطرة قسد في ريف الحسكة.

وقالت قناة “روسيا اليوم” إن القافلة المؤلفة من آلاف الصهاريج، عبرت الطريق الدولي “إم-4” عند مدخل القامشلي الغربي واتجهت إلى حقول الرميلان النفطية، بهدف ملء خزاناتها بالنفط.

    سوريا.. طابور على مد النظر من صهاريج النفط إلى شرق الفرات https://t.co/qfq1fRgetb

    — RTARABIC (@RTarabic) April 28, 2021

ويأتي استئناف قسد تزويد النظام بالنفط، بعد فترة وجيزة من توقف الاشتباكات الأقوى بين مليشيا “الدفاع الوطني” التابعة للنظام السوري، وبين قوات الأمن الداخلي (الأسايش) التابعة لقسد، وبعد تسيير الشرطة العسكرية الروسية دوريات في مدينة القامشلي، لضمان وقف الاشتباكات.

وقال نائب رئيس “المركز الروسي للمصالحة” في سوريا الأميرال ألكسندر كاربوف: “بعد صراع بين السكان العرب والأكراد، تقوم قوات الشرطة العسكرية الروسية بتسيير دوريات في أحياء مدينة القامشلي تغطيها المروحيات الروسية، من أجل منع الاستفزازات”.

وتؤشر أعداد الصهاريج الضخمة، إلى تفاهم كما يبدو على زيادة كميات النفط. ويقول الخبير والمحلل العسكري هشام مصطفى، من الحسكة، إنه “من الواضح أن زيادة كميات النفط تأتي في إطار التفاهمات الأخيرة حول القامشلي”.

ويوضح ل”المدن”، أن “وقوف النظام على الحياد إلى حد كبير خلال الاشتباكات التي دارت في القامشلي، وعدم مساندة مليشيات الدفاع الوطني في الاشتباكات التي خاضتها جواً أو من خلال الإسناد المدفعي الثقيل، يجعلنا نعتقد أن سيطرة الأسايش على أحياء في مدينة القامشلي وانسحاب الدفاع الوطني منها، إنما تمّ بصفقة بين النظام وقسد، وبرعاية روسية”.

وبذلك، يعتقد مصطفى أن النظام بدأ بقبض ثمن موقفه المحايد في القامشلي من خلال زيادة استجرار النفط من مناطق سيطرة قسد، وهذا ما يوضحه التسجيل المصور، الذي أظهر مئات الصهاريج.

كذلك، يرى الباحث في مركز “جسور للدراسات” وائل علوان ل”المدن”، أن ما جرى في القامشلي من تقدم ل”الأسايش” وسيطرتها على أحياء داخل المدينة كانت خاضعة لسيطرة النظام، كان نتيجة للموقف الروسي، الذي غاب عنه الحزم، بحيث تم خرق الهدنة التي سعت إليها روسيا لأكثر من مرة.

ويوضح أن روسيا غير المتضررة من التقدم الذي أحرزته قسد في القامشلي على حساب الدفاع الوطني المدعوم من إيران، سعت إلى الاستفادة من الموقف هناك بعقد صفقات مع قسد، من بينها التوافق على زيادة حصة النظام السوري من النفط، سعياً لحل جزء من مشاكل النظام الاقتصادية.

وقال علوان: “لدينا معلومات مؤكدة تشير إلى حدوث هذه الصفقات، لكن من دون الإعلان عن ذلك، حرصاً من روسيا على عدم استفزاز حواضن النظام المتضررة في القامشلي”.

وكانت مليشيا الدفاع الوطني قد خرجت من الصراع الذي خاضته منفردة بخسارة السيطرة على حيي طي وحلكو لصالح الأسايش، واستطاعت روسيا بعد ذلك فرض التهدئة، ولا زالت الاجتماعات تُعقد في مطار القامشلي لاستدامة الهدوء.

———————

بيدرسن يقر بمأزق جهوده في سوريا ويتطلع إلى «شكل جديد» لوساطته

واشنطن: علي بردى – دمشق: «الشرق الأوسط»

دعا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، إلى إنشاء «شكل جديد» يمكن أن يجمع الأطراف الدولي والإقليمية المعنية بملف الأزمة السورية، من أجل الشروع في تسوية، بناء على قرار مجلس الأمن رقم 2254. في اعتراف ضمني بالمأزق الذي تعانيه جهوده الدبلوماسية لدفع العملية السياسية بين الأطراف المتحاربة، ولا سيما في ظل الخلافات المستحكمة على مسار اللجنة الدستورية، واستعداد دمشق لإجراء انتخابات رئاسية جديدة، من دون توافق، ومن دون استناد إلى المرجعيات الدولية.

واستهل بيدرسن إحاطته أمام أعضاء مجلس الأمن خلال جلسة عبر الفيديو بالإشارة إلى انعقاد اجتماع المجلس الاستشاري للنساء السوريات بصورة شخصية في جنيف، قبل أن يطلق «تحذيراً من أجل منح الأولوية للبحث عن (…) تسوية للنزاع السوري»، موضحاً أنه «على رغم مضي أكثر من عام على الهدوء النسبي»، فإن هذا الشهر كان بمثابة تذكير بأن الوضع «يمكن أن يتدهور بسرعة». ولفت إلى «التصعيد الكبير» في شمال غربي سوريا، بما في ذلك استهداف مستشفى مدعوم من الأمم المتحدة، فضلاً عن تنفيذ إسرائيل غارات جوية داخل سوريا للمرة الثانية في شهر. ثم قيام الحكومة السورية بتفعيل نظام الدفاع الجوي وإطلاق صاروخ من سوريا على الأراضي الإسرائيلية. وكذلك أشار إلى أن «(داعش) واصل تصعيد نطاق ومدى الهجمات في وسط وشمال شرقي سوريا»، فضلاً عن التوترات في القامشلي «التي يسودها السلام عادة»، علماً بأن «الجنوب الغربي لا يزال غير مستقر، مع عمليات الاختطاف والقتل»، مبدياً الخشية من «تحركات القوات التي تثير شبح تصعيد وشيك». وشدد على أن «وقف النار على الصعيد الوطني وفقاً للقرار 2254 أمر ضروري، مثلما هي الحال بالنسبة إلى النهج التعاوني للقضاء على الجماعات الإرهابية» المدرجة في لوائح الأمم المتحدة.

وعرض للأوضاع الاقتصادية المتردية وتفشي فيروس «كوفيد 19» على نطاق واسع، داعياً إلى «تجنب وتخفيف أي آثار لتدابير العقوبات على قدرة السوريين على وصول الغذاء واللوازم الصحية الأساسية والدعم الطبي لفيروس (كوفيد 19)».

ورأى أنه «إذا كان لهذا النزاع المدول للغاية أن يتجه نحو الحل، فنحن بحاجة إلى مزيد من الدبلوماسية الدولية البناءة والشاملة حيال سوريا، في محاولة لفتح باب التقدم خطوة بخطوة»، موضحاً أنه تداول بهذا الأمر مع الأطراف السورية، وكذلك مع المحاورين في روسيا والولايات المتحدة وتركيا وإيران والعالم العربي وأوروبا وآخرين في مجلس الأمن. وكشف أن هناك مخاوف لدى بعض الأطراف، وهناك طرق للتغلب عليها، مقترحاً ما سماه «شكلاً دولياً جديداً يمكن أن يجلب كل أصحاب المصلحة الذين يمكنهم وضع شيء ما على الطاولة». وتحدث عن «استشارات استكشافية يمكن أن تساعد في اختبار الاحتمالات وسد فجوات انعدام الثقة التي تعيق مثل هذا الجهد» من أجل تعزيز التقدم في تنفيذ القرار 2254. وتطرق إلى الانتخابات الرئاسية السورية في 26 مايو (أيار) المقبل، بناء على الدستور الحالي، مشدداً على أنها «ليست جزءاً من العملية السياسية التي أنشأها قرار مجلس الأمن 2254»، كما أن «الأمم المتحدة ليست مشاركة في هذه الانتخابات، وليس لديها تفويض فيها»، مذكراً بأن «القرار 2254 يفوض الأمم المتحدة لتسهيل العملية السياسية التي تبلغ ذروتها في إجراء انتخابات حرة ونزيهة وفق دستور جديد تحت إشراف الأمم المتحدة وفقاً لأعلى معايير الشفافية الدولية والمساءلة، بمشاركة جميع السوريين، وبينهم أفراد الشتات المؤهلين لذلك». ولفت أيضاً إلى أن اللجنة الدستورية تأسست بموافقة الحكومة السورية وهيئة المفاوضات العليا، ضمن شروط مرجعية وقواعد إجرائية أساسية، مناشداً الرئيسين المشاركين وأعضاء اللجنة احترام «قواعد السلوك» في تعاملاتهم. وقال إن أي جولة سادسة من اجتماعات الهيئة الصغيرة «يجب أن تعد بعناية» وهي «تحتاج إلى أن تكون مختلفة عما حصل من قبل». وإذ أقر بوجود اختلافات بين الرئيسين المشاركين، أفاد أنه اقترح «حلاً وسطاً»، بناء على «الأفكار الجيدة» التي ضمنها كل منهما، معبراً عن أسفه لتسرب «العناصر السرية للمناقشات الجارية إلى وسائل الإعلام». وأكد أن الأمم المتحدة تقف على استعداد لعقد جلسة سادسة في أقرب وقت ممكن من الناحية اللوجستية بمجرد توافق الرئيسين المشاركين.

في دمشق، أعلن مجلس الشعب السوري، الأربعاء، موافقة أعضائه على دعوة برلمانات دول عربية وأجنبية لمواكبة انتخابات الرئاسة في سوريا المرتقب إجراؤها نهاية الشهر المقبل، ونقلت وسائل إعلام رسمية موافقة مجلس الشعب السوري بالأكثرية على دعوة برلمانات «الدول الشقيقة والصديقة للاطلاع على سير الانتخابات» وهي «روسيا والجزائر وسلطنة عمان وموريتانيا وإيران وأرمينيا والصين وفنزويلا وكوبا وبيلاروسيا وجنوب أفريقيا والإكوادور ونيكاراغوا وبوليفيا».

وأغلق يوم أمس (الأربعاء) باب التقدم بطلبات ترشح للانتخابات الرئاسية على 51 مرشحاً، سجلت طلباتهم لدى المحكمة الدستورية السورية. وسيتنافس هؤلاء على أصوات أعضاء مجلس الشعب الـ250؛ حيث ينص دستور 2012 المعمول به على حصول المرشح للرئاسة السورية على 35 صوتاً، وعلى ألا يعطي النائب توقيعه إلا لمرشح واحد.

الشرق الأزسط

——————–

المبعوث الأممي يتجاهل الانتخابات السورية

51 شخصاً بينهم الأسد تقدموا بطلبات الترشح للرئاسة

تجاهل المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، الانتخابات الرئاسية السورية المقررة في 26 الشهر المقبل.

وقال بيدرسن لأعضاء مجلس الأمن عبر دائرة تلفزيونية أمس، إن الانتخابات الرئاسية في 26 مايو (أيار) المقبل، ستجري بناءً على الدستور الحالي، وإنها «ليست جزءاً من العملية السياسية التي أنشأها قرار مجلس الأمن 2254»، كما أن «الأمم المتحدة ليست مشاركة في هذه الانتخابات وليس لديها تفويض فيها».

وأشار بيدرسن إلى أن القرار 2254 يفوض الأمم المتحدة بـ«تسهيل العملية السياسية التي تبلغ ذروتها في إجراء انتخابات حرة ونزيهة وفق دستور جديد تحت إشراف الأمم المتحدة وفقاً لأعلى معايير الشفافية الدولية والمساءلة، بمشاركة جميع السوريين، وبينهم أفراد الشتات المؤهلون لذلك». وأعلن مجلس الشعب (البرلمان) السوري أمس، موافقة أعضائه على دعوة برلمانات دول عربية وأجنبية لمواكبة الانتخابات.

وأفادت وسائل إعلام رسمية بموافقة المجلس بالأكثرية على دعوة برلمانات «الدول الشقيقة والصديقة للاطلاع على سير الانتخابات وهي روسيا والجزائر وسلطنة عمان وموريتانيا وإيران وأرمينيا والصين وفنزويلا وكوبا وبيلاروسيا وجنوب أفريقيا والإكوادور ونيكاراغوا وبوليفيا».

وأُغلق أمس، باب التقدم بطلبات ترشح للانتخابات الرئاسية على 51 شخصاً، بينهم الرئيس بشار الأسد.

—————————-

تحقيق: الأسد لا يريد اللاجئين السوريين

الثابت في حرب سوريا – تهجير الملايين ومصادرة أملاكهم

يتصدّر السوريون أرقام إحصائيات اللاجئين في ألمانيا منذ عام 2014 بلا منازع. وقد تمخض ذلك عن الحرب التي آلت إليها انتفاضة الشعب السوري قبل عشر سنوات. ورغم انحسار الحرب، إلا أنها لم تنتهِ بعد؛ ليلجأ منذ ذلك الوقت ما يقارب تعداده مليون لاجئ سوري إلى ألمانيا.

وقد سبق للنائب البرلماني عن الحزب الديمقراطي المسيحي، شتيفان هاربارت، أن صرّح في إحدى مناقشات البرلمان الألماني، البوندستاغ -في تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وكان حينها رئيسًا للمحكمة الدستورية الألمانية- بأن “حماية اللاجئين في الحالة السورية أيضًا هي حماية مؤقتة”، صائغًا بذلك أحد التوقعات التي شاع استخدامها في حزبه، ومفاده: يتوجب على لاجئي سوريا العودة مجددًا إلى وطنهم حالما تنتهي الحرب فيه.

إلا أن هذا التوقع يقف على النقيض من تطوّر يكاد لا يتم الحديث عنه، ألا وهو مصادرة نظام الأسد شقق اللاجئين السكنية ومنازلهم، وانتزاعه ملكيتها منهم بصورة جماعية، بطريقة يبدو فيها الأمر تطبيقًا لسياسات سكانية يريد النظام بها التخلص من قسم كبير من مواطنيه مرة واحدة وإلى الأبد. فنظرة عامة على المدن والأحياء المتضررة تبين لنا أنّ من سيفقد ملكيته في المقام الأول هم لاجئون سنّة، أي ممن ينتمون إلى غالبية سكان سوريا. في حين ينتمي حاكم سوريا، الأسد، إلى الأقلية الدينية العلويّة.

في عام 2015، لجأ أيمن الدرويش مع زوجته وأطفاله الأربعة إلى ألمانيا، وهو من أهل تدمر، المدينة الصحراوية ذات الشهرة العالمية، التي دمر داعش قسمًا من أوابدها الأثرية. يعيش أيمن حاليًا في مدينة أُستَرُودِه أَم هارتْس، في شقة ضيقة مخصصة للاجئين؛ وقد عاشت الأسرة سابقًا في دار واسعة في تدمر، يخبرنا عنها أيمن: “تبلغ مساحة دارنا 312 مترًا مربعًا، ذات فناء عربي داخلي مع بحرة ماء تحيط بها أشجار الرمان”، عارضًا خلال ذلك صورًا للدار من الداخل ومن الخارج وكذلك مقطع فيديو يُظهر أطفاله يلعبون برش الماء بعضهم على بعض في البحرة. ويضيف مصمم الديكور المنزلي: “لقد عملتُ وادخرتُ من أجلها مدة طويلة، وانتقلنا للعيش فيها في عام 2009، ثم ما لبث أن تحتم علينا مغادرة وطننا الصغير هذا في عام 2015.”

استهداف سُنَّة سوريا

ووفقًا لفهم أيمن الدرويش، فإن داره في تدمر قد ضاعت إلى الأبد؛ وهو بذلك لا يختلق أوهامًا، إذ يعمل النظام فعلًا على مصادرتها وانتزاع ملكيتها منه. يقول أيمن: “أنا على اتصال مع جيراني السابقين ممن فروا إلى المملكة العربية السعودية أو إلى تركيا، والجميع يُبلغنا بالشيء نفسه: يُحظَر على جميع سكان الحي الوصول إليه”. وينتمي أيمن وجيرانه والغالبية العظمى من سكان تدمر إلى المذهب السُّنِّي. ويضيف أيمن أن “سياسة التَّهجير هذه موجَّهة ضد السُّنَّة. الجميع يعرف ذلك”.

وقد ظهرت أولى الدّلالات على نيَّة نظام الأسد استغلال الحرب بغية إحداث تغيير ديموغرافي في سوريا في عام 2012، إذ حُرِم اللاجئون من العودة إلى دورهم وشققهم السكنية. وعندما استعاد الأسد بمساعدة حزب الله الشيعي مدينة القُصَيْر الاستراتيجية المهمة -ذات الغالبية السكانية السنيّة والقريبة من الحدود [اللبنانية]- من أيدي المتمردين [الثوار] في عام 2013، تم تهجير سكانها السنّة.

كما أعلن الأسد صراحةً ولمرات عدة أن أحد الأهداف المهمة لحربه هي إقصاء مجموعات شعبية غير مرغوب بها بصورة مستدامة. وقد أوضح نواياه بصورة خاصة في خطابٍ ألقاه أمام مجلس الشعب السوري في 20 آب/أغسطس 2017، عندما قال: “خسرنا خيرة شبابنا وبنية تحتية كلفتنا الكثير من المال والعرق لأجيال، صحيح؛ لكننا بالمقابل ربحنا مجتمعًا أكثر صحة وأكثر تجانسًا”، وكان قد سبق أن أكّد في المكان نفسه في عام 2015 على أن: “الوطن هو لمن يدافع عنه ويحميه والشعب الذي لا يدافع عن وطنه لا وطن له ولا يستحق أن يكون له وطن”.

أكثر من عشرة ملايين سوري لم يعودوا يعيشون حيث كانوا في عام 2011 عشية بدء الصراع: فقد عثر حوالي نصف المُهجَّرين على ملاذٍ لهم في المناطق الّسورية المتبقية التي لم يتمكن النظام من استعادة السيطرة عليها، لا سيما في محافظة إدلب شمال غرب سوريا. أما النصف الآخر، أي ما يقارب تعداده خمسة ملايين شخص، فقد فرّوا إلى الخارج. وينوي النظام منع عودتهم.

المصادرة وسيلةً للتغيير الديموغرافي

وفي معرض تصريحاته التي تتناول السياسات السكانية يتجنب ديكتاتور سوريا استخدام كلمة “سنّة”، في حين لا يفتأ نظامه عن التعريف بنفسه أنه “فوق الطائفية” وبأنه ملتزم بالتعددية الدينية. وفي الواقع، فإن العديد من سُنّة الطبقة الوسطى والعليا موالون للنظام، منهم على سبيل المثال تجار أثرياء من مدينتي دمشق وحلب. ولكن الذي لا ريب فيه هو رغبة هذا الديكتاتور بتقليص نسبة الأغلبية السنيّة. إذ يزيد عدد السوريين عن 20 مليون نسمة، تبلغ نسبة السنّة منهم 75%؛ في حين ترتفع نسبة السنّة بين أوساط اللاجئين أكثر.

واليوم، لم يعد أكثر من عشرة ملايين سوري يعيشون حيث كانوا في عام 2011 عشية بدء الصراع؛ فقد عثر حوالي نصف المُهجَّرين على ملاذٍ لهم في المناطق الّسورية المتبقية التي لم يتمكن النظام من استعادة السيطرة عليها حتى اليوم، لا سيما في محافظة إدلب شمال غرب سوريا. أما النصف الآخر، أي ما يقارب تعداده خمسة ملايين شخص، فقد فرّوا إلى الخارج. وينوي النظام منع عودتهم.

وبالإضافة إلى المناطق الاستراتيجية المهمة الأصغر حجمًا، مثل مدينتي تدمر والقُصَيْر، طالت سياسة التّهجير والمصادرة الأحياء المكتظة سُكانيًا في ضواحي مدن سوريا الرئيسية دمشق وحلب وحمص، حيث تتركز الشرائح الاجتماعية الأكثر فقرًا من السكان السنّة، ممن انتقلوا للعيش من المناطق الريفية إلى ضواحي المدن ما قبل عام 2011؛ وقد بقيت بعض هذه الأحياء مثل الغوطة شرقي العاصمة دمشق، معاقل للثورة ضد نظام الأسد لسنوات؛ وينوي النظام حاليًا، بعد استعادته السيطرة على هذه المناطق، توزيع عقاراتها على مؤيديه من ضباط وعسكر وعناصر ميليشيات ورجال أعمال مخلصين له.

والحكومة الألمانية على دراية بسياسات التّطهير الممارسة من قبل نظام الأسد، ويؤكد ذلك العديد من تقارير وزارة الخارجية الألمانية السّرية لتقييم الوضع في سوريا ما بين العامين 2018 و 2020، إذ يحتوي كل تقرير منها على قسمٍ خاص تحت عنوان “المُصادرات”. وتشير وزارة الخارجية إلى “تقارير موثوقة” عن لاجئين عادوا إلى سوريا ومُنعوا من استعادة ممتلكاتهم، بل إنّ بعضهم قد “تم اعتقاله” عندما حاول ذلك؛ كما تشير التقارير إلى أن عمليات المصادرة تجري “على نطاق واسع”.

وتستشهد وزارة الخارجية بتقرير لوزارة المالية السورية يفيد بالاستيلاء على 70 ألف عقار خلال العامين 2016 و2017 لوحدهما. ووفقًا لتقارير سرية من وزارة الخارجية الألمانية فإن هذه السياسات تزيد من خطر “فقدان اللاجئين لممتلكاتهم” وتضعف إمكانية عودتهم إلى سوريا.

القانون رقم 10

وتشير وزارة الخارجية الألمانية صراحةً إلى “القانون رقم 10” الذي أصدره نظام الأسد في نيسان/أبريل 2018، وبموجبه سيفقد أصحاب المنازل والشقق السكنية ممتلكاتهم في حال لم يتواصلوا مع السلطات السورية بخصوصها خلال فترة قصيرة من الزمن؛ وفي حالة اللاجئين، فسوف يتعذر عليهم إمكانية تأكيد حقهم في ممتلكاتهم.

وقد تناولت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل هذه المسألة في أيار/مايو 2018 خلال زيارتها للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ففي المؤتمر الصحفي الذي عُقد في سوتشي، تحدثت ميركل عن قلق يستشري ضمن أوساط عريضة من الناس بسبب “القانون رقم 10 في سوريا، والذي سيفقد بموجبه كل من لا يتواصل مع السلطات في غضون فترة زمنية معينة عقاراته السكنية”، ووصفت ميركل هذا القانون بأنه “خبر سيّء لجميع أولئك الذين يرغبون في العودة إلى سوريا في يوم من الأيام”، كما أكّدت ميركل أنها “ستطلب من روسيا فعل ما بوسعها لمنع الأسد من القيام بذلك.”

أما بالنسبة لبوتين، فلم تظهر على رده علامات اكتراث، وعلّق قائلًا إنه ينبغي على المرء أن يأخذ خلال تناوله المسألة السورية “الجوانب الإنسانية” بعين الاعتبار. وقد كان من الواضح أن بوتين يساوم على الثَّمَن المقابل، قبل ممارسة أي ضغط على حليفه الأسد. وحتى يومنا، لم يتم إحراز أي تقدم في هذا المضمار، إذ يتمسك بوتين بالأسد بقوة، ويتمنى أن تدفع أوروبا ثمن إعادة إعمار سوريا، في حين تطالب أوروبا الأسد بتسليم السلطة كشرط مسبق لذلك.

وقد علّقت وزارة الخارجية الألمانية على أحد تقارير تقييم الوضع [في سوريا] بالقول: “تلعب حقوق الملكية دورًا مهمًا في الصّراع السوري وفقًا لتقييم وزارة الخارجية الفيدرالية”. ويمضي التعليق ذاكرًا أنه “مع حوالي 40 قانونًا ذا صلة، ينتهج النظام منذ بداية الصراع سياسة تهدف إلى التأثير على البنى السكانية المحلية الاجتماعية والاقتصادية، تأتي في المقام الأول على حساب أحياء غير نظامية كان يسكنها مُهجَّرون، ممن شكّلوا السّواد الأعظم للمعارضة؛ فيكاد هؤلاء لا يستطيعون تأكيد حقوق ملكيتهم وهم بعيدون عنها”.

ولا تجيب وزارة الخارجية في تعليقها عن سؤال ما إِنْ كان السُّنَّةُ هم المتضررين بذلك بصورة أساسية. غير أن السّفيرين الألماني والتركي قد شدّدا في رسالة مشتركة إلى الأمين العام للأمم المتحدة في خريف عام 2018 على أن “القانون رقم 10” هو جزء من “سياسة شاملة” تهدف إحداث تغيير في التركيبة السكانية لسوريا “من الناحية الطائفية”، وبأن ذلك يؤثر على “ملايين” [السوريين].

وينوي نظام الأسد إنشاء بعض المنشآت العمرانية الفخمة على الأراضي المُصادَرة. وما يتم بناؤه من أحياء فاخرة يذهب بالطبع إلى مواطنيه المخلصين له. ويبقى نجاح هذا النموذج السوري -الرامي لإعادة تخطيط الأحياء القديمة عمرانيًا- مسألة تبعث على الجدل، إلا أن النظام قد ينجح في حملته في سرقة العقارات وتجريد سوريين من جنسيتهم، وهو ما يتم فعلًا على أرض الواقع.

شتيفان بوخن / سليمان تدمري

ترجمة: حسام الحسون

حقوق النشر: موقع قنطرة 2021

ar.Qantara.de

 ———————–

مندوبون في مجلس الأمن: الانتخابات الرئاسية في سوريا “زائفة

أعلن أعضاء في مجلس الأمن رفضهم الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في سوريا مشككين بنزاهتها، بينما اعترض المندوب الروسي على هذا الموقف.

وخلال اجتماع أعضاء مجلس الأمن، الأربعاء 28 من نيسان، عبّر عدد من مندوبي الدول، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، والمملكة المتحدة، عن رفضهم المسبق لنتائج الانتخابات الرئاسية في سوريا.

وقالت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، في الجلسة الخاصة بمناقشة الوضع السوري، إن “الفشل في تبني دستور جديد دليل على أن ما يسمى بانتخابات 26 أيار ستكون زائفة”.

ولفتت إلى ضرورة مشاركة اللاجئين والنازحين السوريين في أي انتخابات مقبلة، وأضافت في هذا السياق، “لن ننخدع طالما لم يتم ذلك”.

المندوب الفرنسي، نيكولا دي ريفيير، أكد من جانبه عدم اعتراف بلاده بأي مشروعية للانتخابات المزمعة كونها تستثني السوريين المقيمين بالخارج وتغيب عنها الرقابة الدولية، وقال، “دون إدراج السوريين في الخارج، ستنظم الانتخابات تحت رقابة النظام فقط، من دون إشراف دولي على النحو المنصوص عليه في القرار “2254“.

مندوبة المملكة المتحدة، سونيا فاري، احتجت من جهتها على الأوضاع المرافقة لإجراء الانتخابات، وقالت، إن “انتخابات في ظل غياب بيئة آمنة ومحايدة، وجو من الخوف الدائم، وفي وقت يعتمد ملايين السوريين على المساعدات الإنسانية لا تضفي شرعية سياسية، وإنما تظهر ازدراءً بالشعب السوري”.

وأكد مندوب أستونيا، سفن يورغنسون، على أهمية أن تكون الانتخابات تحت رعاية أممية، وأن تشمل جميع السوريين بما في ذلك معارضي النظام الذين يعيشون في الخارج، وأضاف، “أي شيء آخر سيعتبر مهزلة جديدة”.

في المقابل أبدى مندوب روسيا، فاسيلي نيبينزيا، اعتراضه على مداخلات زملائه في المجلس، معتبرًا أنه “من غير المسموح به التدخل في شؤون سوريا الداخلية”.

وقال، “من المحزن أن ترفض بعض الدول الفكرة نفسها لهذه الانتخابات وأن تعلن بالفعل أنها غير شرعية”.

وانتهت، أمس الأربعاء، المهلة الدستورية المحددة بعشرة أيام لتقديم طلبات الترشح للانتخابات الرئاسية، وأعلن “مجلس الشعب السوري” أنه تبلغ من المحكمة الدستورية العليا بتقدم 51 شخصًا بطلبات ترشحهم، وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، بينما يواصل أعضاء المجلس التصويت لمصلحة المرشحين.

ولم يحدد موعد الإعلان عن أسماء المرشحين النهائيين الذين حصلوا على تأييد مجلس الشعب.

ومن شروط التقدم للانتخابات أن يكون المرشح أقام في سوريا بشكل متواصل خلال الأعوام العشرة الماضية، ما يغلق الباب أمام احتمال ترشح أي من المعارضين المقيمين في الخارج.

وتنظم الانتخابات بموجب الدستور الذي تم الاستفتاء عليه في 2012، بينما لم تسفر اجتماعات اللجنة الدستورية المؤلفة من ممثلين عن الحكومة والمعارضة، والتي عقدت في جنيف برعاية الأمم المتحدة، عن أي نتيجة.

الأمم المتحدة مقاطعة للانتخابات

وكانت الأمم المتحدة أكدت في وقت سابق أنها غير منخرطة في الانتخابات الرئاسية بسوريا، مؤكدة أهمية التوصل إلى حل سياسي وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم “2254”.

وخلال مؤتمر صحفي عقده المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، الأربعاء 21 من نيسان الحالي، في المقر الدائم للمنظمة الأممية في نيويورك، علّق على إجراء الانتخابات الرئاسية في سوريا بأنها ليست جزءًا من العملية السياسية التي ينص عليها القرار “2254“.

وأضاف، “نرى أن هذه الانتخابات ستجري في ظل الدستور الحالي، وهي ليست جزءًا من العملية السياسية، لسنا طرفًا منخرطًا في هذه الانتخابات، ولا يوجد تفويض لنا بذلك”.

وأكد المسؤول الأممي أهمية التوصل إلى تسوية سياسية للصراع الدائر في سوريا عن طريق المفاوضات قبل البدء بإجراء انتخابات.

————————-

==========================

تحديث 01 أيار 2021

———————

جبران باسيل ومتلازمة الأسد/ عمر قدور

يوم الخميس الفائت دشّن جبران باسيل الاقتراع في “الانتخابات السورية”، ومنح صوته لبشار الأسد بقوله: الانتخابات الرئاسية السورية وتثبيت الرئيس الأسد ستكونان عوامل مسرِّعة ومطمئنة ومشجِّعة لعودة النازحين. لم يكتفِ باسيل بالإشارة إلى الانتخابات، وهي وافية لأن النتيجة معروفة سلفاً، بل أصرّ على إعلان النتيجة تحت مسمى “تثبيت”! زيادة التوضيح هذه لا يسعنا ردّها إلى مجيء التصريح إثر مباحثاته في موسكو مع وزير الخارجية لافروف، ومن المرجح أن مضيفه لم يطلب منه هذا الموقف الفاقع ضمن مقايضة سياسية ما، مقايضة من المرجح أن يتمناها ويوحي بها في مواجهة خصومه اللبنانيين.

بصرف النظر عن علاقات موسكو الإقليمية الأوسع من تفصيل صغير مثل التيار الوطني، يبدو باسيل منسجماً جداً مع نفسه إذ يقدّم ما يرضي موسكو، ويفعل عن قناعة تامة. ليس من مكان أنسب لتقديم ذلك الخطاب الذي يمتزج فيه أسوأ ما في اليمين الشعبوي من معاداة “الأجانب” ومن العداء للديموقراطية، وقد رأينا كيف كانت المافيا الروسية الحاكمة الحليف المفضّل “إن لم تكن قِبلة” زعماء اليمين الشعبوي الغربي، وبرهنت على قدرة هائلة على استيعاب كل ما هو رثّ وسطحي ومعادٍ بطبيعته لقيم حقوق الإنسان.

الاحتساب على موجات اليمين الشعبوي أشبه بحلم يراود باسيل الباحث عن مكانة تتعدى حيزه الذي يضيق، الأهم هو وجه الشبه بينه وبين بشار الأسد المتقدم عليه بخطوات، ونجاح الثاني “تثبيته بالتعبير الباسيلي” يمنح الأول أملاً أكبر بوراثة عمّه الرئيس. بالمقارنة مع الماضي الغابر للعونية السياسي يسهل استخدام مصطلح “متلازمة ستوكهولم” لفهم علاقة باسيل وتياره بالأسد، لتفسير إنتقال “الضحية” إلى صف “جلادها” القديم، إلا أن الانتقال الذي يعبّر عنه باسيل أفضل تعبير يغري بتنحية الاختزال جراء الاكتفاء باستخدام المصطلح، وأيضاً لتجنب ما قد يثيره الأخير من تعاطف مع ضحية الأمس، أو اعتبارها بما وصلت إليه ضحية دائمة.

مرة أخرى يعبّر باسيل عن احتقاره الضحايا السوريين، ويسمّيهم “نازحين” بدل “لاجئين”، وينتزع منهم موقع الضحية بتصويرهم خطراً على لبنان، وفوق ذلك يعتبر “تثبيت” مَنْ هجّرهم حلاً لمشكلتهم. احتقار اللاجئين والحقيقة معاً يكتسب معنى إضافياً بحديثه عن حماية الأقليات في لبنان والمنطقة، حيث المقصود بالمنطقة هو المشرق “لبنان، سوريا، العراق، الأردن، فلسطين عندما تصبح دولة”. وفق منظوره الطائفي ذاته، هناك أغلبية سنية تشكل خطراً على وجود الأقليات أولاً، ثم على دورها في السياسة والإدارة والاقتصاد. بينما تكفي نظرة سريعة إلى الدول المعنية لمعرفة موقع “الغالبية المتوَّهمة المخيفة”، بدءاً من العراق الأشبه بحديقة خلفية لإيران، وصولاً إلى لبنان المحكوم بتحالف الحزب والتيار.

للتذكير، كان بشار الأسد، فور اندلاع الثورة، قد قدّم نفسه أيضاً حامياً للأقليات في المنطقة، لكن هذا ليس وجه التشابه الأهم بين الشخصين. الشبه الأول الذي سرعان ما يتوارد إلى الأذهان موقعهما كوريثين، بشار الذي تم توريثه بسلاسة تامة وباسيل الذي يتمنى اللحاق به، بعد أن اقتفى أثره بالوصول إلى موقع الوريث المنتظر متجاوزاً من لهم أولوية ضمن تجربة التيار، وحتى ضمن الدائرة العونية الضيقة.

يقدّم باسيل نفسه وريثاً شرعياً لعهد مؤسِّس، فهو بالمصاهرة استمرار بيولوجي لـ”بيّ الكل”، وهو بقوة التعطيل التي يملكها الحليف يضرب بسيف “العهد القوي”. كان حافظ الأسد من قبل قد استقر على لقب “الأب القائد”، بعد أن ابتدأ حقاً عهداً جديداً في سوريا، منقطعاً عن عهد الاستقلال الأول وحتى عن عهد انقلاب البعث الذي ينتمي إليه. في وسعنا القول أن عهد “بيّ الكل” هو عهد مؤسِّس أيضاً، ومعه انتهت آخر محاولات الاعتراض على التحوّل من خلال الرئيس السابق ميشال سليمان، وإذا كان ميشال سليمان رئيس التوافق، فإن خلَفه أتى بموجب مفهوم الغلَبة التي أتاحت لمسؤولين إيرانيين التباهي بالسيطرة على أربع عواصم عربية.

صحيح أن التيار وصل إلى كرسي الرئاسة على أكتاف الحليف، ولا يستطيع البقاء فيه إلا بإرادة الحزب ومن خلفه، وهذا وجه اختلاف بينه وبين تجربة الأسد الأب الذي انقلب على رفاقه واستفرد بالسلطة. إلا أن وجهاً ضعيفاً للشبه يأتي من المحاولة الانقلابية الفاشلة القديمة لعون، ومن أسباب فشلها مجيئها ضد ذاك الانقلابي المتمرس، ليأتي وجه أقوى للشبه بين الوريثين، فمعهما ستصبح السطوة الخاصة والاستقلالية ذكريات من ماضي الجيل السابق، ويغدو الطمع بالسلطة والتمسك بها مشروعاً في حد ذاته، بينما تُترك المشاريع الفعلية الخاصة بالدول للحلفاء الذين ييسرون الطريق إلى السلطة.

يستخدم باسيل كلمة “تثبيت” للإشارة إلى الإبقاء على بشار في السلطة، وعينه على تثبيته هو مرشحاً وحيداً لخلافة عمه في الرئاسة. تثبيت بشار، بعد كل جرائمه، فيه بشارة مفادها عدم مراعاة القوى المتحكمة بمشاعر الضحايا، أو ترضيتهم بالحد الأدنى. فائض القوة هذا سيكون لمصلحة طامحين “لا شركاء” في لبنان أيضاً، ومن دون مراعاة لحساسيات أو توازنات تقليدية صارت من الماضي، الماضي السابق على حافظ الأسد في سوريا والسابق على ميشال عون في لبنان.

يحق لباسيل النظر إلى صورة بشار ورؤية نفسه جديراً بالرئاسة، فهو بذل أقصى جهده ليصرّح بما يجعله مؤهلاً لهذه الوظيفة. ربما يقدّم بشار، من هذه الجهة، خدمة للكثير من الطامحين إلى الرئاسة، بقدر ما كان يُفترض أن يفقد شرعيته، وبقدر خضوعه للوصايات الخارجية وامتهانه منصبه إلى وظيفة ليست الأعلى واقعياً. لعله، بعبارة أخرى لا تبخسه حقه، مصدر إلهام. بل ربما يكون ما قبل بشار ليس كما بعده، من دون أن نكلّف أنفسنا في مناسبات لاحقة عناء الإسهاب في الحديث عن متلازمة الأسد.

المدن

—————————-

الانتخابات الرئاسية السورية : خمسون مرشحاً أو خمسون ظلاً لبشار الأسد؟/ كارمن كريم

أتخيل للحظة فوز مرشّحٍ ما غير الأسد، الفكرة غريبة بطبيعة الحال أي أن تقول اسماً غير الأسد كرئيس لسورية، ثم أتساءل ماذا سيحدث حينها؟

من خلال سيارة مُهيبة يرافقها موكب من راكبات الدراجات انطلقتْ فعاليةُ “أطول رسالة حبّ ووفاء في العالم لرجل السلام الأول السيد الرئيس بشار حافظ الأسد”، بمشاركة فعاليات رسمية وحزبية وشبابية. تهدف الفعالية إلى جمع أكبر عدد من التواقيع المؤيدة للأسد على “رول” قماش بطول 2000 متر. كما يخطط القائمون على المبادرة إلى الوصول بالرول إلى موسوعة “غينيس”، هل فكروا مثلاً بصنع رول آخر يسجلون عليه أسماء ضحايا الأسد؟

سيحتاج حتماً إلى أكثر من 2000 متر.

لكن ولسوء الحظ وبعد انطلاق الموكب من دمشق ثم مروره في مدينتي القنيطرة ودرعا، وحين وصوله إلى مدينة السويداء نفد وقود السيارة التي تحمل أطول رسالة حبّ، وهكذا وصلت أزمة المحروقات إلى “المستقبل الرئاسي ذاته”. لم يجد القائمون أي وقود ليتابع الموكب هدفه المنشود، وهكذا توقفت السيارة على جانب أحد الطرق لساعتين بانتظار حفنة من البنزين والعلمُ السوريُّ يرفرف إلى جانب صورة الأسد، في منطقة شبه مقطوعة، ليحاول منظمو الفعالية نفي ما حصل، مبررين توقفهم بدافع التقاط الصور التذكارية، من دون وجود أي عطل أو نفادٍ في الوقود!

لا تنتهي مفارقات النظام، كأن يفر أحدهم من الخدمة العسكرية والاقتتال، نحو أوروبا، فيما ما زال يؤيد ديكتاتورية النظام، على رغم أنه مُنح فرصة الحرية في مكان آخر! إنها مفارقة أخرى تستحق الوقوف عندها. يعلم هؤلاء جيداً أن سوريا بلد غير صالح للعيش لكنهم يدعمون رئيسها للانتخابات المقبلة عبر البحار. يمتلك هؤلاء ثقة كبيرة لا تدري كيف جاءت ومن أين يستحضرونها بشكل يوميّ، على رغم الخراب، ووسط الديموقراطية المفتعلة يردد البعض أن شرط الترشح إلى رئاسة الجمهورية العربية السوريّة هو أن تكون بشار الأسد! إنها ليست بنكتة أو مزحة سمجة إنما طريقة تفكير متكاملة للنظام وأتباعه. وهؤلاء لا يهمهم في الحقيقة لا الدستور ولا قانون الانتخابات الرئاسية، نعم بهذه البساطة، ألم يصبح بشار رئيساً للمرة الأولى دون أن يتم الأربعين عاماً عكس ما جاء في الدستور؟ نعم الأسد أقوى من دستور البلاد.

آلاف الضحايا والمعتقلين والمهجّرين راحوا لأجل حلم الحرية والديموقراطية في سوريا، الديموقراطية التي أوصلت خمسين مرشحاً بالفعل إلى الانتخابات الرئاسية لعام 2021، قد يجد البعض في ترشيح 50 اسماً من الديموقراطية ما تحلم به أي دولة أخرى لكن المفارقة تكمن في أن السوريين يدركون أنه ومهما بلغ عدد المتنافسين على الكرسي، فإن بشار سيفوز في أي حال! المرشح رقم “ستة”، فحاشا أن يرشِّحَ نفسهُ قبل غيره، وعلى رغم معرفة الجميع بالنتيجة مسبقاً إلّا أنهم دخلوا هذا التحدي الصعب.

إنها الديموقراطية إذاً! نعم تبدو الانتخابات الرئاسية السورية أشبه بمسرحيةٍ أو بمسلسلٍ سيئ الإخراج، نظام الأسد واحدٌ من أسوأ الممثلين والمخرجين على الإطلاق، لكنه الأقدر على إبادة شعوبٍ كاملة.

امرأة تنافس الأسد على الحكم!

إذاً يعلم الجميع أن ما يحصل هو مهزلة تُدعى الانتخابات، إنها محاولة بائسة من النظام لإثبات شرعية الأسد وخدعة المؤامرة الخارجية، هكذا ببساطة، قُتل شعبٌ وشُرد وجاع وتعرض لأبشع أنواع التعذيب ليعود النظام ذاته ويطرح نفسه كحلّ وحيد لأزمة ما عادت قابلة لحلول قريبة، شرّ البلية ما يضحك! وشرُّ النظام السوريّ كذلك. لعبةُ الانتخابات الرئاسية باتت مكشوفة إلى الحد الذي تساءلتْ فيه صديقتي: “عنجد مصدقين حالهن! طيب هو… هو، يعني بشار ما بيخجل من حالو وهو عرفان انو الكل بيكرهو؟”. هذه اللعبة تضمنت شروطاً جديدة وعندما فكر النظام بأفضل طريقة لتعزيز الديموقراطية التي سيفوز على أثرها بشار الأسد، كان من المناسب طرح منافسة له وهكذا يضرب أهل النظام عصفورين بحجر واحد، فمن جهة يؤكدون للشكاكين والمعارضين وجود منافسين حقيقيين لسيادته، ومن ناحية أخرى يركبون موجة دعم النساء، فأن تنافس امرأة بشار يعني وصول السوريين إلى مستوى جديد من الديموقراطية لم يختبروه سابقاً.

للمرة الأولى في تاريخ سوريا، تترشح امرأة لمنصب رئيس الجمهورية العربية السورية وهي فاتن علي النهار والتي سارع مؤيدو الأسد إلى معارضة ترشحها ودخلوا في مسرحية نظامهم، مدافعين عن مرشحهم بالقول: “لك سوريا الأسد أحلا وأهيب من سوريا النهار”. وذهبت تخوفات البعض لتشبيه السيدة النهار بترامب حين كان مجرد التفكير بفوزه مضحكاً ليتحول في النهاية هذا المهرج إلى رئيس أقوى دولة، فهل تتحول النهار إلى رئيسة سوريا المقبلة معلنة عن برامج إصلاحية يصل بعضها إلى تأسيس محطة فضاء سورية بحلول عام 2025؟! وهكذا باتت المنافسة على أشدها بين مؤيدي بشار الأسد ضد منافسيه الوهميين، إلى هذا الحد يمكن خداع مؤيدي النظام، يضعون لهم دمى على شكل مرشحين فيغضبون لمجرد فكرة منافسة رئيسهم الذي لن يخسر في جميع الأحوال.

تعيدنا هذه الموجة من المرشحين الذين وصلوا إلى 51 مرشحاً، لا يعلم أحدٌ كيف ظهروا أو من أين سطع نجمهم فجأة، إلى الرئيس الجديد الشرتح المقيم في السويد والذي يتخيل نفسه كرئيس مقبل لسوريا، لكن الفرق أن لدينا واحداً بالفعل يُدعى بشار وهو رئيس واحدةٍ من أكثر البلاد المنكوبة بؤساً في العالم!

علّموا أطفالكم حبَّ الأسد

جهْلُ مؤيدي النظام مستفزٌ وغير قابل للتفسير لكنه في النهاية نتيجة طبيعية لتدجين شعبٍ وجعله عبداً للأسد وحسب، إنه أمر محزن وأليم، أن يتحول أناسٌ أحرارٌ لمنساقين خلف شخص لم يفعل لهم شيئاً سوى تدمير بلادهم وتجويع عائلاتهم. انتشر فيديو مثيرٌ للاشمئزاز، قيل إنه يعود لمدرسة في مدينة طرطوس، تُلقّن فيه المعلمة تلاميذها عبارات جاهزة عن حبّ الأسد والخيار الوحيد والقائد الخالد. تفتتح المعلمة الفيديو بقولها إن الأطفال هم تحت السن القانونية ولا يستطيعون الانتخاب لكنهم يستطيعون إبداء رأيهم! يغدو المقطع الذي نشرته المدرسة على صفحتها على “فايسبوك” أكثر استفزازاً، بعد طرح المعلمة أسئلة ليجيب عليها الأطفال بكل ثقة، تسألهم مثلاً: “من هو أمل سوريا للوصول إلى مستقبل أفضل؟”، يقف أحد الأطفال مردداً: “السيد الرئيس بشار حافظ الأسد”. تثني عليه المعلمة لفطنتِه، ثم تعيد السؤال على تلاميذ آخرين بتغيير المقطع الثاني من السؤال ليصبح “من هو أمل سوريا للتخلص من الاحتلال؟”، أو تطرح السؤال بالصيغة ذاتها على أطفال آخرين، وتأتي الإجابة موحدة في جميع الأحوال. تتابع المعلمة اتهام الدول “الشيطانية” بمحاربة السوريين ليتخلوا عن أملهم أي “بشار”، وهو سبب “استشهاد” كثيرين ومنهم آباء لبعض الأطفال في الصف ليخرج الأيتام إلى جانب المعلمة التي تؤكد أن أخاها كذلك “استشهد”، لأن الدول المعادية تحاول تغيير خيارهم الوحيد في بشار الأسد، لتسأل الأطفال بثقة: هل غيرتم خياركم على رغم استشهاد آبائكم؟ لينفي الأطفال ذلك مرددين اسم بشار المرة تلو الأخرى! حُذف المقطع لاحقاً عن صفحة المدرسة لكن ذلك لا يغير حجم الكارثة التي تحصل خلف الجدران.

أن تنتخب بشار هو أمرٌ مفروغ منه في كلّ الأحوال. في الدورة الانتخابية السابقة رفضنا أنا وعائلتي الذهاب والاقتراع لعلمنا المسبق بحجم الزيف والتزوير، لاحقاً أدركنا أن مسؤول الفرقة الحزبية في القرية انتخب بأسمائنا بشار الأسد! لم نستطع قول شيء سوى أننا ضحكنا مرددين قصصاً متخيلة عن ذهابنا إلى تصويت ديموقراطي لم نحضره. لا بل لدى النظام حيل أفضل لجمع الأصوات، فأحد الشبان اكتشف أن والدته المتوفاة منذ عشرات السنوات صوتت لبشار الأسد، خرج وهو يتلمس رأسه مردداً لكن أمي ميتة. إذاً كم ميتاً صوّت لمرشحه الوحيد بشار؟

هذا الإجبار على التصويت للأسد لا يقتصر على الموتى، يحرص النظام على اختيار يوم الانتخابات خلال الدوام الرسمي للجامعات، يقول سامي (اسم مستعار) أجبرونا حين كنت في الجامعة على الانتخاب وكانوا يتأكدون من أصابعنا وإن لم يجدوا أثراً أزرق على الأصابع تأكيداً على بصمة الاقتراع كانوا يمنعوننا من الدخول إلى السكن الجامعي والعودة إلى الغرف لحين التصويت، وبطبيعة الحال سيخاف هؤلاء الشباب وسيصوتون لبشار خشيةً من مراقبتهم واكتشاف أنهم صوتوا لغيره.

أتخيل للحظة فوز مرشّحٍ ما غير الأسد، الفكرة غريبة بطبيعة الحال أي أن تقول اسماً غير الأسد كرئيس لسورية، ثم أتساءل ماذا سيحدث حينها؟ أيتحول ما اكتبه هنا إلى هراء وتزييف للواقع، لكنني أنهي ما اكتب باطمئنان فلا خوف من النتائج الانتخابية حين يكون شعار المرحلة “الأسد أو نحرق البلد”.

درج

———————–

النظام السوري يعلن بدء حملة الأسد الانتخابية/ ريان محمد

لونا الشبل، المستشارة الخاصة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، أمس الخميس، أن موعد انطلاق حملته الانتخابية سيكون في الخامس من الشهر المقبل، رغم أن النظام بدأ فعليا بالحملة قبل عدة أشهر مخالفا الدستور السوري والقوانين الناظمة للانتخابات المحسومة نتائجها سلفاً، ضمن مسرحية ما يسمى “الاستحقاق الدستوري لانتخابات رئيس الجمهورية”.

وكتبت الشبل، على صفحتها الرسمية على موقع “فيسبوك، إن “انطلاق الحملة الانتخابية للسيد الرئيس بشار حافظ الأسد في الخامس من شهر أيار(مايو)، وذلك بعد أن يستوفي طلب السيد الرئيس الشروط الدستورية وفقا لتأييدات أعضاء مجلس الشعب”.

وكان باب قبول طلبات الترشح في الانتخابات الرئاسية قد أغلق الأربعاء، وبلغ عدد ‏المتقدمين بطلبات الترشح لمنصب رئيس الجمهورية 51 مترشحاً بينهم 7 سيدات، وجُلهم غير معروفين، وتقدّموا بطلباتهم لخوض الانتخابات الرئاسية، وفق دستور فُصّل في العام 2012 على مقاس الأسد.

وتسلمت المحكمة الدستورية، يوم أمس الخميس، صندوق التأييدات الخطية من مجلس الشعب والذي يحوي التأييدات التي منحها أعضاء المجلس للمرشحين.

وكان أعضاء المحكمة بانتظار وصول الصندوق من دون الإعلان عن الأسماء التي حققت شرط الحصول على تأييد 35 عضواً في مجلس الشعب (النواب)، ليتاح للمرشح خوض العملية الانتخابية. ويحق لكل عضو إعطاء صوته لمرشح واحد، وإذا أخذنا بعين النظر توزيع القوى في المجلس المكون من 250 عضو، منهم 180 عضو من حزب “البعث العربي الاشتراكي” وحلفائه، يتبقى 70 عضوا مستقلا، ما يعني أنه غالبا سيكون هناك 3 مرشحين، يختارهم النظام لأنه هو المسيطر على جميع الأعضاء.

ولم يكن النظام ينتظر تقدم الأسد بأوراق الترشح للانتخابات، أو حتى تأييد أعضاء مجلس الشعب وقرار موافقة المحكمة الدستورية، حيث تم الإيعاز لجميع مؤسسات الدولة، خلال الأسابيع القليلة الماضية، بوضع صوره وصور والده رئيس النظام السابق حافظ الأسد إلى جانب يافطات التأييد لاستمراره بحكم سورية.

وقبلها تعمد النظام الترويج أن “الشعب السوري” هو من يطالب بترشح بشار الأسد لإعادة انتخابه لدورة رابعة رئيسا عبر أزلامه، حيث عقد اجتماع لمن يسميهم “شيوخ عشائر” في مدينة حماة بداية العام الجاري، أعلنوا في ختامه تأييدهم للأسد، وألحقوه بعدة زيارات ولقاءات مع المكونات السورية لحصد التأييد.

كما قامت “رابطة خريجي العلوم السياسية” بإجراء ندوات في جميع المدن الخاضعة لسيطرة النظام تحت عنوان “الأسد خيارنا”، وحتى الأطفال لم يكونوا خارج استغلال النظام، حيث عقد ما يسمى “البرلمان الطفلي” لمنظمة “طلائع” البعث التابعة للحزب الحاكم، بداية الشهر الماضي، جلسته الأولى تحت شعار “أملنا بشار لنكمل المشوار”.

يشار إلى أن العديد من الدول والقوى السياسية السورية المعارضة أعلنت رفضها إجراء النظام الانتخابات الرئاسية في ظل عدم الوصول إلى حل سياسي، مشككة في شرعية الانتخابات ونتائجها.

واستبقت الولايات المتحدة هذه الانتخابات بالتأكيد على لسان مندوبتها لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي الأربعاء الماضي، أن “ما يسمى الانتخابات الرئاسية، التي يخطط نظام الأسد لإجرائها في 26 مايو/ أيار المقبل، لن تكون حرة ولا نزيهة، بل مزيفة ولا تمثل الشعب السوري”.

وتعاني سورية من أزمة، قد تكون الأسوأ إنسانيا منذ الحرب العالمية الثانية، تسببت بنزوح ولجوء نحو نصف الشعب السوري، في حين يعيش من بقي منهم داخل بلادهم أوضاعا معيشية صعبة جدا جراء انتشار الفقر وعدم وجود فرص عمل وانخفاض القيمة الشرائية لليرة السورية، في حين يمتنع النظام عن تطبيق الحل السياسي لإنهاء الكارثة السورية متمسكا بإطباقه على السلطة.

العربي الجديد

—————————–

انتخابات النظام السوري: الكثير من الكومبارس الموالين للأسد/ أمين العاصي

أكثر من 50 مرشحاً، جُلهم غير معروفين، تقدّموا بطلباتهم لخوض الانتخابات الرئاسية المحسومة النتائج التي يتجهز النظام السوري لإجرائها أواخر مايو/ أيار المقبل، وفق دستور وضعه في العام 2012، فُصّل على مقاس رئيس هذا النظام، بشار الأسد.

واستبقت الولايات المتحدة هذه الانتخابات بالتأكيد على لسان مندوبتها لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، الأربعاء الماضي، أن “ما تُسمى الانتخابات الرئاسية، التي يخطط نظام الأسد لإجرائها في 26 مايو/ أيار المقبل، لن تكون حرة ولا نزيهة، بل مزيفة ولا تمثل الشعب السوري”.

وأُغلق الأربعاء الماضي باب قبول طلبات الترشح لهذه الانتخابات. وبلغ عدد المتقدمين 51 مرشحاً، بينهم 7 نساء، في مشهد أثار سخرية السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً أن كل المرشحين يعلنون ولاءهم المطلق لبشار الأسد، ما يؤكد أن هذه الانتخابات فصل جديد من مسرحية سياسية عبثية بدأت في 1970 مع استيلاء حافظ الأسد على السلطة. وفي العام 2000 كان الفصل الثاني حين عُدّل الدستور خلال دقائق لتمرير استلام الأسد الابن السلطة، إذ لم يكن في حينه قد وصل للسن القانوني الذي نص عليه هذا الدستور الذي كان والده قد وضعه في 1973. ويتعيّن على كل مرشح للانتخابات أن ينال تأييد 35 عضواً على الأقل من أعضاء “مجلس الشعب” (البرلمان) البالغ عددهم 250، والذي يهيمن عليه حزب “البعث” الحاكم للبلاد منذ 1963. وأعلن وزير إعلام النظام عماد سارة، أمس الخميس، أن المحكمة الدستورية العليا، التي يُعيّن أعضاءها الأسد، ستبت خلال 12 يوماً بأسماء المرشحين النهائيين الذين نالوا تأييد “مجلس الشعب”، الذي يضم أعضاء، جلّهم يتبعون للنظام بشكل أو بآخر، ويزخر بـ”أمراء الحرب”، ومتزعمي المليشيات.

ورجحت مصادر مطلعة في دمشق، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن تكون الأجهزة الأمنية التابعة للنظام “قد وجّهت أعضاء مجلس الشعب لمنح تأييدهم إلى جانب بشار الأسد للمرشح عبد الله سلوم عبد الله لخوض الانتخابات”، مشيرة إلى أنه “لم يتم بعد حسم اسمي المرشحين الثالث والرابع”، موضحة أن عبد الله كان عضواً في “مجلس الشعب” في الدورة الماضية، وهو قيادي في حزب “الوحدويين الاشتراكيين” الذي يدور في فلك “البعث”. وتعد نتائج هذه الانتخابات، التي لا تعترف بها المعارضة السورية، محسومة لصالح بشار الأسد الذي يفقد السيطرة على نحو نصف مساحة البلاد، و”تحوّل إلى مجرد واجهة سياسية جوفاء للجانبين الروسي والإيراني”، وفق مصادر في المعارضة.

ورأى المحلل السياسي رضوان زيادة، في حديث مع “العربي الجديد”، أن أياً من المرشحين، باستثناء بشار الأسد، “لن يستطيع الحصول على توقيع 35 عضواً في مجلس الشعب”. وأضاف “برأيي ستطلب الأجهزة الأمنية من مرشح واحد أو اثنين البقاء، والحصول على دعم 35 عضواً، للإيحاء بأن هناك منافسة في الانتخابات، وإخراج المسرحية كما حدث في انتخابات عام 2014، حين نال بشار الأسد نسبة 88 في المائة في انتخابات شكلية”. وأشار إلى أن النظام يدرك أن السوريين يعرفون جيداً أبعاد هذه المسرحية “لكنه لا يكترث لأحد”، مضيفاً أن “ترداد الكذب ليس هدفه إقناع الخصم أحياناً، وإنما فقط التشويش على رواية الطرف الآخر. لكن كل هذا لن يغير أي شيء من انعدام مصداقية أو شرعية الانتخابات بشكل كامل”.

من جهته، توقع الصحافي أيمن عبد النور “ألا يحصل أي مرشح، باستثناء بشار الأسد، على النسبة المطلوبة من تأييد أعضاء مجلس الشعب”، مضيفاً، في حديث مع “العربي الجديد”: “ربما تمدد المحكمة الدستورية مدة تلقي طلبات ترشح جديدة”. وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية في النظام “دفعت بمرشحين من كل المكونات القومية والمذهبية باستثناء المسيحيين”، مضيفاً: يحاول النظام الإيحاء بأنه يمارس الديمقراطية.

ونظرة على أسماء المرشحين تظهر أن جلهم مغمور أو مجهول لدى غالبية السوريين، باستثناء البعض، ومنهم محمود مرعي، المعروف جيداً لدى الشارع السوري المعارض، إذ كان قد انضم إلى صفوف المعارضين للنظام، ثم خرج إلى العاصمة المصرية القاهرة في العام 2012، قبل أن يعود إلى سورية في 2014 ليؤسس مع آخرين ما سمّي بـ”هيئة العمل الوطني الديمقراطي”، التي انضمت إلى سلسلة من الأحزاب والهيئات التي شُكّلت من قبل أجهزة النظام الأمنية.

وتُقابل انتخابات النظام الرئاسية بسيل من التعليقات الساخرة على مواقع التواصل، وباتت مجال تندر على المرشحين الذين يعلنون الولاء لبشار الأسد، المنافس المفترض لهم في الانتخابات، في مشهد كاريكاتوري غير مألوف في العالم أجمع. وذكر أحد الكتّاب المقيمين في دمشق، طالباً عدم ذكر اسمه، لـ”العربي الجديد”، أن “جل السوريين في مناطق النظام غير مكترثين بالانتخابات”، مضيفاً: “هي آخر همهم، فالهم الأكبر هو الحصول على مستلزمات الحياة الضرورية. أي انتخابات في بلد ينهار فيه كل شيء؟”.

وحتى 14 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، سجّلت “المفوضية العليا لشؤون اللاجئين” التابعة للأمم المتحدة 5.570.382 لاجئاً سورياً، 3.626.734 منهم في تركيا، و879.529 في لبنان، و659.673 في الأردن، و242.704 في العراق، و130.085 في مصر، و31.657 في دول شمال أفريقيا (تونس، الجزائر، المغرب، ليبيا، السودان)، وذلك استناداً إلى الإحصائيات الرسمية والأعداد المسجلة لدى المفوضية فقط. ولا تشمل هذه الإحصائية اللاجئين في أوروبا، الذين يفوق عددهم المليون، إذ تستضيف ألمانيا بمفردها 600 ألف لاجئ سوري. ووفق إحصائيات غير رسمية، فإن نحو نصف السوريين مهاجرون في دول الجوار وفي بلدان عربية وأوروبية، بل هناك سوريون في أغلب دول العالم تقريباً، تركوا بلادهم نتيجة القمع والخوف والحرب التي بدأها النظام ضد السوريين في العام 2011 حتى أوصلت البلاد في عام 2021 إلى حواف التشظي. وفي داخل البلاد هناك ملايين النازحين من مدنهم وبلداتهم وقراهم، الواقعين تحت وطأة أزمات معيشية خانقة، إذ لا يكاد يعادل راتب الموظف في الدولة الـ15 دولاراً أميركياً، في ظل ارتفاع غير مسبوق بأسعار المواد الضرورية للحياة.

وباتت الجغرافيا السورية اليوم مقسمة إلى عدة مناطق، إذ يسيطر النظام نظرياً على نصف مساحة البلاد، ولكنه عملياً لا يملك سيطرة كاملة عليها. وتعد محافظة دير الزور، شرقي البلاد، منطقة نفوذ شبه مطلق للجانب الإيراني، بينما البادية السورية تعد منطقة نفوذ لتنظيم “داعش”. وتقع مدن كبرى تحت سيطرة النظام، منها العاصمة دمشق في الجنوب، وحلب كبرى مدن الشمال، وحمص وحماة في الوسط، واللاذقية وطرطوس على الساحل السوري، غربي البلاد. وهو له سلطة غير كاملة على مدينتي السويداء ودرعا، في جنوب البلاد، حيث يعم الاستياء والتذمر من الحالة الاقتصادية المزرية، لذا من المتوقع أن يتجنّب كثيرون صناديق الانتخاب التي ستوضع ضمن المربعات الأمنية.

في المقابل، تسيطر “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، على جل منطقة شرقي نهر الفرات التي تعادل نحو ثلث مساحة البلاد. ومن المتوقع ألا تسمح “الإدارة الذاتية”، ذات الطابع الكردي التي تدير هذه المنطقة، بإجراء انتخابات في المنطقة، إلا إذا توصلت لتفاهمات مع النظام تتضمن تنازلات من الأخير تتعلق ببعض الملفات السياسية والخدمية. وتسيطر فصائل معارضة مع “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً)، على مساحة كبيرة من الشمال السوري، ما يعني أن الأسد يجري انتخاباته في بلاد مجزأة، يعاني من بقي فيها من القهر والفقر والخوف، في ظل مؤشرات على أن هذه الانتخابات ستعمّق الشرخ بين السوريين، وربما تدفعهم إلى الخيارات المؤلمة.

————————

منافسو الأسد يُعلن عنهم خلال أيام..بانتظار توجيهات النظام

أعلنت المحكمة الدستورية العليا التابعة لنظام الأسد، أنها ستعلن أسماء الذين قُبلت طلبات ترشحهم لانتخابات الرئاسة في مناطق سيطرة النظام السوري خلال أيام، وذلك بعدما تسلمت اليوم الخميس صندوق التأييدات الخطية من مجلس الشعب التابع للنظام.

وقال رئيس المحكمة محمد جهاد اللحام إن المحكمة ستصدر الإعلان الأولي عن الأسماء ضمن المدة القانونية وهي خمسة أيام، بعد دراسة كل طلبات الترشح التي بلغت 51 طلباً، بينها 7 طلبات من سيدات.

وأضاف أن المحكمة ستدرس ملفات طلبات الترشح وتصدر قرارها بأسماء المرشحين الذين قررت المحكمة قبول ترشيحاتهم التي “استوفت الشروط الدستورية والقانونية المنصوص عليها في الدستور وقانون المحكمة الدستورية العليا وقانون الانتخابات العامة وتعديلاته وتعليماته التنفيذية”، بحسب وكالة أنباء النظام “سانا”.

يذكر أن الدستور السوري المقر عام 2014، اشترط على كل مرشح الحصول على أصوات 35 نائباً، لكي يُقبل ترشحه لانتخابات الرئاسة.

وكانت مصادر في مجلس الشعب أبلغت “المدن” في وقت سابق، بأنه تم توجيه نواب حزب البعث، الذين لم يصوتوا بسبب وجودهم خارج دمشق، إلى تأجيل تصويتهم، بعد أن وجد النظام نفسه في ورطة بسبب منح جميع المرشحين المستقلين تأييدهم للأسد، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى اقتصار المنافسة على مرشحين اثنين فقط، هما الأسد والوزير السابق عبدالله عبدالله.

والأخير هو أمين عام حزب “الوحدويين الاشتراكيين”، أحد أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية المتحالفة مع حزب البعث الحاكم، ويبلغ عدد نوابها في البرلمان 13، وسبق له ان شغل عضوية مجلس الشعب عام 2007، كما اختير وزيراً بدون حقيبة عام 2014، لكنه لم يترشح عن حزبه بل كمستقل، بعد أن أعلنت جميع أحزاب الجبهة تأييدها ترشح بشار الأسد.

وأبلغت المصادر “المدن”، أن أعضاء المجلس عن فئة المستقلين، والبالغ عددهم سبعين نائباً صوت 69 منهم لصالح الأسد، خشية إغضاب الأجهزة الامنية، خاصة وأن التصويت لاختيار المرشحين لم يكن سرياً، حيث تضمنت الورقة التي يتوجب على النائب ملؤها ثلاث خانات، الأولى مخصصة لوضع اسمه، والثانية لدائرته الانتخابية، بالإضافة إلى اسم المرشح الذي اختاره.

وحسب هذه المصادر، فإنه وعلى الرغم من عدم حصول توجيه مباشر من النظام للمستقلين لاختيار الأسد، إلا أن عدم توجيههم للتصويت إلى مرشح آخر محدد دفع الجميع إلى تجنب أي مساءلة يمكن أن يتعرضوا لها، الأمر الذي جعل قيادة حزب البعث تتواصل مع نواب الحزب وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية المقيمين خارج العاصمة وتطلب منهم تأجيل المشاركة في التصويت إلى حين تبلغهم بتوجيهات حول المرشحين الآخرين الذين يمكن أن يؤيدوا طلبات ترشحهم.

المدن

——————————-

روسيا تنتقد عدم الاعتراف بالانتخابات السورية وتقول إنها “شرعية ودستورية

انتقدت روسيا عدم اعتراف الدول بالانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في سوريا، معتبرة أن الانتخابات “متوافقة بالكامل مع الدستور والشرعية الدولية”.

وقالت الخارجية الروسية اليوم، الجمعة 30 من نيسان، “ننطلق من أن تنظيم الانتخابات الرئاسية في سوريا، يمثل شأنًا داخليًا لهذا البلد، ويتوافق بالكامل مع متطلبات الدستور الذي تم تبنيه عام 2012 والقوانين المحلية” بحسب قناة “روسيا اليوم“.

وبحسب البيان، لا تتناقض إجراءات الانتخابات، بأي شكل من الأشكال مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم “2254” وغيره من القرارات الدولية التي تعتمد على احترام سيادة سوريا”.

وأضافت الخارجية أن موسكو تتابع تحضيرات الانتخابات المقرر إجراؤها في 26 من أيار القادم، معتبرة عدم الاعتراف الدول بها، “جزءًا من حملة الضغط الممارسة ضد دمشق وشؤونها الداخلية”.

وتابعت، “لا يحق لأحد أن يحدد التوقيت والظروف الواجب تهيئتها للسوريين، لكي يختاروا رئيسهم”.

وتقام الانتخابات الرئاسية في سوريا خلال أيار المقبل، ووصل 51 طلب ترشيح إلى مجلس الشعب لمنافسة الأسد من أشخاص غير معروفين، أو ذوي دور بسيط في الحياة السياسية والمدنية في سوريا.

ولم يحدد بعد من سينافس بشار الأسد خلالها، الأمر الذي يتوقف على تصويت أعضاء مجلس الشعب الذي يتألف بمعطمه من أعضاء في “حزب البعث” الحاكم، فيما يحصل الأسد في كل الانتخابات على الأغلبية الساحقة من الأصوات.

ومنذ بداية العام الحالي، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي عدم اعترافهما بإقامة انتخابات رئاسية في سوريا، وتوعدا النظام بالمحاسبة على ارتكابه انتهاكات لحقوق الإنسان.

وقال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيب بوريل، في مقابلة إلكترونية مع عنب بلدي، “إذا كنا نريد انتخابات تسهم في تسوية الصراع، يجب أن تعقد وفقًا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (2254)، تحت إشراف الأمم المتحدة، وتسعى إلى تلبية أعلى المعايير الدولية”.

وأكد بوريل أنه “لا يمكن لانتخابات النظام في وقت لاحق من العام الحالي أن تفي بهذه المعايير، وبالتالي لا يمكن أن تؤدي إلى تطبيع دولي مع دمشق”.

كما حذرت الولايات المتحدة، في آذار الماضي، الأسد من أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لن تعترف بنتيجة الانتخابات الرئاسية ما لم يكن التصويت حرًا ونزيهًا وتحت إشراف الأمم المتحدة وممثلًا للمجتمع السوري بأكمله.

ولم تعترف تركيا بالانتخابات الرئاسية السورية، وتعتبرها “فاقدة للشرعية”، لاعتقادها بأن إجراء أي انتخابات في سوريا، يجب أن يكون مقترنًا بوجوب التوصل إلى حل سياسي حتى تكتسب صفة الشرعية.

وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في 20 من نيسان الحالي، “لا شرعية للانتخابات التي ينظمها النظام وحده في سوريا، ولا أحد يعترف بها”.

وأكد جاويش أوغلو أن أنقرة لن تعترف بهذه الانتخابات، مضيفًا، “دعم انتخابات غير شرعية يتعارض مع مبادئنا”.

———————

ماذا بعد انتخاب الأسد؟/ عبد الوهاب أحمد

ربما كانت الانتخابات الرئاسية التي سيجريها بشار الأسد في شهر أيار المقبل إحدى الرهانات التي عوّلت عليها الدول الداعمة للحل السياسي للأزمة السورية وفق مسار جنيف، لإلزام بشار الأسد على تطبيق القرار الدولي ٢٢٥٤، وحثّه لعدم إضاعة المزيد من الوقت في ظل انهيار شبه تام للأوضاع الإنسانيّة والمعيشية التي تعيشها البلاد. انتخاب الأسد

إلا أن تحديد موعد الانتخابات وإعادة بشار الأسد لترشحه لولاية رابعة، تنذر بأن روسيا، حليفة النظام السوري، ما زالت بعيدة عن الالتزام بالحلّ السياسي وفق مسار جنيف، وعجزت عن إقناع المجموعة الدولية المصغرة الداعمة لمسار جنيف للاعتراف بشرعية هذه الانتخابات. وفي الوقت ذاته، تأكيد فشل هذه الدول في ثني موسكو عن إجراء الانتخابات، أو تأجيلها ريثما يتم التوصل لتوافقات دولية من شأنها دعم العملية السياسية، أو توفّر مناخات أفضل لبدء العملية التفاوضية، والدخول في مناقشات جديّة حول الدستور السوري.

الإصرار والتحدي الروسي للأسرة الدولية، يوقد لهيب الأزمة من جديد، ويبعث في الأسد ونظامه روح الانتصار على إرادة الشعب السوري المطالب بتغييره، فليس الاعتراف الدولي بانتخاباته، أو عدم تصويت نصف سكان سوريا، من المهجرين والنازحين، إلا ترفٌ ديمقراطي لا حاجة له في بلد يخوض حرباً منذ عقد، ولن يُغيّر من النتيجة على الأرض، لطالما لا توجد نيّة روسية لاستبداله، أو تُقدمْ على الغدر به بعد عشر سنوات من الأزمة.

أمام هذا المشهد السياسي الذي تحاول روسيا رسم ملامحه لسبع سنوات قادمة، باتت الإدارة الأمريكية، وأكثر من أي وقت مضى، أمام تحدٍّ للإعلان، إما عن الاستمرار في توكيل إدارة الأزمة لروسيا وتركيا، أو تُقنع الشعب السوري والمعارضة والدول الحليفة بعزمها على لعب دورها الحيوي والمؤثر في ضبط مسار حل الأزمة، من خلال “مشروعها” الذي طال انتظاره في سوريا والمنطقة.

لم تعلن الإدارة الأمريكية الجديدة، وبعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر على أداء الرئيس، جو بايدن للقسم، عن سياساتها الخارجية في سوريا والعراق، إلا أنّ موعد الإعلان هذا بات وشيكاً وفق تقاليد الحكم الأمريكية.

قُبيل وضوح الرؤية الأمريكية وعلى الأرض، في أقصى الشمال والشرق السوري، لم يهدأ سفيرها الخاص، ديفيد براونشتاين منذ توليه لمهامه، في تهيئة المناخات الإيجابية بين مكونات المنطقة وقواها السياسية والمجتمعية والإثنية، ولم تهدأ الدوريات الأمريكية في مراقبة التحركات العسكرية في مناطق التوتر المختلفة بين القوى المتصارعة المحلية والدولية هناك، ورسالة الطمأنة “البقاء هنا إلى أجل غير مسمى”، بعد أن فقدت الأمل في التوصل إلى تسوية سياسية شاملة في سوريا، على المدى المنظور، مقابل التحدي الروسي في إعادة تأهيل الأسد رغم كل الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها طوال العشر سنوات الماضية، وصلت لسكان المنطقة وقواه السياسية والمجتمعية الذين غدروا سابقاً من قبل الرئيس السابق، دونالد ترامب، عندما وجدوا أنفسهم وحيدين أمام همجية القوات التركية والمليشيات السورية التابعة لها أثناء احتلالهم لمدن رأس العين (سري كانيه) وتل أبيض (كري سبي).

من نافل القول: إن الإدارة الأمريكية الجديدة لن تترك سوريا كلها لروسيا وحلفاء الأسد الإيرانيين، كما أنها لا تستطيع تجاهل مدى تأثير موسكو في اتخاذ القرارات المصيرية عن الأسد ونظامه، ومن هنا، بات الخيار الأمريكي في إقامة “إقليم آمن” يضم كافة مكونات شمال شرق سوريا، هو الأقرب إلى التوقع والتنفيذ المرن خلال الفترة القادمة، مقابل دفع روسيا للأسد بالمضي نحو تجاهل كل النداءات الدولية والابتعاد عن الحلول التي تنقذ الشعب السوري من محنته.

بدون شك، لا يخفى على واشنطن وحلفائها الأوربيين حجم الضغوطات التي تمارسها روسيا وإيران والنظام مؤخراً، على حزب الاتحاد الديموقراطي، من أجل وضع صناديق الانتخابات في مناطق سيطرتها، وذلك لاعتبارين: الأول، توسيع دائرة الشرعية الانتخابية للأسد على عموم الجغرافيا السورية، باستثناء المناطق التي تسيطر عليها الفصائل العسكرية السورية في إدلب ومنطقة درع الفرات، وفي عفرين ورأس العين وتل أبيض، بعد أن خسر حوالي ٣٥٪ من مساحة سوريا، والتي يعيش فيها قرابة خمسة ملايين نسمة. والاعتبار الثاني، هو توجيه رسالة لأمريكا والغرب أن روسيا ما زال لها الدور الأهم في إدارة الأزمة السورية، وتملك من الأوراق ما يكفي للتأثير على الكرد حلفاء أمريكا، حيث برز ذلك جلياً في دفع تركيا نحو تصعيد هجماتها العسكرية في عين عيسى تزامناً مع التهديد الروسي بالانسحاب من المنطقة من أجل إرغام الحزب إلى تسليم عين عيسى إلى قوات الأسد تفادياً لأي معركة مفتوحة خاسرة مع القوات التركية والمليشيات السورية، كما ولجأت قبل أيام للقيام بدور الوساطة بين قوات الأمن الداخلي (الأسايش) التابعة للإدارة الذاتية وميليشيات الدفاع الوطني المحسوبة على عضو مجلس الشعب السوري، محمد الفارس، بعد نشوب قتال بينهم في حي الطي بقامشلو، أجبر الأخير، وبطلب روسي، على الخروج من الحي  لتحل محلها  قوات الأمن الداخلي للنظام السوري، بحسب الاتفاق الروسي – قسد.

أعتقد سلوك موسكو في التأكيد على مقارباتها للحلول المجتزأة لصالح النظام، وآخرها إجراء الانتخابات الرئاسية، سيدفع بواشنطن نحو سعيها الذي انطلق منذ قرابة العام في خلق بيئة آمنة في شمال وشرق سوريا لإقامة إدارة حكم أكثر تشاركية تضم كافة مكونات المنطقة، من الكرد والعرب والسريان والكلدو آشوريين، وتخرج بها حزب الاتحاد الديموقراطي من دائرة الابتزاز الروسي – التركي – النظام، ويقرأ هذا السعي الأمريكي الجاد في تكثيف السفير الأمريكي، دافيد براونشتاين، للقاءاته مع قادة قطبي الجانب الكردي (المجلس الوطني الكردي وأحزاب الوحدة الوطنية)، بغية تذليل العقبات التي اعترضت سير تقدّم المفاوضات المتوقفة منذ ما يقارب الثلاثة أشهر الماضية، وقيامه بزيارة إلى إقليم كردستان العراق ولقائه بقيادات الإقليم ومسؤولين في الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، و”معلومات” غير مؤكدة عن لقائه بقيادات من حزب العمال الكردستاني، لما يعتقد لهذه الأطراف من أثر ودور فعّال على الوضع الكردي الداخلي في سوريا، بهدف تسريع وتيرة الوصول إلى اتفاق سياسي شامل بين الطرفين الكرديين السوريين، ينطلق منها إلى حوار شامل مع باقي المكونات، والإعلان عن إدارة ذاتية أكثر تشاركية تعبّر عن كافة أطياف المجتمع في شمال وشرق سوريا، لا تكون لها أي صبغة قومية أو دينية، وتبدّد الكثير من الهواجس لدى حلفاء واشنطن، مثل تركيا والمعارضة وبعض الدول العربية والغرب، إلى جانب تحجيم مساعي روسيا وإيران والنظام في العبث بأمن واستقرار منطقة شرق الفرات.

ليفانت

—————————–

انتخابات الأسد الديمقراطية ” والرئيس واحد … المرشحة المغيبة/ أمير سعادة

بعيداً عن السخرية وعن كل النكات التي أُطلقت مؤخراً بحق المرشحين لانتخابات الرئاسة السورية، علينا التوقف عند حالة واحدة فقط وهي المحامية الشابة فاتن النهار.

انتخابات

وحدها النهار بين كل “المرشحين” كلّفت خاطرها بوضع برنامج انتخابي، فيه وعد بتقليص نفوذ حزب البعث على مفاصل الدولة السورية، بما في ذلك السلطة القضائية.

لا نعرف إن كانت فاتن النهار هي من صاغ هذا البيان، أما أن أحداً تولّى ذلك نيابة عنها. ولا نعرف إن كانت قد قدّمت ترشحها عن طيب خاطر وسذاجة سياسية، أم أن أحداً طلب منها الترشح مع وعدها بمكافأة سياسية على غرار تلك التي حصل عليها حسان النوري قبل سنوات، عند تعينه وزيراً كجائزة ترضية على “خسارته” المعركة الانتخابية. السلطة قبلت أوراق ترشيحها وروّجت له لكي تقول للعالم إن المرأة السورية تتمتع بكافة حقوقها السياسية، وأن هذه الانتخابات تستوفي شروط كل “الجندرة” الأممية. ولو افترضنا حسن النوايا عند المرشحة فاتن النهار، سنقول إنها قدمت أوراقها لكي تُسجّل موقف لصالح المرأة السورية. ولو صح ذلك، فهو لا يختلف كثيراً عن إصرار نائب دمشق المستقل مأمون الحمصي ترشيح نفسه لرئاسة مجلس الشعب في نهاية التسعينيات، علماً أنه لم يكن بعثياً ولكن أراد تثبيت موقف للتاريخ، لا أكثر.

بالقانون لا يحق لفاتن النهار أو أي سيدة سورية التقدم لانتخابات رئاسة الجمهورية، حتى لو كانت حرة ونزيهة ومراقبة دولياً. ففي ذلك خرق واضح للدستور السوري الذي ينص على ذكورية منصب الرئاسة، تماماً مثل أسملته عبر المادة الثالثة. ففي المادة 83 مثلاً يقول النص: “يُمارس رئيس الجمهورية ومجلـس الـوزراء السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب،” وهي عبارة واضحة. وفي المادة التي تليها شروط الترشح للمنصب، “أن يكون متمماً الأربعين عاماً من عمره” وليس “من عُمرِها.” وأن يكون “متمتعاً بالجنسية السورية” وليس أن تكون متمتعة بالخمسية السورية. ولكن هذا النص المتخلّف عمره 100 عام، وهو منسوخ بأشكال مختلفة عن أول دستور عرفته البلاد السورية سنة 1920، أي دستور الملك فيصل. يومها كان الكلام عن الملك الرجل وهو اليوم عن الرئيس الرجل. افترض النص أن وصول رجل متهوّر إلى المنصب أفضل من وصول سيدة متزنة، ووصول رجل مسلم متزمت، أفضل من وصول “نصراني” منفتح.

أما حان الوقت لوصول المرأة السورية إلى هذا المقام وتعديل الدستور لضمان هذه المساواة؟ ألا يشعر أعضاء اللجنة الدستورية بالخجل عندما يعلمون أن حقوق المرأة كانت موجودة على طاولة مشرّعي دستور عام 1920؟ تم مناقشة حقوق المرأة يومها بعد وصول معروض موقع من سيدات سورية إلى رئيس اللجنة الدستورية في حينها الرحوم هاشم الأتاسي. كان الأتاسي محافظاً بسلوكه وتربيته الدينية وهو ابن مفتي وحفيد مفتي، ولكنه أثنى على طلب السيدات ودعمه. كما وقف معه عدداً من النواب الشباب يومها منهم نائب صيدا رياض الصلح ونائب حلب سعد الله الجابري. يومها لم تكن الكثير من الدول، الأقوى والأقدر والأكثر تطوراً من الدولة السورية، يسمحن لنسائهم بالتصويت. في أمريكا مثلاً، كانت بعض الولايات تجيز بذلك، مثل ولاية نيو يورك، ولكن حق الانتخاب لم يصبح قانوناً فيدرالياً سارياً على جميع الولايات حتى تعديل الدستور الأميركي في آب أغسطس 1920، أي بعد أربعة أشهر من طرح الموضوع في دمشق. خلال الحرب العالمية الأولى، أعطت بعض الدول الأجنبية هذا الحق لنسائها، مثل الاتحاد السوفييتي وألمانيا والنمسا والسويد، ولكنه حُصر في بريطانيا بمن تجاوزن الثلاثين من عمرهن. وفي بلجيكا، كان هذا الحق مُشرعاً فقط في الانتخابات البلدية وليس النيابية. كان المطلب السوري سباقاً عالمياً، قبل أن تأخذ المرأة حقوقها الانتخابية في دول مثل تركيا وإسبانيا وإيطاليا أو حتى فرنسا التي لن تنمحه حتى عام 1945 أو سويسرا، التي لم تعطهِ لنسائها حتى عام 1971.

عارضت نساء سورية سنة 1920 المادة 79 من الدستور التي حصرت حق الانتخاب بالذكور المتجاوزين سن الخامسة والعشرين، غير المحكومين، ممن يجيدون القراءة والكتابة. أول من أيّد اعطاءهن حق الانتخاب كان نائب جبل لبنان الشيخ إبراهيم الخطيب، الذي وصفه بالمطلب المُحق. اقترح على المجلس أن يتم حصر التصويت بالسوريات الحائزات على شهادة ثانوية فقط، ليكون ذلك مُحفزاً على تعليم شريجة أوسع من النساء. أثنى سعد الله الجابري على هذا الكلام وتبناه نائب غزة الشيخ سعيد مراد، أستاذ مادة الأحكام الشرعية في معهد الحقوق. كما أيدهن الزعيم الفلسطيني محمد عزة دروزة، سكرتير المجلس، الذي طالب بتحرير المرأة من كل القيود، “ومنها الحجاب،” قائلاً إنه “عادة مُبتدعة لا يجوز أن نحملها على التقاليد الدينية.” تكلم الشيخ مراد مجدداً وقال:

الشريعة الإسلامية سجّلت للمرأة حقاً لا يقل عن حق الرجال، وأنها جعلتها في فطنة حاكمة ومجتهدة وعالمة ومحدثة. الشريعة التي تجعل المرأة هكذا لا يمكن أن يقال إنها تمنع المرأة من الاشتراك في بعض المصالح العامة. أنا لا أنكر أن الحجاب عادة مبتدعة منذ قرون، ولا يجوز أن نحمله على التقاليد الدينية. لا أجد مجالاً للوهم من إعطاء حق الانتخاب للمرأة التي درست في المدارس. فالرجل الذي لا يرى بأساً في أن يكرس من حياة ابنته 12 سنة للمدارس لا أظنه يرى بأساً بأن تنتخب.

غضب نائب حماة عبد القادر الكيلاني، أحد أعضاء اللجنة الدستورية، من هذا الطرح ومن تحويل النقاش من قضية الانتخاب “الجوهرية” إلى قضية الحجاب “الثانوية.” سأل إن كان يقبل أعضاء المجلس أن تتمادى المرأة بمطالبها لو حصلت على حق الانتخاب، وتطالب بعدها بأن تُعيّن مبعوثة (سفيرة)، قائلاً: “إن الأوروبيين قد ساروا في حلبة التمدن 300 سنة، فعاداتهم وتقاليدهم لا تمنع المرأة من الاشتراك معهم في كل شيء، ومع ذلك، أروني دولة من دول أوروبا أعطت الإناث هذا الحق!” أشار أحد النواب إلى بريطانيا، فقال الكيلاني: “نساؤنا غير متعلمات بنسبة 99 بالمئة، فاذا أردتم رقي النساء كما تدعون فافتحوا لهن مدارس وعلموهن.” ثم أكمل قائلاً: “أنا أرى أن وجود المرأة ناخبة أو منتخبة أو مبعوثة، مع هذا الجهل وفساد الأخلاق، مضر لا نافع.”

تتالى النواب الرد عليه، وكان أعنفهم عادل زعيتر نائب نابلس الذي قال أن اعطاء المرأة حقوقها السياسية “لا يمتزج مع روح الأمة.” ثم جاءت مداخلة الشيخ أحمد القضماني، نائب دمشق، الذي تحدث بغضب قائلاً: “الله خلقها بنصف عقل ونصف ميراث!” صاح أحد النواب (لم يذكر اسمه بالمحاضر): “…ونصف لسان!” نهض نائب اللاذقية صبحي الطويل ورد بالقول: “المرأة ليست مكلّفة برفع الحجاب. إن أكبر حجة يوردها المعارضون في قولهم أن لا فائدة في انتخاب المرأة لأنها لا تعرف الرجل الذي تنتخبه، فأقول أن هذا الانتخاب لو لم يفد إلا إثبات حق المرأة، لكفى!”

أجابه القضماني: “من أين أتيت بهذا الحق، ومن أي شريعة؟”

فرد الطويل: “إن امرأة متعلمة واحدة خير من ألف رجل جاهل!”

نظر إليه القضماني وقال: “نحن في الشّام لا نريد ذلك، فافعله أنت في اللاذقية!”

نهض رياض الصلح طالباً الكلام من رئيس المجلس، موجهاً حديثة للنائب القضماني: “إذا كانت مقاهي الشّام لا تقبل فالمقاطعات الباقية تقبله بكل سرور!”

استمر الهرج والمرج حتى انسحاب ست نواب اعتراضاً على قضية المرأة، مما أفقد الجلسة نصابها القانوني. وفي المحصلة علّق الأمر كليّاً بسبب انهيار العهد الفيصلي إبان معركة ميسلون الشهيرة في 24 تموز 1920، دون البت في قضية المرأة. أيعقل أن يكون هذا الموضوع ما زال عالقاً حتى اليوم، بعد مرور قرن كامل على هذا النقاش؟

بعيداً عن فاتن النهار وانتخابات اليوم، حان الوقت لفتح الرئاسة أمام النساء والمسيحيين معاً، وعندها فقط تكون سورية قد مضت فعلاً نحو مستقبل أفضل وأكثر عدالة ورقي.

ماجستير في التاريخ العربي المعاصر

الناس نيوز

————————

ذا هيل: سوريا وراء تصاعد النفوذ الروسي على الساحة الدولية/ رائد صالحة

واشنطن- “القدس العربي”: تهيئ روسيا نفسها لكسب المزيد من النفوذ مع انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، بينما تفكر واشنطن في إعادة الدخول في الاتفاق النووي مع إيران، وفي نفس الوقت، تنقل وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بين الهند وباكستان وإيران، ليجد الكثير من الترحيب والضيافة، كما أدت التوترات مع أوكرانيا إلى نشر عشرات الآلاف من القوات، ومن ثم سحبها في خطوة وصفتها موسكو بأنها مجرد “مناورة”.

كيف أصبحت روسيا حكماً في القضايا الدولية من أفغانستان إلى إيران؟ وكيف تفوقت على الولايات المتحدة في السياسة المتعلقة بالشرق الأوسط، بينما تتخبط إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن؟ يجيب سيث ج. فرانتزمان، المدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط للتقارير والتحليلات، في مقال نشره موقع “ذا هيل” القريب من الكونغرس أن الترحيب الكبير بزيارة وزير الخارجية الروسي في جزء كبير من العالم هو انعكاس لتزايد نفوذ روسيا ، مؤكداً أن السبب الأول في تصاعد قوة موسكو على الساحة الدولية كان تدخلها في سوريا بالمقام الأول.

وأشار فرانتزمان إلى أن استعراض روسيا للقوة على حدود أوكرانيا، حيث تحتل شبه جزيرة القرم ومناطق انفصالية في شرق البلاد، هو بالضبط الدور الذي تريده روسيا، فهي تريد أن تظهر أن مجرد تدريب عسكري يمكن أن يتسبب في اندفاع حلف الناتو والولايات المتحدة والقوى الأوروبية في دوائر لمحاولة درء غزو روسي، وهذا يتناقض بشكل صارخ مع التساؤلات السابقة حول مدى جودة أداء روسيا ضد حركة المعارضة في الشيشان .

وبالنسبة لموسكو، كما يضيف فرانتزمان، فقد كانت سوريا هي نقطة التحول، فهي لم تكن جزءاً من الاتحاد السوفيتي التاريخي، ولكن الحرب هناك هددت نظام بشار الأسد، الحليف الرئيسي في المنطقة للروس، وطريق موسكو إلى ميناء طرطوس، وبعد تدخل موسكو في الحرب الدموية بسوريا، صعدت روسيا إلى المسرح الدولي.

وبحسب ما ورد، فقد اشتبكت موسكو مع أوكرانيا في عام 2015 وأرسلت المرتزقة إلى ليبيا ووسط أفريقيا، وقامت بالتدخل في الانتخابات الأمريكية الرئاسية في عام 2016، ووصلت الأمور إلى حد إجراء محادثات مع الولايات المتحدة حول وقف لاطلاق النار في جنوب سوريا والعمل مع إيران وتركيا للتوسط في اتفاق لتفادي التضاربات في الساحة السورية كما استضافت محادثات لحل الصراع السوري.

وهكذا استخدمت روسيا الصراع السوري لترك بصماتها على المستوى الدولي، ومن الواضح أنها تعمل الآن مع إيران وتركيا والصين لتحدي الولايات المتحدة، وفقا للكاتب، كما أنها تتحدى أوروبا ودول أخرى.

وأضاف الباحث أن الزيادة السريعة في النفوذ الروسي أدت إلى المزيد من المبادرات المرافقة مثل مبيعات الأسلحة إلى تركيا.

وكان الصراع في سوريا تحولاً بالنسبة لموسكو، حيث لم تساعد موسكو على عدم إسقاط رئيس النظام بشار الأسد فحسب، بل أصبحت وسيطاً للسلطة في سوريا، وعملت مع تركيا وإيران، ونجحت روسيا في تهميش الولايات المتحدة، وهنالك توقعات بأن تتدخل روسيا في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي.

———————-

خماسية تحسّن الليرة السورية/ عدنان عبد الرزاق

ربما من الغرابة أن يتحسن سعر صرف الليرة السورية بأكثر من 28% خلال شهر، من دون أن يطرأ على الاقتصاد أي تغيير، إن على صعيد الإنتاج والصادرات أو السياحة أو حتى قروض خارجية، وهذه المصادر عادة ما ترفد الأسواق الداخلية بالقطع الأجنبي، فيتوازن العرض والطلب فيتحسن سعر العملة.

بل ربما على العكس، زادت خلال هذا الشهر الواردات عموماً وبمقدمتها النفط الخام من إيران والقمح من روسيا، أكبر السلع استنزافاً للقطع الأجنبي، بعد أن تحولت سورية من بلد مصدر لأكثر من 150 ألف برميل إلى بلد مستورد لأكثر من 200 ألف يومياً، ومن بلد ينتج أكثر من 3.5 ملايين طن من القمح، إلى بلد مستورد بعد أن تراجع الإنتاج إلى نحو 1.5 مليون طن سنوياً.

ما يعني اقتصادياً مزيداً من استنزاف الدولار على الواردات مع عجز متواصل بالتصدير، دفع نظام الأسد لتصدير غذاء السوريين إلى شركائه في الحرب، علّ الميزان التجاري يتوازن قليلاً ويحصّل بعض الدولارات من صادرات الخضر والفواكه والخراف.

وذلك فضلاً عن تشدد الولايات المتحدة وأوروبا، بالعقوبات والتشديد في الحصار على سورية خلال الفترة الماضية، فماذا حدث حتى تنفست الليرة الصعداء في وقت زادت خلاله النبوءات بالانهيار؟

ربما من الضرورة الإشارة إلى أن تحسن سعر صرف الليرة السورية لا يعني أنها باتت منافسة، بالتداول والطلب، لوحدة السحب الخاصة “العملات الرئيسية الأربع” بل ما زالت في الحضيض ويزيد سعر صرف الدولار اليوم عن 3100 ليرة، لكن التحسن المقصود بالنظر والقياس إلى ما كانت عليه العملة السورية الشهر الماضي، وقت تعدى سعر صرف الدولار 4500 ليرة سورية.

تأتي الحوالات الخارجية ربما في مقدمة الأسباب التي ساهمت في تحسن سعر الليرة السورية، خاصة بعد أن رفع المصرف المركزي سعر الحوالات 100% لتصل إلى 2512 ليرة سورية، وهو سعر ليس ببعيد عن سعر السوق ويختلف عن سعر الابتزاز السابق 1256 ليرة للدولار.

بل ولأن شهر رمضان يحفل بتحويل السوريين المغتربين، وحتى الجمعيات والمنظمات الإنسانية، سمح نظام بشار الأسد، رغم مرسوم تجريم التعامل بغير الليرة، لبعض شركات الصرافة، بتسليم الحوالات بأي عملة يختارها التجار والصناعيون المحوّل إليهم. فارتفعت الحوالات إلى نحو 7 ملايين دولار يومياً، ما ساعد في تخفيف الطلب والتوازن النسبي بالسوق.

وجاءت خطوة أكبر شركتي صرافة بسورية؛ بيع آجل للدولار للتجار والصناعيين في 11 إبريل/ نيسان الجاري، سبباً ثانياً مهماً، سواء بالطمأنة أنّ الليرة لن تهوي أكثر وأن لدى النظام قطعاً أجنبياً، فكانت عمليات البيع للشريحة الأولى من 1 إلى 10 رمضان بسعر 3250 للدولار الواحد، وللشريحة الثانية من 11 إلى 20 رمضان بسعر 3100 للدولار الواحد، على أن تكون الشريحة الثالثة من 21 إلى 30 رمضان بسعر 2900 للدولار الواحد، شريطة أن يتم تثبيت الشراء الآجل وتسديد المبلغ كاملًا بشكل نقدي بالليرة السورية للفترات الثلاث من 1 إلى 5 من رمضان.

أما الخطوة الثالثة، فكانت برفع سعر دولار الإتاوة، لكل سوري يريد العودة لبلده، من 1256 إلى 2500 ليرة، وذلك بالتوازي مع زيارات بعض المغتربين إلى سورية والتضييق اللبناني على السوريين، فساهمت عائدات الحدود بمزيد من رفد الخزينة بالقطع الأجنبي.

ومن خماسية أسباب تحسن سعر الليرة أيضاً ما جاء من عائدات بدل الخدمة الإلزامية، إذ رفع المصرف المركزي سعر بدل الخدمة البالغ ثلاثة آلاف دولار من 1256 إلى 2550 ليرة للدولار الواحد، ولأن نظام الأسد هدد الشهر الماضي بالحجز على أموال المتخلفين عن السداد وذويهم، كان دولار بدل الخدمة رافداً أساساً لخزينة الأسد.

وأما السبب الأخير الذي قلما ركّز عليه الإعلام أو تطرق إليه نظام بشار الأسد، فهو الدعم الدولاري المباشر، سواء من دولة الإمارات أو من روسيا الاتحادية، وذلك لتمرير فترة الانتخابات الرئاسية ونسب تحسن سعر الصرف إلى بشار الأسد المرشح لفترة وراثية رابعة.

نهاية القول: بالنظر إلى الأسباب السابقة، أو حتى ما يمكن إضافته، سواء منع استيراد ما رآه نظام الأسد كماليات أو حتى رهن قطاعات جديدة لطهران وموسكو واستلام الثمن مقدماً، هل يمكن أن تستمر الليرة السورية بالتعافي، ليس لتعود إلى ما كانت عليه عام 2011، وقت كان سعر الدولار 50 ليرة، بل إلى مطلع العام الماضي وقت لم يزد الدولار عن 900 ليرة؟

أغلب الظن أن تلك الأسباب الآنية والطارئة، ستغيب بعد حملة بشار الأسد الرئاسية، التي سيتاجر خلالها بسعر الصرف ومكافحة الفساد وانتصاره على “المؤامرة الكونية”، لتعود الليرة للتهاوي بواقع غياب كل محددات استقرار العملة وقوتها.

ولكن التراجع لن يكون إلى عتبة 4 أو 5 آلاف ليرة للدولار كما وصلت الشهر الماضي، بل لن يكون للعملة السورية قاع تصل إليه بواقع اقتصاد مهدّم وبدء المحتلين باقتسام كعكة الخراب واستلام مكافأة استمرار الوريث على كرسي أبيه.

العربي الجديد

———————-

مهرجان الهوب هوب الديمقراطي/ رشا عمران

يعرف السوريون، من هم من جيلي والأجيال السابقة، باصات “الهوب هوب”، تلك الباصات التي كانت جميعها تقريبا ماركة “سكانيا”. هيكلها الخارجي مدهون بألوان عديدة بخطوط مستقيمة أفقية شبه متداخلة، بحيث لا يمكن لأحد تمييز لون عن الآخر. يتميّز محرّكها بصوت عال جدا، يطلق تنفيسةً ضخمة حين يتوقف. أما من الداخل فيجب أن تكون مزينة بأشكالٍ مصنوعةٍ من الخرز الملون الصغير، شبيهة بتلك القطع التزيينية التي كان يصنعها السجناء مدة سجنهم، كي يكفّوا عن عدّ الليالي والسنين الباقية لهم، تلك الأشكال التي كانت تزيّن باصات “الهوب هوب” في المقدمة، حيث يجلس السائق ومعاونه. كانت أيضا ذات ألوان متداخلة، بحيث لا يتبقى منها في ذاكرة أحد سوى ظلال من زحمة لونية غريبة.

أما تسمية “الهوب هوب” فقد أتت من أن تلك الحافلات لا تلتزم بموقفٍ معين، يمكن أن تقف في الكيلومتر الواحد عشر مرات، لينزل منها راكبٌ، أو ليصعد آخر. وكلمة هوب هوب أظنها أتت من مفردة “hop” الإنكليزية، والتي تعني القفز، حيث كان الركاب يقفزون من الحافلة هبوطا ويقفزون صعودا، إذ لا تتوقف الحافلة بشكل كامل، بل تبطئ سرعتها عندما يرغب راكبٌ بالنزول أو الصعود، فيضطر للقفز سريعا قبل أن يزيد السائق سرعته. وبما أنها كانت مخصّصة للسفر بين المحافظات، فقد كانت مدة السفر فيها تعني قضاء وقتٍ طويلٍ على الطريق، يعاني المسافر خلاله من ضجيج المحرّك والازدحام الكثيف داخل الحافلة، ومن الأصوات المرتفعة المنبعثة من شريط الأغاني (الكاسيت) الذي كان تسلية السائق الوحيدة. وغالبا ما كان مزاج سائقي الحافلات هو مزاج الأغاني الشعبية، حيث صوت الطبلة هو الغالب تلك الفترة، والذي كان يسمع بتحزيق ناتج عن تلفٍ في الشريط، أو في آلة التسجيل نتيجة الاستخدام المتكرّر. كانت الأصوات داخل الحافلة كلها أيضا خليطا لا يبقى منه سوى ذلك الصفير الذي لا تتخلّص الأذن منه بسهولة، حتى بعد مغادرة الحافلة بزمن. وطبعا لم تكن أجهزة التكييف قد ظهرت بعد، ففي الصيف كانت تختلط روائح عرق أجساد الركاب نتيجة الحر الشديد. وفي الشتاء كان من الطبيعي أن تجد الجالسين على المقعد يلتحفون بغطاء سميك واحد، حتى لو كانوا لا يعرفون بعضهم بعضا.

كانت حافلات “الهوب هوب” تلك وسيلة النقل الوحيدة لأصحاب الدخل المحدود والعساكر وطلاب الجامعات والمضطرين للسفر بين المحافظات لأسباب مختلفة ممن لا يملكون سيارات خاصة (امتلاك سيارة خاصة كان حتى وقت قريب ترفا كبيرا للسوريين). لهذا كان السائق ومعاونه يتصرّفان كما لو أنهما زعيم ونائبه، يمكن لأيهما أن يصرخ في وجه راكبٍ ما أو يشتمه لأتفه سبب. ولم يكن أحد من الرّكاب يتجرأ على الرد، وإلا سوف يُحرم من الوصول إلى مقصده في الوقت المحدّد. كانت مهمة الركاب إظهار الود الدائم للسائق ومعاونه، كي ينالوا الرضى من صاحب الزمان، أو سائق الحافلة الذي غالبا يكون عاملا لدى المالك الأصلي للحافلة، المالك الذي غالبا ما يهين السائق ومعاونه بطريقة إهانتهما الركاب نفسها. تعرفون جميعا تلك التراتبية في أمر كهذا، حيث الحاجة تولّد الذل.

يذكّر بباصات “الهوب هوب” تلك، بكل ضجيجها وبهرجتها اللونية والتزيينية ووقاحة سائقيها وسلوك ركابها، ورائحة المازوت القاتلة المنبعثة منها، وميلانها المخيف بسبب الوزن الزائد لحمولتها، واستثنائها بصفتها الوسيلة الوحيدة المتاحة للعامة، “المهرجان الديمقراطي الرئاسي” الذي يعقد هذه الأيام في سورية الأسد. سورية ليست سوى باص “هوب هوب”، يقوده سائق أرعن ووقح ومعاونون لا يقلون عنه وقاحة. والركاب هم المرشّحون الذين قد يصلون إلى المائة مرشّح، في سابقةٍ لم تحصل في أعتى معاقل الديمقراطية في العالم، هؤلاء المرشّحون الذين يتودّدون للسائق لنيل رضاه، وهو يسخر منهم ويتسلى برؤيتهم يرضخون لتنفيذ رغبته في ادّعاء نيتهم قيادة باص “الهوب هوب”، وهو يعرف أن مالك الباص الأصلي (المجتمع الدولي) لن يتخلى عنه مطلقا، فلماذا لا يتسلّى إذا؟

على هذا المهرجان أن يكتمل تماما كي لا يملّ السائق في رحلته الطويلة التي خلفت ملايين من الضحايا الذين لا يعيرهم ركاب المهرجان الديمقراطي أي اهتمام، فهم مشغولون بإكمال تراتبية الذل في باص “الهوب هوب” المائل من فرط ثقل الديمقراطية.

العربي الجديد

—————————-

الانتخابات الرئاسية السورية: اللجنة الدستورية جثّة هامدة/ عماد كركص

يخيّم الحديث عن الانتخابات الرئاسية في سورية، والتي أعلن النظام عن موعد إجرائها في نهاية شهر مايو/أيار الحالي، على المشهد السياسي العام المرتبط بالأزمة السورية. وينظر السوريون، موالين ومعارضين، باستخفاف إلى هذا الاستحقاق، لكونه يهدف إلى إعادة التمديد لرئيس النظام بشار الأسد، لولاية رئاسية جديدة مدتها سبعة أعوام، على الرغم من تقديم عدد من الأشخاص، تخطى عددهم الـ50، ترشحهم للرئاسة إلى جانبه، في موقف هزلي. إلا أن استحقاقات سورية أخرى تبقى محطّ أسئلة مشروعة، لارتباطها بعملية الانتخابات هذه، بشكل أو بآخر، لا سيما مسار اللجنة الدستورية، المتوقف منذ أكثر من شهرين، والمتعثر منذ انطلاقته أساساً، إذ لم تفرز الجولات الخمس من أعمال اللجنة حتى الآن أي تقدّم في اتجاه صياغة مواد في الدستور الجديد، في ظلّ مماطلة وفد النظام من خلال وضع العراقيل وتمييع الوقت بهدف الوصول إلى انتخاباته الرئاسية من دون التوصل إلى صياغة دستور جديد للبلاد. 

استحضار اللجنة الدستورية بالتوازي مع الانتخابات، له مبرراته، لكون القرار الأممي 2254 للعام 2015 حول سورية، حسم مسألة الحلّ السياسي في البلاد، حين تضمن تدرجاً في تطبيق الحلّ، سميّ في ما بعد سلالاً رئيسية يجب الالتزام بها في هذا المسار، وفي مقدمتها هيئة حكم انتقالي، وكتابة دستور جديد للبلاد، ومن ثم إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية بموجب الدستور الجديد. ويعني ذلك أن لا شرعية دولية لهذه الانتخابات التي قوبلت بهجوم دولي وغربي، حتى قبل الإعلان عن موعدها، بالإشارة إلى عدم شرعيتها، لكونها لن تحصل بموجب دستور جديد لسورية كما يقتضي القرار.

وتفترض مماطلة النظام أن انتخاباته الرئاسية في مايو/ أيار، ستجري بموجب الدستور الذي فرضه في العام 2012، عبر استفتاء شكلي لم يحظ بمشاركة غالبية السوريين. من جهته، يصّر المجتمع الدولي، وفي مقدمته الولايات المتحدة والدول الفاعلة في الاتحاد الأوروبي، على أن لا اعتراف بالانتخابات دون إجرائها بموجب الدستور الجديد الذي تعكف على صياغته اللجنة الدستورية، وبإشراف مباشر من الأمم المتحدة.

ويوم الأربعاء، أعلن المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسن، أن الانتخابات الرئاسية في هذا البلد لا تدخل ضمن العملية السياسية. وقال بيدرسن، في جلسة لمجلس الأمن حول سورية: “نحيط علماً بأنه من المقرر إجراء انتخابات رئاسية في سورية في 26 مايو/ أيار. تمّت الدعوة للانتخابات في ظلّ الدستور الحالي، وهي ليست جزءاً من العملية السياسية التي أنشأها قرار مجلس الأمن 2254”. وأكد بيدرسن أن الأمم المتحدة “لا تشارك في هذه الانتخابات، وليس لديها تفويض للقيام بذلك. تواصل الأمم المتحدة التأكيد على أهمية التوصل إلى حلّ سياسي تفاوضي للصراع في سورية”، مشيراً في هذا الصدد إلى “أن القرار 2254 يفوض الأمم المتحدة بتسهيل عملية سياسية تتوّج بإجراء انتخابات حرّة ونزيهة وفق دستور جديد، تدار تحت إشراف الأمم المتحدة بأعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة، مع جميع السوريين، بما في ذلك أعضاء الشتات المؤهلون للمشاركة”.

وفي ما يخص اللجنة الدستورية، ناشد بيدرسن جميع أعضاء اللجنة احترام المصطلحات الواردة في الاختصاصات، لافتاً إلى الحاجة لضمانات تنفيذ الاختصاصات واستعادة الثقة وإحراز التقدم وفقاً لولاية اللجنة، لإعداد إصلاحات دستورية تحظى بدعم شعبي ووضع مسودة للدستور. وأكد ضرورة أن تكون الجولة السادسة من أعمال اللجنة مختلفة عن سابقتها، بحيث توضع أهداف وأساليب واضحة ذات مصداقية وتعاون معزّز بين رئيسي اللجنة (أحمد الكزبري عن النظام وهادي البحرة عن المعارضة) وخطط عمل مستقبلية. وجددت الولايات المتحدة في الجلسة ذاتها لمجلس الأمن موقفها الرافض للانتخابات، باعتبارها “مزيفة” و”لا تمثل الشعب السوري”، بحسب المندوبة الأميركية لدى المنظمة، ليندا توماس غرينفيلد.

وتبدو تطلعات المجتمع الدولي بعيدة المنال في المدى الزمني المنظور، إذ يتبقى أقل من شهر على إجراء الانتخابات التي ثبّت النظام موعدها في 26 مايو الحالي، في حين لم تنجز اللجنة الدستورية صياغة ولو مادة واحدة أو بنداً واحداً في مسودة الدستور الجديد. ويضع هذا الأمر جدوى الاستمرار بالمسار الدستوري بعد إجراء الانتخابات في ميزان أطراف اللجنة، لا سيما وفدي المعارضة والمجتمع المدني، بعدما حقّق النظام مبتغاه من المسار بكسب الوقت عبر المماطلة، والوصول إلى الانتخابات الرئاسية، على الرغم من مشاركته، شكلياً، في مسارات حلّ الأزمة.

وحول علاقة الانتخابات بمسار اللجنة ومدى جدوى الأخيرة بعد إجراء الانتخابات، يرى عضو القائمة الموسعة لوفد المعارضة، والمتحدث باسم هيئة التفاوض، يحيى العريضي، أنه “إذا سلّمنا بأن الانتخابات شرعية، وسيكون نادراً أن يعتقد عاقل أو صاحب ضمير بذلك، تكون اللجنة بلا قيمة”. ويضيف العريضي في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “هيئة التفاوض وضعت شروطها للمشاركة في الجولة المقبلة، وأرسلتها إلى المبعوث الأممي لسورية غير بيدرسن رداً على اقتراحه”، لافتاً إلى أن “الشروط، والتي سُّميت محددات، تكرس لاشرعية ما يفعله النظام”.

ومنتصف إبريل/ نيسان الماضي، أرسل بيدرسن، وهو المشرف المباشر على المسار الدستوري، أجندات تتعلق بالجولة المقبلة (السادسة) من أعمال اللجنة الدستورية إلى وفد المعارضة، والتي كشف العريضي أنه تمّ الرد عليها بشروط وصفها بالمحددات، لكنه فضّل عدم تفصيلها والحديث عنها الآن، إلى حين الرد عليها من قبل المبعوث الأممي. 

من جهته، يعتبر عضو القائمة الموسعة لوفد المجتمع المدني في اللجنة الدستورية، القاضي أنور مجني، أن “الانتخابات لا علاقة لها باللجنة الدستورية، فهناك من يربط هذه الانتخابات باللجنة الدستورية بحيث إن ذهاب النظام للانتخابات يهدف إلى القضاء على اللجنة الدستورية، وهذا الأمر غير دقيق، فعمل اللجنة الدستورية مختلف تماماً، وهو في مكان آخر”. ويضيف مجني في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “اللجنة الدستورية هي جزء من تنفيذ القرار 2254، الذي يقضي بانتخابات رئاسية وفق دستور جديد، يشارك فيها جميع السوريين، بمن فيهم الذين في المهجر وبلدان اللجوء، وهذه غير الانتخابات المزمع إجراؤها الآن، ثم إن إجراء الانتخابات وتسهيل التمديد لبشار الأسد لسبعة أعوام ضمن مسرحية متكررة، لا يعني بقاءه في الحكم حتى العام 2028، لأن الدستور الجديد هو الذي يضع آلية السلطة، وهو الذي يحدد كيفية الانتقال إلى انتخابات رئاسية جديدة، بعد إقرار الدستور واعتماده”. 

لكن مجني يشير إلى أن التعثر الذي أصاب المسار الدستوري، والذي لا يزال مستمراً، سببه استباق خطوة قبل أخرى، بمعنى تجاوز الاتفاق السياسي، وحتى أي توافقات حقيقية، قبل الذهاب إلى اللجنة. وعلى الرغم من ذلك، فإنه يعتقد بأن الجولة المقبلة ستبدأ باتخاذ خطوات أكثر جدّية لجهة صياغة دستور جديد لسورية. 

وفي 23 سبتمبر/أيلول 2019، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، عن تشكيل اللجنة الدستورية السورية، بعد حوالي 18 شهراً من ولادة فكرتها خلال مؤتمر سوتشي الروسي، أو ما عرف بـ”مؤتمر الحوار الوطني السوري” بداية العام 2018. وعقدت الهيئة الموسعة للجنة، والتي تضم 150 عضواً، 50 عضواً عن كلّ قائمة من القوائم الثلاث التابعة للنظام والمعارضة والمجتمع المدني، اجتماعاتها الأولى في 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، قبل إحالة نقاش الملفات والبنود الدستورية إلى هيئة مصغرة من 45 عضواً، 15 عضواً عن كل قائمة، في الجولات الأربع اللاحقة، والتي لم تفض جميعها إلى حدوث أي خرق لجهة كتابة مادة أو بند واحد من بنود الدستور الجديد، بسبب مماطلة وفد النظام.

ومع نهاية الجولة الخامسة الماضية، حمّل بيدرسن وفد النظام مسؤولية فشلها، معرباً عن خيبة أمله لذلك. وخلال تلك الجولة، وعلى هامشها، أدلى رئيس وفد النظام، أحمد الكزبري، بتصريحات إعلامية، مفادها أن حضور وفد النظام إلى اللجنة الدستورية، يأتي بهدف مناقشة مواضيع دستورية، وليس صياغة مواد دستورية، ما أكد نوايا النظام بالاستمرار في التعطيل حتى إفشال هذا المسار بشكل كامل.

العربي الجديد

———————–

المعارضة السورية غاضبة من باسيل..المتناغم مع النظام/ مصطفى محمد

انتقد سوريون تصريحات لرئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب جبران باسيل، ادعى فيها أن فوز رئيس النظام السوري بالانتخابات الرئاسية، من شأنه حلّ مشكلة اللاجئين، في وقت يجري التشكيك المحلي والدولي بتلك الانتخابات المقررة في 26 أيار/مايو الحالي.

وكان باسيل قد قال من موسكو إن “الانتخابات الرئاسية السورية وتثبيت الرئيس الأسد هما عوامل مسرعة ومطمئنة ومشجعة لعودة النازحين”، وأكد كذلك على عودة سوريا إلى الجامعة العربية، داعياً إلى عدم معالجة مشكلات سوريا خارج الفضاء العربي.

ويرى معارضون سوريون أن موقف باسيل الأخير يتطابق مع الموقف الروسي الداعم لانتخابات الأسد، وجزء من الماكينة الدعائية لها، لكن يبقى السؤال، هل يسهم بقاء الأسد على رأس السلطة لولاية جديدة مدتها سبع سنوات، في حل معضلة اللاجئين؟.

وأعربت شخصيات من المعارضة السورية، عن الغضب من “التدخل بالشأن السوري الداخلي”، واستغرب العديد منهم على وسائل التواصل الاجتماعي، إطلاق هذه التصريحات، وتحديداً حديث باسيل عن مساهمة تثبيت بشار الأسد على رأس الحكم، في حل إشكالية اللاجئين، علماً بأن غالبيتهم يرفضون العودة دون رحيل الأسد.

وقال نائب رئيس الائتلاف السوري عقاب يحيى إن موقف باسيل من اللاجئين عموماً، والثورة السورية بالخصوص ليس بالموقف الجديد، “فقد دأب على تأجيج العداء ضد اللاجئين، والتضييق عليهم، ولهذا فتصريحاته الأخيرة ليست سوى حملة من التزييف التي تتناغم مع ما يقوم به النظام السوري، وهي مرفوضة بالمطلق”.

عقاب يحي

وأضاف في حديث خاص ل”المدن”، أن ما جاء على لسان باسيل هو نتاج خط تأصل فيه لدعم مشروعه ومصالحه الشخصية وتحالفاته المشبوهة خاصة مع حزب الله على حساب الشعبين السوري واللبناني، وهو بذلك ليس إلا بوقاً من أبواق النظام السوري.

وحول هدف باسيل من إطلاق هذه التصريحات، قال يحيى: “يسعى باسيل إلى توظيف عملية التزوير (الانتخابات) التي يقوم بها النظام وسيلة للضغط وابتزاز اللاجئين والمهجرين السوريين في لبنان، وإثارة ملفهم بقصد خلق فوضى وبلبلة جديدة ضدهم”.

وأضاف أنه “في الوقت الذي نشدد فيه على حقوق اللاجئين والمهجرين بالعودة إلى بلادهم وديارهم وفق توفير شروط آمنة، وبرعاية الأمم المتحدة، فإننا نؤكد رفضنا المساس بحقوق اللاجئين السوريين في لبنان وفي أي مكان، وضرورة التزام الدولة اللبنانية بواجباتها تجاههم، كما نشدد أن الحل السياسي الحقيقي هو المدخل الوحيد للتعامل مع ملف اللجوء”.

وأكد يحيى أن أي طرف “يصرّ على شرعية نظام الأسد أو يسوق لحملة التزوير التي يجريها ويبرر جرائمه، إنما يقف ضد مصالح وحقوق الشعب السوري في الحرية والحياة الكريمة، ويسهم في عرقلة الحل العادل لمسألة اللاجئين والمهجرين، وفي تعطيل أي مسار يمكنه إعادة إعمار سوريا أو عودة أهلها إليها”.

وتوجه إلى باسيل بالقول: “نذكره بأن من هجّر اللاجئين السوريين إلى لبنان وغيرها، هو شريكه المجرم حزب الله الذي يحتل مدنهم وقراهم، ما اضطر أصحاب الأرض للتوجه إلى لبنان للعيش في خيام، وهم الآن بين العودة للموت أو التعرض لحملات عنصرية يقودها أمثال باسيل:”.

بدوره، وصف عضو الائتلاف أحمد رمضان تصريحات باسيل ب”العمل الفظ والمشين”، قائلاً إن: “تدخل جبران باسيل في شؤون سورية ودعوته لتثبيت بشار الأسد في السلطة وربط ذلك بإعادة اللاجئين من لبنان عمل مرفوض”

واعتبر أن تصريحات باسيل توازي ما يرتكبه حليفه “حزب الله” من “جرائم بحق المدنيين السوريين”، داعياً “كل الأطراف اللبنانية إلى إدانة هذا التصريح الذي يعكس مزيداً من التورط لحلف الشر الإيراني”.

 ووفق أرقام حكومية لبنانية، يستضيف لبنان مليوناً ونصف مليون لاجئ سوري، ويبلغ عدد المسجلين منهم لدى مفوضية اللاجئين 879529 لاجئاً.

———————-

الأسد يطلق حملته الانتخابية الاربعاء..وموسكو ترسل مراقبين!

أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن موسكو مستعدة لإرسال مراقبين للانتخابات الرئاسية في سوريا، المزمع إجراؤها في 26 أيار/مايو. وقال بيان نشرته الخارجية الروسية إنه “استجابة لنداء الحكومة السورية، مستعدون لإرسال مراقبين روس للانتخابات المقبلة في سوريا”.

وأشار إلى أن روسيا “تأمل أنه بالرغم من الاحتلال الأجنبي غير الشرعي المستمر لجزء من الأراضي السورية، فإن التصويت سيجري وفق المعايير الوطنية والدولية القائمة”.

وكان رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي ليونيد سلوتسكي أعلن أن “الدوما تلقى دعوة من مجلس الشعب السوري لإرسال مراقبين إلى الانتخابات الرئاسية السورية”. وأوضح سلوتسكي أنه “تعمل لجنة الشؤون الدولية حالياً على وضع مقترحات لتشكيل وفد من النواب الروس وستقترح تشكيله على مجلس الدوما للموافقة عليه”.

وفي وقت سابق، وجّه رئيس برلمان النظام حمودة الصباغ دعوات إلى عدد من برلمانات الدول العربية والأجنبية، لمواكبة سير الانتخابات الرئاسية.

ومن الجهات التي وجه إليها برلمان النظام الدعوات مجلس الدوما الروسي، ومجلس الفيدرالية الروسي، ومجلس الشورى الإسلامي الإيراني، ومجلس نواب الشعب الصيني، والجمعية الوطنية الفنزويلية، ومجلس النواب في جمهورية بيلاروسا، وجميعها من البلدان المطبعة مع نظام الأسد.

وقالت وزارة الخارجية الروسية تعليقاً على التصريحات الصادرة من عواصم عدد من الدول الأجنبية، بشأن عدم شرعية الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا، إن “تنظيم الانتخابات الرئاسية في سوريا هو شأن داخلي حصري لهذا البلد، ويتوافق بشكل كامل مع متطلبات دستور العام 2012 الحالي، والتشريعات الوطنية، ولا تتعارض هذه الإجراءات بأي حال من الأحوال مع أحكام قرار مجلس الأمن رقم 2254، والقرارات الدولية الأخرى، التي تقوم على احترام السيادة السورية”.

واعتبرت الوزارة التصريحات هذه “عنصر ضغط سياسي فظّ على دمشق، ومحاولة أخرى للتدخل في الشؤون الداخلية للجمهورية العربية السورية”، مؤكدة على أنه “لا أحد يملك الحق في إبلاغ السوريين، متى وتحت أي شروط يجب أن ينتخبوا رئيس دولتهم”.

من جهة آخرى، أعلنت المستشارة الخاصة لرئيس النظام بشار الأسد، لونا الشبل أن موعد انطلاق الحملة الانتخابية للأسد سيكون في 5 أيار/مايو.

وفي منشور على صفحتها الرسمية على موقع “فايسبوك”، قالت الشبل إن “انطلاق الحملة الانتخابية للسيد الرئيس بشار حافظ الأسد في الخامس من شهر أيار، وذلك بعد أن يستوفي طلب السيد الرئيس الشروط الدستورية وفقا لتأييدات أعضاء مجلس الشعب”.

وكان باب قبول طلبات الترشح في الانتخابات الرئاسية قد أغلق الأربعاء، وبلغ عدد ‏المتقدمين بطلبات الترشح لمنصب رئيس الجمهورية 51 مترشحاً بينهم 7 سيدات، وجُلهم غير معروفين.

وتسلمت المحكمة الدستورية الخميس، صندوق التأييدات الخطية من مجلس الشعب والذي يحوي التأييدات التي منحها أعضاء المجلس للمرشحين. وأعلنت المحكمة الدستورية أنها ستعلن أسماء الذين قبلت طلبات ترشحهم لمنصب “رئيس سوريا” خلال أيام.

المدن

————————-

هل دعت فاتن علي نهار للسلام بين سوريا وإسرائيل؟

نشرت صفحات وحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي، تصريحاً منسوباً للمرشحة للانتخابات الرئاسية التي سيجريها النظام السوري، فاتن علي نهار، تقول فيه أنه “يجب العمل على توقيع معاهدة سلام شامل مع إسرائيل، لأنها ستدفع إلى إنقاذ ما تبقى من سوريا، والنهوض بها”، ليتبين لاحقاً أن الخبر مختلق ويندرج في فئة الأخبار الكاذبة.

وفيما تداول سوريون الأقوال المنسوبة إلى نهار بأنه “ليس من المنطق الحديث عن المقاومة والممانعة، بينما الشعب السوري يعيش الفقر كلّ لحظة”، أوضحت منصة “مسبار” المتخصصة في التحقق من الأخبار الكاذبة أن التصريح المتداول زائف، ونُشر في صفحة مزيفة باسم المرشحة فاتن علي نهار ، أنشئت منذ 21 نيسان/أبريل الجاري، بعد يوم واحد من ترشحها للانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل.

تبين أنّ الصفحة الرسمية لنهار أنشئت العام 2018. وأعلنت عبرها عن وجود صفحات مزورة تتحدث باسمها، داعية إلى عدم الانسياق وراء ما تنشره، علماً أنها كانت أول سيدة في تاريخ سوريا ترشح نفسها لرئاسة الجمهورية، في خطوة اعتبرت على نطاق واسع محاولة دعاية من النظام السوري لتصدير صورة زائفة عن وجود ديموقراطية كافية في البلاد لدرجة تسمح لسيدة بمقارعة الرئيس الحالي بشار الأسد.

وفي بلد توصف فيه الانتخابات عادة بأنها مسرحية مُعدَّة سلفاً، على مستوى الانتخابات الرئاسية والتشريعية وحتى تلك الخاصة بالإدارة المحلية التي تبدو نتائجها أقرب لتعيينات من جهات عليا وليس تعبيراً عن إرادة شعبية، فإن أبرز تصريح لنهار (50 عاماً) أتى تأكيداً لتلك الفكرة، عندما قالت لوسائل إعلام محلية أن “تقدمها للترشح إلى المنصب يظهر للعالم أن سوريا بلد ديموقراطي تستطيع المرأة فيه أن ترشح نفسها للمنصب”.

    شوفوا الشبيحة شوفوا معاهدة سلام مع اسرائيل ! يا خسارة يا حلف المماتعة والمقاولة كل شبيحتكم ماتوا كرمال اسرائيل فاتن النهار مرشحة الانتخابات السورية

    Posted by ‎الاعلامي ابو الهدى الحمصي‎ on Wednesday, April 28, 2021

    إن شاء الله افيخاي أدرعي- Avichay Adraee لن يسمع بالخطة السرية كي لا نفقد عنصر المفاجأة 🤣

    Posted by Nashwan Al Othman on Tuesday, April 27, 2021

    بلا ولدنة لا حدا يقول لاسرائيل خطة الرئيسة فاتن بدنا نفاجؤهممم

    Posted by Taghreed Dawas on Tuesday, April 27, 2021

    ‏المدام عندها رؤية استراتيجية ثاقبة. أرجو ان لا تنتخبوها. هذه هي مرشحة للرئاسة السورية. بشار وبس. هذه ذكية كثير. منقول عن ايدي كوهين

    Posted by Aboud Grimesty on Wednesday, April 28, 2021

    المرشحة لرئاسة سورية فاتن نهار : سورية في عهدها الجديد #قريباً يجب العمل على توقيع معاهدة سلام شاملة مع #إسرائيل، ليسَ…

    Posted by ‎شارع دمشق‎ on Sunday, April 25, 2021

    ذكرتني بسرية التحقيق تبع ابو نادر 😂😂

    Posted by Islam Al Asaad on Tuesday, April 27, 2021

المدن

—————————-

النظام يحوّل السويداء إلى أمن الدولة: استرضاء قبل الانتخابات؟/ ريان محمد

يظهر توجس النظام السوري من محافظة السويداء، جنوبي البلاد، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في 26 مايو/ أيار الحالي، الأمر الذي ينعكس بتحركات جديدة في شكل وآليات وتعاطي النظام مع المحافظة، لتثير الجدل حول جدية النظام بضبط العصابات الخارجة عن القانون المرتبطة بالأجهزة الأمنية، وإيجاد حل للنزاع الدائر مع “الفيلق الثامن” والبدو المنتشرين على أطراف المحافظة الغربية.

وأفادت مصادر مطلعة في السويداء لـ”العربي الجديد”، بأن النظام وجّه بنقل ملف السويداء من إشراف رئيس شعبة الأمن العسكري اللواء كفاح الملحم، المكلف به منذ النصف الثاني من عام 2018 عندما كان يشغل منصب نائب رئيس الشعبة، إلى رئيس شعبة المخابرات العامة (أمن الدولة)، حسام لوقا، المكلف بالملف الأمني في درعا، جارة السويداء الغربية. وبيّنت المصادر أن لوقا يحضّر عبر رئيس فرع أمن الدولة في السويداء العميد سالم الحوش، لعقد لقاء موسع مع المشايخ والوجهاء الاجتماعيين وعدد من المثقفين والناشطين، وعلى الأغلب سيكون اللقاء بعد عيد الفطر (في الأسبوع الثاني من شهر مايو). ومن المتوقع أن يعرض الأول خلال الاجتماع خطة أمنية لوقف الفلتان الأمني، خصوصاً حول عمليات الخطف والسلب والاتجار بالمخدرات.

وأضافت المصادر أن كل تلك المظاهر تفشت في السويداء، والمسؤول عنها بشكل رئيسي هي مجموعات مسلحة تحمل بطاقات ولوحات لسياراتها المسروقة أو التي تدخل البلاد بطرق غير شرعية. ونتج هذا التفشي الأمني عن دعم الأفرع الأمنية، لا سيما فرع الأمن العسكري، مجموعات لصوص وخارجين عن القانون واحتوتها إلى صفها. ومنحت أفرادها امتيازات اقتصادية، منها بشكل شرعي وقانوني، كتسليمهم حماية محطات الوقود والوكالات التجارية، التي تدر الكثير من الأموال نتيجة الإتاوات، ومنها غير الشرعي، كالاتجار بالمحروقات في السوق السوداء وتجارة السيارات المهربة وتجارة وتهريب المخدرات.

ولفتت المصادر إلى أن الحوش عمل منذ تعيينه، منتصف عام 2019، على خلق شبكة من الخارجين عن القانون. وتجلى ذلك في أوضح صوره عندما ساند وأعطى غطاء أمنياً لمجموعة مسلحة تعمل في تهريب المخدرات إلى الأراضي الأردنية، وتم استهداف مجموعة مسلحة حاولت قطع طريق المخدرات. وجنّد مجموعات أخرى، كمجموعات معتز مزهر ومهران عبيد وراجي فلحوط، وغيرها، ذات الروابط المزدوجة، بين الأمن العسكري وأمن الدولة. كما كان للحوش تدخل سلبي في التوتر الذي وقع بين الأهالي في بلدة القريا بريف السويداء الجنوبي وبلدة بصرى الشام المقابلة لها في ريف درعا، العام الماضي، والتي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى، وذلك في إطار منافسته للأمن العسكري. كما عمل على تبني ودعم لؤي الأطرش، وهو وجيه اجتماعي يحمل لقب أمير، إضافة إلى شيخ العقل الأول للموحدين الدروز حكمت الهجري، وعمل على تشويه صورة أشخاص آخرين، مثل شيخي العقل الثاني يوسف جربوع والثالث حمود الحناوي والباشا عاطف هنيدي، وغيرهم من الشخصيات التي لم يستطع النظام الهيمنة عليها.

ويحاول النظام استرضاء السويداء قبل الانتخابات الرئاسية، وهي المحافظة التي بدأت حالة التململ والتذمر من النظام تتفشى فيها قبل أكثر من عامين لأسباب عدة، منها تلويح النظام لها بورقة “داعش” بين الفينة والأخرى، بالإضافة إلى زعزعة الأوضاع الأمنية لدفع الناس للمطالبة بدوره الكامل كحل. ووسط كل هذا تتردى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي حملت أهالي المحافظة على التظاهر، منتصف العام الماضي، وحملت احتجاجاتهم شعارات نادت بإسقاط النظام وبشار الأسد. وتتحدث الجهات الأمنية عن وجود نحو ثلاثة آلاف شخص مطلوبين أمنياً، في حين يوجد أكثر من 30 ألف شخص مستنكف عن الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية.

وقال أحد النشطاء لـ”العربي الجديد”، إنها “لم تكن المرة الأولى التي يحدث فيها حراك ما لوقف الفلتان الأمني، لكن المشكلة أن الأجهزة الأمنية هي غطاء للعصابات التي تتسبب بهذا الفلتان، ولو كان لديهم قرار حقيقي فيمكنهم خلال 24 ساعة إنهاء التهديدات المقلقة للمجتمع، لكن النظام يريد التعامل مع السويداء سلة واحدة بذريعة نسمعها من ممثلي النظام دائما أن القانون لا يتجزأ”. وأضاف أن “هذا يعني أنهم يريدون تطبيق القانون على المستنكف عن الخدمة العسكرية قبل العصابات، فنجد عناصر العصابات يقفون إلى جانب الدوريات الأمنية والحواجز ويعتقلون الأشخاص المعارضين للنظام والمستنكفين عن الخدمة، أو من قاموا ببعض المخالفات الاقتصادية البسيطة بدافع البحث عن فرصة عمل”.

واعتبر أن “النظام هدفه تمرير الانتخابات من دون أن تعكر السويداء المسرحية الانتخابية، خصوصاً أن كل المؤشرات تظهر أنها على صفيح ساخن ومهددة بالانفجار بأي لحظة، فيما لم يحصل النظام على تأييد من القيادات المجتمعية، بل هناك تسريبات تفيد بوجود رفض من قيادات دينية ومجتمعية إضافة إلى تيار واسع من المجتمع لطرح إعادة انتخاب الأسد”. ولفت إلى أن “المحافظة شهدت أخيراً كتابات مناهضة للنظام، كما شهدت مدينة السويداء، منتصف العام الماضي، تظاهرات طالبت بإسقاط النظام على مدار أكثر من أسبوع، ثم انتهت بعدما استعان النظام بمجموعة من الشبيحة والعصابات المرتبطة مع الأمن، يتزعمهم عضو قيادة فرع حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم حسن عبد الله الأطرش”.

وكان النظام قد أطلق في مطلع شهر شباط/ فبراير الماضي، عملية تسوية في السويداء، بدأت خاصة بالمستنكفين عن الخدمة العسكرية وتوسعت لتشمل المطلوبين أمنياً، بحضور مندوبين عن الأجهزة الأمنية الأربعة وقاضي الفرد العسكري، الذي يمنح المتقدمين للتسوية ورقة تسمح لهم بالتجول في مناطق النظام لمدة ستة أشهر من دون أن يتعرضوا للاعتقال. وبعدها يلتحق العسكري بالفيلق الأول المنتشر في المنطقة الجنوبية من سورية، وتُمنح الفرصة للمطلوبين أمنياً لتسوية أوضاعهم ومراجعة الجهات الأمنية. لكن مع مرور قرابة الثلاثة أشهر لم تتم تسوية ملف أي ممن تقدموا إلى تلك التسوية، ما يثير إحساساً بأن فترة الستة أشهر ما هي إلا عملية شل أو تعطيل للمجتمع ليس أكثر.

ويستحضر العديد من الناشطين في السويداء تجربة أمن الدولة، وعلى رأسه لوقا في درعا، متحدثين عن فشله الكبير، إذ زادت نسبة الاغتيالات، وواصل النظام عمليات الاعتقال وأصر على رفض تسليم جثة من يموت في المعتقلات. وأعرب أحد النشطاء المقيمين في السويداء عن مخاوف شريحة واسعة من المهتمين بالشأن العام بأن “تدفع السويداء كما تدفع درعا بشكل ما ضريبة صراع الأجهزة الأمنية، خصوصاً عقب سحب الملف من يد الملحم، النافذ مع العصابات، لصالح لوقا، والذي غالباً سيتم العمل على تفشيله من قبل الأول، إذا افترضنا وجود جدية في وقف الفلتان الأمني”.

العربي الجديد

——————-

موسكو تدافع عن الانتخابات السورية… ودمشق «تفحص أهلية» المرشحين

دافعت موسكو عن «شرعية» الانتخابات الرئاسية السورية المقررة في 26 الشهر الحالي، في وقت بدأت فيه دمشق بـ«فحص أهلية» المرشحين البالغ عددهم 51 شخصاً، بينهم الرئيس بشار الأسد.

وذكرت الخارجية الروسية في بيان أصدرته الجمعة أن موسكو تتابع عن كثب التحضيرات للانتخابات الرئاسية السورية المقرر إجراؤها في 26 مايو (أيار)، مضيفة: «ننطلق من أن تنظيم الانتخابات الرئاسية في سوريا يمثل شأناً داخلياً لهذا البلد، ويتوافق بالكامل مع متطلبات دستوره الذي تم تبنيه عام 2012 والقوانين المحلية، ولا تتناقض هذه الإجراءات بأي شكل من الأشكال مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وغيره من القرارات الدولية التي تعتمد على احترام سيادة سوريا».

وتابعت: «في هذا الخصوص نقيّم التصريحات التي جاءت مؤخراً من عواصم عدد من الدول الأجنبية وتزعم (عدم شرعية) الانتخابات القادمة، كجزء من حملة الضغط السياسي الصارخ على دمشق، ومحاولة جديدة للتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا». وشددت الوزارة على أنه «ليس من حق أحد أن يملي على السوريين التوقيت والظروف الواجب تهيئتها لاختيار رئيس لدولتهم». وأعربت الخارجية الروسية عن أملها في أن «تجري عملية الاقتراع وفقاً للمعايير الوطنية والدولية، رغم استمرار الاحتلال الأجنبي غير الشرعي لأجزاء من الأراضي السورية»، مؤكدة أن موسكو ضمن إطار تجاوبها مع مطالب الجانب السوري، مستعدة لإرسال مراقبين روس إلى الانتخابات المقبلة. وكانت دول غربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، رفضت في مجلس الأمن الدولي، نتيجة الانتخابات الرئاسية.

وقال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، نيكولا دي ريفيير، خلال جلسة شهرية لمجلس الأمن بشأن سوريا، إن «فرنسا لن تعترف بأي مشروعية للانتخابات التي يعتزم النظام إقامتها نهاية مايو» المقبل. وأضاف أنه من دون إدراج السوريين في الخارج، فإن الانتخابات «ستنظم تحت رقابة النظام فقط، من دون إشراف دولي»، على النحو المنصوص عليه في القرار «2254» (الذي اعتمد بالإجماع في عام 2015).

واتخذت المندوبة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد، موقفاً مماثلاً. وقالت إن «الفشل في تبني دستور جديد دليل على أن ما تسمى انتخابات 26 مايو ستكون زائفة». ولفتت إلى وجوب اتخاذ خطوات من أجل «مشاركة اللاجئين والنازحين و(مواطني) الشتات في أي انتخابات سوريا»، مضيفة: «لن ننخدع» ما دام ذلك لم يتم.

في دمشق، قال وزير الإعلام السوري إن سوريا ستبت في غضون 12 يوماً في القائمة النهائية للمرشحين في انتخابات الرئاسة التي تجري الشهر المقبل.

وقال الوزير عماد سارة للصحافيين إن المحكمة الدستورية ستفحص أهلية 51 مرشحاً، بمن فيهم الرئيس بشار الأسد، لخوض الانتخابات المقررة في 26 مايو. وفوز الأسد بفترة رئاسة رابعة يكاد يكون في حكم المؤكد. وأشار الوزير إلى انتقادات أطلقها البعض عن سبب عقد الانتخابات الآن قائلاً: «عدم إجراء الانتخابات في موعدها هو عدم الشرعية».

ويحكم الأسد سوريا منذ عام 2000 خلفاً لوالده الذي استولى على السلطة في انقلاب عام 1970. وشهدت سوريا حرباً أهلية منذ عام 2011، غير أن حكومة الأسد استعادت معظم الأراضي التي سيطرت عليها المعارضة الساعية للإطاحة به.

وقال مسؤولون كبار في الأمم المتحدة هذا الشهر إن الانتخابات لا تفي بقرارات مجلس الأمن الداعية إلى عملية سياسية لإنهاء الصراع ووضع دستور جديد وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة «بأعلى معايير الشفافية والمحاسبة».

وأغلق البرلمان السوري الأربعاء فترة تقديم طلبات الترشح لمن يرغب في خوض الانتخابات التي استمرت عشرة أيام. ويحتاج كل مرشح إلى تأييد ما لا يقل عن 35 عضواً في البرلمان، ويشترط أن يكون المرشح مقيماً في سوريا خلال السنوات العشر الأخيرة، وهو ما يعني استبعاد الشخصيات المعارضة المقيمة في المنفى.

وقال جهاد اللحام رئيس المحكمة الدستورية العليا لوسائل الإعلام الرسمية: «ستقوم المحكمة بالفحص والدراسة القانونية لملفات طلبات الترشح، وتصدر قرارها بأسماء المرشحين الذين قررت المحكمة قبول ترشيحاتهم التي استوفت الشروط الدستورية والقانونية».

وكانت الحرب متعددة الأطراف التي بدأت في سوريا بحملة أمنية عام 2011 على احتجاجات مناهضة للحكومة قد اجتذبت قوى عالمية، وسقط فيها مئات الآلاف من القتلى، وأدت إلى نزوح الملايين.

وعلى مدار السنوات الأخيرة استعاد الأسد السيطرة على معظم أنحاء البلاد بمساندة روسيا وإيران.

الشرق الأوسط،

————————

====================

تحديث 03 أيار 2021

—————————–

انتخابات الأسد وتجميل القبح/ عبسي سميسم

لا يزال النظام السوري، منذ اتخاذه قرار تثبيت بشار الأسد في الحكم لفترة رئاسية جديدة، من خلال مسرحية مكشوفة تحت مسمى انتخابات رئاسية، يحاول إجراء عمليات تجميلية لتلك المسرحية، بهدف إظهارها للجمهور كعملية انتخابات ديمقراطية حقيقية. فبعد الإيعاز لمجلس الشعب بتحديد موعد الانتخابات في 26 مايو/أيار الحالي، اختار النظام منافسي الرئيس في الانتخابات من أبناء الضباط والمسؤولين الحكوميين، الذين لم يتمكنوا من إخفاء ولائهم لبشار الأسد حتى وهم ينافسونه. كما لم ينسَ النظام مسألة الجندرة، فتم قبول طلبات ترشيح أربع سيدات من بين 51 مرشحاً تقدموا بطلبات ترشح لمنافسة بشار الأسد، ليوعز لمجلس الشعب الذي يتحكم بكل قرارات أعضائه، بأن يختار من بين المرشحين، ثلاثة أو أربعة منافسين للرئيس، بحسب ما ينص عليه الدستور، الذي يشترط حصول المتقدم للانتخابات على تأييد 35 عضواً من أعضاء المجلس، الذين لا يحق للعضو منهم تزكية أكثر من مرشح.

كذلك، لم ينس النظام دعوة برلمانات 14 دولة صديقة له لمراقبة الانتخابات وإظهار مدى الديمقراطية التي يمارسها في اختيار رئيس المرحلة المقبلة، وطبعاً الدول التي تمت دعوة برلماناتها معظمها تجري انتخاباتها بنفس طريقة النظام مثل روسيا، وكوبا، وأرمينيا، وغيرها.

وكنوع من المبالغة في تجميل صورة الانتخابات، حوّل النظام موضوع تسليم التأييدات الخطية من قبل مجلس الشعب للمحكمة الدستورية، والذي جرت العادة أن يكون إجراءً روتينيا في السابق، إلى حدث إعلامي وكرنفال ضخم. إذ رافق صندوق التأييدات التي منحها أعضاء مجلس الشعب للمرشحين حرس الشرف مع موسيقى، ضمن مراسم تحاكي مراسم تعيين الرؤساء. وتبع ذلك مؤتمر صحافي لرئيس المحكمة الدستورية العليا جهاد اللحام، أعلن فيه تسلم المحكمة تلك الترشيحات.

يقوم النظام بكل الإجراءات الشكلية التي يحاول من خلالها تجميل الانتخابات، لتبدو استحقاقاً حقيقياً، في الوقت نفسه الذي تعتقل فيه عناصر أمنه، أقارب أحد المرشحين الذي تجرأ على تقديم طلب ترشح للانتخابات، من دون إيعاز من السلطات الأمنية التي تهندس مسرحية الانتخابات. الأمر الذي يجعل من انتخابات الرئاسة كمن يجري عملية تجميل لمسخ يحاول من خلالها تسويقه كإنسان طبيعي. ولكن يبقى المجتمع الدولي هو الحكم في قبول هذا المسخ أو رفضه. علماً بأنّ الرفض لم يتعدَ إلى الآن حدود الرفض الكلامي.

العربي الجديد

————————-

منطق اللامنطق الروسي… في سوريا/ خيرالله خيرالله

ليس هناك ما يتحرّك في سوريا حيث الجمود سيّد الموقف. كلّ احتلال من الاحتلالات الخمسة في مكانه. لا يزال الأميركي في شمال شرق سوريا متحكّما بمعظم النفط والغاز والمياه والزراعة. ولا يزال الروسي يبحث عمّن يشتري منه ورقة النظام السوري. ولا يزال التركي يعزز مواقعه في الشمال السوري وهمّه الأوّل الأكراد الذين يحميهم الأميركي. ولا يزال الإيراني يسعى إلى التمدّد على الرغم من الضربات الإسرائيلية… ولا يزال الإسرائيلي يتفرّج على المشهد الدائر في مكان قريب منه. يتفرّج ويتدخّل متى يحلو له الأمر. يفعل ذلك من الجولان المحتلّ منذ العام 1967، أي منذ 54 عاما. نعم، 54 عاما أي ما يزيد على نصف قرن!

أسوأ ما في الأمر إصرار بشّار الأسد على إجراء انتخابات رئاسيّة في السادس والعشرين من أيّار – مايو الجاري. مشكلة بشّار أنّه يعيش في عالم آخر لا علاقة له من قريب أو بعيد بسوريا. كان يمكن الوقوف مع الانتخابات لو كانت تساهم في حلّ أو تسوية تعيد سوريا إلى السوريين وتخرج الاحتلالات. لكن الواقع أنّ الانتخابات التي تعني بقاء بشّار في دمشق، ليست سوى خطوة أخرى في طريق استمرار الجمود القائم وزيادة عذابات الشعب السوري. فضلا عن تكريس وجود الاحتلالات.

يمكن وضع الاحتلالات الخمسة جانبا والتطرق إلى الجانب الإنساني للمأساة السورية. ثمّة أرقام لمنظمات دولية عدّة مهتمّة بالوضع السوري وبوضع السوريين تحديدا. تقول هذه الأرقام إن 90 في المئة من السوريين يعانون من الفقر وهناك نسبة 70 في المئة منهم لا يستطيعون الحصول على ما يكفي من المواد الغذائية.

حسنا، أجريت انتخابات رئاسية في السادس والعشرين من الشهر الجاري. ماذا بعد ذلك؟ هل تعني هذه الانتخابات أنّه صار للنظام شرعيّة ما؟ الجواب، بكلّ بساطة، أن ليس هناك ما يمكن أن يوفّر للنظام السوري القائم منذ العام 1970، وهو في الواقع امتداد لانقلاب عسكري في الثامن من آذار – مارس 1963، أيّ شرعيّة من أيّ نوع. هناك ضباط بعثيون، في معظمهم، اغتصبوا السلطة في 1963 وهناك ضباط علويّون أخذوا السلطة إلى مكان آخر في 23 شباط – فبراير 1966 وصولا إلى تفرّد حافظ الأسد بحكم سوريا في 16 تشرين الثاني – نوفمبر 1970، وصولا إلى انتخابه رئيسا للجمهورية في شباط – فبراير 1971 بصفة كونه أوّل علوي يصل إلى هذا الموقع الذي تحوّل إلى ملك للعائلة على غرار ما عليه الحال في كوريا الشمالية.

ستبقى روسيا تتفرّج في سوريا في انتظار من يشتري منها ورقة، لم تعد ورقة، وذلك بالتواطؤ مع إسرائيل أحيانا ومع إيران في أحيان أخرى

من أطرف ما نشهده حاليا وجود سياسيين لبنانيين من نوع جبران باسيل، صهر رئيس الجمهورية ميشال عون، يراهنون على بشّار الأسد وعلى أنّه سيلعب دورا في إعادة النازحين السوريين الموجودين في لبنان إلى سوريا. لو كان بشّار الأسد مستعدّا للقيام بأي مبادرة حسن نيّة تجاه لبنان، لكان أفرج عن اللبنانيين المسجونين في سوريا منذ سنوات طويلة. بين هؤلاء عسكريون لبنانيون احتجزوا بعد سيطرة الجيش السوري على قصر بعبدا في أثناء وجود ميشال عون فيه في الثالث عشر من تشرين الأوّل – أكتوبر 1990. وقتذاك لجأ ميشال عون إلى السفارة الفرنسيّة بينما كان جنود لبنانيون يقاتلون لوقف الهجوم السوري على قصر الرئاسة.

ليس كلام جبران باسيل عن دعم بشّار الأسد سوى مزحة سمجة، خصوصا في ظلّ تجاهله لمصير اللبنانيين الموجودين في السجون السوريّة. لكنّ ما يثير القلق هو الموقف الروسي الذي لا يبدو مفهوما في أيّ شكل. ما الذي تستطيع روسيا عمله بالورقة السورية باستثناء أنّه صار لها وجود دائم وثابت على شاطئ المتوسّط، أي في المياه الدافئة التي سعت عبر التاريخ في إيجاد موطئ قدم فيها؟ كل ما تفعله روسيا، في غياب موقف واضح من نظام بشّار الأسد، هو الدوران في حلقة مقفلة ولا شيء آخر غير ذلك. لن تجد روسيا من يقايض على هذه الورقة، خصوصا أن الولايات المتحدة حصلت على ما تريد الحصول عليه في سوريا ولا تجد ضرورة في أيّ مساومة مع الجانب الروسي.

استطاعت روسيا إبقاء بشّار الأسد في دمشق وذلك عندما تدخّلت عسكريا ابتداء من أيلول – سبتمبر 2015. ما الفائدة من ذلك؟ الفائدة كانت لإيران التي يهمّها بقاء النظام السوري من منطلق أنّه نظام أقلّوي تعرف تماما أنّه لا يستطيع إلّا أن يكون إحدى أدواتها في المنطقة. اختبرت “الجمهوريّة الإسلاميّة” النظام السوري منذ أيّام حافظ الأسد. وقف إلى جانبها في الحرب مع العراق وهي حرب استمرّت ثماني سنوات. سهّل حافظ الأسد دخول “الحرس الثوري” إلى لبنان في العام 1982 بحجة المشاركة في مواجهة الإسرائيليين. بعد ذلك، استطاعت إيران وضع يدها على لبنان وتقليص حجم الوجود السوري فيه، بل إنهاء هذا الوجود، لمصلحتها… فيما روسيا تتفرّج.

ستبقى روسيا تتفرّج في سوريا في انتظار من يشتري منها ورقة، لم تعد ورقة، وذلك بالتواطؤ مع إسرائيل أحيانا ومع إيران في أحيان أخرى وفي ظلّ علاقة معقّدة مع تركيا التي كرّست وجودها في الشمال السوري.

ليست الانتخابات الرئاسيّة السوريّة سوى خطوة أخرى على طريق كشف أنّ الأزمة التي يمرّ فيها هذا البلد ما زالت طويلة. إذا كان حافظ الأسد تواطأ مع إيران في حربها مع العراق، لكنّ ما لا بدّ من الاعتراف به أنّه حافظ دائما على هامش للتحرّك في الفضاء العربي. استخدم العراق وإيران ليقول إنّه قادر على أن يكون عنصر توازن في المنطقة. انطلى ذلك على بعض العرب، لكنّه لم ينطل على كثيرين. يكمن الفارق في أن بشّار الأسد لم يتقن اللعبة التي أتقنها والده ووضع كلّ بيضه في السلّة الإيرانيّة. من المستغرب تجاهل روسيا لهذا الواقع الذي يعني بين ما يعنيه أنّها وضعت نفسها في تصرّف إيران في بلد اسمه سوريا كلّ ما يمكن قوله عنه أنّه يعيش في ظلّ نظام لا يمكن أن تكون لديه أيّ شرعيّة في يوم من الأيّام. إنّه بالفعل منطق اللامنطق الذي يختزل السياسة الروسيّة في سوريا… إلّا إذا كان المنطق يقول إن الرهان على نجاح إيران في سوريا له ما يبرّره في الكرملين!

إعلامي لبناني

العرب،

—————————

شبح التهجير يعود للجنوب السوري/ عماد كركص

يبدو أن النظام السوري وحليفه الإيراني لا يزالان يسعيان للتخلص من السكان “غير المرغوب فيهم” في الجنوب، وتحديداً في درعا والقنيطرة، إذ يتطلع النظام الإيراني لبسط نفوذه بشكل كامل على الجنوب، في محاولة لاستخدامه للضغط على إسرائيل، القريبة من خلال تواجدها في الجولان المحتل، خصوصاً بعد تزايد استهدافها أخيراً للمليشيات التابعة إلى إيران.

وعاد شبح التهجير ليؤرق أهالي الجنوب السوري، لا سيما بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها بلدة أم باطنة بريف القنيطرة، إذ يسود التوتر بين قوات النظام والمجتمع المحلي إثر هجوم على حاجز للنظام و”حزب الله” في المنطقة. وأكدت مصادر، لـ”العربي الجديد”، أن “حالة من التوتر تسود المناطق المحاذية للحدود مع الجولان المحتل في محافظة القنيطرة، وذلك بعد استهداف قوات النظام لبلدة أم باطنة بريف القنيطرة الأوسط بالقذائف الليلة الماضية (الجمعة)، بذريعة أن الهجوم المسلح على حاجز جبا التابع لقوات النظام مساء أمس الأول انطلق منها، وسط حركة نزوح لأهالي البلدة، وتخوف من اقتحامها من جانب قوات النظام”. وأكد الناشط الإعلامي أبو محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، أن “معظم أهالي بلدة أم باطنة غادروا المنطقة مع ساعات فجر أمس السبت، مع استخدام النظام المدفعية الثقيلة من مواقعه في تل الشعار لقصف البلدة، وإعطائه مهلة 12 ساعة للأهالي لمغادرتها”، مشيراً إلى وقوع إصابات بين المدنيين جراء القصف. وأوضح أنه لم يتبقَّ في البلدة سوى أعداد من المسلحين، لا يعرف عددهم بالضبط، كونهم جاؤوا على شكل مؤازرة من المناطق المجاورة. ومساء أمس، سمحت قوات النظام السوري لأهالي بلدة أم باطنة بريف القنيطرة الأوسط، جنوبي سورية، بالعودة إلى منازلهم، بعد مفاوضات مع وجهاء ممثلين عن المنطقة الجنوبية جرت عصر السبت.

وكان مسلحون مجهولون هاجموا بالأسلحة الرشاشة حاجزاً عسكرياً لقوات النظام، قريباً من تل الكروم الملاصق لبلدة أم باطنة، والذي يتواجد فيه عناصر من “حزب الله” اللبناني منذ منتصف 2018. وبحسب مصادر، فقد استطاع عناصر المجموعة المهاجمة خلال الاشتباكات الدخول إلى مقرات الحزب وقتل 3 عناصر. وأعطى النظام مهلة لأهالي أم باطنة حتى الثانية من ظهر أمس السبت لإخلاء البلدة قبل اقتحامها، فيما استمر بالضغط لدفعهم لتنفيذ هذا الأمر، من خلال قصف متقطع بالمدفعية طاول الأحياء السكنية داخلها. وأشار متحدث باسم “تجمع أحرار حوران” إلى أن مجموعات من مدينتي كناكر بريف دمشق، وجاسم بريف درعا، خرجوا نحو أم باطنة لإغلاق الطريق أمام قوات النظام إليها، ومحاولة منعها في حال قررت اقتحامها، منوهاً إلى أن هذا الوضع يشهد مفاوضات بين النظام ووجهاء من المنطقة، لكن دون معلومات مؤكدة عن نتائج.

وقبل اندلاع الثورة كان يعيش في بلدة أم باطنة نحو 3 آلاف نسمة، أما اليوم فلم يتبقَّ فيها سوى ألف، لا سيما بعد اتفاق “التسوية” في درعا والقنيطرة. وتكمن أهمية البلدة، رغم صغر حجمها، بكونها تقع في مثلث تلاقي ريف دمشق مع القنيطرة ودرعا. وكانت اندلعت سابقاً اشتباكات عنيفة بين المعارضة وقوات النظام، ضمن هذا المثلث، الذي عرف حينها بـ”مثلث الموت”. وانتفضت البلدة على النظام منذ بداية الحراك، لكن لم تستطع المعارضة السيطرة عليها سوى في العام 2014. وخضعت أم باطنة مع غيرها من بلدات وقرى درعا والقنيطرة إلى اتفاق التسوية منتصف 2018، بإشراف روسي، لتخرج منها أولى قوافل التهجير إلى الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة. ويخشى الأهالي في البلدة، والجنوب عموماً، من لجوء النظام والإيرانيين لإحداث قلاقل وافتعال هجمات لاتهام عناصر سابقين في المعارضة بالوقوف وراءها، وبالتالي خلق مبرر جديد لعمليات تهجير من الجنوب، تحقيقاً لرغبة إيرانية في المقام الأول، إذ يسيطر “حزب الله” على التلال المنتشرة في القنيطرة ودرعا بقيادة الحاج هاشم، وهو لبناني الجنسية، بحسب “تجمع أحرار حوران”. كما يشهد الجنوب عموماً، وبين ريفي القنيطرة ودرعا تحديداً، انتشاراً للمليشيات الإيرانية، التي تتخفى بين وحدات قوات النظام.

————————-

خطوة ثانية لبشار الأسد للبقاء في السلطة حتى عام 2028/ أمين العاصي

أعلنت “المحكمة الدستورية العليا” التابعة للنظام السوري قبول ثلاثة طلبات ترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، ورفض باقي طلبات الترشح المقدمة لـ”عدم استيفائها الشروط الدستورية والقانونية” في الانتخابات المقررة في أواخر الشهر الجاري، والتي ترفضها المعارضة السورية، ويعتبرها المجتمع الدولي “مزيفة”، ولا تمثل السوريين. 

وقال رئيس المحكمة محمد جهاد اللحام، خلال مؤتمر صحافي الاثنين، إن “المحكمة قررت في إعلانها الأولي قبول ترشيح كل من عبد الله سلوم عبد الله، وبشار حافظ الأسد، ومحمود أحمد مرعي، لمنصب رئيس الجمهورية العربية السورية، ورفض باقي الطلبات لعدم استيفائها الشروط الدستورية والقانونية”.

وأشار اللحام، الذي كان ترأس ما يسمّى بـ”مجلس الشعب” التابع للنظام في دورته الماضية، إلى أنه يحق لمن رفضت طلبات ترشحهم التظلم أمام المحكمة خلال ثلاثة أيام اعتباراً من صباح الثلاثاء 4 مايو/ أيار، لافتا إلى أنه لا يحق للمرشحين الثلاثة البدء في حملات انتخابية قبل صدور قرار “مبرم” من المحكمة يصدر لاحقا. وكان تقدم 51 مرشحا، بينهم 7 نساء، لخوض الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في السادس والعشرين من الشهر الجاري، والتي يرفضها المجتمع الدولي، وتعتبرها المعارضة “مسرحية” غايتها تثبيت بشار الأسد في السلطة حتى عام 2028.

واستبقت الولايات المتحدة هذه الانتخابات بالتأكيد على لسان مندوبتها لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، الأربعاء الماضي، أن “ما تُسمى الانتخابات الرئاسية، التي يخطط نظام الأسد لإجرائها في 26 مايو/ أيار المقبل، لن تكون حرة ولا نزيهة، بل مزيفة ولا تمثل الشعب السوري”.

وتجرى الانتخابات وفق دستور عام 2012، حيث لم يسهّل النظام مهمة الأمم المتحدة في كتابة دستور جديد وفق ما نص عليه القرار الدولي الشهير 2254، والذي وضع خارطة طريق للحل السياسي في سورية، إلا أن النظام لم يهتم به على الإطلاق.

وأعرب القرار، الذي صدر أواخر عام 2015، عن دعم مجلس الأمن للمسار السياسي السوري تحت إشراف الأمم المتحدة لتشكيل هيئة حكم ذات مصداقية، وتشمل الجميع وغير طائفية، واعتماد مسار صياغة دستور جديد لسورية في غضون ستة أشهر. وجدد القرار دعم مجلس الأمن إجراء انتخابات حرة ونزيهة على أساس الدستور الجديد تحت إشراف الأمم المتحدة. وأفشل النظام لاحقا، بدعم روسي وإيراني، أعمال لجنة دستورية شكلتها الأمم المتحدة مهمتها وضع دستور جديد للبلاد. 

وكان ورث بشار الأسد (56 عاما) السلطة عن أبيه في منتصف عام 2000، من خلال ما يسمّى بـ”الاستفتاء الشعبي” وفق دستور عام 1973، حيث كان المرشح الوحيد للمنصب، وتكرر الأمر ذاته في عام 2007، وصولا إلى عام 2012 حيث اضطر الأسد إلى وضع دستور في محاولة لوأد الثورة، أقر للمرة الأولى مبدأ الانتخابات وتعدد المرشحين.

وسمح الدستور الجديد لبشار الأسد بالترشح لدورتين، كانت الأولى في عام 2014، وفاز بها بنسبة 88 %، في انتخابات شكلية عمّقت الأزمة السورية التي كانت في ذروتها.

وتحوّلت سورية في عهد بشار الأسد إلى دولة “شبه فاشلة” تتنازع السيطرة عليها العديد من القوى الإقليمية والدولية بعد مقتل واعتقال وتهجير أكثر من نصف سكان البلاد.

ورفض بشار الأسد كل المبادرات العربية والدولية لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، حيث وضع العراقيل أمام جهود الجامعة العربية، وتاليا الأمم المتحدة، حتى أوصل البلاد إلى حافة التقسيم.

ووفق مصادر مطلعة في العاصمة السورية دمشق، فإن رئيس ما يسمى جهاز “الأمن القومي” علي مملوك، المشرف على الأجهزة الأمنية في سورية، “هو من اختار محمود مرعي وعبد الله سلوم لخوض الانتخابات أمام الأسد لإعطائها صبغة شرعية”، مضيفة: “المرعي وسلوم يدينان بالولاء لبشار الأسد، وهما صنيعة الأجهزة الأمنية، ولا يشكلان أي قيمة في الشارع السوري الموالي”. 

وكان محمود مرعي (من مواليد ريف دمشق عام 1957)، والحامل لإجازة في الحقوق، قد انضم إلى صفوف المعارضين للنظام، ثم خرج إلى العاصمة المصرية القاهرة في العام 2012، قبل أن يعود إلى سورية في 2014 ليؤسس مع آخرين ما سمّي بـ”هيئة العمل الوطني الديمقراطي”، التي انضمت إلى سلسلة من الأحزاب والهيئات التي شُكّلت من قبل أجهزة النظام الأمنية.

بينما ينحدر المرشح الثالث عبد الله سلوم عبدالله، والمولود في عام 1956، من بلدة أعزاز في ريف حلب الشمالي، وينتمي لحزب الوحدويين الاشتراكيين، الذي يدور في فلك حزب “البعث” الحاكم، وقد شغل سابقاً منصب وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب في حكومة النظام.

العربي الجديد

—————————-

فصول مهزلة انتخابات الأسد/ عمر كوش

يبدو أن نظام الأسد ماض في استكمال فصول مهزلة انتخاباته الرئاسية، بالرغم مما تثيره من رفض واستنكار غالبية السوريين واستهجان المهتمين بالشأن السوري، ومن عدم شرعيتها في ظل الأوضاع الكارثية التي يعيشها السوريون، سواء في الداخل أم في بلاد اللجوء والشتات، وما ارتكبه النظام من مجازر وجرائم بحقهم، وتشريد أكثر من نصف سكان سوريا من أماكن سكنهم، ما بين نازح ولاجئ، وقتل مئات الآلاف منهم، إلى جانب مئات آلاف المعوقين والمشوهين والمعتقلين، والدمار والخراب الذي ضرب معظم المدن والبلدات والقرى السورية، والذي يذكر بالمآسي الإغريقية القديمة.

ولعل إصرار النظام على إجراء مهزلة انتخاباته، لا يخرج عن نهج الإنكار الذي اتبعه منذ أن انقلب حافظ الأسد على رفاقه وأودعهم في السجن حتى ماتوا فيه، وبات المعلم الأبرز لطبيعة نظام الأسد بنسختيه الأب والابن. ووفق هذا النهج يريد نظام الأسد أن يوهم العالم بأن الأوضاع لم تتغير في سوريا منذ انطلاق الثورة السورية قبل أكثر من عشر سنوات، وأن كل شيء فيها يسير على ما يرام، لذلك يريد من إجراء انتخاباته الرئاسية ليس فقط تجديد شرعيته المفقودة، التي لا تعترف بها سواء قوى الاحتلال الروسي والإيراني وسواها، بل تأكيد عدم اعترافه بالقرارات الأممية، وخاصة القرار 2254، وضرب أي مسعى باتجاه حل سياسي للقضية السورية، وذلك كي يستكمل تدمير ما تبقى من سوريا، وكي يحل الخراب الشامل فيها، بغية إنهاء أيّ أمل لملايين السوريين في العودة إلى بلادهم، والتطلع إلى بناء سوريا جديدة.

ويعي نظام الأسد أن مهزلته الانتخابية لن تجرى إلا على جزء محدود من الأراضي السورية، لأنه لا يسيطر، إلى جانب الروس والإيرانيين، إلا على حوالي 60% من الأرض السورية، ومع ذلك يريد استكمال فصولها الهزلية من أجل توفير حجة سياسية لحلفائه الروس وأضرابهم للاستمرار في الدفاع عنه أمام المحافل الدولية، بالرغم من أنها لا تحظى باعتراف معظم القوى الإقليمية والدولية، بل استنكارها ورفضها، حيث وصفتها المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، بأنها “لن تكون حرة ولا نزيهة، بل مزيفة ولا تمثل الشعب السوري”، وأنه “يجب إجراء الانتخابات وفقاً لدستور جديد، وتحت إشراف الأمم المتحدة، ويجب على النظام السوري اتخاذ خطوات لتمكين مشاركة اللاجئين والنازحين في أي انتخابات سورية”، بينما أكد مندوب فرنسا في الأمم المتحدة، نيكولا دي ريفيير، عدم اعتراف بلاده بأي مشروعية للانتخابات، كونها تستثني السوريين المقيمين بالخارج وتغيب عنها الرقابة الدولية، فيما استهجنت مندوبة المملكة المتحدة، سونيا فاري، إجراء “الانتخابات في ظل غياب بيئة آمنة ومحايدة، وجو من الخوف الدائم، وفي وقت يعتمد ملايين السوريين على المساعدات الإنسانية لا تضفي شرعية سياسية، وإنما تظهر ازدراءً بالشعب السوري”.

ولا شك في أن نظام الأسد يدرك حجم الاعتراض والرفض الشعبي والدولي لانتخاباته، لكنه مع ذلك يصرّ على إجرائها وفق تسلسل فصولها الهزلية، التي بدأها بالإيعاز إلى مجلس الفاسدين والمصفقين للنظام، أو ما يسمى زيفاً “مجلس الشعب”، للإعلان عن موعدها في 26 مايو/ أيار المقبل، وعن فتح باب الترشيح لمن أتمّوا 40 عاماً وفق اشتراطات عديدة وضعها دستور 2012، وتتمثل في أن يكون المترشح متمتعاً بالجنسية السورية بالولادة، ومن أبوين يحملونها بالولادة أيضاً، وأن يكون المرشح متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية، وغير محكوم بجرم شائن ولو رد إليه اعتباره، وغير متزوج من غير سورية، ومقيماً في الجمهورية العربية السورية لمدة لا تقل عن عشر سنوات إقامة دائمة متصلة عند تقديم طلب الترشح، فضلاً عن الاشتراط بأن يحصل المرشح على تأييد خطي لترشيحه من قبل 35 عضواً على الأقل من أعضاء مجلس المصفقين، ما يفضي إلى حرمان ملايين السوريين في بلدان اللجوء والشتات من حقهم في الترشح، وفق بنود قانون انتخابات رئاسية، فُصل حسب مواصفات رئيس النظام، لكي يحدد من يريد إشراكه في فصول المهزلة الانتخابية. ومع ذلك يتبجح بشار الأسد متذاكياً بالقول إن “أي سوري يمكن أن يكون رئيساً للبلاد، هناك العديد من السوريين المؤهلين لهذا المنصب، ولا يمكن ربط البلد بأسره بشخص واحد فقط وبشكل دائم”.

وتمتد فصول مهزلة انتخابات النظام الرئاسية إلى قانون الانتخابات العامة لعام 2014، الذي ينص على تشكيل لجنة قضائية تسمى “اللجنة القضائية العليا للانتخابات” التي أوكل إليها مهمة تنظيم وإدارة الانتخابات والاستفتاءات، بما في ذلك انتخابات عضوية مجلس الشعب، لكنها لا تتمتع بأي استقلالية قضائية، لأن بشار الأسد هو من يرأس السلطة القضائية في سوريا، والمحكمة الدستورية العليا هي صاحبة الاختصاص في الإشراف على انتخابات الرئاسة والطعن فيها وإعلان نتائجها، وفي دراسة قانونية طلبات الترشح والبت فيها خلال الخمسة أيام التالية لانتهاء مدة تقديمها على الأكثر. كما أن بشار الأسد هو من يعيّن أعضاء المحكمة الدستورية، الأمر الذي يفقدها أيضاً استقلاليتها القضائية، بالنظر إلى تبعيتها المباشرة له، وبالتالي لا يمكن لأي مرشح الحصول على موافقتها دون يكون موافقاً عليه من طرف النظام، لذلك فإن نظام الأسد يمسك بجميع فصول مهزلة الانتخابات الرئاسية وبنتائجها، مثلما حصل في مهزلة انتخابات 2014 وما قبلها، وبالتالي فإن من الطبيعي ألا يسمح النظام لأي مرشح حقيقي أن ينافس بشار الأسد فيها، وأن يكتفي بترشيح شخصيات غير فاعلة أو معروفة أو مؤثرة، والأنكى من ذلك هو أن من تقدموا إلى الترشح في هذه الانتخابات لا يملكون الجرأة حتى على انتخاب أنفسهم، وهذا سيعني استكمال المهزلة الانتخابية بإعلان فوز بشار الأسد، تتويجاً لنهاية فصولها التي تثير الاشمئزاز والقرف، وتكشف طبيعة ونهج نظام الاستبداد الأسدي. 

تلفزيون سوريا

—————————–

السوريون غير مكترثين بانتخابات الأسد: مهزلة/ أمين العاصي

لا تجد الانتخابات الرئاسية التي يتجهز النظام السوري لإجرائها في 26 مايو/أيار الحالي، وفق دستور عام 2012، الاهتمام من السوريين في داخل البلاد، بل إن معطيات تشير إلى أنها لن تشهد إقبالاً، خاصة في العديد من المناطق خارج العاصمة السورية دمشق، حيث تعصف أزمات معيشية خانقة تحول دون التفاعل مع هذه الانتخابات.

ومن المرجح ألا تشهد محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية من السكان، في جنوب سورية، أي إقبال، في 26 من الشهر الحالي، على صناديق الاقتراع، في ظلّ مؤشرات على أن الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سورية، الشيخ حكمت الهجري، لديه تحفّظ على ترشيح بشار الأسد.

وكان رئيس جهاز الأمن العسكري التابع للنظام في جنوب البلاد، لؤي العلي، وجّه إهانة للشيخ الهجري في يناير/كانون الثاني الماضي، ما فجّر عضباً شعبياً في محافظة السويداء ولدى أبناء الطائفة الدرزية في البلاد، ما دفع النظام السوري إلى الاعتذار منه. ويشكّل الدروز غالبية سكان محافظة السويداء، فضلاً عن انتشارهم في مناطق سورية عدة، منها حي جرمانا في العاصمة، وبلدة صحنايا جنوب دمشق، وفي الجولان السوري المحتل، وبعض القرى في محافظتي القنيطرة جنوب غربي سورية، وإدلب في الشمال الغربي.

من جانبه، أعرب الصحافي نورس عزيز (وهو من أبناء محافظة السويداء) في حديث مع “العربي الجديد”، عن اعتقاده بأنّ المشاركة في الانتخابات التي يتجهز لها النظام “ستقتصر على الموظفين المجبرين والشبيحة والأعضاء في حزب البعث”، في عموم محافظة السويداء. وأضاف: “بشكل عام، أصبح هناك وعي عند الناس بالمهزلة الانتخابية، لذلك لن تكون هناك مشاركة واسعة، ولكن كالعادة ستخرج النتائج بعدد هائل”. ولفت إلى أنّ الانتخابات الرئاسية التي جرت في عام 2014 “شهدت فرز أصوات بلغ عددها ضعف الذين يحق لهم التصويت أصلاً في المحافظة”، مضيفاً: “اللعبة باتت مكشوفة للجميع”.

وحول موقف المرجعيات الدينية في محافظة السويداء من الانتخابات المقبلة، أوضح عزيز أنه “لم يصدر حتى اللحظة موقف واضح، سواء مؤيد لبشار الأسد أو معارض له”، مضيفاً: “العلاقة متوترة بين الشيخ الهجري والنظام، بسبب ضغط الأخير عليه لإصدار بيان ينفي فيه ما نُقل عنه عن رفضه ترشّح بشار الأسد”. وأعرب عزيز عن اعتقاده بأنّ الشيخ الهجري “هو بالفعل ضدّ ترشح بشار الأسد في الانتخابات، ولكن هناك ضغوط كبيرة لكتم موقفه، ومحاولة إجباره على تبنّي موقف مؤيد للأسد”.

السويداء

وغير بعيد عن محافظة السويداء، لا يبدو الوضع مختلفاً في محافظتي درعا والقنيطرة اللتين تشهدان حراكاً ضد الانتخابات الرئاسية، وضدّ بشار الأسد، الذي يريد تثبيت سلطته في البلاد لسبع سنوات مقبلة.

وفي السياق، رفض وجهاء بلدة بصرى الشام في ريف درعا الشرقي، منذ أيام، طلباً من الجانب الروسي لتنظيم مسيرة شعبية مؤيدة لبشار الأسد قبيل موعد الانتخابات. وكان النظام السوري أبرم مع فصائل المعارضة السورية في درعا منتصف عام 2018 اتفاقات تسوية بإشراف من الجانب الروسي، ولكن النظام لم يلتزم بتعهداته في إطار هذه الاتفاقات، فواصل سياسات القمع والاعتقال والقتل تحت التعذيب في المعتقلات، هذا فضلاً عن تردي الحالة المعيشية في عموم المحافظة. وأصدرت العديد من بلدات وقرى محافظة درعا، أواخر الشهر الماضي، بياناً يؤكد رفض الانتخابات الرئاسية، وقالت إن هذا الرفض يأتي “حرصاً منا على الحفاظ على ثوابت الثورة السورية المباركة التي تهدف إلى إسقاط النظام الظالم بكل أشكاله، والتخلص من الرئيس الديكتاتوري قاتل الأطفال الذي ضرب الشعب بالكيميائي وقتل ملايين الأبرياء”. ووصف البيان الانتخابات بـ”المهزلة”، متوعداً كل من “يطبل ويزمر للطاغية”، في ظل معطيات تشير إلى أنّ النظام لن يتمكّن من وضع صناديق اقتراع في أغلب مدن وبلدات محافظتي درعا والقنيطرة.

من جهته، أكد أبو محمود الحوراني، وهو الناطق باسم “تجمع أحرار حوران” المعارض، في حديث مع “العربي الجديد”، أنّ “هناك رفضاً شعبياً كبيراً للانتخابات في محافظة درعا”، مضيفاً أنّ “هناك تهديدات واضحة لكل من يحاول الخروج بمسيرات مؤيدة للنظام ورأسه بشار الأسد”. وقال الحوراني إنّ بعض القرى في المحافظة التي يسيطر عليها النظام بقبضته الأمنية “ربما تشهد انتخابات، لكن المحافظة بشكل عام ضد الانتخابات، ولن يُسمح للنظام بوضع صناديقه”.

وإلى الآن، لم يصدر أي بيان رسمي عن الإدارة الذاتية ذات الطابع الكردي، التي تدير الشمال الشرقي من سورية أو ما يُعرف بمنطقة شرقي نهر الفرات، حيال الانتخابات الرئاسية التي تُقام وفق دستور عام 2012، الذي فُصّل على مقاس بشار الأسد وترفضه المعارضة السورية. ورفض مسؤولون في هذه الإدارة التعليق على هذه الانتخابات، أو تأكيد أو نفي الموافقة على نشر صناديق الاقتراع في المنطقة، وفي منطقة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي والواقعة غربي نهر الفرات، والخاضعة أيضاً لسلطة الإدارة الذاتية.

وكان صالح كدو، سكرتير حزب “اليسار الديمقراطي” في سورية، المتحالف مع حزب “الاتحاد الديمقراطي”، وأحد أحزاب الوحدة الوطنية المشكلة لـ”الإدارة الذاتية”، قال لـ”العربي الجديد” قبل أيام، إنّ “المشاركة في الانتخابات، والسماح بوضع صناديق الاقتراع في مناطق حكم الإدارة، لم يُناقش على مستوى أحزاب الإدارة الذاتية، لكن التقدير العام يشير إلى عدم مشاركة الإدارة وأحزابها في الانتخابات”. وأشار إلى أنّ أحزاب “الإدارة الذاتية” ترى أنّ هذه الانتخابات “مغامرة من جانب الروس والنظام والإيرانيين لفرض الأمر الواقع، وتفتقر إلى دعم المجتمع الدولي ودعم الشعب السوري الذي لا يرى فيها منقذاً للوضع”. بينما رجحت مصادر مقربة من الإدارة الذاتية أن توافق الأخيرة على وضع صناديق الاقتراع في المربعين الأمنيين اللذين يسيطر عليهما النظام في مدينتي القامشلي والحسكة، في تكرار لسيناريو انتخابات عام 2014.

العربي الجديد

————————

الأسد في مواجهة الحرب الأميركية على العراق/ بشير البكر

الحلقة الأولى من مذكرات عبد الحليم خدام التي تنشرها صحيفة الشرق الأوسط، تحدثت عن زيارة بشار الأسد إلى طهران في 16 آذار/مارس 2003، أي قبل ثلاثة أيام من الحرب الأميركية على العراق. وكان هدف الزيارة تنسيق الموقف مع إيران في الوقت الذي كان قد شارف العد العكسي للحرب على نهايته. وكان خدام الذي شارك في الوفد، يشغل في ذلك الوقت منصب نائب الرئيس.

واحتوت الحلقة على محضر لقاءَي الأسد مع كلٍ من المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس حينذاك محمد خاتمي. ويقدم محضر الجلسة الأولى خاتمي على أنه رجل دولة متمرس، على عكس الصورة الشائعة عنه، تلك التي تقول إنه منصرف للشؤون الثقافية والتنظير الفكري. وتقدم الحلقة صورة عامة عن الموقف في دمشق وطهران قبل أيام معدودة من الحرب، وتعكس طريقة تفكير القيادة العليا في البلدين بوضع العراق ومستقبله سواء وقعت الحرب أم لم تقع. ويمكن تسجيل عدة ملاحظات لتقديم صورة وافية عن الزيارة وما دار فيها.

أولاً: هناك مسافة بين خاتمي والأسد في النظر إلى الحرب الأميركية على العراق، ففي حين ينطلق خاتمي من دراسة شاملة للحرب وآثارها على المنطقة، لا يأخذ الأسد منها سوى التهديد الذي تشكله على نظامه، ويظهر من خلال مداخلاته أنه كان خائفا من وصول الحرب إليه، وساق هذا الموقف بلباقة تضع نظامه مع إيران ضمن دائرة الاستهداف. وإذ كرر مخاوفه من وقوع الحرب، فإنه بدا عاتبا على نظام الرئيس العراقي صدام حسين لأنه لا ينسق معه في “حين أنه ينسق مع كل العالم”.

وعلى عكس الأسد كان خاتمي يريد الحرب، وينتظر أن تطيح بنظام صدام حسين، ومن دون أن يعلن عدم مشاركة الأسد الرأي، بدا أن طهران لديها أدق التفاصيل التي تخص العراق وتحضيرات الحرب، ولا سيما وضع المعارضة وموقف واشنطن منها.

ثانياً: ذهب الأسد إلى طهران ليشكل موقفا من الحرب في حال وقوعها. وفي الوقت الذي حددت فيه طهران موقفها من الحرب، وكيفية استثمارها على مدى بعيد، كان الأسد يتحرك في الهوامش، وأخطر ما في الأمر أن ذهابه إلى طهران هو من أجل فهم الموقف الإيراني كي يبني سياسة سوريا على أساسه، الأمر الذي يذكّر بالأحزاب اللبنانية التي كانت تدور في فلك سوريا، ولدى الحاجة إلى تحديد موقف من قضية ما تقصد دمشق كي تتلقى لائحة الإملاءات.

ثالثاً: المنشور في صحيفة الشرق الأوسط هو محضر جلسة، وبالتالي ليس هناك أي مجال للافتراء، أو نسب بعض المواقف من دون سند، وهذا هو أهم ما في الأمر. ويبدو أن خدام نشر المحضر من دون تعديلات، لأن هناك ما يمسه شخصيا حين تدخل وأبدى رأيه، ولكنه لم يلق صدى، وتم التعامل معه باستخفاف من قبل خاتمي. وتمر في هذا الموقف، على نحو خاطف، لهجة التعالي الإيراني على الوفد السوري، ولكنها ملحوظة بوضوح في كل المحضر.

رابعاً: إن عقد اللقاء قبل ثلاثة أيام من وقوع الحرب يطرح السؤال حول سبب تأخيره. ويفترض أن الأجهزة المعنية في البلدين على علم بالموعد التقريبي للحرب، ولم يكن ذلك في عالم الأسرار، بل إن وسائل الإعلام العالمية نقلت تفاصيل التحضيرات الأميركية لبدء العملية العسكرية ضد العراق.

خامساً: تحليل الوضع من قبل خاتمي والأسد أقل عمقا من تحليل خبير إعلامي من العيار المتوسط. وأول اكتشاف عبقري توصلا له هو أن إطالة أمد الحرب سوف يلعب لصالح صدام، في حال واجه الحرس الجمهوري والجيش العراقي القوات الأميركية، ونجحا في إلحاق خسائر بالجيش الأميركي.

سادساً: أبرز المخاوف التي تلتقي عندها إيران وسوريا وتركيا هي الأكراد الذين “يفكرون بإقامة وطن” على حد تعبير الأسد. ودعا الأسد إلى عقد اجتماع بين الدول الثلاث لـ “مرحلة ما بعد نيسان (غير واضح التوقيت)، والموضوع الأول هو الدولة الكردية”. وقال الأسد “إن هذا يجمع التيارات في تركيا من العسكر وغيرهم.. موضوع الدولة الكردية يقلق تركيا وسوريا وإيران والعراق، ويجب التنسيق بيننا في هذا الموضوع”. ويرى خاتمي أن تركيا مهمة لمرحلة ما قبل الحرب وبعدها، “ولكن تركيا تتلقى أوامرها من أميركا”، على حد تعبيره.

سابعاً: هناك مسافة بين فهم الأسد وخاتمي للمعارضة العراقية. ويرى الأسد أن هناك حالتين في المعارضة. واحدة وصلت للنضج ولن تتعامل مع أميركا، والثانية هرولت إلى أميركا عندما أشارت لها. ويعترف الأسد بأنه أكثر من ينسق مع العراقيين “ولكنهم لا ينسقون معنا، وعندما نتحدث معهم عن المعارضة، يقولون نحن لا نخاف من أحد،” ويختم بالقول المشكلة في صدام نفسه. و”يمكن أن نعطي المعارضة وعودا وهمية على الطريقة الأميركية”.

ولكن خاتمي يرى أن موقف المعارضة يتصف بالرعونة وهي لا تروق لأحد، وأكبر برهان أن أميركا عاملتها بطريقة سيئة، وهذا ساهم بعودة المعارضة إلى رشدها بمن فيهم أحمد الجلبي. ويعرض تفاصيل جلسة المعارضة مع المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد قبل الحرب، والذي أبلغهم فيها” نحن لن نقبل بالمعارضة، وسنزرع حاكما عسكريا في العراق، وبعد الهدوء سنضع حاكما سياسيا، وسننشئ دستورا عراقيا، وأقصى شيء يمكننا عمله معكم هو التشاور”.

ثامناً: خلاصة اللقاء بحسب خامنئي أن إيران لا تريد وقوع الحرب، و”إذا قامت لا نريد أن تنتهي بسرعة”، وهذا ما خرج به الأسد من لقاء المرشد “أهم شيء في حال حصول الحرب هو امتدادها حتى تتعب أميركا”. والملاحظ هنا أن المحضر لم يأت على ما دار في الجلسة مع المرشد، ما يفتح الباب لتأويلات كثيرة، ذلك أن موقف خامنئي هو الذي يعبر عن الموقف الرسمي الفعلي.

تاسعاً: كان الأسد خائفا على نظامه في حال أسقطت أميركا نظام صدام. وكرر أمام الإيرانيين عدة مرات أن الدور بعد العراق سيصل سوريا وإيران. وركز على فكرة “الإعداد للمقاومة قبل الحرب”، وهذا ما يفسر موقفه اللاحق بإرسال مجموعات جهادية إلى العراق، تم الإفراج عن أعضائها من السجون السورية بعدما كانت متهمة بالإرهاب.

ولم تكن إيران تشارك الأسد الموقف من الحرب على العراق رغم أنها لم تعلن ذلك، وكانت تطبخ موقفها سرا مع الأميركيين، وما يهمها هو إسقاط النظام على يد أميركا، وسيطرتها على المعارضة لاحقا، وهذا ما تبلور كمسار للوضع العراقي منذ عام 2003 حتى اليوم، ومن ذلك يمكن ملاحظة مدى المسافة بين التفكيرين السوري والإيراني، الأول ارتجالي، والثاني مدروس. ويعكس هذا مسألة على غاية في الأهمية وهي تسليم الأسد بأن العراق شأن إيراني.

تلفزيون سوريا

—————————

بشار الأسد يخوض انتخابات الرئاسة يوم 26 مايو

دمشق: وافقت المحكمة الدستورية العليا في سوريا الإثنين على طلب الرئيس بشار الأسد الترشح بانتخابات الرئاسة التي ستجرى في 26 مايو/ أيار والتي في حكم المؤكد أن يفوز بها.

كما قبلت المحكمة أوراق ترشيح اثنين آخرين هما عبد الله سلوم عبد الله ومحمود أحمد مرعي، لكن فوز الأسد بفترة رئاسية رابعة يكاد يكون مضمونا.

ويحكم الأسد منذ عام 2000 بعد وفاة والده الذي استولى على السلطة في انقلاب عام 1970. وتشهد سوريا حربا أهلية منذ 2011، بيد أن نظام الأسد تمكن من استعادة السيطرة على معظم الأراضي التي كانت في قبضة مقاتلي المعارضة الذين حاولوا الإطاحة به.

ويشترط أن يكون المرشح مقيما في سوريا خلال السنوات العشر الأخيرة، وهو ما يعني استبعاد الشخصيات المعارضة المقيمة في المنفى. كما ألقت السلطات القبض على عشرات النشطاء الذين شككوا في شرعية الانتخابات.

ونددت واشنطن والمعارضة السورية بالانتخابات المزمعة ووصفتها بأنها تمثيلية تهدف لتعزيز حكم الأسد الاستبدادي.

وقال مسؤولون كبار في الأمم المتحدة هذا الشهر إن الانتخابات لا تستوفي قرارات مجلس الأمن الداعية إلى إطلاق عملية سياسية لإنهاء الصراع ووضع دستور جديد وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة “بأعلى معايير الشفافية والمحاسبة”.

——————————–

النظام السوري يضم 300 عنصر من العشائر لـ”الدفاع الوطني”/ جلال بكور

ضم النظام السوري 300 عنصر من أبناء العشائر العربية في دير الزور إلى مليشيات “الدفاع الوطني” التابعة له، قبيل نقلهم إلى جبهات القتال على محاور مختلفة في البادية السورية ضد تنظيم “داعش”.

وذكرت مصادر، اليوم الاثنين، لـ”العربي الجديد”، أن مليشيات “الدفاع الوطني”، وبالتعاون مع مجموعة من الشيوخ والوجهاء التابعين للنظام السوري،قامت بتجنيد 300 شخص من أبناء العشائر العربية في المليشيات.

ويسعى النظام إلى تجنيد المزيد من أبناء العشائر بهدف دعم قواته التي تتعرض إلى خسائر فادحة بشكل شبه يومي.

ولفتت المصادر إياها إلى أن قائد “الدفاع الوطني” في دير الزور فراس الجهام ومجموعة من شيوخ القبائل والعشائر العربية كثفوا خلال الأسابيع الأخيرة من دعواتهم للتجنيد في مناطق سيطرة النظام، بالإضافة إلى حملات التجنيد القسري التي يتبعها النظام في المنطقة.

وأوضحت المصادر أن الشباب في المنطقة، وفي ظل تردي الواقع الاقتصادي والأمني، يجدون في الانخراط في مليشيات “الدفاع الوطني” ملاذاً من الاعتقال ومصدراً للأموال أيضاً، وهي الإغراءات ذاتها التي يقوم قائد الدفاع والوجهاء والشيوخ بنشرها في المنطقة.

وبحسب المصادر، فإن مليشيات “الدفاع الوطني” قامت، منذ بداية إبريل/نيسان الماضي وحتى اليوم، بتجنيد قرابة ألف شخص من أبناء العشائر والقبائل العربية وزجهم في جبهات مختلفة، وبخاصة في البادية السورية حيث تدور مواجهات مع خلايا تنظيم “داعش”.

ووفق المصادر، فإن النظام لم يعد قادراً على تغطية كافة الجبهات بسبب الخسائر المستمرة في قواته وفرار العشرات منها أيضا، لذلك يلجأ إلى التجنيد الطوعي أو القسري.

وتجرى معظم عمليات التجنيد في مليشيات “الدفاع الوطني” في الوقت الحالي بدعم روسي أو إيراني، حيث تنقسم مليشيات “الدفاع الوطني” بين الطرفين من حيث الدعم المالي المقدم لها، وبالتالي تنقسم في ولائها أيضاً.

الرقة

ويعتمد النظام السوري على فراس الجهام، المعروف بـ”فراس العراقية”، في عمليات التجنيد بالمنطقة، وهو قائد “مركز الدفاع الوطني في دير الزور”، ومتهم من قبل الأهالي بارتكاب انتهاكات بحقهم، وكان النظام قد اعتقله عدة مرات بهدف التحقيق، إلا أنه كان يخرج ويعود لمنصبه.

وتشير المصادر إلى أن الجهام يتعرض للتوقيف بدافع من جهات تدعمها روسيا، حيث يعد الذراع الأكبر لإيران في مدينة دير الزور ومحيطها، وهو من يقوم بالإشراف على حفلات التخريج التي يجريها للمنتسبين الجدد إلى مليشيات “الدفاع الوطني”، ويقوم بالإشراف على معسكرات التدريب وتوزيع الأسلحة، كما يوجه الشيوخ والوجهاء أيضاً.

ولفت المصادر إلى أن الأخير لم يكن من ضباط الجيش سابقاً، إنما كان من أصحاب السوابق وأمضى معظم حياته بين السجن وعمليات السرقة والتهريب، قبل أن يضعه النظام قائداً للعصابات المحلية التي تسمي نفسها “دفاع وطني”، ومع اتساع قوته وسيطرته بات ذراعا لإيران.

وتخضع مدينة دير الزور ومحيطها لمليشيات “الدفاع الوطني” والمليشيات المدعومة من قبل الحرس الثوري الإيراني، كما يخضع قسم منها للمليشيات المدعومة من روسيا، وتتنافس جميع الأطراف على تجنيد أبناء العشائر والقبائل في صفوفها.

—————————-

حليفتا الرئيس السوري تنتخبانه/ عمار ديوب

للرئيس السوري أنصاره، والخائفين منه، وأصحاب المصالح، والقانعين بأنّه أنقذهم من حكم “السُنة” لو نجحت الثورة. هؤلاء سينتخبونه، وسيرقصون في “العرس الوطني” وهم يقفون على طوابير الخبز أو الوقود… لساعاتٍ وساعات؛ لا مشكلة في ذلك، المهم ألا يتغيّر السيد الرئيس؛ طبعاً التذمر الاجتماعي يزداد حدّة في مناطق النظام. روسيا أيضاً، وقد اتصل قيصرها بالرئيس السوري لتأكيد أهمية الانتخابات، وكرسالةٍ للعالم، أنّ الانتخابات الرئاسية هذه من أجندة روسيا، وتكملة لمسارات أستانا وسوتشي واللجنة الدستورية وسواها.

أن توافق روسيا على الانتخابات، وربما هي من أعطى إشارة البدء فيها، يعني أن هناك خلافات مستعصية مع أمريكا بخصوص الحل السياسي. لاحظنا ذلك عبر رفضٍ أمريكي وأوروبي لها، بل إن مؤسسات الأمم المتحدة أخذت الموقف ذاته، بحجة أنها تتنافى مع وظيفة اللجنة الدستورية، التي وافق عليها النظام وروسيا. هذا يعني أنّ كافة مخططات روسيا نحو تعويم النظام السوري، في المحيط الإقليمي لسوريا أو عالمياً، لن تفضي إلى نهاية سعيدة. مشكلة الموقف الأمريكي والأوربي والأمم المتحدة، أنه لا يتقدم بخطةٍ لإنهاء الوضع السوري، ويكتفي برفض الخطوات الروسية والاعتراف بها لاحقاً. وبالتالي لن يتغير موقف العالم المتقدم من النظام السوري بعد الانتخابات، وسيظلّ الاعتراف به قائماً. منطقياً، هذا التحليل يقود، ولا سيما بعد عشر سنوات من الثورة والحرب، أن روسيا والحلف المضاد لها متفقان على ضرورة تدمير وتخريب سوريا، والفتك بالسوريين وعلى كافة المستويات، وليس فقط تهجيرهم في جهات الأرض.

أن تشرعن روسيا الانتخابات السورية، ليس نهاية المطاف بالطبع، ويمكن في أية لحظة، وحينما تحصل التسوية الخارجية أن تَسحب شرعنتها؛ الوضع على الأرض يستدعي تلك التسوية، سيما أنّ روسيا ليس من مصلحتها مناوشة أمريكا أو تركيا، وهناك ضغوط مستمرة لفك علاقتها بإيران في سوريا. غياب أفق التسوية، وهذا احتمال ممكن كذلك، يعني أنّ الوضع السوري سيدخل بحالة استنقاع كبيرة، وقد يشهد حراكاً “إرهابياً”، سيما أنّ أمريكا وروسيا خبيرتان فيه، وقد تلجأان إليه لضرب الأخرى في الأراضي السورية، ولأمدٍ طويل، وبذلك تتهالك سوريا أكثر فأكثر.

لن تغيّر الانتخابات شيئاً في موقف الشعب من النظام، وأغلب الظن لن تَنتخب المناطق الواسعة الخارجة عن النظام، لدى فصائل “تركيا” أو هيئة تحرير الشام، وهناك مصاعب شتّى مع الاتحاد الديموقراطي، وقد لا ينتخب “شعب الأخير” الرئيس السوري، وهناك تذمر كبير في درعا والسويداء من سياسات النظام، وعدا ذلك فهناك شعور كبير في أغلبية المدن الواقعة تحت النظام، أن الأوضاع التي حاول النظام تحسين شروط الحياة فيها قليلاً، ستعود إلى ما هو أكثر سوءاً بعد الانتخابات، من انخفاض قيمة العملة وتدهور الأجور وارتفاع في أسعار الوقود من جديد، وهذا يعني جنون الأسعار في الأسواق وزيادة الضرائب، كما جرى منذ بداية 2021.

إنّ الأوضاع العامة في سوريا وصلت إلى ضرورة التسوية، وستزداد سوءاً واستنقاعاً في حال ترسّخت مناطق النفوذ للدول المتدخلة في سوريا. هنا ماذا سيحصل بالبنية الاجتماعية؟ طبعاً لن تتدقرط مجموعات الأمر الواقع، وتأخذ مصالح الشعب هنا وهناك بعين الاعتبار! حيث سيحصل تجذّر أكبر في الانقسامات القومية والطائفية والمناطقية والعائلية وستتراجع العلاقات “الوطنية” والحديثة. تجذّر الانقسامات، سيرافقه انغلاق المناطق الثلاث على ذاتها وتبعيتها للخارج، وستتعفن، وسيزداد الفساد والنهب. التجذّر هذا، لم يعد فعل الداخل السوري، الذي يغيب عنه المشروع الوطني، بل أصبح فعل الخارج، وذلك منذ أن أجمع أغلبية المعنيين بالشأن السوري، أن هذا الشأن أصبح ضمن أوراق الدول الخارجية.

روسيا وإيران بشكل خاص، تنتهجان استراتيجية إبقاء الأوضاع على حالها، ريثما يسيل لعاب الشركات الكبرى للإعمار “النهب” أو تحدث مفاجأة ما، تخفف عنهما العقوبات، ويتم تشريع النظام السوري عالمياً. قطاع ليس بقليل من المحللين يؤكد أن اختلاف المصالح بين الدولتين قائم في سوريا، وهناك استراتيجية أمريكية أوربية تخيّر روسيا بين تسليمها سوريا شريطة ابتعادها عن إيران وطردها من سوريا أو تفشيل كافة مساراتها، ولنقل حدوث استنقاع في مناطق سيطرة النظام إن ظلّت الأوضاع دون حل. الأوضاع حالياً لصالح الاستنقاع وتتفيه كافة العلاقات بين السوريين؛ يحصل لك على أرضية الإفقار الشديد، وغياب الهوية الوطنية، وانهيار قيمي يفكك العلاقات المجتمعيّة وسواها.

سينتخب الروس والإيرانيون والموالون بشار الأسد، ولكن لن يتمكنوا من إعادة تعويمه، ولن تتغير العلاقات بين الخليج وإيران، رغم الإشارات الأخيرة أنّ هناك إمكانية نحو ذلك، حيث تتبادل إيران والسعودية الأحاديث الإعلامية بضرورة إقامة علاقات متوازنة بينهما. لا تمتلك إيران لسوريا مشروعاً خارج التشيّع والتطييف ونهب ثرواتها، وكذلك روسيا، لا تملك مشروعاً آخر خارج السيطرة على سوريا كقاعدة استراتيجية لها في المنطقة والبحر المتوسط والاستيلاء على ثرواتها واقتصادها، كما فعلت عبر الاتفاقيات مع النظام منذ 2015. ما تفعله الدولتان لن يصب في النهاية لصالحهما؛ ولست ممن يَخلد للأفكار السائدة بأنّ التغيير الطائفي في سوريا، أخفض عدد السنة ورفع من أعداد الشيعة والأقليات، وأن أية تسوية لن تغير الوضع العام، وكذلك أن حزب الاتحاد الديموقراطي أصبح حقيقة واقعية، ولن تتغير، وأيضاً أنّ فصائل تركيا وهيئة تحرير الشام لن تشطبا.

ما أراه أن وضع سوريا سيعود إلى سابقه حينما تحصل التسوية، فالتشتت والاستنقاع الحالي يعزّز من بقاء قوى الأمر الواقع، بينما أيّة صفقة ستستفيد منها روسيا خاصة، وهي المرشحة لإدارة شؤون سوريا، وهذا سيفرض عليها شكلاً أوّليّاً من الدقرطة، والهوية الجامعة، ولن تكون خارج سياق شطب قوى الأمر الواقع، وإجراء تغيير كبير في النظام بالضرورة. المقصد هنا، أنّ روسيا لن تستمر في تعويم النظام، أو شرعنة الانتخابات الأبدية التي ستجري بعد حين، فهذا ضد مصلحتها، وكذلك هناك تضخيم بقوى الأمر الواقع بما فيها قوى النظام نفسها!.

سوريا التي ستنتَخب أيها السادة هي سوريا النظام، وسوريا الأخير ليست كذلك إلّا بقوّة الروس والإيرانيين، وهذا سيتغير في أية تسوية قادمة، والأخيرة ستكون في الأعوام القادمة، ومهما قرأنا عن خلافاتٍ كبرى بين الروس والأمريكان.

ليفانت – عمار ديوب

ليفانت

——————————-

رياض حجاب: النظام ليس قادراً على التخلي عن إيران/ جلال بكور

قال رئيس الوزراء السوري السابق رياض حجاب إن الحل في سورية ليس بيد روسيا وحدها، ومنذ تدخلها لم تحقق شيئاً في الحل السوري، ما حققته هو بعض الانتصارات العسكرية لكنها لم تكن ولن تكون قادرة على جلب الاستقرار إلى سورية، مضيفاً أن رئيس النظام السوري بشار الأسد قال إنه لو خير بين روسيا وإيران لاختار إيران.

ورأى حجاب في مقابلة مع “تلفزيون سوريا”، بثت مساء أمس الأحد، أن الحل في سورية يحتاج إلى جهد دولي ومشاركة كل الفاعلين الذين زجوا بجيوشهم للمشاركة في سورية، بالإضافة إلى الدول العربية والإقليمية.

وقال حجاب: “للأسف ليس هناك إرادة دولية لحل المسألة السورية”، مضيفاً: “نتمنى أن يكون هناك دور عربي فاعل ينهي مأساة الشعب السوري ويحقق آمال الشعب السوري”.

وذكر حجاب أن روسيا ترى سورية من خلال بشار الأسد، مضيفاً: “إن هذا لن يؤدي إلى نتيجة، ومهما فعلت روسيا لن تكون قادرة على إنقاذ النظام وإعادة إنعاشه، ومهما بذلت من جهود دبلوماسية، ومهما جلبت من دعم من أجل الاعتراف بالانتخابات، هذا النظام فاقد للشرعية”.

وأكّد حجاب أنه لا ينتظر شيئاً من الروسي، مشيراً إلى أن الزيارة الأخيرة التي أجراها لافروف وصرح خلالها قائلاً: “دعونا نبتعد عن خطاب المواجهة ونذهب إلى طاولة الحوار لحل المشكلات الخلافية”، تبعه استخدام للقوة المتوحشة ضد المدنيين، وضربوا مراكز صحية شمال حلب وفي معبر باب الهوى.

وقال: “بشار الأسد قال لي بالحرف الواحد في إحدى المرات، إذا تمت المفاضلة ما بين الإيرانيين والروسي سأختار الإيرانيين، سأذهب مع الإيرانيين ولن أذهب مع الروسي”، مضيفاً: “بشار الأسد حسم أمره وذهب مع الإيرانيين بالمطلق وسلم سورية للإيرانيين”.

وأكد حجاب على أن “عودة بشار الأسد إلى كرسي الجامعة العربية مكافأة له على قتل السوريين”، مضيفاً: “القرار اليوم في دمشق يتخذه ممثلو روسيا وإيران وليس الأسد”، و”إيران تسعى لتحقيق مصالحها في المنطقة وتعمل على مشروعها الفارسي”، مشدداً على أن إيران تتبع سياسة التخريب في كل مكان تطؤه أذرعها.

ونبّه حجاب أيضاً إلى أهمية الدور العربي في مواجهة إيران وتدخلها في بلدان المنطقة، وقال إنه من المفترض بالدول العربية العمل على وضع مبادرة متكاملة في ما بينها، ومقاربة جديدة تعمل عليها مع الدول الإقليمية والغربية من أجل وضع حد للتدخل الإيراني.

وقال إن المشهد السوري اليوم مؤلم جداً، ويشترك جميع السوريين في المعاناة، داعياً السوريين إلى توحيد الخطاب، ومشيرا إلى أن “الوضع في الداخل السوري على حافة الانهيار، وبخاصة من الناحية الاقتصادية”، وأن السوريين في الداخل محتقنين نتيجة الواقع المتردي.

وتأتي مقابلة رياض حجاب بالتزامن مع سعي النظام السوري إلى إجراء انتخابات رئاسية غير معترف بها من قبل المجتمع الدولي، من أجل التمديد لرئيس النظام بشار الأسد في ظل أزمات عديدة يعيشها النظام، على رأسها الأزمة الاقتصادية الخانقة.

————————-

..وهل يحتاج الاسد الى إنتخابات؟/ ساطع نور الدين

لماذا يحتاج الرئيس بشار الاسد فعلاً الى الانتخابات الرئاسية السورية المقررة في 26 أيار الحالي؟ ولماذا يطلب من الناخبين السوريين الآن “تثبيت رئاسته”، حسب تعبير حليفه اللبناني جبران باسيل؟ وما الذي سيفعله بنتائجها النهائية المحددة سلفاً قبل فتح مراكز الاقتراع وفرز الاصوات..حتى إذا كان هناك منافسون على المنصب؟

فكرة إجراء إنتخابات رئاسية سورية لا تزال تندرج في خانة السوريالية. مع العلم أنه لم يسقط من الحسبان، أن يتم اللجؤ الى تأجيلها، وتمديد الولاية الثالثة للرئيس الاسد لسنة او أثنتين او ثلاث او سبع سنوات كاملة، بما يجنب سوريا وشعبها، الموالي والمعارض على حد سواء، هذا المزاح الثقيل، الذي يعادل إهانة توجه الى نحو 25 مليون إنسان، سيصنفون بمرتبة القصّر او المعاقين سياسياً، الذي لا تناسبهم ولا تليق بهم تلك العملية الانتخابية التي تستحيل الى سخرية مرّة.

الحجج “الدستورية” والسياسية للتأجيل موجودة: المؤامرة الكونية لا تزال مستمرة، والحرب على داعش لم تتوقف، والانهيار الاقتصادي الداخلي لا يتيح حتى الوصول الى الناخبين، لعرض البرنامح الانتخابي للرئيس المرشح، ولا يوفر إمكان نقل المقترعين إلى مراكز التصويت، ومجاملتهم ببعض العطايا والهدايا.. ولا يتيح حتى فرصة العثور على مرشحين يقبلون بمثل هذه المخاطرة، والتعرض للأذى الفعلي، من الاجهزة ومن الجمهور الموالي الذي بدا في الايام القليلة الماضية أنه ليس في وارد القبول بأن يجرؤ أحدٌ على منافسة القائد، حتى على الصورة.

الأنباء الانتخابية الواردة من سوريا أقرب الى الخيال: للرئيس حملة انتخابية خاصة سيطلقها خلال أيام، وللمرشحين الاخرين رجاءٌ وحيدٌ هو ان لا يتم إدراج أسمائهم أو صورهم بإعتبارهم منافسين إنتخابيين حقيقيين، وللناخبين أملٌ وحيدٌ، هو أن يتم إعفاؤهم من هذا “الاستحقاق” الدستوري، ومن ذاك الفحص المخبري لمدى ولائهم للقائد الابدي..تفادياً للوقوع في أي خطأ في الشكل او في الاداء أمام مراكز الاقتراع أو بعيداً عنها.

المشهد السوري الراهن مسيء حتى للرئيس الذي لا يُنافس، والذي يبدو اليوم، في قراره الالتزام بالموعد الدستوري الانتخابي، وكأنه يتطلع الى إكتساب بعض الثقة المهتزة بالنفس، والى إختبار طريقة تعبير مريديه عن التمسك به رئيساً لولاية رابعة.. لم تتعرض عملياً لأي تحدٍ، لا في الداخل ولا في الخارج، بل الى بعض التشكيك بكفاءته، وشرعية إنتخاباته، وهو أمر لا يجادل فيه حتى أقرب الناس اليه، في مجالسهم الخاصة.

لعله العناد الشخصي للمرشح الرئاسي بشار الاسد، أو الاصرار على الزعم بأن الامور تسير على ما يرام، ولا تحول دون الالتزام بمثل هذه العملية الانتخابية، مهما بدت مثيرة للاستغراب والاستهزاء، بل وحتى الشفقة على إنحطاط سوريا الى هذا الدرك السياسي.. حتى بالمقارنة مع ما كان عليه وضعها أيام والده حافظ الاسد، عندما بدأ تجريد السوريين من الحق بالسياسة، وحرمانهم من أبسط شروطها.. التي يكتشفها المهجّرون منهم اليوم في منافيهم المتعددة.

وقد يكون هذا العناد الشخصي معطوفاً على مشورة مزدوجة روسية وإيرانية، جوهرها ليس فقط إبتذال السياسة السورية، حتى في البيئة الموالية، وإحتقار الجمهور أو الحكم بعدم جدارته بالتعبير عن رأيه، بل أيضاً إستفزاز الاعداء والخصوم، الذين شككوا في الانتخابات وشرعيتها، وطالبوا بحق جميع المنفيين بأن يكون لهم صوت.. وليس من المستبعد أيضاً ان يكون الروس والايرانيون نصحوا الاسد بالمضي قدماً في العملية الانتخابية، من أجل فضح المعارضة في الخارج ، التي كادت تتورط في خوض تلك المنافسة، بنصيحة من بعض الخبثاء، لكنها تراجعت بسرعة، وخسرت المزيد من صدقيتها ودورها.

يستكمل السيرك الانتخابي السوري، إستعداداته للعرض الرئيسي المرتقب بعد ثلاثة أسابيع. لكن الامل ما زال معقوداً على ان يتوصل النظام وحليفاه الروسي والايراني، الى أن التأجيل أرحم وأسلم وأشرف من إخضاع الموالين لمثل هذا الفحص السريري الذي يمكن ان يسفر عن المزيد من تلك المشاهد المخجلة، التي تتكرر هذه الايام، ومن إخضاع المعارضين لمثل هذا التحدي لثقافتهم السياسية المكتشفة حديثاً، ولمثل هذا الحرج أمام البلدان المضيفة لهم.

فوز بشار الاسد بالتزكية، لتعذر وجود مرشحين منافسين تتوافر لديهم “الصفات السياسية الشروط الدستورية”، كان ولا يزال (وسيبقى) ممكناً!   

———————–

النظام يطلق سراح هالة الجرف بعفو رئاسي

أطلق النظام السوري سراح مجموعة من الناشطين والإعلاميين الموالين الذين اعتقلهم في فترات سابقة، بموجب عفو رئاسي أصدره رئيس النظام بشار الأسد، الأحد، أبرزهم المذيعة في التلفزيون السوري هالة الجرف.

واعتقلت الجرف، المتحدرة من مدينة السلمية بمحافظة حماة وسط البلاد، في كانون الثاني/يناير الماضي، بعدما انتقدت عبر حسابها في “فايسبوك” الأوضاع المعيشية التي يمر بها السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، وتطرّقت لموضوع الفساد المستشري في تلك المناطق. وأشارت معلومات “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” حينها، إلى أنها اعتُقلت عند إحدى نقاط التفتيش في دمشق، حيث تم اقتيادها إلى فرع الأمن الجنائي في دمشق، علماً أنها واحدة من أقدم المذيعات العاملات في التلفزيون الرسمي.

ونقلت وسائل إعلام موالية أن النظام أطلق سراح الجرف، والصحافيين كنان وقاف ووضاح محي الدين، اللذين اعتقلا وفق قانون الجريمة الإلكترونية وتهم مثل نشر معلومات كاذبة أو وهن عزيمة الأمة أو التعامل مع صفحات مشبوهة، إلى جانب مدنيين لا يعملون في مجال الإعلام اعتقلوا للأسباب نفسها، من بينهم الموظفة السابقة في هيئة الرقابة والتفتيش فريال جحجاح.

وبحسب المعلومات المتداولة، من المقرر أن يشمل العفو الرئاسي، ناشطين آخرين تم توقيفهم، في فترة شهدت تضييقاً متزايداً من سلطات النظام السوري على حرية التعبير، باستخدام تهم مبهمة يمنع فيها النظام المواطنين من توجيه أبسط الانتقادات للواقع المعيشي الصعب في البلاد، ما يشكل استمراراً لانتهاكات حقوق الإنسان في مناطق سيطرته، خصوصاً أن هذه النوعية من التهم (مثل التعامل مع صفحات مشبوهة) يمكن تلفيقها بسهولة لأي شخص لا ينال الرضى المطلوب.

وكان رئيس فرع الجريمة الإلكترونية في الأمن الجنائي بوزارة الداخلية التابعة للنظام السوري، العقيد لؤي شاليش، أوضح إثر اعتقال الجرف، وجود 3 مؤشرات تجعل أي صفحة في مواقع التواصل الاجتماعي “مشبوهة”، أولها عندما يتحدث حساب إلكتروني عن الشأن العام ويحلل ويقيّم المشاكل العامة في البلاد من دون أن يكون مستنداً إلى شخصية اعتبارية. وثانيها أن يكون صاحب الصفحة مقيماً خارج سوريا. وثالثها هو الصفحات التي تطلب مشاركة معلومات عن حالة البلاد من دون مبرر ومقابل.

———————–

مرشحان ينافسان الاسد على الرئاسة..نسخة من العام 2014

وافقت المحكمة الدستورية العاليا التابعة للنظام السوري على 3 مرشحين للرئاسة من أصل 51 مرشح، من بينهم رئيس النظام بشار الأسد.

وقال رئيس المحكمة محمد جهاد اللحام في مؤتمر صحافي الاثنين، إن ثلاث طلبات ترشيح لمنصب رئيس الجمهورية قُبلت ورُفضت الطلبات الباقية، لعدم استيفائها الشروط الدستورية والقانونية.

والمرشحون الثلاثة هم الأسد، وعبدالله سلوم عبدالله، ومحمود أحمد مرعي. والموافقة على أسماء المرشحين يعني أنهم حصلوا على أكثر من 35 صوتاً من أعضاء مجلس الشعب الذي يسيطر عليه حزب “البعث” الحاكم.

ويحق لمن رفضت طلباتهم تقديم طلبات تظلّم خلال خمسة أيام تنظر فيها المحكمة الدستورية خلال ثلاثة أيام.

وقال اللحام إن إعلان الأسماء الحالي لا يعني أنه يحق لأصحابها البدء بالبرنامج الانتخابي، وعليهم الانتظار حتى إعلان القائمة النهائية وتحديد إعلان المحكمة موعد بدء الحملات.

وانتهت المهلة الدستورية المحددة بعشرة أيام لتقديم طلبات الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية في 28 نيسان/أبريل، بتقديم 51 شخصاً طلبات ترشيح.

ومن المقرر إجراء الانتخابات في 26 أيار/مايو، في استحقاق نتائجه محسومة سلفا لصالح رئيس النظام، فيما يُنظر لباقي المرشحين على أنهم “ديكور” للإيهام بأن النظام يسمح بحرية الترشح والمنافسة.

وتبدو الانتخابات الرئاسية المرتقبة نسخة مكررة عن الانتخابات السابقة التي فاز فيها الأسد عام 2014 بنسبة تجاوزت 88 في المئة، وكان في وجهه مرشحان. ويُتوقع أن يحسم نتائج الانتخابات المقبلة دون منافسة تذكر، بعد أكثر من عشر سنوات من نزاع مدمر تسبب بمقتل أكثر من 388 ألف شخص واعتقال عشرات الآلاف ودمار كبير في البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان.

———————–

الأسد يمهد للانتخابات بعفوٍ..يستثني المعتقلين السياسيين

أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد مرسوماً تشريعياً (رقم 13) يتضمن العفو عن مرتكبي الجنح، والمخالفات، وبعض الجنايات الواقعة قبل تاريخ الأحد 2 أيار / مايو الحالي، وفق ما أوردت وكالة “سانا”.

وتتدرج أحكام العفو في هذا المرسوم، الذي صدر على أبواب الانتخابات الرئاسية المقررة في 26 الشهر الحالي، في مستويات متعددة، حيث منح عفواً تاماً عن كامل عقوبة الجنح والمخالفات، عدا ما إستُثني منها كليا، أو جزئياً من أحكام المرسوم، وعن كامل العقوبة في بعض الجنايات كجريمة “النيل من هيبة الدولة”، وجرائم “التهريب”، شريطة إجراء التسوية مع إدارة الجمارك، وجرائم “تعاطي المخدرات”، وجرائم “التعامل بغير الليرة السورية”، شريطة تسديد الغرامات المترتبة لمصرف سوريا المركزي.

وتضمنت أحكام العفو كامل العقوبة لجرائم “الفرار الداخلي والخارجي” من الخدمة في جيش النظام، شريطة أن يسلم الشخص المعني نفسه خلال ثلاثة أشهر بالنسبة للفرار الداخلي، وستة أشهر للفرار الخارجي، إضافة إلى جرائم “الخطف”، شريطة أن يكون المخطوف قد تم تحريره قبل تاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي من دون التسبب بأي عاهة دائمة له، أو إذا بادر الخاطف إلى تحرير المخطوف بشكل آمن ومن دون أي مقابل، أو قام بتسليمه إلى أي جهة مختصة خلال عشرة أيام من تاريخ نفاذ هذا المرسوم التشريعي.

كما قضى المرسوم بشطب ثلثي العقوبة في بعض الجنح، مثل الرشوة، أو تزوير السجلات الرسمية، ونصف العقوبة المؤقتة في كل الجرائم الجنائية، وجرائم الأحداث، عدا ما استثني منها ضمن أحكام المرسوم، وعن ثلث العقوبة في جرائم التهريب، والاتجار بالمخدرات.

وقضى بتخفيض عقوبة “الإعدام” إلى عقوبة “الأشغال الشاقة المؤبدة”، وعقوبة “الأشغال الشاقة المؤبدة” إلى “الأشغال الشاقة المؤقتة” لمدة عشرين عاماً، شريطة إسقاط المتضرر حقه الشخصي.

ولم يشمل العفو المتهمين ب”تهريب الأسلحة والمتفجرات”، و”الخيانة والتجسس والتعامل مع العدو”، وجرائم “الإرهاب التي تسببت بالوفاة”، كما لم يشمل مخالفات البناء، والتموين وجرائم “الحريق”، وجرائم “عصابات الأشرار”، والجرائم المتعلقة بالحق الشخصي كالاحتيال، والشيك بلا رصيد، إلا إذا تم تسديد المبالغ المحكوم بها، أو كان هناك إسقاط الحق الشخصي من المضرور.

ولا يتطرق المرسوم إلى مصير عشرات آلاف المعتقلين السياسيين، باستثناء إشارة عامة تتعلق بما يسمى جريمة “النيل من هيبة الدولة”، لكن “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا” كانت نفت الأنباء المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي، حول تحويل أعداد كبيرة من المعتقلين في الأفرع الأمنية إلى سجن دمشق المركزي تمهيدًا لإطلاق سراحهم ضمن عفو عام بمناسبة الانتخابات الرئاسية.

ويوجه النظام السوري للمعتقلين في سجونه تهماً متعددة، من بينها التورط بتهريب الأسلحة والخيانة والتعامل مع الخارج والإرهاب، وهي تهم استثنى العفو أصحابها.

————————

المحكمة الدستورية توافق على ترشيح الأسد وشخصيتين غير معروفتين للانتخابات الرئاسية

المحكمة تقبل ترشيح وزير الدولة السابق عبدالله سلوم عبدالله ومحمود مرعي المحسوب على المعارضة الداخلية المقبولة من نظام الأسد.

دمشق – وافقت المحكمة الدستورية في سوريا على ثلاث طلبات مرشحين للانتخابات الرئاسية المزمع عقدها الشهر الحالي، وهم الرئيس بشار الأسد الذي يعتبر فوزه محسوما، وشخصيتان غير معروفتين على نطاق واسع.

وأعلن رئيس المحكمة الدستورية العليا جهاد اللحام في مؤتمر صحافي الاثنين، الموافقة على ترشيح الأسد (55 عاما) الذي سيبدأ ولاية رئاسية رابعة، ووزير الدولة السابق (2016 – 2020) والنائب السابق عبدالله سلوم عبدالله، ومحمود مرعي المحسوب على المعارضة الداخلية المقبولة من النظام.

ويتوقع أن يحسم الأسد نتائج الانتخابات بعد أكثر من عشر سنوات على نزاع مدمّر بدأ بانتفاضة شعبية لإزاحته، وتسبب في مقتل أكثر من 388 ألف شخص واعتقال عشرات الآلاف ودمار البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان.

وتُجرى الانتخابات الرئاسية في سوريا مرة كل سبع سنوات. وتعدّ الانتخابات المقبلة الثانية منذ بدء النزاع العام 2011.

وفاز الأسد بالانتخابات الرئاسية الأخيرة في يونيو 2014 بنسبة تجاوزت 88 في المئة من الأصوات، في مواجهة مرشحين آخرين غير معروفين، هما عضو مجلس الشعب ماهر الحجار والعضو السابق في المجلس حسان النوري، وقد اعتبر ترشيحهما في حينه شكليا.

ويرى متابعون أنه عمليا لن يتغير أيّ شيء على أرض الواقع في سوريا من ناحية تنظيم الانتخابات الحالية، التي تبدو محسومة سلفا لصالح الرئيس الأسد الذي يحكم البلاد منذ العام 2000.

وكان 51 شخصا، بينهم سبع نساء، تقدموا بطلبات ترشيح للانتخابات المقررة في 26 مايو، والتي شككت قوى غربية عدّة في نزاهتها حتى قبل حدوثها.

وقالت المحكمة إنه تمّ “رفض باقي طلبات الترشيح لعدم توفر الشروط الدستورية والقانونية”.

ويحق لمن رُفض طلبه الطعن أمام المحكمة الدستورية التي ستبت في الطعون قبل أن تعلن اللائحة النهائية للمرشحين في العاشر من الشهر الحالي.

ويتعيّن على كل مرشح أن ينال تأييد 35 عضوا على الأقل من أعضاء مجلس الشعب البالغ عددهم 250 لتقديم طلب الترشح.

ومن شروط التقدّم للانتخابات أن يكون المرشح أقام في سوريا بشكل متواصل خلال الأعوام العشرة الماضية، ما يغلق الباب أمام احتمال ترشح أي من المعارضين المقيمين في الخارج.

وبعدما ضعفت في بداية النزاع، استعادت القوات الحكومية بدعم عسكري روسي وإيراني، مساحات واسعة من البلاد. وتبقى مناطق محدودة تحت سيطرة أطراف محلية مدعومة من قوى خارجية، وتنظيمات جهادية. ولن تجرى الانتخابات الرئاسية إلا في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية.

وتشهد سوريا أزمة اقتصادية خانقة خلّفتها سنوات الحرب، وفاقمتها العقوبات الغربية، فضلا عن الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور حيث يودع سوريون كثر، بينهم رجال أعمال، أموالهم.

وتنظم الانتخابات بموجب الدستور الذي تم الاستفتاء عليه في 2012، فيما لم تسفر اجتماعات اللجنة الدستورية المؤلفة من ممثلين عن الحكومة والمعارضة، والتي عقدت في جنيف برعاية الأمم المتحدة، عن أي نتيجة.

وكانت الولايات المتحدة وأربع دول غربية أعلنت، بمناسبة مرور عشر سنوات على اندلاع الأزمة السورية، أنها لن تعترف بالانتخابات الرئاسية في سوريا.

وجاء في بيان مشترك عن وزراء الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والبريطاني دومينيك راب والألماني هايكو ماس والفرنسي جان إيف لودريان والإيطالي لويجي دي مايو، أن “الانتخابات الرئاسية السورية المقررة هذا العام لن تكون حرة ولا نزيهة، ولا يجب أن تؤدي إلى أي إجراء دولي للتطبيع مع النظام السوري”.

وأوضح البيان أن “أي عملية سياسية يجب أن يشارك فيها جميع السوريين، بمن فيهم الجاليات والنازحون، لتكون كل الأصوات مسموعة”. وأضاف أن “على النظام وداعميه أن ينخرطوا بجدية في العملية السياسية ويسمحوا بدخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحتاجة إليها”.

———————-

ميدل إيست آي: المسيحيون السوريون يقولون إن الأسد “أخذهم كرهائن

يقول أعضاء من الأقلية المسيحية في سوريا الذين يعيشون الآن في المنفى، إن بشار الأسد تلاعب بالمجتمع أثناء قمعه للمعارضة.

وقال الكاتب سفيان أوبين، في تقريره الذي نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، إنه بعد مرور 5 أعوام ما تزال نجوى (التي رفضت الكشف عن اسم عائلتها خوفا من الملاحقة) تتذكر شعورها بالغثيان عندما ناشدت ضابطا سوريًّا للحصول على معلومات عن ابنها المفقود هاني البالغ من العمر 16 عاما.

علمت نجوى فيما بعد ما حدث من صديق له، فقد أخبرها نبيل، البالغ من العمر 18 عاما، أن رجلا يعمل مع الجيش السوري جند الشابين للانضمام إلى القوات المتمركزة في مطار الطبقة العسكري، شمال محافظة الرقة، لصد هجوم من تنظيم الدولة. ونقل نبيل لنجوى قول المجند: “أنتم المسيحيون صفوة أمتنا، لقد اختاركم بشار الأسد للقتال”.

في اليوم التالي، انسحبت وحدتهم إلى قرية إسرية الخاضعة لسيطرة الحكومة في محافظة حماة. لكنهم لم يصلوا قط، فبعد اللجوء لليلة في مزرعة بالقرب من القاعدة الجوية، تعرضت الوحدة لهجوم من قبل تنظيم الدولة مرة أخرى، وكان نبيل من القلائل الذين نجوا من الرصاص، بعد اختبائه في سيارة، بينما لم يتم العثور على هاني.

قالت نجوى -والدموع تنهمر في عينيها وهي تجلس في مقهى هادئ في الحي اللاتيني بباريس، تروي قصتها للصحفي لأول مرة- “والأسد يجرؤ على القول إنه يحمينا؟!”.

غالبا ما يتم تصوير المسيحيين السوريين على أنهم يدعمون الرئيس بشار الأسد طوال الانتفاضة التي بدأت في 15 مارس/آذار 2011، والتي تصاعدت إلى حرب استمرت 10 أعوام. لكن بعيدا عن دمشق، في فرنسا، يروي اللاجئون المسيحيون الذين نجوا من الحرب قصة أكثر تعقيدا.

التسلسل الهرمي

مع أن جزءا كبيرا من القيادة المسيحية في سوريا اختار بالفعل الوقوف إلى جانب الحكومة السورية، فإن أعدادا لا تحصى من المسيحيين السوريين لا تدعمها، بينما كان آخرون أعضاء نشطين في المعارضة.

لقد أثّر الصراع على المجتمعات المسيحية بشدة. عندما اندلعت الحرب في عام 2011، كان عدد المسيحيين 2.2 مليون نسمة، لكنه انخفض إلى 677 ألفا في عام 2021، وذلك وفقا لمؤشر اضطهاد المسيحيين في بلدان العالم الذي نشرته المنظمة غير الحكومية “أوبن دورز”. وبغض النظر عن ذلك، فإن الأسد، وهو علوي، يقدم عائلته كحليف للأقليات في سوريا.

باستخدام فزّاعة الجماعات الإسلامية المتطرفة، تمكّن الأسد من الاحتفاظ بشرعية نسبية بين صفوف بعض الأوساط السياسية الغربية على الرغم من التنصل الرسمي لحكومته من مسؤوليتها في الانتهاكات، وذلك حسب زياد ماجد، عالم سياسي فرنسي من أصل لبناني وأستاذ في الجامعة الأميركية في باريس.

ويقول ماجد إن النظام السوري “أنشأ تسلسلا هرميا اجتماعيا يميز الأقليات التي يُنظر إليها على أنها (مفيدة) -بما في ذلك جزء من الطبقة العليا والمتوسطة السنية- عن الطبقة العاملة ذات الأغلبية السنية في الريف أو الضواحي”.

في صيف 2012، عندما تصاعد الصراع في أعقاب مذبحة راح ضحيتها أكثر من 100 مدني في المنطقة الغربية من الحولة شمال غرب حمص، انقلبت حياة الدكتور هيثم سعد رأسا على عقب. تم تصويره وهو يعالج المعارض السياسي رياض سيف، أحد المصابين الذين غمروا المستشفيات في العاصمة السورية دمشق بينما كان الجيش يقمع التظاهرات. وبعد فترة وجيزة، تم اعتقال الجراح من قبل فرع من المخابرات السورية وسجنه.

يتذكر سعد أن العديد من عشرات السجناء الذين يتشاركون زنزانته الضيقة الباردة ماتوا من البرد خلال أشهر الشتاء، بينما نزف آخرون حتى الموت بعد تعرضهم للضرب المتكرر من قبل الحراس.

وقال الرجل البالغ من العمر 60 عاما، “عندما تتعرض للتعذيب بالكهرباء من قبل 5 أشخاص في الوقت نفسه، تفضل أن تموت ألف مرة. حاولت إنهاء حياتي بضرب رأسي بالحائط دون جدوى”.

وأضاف “بعد أسابيع قليلة من هذا الجحيم، توسلت إلى معذبي أن يقتلوني”، لكن أحد الحراس اعترض قائلا: “السيد الطبيب مسيحي، لا يمكننا القضاء عليه”. وعندما تم الإفراج عن سعد في يونيو/حزيران 2013، علم أن ابنه قُتل على يد قناص موال للنظام بعد أن هرب من الجيش.

حسب مازن درويش، فإن إطلاق النار على مدنيين مسيحيين أو ضربهم حتى الموت أو تركهم ليموتوا في زنازين السجن من قبل السلطة ذاتها التي تقدم نفسها على أنها حامية لهم ليس غريبًا.

لقد اعتقلت السلطات المحامي ورئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير (وهو منظمة غير ربحية مقرها فرنسا) مازن درويش من عام 2012 إلى عام 2015، وأعلنت منظمة العفو الدولية أنه سجين رأي. هو نفسه من الأقلية العلوية، مثل الأسد، لكن هذا لم يجنبه مصير المسيحيين.

فرّق تسد

أوضح الكاتب أنه في سوريا تحت حكم عائلة الأسد، ربطت الحكومة مصيرها بالأقليات العلوية والمسيحية، مع إعطاء الأولوية لهذه المجتمعات في الوظائف الحكومية أو الامتيازات لتعزيز الدعم.

ويشرح فابريس بالانش، المتخصص في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط ومؤلف كتاب “المنطقة العلوية والسلطة السورية”، أن دمشق “استخدمت” الأقليات الدينية “لبناء نظامها السياسي”.

من خلال الانحياز للمسيحيين والطبقة الوسطى المتعلمة والحضرية من جميع الطوائف، كانت نية الأسد تقديم نفسه على أنه أكثر تقدمية من معظم السوريين، كما يشير عالم السياسة زياد ماجد في كتابه “في رأس بشار الأسد”.

حتى قبل الحرب، أدى هذا التكتيك إلى استخدام ثنائي للعنف. وأشار الكاتب إلى أن باسل خوري، الذي سُجن لمدة عامين في عهد حافظ الأسد في عام 1987 بسبب صلته بالحزب الشيوعي السوري، يعيش الآن في جنوب باريس. وقال لموقع ميدل إيست آي: “أشعر بأنني سوري أولا ثم مسيحي”. يتناقض هدوء الضاحية الباريسية مع ذكرى اعتقاله العنيف في عام 1987 عندما كان طالبا.

ذكر خوري أن “أحد أكبر مخاوف النظام هو تنفير الأقليات، ولا سيما الطائفة المسيحية، التي تتكوّن في معظمها من المتعلمين، فهم يريدون تجنب انتشار وعي سياسي عدائي”.

لاحظ خوري المحاباة التي كان يحظى بها في حياته اليومية كمسيحي في سوريا، خاصة أثناء الحرب. وقال إنه كان ليمر بمحنة لو كان اسمه محمد، في إشارة إلى عمليات التفتيش المتكررة التي تقوم بها الشرطة والإهانات التي يواجهها العديد من المسلمين السوريين.

أعربت نجوى عن تحرجها من مظاهر التمييز التي تلقتها في البلاد، مثل سماح الموظفين الإداريين لها بتخطي الطوابير، وتجاوز سيارتها لنقاط التفتيش دون فحص، وقالت إنها كانت تلمح الغضب في عيون الآخرين من حولها.

أشار زياد ماجد إلى أن تلك المحاباة التي أثارت الاستياء ضد الأقليات الدينية كانت خطوة متعمدة من قبل مسؤولي الدولة، ذلك أن “تأجيج هذا العداء يسمح للحكومة بالادعاء بأنها منقذة الأقليات التي تواجه كراهية الأغلبية السنية، بينما توهم المسيحيين بأنهم يحظون بالأفضليّة”.

من خلال التمييز ضد المواطنين السوريين ودعم الطائفية على الرغم من خطابه العلماني، زعم الحكم البعثي في عهديْ حافظ وبشار الأسد أن له دورا لا غنى عنه في إخماد نيرانٍ أضرمها بيديه.

الورقة الرابحة

نادرا ما ظهر الأسد خارج دمشق في فترة الحرب. لكنه في عيد الفصح لعام 2014، اختار الظهور في قرية معلولا المسيحية رفقة بعض رجال الدين، وذلك بعد أيام قليلة من استعادة القرية من قبضة المتمردين. لم يساور المسيحيين السوريين أدنى شك أن الطرف المستهدف بهذه الصور التي تم بثها حول العالم كان الغرب.

يبدو أن جهوده آتت أُكلها في فرنسا على الأقل، التي تمثّل ملجأ لآلاف المسيحيين السوريين. ففي مقال نُشر في صحيفة “لوموند” الفرنسية بتاريخ 20 أبريل/نيسان 2018، وصف أحد عمال الإغاثة الإنسانية منظمة “حماية مسيحيي الشرق” الفرنسية غير الحكومية بأنها “وكالة ضغط ممتازة وغير مكلفة للأسد”.

تعززت صورة الأسد كمدافع عن الأقليات الدينية مع صعود تنظيم الدولة في سوريا والعراق في عام 2013. ليصبح العدو المشترك للمجتمع الدولي والأسد، حيث هاجم التنظيم كلّ من لم يتبع تفسيره المتشدد للإسلام السني، بما في ذلك المسيحيون ومجتمع الأسد العلوي.

قال الصحفي تيغران يغافيان إنّ “معاملة دمشق الجيدة للأقليات المسيحية قد تكون للتباهي أمام الغرب، الذي انحاز إلى شقّ المعارضة في الحرب، لكن الأهم من ذلك تلميع حكومة الأسد لصورتها أمام حليفها الإستراتيجي الرئيسي منذ 2015 روسيا”.

أشار يغافيان إلى أنّ طبيعة العلاقات الوثيقة التي تربط الكنيسة الأرثوذكسية الروسية بنظيرتها اليونانية في سوريا دينية بقدر ما هي اقتصادية، فقد تلقت كنيسة أنطاكية الأرثوذكسية في دمشق نحو 1.3 مليون دولار من الكنيسة الروسية في 2013.

في 2015، نفّذت الطائرات المقاتلة الروسية غاراتها الأولى على سوريا بمباركة بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الروسية. وفي ذلك الوقت، ادعى فلاديمير بوتين أنه يدافع عن الطوائف الأرثوذكسية الشرقية، حسب ما ذكر يغافيان في كتابه “أقليات الشرق المنسية تاريخيا”.

“أخذنا الأسد كرهائن”

قال السوريون الذين تحدثوا إلى موقع “ميدل إيست آي”، إنّ التركيز الغربي على المسيحيين في سوريا والشرق الأوسط مضلل. صرّح سعد الذي تظاهر في شوارع دمشق إلى جانب مسيحيين ومسلمين على حد سواء بأن “هذه القصص ذات المحور الديني التي تجذب وسائل الإعلام لا تستحقّ كلّ هذه التغطية”.

يرى المؤرخ فريدريك بيشون أنّ وجود مسيحيين بين صفوف المعارضة لا يغير من حقيقة أن المجتمع السني هو المحرك الأساسي للثورة في سوريا. وأضاف بيشون أن المسيحيين لم يشاركوا قطّ في الاحتجاجات بشكل جماعيّ. في المقابل، يرى بعض المعارضين المسيحيين أنّ هذه المشاركة الضعيفة دليل على نجاح الأسد في اتباع نهج “فرّق تسد”.

أكّدت سميرة مبيض، نائب رئيس منظمة “مسيحيون سوريون من أجل السلام”، أنّ المسيحيين ضحايا للأسد مثل بقية المواطنين، ويتعرضون للاستغلال في الساحة الدولية، موضحة أنه “من خلال تقديمه المسيحيين على أنهم أتباعه وحلفاؤه، أخذنا الأسد كرهائن”.

بيّن يغافيان أنّ احتراز المجتمع المسيحي من دعم المعارضة جاء في المقام الأول بسبب هشاشة أوضاعه في سوريا. وفقًا لمسؤول كنسي في دمشق، كان المسيحيون يمثلون 25% من سكان سوريا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وتقلّصت هذه النسبة إلى حوالي 5% قبيل الحرب الأهلية في 2011، وواصلت الانخفاض لتصل إلى 3.6% فقط في عام 2021.

ونقل الكاتب عن أحد سكان حلب سابقا، مستخدما اسم “سمير”، أن أبناء الوطن المسلمين يتهمونه كمسيحي بالتعاون مع الأسد، لكنه يحرص على شرح الدور الذي لعبه المسيحيون على مر التاريخ العربي والسوري وحتى الآن، قائلا: “نحن لسنا مهددين من الجماعات الإرهابية فقط، بل نعاني كذلك من ظلم النظام السوري مثل إخواننا المسلمين. ونود أن نعيش في دولة تحترم الحرية والعدالة”.

المصدر : ميدل إيست آي

—————————-

وسط استياء عام في حاضنة الدفاع الوطني: النظام السوري يُرفَع عراب خسارته في القامشلي/ منهل باريش

انتهت أزمة مدينة القامشلي في شمال شرق سوريا بفرض قوات الأمن الداخلي «أسايش» التابعة للإدارة الذاتية الكردية سيطرتها على أحياء طي والزهور والخليج وحلكو على حساب «الدفاع الوطني» التابع للنظام السوري، برعاية مركز المصالحة الروسية في مطار القامشلي، وصمت النظام السوري.

وتعرض «الدفاع الوطني» إلى خديعة في القامشلي، حيث طلب قائد اللجنة الأمنية والعسكرية في محافظة الحسكة، اللواء معين خضور، وهو نائب قائد الفرقة 17 من الدفاع الوطني المتراجع مسبقا في جنوبي أحياء طي وحلكو والزهور، الانسحاب إلى خارج المدينة، على أن تنتشر الشرطة المدنية التابعة لوزارة الداخلية في حكومة النظام السوري في الحي، وبعد أن تأكدت الشرطة العسكرية الروسية من عملية الانسحاب وإخلاء حي طي والأحياء الملاصقة له، أدخلت عناصر «أسايش» وسلمتهم الأحياء.

في الوقت الذي حافظت مخابرات النظام على مربع أمني صغير في منطقة خزان المياه ومدرسة عباس علاوي جنوب شرق حي طي، وهي المنطقة المواجهة لحي زنود وتشرف على طريق الحزام.

وخَلّفَ ما حصل صدمة في أوساط عشائر قبيلة طي المنتشرة جنوب وشرق القامشلي، وتشكل القبيلة خزان مقاتلي «الدفاع الوطني» سواء في مركز المدينة أو في ريفها، حيث شكله عضو مجلس الشعب السوري وأحد أبرز مشايخ قبيلة طي، محمد الفارس. وساد الغضب في منطقة تجمع قرى قبيلة طي، المحيطة بالقامشلي والتي تبلغ قرابة 20 قرية. اتهم عناصر «الدفاع الوطني» المنحدرين من تلك القرى النظام السوري بأنه تخلى عنهم وقام ببيعهم لـ»الأكراد» حسب تعبيرهم. وكان ضباط من الجيش السوري اجتمعوا مطلع الأسبوع بوجهاء العشائر وقادة «الدفاع الوطني» ووزعوا السلاح على أغلب الشبان القادرين على حمل السلاح، قرب القامشلي. وجاء توزيع السلاح بعد أيام من تحريض مخابرات النظام ودفع بعض شيوخ الصف الثاني في قبيلة طي لإطلاق بيانهم الأول، الأسبوع الماضي والذي ناشدوا فيه القبائل العربية «الوقوف في وجه قسد والمحتل الأمريكي».

وأشارت مصادر مقربة من «الدفاع الوطني» في القامشلي لـ»القدس العربي» إلى أن قادة الدفاع حملوا مسؤولية ما حصل إلى اللواء معين خضور ـ قائد اللجنة الأمنية والعسكرية، فهو الذي خاض عملية المفاوضات في مطار القامشلي، بحضور القيادة العسكرية الروسية وبحضور نوري محمود ممثلا عن «أسايش». ونقل خضور للدفاع الوطني أن الاتفاق نص على «خروج الدفاع الوطني من حي طي وانسحاب قوات الحماية من المواقع التي تقدمت فيها من أجل دخول الحكومة السورية ممثلة بالشرطة المدنية فقط» ما يسهل عودة المدنيين المهجرين إلى بيوتهم.

وتزامنت خسارة حي طي وباقي الأحياء العربية وإقرار اللواء خضور بها، مع ترفيعه من منصب نائب قادر الفرقة 17 ليصبح قائدا للفرقة خلفا للواء نزار الخضر والذي يقود اللجنة الأمنية والعسكرية في محافظة دير الزور أيضاً. وعين القرار الذي أصدره وزير الدفاع العماد علي عبد الله أيوب، العميد نضال دليلة نائبا لقائد الفرقة، ومن المتوقع تكليفه من قبل رئيس النظام، بشار الأسد ليصبح قائدا للجنة الأمنية والعسكرية في محافظة الحسكة.

ويمتلك اللواء خضور معرفة جيدة بمحافظة الحسكة، لخدمته الطويلة فيها، فكان قائدا للواء 123- مشاة التابع للفرقة 17 ويتمركز اللواء في جبل كوكب قرب مدينة الحسكة.

ويدلل ترفيع خضور – رغم فشله في احتواء مشكلة حي طي- على أنه يحظى بدعم من قبل الروس وقيادة النظام وينفذ سياسة النظام في المنطقة الشرقية ويحافظ على التوازنات مع وحدات «حماية الشعب» الكردية بشكل دقيق. ويقوم برسم دور العشائر وشحنهم ضد الأكراد بدون خروجهم عن طاعة النظام.

على صعيد آخر، حمل وجهاء وفاعلون ما جرى في القامشلي لحليفهم الروسي الذي تخلى عنهم لصالح الأكراد، حيث كتب القيادي البعثي وأحد شخصيات النظام في محافظة الحسكة، محمود السالم على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» انتقادا لاذعا لدور روسيا «اتضحت الصورة وسقطت ورقة التوت وتبين أن ما يسمى الحليف الروسي هو حليف مصلحة، لا يرتقي إلى مستوى موقف قيادته والرئيس بوتين» وأعرب عن الحاجة إلى «إعادة حسابات ودور البعث والمواطنين من كل المكونات والفرز سياسيا لا قوميا» مشككا بالدور الروسي في كل الاتفاقيات التي ترعاها «أصبحنا على يقين أن هناك اتفاقيات تحت الطاولة معهم» وطالب السالم «بعدم الوثوق بهذا الوسيط» وأن تكون الرعاية من «جمهورية إيران الإسلامية والتي أثبتت مصداقية مع الشعب والدولة السورية ولم تبحث عن المصالح الشخصية على حساب شعبنا» مذكرا بالانسحاب الروسي من أفغانستان و»ترك الرئيس الأفغاني احمد نجيب وحيدا وسلمت أفغانستان للأمريكان».

على صعيد آخر، هاجم إعلام النظام قوات الأمن الداخلي «أسايش» والوحدات الكردية، بسبب مقتل الملازم أول سعيد هلاله في جيش النظام، وهو من ضباط الفوج 54- قوات خاصة، المتمركز في تل طرطب جنوب القامشلي. واتهمت صفحات مؤيدة للنظام عناصر «أسايش» بتصفية هلاله بأكثر من 15 طلقة وكسر رجله وتعذيبه، بعد أن وصل لأحد حواجزهم التي انتشرت بين حي زنود وحلكو.

في المقابل، أعلن مركز المصالحة الروسية في حميميم غرب سوريا نشر دوريات روسية في مدينة القامشلي، بهدف ضمان وقف الاشتباكات بين «أسايش» وقوات «الدفاع الوطني» التابعة للنظام السوري. وقال نائب رئيس المركز اللواء ألكسندر كاربوف في تصريح لـ»روسيا اليوم» الثلاثاء: «تقوم قوات الشرطة العسكرية الروسية بتسيير دوريات في أحياء مدينة القامشلي، تغطيها المروحيات الروسية، من أجل منع الاستفزازات». معتبرا أن جهود المركز «أدت إلى وقف الاشتباكات في القامشلي واستقرار الوضع فيها».

وأتت تصريحات الجنرال الروسي، بعد يوم من بدأ عودة أهالي أحياء طي وحلكو وزهور والخليج إلى منازلهم التي غادروها ابتداء من 20 نيسان (ابريل). وقامت «أسايش» بتوزيع السلال الإغاثية التي وجدتها في مقرات الدفاع الوطني على الأهالي ويقدر عددها بنحو 4 آلاف سلة. كما قامت الإدارة الذاتية بتوزيع الغاز المنزلي على بيوت العائدين، وقامت بتنظيف الحي وشوارعه خصوصا الأكثر شعبية في منطقة الجماسة التي تربى بها الجواميس، وهي أكثر المناطق شعبية وفقرا وغالبية قاطنيها من عشيرة الشرابين.

وتستغل «أسايش» سوء وضع الحي خلال سيطرة «الدفاع الوطني» فتحاول تعويض الأهالي وكسب رضاهم من خلال تقديم المساعدات الإنسانية، وعدم التعرض لأي من العائدين أو مضايقة أسر المنتمين إلى «الدفاع».

ان خسارة الأحياء العربية في القامشلي، لا تعني خروج النظام من القامشلي إطلاقا، فالنظام يحافظ على وجوده في المربع الأمني شمال المدينة، والدوائر الحكومية والمستشفى الوطني ومطار القامشلي، إضافة إلى الفوج 45 – قوات خاصة في تل طرطب وكذلك يسيطر على طريق القامشلي- الحسكة. في حين يبقى احتمال انتقال تبعية الدفاع الوطني إلى إيران هي أخطر المتغيرات على النظام الذي فقد دعم أغلب العشائر العربية الصلبة المتبقية في محافظة الحسكة.

القدس العربي

———————–

===================

تحديث 04 أيار 2021

————————-

الكرنفال الانتخابي للرئيس الحاكم بأمر غيره/ عبد الباسط سيدا

ما يُستشف من المعطيات والمؤشرات الدولية والإقليمية، ومن الوقائع التي نشاهدها على الأرض، ومن تصريحات النظام في سورية وممارساته، ومن اصطفافات هيئات المعارضة الرسمية ومنصّاتها، أنّ لا حلّ سياسياً قريباً للموضوع السوري، بل لا بوادر لإمكانية الوصول إلى حلٍّ ما في المدى المنظور، فالولايات المتحدة تبدو غير مكترثة به، إلّا من زاوية ارتباطه بالموضوع العراقي، وأهميته بالنسبة إلى الأمن الإسرائيلي. هذا بالإضافة إلى إمكانية استخدام الورقة السورية في موضوع العلاقة المستقبلية مع كلّ من روسيا وتركيا؛ مع الأخذ بالاعتبار موضوع الملف النووي الإيراني الذي من الواضح أنّه من ضمن أولويات إدارة الرئيس جو بايدن، هذا على الرغم من لعبة الشدّ والجذب التي نشهدها حالياً بين الجانبين، الأميركي والإيراني.

أما الروس، فهم في عجلةٍ من أمرهم، يسعون إلى البناء على نتائج تدخلهم العسكري، لتكريس نفوذهم الاستراتيجي في منطقة شرقي المتوسط؛ ونسج العلاقات مع مختلف الأطراف، تأسيساً لبقاء طويل الأمد، فهم قد تحولوا إلى عامل مؤثر في الشؤون الداخلية السورية، سواء من جهة النظام أم من جهة المعارضة بمختلف توجهاتها. كما أنهم ينسجون العلاقات مع الأوساط الشعبية المتردّدة التي فقدت الأمل بالمستقبل، وتعاني، في الوقت ذاته، من أزمة اقتصادية خانقة، تهدّدهم في أبسط مقومات العيش. وهذا ما يدفع بعضهم إلى الانخراط ضمن المليشيات التي يشرف عليها الروس من ناحية، والإيرانيون من ناحية ثانية، بغية تأمين مصدر للدخل، يمكّنهم من إعالة أسرهم المغلوبة على أمرها.

هذا في حين تسعى كلّ من إيران وتركيا إلى بلوغ صيغةٍ من الربط العضوي البنيوي، لدمج المناطق والأوساط السورية الخاضعة لنفوذهما ضمن إطار مشاريعهما الإقليمية الراهنة والمستقبلية. وقد دفع السوريون، وما زالوا يدفعون، الكثير ثمناً للمشروع التوسّعي الإيراني الذي تنعكس نتائجه السلبية في واقع دول عدة من دول المنطقة. ويُشار هنا بصورة خاصة إلى كلّ من سورية ولبنان والعراق واليمن.

أما على صعيد العامل الداخلي السوري، خارج دائرة النظام، فلا توجد بوادر مشجّعة توحي بقرب الوصول إلى توافقاتٍ مطلوبة، الفرعية منها والعامة. هذا على الرغم من كثرة المشاريع والإعلانات والتحرّكات؛ ووصول الجميع إلى قناعةٍ بأهمية وضرورة توحيد الرؤى والمواقف للوصول إلى برنامج وطني جامع، يطمئن كلّ السوريين؛ وإنّما على النقيض من ذلك نرى أنّ بعضهم ما زال يصرّ على المفاهيم والتوجهات التي ثبت في الواقع العملي عدم جدواها، بل تأكد إسهامها في تفرقة السوريين، وتحويل بلادهم إلى ساحةٍ لتجريب مشاريع وأسلحة الآخرين.

وفي هذه الأجواء، وكما كان متوقعاً، أعلن النظام عن انتخابات التجديد لنفسه بدعم من روسيا وإيران، ولكلّ منهما حساباتها الخاصة التي قد تتقاطع أحياناً، وتفترق أحياناً أخرى. وفي المحصلة النهائية، كانتا، وما زالتا، إلى جانب النظام، وقد مكّنتاه من البقاء، ليكون واجهة رسمية، تشرعن تدخلاتهما وفتكهما بالسوريين، وتهجيرهم وتدمير مدنهم وبلداتهم، والاستحواذ على موارد بلدهم، والتغلغل إلى عمق المؤسسات السيادية، والتحكم بسكنات (وحركات) رأس النظام الذي ما زال يصر على انتصاره المزعوم في مواجهة المؤامرة الكونية، وهو الانتصار الذي كان على أشلاء السوريين وتطلعاتهم ومستقبل شبابهم وأجيالهم المقبلة.

وعلى الرغم من المواقف التي نسمعها هنا وهناك، سواء من الأميركان أو الأوروبيين، مع ضبابية لافتة في مواقف دول عربية كثيرة؛ بل هناك من دعا إلى ضرورة الانفتاح على النظام، وأصر على ذلك، وعلى إعادته إلى النظام الرسمي العربي علناً، إلّا أنّ تلك المواقف لا تخرج عن نطاق استمرارية عقلية إدارة الأزمة، فالمندوب الأممي، غير بيدرسون، أعلن، في إحاطته أخيراً أمام مجلس الأمن، أنّ هذه الانتخابات لا تدخل ضمن دائرة مهتمه التي قد كُلف بها من الأمم المتحدة، وهي مهمةٌ تتمثل في مساعدة السوريين في كتابة دستور يوحّدهم، وإجراء الانتخابات بناء على ذلك الدستور، وبإشراف أممي. وهي المهمة التي حدّدها مبعوث الأمم المتحدة السابق، ستيفان دي ميستورا كما نعلم، وبالتفاهم مع القوى الدولية المعنية بالملف السوري، وذلك بعدما نجح، وبالتناغم مع المساعي الروسية، في إخراج موضوع الهيئة الانتقالية من دائرة المفاوضات؛ مع أنّ مشروع الحلّ الأممي الذي وضع أسسه كوفي عنان يتمحور أصلاً حول تلك الهيئة، وقد أكد بيان جنيف1 عام 2012 ذلك. وبذلك، تبنّى دي ميستورا، في واقع الحال، نتائج مسار أستانة، واجتماع سوتشي، حتى ولو من دون الإعلان عن ذلك بصورة رسمية. كما أنّ المندوبة الأميركية في مجلس الأمن، ليندا توماس غيرينفيلد، أعلنت عن عدم اعتراف بلادها بتلك الانتخابات، ودعت، في الوقت ذاته، إلى مساعدة السوريين، وشدّدت على أهمية موضوع المساعدات الإنسانية، وضرورة الإبقاء على معبر باب الهوى. والأمر ذاته بالنسبة إلى المواقف الأوروبية.

مع ذلك كله، ستجرى الانتخابات الرئاسية في سورية في الوقت المحدد لها بدعم وتغطية روسيين، وسيتم التجديد لرأس النظام بآلياتٍ مافياوية، يسخر أصحابها من جميع المبادئ الديمقراطية، بل يسخرون من السوريين، جميع السوريين؛ إن لم نقل “يحتقرونهم” ويعتبرونهم مجرّد كتلة هلامية، المطلوب منها الطاعة، وإعلان “المبايعة الجمهورية” عبر انتخاباتٍ هزليةٍ تضليلية، اعتاد عليها السوريون منذ سيطرة حافظ الأسد على الحكم في بداية السبعينات، وهي الانتخابات الاستفتائية التي كانت نسبة الموافقين فيها لصالح النظام تبلغ دائماً، وفق التخريجات الرسمية، 99.99%، هذا في حين أنّ نظام صدام حسين قد حطّم لاحقاً هذا الرقم القياسي لـ “يفوز” بنسبة 100%.

واليوم يبدو أنّ هناك رتوشاً تزيينية قد أجريت بغرض تسويق الوجه القبيح للعملية برمتها. لكنّ ما يجري في هذا السياق لا يخرج واقع الأمر عن نطاق الاستهتار بالسوريين، واستغلال المواقف الدولية والإقليمية التي من الواضح أنّ معاناة السوريين وتطلعاتهم لم تعد من أولوياتها. كلّ ما هنالك مجرّد تصريحات إعلامية، الغاية منها تبرئة الذات، والحرص على التحكّم بالموضوع السوري، ليكون ورقة من بين أوراق الضغط والمساومة في اللعبة الأممية الكبرى التي تتوالى فصولها في مناطق مختلفة من العالم؛ مع بوادر حرب باردة جديدة، من المرجح أن تكون الصين فيها طرفاً، إلى جانب الروس، في مواجهة الولايات المتحدة وحليفاتها في الغرب، وجنوب شرقي آسيا، والقوى الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً إسرائيل التي تظل العامل المؤثر في الموضوع السوري، وهي اليوم على تواصل مستمر مع الروس والأميركان بخصوص الواقع الحالي، والترتيبات المستقبلية في سورية، لا سيما من جهة الوجود الإيراني والمخاطر التي يمثلها، والمآلات التي قد تكون.

والتزاماً من روسيا بتعهداتها الدولية التي سمحت لها بالدخول العسكري إلى جانب النظام في سورية عام 2015، يلاحظ أنّها حريصةٌ، من وقت إلى آخر، على تعزيز التواصل بينها وبين إسرائيل. وهناك تسريبات عن وساطة روسية في ترتيب لقاءات مباشرة بين المسؤولين الإسرائيليين ومسؤولي النظام، وهذا ليس مستبعداً؛ بل مرجّح، طالما أنّه يحقق للأخير فرصة البقاء، فهذا النظام الذي هجّر، من أجل المحافظة على سلطته، أكثر من نصف السوريين، وتسبّب في قتل نحو مليون إنسان، فضلاً عن اعتقال وتغييب مئات الآلاف، وتدمير البلد، مستعدٌّ لفعل أي شيء، فهو قد وصل إلى مرحلة اللاعودة مع السوريين، وهو يدرك أن جميع السوريين، بمن فيهم من يُحسبون عليه قد باتوا على قناعةٍ بأنه يجسّد أساس الداء الذي لن يُعالج طالما هو قائم.

الانتخابات ستجرى، وسيُعلن “فوز” بشار الأسد، وستظل وضعية مناطق النفوذ على حالها، بل ربما تصبح خلال سنوات من حكم بشار حالة تقسيم عملية، حتى وإن لم يُعترف بها رسمياً على المستويين، الدولي والوطني. وأمر من هذا القبيل سيكون منحىً خطيراً ينذر بتهديد وجودي لسورية، شعباً وأرضاً، إذا ما استمرّت الأوضاع الراهنة بأبعادها المختلفة على حالها، خصوصاً من جهة النخب السورية التي يبدو أنها قد شُلّت في مواجهة العصبيات الطائفية والقومية والمناطقية، وحتى الأيديولوجية، التي أسهم النظام أكثر من نصف قرن في خلقها، ورعايتها، واستخدامها أداة للتحكّم بالسوريين، وجعلهم مجرّد جسم سلبي ينتظر ما سيُفرض عليه، وسيُقرّر بشأنه.

وحتى لا تهيمن علينا النزعة السوداوية، نشير هنا إلى الإجماع السوري على التعبير عن الحزن الوطني برحيل ميشيل كيلو، وهو الإجماع الذي جسّد توجهاً سورياً وطنياً يؤكد أهمية العيش المشترك، واحترام الآخر المختلف، والتوافق على مشروع عام يكون بالجميع وللجميع، ومن دون استثناء… هل سنتمكن من توظيف هذا الحس السليم لصالح ما يمكّن السوريين من النهوض؟ أم أنّه سيظل مجرد حالةٍ عاطفيةٍ مشروعة، سرعان ما ستغطي عليها التباينات والخلافات والتناغمات مع مشاريع الآخرين؟ هل سنرتقي إلى مستوى ما يحترم تضحيات السوريين وتطلعاتهم؟ هذا هو السؤال الأهم.

العربي الجديد

—————————–

كيف يفكر بشار الأسد؟/ عمر قدور

تراجعت الأرقام التي تعلنها سلطة الأسد عن الإصابات والوفيات بكورونا في الأيام الأخيرة، وكانت هذه الأرقام قد ارتفعت إلى أعلى مستوى لها إثر الإعلان عن إصابة بشار وأسماء بالفيروس، لتستقر قريبة من ذلك المستوى في الأسابيع الماضية. انخفاض الأرقام المعلنة وإن أتى متدرجاً فبسرعة، بسرعة انخفض عدد الإصابات إلى النصف وكذلك عدد الوفيات. الآن أمام الفيروس مهلة قصيرة، إذ يتوجب عليه الانسحاب من البلاد قبل الاقتراع لولاية رئاسية جديدة لبشار.

مَن يتابع القليل من أخبار سوريا يعلم أن الأرقام المعلنة لا تعكس أصلاً تفشيَ الوباء، وما يرافقه أحياناً من فظاعات تُسجّل للنظام الصحي، وسيّان لو صدرت الأرقام عن مسؤول صحي أو عن ضابط في المخابرات بما أنها اعتباطية منفصلة عن الواقع. سيّان أيضاً لو، بدل تخفيض الأرقام المعلنة، استمرت تلك الجهة على المستوى القديم، بل زادت فيه واعتبرت خروج المقترعين للتصويت لبشار تحدياً للفيروس، أو استعداداً للتضحية بالأرواح من أجل بقائه. نحن لا نعلم مَن هو صاحب القرار الذي رجّح هذا الاحتمال على ذاك، مع أن المسخرة التي في الاثنين تبدو متعادلة.

على الأهمية والأولوية التي ينبغي أن تحظى بهما صحة السوريين، ربما لا ينتبه سوى قلائل إلى هذا التفصيل الصغير في الديكور المهلهل للانتخابات، إذ هناك في الديكور الرئيسي والممثلين مادة فاقعة للهزل جديرة بالتغطية على ما عداها. وهنا صار واضحاً الابتذال المتفاقم للسيرك الانتخابي الجديد، حتى قياساً إلى سابقه، من دون أن نعلم بدقة من هو المُخرج المنفذ، وإن كان بطبيعة السلطة لا يخرج عن توجيهات المخرج الأول بشار الأسد.

في افتتاحية “المدن” “وهل يحتاج الأسد إلى انتخابات؟” يطرح الزميل رئيس التحرير ساطع نور الدين أسئلة يمليها العقل أمام الابتذال الذي يقدّمه الأسد لمناسبة التجديد له، الابتذال الذي يمسّه ويمسّ جمهوره المفترض قبل أن يمسّ باقي السوريين أو المنظومة الأخلاقية العامة. تأتي أسئلة الزميل ساطع من موقع العقل البارد الذي ينحّي “مؤقتاً” انحيازاته السياسية والقيمية، ومع ذلك لا يجد بدّاً من اقتراح مسار آخر تقتضيه مصلحة بشار ومؤيديه بدل السيرك الحالي، بينما من المرجح أن يوغل صاحب المصلحة في الخيار الأسوأ، بل ولا يُستبعد “نجاحه” في خياره ليكون مثالاً لمناسبات قادمة!

كيف يفكر بشار الأسد؟ ربما كان هذا السؤال مستتراً وراء دهشتنا أو سخريتنا أو مناقشاتنا لسلوكه، ليس الآن فقط بل منذ استلامه السلطة. لدينا الكثير من الأمثلة السابقة على الثورة، سورياً ولبنانياً وحتى إقليمياً.

نحن، بقليل من العقل، نستنتج أن المعنيّ أضاع فرصة التصالح مع السوريين عندما تسلم السلطة، وكانت غالبيتهم مستعدة لطي أسوأ ما في صفحات والده لقاء إصلاحات بسيطة لا تمسّ قبضته القوية على السلطة، ولا تمس حتى تحويل البلد إلى جمهورية وراثية. كان سهلاً ترك القليل من المعارضين، الذين طالبوا بدايةً بإصلاح تدريجي يقوده بشار، طلقاء لا زجهم في السجون، الأمر الذي سيحسّن من صورته داخلياً وخارجياً. هكذا نفكر نحن لا هو.

كان اللبنانيون قد شذّبوا قليلاً رجل المخابرات غازي كنعان، وهو بدوره راق له ذلك التميز عن أقرانه، ليأتي تعيين رستم غزالي مكانه كتفضيل فاجر للبلطجة على ما تعايش معه اللبنانيون من مستوى يراعي قليلاً من كراماتهم. كذلك كان الحال مع تعامل بشار نفسه مع الرئيس رفيق الحريري، قبل الوصول إلى تصفيته. فقط في سلطة كهذه، وخارج أي منطق وعقل، يحدث أن يطالب رستم غزالي الراحلَ بأن يدفع له مبكراً “الخوّة” المعتادة لشهر شباط، لأنه يريد الحصول على المبلغ قبل مقتله الذي كان يعلم بحدوثه.

بعقل بارد لا يتوقف عند أخلاقية طلب المال من قتيل لاحق، كان يُفترض معاقبة رستم غزالي على خطيئة مخابراتية، وما حدث أن زعيم حزب الله كرّمه وأهداه بندقية، ثم عُيّن في منصب مخابراتي في سوريا بسبب اضطرار بشار إلى سحب قواته من لبنان. قبل ذلك، عام2004، أبقى بشار على محافظ الحسكة نكاية بالأكراد، وكان لذلك المحافظ دور بارز في إشعال الانتفاضة الكردية بإشهار مسدسه وإصدار الأوامر بإطلاق النار على محتجين أكراد، قبل انتشار المظاهرات خارج القامشلي، وفي وقت متأخر جداً تم نقله ليكون محافظاً لمدينة ثانية ثم ثالثة!

في أول خطاب له “أمام مجلس الشعب” بعد اندلاعها، اعتبر بشار جانباً من الثورة بمثابة امتداد للهجوم عليه عام2005، أي طرده من لبنان. في خطابه ذاك أفرط بشار في الضحك، واعتبر “الأزمات حالة إيجابية” إذا استطاع السيطرة عليها، وثمة من أخطأ في التركيز على القرابة التي تربطه بعاطف نجيب، رجل المخابرات الذي اعتقل أطفال درعا واستفز أهاليها، فالقرابة ليست هي ما منعه من معاقبة ابن خالته. هو قبل ذلك لم يعاقب رستم غزالي ولا محافظ الحسكة، وفي حادثة شهيرة أثناء إعداده لوراثة السلطة طالبه أهالي حلب بإقالة المحافظ فعيّنه رئيساً للوزراء مع إشادة به غير مألوفة لدى تعيين رؤساء الحكومات.

استطراداً لما يمليه العقل البارد، من السهل رؤية النتائج الكارثية لسياسات بشار، فهو اضطر إلى الانسحاب من لبنان مع تبعات ذلك بإضعافه إقليمياً وسورياً، وبتبعيته المتزايدة لطهران. رفضُه الإصلاح المتدرج البسيط أدى في النهاية إلى الثورة، ونجاحه في التصدي لها ثمنه النفوذ الإيراني ونظيره الروسي، وهو بحساب بسيط قدّم لهما أكثر بكثير مما كان مطلوباً منه تقديمه للسوريين. ذلك كله يتسق مع تفاصيل السيرك الانتخابي الحالي، إذ كان يمكن له إخراجه على نحو أقل ابتذالاً، ومن أجله هو كان يمكنه مثلاً عدم اختيار مرشح “من بين اثنين وقع عليهما الاختيار” معروفٌ بأنه مُخبر، من دون أن نعرف عدد أجهزة المخابرات التي يقدّم لها خدماته.

الحق أن عقلنا البارد يبقى قاصراً على الإحاطة بحالة لها منطقها الخاص، فالعقل البارد مهما تجرد عن القيم لا بد أن يلحظها أحياناً من باب المصلحة، إذ لا مصلحة مثلاً يراها العقل بالدوس المستمر على كل ما هو مشترك مع الآخرين، ولا مصلحة يراها في الابتذال الذي لا يكون عارضاً بل يؤسس لابتذال لاحق أشد. في مواجهة هذا العقل قد يأتي أسدي بمنطق آخر “مشروع”، يدافع عن الكيفية التي يفكر بها بشار بصدق، فيطرح علينا هذا السؤال: أليس من العبقرية أن يرتكب كل ما ترونها أخطاء ثم يبقى في السلطة؟ 

المدن

———————-

معهد واشنطن: هل الجمود هو الخيار الأقل سوءاً في سوريا ؟

على واشنطن أن ترفض “إعادة انتخاب” الأسد الزائفة

إذا كان من أجل تجنب نتائج أسوأ بكثير ، يجب على واشنطن أن ترفض “إعادة انتخاب” الأسد الزائفة وأن تستمر في دعم الضربات الإسرائيلية ، وقدرة ( ما يسمى ) قوات سوريا الديمقراطية على البقاء ، ومساعدة اللاجئين.

بعيدًا تحت سطح انشغال إدارة بايدن المفهوم بالمشاكل في الداخل ، ومع الصين وروسيا في الخارج ، يدور نقاش هادئ حول سياستها تجاه الأزمة السورية التي لا تنتهي أبدًا نحو نتيجة. السؤال الأساسي هو ما إذا كنت ستبقى على المسار الحالي غير الحاسم ، أو تختار شيئًا مختلفًا.

تشير المحادثات الخاصة مع كبار المسؤولين من الأطراف المهتمة إلى أن السؤال لم تتم الإجابة عليه بعد ، مما يترك السياسة الأمريكية في طي النسيان ، أو “الطيار الآلي” ، حتى يتم الانتهاء من المراجعة واتخاذ قرار. في الواقع ، فإن عدم اليقين بشأن النوايا الأمريكية هو الشيء الوحيد الذي يمكن لجميع الأطراف الإقليمية الرئيسية في هذه المرحلة – العرب والإسرائيليون والأتراك والأكراد – الاتفاق عليه الآن.

بعد عقد من متابعة الصراع السوري المأساوي ، في اتصال منتظم مع جميع الأطراف ، فإن حكمي – لدهشتي وفزعي – هو هذا: القرار يجب أن يكون في الغالب من أجل المزيد من الشيء نفسه ، مع بعض التعديلات على الهامش. لن يحل هذا الوضع المأساوي في سوريا. ومع ذلك ، فمن المحتمل أن يمنعه من أن يصبح أسوأ – وهو أمر يمكن أن يحدث بالفعل بشكل مثير للدهشة. ينصب التركيز هنا على نقاط القرار الدبلوماسية والأمنية الأكثر إلحاحًا اليوم. القضايا الأخرى الأكثر أهمية ومتوسطة المدى – بما في ذلك التحديات الإنسانية والسياسية الرئيسية في المناطق النائية مثل إدلب ودير الزور والتنف ودرعا والسويداء – يجب أن تنتظر مقالًا للمتابعة قريبًا.

في الوقت الحالي ، هناك ثلاث تحولات جديدة تدفع بسوريا إلى مرتبة أعلى قليلاً على جدول الأعمال. الأول هو “إعادة انتخاب” بشار الأسد لولاية أخرى مدتها سبع سنوات كرئيس ، في أواخر مايو – مرة أخرى ، بدعم روسي قوي. ثانيًا ، تصعيد الاشتباكات المحلية بين قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد والميليشيات الموالية للنظام في قامشلو ونقاط أخرى في الشرق – لكن دون أي تهديدات أو تدخلات تركية ، على الرغم من النجاحات الكردية المحدودة حتى الآن. ثالثًا ، عودة متواضعة للغارات الجوية الإسرائيلية وعمليات التخريب الظاهرة ضد كل من الأهداف الإيرانية والنظام في سوريا وحولها – في حالة واحدة ، كرد انتقامي على صاروخ سوري ربما يكون ضالًا أصاب بشكل خطير بالقرب من مفاعل ديمونة النووي الإسرائيلي.

كل التطورات الثلاثة تعزز الوصفة القاتمة لي للبقاء في المسار. إنهم يميلون إلى تأكيد اقتراحين رئيسيين: أولاً ، لا يمكن للولايات المتحدة الاعتماد على موسكو للمساعدة في سوريا. ثانيًا ، يمكن للولايات المتحدة ، مع ذلك ، الاعتماد على كل من إسرائيل و ( ما يسمى ) قوات سوريا الديمقراطية ، في كل حالة دون مخاطر كبيرة من حدوث تصعيد كبير أو تداعيات سلبية على الجبهات الأخرى. دعونا نلقي نظرة على هذه الزوايا بدورها ، مع بعض التبسيط المفرط الذي لا مفر منه من أجل الإيجاز.

فيما يتعلق “بإعادة انتخاب” الأسد التي تلوح في الأفق ، تحدثت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ، ليندا توماس جرينفيلد ، بقوة في مجلس الأمن ضد هذه العملية “غير الشرعية” ، في الأيام القليلة الماضية فقط. رددها الأعضاء الأوروبيون. لكنها عارضتها روسيا ، في أحدث ضربة للوهم المستمر منذ عقد من الزمن بدق إسفين بين بوتين والأسد.

هذا الموقف الأمريكي هو الصحيح ، على الرغم من أن الأسد لا يمكن طرده الآن. من الواضح أن نظامه مذنب بارتكاب الإبادة الجماعية ضد شعبه كما تسمي إدارة بايدن الآن الإمبراطورية العثمانية ، أو الحكومة الصينية. وفي حالة الأسد ، لا توجد أسباب تعويضية جيدة لابتلاعه بشدة وقبوله على أي حال.

الأساس المنطقي الإنساني المفترض لهذا الأمر معيب بشكل قاتل. من شأن أي تخفيف للعقوبات أو مساعدات أو مشاريع إعادة الإعمار أن يفيد بشكل غير متناسب ذلك الطاغية القاتل وأعوانه ، وليس الشعب السوري ككل – وبالتأكيد ليس 6 ملايين لاجئ سوري أخرجهم من بلادهم ، والذين ترتبط عودتهم الطوعية بشكل عكسي قبضة الأسد الشخصية على السلطة. إذا كانت الولايات المتحدة تريد الاستمرار في مساعدة الشعب السوري ، فعليها أن تحافظ على دورها الريادي كمانح لهؤلاء اللاجئين. وعليها أن تأخذ بعين الاعتبار تحولًا واحدًا على الأقل في السياسة: رفع العقوبات ، وتشجيع التجارة والاستثمار ، في تلك الأجزاء الكبيرة من البلاد الخارجة عن سيطرة نظام الأسد – سواء كانت تحت رعاية تركية أو كردية أو غيرها.

للأسف ، تتجه جامعة الدول العربية والعديد من الدول العربية الفردية نحو استعادة بعض الاتصالات مع دمشق. حتى إسرائيل ربما تفكر في اتخاذ خطوات موازية ، ولو من وراء الكواليس فقط. لكن هذا ليس سببًا لأن تتبع الولايات المتحدة خطواتها المتعثرة. وبعيدًا عن دق إسفين بين الأسد وإيران أو روسيا ، فإن هذا المسار يهدد بمزيد من ترسيخ وجودهم في سوريا. علاوة على ذلك ، يخاطر حكم الأسد بإطالة أمد ذريعة التجنيد هناك من قبل داعش والقاعدة والجماعات الجهادية الأخرى. لكل هذه الأسباب ، فإن “إعادة تأهيل” الأسد ، على حد تعبير تاليران الشهير ، سيكون “أسوأ من الخطيئة – سيكون خطأ”.

حتى لو كان الدافع للإطاحة بالأسد قد فقد معظم زخمه في الوقت الحالي ، فإن جانبين آخرين من السياسة الأمريكية في سوريا يظهران المزيد من علامات النجاح بتكلفة منخفضة للغاية. لذلك ينبغي أن تختار مراجعة السياسة الحالية الحفاظ عليها. الأول هو استمرار الدعم المتواضع لقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد في الشمال الشرقي. لقد توقفت الجهود الأمريكية “لتوحيد” الكرد والجماعات الأخرى المتنافسة هناك. ولا تزال بعض المدن الرئيسية في ذلك الجزء النائي من سوريا ، مثل الرقة ودير الزور ، محل نزاع. لكن في الأسابيع القليلة الماضية ، فرضت قوات سوريا الديمقراطية سيطرة أقوى من أي وقت مضى على مدينة القامشلي الرئيسية ، بعد مناوشات مع ما وصفه أحد كبار القادة بميليشيا قوة الدفاع الوطني الموالية للنظام “المدعومة من إيران” هناك.

وعلى نفس القدر من الأهمية ، كان رد فعل تركيا على ذلك منضبطًا للغاية. هذا لا يعني أن تركيا تدعم السياسة الأمريكية في سوريا. على العكس من ذلك ، تم الضغط عليه لإعطاء أمثلة على التعاون الحالي مع أنقرة ، وأشار مسؤول أمريكي إلى حالات أفغانستان وأوكرانيا ، وليس سوريا ، أو أي قضية أخرى في الشرق الأوسط. في الواقع ، أعاقت تركيا بنشاط الجهود الأمريكية لتوحيد (أو على الأقل عدم تعارض) الفصائل الكردية في سوريا ، خوفًا من أن هذا قد يعزز بدلاً من تخفيف نفوذ حزب العمال الكردستاني عبر حدودها.

ومع ذلك ، في الأيام الأخيرة ، اتخذ الخطاب الرسمي التركي بشأن هذه القضية شديدة الحساسية منحى أكثر صمتًا – حتى مع تكثيف تركيا لهجماتها ضد حزب العمال الكردستاني الإرهابي داخل العراق. رد الفعل على اعتراف بايدن بالإبادة الجماعية للأرمن يشير بالمثل إلى الرغبة في تجنب مزيد من القطيعة من واشنطن ، حتى مع استمرار العلاقات التركية الروسية في التوسع. نتيجة لذلك ، يبدو أن تركيا ، رغم عدم مصالحتها مع قوات سوريا الديمقراطية في سوريا كما في 2014/2015 ، ستؤجل اتخاذ المزيد من الإجراءات ضدها.

وهذا بدوره يجعل من المنطقي التمسك بالوجود المادي المحدود للغاية للولايات المتحدة في شمال شرق سوريا ، ودعم ( ما يسمى ) قوات سوريا الديمقراطية هناك. هذا ضروري لقوات سوريا الديمقراطية للصمود ضد داعش والأسد وروسيا وإيران. والمنفعة العملية لهذا موطئ القدم هي مكافأة ، بالنظر إلى تكاليف التخلي عنها: الخطر الأخلاقي والضرر الاستراتيجي لمصداقية الولايات المتحدة للتخلي عن حليف ، خاصة في ضوء الانسحاب العسكري الأمريكي الوشيك من أفغانستان.

يقودنا هذا ، أخيرًا ، إلى الجانب الآخر الناجح نسبيًا في السياسة الأمريكية في سوريا ، والذي يجب الحفاظ عليه أيضًا: “الضوء الأخضر” للعمليات الإسرائيلية ضد الصواريخ والميليشيات الإيرانية والأهداف ذات الصلة هناك. إنهم لا يوقفون إيران ، لكنهم يقصرون التهديد ، ليس فقط على إسرائيل ولكن على المنطقة بأسرها أيضًا.

ومن الواضح أنهم لا يوقفون المفاوضات النووية مع إيران أيضًا. هذه المرة الحذاء على القدم الأخرى: فبدلاً من إذعان الولايات المتحدة لدعم إيران للأسد ، من أجل التوصل إلى اتفاق نووي ، فإن إيران الآن تمسك بنيرانها ، وتبقى على طاولة المفاوضات النووية ، بينما إسرائيل تعزز وجودها داخل سوريا. باختصار ، في حين أن السياسة الأمريكية للمضي قدمًا في سوريا لا تحمل سوى احتمالية ضئيلة جدًا للإطاحة بالأسد ، إلا أنه ليس لديها سبب وجيه لإضفاء الشرعية عليه. في الوقت نفسه ، فإن الحفاظ على علاقتنا مع ( ما يسمى ) قوات سوريا الديمقراطية ، وزيادة جدواها الاقتصادية ، يخدم المصالح والقيم الأمريكية على حد سواء ، بمخاطر وتكلفة مقبولة. وبالمثل للحفاظ على الدعم الضمني للعمليات الإسرائيلية في سوريا. إن الاستمرار في هذه الدورة سيحافظ على نفوذ الولايات المتحدة ومصداقيتها داخل سوريا وخارجها ، ضد جميع الجهات المعادية – داعش والأسد وإيران – بينما يمنح إدارة بايدن يدًا أقوى وأكثر حرية في الدبلوماسية مع القوى الإقليمية والعالمية بشأن الأمور الملحة الأخرى. الاهتمام.

عن ” معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ” – الكاتب : ديفيد بوللوك ، للاطلاع على الموضوع الأصلي اضغط هنا

https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/stalemate-least-bad-option-syria?fbclid=IwAR2y9Nht7e2iavmv-B_fTUbVr1RkCl8LrSqcvUKUBwTtfUrOrulyHe_KwQg

————————–

الانتخابات الرئاسية وتعقيدات المشهد السوري/ منذر خدام

لقد انتهى الترقب والتساؤل حول الانتخابات السورية، وذلك بتحديد مجلس الشعب العشرين من شهر أيار كموعد لتصويت السوريين في الخارج، والسادس والعشرين منه لتصويت السوريين  في داخل البلد.

الاستحقاقات الدستورية في العادة لا تقتصر على تجديد الولاية للسلطات الحاكمة او استبدالها بغيرها من المعارضة لها عبر صناديق الاقتراع، بل هي المناسبة الأهم لبعث الحيوية والنشاط في الحياة السياسية، وإعادة تقديم القوى السياسية أوراق اعتمادها للشعب عبر برامجها السياسية، وقطع الوعود له بتنفيذها، والتي في ضوئها وعلى أساسها يتم توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم لصالح هذه القوة السياسية أو تلك.

هذا ما يحصل، عادة، في الأنظمة الديمقراطية، أما في أنظمة الاستبداد والدكتاتورية فلا مجال سياسي  حقيقي مهم، ولا أهمية لرأي الشعب في حكامه، فهم يحكمونه بقوة الغلبة وأدواتها من أجهزة أمنية وعسكرية، قد تكون مغلفة أحياناً، كما هو الحال في سوريا، بهياكل من مؤسسات شكلية لا قيمة لها ولا دور. فنتيجة التصويت في هذه الأنظمة لا تحددها صناديق الاقتراع بل الأجهزة الأمنية، بحسب ما يرغب ويريد الحاكم. وبطبيعة الحال لن يكون الاستحقاق الدستوري الحالي في سورية مختلفاً عن الاستحقاقات السابقة من هذه الناحية على الأقل، فالنتيجة معروفة سلفاً. غير أنه يختلف هذا العام عن الاستحقاقات السابقة في طبيعة الظروف التي يجري فيها، وطريقة إخراجه، والنتائج التي سوف تترتب عليه.

سوريا اليوم تمر في ظروف شديدة التعقيد نتيجة لعشر سنوات من الصراع فيها وعليها، فهي موزعة إلى مناطق نفوذ دولية تتقاسمها أميركا وتركيا وروسيا وإيران وإسرائيل، وإن السوريين في مناطق النفوذ الأميركية والتركية والإسرائيلية لن يشاركوا في الانتخابات الرئاسية في الأغلب الأعم، هذا يعني عدم مشاركة الناخبين من نحو ستة ملايين سوري يقطنون في هذه المناطق. وحتى في مناطق النفوذ الروسية والإيرانية أي مناطق سيطرة النظام ثمة شكوك جدية حول كثافة المشاركة في الانتخابات، خصوصاً في محافظتي درعا والسويداء وأرياف دمشق وحمص وحماة وغيرها من المناطق التي شهدت دماراً واسعاً في بناها الاقتصادية والعمرانية والاجتماعية. وإذا أضيف إليهم نحو ستة ملايين سوري في مخيمات اللجوء والمهاجر، يمكن القول أن المجمع الانتخابي السكاني لن يزيد عن نحو ثمانية ملايين، يقطنون في الساحل السوري وفي دمشق ومراكز المدن التي تحت سيطرة النظام.

ومن ناحية طريقة إخراج الاستحقاق الدستوري يلفت الانتباه عدد المرشحين لمنصب الرئيس الذي وصل إلى واحد وخمسين مرشحاً، في حين أن عدد أعضاء مجلس الشعب لا يسمح بأكثر من سبعة مرشحين على افتراض أن كل خمس وثلاثين عضواً منهم منحوا أصواتهم لمرشح واحد وهذا مستبعد. فالبعثيون وعددهم مئة وتسعة وستون عضواً سوف يمنحون أصواتهم بالتأكيد للرئيس الحالي، والباقون وعددهم نحو ثمانين عضواً يمكنهم أن يؤمّنوا أصواتاً لمرشحَين اثنين فقط. بكلام آخر ثلاثة فقط من المرشحين سوف يتم اعتمادهم قانونياً كمرشحين في الانتخابات القادمة في العشرين والسادس والعشرين من شهر أيار القادم. وإذا استثني المرشح بشار الأسد، فإن التفضيلات بين المرشحين الخمسين الآخرين ضعيفة بحيث يصعب الاختيار بينهم، مع ذلك ولزوم الإخراج فقد قبلت المحكمة الدستورية العليا مرشحاً من شمال حلب من بلدة أعزاز وهو وزير دولة سابق عبد الله سلوم عبد الله الذي ينتمي إلى حزب الوحدويين الاشتراكيين، ومرشحاً من ريف دمشق هو المحامي محمود أحمد مرعي الذي شغل عضوية المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي العربي الذي يقوده السيد حسن عبد العظيم قبل انشقاقه عنه، وهو محسوب على المعارضة الداخلية رغم صلاته المعروفة بأجهزة النظام.

إذاً نتيجة الانتخابات معروفة سلفاً وهي إعادة التجديد للرئيس الحالي، والنتائج المترتبة دولياً على هذا التجديد تكاد تكون معروفة أيضاً. فالدول الغربية  وأميركا وتركيا عبروا عن مواقفهم مسبقاً بأنهم لن يعترفوا بنتائج الانتخابات في حال جرت وفق الترتيبات المعتمدة الحالية، ما يعني استمرار عقوبات هذه الدول على سوريا. ولن يختلف كثيراً موقف الدول العربية الخاضعة لنفوذ الدول الغربية من إعادة انتخاب الرئيس الحالي، فهي لن تنفتح على سوريا وتعيد علاقاتها معها بما في ذلك الموافقة على عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية إلا في سياق أشمل لتسوية مشكلات المنطقة، وخصوصاً مشكلة تطبيع العلاقات مع إيران. حتى الدول الحليفة للنظام بما فيها روسيا وإيران التي تدعم انتخاب الرئيس الحالي، لن يتغير موقفها كثيراً لجهة دعمه سياسيا، لكن ثمة شكوك جديدة حول إمكانية دعمه اقتصادياً ومالياً مما يعني استمرار معاناة السوريين.

بكلام آخر سوف تستمر مواقف جميع الأطراف الدولية المتدخلة في الأزمة السورية دون تغيير يذكر، بانتظار بلورة الاستراتيجية السياسية للإدارة الأميركية الجديدة تجاه المنطقة. وعلى ما يبدو من تصريحات بايدن ووزير خارجيته فإن هذه الإدارة تتجه نحو تسوية مشكلات المنطقة، لكي تتفرغ لمواجهة التحديات في جنوب شرق أسيا، وعلى وجه الخصوص التحدي الصيني، وهذا سوف يكون موضوع مقالتنا القادمة .

نورث برس

————————–

المعارضة تُجمع على رفض انتخابات الأسد والائتلاف يُعدّ خطة لمواجهتها/ أمين العاصي

لم تُجمع تيارات المعارضة السورية  وهيئاتها ومجالسها على أمر منذ عام 2011 مثلما أجمعت على رفض الانتخابات الرئاسية التي يستعد النظام لإجرائها في أواخر الشهر الجاري، لتثبيت بشار الأسد في السلطة، في تحدٍّ لإرادة المجتمع الدولي.

وترى المعارضة السورية بمختلف عناوينها أن الانتخابات التي تجري وفق دستور 2012، الذي فُصّل على مقاس بشار الأسد، تجاوز لكل قرارات الشرعية الدولية، وخاصة القرار 2254 الشهير الذي دعا إلى تشكيل هيئة حكم ذات مصداقية تشرف على كتابة دستور تجري على أساسه انتخابات برلمانية ورئاسية.

وقال رياض درار، الرئيس المشترك لـ”مجلس سورية الديمقراطية” (مسد)، الذي يُعتبَر جناحاً سياسياً لـ”قوات سورية الديمقراطية”، إن المجلس “لم يناقش موضوع الانتخابات”، مضيفاً: “لدينا موقف مسبق، فنحن غير معنيين بأي انتخابات، إلا إذا كانت ضمن شروط يتوافق عليها جميع السوريين”.

وأضاف درار، في حديث مع “العربي الجديد”: “الوصول إلى الانتخابات يجب أن يكون ضمن التسلسل الذي تضمنه القرار الدولي 2254، من خلال هيئة حكم انتقالية تهيئ بيئة آمنة، وكتابة دستور جديد يؤسس للانتخابات التي يجب أن تشرف عليها الأمم المتحدة ودول ضامنة لتكون شفافة بمشاركة كل السوريين”. 

وتسيطر “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، ذات الطابع الكردي، على الشمال الشرقي من سورية، الذي بات يعرف بـ”منطقة شرقي الفرات”، التي تعادل نحو ثلث مساحة سورية. 

وكانت المحكمة الدستورية العليا، التي يعيّن رئيسها وأعضاءها بشار الأسد، قد أعلنت الاثنين أنها قررت في إعلان أولي قبول ترشيح كل من عبد الله سلوم عبد الله وبشار حافظ الأسد ومحمود أحمد مرعي لمنصب رئيس الجمهورية العربية السورية. 

وكان قد تقدم 51 مرشحاً، بينهم 7 نساء، لخوض الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في السادس والعشرين من الشهر الجاري، والتي يرفضها المجتمع الدولي، وتعتبرها المعارضة “مسرحية” غايتها تثبيت بشار الأسد في السلطة حتى عام 2028.

إلى ذلك، أوضح عضو الهيئة الرئاسية لـ”المجلس الوطني الكردي”، المنسق العام في حركة “الإصلاح الكردي”، فيصل يوسف، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن المجلس “سيصدر قريباً بياناً للرأي العام والشارع الكردي يبيّن فيه موقفه من الانتخابات”.

وتابع يوسف: “سيكون موقفنا متقاطعاً مع مواقف باقي قوى المعارضة بأن هذه الانتخابات هي كسابقاتها تندرج في إطار التشبث بالسلطة وعدم الاكتراث بالقرارات الدولية لحل الوضع المتأزم في البلاد”.

وفي السياق، أشار ما يسمّى “حزب الإرادة الشعبية”، الذي يرأسه قدري جميل، والذي يدور في فلك الرؤية الروسية للحل في سورية، في بيان له، إلى أن “هذه الانتخابات لن تسهم في إنهاء الأزمة السورية، لأنها لا تجري في السياق الذي نص عليه قرار مجلس الأمن 2254، الذي يفسح المجال لمشاركة كل السوريين وإشراف مراقبين من الأمم المتحدة”.

بموازاة ذلك، يُعِدّ الائتلاف الوطني السوري، وهو المظلة الأكبر في المعارضة السورية، خطة لمواجهة انتخابات بشار الأسد، وفق عبد المجيد بركات، عضو الهيئة السياسية في الائتلاف، الذي أوضح، في حديث مع “العربي الجديد”، أن الائتلاف “سيطلق حملة سياسية وشعبية وإعلامية لمواجهة انتخابات النظام الرئاسية”.

وتابع: “هدف الحملة فضح النظام وكشفه، ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته تجاه القرار الدولي 2254”.

وأوضح بركات أن الائتلاف “سيشرك كل الفعاليات الوطنية السورية في الحملة التي تستهدف كل السوريين في الداخل والخارج، والبعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية”، مضيفاً أن “الحملة تؤكد أن هذه الانتخابات لا قيمة سياسية أو قانونية أو شرعية لها، وأن النظام غير مؤهل قانونياً وأخلاقياً لتمثيل السوريين”.

وبيّن المتحدث ذاته أن شعار الحملة سيكون “الأسد للمحكمة لا للحكم”، مشيراً إلى أنها تؤكد أن “بشار الأسد يشكل خطراً على الأمن والسلم الدوليين”. 

——————–

سوريا: محكمة تابعة للنظام تعلن قبول طلب الأسد ومرشحين آخرين لانتخابات الرئاسة

أعلنت المحكمة الدستورية العليا التابعة للنظام السوري، أمس، قبول 3 طلبات ترشيح لمنصب الرئيس، ورفضت باقي الطلبات المقدمة بزعم “عدم استيفائها الشروط الدستورية والقانونية”.

ونقلت وكالة أنباء النظام السوري “سانا” عن رئيس المحكمة محمد جهاد اللحام قوله خلال مؤتمر صحافي إن “المحكمة قررت في إعلانها الأولي قبول ترشيح كل من عبد الله سلوم عبد الله، وبشار حافظ الأسد، ومحمود أحمد مرعي، لمنصب رئيس الجمهورية العربية السورية ورفض باقي الطلبات لعدم استيفائها الشروط الدستورية والقانونية”.

والأربعاء أعلن رئيس مجلس الشعب التابع للنظام حمودة صباغ وصول عدد طلبات الترشح التي تم تقديمها إلى المحكمة إلى 51 طلبا.

وتقابل هذه الانتخابات برفض أممي ودولي، بينما تدعمها الدول الحليفة للنظام السوري، وأبرزها إيران وروسيا. ولا يعوّل عليها السوريون في تغيير الأسد، وينظرون إلى المرشحين كمشاركين “كومبارس” لإتمام “مسرحية” الانتخابات.

وجاء قرار إجراء الانتخابات رغم تواصل النزاع العسكري في البلاد، وعدم وجود أفق لحل سياسي مع فشل جميع المفاوضات بين المعارضة والنظام، وتحول أكثر من 10 ملايين من السوريين إلى لاجئين أو نازحين، إضافة إلى أن نحو 40 في المئة من مساحة البلاد خارج سيطرة النظام.

ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات في 26 من أيار/ مايو الحالي، ويمكن فقط للسوريين في مناطق سيطرة النظام المشاركة فيها، وفي خارج سوريا ممن غادروا بطريقة نظامية من المعابر التي يسيطر عليها النظام السوري.

المرشح محمود أحمد مرعي، محامٍ من مواليد 1957 في ريف دمشق منطقة القلمون، شخصية من معارضة الداخل، وهو رئيس “المنظمة العربية السورية لحقوق الإنسان”، وأمين عام “الجبهة الديمقراطية المعارضة” وهو عضو في محادثات “جنيف” عن معارضة الداخل، يرى أن الحل في سوريا عبر المعارضة الداخلية، واتهم ما سماها “الدولة السورية” باحتكار سياسي واقتصادي.

وكان مرعي انتقد حكومة النظام في مقابلة عام 2019، وقال إن “الحكومة بتشكيلتها الحالية لا تستطيع أن تحل هذه الأزمات، ولا بد من تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها السلطة والمعارضة الوطنية والجميع لتحمل المسؤوليات”. وعلّق على قانون “قيصر” الأمريكي الذي يفرض العقوبات على النظام السوري أن “كل ذلك من أجل تأليب الحاضنة الشعبية ضد نظام الحكم خاصة من الموالاة، لأن هذه الاختناقات سوف تؤدي إلى ضجر بالشارع الموالي”.

وما كان مدعاة للسخرية أن المرشح عبد الله سلوم عبد الله، من مواليد عام 1956 في مدينة اعزاز بمحافظة حلب، هو من المؤيدين للنظام السوري، وظهر المرشح واضعا صورا للأسد على مكتبه، ما أثار موجة سخرية بين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي حول جديته في منافسة الأسد. ورغم أن عبد الله ينتمي لأحد أحزاب “الجبهة الوطنية التقدمية” (حزب الوحدويين الاشتراكيين)، فإنه ليس مرشحا باسمها، إذ سبق أن أعلنت أن بشار الأسد مرشحها.

وبحسب سيرته الذاتية المنشورة عبر موقع مجلس الشعب وبوصفه أحد أعضائه السابقين، شغل منصب وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب سابقا، ويحمل إجازة في الحقوق من جامعة دمشق. وهو عضو في حزب “الوحدويين الاشتراكيين”، وشغل عدة مناصب لدى النظام.

وكان مجلس الأمن أقر القرار رقم 2254، في كانون الأول/ ديسمبر 2015، كخريطة طريق للسلام في سوريا التي تمت الموافقة عليها في جنيف، في 30 من تموز/ يوليو 2012 من قبل ممثلي الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي وتركيا، وجميع الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا).

ويدعو القرار إلى إجراء عملية سياسية بقيادة سورية تبدأ بتأسيس هيئة حكم انتقالية، تليها صياغة دستور جديد وتنتهي بانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، تلبي أعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة، وأن يكون جميع السوريين بمن فيهم اللاجئون، مؤهلين للمشاركة

———————-

الانتخابات في ديرالزور:المهجرون والموتى مدعوون للاقتراع/ سائد الشخلها

مع اقتراب موعد المسرحية الانتخابية التي يطلق عليها النظام السوري اسم الانتخابات الرئاسية، ورغم كون معظم المعارضين لنظام الأسد يقبعون بين المهاجر والمخيمات وأقبية السجون إلا أن الفروع الأمنية وكعادتها بدأت بالتجهيز لتزوير تلك الانتخابات، الأمر الذي أصبح من عادات وتقاليد الموسم الانتخابي.

وتشهد محافظة ديرالزور شرق البلاد منافسة شرسة بين الأفرع الأمنية بطريقة مسرحية لأخذ الوكالة بإدارة الانتخابات في المدينة، في محاولة لزيادة نفوذها على حساب الأفرع الأخرى والميليشيات الرديفة، إذ بدأت وبطريقة علنية الاستعدادات ليوم 26 أيار/مايو، وخاصة بين فرع الأمن العسكري وفرع الأمن الجوي الذي تعتبر قيادته الحالية موالية للروس أكثر منهم للإيرانيين.

وعن الاستعدادات التي تقوم بها الأفرع الأمنية في المحافظة يقول أحد موظفي إدارة السجل المدني في المحافظة للمدن: “جاءت الأوامر بأن نجهز السجلات المدنية جميعها، وذلك لرفعها كقوائم انتخابية، وتحتوي تلك السجلات الكثير من الأشخاص الذين قضوا في السنوات الماضية، إضافة لمهاجرين لا نعلم أين هم، فأعداد من سينتخبون على الورق يكاد يكون ضعف المتواجدين في المحافظة وربما أكثر”.

ويضيف أن “الموظفين سيبدؤون الأسبوع القادم بتعبئة القوائم وختم الأوارق الانتخابية، وهو ما سيعمم على جميع مدن وبلدات المحافظة في الأيام القادمة، وإذا سارت الأمور كما يجب ستكون المحافظة كلها قد انتخبت حتى قبل الانتخابات نفسها”.

وهذا ما يؤكده الصحافي فراس علاوي قائلاً: “العملية الانتخابية بشكلها الحالي هي غير قانونية وغير دستورية لأسباب كثيرة تتعلق بالقرار الدولي 2254، لذلك فإن أي إجراء يتم خلالها هو غير قانوني، إضافة إلى أن لنظام الأسد باعاً طويلاً في عملية تزوير الانتخابات سواء ما كان يسمى الاستفتاء أو غيره من عمليات انتخابية، وغالباً يكون للأجهزة الأمنية دور في الانتخابات وهذا كان في الأحوال العادية فكيف بالوضع السوري الراهن”.

ويضيف “أعتقد أن دور الأجهزة الأمنية سيكون أكبر سواء كان من خلال عمليات التزوير واستخدام سجلات المهجرين والنازحين أو حتى الأموات كما جرى سابقاً، أو من خلال مراقبة المجتمع لمنع ظهور مظاهر رفض للانتخابات من خلال الترهيب في مناطق سيطرة النظام”.

وتشهد أحياء مدينة ديرالزور وقراها انتشاراً مكثفاً للإشاعات التي تطلقها الأفرع الأمنية وفيها تهديد واضح لكل شخص لا ينتخب أو يفكر في مقاطعة الانتخابات، كذلك تم استدعاء عدد من وجوه العشائر من دمشق وذلك لقيادة القاعدة الشعبية للانتخابات دون ضوضاء.

وإضافة إلى جميع الانتهاكات التي قام بها نظام الأسد في عموم سوريا، كان لدير الزور نصيب إضافي من اللمسة الطائفية التي يعمل الأسد والنظام الإيراني على زرعها في المدينة كي يعطيها ذلك الطابع الذي طالما رغب بوسمها به دون جدوى.

وعلمت “المدن” أن أوامر وصلت إلى عناصر الميليشيات الشيعية الذين تم وهبهم الجنسية السورية، والذين يُقدر عددهم بالالاف، بوجوب الانتخاب والتصويت لبشار الأسد دون سواه، مع الاشتراك بمراقبة سير العملية الانتخابية من خلال توزعهم على دوائر التصويت.

ويقول علاوي إنه “طالما أن تلك الميليشيات مُنحت الجنسية السورية، فأعتقد بأنها ستقوم بالانتخاب خاصة أن أحد أهم أسباب تجنيسها هو دعم نظام الأسد بالعنصر البشري”.

————————–

الأسد ينافس نفسه في انتخابات الرئاسة

دمشق – أقرت المحكمة الدستورية العليا في سوريا الاثنين ترشيح شخصيتين غير معروفتين للظهور في بطاقات الاقتراع إلى جانب الرئيس بشار الأسد في انتخابات الرئاسة التي ستجرى يوم 26 مايو الجاري.

وتبدو نتيجة هذا الاستحقاق محسومة سلفا لفائدة الأسد، الذي يطمح لولاية رابعة من شأنها أن تكرس حكمه لسبع سنوات قادمة، في ظل عجز المنظومة الدولية عن دفعه إلى التخلي عن السلطة بعد أكثر من عشر سنوات من حرب مدمرة.

ومن بين قائمة تضم 51 مرشحا محتملا أقرت المحكمة ثلاثة فقط هم الأسد وعبدالله سلوم عبدالله، الذي شغل منصب نائب وزير سابقًا، ومحمود أحمد مرعي، وهو رئيس حزب معارض صغير يحظى بموافقة رسمية.

ويقول نشطاء إن الأسد ينافس نفسه في هذا الاستحقاق، حيث أن الشخصيتين المترشحتين أمامه واللتين لا تحظيان بأي وزن هما بمثابة “كومبارس” في مشهد مسرحي مكشوف.

واستعاد الأسد، الذي يحكم سوريا منذ عام 2000 بعد وفاة والده الذي حكم البلاد لمدة 30 عاما، السيطرة على معظم أراضي سوريا بعد حرب أهلية مستمرة منذ عشر سنوات أودت بحياة مئات الآلاف من السوريين وتسببت في نزوح أكثر من نصف السكان عن ديارهم.

وترى دمشق في الانتخابات السير الطبيعي لنظام الحكم رغم الحرب، بينما تعتبر المعارضة والغرب أنها تمثيلية الهدف منها أن يظل الأسد رئيسا إلى ما لا نهاية وتعطيل مفاوضات إنهاء الصراع.

وقال مسؤولون كبار في الأمم المتحدة هذا الشهر إن الانتخابات لا تستوفي قرارات مجلس الأمن الداعية إلى إطلاق عملية سياسية لإنهاء الصراع ووضع دستور جديد وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة “بأعلى معايير الشفافية والمحاسبة”.

ويرى مراقبون أن النظام السوري لا يبدو مهتما كثيرا بردود الفعل الدولية التي تبدو حتى الآن محتشمة، لكن التحدي الأبرز بالنسبة إليه هو المقاطعة التي قد يواجهها في مناطق سيطرته، وخاصة في حواضنه الشعبية التي استنزفت جراء الحرب وتفشي الفساد.

واتخذت الحكومة السورية في الأشهر الأخيرة جملة من الإجراءات للحد من الاستياء الشعبي الذي أججه الغضب من تدهور مستوى المعيشة وانهيار قيمة العملة. وشملت الإجراءات زيادة أجور العاملين في الدولة، وشن حملة على المضاربين على العملة، وجعل سعر صرف العملة الرسمي قريبا من السعر في السوق السوداء.

ويقول معارضوه إن بعض الإجراءات الجديدة، مثل القروض الميسرة، تحابي حلفاءه الأقوياء سياسيا واقتصاديا ومن بينهم أبناء الطائفة العلوية، وهي أقلية تهيمن على الدولة وقوات الأمن.

وأصدر الأسد الأحد عفوا عن بعض المتخلفين عن التجنيد، والمضاربين على العملة والمهربين ومرتكبي الجنح، وهو عفو يأمل البعض أن يؤدي إلى الإفراج عن بعض النشطاء المدنيين الذين ألقت السلطات القبض عليهم في الأشهر الماضية. وكانت حليفتا الأسد روسيا وإيران قد دخلتا على خط مساعدته انتخابيا من خلال تأمين شحنات من الغاز والنفط على مدار العام الحالي.

————————-

=================

تحديث 05 أيار 2021

——————–

قواعد اللعبة تتغير” في سوريا.. ثلاث رسائل “إسرائيلية” للأسد/ ضياء عودة

استهدفت غارات جوية قيل إنها إسرائيلية، فجر الأربعاء، أهدافا ومواقعا “حساسة” بالنسبة للنظام السوري

ليس ببعيد عن قاعدة حميميم الروسية الواقعة في ريف مدينة اللاذقية شمال غرب سوريا، استهدفت غارات جوية قيل إنها إسرائيلية، فجر الأربعاء، أهدافا ومواقع “حساسة” بالنسبة للنظام السوري، في تطور لافت لم يسبق وأن كان على هذه الوتيرة من التصعيد.

ولتوقيته أيضا دلالات ورسائل قد توضح جزءا من المشهد الميداني للمنطقة في المرحلة المقبلة.

لم تقتصر الضربات فقط على اللاذقية بل طالت مناطق في مدينة طرطوس الساحلية وأخرى في منطقة مصياف في ريف محافظة حماة، واتهمت وكالة أنباء السورية الرسمية (سانا) إسرائيل بمسؤوليتها عنها.

ونقلت عن مصدر عسكري قوله: “حوالي الساعة الثانية و18 دقيقة من فجر اليوم” نفذت إسرائيل غارات جوية “من اتجاه جنوب غرب اللاذقية، مستهدفة بعض النقاط في المنطقة الساحلية، وقد تصدت وسائط دفاعنا الجوي لصواريخ العدوان وأسقطت بعضها”.

وأدى القصف، وفق المصدر إلى مقتل شخص وإصابة ستة آخرين في حصيلة أولية، إضافة إلى وقوع بعض الخسائر المادية، من بينها منشأة مدنية لصناعة المواد البلاستيكية.

“مستودعات صواريخ”

الدمار الذي نجم عن الضربات التي طالت ريف اللاذقية كان “كبيرا”، حسب ما قالت مصادر إعلامية من المحافظة، مشيرة في تصريحات لموقع “الحرة” إلى أن المنطقة لم يسبق وأن شهدت هكذا ضربات منذ بداية الحرب في سوريا.

وتضيف المصادر، التي طلبت عدم ذكر اسمها، أن “المعلومات الأولية أفادت بأن القصف استهدف مواقع عسكرية بينها مستودعات لتصنيع الصواريخ المضادة للسفن، وأيضا مناطق مدنية بينها الحفة ورأس شمرا”.

وخلال السنوات الماضية شنت إسرائيل عشرات الضربات الجوية في سوريا، مستهدفة بشكل خاص مواقع للجيش السوري، وأهدافا إيرانية وأخرى لميليشيات “حزب الله”اللبناني.

ويصر الجيش الإسرائيلي على مواصلة ضرباته الصاروخية والجوية داخل سوريا، ويقول إنها لمنع إعادة التموضع الإيراني في المنطقة.

وسبق وأن قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، هيداي زيلبرمان إن بلاده لن تتوقف عن ضرب إيران في سوريا، ومنعها من التموضع من جهة، ومن تمرير الأسلحة والتقنيات المتطورة لحزب الله في لبنان من الجهة الأخرى.

ونادرا ما تتعرض منطقة اللاذقية، التي تنحدر منها عائلة رئيس النظام السوري بشار الأسد، لضربات إسرائيلية.

وكانت هذه الضربات تتركز على مواقع عسكرية في الجنوب السوري وفي محيط العاصمة دمشق، ما يشي بأن “قواعد اللعبة الإسرائيلية في سوريا قد تغيرت”.

وفي سبتمبر 2018، تم تفعيل الدفاعات الجوية السورية لمواجهة الصواريخ الإسرائيلية في هذه المحافظة وأسقطت الدفاعات الجوية السورية بالخطأ طائرة روسية، مما أدى إلى مقتل الجنود الذين كانوا على متنها.

“آلية تنسيق. الأسد والإيرانيون مستهدفون”

وبينما لم يصدر أي تعليق من جانب موسكو عن الضربات التي استهدفت المناطق الساحلية السورية، يذهب مراقبون إلى أن روسيا على تنسيق واضح ومعلن مع إسرائيل بشأن القصف الذي تنفذه الأخيرة بشكل متواتر.

وبدأ هذا التنسيق بصورة أوضح بعد حادثة إسقاط الطائرة في 2018، ليتم فيما بعد السير بموجب ما يسمى آلية منع التصادم، والتي تضمن عدم التصادم العسكري داخل الأراضي السورية وفي الأجواء، على أن يتم إخطار كل طرف للآخر عن الأهداف التي ينوي ضربها، قبل فترة محددة من الوقت.

وليس خفيا أن محافظة اللاذقية تعتبر ضمن النطاق التشغيلي لمنظومة الصواريخ الروسية “S-400” وأيضا منظومة “S-300″، بمعنى أن الصواريخ التي استهدفت أهداف للنظام السوري مرت من أمام “أعين الروس”.

المحلل والخبير العسكري العقيد إسماعيل أيوب استعرض أبرز الأهداف التي طالتها “الصواريخ الإسرائيلية” فجر الأربعاء، بناء على معلومات حصل عليها بحسب قوله.

ويقول أيوب في تصريحات لموقع “الحرة” إن “الأهداف توزعت على اللاذقية وجبلة وطرطوس وهدف آخر في مصياف استهدف مركز البحوث العلمية فيها والذي يعمل به خبراء إيرانيون وكوريون شماليون”.

ويتابع الخبير العسكري أن “جزءا من الضربات طالت أهدافا ثمينة في طرطوس، وهو لواء الصواريخ البحرية المضادة للسفن. في اللاذقية طالت الضربات مركز البحوث العلمية أيضا، ومصنع قيل إنه لتصنيع الحبوب المخدرة”.

واعتبر أيوب أن الضربات تعتبر “عنيفة قياسا بسابقاتها”، ويشير: “هي رسالة إسرائيلية كبيرة جدا للنظام السوري وداعميه. بمعنى أن أي رد فعل على الضربات الإسرائيلية في سوريا سيقابل برد فعل عنيف من الطائرات الإسرائيلية وربما من البوارج الحربية والزوارق التي يصل مدى ضرباتها حتى 350 كليومترا”.

“ثلاث رسائل”

من جانبه يرى المحلل السياسي الإسرائيلي، يوني بن مناحيم أن ضربات المناطق الساحلية “هي رسالة موجهة للرئيس السوري بشار الأسد قبيل الانتخابات الرئاسية بأن عليه وقف التموضع العسكري الإيراني في سوريا، وأن باستطاعة إسرائيل الوصل لأي مكان في سوريا التي تتموضع فيه إيران عسكريا”.

وهناك رسالة أخرى للقصف، يقول مناحيم في تصريحات لموقع “الحرة”: “ترتبط بأن إسرائيل حصلت على معلومات استخباراتية دقيقة جدا لكل ما يصل من إيران إلى سوريا عن طريق الجو وعن طريق البر والبحر”.

ويضيف المحلل الإسرائيلي أن التقديرات الحالية في إسرائيل تفيد بأن القصف طال أهدافا وأسلحة وصلت عن طريق سفن إيرانية، حيث تم تخزينها في مستودعات في منطقة اللاذقية وأيضا في منطقة الساحل السوري في غربي سوريا.

ويتابع مناحيم أن “المنطقة المستهدفة تتواجد فيها غالبية الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد. هذه رسالة أخرى بأنه ليس هناك أي حصانة لأي سوري في حال أقدم على مساعدة إيران”.

ويستبعد المحلل العسكري إسماعيل أيوب أن تستهدف الضربات بشكل مركز مواقع إيرانية خالصة في سوريا، وذلك على الرغم من كونها “مؤلمة”.

وبمنظور عسكري يشير أيوب وهو عقيد منشق عن الجيش السوري إلى أن الضربات بمجملها تستهدف مواقع يتواجد فيها خبراء إيرانيون، موضحا: “بالتالي لو أرادوا استهداف الوجود البشري الإيراني لاستهدفوا أماكنه البارزة. إسرائيل ليست منزعجة من الوجود البشري في حال بقائه تحت الخطوط الحمراء المرسومة له”.

“تقارير لافت سبق الضربات”

بالعودة إلى ما تحدث به المحلل الإسرائيلي، يوني بن مناحيم فهو يرتبط بشكل كبير بما أورده تقرير صادر عن “مجلس العلاقات الخارجية”، وهي منظمة بحثية مقرها نيويورك.

وقال التقرير الذي نشر في أواخر أبريل الماضي إن روسيا عمدت مؤخرا إلى توفير الحماية لعمليات تهريب الصواريخ والذخائر من إيران إلى سوريا، عبر البحر، بعد تزايد الهجمات التي تنفذها إسرائيل ضد قوافل التهريب القادمة عبر الطرق البرية.

وأضاف تقرير المنظمة البحثية أن طهران وبحماية من موسكو أوجدت طرقا بحرية للتهريب، حيث يتم نقل الصواريخ في سفن وناقلات نفط ترافقها سفن روسية، لضمان وصول الشحنات إلى داخل الأراضي السورية، حيث يتم تخزين بعضها هناك، وبعضها الآخر في لبنان.

وأشار إلى أن الضربات التي قامت بها إسرائيل داخل الأراضي السورية كانت تستهدف تدمير هذه الذخائر، حتى لا تصل إلى يد ميليشيات إيران، خاصة “حزب الله” اللبناني.

ونقل التقرير معلومات تتحدث عن أن “السفن الإيرانية تبحر عبر البحر الأحمر وتمر من قناة السويس وتصل إلى البحر المتوسط، بوثائق تزعم أنها تحمل شحنات نفط فقط، ولكن في حقيقة الأمر هي ليست البضاعة الوحيدة التي تحملها”.

ضياء عودة – إسطنبول

————————–

فوز الأسد بالانتخابات تحصيل حاصل.. ماذا بعد؟

المعادلة السورية التي دخلت مرحلة بالغة الصعوبة لن تسمح لأي طرف بالاستفراد بالكعكة لوحده.

الحديث عن سيناريوهات بخصوص انتهاء الحرب فعليا في سوريا والبدء في العملية السياسية ديمقراطيا لا يبدو منطقيا في الوقت الراهن. لكن مجمل المعطيات تشير إلى احتمال حدوث تطورات قد تأتي بنتائج عكسية في ظل إصرار نظام الأسد على إجراء انتخابات لا يعترف بشرعيتها سوى حليفيه الروسي والإيراني، والتي تخفي في طياتها حزمة من التحديات.

دمشق – يبدو الرئيس السوري بشار الأسد، الذي سوف تكرّس الانتخابات الرئاسية المقررة أواخر الشهر الجاري بقاءه في سدة الحكم لولاية جديدة تستمر لسبعة أعوام، واثقا من أنه أنقذ نظامه في مواجهة عشر سنوات من الحرب، التي قامت ضده بعد تفجر احتجاجات لقيت دعما عربيا وغربيا للمطالبة برحيله قبل أن تنطفئ حماسة إسقاطه.

والأمر المتفق عليه لدي الملاحظين أن حاجة النظام لإجراء الانتخابات في موعدها ليست نابعة من كونها الآلية القانونية الوحيدة لاستمرار الأسد في الحكم وحسب، بل وفي استمرار بقاء حلفائه الروس والإيرانيين بالبلاد، كونه هو من وجّه لهم الدعوة، وبقاؤه في الحكم يعني شرعنة وجودهم العسكري.

ويصرّ الأسد الذي يحكم البلد من قبضة من حديد منذ يوليو 2000 على الإيحاء من خلال آلة إعلام نظامه وتصريحات مسؤوليه بأنه يملك الشرعية القانونية والدستورية لإقامة الانتخابات في موعدها، ضاربا عرض الحائط بجميع الأصوات المعارضة لهذا الاستحقاق داخليا وخارجيا، فهو يهدف إلى سدّ جميع الطرق المؤدية للعملية السياسية، والإطاحة بكل الحلول والمسارات التي تبحث مسألة التغيير في سوريا.

ورغم أن فوز الأسد بهذه الانتخابات “الصورية” تحصيل حاصل، لكن بات جليّا أن الرياح لا تجري كما تشتهيه سفن الأسد، حيث يواجه الاستحقاق الرئاسي سلسلة من العقبات والمشاكل، من شأنها تحويلها عن مسارها لتؤدي إلى نتائج كارثية على مستقبل النظام وداعميه، وقد تضطره إلى تأجيلها إلى أجل غير مسمى.

الأسد يريد سد كافة الطرق المؤدية للعملية السياسية والإطاحة بكل الحلول والمسارات التي تبحث التغيير في سوريا

ويظل التحدي الأبرز في هذه الانتخابات هو الجانب الأمني، حيث تقتصر سيطرة نظام الأسد على ثلث سوريا، وإذا عجز عن بسط نفوذه على محافظة درعا، ولا يبدو ذلك ممكنا حاليا، بحسب المعطيات الميدانية على الأرض، فإن نطاق انتخاباته لن يتعدى الربع.

ومن أجل ذلك يبذل النظام جهودا استثنائية من أجل السيطرة على درعا، لأنها باتت تشكل بيضة القبان، والمنطقة الأكثر حساسية بالنسبة إلى شرعية الانتخابات إذ دون درعا جنوبا، ومنطقة الجزيرة شرق الفرات، إلى جانب مناطق الشمال التي تسيطر عليها قوات المعارضة، ستنحصر مناطق انتخابات النظام في دمشق والمنطقة الغربية.

ووفقا لبعض الدراسات الإحصائية، فإن العدد الإجمالي المفترض لسكان سوريا هو 26.38 مليون شخص، وعدد السوريين في الداخل 16.47 مليون.

ويعيش من بين هؤلاء في مناطق سيطرة النظام نحو 9.4 مليون، أي ما يقارب 57 في المئة من إجمالي عدد السكان، منهم نحو 40 في المئة تحت السن القانوني للانتخاب، كما تظهر بيانات الأمم المتحدة، أي أن من بقي ممن يحق لهم التصويت في الانتخابات المزمع إجراؤها هم نحو 5.64 مليون شخص.

ويرى مراقبون أن الانتخابات بالنسبة إلى الأسد تشكل حالة مصيرية بالفعل لأن نظامه الذي يستمد روحه من حزب البعث، الذي يحكم الدولة من العام 1963 قائم على فكرة الأبدية، وأن العملية الانتخابية التي تنافسه فيها شخصيتان غير معروفتين هما عبدالله سلوم عبدالله المقرب من دائرة الأسد، والآخر رئيس المنظمة العربية السورية لحقوق الإنسان وأمين عام الجبهة الديمقراطية المعارضة محمود مرعي، والذي يحسب على معارضة الداخل، على ضحالتها، تشكل الوسيلة المناسبة لتكريس هذه الحالة.

كما تعني الانتخابات أيضا الاستمرار في الحكم والسيطرة على ما بقي من مقدرات البلاد، لأن الأسد لن يتخلى عن موقعه مهما كانت الظروف، إذ بمجرد مغادرته للسلطة ستفتح بوجهه أبواب المحاسبة، بينما توفر له الانتخابات قدرا من الشرعية يحتاجها كدرع حصانة تقيه من المساءلة القانونية، ويبرر بها استمرار بقائه في الحكم.

ويلفت البعض إلى أن الانتخابات ليست ضرورة قصوى تقتصر على النظام وحده، بل إن الروس والإيرانيين يبدون أكثر إصرارا على إجرائها، فأي حل أو مسار آخر غير الانتخابات سيشكل مشكلة إضافية جديدة لهم، في وقت هم فيه عاجزون عن تقديم أي حل أو حتى رؤية لحل للأزمة السورية، سوى اللعب ببطاقة استمرار الأسد في الحكم رغم كل شيء.

ويدرك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جيدا أنه بحاجة ماسة إلى غطاء دولي يمده بالشرعية لحين إجراء الانتخابات، ويعلم كذلك أن الولايات المتحدة ابتعدت عن فلك الأزمة السورية، فيما الإيرانيون يئنون تحت الحصار الخانق والضربات الإسرائيلية الموجعة.

وفي ضوء ذلك كانت جميع الظروف مواتية بالنسبة إلى موسكو من أجل جني المزيد من الصفقات الاقتصادية والاستراتيجية التي تثبت حضورها في الشرق الأوسط، وتمنحها تفوقا استراتيجيا في المياه الدافئة طالما حلمت به، وتعوضها أيضا عما أنفقته خلال تدخلهما العسكري في سوريا.

ومع ذلك، من المهمّ تسليط الضوء على كون المعادلة السورية التي دخلت مرحلة بالغة في الصعوبة والتعقيد، لن تسمح لأي طرف بالاستفراد بالكعكة لوحده، بل باتت تحوّل أحلام الطامعين إلى كوابيس، كتلك التي تعيشها إيران في سوريا يوميا، من خلال استهداف مواقعها الحساسة من قبل إسرائيل، والتي أمضت سنين طويلة في إنشائها وأنفقت عليها الكثير من الجهد والمال.

وكما هو معلوم، فإن واشنطن تحتفظ بيدها مفتاح إعادة الإعمار، وتربطه بسير العملية السياسية في جنيف، وبسلوك النظام، لكن ضعف الموقف الأميركي وانعدام شهيته على اتخاذ قرار ذي شأن يخص القضية السورية أغريا الروس بالتقدم خطوة نحو الأمام لجهة فرض أمر واقع على الأرض.

وهناك شبه إجماع لدى السوريين، بمختلف شرائحهم وانتماءاتهم، بمن فيهم مؤيدو الأسد، وحتى المجتمع الدولي على أن انتخابات النظام كانت على الدوام، مسرحية هزيلة سيئة الإعداد والإخراج، حتى أصبحت مادة للسخرية لدرجة أن رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية نصر الحريري، المدعوم من تركيا وصف تحديد موعد الانتخابات بـ”المسرحية”، وقال إنه “يؤكد بؤس هذا النظام واستمراره في الانفصال عن واقع الشعب السوري”.

كما أكدت القوى السياسية والفصائل العسكرية المعارضة للأسد أنها غير معنية بهذه الانتخابات وتعتبر برلمان الأسد فاقدا للشرعية ودعوته باطلة ولن تعدو كونها محاولة بائسة لإعادة إنتاج الأسد ونظامه.

وخلال جلسة لمجلس الأمن الدولي الشهر الماضي قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس -غرينفيلد إن “الانتخابات لن تكون لا حرة ولا نزيهة. ولن تُكسب نظام الأسد أي شرعية، ولا تستجيب لمعايير القرار 2254 الذي ينص على إجرائها بإشراف الأمم المتحدة أو بموجب دستور جديد”.

وفي بيان مشترك دعا وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، التي “لن تؤدي إلى أي تطبيع دولي للنظام السوري”. وتابع الموقعون أن “أي مسار سياسي يتطلّب مشاركة كل السوريين، ولاسيما (أولئك الذين يعيشون في دول) الشتات والنازحون لضمان إسماع كل الأصوات”.

وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت أنها غير منخرطة في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في سوريا، مؤكدة أهمية التوصل إلى حل سياسي وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254 وأن التوصل إلى تسوية سياسية للصراع الدائر في سوريا عن طريق المفاوضات هو الأهم قبل البدء بإجراء انتخابات.

وخلال مؤتمر صحافي للمتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الشهر الماضي، علّق على الانتخابات قائلا إنها “ليست جزءا من العملية السياسية لأننا نرى أنها ستجري في ظل الدستور الحالي”.

————————-

بلينكن:مجموعة ال7 ملتزمة بتنفيذ القرار 2254 في سوريا

أكد وزراء خارجية “مجموعة الدول السبع” التزامهم بإيجاد حل سياسي يدعو إلى وقف إطلاق النار من أجل “إنهاء معاناة السوريين”.

وقال وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكين ليل الثلاثاء في تغريدة، إن “المجموعة ستواصل عملها من أجل الدفع لتحقيق جميع جوانب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”. وأضاف أن المجموعة تعهدت بإنهاء الحرب المستمرة في سوريا منذ 10 سنوات.

وقال: “أنا ونظرائي أكدنا التزامنا بإيجاد حل سياسي لإنهاء النزاع في سوريا ودعم إعادة إطلاق عمل آلية الأمم المتحدة للمساعدات العابرة للحدود”.

ويطالب القرار 2254 الصادر في 18 كانون الأول/ديسمبر 2015، جميع الأطراف بالتوقف الفوري عن شن هجمات ضد أهداف مدنية، ويحث أعضاء مجلس الأمن، على دعم الجهود المبذولة لتحقيق وقف إطلاق النار.

كما يطلب القرار من الأمم المتحدة أن تجمع بين الأطراف للدخول في مفاوضات رسمية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، بهدف إجراء إنتقال سياسي.

من جهة ثانية، اعتبر بلينكن أنه يجب على الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها الضغط على روسيا لجعلها “تنفذ التزاماتها الدولية”.

وقال في تغريدة ثانية: “يجب أن نعمل سوية للفت الانتباه إلى تصرفات روسيا وتحميلها المسؤولية عن أعمالها وممارسة الضغط على موسكو لجعلها تنفذ التزاماتها الدولية”.

———————

ذا غارديان” تكشف زيارة مسؤولين سعوديين إلى دمشق.. وتتحدث عن تطبيع العلاقات/ محمد الأحمد

أوردت صحيفة “ذا غارديان” البريطانية، يوم الثلاثاء، أن رئيس المخابرات السعودية، خالد الحميدان، سافر إلى دمشق حيث التقى نظيره بالمخابرات التابعة للنظام السوري، وذلك في أول اجتماع يعرف من نوعه منذ اندلاع الثورة السورية مطلع العام 2011.

ووضعت الصحيفة اللقاء، الذي جرى الاثنين بدمشق، في سياق مؤشر يسبق انفراجة وشيكة في العلاقات بين خصمين إقليميين، زادت الخلافات بينهما على امتداد الأزمة السورية، مضيفة أن العلاقات بين سورية والمملكة العربية السعودية عرفت قطيعة بعد حملة القمع المفرط التي مارسها النظام السوري برئاسة بشار الأسد بحق الشعب السوري منذ بدء الثورة في 2011. لكن مقال “ذا غارديان” أشار إلى أن مسؤولين في الرياض، دون أن يسميهم، قالوا إن تطبيع العلاقات يمكن أن يبدأ مباشرة بعد عطلة عيد الفطر.

وأضافت الصحيفة أن الوفد السعودي الذي زار دمشق بقيادة حميدان استقبله رئيس مخابرات النظام علي مملوك. وأوضح مسؤول سعودي، فضل عدم الكشف عن هويته، وفق ما نقلت “ذا غارديان”: “لقد تم التخطيط لذلك اللقاء منذ فترة لكن لم يتحرك شيء، لقد تغيرت الأحداث إقليمياً وكان ذلك بمثابة فرصة مواتية”.

    Meeting between Saudi and Syrian intelligence chiefs hints at detente https://t.co/Pv7vyviml2

    — The Guardian (@guardian) May 4, 2021

وكانت صحيفة “الرأي اليوم” العربية قد أكدت، الإثنين، نقلاً عن مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى في دمشق أن وفداً سعودياً برئاسة الحميدان زار دمشق، والتقى بشار الأسد ونائب الرئيس للشؤون الأمنية اللواء علي المملوك، ولفتت إلى أنه جرى الاتفاق على أن يعود الوفد في زيارة مطولة بعد عيد الفطر.

وأشارت مصادر الصحيفة إلى أنه هناك اتفاقاً جرى التوصل إليه بإعادة فتح السفارة السعودية في دمشق، كخطوة أولى لاستعادة العلاقات في المجالات كافّة بين البلدين. ونوهت إلى أن الوفد السعودي أبلغ مُضيفيه من النظام السوري بأن بلاده ترحّب بعودة سورية إلى الجامعة العربية، وحضور مؤتمر القمة العربية المقبل في الجزائر في حال انعقاده. ولفتت الصحيفة إلى أن مصادرها لم تكشف المزيد من التفاصيل عمّا دار في المباحثات، لكنها لمّحت إلى أنها كانت مثمرة، وكسرت الجليد الذي كان يُسيطر على العلاقات بين البلدين.

وبحسب الصحيفة فإن هذا الانفراج في العلاقات السورية السعودية، يأتي بعد لقاء سرّي سعودي إيراني في العاصمة العراقية بغداد قبل أسبوعين، وتأكيد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في مقابلة تلفزيونية حرص بلاده على إقامة علاقات قوية مع إيران، وقال إنه يتمنّى لها كدولة جارة كل الازدهار.

ومؤخراً عمدت روسيا، الحليف الرئيسي للنظام إلى إعادة تعويمه على المستوى العربي بعد فشلها في تأهيله ليكون مقبولاً على المستوى الدولي، إذ يرفض المجتمع الدولي ودولٌ غربية في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بشرعية النظام السوري بعد أزيد من عشر سنوات من الحرب ارتكب خلالها النظام مئات المجازر بحق السوريين. ويصر المجتمع الدولي على انتقال سياسي للسلطة ينهي هيمنة نظام الأسد على الحكم من خلال مسارات سياسية وتطبيق القرار الأممي 2253 للعام 2015.

وتوضحت الجهود الروسية في هذا السياق خلال زيارة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، التي قصد خلالها ثلاث عواصم عربية في مقدمتها الرياض في فبراير/ شباط الماضي، بُغية طرح مسألة عودة النظام للحاضنة العربية. وأصر الموقف السعودي حينها على إنجاز حل سياسي للأزمة السورية تكون المعارضة جزء منه، والإجابة ذاتها تلقاها لافروف في الدوحة خلال الجولة، فيما كان التأييد مع طرح لافروف في العاصمة الإماراتية أبو ظبي.

وكانت السعودية قد سحبت سفيرها من دمشق في أغسطس/ آب من العام 2011، نتيجة استخدام العنف ضد الشعب السوري من قبل النظام، كما فعلت ذلك معظم الدول، لكن ومع نهاية العام 2018 أعادت الإمارات والبحرين افتتاح سفاراتيهما في دمشق رغم الضغوط الدولية على استمرار مقاطعة النظام. كذلك رفعت سلطنة عمان تمثيلها الدبلوماسي من قائم بالأعمال إلى إعادة تعيين سفير في دمشق مطلع أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي بعد تخفيض التمثيل عقب بدء الاحتجاجات في سورية والقمع المفرط معها من قبل النظام.

العربي الجديد

————————–

توسيع قاعدة طرطوس: ترسيخ النفوذ الروسي شرق المتوسط/ أمين العاصي

تعمل وزارة الدفاع الروسية على توسيع قدرات قاعدتها البحرية في مرفأ طرطوس على الساحل السوري، في خطوة تلي عمليات توسيع كبيرة لقاعدة حميميم الرئيسية، الواقعة في ريف اللاذقية، في تأكيد على نوايا موسكو تثبيت وجودها شرقي البحر الأبيض المتوسط لأمد طويل. ونقلت وكالة “تاس” الروسية منذ أيام عن مصدر في “المجمع الصناعي العسكري الروسي”، قوله إنّ مجمع إصلاح السفن في المركز اللوجستي لبحرية الجيش الروسي بطرطوس، سيحصل على رصيف عائم في عام 2022، ما يزيد من فرص إصلاح السفن والغواصات هناك. ونقلت عنه تأكيده أن الرصيف العائم سيوسع إمكانات قاعدة طرطوس.

وذكرت الوكالة أن الإدارة العسكرية الروسية تعمل على توسيع القدرات الفنية للقاعدة البحرية في ميناء طرطوس، لمزيد من التسهيل في عمليات إصلاح السفن والغواصات، إذ تتمّ عمليات الإصلاح حالياً من قبل ورشات عمل عائمة من أسطولي البحر الأسود والبلطيق، أو تُنقل السفن التي تحتاج للإصلاح إلى الموانئ الروسية. مع العلم أن روسيا والنظام السوري وقّعا اتفاقية تنصّ على استئجار موسكو مرفأ طرطوس لمدة 49 عاماً، وقد دخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ مطلع عام 2018، في خطوة رسّخت الهيمنة الروسية على مجمل الساحل السوري. وتنصّ المادة 25 من بنود الاتفاقية على تجديدها تلقائياً لـ25 عاماً أخرى، إذا لم يرسل أحد الأطراف كتاب نوايا عبر القنوات الدبلوماسية يطلب إنهاءها، على أن يكون موعد إرسال هذا الكتاب قبل سنة على الأقل من تاريخ انتهاء الاتفاقية.

وتنصّ المادة الثانية من الاتفاقية على تسلّم الطرف الروسي (مجاناً وطوال مدة هذه الاتفاقية) الأراضي وقطع المناطق المائية المشار إليها في المخطط وفقاً للملحق رقم 1 (ملحق سري)، على أن تقتصر على الإحداثيات الجغرافية وفقاً للملحق 2 (سري)، فضلاً عن الممتلكات غير المنقولة اللازمة لوضع وتشغيل “مركز الخدمات اللوجستية” أي (القاعدة العسكرية) في القائمة وفقاً للملحق رقم 3 (وهو سري أيضاً). كذلك تشمل الاتفاقية أراضي المنطقة الساحلية ومنطقة المياه في ميناء طرطوس والمنطقة الأمامية (منطقة وقوف المنشآت العائمة)، وتشمل أيضاً سطح الأرض وسطح البحر وقاعه.

وحول هذه التطورات، يرى المحلل طه عبد الواحد، أن عمليات التوسيع الجديدة في ميناء طرطوس هدفها “تثبيت الأقدام الروسية وغرسها في عمق سورية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً”، معتبراً في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، أنها “لا تحمل أي دلالات على أمر مباشر متوقع حدوثه”. ويبدي اعتقاده أن الغرض من التوسيع هو تهيئة بنى تحتية لتعزيز الموقف عسكرياً، مشدّداً على “أن السفن الروسية لن تكون مضطرة بعد إتمام عمليات التوسيع التوجه نحو مصانع ومحطات الصيانة البحرية في شمال غربي روسيا”. وبرأيه فإنه “مع دخول الرصيف العائم الجديد الخدمة في العام المقبل سيصبح بالإمكان صيانة الغواصات والسفن في طرطوس”. ويشير إلى أن “هذا الأمر يزيد من القدرة القتالية للقطع البحرية الروسية في البحر المتوسط”، معتبراً أن عمليات التوسيع تؤكد أن روسيا تنوي البقاء لفترة طويلة جداً في المنطقة، وتعمل على تعزيز مواقعها في سورية.

لكن الروس لا يكتفون بالتمدد في الساحل السوري، وفقاً للمحلل العميد مصطفى الفرحات، ويلفت في حديث لـ”العربي الجديد” إلى “أن الجانب الروسي لا يكتفي بتوسيع نفوذه في الساحل السوري فحسب، بل في الكثير من المناطق السورية”. ويبين أن الروس “يعملون على تعزيز قدرتهم العسكرية بشتى المجالات وليس فقط في الجو”، ويقول إن “هناك سباقاً محموماً لتوسيع دائرة النفوذ في سورية بين الروس والإيرانيين، الذين زجوا بقوات كبيرة ما جعلهم يتحكمون بالأرض أكثر من الروس”. ويرى أن الجانب الروسي “يعمل اليوم على استقطاب شبان سوريين لتجنيدهم في داخل سورية وخارجها”، مضيفاً أن “الروس قوة احتلال ولا شيء يمنعهم من توسيع نفوذهم وترسيخه، والنظام بات دمية لديهم ولا يملك قراره على الإطلاق. هناك منافسة كبيرة بين موسكو وطهران لتثبيت الأقدام أكثر في الجغرافيا السورية والبقاء الى أمد غير محدد في البلاد”. ولا يستبعد الفرحات أن تكون الخطوة الروسية في توسيع قاعدة طرطوس وإنشاء رصيف عائم تهيئة لاستقدام حاملات طائرات إلى شرق البحر المتوسط، في سياق المساعي الروسية لأداء دور أكبر في المنطقة. ويخلص إلى القول إن عمليات التوسيع هي رسالة واضحة للغرب، بأن روسيا باتت رقماً صعباً في معادلة الصراع في البحر المتوسط.

ويعود الوجود الروسي في مرفأ طرطوس السورية إلى عام 1971، مع إبرام النظام السوري اتفاقاً مع الاتحاد السوفييتي إبّان عهد حافظ الأسد، أُنشئت بموجبه نقطة لوجستية سوفييتية في منطقة المرفأ. وفي 30 سبتمبر/أيلول عام 2015 باشر الروس تدخلاً عسكرياً واسع النطاق الى جانب النظام السوري الذي كان على وشك الانهيار، فأقاموا قاعدة حميميم العسكرية في ريف اللاذقية على الساحل، التي شكّلت محطة انطلاق للطائرات الحربية والمروحية التي رجّحت كفة الصراع لصالح النظام. وتضمّ القاعدة مقر قيادة القوات الروسية في سورية، ومركز المصالحة الروسي، وتدار منها العمليات العسكرية كافة على امتداد سورية.

ووسّع الروس هذه القاعدة في فبراير/شباط الماضي، وفقاً لتقرير نشره موقع “ذا درايف” المهتم بالشؤون الدفاعية والعسكرية، الذي أشار إلى أن الصور الملتقطة من الأقمار الصناعية في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، أظهرت أن وزارة الدفاع الروسية أضافت نحو 300 متر للمدرج الغربي في القاعدة الجوية. وأفاد بأنّ الإجراء الجديد يمكن أن يدعم مزيداً من عمليات النشر المنتظمة للطائرات الأكبر والأكثر حمولة، بما في ذلك طائرات الشحن العملاقة وحتى القاذفات بعيدة المدى. وينتشر الروس في عموم الجغرافيا السورية، ضمن مناطق سيطرة النظام، وفي شرق نهر الفرات الخاضعة للجانب الكردي. وترى المعارضة السورية أن الوجود الروسي في البلاد يرقى إلى مستوى الاحتلال المباشر، خصوصاً بعد وضع موسكو يدها على مفاصل القرار لدى النظام، الذي يعتمد عليها في استمراره في السلطة. ووصلت الأيادي الروسية الى قلب البادية السورية، حيث سيطرت موسكو على مناجم الفوسفات في ريف حمص الشرقي، وفق عقد وُقع مع حكومة النظام في عام 2018 مدته 50 عاماً.

————————-

سورية: غارة للتحالف الدولي و”داعش” يستهدف حاجزاً في ريف دير الزور/ محمد الأحمد

قُتل شخص، الثلاثاء، إثر غارة جوية نفذتها طائرة مُسيَّرة تابعة لـ “التحالف الدولي” بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، استهدفته في أثناء خروجه من أحد المساجد في بلدة شنان بمحافظة دير الزور، شرقيّ سورية.

وقال الناشط الإعلامي، أبو عمر البوكمالي، إن الشخص الذي قُتل يدعى باسم عطوان البلال، المرجح انتماؤه إلى تنظيم داعش، عبر استهدافه بغارة من قبل طائرة مُسيَّرة عند خروجه من مسجد البلحاوي في قرية شنان التي تبعد عن مركز مدينة دير الزور 65 كم شرقاً، وأضاف البوكمالي لـ “العربي الجديد” أن دورية أمنية تابعة لـ “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) فرضت طوقاً أمنياً في المكان عقب الاستهداف لأسباب مجهولة.

في غضون ذلك، نصب عناصر ينتمون إلى تنظيم “داعش” حاجزاً مؤقتاً، ظهر الثلاثاء، داخل بلدة الزر شرقيّ محافظة دير الزور، وأكد البوكمالي لـ “العربي الجديد” أن عناصر الحاجز صادروا عدة هواتف محمولة من المارة، تزامن ذلك مع تفتيش دقيق للمدنيين الذين سلكوا طريق الحاجز.

من جهة أخرى، سيّرت الشرطة العسكرية الروسية، الثلاثاء، دورية عسكرية منفردة في ريف مدينة المالكية شمال شرقيّ محافظة الحسكة، شمال شرقيّ البلاد، وأكدت مصادر محلية لـ “العربي الجديد” أن الدورية انطلقت، ظهر الثلاثاء، من قرية عين ديوار شمال المالكية في ريف الحسكة، وضمت الدورية ثلاث مدرعات دون غطاء جوي، ومن ثم عادت أدراجها واتجهت نحو قواعد القوات الروسية في مدينة القامشلي، شمال شرقيّ الحسكة.

في سياق منفصل، عثرت الشرطة العسكرية في محيط بلدة جنديرس، غرب مدينة عفرين، ضمن ما يعرف بمناطق “غصن الزيتون”، التي يُسيطر عليها “الجيش الوطني” المعارض والموالي لتركيا، على جثة شاب مقتول بطلق ناري ومرمي بجوار أحد الأنهار القريبة من قرية الفرارية، المحاذية لبلدة جنديرس شماليّ محافظة حلب، وأكدت الشرطة العسكرية أن الجثة التي عثر عليها تعود للمدعو محسن الناصيف، ولا تزال التحقيقات جارية لمعرفة ملابسات الحادثة.

إلى ذلك، اعتدت مجموعة مسلحة بالضرب المبرح على محمد العيسى، مدير المركز الصحي، في بلدة تركمان بارح بريف حلب الشمالي، المدعوم من منظمة “ريليف إنترناشونال” الطبية، صباح الثلاثاء، وأكدت مصادر محلية لـ “العربي الجديد” أن أفراد المجموعة المسلحة، بعد أن اعتدوا بالضرب على مدير المركز الصحي، عمدوا إلى دهسه بسيارتهم، التي كانوا يستقلونها وسرقوا الكمبيوتر المحمول والهاتف الشخصي الذي كان بحوزته، ولاذوا بالفرار إلى جهة مجهولة، وتمكن الأهالي من إسعافه إلى مشفى بلدة الراعي القريبة من الحدود التركية، شماليّ حلب، لتلقي العلاج.

وتشهد المناطق التي يُسيطر عليها “الجيش الوطني” شمال شرقيّ سورية، فلتاناً أمنياً تزداد وتيرته يوماً بعد آخر، سواء من خلال تفجير السيارات المفخخة والعبوات الناسفة وسط الأسواق، التي تستهدف المدنيين، أو انتشار عمليات الاستهداف والاغتيال التي تطاول نشطاء ومقاتلين وحتى مدنيين.

في سياق آخر، زار عبد الله أرين، والي ولاية شانلي أورفا في جنوب تركيا والمناطق الحدودية مع سورية، مدينة تل أبيض، شمال شرقيّ محافظة الرقة، الواقعة ضمن ما يُعرف بمنطقة “نبع السلام” التي سيطر عليها “الجيش الوطني” وحليفه التركي خريف عام 2019.

وهدفت الزيارة إلى تفقد أحوال السوريين ضمن المدينة الواقعة ضمن منطقة النفوذ التركي، مع كامل “نبع السلام”، إذ كانت الحكومة التركية قد سلمت ولاية أورفا متابعة الشؤون المدنية والخدمية منذ السيطرة عليها وإبعاد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) عنها.

———————–

قصف إسرائيلي على ساحل اللاذقية وطرطوس..قرب القواعد الروسية

أكد شهود عيان فجر الأربعاء، سماع دوي انفجارات على ساحل مدينتي اللاذقية وطرطوس غرب سوريا، نتيجة قصف إسرائيلي بالصواريخ، يبدو أنه الاقرب الى القواعد والمواقع العسكرية الروسية على الساحل السوري.

وقالت وكالة أنباء النظام “سانا” إن الدفاعات الجوية السورية تصدت لصواريخ استهدفت مناطق الحفة باللاذقية ومصياف غرب محافظة حماة.

وقالت إنه “حوالي الساعة 2،18 من فجر اليوم نفذ العدو الاسرائيلي عدواناً جوياً من اتجاه جنوب غرب اللاذقية مستهدفاً بعض النقاط في المنطقة الساحلية، وقد تصدت وسائط دفاعنا الجوي لصواريخ العدوان وأسقطت بعضها”.

وأدى القصف الإسرائيلي إلى مقتل مدني وجرح ستة اخرين بينهم طفل ووالدته في حصيلة أولية إضافة الى وقوع بعض الخسائر المادية من بينها منشأة مدنية لصناعة المواد البلاستيكية، بحسب “سانا”.

من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن انفجارات عنيفة دوت في الساحل السوري نتيجة “ضربات إسرائيلية على مواقع عسكرية”، حاولت المضادات الأرضية التابعة للنظام السوري التصدي لها. وأفاد المرصد انه في حماة طال القصف مستودعات للأسلحة والذخائر في جبال وغابات منطقة دير شميل بريف حماة الغربي عند الحدود الإدارية مع اللاذقية، وفي اللاذقية طال القصف مقرات عسكرية ومستودعات أسلحة وذخائر جنوب الحفة، وخلفت الضربات تلك نحو  14 جريحا بالإضافة لتدمير مستودعات.

وكانت إسرائيل قصفت في 22 نيسان/أبريل، بطاريات صواريخ في الأراضي السورية، وذلك رداً على سقوط صاروخ أرض-جو مصدره الجولان المحتل، في منطقة النقب بالقرب من مفاعل ديمونا النووي.

وأضاف أدرعي حينها أن “الحديث عن صاروخ أرض-جو أطلق من سوريا وتجاوز هدفه وانزلق نحو إسرائيل ولم يُطلق ليستهدف منطقة معينة في إسرائيل”.

——————–

الزيارة السعودية إلى سوريا حصلت..والتطبيع بعد الفطر؟

قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية إن رئيس المخابرات السعودية سافر إلى دمشق للقاء نظيره السوري في أول اجتماع مُعلن عنه من نوعه منذ اندلاع الحرب السورية قبل عشر سنوات.

وأضافت أن الاجتماع الذي عُقد في العاصمة السورية الاثنين 3 أيار/مايو، يُنظر إليه على أنه مقدمة لانفراج وشيك بين خصمين إقليميين كانا على خلاف طوال مدة الصراع.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الرياض أن تطبيع العلاقات يمكن أن يبدأ بعد فترة وجيزة من عيد الفطر. وقال مسؤول سعودي: “لقد تم التخطيط لذلك منذ فترة لكن لم يتحرك شيء.. لقد تغيرت الأحداث إقليمياً وكان ذلك بمثابة الافتتاح”.

ورأت “الغارديان” أن مثل هذه الخطوة ستكون بمثابة دفعة كبيرة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي تشبث بالسلطة بدعم من روسيا وإيران مع انهيار البلاد من حوله. وستكون أيضاً لحظة تاريخية في الدبلوماسية الإقليمية، حيث “تتحالف” الرياض إسمياً مع طهران في واحدة من أكثر المناطق المتنازع عليها في المنطقة.

وكان الوفد السعودي بقيادة اللواء خالد الحميدان رئيس المخابرات العامة للبلاد. واستقبله اللواء السوري علي مملوك، مهندس الدفع لسحق السنوات الأولى للثورة المناهضة للأسد والمحاور الرئيسي مع القوات الروسية، التي كان لها نصيب كبير في الصراع منذ أيلول/سبتمبر 2015.

قبل ذلك بعامين، كانت الرياض مركزية في خطة للإطاحة بالأسد من خلال تسليح القوات المناهضة للأسد بالقرب من دمشق وتشجيع الانشقاقات إلى الأردن، حيث توقعت القيادة السعودية من الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما أن يطلق حملة عسكرية من وكلاء الولايات المتحدة للاستيلاء على العاصمة السورية.

لم تتحقق مثل هذه الخطة أبداً، وعندما اختار الرئيس الأميركي عدم السماح بضربات جوية بعد الهجوم بغاز السارين على ريف دمشق في عام 2013، حوّلت الرياض تركيز مشاركتها في الصراع من استخدام مجموعات تعمل بالوكالة إلى توفير صواريخ موجهة للمعارضة.

بحلول آب/أغسطس 2015، أدى البرنامج الصاروخي إلى انهيار وشيك لعناصر رئيسية في الجيش السوري، مما أدى إلى توجه الجنرال الإيراني قاسم سليماني إلى موسكو لطلب تدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو الحدث الذي قلب مسار الحرب ودفع الرياض إلى فك الارتباط بشكل مضطرد.

منذ ذلك الحين، احتلت الرياض مقعداً خلفياً في الصراع، حيث تحرك حليفاها الإقليميان، مصر والإمارات، لتوطيد العلاقات مع الاسد. أعادت أبو ظبي فتح سفارتها في دمشق في 2021.

في أواخر آذار/مارس، أرسل مسؤولون إيرانيون رسالة إلى القيادة السعودية من خلال مبعوث عراقي، يشيرون فيها إلى أن بلادهم تريد إنهاء الاحتكاك مع المملكة، بدءاً من اليمن، حيث أدت الحرب التي شنتها الرياض ضد المتمردين الحوثيين إلى تعثرها في مستنقع على حدودها الشرقية على مدى السنوات الخمس الماضية. كما تمت مناقشة خفض تصعيد التوترات في العراق وسوريا خلال المحادثات بين الجانبين.ِ

———————

حان وقت المصالحة… لقاء استخباراتي سعودي سوري بعد عداء طال

كشفت صحيفة الغارديان البريطانية، في 4 أيار/مايو، أن رئيس المخابرات السعودية خالد الحميدان سافر إلى دمشق للقاء نظيره السوري علي المملوك في أول اجتماع  من نوعه منذ اندلاع الحرب السورية عام 2011.

وقالت الصحيفة، في تقرير كتبه مراسلها بمنطقة الشرق الأوسط مارتن شولوف، إن الاجتماع الذي عُقد في العاصمة السورية في 3 أيار/مايو، يُعتبر مقدمة لانفراجة محتملة بين البلدين اللذين كانا على خلاف طويل.

وانقطعت العلاقات بين البلدين خلال حملة القمع التي قادها النظام السوري ضد الانتفاضة الشعبية عام 2011، بدعم من إيران التي تعد الخصم التقليدي للسعودية.

 تطبيع العلاقات

ذكر مسؤولون سعوديون لم يكشفوا عن أسمائهم للصحيفة البريطانية أن “تطبيع العلاقات” قد يبدأ بعد فترة وجيزة من عيد الفطر الذي يحين موعده الأسبوع المقبل. وعلق كاتب التقرير أنه “من المحتمل أن تكون هذه الخطوة دفعة كبيرة للأسد، خصوصاً في الوقت الراهن إذ تجري الاستعدادات لإجراء انتخابات رئاسية في 25 أيار/ مايو الجاري”.

وكانت الرياض – بحسب الغارديان- دولة مركزية في خطة الإطاحة بالأسد، من خلال تسليح القوات المناهضة للرئيس السوري. لكن بعدما تدخلت روسيا عام 2015، تراجع دور السعودية في الصراع بشكل مطرد.

وقال الباحث السوري حافظ مالك لرصيف22 إن الزيارة، إن تمت كما أشيع عن تفاصيلها، تحمل أبعادًا عدة، فإعادة افتتاح السفارة السعودية بدمشق لها تبعات اقتصادية وسياسية تتمثل في تقويض الوجود الإيراني مقابل حضور عربي أكبر.

وتعاني سوريا اقتصادياً جراء الحرب حتى صُنّف شعبها أفقر شعوب العالم، ما يجعل من عودة العلاقات مع الدول الخليجية الثرية شريان حياة للرئيس السوري الراغب في استعادة بعض شرعيته.

 ويواصل مالك: “الزيارة السعودية كانت لها مقدمات تمثلت بتقارب إماراتي مع دمشق، ومخطئ من كان يدعي أن الإمارات والسعودية غير متفقتين في التوجه حيال الملف السوري”.

 وأضاف: “السعودية تجد بدفع روسي أن الوقت بات مناسباً للعودة إلى سوريا فيما يتعلق بملفات إعادة الإعمار وترتيب أوراق النفوذ الإيراني والتعامل معه. وروسيا يهمها عودة المال الخليجي، وكذلك يهمها تأثير الدول الخليجية على الأمريكيين حيال الملف السوري”.

 وقال الباحث السوري إن عودة السعودية “ستغير من شكل التموضع الأمريكي في سوريا”، وكذلك شكل النفوذ التركي وتداخله مع النفوذ الروسي في الشمال السوري. كذلك فإن ذلك “سيقوي من أوراق دمشق الاقتصادية والسياسية في حال الانفتاح السعودي عليها، وينهي خطر التغول الإيراني، ويوقف وصول تأثيراته الخطيرة إلى الخليج، منها تهريب المخدرات وتوريد الأسلحة إلى عناصر النفوذ الإيراني في المنطقة”.

الاقتصاد أولاً

أشارت الغارديان إلى أن تحرك السعودية جاء بعدما شرع حليفاها الإقليميان، مصر والإمارات، في توطيد العلاقات مع الرئيس السوري، إذ هاتف ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد الأسد في العام الماضي، ثم أعاد فتح سفارة بلاده في دمشق.

 وأضافت الصحيفة أن إيران بعثت في أواخر آذار/مارس، برسالة إلى القيادة السعودية من خلال مبعوث عراقي، أشارت فيها إلى أنها تريد إنهاء الاحتكاك مع المملكة.

 وفي الشهر الماضي، أفادت وكالة بلومبرغ الأمريكية أن مسؤولين من الاستخبارات السعودية التقوا بنظراءهم الإيرانيين في العاصمة العراقية بغداد، حيث جرى بحث خفض التوتر بين الجانبين.

ولم تقتصر الاتصالات السعودية على إيران وسوريا، بل بدأت بعقد مصالحة مع قطر في كانون الثاني/يناير. وهذا ما يفصح عن أن السعودية – خاصة مع ما تمر به من مصاعب اقتصادية- تسعى لإنهاء ملفات الصراع التي تستنزفها اقتصادياً.

————————-

============================

تحديث 06 أيار 2021

————————

عفو عام في سوريا”: هدية الرئيس من أجل الترشح لمنصب… الرئيس!/ سامر مختار

المرسوم تضمن استثناءات عدة، من بينها “جرائم تهريب الأسلحة”، والخيانة والتجسس، والتعامل مع العدو، والمتفجرات، وجرائم الإرهاب التي تسببت بالوفاة. ليبقى السؤال البدهي والمتكرر، ما مصير آلاف المعتقلين السياسيين الذين يوجه لهم نظام الأسد تهماً كثيرة…

في سوريا، وربما في بلدان عربية أخرى، هناك صورة مكرسة في أذهاننا ومكررة في حياتنا اليومية عن شخصية “الموظف الفاسد” داخل الدوائر والمباني الحكومية. تتمثل برغبة مواطن ما في تحقيق أهم حلم في حياته، وهو أن يحظى بوظيفة في مبنى حكومي.

يصبح المواطن “موظفاً حكومياً”، وتبدأ مساعيه الحثيثة إلى تثبيت جذوره في تلك الوظيفة، من موظف صغير إلى موظف “ذي منصب صغير”، حتى يصل إلى أعلى رتبة في السلم الوظيفي، مسؤول أو وزير، أو مدير، بحسب مشيئة السلطة الأمنية والسياسية.

هذه النوعية من الموظفين “الطموحين، والتي تعمل تحت ظل نظام سياسي مستبد وفاسد، مستعدة لتقديم الولاء المطلق بأشكاله كافة لتبقى مكانها. هذه المجموعة من الموظفين الفاسدين والمرتشين والموالين للنظام، لا يهمها أي شيء يحدث خارج هذا الكوكب/ المبنى الحكومي، بل إن أي تغيير في المنظومة التي حققت أحلام أفرادها، وجعلت منهم “موظفين”، تعتبره خطراً يهددها بشكل مباشر. كما أن “التكنيك” المتبع داخل عقول هذه النوعية من الموظفين في تشكيل صورة عن الواقع والزمن الحاضر الذي يعيشون فيه، هو إقصاء أي شيء خارج الصورة التي وضعها النظام السياسي الفاسد لفكرة الحياة والعمل والطموح والنجاح، وأي مشهد دخيل يهدد هذه الصورة، يُنفى ويمحى وكأنه “عطل فني” يجب إصلاحه، مهما كلف الأمر، قبل العودة إلى “حياتهم الطبيعية”.

ونظام الأسد في اللحظة الحالية، وفي ظل ارتباط مصيره بدولتين محتلتين مثل روسيا وإيران، وهما أكبر داعمين له، لا يختلف جزء من تكوينه وأدائه عن أداء موظف فاسد يعمل في إحدى دوائره الحكومية.

العامل المشترك بين نظام الأسد والموظف الفاسد، هو البقاء الأبدي في المنصب، الذي يتيح لكليهما نهب كل شيء في البلاد. يتجلى هذا التناص المجازي بأحدث صوره في أداء نظام الأسد في مسرحية الانتخابات الرئاسية في سوريا.

فبعدما أعلن البرلمان السوري فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية بتاريخ 19 نيسان/ أبريل الماضي، والتي من المتوقع أن تبدأ في 26 أيار/ مايو، 2021، تقدم 51 مرشحاً، من بينهم 7 نساء لرئاسة سوريا، ما دفع السوريين والعالم أجمع للسخرية من عدد المرشحين، من ناحية تصديق وجود أجواء ديموقراطية وحرية ترشح لمنصب رئيس سوريا، ونظام الأسد موجود في السلطة.

وليكمل النظام أداءه، أصدر بشار الأسد الرئيس “الحالي” والمرشح لـ”لانتخابات الرئاسية” المقبلة، مرسوماً رئاسياً و”القاضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 2 أيار2021، ويشمل العفو كامل العقوبة في الجنح والمخالفات وتدابير الإصلاح والرعاية للأحداث والفرار الداخلي والخارجي ونسباً من العقوبات الجنائية المؤقتة وجرائم الأحداث وجرائم أخرى”.

كما تضمن مرسوم العفو الجرائم المتعلقة بقانون الإرهاب الصادر عام 2012، مثل “المؤامرة لارتكاب عمل إرهابي”. كما شمل أيضاً “جرائم التعامل بغير الليرة السورية شريطة سداد الغرامات المترتبة لمصرف سورية المركزي”. وخفّض المرسوم عقوبة الإعدام إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة على بعض الجرائم، والعفو عن أي مصاب “بمرض عضال غير قابل للشفاء يجعله بحاجة إلى معونة غيره”، أو الذي بلغ السبعين من العمر.

إلا أن المرسوم تضمن استثناءات عدة، من بينها “جرائم تهريب الأسلحة”، والخيانة والتجسس، والتعامل مع العدو، والمتفجرات، وجرائم الإرهاب التي تسببت بالوفاة.

ليبقى السؤال البدهي والمتكرر، ما مصير آلاف المعتقلين السياسيين الذين يوجه لهم نظام الأسد تهماً كثيرة، أبرزها تهريب الأسلحة والخيانة والتجسس والتعامل مع الخارج والإرهاب؟

بلغ عدد المعتقلين في سجون النظام السوري 131 ألفاً و106 أشخاص، منهم 3613 طفلاً، بحسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”.

كما وثقت الشبكة في تقريرها الصادر في 2 أيار، أي في يوم صدور مرسوم العفو “ما لا يقل عن 147 حالة اعتقال تعسفي/ احتجاز بينهم طفل و19 سيدة، قد تم توثيقها في سوريا في نيسان/ أبريل 2021” مشيرة إلى “أن عمليات الاعتقال/ الاحتجاز والاختفاء القسري مستمرة، وسوريا بلد غير آمن لعودة اللاجئين”.

كما أوضحَ تقرير الشبكة أنَّ “معظم حوادث الاعتقال في سوريا تتمُّ من دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات المداهمة، وغالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربع الرئيسة هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيداً من السلطة القضائية، ويتعرَّض المعتقل للتَّعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرَم من التواصل مع عائلته أو محاميه. كما تُنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي ويتحوَّل معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً”.

كما نشرت “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا” بياناً بتاريخ 27 نيسان الماضي، نفت فيه الأنباء المتداولة عبر منصات التواصل الاجتماعي حول “تحويل أعداد كبيرة من المعتقلين في الأفرع الأمنية وفي سجن صيدنايا إلى سجن دمشق المركزي (عدرا) تمهيداً لإطلاق سراحهم قريباً ضمن عفو عام بمناسبة الانتخابات”.

ودعت الرابطة الصفحات الإخبارية والنشطاء الإعلاميين والجميع إلى عدم المشاركة والمساهمة بنشر هذه الأخبار حرصاً على مشاعر عائلات المعتقلين والمختفين قسراً، ومنعاً لوقوعهم ضحية عمليات الاحتيال والابتزاز المالي.

لذلك، تعتبر “مراسيم العفو الرئاسية” مرتبطة بتبييض صفحة نظام الأسد في الإعلام، والتي تكررت أكثر من مرة بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية.

الرئيس متمسك بجدران مبنى القصر الرئاسي، لا يريد أن يغادره، عقله مثل عقل الموظف الذي لا يريد أن يرى شيئاً أبعد من المبنى الحكومي، وأي خطر يهدد وجوده، يحاول إقصاءه ونفيه من عقله، إلا أن الرئيس لم يكتفِ بإقصاء الشعب ونفيه داخل عقله فقط، بل يحاول وعلى مدار 10 سنوات قتل كل من يهدد وجوده في منصبه، ويسعى إلى إسكاته وتعذيبه… ذاك المنصب الذي قرر حلفاؤه الفعليون، والمحتلون، السماح له بالبقاء فيه، على رغم أنف الشعب وإرادته.

درج

—————————

مجموعة الدول السبع” تحدد ثلاث طلبات لنظام الأسد

حددت “مجموعة السبع” في ختام اجتماعها، اليوم الأربعاء، ثلاثة طلبات لنظام الأسد، تتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية واتخاذ خطوات جدية نحو الحل السياسي في سورية.

وعقد وزراء خارجية المجموعة، التي تضم ألمانيا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة، اجتماعات على مدى اليومين الماضيين في لندن، في أول اجتماع لهم يعقد وجهاً لوجه منذ نحو عامين.

وضم البيان الختامي 27 صفحة، وتناول العديد من القضايا في دول العالم، خاصة ما اعتبرته المجموعة أكبر التهديدات الحالية، وهي الصين وروسيا ووباء فيروس “كورونا المستجد”.

وفيما يتعلق بالشأن السوري، دانت المجموعة ما أسمته “فظائع نظام الأسد وداعميه المستمرة ضد الشعب السوري”، كما دانت “تسييس قضية إيصال المساعدات الإنسانية وتسليمها” إلى المحتاجين الذين قدرت المجموعة عددهم بـ13 مليون شخص.

ودعت الدول السبع إلى إيصال المساعدات الإنسانية “بشكل كامل ودون عوائق”، وإعادة تفويض قرار المساعدات عبر الحدود الذي سيتم التصويت عليه في مجلس الأمن خلال الأسابيع المقبلة.

كما دعت المجموعة نظام الأسد إلى “الانخراط بشكل هادف في العملية السياسية الشاملة التي تيسرها الأمم المتحدة وفق القرار 2254″، والمشاركة بجدية في اجتماعات “اللجنة الدستورية”.

ورحبت المجموعة “بقوة”،  بقرار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بشأن تعليق حقوق وامتيازات سورية في المنظمة.

وحثت النظام على “التقيد بالتزاماته” باتفاق تسليم الأسلحة الكيماوية، مؤكدة التزامها بمحاسبة المسؤولين عن استخدام الكيماوي وانتهاكات القانون الدولي في سورية.

وحددت شرطاً للمساهمة في إعادة الإعمار في سورية، وهو “وجود عملية سياسية ذات مصداقية” من قبل الأطراف وخاصة النظام.

وأعلن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أمس الثلاثاء، على هامش الاجتماعات في لندن، أن “مجموعة الدول السبع تؤكد التزامها بالتوصل إلى حل سياسي ينهي الصراع في سورية”.

وقال بلينكن في سلسلة تغريدات عبر حسابه في “تويتر” إنه يدعم “إعادة تفويض آلية الأمم المتحدة للمساعدة عبر الحدود”، مضيفاً “سنواصل العمل من أجل تنفيذ جميع جوانب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 وإنهاء معاناة السوريين”.

—————————-

انتخاب” الأسد في لبنان: سَوْقُ اللاجئين للاقتراع بالدم!/ جنى الدهيبي

“انتخاب” الأسد في لبنان: سَوْقُ اللاجئين للاقتراع بالدم! تنتشر ظاهرة رفع صور بشار الأسد في القرى البقاعية (المدن)

بدأ العد العكسي للانتخابات الرئاسية السورية، المقررة في 26 أيار المقبل، والتي سيُتوج مجددًا على إثرها “الدكتور” بشار، قائدًا وحاكمًا لنظام الكيماوي والدم والتهجير، في بلاد الشام وسائر المشرق. 

ويبدو أن التحضيرات للانتخابات الرئاسية السورية، تتصاعد وتيرتها في لبنان. إذ بدأت الأحزاب والقوى و”الشبكات الاستخباراتية” المؤيدة والداعمة لنظام بشار الأسد، ببذل قصارى جهدها، ولو عبر الضغط والتهديد، من أجل دفع آلاف اللاجئين السوريين، أن يتوجهوا إلى السفارة السورية في 20 أيار المقبل. وهو اليوم المحدد لتصويت اللاجئين في سفارات البلاد التي هُجروا إليها. 

الأسد في المنية 

قبل نحو 10 أيام، تم استدعاء مئات اللاجئين السوريين من مخيمات المنية شمالاً وجوارها، للاجتماع مع رئيس “رابطة العمال السوريين في لبنان” مصطفى منصور، الموالي للأسد والذي ينسق عمله مع السفارة السورية بيروت. وهذا الاجتماع، الذي حضره اللاجئون من دون علم بموضوعه، قيل لهم أنه يتعلق بتوزيع المساعدات الأممية، حسب معلومات “المدن”، وحصل داخل مكتب محمد مطر، وهو صاحب مكتب عقاري ونائب رئيس حزب البعث العربي السوري في المنية. 

وتفيد المعلومات أيضًا أنه قبل أيام من الاجتماع، جال بعض أعضاء التجمع، على مخيمات السوريين في المنية، وأخبروا مسؤولي (أشاوش) المخيمات، لضرورة حضورهم هذا الاجتماع، كما طالبوا بتصوير هوياتهم. 

وحينها، توجه عدد كبير من اللاجئين لهذا الاجتماع، ظنًا منهم أنه يتضمن توزيعًا للمساعدات في شهر رمضان، وانتبه بعضهم أنه جرى التقاط صور لهم من سطح أحد المباني، وكانوا أكثر من 500 شخص، ثم اكتشفوا أن حضورهم هو لحشدهم والمشاركة في الانتخابات الرئاسية السورية. وعندها، انسحب عدد كبير منهم، بعد أن بدأ الحديث عن أهمية انتخاب الأسد و”ضرورتها للسيادة السورية ومستقبلهم”؛ وكانت بعض اليافطات لصور الأسد مدونة بعبارة “بشار الأسد من عينيك تشرق كل الانتصارات”، وموقعة باسم “المهندس محمد مطر”. 

وفي اليوم التالي، جال بعض المحسوبين على التجمع والداعمين له على المخيمات، وطالبوا بأخذ الداتا عن اللاجئين، وتحدثوا معهم مهددينهم بسكنهم وأمنهم وسلامتهم، على قاعدة أن اللاجئين في المنية مجبرون بانتخاب الأسد، وأن هذه الانتخابات “ضرورة لتثبيت انتصار النظام على الإرهاب والعقوبات والحصار الدولي”. 

هذه الرواية، يحاول محمد مطر نفيها، ويعتبر أن ما حصل أمام مكتبه مجرد لقاء لا يهدف إلى ترهيب أحد، وقال حرفياً لـ”المدن”: “سيادة الرئيس الرفيق بشار الأسد شعبه معه من دون أن يطلب منهم ذلك، وهم يمارسون حقهم الديموقراطي بانتخابه”!

ويرى مطر أن موازين القوى في سوريا تبدلت، وهي تصب بمصلحة الأسد، و”خير دليل على ذلك هو بوادر الانفتاح السعودي على النظام السوري والعمل على إعادة فتح سفارتها، مما يعني أن الاعتراف الدولي بالأسد صار أمرًا واقعًا في المرحلة المقبلة”. 

لكن، يبدو أن محمد مطر ليس الشخصية الوحيدة التي تقود حملة منظمة دعمًا للأسد، إذ يفعل مثله كمال الخير. ويصف معارضو النظام السوري في المنية، كمال الخير، بـ”رجل النظام السوري”، وهو مقرب من حزب الله، ويروج دائماً في لقاءاته إلى ضرورة توطيد العلاقة مع النظام السوري وحزب الله، وسبق أن شارك مرات عدة بالانتخابات النيابية، كمرشح 8 آذار شمالًا. 

ولدى احتراق مخيم بحنين–المنية، نهاية 2020، رافق الخير وفدًا من السفارة السورية إليه، وعمل على توزيع المساعدات على عشرات العائلات السورية التي خسرت خيمها، وهو ما رآها البعض حينها، محاولة لتقديم رشوة انتخابية للضغط على اللاجئين في لحظات استضعافهم.   

ويوم أمس، انتشر فيديو للخير يخطب فيه، بالمنية، ومن خلفه بعض المرافقين وعلم النظام السوري. وقال فيه: “كل الناس الذين يتآمرون على سوريا، لا تسمحوا لهم يا أهل سوريا أن يسبقوكم إليها”. ثم صرخ مخاطبًا: “انزلوا انتخبوا بالدم قائد الشرفاء. ومن هنا، من لبنان العربي المقاوم، نوجه تحية إلى القائد الدكتور بشار حافظ الأسد، وتحية إلى الجيش العربي السوري، والأجهزة الأمنية السورية”. 

تبادل للاستفزازات 

وقبل يومين أيضًا، نظم عشرات الشبان في منطقة جبل محسن مسيرة تأييد للأسد، وداعمة لانتخابه، ورددوا شعارات عدة من بينها “الله سوريا بشار وبس”. 

لكن الناشط السياسي يوسف شتوي في جبل محسن، يوضح لـ”المدن” أن هذه التظاهرة جاءت عفوية، وغير محضر لها مسبقًا، بمعزل أن الرأي العام في جبل محسن مؤيد للأسد ولخطه السياسي منذ عقود. 

وقال: “لم تكن هذه التظاهرة مطلوبة، لأن ما حصل لا يتماشى مع الرأي العام المحيط لأهالي الجبل، وبينما يوجد فيه نحو 600 ألف نسمة، لم يشارك في التظاهرة سوى العشرات، وتبقى مصلحة طرابلس متقدمة على كل شيء”. 

وفي المقابل، رد شباب من باب التبانة باستفزاز مماثل، إذ خرج العشرات منددين بانتخاب الأسد. وقال شتوي: “ثمة أرضية للتباين السياسي والاستفزازت، والمهم في هذه المرحلة هو العمل على تعزيز العيش المشترك وتقبل الآخر على اختلافاته”. 

البقاع أيضًا 

وفي البقاع، انطلقت الحملات الداعمة لانتخاب بشار الأسد، وافتتحت “اللجنة التحضيرية للإنتخابات الرئاسية السورية في لبنان”، مكاتب بأكثر من قرية وبلدة بقاعية، منها بدنايل وشمسطار. 

وتشير معلومات “المدن” أن أحد “الإعلاميين” يعمل على حشد الموالين للنظام السوري في البقاع. وآخر التجمعات التي دعى إليها كانت منذ أيام قليلة في بلدة حوش الرافقة، وروج فيها للعودة إلى سوريا باعتبار أن “كل من لم يتورط بالدم والارهاب، يستطيع العودة، وأن هناك تسهيلات بهذا الشأن لمن يملكون الأوراق الثبوتية”. كما عبر أمام الحاضرين عن استغرابه أن يكون هناك من يفضل البقاء في خيمة مقابل ترك بلده. 

وتفيد المعلومات أيضًا أن “بعض الأجهزة الأمنية تواكب التحركات في البقاع سراً، منعاً لأي احتكاك بين الأهالي، خصوصاً أن هناك استغراباً من ظاهرة إعادة رفع صور بشار الأسد في القرى”. 

وواقع الحال، يبدو أن لبنان سيشهد في الأيام المقبلة مزيدًا من التحركات الضاغطة على اللاجئين لانتخاب بشار الأسد، رغم كل ما يعتري ذلك من مخاطر واستفزازات، في بلدٍ يعيش انهياراً اقتصادياً غير مسبوق واستعصاءً سياسياً، وفي الوقت عينه يضم أعلى نسبة لجوء سوري في العالم مقارنة مع مساحته وعدد سكانه، ما يزيد من تشابك المسار والمصير بين بيروت ودمشق. 

————————–

إيران تريد إحترام شرعية الانتخابات السورية

أكد وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف الأربعاء، دعم بلاده لوحدة الأراضي السورية وضرورة احترام “شرعية” الانتخابات الرئاسية المقرر إقامتها في 26 أيار/مايو.

وناقش ظريف في اتصال هاتفي، مع نظيره السوري فيصل المقداد، المستجدات الإقليمية والعلاقات الثنائية بين البلدين.

وأوضحت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان، أن الوزيرين ناقشا القضايا الثنائية وتطورات الأوضاع الإقليمية خلال اتصال هاتفي بينهما، حيث أكد ظريف دعم إيران لوحدة الأراضي السورية و”ضرورة احترام” الدستور والانتخابات الرئاسية السورية المقبلة.

من جانبه تطرق المقداد إلى الاستعدادات السورية للانتخابات الرئاسية المقبلة، ودعا وزير الخارجية الإيرانية لزيارة دمشق. وأكد الطرفان خلال اللقاء “دعمهما الكامل للشعب الفلسطيني”، وإدانة الهجمات الإسرائيلية في كل من سوريا وفلسطين ولبنان.

وأعلنت المحكمة الدستورية العليا في سوريا الاثنين، قبول 3 طلبات ترشح لمنصب رئيس الجمهورية بينهم طلب رئيس النظام بشار الأسد.

وتواجه الانتخابات السورية انتقادات من عدد من الأطراف الدولية بينها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، في وقت تدعمها روسيا وإيران.

المدن

————————

سوريا:القصف الإسرائيلي يتجدد..ويستهدف القنيطرة

قالت وكالة أنباء النظام السوري “سانا”، إن “مروحية إسرائيلية نفذت عدواناً على إحدى مناطق القنيطرة”، بعد منتصف ليل الأربعاء/الخميس.

وأضافت أن القصف الإسرائيلي -الذي استهدف سوريا للمرة الثانية في أقل من 24 ساعة- لم يسفر عن وقوع خسائر.

ونقل موقع تلفزيون سوريا عن مصادر محلية أن قصفاً إسرائيلياً استهدف موقعاً لميليشيا “حزب الله” اللبناني في منطقة جباتا الخشب كانت تستخدمه الميليشيا كسرية استطلاع في منطقة الكوم.

بدوره، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مروحية إسرائيلية قصفت موقعاً عسكرياً لقوات النظام يتواجد داخله عناصر يتبعون “لسرايا الاستطلاع والرصد في حزب الله اللبناني” بمحيط بلدة جباتا الخشب بالقرب من القنيطرة في الجولان. واستُهدف الموقع بصاروخين وأسفر القصف عن جرح 3 عناصر، كما استُهدف موقع عسكري آخر في محيط منطقة تل الشعار أيضاً.

وكانت “سانا” قد أعلنت فجر الأربعاء، عن مقتل مدني وإصابة 6 آخرين في هجوم إسرائيلي على مواقع جنوب غرب اللاذقية وحماة.

ونقلت “سانا” عن مصدر عسكري من جيش النظام أن الغارات الإسرائيلية استهدفت “بعض النقاط في المنطقة الساحلية”. وأضاف أن “وسائط دفاعنا الجوي تصدت لصواريخ العدوان وأسقطت بعضها”.

فيما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن القصف الإسرائيلي الذي استهدف موقعاً عسكرياً في ريف اللاذقية، أدى إلى مقتل عنصر في الميليشيات الموالية لإيران، من أبناء قرية أم العمد بريف حمص.

كما أسفرت إحدى الضربات الإسرائيلية في ريف جبلة قرب أوتستراد اللاذقية-طرطوس عن أضرار مادية كبيرة في الموقع.

وافاد المرصد أن إسرائيل استهدفت فجر الأربعاء، مواقع عسكرية لقوات النظام والمليشيات الموالية لإيران في ريفي اللاذقية وحماة، للمرة العاشرة منذ مطلع العام 2021.

ففي حماة طال القصف مستودعات للأسلحة والذخائر في جبال وغابات منطقة دير شميل بريف حماة الغربي عند الحدود الإدارية مع اللاذقية، وفي اللاذقية طال القصف مقرات عسكرية ومستودعات أسلحة وذخائر جنوب الحفة، وخلفت الضربات تلك نحو 14 جريحا بالإضافة لتدمير مستودعات.

————————–

سوريا:الإدارة الأميركية بين الأفخاخ الروسية

حذّرت دراسة أصدرها “معهد دراسات الحرب” في واشنطن، الرئيس الأميركي جو بايدن من الوقوع بخمسة أفخاخ خطيرة، في أثناء إعادة إدارته لصياغة سياستها في سوريا.

وقال المعهد خلال شهادة قدمها أمام مجلس النواب الأميركي، إن “أكبر الفخاخ التي تنصبها روسيا للإدارة الأميركية هي قبول التطبيع مع نظام الأسد، مقابل روايات مضلّلة تروّج لها روسيا، مثل انتهاء الحرب، وحماية الأقليات، والمساعدة في ملفي عودة اللاجئين وإعادة الإعمار في حال رفع العقوبات الاقتصادية عن نظام الأسد”.

وشدّد المعهد على ضرورة وجود موقف حازم من الضغوط الروسية لإعادة النظام للجامعة العربية، مؤكداً أن “التطبيع مع النظام بذريعة أنه سيجلب الاستقرار للبلاد خيار زائف، وعواقبه ستكون سيئة جداً”.

واعتبر أنه في حال التطبيع مع النظام، فإنه سيقود حملة انتقامية ضد المعارضين، وسيحكم على المزيد من السوريين بالاعتقال والتعذيب والإعدام، ممّا سيغذّي موجة تجنيد جديدة من قبل الجماعات المتشددة، وسيجعل أزمة اللاجئين دائمة.

ونبّه المعهد في دراسته من “الوقوع في فخّ التطبيع مع زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني، لا سيما أنه يحاول استغلال الأوضاع الإنسانية الرهيبة في محافظة إدلب، لابتزاز الاعتراف الذي يضفي الشرعية على وجوده، ويمنحه حرية الوصول للعديد من الموارد المالية”.

وأكد ضرورة عدم قبول الجولاني في صفوف المعارضة المعترف بها دولياً، مشيراً إلى أن حملات زعيم تحرير الشام الإعلامية لتحسين صورته، عبر استقبال الصحافيين الغربيين، إنّما هي “روايات زائفة يسعى من خلالها لشطبه من لوائح الإرهاب”.

وحذّر المعهد من دعم أو منح الاستقلال الكردي شمال شرقي سوريا، أي نوع من الشرعية الدولية، مؤكداً أن هذا الفخ من شأنه أن يحرّض على تدخّل عسكري تركي جديد في المنطقة، ويعطّل بشكل كبير جهود مكافحة تنظيم “داعش” إن لم يكن إنهاءها.

وأوصت الدراسة بعدم انسحاب القوات الأميركية من سوريا، لأن هذا من شأنه أن يزيد من خطر اتساع الحرب التركية مع حزب “العمال الكردستاني”، ويمهّد الطريق لاستغلال إيران وروسيا، للانسحاب الأميركي للحصول على مواقع استراتيجية غنية بالموارد الطبيعية.

ونبهت الدراسة من توقع الإدارة الأميركية دوراً روسياً بناءً، سواء على صعيد مكافحة الإرهاب، أو تحجيم نفوذ إيران، أو تقديم تسوية دبلوماسية تنهي الحرب في سوريا.

—————–

جمود في عهد بايدن.. مستقبل قانون قيصر وتأثير عقوباته على الأسد/ ثائر المحمد

دخل قانون العقوبات الأميركي “قيصر” في حالة جمود بعد وصول الرئيس، جو بايدن، إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني الماضي خلفاً لـ دونالد ترامب، بالرغم من أن تطبيق القانون ليس مرتبطاً برئيس أو إدارة محددة، لكونه متضمناً في موازنة وزارة الدفاع الأميركية للعام 2020، والتي أقرّها مجلس الشيوخ بشكل رسمي في كانون الأول عام 2019، بموافقة 86 عضواً، واعتراض 8 أعضاء فقط.

بموجب قانون قيصر الذي دخل حيز التنفيذ في 17 حزيران عام 2020، تم فرض 6 حزم من العقوبات على نظام الأسد ومسؤوليه، بمن فيهم بشار الأسد، وزوجته وشقيقه وابنه، إضافة لعشرات الشخصيات والكيانات الداعمة له في المجال الاقتصادي.

آخر تلك الحزم من العقوبات (السادسة)، فُرضت ضد النظام في 22 كانون الأول من العام الماضي، وشملت 18 فرداً وكياناً، في مقدمتهم أسماء الأسد، وذلك لإعاقتها جهود التوصل إلى حل سياسي في سوريا، وأفراد من عائلتها، وهم فواز الأخرس وسحر عطري الأخرس، وفراس الأخرس، وإياد الأخرس.

وفي عهد “بايدن” لم تفرض الولايات المتحدة أيّة عقوبات على النظام، وغاب قانون قيصر عن المشهد، وبطبيعة الحال كانت التصريحات الرسمية في واشنطن حيال الملف السوري بشكل عام، وقانون قيصر على وجه الخصوص، خجولة، ولم تحدد أو تعطي انطباعاً واضحاً عن تعاطي الإدارة الجديدة مع الوضع في سوريا بالمستقبل.

وخلال اجتماعها مع رئيس هيئة التفاوض السورية، أنس العبدة، في 19 شباط الماضي، أشارت المبعوثة الأميركية بالإنابة إلى سوريا، إيمي كترونا، إلى استمرارية العمل بقانون قيصر، لكونه يحظى بدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ذلك بعد أيام من تأكيد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، أن إدارة بايدن “لن تتهاون في تطبيق قانون قيصر”، حسب ما نقلت عنه صحيفة “الشرق الأوسط”، مضيفاً أن الإدارة الجديدة تركّز على أمر مهم فيما يخص تطبيق القانون، وهو عدم استهداف “خطوط التجارة أو المساعدات أو الأنشطة الإنسانية للشعب السوري”.

وفي غضون ذلك، حث أعضاء في الكونغرس الأميركي، إدارة بايدن، على تطبيق كل بنود قانون قيصر، في سبيل تصعيد الضغط على نظام الأسد وحلفائه، وقال رئيس لجنة الشرق الأوسط وجنوب آسيا الفرعية النائب الديمقراطي تيد دويتش، خلال جلسة استماع في نيسان الماضي، إن الكونغرس “سيسعى إلى تطبيق كل بنود مشروع قيصر، فنحن في موقع قوة للضغط على نظام الأسد، والتوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة”.

ما مستقبل القانون؟

ذكر الدبلوماسي السوري السابق، بسام بربندي، أن قانون قيصر لم يتضمن بنداً يجبر الإدارة الأميركية على إصدار أي عقوبات جديدة خلال فترات زمنية محددة.

وأوضح في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، أن الأمر يعود إلى الإدارة وتقديرها، والرسالة المراد توجيهها من خلال العقوبات.

وتقول الإدارة الأميركية الجديدة إنها تعيد دراسة وتقييم الملف السوري، ويشير بربندي إلى أنها ستأخذ وقتها بذلك قبل الإعلان عن سياستها وطريقة تنفيذها.

وأضاف أن الاهتمام على المدى القصير – حتى نهاية العام- سيتركز على الملف الإنساني وإقناع روسيا بعدم التصويت على إغلاق معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا أمام المساعدات الإنسانية الأممية.

ويضع بربندي احتمالاً بإلغاء بعض العقوبات من جانب الإدارة الأميركية، في إطار سعيها لإقناع روسيا بالموافقة على فتح 3 معابر حدودية أخرى مع سوريا لدخول المساعدات.

ومن وجهة نظر رئيس المجلس السوري الأميركي زكي لبابيدي، فإن قانون قيصر لا يشهد جموداً، حيث ذكر أن فرض العقوبات يتطلب تحضيرات كثيرة من الحكومة، لانتقاء الأشخاص والشركات المستهدفة.

وقال لبابيدي لموقع تلفزيون سوريا إن العقوبات قادمة، وسيتم الإعلان عنها قريباً، ولكن تأخيرها يعود إلى انشغال الولايات المتحدة بالانتقال بين إدارتي ترامب وبايدن، وخاصة أنه كان صعباً، بسبب عدم التعاون بينهما.

ولفت إلى أن الجالية السورية تتواصل مع الكونغرس الأميركي وتلتقي بأعضائه بشكل يومي من أجل دفع الملف السوري إلى أولويات حكومة بايدن، المنشغلة بدورها في عدة ملفات أخرى، منها المشاكل مع الصين وروسيا والملف الأوكراني والانسحاب من أفغانستان.

الجهود الروسية لتخفيف حدة “قيصر” تبوء بالفشل

خلال جولة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأخيرة في الخليج شهر آذار الماضي، بدا واضحاً أن إثارة ملف قانون قيصر، وربط الانهيار الاقتصادي والأزمة المعيشية في مناطق سيطرة النظام به، على رأس الأولويات الروسية، حيث انتقد وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، القانون أثناء لقائه بـ لافروف، واعتبره التحدي الأكبر الذي يواجه التنسيق والعمل المشترك مع “سوريا”.

ولم يتأخر الرد الأميركي على “بن زايد”، حيث أشار متحدث باسم الخارجية الأميركية – في إطار رده على التصريحات الإماراتية – إلى أهمية لجوء نظام الأسد وداعميه إلى الحوار السياسي وفتح المجال أمام المساعدات الإنسانية.

ونقلت قناة “الحرة” عن المتحدث قوله: “أعتقد أن الاستقرار في سوريا والمنطقة بشكل أوسع لا يمكن تحقيقه إلا من خلال عملية سياسية تمثل إرادة جميع السوريين، ونحن ملتزمون بالعمل مع الحلفاء والشركاء والأمم المتحدة لضمان إبقاء الحل السياسي في متناول اليد”، وأكد أنه “يتحتم على النظام وداعميه الانخراط بجدية في الحوار السياسي، والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى المجتمعات المحتاجة من أجل تحقيق نهاية مستدامة لمعاناة الشعب السوري”.

وعاد “لافروف” لإثارة الملف نفسه مطلع نيسان، وذلك من البوابة الأوروبية، حيث قال إن  كثيرا من الأطراف، ومنهم أوروبيون يخشون من تأثير العقوبات على نظام الأسد بموجب قانون قيصر، الذي حال دون قيامهم بأي تعاون اقتصادي مع “سوريا”.

واعتبر أن “الهدف من القيود المفروضة على دمشق قد تم الإعلان عنه، وهو خنق الشعب السوري حتى ينهض ويسقط بشار الأسد”، وحين سُئل عن تأثير العقوبات على السكان المدنيين، أجاب: “انظروا ماذا يحدث في سوريا نتيجة قانون قيصر”.

وردت وزارة الخزانة الأميركية على “لافروف” بشكل غير مباشر، حيث نشرت في 5 نيسان توضيحات متعلقة بقانون “قيصر”، تضمنت الإشارة إلى أنه “لا يُحظر تصدير المواد الغذائية من أصل أميركي ومعظم الأدوية إلى سوريا، ولا يتطلب تصديرها الحصول على ترخيص من مكتب الصناعة والأمن التابع لوزارة التجارة (BIS) أو ترخيص من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية”، وبالتالي فإن الأشخاص غير الأميركيين لن يتعرضوا لخطر العقوبات بموجب قانون قيصر لمشاركتهم في مثل هذا النشاط.

تلفزيون سوريا

—————————–

حضرة” الرئيس بشار.. والإرهاب الأخطبوطي/ أحمد بغدادي

لم يقتصر الدور الوظيفي للطاغية بشار الأسد على إذلال الشعب السوري وتجهيله منذ توريثه نظام الحكم في سوريا عقب موت والده حافظ الأسد عام 2000، بل إنه أخذ منحىً آخرَ، يوازي بخطره ما فعله مع أبيه بالشعب السوري؛ تمثّل في تصدير الإرهاب إلى الخارج الإقليمي، وخاصةً إلى العراق، بعد احتلاله من قبل الأميركان أوائل عام 2003. وأقام بدعم إيراني خراباً واسعاً ونزاعاً سياسياً في لبنان، معتمداً على تركة أبيه العسكرية -الدموية هناك، التي دخلت لبنان بموافقة أميركية إسرائيلية، واتفاق سعودي فرنسي توجته الجامعة العربية في كانون الثاني عام 1976، بذريعة إيقاف الحرب الأهلية اللبنانية، وإخضاع القوى الفلسطينية، لكنه عمد إلى ذلك بالتقتيل والحصار؛ فمجزرة مخيم تل الزعتر كانت دليلاً دامغاً على إرهاب وإجرام هذا النظام.

وفي عمليات أخرى، فعلها الوريث بشار في الأردن، عبر أذرع إرهابية تابعة لــ “تنظيم القاعدة، كلّفتها المخابرات العسكرية السورية لتقوم باستهداف ثلاثة فنادق في العاصمة الأردنية عمان في 9 من تشرين الثاني عام 2005 بتفجيرات عنيفة، أدّت إلى مقتل 57 شخصاً، منهم عدد من الأميركيين، والمخرج السوري الشهير “مصطفى العقاد”، مع إصابة 115 آخرين.

في بداية شهر آذار من عام 2016 أصدرت محكمة أميركية تابعة لمقاطعة كولومبيا تقريراً قانونياً ينص على تجريم نظام الأسد وفق دعوى مدنية تحمل رقم BAH) 00020-cv-12، قدمتها أسر مواطنين أميركيين ضد المخابرات العسكرية السورية لتمويلها الهجمات الإرهابية التي استهدفت عمان بالتنسيق مع قيادات تنظيم القاعدة في العراق. وحكمت غيابياً على نظام الأسد بدفع مبلغ 374 مليون دولار كتعويض لأسر الضحايا الأميركيين.

وبالعودة إلى لبنان.. في نيسان من عام 2005 طُردت قوات نظام الأسد خارج لبنان عقب ضغط دولي، ومظاهرات احتجاج جماهيرية جاءت على خلفية اغتيال رئيس الوزراء السابق “رفيق الحريري”؛ حيث كان نظام الأسد متهماً باغتياله بمساعدة أربعة أعضاء بارزين في “حزب الله” تمت محاكمتهم غيابياً – وهم: سليم عياش، وأسد صبرا، وحسن عنيسي وحسن مرعي. وهذا رصيد آخر في إرهاب نظام الأسد وحلفائه الطائفيين.

خلال عام 1983 قام ناشطون وكتاب وحقوقيون وشخصيات عربية وأجنبية مرموقة تصل أعدادهم نحو 70 شخصاً، من بينهم الدكتور عبد الله النفيسي والدكتورة سعاد الصباح، والدكتور برهان غليون، بتأسيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان

، الهدف منها فتح ملفات المعتقلين السياسيين في الدول العربية بدعم من لجنة حقوق الإنسان في “جنيف” التابعة للأمم المتحدة. وكان الاجتماع الأول للتعارف، وتأسيس لجان المنظمة وإعلانها بمدينة ليماسول في قبرص.

يقول الدكتور النفيسي ضمن لقاء له في برنامج الصندوق الأسود

، إنه سأل زملاءه حول إمكانية إقامة الاجتماع في دولة عربية، فأتى الجواب بأن كل الدول العربية رفضت الأمر! وتم اللقاء في فندق “تشرتشل” بقبرص. وقتذاك، في اليوم الأول، بعد فترة وجيزة من اللقاء، تم إنذار الحضور، وإخلاء الفندق من قاطنيه عبر قوات الأمن القبرصية وإعلان حالة الطوارئ، وعقب ذلك بساعة تقريباً، خرج بعض عناصر الأمن يحملون صندوقين بحذر، وغادرت القوات المكان. وبعد انتهاء الاجتماع التأسيسي للمنظمة، وعودة أعضائها إلى بلادهم، علموا في وقت لاحق من السلطات القبرصية أن أجهزة مخابرات حافظ الأسد حاولت تفجير ونسف الفندق بما فيه، لعلمها أن هناك عدداً من الشخصيات السورية يشاركون في تأسيس هذه المنظمة.

في الثورة السورية منذ انطلاقها عام 2011، استجلب نظام الأسد إلى جانب قواته كما نعرف كل قوى الشر؛ الإيرانية والأفغانية، واللبنانية والعراقية، وشرع الجميع في قتل الشعب السوري المنتفض ضد “الأسد”، على مرأى من العالم أجمع، وتدمير المدن، وتهجير الملايين، بالتزامن مع حملات اعتقال وتعذيب حتى الموت لمئات الألوف من السوريين.

وما أظهرته صور “قيصر” من فاجعة تاريخية بحق الإنسانية، ليس إلا غيضاً من فيض. والغريب، أن إحصائيات تابعة لجمعيات حقوقية دولية والأمم المتحدة، علاوة على هيئات محلية وإقليمية وغربية تعنى بحقوق الإنسان، تشير إلى أن عدد ضحايا الحرب السورية فقط 350 ألفاً؟! وهذا الرقم، نراه موشوماً في كل التقارير الدولية منذ عام 2015.. والآن، نحن في عام 2021، ولم تزل تلك المنظمات الحقوقية تتشدّق بهذه الإحصائية! ونحن السوريين، نعتقد جازمين، أنه بعد تدخّل روسيا في سوريا عام 2015 بــ 63 ألف عسكري ومرتزق، إضافة إلى آلتها العسكرية الضاربة، سقط على أقل تقدير من السوريين أكثر من 100 ألف مدني، بحجة محاربة إرهاب “تنظيم الدولة” وفصائل أخرى متشددة.

قال وزير الدفاع الروسي “سيرغي شويغو” عام 2018 إن “القوات الجوية الروسية قامت بتنفيذ أكثر من 40 ألف طلعة جويّة قتالية في سوريا، منذ عام 2015، منها 21 ألف طلعة تم تنفيذها ليلاً”.

اليوم، حتى هذا التاريخ، “يؤكّد” معظم السوريين وناشطون حقوقيون، أن عدد الضحايا الذين قتلوا من قبل نظام الأسد وحلفائه منذ عام 2011 تجاوز “المليون”؛ هذا الرقم ليس شططاً، ولا ضرباً من الخيال. فعلى مدى عقد كامل من الدمار والدماء، وتهافت الاحتلالات والميليشيات الطائفية، فضلاً عن تآمر القوى الكبرى – صاحبة القرار الدولي على الثورة، ليس على دهاقنة اللجان الحقوقية العالمية ودكاكين منظمات المجتمع المدني أن يستغربوا وينكروا هذا الرقم (المليون)… فالـ 350 ألف ضحية التي تدوّن في تقارير الأمم المتحدة، و”المرصد السوري لحقوق الإنسان” الناطق باسم كوكب عطارد، لربما قضوا فقط في السجون والأقبية الأمنية، على أيدي الجلادين والمحققين، والضبّاط الإيرانيين المشرفين على المحارق الطائفية في فروع المخابرات السورية.

وبعد كل هذه المأساة التاريخية، تنادي واشنطن ودول غربية بأنها لن تعترف بانتخابات نظام الأسد المقبلة إلا تحت إشراف الأمم المتحدة! وهم على يقين أن هذه المطالبات عبارة عن “فساء نسر في السماء”، لا تؤثر بشيء؛ حتى لا نصل إلى هذه المهزلة التاريخية -أمميّاً، كان عليهم استئصال الورم من جذوره، لا أن تقوم دول بسحب سفرائها وعدم الاعتراف بشرعية الأسد، وفي المقابل نجد مؤخرة المندوب السوري الدائم في الأمم المتحدة ملتصقة بالمقعد، ودائمة منذ أول رصاصة أطلقت في صدر مواطن سوري بدرعا، ولم تتحرّك أي جهة دولية فاعلة لإقصائه وطرده خارج هذا المنصب.

يسعى نظام الأسد الآن، إلى تدوير نفسه، بدعم إيراني مُفرط، وحُقَن روسية مركّزة، وتصفيق كوميدي مع تطاير رذاذ لعاب الفرح من قبل ما يسمى ” أعضاء مجلس الشعب”، وسوف يفوز بشار الأسد على “منافسيه الأسطوريين”، كما فاز بإرهابه، وتنظيماته الجهادية التي ترعرعت في كنفه على الشعب السوري، والشعوب الإقليمية الشقيقة، باستثناء أصدقائه في تل أبيب.

———————–

دولٌ عربيةٌ في الطريقِ إلى دمشق/ هشام ملحم

سعت دول عربية في الأسابيع الماضية الى تكثيف اتصالاتها الدبلوماسية والاستخباراتية مع نظام بشار الأسد في دمشق بهدف إعادة سوريا الى جامعة الدول العربية بعد عقد من طردها بسبب قمعها الدموي للانتفاضة الشعبية في أشهرها السلمية الأولى. إعادة سوريا الى الجامعة هو مقدمة لتطبيع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها، وإعادة الاعتبار لنظام الأسد، في غياب حل للنزاع، أو بالأحرى للنزاعات الدموية في سوريا. وهذا يعني عملياً التسليم بما يدعيه مؤيدو هذا النهج بحتمية انتصار نظام الأسد في مواجهاته الدموية مع القوى السياسية والعسكرية التي تسعى منذ 10 سنوات الى التخلص من نظام لم يتردد في استخدام كل الأسلحة الموجودة في ترسانته ضد المدنيين بما في ذلك الأسلحة الكيماوية.

حتى الآن لم يصدر عن الولايات المتحدة أو إسرائيل، أي مواقف معارضة لهذه الجهود التي تؤيدها روسيا بقوة، لإعادة سوريا الى الحظيرة العربية. الولايات المتحدة وإسرائيل معنيتان مباشرة بالنزاع السوري، حيث تقوم الطائرات الإسرائيلية دورياً بقصف مواقع القوى الإيرانية والميليشيات الشيعية المنتشرة في سوريا لدعم النظام، كما لا يزال للولايات المتحدة حوالى 800 عنصر عسكري في شمال شرقي سوريا.

وفي شهر آذار (مارس) الماضي، ازدادت وتيرة هذه الجهود لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، بعد زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وقطر، حين شجع هذه الدول على تطوير علاقاتها مع دمشق. وفي تطور لافت زار الفريق خالد الحميدان رئيس الاستخبارات العامة السعودية دمشق يوم الاثنين الماضي والتقى بنائب الرئيس السوري للشؤون الأمنية اللواء علي المملوك الذي وصفته صحيفة “الغارديان” بمهندس سحق الثورة السورية ضد الأسد، وضابط الاتصال الرئيسي بالقوات الروسية المنتشرة في سوريا. ويعتبر اللقاء بين الحميدان والمملوك مقدمة لتحسن ملحوظ في العلاقات الثنائية من المتوقع الإعلان عنه بعد عطلة عيد الفطر.

وفي الشهر الماضي كرر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تأييده لعودة سوريا الى جامعة الدول العربية خلال اجتماعه بسكرتير الجامعة أحمد أبو الغيط في بغداد. وفي الأسبوع الماضي استضافت بغداد وزير النفط السوري.

وفي السنوات الماضية بدأ النظام السوري بكسر أو تخفيف عزلته العربية، حين بدأت دول عربية بإعادة فتح سفاراتها في دمشق، بعضها على مستوى السفير. وفي عام 2018 أعادت دولة الإمارات العربية المتحدة فتح سفارتها في دمشق، وتبعها الأردن في 2019، وتلتها سلطنة عمان في 2020. هذه الاتصالات الدبلوماسية وبدايات العلاقات الاقتصادية، تستمر مع بقاء العقوبات التي فرضتها جامعة الدول العربية ضد النظام السوري قبل 10 سنوات. ومع أن هذه الدول تتحدث عن ضرورة إيجاد حل سلمي للنزاع الدموي في سوريا، الا أنه لا توجد هناك أي مؤشرات في أن نظام الأسد يمكن ان يقبل بأي تسوية سياسية يمكن أن تضعف من سيطرته الكاملة على الأراضي التي تهيمن عليها قواته وقوات حلفائه.

ويقول مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شنكر في حوار مع “النهار العربي” إن “الدول العربية التي تسعى الى تطبيع العلاقات مع نظام الأسد في غياب عملية سلمية تشمل وضع دستور جديد وإشراك المعارضة في السلطة، تبرر عودتها الى دمشق بالقول إن ذلك ضروري لتحييد او ردع النفوذ التركي المتزايد في سوريا، وهذا أكثر ما يقلق دولة الإمارات العربية”. وأضاف شنكر “أن الإمارات والسعودية ومصر، ترى أن عودتها الى سوريا يمكن أن تحد ايضاً من نفوذ إيران ولو بشكل محدود”. وتابع شنكر أن الأردن يأمل “بإعادة بعض اللاجئين السوريين الذين لجأوا الى الأردن في بداية الانتفاضة، ولكن السبب الآني للتقارب هو اقتصادي”.

ويقول شينكر “إن الوضع الراهن تجاه سوريا يذكره بالأجواء السياسية خلال الفترة الأخيرة من ولاية الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن، وبداية الولاية الأولى للرئيس الأسبق باراك أوباما، وتحديداً المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط والذي نظمته ادارة الرئيس بوش في مدينة أنابوليس، بولاية ماريلاند في تشرين الثاني (نوفمبر) 2007. وإضافة الى إسرائيل والسلطة الفلسطينية، شاركت في المؤتمر دول عربية وأبرزها السعودية ودول أخرى من المنطقة وخارجها، إضافة الى منظمات دولية. آنذاك اقنعت السعودية الرئيس بوش ووزيرة خارجيته كونداليسا رايس بدعوة سوريا الى أنابوليس، على الرغم من العلاقات المتوترة آنذاك بين واشنطن ودمشق بسبب دعم سوريا للقوى التي كانت تحارب القوات الأميركية في العراق”. ويشير شينكر الى أن “مشاركة سوريا في المؤتمر فسرت في المنطقة على أنها مؤشر لتحسن العلاقات مع واشنطن. وفي نيسان (أبريل) 2007، قامت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي بزياردة دمشق والاجتماع بالرئيس الأسد وناقشت معه الأوضاع في العراق ولبنان ومحادثات السلام بين سوريا وإسرائيل”.

ويضيف شينكر أن “العلاقات مع دمشق بدأت تتحسن بالفعل مع بداية ولاية الرئيس باراك أوباما، في 2009 حيث بدأ السناتور الديموقراطي جون كيري باتصالات وزيارات الى دمشق كان يجتمع فيها مع الرئيس الأسد. وعقب ذلك، الجهود التي بذلها مبعوث الرئيس اوباما للشرق الأوسط السناتور المتقاعد جورج ميتشل ونائبه فريدريك هوف للتقدم بالمفاوضات السورية – الإسرائيلية غير المباشرة والتي كانت تجري في تركيا، حين كانت علاقات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ببشار الأسد جيدة، وهي المباحثات التي حاولت واشنطن تطويرها أكثر، الى أن توقفت هذه المساعي مع بداية الانتفاضة السورية”.

ولكن ماذا عن موقف إدارة الرئيس جو بايدن من هذه المحاولات العربية لإعادة الاعتبار لنظام الاسد؟ يقول شينكر: “حتى الآن لم نرَ معارضة من ادارة الرئيس بايدن لما تفعله الدول العربية بشأن تطبيع العلاقات مع الأسد”. ويشير شينكر إلى أن “إدارة بايدن التي سارعت الى تعيين مبعوث أميركي خاص لليمن هو الدبلوماسي تيم ليندركينغ، وقبل أسابيع تعيين مبعوث خاص لمنطقة القرن الأفريقي، هو الدبلوماسي المتقاعد والسفير الأميركي السابق في بيروت جيفري فيلتمان، إلا انها لم تعين أي مبعوث لإحياء الجهود الدولية الرامية الى حل النزاع السوري وفقاً للقرارات الدولية”.

وحول كيفية تعامل إسرائيل مع هذه المحاولات العربية، يرى شينكر “أن هناك موقفاً إسرائيلياً ومصرياً غير واقعي، يأمل بأن تقوم روسيا ولو في شكل محدود باحتواء النفوذ الايراني في سوريا”. ويضيف شينكر أن “روسيا لا تمانع حين يقوم سلاح الجو الإسرائيلي، بالإغارة على مواقع الإيرانيين وحلفائهم في سوريا، طبعاً بعد أن يطلعوا الروس قبل دقائق من حدوث القصف، لتفادي أي تعقيدات مع روسيا”. ويرى شينكر أن “إسرائيل لن تعترض على عودة الدول العربية الى سوريا سياسياً واقتصادياً لأن ذلك لن يضر بمصالحها، واذا أدت هذه العودة العربية إلى سوريا ولو بشكل محدود للغاية الى زيادة الضغوط على تركيا وإيران، فإنها سترحب بذلك”.

طبعاً، كل هذه المحاولات والمناورات الإقليمية والدولية من المتوقع أن تصب في مصلحة نظام الأسد، لأنها ستؤدي عن قصد أو غير قصد الى تعزيز بقائه في السلطة، وكأن تضحيات الشعب السوري الهائلة لتقرير مصيره قد ذهبت سدى.

النهار العربي

—————————-

========================

تحديث 07 أيار 2021

—————————-

لماذا يصر بشار الأسد على مهزلة “الانتخابات”؟/ حازم الأمين

بحسب إعلام محور الممانعة ليست الانتخابات الرئاسية السورية حدثاً يستحق الالتفات إليه! جولة على شاشات ومنصات وصحف هذا المحور، ما خلا صحف النظام طبعاً مثل البعث وتشرين والثورة، فلن تعثر على أثر لهذا الحدث. صمت مريب يضربه كتاب هذا المحور ومغرديه ووجوهه وأذنابه حول انتخابات من المؤكد أنها ستوصل زنبقتهم إلى قصر المهاجرين في دمشق، لا بل ستثبته فيه بحسب التعبير الذي ساقه حليف بشار، رئيس التيار الوطني الحر في لبنان، وصهر رئيس الجمهورية جبران باسيل.

لهذا الانكفاء عن “الحدث” وظيفة، فكتاب مكرسون، لطالما اعتبروا أن بقاء النظام ضرورة تمليها المواجهة، لا يعيرون وزناً لحقيقة صدوره عن استبداد وعن تعسف وعن قتل، وهم إذ يشيحون باهتمامهم عن مناسبة اختارها هو بنفسه، يمارسون ما مارسه النظام نفسه بحق السوريين، ذاك أن الأخيرين لا يستحقون بحسبهم أن تتاح لهم فرصة الاختيار، ولا بأس بمسرحية تعطي ممثلهم فرصة التجديد لنفسه.

إذاً الانتخابات الرئاسية السورية لا تستحق التفاتة من الممانعة ومن أهلها، فلماذا يصر بشار الأسد على إجرائها؟ هي لن تعني بطبيعة الحال الدول الغربية، ذاك أن الغرب يعرف عن ظهر قلب نتائجها، وهي لا تعنيه منذ باشر آل الأسد بهذه المسرحية قبل عقود. وهي طبعاً لا تعني السوريين، لا بل هي نكتتهم التي لا تضحكهم. ولا مهمة لهذه الانتخابات داخل النظام، لا سيما لجهة توزيع النفوذ فيه. أما الحلفاء الروس والإيرانيين، فلديهم ما هو أهم منها في سوريا لكي يهتموا به. الإسرائيليون يواصلون غاراتهم على سوريا، وكان آخرها بالأمس على اللاذقية، متحدين هذا الاستحقاق الديموقراطي الذي يجري تحت أنظار قادة طائراتهم الحربية. وبنيامين نتانياهو مرتاح أشد الارتياح لوجود بشار الأسد في قصر المهاجرين.

إذاً الرئيس يريد المضي بمسرحيته الركيكة على رغم كل هذا. الأرجح أن الرئيس مصاب بنوع من الانفصال أو النكران. والأرجح أن انعدام الوظيفة السياسية لهذا الحدث، مواز لحال من انعدام التوازن في شخصية الرئيس.

سألت عشرات السوريين عن سر هذا الإصرار على إجراء الانتخابات، فلم يعثروا على إجابة باستثناء واحد قال إن بشار يريد أن “يدشن” الدستور الجديد الذي سمح له بالترشح مجدداً! في سوريا دستور جديد، وهو يتيح لبشار الأسد أن يترشح! الأرجح أن هذا تحديداً هو ما دفع أهل المحور إلى الإشاحة بوجوههم عن الرئيس. قالوا لندعه يفعلها بعيداً من أنظارنا، لنعود بعدها ونقول إننا أمام الرئيس “الشرعي” لسوريا. لن يقولوا إننا أمام الرئيس المنتخب خوفاً من سخرية أطفالهم منهم. سيقولون إنهم أمام الرئيس “الشرعي” ويمضون إلى مجازرهم.

يبدو أن درساً في النكران تعلمه الأسد هو ما دفعه لمواصلة هذه المهزلة. اعتراف العالم به سيأتي. السوريون آخر همومه، والعالم من حولهم مراوغ ولا يعنيه البعد “الأخلاقي” لتثبيت هذا المجرم في موقعه. بالأمس أبرمت فرنسا صفقة طائرات مقاتلة مع نظام عبد الفتاح السيسي في مصر بقيمة 4 مليارات يورو، وقبل ذلك بلعت الولايات المتحدة الأميركية جريمة النظام السعودي في سفارة المملكة في إسطنبول. الأسد يعد وليمة مشابهة، على رغم أن الجريمة تفوق جريمة أقرانه في حجمها. “واقعية” العالم ستدفعه للاعتراف بنظام الجريمة في دمشق، والتطبيع مع هذا النظام باشرته الرياض وكانت سبقتها أبوظبي، ولأنقرة نوافذ كثيرة على النظام، أما القاهرة فهي لم تقطع أصلاً علاقاتها معه. إنه “الحضن” العربي، وسيكون ممهداً لقبول العالم بنظام بشار.

لكن هذا المشهد “الواقعي” ينطوي على عدم انسجام كبير. فالنظام في سوريا بلغ من الخراب مستوى لا يمكن رأبه بأي رغبة في تعويمه. سوريا مخترقة اليوم باحتلالات كثيرة، روسية وايرانية وإسرائيلية وتركية، وسوريا مفلسة ومدمرة ومقسمة ومنتهكة، وفي ظل كل هذا لن يستقيم نظام مهما كان العالم متواطئاً. الشرط الوحيد لبقاء بشار في السلطة هو الحرب، ومواصلة الحرب لا تنسجم مع شروط التعويم. إذاً نحن أمام استعصاء وأمام استحالة، وهي حال سيواصل معها النظام انهياره، وإيران ستواصل نفوذها وإسرائيل غاراتها، وروسيا رعايتها مشهد الخراب السوري.

سيفوز بشار الأسد في الانتخابات، وهو لن يحظى بمقال واحد لتفسير هذا الفوز وللبناء عليه. الصحف التي تصدرها طهران في بيروت وبغداد وغزة وصنعاء لن تنبس ببنت شفا حول هذا الحدث، والأرجح أن الأسد نفسه لن يحتفل. لكن رئاسته لن تستقيم من دون مواصلة الحرب.

الحرة

—————————–

لبنان بين “قرف” لودريان و”هذيان” الأسد و”رغبة” نصر الله/ فارس خشّان

 هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها نشر أخبار عن لقاءات “سرية” بين “مسؤولين أمنيين” سعوديين وسوريين. قبل سنوات، كان “الحدث” خبرا معلوماتيا عن زيارة قام بها إلى الرياض نائب الرئيس السوري للشؤون الأمنية اللواء علي مملوك. يوم الإثنين الأخير، كان “الحدث” أن رئيس المخابرات السعودية الفريق خالد الحميدان، هو من قام بزيارة مملوك، في دمشق.

وكما في المرة الأولى، كذلك هذه المرة تم تحميل هذه المعلومات كما هائلا من التحليلات التي بقيت ضمن المعقول في خصوص استشراف انعكاساتها على عدد من الملفات، ولكنها، بمجرد أن لامست الملف اللبناني، حلقت في فضاءات الذهول حتى لا نقول “الهذيان”، إذ سارع البعض الى اعتبار أن بشار الأسد يتهيأ لاستعادة ما فقده من نفوذ في “بلاد الأرز”.

تسند هذه “النبوءة” نفسها إلى عدد من “القواعد”، من بينها أن المملكة العربية السعودية التي أخرجت نفسها من دعم المعارضة السورية، قبل سنوات، ونأت بنفسها عن دعم “حلفائها” التقليديين في لبنان، تطمح إلى أن تقوي نفوذ الأسد حتى يضعف سيطرة إيران وأدواتها العسكرية على سوريا ولبنان، ويكون سدا “عربيا” في مواجهة التمدد التركي.

وتنطلق هذه “النبوءة” من وضعية لبنان الراهنة، إذ إنه تصدر، بسرعة البرق، قائمة “الدول الفاشلة”، وتاليا فهو بات بحاجة الى “وصاية خارجية”. وتغذي “النبوءة” نفسها من واقع دولي وإقليمي متغير، فالولايات المتحدة الأميركية لا تضع لبنان حتى في “ذيل” اهتماماتها، وإسرائيل التي تتطلع إلى توسيع علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، تبدي ارتياحها لروسيا في سوريا التي لا تكتفي بإتاحة المجال أمامها لضرب إيران ومنشآتها في سوريا، بل تسعى إلى عقد اتفاق سلام بينها وبين نظام الأسد الذي ساهمت، مرارا، في منع إسقاطه.

كل هذه الوقائع قد تكون صحيحة، ولكنها، بالمحصلة، لا تسمح باستشراف إعادة بشار الأسد “المنهك” و”المحتل” إلى لبنان، بل، يتم استعمالها، عن رغبة هنا وعن “هلع” هناك، تسويقا لتعزيز سيطرة “حزب الله” على البلاد، بحيث يتم تخيير اللبنانيين عموما ومعارضيه الذين باتت تتقدمهم بكركي خصوصا، بين حسن نصر الله وبشار الأسد.

وليس هناك من يصدق وجود فرق حقيقي بين نصر الله والأسد، فالاثنان “مرتهنان” لإرادة “الحرس الثوري الإيراني”، ولكن، في حمأة التغييرات الاستراتيجية في المنطقة التي أملاها وصول الديمقراطي جو بايدن إلى البيت الأبيض، ترسل الدول المعنية بهذه المتغيرات، رسائل “ود” إلى روسيا و”لفت انتباه” إلى الولايات المتحدة الأميركية، و”تحذير” إلى الاتحاد الأوروبي، على عتبة حلول الربع ساعة الأخيرة للبت بمصير الاتفاق النووي مع إيران.

وفيما تبذل روسيا كل ما في وسعها لتعويم نظام الأسد، فإن الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي يرفضان كل تعويم للنظام السوري، بأي شكل من الأشكال، قبل التزامه بإحداث تغيير جذري، وفقا لمندرجات القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، وإحالة جرائم الحرب ولا سيما الكيميائية منها، على المحاكم المختصة.

ولكن من أين للبنانيين ألا يصدقوا كل ما يثير هلعهم، وهم يلمسون، يوما بعد يوم، الانهيار الكامل لوطنهم وتحلل دولتهم؟

وها هي فرنسا، آخر الدول التي كانت مهتمة بإنقاذ لبنان، تخصص زيارة وزير خارجيتها جان إيف لودريان لبيروت، من أجل نفض يدها من الطبقة السياسية، وتاليا من التصور الإنقاذي الذي سبق أن أخذته على عاتقها.

إن متابعة كواليس هذه الزيارة تبين أن لودريان لم يثر موضوع تشكيل الحكومة، بشكل جدي، لا مع رئيسي الجمهورية ومجلس النواب ميشال عون ونبيه بري اللذين زارهما، ولا مع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري الذي استقبله في مقر إقامته في قصر الصنوبر.

وقال لودريان للشخصيات التي التقاها، بصفتها ممثلة المجتمع المدني في لبنان، إنه التقى “الرؤساء الثلاثة”، بفعل الاضطرار البروتوكولي، وليس رغبة منه في ذلك.

لودريان الذي اختار عدم عقد أي اجتماع مع أي فئة سياسية ممثلة في البرلمان، أوصل لهم رسالة واضحة المضامين: جميعكم مسؤول عن شل المسار السياسي، وعن عدم السير بالإصلاحات المطلوبة، ونحن نعرفكم اسما اسما، ولم تعد أبواب فرنسا مفتوحة أمامكم، والآتي أعظم، سواء بما سوف نتخذه من إجراءات وطنية أو ما سوف نتفق عليه مع شركائنا الأوروبيين والدوليين.

والأهم من الإجراءات والعقوبات التي تحدث عنها لودريان، كان في تأكيده، قولا وسلوكا، أن بلاده لن تخرج من لبنان بل من منازل طبقتها السياسية، لتحصر اهتمامها في مساعدة المجتمع المدني لتساعده في مساعيه الرامية إلى “إيجاد بدائل”.

وفي إشارة لافتة، دعا القوى المنبثقة من “ثورة 17 أكتوبر” إلى توحيد جهودها تفعيلا لحضورها على الساحة اللبنانية، الأمر الذي يرفع من منسوب جاذبيتها في المنتديات الدولية، على اختلافها.

القول إن لبنان في خطر كبير، هو قول بات “كلاسيكيا”. قيل بكل لغات الأرض وعلى ألسنة الجميع. استعمله كثيرون لتحريض الطبقة السياسية على انتهاج درب التضحيات والتفاني، تحقيقا للإنقاذ، لكن أغلبية هذه الطبقة، أهملته لمصلحة صراعاتها وطموحاتها ومصالحها وصفقاتها وتبعياتها التي كانت هي السبب وراء وصول لبنان إلى الدرك الذي وصل إليه.

إن من يرمي وطنه، عن وعي، في جهنم، يفعل كل ما هو مذهل، ولهذا لا يعاب على أحد إن اعتبر أن هؤلاء الحكام هم جزء من مؤامرة تهدف إلى إعادة توكيل وصي قديم على لبنان، هو النظام السوري، أو تكريس وضعه في عهدة “الوصي البديل” وهو “حزب الله” بصفته نقطة التقاء بين مصالح إيران من جهة ومصالح النظام السوري من جهة أخرى.

من الواضح أن إعادة الاعتبار لمفهوم إنقاذ لبنان لم يعد بيد الطبقة السياسية الحاكمة، بل أضحى بيد المجتمع المدني عموما ومن يطلقون على أنفسهم لقب “ثوار” خصوصا.

إن المجتمع الدولي، بعد التغيير الحاصل في الموقف الفرنسي، يفتح ذراعيه للمجتمع المدني اللبناني، ولكن الأسئلة التي تقلق الجميع كثيرة: هل هذا المجتمع هو، في الممارسة، أفضل من الطبقة السياسية؟ وهل هو قادر على توحيد طاقاته؟ وهل يملك أدوات تنظيف نفسه من الاختراقات المحبطة لأي إنجاز؟ وهل يمكنه أن يعيد الثقة إلى الشعب ليعود إلى الشارع؟ هل هناك قوى مترددة يمكن أن تطل على الساحة وتقود المواجهة؟

الأجوبة عن هذه الأسئلة قادرة على رسم مستقبل لبنان، فإن كانت إيجابية فالضوء سيلوح في “آخر النفق”، وإن كانت سلبية، فبلاد الأرز تحكم على نفسها أن تذهب “فرق عملة” على طاولة الكبار.

الحرة

———————————

بايدن يتخذ أول إجراء بخصوص سورية والاتهامات الكيميائية تلاحق نظام الأسد/ عدنان أحمد

جدد الرئيس الأميركي جو بايدن حالة الطوارئ الوطنية الخاصة بسورية سنة إضافية، في أول موقف له تجاه سورية منذ توليه السلطة مطلع العام الجاري، حيث اعتبر البيت الأبيض أن تصرفات النظام السوري الداعمة للمنظمات الإرهابية والأسلحة الكيميائية تشكل تهديداً للولايات المتحدة. يأتي ذلك، فيما عبرت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء النتائج التي توصل إليها فريق التحقيق التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بشأن الهجوم الكيميائي على مدينة سراقب السورية عام 2018، فيما نفى النظام السوري مجدداً أن يكون استخدم أسلحة كيميائية.

وذكر بيان، صادر عن البيت الأبيض أمس الخميس، أن تصرفات النظام السوري وسياساته في ما يتعلق بدعم المنظمات الإرهابية والأسلحة الكيميائية تشكل تهديداً للأمن القومي والسياسة الخارجية واقتصاد الولايات المتحدة. وقال البيان إن “وحشية النظام وقمعه للشعب السوري، الذي دعا إلى الحرية، لا تعرّض الشعب نفسه للخطر فحسب، بل تولّد أيضاً حالة من عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة”.

وشجب البيان “العنف الوحشي وانتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام الأسد ومساعدوه الروس والإيرانيون”، داعياً النظام وداعميه إلى “وقف حربهم العنيفة ضد شعبه، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وتمكين وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع السوريين المحتاجين، والتفاوض على تسوية سياسية في سورية وفق قرار مجلس الأمن 2254”.

وأوضح البيان أن مواصلة حالة الطوارئ تجاه سورية ترتبط بالتغييرات في سياسات وإجراءات النظام السوري. ويمثل تمديد حالة الطوارئ الخاصة بسورية أول إجراء يتخذه الرئيس الأميركي تجاه النظام السوري منذ توليه السلطة مطلع العام الجاري.

وبموجب قانون الطوارئ الوطنية الذي أقره الكونغرس الأميركي عام 1976، يحق للرئيس الأميركي التعامل مع الأزمات الطارئة بشكل حاسم، وتجنب أية قيود على قراراته المتعلقة بالتعامل مع الأزمات، بشرط تأكيد وجود “تهديدات غير طبيعية وخطيرة على الأمن القومي والمصالح الأميركية”.

ولم تعين إدارة بايدن فريقاً مسؤولاً عن الملف السوري حتى الآن، في حين أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، في الثامن من فبراير/شباط الماضي، أن المهام الملقاة على عاتق قواتها في سورية محصورة بمحاربة تنظيم “داعش”، وأنها لم تعد مسؤولة عن حماية آبار النفط.

إلى ذلك، رحّب الائتلاف الوطني السوري بتأكيد مجموعة الدول السبع التزامها بخيار الحل السياسي في سورية، والدفع باتجاه تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2254، وربط أي مساهمة في مشاريع إعادة الإعمار بالانتقال السياسي.

وطالب الائتلاف في بيان الدول السبع بدعم بناء آليات عملية لتطبيق كامل القرار 2254ـ لا سيما تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، معتبراً أن ذلك هو جوهر الانتقال السياسي في سورية.

من جهة أخرى، نفى النظام السوري مجدداً أن يكون استخدم أسلحة كيميائية على الإطلاق، واصفاً القرار الصادر ضده في مؤتمر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بأنه “يمثل أنموذجاً سيئاً عن تعامل المنظمة مع الدول الأطراف فيها، ورضوخها لنفوذ دول غربية ترى فيها أداة لخدمة أجنداتها السياسية”.

وقال مندوب النظام الدائم لدى الأمم المتحدة بسام صباغ، خلال جلسة لمجلس الأمن أمس الخميس عبر الفيديو، إن منظمة حظر الأسلحة اتخذت “قراراً عدائياً ضد سورية نتيجة ابتزاز وضغوط مارستها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا”، عبر تعليق حقوق دولة عضو وتعاونت معها “بشكل شفاف على مدى السنوات الثماني الماضية” وفق قوله.

واعتبر صباغ أن تقارير فريق التحقيق وتحديد الهوية بشأن استخدام أسلحة كيميائية في اللطامنة وسراقب “خاطئة ومليئة باستنتاجات مضللة ومفبركة، استندت إلى تقارير غير مهنية لبعثة تقصي الحقائق التي عملت على التحقيق في حوادث مزعومة في سورية”.

ورأى أن التصويت على القرار وعدم اعتماده بتوافق الآراء يتنافيان مع آليات اتخاذ القرار المعمول بها منذ بدء عمل منظمة الحظر في عام 1997.

وكانت الممثلة السامية للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح إيزومي ناكاميتسو، ذكرت، خلال جلسة مجلس الأمن ذاتها، أن النتائج، التي توصل إليها فريق التحقيق وتحديد الهوية التابع لمنظمة “حظر الأسلحة الكيميائية” بشأن الهجوم على مدينة سراقب بريف إدلب في الرابع من شباط 2018، “مقلقة للغاية”.

وأضافت المسؤولة الأممية أن المعلومات التي قدمتها حكومة النظام السوري لم تكن كافية لشرح نتائج العينات التي جمعها الفريق في سبتمبر/أيلول 2020، مشيرة إلى أن “إحدى المواد الكيميائية التي كُشف عنها في هذه العينات هي عامل حرب كيميائي نقي، ولم يعلن النظام عنه”.

وأوضحت أن النظام لم يقدم معلومات أو تفسيرات تقنية كافية تمكّن الأمانة الفنية للمنظمة من إغلاق القضية، المتعلقة بالعثور على مادة كيميائية كشف عنها في مركز برزة التابع للمركز السوري للدراسات والبحوث العلمية خلال جولة التفتيش الثالثة عام 2018.

وكررت المسؤولة دعوتها النظام السوري إلى التعاون الكامل مع الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لحل جميع القضايا العالقة، مشددة على ضرورة محاسبة المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية، بغض النظر عن هويتهم.

وكانت المنظمة أصدرت نتائج التقرير الثاني لفريق التحقيق، وحددت النظام السوري منفذاً للهجوم بالأسلحة الكيميائية على مدينة سراقب في 2018.

وخلُص التقرير، الصادر في 12 إبريل/نيسان الماضي، إلى أن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن مروحية عسكرية من القوات الجوية التابعة للنظام السوري استهدفت شرقي مدينة سراقب، بإسقاط أسطوانة واحدة على الأقل تحمل مادة الكلور السامة على مساحة كبيرة، ما أدى إلى إصابة 12 شخصاً.

العربي الجديد

———————-

إيكونوميست: الطغاة العرب يختارون منافسيهم في الانتخابات الرئاسية وسوريا مثال واضح/ إبراهيم درويش

لندن- “القدس العربي”: نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا عن الانتخابات السورية التي قالت فيها إن الرئيس بشار الأسد اختار مثل الحكام الديكتاتوريين العرب الآخرين، من ينافسه في الانتخابات.

وأضافت أن الرجال الأقوياء عادة ما يختارون شركاء لمدة قصيرة وابتسامة جميلة وطموحات محدودة. مشيرة إلى أن المرشحين للرئاسة عادة لا يحتاجون لتقديم أنفسهم: فالترشح لأعلى منصب هو عبارة عن تتويج لمسيرة عملية في الحياة العامة.

لكن الأمر ليس كهذا بالنسبة لفاتن علي نهار، والتي يبدو أنها حصلت على طموحها في وقت من حياتها. ففي نيسان/ أبريل، أعلن رئيس مجلس الشعب السوري، أن نهار قد سجلت اسمها كمرشحة في الانتخابات الرئاسية. ولم يكن أحد في سوريا قد سمع باسمها من قبل. وعند البحث عنها على منصات التواصل الاجتماعي لا نجد معلومات كثيرة. وانتشرت صورة يقال إنها لها تظهر أيضا في منشور على فيسبوك لصيدلية روسية انتحرت عام 2017. وتعلق المجلة أنه لا يهم إن كانت سيرة وأجندة نهار لغزاً، فالرئيس الحالي بشار الأسد قضى عقدا وهو يدمر بلده من أجل البقاء في السلطة ولا نية له لخسارتها الآن.

وفضّل الديكتاتوريون العرب وعلى مدى نصف القرن الماضي عدم عقد استفتاء ” نعم أو لا” على حكمهم. وكلما كان هامش الفوز كبيرا، كلما اعتقدوا أن شعبهم يعبدهم. وفي عام 1995 لم يحصل صدام حسين على أصوات 3052 من بين 8.4 مليون صوت. وفي المرة الثانية، عام 2000 كانت النتيجة أفضل، فقد حصل على 100% وبمشاركة غير مسبوقة بنسبة 100%.

ومنذ منتصف العقد الأول من القرن الحالي، بدأ بعض المستبدين بالسماح لمنافسين لهم في الانتخابات، مع أنها لم تكن حرة، وكانت تشهد تقييدا قبل التصويت وتجاوزات يوم الانتخابات وحملات قمع شرسة بعدها. وكان الحكام يرغبون بمنح مظهر من الديمقراطية والحد من السخط الشعبي والدفاع عن أنفسهم أمام النقد الدولي. لكن المشكلة في الانتخابات المزيفة تظل قائمة، كيف يمكنك اختيار المرشح المنافس لك والخاسر في النهاية؟

والقاعدة الأولى في الاختيار: عليك تجنب المرشح الجدّي. وتحت الضغط الأمريكي، سمح حسني مبارك بمرشحين ضده في انتخابات عام 2005، وكان من بينهم أيمن نور، الميّال للإصلاح وعضو البرلمان ومؤسس أول حزب معارضة مرخص به. وكان التزوير الواسع في الانتخابات تأكيدا على عدم فوز نور إلا بأقل من 8% من الأصوات ثم اعتُقل وسُجن، وللمفارقة بتهمة التزوير في الانتخابات، ولكنه ظل مزعجا لمبارك حتى ثورة 2011.

أما الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي فهو لا يتسامح مع هذا الوضع. وعندما رشح نفسه للمرة الثانية في 2018 تم اعتقال كل منافسيه أو التحرش بهم قبل الانتخابات. والشخص الوحيد الذي سُمح له بمنافسة السيسي، هو رجل مجهول لا يعرفه الكثيرون، وكان نفسه من داعمي السيسي.

والقاعدة الثانية، عليك العثور على منافس غير محبوب أكثر منك، ففي 2014 كان على الجزائريين الاختيار بين الرئيس المريض عبد العزيز بوتفليقة، وعلي بن فليس، رئيس الوزراء السابق الذي يتهم بشكل واسع بقتل المتظاهرين. واستطاع بوتفليقة الفوز وهو على فراش المرض.

وسمح ديكتاتور تونس السابق زين العابدين بن علي لعدد من المنافسين، حيث اعترف واحد منهم في 2009 أنه لا يستطيع منافسة الرئيس وإنجازاته “الخارقة”.

أما القاعدة الثالثة، قيجب ألا يشبه المنافسون الرئيس، فقد منعت السلطات في اليمن مرشحا من المشاركة نظرا لتشابه اسمه مع الرئيس علي عبد الله صالح.

وبالنسبة لفاتن نهار، يبدو أنها تمتعت بدورها في الأضواء. وقدمت نفسها في مقابلة مع قناة تلفزيونية روسية، وفي صفحة فيسبوك، قيل إنها صفحة حملتها الإنتخابية قدمت خطتها الانتخابية والتي تتضمن إطلاق رحلة فضائية بحلول 2025، في بلد يكافح فيه أصحاب السيارات والمركبات للحصول على الوقود. ويا حسرة، فقد تحطمت طموحاتها، ففي 3 أيار/مايو صادقت المحكمة العليا السورية على مرشحيْن اثنين فقط من أصل 50 مرشحا ولم يكن اسمها من بين المختارين. ويجب أن تعتبر نفسها محظوظة، فبعد ساعات من قرار المحكمة، سرب النظام صورا عارية لواحدة من المرشحين ضد الأسد.

القدس العربي

————————-

سورية: أوهام إنقاذ عربي/ ناصر السهلي

في أحد لقاءات رأس النظام السوري، بشار الأسد، في قصر المهاجرين بدمشق، مع “مجموعة الشباب العربي”، نقل عنه قوله في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، إن “العرب سيأتون إلى دمشق معتذرين”. مقولة جرى تلحينها وأداء تفاصيلها على شاشات وصفحات إعلام حقبتي غازي كنعان ورستم غزالي في بيروت، وفي دمشق نفسها. 

وفي تفاصيلها، مع الحديث عن “المؤامرة الكونية”، أن ثورة السوريين، التي كان الأسد نفى أصلاً احتمال حصولها في مقابلة مع “وول ستريت جورنال” في يناير/كانون الثاني من العام ذاته، لم تخرج إلا بسبب “الوهابية”، و”حلم الإمبراطورية العثمانية”، و”المواقف العروبية، وقول لا لأميركا”، لا بسبب الفساد والاستبداد وغياب الحرّيات. وغير بعيد عن خطاب المؤامرة، غُيّب نائب الرئيس فاروق الشرع، لمصلحة خطاب “مسؤول الدبلوماسية” الراحل وليد المعلم: “سنعطي العالم دروساً في الديمقراطية”، بعد دستور العام 2012. 

وعلى الرغم من عنتريات تصريحات وتسريبات قصر المهاجرين، آنذاك، لم تنقطع الوفود الخليجية والتركية (حتى العام 2012)، لتحاول بالدبلوماسية، والاستثمار المالي وبالنصائح، فتح أفق مختلف عن الرصاص المنهمر على المتظاهرين، من حوران إلى بانياس. بيد أن الأسد اختار عنوان صحيفة “الوطن”، عن أن “سورية لا تحتاج نصائح”. 

سورية التي تهرول إليها بعض الأنظمة، التي وصفها الأسد في العام 2006 بـ”أشباه رجال”، أحالها النظام الأمني، وحليفاه الروسي والإيراني، إلى بلد مهلهل، مستباح باحتلالات متعددة، ومقسّمٍ إلى مناطق نفوذ، ولا يغادره طيران الاحتلال الإسرائيلي. وعلى أنقاض مدن وشعب مهجّر، يأتي وهمٌ عربي آخر عن “احتواء” الأسد، لإبعاده عن النفوذ الإيراني.

هي سياسة جُرّبت قبل وبعد مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في العام 2005، والنتيجة صفرية. فطهران، الباحثة عبر أذرعها عن تحقيق مصالحها القومية الضيّقة، لا تتخلى ببساطة عن استثمارها الدامي، لا في دمشق ولا في عواصم غيرها، هذا عدا عن استثمارات موسكو وفق “عقيدة غروزني”، بل هي تجبر النظام الرسمي العربي على الرضوخ للأمر الواقع. 

كان أمام العرب فرص كثيرة للجم ضياع دمشق، كغيرها من العواصم، وذلك نقاش آخر يحتاج قبله إلى إعادة النظر في حالة عربية مفعولٍ بها، نتيجة الإصرار على قراءة حقوق البشر كمعول هدم لـ”الدولة”، حيث يُخلط عن قصد النظام بالدولة.  

وفي العموم، فإن نظام دمشق، المتجه إلى مسرحية انتخابية هزلية في “ديمقراطية جمهورية الوراثة”، يستحيل على أي جهد عربي إعادة تسويقه، لا بين السوريين ولا على المستوى الجنائي الدولي، مهما بدا تحقيق العدالة مؤجلاً. عدا عن استحالة عودة السوريين إلى ما كانوا عليه حتى العام 2010.

فثمة ثابت سوري مترسخ منذ العام 1979 بالتصاق النظام بإيران. والحق يُقال إنه لم يكن في خيال حافظ الأسد تحول “قلب العروبة النابض” إلى مربعات أمنية، يديرها “فيلق القدس” و”فيالق موسكو”، وتوابعهما متعددو الجنسيات. ولم يكن في خيال سوريي “الاستقلال” أن يجري احتفال “عيد الجلاء” في قاعدة محتل آخر، كروسيا، وأن تصير سيادة البلاد إلى مناطق نفوذ بين الروس والأميركيين والأتراك، وغيرهم، وأن يصير مبعوثو طهران وموسكو أصحاب “القرار العروبي الوطني”، وأن تفضل تل أبيب، تصريحاً وتلميحاً، استمرار حكم آل الأسد والديكتاتورية، وهذا التشظي الذي صنعته عقلية “الأسد أو نحرق البلد”.

في سورية، بعد العام 1973، حكايات يعرفها شعبها عن نظامهم الوظيفي في علاقاته الخليجية. في إعلام “الصمود والتصدي”، لم يكن الخليجيون سوى “الرجعية العربية”. وعلى الرغم من ذلك، ظلّت أعين مافيا الحكم دائماً على محافظ الخليج المالية. في بروتوكولات الزيارات الرسمية، كان لزاماً وضع زيارة إلى أطلال “القنيطرة المدمرة”، وظلّ المال الخليجي يتدفق على هذه الأطلال باسم “الصمود” وإعادة إعمار القنيطرة، التي مُنع أهلها من العودة إليها حتى يومنا.

اليوم، أمام نظام دمشق أطلال ممتدة من الشمال إلى الجنوب. وبقدر ما فعلت آلة التدمير “الوطنية”، ولاحقاً بمعاونة “عاصفة السوخوي” الروسية (التي تغنى بها إعلام “محور الممانعة”)، ستتوسع بكائيات “الحرص على الشعب السوري”، ومواجهة “مشاريع الإمبريالية”.

ويبقى الثابت كما كان سابقاً، مضافاً إليه أن “سورية الأسد” تحول نظامها إلى منسّق للاحتلالات، ووظيفته في حواضر سورية “التحكم بأسعار المواد الغذائية”، لا أكثر ولا أقل. ولا أحد يعلم ما إذا كان “المال الخليجي” سيقع مرة أخرى فريسة تجميل منجزات طهران، بعدما صنع التطهير الديمغرافي سورية أخرى، غير التي عرفوها سابقاً.

العربي الجديد

————————–

سوريا ضمن الطوارئ الأميركية لعام آخر

وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن ليل الخميس، مرسوماً يمدد “حالة الطوارئ الوطنية” المتعلقة بالأوضاع في سوريا لعام آخر.

وجاء في المرسوم: “إنني أمدد لسنة إضافية واحدة نظام حالة الطوارئ المعلنة رداً على إجراءات الحكومة السورية”. ويسمح تمديد نظام حالة الطوارئ للولايات المتحدة بمواصلة تجميد ممتلكات وأصول عدد من الأشخاص المرتبطين بنظام الأسد، فضلا عن حظر تصدير بعض السلع.

وأعلنت السلطات الأميركية حالة الطوارئ في العلاقات مع نظام الأسد، في أيار/مايو 2004، خلال فترة حكم الرئيس جورج بوش الابن، وتم لاحقاً تمديدها نظراً لما وصفته واشنطن “بالخطر بالنسبة إلى الأمن والسياسة الخارجية والاقتصاد للولايات المتحدة، الذي مثلته إجراءات سوريا بشأن دعم الإرهاب والحفاظ على احتلالها المستمر آنذاك للبنان وتطوير برامج خاصة بأسلحة الدمار الشامل والصواريخ، وتقويض الجهود الأميركية والدولية في مجال إرساء الاستقرار في العراق وإعادة إعماره”.

من جهة ثانية، أبلغت الولايات المتحدة، مجلس الأمن بتورط نظام الأسد في 50 هجوماً على الأقل بالأسلحة الكيماوية ضد شعبه، منذ عام 2011.

وقال نائب المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة ريتشارد ميلز خلال الجلسة الدورية للمجلس حول الأسلحة الكيماوية في سوريا، إن واشنطن “تقدر فظائع النظام (..) التي يرتقي بعضها لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بأنها تشمل ما لا يقل عن 50 هجوماً بالأسلحة الكيماوية منذ بدء الصراع”.

وأكد أن “الولايات المتحدة تواصل تقييمها بأن نظام الأسد لا يزال يحتفظ بمواد كيماوية كافية لاستخدام غاز السارين، ولإنتاج ونشر ذخائر الكلور، وتطوير أسلحة كيماوية جديدة”. وتابع: “يواصل نظام الأسد تجاهل دعوات المجتمع الدولي للإفصاح الكامل عن برنامج أسلحته الكيماوية وتدميرها بشكل يمكن التحقق منه”.

وفي 13 نيسان/أبريل 2021، أصدرت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية تقريراً، أكدت فيه أن القوات الجوية للنظام السوري نفذت هجوماً بغاز الكلور على مدينة سراقب، شمال غربي البلاد في 4 شباط/فبراير 2018.

وقالت الممثلة السامية للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح إيزومي ناكاميتسو خلال جلسة مجلس الأمن نفسها، إن النتائج التي توصّل إليها فريق التحقيق وتحديد الهوية التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية فيما يتعلق بالهجوم بالأسلحة الكيماوية على سراقب “مقلقة للغاية”.

وأضافت أنه “لا يوجد أي مبرر لاستخدام المواد الكيماوية السامة كأسلحة من قبل أي شخص في أي مكان وتحت أي ظرف من الظروف”.

وأبلغت ناكاميتسو مجلس الأمن، عن اكتشاف عامل حرب كيماوي غير معلن في موقع سوري. ولم تذكر ناكاميتسو العنصر الذي اكتشفته هيئة مراقبة الأسلحة الكيماوية في عينات، لكنها قالت إن وجوده “داخل حاويات تخزين كبيرة الحجم في منشأة أسلحة كيميائية معلن عنها سابقًا قد يعني أنشطة إنتاج غير معلن عنها”.

وقالت إن مادة الحرب الكيماوية غير المعدلة التي تم العثور عليها في الموقع المعلن تُضاف إلى قائمة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية للقضايا المعلقة، والتي “يثير عددها وطبيعتها”. ودعت سوريا مرة أخرى إلى التعاون الكامل مع الخبراء التقنيين في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لحلها.

المدن

—————————

ماهر الأسد “يختفي” من حواجز الفرقة الرابعة

يعزز الغموض المحيط بشخصية ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، من انتشار الشائعات حوله، طوال السنوات العشر الماضية. ويحيل شح المعلومات بشأنه إلى كم من الأخبار المختلقة من جهة، والرغبة في معرفة المزيد عنه من جهة ثانية، وهو ما ظهر مجدداً في الأيام الأخيرة، مع حديث سوريين في مواقع التواصل عن أن استبدال صور ماهر بشقيقه بشار، في محيط العاصمة دمشق، يعتبر دليلاً على توتر العلاقة بينهما.

هذه النوعية من التعليقات انتشرت بعد أنباء عن شروع الحواجز العسكرية التابعة للفرقة الرابعة المتمركزة في مختلف مناطق دمشق وريفها، خلال الأيام القليلة الماضية، بإزالة صور قائد الفرقة ماهر الأسد، في مشهد غير مألوف.

ونقلت وسائل إعلام معارضة عن مصادر من دمشق، أن صور ماهر استبدلت بصور بشار، كجزء من الحملة الانتخابية الرئاسية للأخير، والمقرر إقامتها في 26 أيار/مايو الجاري. ولا يعتبر ذلك جزءاً من صراع بين الشقيقين مثلما انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، بقدر ما هو نوع من التنسيق المتوقع بينهما، خصوصاً أن مجموعات إخبارية موالية أعادت نشر صور أرشيفية للشقيقين تظهرهما في مناسبات مختلفة، مثل تخرج بشار من الكلية الحربية في حمص.

وبحسب المعلومات المتداولة، فإن عمليات إزالة الصور تزامنت مع قرارات عُمّمت على كافة عناصر الفرقة الرابعة في ريف دمشق، تقضي باستبدال لباس عناصر الفرقة بزيّ الشرطة العسكرية، كما وجهت استخبارات النظام إنذارات لأصحاب السيارات التي تحمل صور ماهر الأسد، بإزالة الصور واستبدالها بأخرى لبشار الأسد، تحت طائلة الملاحقة الأمنية.

وتتمركز الفرقة الرابعة في مناطق مختلفة من ريف دمشق بدءاً من جبال المعضمية حيث الفوج 100، والفوج 153، وداريا. كما تنتشر الفرقة أيضاً في منطقة وادي بردى وبعض مناطق الغوطة الشرقية وطريق دمشق بيروت.

ومنذ سنوات الثورة السورية الأولى، تطاول الشائعات ماهر الأسد، ويمكن رصد تغريدات حتى اليوم تتحدث عن انشقاقه وهروبه بسبب خلافاته مع بشار. ولعل الغموض الذي يكتنف ماهر الأسد (54 عاماً) كشخصية عامة، هو ما يحفز الحديث عنه بصورة خيالية، فالرجل الذي يعرف بأنه أحد أكثر رجال النظام السوري دموية على الإطلاق بحسب وصف منظمات حقوقية دولية، بعيد عن الإعلام، ومن النادر أن يظهر في صور أو مقاطع فيديو.

وترجع آخر صورة لماهر الأسد إلى العام 2017 عندما التقط صوراً مع الممثل مصطفى الخاني، تأكيداً لأنباء ترفيعه من رتبة عميد إلى رتبة “لواء ركن” حينها، وسبق ذلك صورة أخرى العام 2014 برفقة المغني السوري جورج وسوف، والتي نشرها حينها الإعلامي اللبناني نيشان ديرهاروتيونيان عبر حسابه في “تويتر”. أما آخر مقطع فيديو ظهر فيه، فبث العام 2004، فيما يعتقد أنه أثناء تنفيذ الأسد والفرقة الرابعة مجزرة بحق المعتقلين في صيدنايا.

ويعتبر ماهر الأسد المسؤول عن شن حملات تصفها منظمات حقوقية دولية بـ”الوحشية” منذ الأيام الأولى للثورة السورية السلمية العام 2011، إضافة لوحشية مماثلة بحق المعتقلين في سجون الفرقة الرابعة التي يترأسها، كما يوصف من طرف السوريين المعارضين بأنه عديم الرحمة ومتسلط.

وتكرر المواقع الموالية أن ماهر الأسد درس الهندسة الميكانيكية في جامعة دمشق، قبل أن يلتحق بالكلية الحربية، ويصبح الرجل الثاني في النظام واليد اليمنى لشقيقه بشار الأسد ومستشاراً عسكرياً له وصاحب الدور الأول في قمع الثورة السلمية في بداياتها. علماً أنه منذ اندلاع الثورة راجت العديد من الأنباء حول مقتله أو إصابته في تفجير خلية الأزمة، الأمر الذي أدى إلى بتر ساقيه وعلاجه في روسيا، ولم يستطع أحد إثبات المعلومة الأخيرة، إلا أنها بقيت متداولة بسبب قلة ظهور ماهر وعدم وجود دليل على نفيها، حتى التقاط الصور الجديدة.

المدن

—————————-

ماهر الأسد لن يكون “رفعت آخر”/ إياد الجعفري

يصعب على كثيرين من المتابعين للشأن السوري تجنب إغراء المقارنة بين تجربة رفعت الأسد، وتجربة ابن شقيقه، ماهر، في السلطة. ويزداد هذا الإغراء طغياناً مع تشابه ظروف العشريتين اللتين انتهت الأولى منهما في الثمانينات بخروج رفعت بصورة شبه كاملة من المشهد السلطوي في البلاد، فيما تنتهي الثانية في العام 2021، بترسيخ مكانة ماهر، بصورة تدفع للتشكيك في احتمال أن تنتهي تجربة هذا الأخير، بالصورة التي انتهت إليها تجربة عمّه، رغم تشابه المقدمات التي مهّدت لصعودهما.

وفيما يواجه رفعت الأسد، الثمانيني المرهق صحياً، جلسات استئناف حكم السجن عليه بفرنسا، بعد ثلاثة عقود ونيف من فقدانه لوزنه الهائل داخل نظام الحكم، يعزّز ماهر الأسد نفوذه باستخدام إرث عمّه ذاته. فالفرقة الرابعة التي يقودها ماهر اليوم، هي وريثة “سرايا الدفاع” التي قادها العمّ سابقاً، والتي تشكلت رسمياً عام 1984، بعيد حلّ “سرايا الدفاع”، لتتحول إلى حيزٍ خاصٍ لـ ماهر الأسد، منذ انخراطه فيها عام 1989، وصولاً إلى تسلّمه لقيادتها، رسمياً، عام 2018، بعد أكثر من عقدين، اعتُبر خلالهما، القائد الفعلي لهذه الفرقة.

ويصبح إغراء المقارنة بين تجربة الرجلين، أكثر دراماتيكية، حينما نتناول الشق المتعلق بكيفية جمعهما لثروتهما. إذ يبدو أن ماهر الأسد تلميذ نجيب للعمّ، مع فارقٍ يتعلق باختلاف كمّي بين ظروف العشرية الثانية من حكم بشار الأسد، مقارنة بظروف العشرية الثانية من حكم والده. فأبواب النهب تضاعفت عشرات المرات، وشمل اقتصاد الحرب خريطة البلاد بأكملها. فإذا كانت ثروة رفعت الأسد، المعروفة اليوم، تتجاوز الـ 800 مليون دولار، على أقل تقدير، وفق ما كشفت المصادر القضائية الفرنسية والاسبانية، حتى الآن، فكم ستكون ثروة ماهر الأسد؟! هذا الاختلاف الكمّي المرجّح، لا يؤثر على النوع. فالمدرسة التي أرسى العمّ رفعت، ركائزها، هي ذاتها التي تخرّج منها ابن الأخ، وتحوّل من تلميذ نجيب لعمّه، إلى أستاذ في فنّ نهب المال العام، والخاص السوري.

وكانت فصول المحاكمة التي تعرّض لها رفعت الأسد في اسبانيا خلال السنوات الأربع الأخيرة، قد كشفت عن ركائز مدرسته في جمع الثروة من مصادر غير مشروعة، خلال وجوده في السلطة. والتي تشمل بنوداً تبدأ بالابتزاز والتهديد، وفرض إتاوات على تجار ورجال أعمال، والتهريب، ونهب الآثار، واغتصاب ملكية العقارات، وليس انتهاءً بتهريب المخدرات. ناهيك عن الـ 300 مليون دولار التي حصل عليها لقاء مغادرته البلاد، عام 1984، والتي رجّح القضاء الاسباني أنها كانت من المال العام السوري، منحها له شقيقه، كي يحفظ كرسي الحكم له، ولابنه باسل، من بعده.

الركائز ذاتها، بنى عليها ماهر الأسد ثراءه غير المشروع. بعض تلك الركائز بدأت حتى قبل العام 2011، منها نهب آثار تدمر، وفق شهادات لمطلعين. لكن العشرية الأخيرة، فتحت أبواباً لم يكن ماهر الأسد قادراً على فتحها قبل ذلك. فاقتصاد الحرب أتاح له كل الموبقات التي سبق وأتاحتها معركة نظام الأسد مع معارضته الأخوانية في نهاية السبعينيات وحتى منتصف الثمانينات، مُضافاً إليها ركائز جديدة نوعية.

وتبقى تلك الدراسة التي صدرت عن برنامج “مسارات الشرق الأوسط”، في كانون الثاني/يناير 2020، تحت عنوان “شبكة اقتصاد الفرقة الرابعة خلال الصراع السوري”، للباحث أيمن الدسوقي، أعمق معالجة متاحة حتى الآن، لمداخل جمع الثروة غير المشروعة، التي اعتمدها ماهر الأسد، في العشرية الأخيرة بصورة خاصة.

وإن كان ماهر الأسد قد دخل عوالم تجارة الآثار منذ العقد الأول من القرن الحالي، فإن اقتصاد الحرب بعد الـ 2011، أتاح له عوالم أخرى، تجاوز فيها مدرسة عمّه، من دون أن يتخلى عن ركائزها تماماً. من أبرز العوالم الجديدة، تجارة الخردة، التي تذهب تقديرات الدراسة المشار إليها أعلاه، إلى أنها عادت بأرباح قُدّرت بحوالي 10 ملايين دولار شهرياً، خلال شهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير من عام 2019، لصالح محمد حمشو، رجل الأعمال الدمشقي، الذي أوكله ماهر الأسد بإدارة هذه التجارة، لصالحه. فكم كانت الأرباح التي عادت لـ ماهر الأسد، إذاً؟ وإن كانت تلك تقديرات لأرباح شهرين فقط، فكم ستكون حصيلة الأرباح لأكثر من ثلاث سنوات من النشاط التجاري في هذا المجال؟!

وبخلاف حمشو، المقرّب من ماهر منذ نهاية التسعينيات، عزّز ماهر الأسد شبكته الزبائنية، بمواهب جديدة، من عَيّنة، خضر علي طاهر – “أبو علي خضر”-، الذي كان أهم متعهدي ظاهرة الترفيق المحسوبين على الفرقة الرابعة. تلك الظاهرة التي وُلدت مع تفاقم الصراع المسلح، وتطورت إلى أن تمكن ماهر الأسد بحلول العام 2018 من الهيمنة عليها، بعد إقصاء منافسيه الرئيسيين في هذا المجال.

وبالتوازي مع ظاهرة الترفيق، تفاقمت ظاهرة الترسيم –فرض إتاوات على مرور البضائع والأفراد عبر المعابر الداخلية بين مناطق السيطرة المختلفة-، والتي باتت بصورة كبيرة، من نصيب ماهر الأسد أيضاً، بحلول العام 2018.

لكن، كما أشرنا، فإن ماهر الأسد لم يتخلَ عن ركائز مدرسة عمّه، فكان حريصاً على تعيين رجال محسوبين عليه في مختلف مؤسسات الدولة السورية، وبصورة خاصة منها، تلك التي تتيح مصادر دخل كبيرة، في مقدمتها، المرافئ، التي كانت قبل العام 2011، تمثل 70% من حجم التجارة السلعية الخارجية غير النفطية، لسوريا. ناهيك عن تجارة الترانزيت المرتبطة بها. من دون أن ننسى أهميتها لتجارتَي الآثار والمخدرات.

وإن كان ماهر الأسد قَبِل التخلي عن نفوذه في مرفأ طرطوس لصالح الروس الذين حصلوا على عقدٍ لاستثماره عام 2019، إلا أنه بقي حتى الآن متمسكاً بمرفأ اللاذقية، الذي كان مصدر أكبر شحنة مخدرات في التاريخ إلى إيطاليا، بقيمة مليار يورو، في منتصف العام 2020.

بناءً على ما سبق، لا نستطيع التقليل من شأن المعلومة التي أعلنها رياض حجاب، رئيس الوزراء السوري المنشق، في تغريدة له، قبل عامٍ من الآن، تعليقاً على الصراع الذي خرج للعلن حينها، بين بشار الأسد، وابن خاله رامي مخلوف. إذ قال رياض حجاب إن هناك صراعاً آخر في الكواليس بين أسماء وبين ماهر الأسد وزوجته منال جدعان. وكان الظهور الإعلامي اللافت لتلك الأخيرة، لأول مرة في آذار/مارس الفائت، لتتحدث عن بطولة الفروسية التي تحتكر تنظيمها والإشراف عليها، وتحتكر ابنتاها -ابنتا ماهر الأسد- الفوز بميدالياتها، مؤشراً على رغبة بإظهار شيء من الندّية حيال أسماء الأسد.

كذلك، لا نستطيع التقليل من شأن تلك المادة البحثية اللافتة التي نشرتها مجلة “رصد الإرهاب” الصادرة عن مؤسسة جيمس تاون الأمريكية، في حزيران/يونيو 2020، والتي ترجمها مركز حرمون للدراسات، تحت عنوان “هل تخسر روسيا الجيش العربي السوري لمصلحة إيران أو اللواء ماهر الأسد؟”. وتشير المادة إلى أن قدرة ماهر الأسد على تعطيل خطط الروس لإصلاح القطاع الأمني والعسكري داخل نظام الأسد، ما تزال فاعلة. وكمثال لذلك، نجح ماهر الأسد في تجاوز الرغبة الروسية بإنهاء سطوته على معابر ونقاط تفتيش رئيسية في الداخل السوري، تشكل مصادر دخل ونفوذ هائل له. إلى جانب نجاحه في عرقلة السعي الروسي لعزل مدير مكتبه، وذراعه الأيمن، اللواء غسان بلال.

ومع التقاء المصالح بين الإيرانيين وماهر الأسد، في الحفاظ على حالة “الميليشاوية” القائمة كنتيجة لظروف الحرب، وفي مقارعة المساعي الروسية لإعادة ترتيب المؤسستين العسكرية والأمنية، بصورة تخلصهما من العوامل التي تنتقص من التراتبية الرسمية، مع ما يعنيه ذلك من تقليص نفوذ ماهر الأسد شخصياً، يبدو أن الأخير مضطر للتحول إلى حليف لإيران.

وعند هذه النقطة، نلحظ مفارقة في المقارنة المُغرية بين تجربتي رفعت، وابن شقيقه ماهر. فالأول كان حليفاً للغرب – فرنسا بصورة رئيسية-، والخليج – السعودية بصورة رئيسية-، اللذين لم يُسعفاه لحظة تطلب ذلك، بل كانا طرفاً في إبعاده عن السلطة. بينما يقف ماهر الأسد اليوم على الضفة الأخرى، كما يظهر حتى الآن، ليكون حليفاً للإيرانيين، أولئك الذين لا يتخلون عن حلفائهم بسهولة. وهكذا، فإن ولادة نفوذ خليجي مُحتمل في سوريا، عبر تمويل إعادة الإعمار، إن آلت مساعي التقارب السعودي – الأسدي، إلى نهاياتها المأمولة في دمشق وموسكو، سيضيف بعداً آخر للعبة توازن القوى داخل تركيبة النظام. فعلى الأرجح، ستكون إيران بحاجة لقوة داخل النظام توازن بها علاقتها مع بشار الأسد. فالأخير يحترف التلوّن وفتح القنوات مع مختلف الأطراف. وفي ذلك مهارة لا تخلو من الخطورة، ولا يمكن الاطمئنان لها. بينما تبدو العلاقة الإيرانية مع ماهر الأسد، مصدراً لنفوذ أكثر استدامة لهذا الأخير.

وبذلك، تبدو خاتمة تجربة رفعت الأسد، بعيدة جداً عن تجربة ماهر الأسد. والصراع المرتقب على خلافة بشار الأسد، سيكون وفق معادلات مختلفة عن تلك التي حدثت في منتصف الثمانينات. فـ ماهر الأسد، لن يكون “رفعت آخر”.

المدن

——————–

العيش مع الأسد وباسيل والأمين العام/ يوسف بزي

قبل 13 عاماً بالضبط، في السابع من أيار، راحت زمر مسلحة تلصق صور بشّار الأسد على جدران شوارع بيروت. وكان المارة حينها ينظرون إلى الأسد، بضحكته الخفيفة السادرة، ويشعرون كأنه يهزأ بهم منتشياً بانتصاره عليهم، منتقماً من مهانة الانسحاب في 26 نيسان 2005.

ثم أطل الأمين العام بعمامته السوداء معلناً عن “اليوم المجيد”، فيما الجنازات تنتشر من بيروت إلى الجبل مروراً بالضاحية وصولاً إلى الجنوب والبقاع وعكار. وفي الأثناء كان ميشال عون بالكاد يضبط غبطته الفائقة متكلماً عن عودة البلاد إلى سكتها الصحيحة، مقنعاً “شعبه” بفوائد التحالف مع حملة السلاح ومعانقة آل الأسد.

قبل ذلك وبعده، كانت فرق الاغتيال قد حصدت عدداً وافراً من سياسيين وأمنيين وصحافيين، على نحو بالغ الفعالية في إخماد أي تمرد أو اعتراض كالذي حدث ابتداء من شباط 2005.

وهكذا، ابتدأت مسيرة لبنان جديد أكثر شيعية وسنّية ودرزية ومارونية من أي وقت مضى، فيما الغلبة واضحة وكاسحة لأهل “الممانعة” وحزبها. واستقرت الجمهورية على نظام سياسي سُمّي “الديموقراطية التوافقية”، في تقليد لغوي بعثي على مثال “حرية، وحدة، اشتراكية” حيث لا حرية ولا وحدة ولا اشتراكية. وهكذا انعدمت الديموقراطية واغتيل التوافق بسطوة السلاح وإرهابه.

وظهر في هذه المسيرة الكبرى وتقدمها رجل ملتهب الطموح. وصار اسمه رديف السلطة وقرارها، وقوله صنو السياسة كلها ووجهتها. وكان في قلبه أكداس من الثارات الطائفية المؤجلة، وراح ينبش قبوراً هنا وأحقاداً هناك، وافتتح باسمها بازار الحصص والامتيازات والصفقات والتعيينات. وأصبح جبران باسيل أيقونة الجمهورية وحكوماتها وانتخاباتها وتشريعاتها ودستورها وكهربائها ودبلوماسيتها. وبرع إلى حد الإعجاز، بمعية “الأمين العام” ورعايته، في ردّ كل لبناني إلى طائفته. فهو وإن لم يخترع الطائفية، إلا أنه خصّبها وصلّبها بنجاح منقطع النظير إلى حد أن أي سياسي لا يجاريه تعصباً يسقط ويفشل ويتهمش. فباتت الباسيلية ثقافة السياسة اللبنانية برمتها.

وفي خضم ذلك، وعلى امتداد عشر سنوات، كان بشار الأسد يرتكب بلا هوادة تلك المقتلة الكبرى التي لا تضاهيها سوى أهوال الجرائم النازية وفظاعات كمبوديا ورواندا. وبمعية انتصاراته هو والأمين العام وصل ميشال عون أخيراً إلى سدة الرئاسة، واكتمل انبساط نفوذ قاسم سليماني ودولته وحرسه الثوري وانضمت بيروت كعاصمة عربية رابعة في فلك طهران..

منذ ذلك الحين، ابتدأت حياتنا الهنية المزدهرة السعيدة وانتعشت الآمال والطموحات بقيادة الأسد وعون ونصرالله وباسيل، يتبعهم مدمنو السلطة والزعامة بمقايضة يوضاسية يتقنونها دوماً. وصار لبنان أمثولة فريدة يشهد عليها سجل حافل من الإنجازات متوّجة بانتهاء شغب 17 تشرين المشؤوم، والتخلص من نصف بيروت الفاسدة بانفجار القضاء والقدر، وتبخر دولارات الامبريالية الأميركية، وتعميم المساواة فقراً، وقعود أكثر من مليون سوري لاجئ ومعدم في مخيمات الانتصار على المؤامرة الكونية، في أبهى صور وحدة المسار والمصير. وكان “العهد القوي” على سكته الصحيحة قد خلّص لبنان من الاقتصاد الريعي غير المنتج، مما يسمى سياحة وخدمات ونظام مصرفي ربوي رأسمالي وتجارة استهلاكية لا نفع فيها. كما تخلص من تبعية مرذولة للعالم العربي وللغرب الاستعماري، واتجه شرقاً بنصيحة تاريخية للأمين العام المعصوم.

وها قد أتت مناسبة 7 أيار، اليوم المجيد، بالتزامن مع استعداد الأسد للعرس الديموقراطي الذي نشهد طلائعه منذ الآن صوراً للقائد المفدى بضحكته إياها، تنتشر في الربوع اللبنانية، تجديداً للمسيرة الكبرى، في حملة افتتحها من موسكو جبران باسيل داعياً إلى “تثبيت الأسد”.

وها نحن اللبنانيين نتهيأ منذ الآن لمشاعر الغيرة تجاه مشهد القوافل والمسيرات والحشود التي ستتوافد بحماسة منقطعة النظير على السفارة السورية يوم الاقتراع العظيم بالدم. وقد لا يعوض حسرتنا سوى رؤية باسيل وهو يتلو قسم تنصيبه رئيساً لجمهوريتنا السعيدة.

المدن

—————————–

أي سوريا يمكن الرهان على إنقاذها../ خيرالله خيرالله

هناك كلام كثير بعضه حقيقي وبعضه الآخر مبالغات عن اندفاع عربي تدعمه روسيا، أو على الأصحّ بالتنسيق معها، في اتجاه إعادة تأهيل النظام السوري.. أو تأهيل سوريا. في النهاية لا أمل في إعادة تأهيل النظام فيما مطروح إمكان تأهيل سوريا على الرغم من كل التغييرات التي طرأت على البلد المقيم تحت خمسة احتلالات.

الأكيد أنّ هناك بحثا في مستقبل سوريا ووضعها في المنطقة، يشمل ذلك البحث عودة سوريا، في ظلّ النظام القائم، إلى احتلال مقعد جامعة الدول العربيّة. قد يكون مدير المخابرات السعوديّة خالد الحميدان زار دمشق أخيرا، وقد تكون الزيارة اقتصرت على وفد أمني سعودي جاء للبحث في قضايا عالقة بين سوريا والمملكة. بين القضايا التهريب، تهريب المخدرات خصوصا، ووضع سجناء سعوديين موجودين في سجون النظام كانوا بين الذين اعتقلوا مع إسلاميين آخرين في منطقة الغوطة القريبة من دمشق قبل سنوات عدّة.

ما هو مهمّ، أنّه عاجلا أم آجلا، هناك سؤال أوّل سيفرض نفسه بقوّة هل يمكن إعادة تأهيل النظام السوري؟ لكنّ السؤال الثاني الأهمّ، الذي يفترض بقاؤه في البال، هل يمكن فصل النظام السوري عن النظام في إيران.

تستحق سوريا الرهان عليها وعلى مستقبلها، علما أنّ النظام حقّق إنجازا ضخما يتمثل في الربط بين مصيره من جهة ومصير البلد من جهة أخرى. يبقى شعار “الأسد أو نحرق البلد” الشعار الأهمّ الذي رفعه النظام منذ اندلاع الثورة السورية قبل ما يزيد على عشر سنوات. من أجل بقاء بشّار في دمشق، يبدو كلّ شيء مسموحا، بما في ذلك تهجير السوريين من بيوتهم وأراضيهم إلى مناطق داخل سوريا وأخرى خارجها. ليس مهمّا مقتل ما يزيد على نصف مليون سوري. ليس مهمّا الاستعانة بالميليشيات التابعة لإيران لقتل السوريين وتهجيرهم وإجراء تغييرات ذات طبيعة ديموغرافيّة. ليس مهمّا الاستعانة بالروس لتحويل سوريا حقل تجارب لطائراتهم وأسلحتهم المختلفة التي يسعون إلى تسويقها في مختلف أنحاء العالم، أي حيث يوجد زبائن لتلك الأسلحة التي تحتاج موسكو يوميّا إلى إقناع الآخرين بفعاليتها. ليس مهمّا استخدام السلاح الكيميائي والبراميل المتفجرة لقتل السوريين. المهمّ بقاء النظام الذي ثار عليه السوريون نظرا إلى أنّهم يرفضون البقاء عبيدا إلى أبد الآبدين.

باختصار شديد، لا يمكن إعادة تأهيل النظام، بل يمكن الرهان على إعادة تأهيل سوريا. يحتاج ذلك قبل كلّ شيء إلى مؤتمر دولي. مهمّة مثل هذا المؤتمر إيجاد صيغة جديدة لسوريا بعيدا عن النظام القائم. مثل هذا المؤتمر يحتاج إلى توافق دولي على أن صلاحيّة النظام انتهت. في انتظار الوصول إلى مثل هذا التوافق ستبقى أميركا في شمال شرق سوريا حيث وضعت يدها مع الأكراد (قسد) على القسم الأكبر من الثروة المائيّة والزراعيّة والنفط والغاز، وستبقى تركيا في الشمال السوري حيث تعزّز وجودها يوميا وعينها على الأكراد، وستبقى روسيا في طول الساحل السوري وفي الجنوب حيث لم تستطع الإيفاء بوعدها بالنسبة إلى لجم الوجود الإيراني الذي لا يستهدف إقامة قواعد عسكريّة فحسب، بل يسعى أيضا لتغيير طبيعة المجتمع السوري في مناطق معيّنة خصوصا على طول الحدود مع لبنان. فوق ذلك كلّه، ستظل إسرائيل في الجولان المحتلّ منذ العام 1967 وستضرب في الداخل السوري حيثما تشاء وساعة تشاء وصولا إلى مناطق قريبة من حيث الوجود الروسي في اللاذقيّة ومحيطها.

يمكن الرهان على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من سوريا وهذا واجب عربي مرتبط بأمن الإقليم كلّه. لكنّ ما لا يمكن الرهان عليه هو فكّ العلاقة بين النظام السوري وإيران. لا تسمح طبيعة النظام بذلك. يؤكد استحالة فكّ العلاقة التي اختلفت طبيعتها ظاهرا، لكنّها بقيت على حالها في العمق بعد خلافة بشّار لوالده حافظ في السنة 2000، مدى تحكّم طهران بالقرار السوري. تكفي العودة إلى مذكرات عبدالحليم خدّام نائب الرئيس السوري في عهدي الأسد الأب والأسد الابن وقراءة ما بين السطور لاستنتاج أنّ حافظ الأسد كان في علاقته مع النظام الإيراني أكثر تعصّبا لمذهبه العلوي من بشّار وذلك على الرغم من تغطيته ذلك ببعض الشخصيّات السنّية التي أحاط نفسه بها. كان خدّام من بين هذه الشخصيّات، كما كان هناك رئيس الأركان حكمت الشهابي ووزير الدفاع مصطفى طلاس وآخرون. لكنّ حافظ الأسد كان شريكا، إلى جانب إيران، في الحرب العراقيّة – الإيرانية بين 1980 و1988 وكانت سوريا تستورد أسلحة من دول أوروبا الشرقيّة، من تشيكوسلوفاكيا وغيرها، وترسلها إلى إيران. إضافة إلى ذلك، كان حافظ الأسد وراء دخول “الحرس الثوري” إلى الأراضي اللبنانية في 1982 تمهيدا لتأسيس “حزب الله” وكان يدعو ضباطه، استنادا إلى خدام، إلى مساعدة “حزب الله”.

ليس صدفة أن تهبّ إيران لإنقاذ بشّار الأسد بعد ثورة الشعب السوري على نظامه الأقلّوي وليس صدفة أن تستعين “الجمهوريّة الإسلاميّة” بروسيا، عبر قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الذي اغتاله الأميركيون مطلع العام 2020، وذلك عندما عجزت في خريف العام 2015 عن إنقاذ النظام السوري..

تبدو العلاقة بين النظامين السوري والإيراني أكثر تعقيدا بكثير مما يعتقد. لم تدخل إيران إلى سوريا ولم تستثمر فيها مليارات الدولارات ولم تجر تغييرا ديموغرافيا من أجل الخروج بسهولة. تعتبر إيران أنّها وُجدت في سوريا لتبقى فيها وأن إخراجها يحتاج حربا.. أو سقوطا للنظام في طهران. على الرغم من ذلك، لا مفرّ من البحث عن وسائل من أجل إنقاذ سوريا. أي سوريا مطلوب إنقاذها وما الصيغة التي ستستقر عليها سوريا مستقبلا. الثابت أن سوريا في حاجة الى صيغة جديدة في حال كان مطلوبا أن تبقى موحّدة بطريقة أو بأخرى. ليس لبنان وحده الذي يحتاج إلى مؤتمر دولي من أجل إخراجه من أزمته العميقة ذات الطابع المصيري. ما ينطبق على لبنان ينطبق على سوريا أيضا التي أصرّ النظام فيها منذ العام 1975 على لعب كلّ الأدوار التخريبية في لبنان، وهي أدوار ارتدّت عليه في نهاية المطاف وعلى سوريا نفسها.

إعلامي لبناني

العرب

————————–

لماذا رفضت «مجموعة السبع» انتقاد «التطبيع» مع دمشق؟/ إبراهيم حميدي

النقاش الذي جرى بين وزراء خارجية «مجموعة السبع» في لندن، اليومين الماضيين، كشف بعض أوجه التغير في موقف أميركا وحلفائها إزاء الملف السوري، بحيث تبقى السياسة ذاتها، مع تغيير في شدة بذل الجهود لتنفيذها وتراجعها في سلم أولويات إدارة جو بايدن.

اقترح بعض الأطراف إضافة عبارة إلى البيان الختامي لاجتماع لندن، تتضمن إشارة إلى أن الوقت غير مناسب لـ«أي شكل من أشكال التطبيع» مع دمشق. واستند مساعدو بعض الوزراء المشاركين في اقتراحهم إلى بيانين سابقين صدرا في مناسبة الذكرى العاشرة للاحتجاجات السورية: الأول، من وزراء خارجية أميركا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، والثاني من مفوض الشؤون الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل. وتضمن البيانان القول إن «الانتخابات الرئاسية السورية المقترحة هذا العام لن تكون حرة ولا نزيهة، وينبغي ألا تؤدي إلى أي إجراء للتطبيع الدولي مع النظام السوري».

لكن الاقتراح قوبل بـ«مياه باردة» من فرنسا، وخرج البيان الختامي، بعد أول اجتماع مباشر من سنتين، بتركيز على نقاط معروفة في بيانات سابقة، تخص القرار «2254». الملف الكيماوي، المساعدات الإنسانية. أُضيفت إليها عبارة عمومية عن الانتخابات الرئاسية السورية المقررة في 26 من الشهر الحالي. وجاء في البيان أنه تماشياً مع القرار الدولي 2254 «نَحثُّ جميع الأطراف، لا سيما النظام، على المشاركة بشكل هادف في العملية السياسية الشاملة (…)، ما يشمل وقف إطلاق النار، وبيئة آمنة ومحايدة للسماح بالعودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين، لتمهيد الطريق لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، وضمان مشاركة جميع السوريين، بما في ذلك أعضاء الشتات». وأضاف البيان: «فقط عندما تكون هناك عملية سياسية ذات مصداقية جارية بحزم، سننظر في المساعدة في إعادة إعمار سوريا»، من دون إشارة إلى التطبيع.

في المقابل، جرى التركيز من «مجموعة السبع» على البعدين الإنساني و«الكيماوي»، حيث أدان الوزراء «محاولات النظام وداعميه عرقلة وصول المساعدات الإنسانية المنتظمة والمستمرة إلى سوريا وداخلها». وتابع البيان: «ندين تسييس وصول المساعدات وإيصالها… ونؤيد بشدة إعادة تفويض المساعدة الإنسانية عبر الحدود حتى يتمكن المحتاجون من الحصول على المساعدة التي يحتاجون إليها»، كما «نحث النظام على التقيد بالتزاماته بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2118 (لعام 2013)، ونرحب بقرار منظمة حظر الأسلحة الكيماوية بتعليق حقوق سوريا وامتيازاتها… إننا ملتزمون التزاماً راسخاً بمحاسبة المسؤولين عن استخدام الكيماوي، ونتعهد بدعم عمل آليات العدالة الجنائية والتحقيق الدولي المناسب والعدالة الانتقالية».

وينسجم هذا مع أولويات وضعتها إدارة بايدن؛ إذ إنه منذ وصوله إلى الحكم، طلب فريقه إجراء مراجعة للسياسة الخاصة بسوريا، من المفترض أن تنتهي هذا الشهر. واللافت أن مسؤولي الملف السوري في واشنطن يتجنبون المشاركة في اجتماعات علنية، خصوصاً السفير جيمس جيفري وجويل روبرن، فيما يشبه قطيعة مع النهج السابق في فريق إدارة دونالد ترمب، القائم على «الضغط الأقصى» على دمشق و«الصبر الاستراتيجي»، عبر استخدام أدوات منها العقوبات، ومنع الإعمار، وفرض العزلة على دمشق.

ومن الإشارات اللافتة إلى موقع الملف السوري في اهتمامات إدارة بايدن: أولاً، عدم تعيين مبعوث خاص لسوريا، وأن جيفري فيلتمان الذي كان مرشحاً لهذا الموقع، عين مبعوثاً للقرن الأفريقي. ثانياً، أن فريق بايدن تجنب القيام بدور قيادي وحملة مضادة ضد الحملة التي قام بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل أسابيع، للتشجيع على إعادة سوريا إلى «الحضن العربي»، لكن اكتفى بإيصال بعض الرسائل عبر الأقنية الدبلوماسية. ثالثاً، عدم صدور أي قائمة عقوبات جديدة بموجب «قانون قيصر» منذ وصول الإدارة الجديدة. رابعاً، عدم ذكر بايدن سوريا في أي من خطاباته الرسمية.

في المقابل، بدا واضحاً أن الأولويات في تنفيذ السياسة، تقع في مكان آخر، وتشمل ثلاثة محاور:

الأول، البعد الإنساني، عبر التركيز على التجديد لقرار مجلس الأمن بتقديم مساعدات إنسانية «عبر الحدود» في 10 يوليو (تموز) المقبل. ويعمل وزير الخارجية أنتوتي بلينكن على تمديد القرار لمدة سنة لثلاثة معابر (بدلاً من معبر واحد حالياً)، ويقول فريقه إن «اختبار روسيا سيكون في مدى موافقتها على تمديد القرار». ولمح دبلوماسيون إلى أن عدم فرض عقوبات جديدة، والإشارات الأميركية الأخرى، بما في ذلك إعفاء مواجهة «كورونا» والأدوية والغذاء من العقوبات، ترمي إلى تشجيع موسكو على تمديد قرار المساعدات عبر الحدود.

الثاني، الملف الكيماوي، عبر ممارسة ضغوط كبيرة على دمشق وموسكو لالتزام الاتفاق الروسي – الأميركي الموقّع بين الوزيرين لافروف وجون كيري في نهاية 2013. وإجابة دمشق على 19 سؤالاً كانت «منظمة الحظر» وجهتها إلى الحكومة السورية، فيما يخص البرنامج الكيماوي.

الثالث، محاربة «داعش»، عبر التأكد على أن خفض الوجود الأميركي في العراق والمنطقة لن يؤثر على استراتيجية منع ظهور التنظيم، حيث زاد اعتماد أميركا وحلفائها على القطع البحرية والطائرات لتوجيه الضربات لخلايا «داعش»، واستمرار الضغط لـ«منع ولادة جديدة» لها غرب العراق وشرق سوريا. يضاف إلى ذلك تقديم الدعم للحلفاء المحليين شرق الفرات في «قوات سوريا الديمقراطية»، ومنع موسكو وطهران ودمشق من «التمدد في هذه المناطق».

في هذه المحطات الثلاث يقع التركيز الأميركي الملموس، وعلى هذا الأساس يتصرف حلفاء واشنطن في أوروبا والعواصم العربية، إلى حين حدوث تطور كبير يتعلق بالتفاهم الأميركي – الروسي على إحياء مقاربة «خطوة – خطوة»، الذي يزيد صعوبته التوتر بين واشنطن وموسكو، وبين الأوروبيين والروس، أو تجديد «الاتفاق النووي»، مع بنود وانعكاسات تخص وجود إيران العسكري في سوريا.

الشرق الأوسط

—————————-

واشنطن: نظام الأسد متورط في 50 هجوما كيميائيا على الأقل

أبلغت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي -أمس الخميس- أن النظام السوري متورط في 50 هجوما على الأقل بالأسلحة الكيميائية ضد شعبه منذ عام 2011.

جاء ذلك في كلمة ريتشارد ميلز نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، خلال الجلسة الدورية لمجلس الأمن المنعقدة افتراضيا بشأن الأسلحة الكيميائية في سوريا.

وقال ميلز خلال الجلسة إن واشنطن تقدّر فظائع النظام السوري التي يرتقي بعضها لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بأنها تشمل ما لا يقل عن 50 هجوما بالأسلحة الكيميائية منذ بدء الصراع.

وأكد أن الولايات المتحدة تواصل تقييمها بأن نظام الرئيس بشار الأسد لا يزال يحتفظ بمواد كيميائية كافية لاستخدام غاز السارين، ولإنتاج ونشر ذخائر الكلور، وتطوير أسلحة كيميائية جديدة.

وتابع أن النظام السوري يواصل تجاهل دعوات المجتمع الدولي للإفصاح الكامل عن برنامج أسلحته الكيميائية وتدميرها بشكل يمكن التحقق منه.

وأفاد بأن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أكدت وجود أسباب معقولة تدعو للاعتقاد بأن النظام السوري نفذ هجوما بغاز الكلور السام في سراقب بمحافظة إدلب في 4 فبراير/شباط 2018.

منظمة حظر الأسلحة الكيميائية

وفي 13 أبريل/نيسان الماضي، أصدرت المنظمة تقريرا أكدت فيه أن القوات الجوية للنظام السوري نفذت هجوما بغاز الكلور على مدينة سراقب شمال غربي البلاد.

وفي أعقاب التقرير، صوتت المنظمة -في 22 من ذات الشهر- بغالبية الثلثين لصالح مذكرة تدعمها عدة دول، منها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، تنص على تعليق “حقوق وامتيازات” دمشق داخلها، ومنها حق التصويت.

وفي سياق متصل، رحّبت 5 دول أوروبية -هي إستونيا وفرنسا وأيرلندا وبلجيكا وألمانيا- بتعليق “حقوق وامتيازات” سوريا داخل المنظمة.

وأكد مندوبو الدول الخمس لدى الأمم المتحدة -في بيان مشترك الخميس- الالتزام بتعزيز الجهود الجماعية لضمان مساءلة مرتكبي الهجمات الكيميائية.

المصدر : وكالة الأناضول

—————————

الانتخابات الرئاسية السورية: “مهزلة تحولت لنكتة غير مضحكة

“استغرب من الذين يأخذون هذه الانتخابات على محمل الجد فالنتيجة معروفة مسبقاً؟”

إعداد ليلى شاكر

“الانتخابات السورية قبل الثورة كانت مهزلة، أما الآن فهي نكتة غير مضحكة،” هكذا يصف حمزة، 34 عاماً، شاب سوري يدرس حقوق الإنسان، الانتخابات الرئاسية في سوريا المقرر تنظيمها في ٢٦ مايو، والتي يترشح لها الرئيس الحالي بشار الأسد لولاية رئاسية رابعة.

“قبل الثورة كانت الانتخابات عبارة عن مهزلة، فقد كانت جميع الترشيحات محددة من قبل القيادة القطرية لحزب البعث الاشتراكي الحاكم ولم يكن مطلوب من الشعب سوى أن يصوت بنعم لتكتمل المسرحية. بعد الثورة، صارت الانتخابات نكتة غير مضحكة ولم تعد الدعاية الانتخابية لمنصب الرئيس تختلف عن مهام وزير تموين تتحدد مسؤوليته بالحديث عن أسعار المحروقات، والخبز وكيفية  توفير الكهرباء وتخفيض أسعار المواد التموينية.”

تأتي الانتخابات هذا العام في الوقت الذي تشهد فيه سوريا أزمة اقتصادية خانقة خلفتها سنوات الحرب الدامية المستمرة منذ عشر سنوات. ويعاني الاقتصاد السوري من انخفاض غير مسبوق في قيمة العملة الوطنية مع فرض المزيد من العقوبات الدولية والتي تسببت بنقص شامل في المواد التموينية والأدوية الأساسية، والضروريات الأخرى. وبحسب هيومن رايتس ووتش، هناك أكثر من 9.3 مليون سوري يفتقرون إلى الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 80% من السوريين تحت خط الفقر. في ظل هذا الوضع، لم تعد الدعايات الانتخابية تتعلق بالوضع السياسي للبلد، بل بكيفية خفض الأسعار، الحفاظ على سمعة الليرة السورية من الانهيار ومراقبة توفر المواد التموينية الأولية.

للمرة الأولى شهدت هذه الانتخابات تقديم عددٍ ضخمٍ من الأشخاص للترشح لمنصب رئيس الجمهورية وصل إلى 51 بينهم سبع نساء. ويتعين على كل مرشح أن ينال تأييد 35 عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب البالغ عددهم 250 لقبول طلب الترشح. ومن شروط التقدم للانتخابات أن يكون المرشح قد أقام في سوريا بشكل متواصل خلال الأعوام العشرة الماضية، وهكذا تم اغلاق الباب أمام احتمال ترشح أي من المعارضين المقيمين في الخارج.

في النهاية، وافقت المحكمة الدستورية السورية على خوض بشار الأسد ومرشحين اثنين آخرين انتخابات الرئاسة وهما عبد الله سلوم عبد الله ومحمود أحمد مرعي. اختيار هؤلاء محسوب ضمن اللعبة “الديمقراطية” عبد الله هو وزير ونائب سابق، ومرعي هو من ضمن المعارضة الداخلية المقبولة من قبل النظام السوري. وهذا يتشابه مع ما حدث في انتخابات 2014 -التي نجح بها الأسد بنسبة تجاوزت 88 في المئة من الأصوات، في مواجهة مرشحين آخرين غير معروفين.

كثيرون وصفوا الانتخابات بالمسرحية، وعلق آخرون على صعوبة الوضع الاقتصادي وكيف تحولت المطالب الشعبية من تغيير نظام سياسي كامل للحصول على مواد أساسية وأدوية. كما سخر البعض من مفاجأة تقدم بشار الأسد بطلب الترشيح، ومشاركة المرأة في العمل السياسي في ظل غياب العمل السياسي أصلاً، أو ترشيح “شبيحة النظام لدعم نزاهة وديمقراطية النظام” وغيرها.

وعلى الرغم من ترشح سبع نساء، إلا أن الأمر كان هدفه ترويجي بحت، كما تقول الناشطة النسوية ريم، 27 عاماً، فلا يوجد حتى تاء التأنيث في الدستور السوري، حيث أن كل الشروط والمهام والواجبات المتعلقة برئيس الجمهورية واردة في صيغة المذكر فقط وتضيف: “كيف يمكن أن أنتخب امرأة قبلت بهذا الدستور أصلاً؟ وجود المرأة ضمن الترشيحات، لا يغير شيئاً من وضع المرأة السورية التي خسرت أهلها وبيتها أو تم تهجيرها وسجنها أو خسرت عملها أو تعاني من العنف بشكل يومي.”

تستطرد ريم عن رؤية النظام للمرأة واستغلاله لها لتصدير نفسه: “يدافع النظام عن نفسه من خلال الترويج لدعمه لحقوق المرأة وأن المرأة السورية العاملة تأخذ نفس راتب الرجل، لكن ما هو الراتب الذي نتحدث عنه الآن؟ أقصى راتب شهري لكلا الجنسين لا يتعدى 25 دولار. استغرب من الذين يأخذون هذه الانتخابات على محمل الجد فالنتيجة معروفة مسبقاً؟”

سياسة

وقد تسببت الحرب في سوريا في مقتل أكثر من 380 ألف سوري وتركت مدنًا وبلدات مدمرة تماماً، وأجبرت نصف عدد سكان سوريا البالغ قرابة 22 مليون إلى مغادرة منازلهم، في أكبر موجة نزوح منذ الحرب العالمية الثانية. وقد فرّ أكثر من خمسة ملايين ونصف مليون سوري خارج البلاد، ونزح في داخل البلد أكثر من 6 ملايين سوري. ولا يزال هناك 205,300 شخصاً مفقوداً أو في عداد الموتى يرجح أن بعضهم قُتلوا أثناء التعذيب في سجون النظام.

على للرغم من فقدان أكثر من ثلث الأراضي السورية بعد الحرب، يتفاخر النظام بسير العملية الانتخابية برغم الرفض الغربي والأميركي لها، حيث اعتبرت الولايات المتحدة أن الانتخابات السورية “لن تكون لا حرة ولا نزيهة، ولن تُكسب نظام الرئيس بشار الأسد أي شرعية” كما طالبت فرنسا بمعاقبة المسؤولين عن “الجرائم و الفظاعات” المرتكبة منذ عام 2011. وعلى المستوى المحلي أكد رئيس وفد المعارضة إلى أستانا، أحمد طعمة، رفض المعارضة السورية لإجراء الانتخابات على الأراضي الخاضعة لسيطرتها والتي تشمل إدلب وريفها. ورفض رئيس قوات سورية الديمقراطية (قسد)، تسهيل العملية الانتخابية في أراضيها، وهكذا يخرج حوالي خمسة ملايين مواطن ومواطنة من العملية الانتخابية متوزعين في إدلب وشمال حلب وشمال وشرق سوريا.

في المقابل، هناك من يرى أن الانتخابات خطوة ضرورية كان ينتظرها الجميع: “الرأي العام السوري خاصة بعد المتغيرات الطارئة الحاصلة في ظل جائحة كورونا يعلق كل خطوة أو قرار جديد على شماعة الانتخابات للخلاص من مرحلة الاحتمالات الكثيرة، والوصول إمّا إلى الخراب الكبير الذي لا نجاة بعده، أو لمرحلة حل سياسي والعودة لوضع طبيعي يُسمح فيه لعودة العلاقات السياسية والاقتصادية للبلاد ونهضتها من جديد،” يقول خالد، اسم مستعار.

يشير خالد أن الانتخابات تأتي في ظروف مختلفة هذا المرة بعد تمزق النسيج الاجتماعي: “الطبقة الوسطى انتهت في المجتمع السوري، لدينا الآن طبقة الثراء الفاحش وهي الأقلية الداعمة باستماتة لفوز الأسد بالانتخابات لأنه ضروري لبقائهم، وطبقة تعيش الفقر المدقع وهؤلاء من يبحثون عن الخلاص فحسب، ويتحاشون وقوع حرب لن تؤدي سوى إلى مزيد من الخراب والجوع. مع الفرق المهول بين الطبقتين، إلا أنهما يتشاركان في رغبتهما في نجاح هذه الانتخابات أياً كانت على أمل أن يتحسن الوضع.”

لا يبدو أن هناك حلول تلوح في الأفق القريب والمتوسط للوضع في سوريا، ويشير خبراء إلى أن بقاء الرئيس بشار الأسد في الحكم هو خيار توافقي دولي وإقليمي، في ظل غياب بدائل أخرى.

————————

المنافع المتبادلة للتطبيع مع الأسد/ نزار السهلي

من إحدى مزايا التطبيع الراهن، بين نظام الأسد وعدد من الأنظمة العربية، التي يُسارع إلى إنجازها البعض في السر والعلن، أنها تُصدر شهادة وفاة لمفاهيم وأشكال العمل السياسي والاجتماعي والوطني، مفاهيم لم تعد تمتلك مقومات الحياة التي نعاها السوريون منذ اليوم الأول للثورة وهم ينظرون اليوم للجهود ” الجادة “من أجل تسيد نظام الأسد مرحلة جديدة من التحكم برقاب المجتمع السوري، والتي نعيش فصلها المخزي بانتخابات هزلية على تحطيم وتدمير المجتمع السوري، يُكرر فيها المندفعون للتطبيع مع الأسد على مسامع السوريين بأن أحد العوامل الدافعة نحو تسوية مع النظام “تغير الظروف “، ومن أجل استقرار سوريا ووحدتها وما إلى هنالك من شعارات تخفي وراءها كل أشكال النفاق الممارس على السوريين وقضيتهم.

هذه الادعاءات تعوزها الحصافة، بل وحتى الذكاء، فبالإضافة إلى أن الحس الشعبي السوري بعفويته، يدرك تلك الادعاءات الكاذبة، فإن الوقائع التي ما زالت قائمة على الأرض تنفي هذا الأمر باعتراف قادة حول العالم، وسياسيين وتقارير دولية وحقوقية تم من خلالها التيقن من حجم الجرائم المنسوبة مباشرة لنظام الأسد ومسؤوليته المباشرة عن مقتل وتهجير الملايين من السوريين، فضلاَ عن جرائم الحرب والإبادة ذات الصبغة العنصرية، وهي من أسطع الجرائم التي حاولت أنظمة التطبيع العربي مع الأسد ومع الصهيونية القفز عليها طيلة السنوات الماضية لأسباب عديدة منها :

القول بأن مرحلة انتهت من ثورة السوريين، يعني القول بمرحلة جديدة بدأت، فما هو الجديد الآخذ بالتشكل؟ نظرة على قدر من التدقيق في ظاهرة انتشار دعوات التطبيع مع نظام الأسد إقليمياً وعربياً من موسكو وطهران، وأبو ظبي والرياض والمنامة والقاهرة و بيروت، وبقية العواصم التي تتحين الفرصة؛ توضح بأننا أمام حالة جديدة آخذة بالتشكل العلني ضد حرية السوريين، فبعد سنوات من ممارسة نفاق الدعم اللفظي لتطلعاتهم في الحرية والكرامة، وممارسة الدعم السري والعلني لآلة النظام العسكرية والمادية، وتجسيد سياسة قهر اللاجئين السوريين في عواصم ومدن عربية، يشير كل ذلك إلى صيغة جديدة تمثل انعكاسا لاستمرار وحدة الاستبداد العربي، وتماسكه المعني بالتمسك بمنافع الطغاة والمستبدين بوظيفة القهر المستدام للعقل والإنسان العربي، وكلمة السر التي ارتكز عليها نظام الأسد في إمساكه مفتاح فرض وحشيته على السوريين، هي ما جرى من خلالها جذب شهية صهيونية وعربية باستدامة القمع والاحتلال والمضي بهما مستنداً إلى كلمة السر ذاتها، فرحلات التطبيع السري بين حميميم في اللاذقية وتل أبيب برعاية روسية، لا تختلف عن سرية الرسائل العربية المطبعة معه  لدعم إدامة بطش الأسدية.

هذه العناصر المحفزة لأنظمة عربية، كانت بالأمس محل تندر من محور الممانعة، من المؤامرة، وارتباطاتها المتصهينة التي كان يعزف نشيدها تستعيد اليوم ناظم الصلة فيما بينها بعد النجاح الجزئي للثورات المضادة، وتجعل من التطبيع العربي مع المؤسسة الصهيونية ضرورة للتطبيع مع الأسد، مما يوحد من إيقاع حركتها ويجعل من نشاطها تكاملياً استحضار الاستخلاص المأخوذ من تجربة الثورة السورية، بأن حجم التآمر على الشعب السوري وسط عالم متكامل من التآمر على الثورة، وهي عوالم تَضييع وتَمييع الأمور، وتعويمها، واستطرادا أغلقت موسكو وطهران والنظام في دمشق الممر الاجباري الوحيد، الذي لا بد منه للعبور نحو طريق آخر غير طريق الانحدار الذي فُتح بالتساهل مع جرائم الأسد والتطبيع معه، وصولاً لمهزلة إعادة انتخابه للتعمية على الجرائم والقفز على المطلب الأساس في نيل السوريين حريتهم وكرامتهم.

يبقى التمتع بالمنافع المتبادلة لبقاء نظام الأسد، والتطبيع معه من أنظمة عربية متصهينة وأخرى تتصهين، عوامل تضمن للمحتل الصهيوني تأمين موارد فاشيته، ولما تخلفه منفعة وجود الأسد كقوة باطشة وقاهرة على المجتمع تخدم نهاية المطاف نظرية القمع والسطوة والعدوان وتزوير الوقائع، ليصبح الأمر على نحو سخيف وسقيم في الإشارة للمفاهيم الكسيحة التي يتسلح بها نظام الأسد وحلفه العربي والإقليمي، ومن يقتات على تجارة وقحة، قامت بالأساس على سلعة الشعارات الفاسدة من “تحرير القدس” والاحتفاء بيومها وصواريخها الخُلبية، وحماية السيادة الوطنية ومقاومة المؤامرات إلى التذرع “بدعم” فلسطين والشعب السوري.

أخيراً، علينا الاعتراف بأن حجم مجافاة الواقع كبيرة جداً، كما أن الحلقات التي تضغط على عنق السوريين تضيق وتضيق، ولكننا نعي أن عوامل مقاومة نظام الأسد، ونهوض المجتمع السوري وثورته على نظامٍ متعرٍ هي أيضاً عديدة وستبقى تبعث على التفاؤل، ولعل اهتزاز الأسدية في المجتمع السوري تمثل نموذج على بواعث هذا التفاؤل والأمل، رغم العتمة تبقى تضحيات السوريين وأحلامهم في الحرية واسترداد الكرامة والمواطنة هي الباقية والمرعبة لأنظمة التطبيع مع الأسد والصهيونية، وعتمة الراهن مهما اشتدت لن تبدد هذا الحلم وهي منفعة سوريا والسوريين بكنس الطاغية.

——————-

روسيا في السويداء.. تسويق الانتخابات أم تثبيت النفوذ؟/ هشام منوّر

يقترب موعد الانتخابات الرئاسية التي يخطط نظام الأسد لإجرائها، في 26 مايو/ أيار المقبل، وتسود معها العديد من التكهنات بشأن مواقف العديد من الأطراف الإقليمية والمحلية ولا سيما الأقليات والشرائح الاجتماعية التي تقع تحت سلطة النظام ورعايته.

في محافظة السويداء القابعة أقصى الجنوب السوري، تتجه الأنظار إلى شيخ العقل الأول للطائفة الدرزية في سوريا حكمت الهجري، بعد التسريبات التي تتوالى منذ فترة عن مواقفه المعارضة للانتخابات، ولبقاء رئيس النظام بشار الأسد في السلطة، من دون أن تصدر أي مواقف رسمية لتنفيها أو تأكيدها.

واقع الحال يشير إلى انهماك روسيا في جس نبض الشرائح الاجتماعية وزعماء المناطق الجهوية، في محاولة لتثبيت نفوذها في الجنوب السوري، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في سوريا. فبعد التسريبات التي نُقلت عن حكمت الهجري، شيخ العقل الأول للطائفة الدرزية في سوريا، وهو المعروف بتأييده للأسد، والتي نقل فيها معارضته للانتخابات، ولبقاء بشار الأسد في السلطة، اجتمع السفير الروسي لدى إسرائيل أناتولي فيكتوروف مع الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية.

الرئيس الروحي للطائفة الدرزية عرض في الاجتماع موضوع تقديم المساعدات الإنسانية من الدروز في فلسطين المحتلة إلى إخوانهم في سوريا بوساطة روسية مباشرة، والسماح بزيارات عائلية بين الدروز في هضبة الجولان المحتل وأبناء عائلاتهم في سوريا. كما ناقش الرجلان مستجدات الأوضاع السياسية والاقتصادية في السويداء، وإمكانية فتح معبر بين جبل الدروز والأردن، في حين وعد السفير الروسي بنقل مطالب طريف بشكل فوري إلى موسكو.

    بعد اقتراب الهجري من مواقف يوسف جربوع وحمود الحناوي المعروفين بمواقفهما الأقرب إلى معارضة النظام، لا تبدو مساعي النظام لكسب محافظة السويداء وأهلها قبيل الانتخابات، قادرة على ردم الفجوة التي سببتها سياساته الأمنية بحقها

الهجري تلقى عرضاً من النائب اللبناني السابق وليد جنبلاط بأن يكون تنسيق رئاسة الطائفة الدرزية في سوريا بشكل مباشر مع الروس، على أن يتولى جنبلاط مد جسور التواصل من خلال علاقته الطيبة مع الروس، لكن لا يبدو أن شيوخ العقل في سوريا بحاجة إلى وساطة مع روسيا، وهي الحريصة على فتح أبواب التواصل مع أبناء المنطقة الجنوبية وتوطيدها، لا سيما أن كلا من محافظتي درعا والسويداء تقعان على الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي، ويتقاسمان جغرافيا وديمغرافيا مناطق واسعة في كل من سوريا ولبنان وفلسطين والأردن.

وفيما تبدو جبهةُ مشايخ العقل للموحدين الدروز في سوريا موحدةً، بعد اقتراب الهجري من مواقف يوسف جربوع وحمود الحناوي المعروفين بمواقفهما الأقرب إلى معارضة النظام، لا تبدو مساعي النظام لكسب محافظة السويداء وأهلها قبيل الانتخابات، قادرة على ردم الفجوة التي سببتها سياساته الأمنية بحقها، وإن حاول الالتفاف عليها بوساطة روسية عابرة للحدود. فالمزاج العام في محافظة السويداء ليس مع إعادة انتخاب رئيس النظام بشار الأسد، في ظل وجود إحساس لدى غالبية الأهالي بأن النظام بات يكيل لهم الحقد بسبب تصديهم لنفوذه في المحافظة، من خلال الاحتجاجات ضده بين الحين والآخر، واستنكاف الشبان عن الخدمة العسكرية في قواته. وقابل النظام هذا الأمر بمختلف أدوات التضييق والحصار والعقاب الجماعي وافتعال الأحداث الأمنية، والنيل من رموز المحافظة الدينية في محاولة لإجبارهم على الرضوخ، وسط فشله في ذلك.

اللافت وسط النزاع على النفوذ في سوريا بين إيران وروسيا، هو حرص الأخيرة على استقطاب الجنوب السوري وتحويله إلى منطقة نفوذ لصالحها، مستغلة قربها الجغرافي من الحدود من الاحتلال الإسرائيلي وموافقته الضمنية على إنشاء علاقات روسية وطيدة مع أهالي المحافظتين الجنوبيتين، فهل تنجح موسكو في مسعاها؟ وما هو المقابل الذي ستقدمه لأهالي السويداء مقابل مد جسور التعاون والصلة معهم؟

———————————

ديمقراطية الديكتاتور.. لماذا تُجري الديكتاتوريات انتخاباتها؟

تُعرف العديد من البلدان التي تعاني من ضعف سيادة القانون، بانتخابات أو استفتاءات تجريها العائلات أو الأحزاب الحاكمة (أو كلاهما)، تنتهي بنتائج غالبًا تكون مثيرة للجدل وللسخرية في بعض الأحيان.

وصار يطلق على هذا النوع من الانتخابات اسم “انتخابات الختم المطاطي“، كون الناخب فيها لا يملك سوى خيار واحد، إما أن يصوت بـ “نعم”، أو بـ “لا” فيخضع لعقوبة خارج إطار القانون، كما في كوريا الشمالية على سبيل المثال.

وتجري هذه الانتخابات في كوريا الشمالية كل خمس سنوات، ويشرف عليها، المجلس التشريعي الذي تقتصر سلطاته على الشكليات ويعرف بـ “الجمعية الشعبية العليا”.

ففي الانتخابات الأخيرة التي أجرتها كوريا الشمالية عام 2019، فاز رئيسها، كيم جونغ أون، بنسبة 99.97%، بحسب وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية، التي قالت إن الفئة الوحيدة غير المشاركة في الانتخابات إما خارج البلاد أو ممن يعملون في البحر.

ومع أن الرئيس الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، هو أحد أكثر الشخصيات السياسية التي تلقى انتقادات في العالم نظرًا لنظام حكمه الشمولي الديكتاتوري، وحتى بين صفوف مؤيدي النظام في سوريا، فللرئيس السابق، حافظ الأسد، نتيجة فوز مشابهة في الانتخابات.

وبحسب الاستفتاء الرئاسي السوري الذي جرى في 2 كانون الأول عام 1991، وكان الرابع بعد استلام “حزب البعث” للسلطة في البلاد، فاز حافظ الأسد بالرئاسة بنسبة 99.1% من الأصوات.

الديكتاتور الديمقراطي

في الانتخابات الرئاسية السورية عام 2014، حصد رئيس النظام السوري، بشار الأسد، 88.7% من أصوات المقترعين وتوزّعت النسبة الباقية على منافسَيه حسان النوري ومحمد حجار، وعلى الأوراق الملغاة.

وأُعلن رسميًا عن عدد الأصوات التي حصل عليها بشار حافظ الأسد، والتي بلغت عشرة ملايين و319 ألفًا و723 صوتًا، وأن عدد المقترعين بلغ 11 مليونًا و634 ألفًا و412 شخصًا من أصل 15 مليونًا و840 الفًا و575 ناخبًا داخل سوريا وخارجها، أي أن نسبة المشاركة بلغت 73.42%.

وبحسب الأرقام الرسمية التي صدرت عن تلك الانتخابات، فإن سوريا تفوقت على العديد من الدول الديمقراطية في نسب أعداد المصوتين ونسب الفوز وتعداد المرشحين، بغض النظر عن أن النظام السوري أقصى عشرة ملايين سوري من معارضيه خلال الانتخابات.

وقال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، عام 2020، في حديث له عن الانتخابات المعقودة العام الحالي، إن “أساس نجاح الممارسة الديمقراطية يكمن في استمرارها، وفي تطوير آلياتها واعتماد أفضل المعايير وأقصى درجات الشفافية لها”.

الانتخابات الحالية شهدت تقدم 51 مرشحًا لمنصب رئيس الجمهورية، قُبل منهم اثنان إلى جانب بشار الأسد، الذي مهّد لذلك في مقابلة مع قناة روسيا اليوم، في 11 من تشرين الثاني 2019، حين أكد أن “عددًا كبيرًا من المرشحين” سيشاركون في الانتخابات، في حين رفض إجراءها تحت إشراف الأمم المتحدة نهائيًا، وأكد أنها “ستكون بشكل كامل، من الألف إلى الياء، تحت إشراف الدولة السورية”.

ومع شروع النظام بتطبيق انتخاباته، بادرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” بإصدار تقرير عن الأسباب التي تجعل من هذه الانتخابات غير شرعية.

وذكر التقرير الذي جاء في 15 صفحة، أن الانتخابات “غير شرعية، وتنسف العملية السياسية، وتجري بقوة الأجهزة الأمنية”، وينتهك فيها النظام السوري قرار مجلس الأمن رقم “2118”، وبيان “جنيف 1″، وقرار مجلس الأمن رقم “2254” لعام 2015، الذي وضع مسارًا تسلسليًا واضحًا لعملية الانتقال السياسي.

هل يصوّت السوريون فعلًا؟

حازم ذو الـ 28 عامًا (رفض نشر اسمه الكامل لأسباب أمنية)، هو عسكري في صفوف قوات النظام السوري ضمن مرتبات “الفرقة 25” (مهام خاصة)، قال لعنب بلدي، إن انتخابات مجلس الشعب التي جرت في تموز 2020، تلقى على أثرها جنود من قوات النظام هدايا مختلفة، منها 3000 ليرة سورية، أي ما يعادل دولار ونصف آنذاك، من قبل أحد أعضاء مجلس الشعب من أجل التصويت له.

وأضاف حازم، أكثر من ثلثي الجنود الذين تلقوا الهدايا هم من غير المشاركين في الانتخابات إلا أن قيادة الفرق والقطاعات العسكرية تكلّف عدد من الجنود بالتصويت باسمائهم واسماء رفاقهم في الجيش، من دون علم اصحاب هذه الأسماء حتى.

ورغم أن المرشحين يبحثون عن اصوات الناخبين فعلًا، ولو بأساليب ملتوية، فربما يحمل هذا الأمر مؤشرات على أن جمع أصوات الناخبين يعتبر أمر مهم بالنسبة للمرشحين سواءً في انتخابات مجلس الشعب أو في الانتخابات الرئاسية.

وبينما تعتبر حُجر التصويت في المدن متاحة للعامة، وتحظى بالخصوصية (وفق المعايير الديمقراطية) أحيانًا، حيث يمكنك الدخول والادلاء بصوتك مع احترام كامل خصوصيتك في سير العملية الديمقراطية، لكن عند خروجك ستجد أحد عناصر المخابرات ينتظرك على باب الحُجرة بجملة “لمين صوتت ولا حيوان” بحسب حازم.

وفي لقاء اجرته عنب بلدي مع ناشطة من مدينة سلمية (تحفظت على ذكر اسمها لأسباب أمنية)، قالت إنها وبحكم عملها السابق كمدرسة في إحدى المدارس الثانوية في المدينة، كانت تُجبر على خوض الانتخابات، مما دفعها إلى ارسال هويتها الشخصية مع احد أقاربها إلى مراكز الاقتراع من اجل تدوين اسمها كناخبة.

وأضافت، مراكز الاقتراع الديمقراطية والغرف السرية المخصصة للانتخاب في المحافظات هي حقيقية وموجودة، لكن المشكلة انها تستعمل فقط في حال وجود وسائل الإعلام، بينما يضطر الناخبون للانتخاب أمام اللجنة المسؤولة عن الصناديق ويمكن لأكثر من شخص رؤية ماذا يفعل المنتخب ببطاقته الانتخابية وعلى الملئ.

ويعمل النظام السوري على بث الإشاعات بين المدنيين مع بداية الإقتراع بشكل دائم، كما حصل في الانتخابات السابقة عندما انتشرت إشاعات عن أن حواجز النظام ستعتقل كل من لا يوجد على اصبعه بقعة حبر (التي تدل على ان صاحبها مشارك في الانتخابات)، مما دفع بالعديد من الناس لتلوين اصابعهم بالحبر حتى ولو لم يشاركوا، بحسب المصدر.

انتخابات الديكتاتور فرصة لتمجيد الذات

وبالنظر إلى ما يشاع في الشارع السوري بالتزامن مع كل انتخابات يطلقها النظام السوري، منذ فترة حكم حافظ الأسد، أن العمليات الانتخابية محسومة منذ بدايتها، فلماذا تقوم هذه الديكتاتوريات بالانتخابات.

قال المحلل السياسي، الدكتور نصر اليوسف، لعنب بلدي، إن النظام السوري يحاول إظهار تعددية الانتخابات السورية من خلال “مسرحية الـ 51 متقدم”، لترك صورة ديمقراطية عن حكم الأسد في سوريا بنظر المجتمع المدني.

ورغم أن الانتخابات لم تحظَ باعتراف أوروبي أو أميركي، يتابع النظام السوري تسيير “مسرحيته” وفق السيناريو الذي أعده، في محاولة منه لإجراء انتخابات وفق المعايير التي تحاول الأمم المتحدة إجرائها في سوريا تحت مراقبة الأمم المتحدة، لكن من دون أي رقابة، بحسب اليوسف.

وتحاول الأنظمة الشمولية إجراء انتخابات على الطريقة الديمقراطية ظاهرًا، لكن زواياها تحمل الكثير من تهم الخيانة والعمالة للرافضين لهؤلاء الديكتاتوريين.

ويضيف الدكتور نصر اليوسف، الديكتاتورية هي المسمى السياسي للسادية، فالديكتاتوريين يستمتعون بممارسة الإرغام على الشعوب، وبينما لا تعتبر الحاضنة الشعبية أو آراء المجتمع الدولي إحدى اهتمامات هذه الأنظمة (مثل نموذج حكم حافظ الأسد)، فيمكننا القول أن الانتخابات تجري لغرض إمتاع الذات بالنسبة لهذه الأنظمة.

وتعتبر سوريا من أسوأ دول العالم من حيث الحرية والديمقراطية، بحسب منظمة “مراسلون بلا حدود”، واحتلت المرتبة 173 عالميًا، مقتربة إيران والصين وكوريا الشمالية.

وتقدر منظمة “فريدم هاوس“، أن ما يقرب من ثلثي سكان العالم يعيشون في ظل أنظمة مستبدّة، وأن ملياري شخص يعانون من حكم قمعي.

وبحسب المنظمة، يوجد 106 نظام حكم دكتاتوري أو شبه ديكتاتوري في عالمنا اليوم، أي ما يعادل 54 في المئة من الدول على كرتنا الأرضية.

————————-

سوريا بين الموقفين الغربي والعربي/ علي حمادة

علي حمادة

مع إعلان المحكمة الدستورية السورية أنها ثبتت ترشيحات ثلاثة مرشحين لمنصب الرئاسة، من بينهم الرئيس بشار الأسد، وذلك تمهيداً لإجراء الانتخابات الرئاسية في السادس والعشرين من أيار (مايو) الحالي، لم يتبدل الموقف الدولي، ولا سيما الغربي، من شرعية هذه الانتخابات التي تعتبرها العواصم الغربية الرئيسية مزوّرة، وغير شرعية، نظراً لأنها لا تندرج في إطار تنفيذ القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي الذي يشترط إجراء عملية سياسية، وإجراء الانتخابات الرئاسية وفق دستور جديد، وتحت إشراف الأمم المتحدة.

وقد كان واضحاً الموقف الغربي الذي عبّر عنه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ليل الثلثاء الماضي، على هامش اجتماعات دول “مجموعة السبع” التي انعقدت في لندن، حيث قال إن المجموعة ستواصل عملها من أجل الدفع لتحصين جميع جوانب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. وكانت مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ليندا توماس قد صرّحت، الأسبوع الماضي، بأن هذه الانتخابات لن تكون حرة، ولا نزيهة، بل مزيفة، لا تمثل الشعب السوري.

وأضافت: “وفقاً لتكليف هذا المجلس بالإجماع ( القرار 2254 للعام 2015) يجب إجراء الانتخابات وفقاً لدستور جديد، وتحت إشراف الأمم المتحدة، وعلى نظام الأسد اتخاذ خطوات لتمكين مشاركة اللاجئين والنازحين في أي انتخابات سورية”. أما المبعوث الأممي الى سوريا غير بيدرسون فقال إن الانتخابات ليست جزءاً من العملية السياسية التي أنشأها قرار مجلس الأمن 2254، مضيفاً أن “الأمم المتحدة لا تشارك في هذه الانتخابات، وليس لديها تفويض للقيام بذلك، وتواصل الأمم المتحدة التأكيد على أهمية التوصل الى حل سياسي تفاوضي للصراع في سوريا. إن القرار 2254 يفوّض الأمم المتحدة بتسهيل عملية سياسية تتوّج بإجراء انتخابات حرة نزيهة وفق دستور جديد، تدار تحت إشراف الأمم المتحدة بأعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة مع جميع السوريين، بمن في ذلك أعضاء الشتات المؤهلين للمشاركة”.

ما تقدّم يفيد أن الموقف الغربي، وموقف الأمم المتحدة، يحول دون تأمين تغطية من الشرعية الدولية للانتخابات الرئاسية التي ستجري بعد أسبوعين. لكن في المقابل، تحظى الانتخابات بتأييد قوي من روسيا، بما يتناقض مع كون روسيا صوتت إلى جانب القرار 2254، وهي تقوم اليوم بالدفاع عن الانتخابات الرئاسية التي تمثل خروجاً عن القرار نفسه. أما الموقف الإيراني فمعروف وآخره موقف وزير الخارجية محمد جواد ظريف الذي قال قبل يومين إن “إيران تدعم وحدة الأراضي السورية، وضرورة احترام “شرعية” الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس والعشرين من أيار (مايو)”.

إزاء التناقض بين موقف الغرب وروسيا وإيران من الانتخابات الرئاسية، تبرز المتغيرات الكبيرة التي تحصل على صعيد الإقليم، لجهة الخرق الذي حصل في جدار العلاقات بين المملكة العربية السعودية والنظام في سوريا. فالزيارة التي قام بها رئيس المخابرات السعودية خالد الحميدان لسوريا في الثالث من أيار (مايو) الحالي ولقاؤه الأسد، يمثلان تحولاً كبيراً في الموقف السعودي من النظام السوري، وتحولاً في الأسلوب الدبلوماسي السعودي عامةً. ومن المهم بمكان التوقف عند الخبر نفسه الذي كانت صحيفة “الغارديان” البريطانية أول من كشف عن الزيارة وبعض خلفياتها، حيث نقلت عن مسؤولين في الرياض قولهم إن “تطبيع العلاقات يمكن أن يبدأ بعد فترة وجيزة من عيد الفطر”. ثم نقلت عن مسؤول سعودي قوله: “لقد تم التخطيط لذلك منذ فترة ولم يتحرك شيء … لكن تغيرت الحوادث إقليمياً، وكان ذلك بمثابة الفتحة”.

هذا تحوّل كبير في المشهد الإقليمي، وفي المشهد العربي على حد سواء، وهو يأتي في أعقاب التحول الآخر الذي حصل في بغداد حيث استضافت العاصمة العراقية، حسبما كشف الرئيس العراقي برهم صالح لمعهد “بيروت انستيتيوت”، أن الحوار السعودي – الإيراني لم يقتصر على اجتماع التاسع من نيسان (أبريل) الفائت بين رئيس المخابرات السعودية اللواء خالد الحميدان ونائب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد عرافاني، بل إن الطرفين اجتمعا أكثر من مرة. وتفيد معلومات دبلوماسية أن الطرفين اجتمعا حتى الآن ثلاث مرات. وينتظر أن ينعقد اجتماع جديد في خلال أيام، يحكى أنه سيضمّ دبلوماسيين.

بالطبع ليس الانفتاح السعودي على النظام السوري أول اختراق في جدار العلاقة بين المحور العربي وسوريا. فقد سبق لمصر أن جددت العلاقات مع وصول الرئيس السيسي الى الحكم، أما دولة الإمارات العربية المتحدة فقد أعادت افتتاح سفارتها في سوريا السنةَ الماضية.

في خلفية التحوّل في اتجاه سوريا الذي سبقه تحول في مقاربة العلاقات مع إيران، التغيير الكبير الذي حدث في واشنطن مع وصول جو بايدن الى البيت الأبيض، وإطلاقه سياسة خارجية مختلفة تماماً عن السياسة الخارجية للرئيس السابق دونالد ترامب. هذا فضلاً عن أن السعودية لم تقصر التحوّل في سياستها الخارجية على إيران وسوريا، لكنها أنهت أيضاً مع الإمارات خلافاً كبيراً مع دولة قطر، وأطلقت حواراً مع تركيا. لكن الموقف العربي المستجد من النظام السوري، قد يشكل مادة خلافية مع الغرب، وفي المقدمة مع الولايات المتحدة وإدارة الرئيس بايدن الذي لا يزال متصلباً ضد الأسد بالنسبة الى سجله السيئ في مجال “حقوق الإنسان” والارتكابات الكبيرة التي طاولت شرائح واسعة من الشعب خلال عقد من الزمن.

إنها مرحلة التحولات الكبيرة في المنطقة. فهل تكون مؤقتة أم أن مشهداً جديداً سوف يرتسم في المنطقة، بالرغم من أن الملفات الخلافية كبيرة ومتشعبة؟

——————

عودة الصراع على سوريا!/ رضوان السيد

ما توقف الصراع على سوريا لكي يقال الآن إنه عاد. لكن تحضر في هذه الأسابيع عدة مناسبات يتعاظم فيها الحِراك في سوريا ومن حولها. فقد تحرك الروس في الأشهر الأخيرة خارج مثلث آستانا، واتجهوا نحو الأوروبيين ونحو العرب. وأظهروا اهتماماً مفاجئاً بالإصغاء لمقتضيات القرار الدولي رقم 2254 والمبعوث الدولي من أجل سوريا. لكن خلال التفاوض المضني مع الأوروبيين ومع المبعوث الدولي حتى مع الأميركيين، تشعبت الموضوعات. فما نجح الاجتماع الأخير في جنيف حيث لم يتغير موقف النظام السوري ولا موقف المعارضة. أما الأوروبيون والأميركيون فأظهروا اهتماماً بالشؤون الإنسانية وبتطبيق القرار الدولي، وبالتغيير الدستوري، وبالعودة الممكنة للاجئين والمهجَّرين وبإعادة الإعمار؛ وهي الأمور التي تبين لهم (كما تبين للأميركيين) أنه لم يحصل تقدمٌ فيها، وبالتالي لا فائدة من الانهماك في التفاصيل؛ بل إنهم عادوا للحديث عن آخر المرات التي استخدم فيها النظام السلاح الكيماوي ضد المناطق غير الخاضعة لسيطرته! وكانت وجهة نظرهم المعلنة أنّ التحركات الروسية كان المقصود الوحيد من ورائها التمهيد لإعادة انتخاب بشار الأسد للمرة الثالثة أو الرابعة… أو العاشرة. ولذلك أعلن المبعوث الدولي إلى سوريا أنه لا ضوء في نهاية النفق حتى الآن!

نعم، لقد حقّق الروس بعض النجاح في المجال العربي ولصالح نظام الأسد. فقد شكلوا مثلثاً أو ثالوثاً آخر للاعتناء بالشأن السوري مع كلٍ من تركيا وقطر. والمعروف أنّ هذين الطرفين أدنى لوجهة نظر المعارضة. لكن من ناحية أخرى نشّط الروس التواصل بين الدول العربية التي لها علاقاتٌ باقية أو مستجدة مع الأسد مثل مصر والإمارات والعراق والأردن. كما هناك حديثٌ عن إمكانية عودة سوريا إلى الجامعة العربية.

إنما أيضاً وأيضاً وبالإضافة إلى حِراك الثابت الروسي، هناك الإدارة الأميركية الجديدة، فقد كانت إدارة ترمب شديدة السلبية تجاه بشار ونظامه، ويقال الأمر ذاته عن إدارة بايدن، لكنّ سياسات الإدارة الجديدة ما اتضحت معالمها بعد بشكلٍ يمكن الحكم عليه أو تحديد اتجاهه وما الذي يمكن البناء عليه.

ومع هذا وذاك وذلك، لنعُد إلى القوى الموجودة على الأرض في سوريا، وكيف يمكن أن تكون توجهاتها أو تتطور. هناك إلى جانب النظام وبشكل رئيسي إلى جانب الروس الإيرانيون وميليشياتهم المتعددة، وعندهم مراكز وقواعد واستيلاءات من جوار دمشق وإلى القلمون وحمص وحلب وإلى مساحة متوسعة على الحدود مع العراق. وهناك بالطبع الأتراك الذين يسيطرون على مساحة داخل الحدود مع سوريا، ويشاركون المعارضة المسلحة فيها. ثم هناك المناطق الكردية التي يحميها العسكر الأميركي، الذي يملك عشرات القواعد على الحدود مع العراق ومع الأردن. وإلى ذلك كله، هناك مدينة إدلب التي تسيطر عليها التنظيمات المسلحة وفي طليعتها «هيئة تحرير الشام» المتحورة عن «القاعدة»، وإلى تنظيمات مسلحة متشددة أخرى. ومن الحسنات القليلة للأوضاع في السنوات الأخيرة صمود وقف إطلاق النار باستثناء المناوشات الجوية والمدفعية ضد إدلب وجوارها، والتي تقوم بها الطائرات الروسية وقوات النظام الموجودة هنا وهناك.

ما هي مواقف كل هذه الجهات من الحراك الروسي الذي يبدو رئيسياً في هذه الفترة بالذات؟ وماذا يقول الإيرانيون أولاً؟ هم رسمياً مع النظام، لكنهم مصرون على الوجود العسكري والأمني والديموغرافي. وقد تحملوا ويتحملون مئات الغارات الإسرائيلية على مدى سنوات من دون أن يتزحزحوا. بل هم مصرون على التمدد جنوباً إلى حدود الأردن وإسرائيل، رغم انزعاج الروس من ذلك كما يقال. ثم ما هو موقف الأتراك الذين عندهم ألوف من القوات والمعدات والقواعد إضافة إلى عسكر المعارضة؟ ونحن نسأل هذين السؤالين، لأنّ كل محاولة للخروج من هذا المستنقع تستند بديهياً إلى أمرين؛ خروج كل القوات الأجنبية، وتدبير الإنفاق على إعادة الإعمار لاستعادة الاستقرار وإعادة اللاجئين. ثم بأي شروطٍ ينسحب الإيرانيون، وبأي شروطٍ ينسحب الأتراك؟ ومن هو الطرف الدولي أو العربي أو الأطراف التي تساومهم على ذلك؟

أما بقية الموجودين والفاعلين فمفتاح الحديث معهم الإصلاح السياسي بحسب القرار الدولي، وأعني بذلك الأكراد والمعارضة. وبالطبع، هؤلاء ليسوا فاعلين مستقلين، بل وراءهم الأميركيون والأتراك. وهذا إن لم ندخل في الحديث عن إدلب و«هيئة تحرير الشام» وأخواتها!

ولنلتفت إلى وجهات النظر العربية، ونحن نتحدث عن «وجهات نظر» باعتبار أنّ أحداً من العرب ليس موجوداً على الأرض. فحتى عراق الكاظمي غير موجود على الأرض السورية، بل الموجود ميليشيات من مختلف الجنسيات، منها العراقي واللبناني والأفغاني والباكستاني، وهؤلاء جميعاً لا تمتلك الحكومة العراقية نفوذاً بينهم، بل هم خالصو التبعية لإيران التي أنشأتهم ودربتهم وأرسلتهم!

العرب الذين ما يزالون يسلّمون بنظام الأسد للافتقار للبدائل، يريدون لسوريا وحدة الأرض، والعودة للاستقرار وإعادة الإعمار. فهل يستطيع النظام القائم رسمياً الإسهام بشيء من ذلك؟ بالطبع لا. فهو لو أراد ورغب في التوحيد والاستقرار ولو تحت سيطرته، فلا يمتلك القدرات وربما لا يمتلك الإرادة. حتى الجيش الباقي صارت بعض فِرقه تابعة للإيرانيين أو للروس. فهل يمكن للعرب مساعدته على استعادة قواه لتحقيق الأهداف السالفة الذكر ولو في المستقبل؟ وهل للنظام مصلحة في ذلك، وهذا بعد التسليم بالإمكانات وجوداً واستعمالاً؟ الأعباء والمسؤوليات ثقيلة وثقيلة جداً. هناك 12 مليون مهجَّر بالداخل والخارج. وهناك مليون بين قتيل ومعتقل. وهناك خراب حجمه 40 في المائة من مساحة البلاد. وهكذا، ما هي ميزة أو ميزات النظام القائم إذن؟

إنّ الواقع أنّ النظام الحالي الذي كان البادئ بإدخال الإيرانيين وميليشياتهم والروس وطيرانهم لإنقاذ نفسه ليس مغلول اليد والسلطة فقط، بل مغلول الإرادة والواقع أيضاً.

فهل يعني ذلك أنه لا أمل في إنقاذ سوريا، ولا دور للعرب في ذلك؟

الحق أنّ الدور العربي هو المفقود، وهو الضروري الوجود، أو هو الشرط لكل ما عداه. لكنّ شرط الوجود، وربما بعد فوات الأوان؛ التوافق الدولي أو الروسي – الأميركي. وهذا كله ليس مستحيلاً بالإصرار العربي كما حصل في السودان من قبل ويحصل في ليبيا الآن.

لا يستطيع أحدٌ تقدير الفائدة من وراء سلام سوريا واستقرارها مثل العراقيين واللبنانيين والأردنيين، ومن ورائهم سائر العرب، حتى الفلسطينيون! إنما لا بد من تصميم من العرب الكبار على إحقاق هذه الأهداف ودفع الدوليين بمجلس الأمن وخارجه باتجاهها.

لقد أهلكت سياسات المحاور وتدخلاتها المشرق العربي. وحضور العرب الكبار مع الدوليين أو من ورائهم ينبغي أن يشكّل مخرجاً من هذه المأساة التي تنخر في عظامنا كما نخرت فلسطين وما تزال.

————————

تجارة تدر المليارات”.. كيف تحولت سورية إلى “دولة مخدرات”؟

في صيف عام 2015 اتصل قائد أمني ذو سلطة في سورية برجل أعمال في محافظة اللاذقية “طالباً معروفاً”. أراد منه الحصول على كميات كبيرة من عقار طبي يسمى “الفينيثيلين” من الخارج، وقال إن النظام سيشتري “القرعة” بسهولة.

بعد البحث على شبكة الإنترنت اتخذ التاجر قراراً. غادر منزله في نفس الأسبوع، وفي البداية أرسل زوجته وأطفاله إلى المنفى، ثم تابع بعد ذلك، بحثاً عما يمكنه من أعماله لبداية جديدة.

ويقول التاجر المقيم في منزله بمدينة باريس الفرنسية: “أعرف ما كانوا يطلبون مني أن أفعله”.

وأضاف لصحيفة “الغارديان” البريطانية: “لقد أرادوا المكون الرئيسي للكبتاغون. وهذا الدواء عمل قذر”.

وأصبحت صناعة “الكبتاغون” في سورية واحدة من “قصص نجاح الأعمال التجارية الحديثة الوحيدة في البلاد”. صناعة نامية كبيرة ومتطورة، لدرجة أنها بدأت تنافس الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد كاملاً.

وفي أواخر نيسان/ أبريل الماضي عثر المسؤولون السعوديون على شحنة من “الكبتاغون” مخبأة في الرمان وتم تصديرها من بيروت.

وتبلورت الحقيقة بعد ضبط تلك الشحنة، حسب الصحيفة البريطانية بأن “كلا البلدين يتحولان بسرعة إلى دول مخدرات”.

“شحنات لا تعد”

قبل مصادرة ملايين حبوب “الكبتاغون” في نيسان/ أبريل الماضي الأمر الذي أدى إلى فرض حظر في السعودية على جميع الواردات الزراعية من لبنان تم اعتراض ما لا يقل عن 15 شحنة أخرى في الشرق الأوسط وأوروبا، وذلك خلال العامين الماضيين.

وقال ستة من مسؤولي الشرطة والاستخبارات في الشرق الأوسط وأوروبا لصحيفة “الغارديان” إن جميع الشحنات كانت قادمة من سورية أو عبر الحدود في لبنان، حيث تشكلت شبكة من “المنبوذين” – عائلات الجريمة وزعماء الميليشيات والشخصيات السياسية.

وقال مسؤول كبير في بيروت: “إنهم أناس خطيرون للغاية. لا يخافون من أحد.يختبئون على مرأى من الجميع”.

“الكبتاغون” هو أحد الأسماء التجارية العديدة لمركب دواء “فينيثيلين هيدروكلوريد”، وهو منبه مع خصائص إدمانية، يتم استخدامه للترفيه في جميع أنحاء الشرق الأوسط ويطلق عليه أحياناً “كوكايين الرجل الفقير”.

كما يتم استخدامه من قبل الجماعات المسلحة والقوات النظامية في حالات القتال، حيث يُنظر إليه على أنه يمتلك خصائص تعزز الشجاعة وتقلل من المخاوف.

ولجميع النوايا والأغراض فإن الحدود بين سورية ولبنان منطقة ينعدم فيها القانون، حيث يعمل المهربون بتواطؤ المسؤولين من كلا الجانبين.

وتشير “الغارديان” البريطانية إلى أن المهربين ينقلون السلائف والمنتجات النهائية من الحشيش و”الكبتاغون” على طول طريق يمتد في وادي البقاع اللبناني، ومدينة القصير الحدودية السورية والطرق شمالاً عبر معقل العلويين لنظام الأسد، باتجاه موانئ اللاذقية وطرطوس.

أبناء عمومة الأسد

وتعرضت اللاذقية على وجه الخصوص لرقابة مكثفة من قبل الشرطة ووكالات المخابرات الأوروبية والأمريكية.

سامر الأسد، ابن عم رئيس النظام السوري، بشار الأسد يعتبر شخصية مؤثرة في ميناء اللاذقية، وفقاً للتاجر المنفي وثلاثة رجال أعمال آخرين في اللاذقية.

وأضاف رجال الأعمال للصحيفة البريطانية: “يجب على أي شخص يريد العمل أن يدفع جزءاً كبيراً من العائدات مقابل الوصول إلى الشبكات والحماية من قبل الأسد”.

واعتبرت الصحيفة ضمن تقريرها المطول أن عمليات التهريب المرتبطة بأبناء عمومة الأسد باتت تنافس عصابة “سينالوا المكسيكية”، من حيث الحجم والكفاءة.

و”سينالوا” هي منظمة دولية لتهريب المخدرات، وغسل الأموال، والجريمة المنظمة، تم تأسيسها في أواخر الثمانينات.

ومنذ أواخر عام 2019 استعرضت “الغارديان” عدداً من شحنات “الكبتاغون” التي تم ضبطها، أبرزها في اليونان، واثنتين في دبي، وأربعة أطنان في مدينة بورسعيد المصرية، ملفوفة في عبوة شركة “ميلك مان”، والتي كانت في ذلك الوقت مملوكة لرامي مخلوف ابن خال الأسد.

“دولة مخدرات”

وكان مركز الأبحاث والتحليل العملياتي، الذي يركز على سورية قد أصدر مؤخراً تقريراً يسلط الضوء على دور الكبتاغون والحشيش في البلاد، حيث أصيب الاقتصاد بالشلل بسبب عقد من الحرب والعقوبات الغربية والفساد المستحكم.

ويقول التقرير: “سورية دولة مخدرات بها عقارين رئيسيين يثيران القلق: الحشيش والمنبه من نوع الأمفيتامين الكابتاغون”.

وأضاف أن “سورية هي المركز العالمي لإنتاج الكبتاغون، وهو الآن أكثر تصنيعاً وتكيفاً وتطوراً تقنياً من أي وقت مضى”.

في عام 2020 وصلت صادرات “الكبتاغون” من سورية إلى قيمة سوقية لا تقل عن 3.46 مليار دولار [2.5 مليار جنيه إسترليني].

وعلى الرغم من الأرقام التخمينية فإن سقف السوق أعلى بكثير.

وتوضح “الغارديان” البريطانية: “على الرغم من أن تهريب “الكبتاغون” كان من بين مصادر التمويل التي تستخدمها الجماعات المسلحة المناهضة للدولة، إلا أن توطيد السيطرة على الأراضي قد مكّن نظام الأسد وحلفائه الإقليميين الرئيسيين من ترسيخ دورهم كمستفيدين رئيسيين من تجارة المخدرات السورية”.

——————————

الانتخابات: هل هي النهاية السعيدة؟/ فوّاز حدّاد

الثورة انهزمت، لكنها لم تنتهِ، ما زالت، ليس نوعاً من المكابرة، طالما هناك احتلال على الأرض وجيوش أجنبية تقاسمت البلاد وميليشيات مذهبية وتغلغل طائفي ومتغيرات ديموغرافية وتهجير وتوطين… أي كل ما يعمل عليه وينكره النظام وأعوانه والموالون له.

الثورة باقية، إنها احتجاج على الظلم، مع أنها ثورة تنخر فيها الفرقة، تديرها معارضة ضعيفة تنحو إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه بالإجهاز على ما فضل منها، بدلاً من أن تعمل على إحيائها، أو موتها بشرف.

المتابع لما آل إليه المشهد السوري على مدار سنوات، سيستغرب تقلباتها، سواء في عفوية نشوبها وانطلاقتها وتراجعاتها؛ أو تمددها بفعل رصاص قناصة النظام وصواريخه ودباباته وقصف طائراته. في الواقع، اندلعت بفعل تراكم المظالم والقهر والافتقاد للحريات وعدم الأمان، واستمرت بشجاعة لتوافر الإرادة بالتغيير، لم تحمل إيديولوجية، كانت تلقائية، لم تتبنَ استراتيجية أو منهجاً يمكن الاسترشاد بهما، هذا أحد أسباب هزيمتها، رغم كل التفوق الأخلاقي، والتضحيات التي بُذِلت، والدماء التي سُفِكت. عوامل الهزيمة أكثر من أن تحصى، عدا أنه مختلَف حولها.

مع الانتخابات الرئاسية، لا يبدأ فصل جديد، ولا يعني أن الوقت قد فات، فالظروف لم تتغير، ولا مجال لأي تغيير ديمقراطي هادئ أو عنيف، فلا استعادة للثورة حالياً، ولا عدالة تلوح في الأفق، مهما كان تسميتها؛ انتقالية أو ما شابه. بعد سنوات الدمار، ما زالت البلاد مهددة بالفوضى والسلاح والقتل العشوائي والإرهاب وانتشار الرعب الطائفي وجرائم الأجهزة الأمنية، ولا يُستبعد عودة التفجيرات المريبة، في حال تطلبت السياسة ذلك، عباقرة النظام الأمني مستعدون لتوفير ظروفها والمتّهمين بها. علمتنا المحنة أن استمرار القتل وانتشار الفوضى واستفحال الكارثة، لا يحتاج إلى الكثير من الاستعداد، إنها جاهزة تحت الطلب.

ستجري الانتخابات تحت إشراف المؤسسة الأمنية، كانت من صناعتها سابقاً، وهي الأدرى بها، والأقدر على صياغة النسبة المثالية لهذه الظروف، طالما المرشحون لا يرضون بأكثر من أن تظهر صورهم يُسبّحون بحمد الرئيس؛ فلا تطمع معارضة في الداخل أن تمتلك ولو قدراً ضئيلاً من الحرية في العمل، ما دام جواز مرورها الاستخبارات؛ إلا إذا كانت على مقاس النظام، مثلما الدستور لن يكون إلا على مقاسه، ولو كان خارج منطق العصر، ما دام تهجير الملايين من بيوتهم وأراضيهم كان مضاداً للإنسانية؛ كذلك الإطاحة بجوهر النظام الجمهوري، بتوريث الحكم.

ليس في هذا جديد ما، فالرئيس الخالد عمل على تصميمه هكذا، تنتقل السلطة بالتسلسل من الأب إلى الابن فالحفيد، كلّ ينتظر دوره. لم يختر الأب خليفة له أحد رفاق الدرب في العمل السري والنضالات الانقلابية؛ اختار أبناءه لتأسيس سلالة حاكمة في سورية تحمل اسم العائلة، هكذا أراد دخول التاريخ بالقوة والتوريث، فلا يعتقدن أحد أن الشعب ينتخب، الرئيس الخالد انتُخب وإلى الأبد.

ولا أحد يجهل، هذا إذا كان غير أعمى، أن الوريث لن يصل إلى سدة الرئاسة إلا بتوافق القوات المسلحة والهيئات الأمنية، الانتخابات الفعلية تدور داخل الجيش وكواليس جهاز الاستخبارات، ضمانتهم مطلوبة، مع أن الإطاحة بهم واردة بجرة قلم. هذا من قبل، وما زال سارياً، أضيف إليه الآن موافقة الروس والأمريكان والإسرائيليين والإيرانيين… إنه الواقع، يضيف عناصر استجدّت، يتطلّبها الاحتلال، لكنه ليس قدراً.

لو كان للشعب صوت، لما كان هذا العهد، ولا الذي قبله، ولما كان توريث ووراثة. الثورة لن تنتهي، أسبابها موجودة، ما زالت تعتمل في النفوس، طالما هناك وضع غير إنساني، لا يليق بالبشر والحرية والعدالة، ولا يمكن الاستمرار في العيش على نحو تأباه الكرامة والضمير. الحياة نفسها ضده.

قبل الانتخابات، أخذ النظام يسترضي الشعب المنهك، بتنزيل الدولار وتعديل سعره، وبتوفير القليل من الكهرباء والوقود بالحدود الدنيا، وإصدار عفو لم يشمل المعتقلين السياسيين الأجدر بالإفراج عنهم، كل هذا مقابل خروج الناس من بيوتهم ليمارسوا حقهم في الانتخاب، مع أنه غير مهم على الإطلاق، فالصناديق التي ستعلن النتائج جاهزة، لا مفاجأة، النسبة متفق عليها. كل ما هو مطلوب من الشعب، ظهور طوابير الناس يدخلون ويخرجون إلى مراكز الاقتراع، لالتقاط الصور التذكارية، قد تخفف من مناظر طوابير الخبز والبنزين والغاز. يعتني النظام بالمظاهر، ولا يتورّع عن الكذب بكل وقاحة.

بعد تنصيب الرئيس المُنصّب أصلاً، يظن النظام أنه سيعود أقوى مما كان، ويحاسب كل من لم يقف معه في لحظات مصيريّة. لا يدري أحد ما الذي سيفعله، مع أنه أنجز حسب قوله تطهير الشعب، وأصبح أكثر ثقة بقدراته، بعدما سجل ضحايا بالملايين؛ شهداء ومعتقلين ومغيبين قسرياً ومختطفين ونازحين ومهجَّرين. بالنسبة إليه، كانت نهاية سعيدة، هل هناك نهاية سعيدة أخرى؟

نحن في عصر لا يقف فيه العالم إلى جانب الشعوب، باتت الثورات مكلفة، ولئلا تتحول ثورة السوريين إلى تجربة عابرة، تُهمل وتُنسى، ريثما تنطوي في الماضي. علينا أن لا نستهين بها. إنها ثورة عظيمة، لم تخفق في هذه المرحلة، إلا لأننا لم ندرك أن الثورة تكون ديمقراطية أو لا تكون، الديمقراطية تتسع للجميع، لا تلغي أحداً.

هذا ليس تأبيناً للثورة، هذا لندرك أنها مازالت، طالما النظام ما زال.

———————

=========================

تحديث 08 أيار 2021

—————————

ليس لدى الأسد إنتخابات أُخرى/ بسام مقداد

تضيف إنتخابات الأسد الرئاسية عنصراً آخر من عناصر التأزم المتفاقم بين الغرب وروسيا، التي تدافع بكل الوسائل عن ما تعتبره شرعية هذه الإنتخابات. وهي ترى أن الغرب يخلق “جواً سلبيا”ً حولها بإعلانها غير شرعية، وتعتبر ذلك ضغطاً خارجيا على سوريا وتدخلاً في شؤونها الداخلية، مما يشكل”انتهاكاً فظاً” لقواعد القانون الدولي. وتتمترس روسيا خلف ما تسميه شرعية نظام الأسد، وتبرر بها اجتياحها العام 2015 إنتفاضة السوريين ضد هذا النظام . ولا يلتفت الكرملين إلى أن ورقة التين هذه لا يلتفت إليها حتى المعلقون السياسيون الروس، الذين يعلنون أن إنقاذ الأسد من السقوط ليس هدف الكرملين من عمليته السورية، بل العودة إلى الشرق الأوسط واستعادة لقب “الدولة العظمى” .

ماريانا بالنكايا المتابعة لشؤون الشرق الأوسط في إحدى كبريات الصحف السياسية الروسية “Kommersant”، وفي تواصل معها من “المدن”، لم ترفض القول بأن الإنتخابات الرئاسية السورية هي عنصر توتر إضافي بين روسيا والغرب. لكنها رأت أن روسيا لم يكن لديها خيار آخر غير القول بشرعية الإنتخابات السورية، لأنها تجري على أساس دستور سوريا الحالي الذي لا ينبغي انتهاكه. وهذا يعني أن الإنتخابات يجب أن تتم، وهو ما لا يتعارض مع قرارات مجلس الأمن الدولي والمفاوضات في جنيف، برأيها. وإذا ما تم التوافق على دستور آخر، فسوف تجري حينها إنتخابات جديدة، لكن الدستور القديم لا ينبغي أن ينتهك في هذه الأثناء. وترى أن الغرب “لايعجبه شئ ” في سلوك روسيا، ولن تُقدّم أو تؤخر في ذلك “حجة بالزايد أو حجة بالناقص” .

وكالة نوفوستي تعتبر الإنتخابات “منعطفاً جديداً في سوريا”، وتنقل عن خبير المجلس الروسي للعلاقات الدولية لشؤون الشرق الأوسط رسلان ماميدوف قوله بأنه لا يشكك في إعادة إنتخاب الأسد، ويؤكد أنه على الرغم من أن الغرب لا يعترف بذلك، إلا أنه سيتعين على المشاركين الأجانب في التسوية السورية التعاطي معه بالذات. وليس بوسع غير الأسد حتى الآن التقدم في تحسين الوضع، وسوف تجد بروكسل نفسها مضطرة لأخذ ذلك بالإعتبار. ويرى أنه في حال إعادة إنتخاب الأسد سوف تبدأ دول جوار سوريا الحوار مع دمشق. ويعتبر أن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية هو “حل وسط ليس سيئاً” يسهل للسعودية وقطر إيجاد نقاط تفاعل مع دمشق “كحد أدنى”. وهذا من شأنه، برأيه، العمل على إستقرار العمليات السياسية الداخلية، وليس في سوريا فحسب، بل وفي الشرق الأوسط ككل .

بعد كل هذه السيناريوهات المتفائلة، التي يربطها هذا الخبير بفوز الأسد “غير المشكوك فيه”، تنقل نوفوستي أيضاً عن الخبير الروسي في معهد الشرق الأوسط في واشنطن أنطون مارداسوف تشكيكه في تنافسية الإنتخابات الرئاسية السورية، ويستشهد على ذلك بالإنتخابات البرلمانية السورية السنة الماضية. لكنه يرى أن الإنتخابات ضرورية للحفاظ على الوضع القانوني لمؤسسات الدولة، وإلا تصبح شرعية الأسد نفسه “موضع تساؤل”. ويشير مارداسوف إلى عدم إعتراف الولايات المتحدة وأوروبا بنتائج الإنتخابات، إلا أنه لا يرى أن هذا سيحول دون إحراز تقدم إذا ما شكلت السلطة والمعارضة حكومة إنتقالية تسعى اللجنة الدستورية لإيجاد بديل ما عنها. ويرى الخبير أن المشكلة الأساسية في سوريا تكمن في كون المعارضة الحقيقية ليست في ظروف متعادلة مع السلطة، مما يطيل أمد عملية المفاوضات ويعرقل الإستقرار العام.

المدير العلمي لمعهد الإستشراق فيتالي ناومكين نقل عنه موقع “actualcomment” والعديد سواه من المواقع قوله بأنه “ليست مصيبة ألا يعترف الغرب بالإنتخابات”، فهي ستتم في كل الأحوال، ومن الواضح أن الأسد سينتصر فيها. وفي الغرب “ثمة عقلاء أيضاً” يدركون أن فكرة تأجيل الإنتخابات سخيفة ، إذ في هذه الحال ستحل الفوضى وتتلاشى السلطة.  

وينقل الموقع عينه عن البروفسور في مدرسة الإقتصاد العليا ألكسندر دومرين قوله بأنه لا بد من الأخذ بالإعتبار أن ليس لدى لمعارضة من زعيم، كما في فنزويلا، كان يمكن للتحالف الغربي أن يدعمه. والبلدان الغربية، إذ تدرك أن الوضع في فنزويلا لا يمكن أن يتكرر في سوريا ( حين أعلن رئيس البرلمان الفنزويلي وزعيم المعارضة خوان غوايدا نفسه رئيساً مؤقتاً لفنزويلا مكان الرئيس نيكولاس مادورو، ولم يتمكن من الوصول إلى كرسي الرئاسة)، تحاول ألا تجعل الإنتخابات تتم.

اللافت أن الموقع الذي عرض آراء الخبيرين المذكورين ، ذيّل نصه بملاحظة تحت عنوان “مهم” قال فيها أن الإنتخابات سيكون لها تأثير مهم على تسوية الصراع في سوريا. لكنه أضاف، بأنها يمكن أن تستخدم أيضاً لزعزعة الوضع داخل البلد، مما يمكن أن يفضي إلى تأزم الوضع السياسي العسكري، من دون أن يشير إلى تلك القوى التي قد تقدم على ذلك.

موقع قناة التلفزة الأوكرانية “24” نشر نصاً بعنوان “بيزنس بوتين السياسي:بما ستنتهي عليه الإنتخابات في سوريا”. لم يكن من الصعب توقع آراء القناة الأوكرانية ، التي تختلف جذرياً عن آراء الخبراء الروس المذكورة، وتحاكي آراء غالبية السوريين بالإنتخابات وبالأسد و”توأمه السياسي” بوتين، اللذين لا يجيدان إنتخابات أخرى تمت إلى الديموقراطية بصلة، ولو من بعيد . 

يقول الموقع أن الإنتخابات في سوريا سوف تجري بإشراف ومساعدة كل من روسيا وإيران وكوريا الشمالية. وعلى الرغم من أن نتائجها معروفة مسبقاً، إلا أنه يبقى من المهم متابعتها كعملية مثيرة للفضول. فهي تكشف الكثير من طبيعة الإستبداد، وليس السوري فحسب، بل والروسي أيضاً كثير الشبه بالسوري . هذه الإنتخابات، التي تحمل قائمة مرشحيها أكثر من إسم واحد، هي الثانية خلال 50 عاماً من حكم آل الأسد بعد إنتخابات العام 2014 .

إنتفاضة السوريين ضد الأسد، هي التي فرضت عليه التخلي عن إنتخابات قائمة الإسم الواحد، وأراد بذلك إظهار”ديموقراطيته” واستعداده لتقبل إنتخابات تنافسية. المرشحان اللذان “نافساه” العام 2014 أنفقا وقت الأثير الإنتخابي المخصص لهما في تعداد مزايا “منافسهما” وامتداح “فضائله التي لا تحصى”. وبالتالي لا يمكن وصف تلك الإنتخابات بالتنافسية ، وهي التي تم فيها سلفاً تحديد نسبة المقترعين للمرشحين “المنافسين” معاً ب 7% والنسبة التي ينبغي أن ينالها الأسد بحدود 90% تقريباً .

الأسد وأمثاله يحتاجون تقليد الديموقراطية لغاية وحيدة: منح سلطتهم ولو شرعية صورية. إذ في إنتخابات نزيهة، في بلد ديموقراطي ووسائل إعلام حرة، ومن دون دعم البيزنس الكبير المرتبط كلياً بكبار المسؤولين، “لم يكن بشار الأسد لينتخب يوماً مسؤول بناية واحدة “، حسب الموقع .

وعن الشبه بين الأسد وبوتين، يقول النص بأنهما “توأم سياسي” يتشابهان في بهتان الشخصية وفقدان الكاريزما، وتم الإمساك بيدهما وأُجلسا على قمة هرم السلطة، وذلك ليس لكفاءة، بل  فقط لغياب من هو أفضل. ويقول بأن الأسد وصل الى كرسي السلطة إثر حادث سيارة أزاح “الرئيس القادم” باسل ، أما في حال بوتين، فقد لعب الخرف والفودكا، اللذان أفسدا سنوات سلطة بوريس يلتسين الأخيرة ، دور حادث السيارة ، ووجد من دس للرئيس يلتسين “لقيط سانت بطربورغ” وأقنعه بأنه لن يجد أفضل منه .

وعن الفرق بين الروس والسوريين، يقول النص بأن الروس ليسوا سوريين بالتأكيد، ولن يقدموا على إنتفاضة ضد بوتين. فقد طوعوهم بالبروباغندا، وغرسوا في رؤوسهم فكرة الطاعة كأسمى فضيلة .

ويرى النص أن أحد الفروقات القليلة بين “التوأم السياسي” ، هو أن بوتين يريد أن يُخضع ليس الشعب الروسي فقط، بل وشعوب البلدان الأخرى، التي كانت يوماً “محتلة” من قبل روسيا ولا يزال الكرملين يعتبرها كذلك .

المدن

—————————

تمديد الطوارئ الأميركية حيال سورية: رسائل للنظام وللإقليم/ عماد كركص

لا يبدو قرار الرئيس الأميركي جو بايدن، أول من أمس الخميس، القاضي بتمديد حالة الطوارئ الوطنية (الأميركية) المتعلقة بسورية، إجراءً روتينياً، كونه جاء عبر بيان شديد اللهجة تجاه النظام السوري وحمل تحذيرات وتهديدات مباشرة، وذلك تزامناً مع اتهام أميركي في مجلس الأمن للنظام بالوقوف وراء ما لا يقل عن 50 هجوماً كيميائياً في البلاد. ولا يُستبعد أن يكون لهذا القرار تبعات في المرحلة المقبلة حيال كفية تعاطي الولايات المتحدة مع القضية السورية.

ويأتي “تكشير الأنياب” من قبل واشنطن في وجه النظام، بعدما ضرب الأخير بعرض الحائط التحذيرات الدولية من إجراء انتخابات رئاسية للتجديد لبشار الأسد لولاية رئاسية جديدة، في حين تذهب إدارة بايدن للتلويح بورقة جرائم النظام باستخدام السلاح الكيميائي، في خطوة قد تكون لدفعه نحو تفاوض حقيقي على حل سياسي وفق القرارات الأممية، فيما لا يبتعد هذا التحرك عن توجيه رسالة لدول إقليمية تبدو راغبة في إعادة تطبيع العلاقات مع النظام.

وجدد بايدن حالة الطوارئ الوطنية الخاصة بسورية سنة إضافية. وذكر بيان صادر عن البيت الأبيض أمس الأول الخميس أن تصرفات النظام السوري وسياساته، فيما يتعلق بدعم المنظمات الإرهابية والأسلحة الكيميائية، تشكّل تهديداً للأمن القومي والسياسة الخارجية واقتصاد الولايات المتحدة. وقال البيان إن “وحشية النظام وقمعه للشعب السوري الذي دعا إلى الحرية، لا تعرّض الشعب نفسه للخطر فحسب، بل تولد أيضاً حالة من عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة”. وشجب البيان “العنف الوحشي وانتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام الأسد ومساعدوه الروس والإيرانيون”، داعياً النظام وداعميه إلى “وقف حربه العنيفة ضد شعبه، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وتمكين وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع السوريين المحتاجين، والتفاوض على تسوية سياسية في سورية وفق قرار مجلس الأمن 2254”. كما أوضح أن مواصلة حالة الطوارئ تجاه سورية ترتبط بالتغييرات في سياسات وإجراءات النظام.

وبموجب قانون الطوارئ الوطنية الذي أقرّه الكونغرس الأميركي عام 1976، يحق للرئيس الأميركي التعامل مع الأزمات الطارئة بشكل حاسم، وتجنّب أي قيود على قراراته المتعلقة بالتعامل مع الأزمات، بشرط تأكيد وجود “تهديدات غير طبيعية وخطيرة على الأمن القومي والمصالح الأميركية”. بالنسبة لسورية، فإن تمديد حالة الطوارئ الخاصة بها قد يعني استمرار العمل بـ”قانون قيصر” من خلال فرض حزم عقوبات جديدة، بعد توقف صدورها قبيل تسلم بايدن للسلطة.

كذلك فإن التهديدات التي أشار إليها بايدن في بيان البيت الأبيض تستلزم إبقاء القوات الأميركية في سورية، وشرقها تحديداً، وربما تشهد الجغرافيا السورية توسعاً لانتشار القوات الأميركية في البلاد، لا سيما مع ملاحظة استعدادات أميركية مع حلفائها في سورية، يفهم منها التحضير لإبعاد المليشيات الإيرانية عن مواقع شرقي البلاد. ويتضمن التجديد رسالة من إدارة بايدن إلى الدول الإقليمية، ولا سيما العربية منها، الراغبة في إعادة تطبيع العلاقات مع النظام، بالتوقف عن هذا المسعى الذي تدعمه روسيا. لكن الأبرز من بين رسائل التمديد وما رافقها في البيان هو توقيت صدوره قبيل الانتخابات الرئاسية التي يعتزم النظام السوري إجراءها في 26 مايو/ أيار الحالي على الرغم من تكرار المجتمع الدولي والغرب مواقف حازمة بعدم الاعتراف بشرعيتها ولا نتائجها مسبقاً.

ويُتوقع أن تتخذ إدارة بايدن إجراءات أكثر صرامة حيال النظام على خلفية مضيه بإجراء الانتخابات، وربما ستبقى واشنطن تدرس خيارتها إلى حين الإعلان عن “فوز” الأسد، وبيدها العديد من الأوراق التي قد تستخدمها في هذا الشأن، وقد لوّحت أول أمس بإحداها في مجلس الأمن. وأشار نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ريتشارد ميلز، في إحاطة له في المجلس حول ملف الانتهاكات الكيميائية في سورية، إلى أن بلاده تقدر فظائع النظام السوري، ومن بينها وقوفه وراء ما لا يقل عن 50 هجوماً كيميائياً في البلاد، مشيراً إلى أن النظام لا يزال يحتفظ بمواد كيميائية كافية لاستخدام غاز السارين، ولإنتاج ونشر الكلور، وتطوير أسلحة كيميائية جديدة.

وفي الجلسة نفسها، أبلغت مفوضة نزع السلاح التابعة للأمم المتحدة إيزومي ناكاميتسو، المجلس، عن اكتشاف عنصر كيميائي غير معلن عنه في موقع سوري، بعد اكتشاف مادة في موقع، كان النظام أخبر مفتشي وكالة حظر الأسلحة الكيميائية أنه غير مخصص لإنتاج أسلحة كيميائية، لكن تحقيقات الوكالة أثبتت العكس، بحسب ناكاميتسو. ومع الإدانات السابقة للنظام فيما يتعلق باستخدام الكيميائي، ستكون في يد بايدن ورقة للضغط على النظام، فيما التعامل الحاسم مع الأسد، في حال استمر بالتعنّت، لا يبدو أمراً قد تلجأ له واشنطن بشكل فجائي في الوقت الحالي، لكنه قد يكون خياراً في حال ربطه مع ملفات أخرى إقليمية تدور المصالح الأميركية في فلكها.

العربي الجديد

—————————–

سوريا الأسد والكبتاغون والأقليات/ مهند الحاج علي

ليست الموجة المرتقبة من التطبيع العربي مع النظام السوري بالحدث الهين، حتى وإن كانت اليوم في طور المحادثات السرية أو “المراجعة”، كما وصفها دبلوماسي سوري أخيراً. وبالتأكيد لهذا التطبيع انعكاسات في لبنان، ويحق للبنانيين وسوريين وفلسطينيين أن يقلقوا من إعادة تعويم هذا النظام عربياً، وأدواره وأهدافه المحتملة في الإقليم. لكن وقبل الخوض في المخاوف وصحتها ومداها، علينا النظر في المعاني السياسية لهذا التطبيع العربي في حال حدوثه، والعودة المحتملة للنظام الى جامعة الدول العربية.

أولاً، التطبيع مع النظام يتزامن مع الانتخابات الرئاسية غير المعترف بها دولياً، كونها تتجاوز العملية السياسية وتُكرّس الأمر الواقع. عملياً، التطبيع العربي هو موافقة على تدمير العملية السياسية وتجاوزها، وتثبيت النظام السوري كممثل شرعي أوحد على الأراضي السورية.

ثانياً، التطبيع هو قبول أيضاً بالوقائع الديموغرافية المفروضة على الأرض.  9ملايين سوري اليوم يُقيمون تحت سيطرة النظام السوري، وفقاً لمركز “جسور” للدراسات. تقريباً، ضعفا هذا العدد خارج سيطرة النظام، والأرجح أن لا يعود عدد وازن من هؤلاء السوريين الى مناطقهم، والسبب بات واضحاً. ذاك أن سوريا “المفيدة” فيها غالبية من الأقليات غير السُنيّة، وتحوّل فيها السُنّة من غالبية ساحقة إلى أقلية كبيرة. والطائفة العلوية باتت أقلية وازنة ولها وجود كبير في العاصمة السورية.

وهذا الواقع هو نتاج جريمة تطهير عرقي من خلال التهجير والقتل والتدمير والتعذيب والتنكيل على مستويات لم يرها المشرق على هذا المستوى سوى في الأراضي الفلسطينية في حربي 1948 و1967.

التطبيع مع النظام السوري، بمعزل عن المسار السياسي ومتطلبات العملية الانتقالية، هو قبول بهذه الجريمة وبنتائجها الديموغرافية، بما يُشجع على تكرارها في المنطقة بأسرها، ويُخفف من وقع الضغوط من أجل عودة اللاجئين والتنازل سياسياً ودستورياً.

آثار التقارير عن هذا التطبيع، ولو لم تكتمل صورته بعد، بدت في رؤية الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله اليوم بأن “مسار التعافي” بدأ في سوريا، رغم أن “الاستحقاق الأخطر” فيها اقتصادي، ولا يقتصر عليها، “وهي مصممة على الصمود والمواجهة”.

لكن المسار “الاقتصادي” هو لُب الموضوع أيضاً. بيد أن الصحيفة ذاتها (الغارديان البريطانية) التي كشفت عن الاجتماع بين رئيسي المخابرات السورية والسعودية، كتبت أيضاً عن تحول سوريا الى مقر لصناعة مخدر الكبتاغون في المنطقة. وهذا مسار متلازم مع لبنان الذي بات أيضاً في حالة اقتصادية يُرثى لها، تنعكس على قدرة الدولة على إدارة أي شيء في البلاد ومنها ضبط الحدود ومكافحة الجريمة. عملياً، التطبيع مع هذا النظام، هو قبول بدوره الاقتصادي الجديد، ذاك أن مسرح جريمة اسمه سوريا استحال مصنعاً للمخدرات على مستوى دولة. وهذه حالة مرشحة للاتساع، في ظل العقوبات الغربية الخانقة وتواصل الحرب والضربات الإسرائيلية. وسوريا اليوم قادرة، من خلال دورها الجديد، على تخريب جيل بأكمله في منطقة لا أفق مستقبلياً لها، بل تعدنا بمزيد من التضييق على الحريات واقتصادات غير منتجة وبطالة وفقر وعنف وصراعات متجددة.

صحيح أن الحرب السورية باتت شبه متوقفة وتقتصر على الأطراف، وأن النظام بات في طريقه للتعافي، كما قال نصر الله. إلا أن للتطبيع ثمناً باهظاً، أخلاقياً وسياسياً، لكن حصوله، وهو ربما مُرجح في ظل التحولات الإقليمية والمحادثات السرية في أكثر من مسار، لا بد أن يجعل المنطقة أقل أماناً.

المدن

—————————-

السعودية:الكلام عن محادثات مع دمشق “غير دقيق

قال مدير إدارة تخطيط السياسات بوزارة الخارجية السعودية  السفير رائد القرملي الجمعة، إن “التقارير الإعلامية الأخيرة التي تفيد بأن رئيس الاستخبارات السعودية أجرى محادثات في دمشق غير دقيقة”.

وأوضح قرملي في تصريحات لوكالة “رويترز”، أن “سياسة بلاده تجاه سوريا لا تزال قائمة على دعم الشعب السوري وحل سياسي تحت مظلة الأمم المتحدة ووفق قرارات مجلس الأمن ومن أجل وحدة سوريا”.

وكانت صحيفة “الغارديان” البريطانية قد قالت إن رئيس المخابرات السعودية اللواء خالد الحميدان زار سوريا واجتمع باللواء السوري علي مملوك، مهندس الدفع لسحق السنوات الأولى للثورة المناهضة للأسد والمحاور الرئيسي مع القوات الروسية، التي كان لها نصيب كبير في الصراع منذ أيلول/سبتمبر 2015.

وأضافت أن الاجتماع الذي عُقد في العاصمة السورية الاثنين 3 أيار/مايو، يُنظر إليه على أنه مقدمة لانفراج وشيك بين خصمين إقليميين كانا على خلاف طوال مدة الصراع.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الرياض أن تطبيع العلاقات يمكن أن يبدأ بعد فترة وجيزة من عيد الفطر. وقال مسؤول سعودي: “لقد تم التخطيط لذلك منذ فترة لكن لم يتحرك شيء.. لقد تغيرت الأحداث إقليمياً وكان ذلك بمثابة الافتتاح”.

———————–

النظام السوري يموّل انتخاباته من حوالات المغتربين..بحجة إعادة الإعمار/ مصطفى محمد

انتهز النظام السوري موسم العيد الذي يشهد زيادة في حركة الحوالات الخارجية إلى سوريا، لاقتطاع مبلغ مالي قدره 2650 ليرة سورية عن كل حوالة خارجية، تحت ما يسمى ضريبة “إعادة الإعمار”.

وذكرت مصادر متقاطعة أن شركات الحوالات في مناطق سيطرة النظام شرعت باقتطاع المبلغ الجديد، من كل حوالة دون النظر إلى قيمة الحوالة المُحوّلة للسوريين من أقربائهم وعائلاتهم خارج سوريا.

ويُنظر إلى هذا الإجراء على أنه محاولة جديدة من النظام لسد العجز المالي في خزينته، وتغطية أكلاف الانتخابات الرئاسية المرتقبة، حيث تُفيد تقديرات اقتصادية موالية أن معدل حوالات الأفراد السوريين في الخارج إلى الداخل السوري بالقطع الأجنبي يرتفع من 3-4 مليون دولار، إلى 10 ملايين دولار يومياً خلال شهر رمضان.

ويقول أستاذ إدارة الأعمال في جامعة ماردين التركية عبد الناصر الجاسم ل”المدن”، إن الضريبة الجديدة هي “إتاوة” جديدة يفرضها النظام على السوريين بمناطق سيطرته، لسلب ما يمكن سلبه من السوريين.

ويوضح أن فرض الضريبة جاء ارتجالياً من النظام، بحيث يحاول الأخير استغلال تدفق الحوالات الخارجية في المناسبات والأعياد للسوريين من ذويهم، لجباية الأموال، والواضح أن توقيت فرض الضريبة يؤكد أن النظام تحيّن الفرصة.

وبحسب الجاسم، فإن قيمة “الضريبة” التي لا تتجاوز الدولار الأميركي الواحد، تؤكد بشكل قاطع أن لا علاقة لها بمرحلة إعادة الإعمار التي تُقدر تكلفتها بنصف ترليون دولار أميركي، موضحاً أنه “من غير الوارد أن يكون للمبلغ الذي يقتطعه النظام تأثير في مرحلة إعادة الإعمار، وهذا يؤكد أن المبلغ يذهب لتغطية مصاريف مستعجلة”.

ويتفق مع الجاسم، الباحث والمحلل الاقتصادي رضوان الدبس من حيث التقليل من أهمية الضريبة (2650  ليرة سورية) في الحسابات المتعلقة بإعادة الإعمار.

وفي حديثه ل”المدن”، يؤكد أن الرسم المفروض بأحسن حالات سعر صرف الليرة السورية هو دولار واحد، ما يعطي مؤشراً على عدم استخدام هذا الرسم لإعادة الاعمار، لأنه لا يمكن أن يعتمد على هذه المبالغ في حسابات كهذه.

واستناداً إلى ذلك، يرجح الدبس أن يكون غرض النظام من فرض الضرائب على الحوالات، هو تمويل المصاريف الحكومية نتيجة العجز بالسيولة، يضيف أن “الخطوة غير مدروسة كعادة القرارات الصادرة عن النظام، لأن الجميع يعلم أن ما يحول إلى مناطق النظام عن طريق المكاتب المرخصة لا يتجاوز 20 في المئة من إجمالي عدد الحوالات، التي يصل غالبيتها عبر مكاتب صيرفة غير مرخصة”.

ووفق الدبس، فإن الضريبة الأخيرة قد تدفع بجزء من الأهالي إلى التحويل عن طريق المكاتب غير المرخصة بشكل أكبر، وهو ما يتعارض مع جملة إجراءات النظام الأخيرة الهادفة إلى تشجيع السوريين على تحويل الحوالات المالية إلى الداخل السوري من خلال الشركات المرخصة والمعتمدة.

وفي نيسان/أبريل، كان مصرف سوريا المركزي التابع للنظام، قد ضاعف سعر الصرف الرسمي وسعر الحوالات إلى الضعف، لتصبح 2512 ليرة سورية للدولار الواحد، بعد أن كان سعر الصرف الرسمي لها 1256 ليرة للدولار، وبموازاة ذلك سمح لبعض الشركات المعتمدة بتسليم الحوالات الواردة من خارج البلد للتجار والصناعيين بالدولار.

—————————

اقتصاد الأسد بات جحيماً..إدلب جنة الهاربين من دمشق!/ محمد كساح

فيما كانت إدلب تعد الملجأ الرئيسي لعشرات الشبان الفارين من الخدمة العسكرية في جيش النظام السوري، باتت المحافظة التي تعد المعقل الرئيسي لقوات المعارضة تستقبل مهاجرين من نوع آخر. مدنيون فارون من الأوضاع المعيشية المتردية داخل دمشق وصلوا الى المنطقة مؤخراً عبر طرق التهريب بحثاً عن عيشٍ أفضل.

تمكن أبو حسن من الوصول إلى إدلب بعد أن باع جميع ممتلكاته في ريف دمشق. وبينما شكل الواقع المعيشي والخدمي المتردي في العاصمة الدافع الرئيسي للكهل الخمسيني للمغادرة كان لمّ شمل العائلة التي شتّتها التهجير دافعاً إضافياً لإقدامه على هذه الخطوة المصيرية.

ويقول أبو حسن ل”المدن”، إن أفراد عائلته تهجروا خلال العام 2018 واستقروا في إدلب، لذلك “صفيت جميع ممتلكاتي وبحثت عن طريقي إليهم”، ويعتبر أن “على المرء البحث دائماً عن حياة أفضل”، ويتابع: “إدلب هادئة الآن وأعيش مع أسرتي بهناء”.

أما سعيد وهو دمشقي آخر، فقد باع منزله بحي المهاجرين وقطع رحلة معاناة طويلة وصولاً إلى الشمال السوري حيث يتجهز لدخول تركيا ب”أي شكل من الأشكال”. ويشير إلى أنه في حال لم يتمكن من دخول الأراضي التركية نتيجة التشديد الأمني على الحدود فلن يشعر بالندم “على الأقل يمكن للإنسان هنا أن يحصل على ربطة الخبز دون الوقوف طوال الليل في الطوابير الملعونة”.

مهجرون يلمون شملهم

يعزو عدد من مواطني دمشق القادمين إلى إدلب تفريطهم بالحياة في دمشق وممتلكاتهم وذكرياتهم، إلى سوء الوضع المعيشي الذي وصل الى مستوى لم يشهد السوريون من قبل، كما يتحدث معظمهم عن تطلعهم لبناء حياة جديدة سواء في شمالي سوريا أو في تركيا أو أوروبا.

من هذا المنطلق تُعد إدلب المرحلة الأولى من رحلة الهجرة للكثيرين، كما تعد تركيا المرحلة الثانية للبعض الذين يتطلعون لانتهاز أي فرصة للتوجه نحو أوروبا. يقول أحد القادمين الجدد ل”المدن”، إن الواقع في دمشق “مأساوي بكل ما تعنيه الكلمة”، ويتابع أنه يعرف كثيرين بات الخروج من دمشق نحو إدلب بالنسبة لهم أمراً محتوماً للهروب من الأزمة التي تتفاقم تدريجياً وقد تؤدي لحصول مجاعة جماعية.

في المجمل، تعد إدلب المكان الأنسب لعائلات وأقارب آلاف المهجرين الذين تمكنوا من الاستقرار فيها بعد مضي سنوات على التهجير، كما أن التواصل بين أفراد العائلة الواحدة المنشطرة بين مناطق النظام والمعارضة والتي يتم من خلالها التطرق عادة إلى المقارنة بين المنطقتين معيشياً، دفعت البعض نحو إنهاء جميع أعماله في دمشق والتوجه إلى الشمال السوري.

ويشرح أبو حكيم، وهو وافد جديد إلى إدلب، بأن المنطقة ونتيجة انفتاحها التجاري مع تركيا لا تعيش أزمات على المستوى المعيشي بجانب توفّر كافة السلع ولوازم المعيشة مقارنة بالأزمات اللامتناهية التي تعيشها العاصمة. ويتابع ل”المدن”، أن “الحياة هنا مقبولة خصوصا لمن يمتلك المال”.

مخاطر على الطريق

يُعدّ السفر من دمشق إلى إدلب وما يحمله من مخاطر واضطرار المسافرين لدفع مبالغ طائلة إضافة للمدة الطويلة التي يقضونها على الطريق، من أهم المتاعب التي تواجه الراغبين بدخول مناطق المعارضة.

وبحسب عدد من المصادر الأهلية التي تمكنت مؤخراً من المرور نحو إدلب، قد يستلزم الأمر البقاء من 5 إلى 7 أيام على الطريق الطويل الذي يقطع سوريا الداخلية والشمالية ويمر عبر مناطق سيطرة ثلاث قوى متناوئة.

ويُعدّ اجتياز حمص مروراً بالطريق الدولي دمشق-حلب أسهل المراحل. يبيت المسافرون في حلب يوماً أو بضعة أيام ريثما يتم تأمين الطريق نحو منبج التي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وهذه هي المرحلة الثانية التي تنتهي بآخر وأخطر مرحلة وهي مغادرة مناطق سيطرة الأكراد نحو ريف حلب الشمالي عبر طرقات تهريب صعبة وخطيرة كونها تخضع للتشدد الأمني من قبل الوحدات الكردية من جهة، وقوات المعارضة من الطرف الآخر.

دراسة صادمة

في السياق، بيّنت دراسة استقصائية صادرة عن مركز “السياسات وبحوث العمليات”، وأجريت على 600 مستجيب عشوائي من أحياء ركن الدين والمهاجرين والزاهرة ونهر عيشة، أن نسبة 63 في المئة من المشاركين راغبون في الهجرة من سوريا.

وألمحت الدراسة إلى أن عدد اللاجئين المحتملين من دمشق وحدها قد يتجاوز عتبة المليون نسمة في حال استمرت الظروف القائمة.

وبحسب الدراسة كان الفرار من الظروف المعيشية الصعبة داخل البلاد السبب الرئيسي لمستجيبي الدراسة الراغبين في الهجرة، لاسيما في ظل التدهور الاقتصادي الذي عاشته البلاد طوال العقد الماضي والذي زادت وتيرته خلال العامين الأخيرين، تحت ضغط عوامل في مقدمتها انتشار جائحة كورونا، ووتيرة العقوبات الاقتصادية، وتدهورُ الأوضاع المالية والأمنية في لبنان، وتزايد الصراعات الداخلية في دائرة داعمي النظام، إضافة إلى تسارع انهيار الوضع الاقتصادي لإيران، الداعم الدولي الرئيسي للنظام السوري.

—————————–

عودة عربية إلى سوريا أم عودة سورية إلى العرب/ فاروق يوسف

حين طُردت سوريا من الجامعة العربية كان ذلك إجراء خاطئا حاولت دول عربية من خلاله التغطية على الفشل المبيت لمبعوثي الجامعة إلى سوريا في العثور على ثغرة في جدار النظام.

كانت تلك الخطوة بداية لقطيعة مشؤومة انزلق النظام السوري بعدها إلى أسوأ مراحل تحالفه الاستراتيجي مع النظام الإيراني بعد أن كان قادرا عبر السنوات الماضية على ضبط ذلك التحالف بطريقة متوازنة.

من الواضح أن بشار الأسد شعر يومها بأن العرب قد خذلوه حين تخلّوا عنه وهم في حقيقة ما فعلوه قد تخلوا عن سوريا. ما حدث أن الجامعة العربية قد انجرفت وراء موقف عدائي لسوريا بما جعلها عاجزة عن القيام بدور الناصح الصادق والوسيط النزيه.

طردت الجامعة العربية سوريا من حضنها غير أنها في الوقت نفسه حرمت نفسها من الوجود في سوريا. ما كان ممكنا في حدوده الدنيا صار مستحيلا حين عوقبت سوريا في محاولة لتأديب نظامها.

كانت تلك خطوة غير قانونية. فسوريا التي هي عضو مؤسس في الجامعة العربية، هي ليست نظامها السياسي فالأنظمة تتغير أما الدول فإنها باقية. أما أن يتم الدمج بين النظام والدولة فإن ذلك إنما يشير إلى القفز على المسلّمات الجامعة من أجل الإعلاء من شأن ما يُفرّق. فحين يتم الاحتكام إلى الأنظمة بسياساتها وأمزجة قياداتها فإن ذلك يعني الذهاب إلى هاوية الخلافات.

وعن طريق فشل الجامعة العربية في احتواء سوريا فقدت الدول العربية حضورها المعنوي في دمشق. وهو ما جعلها غير قادرة على أن تقول رأيا قد يكون نافعا بالنسبة إلى النظام من أجل إنهاء أزمته التي كان تخلي العرب عن سوريا جزءا من أسباب استفحالها.

الموقف السيء الذي اتخذته الجامعة من سوريا كان دافعا رئيسا لكي يندفع النظام في سوريا في اتجاه الحضن الإيراني ولو أن العرب لم يخضعوا للضغوط التي مارسها هذا الطرف أو ذاك بنوايا مبيّتة فضحها الزمن في ما بعد لكانت سوريا حاضرة في صالات الجامعة العربية وأروقتها بكل تفاصيل أزمتها ولما سقطت في هاوية الإرهاب بعد التدخل الإيراني التركي المزدوج على جبهتين متقابلتين ومتناحرتين.

بتخليها عن سوريا هُزمت الجامعة العربية من داخلها. لقد سمحت لدولة عضو ليست أساسية بأن تقودها إلى موقع يقع خارج التاريخ بالنسبة إلى الشعب لسوري الذي كان ينتظر عربا يقفون معه في محنته لا أن يهملوه بحيث تكون الطرق كلها سالكة أمام التنظيمات والجماعات الإرهابية التي تم تمويلها من قبل تلك الدولة العربية الصغيرة التي حرّضت ضد سوريا.

هل ارتاح العرب يومها من الصداع السوري؟

إذا أردنا الحقيقة فإن النظام السياسي الحاكم في سوريا قد تعامل بغباء مع أزمته التي لم تكن وليدة يومها، غير أن النظام السياسي العربي ممثلا بالجامعة العربية كان هو الآخر قد أهدر فرصة عظيمة لكي يوقظ أحد أعضائه من سباته وغفلته محذرا إياه من طبول الحرب التي صارت تدق على بابه. كانت الجامعة العربية على علم لما يُخطط لسوريا بذريعة إسقاط نظامها السياسي. ولم يكن ذلك خافيا على النظام السياسي الحاكم في سوريا.

في ضوء كل تلك المعطيات فإن الجامعة العربية فقدت ما يبرر الثقة بها من أسباب حين تخلت عن سوريا، شعبا ودولة. لقد فعلتها من أجل أن تنفرد دولة عربية بعينها بالحل على الأراضي السورية. وهو حل قاد إلى عشر سنوات من الحرب المدمرة التي أحرقت الناس والحجارة ولم تبق للنظام فسحة أمل أو رجاء في لفتة عربية ذات قيمة.

الآن إذ تجري محاولات لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية يمكننا أن نتوقع أن تقابلها سوريا بالرفض. قد يقبل النظام بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع دول عربية غير أنه لن يكون مسرورا بالعودة إلى الجامعة العربية التي خذلته في أسوأ لحظات غبائه وخذلت سوريا حين تعرضت للزلزال.

وهكذا يمكن القول إن عودة العرب إلى سوريا ممكنة فلا يملك النظام السياسي السوري سوى أن يرحّب بتلك العودة غير أن عودة سوريا إلى العرب تصدها عشر سنوات من الحرب القاسية التي لم يحضر العرب فيها إلا من خلال الدعم المالي الذي قدمته تلك الدولة الصغيرة للتنظيمات والجماعات الإرهابية التي دمرت سوريا الدولة وسلمت شعبها للقتل والنزوح والتشرد واللجوء.

لقد فقد العرب سوريا لذلك فإن استعادتها لن تتم عن طريق فتح أبواب الجامعة العربية أمامها.

كاتب عراقي

العرب

———————–

مؤشرات القصف الإسرائيلي لأهداف في غربي سوريا/ عدلي صادق

يُفهم من خلال القصف الجوي الإسرائيلي الأخير لمواقع في غربي سوريا وتزامنه مع قصف روسي نوعي لأهداف في جنوب إدلب أن مستوى التنسيق الروسي – الإسرائيلي قد وصل على مستوى التناغم الميداني ودقته إلى مستويات غير مسبوقة تخدم سياسات محددة موصولة بالدور السياسي الروسي في المنطقة. ففي الأيام القليلة الماضية تزامن القصف الإسرائيلي لمحيط اللاذقية مع القصف الروسي لمحيط حلب. وتزامن القصفان مع بدء الحديث علنا عن تقارب سعودي – سوري برعاية روسية. ومن الناحية العسكرية روعي في التفاهم الروسي – الإسرائيلي أن يقتصر قصف الأهداف على مخازن السلاح والتقنية الإيرانية مع تجنب إلحاق خسائر في الأرواح، ووفق هذه القاعدة جرى فتح مسرح العمليات استثنائياً للطيران الإسرائيلي على طول الساحل السوري وعلى مقربة من قاعدة حميميم الروسية!

في الهجوم الجوي الأخير اشتعلت النيران في مصنع إنتاج البلاستيك، إذ استُهدف ما فيه إما من مواد أو منتجات في حقيقتها. لكن موضع الأهداف على الخارطة يؤكد على التفاهم الذي أعطى الإشارة الخضراء لسلاح الجو الإسرائيلي، على أن يلتزم الأخير الدقة المطلقة لكي لا تُصاب أية أنظمة دفاع جوي أو ذخائر روسية في المنطقة. وكان العمل ببنود هذا التفاهم قد جرى مع مراعاة أقصى درجات الحذر منذ إسقاط الطائرة الروسية بصواريخ مضادة للطائرات في حوزة الدفاع الجوي السوري في سبتمبر 2018، لكن إسرائيل تجنبت في معظم الوقت الاقتراب من القطاع الغربي الساحلي.

كان اختيار إسرائيل لمواضع الهجمات الأخيرة يستهدف التموضع الإيراني في غربي سوريا، بل يستهدف النقاط الإيرانية في ظلال الروس أو في نطاق دائرة الدفاع الجوي الروسية في غربي البلاد. ويدل هذا الاستهداف على أن منظومة التنسيق الروسية الإسرائيلية طورت فاعليتها وفقاً لتطور السياسات في المنطقة وما هو مشترك بين الدولتين.

لم تكن إسرائيل قد توقفت عن القصف طوال السنوات الماضية حتى يوم 22 أبريل الماضي. ويبدو أن إطلاق صاروخ أرض جو بالخطأ من سوريا ووصوله إلى النقب وعلى مقربة من مفاعل “ديمونا” الذري وأربك الإسرائيليين كان السبب المباشر في تطوير عملية التنسيق الروسية – الإسرائيلية التي لم يحدث أي خلل في عملها وفق مُحدداتها الأساسية. لكن الطرف الإسرائيلي استغل الصاروخ الذي انفجر في الهواء لتظهير ما يعتبره خطراً إيرانياً عليه، والمبالغة في تقدير هذا الخطر. وكانت هذه التقديرات التي تغذيها أجهزة الأمن الإسرائيلية تؤكد أن إيران وعلى الرغم من القصف المستمر لنقاط تموضعها لا تزال تواصل تعزيز قواتها في سوريا من خلال نقل وسائل قتالية ومعدات إلى المناطق القريبة من لبنان. وكان من بين الأسباب التي تقلق أجهزة الأمن الإسرائيلية ما يقال عن صواريخ دقيقة يسعى “حزب الله” إلى الحصول عليها، إذ هو في تقدير الإسرائيليين لا يملك بعد مثل هذه الصواريخ، وليست لديه قدرة على إنتاجها، لكنه سيشكل خطراً حقيقياً في حال حصوله عليها. فالناطقون الإسرائيليون عبروا صراحة أن امتلاك مثل هذه الصواريخ يمثل خطاً أحمر، وقد تعمدوا استخدام هذه الفرضية لجعلها قاعدة المزيد من التفاهم مع الروس مقابل تحييد إسرائيل النظام السوري نفسه، بل وفتح بعض الطرق العربية المغلقة أمامه.

وبينما استمر التطور على مستوى العلاقة الروسية مع دول المنطقة، كانت الولايات المتحدة ومعها أوروبا تتقدمان نحو استئناف المفاوضات مع إيران حول الملف النووي، على أن يكون هدف هذه المفاوضات عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، بخلاف ما يُرضي إسرائيل التي تحبطها بالدرجة الأولى احتمالات تدني تأثيرها على الإدارة الأميركية في محادثات الملف الإيراني. وإسرائيل بالطبع تعتبر هذا التأثير موصولاً بقدرتها على فتح ملفات تتعلق بقضايا أخرى، كتموضع القوات الإيرانية على مقربة من الحدود في سوريا، وإمداد إيران “حزب الله” في لبنان، والحوثيين في اليمن، وإمداد ميليشيات أخرى في العراق وسوريا بصواريخ كاتيوشا ومعدات عسكرية.

لقد وجدت إسرائيل أن من مصلحتها التفاهم مع روسيا لكي تظل لديها حرية كاملة للعمل العسكري في سوريا وفي ساحات أخرى، ولكي تستمر في إحباط محاولات إيران توسيع هامش حركتها أو تغيير قواعد الاشتباك معها. وقد أدى حرص إسرائيل على حرية العمل العسكري في سوريا إلى إبرام اتفاقات غير معلن عنها مع روسيا من شأنها أن تجعل المشهد السوري والإقليمي تالياً منطقة طرد لا جذب للأميركيين. ويمكن للمرء أن يتوقع مفاجآت على صعيد علاقات النظام السوري مع إسرائيل. فالأول أصبحت علاقاته مع روسيا ضمانة وجوده، وبسببها هو مضطر لعدم الاعتراض على التنسيق الميداني الروسي – الإسرائيلي، حتى عندما يُترجم إلى قصف شبه يومي يطال الإيرانيين الذين كانوا أول المبادرين إلى نجدة نظام الأسد. وقد اتضح تماماً أن موسكو منخرطة في سياق يتعلق بالعلاقة بين دمشق وتل أبيب. ومن جهته يعتبر نظام الأسد أن الأولوية القصوى هي بقاؤه، لذا جرى تقديم جرعة تساعده على الثقة بالنفس والمفاخرة بأن “العرب” هم الذين عادوا إليه، وكانوا المبادرين، وتراجعوا مقابل تنازلات يؤخذ إليها النظام تمس جوهر المسائل، كالتغيير الجزئي في بنية النظام، والتطبيع مع إسرائيل من خلال الذهاب إلى تصفير المشكلات معها، مع شيء من التدابير أو الصيغ لتحسين أحوال الفلسطينيين تحت عنوان المساندة لهم ولقضيتهم.

المشهد السوري يتحول الآن بشكل أوضح لغير صالح إيران وتركيا. والإيرانيون لا يستطيعون فتح مشكلة مع الروس بسبب اعتمادهم عليهم في الكثير من المسائل في التقنية العسكرية وفي الدعم السياسي. أما الأتراك فقد جرى التصعيد الروسي ضد الجماعات التابعة لهم في شمالي سوريا، واقترب القصف الروسي لتلك الجماعات من القواعد التركية، واستخدمت قذائف “موتاب” الروسية المضيئة بالقرب من القواعد التركية لتجريب فعاليتها الميدانية بتعطيل حركة المجموعات المعارضة المسلحة. ويُعد هذا الصاروخ أحد الأسلحة النوعية التي أدخلتها روسيا إلى شمالي سوريا واستخدم يوم الجمعة الماضي. فصاروخ “موتاب” مصمم للقصف الليلي وإضاءة مسرح العمليات بقوة ساطعة. وكان إدخال هذا السلاح، تحسباً – كما يُقال – لهجوم حشدت له جماعات المعارضة المسلحة الموالية لتركيا وتعتزم شنه على جيش النظام. وشن الطيران الروسي غارات كثيفة استهدفت مستودع أسلحة وطائرات مسيّرة تركية الصنع كانت على وشك الإقلاع من مناطق سيطرة المعارضة باتجاه العمق السوري. لكن الأمر في الجوهر هو تصميم الروس على إخراج تركيا من المعادلة السورية، وإحالتها إلى وجهة أخرى تصالحية في المشرق العربي، حتى ولو كان ذلك بالطريقة التي تنال من صدقية السياسة التركية ومن عنصر الثقة في تحالفاتها.

كاتب وسياسي فلسطيني

العرب

—————————-

بايدن يعتبر نظام الأسد خطراً على الاقتصاد والأمن القومي الأميركي

قال الرئيس الأميركي، جو بايدن، إن “وحشية النظام وقمعه للشعب السوري، الذي دعا إلى الحرية والحكومة التمثيلية، لا تعرّض الشعب السوري نفسه للخطر فحسب، بل تولد أيضاً حالة من عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة، بما فيها الولايات المتحدة”.

وأضاف بايدن، في رسالة وجهها إلى مجلس الشيوخ

، قرر فيها تمديد حالة الطوارئ الخاصة بسوريا، أن “تصرفات نظام الأسد وسياساته، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية، ودعم المنظمات الإرهابية، تشكل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية واقتصاد الولايات المتحدة”.

وأوضح الرئيس الأميركي “لهذه الأسباب قررت أنه من الضروري تمديد حالة الطوارئ الوطنية المعلنة في الأمر التنفيذي رقم 13338، فيما يتعلق بإجراءات الحكومة السورية، لمدة عام واحد”.

ووفق ما جاء في الرسالة، فإن الولايات المتحدة “تدين العنف الوحشي وانتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام الأسد ومساعدوه الروس والإيرانيين”، وطالبت نظام الأسد وداعميه بوقف الحرب التي يشنها على السوريين، كما دعا إلى تفعيل وقف إطلاق النار على مستوى البلاد.

وحث حكومة نظام الأسد على تمكين إيصال المساعدات الإنسانية من دون عوائق إلى جميع السوريين المحتاجين، والتفاوض على تسوية سياسية في سوريا بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254.

وأشارت الرسالة إلى أن واشنطن “ستنظر في التغييرات في سياسات حكومة النظام وإجراءاتها لتحديد ما إذا كانت ستواصل حالة الطوارئ الوطنية هذه في المستقبل أو تنهيها”.

    President Biden has decided to continue the national emergency with respect to the actions of the government of Syria. For more, see the full statement below:https://t.co/CxtfWpDABz

— U.S. Embassy Syria (@USEmbassySyria) May 7, 2021

يشار إلى أن هذه المرة الأولى التي يتطرق فيها الرئيس الأميركي إلى الأوضاع في سوريا بشكل مباشر منذ وصوله إلى البيت الأبيض في كانون الثاني الماضي.

————————–

رسائل القصف الإسرائيلي في سوريا تقترب من “الحصن الروسي”/ مصطفى رستم

اعتاد الدمشقيون بين الحين والآخر، رؤية أضواء تخلّفها انفجارات، أو مشاهدة خطوط ضوئية تشتعل في كبد سماء مدينتهم أو على أطرافها، منبعثةً من مضادات الدفاع الجوي جنوب البلاد عقب كل اعتداء إسرائيلي، لكن الليالي المضيئة بهذا الشكل باتت تتكرّر في الآونة الأخيرة مستهدفةً مواقع لم تكن تندرج في السابق ضمن أهداف العدوان الجوي.

بعد صاروخ ديمونا

ويتنامى التوتر العسكري منذ سقوط صاروخ “أرض – جو”، أطلق من سوريا في 22 أبريل (نيسان) الماضي، ووصل إلى منطقة النقب قرب مفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي، ومنذ ذلك الوقت تواصل تل أبيب تحويل أجواء سوريا وأراضيها إلى ما يشبه صندوق بريد، لإيصال رسائل إلى السوريين والروس والإيرانيين على حد سواء.

وشهدت الأجواء السورية غارتين إسرائيليتين في أقل من 24 ساعة يوم الخميس 6 مايو (أيار) الحالي، إحداهما نفذتها حوامة على منطقة القنيطرة في جنوب البلاد، موجهة رسالة إلى الإيرانيين ومراكز القوى التابعة لهم الموجودة هناك، والمتاخمة للمنطقة الحدودية. وأفضت هذه الغارة إلى سقوط ثلاثة جرحى من سرايا الرصد والاستطلاع التابع لـ”حزب الله” اللبناني في بلدة جباتا الخشب، مع استهداف موقع ثانٍ تابع للإيرانيين في منطقة تل الشعار، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا.

أما وكالة الأنباء الرسمية السورية “سانا”، فتحدثت عن تنفيذ مروحية عسكرية إسرائيلية عدواناً على إحدى مناطق القنيطرة، وذكرت أنه الاستهداف الثاني من نوعه في أقل من 24 ساعة، ولم يسفر عن خسائر.

قرب قاعدة “حميميم”

في الموازاة، لم يكن متوقعاً أن يُغِيرَ سلاح الجو الإسرائيلي على مواقع في محافظة اللاذقية (غرب)، إلا أن الضربات العسكرية اقتربت من قاعدة “حميميم” الروسية.

ولا تزال موسكو صامتة حيال وصول الرسائل النارية المتبادلة بين الإيرانيين والإسرائيلين إلى أطراف حصنها المنيع غرب سوريا، حيث تملك قواعد عسكرية في طرطوس واللاذقية.

ويعتقد خبراء أن مكنونات الرسالة الخفية التي أرادت تل أبيب إيصالها إلى موسكو، تتعلق بعدم الرضا على العلاقة التي تربطها بطهران، لا سيما الاتفاق على حراسة الناقلات الإيرانية بسفن روسية. وتزعم إسرائيل أن هذه السفن تخفي صواريخ توصلها إلى الفصائل المقاتلة في سوريا ولبنان، وتوضع في تلك المناطق المستهدفة في شمال غربي سوريا، والواقعة تحت الحماية الروسية.

منع التصادم

من جهة أخرى، أظهرت الصور الملتقطة من مكان الغارات الإسرائيلية، إصابة مدنيين ودماراً في موقع معمل متخصص في الصناعات البلاستيكية، إلا أن مصادر ميدانية تحدثت لـ”اندبندنت عربية” عن تصدي الدفاعات الجوية السورية للهجوم، وسماع دوي انفجارات ناتجة من تدمير الصواريخ. وقال أحد المصادر إن “الصواريخ سقطت على مواقع مدنية وسط ضرر لحق بالأهالي والبيوت جراء الغارات”.

في المقابل، لفتت أوساط محايدة النظر إلى التنسيق والتعاون الذي رسمته موسكو وتل أبيب معاً، تحديداً ما يُسمّى بمبدأ “منع التصادم” الذي يتيح إعلام الجانب الروسي بالغارات قبل مدة قصيرة من تنفيذها، ولطالما أثار ذلك استغراب الشارع السوري حيال السكوت الروسي لمشاهدته الصواريخ المعادية وعدم تفعيل أكبر المضادات الدفاعية “أس – 300″ و”أس – 400”.

تغيير قواعد “التكتيك”

في السياق، صرح مراقبون أن الأراضي السورية تشهد في السنوات الأخيرة قصفاً متكرراً ومتواصلاً بلغ ذروته العام الماضي، حين استهدفت تل أبيب 50 موقعاً عام 2020، تركزت في معظمها في ريف العاصمة وجنوب البلاد.

في هذه الأثناء، تشهد الفصائل الإيرانية تغييراً في تكتيكاتها العسكرية عبر توزيع مواقعها، إذ باتت أخيراً هدفاً تتعقّبه إسرائيل من دون كلل، وتستهدفه بالإغارة عقب أي تحرك، للحد من القوة المتنامية لـ”الحرس الثوري” الإيراني هناك وتقويض وجوده في بلاد تشتعل فيها الحروب وتضجّ بميدانها الجيوش الأجنبية.

وبات جلياً حجم التتبع الاستخباراتي الإسرائيلي لمواقع الفصائل الإيرانية وفق رأي خبراء، بل ومتابعة الإسرائيليين لغالبية الأهداف المتحركة من جنوب سوريا في أواخر العام المنصرم نحو شرقها، حيث سُجل قصف أهداف مهمة بشكل متكرر في دير الزور

النهار العربي

————————

نظام الأسد يلغي مراكز انتخابية في درعا بعد تهديدات/ عدنان أحمد

قرر النظام السوري، اليوم الجمعة، إلغاء عدد من المراكز الخاصة بالانتخابات الرئاسية في محافظة درعا، نتيجة تهديدات وجهها أبناء المحافظة للمسؤولين والقائمين على تلك المراكز.

وذكر “تجمع أحرار حوران” أن نظام الأسد قرر إلغاء عدد من مراكز الانتخاب في محافظة درعا، وذلك نتيجة تهديدات وجهها أبناء المحافظة للمسؤولين والقائمين على تلك المراكز، “رفضاً منهم لإعادة تأهيل رأس النظام السوري بعد الجرائم التي ارتكبها طوال السنوات الماضية”، وفق المصدر.

وذكر المصدر أن وفداً من أبناء بلدة بصر الحرير، مكون من وجهاء وأمين الفرقة الحزبية ورئيس البلدية والمختار، توجهوا إلى اللواء 12 بمدينة ازرع لوضعه في صورة الوضع الحالي، وإطلاعه على التهديدات التي تواجه المسؤولين والقائمين على تلك المراكز بعد تحديد مركزين انتخابيين في البلدة، وهما مركز طب الأسرة ومدرسة بصر السادسة. وقدم الوفد خلال الاجتماع شرحاً تفصيلياً لخطورة تلك التهديدات على البلدة والناخبين والقائمين على تلك المراكز من المسؤولين الحزبيين والسياسيين، مشيراً إلى أنه تقرر إثر ذلك إلغاء المراكز الانتخابية في القرى والبلدات التي تخلو من المفارز الأمنية واعتماد مراكز المدن التي توجد فيها تلك المفارز، باعتبارها نقاطاً عسكرية ومسؤولة عن حماية تلك المراكز، خاصة في ريف درعا الشرقي، لافتاً إلى أن عدداً من القرى والبلدات ينتظر قرارات مشابهة تقضي بإلغاء تلك المراكز، وذلك تبعاً للوضع الأمني فيها.

وزادت مخاوف المسؤولين عن الانتخابات خلال الأيام القليلة الماضية نتيجة عمليات الاغتيال التي استهدفت موالين للنظام وحزب الله في عموم محافظة درعا، ما دفعهم للتهرب من المسؤولية حرصاً منهم على أنفسهم وعائلاتهم.

وفي البادية السورية، وصلت تعزيزات عسكرية جديدة من “الفيلق الخامس” المدعوم من روسيا، تضم أسلحة ثقيلة ومتوسطة، إلى بادية الرصافة وحقل الثورة النفطي، ضمن مناطق سيطرة قوات النظام جنوب الرقة، وذلك بهدف البحث عن خلايا تنظيم “داعش“.

ويأتي ذلك بعد مقتل ثلاثة من عناصر “لواء القدس” على يد خلايا تنظيم “داعش”، أمس الخميس، خلال قيامهم بعمليات تمشيط للبحث عن خلايا التنظيم في جبال العمور، شرق السخنة، بريف حمص الشرقي.

———————-

إخوان سوريا… رفض الانتخابات الرئاسيّة ذريعة للسّير بمشروع تقسيم سوريا؟/ عبدالله سليمان علي

لا ينفد احتياطيّ المظلومية التاريخية أبداً من مخازن جماعة الإخوان المسلمين. لديها القدرة دائماً على اللجوء إليه، في أي وقت وتحت أي ظرف، لاستخدامه وتوظيفه في بناء سياساتها إزاء المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية. ولم يكن من غير المتوقع ألاّ يسارع الفرع السوريّ للجماعة إلى مدّ يديه إلى ذلك الاحتياطي لمواجهة ما أطلق عليه “مسرحية الانتخابات الرئاسية في سوريا”، لكن على ما يبدو، فإن المزاج التصالحي الذي بدأ يدب في مفاصل السياسات الإقليمية، أصاب إخوان سوريا بخيبة أمل كبيرة. فلم يجد هؤلاء بدّاً من توجيه أسهمهم يميناً وشمالاً، في محاولة يائسة منهم للّحاق بركب المتغيرات التي تشهدها المنطقة.

ولم تكتف الجماعة في سوريا برفض الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 26 من الشهر الجاري، بل عمدت في بيان صدر عنها، يوم الأربعاء الماضي، إلى التصعيد على أكثر من جبهة، معتبرة أن تمرير الانتخابات يدل على “مؤامرة دولية محبكة”، وذلك في ظل تلويح المراقب العام للجماعة محمد وليد حكمت في وقت سابق بوجود اتصالات مع إيران، قد يكون القصد منه، برغم محاولته للتقليل من أهمية هذه الاتصالات، توجيه رسالة إلى المملكة العربية السعودية لمواجهة الانعطافة التي تقوم بها في التعامل مع الملف السوري، وبخاصة بعد ورود أنباء عن زيارة رئيس الاستخبارات السعودي دمشق ولقائه رئيس مكتب الأمن الوطني ونائب الرئيس السوري للشؤون الأمنية علي مملوك.

وقال البيان الصادر عن جماعة الإخوان: “نُدرك بكل وضوح اليوم، ونريد لكل أبناء شعبنا أن يُدركوا، أنّه إذا سُمح بتمرير الانتخابات في هذه الجولة.. فإنّ هناك تواطؤاً دَوْلياً على تمريرها، وهو تواطؤ لا يزال قائماً منذ اللقاءات الأولى لكيري – لافروف، ولم يقطعه ترامب، ولن يخرجَ عليه بايدن!!”. ويأتي هذا الموقف الذي يعتبر سابقة غير مألوفة في بيانات الفرع السوري منذ اندلاع الأزمة السورية، تعبيراً عن انتكاسة كبرى أصابت طموحات إخوان سوريا في بناء علاقة تخادميّة واسعة مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، كانوا يتوقعون أن تقودهم إلى مستوى متقدم من مستويات الضغط على النظام السوري بهدف إسقاطه وربما تالياً وراثته.

وقد يكون العامل المباشر الذي دفع الإخوان إلى نفض أيديهم من واشنطن في وقت مبكر، إذ لم تمر سوى أشهر قليلة على وجود بايدن في البيت الأبيض، هو استمرار التوتر في علاقة واشنطن مع أنقرة، الراعية الأساسية لجماعة الإخوان، وسط إخفاق الرهانات التي كانت تمنّي النفس بوجود توجه لدى إدارة بايدن بممارسة سياسة تصعيدية إزاء الرياض، الأمر الذي كانت تتوقع منه جماعة الإخوان أن يفتح أمامها الباب على مصراعيه لإعادة بناء نفوذها المتهالك في بعض دول المنطقة.

ولم يقتصر إخوان سوريا على إدارة ظهرهم للإدارة الأميركية وحسب، بل ارتكبوا “زلّة لسان” قد تكون مقصودة، الهدف منها التعبير، وإن غير مباشر، عن سياسة الإخوان الحقيقية التي تقوم على التنكر لكل الجهود والمساعي الدولية الرامية لحل الأزمة السورية. فلم يكن من قبيل الصدفة أن يخلو بيان الإخوان من أي إشارة إلى القرار الدولي 2254 الذي وضع خريطة الطريق الوحيدة المعترف بها دولياً لإيجاد تسوية سلمية في سوريا. بل أكثر من ذلك، لم يجد واضعو البيان غضاضة في اعتبار تمرير الانتخابات بمثابة الفرصة للتنصل من “العملية السياسة”. وذكر البيان: “إننا في جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، ندعو كل القوى والشخصيات الوطنية المخلصة، لتشكيل جبهةٍ عريضةٍ، لرفض الانتخابات، وقطع الطريق على المهزلة الانتخابية، وربط تمرير قرار تنفيذ الانتخابات المهزلة، بالموقف من “العملية السياسية”، بكل فصولها وفروعها”. وتبدو العبارة الأخيرة بمثابة أمر عمليات لاعتبار الانتخابات الرئاسية الساعة الصفر للتخلي عن مسار الحل السياسي واللجوء إلى حلول أخرى.

ورأت افتتاحية موقع “السوري اليوم” المعارض، أن تجاهل بيان الإخوان ذكر القرار 2254 يهدف إلى نسف فكرة الحل السياسي من أساسها، محذرةً من أن البديل هو “أنهم (أي الإخوان) يرون أنفسهم موجودين “في السلطة” عبر تحكمهم بالائتلاف وبالحكومة الموقتة، ويسيطرون بالتالي على جزء من سوريا، وهذا يكفيهم مبدئياً إلى ما شاء الله… أي أنهم كما السلطات الأخرى في سوريا، في الشمال الشرقي وسلطة الأسد، كلهم يؤمنون بمقولة إلى الأبد”.

وأضافت أنه “أبعد من ذلك، فإنّ ما يجري العمل عليه بشكل شبه علني ابتداءً من إعلان تشكيل مفوضية الانتخابات، هو الذهاب نحو إقامة ما يشبه الدويلة في الشمال الغربي… والذريعة هي أنّ هذه هي الطريقة المثلى لمنازعة النظام على شرعية البلاد… كيف؟ عبر الاستفادة من انتخابات النظام، للقول “ما حدا أحسن من حدا”، وبالتالي إجراء انتخابات أخرى ضمن مناطق الشمال الغربي… وتحركات نصر الحريري في استعراض حرس الشرف وتوزيع الأحجار الأساس أمام الكاميرات وإلخ، تشير الى الاتجاه نفسه، أي باتجاه أن هنالك دويلة ناشئة في الشمال الغربي”.

وكان “النهار العربي” قد أشار في تقرير منشور بتاريخ 23 آذار (مارس) الماضي تحت عنوان “تقرّب رياض حجاب من “إخوان” سوريا والجولاني… هل من مشروع لتقسيم سوريا؟” إلى وجود ميل لدى أنقرة لتفعيل سياسة تقسيم سوريا.

وحذّر في حينه المعارض السوري حبيب إرحيّم الذي يعمل في شبكة “الحقيقة” المعارضة من مشروع تركي يقضي بتقسيم سوريا إلى ثلاثة أقاليم: إقليم يحكمه الرئيس السوري بشار الأسد، وإقليم للأكراد، والإقليم الثالث عبارة عن كنتون يحكمه “الإخوان المسلمون” بقيادة تركيا. وأعرب الإعلامي عن أمله أن يرفض رياض حجاب هذا المقترح، بحسب ما كتب على حسابه الشخصي على “تويتر” في اليوم نفسه الذي ظهر فيه حجاب على قناة “الجزيرة” (11 آذار/ مارس).

————————–

إعادة تأهيل الأسد: “الجامعة العربية” تحتضن منبوذاً/ ديفيد شينكر

تحليل موجز

ازدادت المساعي الرامية إلى إعادة دمج سوريا في “الجامعة العربية” رغم الجهود الوحشية التي قام بها النظام السوري وأسفرت عن مقتل ما يقدر بنحو 500,000 شخص. وتدفع المصالح الضيقة والتعب من الحرب العديد من الدول الأعضاء في “الجامعة العربية” إلى دعم الانتخابات المبكرة والتطبيع مع دمشق، لكن هذه المقاربة لن تؤدي سوى إلى تعزيز سيطرة الأسد ومساعدته على التهرب من المساءلة عن جرائم الحرب.

في الأسابيع الأخيرة، ازدادت المساعي الرامية إلى إعادة دمج سوريا في “جامعة الدول العربية”. وتم تعليق عضوية البلاد في المنظمة في تشرين الثاني/نوفمبر 2011، بعد ثمانية أشهر من الجهود الوحشية التي قام بها النظام السوري وأسفرت عن مقتل 5000 مدني. وبعد مرور عشر سنوات ومقتل ما يقدر بنحو 500,000 شخص، تتخذ العديد من الدول العربية – بتشجيع من روسيا – خطوات لإنهاء عزلة بشار الأسد واستعادة عضوية سوريا التي استمرت عقداً من الزمن. وعلى الرغم من أن “الجامعة العربية” هي منظمة قديمة وغير فعالة وغير جوهرية إلى حد كبير، إلا أن هذه الخطوة مهمة لما تحمله من معانٍ: استعداد أكبر من قبل دول المنطقة للتعاون مع الأسد سياسياً واقتصادياً. وتماشياً مع “قرار مجلس الأمن رقم 2254” (لعام 2015)، ربطت السياسة الأمريكية أي إعادة انخراط مماثلة بانتقال سياسي شرعي، لكن دول المنطقة قد تقّوض احتمالات التغيير الحقيقي من خلال الترحيب بعودة دمشق قبل الأوان.

زيادة الانخراط العربي

بعد تعليق عضوية سوريا لرفضها تنفيذ خطة “الجامعة العربية” للسلام في عام 2011، فرضت المنظمة سلسلة من العقوبات التي شملت حظر السفر على بعض كبار مسؤولي النظام ووضع قيود على الاستثمارات والتعامل مع “مصرف سوريا المركزي”. وباستثناء العراق ولبنان واليمن، قام جميع أعضاء “الجامعة العربية” بالمصادقة على هذه الإجراءات وفرضها جزئياً على الأقل على مدى عقد من الزمن، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى مخاوف من معاقبتهم من قبل الدول الغربية في حالة عدم امتثالهم للإجراءات.

ومع ذلك، فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، بدأ عدد من الدول العربية بالضغط من أجل إنهاء تعليق عضوية سوريا، انطلاقاً من مقتضيات اقتصادية، والتعب من الحرب، والمنافسات الإقليمية، والشعور المتزايد بأن نظام الأسد قد انتصر [في الحرب الأهلية]. وعارض كبار مسؤولي إدارة ترامب هذه الجهود، لكن الاتصالات بين العواصم العربية ودمشق تكثفت مع ذلك بين عامي 2016 و 2020، حيث أعادت عدة دول فتح سفاراتها المغلقة وأعادت تعيين كبار الدبلوماسيين.

وكانت دولة الإمارات من بين أكثر هؤلاء المدافعين إصراراً. فعلى الرغم من دعمها للمتمردين في بادئ الأمر، أعادت أبوظبي فتح سفارتها في دمشق في كانون الأول/ديسمبر 2018، ودعت منذ ذلك الحين إلى إعادة عضوية سوريا في “الجامعة العربية”. واكتسبت الفكرة مزيداً من الزخم في آذار/مارس بعد أن قام وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بجولة في دولة الإمارات ودول الخليج الأخرى. وفي مؤتمر صحفي مشترك خلال زيارة لافروف، استخف وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد بمقاربة واشنطن في الأمر وأعرب عن أسفه لأن القيود الاقتصادية الأمريكية مثل «قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا» “تجعل الأمر صعباً”. ثم دعا إلى إعادة إعمار سوريا ما بعد الحرب.

ولم تكن الإمارات وحيدة في اتباع هذا المسار، فقد:

    أعادت تونس فتح سفارتها في عام 2015، حيث أرسلت دبلوماسياً متوسط الشأن إلى دمشق.

    أعادت عُمان سفيرها إلى سوريا في تشرين الأول/أكتوبر 2020، لتكون أول دولة خليجية تقوم بذلك. وبعد خمسة أشهر، صرح السفير السوري المعتمد لدى مسقط بأن البلدين اتفقا على “تعزيز الاستثمارات” والتجارة.

    أرسل الأردن قائماً بالأعمال إلى دمشق في عام 2019، ليملأ بذلك منصباً بقي شاغراً منذ عام 2012.

    أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري الشهر الماضي أن القاهرة تدعم التطبيع العربي مع سوريا، بعد وقت قصير من لقائه مع لافروف.

    استضاف العراق وزير النفط السوري الأسبوع الماضي للتفاوض على صفقة لاستيراد الغاز الطبيعي المصري عبر سوريا.

    أرسلت المملكة العربية السعودية رئيس استخباراتها إلى دمشق لإجراء محادثات مع نظيره السوري في 3 أيار/مايو، في اجتماع وصفته صحيفة «الغارديان» البريطانية بأنه “الاجتماع الأول العلني من نوعه منذ اندلاع الحرب”. ووفقاً لبعض التقارير ناقشا إعادة فتح السفارتين.

    ستعقد مصر والعراق والأردن قريباً اجتماعاً في بغداد يركز على إعادة دمج سوريا في المنطقة، وفقاً لتقرير من نيسان/أبريل في صحيفة “الشرق الأوسط”.

ويبدو أن مجموعة من الدوافع الضيقة تقود هذه الجهود. فبالنسبة لدولة الإمارات، إن إعادة دمج الأسد وإعادة بناء سوريا تحملان وعداً بإنهاء انتشار القوات التركية في إدلب، حيث قام الخصم الإماراتي بنشر قواته لمنع تدفق المزيد من اللاجئين. ويبدو أن الأردن مدفوعاً في المقام الأول من رغبته في دعم اقتصاده، وإعادة اللاجئين، واستئناف النشاط التجاري المتسق، وإحياء النقل البري عبر سوريا في طريقه إلى تركيا وأوروبا. وفي هذا الصدد، لا تزال قيود «قانون قيصر» الذي أصدرته واشنطن تثير غضب عَمّان.

وعلى نطاق أوسع، يبدو أن المسؤولين المصريين يؤيدون الفكرة غير المؤكدة بأن عودة سوريا إلى “الجامعة العربية” ستعزز “عروبتها” تدريجياً، وبالتالي تُبعِد دمشق عن إيران الفارسية. ومن المحتمل أن تشارك دول أخرى في المنطقة وجهات نظر مماثلة. حتى أن بعض شخصيات الأمن القومي الإسرائيلي تقدّر بشكل غير محتمل أن روسيا قد تحد من الاجتياح الإيراني لسوريا ما بعد الحرب في ظل حكم الأسد.

كما يبدو أن معظم الدول العربية – وخاصة مصر – مستعدة لتصديق مسرحية الانتخابات الرئاسية الوشيكة في سوريا كدليل على التحوّل السياسي. فخلال مؤتمره الصحفي الذي عقده في 12 نيسان/أبريل مع لافروف، أعلن وزير الخارجية شكري أن التصويت المزمع في 26 أيار/مايو سيسمح للشعب السوري “بتحديد مستقبله… وتشكيل حكومة تمثله”، على الرغم من حتمية النتائج المزوّرة لصالح الأسد.

تحدّي الأمم المتحدة وتجاهل جرائم الحرب

تتعارض جهود إعادة تأهيل نظام الأسد مع “قرار مجلس الأمن رقم 2254″، الذي ينص على ضرورة إجراء انتخابات حرة ونزيهة بمشاركة المغتربين، وكتابة دستور جديد، فضلاً عن متطلبات أخرى لم تحققها سوريا بعد. وينص القرار أيضاً على التنفيذ الكامل لـ “بيان جنيف” الصادر في حزيران/يونيو 2012، والذي دعا إلى انتقال سياسي كامل إلى دولة سورية ديمقراطية غير طائفية تحترم حقوق الإنسان.

وبالإضافة إلى هذه الأهداف السياسية التي لا تزال بعيدة المنال، تتجاهل [مبادرة] إشراك الأسد أيضاً ضرورة محاسبة النظام على “انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي”، على حد تعبير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. ومن الناحية الفنية، لا ترقى هذه الانتهاكات إلى مستوى التعريف الدولي لـ “الإبادة الجماعية”، لكن “متحف ذكرى الهولوكوست” في الولايات المتحدة وصفها بأنها “جرائم وحشية ضد الإنسانية وجرائم حرب”. وخلال خطاب ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيسان/أبريل، كرر غوتيريس أن المسؤولين عن مثل هذه الجرائم – من بينها استخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين – يجب ألا يفلتوا بعد الآن من العقاب. وأضاف: “يجب محاسبة الجناة”.

تهكّم “الجامعة العربية”

كان قرار “الجامعة العربية” لعام 2011 بتعليق عضوية سوريا مذهلاً في ذلك الوقت لأن المنظمة نادراً ما أبدت نفوراً من جرائم أعضائها ضد الإنسانية. ففي آذار/مارس 2009، على سبيل المثال، استضافت الرئيس السوداني عمر البشير في قمة قطر بعد أسابيع فقط من توجيه الاتهام إليه من قبل “المحكمة الجنائية الدولية” لإصداره أمر بقتل ما يقرب من 500 ألف مدني في دارفور.

وبعد عقد من الزمن، يبدو أن هذه الرغبة في التغاضي عن انتهاكات حقوق الإنسان تعود إلى الواجهة. ففي 21 نيسان/أبريل، جُردت سوريا من حقوقها في التصويت في “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية”، وهو قرار أيدته 87 دولة عضو في “المنظمة”. ومع ذلك، امتنعت ثماني دول أعضاء في “الجامعة العربية” عن التصويت، من بينها الأردن، والعراق التي تعرّض سكانها الأكراد لهجمات كيماوية خلال عهد صدام حسين. وكانت فلسطين، التي هي عضو آخر في “الجامعة العربية”، من بين خمسة عشر صوتاً معارضاً، بانضمامها إلى دول أمثال إيران وروسيا. وحول موضوع آخر، لم تشجب “الجامعة العربية” الإبادة الجماعية التي تُرتكب ضد مسلمي الأويغور الصينيين في شينجيانغ. وعلى العكس من ذلك، أشارت بكين إلى أن “الجامعة العربية” أيّدت صراحة “موقف الصين العادل بشأن … شينجيانغ” خلال اجتماع “منتدى التعاون الصيني العربي” في تموز/يوليو 2020 في عَمّان.

التداعيات السياسية

على الرغم من عدم التزام العرب بـ “القرار رقم 2254” وفرص النجاح الضئيلة لذلك، يجب على واشنطن الاستمرار في الضغط من أجل إحداث تغيير في سوريا. ومن المسلّم به أن تعب دول المنطقة من الحرب وأزمة اللاجئين آخذة في الازدياد، لكن سوريا تحت حكم الأسد لن تكون أبداً ملاذاً آمناً لعودة هؤلاء الملايين من المنفيين. وبالمثل، فإن إعادة قبول سوريا في “الجامعة العربية” وتمويل إعادة الإعمار بعد الحرب لن يدفع الأسد إلى قطع العلاقة الاستراتيجية للنظام مع طهران التي استمرت أربعين عاماً. وبدلاً من ذلك، من شأن التطبيع مع دمشق أن يخفف ببساطة الضغط على النظام ويمكّنه من تعزيز سلطته.

وبغض النظر عن القبول المتزايد للأسد في العواصم العربية – وحتى في إسرائيل – فإن إعادة تأهيله ليست حتمية. بيد أنه من أجل الحيلولة دون انهيار الإجراءات المنصوص عليها في “القرار رقم 2254″، سيتعين على إدارة بايدن إعادة تأكيد قيادتها، من خلال تعيين مبعوث جديد أو مسؤول كبير آخر مخوّل لتنسيق النهج الدولي مع أوروبا ودول المنطقة.

ينبغي على واشنطن أيضاً أن ترفض الانتخابات الرئاسية الوشيكة التي ستجري في سوريا، والتي من المؤكد ستمنح الأسد فترة ولاية أخرى أمدها سبع سنوات حتى في الوقت الذي تحاول فيه الدول الأعضاء في “الجامعة العربية” وصفها بأنها “مرحلة انتقالية”. وبدلاً من ذلك، يجب على المسؤولين الأمريكيين العمل مع الشركاء الأوروبيين لتشكيل إجماع دولي فيما يتعلق بفشل الانتخابات في تلبية المتطلبات “الحرة والعادلة” المنصوص عليها في “القرار رقم 2254”.

وفي الوقت نفسه، ينبغي على الولايات المتحدة أن تزيد من جهودها الإنسانية في سوريا وأن تقنع دول الخليج التي تقود جهود التطبيع بتقديم مساعدات إضافية أيضاً، لا سيما في المناطق الواقعة خارج سيطرة النظام. ولا يزال الأسد يسيطر على دمشق وضواحيها، لكن قرارات استخدام الأسلحة الكيميائية وارتكاب فظائع جماعية أخرى ضد الشعب السوري تتجاوز الحدود ويجب أن تحول دون إعادة تأهيله. ومع ذلك، ففي هذه المرحلة، يمكن للولايات المتحدة وحدها منع حدوث ذلك.

ديفيد شينكر هو “زميل أقدم في برنامج توب” في معهد واشنطن. وشغل منصب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى في الفترة 2019-2021.

—————————

===================

تحديث 11 أيار 2021

———————-

مهزلة الانتخابات الرئاسية السورية

قسم الدراسات

طوال نصف قرن من حكم آل الأسد، كانت انتخابات الرئاسة تجري طبقًا لنموذج واحد: المرشح للرئاسة هو رأس النظام نفسه، حافظ الأسد ووريثه بشار الأسد، والسيطرة الأمنية على سيرورة الانتخابات دائمة، والنتائج معروفة قبل إجراء الانتخابات، أي فوز الرئيس بنسبة مرتفعة، بعد إجبار الموظفين والطلاب والعسكريين، وحتى بعض الموتى، على التصويت بـ (نعم)، وعلى إعادة انتخابهما.

السوريون يعرفون أنّ بشار الأسد ورث الحكم، بعد استفتاء شكلي في 10 تموز/ يوليو 2000، حيث أُعلن أنه نال 99.7 في المئة من الأصوات! وتكرر السيناريو نفسه في 27 أيار/ مايو 2007، حيث نال 97.6 في المئة. أما انتخابه للمرة الثالثة، في 3 حزيران/ يونيو 2014، فقد تم من خلال مسرحية تعدّد المرشحين، حيث نال 88.7 في المئة من الأصوات، مقابل 4.3 في المئة للمرشح الثاني. ومن المتوقع أن تتكرر المهزلة في الانتخابات القادمة في 26 أيار/ مايو الحالي.

ولم تكن تلك المهازل الانتخابية، طوال 50 سنة، تلقى استنكار المجتمع الدولي، التزامًا منه بالمعايير التي أقرّها لانتخابات نزيهة طبقًا للشرعة العالمية لحقوق الإنسان. واليوم، مع استمرار الكارثة السورية الناتجة عن توحش أجهزة أمن النظام وميليشيات حلفائه الإيرانيين، والتي وصفها الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة بأنها أكبر كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، ومع تحدّي النظام للقرارات الصادرة عن الشرعية الدولية الداعية إلى حلّ سياسي للكارثة؛ نسأل: هل ستدفع هذه الوقائع المجتمعَ الدولي إلى رفض نتائج الانتخابات التي سيجريها النظام؟ والأهمّ هل سيرفع الغطاء القانوني عنه؟

ماذا يعني للسوريين بقاء بشار الأسد رئيسًا؟

ثمة مخاطر عديدة تنتظر السوريين، إذا بقي بشار الأسد رئيسًا لنظام الاستبداد والدمار؛ إذ ستبقى الكارثة السورية، لسنوات أخرى قادمة، رهينةً لصراع مصالح الآخرين على أرضها، وغير قادرة على إعادة البناء الشامل لمجتمعها الموحد ولاقتصادها وبنيتها التحتية. وسيتكرّس الأمر الواقع لمناطق النفوذ: الأولى يسيطر عليها النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيون؛ والثانية تسيطر عليها المعارضة المدعومة من تركيا؛ والثالثة واقعة تحت نفوذ “الإدارة الذاتية” الكردية المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية.

وفي ظل هذه الوضعية الشاذة، عن أيِّ مشاركين في الانتخابات يجري الحديث؟ إن كان على صعيد الجغرافيا أو الأفراد، حيث أكثر من نصف الشعب السوري بين نازح ولاجئ، ومن هم في مناطق سيطرة النظام يعانون الفقر والخوف، بفعل الضائقة الاقتصادية وتوحّش الأجهزة الأمنية. وبذلك تبدو الانتخابات القادمة فصلًا آخر من فصول الكارثة السورية، تعزز سلطة الاستبداد وتطيل أمد المعاناة.

إنّ أحد أهم أهداف بشار الأسد من إجراء هذه المهزلة الانتخابية، غير الشرعية، يكمن في تكريس اليأس من التغيير، ليس بين صفوف المعارضة فحسب، بل عند كل السوريين حتى الواقعين تحت سلطته؛ لإيهامهم بأنه ما زال “سيد الوطن”، وبأنه -بعد انتخابه- سيلتفت إلى مطالبهم في تحسين مستوى معيشتهم. إضافة إلى توجيه رسالة إلى العالم، فحواها “باستطاعتي ترجمة سيطرتي المفروضة بالقوة إلى شرعية دستورية”. بينما في الواقع فإنّ الانتخابات بالنسبة للأسد “تعني بكل بساطة الاستمرار في الحكم، والسيطرة على ما بقي من مقدرات البلاد والعباد.. وهو لن يتخلّى عن موقعه، لأنّ ذلك سيفتح عليه أبواب المحاسبة، والانتخابات توفر له شرعية مزعومة وصورية، يحتاج إليها ليبرر استمراره ووجوده”.

انكشاف المهزلة للسوريين

 طوال خمسين سنة، كان أغلب السوريين يتجاهلون ما يسمّى “الاستحقاقات الدستورية”، إذ كانوا مقتنعين بأنّ صناديق الاقتراع لم تكن تُفتح -في أغلب الأحيان- لأنّ النتيجة لا تحددها هذه الصناديق، بل الأجهزة الأمنية، وبطبيعة الحال، لن تكون الانتخابات القادمة مختلفة عمّا عهده السوريون سابقًا؛ إذ تبدو المسرحية الهزلية أكثر انكشافًا، في ظل الأوضاع المعيشية المتردية لأغلب السوريين، في مناطق سيطرة النظام والمخيمات المنتشرة على حدود دول الجوار، ويدرك أغلبهم أنّ أصواتهم ستذهب إلى الأسد، وإن امتنعوا عن التصويت.

وإزاء مهزلة الانتخابات، ليس أمام السوريين إلا السخرية، التي عبّروا عنها في كل الانتخابات السابقة، ولكنهم اليوم أكثر مرارة، بسبب احتلال بلدهم من بضع دول، وتهجير أكثر من نصف شعبهم. وبذلك يستحيل تحقيق أي شرعية للانتخابات، وتفقد أي قيمة قانونية وسياسية. وبالرغم من ذلك، فإنّ النظام ما زال مصرًّا على إجراء الانتخابات الشكلية لـ 25 في المئة من الهيئة الناخبة، من خلال إجبار مواطني المدن والأرياف التي تقع تحت سيطرته، وأغلبها تعادي النظام، على التصويت. في حين أنّ 75 في المئة من هذه الهيئة يرفض هذه الانتخابات، بعيدًا عن أي مستوى من الشرعية.

وفي الواقع، فإنّ الداعمين للنظام يدركون أنّ شرعيته تراجعت في أوساط الموالين، الذين يحمّلونه مسؤولية تدهور مستوى المعيشة والانهيار المستمر للقدرة الشرائية للسوريين، وعدم الوفاء لوعده بسلوك مسار آخر بعد “انتصاره”، حيث أدركوا أن ليس لديه سوى خيار دمار سورية، عملًا بشعار النظام “الأسد أو نحرق البلد”. ولعلَّ هذا الانكشاف لمهزلة الانتخابات لدى أغلب السوريين، بالتزامن مع كشف المجتمع الدولي لفضيحة جرائم استخدامه للسلاح الكيمياوي ضد شعبه، يدفع القوى المؤثرة في المجتمع الدولي إلى الإقلاع عن إبداء رفض هذه الانتخابات، والقلق على الحالة الإنسانية للسوريين، في اتجاه رفع الغطاء القانوني عن النظام.

غياب الترتيبات التنظيمية للانتخابات

إنّ الانتخابات المستقلة تحتاج، من الناحية السياسية، إلى بيئة آمنة حيادية وتعددية وتنافسية لإجرائها، وتحتاج من الناحية القانونية إلى ترتيبات تنظيمية تبدأ من إعداد قوائم الهيئة الناخبة، وحقوق الترشح، والمراقبة المستقلة للانتخابات من قبل منظمات حقوقية وطنية وإقليمية ودولية، والإشراف على فتح صناديق الاقتراع وفرز الأصوات وإعلان النتائج، وترتبط بوجود الإعلام المستقل، وحرية التجمع والدعاية الانتخابية. كل هذه الترتيبات التنظيمية لم تعرفها سورية طوال حكم آل الأسد، فضلًا عن أنّ المهزلة الحالية تتجاوز منطوق كل قرارات مجلس الأمن الدولي، بدءًا من بيان جنيف عام 2012 إلى قرار 2254 عام 2015، خاصة ما ورد في الفقرة رقم 4: “تحديد جدول زمني لعملية صياغة الدستور الجديد.. يعرب عن دعمه لانتخابات حرة ونزيهة تجري، عملًا بالدستور الجديد.. بما يستجيب لمتطلبات الحوكمة وأعلى المعايير الدولية، من حيث الشفافية والمساءلة، وتشمل جميع السوريين الذين تحق لهم المشاركة، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المهجر”. بينما تغيب عن دستور النظام لعام 2012 النصوصُ المرجعية التي تسمح بإدارة عملية الانتخاب، بشكل محايد ومستقل، أو تضمن أي حدٍّ من النزاهة.

وفي هذا السياق، والمتنافسون في الانتخابات يتقدّمون ببرامجهم الانتخابية، نسأل: أليس من حقّ السوريين أن يتساءلوا: ما هو البرنامج الانتخابي لبشار الأسد؟ وما هي إنجازاته منذ ورث السلطة عن أبيه في عام 2000؟ هذا سؤال تقليدي، لأنهم يدركون أنه شرّد نصف الشعب السوري، وجعلهم يتسّولون رغيف الخبز، بعد أن قتل وعذّب واعتقل ملايين السوريين. ولن ينخدعوا بتنافس الدمى، الذي يوهم بأنّ هناك تنافسًا في الانتخابات، حيث بلغ عدد المتقدمين بطلبات الترشح 51 مترشحًا، منهم 7 نساء، وقد أظهروا مدى التهافت والابتذال لذواتهم أمام “سيد الوطن”، وتم اختيار مرشحين منهم مع بشار الأسد. ووصلت المهزلة إلى ذروتها، حين دعا النظام برلمانات “الدول الشقيقة والصديقة للاطلاع على سير الانتخابات”، وهي في أغلبها أنظمة حكم استبدادية شبيهة بالنظام السوري.

أهمّ مطالب منظمات حقوقية سورية من المجتمع الدولي

أكدت منظمات حقوقية سورية عدة عدم شرعية الانتخابات، حيث قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إنّ الانتخابات “تنسف العملية السياسية، وتجري بقوة الأجهزة الأمنية”، وأنّ بشار الأسد “متهمٌ بارتكاب العديد من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، ويجب محاسبته”. وقال مدير الشبكة: “إنّ إجراء انتخابات رئاسية من قبل شخص متورط في جرائم ضد الإنسانية، والفوز بها، يُفقد المجتمع السوري أي ثقة بالعملية السياسية والتحوّل الديمقراطي، ويعزز من سردية التنظيمات المتطرفة”. وطالب الدول الداعمة للعملية السياسية بـ “الرفض المطلق لهذه الانتخابات الصورية، والتأكيد على عدم شرعيتها، والرد باتخاذ خطوات جدية، ضمن جدول زمني محدد، لإنجاز الانتقال السياسي نحو الديمقراطية وحقوق الإنسان”. ووفقًا لتقرير الشبكة، فإنّ فشل المجتمع الدولي، في تفعيل قرارات مجلس الأمن حول عملية الانتقال السياسي، “ساعد نظام الأسد على الاستمرار في تحدي المجتمع الدولي”.

وكذلك أرسل “التجمع الوطني الحر للعاملين في مؤسسات الدولة السورية” رسالةً إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، جاء فيها “إنّ الانتخابات تنسف تراتبية الحل السياسي، الذي يحدده القرار الأممي 2254، عبر خطوات متسلسلة واضحة، تبدأ بحكم ذي مصداقية، ثم عملية دستورية لصياغة دستور جديد للبلاد، ثم انتخابات حرة نزيهة وفق الدستور الجديد، وبإشراف الأمم المتحدة ضمن بيئة آمنة حيادية مستقرة”. ووعدت حملة (لا شرعية للأسد وانتخاباته) بـ “العمل على مواجهة محاولات إعادة إنتاج النظام وتعويمه دوليًا، من خلال التظاهرات والحملات الإعلامية والتواصل مع صنّاع القرار في مختلف دول العالم”.

وأرسلت جمعية حقوق الإنسان في إسطنبول (أُسست في دمشق سنة 2001)، في 25 نيسان/ أبريل الماضي، مذكرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، طالبته فيها بنقل المسألة السورية إلى الجمعية العامة، حيث لا فيتو روسي وصيني، ومما ورد فيها “أمام الفشل المستمر لمجلس الأمن الدولي في التمكن من أداء واجباته بحفظ الأمن والسلم في سورية على مدار السنوات العشر السابقة، فإننا نلتمس منكم: دعوة الجمعية العامة إلى عقد اجتماع تحت عنوان (الاتحاد من أجل السلام) لتدارس الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها نظام الأسد وما زال، والعمل على استصدار قرار من الجمعية العامة بعدم شرعية الانتخابات المزمع القيام بها من النظام السوري، وإبطال كافة مفاعيلها القانونية والسياسية”.

مواقف المجتمع الدولي

 السوريون ليسوا ناخبين في المهزلة القادمة، ولكنّ الناخب الحقيقي الكبير هو القوى الإقليمية والدولية التي أخذت مواقعها المتفارقة نظريًا، منذ بداية الثورة السورية في عام 2011، ففي الوقت الذي وضعت روسيا وإيران إمكاناتهما في خدمة النظام، فإنّ “أصدقاء” الشعب السوري الإقليميين والدوليين كانوا يستنكرون جرائم النظام ويعبّرون عن قلقهم على مآسي السوريين، ونادرًا ما كانوا ينقلون قلقهم الإنساني إلى إجراءات وتدابير سياسية مؤثرة. حيث خُدع هؤلاء الأصدقاء بالصورة التي قدّمها بشار الأسد عن نفسه للغرب، باعتباره بديلًا عن “التطرف الإسلامي” الذي سيحكم سورية في حال إسقاطه. وكان من نتيجة ذلك أنّ مواقف الأصدقاء الغربيين لم تكن متناسبة مع مستوى الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها النظام.

 ويمثل إجراء مهزلة الانتخابات تحدّيًا من قبل النظام وداعميه الروس والإيرانيين للمجتمع الدولي، ويعني تثبيتًا للأمر الواقع مدة سبع سنوات أخرى. والسؤال الرئيسي هو: هل سيتعامل المجتمع الدولي مع هذا الأمر الواقع؟ وهل ستكون مجموعة “أصدقاء الشعب السوري” عند مواقفها التي أعلنتها برفضها المسبق للاعتراف بالانتخابات ونتائجها؟

أعلنت ليندا توماس غرينفيلد، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، أمام اجتماع مجلس الأمن الدولي في 26 نيسان/ أبريل الماضي، أن “هذه الانتخابات لن تكون حرّة ولا نزيهة، ولن تضفي الشرعية على نظام الأسد.. ووفقًا لقرار 2254 يجب إجراء الانتخابات وفقًا لدستور جديد، وتحت إشراف الأمم المتحدة، ويجب على نظام الأسد اتخاذ خطوات لتمكين مشاركة اللاجئين والنازحين في أي انتخابات سورية”. وكانت فرنسا قد اقترحت وثيقة معايير لإجراء انتخابات رئاسية نزيهة في سورية: ضمانات لمشاركة اللاجئين من الخارج والنازحين في الداخل في عملية الاقتراع، وتنفيذ خطوات بناء الثقة، وإيجاد البيئة الآمنة المحايدة، بالإضافة إلى تهيئة الظروف القانونية والعملية لإجراء الاقتراع التعددي، وإشراف الأمم المتحدة على الانتخابات، وضمان أقصى درجات الحياد. وفي الاجتماع نفسه لمجلس الأمن، رفض الاتحاد الأوروبي تنظيم الانتخابات، وقال الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والأمنية جوزيف بوريل: “لا يمكن للانتخابات أن تسهم في تسوية الصراع، ولا أن تؤدي إلى أي إجراء للتطبيع الدولي مع النظام السوري”. أما وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، فقد جدد تأكيد الموقف الروسي، إذ قال: “إنّ الانتخابات الرئاسية القادمة في سورية لا تتعارض مع قرار مجلس الأمن 2254″، وهذا يؤكد إصرار روسيا على إجراء الانتخابات.

ولأنّ مواقف الأصدقاء المعلنة، منذ بداية الثورة السورية في آذار/ مارس 2011، لم تكن متناسبة مع حجم الكارثة السورية ومع مستوى الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها النظام، فإننا نتساءل اليوم: هل سيتحول استنكار المجتمع الدولي إلى مواقف عملية؟ كأن نشهد دعوات إلى سحب تمثيل النظام في المحافل الدولية، خاصة في هيئة الأمم المتحدة، كتعبير فعلي عن عدم الاعتراف بشرعية انتخاباته؟

إنّ واقع التجربة يؤكد أنّ إرث العلاقات الغربية مع النظام لا يشير إلى تحوّل المواقف المعلنة إلى واقع عملي، ففي انتخابات بشار الأسد عام 2014 التي وصفها وزير الخارجية الأميركي حينذاك، جون كيري، بأنها “صفر كبير للغاية”، ماذا كانت النتيجة العملية؟

يبدو أنّ أقصى ما يمكن توقعه لن يتعدى وجوب التزام الأسد بالقرارات الدولية ذات الصلة، خاصة قرار مجلس الأمن الدولي 2254، وما يقتضيه من عملية الانتقال السياسي، ولكن بعد إنجاز مهزلة الانتخابات. وذلك ضمن ما يسمى “شرعية الأمر الواقع”، ضمن لعبة صراع المصالح الاستراتيجية بين الأطراف الدولية والإقليمية.

إنّ الانتخابات المهزلة، إذا ما تمّت ولم يَقطع الطريق على إنجازها صفقات ما، تحت ذريعة “كورونا” مثلًا، تظهر أنّ داعمي النظام في موسكو وطهران يرغبان في فرض الأمر الواقع على بقية الأطراف المؤثرة، الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وتركيا، أو أنهما لم تحصلا بعد على صفقة تأجيل الانتخابات، مقابل مكاسب سياسية أو اقتصادية.

مركز حرمون

————————–

طرائف سوداء/ راتب شعبو

يعرف السوريون، بكل تنوعاتهم السياسية وغير السياسية، أنه لم يكن للانتخابات الرئاسية في سورية (ولا لغيرها من الانتخابات السورية بعد 1970) أي معنى ديمقراطي، ويدركون أن ما يُصرف عليها من الموازنة هو هدر محض. وكما يعرف السوريون هذه الحقيقة، كذلك تعرفها الطغمة الأسدية، ويعرفها حلفاؤها قبل أعدائها. مع ذلك تجرى الانتخابات لكي تعرض علينا بعض الطرائف السوداء.

الطرفة السوداء تقول إن الطغمة التي تقول “الأسد أو نحرق البلد”، هذا القول الذي سبق له أن صعق العالم بوقاحته، حتى جعله أحد الصحفيين الأميركيين عنوانًا لكتابه عن سورية، جاهزةٌ بنفس المستوى من “الثقة بالنفس” لأن تكون ديمقراطية وأن تعود إلى الشعب كي يختار بين ثلاثة مرشحين، بينهم هذا الذي تُحرق البلاد دونه.

قد يعترض أحد بالقول إن شعار حرق البلد ليس شعار الطغمة، بل هو مجرد كلام “جاهلي” لفئة من الأنصار المتحمسين للأسد أو فئة من الشبيحة، ولا ينبغي بالتالي أخذه على الطغمة. لكن على من يعترض أن يفسّر سبب بقاء هذا الشعار على الجدران في كل مكان، فيما تمحى بهوس الكتابات التي تعترض على الأسد. والأهم أن عليه أن يرى التنفيذ الفعلي للشعار على يد نخبة الحكم أو الطغمة نفسها.

حين رفضت غالبية السوريين بقاء الأسد، مغامرين بأن تقوم الطغمة بحرق البلد، لم تكتف الطغمة بأن أقدمت بالفعل على حرق البلد، بل تجاوزت المفاضلة التي يتضمنها شعارها المذكور، لتجمع بين حرق البلد وبقاء الأسد. على هذا، يكون البرنامج الانتخابي للأسد هو بلاد محروقة. لكن الحديث عن برامج انتخابية كما يفهمها الناس، لا محلّ له في السياق السوري. ففي انتخابات 2007، وقبل أن يتحول حرق البلد من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل، اختار الشعب السوري بشار الأسد لسببٍ يعلو فوق السياسة وفوق الأحزاب والبرامج، لقد اختاره السوريون لسبب قاهر هو الحبّ، فقد ملأت كلمة “منحبك” الشوارع والساحات والشاشات. ولا شك في أن الشعب حين يحبّ أحدًا لن يسأله عن برنامجه الانتخابي. الحبّ لا تفسير له ولا أسباب، ولذلك حين يدخل الحب تخرج السياسة وتصبح لاغية. في انتخابات 2014 “التعددية” كان الشعار الانتخابي كلمة واحدة “سوا”، الشعب والمحبوب باتوا حينها أمام “مؤامرة” يجب أن يدحروها بالحب “سوا”. عبقرية جماعة الحكم الأسدي يمكن أن تتفتق عن شعار للانتخابات المزمعة في 26 الشهر الجاري، يقول مثلًا: ندمرها ونبنيها معًا، أو لن يستطيع أن يعمّرها سوى من دمّرها.

هذه ليست مسرحية، فلشخصيات المسرحية وجمهورها واقع يعودون إليه بعد العرض، فيما هذه الانتخابات هي الواقع السوري الذي دفع السوريون دماءهم وأرواحهم وأرزاقهم كي يخرجوا منه.

الطرفة السوداء الثانية أن الطغمة التي لم تتوان عن حرق البلد وإعادته عقودًا إلى الخلف على كل المستويات، واتهام كل من لا “يحبّه” بالخيانة الوطنية التي تسمح أو توجب قتله في الساحات أو تحت الأنقاض أو في السجون، لا تتجرأ على أن تعلن صراحة أنها تحكم بالحديد والنار، وبالقهر والتسلط. فهي تخشى أن تعلن هذا الواقع البسيط والواضح. تتجرأ على تدمير بلدٍ، وتخشى أن تعلن أنها تفرض نفسها بالقوة على الناس. قد تجد ذا مزاج ساخر يقول من الأفضل إجراء هذه الانتخابات مهما يكن، فقد يحصل السوريون بمناسبتها على منحة مادية وعلى عفو عام… الخ. وقد تجد أيضًا على ضفة نظام الأسد “عقلانيًا” ما أو واقعيًا يحاجّ بالطريقة التالية:

وهل يوجد في المعارضة من هو أفضل من بشار الأسد؟! ويتبع ذلك استطراد بسرد نقائص أو ربما فضائح فلان وفلانة، ممن برزت أسماؤهم وأسماؤهن في صفوف المعارضة في السنوات الماضية. ثم، بعد مساواة الناس بالسوء، يضيف هذا “العقلاني” امتيازًا يتمتع به الوريث الجمهوري، وهو أنه يستطيع، لأسباب عديدة معروفة، منها سيطرته على الجيش والأمن، أن يحافظ على جهاز الدولة من التفكك. وعادة ما ينتهي أو يبدأ هذا النوع من المحاجّة بجملة “لنكن واقعيين”!

في مثل هذه المحاجّة التي كان وما زال لها وجود ملحوظ في الوسط الموالي أو اليائس القانع بالطغمة الأسدية، يوجد خلط بين ما هو شخصي وما هو سياسي. ليست السمات الشخصية للرئيس هي الحاسمة في النظام السياسي إلا حين يكون الرئيس حاكمًا بأمره دون أي قيود. قد يتفوق بشار الأسد بالمواصفات الشخصية على كثير من الأفراد المعارضين للنظام، غير أن الحقيقة الثابتة هي أنه مسؤول عن دمار البلاد، لعدم وجود نظام سياسي يقوم على آليات محددة في الحكم لا تسمح للرئيس بالحكم المطلق، وبأن يسخّر آلة الدولة ومقدراتها للاحتفاظ بالسلطة. ما يطالب به السوريون هو تغير نظام الحكم أو عقلنته بحيث لا يمكن للرئيس أن يكون “مالكًا” للدولة، ثم مالكًا للبلد وقادرًا على حرقها. قد تجد بين معارضي النظام من يعترضون على شخص بشار الأسد، هذا كلام لا يؤخذ به، فهو إما كلام انفعالي ولا يشكل حقيقة ما يريده السوريون، وإما كلام يقوم على فكرة أن تغيير شخص الرئيس يقود إلى تغيير النظام.

فكرة تغيير النظام السياسي وتحرير الدولة من السيطرة المؤبدة لنخبة الحكم، وجعل مرجعية الشرعية السياسية هي الجدوى والإنجاز، هذه الفكرة تمتلك قيمتها من انعكاسها على حياة البلد والناس، وليس من جودة أو سوء الشخص الذي يطرحها. إذا كان من اقترح فكرة نصب كاميرات في الشوارع مجرمًا، يبقى للكاميرات دور مهم في الحد من الجريمة.

هذا فضلًا عن أن استمرار طغمة الأسد في السيطرة على الدولة السورية دفعت ملايين السوريين إلى الكفر بالدولة نفسها، وهذا يكافئ تفكك الدولة، إن لم يكن أكثر سوءًا.

الطرفة السوداء الأخرى هي حقيقة حاكم أوصل بلاده إلى الحضيض، ثم يجد لديه الاستعداد لاقتراح نفسه رئيسًا مرة أخرى، لكن الأكثر سوادًا وألمًا في الواقع هو أن يخرج بعض السوريين للاحتفاء به، بالرغم من أنهم يعيشون، في ظل حكمه، ذلّ الجوع والحاجة والهوان الوطني وانسداد الأفق!

مركز حرمون

—————————–

ابتسامة المقدسي وهي تمتدح إسرائيل/ عمر قدور

أصبحت بمثابة ظاهرة صورُ المقدسيات والمقدسيين المبتسمة لحظة قيام الشرطة أو القوات الإسرائيلية باعتقالهم، بل قد لا يتأخر كثر في وصفها بانتفاضة الابتسامات. وكما هو متوقع، سيكون من السهل اعتبار هذه الابتسامة سلاحاً مقاوِماً، ومن الأسهل تالياً وصفها بابتسامة التحدي، لتُسجن في إطار الوصف، وليتغلّب التسييس القسري الضيق على رحابة تلك الوجوه المبتسمة ابتساماتٍ لصيقة بالحياة لا تلهث وراء أن يُقبض عليها في صورة وإطار.

سرعان ما سيأتي التسييس المقابل، المتربص بدوره، فابتسامة الفلسطيني تصبح بموجبه تعبيراً عن الارتياح لما يلي الاعتقال، حيث يدرك الفلسطيني أو الفلسطينية شروط السجن الذي سوف “ينعم” به. بالطبع يجهر هذا النوع من التسييس بمرجعيته التي تقارن أحوال المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بأحوال نظرائهم في سجون الأنظمة العربية، سواء كانوا من مواطني تلك الدول أو من اللاجئين الفلسطينيين إليها الذين يذوقون في السجون العربية أصنافاً من القهر والتعذيب تتميز بها عن الإسرائيلية.

وفق المقارنة السابقة، تأتي ابتسامات المقدسيين والمقدسيات كأنما تمتدح إسرائيل، فأصحابها ذاهبون إلى اعتقال هو نزهة بالمقارنة مع السجون العربية. وما يعرفه الفلسطيني عن “رخاء” السجون الإسرائيلية ينزع عن ابتسامته فرضية التحدي التي يسوقها المتحمسون لابتسامته، لتكون ابتسامة العارف بكافة تبعات فعله، وهو ما ينزع عنها أيضاً فرضية العفوية “على الأقل في الابتسامات الأولى التي رصدتها الكاميرا”، وافتراض العفوية مهمَل بطبيعته لأنه لا يخدم التسييس والتسييس المقابل.

في وسعنا أن نضيف إلى الوصف ما يظهر من نضارة في تلك الابتسامات، نضارة ليست ابنة اللحظة، نضارة لا بد أن يكون لها عُمر مطابق لعيش قريب جداً من العيش الطبيعي، إذا لم يكن ذلك العيش الذي صار يُسمى عادياً بمقاييس العصر. لا نلمح في غضون الابتسامات إرثاً من القهر يعكّر صفوها، وهذه الملاحظة “لمن يشاء” يسهل تسجيلها لصالح الاحتلال الإسرائيلي الذي احتفظ لأولئك الشبان والشابات بقدرتهم غير المقيَّدة أو المحدودة على الضحك، وصولاً إلى الضحك منه وعليه.

نستطيع تالياً القول أن شباناً في بلدان عربية لا يستطيعون الابتسام لحظة الاعتقال، ومن المؤكد أنهم لو فعلوا سيدفعون ثمن ابتساماتهم غالياً جداً فوق التعذيب المتوقع أصلاً، وهم إذا ابتسموا يصعب أن تصدر عنهم تلك الابتسامة النضرة الصافية. إن إرثاً متوالياً من القمع والقهر في هذه البلدان سيجعل من الصعب أو المستحيل صدور تلك الابتسامة التي تضمر عدم التعرض لذلك الإرث، من دون أن نحجب عن أصحابها أنواعاً أخرى مختلفة من المعاناة الخاصة.

نستذكر بهذه المقارنة إرث سلطات الاستبداد العربية الذي في إحدى نتائجه يحرم ضحاياه من القدرة الطبيعية على الابتسام والضحك، وأن تقترن هذه القدرة بسياق معيشي اعتيادي، لا أن تُنتزع من ذلك السياق خلسة أو عنوة. من هذا التفصيل، الذي قد يبدو صغيراً أو هامشياً، تنفتح نافذة أخرى للمقارنة بين إسرائيل وأنظمة القمع، من دون “الهرولة” إلى امتداحها عطفاً على عدم التمييز بين طبيعة الطرفين وما ينجم عنها.

كان السلوك الأسدي آخر وأقرب مثال فاقع للمقارنة، فمنذ انقلاب الأسد عام1970 لم يسلم السوري والسوري الفلسطيني، ثم اللبناني والفلسطيني في لبنان، من براثن تلك الآلة الجهنمية التي تعمل خارج السياسة، بل تعمل ضد السياسة ومن أجل استبعادها نهائياً. لم يكن هناك في أي وقت لدى الأسد الأب أو الابن هدف سياسي يُراد تحقيقه، كان الهدف دائماً هو احتكار السلطة ومغانمها، مع العمل بشتى الوسائل وأقساها على عدم بروز منافسين يهددون ذلك الاحتكار، وفي مقدمها الوسائل الوقائية الاستباقية.

تبرز واحدة من المغالطات الشائعة في النظر إلى حكم الأسد كمعاقِب للسوريين عندما يتجرؤون على “اقتراف” السياسة، فهنا يُنظر فقط إلى العنف المفرط الذي قابل به الحكم محاولات الاعتراض بدءاً من السبعينات وصولاً إلى الثورة. هي نتيجة مختزلة جداً لا تلحظ مثلاً أن إفقار الشرائح الأوسع لا يحركه جشع احتكار الثروة فحسب، بل أيضاً الإمعان في قهر معظم السوريين، ولا تلحظ في مثال آخر الحضورَ المستدام الطاغي لأجهزة المخابرات، أو الاعتقالات الموصوفة بـ”العشوائية” وهي ليست عشوائية على الإطلاق ما دامت تؤدي وظيفة القهر المعمم.

من دون الإسهاب في سرد كل ما راكمه حكم الأسدَيْن من مقومات البؤس والقهر، لا يصعب علينا استخلاص ما يشبه البديهية من حيث ارتباط الضحك بالحد الأدنى من الحرية، ولا يصعب الانتباه إلى أن ثقافة الاستبداد معادية للفرح وللمرح بطبيعتها، سواء امتلكت أيديولوجيا معادية لهما أو اكتفت بالجشع الذي لا يشبع إلى السلطة. في المحصلة، هناك شعوب بغالبيتها الساحقة تتمنى لو تتاح لها تلك الابتسامة النضرة الصافية التي لا يتخللها خوف سابق، أو خوف مما سيأتي. في الواقع رأينا بعضاً من الفرح والمرح في لحظات قليلة من الإحساس بالحرية رافقت الانتفاضات والثورات العربية هنا وهناك، قبل الانقضاض عليها سريعاً من أعداء الحرية والفرح معاً.

لنتخيَّلْ أن يواجه أحدٌ ما نتنياهو مشبِّهاً إياه ببشار الأسد، وكيف سينتفض هذا اليميني المتطرف الفاسد إحساساً حقيقياً منه بالإهانة. لا نستبعد أن يتمنى نتنياهو في قرارة نفسه لو يستطيع إبادة الفلسطينيين والتنكيل بهم كما يفعل بشار بالسوريين، بل لا نستبعد إن كان يتمنى في قرار نفسه لو يستطيع التنكيل بخصومهم “اليهود” ليستأثر بالسلطة بلا منازع، إلا أن وجود نظام سياسي يكبّله، مثلما يكبّل أي مسؤول إسرائيلي آخر، سواء تجاه الفلسطينيين أو تجاه الخصوم السياسيين.

السياسة، لا الجشع إلى السلطة والاستئثار بها، هو ما يحكم السلوك الحكومي الإسرائيلي. من ذلك، استخدام وسائل ضغط محددة ضد الفلسطينيين، من أجل انتزاع مكاسب محددة أيضاً. إن قوة القهر الموجودة تعمل حثيثاً، من دون العمل أوتوماتيكياً أو خارج الهدف المحدد والمتغير بحسب الظروف، ولا غرابة في أن يكون أسوأ ما في تاريخ الممارسات الإسرائيلية مستلهماً من ممارسات الحروب الأهلية، أي على قاعدة “حرب الوجود” التي تغنى بها العرب من دون ممارستها.

تتعيش المقارنة بين إسرائيل وأنظمة القمع المجاورة، وتالياً امتداح إسرائيل، على الاستعداد المطلق للطرف الثاني من المقارنة لاستخدام شتى أصناف العنف، بينما يفترض أصحابها قدرة إسرائيل على ارتكاب الأفعال نفسها لولا ترفّع حكامها عن الانحطاط إلى مستوى الجيران. إلا أن بنية النظام الإسرائيلي لا تسمح بتحقق أسوأ مخيال عربي عن وحشيته، ولا تسمح بالتحول إلى نظام قمعي مشرقي، هذا التحول ينسف أساس وجود إسرائيل وجاذبيتها الضرورية لاستقطاب يهود العالم. هو أيضاً ينسف انتماء إسرائيل إلى المنظومة الغربية، ورغم كل ما قيل “بحق أو بغير حق” عن تجاهل الغرب الممارسات الإسرائيلية في حق الفلسطينيين فإن هذا التجاهل لا يرقى إلى تجاهل الغرب نفسه تلك الانتهاكات الفظيعة التي ترتكبها الأنظمة العربية. على الأقل يعاتب الغرب تل أبيب بناء على القيم المشتركة بين الجانبين، في حين لا قيم مشتركة تجمعه بأي طاغية عربي، ولا رأفة أيضاً بشعوب المنطقة التي لا يُنظر إليها كشريك.

تُقارَن إسرائيل بالقيَم التي ينسبها قادتها إليها وبانتمائها للمنظومة الغربية، ومن الخطأ الإصرار على مقارنتها بمجموعة من مهووسي السلطة في الجوار. هذه المقارنة التي تطل من مناسبة لأخرى تمتدح إسرائيل بغير وجه حق، وتمتدح الأنظمة بوضعها في مقارنة غير مستحقة. ربما تجوز المقارنة يوماً، عندما يتمكن أبناء المنطقة من الابتسام كما يفعل المقدسيون، وحتى ذلك الحين لا معنى لانتشار وسم “أنقذوا حي الشيخ جراح”، لا معنى له إذ يُكتب بالعربية. 

——————————-

تراجيديا الدويلات السورية ودلالاتها/ رستم محمود

ستبقى سوريا على حالها هذه لمدة طويلة. سياقان سياسيان سوريان رئيسيان حدثا خلال الأسابيع الماضية، أثبتا أن تلك المقولة تكاد أن تكون الثابت الوحيد في المشهد السوري: مسرحية الانتخابات الرئاسية التي ينفذها النظام السوري بكامل أركانها الهزلية في مناطق حُكمه، دون أي اعتبار للحساسيات والتوازنات وتدهور الأحوال السورية.

إذ من بين الأشياء الكثيرة التي تقولها عملية إعادة انتخاب الأسد رئيساً لسوريا التي يحكمها، هو تفضيل النظام السوري حُكم بقعة مُحددة من سوريا بشكل مُطلق، أياً كانت مستويات تدهور أشكال الحياة داخلها، على أي شكل من الحُكم التوافقي، ينتج عن مساومة سياسية تُعيد ترتيب وتحسين عموم أحوال البلاد، ولصالح جميع المحكومين، بما فيهم مؤيدوه.

السياق الثاني كان يتعلق بما نقلته وسائل الإعلام العالمية عن عرض روسي غير رسمي قدمته لكل من تركيا والولايات المُتحدة، يتمثل بالتوافق الثلاثي فيما بينهم على إيقافٍ طويل الأمد للصراع المُسلح بين النظام السوري والمعارضة وقوات سوريا الديمقراطية، ويؤدي تدريجياً إلى فتح المعابر الحدودية بين مناطق حُكمها الثلاث، يسمح للسكان والمواد بالتنقل السلس، ويسمح جزئياً بعودة المؤسسات الخدمية العمومية التي تديرها الحكومة السورية بشكل سيادي غير عسكري، كإصدار الوثائق العامة مثلاً.

فروسيا الحاكمة العُليا لأوسع بُقعة سورية، وعبر ذلك الطرح، إنما تقول إن تعايشاً مديداً مع هذا الواقع السوري، أكثر يُسراً من خلق أي حلول سياسية كلية متخيلة.

على مثل تلك السياقات المذكورة، ثمة دلائل تفصيلية تكاد لا تُعد لكثرتها، تثبت كل واحدة منها أن الكيان السوري العمومي، بسلطة ذات شرعية في كافة مناطق البلاد، صار أمراً مستبعداً للغاية في الأفق القريب، وأن السوريين على مختلف حالتهم، سواء كانوا مهجرين أم في الداخل، مُجربون على التعامل مع هذا الواقع لأمد طويل، طال حتى الآن جيلاً كاملاً منهم، ورُبما يطول لأجيال كثيرة.

سوريا موزعة راهناً على ثلاثة كيانات مرئية، منفصمة عن بعضها ومتصارعة فيما بينها والقلقة للغاية أكثر من أي سمة أخرى، وعدد من مناطق النفوذ غير المُعلنة ضمن تلك الكيانات، يديرها فصيل أو تشكيل أو حتى أمير حربٍ ما. وحيث أن ذلك الفصم الجغرافي يوازيه، وربما يتفوق عليه، فصام نفسي وسياسي بين الجماعات والجهويات والحساسيات السورية، التي تشعر باستحالة العيش المشترك من جديد.

إن هذه الحال السورية هي نتيجة موضوعية لتلاقي ثلاثة أشكال من الاستعصاء المرير: فالإرادات الإقليمية والدولية استعصت طوال عشر سنوات كاملة من أن تخلق فيما بينها أنواعاً من التوافق، تتجاوز سوريا عبرها موقع الملعب الذي تُصفَّى فيه الحسابات الإقليمية والدولية. وسوريا بموقعها وتنوع بنيتها الديموغرافية وحساسية الذاكرة الجمعية بين جماعاتها الأهلية، مؤهلة لشغل دور “الملعب” ذاك لأمد طويل منظور. فالكيانات السورية راهناً هي تمثيل دقيق لأشكال الصراعات والتوازنات الإقليمية تلك.

الاستعصاء الثاني تمثل في التوازن الرهيب بين السوريين المتصارعين فيما بينهم. فعلى العكس من باقي بُقع الربيع العربي، التي حُسمت فيها المواجهة لصالح واحد أو آخر من القوى المجتمعية والسياسية في هذا البلد أو ذاك، وكلٌ حسب توازنات القوى داخله، إلا أن المسيرة السورية أثبتت شبه تعادل رهيب في القوة بين المتصارعين، بين نظام صفري مستعد لأي شيء في سبيل سُلطة مُطلقة، ومعارضة جذرية تستند لإرث مرير في مواجهة هذا النظام، يُستحال أن تستعاد الثقة به.

كذلك ساعدت النخب السياسية السورية لأن تصل الحال السورية لما هي عليه. ربما لفقدانها لتجربة العمل السياسي لمدة طويلة، ولطبيعة نزعاتها الأيديولوجية/الثقافية التي كانت متفوقة على تفكيرها السياسي.

لتلك الأسباب لم تتمكن هذه النخب من خلق وإفراز طروحات سياسية واقعية قادرة على انتشال سوريا من الاستعصاء الذي غرقت فيه. بل بقيت تُفضل طُهرانية زائفة وخطابية على إنقاذ مجتمعاتها من هذه المأساة. وهي مستعدة لمزيد من ذلك، على انفصام موضوعي مُطلق عن الواقع، في سبيل أشكال مزيفة من القومية، تأخذ مرة ثوباً وطنياً وأخرى ثوباً إسلامياً، وهكذا.

بالنسبة لكتلة وازنة من السوريين، من غير ذوي الأيديولوجيا الوطنية البائسة أو الفكر الاستحواذي الشمولي، ليس ثمة مُشكلة في انقسام سوريا إلى كيانات فيدرالية أو كنفيدرالية داخلية، أو حتى انفصالها واستقلالها النهائي عن بعضها، تلك الأدوات التي قد تكون “حلاً” أو شكلاً ما لإدارة المجتمعات السورية لأحوالها.

فتلك المسارات قد توفر طيفاً من المميزات الاقتصادية والشرعية والسياسية، تُخرج المُجتمعات السورية من بؤسها وتساعدها على تطوير أشكال حياتها الداخلية. فأعمق ما في باطن وعي السوريين يميل للقول إن كل شيء في المحصلة أفضل مما يعيشونه راهنا.

لكن حالة الدويلات السورية الراهنة مانعة لذلك تماماً. فالدويلات الثلاث، وما ضمنها من مناطق للنفوذ المحلي، الخاضعة لسُلطة أمراء الحرب، تفتقد لأي شرعية سياسية ودولية مساعدة لتطوير أشكال الحياة داخلها. كذلك يعتبر حاكموها أنفسهم خارج أي مسؤولية أو محاسبة مُمكنة، لذا يستطيعون فعل ما يجدونه مناسباً بحق المحكومين. لأجل ذلك بالضبط، فإن أحوال الناس وسُبل عيشهم وحقهم المُطلق بالأمان وإمكانية تطوير حيواتهم داخل تلك الدويلات، إنما تواجه تدهوراً مُتقادماً دون حد.

فملايين الناس محرومون راهناً من حقهم البديهي في الحصول على وثائق رسمية مُعترف بها وخاضعة لسُلطة القانون مثلاً، وثائق تتعلق بأبسط أشكال الإجماع الآدمي، مثل الحق في المُلكية أو السفر أو النسب العائلي، ومثلهم ملايين آخرون محرومين من أي عملية تربوية مُعترف بها من مؤسسات دولتهم وما يناظرها من مؤسسات دولية، ومثلها أشياء أخرى أكثر بداهة، لا تُحصى.

في أوج تعبيرها، فإن الدويلات السورية هذه، التي ستعمر طويلاً وتفرز مزيداً من المآسي بحق ناسها، إنما تُثبت تعاضد عدد من السمات السياسية التي كانت ولا تزال تحيط بهذا البلد والعلاقات الدولية منذ عقود كثيرة، لكنها تكثفت وظهرت راهناً بشكل واضح تماماً.

فتمركز الجغرافيا السياسية السورية على هذا الشكل، وما يوازيها من أشكال الانفصال النفسي والسياسي بين المجتمعات السورية، إنما يثبت أن السوريين كانوا على الدوام أقل من “شعب” واحد، وأن إرادة القهر وسلطة الدولة كانت أكثر فاعلية من إرادتهم الحُرة في العيش سويا، وأن مزيداً من المجتمعات والجغرافيات السورية تفضل ذلك النوع من الفصام، لكنها لا تستطيع أن تحققه بفعل علاقات القوة.

فوق ذلك، فإنها تثبت أن السوريين بأغلبيتهم الواضحة، بالذات النُخب السياسية والثقافية منهم، يفضلون كل أشكال العراك والصراع على الدخول في مساومات بينية لخلق وئام عام يشكل دولة توافقية تدير أحوالهم العامة، ذلك التوافق الذي هو جوهر المجتمعات الراضية والمناحة للشرعية لكيانات دولها. 

كذلك تثبت هذه الدويلات السورية أن القوى الدولية والإقليمية أقل اكتراثاً بتصاعد العنف وتفتت المجتمعات وإمكانية انهيار الأنظمة العامة وارتكاب المجازر، من نزوعها نحو تحمل مسؤولياتها التقليدية الواجبة لخلق توافقات تحمي أشكال الحياة الآدمية، تلك المهمة المنوطة بالقوى الكُبرى، حسب مختلف المواثيق الدولية.

 أخيراً، فإن الدويلات السورية تثبت كمية القهر المُطلقة المتأتية من أقدار الحدود وجغرافيات الدول.

فالحدود المُصطنعة التي سكها المنتصرون في الحرب العالمية الأولى، عبر اتفاقية شديدة الفوقية، مثل سايكس بيكو، تثبت أنها أكثر قداسة من حق ملايين البشر في العيش بحياة عادية.

الحرة

——————————–

هذه المشيخةُ السوريّة وأوركسترا تعظيم القائد/ عبير نصر

منذ وصول الأسد الأب إلى سدّة الحكم، عمدت أجهزةُ المخابرات السورية إلى احتواء أيّ حزب أو تجمّع أو ظاهرة، ولا سيّما إنْ كانت دينية الطابع، خوفاً من ظهورِ تنظيماتٍ إسلاميةٍ متطرّفةٍ تخرج عن نطاق السيطرة. وكانت أحداثُ الثمانينيات التي تُوّجت بمجازر حماة نهايةً لحقبةٍ من العمل الإسلامي، إلَّا أنَّها كانت، في الوقت نفسه، مبعثاً لولادةِ عملٍ مختلف، ومنطلقاً لرسم خريطةٍ دينية سياسية جديدة، فبدأت شخصيّاتٌ وجماعاتٌ تطفو على السطح، لتعيدَ تشكيل كياناتٍ قائمة، وتغيّر في وسائلها وتكتيكاتها. وعليه، بدأت في نشر تديِّنٍ شعبيٍّ، أو علميّ تخصصّي، أو مسجديّ حلقيّ يتلاءم بتنوّعاته مع معطيات البيئة المحيطة اجتماعيّاً وسياسيّاً. وغدا الثالوث المقدس (السياسة – الأيديولوجيا – الدين) في علاقةِ تشابكٍ معقدة، تؤكد أنّ ما يفرض سلطةَ الأيديولوجيا أو الدين هو انحيازُ السياسي الذي يعتمد على استغلال ما في الاثنين من قوى دافعة للعمل السياسي، وبالتالي لا يظهر الدور الفجّ للسياسة، إنما تظهر سلطة كلّ من الدين والأيديولوجيات، ليبقى للسياسة فعلها المقنّع، أو الخفيّ، أو غير المحايد في الواقع.

في المقابل، شجّعَ النظام السوري قيامَ حركاتٍ إسلامية “دعوية” غير سياسية، ما عُرف بالإسلام الصوفي الذي قاده الشيخ أحمد كفتارو، المعروف بعدائه للإخوان المسلمين. وعمل الأخيرُ جاهداً على استيعاب مشايخ الدين وخطباء المساجد، كما عيَّن عديدين من وزراء الأوقاف الموالين له. وأفرزتْ هذه الصيغة جوقةً من المشايخ يسيطرون على الساحة الدينية، ولا ينطقون سوى بتعظيم القائد وتأليه كلّ حرفٍ يقوله، كذلك الدعوة لتثبيت حكمه في كلّ صلاة. والتحالف بات واضحاً بين النظام البعثي والمشيخة السنيّة في سورية، في غياب الكتلة الوازنة من العلمانيين الوطنيين. وعمل حافظ الأسد على تكريس هذا التّحالف، فكانت الصورة الأولى التي تتداولها له وسائل الإعلام، عقب الانقلاب البعثي الشهير، خارجاً من الجامع الأموي، وعن يمينه الشّيخ كفتارو، مارّاً بسوق الحميديّة الذي ارتفعت فيه لافتة مكتوب عليها من تجّار دمشق “طلبنا من الله المدد فبعث لنا حافظ الأسد”. وبناءً على الرّوايات الكثيرة، كان الشّيخ أحمد كفتارو يتحدّث، في درسه العام وخلال مناسبات عدّة، أنّ حافظ الأسد زاره قبل القيام بالانقلاب، واستشاره في موقفه، فقال له الشّيخ: “إن لم تفعلوا أنتم هذه الخطوة فسنلبس نحن البدلة العسكريّة ونحمل البواريد ونقوم بها”.

وعلى خطى جمال عبد الناصر مع الأزهر أو عمر البشير مع حسن الترابي، عمل الأسد الأب على استخدام سلطته السياسية لتثبيت شرعيةٍ دينية على حكمه، بعدما اتهمه الإخوان المسلمون في السبعينيات بأنّه غير مسلم. وكان الأسد يعلم أن وضعه غير طبيعي، إذ كيف يحكم الأكثريةَ، وهو من طائفة أقليّة؟ لذلك استعان بالمشايخ الذين ينافقون له ويجمِّلون صورته. وكانت نقطة التّحوّل في العلاقة مع المؤسسة الدّينيّة مع محاولات تمرير دستور عام 1973، بعد حذف المادّة الثّالثة منه التي تنصّ على أنّ دين رئيس الدّولة هو الإسلام، وأنّ الفقه الإسلاميّ مصدرٌ رئيسيّ للتّشريع. فكانت المواجهة الأعنف مع علماء حماة وحمص ومشايخهما، إذ اكتست طابعاً جماهيريّاً من خلال المظاهرات والمواجهات مع أجهزة الأمن. وفي وسط كلّ هذه المعمعة، لم يكن للشّيخ كفتارو أيّ صوتٍ، سواء في إطار الاعتراض أو التأييد، ولم يبدر منه أيّ موقفٍ تجاه تعديل الدّستور، على الرّغم من أنّه المفتي العام، ومنصبه يتطلّب موقفاً معلناً. كما أنّ غياب الشّيخ أحمد كفتارو عن جنازتي مؤسس جماعة زيد، عبد الكريم الرّفاعي (1973)، وعالم الدين الشيخ حبنّكة الميداني (1978)، وما جرى من قبل في جنازة الشيخ سعيد البرهاني في 1967، يكشف حجم الشّرخ وعمقه، كما يكشف عن درجة الاحتقان العالية في أوساط المؤسسة الدّينيّة. في المقابل، كان تغيّب حافظ الأسد عن جنازتي الشّيخين الرّفاعي وحبنّكة اللذين فشل في التقرّب منهما سابقاً، وحضور جنازة نجل الشّيخ كفتارو دلالةً واضحةً على وجهة النّظام التّحالفيّة داخل المؤسّسة الدّينيّة من جهة، وقدرته على استخدام دبلوماسيّة الجنائز لإيصال رسائله وتحقيق أهدافه من جهة أخرى.

وعلى الرغم من اعتماد النظام السوري صيغة عَلمانية، بحسب زعمه، فإن تعامله مع الأديان لم يوفر أيّ فرصةٍ لاغتنام الرصيد المعنوي لأيّ رجل دين، لدعم حكمه وترسيخ هيبته ومرجعيته السياسية الأحادية. ولعلَّ أبرزَ الأحداث التي غدتْ مثارَ جدل طوال حكم الأسدين، اندلاع الثورة السورية عام 2011، وموقف العلماء ورجالات الدين من هذه الانتفاضة الشعبية، من بينها موقف أكبر عمامة في سورية، محمد سعيد رمضان البوطي، الذي أمّ صلاة الجنازة على حافظ الأسد، فكانت إمامته الصلاة آنذاك شرعنةً صريحةً لنظام التوريث الأبوي. واستمر دعمه للأسد الابن والدفاع عنه حتى آخر لحظة من حياته. حيث وصف قادة الثورة السورية بـ”قادة الهرج” و”منفّذِيّ الأوامر الخارجيّة”، ورأى فعلهم لذلك انقياداً لأمر آمِر أو استفادة من مالٍ يسير يُوضع في الجيب. كما خصّص الشيخ البوطي عدة خُطب للتحذير من هذه التيارات والحركات، باعتبارها أدواتٍ عميلةٍ، تُحركها اليد الخفيّة التي تلعب من وراء البحار.

واحتضن النّظامُ السّوري، عبر أذرعه وأجهزته المخابراتيّة، هذا التديّن، وسيطر على أربابه، وعلى المجتمع المتأثّر بأقوالهم وأفعالهم. وعكست الممارسةُ الميدانية، المرتكزة على غياب مواجهةٍ فاعلةٍ مع العرش الاستبدادي، العلاقةَ الأصيلة بين المؤسسة الدينية والنظام الحاكم الذي عمد إلى ترسيخ الزبائنية داخل الميدان الديني، عبر تشجيع المنافسة المحلية على الموارد واللجوء إلى المحاباة، ففي مدينة حلب، مثلاً، نُقِلت المناصب الأساسية، تدريجياً، من الشبكات الدينية التابعة لآل الشامي إلى الشبكات الدينية التابعة للمفتي العام للجمهورية أحمد بدر الدين حسّون. ومع اتخاذ الانتفاضة الشعبية منحىً عنفياً، أعلن مجلسُ الإفتاء الأعلى السوري أنّ الجهاد ضدّ كلّ من استهدف سورية فرض عين، ليس على السوريين فحسب، وإنما على كلّ الدول العربية والإسلامية. ولم تفاجئ هذه “الفتوى” الشعب السوري الثائر، إذ إنها أتت كتحصيل حاصل لمواقف المفتي حسون الذي كان ولاؤه للنظام السوري ولا يزال أشبه بالعلامة الفارقة. ولعلّ أول مواقفه شبه الرسمية خلال أحداث “مجزرة حماة” عام 1980، حين عمّ الإضرابُ أسواقَ حلب، وأمر حافظ الأسد وقتها قوات الجيش باقتحام المدينة، وتكسير أقفال المحلات التجارية المضربة، وفي هذه الحادثة، بحسب ناشطين، لم يجد أحمد حسّون حرجاً في مرافقة قوات الجيش في مهامها، حاملاً ميكرفوناً مخاطباً الناس: “الإضرابَ حرامٌ شرعاً لأنه يضرُّ باقتصاد البلاد”.

يدرك النظامُ السوري الدورَ الإنساني والاقتصادي الاجتماعي الحيوي الذي كانت المؤسسات الدينية تؤدّيه قبل العام 2011 وبعده، فعمل جاهداً على اللّعب على تناقضات المؤسّسة الدّينيّة، وإبقائها في حالة الاحتياج إليه، والشّعور بالتّهديد القانونيّ بالإغلاق، ما سيدفع أركان هذه المؤسّسة إلى التّسابق في ما بينهم، لتقديم فروض الطّاعة والولاء. وقد تمّت السيطرة على المؤسسة الدينية نفسها عن طريق دعم العناصر الضعيفة فيها نفسياً أو أخلاقياً، وتسفيه أيّ سلطةٍ رمزيةٍ دينية، وبالتالي إفقاد المؤسسة بأكملها وما تمثله من نشاط ونشطاء وقيم وعقائد وأفكار، أيّ صدقيّة أو اعتبار. وهذه اللعبة الخطرة التي يتفنّن النظامُ في تحريكها ستؤدّي، في النهاية، إلى ابتلاع مشروع الدولة الديمقراطية، وربما ابتلاع النظام نفسه.

العربي الجديد

—————————–

سياسة الولايات المتحدة في سوريا لـ2021/ شارلز ليستر

مرَّ أكثر من مائة يوم على دخول الرئيس جوزيف بايدن عتبة البيت الأبيض، وحتى الآونة الراهنة، ظلت جميع الجوانب الرئيسية لسياسات الولايات المتحدة في سوريا من دون تغيير يُذكر على نحو ما كانت عليه خلال الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس السابق دونالد ترمب. ورغم أن جُلَّ اهتمامات الإدارة الأميركية في واشنطن في الوقت الراهن منصبة على استكشاف سبل المفاوضات مع الحكومة الإيرانية، فإن إدارة الرئيس بايدن لا تزال معنية تماماً بالمخاطر المتأصلة في سوريا غير الناعمة بالاستقرار، والخاضعة للرئيس بشار الأسد، الذي يعد من أكابر مجرمي الحرب في القرن الحادي والعشرين، ولنظام حكمه الغارق في الفساد.

ورغم أن نظام الأسد بات يسيطر الآن على ما يقرب من 63 في المائة من التراب السوري، فإن تلك النسبة لا تتجاوز في واقع الأمر السيطرة على 57 في المائة فقط من السكان داخل البلاد مع نسبة 38 في المائة فقط من إجمالي الشعب السوري، مع إلحاق اللاجئين والمغتربين إليهم. وكانت جميع استطلاعات الرأي التي أجريت على اللاجئين السوريين خلال السنوات الأخيرة قد أظهرت بالإجماع أنهم لا يريدون العودة إلى سوريا مع وجود بشار الأسد على رأس السلطة. والأسوأ من ذلك برغم كل شيء، أن هناك استطلاعات أخرى للرأي قد أثبتت أن السواد الأعظم من المواطنين السوريين الذين يعيشون في دمشق، الخاضعة لسيطرة النظام الحاكم، يفضّلون – وربما يرغبون – الفرار من البلاد على العيش تحت نير حكومة بشار الأسد الفاشلة.

وفي حين أن النظام السوري الحاكم بات يرسم اللمسات الأخيرة على الانتخابات الرئاسية المقبلة، فإن التساؤل الوحيد الذي يلح على أذهان الناس هو ما إذا كان بشار الأسد سوف يحرز نصراً انتخابياً معتاداً بنسب معروفة من 80 أو 90 أو 98 في المائة كما هو معهود. تماماً كما لو كنا في حاجة إلى المزيد من الأدلة على الطبيعة المزورة بالكامل للانتخابات الرئاسية السورية، فلقد تحدث أحد «منافسي» بشار الأسد في الجولة الأخيرة من الانتخابات، بصفة رسمية، حول كيف أن سوريا الحالية «لا تعرف الديمقراطية»، وأن «كل الانتخابات مزورة».

لا تزال سياسة الولايات المتحدة بشأن الأزمة السورية مرتكزة على مبدأ واحد؛ أن عمليات القمع الوحشية والاستثنائية التي مارسها نظام بشار الأسد ضد شعبه على مدى السنوات العشر الماضية تجعل منه شخصية غير مسؤولة، وغير جديرة بالقيادة، وغير قادرة على إرساء أسس الأمان والاستقرار لشعبه وعلى أرضه. وفي واقع الأمر، لا يزال بشار الأسد نفسه هو السبب الأصيل والجذري، وربما الأكثر فاعلية، في اندلاع ثم استمرار الأزمة السورية المريعة والممتدة لأكثر من عشر سنوات حتى الآن، ومن شأن منصبه الأول الذي يشغله في القصر الرئاسي في دمشق أن يكون مبعثاً لتأجيج المزيد من أعمال العنف والعصف بكل فرص الاستقرار لسنوات أخرى قادمة من عمر هذه الأزمة.

عليه، ولهذا السبب على وجه التحديد، تبقى سياسة الولايات المتحدة إزاء الأزمة السورية متسقة تمام الاتساق مع المعيار الدولي الحائز احترام الجميع، ألا وهو قرار مجلس الأمن الدولي 2254، الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار مع البدء العاجل في المفاوضات السياسية على الصعيد الوطني السوري، الأمر الذي يسفر عن صياغة دستور سوري وطني جديد، مع صياغة جديدة لوجه الحكم في البلاد، ثم في نهاية المطاف، إجراء الانتخابات الرئاسية التي تتسم بالحرية والنزاهة، والخاضعة للإشراف والمراقبة الدوليين.

وحتى تنجح تلك المساعي المشروعة، سوف تكون الولايات المتحدة في حاجة إلى دعم واضح وأكيد من الحلفاء من ذوي وجهات النظر المتماثلة والآراء المتناظرة إزاء الأزمة السورية الراهنة. تأتي المؤشرات المتراكمة بشأن الاهتمامات الإقليمية المتزايدة على إعادة الارتباط الاقتصادي والدبلوماسي مع الحكومة السورية الحالية كأحد بواعث القلق الكبيرة والأكيدة عبر جميع المستويات المعنية في الإدارة الأميركية؛ إذ يعد قانون قيصر الأميركي الهادف لحماية المدنيين في سوريا، الذي يقضي بفرض مختلف حزم العقوبات على أي جهة تشارك في دعم أو إسناد نظام بشار الأسد مالياً، جزءاً كاملاً لا يتجزأ من القانون الأميركي، وليس من المتوقع أن ينتهي الأثر القانوني لهذا التشريع في أي وقت قريب على أي تقدير.

فإن أردنا تهميش واقع الانتخابات الرئاسية الصورية المقبلة في سوريا، نجد أن الأولوية العاجلة والقصوى للسياسة الأميركية الراهنة تتمثل في إعادة تأمين التفويض الصادر عن منظمة الأمم المتحدة في توفير المساعدات الإنسانية عبر الحدود السورية، وهو الأمر المطلوب بصفة عاجلة عبر منطقة الشمال السوري المتأزمة للغاية. هذا، وتعتزم الحكومة الروسية الاستعانة بحق النقض (الفيتو) ضد جميع القرارات الصادرة بشأن وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود السورية، وذلك في تصويت الأمم المتحدة المزمع إجراؤه في شهر يوليو (تموز) المقبل، ذلك الموقف – الذي إن اتخذته روسيا – سوف يُخلف ما يصل إلى خمسة ملايين مدني في سوريا محرومين تماماً، بين عشية وضحاها، من أي مساعدات إنسانية يمكن أن تصل إليهم. ومن شأن الجهود الدولية المتضافرة من قبل الحكومة الأميركية وحلفائها أن تحول بين وقوع هذا الاحتمال الخطير، الذي سوف يسفر عن اندلاع أسوأ أزمة إنسانية تشهدها منطقة الشرق الأوسط بأسرها منذ عقود مضت، مع بث الحياة في أوصال العنف والتطرف مرة أخرى هناك.

وفي شرق سوريا، لا تزال المئات من القوات الأميركية منتشرة في هذا الجزء من البلاد جنباً إلى جنب مع قوات سوريا الديمقراطية العاملة هناك، في جزء من الحملة العسكرية المستمرة في محاربة عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، الذي صدرت عنه في الآونة الأخيرة أمارات مثيرة للقلق على التعافي ومحاولات حثيثة على ترتيب الصفوف من جديد. وفي الوقت الذي تُبذل فيه الجهود الخارقة لاحتواء عودة تنظيم «داعش» الإرهابي إلى درجة كبيرة في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، فإن عناصر التنظيم الإرهابي بدأت في العودة بصورة تدريجية وممنهجة في منطقة البادية الخاضعة لسيطرة النظام السوري الحاكم.. تلك المنطقة التي برهنت على عدم الكفاءة وعدم الفاعلية التي تتسم بها القوات الحكومية السورية، والقوات الروسية رفقة الميليشيات المدعومة من إيران. وإذا ما استمرت حالة التعافي الحثيثة التي يحاولها تنظيم «داعش» الإرهابي في المناطق الخاضعة لحكم بشار الأسد، فمن شأن حوض نهر الفرات وامتداده الطبيعي أن يسفر وبشكل حتمي عن زعزعة شديدة لحالة الاستقرار الهشة فيالمناطق الخاضعة لإدارة قوات سوريا الديمقراطية.

وعلى نطاق أوسع، يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية هائلة تتمثل في واجب مجابهة التحدي الضخم الذي يشكله عشرات الآلاف من عناصر تنظيم «داعش» السابقين والمقيمين حالياً في معسكرات الاعتقال. وتخاطر السياسة الأميركية الحالية المتمثلة في غض الطرْف تماماً عن هذه المعسكرات ومن فيها بإنتاج جيل جديد بالكامل من العناصر الإرهابية الشديدة الخطورة في قلب منطقة الشرق الأوسط.

وعلى نحو ما أشارت التقارير الإخبارية في الآونة الأخيرة، فإن منطقة الشرق الأوسط باتت قاب قوسين أو أدنى من رؤية سلسلة من المستجدات والتطورات الإقليمية البالغة الأهمية خلال الأسابيع المقبلة. ومحاولات الإقلال الجدية من الخصومات الإقليمية مع مواصلة العمل صوب إرساء أسس الاستقرار في منطقة أقل انقساماً لا يمكن تقييمها إلا بأنها من الأمور الجيدة للغاية، بيد أن الأزمة السورية تشكل في حد ذاتها مسألة مختلفة بالكلية.

أسفرت حالة عدم الاستقرار الناشئة من صميم الأراضي السورية عن زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط على الصعيد الإقليمي، مع إلحاق المزيد من الأضرار الواضحة بالأمن الدولي بشتى الطرق وعلى نطاق هائل منذ عام 2011 وحتى الآن. ومن شأن ذلك الأمر المواصلة والاستمرار من دون تراجع أو هوادة طالما بقي بشار الأسد على رأس السلطة في دمشق. لقد تمكنت الحكومة الإيرانية من إحراز مكاسب إقليمية لم تكن لتحلم بمثلها من قبل عبر الاستفادة الكبيرة من الفرص السانحة التي أتيحت لها من خلال الأزمة السورية الراهنة، تلك المكاسب من النوع الذي لا رجعة فيه، مع تعارضها المستمر مع مصالح الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين في المنطقة.

لم يشهد الاقتصاد السوري دماراً محققاً بسبب العقوبات الاقتصادية الخارجية، وإنما مرجع ذلك هو مساعي الرئيس بشار الأسد الحثيثة للتمسك بالسلطة مهما كان الثمن، وليس من المتوقع ظهور أي قدر من الانتعاش الاقتصادي في سوريا مع استمرار زمرة بشار الأسد تحتل نفس مواقعها في نظامه الحاكم. لقد ازدهرت وانتشرت جماعات التطرف والإرهاب العنيف من شاكلة «داعش» و«القاعدة» وغيرهما من التنظيمات الإرهابية الأخرى، مستغلة حالة الفوضى وانعدام الاستقرار التي تعاني منها سوريا، ومستفيدة من جميع الأسباب الجذرية للأزمة التي لا تزال قائمة حتى اليوم، بل إنها أسوأ اليوم عن ذي قبل. وذلك فضلاً على التدخلات الخارجية، سواء كانت من قِبل تركيا، أو إسرائيل، أو روسيا، أو الولايات المتحدة نفسها، التي لا تزال مستمرة بفضل تشبث بشار الأسد بالبقاء في السلطة، وليس رغماً عن أنفه.

رغم أن سوريا تقبع في أصل الصراع الدائر منذ سنوات، فإنها تمثل جُرحاً نافذاً ومزعزعاً للاستقرار في قلب المنطقة الشديدة الحساسية بكل تأكيد. وما من دليل يشير إلى أن سوريا سوف تشهد العودة إلى حالة الاستقرار المنشودة مع بقاء بشار الأسد على رأس السلطة، ومن ثم، سوف تستمر سياسة الولايات المتحدة في العمل صوب الوصول إلى حل يتسق مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. وما من شك في أن سوريا لا تطرح من جانبها الخيارات السياسية الجيدة أو اليسيرة على أي حال، بيد أن العمل على بلوغ هدف الاستقرار الطويل الأمد، مع السعي الحثيث لتحقيق المساءلة عن الجرائم التي لا حصر لها والتي ارتكبت منذ عام 2011 وحتى اليوم، ينبغي أن يظل المحرك الأول لكل قراراتنا.

الشرق الأوسط

زميل ومدير قسم مكافحة الإرهاب بمعهد الشرق الأوسط

—————————

انتخابات بالروح بالدم

يعيش السوريون أياما حاسمة تقرر مصير بلادهم ومستقبلهم، فبعد إغلاق باب الترشيحات لخوض الانتخابات الرئاسية السورية في 26 مايو (أيار) الحالي، والتي تقدم للمشاركة فيها 51 مرشحا، بينهم 7 نساء، أعلنت المحكمة الدستورية العليا أسماء المرشحين لخوض انتخابات الرئاسة السورية وهم: بشار حافظ الأسد، وعبد الله سلوم عبد الله، ومحمود أحمد مرعي. وقال رئيس المحكمة محمد جهاد اللحام إن المحكمة درست طلبات المتقدمين وقررت بعد فتح صندوق تأييدات الأعضاء قبول طلبات الأسد، وعبد الله، ومرعي. ولكن اللحام أكد  أن القرار يعد أوليا وغير نهائي، إذ يحق لمتقدمي طلبات الترشح الاعتراض على القرار، ليصدر فيما بعد بشكل مبرم.

وتشير التوقعات الأولية إلى أن الأسد سيكون الأوفر حظا بين المرشحين الثلاثة وخصوصا أن البعض يلمح إلى أنه يملك من السلطة ما يمكنه من تجييرها لصالحه، ومثال على ذلك العفو العام الذي أصدره قبل أيام عن جميع المجرمين من تجار مخدرات وقتلة ولصوص، وبالطبع من دون أن يشمل العفو أيا من المعتقلين السياسيين أو أصحاب الرأي.

صحيح أن سوريا محكومة من آل الأسد منذ استيلاء حافظ الأسد على السلطة وانقلابه على رفاقه بحزب البعث في العام 1970، وصحيح أن انتخابات حقيقية لم تجر في البلاد من يومها، وصحيح أن سوريا كانت أول جمهورية عربية تعتمد نظام التوريث، فبعد وفاة الأب، أي حافظ الأسد، انتقل الحكم «ديمقراطيا»إلى نجله بشار الأسد. وإذا تذكرنا أن الدستور يومها لم يكن يسمح بترشيح بشار بسبب عمره، إلا أن النظام أصر على احترام الدستور، فقام مجلس الشعب المنتخب بطريقة فلكلورية بتعديل الدستور ليتناسب مع سن ابن الراحل، ولتجري الطقوس الديمقراطية وتعديل الدستور يومها والانتقال السياسي بسلاسة وخلال دقائق قليلة.

واليوم وبعد 21 عاما على وراثة بشار الأسد لسوريا عن أبيه، يحافظ الابن على النهج نفسه مع تعديلات طفيفية تعطي نكهة شبابية للطبخة الديمقراطية، فها هو يتنافس مع مرشحين آخرين على منصب رئاسة الجمهورية، بظل بلد وصلت نسبة الدمار فيه إلى أكثر من 80 في المائة، والفقر إلى أكثر من 89 في المائة،  وعدد من هجروا قسرا خارج البلاد وداخلها إلى أكثر من نصف عدد السكان، دون أن ننسى مئات آلاف القتلى وآلاف المعتقلين السياسيين الذي لم ولن يشملهم عفو رئاسي.

يستطيع بشار اعتبار هذه الأرقام جزءا من إنجازاته، وقد يكون من المفيد له أن يستخدمها في حملته الانتخابية، فمن غير بشار الأسد قادر على تحقيق هذه الأرقام وارتكاب كل هذه الجرائم والإفلات من العقاب في آن؟

ومَن غير بشار استطاع بمهاراته أن يستجلب بدل الاحتلال احتلالات، فبات كل جزء من سوريا تحت سيطرة جيش، وفي كل مؤسسة سلطة لدولة، وفي كل حي وقرية في سوريا ميليشيات. علينا أن لا نستخف بهذه «الإنجازات»، فالعالم يعجز عن ذكر رئيس في التاريخ استطاع أن يحقق كل هذا لبلده ولشعبه ويتمكن ليس من الإفلات من العقاب فحسب، بل أيضا الاستمرار في الحكم.

كان الكثيرون يتساءلون: لماذا أصلا تجري انتخابات في دولة مثل سوريا؟ ولكن يبدو أن هذا الفلكلور الانتخابي هو للإمعان في قهر السوريين، ليضاف إلى سجل الأسد بالإنجازات، ولترتفع عبارات «سوريا الأسد»في كل مكان، ولتصدق دعاية حافظ الأسد «بالروح بالدم»، فها هم السوريون دفعوا أرواحهم ودماءهم ليطالب الآخرون بضرورة بقاء الأسد جاسماً على صدورهم.

———————————-

تجمعات سياسية سورية مُعارضة تصدر بيان موقف تجاه الدول الساعية لفتح علاقات ديبلوماسية مع نظام الأسد

أطلقت مجموعات سياسية سورية مُعارضة بيان موقف سياسي دعت عبره الدول الساعية لفتح العلاقات الديبلوماسية أو الامنية مع نظام الاسد الى وقف هذه المساعي واحترام قرار الشعب السوري وارادته وسعيه لإنهاء نظام الحكم الشمولي وجاء في نص البيان:

بيان موقف تجاه الدول الساعية لفتح علاقات ديبلوماسية مع نظام الأسد

أسابيع قليلة تفصل السوريين عن مسرحية الانتخابات التي يحضرها نظام الأسد لتزييف ارادتهم، وليعيق عبرها مسار الانتقال السياسي الذي يسعى له السوريون لتحقيق التغيير ولانهاء عقود طويلة من حكم الاستبداد الذي قاد سوريا أرضاً وشعباً للدمار.

بالرغم من الانتهاكات والجرائم الموثقة من قبل المنظمات الدولية والتي ارتكبها نظام الأسد تسعى بعض الدول العربية لإعادة فتح العلاقات الديبلوماسية معه واعادته لمقاعد الجامعة العربية ودعمه سياسياً واقتصادياً بهدف تسهيل مسرحيته الانتخابية. وذلك رغم حلفه الوثيق مع النظام الإيراني وسعيهما المشترك لعقود طويلة للإخلال بأمن المنطقة والعالم عبر دعم واستقطاب واستخدام الإرهاب.

في هذا السياق تدعو القوى والشخصيات الموقعة على هذا البيان الدول الساعية لفتح العلاقات الديبلوماسية أو الامنية مع نظام الاسد الى وقف هذه المساعي واحترام قرار الشعب السوري وارادته وسعيه لإنهاء نظام الحكم الشمولي وكل ما يرتبط به من ممارسات قمعية وسلطوية. واحترام القرارات الدولية القاضية بمنع أي تعامل مع النظام السوري قبل تحقيق الانتقال السياسي.

كما ندعو في السياق ذاته المجتمع الدولي الى عدم منح أي شرعية للانتخابات المزيفة التي يسعى النظام لإقامتها خلال الأسابيع القادمة والتي يُناقض من خلالها القرارات الدولية والمخرجات الناتجة عنها وبشكل رئيسي عمل اللجنة الدستورية الساعية لوضع دستور تأسيسي جديد لسوريا ليكون اساساً لانتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية.

ختاماً نؤكد للسوريين في كافة المناطق أن مصلحة سوريا ترتبط حصرياً بانتهاء هذا المنظومة السلطوية بكافة تياراتها السياسية الراديكالية المناقضة لمصالح السوريين، نحو بناء سوريا الحديثة، دولة القانون والدستور التي تعترف وتضمن حقوق الكرامة الإنسانية والتي حُرم منها المواطن السوري طويلاً وندعوهم للاصطفاف يداً بيد لتحقيق هذا الهدف.

ومن أوائل التجمعات السياسية الداعية لهذا الموقف السياسي مجموعة نواة، تكتل السوريين، تيار مستقبل كردستان سوريا، مبادرة سوريا الحياة، تجمع سورية المستقبل، نساء ديمقراطيات سوريات، حزب الوطن الديمقراطي السوري، الرابطة السورية لحقوق اللاجئين، منظمة المجتمع المدني لبناء الدولة و المواطن، نقابة المحامين الاحرار بدرعا.

تستمر التواقيع على بيان الموقف السياسي للشخصيات والمنظمات السياسية والمدنية عبر رابط التوقيع الالكتروني

https://docs.google.com/forms/d/e/1FAIpQLSeHMwhn4f1vzEd4om2fdwhEyquzdXCvWu_oq9M4Mz70rigMRQ/viewform

——————————

مصر: حفلات داعمة لانتخابات الأسد..بالتنسيق مع النظام

“من مصر إلى الشام” هو العنوان الذي اختارته “جمعية الصداقة المصرية السورية” للحفل الذي أقامته في العاصمة المصرية القاهرة، دعماً لانتخابات النظام السوري الرئاسية.

الحفل الذي حضره العديد من رجال الأعمال السوريين والمصريين، والفنانين، نظّمه الأمين العام لجمعية الصداقة المصرية السورية طلال عطار، الذي يُعرف بمواقفه المؤيدة لبشار الأسد.

ونقلت وسائل إعلام عن عطار قوله إن “أقل ما تقدمه الجالية السورية في مصر رداً واعترافاً بأفضال سوريا الوطن الأم الذي احتضنهم ولا يزال حتى في اغترابهم، هو المشاركة الواسعة في الاستحقاقات الوطنية وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية”.

وزعم عطار أن “الجالية السورية في مصر تؤمن بأن المشاركة الواسعة في الانتخابات الرئاسية هي جزء من دورها في بناء سوريا وإعادة إعمارها وتخفيف آثار الحرب المسعورة ضدها”.

وادعى كذلك، أن عدداً كبيراً من رجال وسيدات الأعمال والفنانين والفنانات المصريين يدعمون ويؤيدون مسيرة سوريا حتى الانتصار وإعادة الإعمار ويقفون إلى جانبها وجانب جيشها وقيادتها وشعبها.

طلال عطار

يمتلك طلال عطار سلسلة مطاعم “دار ورد” (المطعم الحلبي الأصيل) متوزعة في مصر وسوريا بين مدينتي دمشق وحلب، ويُعتبر من أوائل رجال الأعمال الذي جددوا استثماراتهم في مدينة حلب، بعد سيطرة النظام السوري عليها في أواخر العام 2016، حيث أعاد عطار في العام 2017 افتتاح “مقهى الأريكة” بجوار قلعة حلب، بعد ترميم ما تضرّر من المبنى.

غادر عطار مدينة حلب مسقط رأسه إلى مصر بعد اندلاع الثورة السورية، وأسس فيها مجموعة “دكانة” (تعاونية غذائية سورية)، لكن زياراته إلى سوريا لم تنقطع، ويُسجل له حضور أكثر من فعالية أقيمت في دمشق، من بينها المشاركة في “معرض دمشق الدولي”.

بعد سيطرة النظام على حلب، نظّم عطار فعالية “رحلة حب” من مصر إلى حلب، للاحتفال بما أسماه “نصر حلب” وقال على صفحته الشخصية “فايسبوك”: “أعلن تسير رحله حب بعنوان  من مصر الى حلب ، لنحتفل معاً ونتشارك بفرحه اعياد الميلاد المجيد وفرحه النصر بحلب الشهباء”.

تصنفه وسائل إعلام مصرية، بأنه من أهم المستثمرين السوريين بمصر، إلى جانب باسل سماقية مالك شركة “قطونيل”.

تنسيق مع النظام

ومن الواضح، أن الحراك الذي تشهده القاهرة الداعم للانتخابات، يأتي في إطار محاولة النظام السوري شرعنة انتخاباته، لإظهار أن السوريين يقفون إلى جانب النظام، سواء كانوا داخل سوريا أو خارجها.

ويشير الكاتب والمحلل السياسي زياد الريّس نقلاً عن مصادر من دمشق إلى أن النظام يشجع رجال الأعمال المغتربين على إقامة فعاليات داعمة للانتخابات.

ويوضح في حديث ل”المدن”، أن النظام يقدم الوعود لكل من يدعم انتخاباته خارج سوريا، بمكاسب كبيرة سياسية واقتصادية، مضيفاً أن “النظام يعمل على إقامة هذه الفعاليات في أكثر من دولة، وفق المتاح، وبحسب سماح سلطات الدولة المضيفة لإقامة مثل هذه الفعاليات”.

والغرض من زيادة تركيز النظام على تجمعات اللاجئين السوريين في الخارج، وفق الريّس، هو محاولة إصباغ الشرعية “السورية” على الانتخابات، التي جوبهت برفض دولي واسع.

ويشير في هذا السياق إلى تركيز إعلام النظام على دعم السوريين في الشتات للانتخابات، قائلاً: “دعم الانتخابات من الخارج، هو الملف الذي يحظى باهتمام وسائل إعلام النظام”.

بدوره، يلفت الباحث بالشأن السوري أحمد السعيد إلى ما يصفه ب”التواطؤ” مع النظام السوري من قبل السلطات المصرية، بهذه الفعاليات، ويقول ل”المدن”: “يستغل النظام وجود علاقات دبلوماسية مع بعض الدول، ومنها مصر ولبنان، لينظم احتفاليات داعمة للانتخابات، ليوظفها ضمن ماكينته الدعائية”.

ووفق الأرقام التي كشف عنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في نيسان/أبريل 2021، تستقبل مصر ما يزيد عن 6 ملايين لاجئ من بينهم نصف مليون لاجئ سوري.

—————————–

النظام السوري يُعادي إيلون ماسك أيضاً؟!

انضم المياردير الأميركي وأحد أباطرة التكنولوجيا، إيلون ماسك، إلى لائحة أعداء النظام السوري، على ما يبدو، ليس بسبب المواقف الأيديولوجية من الرأسمالية والنيوبرالية التي يهوى محللو النظام الحديث عنها في الشاشات الرسمية، بل بسبب مشروع “سبيس إكس” الذي يهدف في أحد جوانبه لتوفير الإنترنت المجاني للعالم عبر الأقمار الاصطناعية.

وفيما يعتبر ذلك الموقف متوقعاً من قبل نظام ديكتاتوري يفرض رقابة واسعة على الإنترنت ويقيد حرية الأفراد عموماً، فإن التبرير لذلك العداء كان كوميدياً رغم أخذه شكلاً رسمياً عبر توقيع “الدولة السورية” على عريضة للأمم المتحدة ضد مشروع “سبيس اكس” الذي أطلق عدداً كبيراً من الأقمار الصناعية منذ العام 2015، بحجة أن تلك الأقمار “تسبب تشوهاً في منظر السماء وتعيق حركة رصد النجوم والأقمار”.

التبرير السابق جزء من تصريحات رئيس الجمعية الفلكية السورية محمد العصيري، نقلتها وسائل إعلام موالية، أكمل فيها أن تلك الأقمار الاصطناعية “تشكل تهديداً وخطراً على أي مهمة لقمر صناعي في الفضاء أي أصبح لدينا تهديد إضافي وخطراً على مهمات الفضاء حتى وكالة الفضاء الدولية”، مؤكداً أن الانترنت المجاني يحمل كماً هائلاً من الإعلانات والأمور التي لا يرغبها الناس حسب تعبيره.

وبالطبع فإن الاستياء السوري الرسمي لا علاقة له بالطبيعة ولا الرصد الفلكي وغيرها من الترهات التي يكررها النظام على المستوى الإعلامي، بل يرتبط حتماً بعداء النظام السوري للإنترنت وحرية التعبير في البلاد، وخوفه مما قد يفرزه الإنترنت المجاني من خرق للمنظومة التي يحجب فيها النظام المعلومات في البلاد، عبر سلسلة من الإجراءات التي تبدأ بنظام الباقات المكلف وصولاً للعقوبات التي تطال المدنيين بسبب نشاطهم الإلكتروني وفق قانون مكافحة جرائم المعلوماتية.

وفي العموم، أثارت تصريحات العصيري سخرية واسعة بين السوريين في مواقع التواصل، وأعادت إحياء الحديث عن نوعية الإنترنت الموجودة في سوريا مقارنة بدول العالم. وعليه حاول النظام امتصاص مشاعر الاستياء بتصريحات لنائب رئيس الجمعية الفلكية السورية عبد العزيز سنوبر، اعتبر فيها أن تصريحات مديره “غير دقيقة”، ملقياً كالعادة باللوم على الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في نقل الشائعات، وهو أسلوب بات يعتمده النظام منذ نحو عامين عند نفي أي معلومة تشوه صورة الحياة المستقرة في البلاد.

وقال سنوبر أن سوريا لم تتقدم بشكوى ضد الشركة بل أن الاتحاد الدولي للفلك، والجمعية الفلكية السورية عضو فيه، هو الذي رفع دعوى على “سبيس إكس”، رغم أن تصريحات العصيري السابقة كانت شديدة الوضوح بهذا الصدد، ما استتبع مزيداً من السخرية والاستياء من هذا الأسلوب في استغباء الجمهور السوري.

وإلى جانب الاستياء من الخدمة المتردية وسرعة الإنترنت المنخفضة، فرض نظام الباقات العام 2020 رقابة غير مباشرة على الإنترنت، لأن المستخدم يتمكن من الحصول على إنترنت يكفيه لتصفح بعض المواقع الأساسية والسوشيال ميديا، لكنه بات في خوف دائم من تجاوز حد الاستهلاك بسبب العامل الاقتصادي والفاتورة التي ستنتظره. وبالتالي بات يفرض رقابة ذاتية على نفسه عن مشاهدة مقاطع الفيديو مثلاً، أو تصفح مواقع “غير مرغوبة من قبل النظام”، والتي تُفرض عليها بعض القيود التقنية التي تجعل تصفحها ثقيلاً وبطيئاً ما يزيد في الاستهلاك بالضرورة، من دون أن تضطر سلطات النظام لاستعمال الحجب بمعناه التقليدي المعروف قبل العام 2011.

ويعزو مسؤولو النظام سوء الخدمة في البلاد، أحياناً لقصص خيالية، كأسماك القرش في البحر المتوسط، التي تتسبب بالانقطاعات المستمرة في الخدمة. ويعود ضعف الانترنت فعلياً لأسباب تقنية متعلقة بسوء البنية التحتية الخاصة بالشبكة، وأخرى سياسية عندما يرى النظام حاجة في خنق المساحة الضئيلة للتعبير التي توفرها مواقع التواصل الاجتماعي.

وتبدأ سرعة خطوط الإنترنت في سوريا من رقم محرج، هو 512 ك بت/ثا، وصولاً إلى 24 ميغا بت/ثا. لكن أقصى سرعة فعلية متوفرة حالياً في سوريا تقف عند حاجز 18 ميغا بت/ثا، حسب مواقع متخصصة في مراقبة الإنترنت. لكن متوسط سرعة الإنترنت في المجمل يبلغ 768 ك بت/ثا وهو أقل بكثير من المتوسط العالمي الذي يبلغ 4.6 ميغا بت/ثا، كما لا تتوافر خدمات الإنترنت في كافة المناطق السورية، وهو أمر لا علاقة بالثورة والحرب في البلاد به، بل هي خاصية قديمة، وبحسب تصريحات عضو مجلس إدارة “الشركة السورية للاتصالات” زياد عربش، لوسائل إعلام رسمية العام 2019، يتقاسم كل 5 مشتركين بالإنترنت بوابة “ADSL” واحدة.

وتشير معطيات وزارة الاتصالات إلى أن تطبيق “واتس اب” وموقع “فايسبوك” هما الأكثر استخداماً لتبادل المعلومات في سوريا، مقارنة مع التطبيقات الأخرى كـ”يوتيوب” و”تويتر”، كما يكشف تحليل الحزمة الدولية لمستخدمي الإنترنت أن 70 في المائة من المستخدمين يعتمدون على تطبيقات التواصل الاجتماعي، علماً أن النظام حجب المواقع الإباحية في البلاد العام 2018 بحجة “حماية المجتمع”.

المدن

—————————-

انتخابات الأسد؛ قرار الاحتلال/ يحيى العريضي

لم تعهد “سوريا الأسد” شيئاً اسمه “انتخابات” أو “ترشيح”. الدارج فيها، لأكثر من نصف قرن، هو “البيعة” أو “تجديد البيعة”؛ حيث سطت عصابة على السلطة بالحديد والنار، وحوّلت دور “الرعية” إلى احتفاء واحتفال ونفاق بتجديد البيعة “لقائد الوطن”.

مع الثورة السورية، وصدور القرارات الدولية التي تتحدث عن عملية سياسية أحد أدواتها “انتخابات حرة نزيهة يشارك فيها كل السوريين؛ برقابة ورعاية من الأمم المتحدة”، صار لزاماً على منظومة الاستبداد المرور عبر هذه البوابة؛ لأن غيابها يعني تكريس لا شرعيتها.

وبحكم أنها ما اهتمت بالدستور يوماً، إلا لخدمة مصالحها؛ ولا هي في وارد العملية السياسية، أو تطبيق القرار الدولي 2254؛ وتحت ذريعة “الخشية من فراغ دستوري”، التي يسوّقها الروس، كان القرار المهزلة. والمسرحية السمجة.

معروف أن للترشيح مقوماته وشروطه؛ وما توفّر يوما أي من هذه الشروط. وبعدم توفرها، فهي باطلة؛ وما يخرج عنها باطل، ولا شرعية له. فالقائد منخور، والوطن مقبور، وبعهدة قوى خارجية، أتت لحماية “قائد الوطن”. ومع كل ذلك، “سيفوز” “قائد الوطن” بـ “الانتخابات”؛ لكنه سيخسر السلطة، بحكم توثيق لا شرعيته أو شرعية ما جرى.

واقعياً ومنطقياً، ليس بشار الأسد بحاجة للترشّح والانتخابات؛ فوجوده أمر واقع، وضرورة لقوى داخلية مصلحتها ابتلاع ما تبقى من سوريا، وقوى خارجية إيرانية روسية أخذت توقيعه في وضع يدها على معظم مقدرات البلد بعقود طويلة الأمد. ومن هنا تأتي عملية إعادة تكريره عبر “انتخابات- يعرفون سلفاً زيفها”.

من هنا أيضاً نرى الاستنفار الروسي والإيراني. الأول ذهب إلى دول الخليج علّه يجد له منفذاً عبر بوابة ما يُسمّى “الجامعة العربية”؛ وسعى لخلق مسار جديد بإغراء تركيا، وسحب قطر الخليجية إلى اللعبة؛ فكانت {منصة/ روسيا – تركيا – قطر/، لصاحبتها روسيا}؛ والغاية “إعادة الإعمار” ووضع اليد على سوريا المستقبل. أما الاحتلال الثاني، فجعله جزءاً من مصافقته حول مشروعه النووي، كما كان الحال مع “أوباما”. والاستنتاج الطبيعي هو أن قرار “الترشيح” خارجي، وليس نابعاً من رغبة عند “المرشح”. فالقرار من صناعة الاحتلال أولاً.

مع إعطاء إدارة “بايدن” اهتماماً خاصاً للاتفاق النووي الإيراني، استبشرت الأبواق “الغوبلزية” متناغمة مع محطات الكذب الإيرانية – الروسية؛ وبدأت التبشير بالرخاوة الأميركية، والإهمال الأميركي للقضية السورية، التي لن تكون برأيهم أكثر من تفصيل في ذلك الاتفاق. ومن باب التزاحم وتناقض المصالح سارع “لافروف” وزير خارجية بوتين لفتح مسارات جديدة ومنها المسار التركي – القطري – الروسي، مبعداً إيران، ونكاية بها. من جانبهم، سارع بعض سماسرة الجامعة العربية للضغط على الجامعة المسكينة كي تعيد “نظام الأسد” إلى صفوفها المنهكة. تواكب ذلك مع تقارب تركي – مصري، وتركي – سعودي؛ وفي الوقت ذاته خرجت أبواق منظومة الاستبداد المستأجَرة بإشاعة حديث عن تقارب سعودي مع النظام؛ وكأن ذلك نكاية بالتقارب الثلاثي السعودي – المصري – التركي، ومزايدة عليه.

عندما يشيع النظام عبر أبواق الكذب التي يقتنيها أن تواصلاً يجري مع السعودية، فإن المستهدف من هذا الكذب من زاغت عقولهم وضمائرهم من حاشيته، والمسؤولين عن حمايته؛ والغاية أن يقول لهم بأن وضعه على ما يرام. ولسوء طالعه، لم يطل عمر الكذبة؛ فالسعودية نفتها؛ ولكن النظام وأبواقه يستمرون بالوقاحة والضحك على تلك المخاليق؛ ليثبت أكثر كم هي هشة وساقطة تلك المنظومة.

وفي ظل هذا الازدحام من الحراك الدبلوماسي السياسي “الغوبلزي”؛ يخرج علينا الرئيس الأميركي أخيراً بفتح صحيفة منظومة الأسد، ويصل إلى حد اعتبارها تهديداً للأمن القومي الأميركي. وعادة هكذا تصنيف يبرر استخدام أي فعل لحماية “الأمن القومي الأميركي”. أتى كلام بايدن ليعكّر كل أجواء الجوقة؛ وتبيّن أن المقصود به ليس فقط نظام الاستبداد، بل حماته الروس والإيرانيين بشكل أساسي.

نحن أمام منظومة استبدادية ليست فقط مسلوبة الإرادة، وتعيش فقط بقوة وفعل الآخر المحتل؛ بل هي مسلوبة السلطة والقدرة على تحريك عسكري نظامي إلا بإذن من المحتلين. فوق كل ذلك هي مسلوبة الدماغ والأخلاق؛ فلا يُقْدِم على لعبة الانتخابات السخيفة إلا منفصم عن واقع سوريا الممزقة المبعثرة المنهكة والمستباحة. إنها فقط تتقن الإرهاب والإرعاب، عبر الإخلال بالحالة الأمنية لما تبقى من سوريا. وهذه فقط الأدوات المتوفرة لها. فهي جاهزة؛ والمنفذون تحت الطلب.

مهما ازدهر النفاق في عالم الاستبداد، ومهما تفاقمت عقدة المكابرة، ومهما كانت درجة استخفاف عصابة الاستبداد بمن حولها؛ إلا أنه حتى المقعد عقليا يدرك أن لا سيادة لهذه المنظومة في بلد تستبيحه القوى الخارجية. ومع كل ذلك يستمر في التشدق بالسيادة. ومعروف أن الأمم المتحدة تبقى الأقل استباحة أو تهديداً للسيادة. فهل كان يضيره أو يؤثر عليه إشراف الأمم المتحدة على انتخابات يشارك فيها كل السوريين، وتنسجم مع القرار الدولي وترفع العقوبات عن سوريا؟! إلا أن حقيقة الأمر تكمن بأن لا ثقة لديه أو عند حماته بأن منظومة الاستبداد يمكن أن يُعاد تكريرها في ظرف كهذا. من هنا وبكل خبث وصلف تقيم هذه المسرحية الوقحة. ويبقى كل ذلك مؤقتاً، ريثما تستوي طبخات المساومة والمصافقة الدولية، ويتم بيع “القائد” ومنظومته الاستبدادية في سوق النخاسة. إنه صك النهاية.

—————————-

الأسد ينهي الاحتفاظ والاستدعاء لـ3 فئات ضمن قواته

أصدر رأس النظام السوري، بشار الأسد أمراً إدارياً أنهى بموجبه الاحتفاظ والاستدعاء للضباط الاحتياطيين ضمن قواته.

وذكرت “رئاسة الجمهورية السورية”، اليوم الاثنين أن الأمر الإداري سيكون سارياً اعتباراً من مطلع حزيران/يونيو المقبل.

ويشمل الأمر كل من الضباط المحتفظ بهم والملتحقون بالخدمة الاحتياطية ممّن بلغت خدمتهم الاحتياطية الفعلية سنتين فأكثر حتى 31 من أيار/مايو الحالي.

بالإضافة إلى الأطباء البشريين الاختصاصيون في إدارة الخدمات الطبية، ممّن بلغت خدمتهم الاحتياطية الفعلية سنتين فأكثر حتى تاريخ 31 من الشهر الحالي.

وهناك فئة ثالثة يشملها الأمر الإداري وهي فئة صف الضباط والأفراد المحتفظ بهم والملتحقون بالخدمة الاحتياطية، ممّن بلغت خدمتهم الاحتياطية الفعلية ليس أقل من سبع سنوات ونصف.

ويأتي ما سبق قبل أسبوعين من “الانتخابات الرئاسية” التي ينوي نظام الأسد تنظيمها للمرة الثانية منذ انطلاقة الثورة السورية.

وكانت هذه الخطوة قد سبقتها عدة قرارات أصدرها نظام الأسد، وصبت في إطار “الدعاية الانتخابية”.

ومنذ أيام قالت مصادر إعلامية من ريف حمص الشمالي لـ”السورية.نت” إن المؤسسات الحكومية التابعة لنظام الأسد بدأت بمنح “كف بحث نهائي” للأشخاص الذين انضووا في اتفاق “التسوية”، في عام 2018.

وقبل ذلك كان نظام الأسد قد منح تأجيلاً لمدة عام واحد، لجميع المتخلفين عن الخدمة الإلزامية في محافظة درعا.

وسبق وأن أصدر رأس النظام الأسد قراراً إدارياً في أواخر عام 2020، وقضى حينها بتسريح فئات معينة من جيشه، وإنهاء الاحتفاظ والاستدعاء للضباط الاحتياطيين وصف الضباط والأفراد الاحتياطيين.

وجاء ذلك بعد أشهر من إصدار وزارة الدفاع في حكومة الأسد أمراً مماثلاً، حيث أعلنت في آذار/ مارس 2020 تسريح دورات الاحتياط للعسكريين وفق شروط، إلى جانب إيقاف الاستدعاء اعتباراً من 7 أبريل/نيسان 2020.

——————————–

=======================

تحديث 12 أيار 2021

—————————-

عن بلدنا وانتخاباته ومستقبله.. “كيف نغيّر السياسة!”/ ماهر مسعود

يقوم المنطق الذي يسير عليه النظام؛ ومن خلفه حاميه الدولي روسيا، على فكرة بسيطة وواضحة جدًا للقوى الدولية الأخرى، وهي أنه بات من السذاجة المطالبة بإسقاط النظام عسكريًا، طالما أن البديل الوحيد عنه هو الفوضى التي لا يريدها الغرب، وأن القوى الغربية لا تريد التدخل العسكري لإسقاطه منذ البداية، بينما تم الانتصار على التهديد الداخلي القادم من قوى المعارضة المسلحة عبر التدخل العسكري الروسي ذاته، بعد أن عجز التدخل الإيراني قبله عن إنقاذ النظام، بالإضافة إلى أنه ليس هناك قوى معارضة سياسية قادرة أو مؤهلة أو “موحدة” لتمثيل الشعب السوري. كما يدركون أيضًا أن أول من لا يعترف بالتمثيل السياسي الحالي للمعارضة؛ المُجسّد بالائتلاف المقيم في تركيا والتابع لأجندتها، هو الشعب السوري ذاته في الداخل والخارج، وأول من ينقض ذلك التمثيل المُعارض هو المعارضة ذاتها.

ضمن تلك المبادئ البسيطة التي يُفترض أن تكون واضحة للجميع، يعلن النظام عن انتخاباته بدعم وتغطية روسية علنيّة. وهو يعلنها على الرغم من معرفة كلّ كائن صغير أو كبير على هذا الكوكب، حتى النظام وحُماته، أن تلك الانتخابات ليست شرعية ولا تمثيلية، وأنها انتخابات مناقضة للقرار الصادر عن مجلس الأمن 2254، وأنها مجرّد مسرحية كوميدية يريد صاحبها منها تثبيت احتقاره للشعب والديمقراطية والقرارات الدولية، عبر إجرائها “كلعبة يلعبها، لا كقيمة يؤمن بها”.

الآن، ضمن ذلك المنطق الواقعي المحكم الإغلاق، ما الذي يمكن فعله من قبل السوريين لمواجهة تلك المعضلة التي قد تؤجل أي حلّ سياسي ممكن سبع سنوات أخرى!

يطرح المحامي السوري أنور البني وعدد من الجمعيات الحقوقية السورية فكرة بسيطة، وهي أنه لا بد من الضغط والعمل القانوني على طرد سورية “النظام السوري” من شرعية الأمم المتحدة، طالما أن الانتخابات المزمع إجراؤها مخالفة للحل السياسي المطروح في قرار مجلس الأمن المذكور أعلاه. وهي فكرة صحيحة منطقيًا وقانونيًا، لكن ما لم يفكر به البنّي وغيره، ويجعل تلك الخطوة القانونية أقرب للمستحيل سياسيًا، هو أنه لا يمكن المضيّ قدمًا في تلك المساعي، ما دام لا يوجد ممثل شرعي آخر عن النظام السوري، فالشرعيّة التي حققها المجلس الوطني ثم الائتلاف السوري لمدة قصيرة تمكّن من خلالها إخراج جوازات سفر وأوراق أخرى للسوريين، لم تعد موجودة اليوم، وليس هناك دولة واحدة تعترف بالأوراق الصادرة عن تلك الهيئات المعارضة، وإخراج النظام من الشرعية الدولية لن تقبل به أي دولة، لأنه سيخلق إشكالات قانونية لجميع الدول في تعاملهم مع السوريين، قبل أن يخلق مشكلة للسوريين أنفسهم في الخارج والداخل، وما نراه واقعيًا هو العكس، حيث تكثّف روسيا جهودها الدبلوماسية مع عدد من الدول العربية لإعادة النظام إلى جامعة الدول العربية كخطوة أولى في سبيل إعادة تأهيله دوليًا.

كما يعلم البنّي وغيره أن قرارات مجلس الأمن القانونية يمكن تأجيلها إلى ما لا نهاية، عندما لا يكون هناك مصلحة قوية للدول الكبرى بتنفيذها الفوري، ونحن نعلم ذلك تاريخيًا بالعلاقة مع إسرائيل والقرارات الدولية الخاصة باحتلالها للجولان أو جميع الأراضي المحتلة بعد 67، ونعلم أيضًا كيفية التعامل مع قرار مجلس الأمن رقم 2118 الخاص بالسلاح الكيمياوي، والذي يجعل مجرد نقل الأسلحة الكيمياوية داخل سورية؛ قبل حتى استعمالها مجددًا، يستوجب التدخل تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهذا ما لم يحصل، بالرغم من استخدام السلاح الكيمياوي وإثبات استخدام النظام له من منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية أكثر من مرة.

تكمن أهمية إقرار أوروبا وأميركا بانعدام شرعية الانتخابات وعدم الاعتراف بها، بأنها ستعوق الجهود الدولية والعربية لإعادة تأهيل النظام والتعامل معه، وستمنع إعادة اللاجئين أو إعادة الإعمار بشكل شرعي، ولكن الدرس الأهمّ الذي تعلّمه بشار من والده، في مواجهة القرارات والعزلة الدولية، هو أن الوقت دائمًا معه ولصالحه، ما لم يكن هناك تهديد عسكري حقيقي لإزالته بالقوة أو خطر عليه من الداخل، فالديمقراطية تغيّر الرؤساء وسياسات الدول وميول الشارع الانتخابي في الغرب، بينما زمن الاستبداد مفتوح ومطلق “أبدي”. فقد تغيّر تسع رؤساء أميركيين في عهد آل الأسد، ورأينا خلال ذلك الزمن الطويل كيف أن التهديد والضغط الذي مثّله جورج بوش الابن أزاله كله باراك أوباما، ويتكرر الأمر ذاته تقريبًا ما بين سياسات ترامب والسياسة الحالية لجوزيف بايدن، والأمر ذاته حصل مع السياسة الفرنسية منذ فرانسوا ميتران الذي زار دمشق عام 1984 لينكر المذبحة التي قام بها النظام السوري للجنود الفرنسيين في لبنان عام 1981، ثم التغير الذي حصل مع جاك شيراك، والتغير المعكوس مع ساركوزي الذي فتح أبواب الشانزليزيه؛ ومعه أبواب التأهيل الدولي، أمام بشار وزوجته ونظامه، ثم حماس هولاند للتدخل العسكري بعد الكيمياوي، وتراجع ماكرون بعده.. إلخ. وفي المحصلة، يعلم الأسد والروس والأميركيون وغيرهم، أنْ لا خطرَ جديًا وعسكريًا خارجيًا على النظام السوري، ولا استعجال أبدًا في تغييره، ما دام لا يشكل خطرًا على مصلحة إسرائيل وأمنها وحدودها، فالأمن القومي الأميركي في الشرق الأوسط ما زال مرتبطًا؛ على عهده منذ السبعينيات، بمسألتي النفط الخليجي وأمن إسرائيل، ولا شيء خارج تلك المعادلة وتفرّعاتها.

الآن. استنادًا إلى أنه لا يمكن إسقاط النظام عسكريًا ضمن واقع وجود روسيا وحمايتها، وعدم رغبة الأميركيين؛ ومن خلفهم إسرائيل، فإنه لم يبقَ أمام المعارضة إلا المجالان السياسي والقانوني كإطار للحركة والمناورة (يمكننا إضافة الجانب الإنساني “اللاجئين”، باعتبارها وسيلة ضغط موضوعية وواقعية، لكن مشكلة اللاجئين قد تتحول ببساطة إلى وسيلة ضغط معكوسة؛ أي ضد المعارضة والشعب السوري، وذلك في حال تم المضي بإعادة تأهيل النظام، بحيث ستصبح ضغطًا على الدول المستضيفة بدلًا من واقع ضغطها على النظام).

المجال القانوني: تعد المسألة القانونية من أهم المسائل المؤسسة لوطنية دستورية على المدى الطويل، فعلى الرغم من غياب ثقة السوريين بالقانون والمؤسسات القانونية المحلية والدولية (ولهذا أسباب تاريخية معروفة)، فإن المسألة القانونية معادلة بأهميتها موضوعيًا وواقعيًا للمسألة السياسية، ولا بد من إعادة الاعتبار لها، وعدم التقليل من أهميتها بأي شكل كان، كما يفعل ثلاثة أرباع المعارضة السياسية. بل يمكننا القول: إن أحد أهم جوانب العمل المعارض التي تحصل ضمن الشروط الحالية لتهافت المعارضة السورية، إنما تحصل من الباب القانوني، لا من الباب السياسي، ويتمثل ذلك العمل القانوني بجهتين صغيرتين: الأولى عمل اللجنة الدستورية التي من النادر أن تجد معارضًا سياسيًا يحترمها، بل يطالب معظمهم بانسحابها من المفاوضات، بالرغم من كونها تحصل على ثلث تمثيلي مواز لثلث النظام، في الوقت الذي ينتصر النظام عسكريًا ولا يوازيها بأي شكل على الأرض؛ والجهة الثانية عمل أنور البني ضمن المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، وبعض المراكز الحقوقية الأخرى، مثل مركز العدالة والمساءلة أو الشبكة السورية لحقوق الإنسان وغيرها، حيث تتركز جهودهم القانونية، بالتعاون مع المراكز الحقوقية الدولية، في رفع الدعاوى وملاحقة مجرمي الحرب في أوروبا، وهو ما بدأ يتطور لينتقل من بلد أوروبي إلى آخر، ويجعل من المستحيل قانونيًا لأي من تلك البلدان إعادة العلاقات مع نظام جرائم الحرب في دمشق. أما باقي الأعمال السياسية البحتة على المستوى المعارض فهي، كما يراها الجميع، لا وحدة لها، ولا اتفاق بينها، ولا رجاء منها، ولا أمل بها لأن تخرج خارج سيطرة الدول الإقليمية المتنازعة، أو تصبح ممثلة شرعية ولو بالمعنى الشكلي الذي يمثله النظام.

المجال السياسي: لقد وجّه المرحوم ميشيل كيلو، في وصيته قبل وفاته، نداء إلى جميع السوريين الديمقراطيين للوحدة وإنتاج عمل سياسي موحد وتجاوز الخلافات، كما أن الدعوات لإنتاج عمل سياسي ديمقراطي فاعل على مستوى سورية لم تتوقف في الآونة الأخيرة، وطلب المراجعات والنقد وإعادة البناء مستمرة من كبار المثقفين والسياسيين المعروفين وغير المعروفين في سورية، وذلك على أمل الوصول إلى خلق طيف ديمقراطي يشكل بديلًا عن نظام الأسد وعن الهيكل الحالي للمعارضة الممثل بالائتلاف. وقد تمثّلت بعض تلك الدعوات بالمعنى النظري أولًا في “إعلان الوطنية السورية” والنقاشات المهمة التي دارت حوله، ثم في صياغة “الجامعة السورية” التي طرحها الدكتور يوسف سلامة، وتسير في المسار العام ذاته لإعلان الوطنية السورية ووصية الراحل ميشيل كيلو أو غيرهما من المبادرات. لكننا سنقول هنا إن تلك الدعوات العامة على طيب نواياها، لن تتمثّل سياسيًا وعمليًا في الواقع السوري إلا بوصفها “أيديولوجيا وطنية” جديدة ومتعالية، ستقف خلف رفيقاتها القدامى؛ أي الأيديولوجيات القومية والماركسية والإسلامية، دون أن تجد لها مكانًا في أي حلّ سياسي ممكن، وينتظره السوريون بكل أطيافهم.

 نقد الأيديولوجية الوطنية: تعدّ الأيديولوجيا الوطنية الجامعة، والمكرّسة في خطاب الطبقة السياسية القديمة والمناضلين السياسيين القدامى، إحدى أهمّ العوائق السياسية أمام إعادة تشكيل السياسة وبناء الوطن على أسس دستورية وسياسية جديدة، حيث تحتكم جميع القوى السياسية السورية تقريبًا، سواء تمثّلت بأفراد وشخصيات وطنية أو حركات أو أحزاب أو تجمّعات مدنية/ سياسية، إلى ما سأسميه السياسات الكبرى “الماكروسياسة”، وهي لغة سياسية تتنطع للحديث باسم جميع السوريين، وتسعى لتمثيل سورية كاملة بأرضها وشعبها، وتبني خطابها ومبادئها ومشاريعها على أساس الوطنية السورية الشاملة والجامعة. كما تعتبر الأيديولوجية الوطنية أنها تجاوزت الأيديولوجيات الكبرى التي خرجت منها وما زالت تعيش في داخلها، مثل الأيديولوجيا الإسلامية التي أنتجت حركات الإسلام السياسي وعلى رأسها حركة الإخوان المسلمين، أو الأيديولوجيا الماركسية التي أنتجت جميع أنواع الأحزاب الشيوعية على تنوعاتها وتفرعاتها، أو الأيديولوجيا القومية التي أنتجت الأحزاب القومية العربية كالبعث والناصرية، ثم القومية السورية التي أفرزت الحزب القومي السوري. ومثلما كان الحديث عن سورية وحدها سابقًا، تبعًا لتلك الأيديولوجيات الكبرى، هو حديث في الصغائر، أقل من قيمتها وقيمها وأخلاقها، أو هو دعوة للتجزئة والضعف وتشتيت شمل العرب والمسلمين وفصلهم عن قضاياهم الكبرى وأوطانهم المتخيلة “من المحيط إلى الخليج”، فإن الأيديولوجية الوطنية الجديدة، تعتبر أن كل حديث سياسي اليوم عمّا هو أقل من سورية كاملة هو حديث طائفي أو مناطقي أو إثني، وهو خط أحمر أقل من قيمها وقيمتها وأخلاقها، أو هو دعوة مضمرة أو صريحة للتقسيم أو المحاصصة الطائفية أو الفيدرالية وتشتيت شمل السوريين ووحدتهم الوطنية. ولكن مثلما انتهت الأيديولوجيات الكبرى إلى العكس تمامًا من أهدافها وقيمها وتطلعاتها نتيجة انفصالها عن الواقع وتعاليها واحتكامها للمعايير الأخلاقية المتعالية عن الناس الفعليين وقوى الواقع السياسي، فإن الأيديولوجيا الوطنية الجديدة تتجه غالبًا؛ إن لم يكن بشكل حتمي، إلى النتيجة ذاتها التي انتهت إليها سابقاتها، وإلى العكس الحرفي لمبادئها وتطلعاتها وأهدافها. والمعنى المقصود هنا هو أن امتناع القوى السياسية الديمقراطية والمدنية الراهنة عن العمل ضمن سياسة الصغائر “الميكروسياسة”، وتعاليها عن الطوائف والاثنيات والسياسات المناطقية والتمثيلات الصغيرة، سوف يقود هو ذاته إلى ملء فراغها من قبل القوى الطائفية والميليشاوية، وسينتهي هو ذاته بالشرّ السياسي الذي تهرب منه، أي المحاصصة الطائفية والانقسام الأهلي والسياسي، وصولًا إلى الفيدرالية اللاوطنية (وهي فيدرالية تنتجها قوى الأمر الواقع دون اتفاق سياسي وطني، مما يجعل كل جزء منها تابعًا لقوة إقليمية خارجية، ترعى ذلك الجزء وتستتبعه في الوقت ذاته، وهي ضد الفيدرالية الوطنية التي تقوم على اتفاق واضح وصريح ووطني بين الأطراف السياسية التمثيلية) ونرى في المحصلة أن قوى الأمر الواقع معطوفة على سياسات القوى الإقليمية والدولية، سوف تجعل سورية تتجه بشكل طبيعي نحو النموذج العراقي/ اللبناني الذي تسعى القوى الوطنية إلى الهرب منه، وتتعالى عليه، ولا تكف عن التخويف به ومنه، دون أن تلاقيه بأي فعل سياسي جدّي بعيدًا عن الطروحات الوطنية المثالية التي تنيخ تحت أحمالها الأخلاقية والأيديولوجية الكبرى، بينما هي لا تسمن ولا تغني من جوع.

المفارقة المضحكة المبكية أنّ الأحزاب اليسارية/ الشيوعية والقومية كانَت (وربما ما زالت) تعتبر أحزابًا تقدمية في رؤيتها للواقع العربي، مثلما تعتبر الأيديولوجيا الوطنية اليوم تقدمية قياسًا بالرؤى ما دون الوطنية، لكن لماذا لا يقودنا التقدم إلا إلى الوراء، ولا يقودنا الإجماع إلا إلى التقسيم، فتلك مسألة لا يعلمها إلا الله، وأما النهاية بحضن العسكر أو الإسلاميين، فلا تجد من يفسرها سياسيًا إلا بخطأ الواقع وصحّة النظرية، أو بالمؤامرات والاحتلالات والعوامل الخارجية، بينما يبقى التوجه نحو الذات ونحو القوى السياسية ذاتها لإعادة النظر الجذرية في سياستها وقيمها وأخلاقها ومبادئها وطروحاتها النظرية، تبقى جميعها خارج التفكير والمراجعة والعمل.

ليست مشكلة الأيديولوجيا الوطنية إذًا نابعة تحديدًا من توجهها الوطني الشامل؛ فهذا أمر محمود بذاته بالمعنى الأخلاقي، لكن في قيامها كليًا على الضدّ مما تسمّيه “تحت وطني”، وفي إلغائه تمامًا من خطابها السياسي، وإنكاره واقعيًا، وإدانته أخلاقيًا، والتعالي عليه سياسيًا. وهذا ينطبق حرفيًا على كل واحدة من الأيديولوجيات الكبرى السابقة، فمن المعروف أن الأحزاب القومية، وعلى رأسها حزب البعث الذي انقسم إلى سلطتين متجاورتين وعدوتين في سورية والعراق، عندما وصل إلى السلطة، فرض رؤيته للوطن والوطنية على الشعب وعلى جميع الأحزاب والقوى السياسية الأخرى، وجعل كل من لا يشاركه في مبادئه ورؤاه الوطنية بمنزلة عميل أو خائن للوطن، ومن المعروف أيضًا أن الرؤى القومية “المثالية والجميلة” لحزب البعث انتهت بإخراج الباطن الحقيقي، الذي قامت عليه تلك الرؤى لعقود متواصلة، إلى السطح، فتبين للجميع أن تلك الوطنية التي تأسست على مبادئ قومية، لم تكن في الحقيقة إلا طائفية مُغلّفة بشعارات قومية فارغة، لكن الشعارات القومية الفارغة كان لها وظيفة في غاية الأهمية في الواقع، وهي إضفاء الطابع الأخلاقي والشرعية الأخلاقية على أيديولوجية الحزب، ومنع المزايدات الوطنية في الداخل، فمن يمكنه فعليًا رفض تلك المبادئ الأخلاقية/ السياسية العالية التي قام عليها الحزب! (الأمر ذاته يمكن تطبيقه على حركة الإخوان المسلمين). لكن الواقع جرى بالضبط بعكس اتجاه المبادئ، فالعمق الطائفي الذي قامت عليه السلطتان الوطنيتان/القوميتان هو ما تفجر بعد 2003 في العراق و2011 في سورية، ويا للمفارقة، كانت نتائج الاحتلال هي ذاتها نتائج الثورة: تقطُّع الخيوط الواهية للتماسك الوطني، وظهور الطائفية التي أخفاها كلا النظامين في بنيته العميقة وفي بنية المجتمع كاملًا، إلى العلن، وبقاء المبادئ المتعالية مكانها، زينة للحياة الدنيا والآخرة عند أتباع صدام والأسدين.

ليس لدى كاتب هذه السطور أدنى شك في أن سورية لن تتقسّم إلى دول، فهذا غير ممكن على الإطلاق ضمن الترسيمة الدولية الموجودة، ومانع التقسيم بهذا المعنى هو مانع خارجي قبل أن يكون داخليًا، ولكن بالمقابل فإن احتمال تقسيمها إلى كانتونات تقوم على حرب أهلية كامنة أو معلنة، ترعاها من جهة، وتمنع خروجها عن السيطرة من جهة ثانية، القوى الدولية الفاعلة والموجودة على الأرض؛ أي أميركا وروسيا وتركيا وإيران، هو احتمال واقعي جدًا، إن لم يكن هو الواقع. ولذلك لا بد من تصويب الحديث عن التقسيم لكي تتوضح الفكرة:

لقد قسّم العلم الحديث الإنسان إلى ألف قطعة واختصاص من الجلد حتى النخاع، ومن الرأس حتى أخمص القدمين، دون أن يعني ذلك أن الإنسان نفسه تقسّم، وقسّم الفكر السياسي الحديث السلطة؛ منذ جون لوك إلى ثلاث سلط، ثم إلى آلاف السلطات الجزيئية التي تحكم المجتمع وتضبطه، دون أن يعني ذلك نهاية الدولة وتقسيمها فعليًا، ولم يبقى شيء معاصر خارج التقسيم، الحب والموسيقى والسياسة والديمقراطية والليبرالية والحرية وكل مجالات الحياة الإنسانية والحيوانية والنباتية والجماد، دون أن يعني ذلك نهاية أي من تلك الكليات المفاهيمية أو الوجودية. لكننا ما زلنا، بقيادة يسارنا وإسلاميينا ونظامنا ومعارضتنا، إن تحدث أحدهم عن تقسيم السلطة أو إدارة ذاتية أو لا مركزية أو فيدرالية أو أي نوع من أنواع التقسيم السياسي، يتم اتهامه مباشرة بالسعي للمحاصصة الطائفية أو تقسيم البلد أو خيانة الوحدة الوطنية، وكأن طوائفنا غير طائفية، وبلدنا غير مقسّم بقوى الأمر الواقع، وكأن الوحدة الوطنية تشرشر من السوريين أينما حلّو، فلا مشكلة بينهم ولا خلافات ولا صراعات تذكر. المهم هو النظرية، فالنظرية دائمًا صحيحة والواقع هو الخاطئ، الإسلاميون يقولون ذلك عن الإسلام، والماركسيون عن ماركس، والقوميون عن القومية، وأخيرًا الوطنيون عن الوطنية، دائمًا نظرياتهم صحيحة، ولا بد من تعديل الواقع ليتطابق مع النظرية، حتى لو قاد ذلك إلى تحطم الواقع ذاته فوق رؤوس أصحابه.

إذًا؛ لا بدّ من خلق سياسة جديدة ومعيار وطني جديد، يقوم فعليًا على هدم جميع الأصول السياسية المؤسسة للأيديولوجيات الكبرى، وأولها الأيديولوجيا الوطنية الجديدة، وذلك عبر إنتاج حركات وكتل سياسية ديمقراطية ومدنية على مستوى المناطق الصغيرة والمحافظات والمدن (على طريقة التجربة الرائدة للجان التنسيق المحلية) وربط تلك الكتل السياسية بين سوريي الداخل والخارج على مستويات صغيرة، وإنجاز المشاريع والتوافقات ومفاهيم العمل السياسي والمالي وخطط الدعم والمطالب على تلك المستويات، ثم إجراء التحالفات البينية والمفاوضات بين تلك الحركات الديمقراطية على مستوى البلد، لربما تخرج كل منطقة بقوة سياسية حقيقية تمثيلية لشعب تلك المنطقة، ومتشابكة مع الناس العاديين وأفراد المجتمع المحلي، وذلك لتصبح بديلًا عن قوى الأمر الواقع التي هي “حثالات” المجتمع حرفيًا، وأكثر فئاته طائفيةً وانحطاطًا وتعصبًا وضيق أفق، وأكثرها قابلية لتمزيق المجتمع السوري وإخضاعه للاستبداد أو القوى الخارجية.

إن البديل الديمقراطي الفاعل لا بد أن يبدأ بالسياسات الصغرى، ويحتكم للسياسة “الميكروية” لكي يصل “تجميعيًا وتركيبيًا” إلى صياغة السياسة “الماكروية” الكبرى للبلد، إن تسنى لنا ذلك، وأما التعويل على خلق “أكثرية سياسية وطنية من جميع الطوائف” أو خلق كتلة وطنية ديمقراطية من جميع الأحزاب القديمة، أو تجميع عشرة آلاف سوري ديمقراطي على ما أراده حزب الجمهورية، فهي طروحات طوباوية لن تنجح على مستوى سورية، حتى لو بقينا مئة سنة أخرى على الحال الذي نحن عليه اليوم.

إن ما يجعل مصيرنا “الحتمي” كمصير لبنان أو العراق هو تعالي الأحزاب القائمة والسياسيين والمثقفين السياسيين عن العمل في الصغائر والسياسات الصغرى، وانشغالهم في السياسة الكبرى على مستوى الوطن السوري كله، وعندما نقوم بنقد الوطنية الجامعة التي تم طرحها وتداولها من المثقفين والسياسيين، فلأنها وطنية صادقة من حيث النيّات الطيبة برأينا، لكنها وطنية فارغة ومثالية ولا قيمة لها على أرض الواقع إلا بما يطرب الآذان ويخدّر العقل، فليس هناك وطنية جامعة تبدأ من الأعلى إلى الأسفل إلا لاقت مصيرها في إحدى النهايتين: إما في السياسات الشمولية المطلقة، وإما في عدم التأثير والخروج النهائي خارج اللعبة السياسية، وكل وطنية جامعة لا تبدأ من تجميع الصغائر والكتل الفردية والجماعية الصغيرة والمناطقية هي وطنية ستنتهي خارج الوطن، وستبقى أعلى منه، ولن تمثل يومًا مصلحة مواطن واحد، فضلًا عن تمثيل المواطنين السوريين باختلافاتهم وتنوعاتهم.

أخيرًا، إن الانتخابات الرئاسية غير شرعية، هذا صحيح، ولكن صحّته مرتبطة أيضًا بواقع أنه لا توجد جهة أو قوة واحدة شرعية في سورية اليوم، روسيا غير شرعية كونها مستقدمة من نظام فاقد لشرعيته الشعبية، وتركيا غير شرعية؛ لا هي ولا جبهة النصرة التي تحكم في إدلب، وأميركا غير شرعية، والتمثيل الكردي غير شرعي، ما دام محكومًا بأجندة حزب PKK الكردي/ التركي، وإيران غير شرعية، لا هي ولا ميليشياتها التي تملأ البلد من الجنوب إلى الشمال والشرق، والأسد يقف كحلقة وصل لا شرعية بين جميع تلك القوى.

ولذلك لا بدّ من توضيح أهم الجوانب المغفلة عند الحديث عن الشرعية، وذلك ابتداء من أن مسألة الشرعية في سورية اليوم هي مسألة صراع على الشرعية، وهو صراع سياسي وعسكري، محلي ودولي وإقليمي، دموي ولا أخلاقي ولا مكان فيه للأخلاق، ومن هنا، فإن ما يمكن قوله بخصوص الشرعية هو ذاته ما يمكن قوله بخصوص الوطنية، ويجب تحديده على النحو التالي:

ليس هناك شرعية وطنية جاهزة في سورية، لا لدى النظام ولا المعارضة، وليس هناك وطنية شرعية ومشروعة في سورية عند جميع الأطراف، ولذلك لا بد من صناعة الوطنية وصناعة الشرعية على أسس جديدة تمامًا ومختلفة كليًا عمّا هو قائم، وصناعة الشرعية الوطنية أو الوطنية الشرعية تبدأ من الأدنى إلى الأعلى، ومن داخل الطوائف والاثنيات والجماعات والمناطق والمدن، ومن الدوائر الصغرى إلى الدوائر الكبرى وليس العكس، لأن الخيار الآخر للشرعية والوطنية هو خيار القوة المحض؛ أي فرض الوطنية من طرف واحد، وفرض الشرعية بانتخابات مزوّرة على نحو دائم، وهذا الخيار؛ الذي اتخذه النظام سابقًا، لن يؤدي إلا إلى الحرب الأهلية الدائمة، مهما استمر الصراع القائم. ولكن أليس هذا النوع من الشرعية هو ما يُفترض أن تقف ضده المعارضة! وكيف سيحصل ذلك إن كانت تنظّر للشرعية فكريًا وتعمل عليها سياسيًا بالأدوات الأخلاقية والأيديولوجية والسياسية المتعالية ذاتها التي قام عليها النظام الذي تعارضه!

مركز حرمون

——————————-

سورية: إجراءات تجميلية لحشد المشاركة بانتخابات النظام/ أمين العاصي

فور إعلان “المحكمة الدستورية العليا”، التابعة للنظام السوري، عن القائمة النهائية للمرشحين لمنصب رئيس الجمهورية، في الانتخابات التي سيجريها النظام في 26 مايو/أيار الحالي، وفق دستور 2012، بدأ رئيس النظام بشار الأسد بإصدار قرارات ومراسيم تندرج في سياق محاولاته إضفاء شرعية على هذه الانتخابات، التي ترفضها المعارضة السورية، ويعتبرها المجتمع الدولي مزيفة وبلا قيمة سياسية.

ونصّ مرسوم جديد على تسريح فئات محددة وفقاً لإمكانية الاستغناء عن خدماتهم. وشمل الضباط المحتفظ بهم الملتحقين بالخدمة الاحتياطية ممّن بلغت خدمتهم الاحتياطية الفعلية سنتين فأكثر حتى نهاية مايو الحالي، والأطباء البشريين الاختصاصيين في إدارة الخدمات الطبية ممّن بلغت خدمتهم الاحتياطية الفعلية سنتين فأكثر حتى نهاية الشهر الحالي، وصف الضباط والأفراد المحتفظ بهم والملتحقين بالخدمة الاحتياطية ممّن بلغت خدمتهم الاحتياطية الفعلية ليس أقل من سبع سنوات ونصف السنة.

وكان رئيس “المحكمة الدستورية العليا” محمد جهاد اللحام أعلن، الإثنين الماضي، أنّ المحكمة قررت اعتماد المرشحين النهائيين للانتخابات الرئاسية من دون تغيير. وأقرّ الإعلان النهائي للمحكمة، التي يعيّن بشار الأسد رئيسها وأعضاءها، قائمة المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية، وهم: عبد الله سلوم عبد الله، وبشار حافظ الأسد، ومحمود أحمد مرعي. وأصدر الأسد، الإثنين، أمراً إدارياً بإنهاء الاحتفاظ والاستدعاء للضباط، وصف الضباط، والأفراد الاحتياطيين العاملين في جيش النظام اعتباراً من بداية يونيو/حزيران المقبل، بشرط توفر الإمكانية للاستغناء عن خدماتهم، وفق ما نقلت صفحة “رئاسة الجمهورية” التي يديرها المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري.

وسبق قرار إنهاء الاحتفاظ والاستدعاء إلى قوات النظام عملية ضبط قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأميركي، فاستقرت عند سقف الـ 3000 ليرة مقابل الدولار الواحد. وكانت الليرة السورية شهدت تراجعاً غير مسبوق أمام الدولار الأميركي في الربع الأول من العام الحالي، وهو ما أدى إلى ارتفاع وُصف بـ”الجنوني” في أسعار المواد الغذائية.

سورية

وأكدت مصادر مطلعة في دمشق، لـ “العربي الجديد”، أن النظام “تعمّد اختلاق أزمات معيشية قبيل الانتخابات، ومن ثم حلّ جانبٍ منها لإقناع الشارع الموالي أنه لا يزال قادراً على التصدي للمشاكل، لدفع هذا الشارع إلى التصويت”. وأشارت إلى أنه “على الرغم من أن نتائج الانتخابات محسومة لصالح بشار الأسد، إلا أن الأخير يريد طوابير أمام صناديق الانتخاب، في محاولة تبدو غير مجدية لإقناع المجتمع الدولي بنتائج هذه الانتخابات”. وبيّنت أن النظام “شرع في الدعاية لهذه الانتخابات في المدن الكبرى الخاضعة له”، مضيفة: أغلب السوريين في هذه المدن غير مكترثين بها، لأنهم يعلمون أنها لن تكون خطوة في طريق حل أزمة تطحنهم منذ أكثر من 10 سنوات.

وكانت المناطق الخاضعة لسيطرة النظام قد عاشت أزمات معيشية متلاحقة، من تدهور سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، إلى ارتفاع الأسعار وانعدام المحروقات. وشهدت هذه المناطق، خصوصاً في المدن الكبرى، طوابير أمام الأفران ومحطات الوقود، تناقلت صورها وسائل الإعلام. ويحاول النظام بين فترة وأخرى تخفيف الأعباء المعيشية عن الموظفين في حكومته من خلال إعطاء “منح مالية” لهم لا تتعدى العشرين دولاراً أميركياً.

ولا يعترف المجتمع الدولي بهذه الانتخابات ونتائجها، لأنها تتجاوز قرارات دولية، أبرزها القرار 2254 الذي صدر أواخر 2015، وحدد خريطة طريق للحل السياسي في سورية تنهض به هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات. واستبقت الولايات المتحدة هذه الانتخابات بالتأكيد على لسان مندوبتها لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي أخيراً، أن “ما تُسمى الانتخابات الرئاسية، التي يخطط نظام الأسد لإجرائها، لن تكون حرة ولا نزيهة، بل مزيفة ولا تمثل الشعب السوري”. ووضع النظام العراقيل أمام الأمم المتحدة كي لا تنجح المفاوضات بينه وبين المعارضة، التي تؤكد من خلال تياراتها المختلفة أن هذه الانتخابات لا قيمة سياسية أو قانونية أو شرعية لها، لأنها لا تجري في السياق الذي نص عليه قرار مجلس الأمن 2254.

من جهته، رأى الباحث في مركز “جسور” للدراسات” وائل علوان أنه “لا يوجد رابط مباشر بين قرار إنهاء الاحتفاظ والاستدعاء إلى الجيش وبين المسرحية الانتخابية التي يستعد النظام لإجرائها”. وأضاف، في حديث مع “العربي الجديد”: “هذا القرار مرتبط بالعجز الحكومي الذي وصل إلى مستوى غير مسبوق”. وتابع: صحيح أن جانباً من أزمة المحروقات حُلّ بعد وصول ناقلات نفط إيرانية إلى السواحل السورية، وصحيح أن النظام يوهم الناس أنه ضبط سعر الصرف، ولكن هناك عجز اقتصادي يصل إلى حد الانهيار، وعجز حكومي لم تستطع روسيا إيجاد حلول له.

ورأى علوان أن قرار إنهاء الاحتفاظ أو الاستدعاء إلى قوات النظام “محاولة لتخفيف العبء عن هذه القوات”، مضيفاً: لم يعد هناك دور وقيمة لجيش النظام، إنما تقوم بالمهام القتالية على الأراضي السورية قوات خاصة روسية ومليشيات محلية تابعة لوزارة الدفاع الروسية، إضافة إلى “حزب الله”، والمليشيات الإيرانية وبعض المجموعات المحلية المرتبطة بها والرديفة لها. كما يندرج القرار، وفق علوان، ضمن محاولات النظام الإيحاء بأن هناك استقراراً أمنياً وعسكرياً في المناطق الخاضعة له، مرجحاً قيام الأسد بإصدار قرارات عفو عن معتقلين ومساجين قبيل الانتخابات في 26 الشهر الحالي. وأضاف: ترتبط مسرحية الانتخابات عادة بقرارات إطلاق معتقلين، ولكنها تضبط بحيث يبقى معتقلو الرأي في السجون، ويطلق سراح المجرمين.

وكان الأسد قد أصدر، مطلع الشهر الحالي، “عفواً” عن مرتكبي جرائم المخالفات والجنح والجنايات، في سياق التحضير للانتخابات الرئاسية، بينما لا يزال عشرات آلاف المعتقلين السياسيين، على خلفية المشاركة في الثورة السورية التي كانت بدأت في ربيع عام 2011، في سجون النظام المختلفة، ويرفض الأخير الإفراج عنهم، بل لا تزال أجهزته الأمنية تقتل عدداً منهم تحت التعذيب. وأغلب توثيقات المنظمات المختصة تتحدث عن 125 إلى 140 ألف معتقل في سجون النظام، بينهم آلاف النساء والأطفال.

العربي لجديد

—————————

ظريف في سوريا: العدوان الاسرائيلي أم الانتخابات؟

وصل وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف إلى دمشق صباح الأربعاء لإجراء مباحثات مع مسؤولي النظام السوري حول تطورات الأوضاع في المنطقة والعلاقات الثنائية.

وكان في استقبال ظريف في مطار دمشق الدولي وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد وعدد من مسؤولي وزارة الخارجية.

وقال وزير الخارجية الإيرانية إن “الظروف الراهنة هي ظروف خاصة جداً وكان من المقرر القيام بزيارة إلى سوريا على أعتاب الانتخابات فيها للتباحث مع الأصدقاء السوريين حول هذا الحدث المهم”.

ويُجري النظام السوري انتخابات رئاسية في 26 أيار/مايو، نتائجها محسومة سلفاً لصالح رئيس النظام بشار الأسد.

وتابع ظريف: “للأسف إن الأعمال الإجرامية للكيان الصهيوني التي تصاعدت منذ يوم القدس العالمي والأحداث غير المسبوقة التي وقعت في المسجد الأقصى والأراضي المحتلة وقصف غزة أدت إلى خلق ظروف متدهورة جداً في المنطقة”. وقال إن “سوريا بصفتها من الدول الرائدة في محور المقاومة لها دور مهم جداً في هذا المجال”.

وأضاف إن “المحادثات ستشمل دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية للحكومة والشعب السوري سواء في مسار إعادة الإعمار أو في مسار مكافحة الإرهاب إضافة إلى الأوضاع الراهنة في فلسطين المحتلة”.

من جانبه، قال المقداد إن “هذه الزيارة مهمة وتأتي في وقت دقيق نمرّ به في كلا البلدين والمنطقة حيث تتصاعد السياسات العدوانية الغربية والأميركية والإسرائيلية.. كما أن الشعب الفلسطيني الآن يعاني جراء الممارسات الدموية للكيان الإسرائيلي”.

وأضاف المقداد أن الوضع يتدهور في إطار استهداف هذه المنطقة من قبل القوى الغربية، مضيفاً أن “استهداف سوريا والجمهورية الإسلامية الإيرانية كان بسبب مواقف هاتين الدولتين من القضية الفلسطينية والدعم الذي يُقدم لنضال الشعب الفلسطيني من أجل التحرر وبناء الدولة المستقلة”.

وقال إن “الساعات القادمة حافلة بالعديد من اللقاءات التي نأمل من خلالها أن نناقش التطورات الأخيرة في كلا البلدين كما أنه من جهة أخرى هناك قضايا وتطورات ليست بالقليلة والتي سنعمل على التعامل معها بشكل تفصيلي لكي يستمر التنسيق القائم بين بلدينا”.

—————————-

النظام السوري يطلق محتجزين..لتشكيل معارضة ظاهرية

أطلق النظام السوري سراح عشرات الموقوفين، من موظفين وقضاة ومحامين وصحافيين احتجزهم هذا العام، في حين لا يزال آلاف المعارضين والمعتقلين السياسيين في أقبية السجون.

وقالت وكالة “رويترز” إن المفرج عنهم أخيراً، بعد احتجازهم بموجب قانون “تنظيم التواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة المعلوماتية”، هم من بين آلاف أُطلق سراحهم خلال أيار/مايو/ بموجب عفو عام عن مضاربين في العملة وتجار مخدرات ومهربين وخاطفين.

وأضافت “رويترز” أن “معظم المنتقدين عبر وسائل التواصل الاجتماعي المفرج عنهم من مؤيدي تعامل السلطات السورية مع انتفاضة 2011 التي تصاعدت إلى حرب أودت بحياة مئات الآلاف”.

ونقلت الوكالة عن جماعات حقوقية أن العفو استبعد عشرات الآلاف من معارضي الأسد والمعتقلين السياسيين المحتجزين منذ سنوات من دون محاكمة، والذين يُعتقد أن كثيرين منهم في عداد الأموات الآن.

وقالت الباحثة المختصة بشؤون سوريا في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة “هيومن رايتس ووتش” سارة الكيّالي: “التوقيت الملائم للإفراج عن معسكر موالٍ معتدلٍ قبل الانتخابات… هو خلق معارضة ظاهرية لجعل الانتخابات تبدو ذات مصداقية”.

ويقول محتجزان أُطلق سراحهما، وطلبا عدم كشف هويتهما، إن الهدف من حملة القمع بموجب قانون الجرائم الإلكترونية ضد أنصار الأسد كان، في الغالب، بث الخوف قبل الانتخابات.

ولم ينتقد أي من المعتقلين الأسد، وهي جريمة عقوبتها الإعدام، واعتقلت قوات الأمن معظمهم بسبب منشورات عبر الإنترنت تتراوح بين التفاعل بإبداء “إعجاب” على تعليق على “فايسبوك” يأسى للمصاعب المتزايدة وينتقد الحكومة وتصريحات تنتقد فساد الدولة.

—————————

عرسال تغلي غضباً: من سينتخب الأسد فليغادر إلى أحضانه/ لوسي بارسخيان

تعيش بلدة عرسال اللبنانية غلياناً على إيقاع الانتخابات الرئاسية السورية المتوقعة في 20 أيار الجاري، في سفارات البلدان المستضيفة النازحين السوريين. فعرسال احتضنت الثورة السورية منذ بداية انطلاقها، وفتحت أبوابها للهاربين من 35 قرية في محافظات القلمون والقصير وحمص، ودفعت بسبب تأييدها رحيل النظام السوري، الثمن الأغلى حرباً واغتيالات وتوقيفات، وتخويناً ودعشنة وتجويعاً، إضافة إلى سوء علاقات مع جيرانها.

فليرحل منتخبو الأسد

وهذا ثمن يعتبره أبناء البلدة المعارضون للنظام السوري كافياً، ليعتبروا مشاركة المقيمين في عرسال بهذه الانتخابات، “طعنا” بالتضحيات التي بذلت دعماً لمطلب تغيير النظام السوري. ويقول ناشطون مؤيدون للثورة السورية في البلدة: “لن نقبل أن يذهب المقيمون في بلدتنا إلى انتخابات نتائجها معلومة مسبقاً ومعلبة لمصلحة بشار الأسد”. وبرأيهم “كل سوري يؤيد للأسد، حري به أن يذهب ويعيش بكنف نظامه، طالما أن لا مشاكل لديه مع وجود هذا النظام واستمراره”.

بدأ هذا الموقف يتفاعل منذ أيام على وسائل التواصل الاجتماعي، مع خروج أصوات سورية محدودة في البلدة، تعلن أنها ستشارك في الانتخابات السورية المقبلة. لكن هذه الأصوات لا تمثل، برأي العرساليين، موقف الأكثرية الرافضة لهذه الانتخابات ونتائجها. ولا تشكل سوى محاولة للإيحاء بنوع من تبدل المزاج الشعبي السوري من رافض لبشار الأسد ونظامه، إلى مؤيد له.

وعليه، يتفاعل بين ناشطي عرسال موقف محدد من كل سوري يشارك في الانتخابات، ويرتقب أن يتطور كلما اقترب موعدها إلى خطوات أكثر عملانية. ويؤكد الناشطون أن  البلدة ستشهد مجموعات ضغط لمواجهة من يحاول “تطويع النازحين السوريين وإخضاعهم”.

وتتواصل هذه المجموعات مع “مسؤولي المخيمات” لتعميم موقفها: “أهالي عرسال مع ديمقراطية الرأي وممارسة حق الانتخاب. وإذا كان البعض يريد انتخاب بشار الأسد فهو حر بذلك. ولكن إذا كنا نحن قد ذُبحنا وخونا وحوصرنا وعشنا تبعات الحرب، لأننا أيدنا ثورتهم وناصرناهم، فمن حقنا عندما يسيئون لتضحياتنا، ألا نستقبلهم في بلدتنا مجددا”.

وعليه يقول هؤلاء: كل سوري مقيم بعرسال يشارك في انتخاب الأسد، ليس مرحباً به في البلدة، وليختر بين المغادرة إلى بلاده، أو السكن في المدن والبلدات البقاعية ذات البيئة المؤيدة للنظام السوري.

وهذا الموقف سيظهّر بشكل واضح في اليوم المحدد لفتح صناديق الاقتراع. وسينظم الناشطون تجمعات، ويقولون: “سنحرق صور بشار الأسد. ونبعث رسالتنا للمجتمع الدولي بوضوح: دعم أي دولة لبشار لا يلزم الشعب السوري، ولا المجتمعات اللبنانية التي، قبل استضافها النازحين السوريين، عانت الأمرين من مرحلة الوجود السوري. وخصوصاً عرسال التي لن تنسى فصول قمعها في مرحلة وجود نظام الأسد في لبنان”.

حزب الله وإغراءاته

ويرفض أصحاب هذا الموقف أن يكون موقفهم هذا مشروع خلاف جديد مع جيرانهم حول قضية سورية أخرى. وهم يقولون: “إذا كان موقف العراسلة يعرضهم لصدام مع حزب الله الذي يجهد لتأمين مشاركة السوريين بفاعلية في مناطق نفوذه، فإن حزب الله يعلم جيداً أنه لا يملك نفوذاً في عرسال، حيث الأكثرية المقيمة فيها معارضة للنظام”.

ولا تزال عرسال تضم أكبر تجمع للنازحين السوريين، رغم مغادرة كثيرين أراضيها ضمن اتفاقات المصالحة التي جرت في بعض القرى، وطوعت العائدين مع الأمر الواقع الذي فرضه النظام. فنحو 50 ألف نازح هو العدد المتبقي من النازحين بعد المصالحات، نصفهم تقريباً من منطقة القصير. وهم الأكثر تشدداً في رفضهم أي تسوية مع النظام، بعدما فقدوا حلمهم بالعودة إلى بلداتهم، ولم تتجاوز نسبة العائدين منهم واحد في المئة بناء لشروط معقدة يفرضها النظام وحلفاؤه. وهم يحترقون بنار غلاء المعيشة على الأراضي اللبنانية. واللافت في الأيام الماضية -وفقاً لناشطين– تلك الإغراءات والوعود التي أغدقت على هؤلاء، سواء بتأمين ظروف عودتهم، أو بتحسين واقعهم المعيشي، مقابل تعهدهم المشاركة في الانتخابات.

ووفقا لمصادر فإن بين هؤلاء أشخاص “مرتزقة”، امتهنوا التهريب الحدودي بين لبنان وسوريا، ولا يشكلون أكثرية في البلدة. وهؤلاء موصوفون بالتقلب في مواقفهم وفقاً لمصالحهم، التي تبعث الفرقة بين أبناء البلدة اللبنانيين والسوريين المقيمين فيها من جهة، وبين سكان المخيمات أنفسهم من جهة ثانية.

وبعض هؤلاء شارك في الانتخابات الرئاسية السورية السابقة في بداية أزمة النزوح السوري إلى لبنان. والعراسلة يتوجسون من حضورهم في عرسال، حيث البيئة غير مريحة لمؤيدي النظام.

ويحاول ناشطو عرسال استيعاب هذه الازدواجية في موقف بعض المقيمين على أرضها. ويحرصون على ألا ينعكس موقفهم تعكيراً للعلاقات بالجيران، بعدما نجح العراسلة بترميم التصدعات التي لحقت بها إثر توترات معركة الجرود وتداعياتها.

نشاط مخابرات الأسد

ويوضح محمد كرنبي -وهو من الشبان الناشطين المناصرين للثورة السورية– فيقول: “بعد شيوع أخبار عن حمل العراسلة على المشاركة في الانتخابات الرئاسية السورية، قمنا كمتطوعين بنوع من الاستفتاء في صفوف المقيمين في المخيمات. وتبين أن من سيشاركون هم عشرات وليسوا مئات، كما يوحي البعض. وهؤلاء قد يذهبون إلى السفارة السورية خفية”. وتحدث كرنبي عن “جماعات من حزب البعث تغري النازحين بالمال، ليخرجوا بمواقف إعلامية مؤيدة لبشار الأسد”. وهؤلاء وفقاً لناشطين في البلدة “أزلام المخابرات ويحاولون تقديم سيرتهم الذاتية لحزب الله سعياً لمكاسب في لبنان وسوريا”. ولكن هذه ليست الحقيقة على الأرض. والدليل أن حافلات في الانتخابات الماضية أتت لنقل الناخبين من عرسال، ولكنها عادت فارغة”.

ووفقا لكرنبي حتى من يؤيدون النظام لا يجرؤون على المجاهرة بمواقفهم في عرسال. فهم يعلمون أنه لن يكون مرغوباً بهم في البلدة. وبالتالي فإن هدف ناشطي التحرك الاستباقي هو تأكيد موقف عرسال المستمر في معارضته النظام السوري. وقد روج الناشطون أن من يريد انتخاب الأسد عليه مغادرة البلدة مع عائلته. وهذا ليس حداً لحرية البعض بالتصويت لبشار، ونحن أيضا أحرار بعدم استقبال هؤلاء، فليذهبوا إلى مناطق نفوذ الأسد بلبنان، أو ليعودوا إلى نظامهم.

ويقول طارق الحجيري على صفحته الفيسبوكية: “السوري النازح في عرسال، استقبله أهالها وساندوه على أساس أنه ضد النظام، فإذا أراد اليوم أن ينتخب بشار، ينعدم مبرر وجوده في عرسال”.

ويضيف الحجيري أن عرسال “دفعت الفاتورة الأغلى بسبب النظام السوري والحرب التي شنها على شعبه. وهناك في البلدة من قتل ومن أصيب بإعاقة. وهناك مئات الشبان الذين سجنوا بتهمة مساندة الثورة السورية. هذا إضافة إلى صبغة الإرهاب التي وصمنا بها، وتوتر علاقتنا مع أبناء منطقة البقاع الشمالي، بسبب مساندتنا الثورة السورية”.

ويضيف الحجيري: “نحن ذقنا ما لم يذقه أحد من نظام الأسد. وإذا كان السوريون قد تعرفوا إلى بشار في السنوات الماضية، فنحن عانينا الأمرين مديداً من ممارسات نظامه في لبنان. وليس من بيت في عرسال إلا ونُكب بممارسات نظام البعث. ونحن ضد بشار الأسد قبل ثورة سوريا ونبقى ضده حتى سقوطه. وهذا موقف الأغلبية في عرسال”.

——————————

====================

تحديث 13 أيار 2021

————————

بعد صلوات العيد في قارة وطرطوس..لماذا عاد الأسد للأموي؟/ وليد بركسية

باختياره المسجد الأموي في قلب العاصمة دمشق لأداء صلاة عيد الفطر، الخميس، أطلق رئيس النظام السوري بشار الأسد حملته الانتخابية قبل نحو أسبوعين فقط من موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في البلاد، مستحضراً طيفاً من الذكريات المرتبطة بالثورة السورية وتدويلها وتحولها تدريجياً إلى حرب أهلية فوضوية تشكل فيها القوى المحلية مجموعة من الوكلاء للدول الفاعلة في الشأن السوري.

وطوال السنوات الماضية التي تلت “انتصارات” النظام وسيطرته على مناطق خرجت عن سيطرته سابقاً، لم يُصلِّ الأسد مطلقاً في الأموي الذي يحمل رمزية دينية ووطنية عموماً، وظهر في مساجد عديدة ضمن العاصمة كان آخرها مسجد العثمان في كانون الأول/ديسمبر الماضي، عندما تحدث عن هوية الدولة السورية الإسلامية، نافياً كل صفات العلمانية “الشريرة” عنها. وكرر المشرف العام على مجمع الفتح الإسلامي بدمشق، حسام الدين فرفور، في خطبة العيد التي ألقاها أمام الأسد، تلك الصفات، بحديثه عن الانتخابات التي تشكل أساساً للديموقراطية السورية بوصفها ” نابعة من أرضنا وديننا وعروبتنا وسوريتنا وليست مثل الديموقراطيات الغربية التي يتشدق بها أولئك المعتدون القراصنة كأميركا وغيرها..”

    من صلاة #عيد_الفطر اليوم في #الجامع_الأموي الكبير بدمشق. رئاسة الجمهورية العربية السورية https://t.me/syrianpresidency

    Posted by ‎رئاسة الجمهورية العربية السورية‎ on Wednesday, May 12, 2021

واللافت أن الأسد بين العامين 2015 و2018 لم يُصلِّ مطلقاً في مساجد العاصمة، بل كان يختار مساجد في مناطق متفرقة لإيصال رسائل دعائية تفرضها طبيعة المرحلة السياسية، وكانت صلاة العيد بالتالي مناسبة “وطنية” لا دينية ضمن الخطاب الإعلامي الرسمي. وتبرز هنا صَلاته في بلدة قارة بريف دمشق العام 2017، للاحتفال بـ”النصر” بعد معركة القلمون، أو صَلاته في طرطوس العام 2018 لإظهار تعاطف مع المجتمع المحلي الذي عبر في تلك الفترة عن غضب من النظام بسبب ملفات المفقودين والتجنيد الإجباري والقتلى في صفوف النظام.

وبظهوره اليوم في المسجد الذي تنقل عبر التاريخ من معبد للإله حدد، إلى كاتدرائية مسيحية، قبل أن يحوله الأمويون إلى مسجد بعد الفتح الإسلامي للمدينة العتيقة، يستحضر الأسد بالتحديد تصريحاً للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أيلول/سبتمبر 2012 قال فيه أن صَلاته في الجامع الأموي في دمشق وزيارته لقبر صلاح الدين الأيوبي باتت قريبة، قبل أن يتهم نظام الأسد بالتحول إلى دولة إرهابية بسبب المجازر التي ارتكبها النظام منذ الأيام الأولى للثورة السلمية في البلاد، حينها.

ولم يكن تصريح أردوغان السابق يغيب عن خطاب الممانعة عموماً، وكان دائم الحضور في التلفزيون الرسمي السوري عند نقاش أي موضوع مرتبط بتركيا، وكان محللو النظام وإعلاميوه يستخدمون التصريح للسخرية من “المؤامرة الكونية” وللدلالة على “انتصار النظام”، واللغة نفسها كانت حاضرة في مواقع التواصل الاجتماعي، الخميس، التي أطلقت حملات داعمة للأسد في الانتخابات المقبلة، بموازاة نشر لافتات انتخابية له في عدد من المدن السورية، وهي خطوة أتت متأخرة إلى حد ما، في ما يبدو أنه قرار اتخذ سابقاً بتأجيل الخوض في الانتخابات إلى حين انتهاء شهر رمضان من المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري.

وبهذا يتخلى الأسد عن مظاهر الرقة والعطف التي كان يحاول التظاهر بهما في السابق عند مخاطبة الجمهور المحلي، عندما كان يظهر بأزياء بسيطة و”كاجوال” بين الجنود أو الناس في الشوارع بوصفه شخصية لطيفة ومتواضعة يقلد بها شخصية رئيس الأوروغواي السابق خوسيه موخيكا الذي يوصف بأنه أفقر رئيس في العالم. وعاد للتركيز على فكرة القوة، فهو الرئيس الذي صمد وانتصر وبالتالي يشكل دعمه في الانتخابات من قبل الشعب السوري واجباً وطنياً وأخلاقياً غير قابل للنقاش، وكل ما عدا ذلك يستوجب العقاب على ما يبدو.

ويمكن الدلالة على ذلك بخطب العيد الأخرى في بقية المحافظات السورية التي ركزت على فكرة الانتخابات بوصفها واجباً شرعياً، كما يظهر ذلك بوضوح في السوشيال ميديا مع انتشار هاشتاغ #مع_الأسد في تويتر أو الوسوم المشابهة التي انطلقت الخميس مثل “قاوم مع الأسد” و#الأسد_ضمانة_البلد وغيرها، ومجموعات في “فايسبوك” مثل “حملة مليونية لدعم قائد الوطن الرئيس بشار الأسد”، علماً أن كثيراً من الحسابات التي تبث تلك التغريدات أنشئت في نفس اليوم أو قبل أيام قليلة فقط ولم تغرد سابقاً، ما يعطي إشارة إلى دور الجيش الإلكتروني السوري في هذا الصدد، وهو مجموعة من القراصنة الذين باشروا عملهم بعد الثورة السورية تماماً دعماً للنظام السوري، وتقول تقارير ذات صلة إلى أنهم مرتبطون بـ”الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية” و”المؤسسة العامة للاتصالات” رغم زعمهم الدائم بأنهم لا ينتمون إلى أي جهة حكومية.

إلى ذلك، تشكل الحملة الانتخابية للأسد خطوة ضرورية لاستكمال خلق مشهد الديموقراطية الزائفة مهما كانت الانتخابات التي تجري كل سبع سنوات استحقاقاً محسوماً سلفاً لبشار، ومن قبله والده حافظ الأسد. وانتشرت صور في مواقع التواصل وفي وسائل إعلام سورية معارضة، للافتات الداعمة للأسد في عدد من المدن السورية، الخميس، بموازاة كلمة ألقتها المستشارة الإعلامية والسياسية بثينة شعبان في فرع “الاتحاد الوطني لطلبة سوريا” في حلب، ذكرت فيها أن “إدلاء السوريين بأصواتهم للأسد، سيكون عرفاناً للقائد الذي وقف في وجه أعتى العواصف إيماناً بشعبه ووطنه وأرضه”، زاعمة أن الأسد سيكون “منارة للمساهمة الإقليمية والدولية في بلورة عالم جديد متعدد الأقطاب قائم على احترام سيادة الدول وكرامة الإنسان”، حسب وصفها.

وشكل تجدد العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين حبة الكرز الصغيرة فوق كعكة الدعاية الأسدية، وشكل الأسد هنا عنصراً في محور المقاومة وكان استهدافه طوال عشر سنوات من قبل “المؤامرة الكونية” جزءاً من المخطط الصهيوني الأوسع، وباتت نجاته وانتصاره لحظة حاسمة في الصراع العربي الإسرائيلي، وعليه فإن إعادة انتخابه والمشاركة في دعمه بشكل علني تشكل جزءاً من مقاومة إسرائيل ودعم “الأشقاء الفلسطينيين” وطريقة لإراحة الضمير الشخصي من الشعور بالعجز. وكل ذلك أسلوب كلاسيكي في الدعاية الأسدية/البعثية التي لطالما استغلت القضية الفلسطينية لتحصيل الشرعية السياسية محلياً وإقليمياً.

وإن كانت الثيمات التي تلعب عليها الدعاية الرسمية هنا صحيحة إلى حد ما، وبالتحديد فكرة تدويل الأزمة السورية ونجاة النظام منها، فإن تلك المقاربة تبقى ناقصة ومضللة، لأن تلك النجاة أتت عبر استخدام أساليب الأرض المحروقة وجرائم الحرب لإنهاء الثورة السورية، من جهة، وعبر التحالف مع قوى أجنبية من جهة ثانية.

فمع افتقار النظام إلى استراتيجية لتوحيد البلاد المقسمة أكثر من أي وقت مضى وإلى الشرعية السياسية بشكل عام، يمكن القول مجدداً بأن السيرك الانتخابي الحالي هو آخر الإضافات للسياسة المحلية المبتذلة والمستفزة في آن معاً، خصوصاً أن الدولة التي عرفت في يوم ما باسم سوريا توقفت بالفعل عن الوجود، لأنه بعد عشر سنوات من الصراع ضمن النظام بقاءه في السلطة لكنه لم ينتصر في الحرب تماماً، بل أصبح مجرد واجهة لحلفائه الروس والإيرانيين والميليشيات المحلية القوية، لا أكثر.

    من قلب جامع بني أمية الكبير في دمشق القائد ابن القائد أسد الشام.. سيف دولة هذا الزمان وهذا العصر… يعلن الانتصار…

    Posted by ‎قضايا بلا حدود‎ on Wednesday, May 12, 2021

    في الجامع الأموي صلاة العيد السيد الرئيس بشار حافظ الاسد انها رسالة مباشرة لمن كان يريد ان يفتح دمشق ويصلي في نفس المكان…

    Posted by ‎تشي جيفارا -ارنستو‎ on Wednesday, May 12, 2021

    في خطبة صلاة العيد العلي: صدق المقاصد … والقدس الحاضرة فينا … والمشاركة في الانتخابات واجب شرعي خاص المكتب…

    Posted by ‎محافظة السويداء‎ on Wednesday, May 12, 2021

    كل عام والسيد الرئيس بشار الأسد بألف خير

    ووطنا سوريا وشعبنا بألف خير https://t.co/z8cSE1uXEb

    — yasmeen.syr000@gmail.com (@YSyr000) May 13, 2021

    نحنا اخترنا الأسد و قرارنا الأسد و عزنا الأسد ⁧#مع_الأسد⁩ هاشتاغ اطلقناه في 21/4/2021 ضمن اكبر حملة لدعم السيد الرئيس بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية السورية كونوا معنا ⁧#قاوم داعم الاحرار مع الاسد العروبة

    — 0670642374 (@MShehmCgsXY2bpy) May 13, 2021

    شاركونا بالحملة الكبرى لدعم الرئيس بشار الأسد #الأسد_ضمانة_البلد

    — Jad-bitar64@.com (@jad_bitar64) May 13, 2021

    بشار الأسد يصلّي صلاة العيد في دمشق

    كل عام وسوريا قوية وصامدة وواثقة ولاتنحني ولاتسمح لأحد أن يفرض كلمته عليها.

    🇸🇾❤️

    أنا يوم حبيت سوريا كان من أكثر الاشياء اللي حبيتها فيها إنك تشوفها بمنتهى حنّيتها وكرمها وطيبة قلبها وتخاف عليها

    بس بالشدة تظهر قوتها لأن اللي أساسه قوي يبقى قوي pic.twitter.com/Og6D51NmmZ

    — نورة عبدالرحمن 🇸🇦 (@Noora555511) May 13, 2021

    ياصباح الأعياد ❤ مع قائدنا سيادة الرئيس #بشار_الأسد

    🇸🇾 #الأسد_ضمانة_البلد pic.twitter.com/G2oWxA4wXE

    — rasha hasan (@rashasara1111) May 13, 2021

    شاركونا بالحملة الكبرى لدعم الرئيس بشار الأسد #الأسد_ضمانة_البلد

    — Bassam (@Bassam19830647) May 13, 2021

    لحظة وصول السيد الرئيس بشار حافظ الاسد

    الى الجامع الاموي الكبير في دمشق

    لتأدية صلاة عيد الفطر

    كل عام واسدنا

    وجيشنا

    وشعبنا

    بالف خير pic.twitter.com/AwpuZ7aYSD

    — القرداحة عرين الأسد (@EL_9erda7a) May 13, 2021

    مـن عـرين الاسـود #القرداحة

    لـ قـلب #قاوم

    ينعـاد عليـكن بالخيـر والصـحة والامـان ع هالبـلد تحـت قـيادة سـيادة الرئيـس #بشار_الأسد #مع_الاسد https://t.co/XhG85HE3IN pic.twitter.com/0gzSKWLmxn

    — loai (@loaisheha) May 13, 2021

المدن

————————–

المعارضة الداخلية تقاطع الانتخابات السورية: إجراء شكلي/ عماد كركص

حسمت القوى الأبرز في المعارضة الداخلية في سورية موقفها من الانتخابات الرئاسية، التي ينوي النظام إجراءها في 26 مايو/أيار الحالي، بإعلان مقاطعتها شكلاً ومضموناً. غير أنه من غير المتوقع أن يكون لهذا الموقف أي تبعات، إذ ليس لهذه القوى أي تأثير حقيقي في أي استحقاق وطني، لجهة المنافسة أو حتى إرباك النظام، الذي حشر هذه المعارضة في زاوية ضيقة من دون السماح لها بأي نشاط سياسي حقيقي. وذهبت هذه المعارضة إلى خيار المقاطعة، في ظل عدم رضى شعبي على أدائها، واتهامات لها بتمييع فكرة المعارضة للنظام مع قبولها بالتفاهم والتفاوض معه.

واتّهمت بعض هذه القوى بالعمل على قياس النظام، وبالارتباط بدول حليفة له، مما يجعل موقفها بلا وزن حقيقي، سواء بتأييد الانتخابات أو مقاطعتها. آخر المواقف المقاطعة للانتخابات الرئاسية، كان من “الجبهة الوطنية للتغيير والتحرير” يوم الاثنين الماضي، إذ قالت في بيان إن موقفها “هو عدم المشاركة لا ترشيحاً ولا تصويتاً”. ودعت إلى عدم التدخل الخارجي في الانتخابات بالقول: “من الثابت لدينا أنّه ليس من حق أي قوة خارجية أن تتدخل في هذا الشأن، سواء كان تأييداً أو اعتراضاً، فإنّ الثابت أيضاً هو أنّ الانتخابات التي تحتاجها سورية في أزمتها الكارثية هي انتخابات تكون جزءاً من التطبيق الكامل للحل السياسي وللقرار 2254. وتكون الانتخابات أداة بيد الشعب السوري فيستخدمها ليوحد صفوفه وأرضه ويقرر مصيره بشكل حر ونزيه”. وأشارت الجبهة إلى أنه كي تكون الانتخابات أداة لتوحيد السوريين: “ينبغي أن تتم على أساس دستور جديد يضعه السوريون بالتوافق فيما بينهم، وتحقق معايير النزاهة والشفافية، وتتم بإشراف مراقبين من الأمم المتحدة. وينبغي أن تُجرى على كامل الأرض السورية وبمشاركة كل السوريين في سورية وخارجها”.

و”الجبهة” هي تشكيل سياسي يقوده رئيس حزب “الإرادة الشعبية” قدري جميل المقرب من موسكو، وضمّ عند تأسيسه في يوليو/تموز 2011 نحو 250 مندوباً من مختلف المحافظات السورية، ومن “الحزب السوري القومي الاجتماعي”، و”اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين”، ومجموعة شخصيات مستقلة.

وكان جميل قد أصدر بياناً حدد فيه موقف “الإرادة الشعبية” من الانتخابات، وقال إن “تحديد موقفٍ من هذه الانتخابات هو شأن سوري داخلي بحت”. واعتبر أن “لا علاقة نهائياً بين الانتخابات الحالية وبين القرار 2254 والانتخابات التي ينصّ عليها”، التي من المفترض أن تجري على أساس دستوري جديد. وأشار البيان إلى أن “هذه الانتخابات لن تساهم في إنهاء الأزمة السورية لأنها لا تجري في السياق الذي نص عليه قرار مجلس الأمن 2254”. وبناء على كل ذلك حمل البلاغ قرار الحزب بـ “عدم المشاركة لا ترشيحاً ولا تصويتاً”.

وسبق موقف “جبهة التغيير” وحزب “الإرادة الشعبية”، تصريحات للمنسق العام لـ”هيئة التنسيق الوطنية” المعارضة حسن عبد العظيم، التي تتخذ من دمشق مقراً لها، في نهاية مارس/آذار الماضي، أعلن فيها موقف الهيئة من الانتخابات بعدم المشاركة بها، بل ودعا لمقاطعتها على المستوى الشعبي. وبرر المقاطعة بأن الانتخابات “عمل استباقي يقطع الطريق على الحل السياسي وفق بيان جنيف، والقرارات الدولية بما فيها 2118 لعام 2013، والقرار 2254 لعام 2015”. وتساءل عبد العظيم “إن كانت ستجري الانتخابات بهذه الطريقة، فلماذا إذا تشكلت اللجنة الدستورية التي من مهامها وضع دستور للبلاد، وهيئة حكم؟”. ولفت إلى أن تشكيل اللجنة كان أمراً شكلياً، وأن النظام يدفع لاستمرار الوضع لما هو عليه. ونوّه عبد العظيم في تصريحات نقلها موقع “روسيا اليوم”، بأن هذا الموقف يعبر عن “هيئة التنسيق الوطنية” وعن “الجبهة الوطنية الديمقراطية” (جود)، وتلك الأخيرة عرقل النظام انعقاد مؤتمرها التأسيسي في دمشق.

وحول دوافع مقاطعة المعارضة الداخلية للانتخابات، قال عضو هيئة التفاوض العليا واللجنة الدستورية والأمين العام لـ”حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي”، أحمد العسراوي: “إننا في الحزب لم نشارك في أي انتخابات أو استفتاءات منذ غادرنا الجبهة الوطنية التقدمية في عام 1973، ترشيحاً أو انتخاباً، بعد إصرار كتلة النظام على صناعة دستور يثبت تفرد فئة واحدة بحكم البلاد. وكنا من القوى الأساسية المؤسسة للتجمع الوطني الديمقراطي عام 1979، الذي نادى بالتغيير الوطني الديمقراطي طريقاً وحيداً للخلاص من الفردية والاستبداد”.

وأضاف العسراوي: “في متابعة لرؤيتنا في الحزب ومع شركائنا في التجمع سابقاً وفي الهيئة لاحقاً، لم نرَ يوماً أن الانتخابات أو الاستفتاءات التي يقوم بها النظام وبالطريقة التي يمارسها، تتقدّم بالوطن خطوة واحدة إلى الأمام بل تأتي تكريسا لما هو قائم. أما اليوم فنراها في هيئة التنسيق الوطنية خطوة تراجعية عن الحل السياسي التفاوضي بل وخطوة تدميرية له، وقفزة فوق العملية السياسية التفاوضية بمحاورها الأربعة (هيئة الحكم الانتقالي، العملية الدستورية، العملية الانتخابية، الأمن ومكافحة الإرهاب) المستندة إلى بيان جنيف لعام 2012 وكل القرارات الدولية ذات الصلة بالمسألة السورية، خصوصاً منها القرارين الدوليين 2118/2013 و2254/2015، وحتى فوق مخرجات ما سمي بمؤتمر الحوار الوطني السوري (مؤتمر سوتشي) الذي شارك به النظام وأيد مخرجاته، ولم تشارك به هيئة التفاوض السورية لكنها تفاعلت ايجابياً مع مخرجاته”. ونوّه العسراوي إلى أنه “عندما يكون الحديث عن شرعية الانتخابات، فمن أين تأتي هذه الشرعية، ما دمنا نفتقد المؤسسات الآمنة والمحايدة التي تديرها؟”.

العربي الجديد

—————————

ظريف يغازل السعودية من دمشق..متى تفتتح سفارتها؟

أعلن وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف استعداد بلاده للإشراف على سير عملية “الانتخابات الرئاسية” في سوريا، وأشار إلى افتتاح القنصلية الإيرانية في حلب بموافقة من رئيس النظام بشار الأسد.

وقال ظريف بعد لقائه الأسد في دمشق: “الانتخابات الرئاسية في سوريا مهمة للغاية، ونحن مستعدون للإشراف عليها ونأمل أن يقرر الشعب السوري مستقبله من خلال المشاركة فيها”.

وأضاف ظريف أن الأسد أعطى الموافقة لافتتاح القنصلية الإيرانية في حلب، مضيفاً أن هذه الخطوة ستثمر ب”تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية بين البلدين”.

ووصل وزير الخارجية الإيرانية إلى مطار دمشق الأربعاء، ضمن جولة إقليمية وأوروبية، للقاء مسؤولين في حكومة نظام الأسد، حيث استقبله وزير خارجية النظام فيصل المقداد.

وأعلن ظريف أن بلاده مستعدة لتوثيق العلاقات مع منافستها الإقليمية، السعودية، مشيراً إلى إنه يأمل أن تؤدي المحادثات الأخيرة بين البلدين إلى مزيد من الاستقرار في المنطقة. وقال إنه يأمل من المحادثات أن “تؤتي ثمارها” وأن تؤدي إلى تعاون بين الخصمين لتحقيق  مزيد من الاستقرار والسلام في المنطقة، وخاصة في اليمن.

وأضاف في تصريحات للصحافيين باللغة الإنكليزية “نحن بالتأكيد جاهزون ومستعدون دائماً لعلاقات وثيقة مع السعودية”.

ورداً على سؤال عما إذا كانت المحادثات الإيرانية-السعودية ستؤدي إلى تحسين العلاقات بين نظام الأسد والرياض، قال ظريف: “أنا متأكد من أن أشقاءنا السوريين رحبوا دائماً بالتعاون في العالم العربي. ونحن أيضا في هذا المزاج”.

من جهته علّق المقداد بعد لقاء ظريف والأسد على المفاوضات الإيرانية-السعودية، قائلاً إن سوريا و”منذ وقت طويل، تعمل على تقريب وجهات النظر بين مختلف الدول العربية والإسلامية”.

وحول ما تم تداوله عن قرب افتتاح سفارة المملكة السعودية في دمشق، قال المقداد: “اسألوا السعوديين عن السفارة”.

وشدد المقداد على “دعم الرئيس الأسد اللامحدود للمطالب الإيرانية في مفاوضات الملف النووي”، معتبراً “أن إسراع الولايات المتحدة بتلبية هذه المطالب سيخفف من حدة التطور في المنطقة وسيساعد على إقامة علاقات بين مختلف دولها وشعوبها”.

وثمن وزير الخارجية السورية “الدعم الذي قدمته إيران لسوريا في مختلف المجالات” في سياق “التصدي المشترك لمخاطر الإرهاب الاقتصادي والعقوبات الاقتصادية المفروضة على كلا البلدين”.

————————-

كيف تستخدم روسيا الطائرات المُسيَّرة الإسرائيلية لقصف السوريين؟

ترجمة – هآرتس

يكشف التحليل المُفصل للقطات التي تصورها مُسيَّرات “فوربوست” المتاحة للجمهور، مدى تورطها في تسهيل قتل المدنيين في سوريا…

حين انطلقت المُسيَّرات العسكرية المُرخصة إسرائيلياً للمرة الأولى من قواعد القوات الجوية السورية لقصف مُعارضي نظام الأسد، بُعَيد التدخل الروسي عام 2015، كانت تلك المُسيَّرات شيئاً غريباً وأمراً طارئاً على الصراع الذي كانت ظهرت فيه بالفعل طائرات بدون طيار أميركية وإيرانية وتركية.

على مدى نصف عقد، ظهرت صورة أوضح لمدى الدور الحيوي الذي لعبه النوع الروسي من مُسيَّرة “سيرتشر 2” (Searcher II) – التي تُنتجها في الأصل شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية؛ ويُسميها العاملون عليها “فوربوست” (Forpost) – في إنقاذ نظام الأسد من حافة الانهيار الداخلي، وساعدت في الحفاظ على تفوقه العسكري وتوازن الرعب طوال الحرب الأهلية الممتدة على مدى العقد الماضي، مع القيام بدور محوري في الاستهداف (المزعوم) للبنية التحتية المدنية، ومنها المُستشفيات.

وعلى رغم أصول “فوربوست” الإسرائيلية، يُباهي الجيش الروسي بأن هذه المُسيرة من أهم قطع عتاده التكنولوجي، ولها حضور دائم في سماء سوريا، لتحديد الأهداف كي لا يضطر الطيارون البشر إلى المخاطرة برحلات استطلاعية، وتقوم بتقييم الأضرار الناجمة عن القصف. بصيغة أخرى، تساعد “فوربوست” الجيش الروسي في سوريا على تحديد ما سيتم قصفه وما إن كانت الضربات قد ألحقت الأضرار الكافية، ومتى يتم إلقاء مزيد من القنابل.

صفقة مشكوك فيها

لماذا لجأ الروس إلى المُسيَّرات الإسرائيلية؟ خلال النزاع الذي دار بين روسيا وجورجيا حول أوسيتيا الجنوبية عام 2008، خسرت روسيا أعداداً كبيرة من طائراتها، ومن ثَمّ سعت إلى تعويض الأضرار الناجمة عن ذلك، ليس في مواجهة الجيش الجورجي، الذي كانت لديه مُسيَّرات إسرائيلية، وحسب، ولكن في مواجهة أعداء المستقبل أيضاً.

لذا قرر بوتين اتخاذ خطوة نادرة في السياسة الروسية، لشراء تقنيات عسكرية أجنبية، فتم التواصل مع شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية، إحدى كبريات شركات صناعة الطيران ومركبات الفضاء المملوكة للدولة.

في سوق الطائرات المُسيَّرة الدولي التنافسي، تستفيد الشركة الإسرائيلية من علاقاتها السلسة مع القوات الجوية الإسرائيلية، ذات الخبرة العالمية في المجال، والتي تتميز بسِرب كامل من الطائرات بدون طيار يتمركز في قاعدة بالماخيم الجوية. عادة ما يشمل بيع المُسيَّرات لاستخدام القوات الجوية الأجنبية تدريباتٍ مشتركة مع إسرائيل أو تلقّي تعليمات فيها. ومن العملاء المعروفين لمُسيَّرة “سيرتشر” حكومات روسيا والهند وكوريا الجنوبية وتركيا وتايلاند وسريلانكا وسنغافورة.

بعد عامين، أبرمت الشركة الإسرائيلية صفقة بقيمة 400 مليون دولار، لتصدير وترخيص مُسيَّرتها “سيرتشر 2″، لنقلها جواً وترخيصها في روسيا باسم “فوربوست”.

أفادت تقارير بأن الطواقم الروسية تلقت في إسرائيل تدريبات على تشغيل نظام الطائرات بدون طيار، وأشارت تقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية والروسية إلى صفقة تصدير واحدة أخرى على الأقل عام 2015، جاءت بعد احتلال روسيا شبه جزيرة القرم الذي أُدين دولياً؛ وهي حقيقة لا بد أنها أوضحت جيداً أن مُسيَّرات “فوربوست” ستستخدم لأغراض عدائية، إن لم تكن غير قانونية أيضاً.

أعقب ذلك قفزة استراتيجية هائلة في برنامج المُسيَّرات الروسي الذي كان يوماً من الدرجة الثانية. فقد كان الأمر مسألة وقت قبل أن تصبح “فوربوست” العمود الفقري في حملة القصف الروسية اللامتناهية دفاعاً عن نظام الأسد.

امتياز الحصول على عيون في السماء

على عكس المُسيَّرات الإسرائيلية المُسلحة التي تحظى بحراسة مُشددة، والتي استخدِمت في استهداف المدنيين في غزة وفقاً لتقارير “هيومان رايتس ووتش”، أو مُسيَّرات “بريداتور” (Predator) و”ريبير” (Reaper) الأميركية التي صارت سيئة السمعة بسبب صواريخها المُوجهة التي أسفرت عن خسائر فادحة في صفوف المدنيين في اليمن وباكستان – لا تحمل مُسيَّرات “فوربوست” نظام أسلحتها الخاصة.

بدلاً من ذلك، فإن غرض “فوربوست” هو “المراقبة الاستخباراتية والاستطلاع”، كما توضح أولريكه فرانكه، الباحثة في شؤون المُسيَّرات في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، مضيفة أن هذا “توصيف لقدرة العامل العسكري على إدراك وفهم مسرح العمليات. غالبية المُسيَّرات اليوم تعمل بأنظمة المراقبة الاستخباراتية والاستطلاع، ولديها مجموعة واسعة من أجهزة الاستشعار التي تجمع البيانات، كالكاميرات على سبيل المثال”.

وأكدت فرانكه أنه على رغم التقدم في مجال المُسيَّرات، تظل المراقبة هي الوظيفة الأساسية للطائرات العسكرية بدون طيار.

وأضافت أنه “مع تركيز الجماهير غالباً على القصف المسلح الذي تشنه المُسيَّرات، تفيد الأبحاث بأنه حتى المُسيَّرات المسلحة تلك تُوظَف في معظم الأحيان لأغراض تخدم عمليات المراقبة الاستخباراتية والاستطلاع. ومنذ ظهور المُسيَّرات الحديثة في مطلع العقد الأول من القرن الحالي، ساهمت بشكل أساسي في تطوير الوعي بالمساحات القتالية بالنسبة إلى القوات المسلحة”.

إن مُسيَّرات “فوربوست”، مع كونها نسخة مُرخصة من طائرة بدون طيار إسرائيلية قديمة، قد “أضافت قدرات قتالية هائلة وأخرى في مجال المراقبة الاستخباراتية والاستطلاع إلى القوات الروسية في سوريا”، وفقاً لما يقوله صامويل بينديت، وهو زميل مشارك رفيع المستوى في مركز الأمن الأميركي الجديد، يبحث في الروبوتات العسكرية الروسية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي. ويبدو أن الجيش الروسي نفسه يتفق معه على هذا التقييم.

في شباط/ فبراير من هذا العام، عرضت شبكة “زفيزدا” التلفزيونية المملوكة للدولة، والتي تديرها وزارة الدفاع الروسية، حلقة من سلسلتها على “يوتيوب” باللغة الإنكليزية Combat Approved (اعتُمِد القتال)، والذي يعرض للمشاهدين تغطية عن المعدات العسكرية الروسية في مواقعها العسكرية وخلال المعارك. وحين حصلت السلسلة على إمكان الوصول إلى قاعدة حُمَيمِيم الجوية في سوريا، والتي تديرها روسيا اليوم جنوب اللاذقية، وصَف المذيع مُسيَّرة “فوربوست” بأنها طائرة روسية تماماً.

فقد كان هذا تعليقه وهو يكاد يحبس أنفاسه: “ها هي طائرة أخرى قامت بشنّ أولى نيرانها في سوريا، وتُدعى هذه الطائرة بدون طيار فوربوست. لقد أُنتِجَت في منطقة الأورال في روسيا، ولكنها تنطلق هنا في سوريا”.

وأضاف، “علينا أن نلاحظ أن عمليات إطلاقها متواصلة. الآن هناك الكثير منها في السماء فوق حُمَيمِيم. وبمجرد هبوط واحدة تحتل أخرى مكانها في السماء، لتُمضي ساعات هناك”.

قواعد غامضة ونيات واضحة

على رغم أن مُسيرة “فوربوست” غير مُسلحة، لكنها تُستخدم عادة في استطلاع أهداف عسكرية ومدنية، إلى جانب الطائرات التي يقودها طيارون يقومون حينها بإلقاء ذخائر متفجرة، بتتابع سريع في العادة.

عرضت سلسلة “اعتُمِد القتال” بالتفصيل عملية تحديد الهدف ومراقبته ثم قصفه من قبل محطات التحكم في طائرة “فوربوست”. فقد سُمح لهم بتصوير غارة جوية ضد ما وصفه المذيع بأنه “هدف من تنظيم الدولة الإسلامية” في الوقت الفعلي، إذ بث فيديو مراقبة من مُسيَّرة ليصل إلى المُشغلين وطاقم التصوير.

ووفقاً لبينديت، المتخصص في المُسيَّرات الروسية، فإنّه بخلاف مُسيَّرة “أوريون” التجريبية التي دخلت للتوّ مرحلة الإنتاج الضخم ولم تُستخدَم سوى على نطاق صغير للغاية في سوريا، تعتبر مُسيَّرة “فوربوست” الطائرة بدون طيار العسكرية الوحيدة التي يمكنها العمل باستقلالية في نطاق 250 كم تقريباً بعيداً عن نقطة انطلاقها. وهذا يعني أنها لا غنى عنها كوسيلة لمراقبة الأهداف البعيدة عن القواعد العسكرية الروسية.

على عكس نظيرتها مُسيَّرة “سيرتشر” الإسرائيلية، ربما تفتقر “فوربوست” إلى نظام التحديد بأشعة الليزر الذي قد تكون هناك حاجة إليه في “رسم” الأهداف للذخائر الموجهة بالليزر. ولكن بخلاف ذلك، تظل “فوربوست” منصة لا تُضاهى في تحديد الأهداف.

ولعل قدر كبير مما سُجل من المنظور الروسي للحرب الأهلية السورية قد حدث من خلال عدسة مُسيَّرات “فوربوست”، من بينها: الغارات الجوية، والعمليات العسكرية الميدانية، وعمليات إجلاء المدنيين.

يُعزى الفضل في ذلك إلى حقيقة أن “فوربوست” تُشكل أيضاً جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية العلاقات العامة التي تُنتهجها روسيا للترويج لنفسها على المستويين الأجنبي والمحلي على حد سواء، إذ إنها منصة تعتمد عليها لكي تُروج لقوة الضربات الجوية الروسية ومنظومات الأسلحة التي غالباً ما تعرضها وزارة الدفاع على شاشات عملاقة أو في مقاطع فيديو قصيرة تُظهر إمكانيات التصوير المُميزة لكاميرا “فوربوست” خلال تحليقها فوق الهدف المقصود.

بيد أن القدرات التي تتمتع بها “فوربوست” في المراقبة، أسفرت أيضاً عن عواقب غير مرغوب فيها وغير مقصودة لحقت بالقوات العسكرية الروسية، تتمثل في تقديم أدلة على استهدافها وقصفها عمداً لأهداف مدنية.

أعربت سارة كاي، المحامية الحقوقية والباحثة في شؤون الإرهاب في “جامعة كوينز” في بيلفاست، أن تصنيف مُسيَّرة “فوربوست” على أنها طائرة “غير مسلحة” يجب ألا يعفي القوات الروسية أو المُصدرين الإسرائيليين من المسؤولية عن تلك الجرائم المُرتكبة ضد القانون الدولي. والواقع أن دور “فوربوست” في سوريا يزيد من حدة النقاش الدائر حول إدانة التكنولوجيا المساعدة المستعملة من بُعد في مثل هذه الجرائم.

أضافت كاي أنه “لا يمكن تصنيفها بوصفها سلاحاً لأنها لا تتسبب في القتل مباشرةً”، ولذلك فدول كثيرة “تفلت من العقاب على تيسير ارتكاب الجرائم”.

وأوضحت أن القانون الدولي والمعاهدات متعددة الأطراف، التي تنص على أن استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية أمر غير قانونياً، تسعى بكل كد وجهد من أجل مواكبة الدور متزايد الأهمية لتكنولوجيا المراقبة في انتهاكات حقوق الإنسان، من الشرق الأوسط إلى الصين. مضيفةً، “علينا دائماً أن نحاول اللحاق بالركب”، وهذا يؤدي إلى حدوث “أخطاء فادحة”، لا سيما حين يفشل القانون الدولي في حماية الحقوق والأرواح على النحو الواجب.

درج

—————————–

سوريا : الموت يفتك بضحايا كورونا بعد أن أهدى النظام اوكسيجنهم للبنان/ صهيب الأحمد

أصبح مريض “كورونا” الذي تخلت بحجته وزارة الصحة عن مسؤولياتها الأخرى، بغنى عن خدمات هذه الوزارة المتمثلة بمراكزها ومستشفياتها، أما بقية المرضى، الذين ينتظرون حلول موعد عملياتهم، فأمامهم المزيد من الانتظار.

في حين قلصت معظم دول العالم مصاريف قطاعاتها، وحولت مواردها إلى قطاع الصحة المهدد بجائحة “كورونا”، سعياً إلى تقديم ما يستحقه مواطنوها من رعاية صحية، اتبع قطاع الصحة الحكومي السوري طريقة خاصة للتعامل مع الجائحة والمرضى، بما يرضي مصلحة النظام، بصرف النظر عن صحة السوريين وحاجتهم إلى مستشفيات تعالجهم.

فمنذ بداية انتشار “كورونا” في سوريا، عمل النظام كغيره من الأنظمة المنهارة أصلاً، على استغلال الأزمات الاقتصادية التي قامت على إثر الجائحة، ومهد لإدارته أن تنسحب شيئاً فشيئاً من خدماتها المقدمة للمواطنين دافعي الضرائب منذ 50 سنة، تاركة إياهم وحيدين في مواجهة وحش التضخم. وقد شملت مسيرة التقشف التي بدأها النظام القطاعات الحكومية، التي تدعمها الحكومة بشكل جزئي، أهمها قطاع الصحة، ممثلاً بخدمات المستشفيات الحكومية بشكل خاص.

وفي حين تبدو سياسة “رفع اليد” التي يمارسها النظام السوري على القطاعات العامة واضحة للعيان، إلا أن الإدارة المذكورة لم تدل بتصريح رسمي حول اتخاذ أي إجراءات تقشفية في قطاع الصحة الحكومي السوري، بصفته المجانية، بل يتم التسويق لسياسة التقنين الجارية على أنها إعادة هيكلة للموارد، بما يطابق المعايير الدولية للتصدي لفايروس “كورونا”، في حين أن ما يحصل حقاً هو انسحاب تقشفي آخر للدولة من إحدى مؤسساتها.

ولما طاولت الإجراءات الحكومية التقشفية مقدمي الرعاية داخل المستشفى الحكومي، تسببت في حرمان الكادر الطبي من وسائل الوقاية، واستنزاف ميزانيات المستشفيات الحكومية قبل أوانها، واضعة كامل الطاقم الطبي تحت خطر الإصابة ونقل العدوى.

امتدت هذه الإجراءات لتمس متلقي الرعاية أنفسهم، إذ يتم إيقاف العمليات غير الإسعافية لأجل غير مسمى، والمريض الجراحي غير الإسعافي، تؤجل طبابته دائماً، سواء كانت عمليته عيادية صغيرة، كخراج، أو كبيرة بحاجة إلى غرفة عمليات، كمريض التهاب المرارة الحصوي. أما المريض غير الجراحي الإسعافي، فتكاد تقتصر الخدمة المقدمة له على تسكين الألم وإعطاء وصفة أدوية لا يؤمنها المستشفى، أو يتم تحويله إلى أحد المراكز أو المستشفيات الخاصة التي تحتوي على معدات وتجهيزات تساعد على تشخيص مرضه، ذلك أن تجهيزات المستشفيات العامة الشعاعية لم تعد فعالة بعدما شملها التقشف والعقوبات الاقتصادية. فهي متأخرة جداً لا تواكب الطب الحديث، ولا تساعد الطبيب على تقديم تشخيص دقيق للحالات المرضية. أما المختبرات التابعة للمستشفيات العامة، فباتت عاجزة عن تغطية التحاليل المخبرية النوعية لانقطاع المواد اللازمة لإجرائها، واقتصرت على إجراء تحاليل الدم العامة غير الكافية في معظم الحالات المرضية.

أما مريض “كوفيد- 19″، وهو حجة وزارة الصحة لكل ما سبق، فهو يحتاج إلى تلقي العلاج لمدة لا تقل عن 14 يوماً، وفقاً للبروتوكول الصحي المتبع، ومنحه وصفة طبية مكونة من 7 أدوية، كلها غير متوفرة في المستشفيات الحكومية، وعلى المريض تحمل شرائها من صيدلية خارجية. وهكذا تقتصر خدمات المستشفى على الدعم الأوكسيجيني، الذي فقده المريض أيضاً بعد سقوطه في هوة التقنين إثر الهدية المقدمة من قبل رأس النظام السوري إلى الحكومة اللبنانية.

إذ أعلن النظام السوري إرسال شحنة مكونة من 25 طناً من الأوكسيجين استجابة لطلب الحكومة اللبنانية بتاريخ 24/3/2021، على أن تكون هذه الشحنة هي الأولى من بين ثلاث دفعات مجموعها 75 طناً من الأوكسيجين، ليتبع هذا الفعل تصريح لوزير الصحة السوري حسن غباش مفاده أن هذا الإجراء لن يؤثر في احتياجات سوريا، من دون أن يقدم معلومات أكثر دقة حول حاجة المستشفيات والمرضى إلى الأوكسيجين، راسماً صورة زاهية لحال القطاع، بوسع أي عامل في المستشفيات الحكومية، تحت أي صفة أو مسمى كان، أن يكشف زيفها.

بدأت تداعيات هذا الإجراء منذ الأسبوع الأول لشهر نيسان/ أبريل، تسجيل ارتفاع في عدد الوفيات بين المصابين بـ”كورونا”، فالمصاب يحتاج بالدرجة الأولى إلى أوكسيجين عالي التدفق لدعمه تنفسياً، وهو ما لم تستطع معظم المستشفيات تقديمه لمرضاها، واكتفت بوضع قناع بتدفق ضئيل، لا يكفي لتحسين حالة المريض، ويمكن وصفه بالإجراء “الشكلي”، مستغلة جهل المريض ومرافقيه. أما ثاني تداعيات هذه “الهدية”، فظهر بعد الأول بأيام قليلة، ألا وهو أسطوانات الأوكسيجين التي تجوب المستشفيات الحكومية، نتيجة عجز أجهزة التوليد المركزية للأوكسجين على تأمين كفاية المرضى داخل المستشفيات بعد الخلل الذي أصاب احتياطاتها. ولما صار العجز واضحاً، تسارعت الوجوه الإعلامية للنظام السوري لتأكيد “ألّا مشكلات بتأمين الأوكسيجين في المستشفيات”، تصريحات يدحضها انضمام أسطوانات الأوكسيجين إلى بقية مواد السوق السوداء، فقد أخذت أسطوانة الأوكسيجين موقعها إلى جانب المازوت والبنزين والدولار ومواد المساعدات، والتي هي المؤشر الفعلي والأوضح إلى المواد التي يعد الطلب عليها أكبر بكثير من العرض المتوفر لها.

اليوم، يطرح قرار وقف خدمات العيادات والعمليات غير الإسعافية علامات استفهام كثيرة، بخاصة بعد تمديده مرة جديدة في بداية شهر نيسان، بحجة الالتزام بالمعايير الدولية الصحية لمكافحة انتشار العدوى. إلا أن هذه الحجة قد تشكل جزءاً ضئيلاً من الحقيقة فقط، فصحيح أن تفعيل العيادات والعمليات غير الإسعافية، قد يزيد من خطر الإصابة بالفايروس، إلا أنه، وبلا شك، يشكل خطراً أكبر على اقتصاد التقشف الذي تتبعه الحكومة السورية.

بعد أكثر من عام على تفشي الفايروس في سوريا، أصبح العرف الطبي المتبع هو إرسال المرضى الأقل خطورة إلى البيت ومنحهم وصفة الأدوية، ونصحهم بتأمين أسطوانة أوكسيجين منزلية عند الحاجة.

أصبح مريض “كورونا” الذي تخلت بحجته وزارة الصحة عن مسؤولياتها الأخرى، بغنى عن خدمات هذه الوزارة المتمثلة بمراكزها ومستشفياتها، أما بقية المرضى، الذين ينتظرون حلول موعد عملياتهم، فأمامهم المزيد من الانتظار.

إنه مشهد جديد يخطه النظام السوري عبر وزارة الصحة، أبطاله العيادات والمراكز الطبية والمستشفيات الخاصة باهظة الثمن، ومآله انتعاش تجارة أدوية الفايروس لانقطاعها من المستشفيات، وانضمام الأوكسيجين إلى قائمة السوق السوداء للميسورين مالياً، ويتوج بهدية “جس نبض” الساحة الدولية لعودة هذا النظام إليها.

درج

—————————

 قنصلية إيرانية في حلب بـ«موافقة الأسد»

السلطات السورية تطلق معتقلين من دون تنسيق مع الأمم المتحدة

أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، خلال زيارته إلى دمشق أمس، افتتاح القنصلية العامة الإيرانية في مدينة حلب، بـ«موافقة الرئيس بشار الأسد، بهدف توسيع التعاون الاقتصادي والثقافي والتجاري بين البلدين».

وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية بأن الأسد بحث مع ظريف «العلاقات بين البلدين، واستمرار التشاور والتنسيق على الأصعدة كافة، إضافة إلى سبل تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات، وخصوصاً على الصعيد الاقتصادي»، و«مستجدات المسار السياسي؛ ومن بينها لجنة مناقشة الدستور، والأوضاع الميدانية في سوريا، والوجود الأميركي والتركي اللاشرعي، الذي يعيق استمرار عملية مكافحة الإرهاب ويتسبب بعدم الاستقرار في المنطقة».

من جهته، أشار ظريف إلى «أهمية الانتخابات الرئاسية» السورية في 26 من الشهر الحالي، مؤكداً استعداد إيران التام للحضور بصفة مراقب في هذه الانتخابات.

على صعيد آخر، أطلقت السلطات في دمشق، من دون تنسيق مع الأمم المتحدة، سراح أكثر من 400 من الموظفين والقضاة والمحامين والصحافيين الذين احتجزتهم العام الحالي، في خطوة يرى نشطاء ومعتقلون سابقون أنها تستهدف كسب الرأي العام قبل الانتخابات الرئاسية.

————————–

طريف يعلن بعد لقائه الأسد فتح قنصلية إيرانية في حلب

أعلن وزير الخارجية محمد جواد ظريف خلال زيارته إلى دمشق أمس، افتتاح القنصلية العامة الإيرانية في مدينة حلب، بموافقة الرئيس السوري بشار الأسد بهدف «توسيع نطاق التعاون الاقتصادي والثقافي والتجاري بين البلدين».

وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أمس أن الأسد بحث مع ظريف في «العلاقات الثنائية بين البلدين، واستمرار التشاور والتنسيق على كافة الأصعدة، إضافة إلى سبل تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات، وخصوصاً على الصعيد الاقتصادي، بما يحقق مصلحة الشعبين والبلدين الصديقين».

كما جرى بحث «مستجدات المسار السياسي ومن بينها لجنة مناقشة الدستور، إضافة إلى الأوضاع الميدانية في سوريا والوجود الأميركي والتركي اللاشرعي، والذي يعيق استمرار عملية مكافحة الإرهاب ويتسبب بعدم الاستقرار في المنطقة»، حسب «سانا». وزادت: «تطرقت المحادثات إلى تطورات الأوضاع في المنطقة والعدوان الإسرائيلي الأخير على الأراضي الفلسطينية، والممارسات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير طابع ووضع الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس». كما أطلع ظريف الأسد على «تطورات الملف النووي الإيراني وتفاصيل المفاوضات التي تجري حوله والدور التخريبي الذي تمارسه بعض الأطراف الهادف إلى عرقلة التقدم في هذه المفاوضات».

من جهته، أعلن ظريف: «استعرضت مع الرئيس الأسد و(وزير الخارجية) فيصل المقداد القضايا الثنائية والإقليمية والدولية»، مشيراً إلى «أهمية الانتخابات القادمة في مستقبل سوريا، قاسم مشترك بين البلدين، ونحن نعتقد بأن ذلك يضطلع بدور هام في مجال السلام والأمن والاستقرار لهذا البلد».

كما أكد على استعداد إيران التام للحضور بصفة مراقب في هذه الانتخابات؛ معرباً عن أمله بأن «يستطيع الشعب السوري عبر حضوره في هذا الاستحقاق القانوني أن يضمن النظم والأمن لمستقبل بلاده».

وقالت وكالة «إرنا» الإيرانية أن ظريف بحث أيضاً «مع المسؤولين السوريين آخر التطورات في القدس الشريف وفلسطين المحتلة، وأيضاً كسر شوكة الكيان الصهيوني وضرورة الدعم الدولي للشعب الفلسطيني». وقال: «العدوان سيواجه بالمقاومة قطعاً؛ وعلى المجتمع الدولي وضع حد للعدوان الإسرائيلي الأخير».

—————————–

نظام الأسد يطلب مساعدة العشائر لتعويض خسائره في البادية السورية

تلفزيون سوريا – محمد حردان

ضم نظام الأسد، بالتعاون مع مجموعة من المشايخ ووجهاء العشائر العربية الذين كثفوا دعواتهم للتجنيد في الأسابيع الأخيرة، ما يقرب من ألف عنصر من أبناء العشائر في دير الزور إلى ميليشيا الدفاع الوطني، قبل نقلهم إلى جبهات قتالية على محاور مختلفة في البادية السورية ضد تنظيم الدولة.

ويسعى النظام إلى تجنيد المزيد من أبناء العشائر في صفوفه “لكونه لم يعد قادراً على تغطية جميع الجبهات بسبب الخسائر المستمرة في قواته وهروب العشرات منهم” بحسب ما ذكر أحد الوجهاء.

وتجري معظم عمليات التجنيد في الوقت الحاضر بدعم روسي أو إيراني، حيث تنقسم ميليشيا “الدفاع الوطني” في الولاء بين الطرفين بسبب انقسام الدعم المالي المقدم لها.

وقال في تصريح لموقع تلفزيون سوريا: “تتنافس كل من روسيا وإيران على تجنيد أبناء العشائر والقبائل في صفوفها، بالإضافة إلى حملات التجنيد القسري التي يتبعها النظام في المنطقة، حيث لم تتوقف الاجتماعات بيننا وبين مسؤولي النظام العسكريين، وفي بعض الأحيان تنضم قيادات إيرانية أو روسية إلى تلك الاجتماعات بهدف تكثيف الجهود من أجل تجنيد أبناء العشائر في صفوف الدفاع الوطني”.

ويعمد النظام إلى تحييد وجهاء العشائر المعارضين للتضحية بأبنائهم وزجهم في صفوف النظام، وتصدير آخرين مؤيدين له لمساعدته في تلبية مطالبه المتمثلة في تجنيد أبناء العشائر من أجل تغطية جبهاته ضد خلايا داعش التي عاودت نشاطها أخيراً في مناطق البادية، وقوات قسد (قوات سوريا الديمقراطية) وفصائل المعارضة المسلحة”.

القتال إلى جانب النظام هو الحل الوحيد للتغلب على الواقع الرديء

في ظل تردي الواقع الاقتصادي والأمني، يجد شباب تلك المناطق في الانخراط في ميليشيا “الدفاع الوطني” ملاذاً من الاعتقال ومصدراً للأموال أيضاً، وهي الإغراءات التي يقدمها قائد ميليشيا “الدفاع الوطني” في دير الزور فراس الجهام، المعروف بـ “فراس العراقية”، الذي يعتمد النظام عليه في عمليات التجنيد بالمنطقة إلى جانب مجموعة من شيوخ القبائل والعشائر العربية ممن كثفوا خلال الأسابيع الأخيرة من دعواتهم للتجنيد في مدينة دير الزور.

من جهته ذكر المتحدث باسم “مجلس القبائل والعشائر السورية” مضر حماد الأسعد لموقع تلفزيون سوريا أن “النظام استغل العشائر العربية منذ انطلاق الثورة السورية لزيادة حاضنته الشعبية والاستفادة من الشباب للقتال بجانبه وكسب دعمهم في الجانب السياسي مثل الانتخابات التي ستجري قريباً، من خلال تقديمه الدعم العسكري والاقتصادي ومنحهم امتيازات أخرى، كما يحاول الاستفادة من تأييد بعضهم ممن نصبهم ومنحهم لقب شيخ لتغييب دور العشائر التي انخرطت في أجسام المعارضة السياسية ولإيصال فكرة أن المقاتلين من أبناء العشائر في صفوف المعارضة المسلحة لا يمثلون العشائر، وأن هناك مقاتلين من أبناء تلك العشائر يقفون إلى جانب النظام السوري، وهو ما يعزز الانقسام بين أبناء العشيرة نفسها”.

أبناء العشائر هم “الحل الوحيد”

قال مركز “الدفاع الوطني” في دير الزور في بيانٍ على صفحته في فيس بوك بوقت سابق، إنّ “دفعة مقاتلين جديدة يبلغ عددها 300 مقاتل تم تخريجهم بعد خضوعهم لتدريبات عسكرية بحضور شعبي وعشائري”.

وطالب فراس الجهام، قائد “الدفاع الوطني” في دير الزور “بتطويع جميع أبناء العشائر في الدفاع الوطني من أجل السيطرة على جميع المناطق السورية”.

وعزا العقيد المنشق عن نظام الأسد، فايز الأسمر، وهو محلل عسكري وخبير استراتيجي، سبب لجوء النظام لتجنيد أبناء العشائر إلى “صعوبة تغطية المصاريف وتلبية احتياجات المقاتلين الأجانب من الميليشيات التابعة لإيران وعجزه عن تغطية جميع الجبهات بتلك المقاتلين، كما أن روسيا أيضاً ليست قادرة على جلب عدد كبير من المقاتلين الروس إلى سوريا، بل تجند الشبان السوريين لزجهم في معاركها بالدول الأخرى، ولأنه يمكن تجنيد أبناء العشائر بأجور لا تكلف روسيا وإيران عبئاً ثقيلاً في تغطيتها”.

دير الزور

وأوضح الباحث في مركز جسور للدراسات، وائل علوان، لموقع تلفزيون سوريا أن “روسيا اعتمدت في مواجهة تمدد خلايا داعش في البادية على الميليشيات الرديفة، والتي اعتمدت بدورها وبشكل رئيسي على تجنيد أبناء العشائر من خلال منحهم امتيازات أمنية واقتصادية”.

وتدار تلك الميليشيات الرديفة من الفرقة 25 مكافحة إرهاب، لكن لم تفلح جميع العمليات التي أطلقتها روسيا ضد تنظيم الدولة، رغم التغطية النارية والجوية من قبلها، وذلك بسبب تفشي الفساد في صفوف تلك الفرقة التي تدير العمليات، واختراقها من قبل “داعش”، وهو سبب إخفاق تلك العمليات، ما دفع روسيا إلى إيقاف دعمها عنها في الربع الأخير من العام الماضي، وحاولت الاستعاضة عن أبناء العشائر بـ”المقاتلين النظاميين” في صفوف النظام، لتعود مجدداً في منتصف نيسان الماضي لتجنيد أبناء العشائر بعد إخفاق قوات النظام، و”تبدأ تنظيم عملية التجنيد برقابة أمنية مرتفعة وبإدارة لواء القدس مباشرة”.

تلفزيون سوريا

————————

اللقاء السعودي – السوري بين الواقع والخيال/ منير الربيع

نسارع في طبيعتنا الاجتماعية الفكرية العاطفية العربية إلى بناء مواقفنا على خلفية إما تمنياتنا أو استشعارنا الخائف دوماً من الهزيمة بفعل تطور أو تغير أي موقف كنّا نعتبره أحد عناصر الدعم لنا والقوة التي نستند إليها، كان هذا التقييم البسيط نتاج أول فكرة تملّكت من العقل لدى مراقبة مجريات زيارة وفد سعودي إلى دمشق ولقاء رئيس النظام في سوريا بشار الأسد.

اجتاح الغضب جموعا كبيرة من السوريين والعرب المؤيدين للثورة السورية، وذلك لأن المواقف السياسية التي نتخذها مبدئياً تنطلق أيضاً من خلفية عاطفية أو من خلفية فكرية تتملّكها العاطفة، ففي لحظة الانفجار نستشعر عاطفياً أن النصر قريب، وفي لحظة الانحسار أو التراجع نستشعر أن أي خطوة لا تتلاقى مع تطلعاتنا قد كرّست مفهوم الهزيمة. ولكن بعد مرور عشر سنوات على الثورة السورية، وبإطلالة بسيطة على ما تشهده شوارع القدس، لا بد من التعلّم بأن السياسة لا تؤخذ غلابا، والمسار السياسي لا يتغير بمواقف الدول، وليس بالضرورة إذا ما قررت دول كنا نستند إلى مواقفها تغيير هذا الموقف أن نصاب بالهزيمة. وطبعاً ذلك ليس دعوة للعيش في الوهم أو التوهم، لا بل التعاطي بواقعية، وهي التي تفرض مقاربة أي تطور بلغة الواقع.

من دون أدنى شك أن الخطوة السعودية كانت مؤلمة، ومخيبة، لكن الأهم هو عدم الركون إلى حالة الندب والاستسلام. إنما المشروع السياسي يفترض أن يبدأ بعد التعرض للهزيمة، وبعد أن يتعمد بمعموديات سياسية وعسكرية ودموية كثيرة. وحتّى لو طبّّع العالم كلّه مع بشار الأسد، هل سيكون قدرة لشخص عاقل أن يتخيل الرجل قادراً على الاستمرار في حكم سوريا؟ هل تمكن صدام حسين من حكم العراق بعد حرب الخليج الثانية؟ مشكلتنا مع الزمن ومع ما نقاسيه في الرهان عليه، فندفع ثمنه من لحم ودم وأبرياء. بينما تبقى السياسة في مكان آخر.

حصل اللقاء السعودي السوري في لحظة تحول كبرى تمرّ بها منطقة الشرق الأوسط، لحظة الانفتاح السعودي على إيران تحت سقف المفاوضات الأميركية الإيرانية للعودة إلى الاتفاق النووي، تبحث السعودية عن مساحة لتصفير مشكلاتها كلّها، بالتهدئة مع إيران والبحث عن تسوية في اليمن، كان المدخل هو العراق وسوريا فيما بعد.

ولعدم الغرق في التبرير أيضاً، أو في التوهم، فلا يمكن اعتبار أن الخطوة السعودية تجاه سوريا ستكون على حساب إيران، بل على العكس، الهدف منها إرساء مزيد من التهدئة مع طهران. في المقابل أيضاً، لا يمكن التوهم أو التخوف من أن الخطوة ستعيد بشار الأسد أو النظام إلى قوته السابقة، كما بدأ بعض اللبنانيين بالتوهم في أنه سيعود ويتسلّم لبنان، هذه كلها مبنية على طفرات عاطفية، لا يمكن لسوريا أن تستفيق مما حلّ بها بأقل من 15 سنة بحال حصل الاتفاق السياسي اليوم، وهو لم يحصل وغير قابل للحصول. إنها مرحلة واقعية لن تنتج حلّاً بل هدفها تقطيع المرحلة وتمرير الوقت. عندما تحين لحظة الحلّ لا يمكن للأسد أن يبقى على حاله، ولو بقي النظام، فسيكون الحلّ على شاكلة حلول المنطقة بتشكيل حكومة تضم قوى متعددة.

يأتي الموقف السعودي في لحظة الاهتمام والتركيز نحو الداخل، أي تحت عنوان “السعودية أولاً”، والتفرغ للوضع الداخلي. يبحث ولي العهد محمد بن سلمان عن تصفير المشكلات، وتهدئة الجبهات، لذلك فإن الانفتاح على سوريا من شأنه أن يريح المملكة، بالإضافة إلى أن الملف السوري يشكل عاملاً لترتيب العلاقة مع روسيا وتعزيزها، بالإضافة إلى أنه بوابة لتوسيع مروحة التهدئة مع إيران. لم تكن الخطوة السعودية خارجة عن التنسيق والتمنيات الروسية، لأن موسكو أيضاً تواجه مأزقا في سوريا وتحتاج إلى أموال، وتنصح العرب بأن غيابهم لا يمكن أن يخدمهم بل لا بد لهم من العودة. تريد موسكو للعرب أن يعودوا إلى سوريا بالتنسيق معها في إطار صناعة توازن النفوذ مع إيران.

لا يمكن إغفال سوء العلاقة السعودية الأميركية، وبذلك لا بد من القيام بخطوات قد تستدرج الاهتمام الأميركي مجدداً، ولذلك لجأت السعودية إلى الانفتاح على النظام، تحسين العلاقة مع روسيا، وتهدئة الجبهة مع إيران، والانفتاح على تركيا. اللافت أنه بعد الخطوة السعودية جاء موقف الرئيس الأميركي جو بايدن حول سوريا، والذي لا يظهر أي تغيرّ في الموقف الأميركي تجاه سوريا، ولكن من دون تقديم أي مبادرة أو مسعى جدّي للحلّ.

تريد واشنطن الحفاظ على هذا الموقف للمستقبل، وللقول إن الأسد لن يكون قادراً على الاستمرار في حكم سوريا. ولو كانت العلاقة الأميركية السعودية لا تزال جيدة، لما أقدمت المملكة باتجاه هذه الخطوة. ولذلك جاء فيما بعد موقف الخارجية الأميركية الذي رفض إعادة ترتيب العلاقة مع بشار الأسد وتعويم النظام. واضطرت واشنطن أن تطلق هذا الموقف بعد صدور بيان مائع في لقاء دول السبع، لا سيما أنه خلال الاجتماع وعندما اقترحت واشنطن تضمين البيان جملة واضحة بعدم الترحيب بخطوات التطبيع مع الأسد، هناك دول رفضت ذلك وأبرزها فرنسا، فكان البيان تقليدياً جداً، لجهة الالتزام بالقرارات الدولية لا سيما القرار 2254 والحلّ السياسي وفق مندرجات مؤتمر جنيف.

عملياً دخلت سوريا طور “الأزمة الباردة”. هناك كثير من الآراء في واشنطن ترى بضرورة بقاء الوضع فيها على حاله، أي سوريا مصابة بالضعف، تتجاذبها قوى متعددة إقليمية ودولية، وتحتفظ أميركا بمنطقة نفوذ واسعة وأساسية، وبالتالي لا مصلحة بإعادة إنتاج النظام أو تعويمه، بما أنه لا مجال للوصول إلى حلّ سياسي. أيضاً روسيا لن يكون من مصلحتها حالياً إعادة سوريا موحدة إلا من خلال استدراج العرب للمشاركة في إنتاج الحل السياسي وضخ الأموال، في ظل التنافس بينهم وبين الإيرانيين، الذين ينشطون جداً اجتماعياً وفي مجالات التشييع وضخ الأموال في الحسينيات. إسرائيل تريد بقاء الأسد ضعيفاً وممسوكاً من قبل الروس، لأنه في حال تعاكست الوجهة قد تعزز إيران من سيطرتها أكثر، وهذا السبب الذي يدفع الإسرائيليين إلى الحفاظ على بقاء الأسد.

بغض النظر عن كل القراءات السياسية وتحليلاتها، تبقى الإشارة إلى أنه عندما ثار الشعب السوري، فإن ثورته لم تنطلق من سفارة أو وزارة أو إدارة خارجية، ولم ينتظر السوريون قراراً دولياً داعماً لهم لإطلاق ثورتهم. إنما الثورة هي التي فرضت نفسها على الدول التي دخلت للاستثمار فيها، فضاعت وأضاعت فرصا كثيرة بسبب ضياع المعارضة وتشتتها، وبالتالي لا يمكن لعمليات التطبيع مع النظام أن تؤدي إلى إخماد الثورة، إنما ذلك لا بد له أن يكون درساً لإعادة صوغها بشكل مختلف، والتركيز على إنتاج مبنى سياسي فعلي وحقيقي غير قائم على العاطفة ووشائجها، وقادر على تقديم طروحات سياسية متينة.

أخيراً، لا يمكن إغفال العامل الإنساني والبشري والاجتماعي في أي تحول سياسي، ما يعني أن الاجتماع السوري المقيم والمشتت، قادر على فرض نفسه كقوى تأثير وتغيير كبيرة في المسارات السياسية المتحولة، بدلاً من النزوع نحو الاستسلام، هذا أولاً.

ثانياً، هناك تجربة حصلت في لبنان أيضاً سابقاً ولا بد من التذكير بها، فعندما تمّكن حافظ الأسد من فرض سيطرته بشكل كامل على لبنان في الثمانينيات، أنتج حينذاك ما يسمى الاتفاق الثلاثي، ضم هذا الاتفاق ثلاث قوى لبنانية أساسية، هي نبيه بري ممثلاً للشيعة، ووليد جنبلاط ممثلاً للدروز، وإيلي حبيقة كممثل للمسيحيين، برعاية حافظ الأسد العلوي.

عندها كان السنّة مستبعدين من ذلك الاتفاق ومن تلك المعادلة، وهو أمر رفضته السعودية في العام 1986، تعاطت معه بداية بواقعية، إلى حين لحظة الانقضاض عليه ونسفه، وإعادة تكريس ما سمي لاحقاً باتفاق الطائف، الذي أعاد التوازن السياسي وعزز وضعية السنّة. هذه فكرة لا بد أن تبقى حاضرة ولا بد من العمل لأجل انتزاع مثيلها أيضاً، وهي مسؤولية ملقاة على عاتق السوريين.

ثالثاً والأهم، كيف يمكن للسعودية أن تعود إلى التطبيع مع بشار الأسد، والذي عمل على تغيير ديمغرافي ممنهج في سوريا، وتهجير ملايين السنّة من أراضيهم ومنازلهم، بينما رمزية السعودية وموقعها ودورها في ريادة العالم الإسلامي لا يسمح لها بالتغاضي عن ذلك، أو التطبيع مع الأسد وكأن شيئاً لم يكن، ما يجري قد يندرج في خانة تمرير الوقت، الحد من الخسائر، والعمل مع الروس بحثاً عن صيغة حلّ مستقبلية، قد تبقي الأسد في مرحلة ما بعد الانتخابات، ولكن تنتج صيغة حكومية جديدة بصلاحيات موسعة تشارك بها المعارضة بفرق متعددة من مكوناتها، بلا شك أن ذلك يحتاج إلى وقت طويل، وجهد كثير.

تلفزيون سوريا

———————–

دمشق تتهم القوات الأميركية بـ«تهريب النفط والقمح» إلى العراق «قسد» تلاحق خلايا «داعش»

كمال شيخو

اتهمت دمشق القوات الأميركية الموجودة في شمال شرقي سوريا، بإخراج رتل آليات عسكرية وشاحنات «محمل بعضها بالحبوب المسروقة من الأراضي السورية إلى شمال العراق عبر معبر الوليد في ريف الحسكة»، ذلك وسط أنباء عن احتجاز قوات سوريا الديمقراطية (قسد) صهاريج تنقل النفط، من مناطق «قسد» المدعومة من قبل القوات الأميركية إلى مناطق النظام الاثنين.

وأفادت الأنباء الواردة من محافظة الحسكة بأن «عشرات الصهاريج التابعة لشركة قاطرجي كانت متوجهة إلى مناطق سيطرة النظام السوري بعد خروجها من آبار الحسكة عندما جرى احتجازها لدى وصولها إلى حاجز جسر الطبقة غرب مدينة الرقة، كما تم اعتقال عدد من سائقي الصهاريج دون معرفة الأسباب».

ويشار إلى أن خط عبور النفط بين مناطق «قسد» ومناطق سيطرة النظام أعيد تفعليه منتصف شهر أبريل (نيسان) الماضي بموجب اتفاق برعاية روسية، وذلك لدى تفاقم أزمة الوقود في مناطق سيطرة النظام في مارس (آذار) الماضي.

وذكرت شبكة «عين الفرات» الإخبارية أن «رتلاً من 250 صهريجا مخصصا لنقل النفط انطلق من آبار الحسكة وتوجه نحو مناطق النظام عبر طريق أبيض، وعند وصوله إلى حاجز جسر الطبقة غرب مدينة الرقة أوقفت قوات (قسد) الرتل ومنعت مرور 12 صهريجاً منه. كما تم احتجاز 12 سائقا في مركز الحجز التابع لقوى الأمن الداخلي في مدينة الطبقة، في عملية غير مسبوقة». ولفتت الشبكة إلى أنه «سيتم تحويل السائقين للتحقيق في قضايا أمنية دون تفاصيل أخرى».

وجاءت تلك التطورات بالتزامن مع أنباء عن إقالة اللواء نزار أحمد الخضر، قائد «الفرقة 17» ورئيس اللجنة الأمنية والعسكرية في محافظة دير الزور وإحالته على التحقيق والحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة، على خلفية اتهامه بتهريب النفط بالتنسيق مع «قسد» والقوات الأميركية.

وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن «رتلاً مؤلفاً من 45 آلية من شاحنات مغطاة وصهاريج نفط وعدد من البرادات والناقلات برفقة سيارات دفع رباعي غادر الأراضي السورية باتجاه الأراضي العراقية صباح الاثنين، وإن 43 شاحنة محملة بالقمح من صوامع تل علو غادرت ليلاً عبر معبر الوليد باتجاه الأراضي العراقية». وأضافت أن القوات الأميركية «أخرجت 27 آلية عسكرية من سيارات همر ومدرعات وشاحنات وصهاريج محمل بعضها بالحبوب والنفط (المسروق) من حقول النفط السورية». كما أشارت إلى وصول تعزيزات عسكرية أميركية إلى منطقة الهول.

وأطلقت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) حملة عسكرية أمنية لتعقب أنشطة خلايا موالية لتنظيم «داعش» في وادي العجيج بريف دير الزور الشرقي، تنفذ بالتنسيق مع غرفة عمليات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وقال قيادي عسكري إن القوات دمرت العديد من مخابئ الخلايا النائمة وعثروا على طرق وأنفاق استخدمها المسلحون للاختباء وتهريب السلاح عبر حدود سوريا والعراق المجاور.

وشملت الحملة عدة محاور بالمنطقة الصحراوية في وداي العجيج بمحاذاة الحدود السورية العراقية، وقال الناطق الإعلامي لقوات «قسد» فرهاد شامي، «إن العملية استهدفت منطقة صحراوية شهدت تحركات ملحوظة للخلايا مؤخراً، استخدمت لتهريب المرتزقة إلى الأراضي السورية، وكذلك الأسلحة لاستهداف المنطقة».

وتعد هذه الحملة الثانية من نوعها في غضون شهر نفذتها القوات بدعم جوي من طيران التحالف بالمنطقة نفسها، كما شنت حملات عديدة لملاحقة بقايا التنظيم المتوارين وباتت تستهدفهم عن طريق العمليات الميدانية أو عبر عمليات الإنزال الجوي، إلا أن ذلك لم يوقف أنشطته في المنطقة حيث لا يزال التنظيم ينتشر بجيوب معزولة في البادية السورية المترامية الأطراف، تمتد من ريف حمص الشرقي مروراً بريف دير الزور الجنوبي والشرقي وصولاً إلى الحدود العراقية.

من جانبها، نقلت نيروز أحمد القيادية بالمجلس الأعلى لقوات «قسد»، أن المنطقة المحاذية للحدود العراقية: «روسيا موجودة هناك، وأيضاً أميركا ضمن التحالف، وكذلك العراق، ونتواصل ونبحث مع هذه الأطراف لإيجاد طرق للعمل بشكل مشترك للحد من عودة (داعش)».

الشرق الأوسط

————————-

يمر بسورية.. الرئيس الإيراني يكشف عن مشروع يصل إيران بالمتوسط

كشف الرئيس الإيراني، حسن روحاني، تفاصيل مشروع سكك حديدية يربط إيران بالبحر المتوسط، عبر العراق وسورية.

وخلال كلمة له عبر تقنية الفيديو في الأسبوع الـ 67 لافتتاح “المشاريع الوطنية”، اليوم الخميس، قال روحاني إن المشروع سيربط بين إيران والعراق وسورية، وسيوفر الأرضية لربط إيران بالبحر المتوسط.

وأضاف أن: “مشروع ربط شبكة السكك الحديد بين مدينتي شلمجة (الإيرانية) والبصرة (العراقية) مشروعاً مهماً”، مشيراً إلى أنه سيربط إيران بالعراق وسورية والبحر الأبيض المتوسط، بحيث “سنشهد تغييراً كبيراً في المنطقة”، حسبما نقلت وكالة أنباء “إرنا” الإيرانية عنه.

وبحسب الرئيس الإيراني فإن المشروع “يحظى ببالغ الأهمية. والحكومة تتابع هذا المشروع على الصعيدين السياسي والعملياتي على أن يكمل في السنوات القادمة”.

وكانت إيران أعلنت عام 2019 عن مشروع سكة حديدية يربطها بالبحر المتوسط، بحيث يمر عبر الأراضي السورية والعراقية.

وأكدت حكومة الأسد تصديقها على المشروع، عبر تصريحات لوزير النقل  في حكومة النظام حينها، علي حمود، والذي قال في 17 يناير/ كانون الثاني 2019، إن ربط سورية مع العراق وإيران بسكك الحديد يأتي ضمن أولويات الوزارة، على أن يتم إنشاء خط حديدي ينطلق من إيران ويمر بمدينة البصرة العراقية، ومنها إلى منطقة البوكمال ثم مدينة ديرالزور واللاذقية في سورية.

وتسعى إيران منذ عقود إلى فتح نافذة لها على البحر الأبيض المتوسط، لإيجاد متنفس لها من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، حيث لجأت إلى بسط نفوذها في العراق وسورية وإبرام اتفاقيات ومعاهدات اقتصادية مع البلدين من شأنها تحقيق ذلك.

ومن المقرر أن يبدأ مشروع السكة الحديدية بربط مدينة شلمجة الإيرانية والبصرة العراقية بطول 32 كيلو متراً، ثم يتم تنفيذ الخطة الثانية من المشروع وهي ربط مدينة البصرة بمدينة اللاذقية السورية، بحسب تصريحات صادرة عن مدير شركة خطوط السكك الحديد الإيرانية، سعيد رسولي، في يوليو/ تموز 2019.

وعملت إيران، الداعمة لنظام الأسد، خلال السنوات الماضية على إبرام اتفاقيات اقتصادية وعسكرية مع حكومة النظام، ما اعتبره البعض تحصيلاً لمكاسب مقابل ذلك الدعم، حيث بدأ النظام بدفع فواتير تدخل روسيا وإيران لجانبه وقلب الموازين لصالحه.

إذ وقعت حكومة النظام اتفاقية تعاون اقتصادي “طويلة الأمد” مع إيران، في مختلف المجالات الاقتصادية. ووفق ما نقلت أنباء نظام الأسد (سانا)، حينها، فإن الاتفاق تم توقيعه “بالأحرف الأولى”، في 30 يناير/كانون الأول عام 2018، بين وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، محمد سامر الخليل، ووزير الطرق وبناء المدن الإيراني، محمد إسلامي.

—————————-

===================

تحديث 14 أيار 2021

———————–

رئيس لركام دولة/ هوازن خداج

“يصعب على الشخص الذي عاش في ثورة أن يرجع إلى أيام ما قبل الثورة، لكن لا يصعب على شخص العيش في أيام ما قبل الثورة طوال حياته” جورج أورويل (مزرعة الحيوانات).

في واقع الصراع السوري المستمر منذ عشر سنوات، وتحوّل الدولة السورية إلى ركام، تأتي مسألة الانتخابات الرئاسية (المقرر إجراؤها في 26 أيار/ مايو) كجزء من مسيرة العرس الانتخابي “الاستفتاء” التي عايشها السوريون في “الدولة – المزرعة”، واستكمالًا للدمار والقتل بمشاركة نظام الأسد، لتجعل فكرة الانتخابات الرئاسية فكرة مبتذلة، تمثل مباركة لاستمرار “مجرم حرب” في قيادة دولة أو ما تبقى من الدولة.

انتخابات في مزرعة الدكتاتورية

في الأنظمة الدكتاتورية التي تقوم على استخفافها بأشكال الديمقراطية، وبحق البشر الشرعي في اختيار من يُمثّلهم سياسيًا، وبأصوات الناخبين، لا يمكن الحديث عن انتخابات نزيهة وناخبين أو مرشَّحين منافسين، فغالبًا لا يجد الدكتاتور من ينافسه، وليس مضطرًا إلى تقديم برنامج انتخابي، ليكون إجراء الانتخابات مجرد تذكير للشعوب بمسألة “البيعة”، تحت مسمّى الاستحقاق الرئاسي، والفوز فيه، وتُصرّ كذلك على إعلان نتائجها على الملأ، لقطع الشك باليقين، بأنه “مُنتخب” بنسبة تصل إلى 99 %، غالبًا، لتأكيد حقه في قيادة الدولة والمجتمع، وتسلّم أمور البلد والعباد لدورات لا يوقف عدادها سوى الموت.

ما حدث ويحدث في سورية، في “إعادة الانتخاب” لبشار الأسد لولاية أخرى مدتها سبع سنوات، ليس أكثر من توطيد المهزلة في فكرة الانتخابات وممارستها، كاستكمال لمسيرة العرس الانتخابي “الاستفتاء” التي عايشها السوريون، منذ تسلّم الأسد الأب ثم الابن للحكم تحت مسمى “الاستحقاق الوطني”، ففي “الدولة – المزرعة”، تتأسس الانتخابات على نتائج محسومة سلفًا لرئيس “حصري-سيد المزرعة”، وإن شارك فيها مُرشّحون آخرون.

انتخابات لا شرعية لنظام لا شرعي

في الواقع الدموي السوري الذي تأسس قبل عقدٍ من الزمن على رفض النظام وشرعيته “الدكتاتورية”، المُستمدّة من الصلاحيات الدستورية والسيطرة على السلطات الثلاث “التنفيذية والتشريعية والقضائية”، واستمرارها بعد صياغة دستور في العام 2012 عقب الحراك الشعبي، وتفصيله على قياس النظام السائد، والتمهيد لاستمراره دورتين متتاليتين إضافيتين وفقًا للمادة (88) من دون أي تعديل يحدّ من التحكم الرئاسي في الوضع السياسي، أو يجري الاستفتاء على مواده كلّها من قبل السوريين أو ممثلين منتخبين لهم، ليجعل منه دستورًا للنظام وليس للشعب، فالدستور ليس منحة من الحكومة للشعب، أو ضمانة لها، بل هو تفويض يمنحه الشعب لحكومة يشكلها، وضمانة للشعب ضد الحكومة.

وبغياب هذا التفويض والضمانة، فإن مهزلة الانتخابات التي يمارسها النظام، وفقًا لدستوره، تتحول إلى حالة من الابتذال، فُرِض على السوريين أن يشهدوها للمرة الثانية، حيث جرت في العام 2014 في جوّ من العنف والردع بمختلف أشكاله مارسه النظام ضد الشعب الرافض له، ولردع المطالبة الداخلية برحيله عن موقع الرئاسة في سورية. وتجري الآن بعد أن غرق السوريون في مطحنة حربٍ، كان النظام سببًا في إشعالها، أودت بحياة نصف مليون سوري، وخلّفت مليون مصاب، وشردت 13 مليون سوري، بين نزوح ولجوء، وكانت سببًا في استمراره.

الانتخابات وساحة الحرب

بالرغم من تواصل النزاع العسكري في البلاد، وفقدان الأسد سيطرته على 40 % من الأراضي السورية، فإن قرار إجراء الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 26 أيار/ مايو، وخوض نظام الأسد فيها مرة أخرى بدعم روسي قوي، ما هو إلا جزء من تثبيت الوضع على ما هو عليه، واستجابة لما تفرضه المعطيات المُعقّدة لمشهد الصراع المتداخل دوليًا وإقليميًا، وتعثّر المسار السياسي الهادف إلى التوصل إلى اتفاق سلام سوري، والمختزل بصياغة دستور لم يتمّ التوافق عليه حتى الآن؛ فالمجتمع الدولي الذي عجز عن إزاحة الأسد، ووضع حدّ للمأساة السورية سابقًا، يستمر في عجزه عن إزاحة الأسد حاليًا، وإن كان مذنبًا بارتكاب إبادة جماعية ضد شعبه، ويعجز عن منع إجراء انتخابات رئاسية، ويكتفي بالتنديد وعدم الاعتراف بنتائجها.

أما الأسد، الذي لم يُقم وزنًا لأيّ معارضة أو مفاوضات أو لجان دستورية أو قرارات أممية حول الانتقال السياسي وتشكيل هيئة حكم، فإن هذه الانتخابات هي تنفيذ لإرادة الداعمين له “روسيا وإيران”، ولصفقات الترويض “التأهيل” وحسابات الأمن الإقليمي والدولي، نتيجة حسابات مختلفة تمتدّ من أزمة اللاجئين، إلى إبعاد الأسد عن الخط الإيراني المتحكم، وخلخلة الوجود الروسي، وغيرها من تعقيدات تعني تعزيز سلطة الأسد وبقاء سورية ساحة حربفي المستقبل القريب.

لا أهمية للشعب في الانتخابات

في الوضع السوري السابق والحالي، نجد صعوبة في استخدام مقولة جورج أورويل: “إن الشعب الذي ينتخب الفاسدين والانتهازيين والمحتالين والناهبين والخونة، لا يعتبر ضحية، بل شريكًا في الجريمة”، بالرغم من أنها تُمثّل وجهًا من الحقيقة، فللنظام كثير من الشركاء الداعمين المؤيدين له، يمارسون ضجيجهم وتعلو أصواتهم في حملات التأييد لانتخابات الأسد وتجديد بيعته، ويتعامون عن الدمار الذي أحاق بسورية وعن مصاير السوريين بين معتقل ومشرد ولاجئ وجائع.

أما الوجه الآخر، فهو لا يخصّ المعارضة التي تحاول الحشد لتجميع المشاريع السياسية، للوقوف في وجه الانتخابات ومعارضتها، واتخاذ قرار المقاطعة، فهذا لا يشكّل حدثًا يُعوّل عليه. إنما يخصّ شعبًا لا يَنتخب، بل تُجمع أصواته قسرًا أو استجابة لدعاية طال تأسيسها، بأن رحيله سيدفع سورية إلى مزيد من التفكك والفوضى، نتيجة حالة الاستلاب التي عايشها السوريون، بعد أن حلموا بإسقاط النظام فوجدوا أنفسهم مجندين لخدمة مشاريع مختلفة يقاتلون ويُقتلون لأجل المستفيدين وتجار الحرب. وعلى ذلك فإن الانتخابات أو عدمها لن تقدّم لهم شيئًا.

في الحالة السورية، لا أهمية للمؤيدين ولا للمعارضين ولا للشعب، خصوصًا أن النظام طوال الفترة الماضية صار جزءًا من منظومة الحرب، فهذا النظام الذي عجز السوريون عن إيقاف بطشه، بات شريكًا لقوى مختلفة بنت قواعدها العسكرية واستقدمت ميليشياتها، وتدير القصر بمن فيه، وتمثل ضامنًا لنظام دكتاتوري قاتل، وتُكسبه شرعية وجوده رغمًا عن السوريين وإرادتهم المسلوبة.

رئيس للركام

بعد مرور عشر أعوام من الحرب والتدمير المنهجي، وتهجير الملايين وخلخلة المجتمع، وانهيار الاقتصاد إذ إن أكثر من 80 % من السوريين تحت خط الفقر؛ تحولت الدولة السورية إلى “ركام دولة”، وصارت السيادة -بالنسبة إلى النظام- خلطة لها استعمالات خاصة في استعادة السيطرة على الأرض -المناطق الخارجة عن سيطرته- والسكان “المعارضة”؛ فالسنوات الماضية كانت كفيلة بإسقاط مقومات الدولة العامة (الأرض، الشعب، السلطة)، فمن الناحية السياسية، الحكومة المركزية لم تحافظ على الاستخدام الشرعي للقوة في إطار أراضيها. ومجموعة الأفراد الذين يعيشون على أرض محددة ما عادوا يخضعون لسلطة معينة. وهذا الكيان الإقليمي لم يعد يمتلك السيادة داخل الحدود وخارجها، ولكنه يحتكر قوى وأدوات الإكراه التي تمارسها السلطة على من تبقى من السوريين. أما بشأن حقوق وواجبات الدول، بحسب “اتفاقية مونتيفيديو في عام 1933″، وتأكيدها على جوهر السيادة وارتباطها المباشر باستقلال الدولة وأهليّتها في إدارة الحكم والتعامل الندّي مع بقية الدول، فإن هذه المقولة لم تسقط عن سورية فحسب، بل صار ينطبق عليها مفهوم المستعمرة الشبيه بمناطق أفريقيا وأميركا اللاتينية. فما نفع إعادة انتخابه رئيسًا (أو عدمه) لقيادة المستعمرة أو ركام الدولة بالنسبة إلى السوريين؟!

مركز حرمون

————————-

القضية السورية أمريكياً: قراءة في بيان تمديد حالة الطوارئ ضد نظام الأسد/ أسامة آغي

 أصدر البيت الأبيض الأمريكي في السادس من شهر أيار / مايو 2021  بياناً، أعلن فيه تمديد حالة الطوارئ الأمريكية بخصوص النظام السوري، وجاء في البيان: “إن تصرفات حكومة النظام السوري وسياساتها، فيما يتعلق بدعم “المنظمات الإرهابية” والأسلحة الكيماوية، تشكّل تهديداً للأمن القومي، والسياسة الخارجية، واقتصاد الولايات المتحدة”.

البيان لقي حالة ترحيب في أوساط سياسية متلهفة، تنتظر أي إيماءة أمريكية ضد النظام السوري، لتبني عليها رؤى خاصة، لا تحدث خارج ذهنها.لكن، وفي قراءة بسيطة لمحتوى البيان، يمكن اعتباره بياناً روتينياً لا يخرج عن مسار السياسة الأمريكية حيال الصراع السوري، والمتمثل بالغموض والتصريحات غير ذات الدلالة، مثل تصريحات باراك أوباما الشهيرة، التي قال فيها “النظام السوري فقد شرعيته”.

إن توصيف حالة النظام بأنها وحشية، بعد عشر سنوات من جرائم لم تشهدها البشرية من قبل، هو توصيف لا يقدّم شيئاً على صعيد حلّ هذا الصراع الدامي، وإنما يمكن قراءة هذه التصريحات، على أنها لغة ذات بريق، دون أن يكون لها مقابل عملي ملموس.

الأمريكيون، الذين اتفقوا مع الروس عام 2012 على بيان جنيف1، لم يفعلوا جدياً ما يخدم تنفيذه، وحين واجهتهم قضية استخدام النظام للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين، اكتفوا بالوساطة الروسية، بتسليم هذه الترسانة، دون أن يفرضوا على النظام السوري عقوبات ينصّ عليها القانون الدولي.

الأمريكيون، لم يريدوا نصرة الشعب السوري، فلو كانوا ينوون ذلك لتدخلوا لوقف المذبحة، التي يرتكبها نظام الأسد بحق الشعب السوري الأعزل. لا بل عملوا على إصدار قرار جديد من مجلس الأمن بعد ثلاثة أشهر من تدخل عسكري وحشي من روسيا ضد قوى الثورة وحاضنتها، هذا القرار (2254) مضى أكثر من خمسة أعوام على إصداره، دون أن يلتزم النظام بتنفيذه.

القرار المذكور ارتأى أن يكون الحل بيد السوريين أنفسهم، دون أن يكلف واضعوه أنفسهم عبء تعريف وتقييم طرفي الصراع (قوى الثورة والمعارضة من جهة والنظام وكل حلفائه من جهة أخرى)، فهذا القرار، طلب من طرفين غير متكافئين، عسكرياً وسياسياً وحتى اقتصادياً أن يتفاهما، عبر مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة، على انتقال سياسي في البلاد، لن يقبل به النظام وهو الأقوى عسكرياً وسياسياً وتحالفياً.

إذاً، الأمريكيون وقّعوا على قرار دولي (2254)، يعرفون مقدماً أنه غير صالح للتنفيذ، فلماذا وقعوا عليه، وهو يحمل فشله في داخله؟.

هذه الرؤية تقود إلى استنتاجٍ، ليس بالضرورة أن يكون هو الاستنتاج الوحيد، والذي يقول: إن الأمريكيين مرّروا هذه الصيغة الملتبسة لقرار دولي، يريدون من خلال تمريره، تنفيذ سياسة استنزاف لأطراف منخرطة بهذا الصراع، (الروس والإيرانيون) من جهة، والفصائل العسكرية ذات التوجه الإسلامي من جهة أخرى.

الأمريكيون ذهبوا إلى أكثر من ذلك، عبر اعتمادهم على قوى كردية (PYD  وPKK) في سوريا، حيث دعموا هذه القوى تحت يافطة محاربة تنظيم داعش، ولكنهم كانوا ولا يزالون يدركون، أن دعم هذه القوى لن يخدم مسار الحل السياسي الحقيقي في سوريا، لأنه أدخل عناصر غريبة على هذا الصراع،  هي وجود (PKK) على الأرض السورية.

الدعم الأمريكي لهذه القوى له أهداف، لا تتعلق بانتصارهم لحق الشعب السوري في الانتقال السياسي من نظام الاستبداد إلى دولة المؤسسات الديمقراطية، بل له علاقة بالمنظور الاستراتيجي الأمريكي، الذي يحوّل هذه القوى المرفوضة إقليمياً وداخلياً إلى احتياطيٍ لصراعات قادمة، تعمل عليها الإدارة الأمريكية.

البيان الأمريكي قال: “إن وحشية النظام وقمعه للشعب السوري، الذي دعا إلى الحرية، لا تعرّض الشعب نفسه للخطر فحسب، بل تولّد أيضاً حالة من عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة”.

هذه اللغة المستخدمة هنا، لا تشير إلى توقع تشكيل رؤية سياسية أمريكية خاصة بالصراع السوري، وهو ما يمكن لمسه بعد مرور أكثر من 110 أيام على وصول إدارة جو بايدن إلى البيت الأبيض، من خلال عدم تشكيل فريق أمريكي مسؤول عن الملف السوري حتى اللحظة.

إدارة بايدن لم تشتق بعد مساراً خاصاً برؤيتها للحل السياسي في هذا البلد (سوريا)، وهذا يمكن أن يشير إلى أن هذه الإدارة تُلحق حل القضية السورية بحل حلقات صراع أمريكية أخرى، مثل الصراع مع الروس في أكثر من موقع وقضية، والصراع مع الإيرانيين حول برنامجهم النووي أو الصاروخي البالستي.

بهذه الطريقة الأمريكية، تصير قضية الحل السياسي في سوريا مسألة ثانوية في الحسابات الأمريكية، وبالتالي ينبغي عدم توقع حدوث حلٍ سريع لها، ولعل رفض الأمريكيين لانتخابات الرئاسية لدى النظام، يشير إلى أن وضع النظام الحالي سيستمر إلى وقتٍ آخر، ريثما تحصل الولايات المتحدة الأمريكية على ما تعتقده إنجازاً في استثمار استنزافها لروسيا وإيران في سوريا.

إن عقوبات قانون قيصر، التي لم تفعل إدارة بايدن شيئاً حيال تعميقها وتركيزها، على شلّ قدرات النظام وحلفائه اقتصادياً حتى اللحظة، يؤكد على رؤية تقول، إن القضية السورية هي جزء من قضايا صراع تخوضه الولايات المتحدة مع دولٍ أخرى، وبالتالي فهي لا تنظر بمنظور خاص إلى القضية السورية، باعتبارها حدثاً مستقلاً، يتعلق بشعب يخوض صراعاً مع نظامٍ حليف لقوى تعتبرها الولايات المتحدة معادية لها مثل (الروس والإيرانيون)، بل تنظر إليها بمنظور يراها أنها قضية ملحقة بصراعات أخرى.

هذه الرؤية الأمريكية لا تخدم تطور المنطقة بشكل سلمي، ولا تدفع باتجاه إيجاد حلول عادلة لقضايا شعوبها، وبالمعنى الاستراتيجي، فهي تراكم أحداث وتطوراتٍ لن تخدم المصالح الأمريكية خلال الخمسة وعشرين عاماً القادمة، فالأمريكيون غير المهتمين بجوهر الصراع السوري، هم يسهّلون تعقيد هذا الصراع، ولن يتمكنوا في المستقبل من السيطرة على اتجاهاته القادمة.

إن حل موضوع البرنامجين الإيرانيين، النووي والصاروخي البالستي، أمريكياً، وغربياً لا يمكن أن ينجز نتائج ذات قدرٍ من الأهمية الاستراتيجية، بقدر تفكيك مرتكزات هذين البرنامجين في الإقليم، ونقصد هزيمة المشروع الإيراني في دول الجوار العربية، المبني على تحويل هذه البلاد إلى مناطق نفوذ وهيمنة إيرانية، هذه الرؤية هي من يحطم قدرة إيران على تنفيذ مشاريعها، فهو يفقدها مناطق تغذيتها لهذه المشاريع.

فهل سيفكّر الأمريكيون أن الحل في سوريا، هو من سيقلب موازين القوى ضد المشروعين الروسي والإيراني في منطقة الشرق الأوسط، أم أنهم سيضطرون لاحقاً إلى تقديم تنازلات في المنطقة، ستجعلهم ضعفاء في مواجهة تحديات كبرى قادمة من آسيا؟.

ارورينت

—————————-

مستقبل سورية بين الانقسام والوحدة/ عمار ديوب

افتقار السوريين إلى دورٍ مُقرّرٍ في مستقبل بلادهم أصبح الواقعة التاريخية المؤلمة منذ عدّة سنوات. الخارج الإقليمي والدولي هو الذي يقرّر ذلك. الأسوأ هو غياب التوافق على تسوية بين هذه “الخوارج”، وهذا يعني أن أزمة السوريين مفتوحة إلى أمدٍ غير محدّد. عديدٌ من المثقفين السوريين يتمنّون العودة إلى ذلك الدور، بما يتجاوز انقسامات النظام والمعارضة، وكل أشكال الانقسام، وينطلق من إرادة وطنية متعالية عن هذا كله، ويؤسّس لمستقبلٍ لكل السوريين.

المثقفون والأسئلة

بدأ ذلك العديد من المثقفين يطرح أسئلة فكرية عن الأزمة الراهنة؛ فيجدها تتجاوز خندقات النظام والمعارضة، وتعود، برأيه، إلى بداية تأسيس الدولة السورية، حيث ليس من إقرارٍ نهائيٍّ بأنّ سورية الحالية، والواقعة تحت خمسة احتلالات، هي المبتدأ والمنتهى للسوريين، وبالتالي تتطلع كتل من السوريين إلى ما بعدها، كما الرؤية القومية أو الشيوعية أو الإسلامية. ومشكلتنا الآن لم تعد فقط في الرؤى الثلاث السابقة، بل في الاحتلالات الخمسة، والتي لا تكتفي برسم نفوذها وتوظيف سوريين أدواتٍ رخيصة في خدمتها، بل في أن سياسات تلك الاحتلالات تقسّم السوريين إلى خمسة شعوب، أو تحاول ذلك. على الرغم من كل كارثية هذا الوضع، فالعديد أعلاه يؤكد ضرورة انبثاق الإرادة الوطنية، وتوحيد سورية من جديد، دولةً ديمقراطيةً وعلمانيةً ومواطنية.

واقعياً، ما تراكم من ملفاتٍ على الساحة السورية منذ 2011 يؤكد أن طيّها غير ممكن من دون تسويةٍ سياسية شاملة، تأخذ بالاعتبار القرارات الدولية، ولا تتجاهل كتلة الموالين الرافضين كلّ ما يتعلق بالثورة أو المعارضة. الانقسام هذا، والذي يمكن توصيفه بانقساماتٍ طائفيةٍ ودينيةٍ وقوميةٍ وعشائريةٍ وجهوية، يتطلب بالضرورة مشروعاً يتجاوز مشاريعهم الانعزالية والتقسيمية، ولكن هذه الانقسامات ليست متخيَّلة أو مسائل فكرية، بل أصبحت قضايا واقعية، وتلوَّثت الثورة وتطوراتها اللاحقة بها، وارتُكبت مجازر ومعارك وحروب، وهناك “تبعيات” لقطاعات مجتمعية لدولٍ خارجية باسمها. لا تعبر الانقسامات عن كل الأفراد المنضوين في “الدول” السورية العديدة، ولكنها أصبحت قضية مفتوحة، وغير ممكن إغلاقُها من دون تجاوز سبب الانقسامات. يقتضي التجاوز تغيير النظام أو تغييراً كبيراً فيه، وكذلك ضرورة تغيير كل الرؤى الفكرية والسياسية للمعارضة المكرّسة. ما زالت المعارضة غير المكرسة لم تنجز برؤاها أو برامجها أو أطروحاتها الفكرة الأخيرة.

لا يفيد التفكير الرغبوي في طيّ الانقسامات، أو إخراج الاحتلالات، أو إنهاء النظام أو المعارضة المكرسة التابعة. التعقيدات هذه يجب مواجهتُها، فكيف يتحقق ذلك، وقد مات أكثر من نصف مليون، وعُطِبَ الملايين، وشُرِدَ في المنافي أكثر من نصف سكان سورية، والنصف الآخر يقبع تحت أنظمةٍ تمنع عنه أية حريات أو حقوق، ويعيشون في ظلِّها كالعبيد، وبالكاد يؤمِّنون قوت يومهم وتجديد البنية الفيزيولوجية؛ التي أصبحت مبتلاة بكل أصناف الضعف والمرض والتعب.

الثورة وهوية سورية

لم تواجه الثورة نظاماً بمفرده، بل واجهت إيران ومليشياتها ومنذ اليوم الأول. والآن، لا يجد الشعب السوري مشروعاً وطنياً يُلتفُّ حوله، لا من المعارضات ولا النظام. هذا واقع تراجيدي؛ فالسوريون يُقتلون ويُظلمون منذ عشر سنوات على الأقل وليس من أفقٍ لنهاية كارثتهم. لا أعتقد بجدوى القول إن مشكلات سورية الراهنة تعود إلى لحظة تأسيس سورية 1920، على الرغم من أن الاحتلال الفرنسي هو من اقتطعها من عالمها العربي، ومارس سياسات تمييزية ضد الأكثرية ولصالح الأقليات، وكذلك تأسست سورية بوصفها دولةً لصالح الطبقة الثرية في أثناء الاحتلال وبعده، ولاحقاً باعتبارها دولة لصالح الطبقة الوسطى التي توسَّلت أفكاراً اشتراكيةً كثيرة. أخضع الجنرال حافظ الأسد الأفكار الاشتراكية لسلطته، فكانت أيديولوجيته في قيادة الدولة، وتشكيل نظامٍ سياسي شمولي، اكتملت شموليته بعد 1982.

سيطر الفساد بعد السبعينيات على بنية الدولة، وكذلك النهب، وهذا دَمّرَ القطاع العام، وأعطى دفعة قوية للقطاع الخاص، وترافق ذلك مع استقرارٍ مديد، عاشته سورية؛ وإن كانت تعرّضت لحربٍ طائفية في الثمانينات، ولكنها تجاوزت ذلك بتشدٍّد شمولي إضافي من ناحية، والتأسيس للانقسام الطائفي من ناحية أخرى، والذي انفجر ما بعد اندلاع الثورة بعدة أعوام بشكلٍ واسع، حيث أعيد إنتاج الثورة بعيداً عن شعبيّتها ووطنيتها ونحو التطييف، وكان ذلك بفعلٍ واعٍ من النظام والإخوان المسلمين؛ حينها انفتحت سورية نحو مشكلةٍ طائفيةٍ جديدةٍ بإرث قديم، وكذلك نحو الخضوع للخارج، الإقليمي والعالمي.

“دويلات” سورية الفاشلة

يتجه الوضع السوري نحو أكثر من خيار، وأقواها راهناً تعزيز مناطق النفوذ، مع استنقاع كل مناطق “الدويلات”، حيث لا إعمار في مناطق قوات سورية الديمقراطية (قسد) أو هيئة تحرير الشام أو الجيوش “الوطنية” التابعة لتركيا أو النظام كذلك، وعكس ذلك نراقب انفجارات اجتماعية مستمرة في كافة هذه المناطق. الانفجارات لا تتَّسم ببعدٍ وطني جامع، على الرغم من أن مصلحتها الحقيقية تكمن في ذلك، ومسؤولية ذلك بسبب غياب البعد الوطني لدى النظام، والمعارضة، حيث لا يطرحان تأطيراً لاستيعاب هذه الانفجارات في مشروع وطني. النظام ما زال يمارس القمع، كما كان من قبل، والمعارضة ما زالت خاضعة لتركيا ودول أخرى، وبالتالي، تتكرّر الاحتجاجات وتندثر تباعاً. حصيلة الأمر هي مأسسة مناطق النفوذ، ولكن من دون إعمار أو عودة السكان الأصليين.

تؤكد التقارير الاقتصادية انهيار الوضع المعيشي لأكثر من 90% من السوريين، ودمار قطاعات واسعة من البنية التحتية للاقتصاد، وأن كلفة إعادة الإعمار تتجاوز الـ 500 مليار دولار، وهناك تقارير تتكلم عن ألف مليار. والأسوأ الهجرة الواسعة للصناعات الوطنية إلى الخارج وتوطُّنُها هناك. يتطلب هذا الوضع رؤيته بعمقٍ شديد. يجب التدقيق في مقارنة الوضع السوري مع أوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية؛ فهناك كان مشروع مارشال، وقام الاتحاد السوفييتي بتنمية أوروبا الشرقية. أمّا سورية فليس هناك من مشاريع دولية تنتظرها في زمن العولمة ووباء كورونا والأزمة الرأسمالية العالمية الراهنة، هذا في حال بدأ الحل السياسي. المعارضة والنظام ينتهجان التبعية للخارج وعقلية الاستدانة منه للتنمية المحدودة الموظفة في اقتصاد ريعي، ولا يراكم عملاً تنموياً يعوّل عليه، وتعد الممارسات التي تعاملا فيها مع الشعب، الموالي والمعارض، مثالاً نموذجياً عمّا ينتظر الشعب مستقبلاً.

المعارضة الوطنية، وأية فعاليات سياسية، من غير المعارضة المكرسة، معنية بالوقوف طويلاً حول كيفية النهوض بسورية، المحتلة حالياً. لا يمكن لنظامٍ سياسيٍّ ديمقراطي أن يتأسّس في سورية من دون رؤية اقتصادية دقيقة لوضع الاقتصاد ولفقر الأكثرية المهمّشة، وأية رؤى لا تنطلق من إعادة الاعتبار للصناعة والزراعة أولاً، وتنمية الاقتصاد الوطني، ستذهب نحو تحويل الاقتصاد إلى التجارة والبنوك والعقارات ولصالح الخارج، ومرتبط به. وبالتالي، ستُدفع سورية نحو مزيدٍ من التبعية والتهتك الاجتماعي لبنيتها الاجتماعية التي هي أصلاً في حالة انقسامٍ كبرى من جرّاء السنوات العشر السابقة. لم تكن خطورة الانقسامات واضحة في 2011، ولكنها الآن جليّة الملامح، وتتطلب كثيرا من الشغل السياسي والحقوقي، وإنصاف الضحايا والمظلومين، ليكون ممكناً تجاوز الثارات والانقسامات وغرائز القطيع. إذاً، تعاني سورية من وضعٍ اقتصادي منهار وبنية اجتماعية متهتّكة ومخربة ومفقرة. السؤال أية قوى سياسية واجتماعية وثقافية قادرة على انتشال الوضع الاجتماعي مما هو فيه، والارتقاء به، إلى وعي حقوقي، يعطي القضاء والمحاكم دوراً مركزياً في المحاكمة وقبول الأحكام، وإعادة “تخييط” المجتمع السوري، ونسج هوية مجتمعية، تتعالى على تلك الانقسامات “المعزَّزة بالقتل والنهب وكل أشكال الانتهاك والسيطرة الأيديولوجية لعقلية الانقسام؟ تبسيط الوضع السوري ليس صحيحاً، ولكن تركه يغرق في الانقسامات والتعفّن أكثر مما تمَّ هو جريمة يُدان فيها النظام والمعارضة، وكل من تدخل بالشأن السوري، وأولهم إيران ومليشياتها، وروسيا، وتقع مسؤولية الفاعلين “المهمشين في آخر القائمة.

المعارضة الجديدة

ينتظر الوضع السوري تسوية إقليمية ودولية، وهذا بمثابة مفتاح الحل، ولكن أليس هناك مسؤولية على الطرف الأضعف في المعادلة؟ وأقصد المعارضة السورية، سيما أن النظام لم يعد يتحكّم بأمره، وهو لا يرى مستقبله إلا ضمن المنظارين، الإيراني والروسي، حيث ليس من إمكانية لاستمراريته من دون حماية حلفائه. يقع على عاتق المعارضة التصدّي للأمر. هذه مشكلة كبرى تقف أمام السوريين في هذه اللحظة، وسترافقهم في حال بُدِئَ العمل بتسوية “صفقة” وبحلٍّ سياسي. ما دام الأمر كذلك، فما العمل إذاً، وهل هذا يعني أننا لن نغادر حالة التبعية للخارج أو الدمار الذي أصبحت سورية عليه؟ من المفيد تأمل، ليس فقط مشروعي إعادة الإعمار المشار إليهما أعلاه مارشال وتنمية أوروبا الشرقية، فهناك كذلك تنميات تمّت إثر الثورات الاجتماعية، أبرز أمثلتها الصين وفيتنام، وكذلك كوبا بدرجة أضعف. هناك كذلك دول نشأت وتطوّرت ضمن حالة التبعية لأميركا، وفي إطار الحرب الباردة. الهند شقَّت طريقها الخاص في التطور، ولكنها تعاني من مشكلاتٍ كبرى في تطور مجتمعها، وهناك انقسامات دينية وسواها. الآن، كيف ستنهض سورية وكذلك اليمن وليبيا، وهناك العراق ولبنان؟ أليست حالة العراق الفاشلة جديرة بالتأمل العميق، وهو الذي احتلته عام 2003 أميركا التي أتت بنظامٍ سياسيٍّ لصالح إيران! والأخيرة ما زالت تَنهب موارده وتخرب بنيته الاجتماعية من خلال النظام السياسي الذي شكلته الولايات المتحدة. إضافة إلى ذلك كله، العراق مقسَّم بين عربٍ وكرد، وهناك محاولات لتقسيمه بين الشيعة والسنة، وهناك الوجود التركي.

حالة سورية أسوأ بكثير من العراق ولبنان، بل ومن اليمن وليبيا، فإذا كانت الأخيرات مطروحاتٍ دولياً للتسويات السياسية، وإجلاء الجيوش الأجنبية عنها، فإن حالة سورية ليست كذلك؛ فإسرائيل لن تترك الجولان، وأميركا تجد شرق الفرات أرضاً وشعباً بلا سلطةٍ، وهناك التدخل التركي، والذي لن ينتهي من دون دورٍ سياسيٍّ مقرّر في العاصمة، أي في كل سورية المستقبلية، أو وصول فئاتٍ، وتحديداً من الإسلاميين، للمشاركة في الحكم، ولخدمة مصالحها. وطبعاً لن نناقش احتمال تغيير النظام السياسي في تركيا في المرحلة الحالية، وهذا سيفتح باتجاه سياساتٍ جديدة، غير سياسات الرئيس أردوغان.

إذاً تقع على القوى الوطنية، وأيا كانت اتجاهاتها الفكرية والسياسية، مهامٌ مركبة، تتناول كافة أوجه الحياة في سورية، سيما أن العالم يشهد نظاماً دولياً متأزماً بشدّةٍ، والدول الأساسية فيه تحتل مناطق من سورية، وكذلك تفعلُ دول إقليمية. وبالتالي من الخفّة بمكان أن يتمحور السوريون في نقاشٍ طرفاه وسردياته النظام أو المعارضة. لم يعد ممكناً الاكتفاء بذلك، على الرغم من أن هذين الطرفين، وأولهما النظام، وثانيهما المعارضة المكرّسة، ورَّطا سورية بما آلت إليها أوضاعها حالياً، أي الاحتلالات الخارجية والدمار والمنافي والأزمة الاقتصادية العنيفة في الأعوام الأخيرة.

تشير حصيلة التحليل أعلاه إلى أنَّ الإرادة الوطنية المستقلة عن الخارج، وعن طرفي الصراع الداخلي، ستعبِّر عنها قوىً وشخصيات ومجموعات من داخل سورية ومن خارجها، وليست مصنّفة على المعارضة المكرسة أو النظام. الأزمة الاقتصادية، وعَقدٌ من الحرب والثورة، وغياب التسوية الخارجية، يشير هذا كله إلى ضرورة ذلك.

القوى الوطنية الجديدة، وهي لم تتبلور بعد، معنية بتلمس الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. المدخل السليم نحو ذلك إعلان إفلاسٍ كامل للنظام وللمعارضة، ومهما تفاوتت المسؤوليات. سيعني هذا الإعلان أن السوريين سيبحثون عن رؤى جديدة، وسياسات وبرامج جديدة، ترفض الانقسامات وسياسات النظام والمعارضة. هذا شرط أوّلي للقوى المأمولة، ومن دونها لا يمكن السير خطوة واحدة نحو طيّ الانقسامات، أو تجاوز هيمنة النظام والمعارضة المكرّسة. يقع على عاتق القوى سابقة الذكر، الوعي الدقيق لحالة الانقسام، والسعي نحو توحيد سورية من جديد، وهذا يقتضي الانطلاق من جملة مسائل، هنا محاولة لتكثيفها قدر الإمكان:

أوّلاً، كلفة آثار الحرب والدمار الاقتصادي عالية، ولن تتطوع دولةٌ أو دولٌ متعدّدة لتقديم خمسمائة مليار دولار للنهوض بها، وستكون المليارات المقدّمة هزيلة ومشروطة، ولن توظّف في قطاعات صناعية أو زراعية أو تعليمية، لتساهم بالنهوض العام. أيضاً، لا يمكن النهوض من الدمار بغير رؤيةٍ وطنيةٍ للاقتصاد وللأغلبية المفقرة، ورفض كل الشروط الدولية والإقليمية التي ستَرهن سورية لسياساتٍ ناهبة لثروات سورية، وهو ما بدأت به روسيا وإيران في ظل هذا النظام. طبعاً كل الاتفاقات مع روسيا وإيران يجب تعطيلها في أيّة تسويةٍ، أو إعادة النظر بها بشكلٍ كامل، لتكون عائداتها لصالح الدولة السورية المستقبلية. النهوض بالوضع الاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى الأخذ بالتباين بين المدن التي دُمرت والتي لم تدمر أو هُجِرَ سكانها أو ظلّوا فيها، فهذه الحيثية أساسية، ليكون بالإمكان إعادة التوازن إلى كل مدن سورية وبلداتها، وبما يعيد إعمار ما تدمَّر منها، وترميم ما أهمل منها، وهذا يشمل كل أوجه الحياة الاقتصادية والخدمية. إذاً لا بد من شفافية واضحة إزاء الواقع، وبغض النظر عن المسبب، وهو أولاً النظام وثانيهما الفصائل المسلحة سيما السلفية والجهادية منها، ولاحقاً الدول التي تدخلت بالشأن السوري. هذه قضايا تتطلب متابعة حقوقية دقيقة، ولقاءات بحثية كبيرة من أجل تحديد المسؤولية، ورفع القضايا أمام المحاكم.

ثانياً، الشكل السياسي الوحيد، والقادر على استيعاب الانقسامات المشار إليها أعلاه، وإيجاد علاقات اجتماعية وسياسية وطنية وعابرة لكل تلك الانقسامات، هو النظام الديمقراطي، المبني على مبدأ المواطنة وحقوق الإنسان، ورفض كل أشكال التمييز في المستوى السياسي للدولة، وبدءاً بالدستور وليس انتهاءً بقانون للأحوال الشخصية، يكون مدنياً. هذا يجب أن توافق عليه كل القوى السياسية على اختلاف إيديولوجياتها، ومهما ادّعت قدسية ما لمرجعياتها أو سياساتها؛ كأن يقول الليبرالي إن الليبرالية هي مستقبل سورية ومستند خلاصها من كل استبداد، وأن الدستور وكل العملية السياسية يجب أن تخضع لمبادئها، وكذلك قول الإسلامي أو الاشتراكي. هذا التوجه الفكري يعيد إنتاج الاستبداد عبر قدسية مرجعيته وواحدية رؤاه، وهو يطيح كل نضالات السوريين عبر ثورتهم أو عبر تاريخ نضالاتهم من أجل نظام سياسي جديد، ومجتمع جديد، ونهوض عام، وتحرّر من الاحتلالات وسواه كثير.

ثالثاً، تشكيل محاكم وفقاً لدستورٍ وقوانين جديدة، مهمَّتها متابعة كل القضايا التي تراكمت منذ خمسة عقود على أقل تقدير، وكذلك ما تمّ من مآس في السنوات العشر الأخيرة. يكون لهذه المحاكم الحق بمتابعة أيّة شخصياتٍ، كان لها دورٌ في مآسي سورية. إذاً لا بد من استقلال القضاء بشكل كامل، ومحاسبة أي شخصيات أمنية أو سياسية أو اقتصادية أو عشائرية أو نافذة، تريد شطب قضايا مرفوعة تجرّم تلك الشخصيات أو أفرادا تابعين لها؛ هذا يجب أن ينتهي، وهذا بالطبع ليس بسيطاً، فحجم الجرائم المرتكبة كارثيٌ، ولكن لا يمكن للسوريين أن يبنوا دولة خارج هذا الإطار.

رابعاً، النهوض بالتعليم، وإعادة إعمار البنية التحتية للعملية التعليمية برمتها، وترميم القابل للإعمار. وهنا يجب إجراء ورش فكرية وثقافية بقيادة شخصياتٍ مشهود لها بسعة المعرفة والأخلاق والوطنية. الهدف من ذلك إعادة كتابة المناهج الدراسية وتغيير أساليب التعليم، وإعادة التعليم إلى مجانيته وإلزاميته، ورفض السياسات التي تكرّس التعليم الخاص بديلا عن العام. الهدف من ذلك هو الإسراع بتشكيل ثقافة نقدية ووطنية وفي شؤون الحياة كافة، فما تراكم من أُميّة تعليمية أو ثقافية وسواها يجب طيّه نهائياً، والتخلص من أية أدلجة في العملية التعليمية. هنا يجب إبعاد التعليم الديني عن مؤسسات الدولة، وأن تكون تابعةً للمؤسسات الدينية، ومناهجها التعليمية تخضع لوزارة التربية والتعليم، بما فيها المواد الدينية التي يجب أن تتضمّن رؤىً وأفكاراً إصلاحية، وتتماشى مع عصرنا الحديث، ورفض كل رؤى تقليدية أو سلفية أو جهادية أو تمييزية بين البشر أو الأديان.

خامساً، إعادة تشكيل أجهزة الدولة القمعية والجيش، وأن تخضع بشكل حاسم لوزير الدفاع، أو وزيرٍ مختصٍّ بالشؤون الأمنية. أمّا الشرطة فيفترض أن تتبع لوزارة الداخلية، وألا يكون لها أية صلة بالأجهزة الأمنية. يُراد من الأجهزة الأمنية حماية الدولة والأفراد من الخارج أو من قوى إرهابية، رافضة دستور الدولة وقوانينها أو لمؤسساتها. وضمناً، يجب إبعاد كل من ولغ من قيادات تلك الأجهزة أو عناصرها بدماء السوريين، في العقود المنصرمة. المقصد ألّا يكون لهذه الأجهزة أية اعتبارات فوق حقوق كل أفراد المجتمع وواجباتهم، والأمر ذاته يسري على كل المسؤولين في الدولة، وبدءاً برئيس الجمهورية.

الأفكار الخمس أعلاه تتقصَّد إنهاء كل أشكال التمايز بين السوريين، جديدِها وقديمِها؛ طبعاً ستظل قضية التمايز الطبقي الأخطر، والتي تتطلب نضالاتٍ مستقبليةً واسعة من الأكثرية المفقرة، ليتم إعادة توزيع الثروة عبر سياسات عادلة. في هذا، لا تُستبعد أيّة سياسات اقتصادية جذرية، وإعلاء دور النقابات في مختلف الشركات الخاصة وبالتأكيد العامة. تجاوز الانقسامات يفترض بالضرورة علاقة متكاملة بين مركز الدولة، أي العاصمة، وبقية المدن، وهو ما يشار إليه باللامركزية الإدارية، ومركزية دور العاصمة في مختلف الشؤون السياسية في الدولة، كاحتكار تمثيل العلاقات الخارجية أو المسائل الأمنية والعسكرية، والاقتصاد والثروات والعملة وسعر صرفها.

نهوض سورية

يتطلب نهوض سورية ما حاولت السطور أعلاه تلمُّسه، وهذا سيُواجَه بمختلف التعقيدات من “الدويلات التابعة”، وهذه تمتلك كل أدوات القمع والظلم والحرمان للمجموعات السورية المنضوية تحت سلطتها. حاول هذا النص إعطاء دورٍ كبير للقوى المأمولة ولإرادتها الوطنية، ولكن الدقيق أن القوى تلك يفترض أن تمتلك برنامجاً، حدّدْتُ بعض نقاطه، بما يمثل الأكثرية المفقرة والمهمشة. إن أية سياسات وبرامج نهضوية يجب أن تستقي أفكارها ورؤاها من الأفكار الاشتراكية والماركسية، وكذلك من الرؤى والسياسات التي أنصفت الطبقات المفقرة في أوروبا أو الدول الإسكندنافية، وكذلك من الدول التي ترسّخت فيها منظومة حقوق الإنسان ومبادئ المواطنة والعدالة الاجتماعية بعامة. هنا إشكالٌ كبيرٌ، ووجّه له نقد كثير، ويتعلق بأن الأنظمة القومية العربية تبنت الأيديولوجيا الاشتراكية، وكذلك الدول الاشتراكية، ولم تكن حصيلة تجربتها ديمقراطيةً، أو تطوّراً متواكباً في كل قطاعات المجتمع.

هذا صحيح، ولكن تجربة الصين تقول بحدوث تطورٍ نوعيٍّ في تاريخ هذا البلد والعالم، وحتى دول الاتحاد السوفييتي، وأوروبا الشرقية خطت خطوات كبيرة في إطار التصنيع والتقدّم الزراعي والعلمي بعامة. لا يوجد عاقل يريد تكرار التجارب تلك، والعيش تحت أنظمة استبدادية وشمولية، ولكن لا يمكن تغييب رؤية التطوّر في الجانب الاقتصادي والعلمي هناك. إذاً، هناك ضرورة لمشروع وطني، لا يكون رهينة للخارج ولا لاقتصاد السوق، أو أن يكون تابعاً للنظام العولمي الذي ينهب خيرات العالم، وقد أدخله في أزماتٍ كبرى، لم تخرج منها بعد، وتعدّ الثورات العربية في وجهها الأساسي موجّهة ضد السياسات الليبرالية المرتبطة بالعولمة المسيطرة على العالم.

القوى المأمولة معنية بسياسات وبرنامج وطني، ينهض بسورية في المجالات كافة، وينهي كل أشكال الانقسام، وكذلك ما تراكم تاريخياً ولم تجد له حلاً حتى الساعة، أي الانقسامات الدينية والخوف من الآخر والكراهية، وسواه. تساهم النقاط الخمس أعلاه في ذلك، ولكن لا يمكن التحرّك من خلالها من المعارضة أو النظام، فالاثنتان لا تعيرانها اهتماماً. تأخر إجراء تسوية للوضع السوري يفترض النقاط السابقة، وكذلك إن بُدئَ بالتسوية السياسية، حيث لن تكون لصالح السوريين.

إذاً ليس من إمكانية إلى توحيد سورية من دون مشروع وطني يقطع بشكل حاسم مع أصل الانقسامات ويعلن عنها، ويحدّد سياساته الوطنية الجامعة إزاء السوريين كافة. مشروعنا هنا يتناقض من مصالح كبرى أصبح النظام والمعارضة يعملان وفقها، أي التبعية لهذه الدولة أو تلك، وهذا هَمّش أيّة رؤىً وطنية. تتناقض فكرة النص مع السائد المحلي والإقليمي والدولي؛ وهو مشروعٌ يمكن أن يوازي مشاريع وطنية في أكثر من بلد عربي، كليبيا واليمن، ووفقاً لمشكلات تلك الدول.

نهوض العرب في الدول الفاشلة، أو التي لم تفشل بعد، ينطلق من تعزيز ما ذكر أعلاه، وهذا سيكون الأساس للدول وللحركات السياسية والاجتماعية الجديدة.

العربي الجديد

—————————–

ربيع عربي ثان على الأبواب.. سوريا/ يونس الكريم

قد يتفاجأ بعضهم من القول إن هناك “ربيعا ثانيا”، لربما بعضهم الآخر يربطه بكلام يوسف بن علوي (وزير الشؤون الخارجية لسلطنة عمان 1997-2020) الذي أشار صراحة إلى الحاجة إلى ربيع عربي ثانٍ، فماذا عن سوريا؟

مضى أكثر من أربعة أعوام منذ إدخال القضية السورية إلى الثلاجة عن طريق ما سمي بمسار أستانا أو الأصح مسار روسيا، حيث خيّم على القضية السورية الجمود، والجمود فعليا هو شكل من أشكال الموت.

للخروج من هذه الحالة بات الوضع السوري بحاجة إلى التحريك والقلب، وهو شكل من أشكال الربيع، والقلب يبدأ بمحاسبة المتصدرين المشهد بالمرحلة الأولى لإزاحتهم  والسماح لمن خلفهم بالظهور، وتتم هذه الإزاحة بتحطيم الصورة التي بنوها عن أنفسهم خلال الربيع الأول.

وهذا ما بدأ يتنفس إلى الإعلام، فمن ناحية النظام، نرى تحطيم صورة الأسد كرجل متحكم قوي، فقد ظهرت أسماء  الأخرس الآن بصورة حيدت “الأسد” بكثير من المشهد السوري، مع غياب كامل لـ ماهر الأسد، كما أن عائلة الأسد حدث داخلها  صراعات ضد بعضهم البعض لأجل تصدر أسماء الأسد وهذا ما أعطى إشارة أن زمنهم يأفل.

كذلك ظهور “الأسد” بالرعونة والفساد بعدما  كان سابقاً من المحرمات الكلام عنه، والذي سرب المعلومات عنه هم حلفاؤه والذين تداولوا الأخبار هم إعلام حلفائه، بل إن الأمر تجاوز إلى أن أجهزة استخباراته بدأت بفتح الملفات التي لديها بمزاد علني للبيع.

في جانب آخر نرى الضعف وسوء التخطيط، وهو ما حدث بمعالجة ملف “الإدارة الذاتية” وسعر الصرف والتعامل مع أزمة لبنان… إلخ.

وأما عن الانتخابات، وبعيداً عن مسرحية التنفيذ، فإنها تحمل في طياتها كسر لمقولة “الأسد أو لا أحد” التي على إثرها تم إحراق البلد بأهلها. لقد تم كسر المقولة من خلال هذا التنوع الكبير بالترشيح لأناس لا يملكون المؤهلات والخبرة، وهذه الأخيرة يمكن اعتبارها الضربة القاضية أو قبل القاضية، فالأسد لم يعد ذاك الإله الذي يخاف من الاقتراب منه، بل بات الشخصية الأكثر تندراً بها بين مواليه.

وأما في جانب المعارضة، فقد بدأ المشهد هو الآخر بالتغير، وبما أن عالم المعارضة – نتيجة الموقف الدولي وتشابكه منهم – هو عالم افتراضي، فبدأت تقام محاكم للمعارضين تنعكس على نظرة الجمهور لهم، فلم يعد هناك شخص يخاف من زعله بسبب علاقاته الدولية، بل الجمهور بدا يملك سلاحين من نار وجليد، متضادين، لكن موجعين، هم اللامبالات أو الإهمال والآخر المحاكمة الكبيرة بالعالم الافتراضي هنا وهناك، حيث لم تعد تصريحات المعارضة الداخلية لها أي أهمية، ولم تعد أخبار الائتلاف وفسادهم يثير حتى التساؤل “الفيسبوكي”، بل تم تقزيمه على أنها مؤسسة ليست سورية.

كما أن محاكم الآخرين بدأت تقام لتغيبهم عن المشهد قسرياً أو على الأقل حرف مسار أولئك ومن يتبعهم، فمحاكمة بسمة القضماني لم تكن أكثر من حرق لوجودها وإبعادها، وهي التي بذلت كثيرا لتبرير موقفها، لكن تم تجاوز بسمة فلم تعد ذاتها قبل المحاكمة كما بعدها (هنا لا أناقش سلوكها إنما نناقش الأثر)، وريم التركماني التي لم يكن أحد يجرؤ على انتقادها وانتقاد مكتب الغوطة للتوثيق والذي كان مصب أموال ضخمة لدعمه على أساس أنهم ورثة رزان!، باتت الآن تقيّم بقوة وهي تتصرف بعصبية ليُدل على مقاومتها للتغير، لم يتوقف الأمر على ريم ولا على مكتب التوثيق بدوما، بل بات يتجاوزه بشكل يومي لجمهور المعارضة الذي لم يعد تعنيه مسرحيات المعارضة بكل هياكلها ولجانها الدستورية والأهلية المرتبطة بها.

لقد وصلت القضية السوريّة إلى نقطة شعر فيها المجتمع الدولي أن الجمود يقود للاشتعال بسبب تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي وعدم وجود أفق حل إلى ربيع ثان، وهو ما دفع المجتمع الدولي للقيام بعملية ترتيب أوراقه بالتزامن مع حراك الشارع لإعادة ترتيب كيانه من جديد تحضيراً لهذا الربيع في سباق فيما بينهم لاحتواء بعضهم.

إن هذه التسريبات ليست وليدة الصدفة أو عبثية الموقف إنما هي جزء من التحضير لانطلاقة الربيع.

—————————

الطوارئ الأميركية بين اللجوء السوري والموقف من النظام/ مرح البقاعي

أصدر الرئيس جو بايدن خلال الأسبوعين الأخيرين قرارين تنفيذيين نشرهما الموقع الرسمي للبيت الأبيض يخصّان الحالة السورية الراهنة وموقف إدارة بايدن من العلاقة مع النظام السوري في ضوء قانون الطوارئ الوطنية الأميركي الذي يمنح الرئيس حق التعامل مع الأزمات والتهديدات التي تستهدف الأمن القومي والمصالح الأميركية. وكان الرئيس الأسبق جورج دابليو بوش قد أعلن في العام 2004 حالة الطوارئ في العلاقة مع النظام السوري، وهي لا زالت قائمة حتى تاريخ كتابة هذه السطور حيث أقرّ الرئيس بايدن تمديدها بأمر رئاسي.

ففي 6 مايو الجاري وجّه الرئيس بايدن رسالة إلى رئيسة مجلس النواب ورئيس مجلس الشيوخ يعلمهما بتمديد سريان التعامل مع الوضع في سوريا والنظام السوري ضمن بنود “الطوارئ الوطنية”. أما دواعي التمديد كما جاء في نص الرسالة فتعود إلى “وحشية النظام في قمعه للشعب السوري الذي خرج مطالباً بالحرية وبحكومة تمثّله، والتي لا تعرّض الشعب السوري للخطر وحسب، بل تنشر حالة من عدم الاستقرار في أنحاء المنطقة؛ بينما تشكّل تصرفات النظام السوري وسياساته في السعي لامتلاك الأسلحة الكيمياوية واستخدامها، وكذلك دعمه للمنظمات الإرهابية، تهديدا استثنائيا وغير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية واقتصاد الولايات المتحدة”.

أما القرار التنفيذي الثاني فقد صدر في 16 أبريل الفائت على شكل مذكرة وجهها بايدن إلى وزير خارجيته تتضمن القرار الرئاسي الطارئ بقبول اللاجئين للعام 2021 من سوريا وعدة دول أخرى. وأوردت المذكرة أسباب هذا القرار إلى “العنف السياسي المتزايد والقمع والفظائع والأزمات الإنسانية في دول مثل بورما وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا وهونغ كونغ وشينجيانغ (الصين) وجنوب السودان وسوريا وفنزويلا”. وتهدف خطة بايدن المقدّمة إلى الكونغرس إلى قبول 62 ألف لاجئ جديد في الولايات المتحدة مقارنة بالعدد المنخفض الذي كان عليه والذي لا يتجاوز 15 ألف طالب لجوء؛ وسيكون للاجئين السوريين حصّتهم بسبب الظروف المستمرة التي تمر بها سوريا.

اليوم، وقد اتخذت الإدارة الأميركية خطوة جديدة في الدعم الإنساني للشعب السوري الذي أنفقت عليه منذ العام 2011 ما جاوز 9 مليارات دولار، والدعم المعنوي الدبلوماسي بواسطة تمديد التعامل مع النظام السوري على أنه نظام مارق يستعين بحلفائه من الروس والإيرانيين في قمع شعبه ما يدرج التعاطي معه تحت بنود الطوارئ الوطنية، ما هو المطلوب من أميركا لنصرة حركات تحرر الشعوب حتى تبلغ مبتغاها التي خرجت إليه، وكي لا تُترك في منتصف الطريق نهبا لرياح المصادفة والتجاذبات الإقليمية والدولية السياسية من الدول ذات النفوذ والمصالح؟

لم تكن “الخطوط الحمر” التي رسمها أوباما للنظام السوري غير مرة بقادرة على وقف تماديه وتغوّله على شعبه، وأعظم انتهاكاته سجّلها في استخدامه السلاح الكيمياوي المحرّم في غوطة دمشق الشرقية العام 2013، والذي أفلت إثره من المشنقة بفعل تسوية سياسية غير نظيفة ولا بريئة أبرمها وزيرا الخارجية الروسي والأميركي آنذاك سيرغي لافروف وجون كيري، حيث قامت بطيّ أخطر ملف كان بإمكانه أن يودي بالنظام السوري برمته إلى ما وراء قضبان العدالة الدولية.

الإفلات من العقاب كان مفتاح النظام السوري إلى بوابة جهنم التي فتحها وحلفاؤه على شعبه في مقتلة يشهد العالم فصولها بصمت مقيت. ولو قوبل النظام بالمحاسبة على فعلته في حينها لوفّر على السوريين الغزير من الدماء، وعلى سوريا والعالم غياب الأمن والاستقرار، بل وحال دون تعاظم الإرهاب الذي لم يكن لينمو ويتكاثر ويتحوّل إلى تنظيم متغوّل كداعش لولا التخلّي الأميركي في حينها عن إرفاق الدعم السياسي بالإرادة والقرار النافذين لإيقاف هذه المأساة المتنقلة على الأراضي السورية.

يرى المراقبون للشأن السوري أن مساعي بايدن لا تفترق أو تتقدّم على سلفيه أوباما وترامب، وأنها مجرّد إدارة للفوضى وحسب! ففتح أبواب اللجوء للسوريين واستخدام مسكنات الألم الموضعية بدلاً من معالجة المرض وأسبابه لم تعد تجدي نفعاً أو تلقى قبولاً في قلوب السوريين المهجّرين قسراً أو الراحلين في رحلة اللجوء المريرة التي قد تكون بطاقة ذهاب بلا عودة.

ما فعلته الولايات المتحدة بما فيه إقرار قانون قيصر ليس إلا ضرباً من التعويض الأخلاقي ومحاولة لإخماد نخزات ضمير الغرب الديمقراطي الحرّ، وغرزة إضافية لرتق تقصيره في إغاثة الشعب السوري سياسياً إلى جانب إغاثته إنسانياً. ولو كانت تلك الإرادة السياسية قائمة في حينها لوفّرت على الولايات المتحدة والدول “الداعمة” مليارات من دولارات تمويل اللجوء ودعم المخيمات والمهجّرين، وحفظت مليون روح سورية زهقت باستهتار لأن دكتاتورا واحدا يريد أن يبقى على كرسي الدم ولا يغادر.

الإغاثة السياسية وإن تأخرت عشر سنوات إلا أنها لا تزال مطلوبة ولاسيما في واقع المجريات على الأرض والاحتمال الكبير لبقاء بشار الأسد على رأس النظام لسبع سنوات قادمة لن تكون إلا عجافاً كسابقاتها من حكمه وحكم والده من قبله. فما إدارة بايدن بفاعلة؟

اللجوء ليس أقصى أحلام السوريين، فمعظمهم يصلون أرض الميعاد الأميركية مرغمين وليسوا مختارين، وهنا لب المشكلة. ورغم الحلم الذي يراود الملايين في أنحاء الأرض بالحصول على البطاقة الخضراء للإقامة الدائمة في الولايات المتحدة، ورغم الحريات القصوى والحقوق العميمة التي ستوفرها لهم هذه البلاد، إلا أن النفْس الإنسانية يبقى غرسها في مسقط الرأس، وهذا حس وحق بشري عام وليس حالة خاصة ينفرد بها السوريون، بل يشترك به كل المهاجرين المسكونين بهواجس الحنين وحلم العودة إلى الوطن الأم الذي حبله السريّ لا ينقطع إلا بالموت.

ومع انحسار تهديد الجائحة في وجه حملة التلقيح الوطني الشامل التي قادتها إدارة بايدن بجدارة، نترقّب من واشنطن أن يعود الملف السوري إلى قائمة أولويات السياسة الخارجية بعد تراجعه في الآونة الأخيرة. وبالرغم من تصريحات وزارة الخارجية مؤخراً بأن “لا تطبيع مع النظام السوري”، إلا أن موقف واشنطن لم يتّضح بعد بصورة جلية ومقنعة حيال الانتخابات الرئاسية التي يجريها النظام حالياً دونما عوائق حقيقية – أو لنقل موانع نافذة – قد تؤخذ على محمل الجدّ من طرف النظام.

وهكذا يمضي بشار الأسد بعين واحدة ‏باتجاه هدفه في البقاء على رأس السلطة دونما حساب عما اقترفت يداه في عهده المشؤوم الذي شارف على الأفول.

العرب

——————————–

لا خيام انتخابية للأسد في حلب/ منصور حسين

يدرك النظام السوري أن غالبية القاطنين في مناطق سيطرته غير مبالين بالانتخابات الرئاسية التي قرر إجراءها في 26 أيار/مايو 2021، نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب الذين يعانونه، وانشغالهم الكامل بالسعي لتأمين قوت يومهم.

الأسباب هذه تفسر غياب المظاهر الاحتفالية التي كان يتكفل بها بعض التجار أو شيوخ العشائر من أجل إظهار الولاء للنظام في مثل هذه المناسبات، مثل الخيم الشعبية التي تنصب عادة في الساحات الرئيسية وتقدم فيها المشروبات والضيافة.

ونتيجة الارتفاع الكبير في الأسعار والأزمة الاقتصادية التي بات يعاني منها حتى التجار ووجهاء العشائر والعوائل الكبيرة، فقد توجه النظام للاعتماد على أفرع حزب البعث والأحزاب الأخرى في المحافظات بهدف إظهار أجواء الانتخابات حتى قبل موعد انطلاق الحملات الانتخابية بشكل رسمي.

تحركات للحزب الحاكم

منذ إعلان ترشح بشار الأسد تشهد محافظة حلب تحركات مكثفة للأفرع والمكاتب التابعة لحزب البعث الحاكم، من خلال عقد اجتماعات دورية مع وجهاء العشائر ومسؤولي المؤسسات الخدمية وتجار المدينة، بهدف الحشد للانتخابات.

واستدعى أمين فرع البعث في المحافظة مسؤولي غرفة تجارة المدينة، وعدد من الاقتصاديين ورجال الأعمال إلى مقر الحزب، للبحث في سبل إنجاح الدورة الانتخابية المقبلة، والتغلب على الصعوبات التي تفرضها المشكلات الحالية التي يعيشها الاقتصاد السوري.

وحسب مصادر إعلامية فقد طالب نجار الصناعيين والتجار بنبذ الخلافات الشخصية في ما بينهم والتعاون من أجل تحمل تكاليف الحملة الانتخابية للأسد، الذي يدخل في منافسة شكلية مع مرشحين اثنين آخرين.

كما بدأ أعضاء الشعب الحزبية والمكاتب الادارية بإجراء جولات على المراكز التربوية والمجالس المحلية ومديريات الخدمات العامة في الريف للاتفاق على الآلية التي سيتم من خلالها توزيع الموظفين على مراكز الاقتراع.

ويتحدث عبد الكريم، وهو موجه تربوي في إحدى مدارس مدينة حلب، عن وجود تعليمات ملزمة بنقل جميع المدرسين للاقتراع بشكل جماعي، على أن تقوم مديرية التربية بتأمين سيارات النقل، بهدف إظهار الكثافة العددية، وذلك بعد الحديث عن تواجد لجان مراقبة أجنبية للاشراف على سير العملية الانتخابية في المدينة.

ويقول ل”المدن”، إنه “بحسب التوجيهات الجديدة فقد بات الجميع مجبراً على التوجه لمراكز الاقتراع والمشاركة الانتخابات، بعد أن كانت العملية تتم سابقاً عن طريق رفع أسماء المدرسين أو تبصيمهم ضمن مدارسهم دون الحاجة لهذا السيناريو”.

تجهيز وسائل النقل

وبالتزامن مع تفاقم مشكلة السكان مع قطاع المواصلات والنقل الداخلي، نتيجة تقليص مخصصات الوقود للسيارات العامة والخاصة، فقد كان لافتاً قيام فرع البعث بتسيير حافلات تحمل صور بشار الأسد وشعارات مؤيدة له تجوب أحياء المدينة.

ويوضح أحد سائقي باصات خط الدائري الجنوبي في مدينة حلب أن تعليق أعلام ولافتات تحمل اسم وصور بشار الأسد تعتبر ظاهرة قديمة في المدينة، إلا أن الجديد هو الزام مالكي الحافلات بوضع صور وملصقات على عرباتهم تظهر الأسد بالزي العكسري، أو لافتات تحمل شعارات مثل (معك إلى الأبد، والأسد خيارنا) وغيرها من العبارات.

ويقول ل”المدن”: “منذ شهر نيسان الماضي، تم تخصيص باصات  لصالح أعمال الحزب الوطنية، على أن تكون حاضرة ومجهزة في الوقت الذي يتم طلبها، بهدف دعم الحملة الانتخابية، ونقل الموظفين و الرفاق للساحات العامة في المدينة أو الحفلات التي تقام في الضواحي”.

وفي السياق يرى مسؤول الدائرة السياسية في اتحاد ثوار حلب هشام سكيف أنه على الرغم من تقلص نفوذ حزب البعث في مدينة حلب خلال العقد الماضي، وخسارته الثقل السياسي والتأثير على مؤسسات الدولة لصالح روسيا وايران، إلا أنه لا يزال الحزب الحاكم، ما يعني اضطرار الجميع إلى إظهار الولاء له.

ويقول ل”المدن”: “تحول الحزب إلى ملعب من ملاعب النفوذ الإيراني-الروسي، وقد بدا ذلك جلياً خلال الانتخابات الحزبية الداخلية الأخيرة في حلب العام الماضي، واضطرار رأس النظام إلى تغيير القوائم الفائزة وإقرار قائمة مناصفة بين رجال إيران وروسيا”.

ويضيف أنه “نتيجة الحالة التي وصل إليها حزب البعث، بات النظام يعتمد عليه كواجهة سياسية خلال الانتخابات، واستهلاك الأكثرية النيابية التي يتمتع بها في مجلس الشعب لا أكثر، حيث يرى فيه تركة ثقيلة أتت عليها الحرب، ولم تعد قدرته تتجاوز التحضير للانتخابات أو تجهيز المسيرات الموالية”.

دور الأحزاب في مناطق الثورة

ولا تقتصر حملات الدعم على الحزب الحاكم الذي يتركز نشاطه على المؤسسات الحكومية والشخصيات البارزة، إذ بدأت الأحزاب المرخصة في حلب بإطلاق حملات ومبادرات تستهدف سكان المناطق الجنوبية والشرقية التي كانت خارج سيطرة النظام، والتي تعتبر من حواضن الثورة لإقناعهم بالمشاركة في الانتخابات.

وفي الوقت الذي يعلم فيه الجميع أن نتائج هذه الانتخابات محسومة سلفاً، فإن اهتمام النظام ينصب على إظهار مشاركة شعبية أكبر في التصويت، بهدف التأكيد على شرعيتها، خاصة مع وجود أكثر من نصف الشعب السوري في المناطق التي لا تخضع لسيطرته أو خارج البلاد.

فقد أطلق الحزب القومي السوري بطلب من منفذية حلب، حملة توزيع وجبات إفطار على سكان الأحياء القديمة من المدينة، على أن يحثّ خلالها المندوبون السكان على ضرورة التوجه إلى مراكز الاقتراع والمشاركة في التصويت.

ويظهر تكليف أحزاب أخرى بالقيام بمهمة الدعاية للانتخابات في الأحياء التي كانت خارجة عن سيطرته، أن النظام ما زال يعاني من القدرة على الحضور الكامل في هذه الأحياء، رغم مرور أكثر من أربع سنوات على بسط سيطرته العسكرية عليها، بينما يرى آخرون أن هذه الأحياء أصبحت خارج دائرة اهتمام النظام وأن تكليف أحزاب أخرى تلعب دور الظل للحزب الحاكم إجراء عقابي آخر يُفرض على هذه الأحياء التي تعاني اهمالاً خدمياً كبيراً.

بين رغبة النظام في إظهار أكبر قدر ممكن من الأجواء الاحتفالية والتفاعل الشعبي مع الانتخابات، وبين تراجع قدرة تجار مدينة حلب وصناعييها على تحمل تكاليف الفعاليات المعتادة بهذه المناسبة، يعود حزب البعث للعب هذا الدور مجدداً، بالتعاون مع الأخرى المرخصة، في الوقت الذي يتساءل فيه الكثيرون عن سبب غياب طبقة رجال الأعمال الجدد عن القيام بهذه المهمة.

العربي الجديد

—————————–

حلب:إيران تتغلغل في نسيج المدينة..عبر قنصليتها الجديدة/ خالد الخطيب

يبدو أن إيران تتجه نحو استبدال أدواتها في التغلغل وتثبيت وجودها وسط البنى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية السورية وإضفاء الطابع الرسمي على مختلف أنشطتها وتحركاتها في مناطق سيطرة النظام السوري، وذلك على حساب التواجد والظهور العسكري والأمني الذي كان طاغياً وما يزال خلال السنوات العشر الماضية.

من دمشق، أعلن وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف أنه سيفتتح قنصلية لبلاده في مدينة حلب شمالي سوريا، وذلك بموافقة رئيس النظام السوري بشار الأسد. ونقلت وكالة أنباء “إرنا” الإيرانية الرسمية عن ظريف قوله: “سنفتتح القنصلية الإيرانية في مدينة حلب، وآمل أن تثمر هذه الخطوة عن تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية بين البلدين”. وربط ظريف بين افتتاح القنصلية ومراقبة الانتخابات الرئاسية.

وتأتي تصريحات ظريف خلال زيارته المفاجئة إلى دمشق في 12 أيار/مايو، والتي التقى خلالها بشار الأسد ووزير خارجيته فيصل المقداد، لبحث الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في 26 أيار/مايو، إلى جانب بحث التطورات على الساحة الفلسطينية.

ولم يصدر عن النظام أي تعليق رسمي بخصوص القنصلية التي أعلن ظريف عن افتتاحها في حلب، ولم تذكر المواقع الإعلامية الموالية للنظام في حلب أي معلومات حول القنصلية الإيرانية الجديدة، موقعها وهل تمّ افتتاحها بالفعل.

وقالت مصادر محلية متطابقة في حلب ل”المدن”، إن “مبنى القنصلية الإيرانية يقع على أطراف حي الزبدية القريب من حي الإذاعة وجامع المشهد (النقطة) وسط المدينة، وتقع القنصلية بالقرب من مغسل سيارات مشهور في الحي، وقد بدأت عمليات بنائها منذ بداية العام 2021، وهذه المنطقة كانت تحت سيطرة المعارضة السورية في الفترة بين عامي 2012 و2016”.

ويعود الحديث عن افتتاح قنصلية إيرانية في حلب للعام 2018، أي بعد عام واحد من سيطرة النظام على كامل الأحياء الشرقية في حلب وخروج المعارضة منها، وكان ذلك خلال زيارة وفد اقتصادي إيراني لحلب برئاسة حسن دنائي مستشار النائب الاول لرئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية، ورئيس لجنة تنمية العلاقات الاقتصادية الايرانية مع سوريا.

والتقى المستشار الإيراني حينها برئيس غرفة تجارة حلب محمد مجد الدين الذي طالب بإيجاد آلية تعاون تتيح للبلدين إمكانية تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية وتحديد رؤى تكاملية تعزز تواجد الجمهورية الإسلامية في الأسواق والاستفادة من الإمكانات المتوفرة في مجال صناعة الألبسة الداخلية والخارجية وللمشاركة بإعادة الإعمار، وخلال اللقاء علق عضو مجلس إدارة غرفة تجارة حلب سامي حلاق على أهمية افتتاح قنصلية إيرانية في حلب والتي سيكون لها دور في تعزيز التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية.

ويرى وزير المالية والاقتصاد في الحكومة المؤقتة عبد الحكيم المصري أن “افتتاح قنصلية إيرانية في حلب يعني بالضرورة بأن المدينة أصبحت تضم جالية إيرانية كبيرة، والجالية المفترضة عملت إيران على خلقها بجهد متواصل منذ تدخلها العسكري المباشر وعبر المليشيات إلى جانب النظام في حربه على الثورة السورية”.

وأضاف المصري ل”المدن”، أنه “بالإمكان القول إن القنصلية الإيرانية ومجتمع الجالية الذي سيستفيد من خدماتها، يضم مجموعة المليشيات المحلية والأجنبية التي تبنت المشروع الإيراني وعملت على توسيع نفوذها وسلطتها في المجتمع المحلي في النواحي الاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية بإشراف مباشر من الحرس الثوري وعلى مدى عشر سنوات تقريباً، ويحمل الكثير من هؤلاء جنسية مزدوجة سورية وإيرانية في آن معاً”.

وأشار إلى أن “افتتاح قنصلية إيرانية سيسهل على التجار الإيرانيين وغيرهم من حاملي جنسيتها والمقربين منها التغلغل في البنية الاقتصادية الحلبية باعتبارها العاصمة الاقتصادية لسوريا، كما سيختصر الكثير من الجهد والوقت من ناحية استصدار الوثائق والأوراق الرسمية وغيرها من المعاملات الروتينية الضرورية، بالإضافة إلى كون حلب صاحبة الثقل السكاني الكبير الذي يشكل سوقاً لتصريف البضائع الإيرانية، وكونها بعيدة عن الاستهداف الإسرائيلي، لذلك أصبح من المهم بالنسبة لإيران أن تضفي على وجودها في الشمال السوري الطابع الرسمي”.

من جهته، يقول الباحث في العلوم السياسية محمد بقاعي ل”المدن”، إن “الاستراتيجية الإيرانية في سوريا قائمة على عدة عناصر، أهمها اختراق المدن الرئيسية والعمل على اختراق البنى المجتمعية ونسج علاقات مع جزء منها، وهذه الاستراتيجية لمسناها في دمشق وحلب ودير الزور”.

ويضيف البقاعي أن “الحرس الثوري كان هو الذراع الأساسية لإيران في حلب لأن المقاربة كانت عسكرية وأمنية خلال السنوات الماضية، أما اليوم فالوضع اختلف، وأعتقد أن الإعلان الأخير حول افتتاح قنصلية في حلب يوضح بأن هناك عناصر جديدة في الاستراتيجية الإيرانية التي باتت تدرك بأن هناك توجهاً عاماً لإخراجها من سوريا لذلك بدأت تسعى إلى تثبيت وجودها من خلال استبدال الأدوات أو على الأقل خلق دوائر رسمية تدير من خلالها مجموعة المصالح”.

وتابع: “أعتقد أن القنصلية الإيرانية في حلب ستتحول إلى شيء شبيه بالمركز الثقافي الإيراني في دير الزور وفي دمشق، ومن خلالها سيجري نسج علاقات أوسع وأكثر ثباتاً مع البنى الاقتصادية المحلية، بالإضافة لإدارة الأنشطة والسياسات الثقافية والدينية التي تعول عليها كثيراً لإنشاء مجتمع من الرعايا والحواضن الاجتماعية المعمرة في المدن السورية الكبيرة”.

المدن

——————————

رامي مخلوف «يبشر» السوريين بـ«معجزة الحل الشامل»

بث رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، فيديو على صفحته في «فيسبوك»، حمل عنوان «بشرى للسوريين»، قال فيه إن «الحل الشامل سيكون في الأشهر المقبلة، وسيكون معجزة لأن جميع السوريين سيوافقون عليه».

ورفض مخلوف إعطاء تفاصيل، قائلاً: «المهم اليوم إبلاغ السوريين بهذه الرسالة. الحل سيكون معجزة. كيف؟ وما الأسلوب؟ هذا أمر أحتفظ به لنفسي». وأشار إلى أن السوريين يعيشون «أشهر انتهاء الأزمة. وأتمنى أن يكون هذا الحل حقيقياً وأن يكون نهاية لمعاناة السوريين».

وتجنب مخلوف الحديث عن ابن خاله الرئيس الأسد أو «أثرياء الحرب» الذين كانوا محط انتقاداته السابقة.

على صعيد آخر، اعتبر الرئيس الإيراني، حسن روحاني، مشروع وصل شبكة السكك الحديدية بين مدينتي شلمجه في إيران والبصرة في العراق «مهما للغاية»، وسيربط البلدين بسوريا ومنطقة البحر المتوسط.

جاء كلام روحاني في كلمة له خلال مراسم أقيمت أمس عبر تقنية «الفيديو كونفرنس» لافتتاح المشاريع الوطنية. وأكد أن «ربط شبكة سكك الحديد بين إيران والعراق وسوريا سيوفر الأساس أمام ربط إيران بالبحر المتوسط، الذي يحظى ببالغ الأهمية». وقال إن الحكومة تتابع هذا المشروع على «الصعيدين السياسي والعملياتي، على أن يكتمل في السنوات المقبلة».

وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أعلن، خلال زيارته إلى دمشق أول من أمس، افتتاح القنصلية العامة الإيرانية في مدينة حلب، بـ«موافقة الرئيس بشار الأسد، بهدف توسيع نطاق التعاون الاقتصادي والثقافي والتجاري بين البلدين».

———————–

======================

تحديث 18 أيار 2021

—————————–

المأتم الانتخابي السوري/ عبد الباسط سيدا

كثيرة هي الطرائف التي قيلت للتعليق على سياسات نظام حافظ الأسد وممارساته، وفي نقدها على المستويين الداخلي والإقليمي؛ وهذه ظاهرة عامة، شملت، وتشمل، جميع الأنظمة الدكتاتورية التي لا يمتلك فيها الناس حق التعبير الحر عن آرائهم، وأفكارهم المغايرة للتوجهات الرسمية للسلطة. ومن بين تلك الطرائف أن أحدهم توجّه مجبراً للإدلاء بصوته في واحدٍ من الاستفتاءات التي كانت تنظم “لتجديد البيعة للقائد الملهم”، ولكنه كان قد صمّم بينه وبين نفسه ألا يمنح صوته لصالح التدوير، فوضع الإشارة المطلوبة على الدائرة الرمادية ووضع الظرف في الصندوق؛ ثم خرج من المركز الانتخابي، ليتوجّه إلى منزله. وفي الطريق هاجمته الكوابيس: ماذا سيحصل لك إذا اكتشفوا أمرك؟ ما هو المصير الذي ينتظر أسرتك في هذه الحال؟ أي مستقبل ضمنته لأولادك بهذا التصرّف؟ … إلى آخر هذه الكوابيس والهواجس السوداوية؛ لذلك قرّر فجأة العودة إلى المركز، وتوجه إلى رئيسه مباشرة: أرجو عدم المؤاخذة، لم أفهم المطلوب. فربما كنت قد وضعت الإشارة على الدائرة الخطأ. هل في مقدوري تصحيح الخطأ؟ فأجابه رئيس المركز بكل عجرفة، وسلطوية: لقد صحّحنا نحن الخطأ، ولكن إياك أن ترتكب مثل هذه الأخطاء القاتلة ثانية.

لقد أسّس حافظ الأسد نظاماً دكتاتورياً شمولياً، واعتمد في ذلك على الجيش والأجهزة الأمنية وحزب البعث. ولكن الحلقة الأكثر أهمية كانت تتمثّل في الأجهزة الأمنية القمعية التي كانت تراقب كل شاردة وواردة في الجيش على وجه التحديد، والمجتمع السوري بصورة عامة، فقد كانت تتدخل في كل شيء، بدءاً من قبول الطلاب في كليات الجيش والشرطة، والبتّ في طلبات المتقدّمين إلى الوظائف بكل مستوياتها. هذا إلى جانب تقديم الاقتراحات بخصوص أسماء قيادات الفرق والشُعب والفروع الحزبية؛ وحتى أسماء أعضاء القيادة القُطرية، وأسماء الوزراء ورئيس الوزراء، ووضع قوائم أسماء أعضاء مجلس الشعب. وكانت عقيدة حافظ الأسد في الحكم تقوم على عدة مرتكزات، أهمها:

أولا، الاحتفاظ بواجهات الحكم، وعدم إجراء التغييرات فيها قدر الإمكان، وذلك لترسيخ مفهوم الاستقرار، وتكوين انطباعٍ كاذب لدى تلك الواجهات، ولدى الناس في الوقت ذاته، بأن هؤلاء يمتلكون القدرة على اتخاذ القرارات؛ في حين أن الجميع كان على علمٍ بأن كل القرارات، وعلى جميع المستويات، لا تصبح سارية المفعول، من دون الضوء الأخضر من حافظ الأسد نفسه.

ثانيا، الإصرار على تسويق القراءة السلطوية للأحداث والمواقف على مختلف المستويات، وتكرارها من دون كلل أو ملل عبر وسائل الإعلام، وفي الخطابات الرسمية، بغض النظر عن مدى مطابقتها الوقائع.

ثالثا، عدم إبداء المرونة أو الاستعداد للأخذ ببعض الإصلاحات بناء على مطالب الناس، ودعوات الإصلاح من القوى السياسية والمجتمعية، فهو كان يدرك أن النظام الشمولي يمهد الأرضية لانهياره بمجرّد أن سمح بتعديلاتٍ تتناقض مع طبيعته.

رابعا، اعتماد المظاهر الديمقراطية الشكلية في الحكم؛ والإيحاء بإشراك الأحزاب السياسية. وبالتناغم مع هذه التوجه، اعتمد نظام الإدارة المحلية. وسن التشريعات والقوانين الخاصة باختيار أعضاء مجالس البلدات والمدن والمحافظات. ولكن ذلك كله تحت إشراف وضبط صارمين من الأجهزة. كما أنه تمكّن من تدجين الأحزاب السياسية، الشيوعية منها والقومية العربية، بتدرجاتها المختلفة، وضمّها إلى “الجبهة الوطنية التقدّمية” التي شكلها بقيادة حزب البعث الذي حدّده قائداً للدولة والمجتمع، بموجب المادة الثامنة من دستوره، (دستور 1973) ليصبح هو “القائد الضرورة” الذي لا يستغنى عنه، باعتباره قائد الحزب القائد نفسه/ وقائد الجيش.

وكانت الاستفتاءات المتعاقبة التي جدّدت له باستمرار، بل كانت هناك أصوات تعلو وتطالب بضرورة “تجديد البيعة له إلى الأبد”، وهذا ما حصل في الواقع، لأنه ظل رئيساً مطلق الصلاحيات منذ انقلابه على رفاقه وأقرب المقرّبين إليه عام 1970، حتى يوم وفاته في صيف عام 2000. واللافت، الذي يدعو إلى التمعن، أن حافظ الأسد قد تمكن وهو في حياته من تحديد خليفته في النظام الجمهوري. وكان من الواضح أنه يعتمد في هذا المجال على واجهات حكمه التي ظلت تلازمه منذ بداياته، حتى وفاته، وهي الواجهات التي دينت بالفساد، ومارست التجاوزات، وأسهمت في إحباط فعاليات المجتمع المدني التي انطلقت بعد وصول بشار إلى الحكم، الذي وعد بالكثير في خطاب قسمه الشهير؛ ثم سرعان ما تبين أنه كان يلتزم سياسة “تمسكن حتى تتمكّن”.

واستمر الابن على نهج أبيه، سواء من جهة تنظيم الاستفتاءات الصورية، ومن جهة الاستهتار بالسوريين، وسدّ الأبواب أمام أي عملية إصلاحٍ، كان من شأنها التخفيف من الاحتقانات، والإسهام في حل مشكلات السوريين بالتدريج؛ ولكنه استخدم شعار الإصلاح نفسه لمجرد التعمية، والتضليل، حتى تمكّن من تثبيت نفسه، وأبعد الخصوم المنافسين، وكانت وسيلته في ذلك كله الأجهزة الأمنية، وامتداداتها في الجيش.

أما في انتخابات 2014 فيبدو أنه قد التزم بتوجيهات رعاته الروس والإيرانيين، وهم الخبراء في الانتخابات الشكلية، على الرغم من تعدّدية المرشّحين، فأتاح المجال لمرشّحين آخرين كان كل همهما إبداء دعمها قيادة بشار الأسد. وها هي اليوم المسرحية ذاتها تتكرّر اليوم، وبصورة أكثر ابتذالاً. وربما يوحي المشهد العام بما هو لصالح النظام في هذه الانتخابات، فهو يسيطر على مناطق أوسع من البلاد مقارنة بانتخابات عام 2014. كما أنه تحرّر، بمساعدة الروس، من عقدة هيئة الحكم الانتقالي؛ وهو اليوم يمارس لعبة التضليل بكل مقوماتها في إطار مفاوضات جنيف، عبر اللجنة الدستورية التي لم ولن تصل إلى شيء، إذا ما استمرّت المعطيات الحالية على وضعيتها. كما أن انفتاح دول عربية عليه يخفّف نسبياً من عزلته، وربما يساهم في تخفيف أزمته الاقتصادية؛ ولكن الموقف الغربي الأميركي، والأوروبي تحديداً، الرافض الانتخابات، وعدم الاعتراف بنتائجها؛ لأنها لا تجري وفق الأطر التي حددها قرار مجلس الأمن 2245. بل تأتي بصورة قصدية للالتفاف على هذا القرار، وهو النهج الذي اعتمده بتوجيه من الروس منذ البداية. ويؤكد هذا الموقف أن تعويم النظام وتدويره لن يكونا من باب تحصيل حاصل.

والأمر الذي أثار الانتباه أكثر من غيره ما أعلنه الرئيس الأميركي، جو بايدن، بخصوص ما يمثله النظام من خطورة على الشعب السوري، وعلى المنطقة، وعلى المصالح الاستراتيجية الأميركية نفسها. والسؤال هنا: هل يعد هذا الموقف خطوة أولى واضحة في موقف الإدارة الأميركية من النظام، ستتبعها خطواتٌ أخرى؟ أم أنها تأتي في سياق تبادل الرسائل مع الإيراني، ضمن المفاوضات الجارية حول الموضوع النووي؟

ولكن بالموازاة مع الموقف الغربي الملتزم بعدم التطبيع مع النظام الأسدي؛ يلاحظ وجود حركة إقليمية نشطة بين مختلف الأطراف. منها التواصل الأمني – السياسي التركي المصري، والتركي السعودي، والمباحثات الأمنية السعودية الإيرانية من جهة، والسعودية السورية من جهة ثانية، هذا إلى جانب تسريبات عن لقاءات بين مسؤولين إسرائيليين وممثلين عن النظام برعاية روسية. ولكن كل هذه التحرّكات تظل في خانة ترتيب الأوراق، وجمع النقاط، انتظاراً لتبلور معالم الموقف الأميركي الذي سيؤثر، بطبيعة الحال، في الموقف الأوروبي، ولن يكون بعيداً عن التفاهمات مع الجانب الإسرائيلي، خصوصا بعد تفجر الأوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة.

وفي انتظار هذا التبلور، لا بد أن يسعى السوريون من أجل إعداد البديل المقنع للسوريين أولاً، ومن ثم للقوى الدولية والإقليمية. بديل يتوجه إلى جميع السوريين من دون أي استثناء؛ وبخطاب وطني جامع، يقطع بصورة جازمة، نهائية، مع خطاب الكراهية والأحقاد و”الثارات”، سواء المذهبية – الطائفية منها أم القوموية. خطاب يطمئن جميع السوريين، ويركز على القواسم المشتركة؛ ويشدّد على ضرورة احترام الخصوصيات والحقوق، وعلى الدولة المدنية الديمقراطية التعدّدية المحايدة دينياً وقومياً وأيديولوجيا. وفي مقدمة المهام التي تنتظر هذا البديل مهمة ترميم النسيج المجتمعي الوطني السوري الذي فتك به النظام ورعاته. وكذلك مهمة تأكيد دور سورية المفتاحي على صعيد التواصل والتفاهم بين مختلف القوى الإقليمية والدولية؛ والتعاون معها من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وتوفير المقدّمات الفعلية لنهوض تنموي يوفر فرص التعليم والعمل للشباب، ويضمن مستقبلاً واعداً لأجيالنا المقبلة.

العربي الجديد

———————–

طرق عربية إلى قلب سورية عبر الأسد/ غازي دحمان

تتواتر أخبار عن اتصالات تجريها دول عربية مع النظام السوري، عبر أقنية سرّية، أو من خلال أطراف ثالثة، وثمّة ترويج أنّ هذه التطورات ستغير المعادلة الراهنة في الصراع السوري. وتبعاً لذلك، ستتغير أوزان اللاعبين، إذ سيقضم الحضور العربي في سورية من أسهم إيران، ويدفع نفوذها إلى التراجع، بما يكفي للحفاظ على هوية سورية وعروبتها.

يتلبس الاندفاع العربي باتجاه احتضان نظام الأسد ثوب العقلانية التي تقول، في الحالة السورية، إنّ الأسد نجا من السقوط، وإنّ إمكانية إسقاطه بالثورة باتت مستحيلة، لأنّ روسيا وإيران اللتين استثمرتا في الحرب السورية إمكانات خيالية بات الحفاظ على الأسد يوازي الحفاظ على موسكو وطهران بالنسبة لهما. كما أنّ الطرف المقابل، المفترض أنّه خصم للأسد، الغرب بقيادة أميركا، ليس جادّاً في خصومته إلى درجةٍ تدفعه إلى الانخراط في مواجهةٍ مع روسيا وإيران من أجل إزاحة الأسد. بالإضافة إلى أنّ المعارضة المسلحة التي كانت تشكّل الأداة الممكنة لإسقاط الأسد انكسرت ويصعب تجبيرها، بعدما تم تدمير حواملها وحواضنها الاجتماعية، وقد يحتاج الأمر عقوداً حتى تستطيع هذه البيئة لملمة نفسها، والإفاقة من الضربة التي وجهها الأسد وحلفاؤه بتخطيط ودراسة عميقين.

وتستكمل السردية العقلانية العربية، في سعيها للوصول إلى خلاصات مقنعة، أنّنا انهزمنا في المعركة مع إيران، وليس الآن وقت البحث عن إجاباتٍ لأسئلة من نوع لماذا انهزمنا، بل الأهم كيف نخفّف وقع هذه الهزيمة، ونوقف تداعياتها الكارثية، ولا نجعل إيران تسعد بنصرها، من خلال إبعاد العرب من سورية وإلى الأبد. ويذهب العقل الاستراتيجي العربي إلى رؤية ضوء في آخر نفق هذا الواقع المظلم، يتمثل بطريقين، يمكن من خلالهما الوصول إلى حلّ للمعضلة الاستراتيجية التي باتوا يواجهونها في مواجهة إيران:

الأول: كسب روسيا في صفهم، ما دامت أميركا مفارقة. وكسب روسيا لن يكلف عُشر ما تطالب به أميركا، لكنّ الفارق أنّ روسيا منخرطة على الأرض، وهي مستجدّة في لعبة المكاسب، ولم تصل بعد إلى مرحلة التشبّع التي جعلت الأميركيين يطلبون أثماناً باهظة جداً من أجل خدماتٍ قليلة، بمعنى أنّ خدماتهم، مهما كانت جودتها، أصبحت تساوي أثماناً مرتفعة جداً. أما المقابل الذي يقدمه العرب فيبقى متدنياً بالقياس مع المقدّم من أميركا.

وقد ساهمت طريقة تقديم روسيا نفسها للعرب، عبر جولات وزير الخارجية سيرغي لافروف العربية، بتدعيم الطموح العربي بإمكانية استيعاب الطموح الروسي، بل توظيفه في لعبة التوازن الإقليمي والدولي، ذلك أنّ روسيا كانت مستعدّة لمناقشة أيّ فكرة مع الطرف العربي، باستثناء إزاحة بشار الأسد عن السلطة. أما بخصوص التقليل من التأثير الإيراني في سورية، فكانت روسيا ترّدد على مسامع العرب: انزلوا إلى الساحة السورية، إن أردتم تحقيق ذلك.

من هنا تأتي العتبة الأولى للطريق الثاني الذي ينطلق من أنّ استيعاب الأسد وإبعاده عن إيران يمرّ حتماً بمنعطف إعادة العلاقة معه واحتضانه. وما دامت المداخل الإيرانية إلى النفوذ على الأسد تمر عبر مدّه بالمساعدات اللازمة لإبقائه واقفاً على قدميه، فهذه أمرها سهل ومتوفرة. وعلى هذه الشاكلة فالمعادلة ليست معقّدة بدرجة كبيرة، ويمكن للعرب أن يعوّضوا ما خسروه في الحرب ضد إيران، بالانفتاح على نظام الأسد.

ليس من الصعب تصور مجريات أحاديث رجل الاستخبارات السوري الأول، علي مملوك، مع زواره أو مستقبليه العرب، وهو بالمناسبة يمكن وصفه “لورنس الأسد” تشبيها بـ”لورنس العرب” الذي سحر قلوبهم في بداية القرن الماضي، فمملوك، أو أبو أيهم، كما يحب أن يناديه ضيوفه أو مستقبلوه من العرب، لرفع حاجز التكلفة، يبدأ أحاديثه مع هؤلاء بالتشديد على عروبة القيادة وتوجهاتها، وقناعتها أنّ العرب هم حاضنتها وهي سندهم، وهم (العرب) أصحاب الدار والأرض في سورية، لكن ماذا نفعل إذا كانت إيران هي من تقدّم لنا النفط والخبز والدعم؟

وأبو أيهم ثعلب مثل لافروف، يسهّل الأمور على “الخصم” المحاور” بدرجةٍ كبيرة، إلى درجةٍ يجعله يعتقد بعدم وجود مشكلة أصلاً، وأنّ المشكلة الحاصلة سهلة الحلّ، لكنّ “الخصم” المحاور لم ينتبه لذلك، نحن أيضاً لا نريد لإيران أن تتغلغل إلى هذه الدرجة في سورية، ولا أن تعبث بهويتها وديموغرافيتها، نعرف ما تعرفونه وأكثر في هذا الخصوص، لكن ماذا نفعل إذا كنا واقعين في مواجهة خيارين أحلاهما مرّ؛ فناء الدولة السورية وضياع وحدة أراضيها، أو تقديم تنازلاتٍ صغيرة لإيران من الممكن إصلاحها بعد زوال الخطر؟ وهنا سيسأل أبو أيهم: هل كنا سنعارض طلبكم للمساعدة الأميركية لو واجهتم الظروف نفسها؟ ألم نذهب لنجدة الكويت عندما تعرّضت لخطر الفناء؟

لكن، لا كلام علي مملوك، ولا دبلوماسية لافروف المبالغ فيها، يغيران من حقيقة أنّ طرق العرب إلى قلب دمشق لن تمرّ عبر الأسد، بل على العكس من ذلك، لن ينتصر العرب، هذا إن كانوا فعلاً يعتبرون أنفسهم في حربٍ مع إيران لإنقاذ هوية سورية، إلاّ بإسقاط الأسد، لأنّه طالما بقي في سورية فإنّ النفوذ الإيراني سيواصل ازدهاره وتطوّره، والأسد لا يريد من العرب غير أموالهم، ولن يأمن لهم في أيّ يوم، وإن أشعلوا أصابعهم شموعاً له.

العربي الجديد

———————-

الأسد والمتاجرة بالقضية الفلسطينية/ عبسي سميسم

لطالما اتسمت مواقف النظام السوري مما يجري في فلسطين المحتلة بالتناقض والمخاتلة والمتاجرة بالقضية الفلسطينية.

اكتسب نظام الأسد، الأب والابن، الجزء الأكبر من شرعيته أمام الجمهور السوري والعربي من خلال رفع شعارات الدفاع عن القضية، وشعارات المقاومة والصمود والتصدي بدون تنفيذ أي منها. بل على العكس قام خلال العقود الماضية بمنع كل أشكال المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، عبر الأراضي السورية. ووقّع النظام مع المحتل اتفاقاً تكفل من خلاله بحماية حدود إسرائيل من أية عمليات مقاومة.

ففي غمرة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أيام، استغلت وسائل إعلام النظام السوري الحدث للتغني بصمود الشعب الفلسطيني، وبانجازات المقاومة الفلسطينية، لكن من دون أي ذكر لحركة حماس أو أي من الفصائل التي تقود المقاومة ضد الاحتلال، وإنما اكتفت بكلام عام، واستعادة للشعارات التي يرفعها النظام نصرة لفلسطين بدون أي موقف فعلي. ولا يمكن إغفال أن النظام نفسه الذي يتغنّى بإنجازات المقاومة سبق أن دفع بقيادة حركة “حماس” إلى مغادرة الأراضي السورية في بداية الثورة السورية، إثر ضغوط عليها للاصطفاف إلى جانبه ضد الثورة.

وخلال أحداث الثورة السورية منذ عشر سنوات، عمل النظام على التنكيل بالفلسطينيين في سورية، ودمّر، بدون مبررات عسكرية، أكبر تجمعاتهم المتمثلة في مخيم اليرموك، بحجة محاربة تنظيم داعش، وأطبق عليهم حصاراً عبر منع الطعام عنهم ما تسبب في موت عدد منهم جوعاً. كما وضع الشباب الفلسطيني في سورية أمام أحد خيارين، إما محاربة المعارضة السورية أو الاتهام بالخيانة والاعتقال، ما دفع أكثر من نصف عدد الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في سورية إلى مغادرتها، فيما يعيش المتبقون ظروفاً سيئة بعد تدمير مخيماتهم في جنوب دمشق وغربها وفي محافظة درعا جنوب سورية.

طعن النظام القضية الفلسطينية في أكثر من مناسبة خلال العقود الماضية، التي ارتكب خلالها مجازر بحق فصائل المقاومة الفلسطينية، وأنشأ فرعاً أمنياً خاصاً تحت اسم فرع فلسطين مهمته اعتقال كل من ينتسب لفصيل مقاوم لإسرائيل من السوريين والفلسطينيين أو أية جنسيات أخرى.

والآن بينما تشهد الحدود مع لبنان والأردن تحركات شعبية لنصرة القدس وغزة، لم يسمح النظام بمثل هذه التظاهرات، بل لم تشهد جميع مناطق سيطرته تظاهرة واحدة للتضامن مع ما يجري في فلسطين.

————————–

منافس للأسد: “أنا وطني” والمعارضة الخارجية “عميلة”/ جلال بكور

أطلق محمود مرعي، المرشح “المنافس” لرئيس النظام السوري بشار الأسد، في الانتخابات الرئاسية التي يعتزم النظام إجراءها الشهر الجاري، على نفسه “المعارض الوطني”، واصفا المعارضة السورية بـ”العميلة”، مؤكدا دعمه لقوات النظام السوري، حيث يرى أنها الجهة الوحيدة المخولة بحمل السلاح في البلاد.

وقال المرشح لانتخابات رئاسة النظام، في لقاء صحافي مع “الوطن” الموالية للنظام، إنه “فوجئ بتمكّنه من الحصول على التأييد اللازم لقبول ترشحه للانتخابات الرئاسية”، وهذا ما رآه “تغييرا في الموقف السياسي لمجلس الشعب”.

وزعم مرعي أن “الجبهة الديمقراطية السورية المعارضة التي يترشح باسمها اليوم، هي معارضة وطنية شريفة لم ترتبط بأجندات إقليمية ودولية، بل عملت من أجل سورية والشعب السوري، وليس كما فعلت المعارضة الخارجية التي ارتبطت ونفّذت أجندات خارجية أميركية وتركية وقطرية وسعودية وصهيونية مع الأسف”.

ويتناقض حديث مرعي، المعروف بارتباطه الوثيق بفرع الأمن العسكري التابع للنظام، مع الواقع لناحية تزكيته من قبل 35 نائبا في مجلس الشعب إذ قال: “ليس لدي أي نائب داخل المجلس، كذلك الجبهة الديمقراطية السورية المعارضة التي أترشح عنها ليس لديها أي نائب في مجلس الشعب، وتقدمت بطلب الترشح للانتخابات الرئاسية ولم أكن أتوقع أن أنال القبول والتأييد من قبل 35 نائباً داخل البرلمان، لا سيما أنه تقدم 51 طلب ترشح، واعتقدت أنه من الممكن لمجلس الشعب أن يعطي أشخاصاً آخرين الثقة، لكنني فوجئت بتمكنني من الحصول على التأييد اللازم لقبول ترشحي للانتخابات الرئاسية، ووجدت أن ما جرى تغيير في الموقف السياسي لمجلس الشعب”.

وتؤكد تصريحات مرعي استحالة اتفاق 35 نائبا على ترشيحه من بين 51 مرشحا، بحكم الصدفة التي فوجئ بها، من دون أن يكون لديه أي نائب في البرلمان، في حين أنه من المعروف أن معظم تحركات وقرارات مجلس الشعب تتم بتوجيهات أمنية.

وتابع مرعي: إن “الجبهة الديمقراطية السورية المعارضة”، التي يترشح عنها “تضم هيئة العمل الوطني الديمقراطي، والتي تضم ناصريين وبعثيين ويساريين وإسلاميين متنورين وتضم ليبراليين وشخصيات مستقلة، إضافة إلى حزبين مرخصين وأحزاب قيد الترخيص وشخصيات وطنية. إذاً هذه الجبهة جزء مهم من نسيج المعارضة الوطنية السورية، ولي اتصالات مع المعارضة الوطنية الخارجية التي لم ترتبط بأجندات إقليمية ودولية والاستخبارات الدولية”.

وعن المعارضة الخارجية للنظام السوري، قال “برأيي المعارضة الخارجية السورية بدت أسوأ من المعارضة العراقية التي جاءت على ظهر الدبابات الأميركية ووافقت على دستور بريمير، ونحن لدينا معارضات تعمل تحت العلم التركي وعلم الانتداب وأيّدت احتلال عفرين وأيّدت احتلال تل أبيض ورأس العين، وهناك من يساعد الأميركي على سرقة الثروات السورية، وهناك من زار العدو الصهيوني”.

وأضاف “الجبهة الديمقراطية السورية المعارضة بمن تضم، هي معارضة وطنية شريفة لم ترتبط بأجندات إقليمية ودولية، بل عملت من أجل سورية والشعب السوري، وليس كما فعلت المعارضة الخارجية التي ارتبطت ونفذت أجندات خارجية أميركية وتركية وقطرية وسعودية وصهيونية مع الأسف”.

وعن الذين اعترضوا على ترشّحه من المعارضة الداخلية، قال مرعي إن ما يجري من قبل هؤلاء هو “ولدنة وصبينة سياسية، وليس لديهم أي عمق سياسي، ولا تجربة سياسية.. وأدعوهم إلى التوحد وتشكيل معارضة وطنية وحقيقية ووازنة، كي نتمكن من سحب البساط من تحت أرجل المعارضة المرتبطة بالأجندات الخارجية والاستخبارات”.

وعن قوات النظام السوري، قال مرعي إنه يدعم “مؤسسة الجيش، وهذه المؤسسة هي الجهة الوحيدة المخوّلة بحمل السلاح، وأنا ضد وجود مليشيات تحمل السلاح هنا وهناك، لأن السلاح ينبغي أن يتركز بيد الجيش العربي السوري..”.

ويرى مرعي أن حلفاء النظام السوري “هم أصدقاء حقيقيون لسورية، ومنهم روسيا وإيران والصين وجنوب أفريقيا والهند ودول البريكس.. إيران قدّمت النفط والحبوب، وروسيا كذلك قدّمت الكثير وساهمت في أن تكون سورية موحدة وأن تسيطر على مزيد من الجغرافيا، فهؤلاء الحلفاء قدّموا المال وقدّموا الدم ولديهم شهداء على أرض سورية…”.

وكان مرعي قد أطلق، أمس، حملته الانتخابية، بعد يوم من إطلاق رئيس النظام بشار الأسد حملته الانتخابية على منصات التواصل الاجتماعي، والتي من المفترض أن تستمر حتى 24 مايو/أيار الجاري، قبل يومين من موعد إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة من جانب النظام.

————————–

ما قصة العفو عن معتقلين بموجب “قانون الجرائم الإلكترونية” في سوريا؟/ فراس حمية

أفرج نظام الأسد خلال الأيام الأخيرة عن أكثر من 400 من المعتقلين الذين يعملون في قطاع الخدمات المدنية، وكذلك أفرج عن عدد من القضاة والمحامين والصحفيين وضباط شرطة ومفتشي جمارك وطلاب جامعيون ورجال أعمال ونشطاء حقوقيون ممن عبروا عن آراء تتعارض مع السردية الشائعة أو الرسمية للنظام وكان هذا السبب الأساسي وراء اعتقالهم في بداية الأمر بموجب “قانون الجرائم الإلكترونية”. 

وكان المفرج عنهم من بين آلاف أطلق سراحهم هذا الشهر بموجب عفو عام عن مضاربين في العملة وتجار مخدرات ومهربين وخاطفين وأصحاب ملفات جرمية وجنائية أخرى. إلا أن الأمر اللافت في أن معظم  نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي المفرج عنهم يعدون من مؤيدي موقف النظام ضد ثورة عام 2011.

وعن العفو الأخير قالت جماعات حقوقية، مثل منظمة العفو الدولية، بأن العفو استثنى عشرات الآلاف من معارضي الأسد والمعتقلين السياسيين المحتجزين لسنوات دون محاكمة، ويعتقد أن العديد منهم لقوا حتفهم، بحسب ما أفاد تقرير لوكالة رويترز. ورأى نشطاء حقوقيون وكذلك معتقلون سابقون بأنها خطوة تهدف إلى كسب الرأي العام قبل الانتخابات الرئاسية المتوقع حصولها في 26 آيار/مايو 2021، حيث من المتوقع حصول بشار الأسد على ولاية رابعة في ظل عدم وجود أي بوادر لانتخابات شفافة ونزيهة أو منافسة حقيقية مع المرشحين الآخرين.

ضمن هذا السياق، قالت الباحثة السورية في منظمة هيومن رايتس ووتش، سارة كيالي “التوقيت للإفراج عن المعتقلين والمصادف قبل الانتخابات الرئاسية يهدف إلى خلق مظاهر زائفة عن وجود شكل من أشكال المعارضة لجعل الانتخابات تبدو ذات مصداقية”. وأشارت منظمة العفو الدولية إلى ملاحظة زيادة في الاعتقالات بسبب أنشطة بعض المعارضين في الأشهر الأخيرة، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي بموجب قانون الجرائم الإلكترونية، وذلك لإسكات السخط العام الذي أحدثته الأزمة الاقتصادية في سوريا المنهارة اقتصاديًا بفعل الحرب والعقوبات وما خلفه فيروس كورونا من أعباء إضافية. ليبقى الانتقاد العلني غير مقبول لدى نظام الأسد، الأمر الذي يفسر لجوء النظام إلى اعتقال من هم أساسًا موالون له، بمجرد تعليقهم على الأوضاع الاقتصادية وما آلت إليه الحال المعيشية في سوريا.

كما أشار تقرير لموقع ميدل إيست أفيرز أن أي أحد من المعتقلين المفرج عنهم لم ينتقد رئيس النظام السوري بشار الأسد، لكن اعتقال معظمهم تم من قبل قوات الأمن بسبب منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تتراوح من “إعجاب” في تعليق على منصة فيسبوك تندد بالمصاعب المعيشية المتزايدة وتنتقد الحكومة، وصولًا إلى تصريحات تدين الفساد.

ومن أمثلة ذلك، اعتقال الصحفية السورية هالة الجرف في دمشق على حاجز أمني  يوم 23 كانون الثاني/يناير 2021، وذلك بسبب منشور على فيسبوك وصف بكونه تجاوزًا للخطوط الحمراء بعد تطرقها للأوضاع المعيشية التي يمر بها المواطنون السوريون في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام وانتقادها للفساد المستشري في الدولة، مما يؤشر على انعدام حرية التعبير في البلاد بحسب ما جاء في بيان الشبكة السورية لحقوق الإنسان حيث أن التهمة المنسوبة لها هي “توهين نفسية الأمة”. وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد قدرت أن هناك قرابة 150 ألف سجين رأي ومخفي قسريًا على أيدي قوات النظام بحسب ما نقل موقع وورلد فيو. وتجدر الإشارة إلى أن هالة الجرف من بين المفرج عنهم حاليًا، ما يعني مكوثها في السجن لأكثر من 3 أشهر بحسب ما أشارت وكالة رويترز.

 الترا صوت

 —————————————

محمود مرعي.. دُرّة “العرس الديموقراطي” السوري!

ظهر المرشح للانتخابات الرئاسية في سوريا محمود مرعي في عدد من اللقاءات الإعلامية المتزامنة من أجل إطلاق حملته الانتخابية التي رفعت شعار “معاً للإفراج عن معتقلي الرأي” اعتبره سوريون كثر في مواقع التواصل الاجتماعي إهانة لقضية المعتقلين والمختفين قسرياً، باعتبارها واحدة من أكثر القضايا المؤلمة ضمن الحدث السوري.

وأجرى مرعي (64 عاماً) مرشح “الجبهة الديموقراطية السورية” التي تعرف عن نفسها بأنها من “معارضة الداخل”، لقاءات مع التلفزيون الرسمي وصحيفة “الوطن” شبه الرسمية ووكالة “سبوتنيك” الروسية الحليفة، لم تختلف فيها الأسئلة ولا الإجابات، بل بدا المشهد ككل مسرحياً إلى حد كبير، في استكمال لما بدأ قبل أسابيع عندما وصل عدد المرشحين للانتخابات الرئاسية إلى 51 شخصاً قدموا طلبات ترشيح إلى مجلس الشعب، وتميزوا جميعاً بالدرجة نفسها من الطروحات السياسية الهزلية التي تحيي قائد النظام بشار الأسد أو تتحدث عن الديموقراطية في “سوريا الأسد” أو روجوا لأنفسهم كشخصيات “وطنية” عبر نشر صورهم مع “القيادة الحكيمة”.

وتابع مرعي في تصريحاته، مهمة التقليل من شأن المعارضة عموماً، بما في ذلك سؤال وجه له حول إمكانية وجود شخصيات معارضة من الأساس قادرة على تقلد مناصب حكومية في حال فوزه بالانتخابات، وهو ما جاوب عنه بالنفي الضمني، لعدم وجود حياة سياسية منفتحة في سوريا، ما أفرز ارتهان المعارضة ككل للقوى الأجنبية!

ويُنظر إلى مرعي، والمرشح الآخر عبد الله سلوم عبد الله، بأنهما مجرد كومبارس في مسرحية النظام لتقديم صورة مشرقة عن البلاد بوصفها واحة للديموقراطية، وكإشارة إلى أن دمشق تجاوزت مرحلة الحرب وانتصرت على المؤامرة الكونية، علماً أن الاستحقاق الرئاسي المقرر في 26 أيار/مايو محسوم سلفاً لصالح الأسد، حسبما تقول منظمات حقوقية وناشطون سوريون.

وبخصوص مرعي تحديداً، أعيد تدوير صور جنسية فاضحة له بالتزامن مع إعلان ترشيحه قبل أسابيع. وتعود الصور للعام 2016 خلال مشاركات مرعي في مؤتمر جنيف حينها ضمن ما سمي “مجموعة حميميم”. وتم استخدام الصور نفسها من قبل موالي النظام مؤخراً من أجل تشويه صورة المعارضة عموماً من جهة وتقديم استهزاء إضافي يصل إلى حد الإذلال بحق الشخصيات التي “تجرأت” على منافسة الأسد في الانتخابات بدل تقديم فروض الطاعة له، من جهة ثانية.

وسط هذه الأجواء، يصبح شعار تحرير المعتقلين احتقاراً من طرف النظام نفسه لقضية المعتقلين وكل من يطالب بها، عبر تصديرها على لسان هذه النوعية من الشخصيات الكاراكوزية، لا أكثر.

تزامن ذلك مع إطلاق واسع لحملة الأسد الانتخابية رسمياً في مواقع التواصل، وحملت عنوان “الأمل بالعمل” مع تخصيص موقع إلكتروني وصفحة في “فايسبوك” لها، تنشر صور الأسد في مكتبه مع الحديث عن أن المرحلة المقبلة في سوريا ستكون مخصصة للنهضة الاقتصادية عبر العمل الجاد بعد انتهاء الحرب.

وهنا، بدأت المشاهد التي اعتادها السوريون في كل انتخابات تجري في البلاد منذ عقود، بالبروز بشكل مقاطع فيديو وصور، لموالي النظام وهو يقيمون حلقات الدبكة أو يتجمعون من أجل التعبير عن “الوفاء للأسد” و”الاحتفال بالعرس الديموقراطي”، وهي مشاهد كانت غائبة إلى حد كبير في الأسابيع الماضية.

المدن

—————————-

وفد أميركي رفيع المستوى يزور مناطق “الإدارة الذاتية” شرقيّ سورية/ محمد الأحمد

قالت وزارة الخارجية الأميركية، يوم الاثنين، إنّ القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية جوي هود، برفقة كل من نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية والممثل الخاص بالنيابة لسورية إيمي كترونا، ونائب المبعوث الخاص لسورية ديفيد براونشتاين، ومدير مجلس الأمن القومي للعراق وسورية في البيت الأبيض، زهرة بيل، أجروا زيارة يوم الأحد لمناطق “الإدارة الذاتية” شمال شرقيّ سورية.

وأكدت الخارجية أنّ الهدف من زيارة الوفد، إجراء اجتماعات مع كبار المسؤولين في “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، و”مجلس سورية الديمقراطية” (مسد) وكبار أعضاء المجلس، وزعماء العشائر في الرقة ونظرائهم العسكريين من “قسد” والجهات الفاعلة الإنسانية.

وشدد القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية على التزام الولايات المتحدة التعاون والتنسيق في التحالف لهزيمة تنظيم “داعش”، واستمرار الاستقرار في شمال شرق سورية، وإيصال المساعدات إلى المناطق المحررة من سيطرة “داعش” لضمان الهزيمة الدائمة للتنظيم.

وأضاف جوي هود في زياراته أنّ الولايات المتحدة الأميركية “ملتزمة دعم جميع الجهود الرامية إلى حل سياسي للصراع السوري”. وأكد أنّ الولايات المتحدة ستواصل ريادتها في الاستجابة الإنسانية السورية، بينما تعمل مع الدول ذات التفكير المماثل لضمان إعادة تفويض المساعدة عبر الحدود إلى سورية.

من جهته، قال محمود حبيب، الناطق الرسمي باسم “لواء الشمال الديمقراطي” التابع لـ “قسد” إنه ضمن سياسة الدعم الأميركي لشرقيّ الفرات وتتابع الزيارات لهذا الغرض، وبعد فوز جو بايدن، “تأتي هذه الزيارة لوضع أسس تعاون حقيقي، ودعم متعدد الجوانب على مشارف الوصول لحل مستدام شرقيّ الفرات وسورية عموماً”. وأضاف حبيب لـ”العربي الجديد” أن الوفد سيلتقي مع قيادات المنطقة السياسية والعسكرية، ولفت إلى أنه لم ترشح حتى الآن أي تفاصيل عن اللقاءات.

وأوضح الناطق الرسمي لـ”لواء الشمال الديمقراطي” أنّ “الزيارة مكونة من شقين: أحدهما معلن، وهو الاطلاع على رؤية قيادات منطقة شرقيّ الفرات والبحث عن السبل للخروج من أزمات الوضع الراهن وتعقيداته، وكيفية تأمين دعم مستدامٍ وفاعل في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب، والقدرة على مواجهة أي عدوان على المنطقة، وكذلك دعم تجربة الإدارة في تأمين الوضع الداخلي، والأهم هو الدعم السياسي للإدارة وتلبية المتطلبات العسكرية لذلك، وهذه حالة مستمرة عبر إدخال المزيد من التجهيزات العسكرية”.

ولا يعتقد حبيب أنّ موضوع الحوار “الكردي-الكردي” سيكون خارج طاولة الحوار، و”لكن يتطلب بحث هذه القضية أو الوصول إلى تفاهم حولها أن يكون “المجلس الوطني الكردي” طرفاً في هذا الحوار والحل”، مضيفاً: “يجب ألا نهمل الدور التركي في تعطيل الوصول إلى حل”.

ورجّح حبيب أن الوفد “سيناقش قضايا كثيرة ومصيرية تتعلق بمستقبل المنطقة وتشجّع “الإدارة الذاتية” على أن تكون الممثل الحقيقي لها، وخصوصاً في الوقت الذي أصبحت فيه سورية قريبة من تغيرات جذرية وخطيرة سياسياً وعسكرياً”، وقد يكون هذا الشق غير المُعلن الذي أشار إليه حبيب.

———————

رسالة من سوري إلى فلسطيني/ عمر قدور

أما بعد…

اسمحْ لي بمخاطبتك كشقيق، لا كشقيق أيديولوجي في قومية أو دين، بل بموجب القرابة التي تجمع الضحايا، وبموجب القرابة التي تجمع جلاديهم في حالتنا. قد نتبادل المواقع أحياناً، فأنت أكبر مني باثنين وعشرين عاماً بمقياس الاحتلاليْن إذا اعتمدنا انقلاب الأسد، وأكبر مني بخمسة عشر عاماً إذا اعتمدنا للتأريخ انقلابَ البعث. نظرياً، أنا أكبر منك بذلك “الاستقلال” الشكلي القريب من عمر احتلال فلسطين، ولعلك منذ اتفاقيات أوسلو صرت تعرف معنى أن يكون الاستقلال شكلياً، وأن تكون السلطة “وطنيةً”!

ربما في أثناء هذه السطور ستقول لنفسك: كان يمكن تأجيل هذه الرسالة إلى وقت لاحق، تكون الظروف فيه أهدأ وأنسب. لكن، كما تعلم، في ذلك الوقت اللاحق سيكون الجميع قد ملّوا من سيرة فلسطين والفلسطينيين، ويريدون الانصراف إلى شؤونهم كما اعتادوا، بما في ذلك تزجية أوقات الفراغ بطريقة أخرى، وبمن فيهم أنت وأنا، أنت الذي تكون قد مللت الكلام وعاينت أثره، وأنا الذي سيخجل من إضافة كلام فات وقته، إذا كان له سابقاً من مبرر.

لا أقصد بالعبارة السابقة القول أن ما تراه الآن من تعاطف حارٍ مزيّف، ففي ظني أنه حقيقي بنسبة معتبرة منه. وهو حقيقي بقدر ما هو عابر أو مؤقت، فبعد قليل ينكفئ أصحابه وقد رأوه عاجزاً عن إيقاف آلة القتل الإسرائيلية، وما كان صادماً في البداية سيصبح اعتيادياً مع استمراره. ربما تكون قد تابعت العالم يعبّر عن صدمته عندما كان بشار يقتل عدداً قليلاً من السوريين يومياً، ثم صمت العالم بينما كانت أعداد القتلى ترتفع، وبينما كان الخبر السوري يتراجع في نشرات الأخبار. لنقل أن هذا من طبيعة الأمور، ولنقبلْ به كما هو مؤقتاً.

ثمة تنويه آخر: لا أود حشر معاناة السوريين إلى جانب معاناتك الآن، إلا بقدر ما تسعفني كي أوضح لك أنني أقدّر ما أنت فيه. فإذا كنتَ في غزة، أعرف جيداً ما يعنيه البقاء تحت القصف لمدة أسبوع، أعرف جيداً تكتيك الغارات المستمرة، الحقيقية والوهمية، وبفارق زمني محسوب بين الطائرات والصواريخ غايته إبقاء أعصابك مشدودة طوال الوقت. هناك ما هو مدروس جيداً وتطبقه القوات الإسرائيلية “كما كانت تفعل قوات الأسد”، فأنت ممنوع من الاسترخاء وممنوع من رفاهية النوم، وعليك البقاء لحظة بلحظة مع تلك القذائف والصواريخ التي لم يسقط أحدها عليك بعد.

تحت القصف، من حسن حظك ألا تكون متزوجاً ولديك طفل، فأنت في غنى عن الرعب الذي ستراه في عينيه، وفي غنى عن التعاطف الشخصي الذي قد تناله فيما لو قُتل وبقيت حياً. على أية حال، إذا نجوتَ فسيكون هناك من يتغنّى بصمودك، نيابة عنك ومن دون سؤالك عن رأيك، وقد ترى في ذلك لطفاً وتعويضاً عن مآسي الليالي المعتمة تحت القصف. ربما تكون قد عبرت البرزخ اللاإنساني من قبل، في هجوم إسرائيلي سابق، وعشت الترجمة التفصيلية لقطع الكهرباء والماء والاتصالات والأنترنت، وتبعاته لحظة بلحظة، بما يجعل النجاة “بطولة” لا يتمنى صاحبها تكرارها.

لكن هذه المعركة ستتوقف كما في كل مرة، من دون وعد بألا تُستأنف عند الحاجة. وإذا بقيتَ حياً كما آمل فسوف تشهد تلك الجدالات التي تعقب المعارك عادة، الذين يتقاسمون أهازيج المقاومة سينقسمون، منهم مَن سيتغنى بالنصر مشيحاً عن الخسائر الباهظة، ومنهم مَن سيتبرأ من المعركة محمَّلاً الطرف الأول خسائرها. سيعود أيضاً ذلك الجدال والاختلاف حول النضال السلمي والعسكري، ولا تُستبعد عودته بذاته تماماً، وبطريقة تدفعك حتماً إلى الكفر بأحدهما، وتدفعنا جميعاً إلى الكفر بالاثنين إذا لا بد منهما على هذه الشاكلة.

اسمحْ لي بهذا التشاؤم؛ ستنتصر إسرائيل في الجولة الحالية بقدرتها على التدمير، وبعدم استعدادها لتقديم تنازلات. علينا ألا ننسى كونها محمية بحلف واسع جداً، الجديد الظاهر فيه آخرُ المطبِّعين معها، ببذاءتهم وابتذالهم اللذين يذكّران بالصورة الشائعة عن محدثي النعمة. أما الممانعون فهم، كما تعلم، ينظرون إلى إسرائيل كقضية وجود، بمعنى أنهم باقون ما بقيت، ومهما بلغوا من السفاهة يبقى قائماً حرصُهم على عدم التفريط في هذا “العدو” الحميم. انظرْ جيداً إلى رهط المنتفعين من وجود إسرائيل، سترى معي “بعد ظهور فوائدها لهم” أنها لو لم توجد لاخترعوها.

لا تصدَّق مواقف الحكومات الأوروبية “المتقدمة تجاهك” في مجلس الأمن أو في بياناتها الإعلامية المنمقة، ففي العقل السياسي السائد أوروبياً ما يزال مقيماً ذلك الغيتو الملازم لعقدة الذنب تجاه اليهود من دون تغيير في أساسه، إنه يعمل هكذا: نضعك في الغيتو عندما نضطهدك، ثم نضعك في الغيتو الأكبر المسمى دولة يهودية بزعم حمايتك. تستطيع في العديد من المدن الأوروبية رؤية عساكر مدججين بالسلاح يحرسون منشآت يهودية، مدارس أو حضانات أو كنس أو أبنية سكنية، بذريعة التصدي للإرهاب وفي تمييز يُراد فهمه إيجابياً لكنه في العمق توريث للغيتو؛ لك أن تتخيل ذلك الطفل اليهودي الذي يعي العالم من وراء بندقية أو رشاش. هي آلة التوريث نفسها تشتغل بسعي اليمين الإسرائيلي إلى محاصرة الفلسطينيين في معازل ضمن أراضي1948، وإلى مسخ حل الدولتين بالغيتو الإسرائيلي الأكبر، وإلى جواره مجموعة متناثرة من الغيتوهات الفلسطينية الصغيرة. مع الإرث المستمر للغيتو، لا داعي لاستيراد تعبير نظام الفصل العنصري. تعلم أفضل مني أن ما يهم قوى عديدة في حل الدولتين تشريعه الكلام عن طرفين، فلا قوة احتلال ولا ضحية وجلاد. ما يهم هي المفاوضات، ولتستمر إلى ما لا نهاية، وليفرض فيها الأقوى مشيئته.

رغم كل ما سبق، ثمة أمل حقيقي، أمل لك ولاحقاً لفلسطيني القرن الحالي من السوريين. لندعْ جانباً تلك الشعارات عن بطولات المقهورين التي تهزم أعتى القوى بقوة الحق، ولندعْ جانباً تلك الشعارات التي تنادي بانتصار “تفاؤل الإرادة” على “تشاؤم العقل”. خارج العنتريات يميناً ويساراً، يثبت التعاطف الحالي مع القضية الفلسطينية أن تراكم المقاومة لا يذهب سدى، وربما كان أهم ما فيه مجيئه غير محمول بالضرورة على أيديولوجيا ما، فالتعاطف الأوروبي والغربي عموماً يأتي من أجيال لم تمارس أو تشهد العنصرية أو المحرقة إزاء اليهود ولا تدين لإسرائيل بعقدة ذنب، والتعاطف العربي لم يأت فقط كما كان تقليدياً محمولاً على أيديولوجيا قومية أو إسلامية، بل أتى أيضاً من وعي مفارق لهما. ثمة أمل من عودة القضية الفلسطينية في فلسطين أولاً، ومن تقدمها لدى الرأي العام خارجاً؛ هذه مساحة لتفاؤل العقل تستحق ألا تُهدَر بسواد الإرادات وفسادها.

المدن

——————

مسرحية الانتخابات الرئاسية والحل السياسي/ مالك الحافظ

يُمثل إصرار النظام السوري على عقد الانتخابات الرئاسية في مناطق سيطرته ترسيخاً لواقع التقسيم غير المعلن في سوريا، فضلاً عن سعيه لتجاوز القرار الأممي 2254 حول الحل السياسي في سوريا.

لعل ضغط النظام وحلفائه في لبنان على اللاجئين السوريين هناك من أجل مشاركتهم في التصويت بالانتخابات يُبرز أحد نوايا النظام التي سيُكشف عنها خلال فترة ما بعد الانتخابات، فالعودة لترويج إعادة اللاجئين لبلدهم “بغض النظر عن الظروف المناسبة” ستكون حاضرة طالما أن العقبة السياسية الأبرز تجاوزتها موسكو ودمشق من خلال إعادة الانتخاب “المنتظرة” للأسد لفترة رئاسية جديدة يمكن لها أن تتجاوز الفشل الذي وقعوا فيه الروس خلال مناسبتين دعوا من خلالها أطراف المجتمع الدولي لإعادة اللاجئين بوجود نظام الأسد وفي أصعب مراحله على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

يبدو أن الانتقال السياسي الذي أشار إليه القرار الأممي 2254 ستترجمه روسيا عبر مسرحية الانتخابات الرئاسية 2021، فتسعى للقول بأن تثبيت حكم الأسد لسبع سنوات قادمة يُلزم الأطراف المتدخلة في الملف السوري الجلوس على طاولة التفاهم حول شكل الحل الذي تقدمه روسيا كـ “مادة خام” ويجري التعديل عليه وفق تناغم مصالح تلك الأطراف.

سيطوى ملف الانتخابات الرئاسية وتفتح بعده صفحة بيضاء يكتب الروس حروفها الأولى لبداية مرحلة جديدة، بعد رفع الأمم المتحدة المسؤولية عنها في أي دور ينظم مشهد المرحلة المقبلة في ظل الإصرار على عقد الانتخابات، وكذلك كان للولايات المتحدة موقف مشابه، بغض النظر عن أي مواقف رفض معلنة يمكن استخدامها للاستهلاك الإعلامي فقط.

ما تريده موسكو الدخول في مرحلة إعادة الإعمار، وهذا يتطلب مستويين من التحركات بعد إتمام الانتخابات، يكون المستوى الأول فيها التقارب أكثر مع الدول الأوروبية الرئيسية في حلف الناتو وبناء شراكة قائمة على تجديد ملف مكافحة الإرهاب في سوريا والتعاون من خلاله، وكذلك العمل على عقد شراكات أعمق مع الدول الخليجية وتركيا فضلا عن تقريب وجهات النظر بينهم ما يساعد في جعلهم بصف واحد يتماهى مصالحياً مع الاستراتيجية الروسية في سوريا.

بالمقابل فإن المستوى الثاني من التحرك الروسي يتمثل في تقديم أوراق جديدة تطرح للجانب الأميركي بغرض تقريبه أكثر من طاولة المفاوضات، لا سيما وأن العائق الأكبر أمام مرحلة إعادة الإعمار يتجلى من خلال عقوبات “قانون قيصر”، لذا فإن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن المتشددة إعلاميا خلال حملة بايدن الانتخابية تجاه روسيا وتركيا ودول الخليج العربي، ستكون أمام أوراق روسية مُغرية، قد يمنح فيها الروس أوراق اعتماد جديدة للأسد أمام واشنطن من خلال صفقة سلام مع إسرائيل، مقابل دور ونفوذ إسرائيلي غير مباشر في الجنوب ومثله للولايات المتحدة في الشرق تحت غطاء الفيدرالية على النموذج الروسي الذي تتسيد فيه موسكو فعلياً المشهد بسوريا. في حين أن مخرجات القرار الأممي 2254 قد تُطوى صفحتها بشكل يتناسب وشكل المرحلة الجديدة بعد الانتخابات.

التغاضي عن فرض عقوبات جديدة على النظام السوري وداعميه، وتحويل آلية فرض العقوبات لشكل يتيح تحويلها إلى “عقوبات ذكية” هو أساس ما تنتظره موسكو قبل الانطلاق بمرحلة إعادة الإعمار، وهو ما ترى بإمكانية تحصيله بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية ودفع عجلة الاستقرار وفق رأيها بتحقيق معادلة السلام مع إسرائيل مقابل حفظ سلطة الأسد والشروع في إعادة ترميم البنى التحتية المهدمة بالانطلاق من مبدأ العقوبات الذكية، بالتزامن مع الانتهاء من ملف مكافحة الإرهاب المشترك، والشروع لاحقاً بالعمل على رسم مخطط زمني لعودة اللاجئين السوريين.

اللجنة الدستورية أبرز تلك المُخرجات التي وُلدت قبل أوانها، وقد يُلغى دورها خلال الفترة المقبلة، في ظل عدم إنتاجية اللجنة التي كان يدعي الأسد بعدم اكتراث حكومته به طيلة الفترة الماضية، معتبرا أن أي حراك سياسي دستوري لا بد أن ينطلق من دمشق.

ارتكبت المعارضة السورية أخطاء جسيمة خلال السنوات الماضية، إلا أن أخطاءها في التعامل مع إصرار النظام وحليفها الروسي على عقد الانتخابات كانت أخطاء لا تغتفر، ابتداء بالإعلان المشبوه حول مفوضية الانتخابات، وامتدادا بآلية التعاطي. مع هذا الملف وقراءة تبعاته السياسية. ويجب على المعارضة بدلا من إعلان رفض الانتخابات والاعتماد على الحملات الإعلامية التي لن تقدم بل ستؤخر، أن تعمل على وضع خطة عمل لمواجهة الواقع السياسي خلال الفترة المقبلة على سوريا، ووضع السبل الممكنة لمواجهة التهميش لكل القرارات ذات الصلة بتطبيق حل سياسي في سوريا، بدلاً من النحيب فيما بعد على اندثار اللجنة الدستورية وضياع كل ما بني “مهما كان حجمه” خلال السنوات الماضية.

———————

====================

تحديث 25 أيار 2021

————————

ماذا لو كان فوز بشار بالرئاسة حقيقياً؟/ عمر قدور

تمنعنا ماكينة الأسد “الانتخابية” من اختبار فرضية أن يكون فوزه حقيقياً، وهذا يقتضي ذهاب السوريين الواقعين تحت سيطرته إلى مراكز الاقتراع، وانتخاب من يشاؤون بحرية حقيقية، وقبل ذلك فتح باب الترشيح بشكل جدي. لكن، ضمن الواقع الراهن، لنفترض تحقق قدر أفضل من “الديموقراطية”، يتنافس فيه بشار مع مرشح ما أو أكثر في عملية اقتراع غير مفبركة من ألفها إلى يائها، ألا يملك بشار الفرصة الأكبر بالفوز، وربما بنسبة جيدة من الأصوات؟

في حال تحقق قدر من الحرية لأولئك السوريين، ستكون هناك نسبة من الممتنعين عن التصويت، ونسبة من الذين “يجازفون” بانتخاب مرشح جديد، ونسبة نتوقع أن تكون الأعلى ممن سينتخبون بشار الأسد بملء إراداتهم ومن ضمنها نسبة ممن سيرونه قائداً للتحول الديموقراطي. بمعنى أن المعطيات الحالية ترجّح فوزه في انتخابات حرة كما كان سيحدث لو قرر إجراءها في مطلع عهده أو قبل آذار2011، أما أنه يرفض هذا الخيار فهو شأن آخر منفصل عن فرص فوزه، والرفض نابع من حسابات أبعد تتعلق برفض مبدئي وجوهري للديموقراطية.

يتجاهل السيناريو المفترض “عن عمد” الدعاوى المتعلقة بعدم شرعية الأسد وعدم شرعية الانتخابات، ويتجاهل الطعن بأحقيته في الترشح بناء على مختلف أنواع الجرائم الكبرى التي اقترفها. لمزيد من التوضيح؛ ألا يُعدّ مظلوم عبدي مرشحاً قوياً للفوز في انتخابات تجريها الإدارة الذاتية؟ وألا يعدّ الجولاني مرشحاً قوياً للفوز في انتخابات تجريها حكومته المؤقتة في إدلب؟

قد يُواجَه التوضيح الأخير باحتجاج على المقارنة، فهناك من سيحتج على مقارنة مظلوم عبدي ببشار والجولاني، وهناك من سيعترض على مقارنة الجولاني ببشار وعبدي، وهناك أنصار لبشار يرفضون مجرد مقارنته بأيٍّ كان. التوضيح لا يتوخى أصلاً المفاضلة بين الثلاثة، بل التأكيد على فرص فوز كل منهم في مكان سيطرته. في المقابل، نتوقع ألا يحظى أي منهم بنسبة ملحوظة من الأصوات في أماكن سيطرة الاثنين الآخرين، من دون أن يحمل هذا الاستنتاج اتهاماً بتزوير الانتخابات هنا أو هناك.

في مناطق سيطرة بشار، هناك بالتأكيد توجهات متباينة “غير معلنة”، فثمة من يؤيده بشخصه، وأيضاً من يؤيده كرمز لتنظيم عسكري مخابراتي، ولا تخلو تلك المناطق من معارضة تريد التخلص جذرياً منه ومما يمثّله. لكن، على صعيد غير منفصل، هناك فئة توسعت خلال السنوات الأخيرة مستعدة لـ”انتخابه” بالمقارنة مع السلطات المجاورة في إدلب أو الجزيرة. وسنعثر على فئات مشابهة في المناطق الأخرى، أي أولئك الذين لهم مختلف أنواع التحفظات أو الاعتراضات على الإدارة الذاتية لكنهم مستعدون لانتخاب مظلوم عبدي وعينهم على ما تبقى من سوريا التي يرفضون نموذجها، وأولئك الذين يتمنون الخلاص من الجولاني إلا أنهم مستعدون للبقاء تحت سيطرته وانتخابه عندما يقارن تفكيرهم بينه وبين بشار أو مظلوم عبدي.

ربما نوغل في ما لا يرضي غالبية السوريين من “معارضة ونظام”، فالطرفان يرفضان هذا التقسيم، بينما قد يقبل به أنصار الإدارة الذاتية مع الاحتفاظ باحتجاجهم على المقارنة بين مناطقها ومناطق سيطرة الأسد والجولاني والفصائل التابعة لتركيا. يقبل أنصار الإدارة الذاتية منطق التقسيم لأنه يسند فكرة اللامركزية كخيار لمستقبل سوريا، في حين يصر الأسد والمعارضة على مركزية الدولة، مع رغبة المعارضة في جعل النظام المركزي ديموقراطياً “حسبما تعلن”.

أنصار الإدارة الذاتية يرون فكرتهم عن اللامركزية متحققة فعلاً، ويقدّمون نموذجهم كنموذج لسوريا المستقبل، أما في الواقع فنحن إزاء إدارة ذاتية من دون مركز، أي أن الشطر الثاني من اللامركزية غير متحقق. هو التقسيم من دون إعلانه هدفاً، وكذلك هو الحال في باقي المناطق التي ينادي المسيطرون عليها بـ”وحدة وسيادة سوريا”، فهذا الشعار كاذب على المدى القصير ويتضمن حلم التوسع على مدى أبعد بالاستناد إلى تغيير مأمول في التوجهات الدولية.

كان كل طرف في “السوريات” الموجودة حالياً قد حصل على مناطق سيطرته بالقوة، لا باقتراع السكان الذين لم يسلموا من مختلف أنواع التعنيف والترهيب والتغيير الديموغرافي. لكن الآن، في صناديق الاقتراع، قد تحصل كل سلطة من سلطات الأمر الواقع على أصوات غالبية محكوميها، بمعنى أن نسبة غالبة من السكان قد تطبعت بما يلائم السلطة الحاكمة. بعبارة أخرى، لقد انقسمت سوريا فعلياً، من دون جرأة على إعلان ذلك، ومن دون أن نعتبره انقساماً مستداماً.

الانقسام يتعدى ما نشير إليه عادة كمناطق نفوذ، ومَن له تواصل مع سوريين من مختلف المناطق يدرك الافتراق الحاصل بينهم، ويستطيع من ليس له تواصل مباشر متابعة حسابات أبناء المناطق المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي ليدرك الهوة “أو الجدران السميكة” التي باتت تفصل السوريين في كل منطقة سيطرة عن سوريي المناطق الأخرى. الفوارق تجاوزت تلك الناجمة عن اختلاف في تفاصيل العيش المباشر، لتصبح فوراق في الوعي والتفكير، وليكون في وسعنا التحدث عن وعي مشترك “ولغة مشتركة” في كل منطقة، بل لعل البؤس في تفاصيل المعيشة هو المشترك الأعلى بين سكان مختلف المناطق، والذي لا يعوَّل عليه لبناء مشتركات في الوعي والتفكير.

ما يجمع السوريين في المناطق الثلاث، ويفرّقهم أيضاً، عدم رغبة معظمهم في زحزحة الحدود ما دام ذلك يتطلب مزيداً من العنف والدماء. يكاد يكون سكان كل منطقة مقتنعين بالحدود الحالية، بل هناك منهم مَن لا يريد التوسع بما قد يعنيه من ضم كتلة أخرى “مغايرة” من السكان، كتلة يعتقد أنها ستعكر الانسجام الديموغرافي الذي يعيشه، أو ستكون بمثابة ضغط إضافي على واقعه المعيشي المتردي. ذلك يكتمل بارتباطات كل طرف، من السلطة نزولاً إلى السكان، مع قوة خارجية تتضارب مصالحها مع القوى الدولية أو الإقليمية الأخرى، ليتناغم الافتراق في التوجهات الخارجية مع التقسيم الحاصل.

من المحتمل جداً “أو المرجّح” أن يفوز بشار بالرئاسة ضمن مناطق سيطرته، لا برئاسة سوريا بأكملها، وينبغي ألا يُستغرب حصوله على بعض أصوات السوريين في الخارج بملء إرادتهم، تحديداً ما يمكن تسميتهم بسوريي الإجازات الذين ينظرون إلى بقعة ما من سوريا كمكان لتمضية الإجازة وزيارة الأهل وليذهب ما تبقى إلى الجحيم. الفوز لم يعد معطوفاً على الانقسام القديم بين “موالين وثائرين”، ركنه الحالي انقسام آخر مختلف تغطي عليه المهازل الانتخابية التي يبتدعها الأسد وأساليبه المعتادة للتنكيل بالديموقراطية، ومن جهة أخرى تغطي عليه الدعاوى التي ترفض شرعية الانتخابات من دون أن تلحظ الجدران السميكة التي ارتفعت عالياً بين “السوريات الثلاث”. 

المدن

—————————

السوريون حمّالو الأسيّة بين صور بشار الأسد وعصي القوات اللبنانية/ رامي الأمين

لماذا لا ينتفض هؤلاء إذا كانوا مجبورين؟ هو السؤال نفسه يوجه إلى عموم اللبنانيين الذين لا ينتفضون في وجه شتى الإهانات التي طالتهم، فضلاً عن قتلهم تفجيراً وتفقيراً.

يكرر رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع لازمة ان لبنان واقع تحت هيمنة سلاح “حزب الله”، ويطالب مراراً بسحب هذا السلاح قبل اجراء اي انتخابات، لأن لا انتخابات نزيهة في ظل سيطرة السلاح. هذه تكاد تكون من ركائز أدبيات القوات اللبنانية السياسية. ومع ذلك، تشارك القوات في الإنتخابات، وتتحالف أحياناً مع “حزب الله” في النيابة كما في الانتخابات البلدية والنقابية. تخوض القوات المعارك الانتخابية بوجود سلاح الحزب مع قناعتها ان لبنان “محتل”.

تعرف القوات ان لبنان ليس بلداً حراً. وتعرف ان النظام اللبناني، الذي تشارك القوات في تكوينه وحمايته، ليس نظاماً ديمقراطياً كما يسوق له بائعو الوهم. “كيف انتخابات حرة في دار حرب؟” سأل المغدور لقمان سليم في منشور مشترك مع فادي توفيق يقرآن فيه نتائج انتخابات العام 2005، التي جرت بعد الانسحاب السوري من لبنان، في ظل سيطرة “حزب الله” على الجنوب. لم تكن بعد قد وقعت حرب تموز. ولم يكن قد نفذ الحزب غزوة السابع من أيار 2008، ولم يكن قد شارك بكامل ثقله العسكري في الحرب السورية. وكان السؤال مطروحاً منذ ذلك الحين عن الحرية المزعومة للانتخابات اللبنانية، والتي تحالفت فيها آنذاك القوات اللبنانية مع “حزب الله” التحاقاً بالتحالف الرباعي، وشارك مرشحوها بالإنتخابات على لوائح تضم مرشحي الحزب.

لكن القوات اللبنانية تتناسى، متى أرادت، كل ذلك. تصير البلاد حرة وديمقراطية، لا يعكّر صفوها إلا صور بشار الأسد محمولة من مناصرين له تنقلهم باصات إلى السفارة السورية ليبايعوا رئيسهم في الانتخابات الرئاسية السورية. لا تعود البلاد محتلة، ويزول تأثير حلفاء الأسد على الممارسة السياسية في الداخل تماماً، لتحاسب القوات المواطنين السوريين، حاملي صور الأسد، كأنهم مواطنين أحرار “لاجئين”(لبنان لا يسميهم رسمياً كذلك ويتعامل معهم كنازحين) في بلد حر وديمقراطي لا يخضع لأي نوع من أنواع الوصاية أو الترهيب. ويصير فريق الأسد في لبنان حريصاً على السماح للسوريين بممارسة حقهم الديمقراطي الحر في انتخاب من يريدون، من دون ضغوط او ترهيب أو تهديد. هكذا تنزع حجة السلاح والبلاد المحتلة والواقعة تحت الوصاية فجأة من التداول، لتنزل الحرية بكامل “ثقلها” إلى الساحة بالعصي وتحطم حافلات السوريين وتهينهم وتكسّر عظامهم، لأنهم ينتخبون بشار الأسد وهم هاربون منه. ويطالبونهم بأن يعودوا إلى بلاد الطوفان البعثي، لينتخبوا رئيسهم هناك في سوريا. تتناسى القوات عن قصد ان نفوذ بشار الأسد لا يتوقف عند الحدود اللبنانية السورية، وان له اذرعاً وحلفاء وزعران قادرون على نشر “الديمقراطية” السورية في لبنان، كما في سوريا. لهذا يقع السوري الهارب إلى لبنان بين نارين: بين العنصرية اللبنانية التي تشارك القوات اللبنانية في ممارستها ضد السوريين، وشهدنا فصولاً منها في بشري، وبين اذرع النظام السوري الأمنية التي تلاحق السوريين وتمارس عليهم “ديمقراطيتها”. وقد يكون بين راكبي باصات المبايعة كثيرون ممن يقتنعون فعلاً بالولاء لبشار الأسد ونظامه، وبينهم من يركبونها على سبيل النجاة، وقد يكون بينهم من يعمل في لبنان بشكل شرعي، وهو من مناصري الأسد علناً ويعيش في مناطق نفوذ حلفاء النظام السوري. لكن هناك بينهم من هُدد في لقمة عيشه وخيمته ومستقبل أولاده، كما نقلت تقارير اعلامي. فاضطر، تحت التهديد، إلى حمل صورة الأسد على مضض، فأهين مرتين، مرة باجباره على حمل صورة جلاده، ومرة ثانية حينما تعرض للضرب من مدّعي تحريره من الجلاد.

لماذا لا ينتفض هؤلاء إذا كانوا مجبورين؟ هو السؤال نفسه يوجه إلى عموم اللبنانيين الذين لا ينتفضون في وجه شتى الإهانات التي طالتهم، فضلاً عن قتلهم تفجيراً وتفقيراً. وربما نعثر على الجواب في تفسير حنة ارندت للسبب الذي يجعل آلاف السجناء من اليهود يستسلمون لبضع مئات من الحراس النازيين ولا يتمردوا او ينتفضوا او يهاجموا جلادهم. تقول ارندت ان ما من جماعة او شعب من غير اليهود كانت لتتصرف على نحو مختلف. تستشهد بسجين سابق في بوخنولد، يقول إن سلوك “سرايا الحماية” النازية لم يكن عبثياً، ولم يكن “إرضاءً لنزواتهم الاجرامية فقط أو بسبب سادية صافية، إنهم يعرفون ان النظام الذي ينجح في تدمير ضحاياه قبل صعودهم إلى المشنقة هو النظام الأكثر كفاءة بما لا يقارن للابقاء على شعب كامل في حالة العبودية وحالة الخضوع”.

جبران باسيل في رده على القوات غرّد متهماً إياها بالنازية. وهو استسهال يستخدم غالباً في لبنان خلال تراشق التهم. وتهمة كهذه قد تبدو فضفاضة حتى على بشار الأسد، بالمقارنة مع ما فعله النازيون باليهود. لكن شيئاً من النازية، يسري في عروق جميع من يتعاقبون على إهانة الإنسان السوري بالعنصرية المقيتة تارة وبـ”الديمقراطية” البعثية عبر الحشر في الباصات طوراً، وبتخييره بين موتين أو أكثر، ورميه بقسوة لا مثيل لها في قوارب هجرة، بلا أشرعة، تتلاطمها الأمواج في البحر!

درج

————————–

الانتخابات الرئاسية المحسومة بحكم القانون لصالح بشار الأسد/ نائل جرجس

يضع النظام السوري لمساته الأخيرة على العملية الانتخابية الرئاسية التي لا تمتّ إلى الديمقراطية والانتخابات الحرة والنزيهة بِصلة؛ حيث يترشح وارث السلطة بشار الأسد والمتربع على كرسي الرئاسة منذ العام 2000، في انتخابات صورية معدّة ومصمّمة من طرف أجهزة واقعة -بحكم التشريعات السورية النافذة- تحت سلطته وسيطرته المباشرة. هذا وتعدّ الانتخابات وسيلة لتحقيق تداول السلطة الذي لم تعرفه سورية منذ تبوء حافظ الأسد للسلطة في العام 1971 ومن خلفه ابنه بشار الأسد، وقد أدّى ذلك إلى احتكار الأسدَين لمنصب الرئاسة لأكثر من خمسة عقود، بما لا يدع مجالًا للشك في أنّ مصطلحات “الجمهورية” و”الديمقراطية” و”التعددية السياسية” و”سلامة الإجراءات الانتخابية ونزاهتها” و”ممارسة السلطة ديمقراطيًا عبر الاقتراع”، الواردة في دساتير سورية، ليست أكثر من حبرًا على ورق.

تحتاج الانتخابات الحرّة والنزيهة إلى تشكيل هيئة مستقلة وحيادية للإشراف على العملية الانتخابية، غير أنّ قانون الانتخابات العامة السوري لعام 2014 قد أعطى “اللجنة القضائية العليا” مهمّة إدارة انتخاب رئيس الجمهورية تحت إشراف المحكمة الدستورية العليا (المادة 10). وإنّ تشكيل هذه اللجنة واقع بحكم المادة 8 من هذا القانون تحت سيطرة بشار الأسد، فهو الذي يُصدر مرسومًا بتشكيلها بعد تسمية أعضائها من طرف “مجلس القضاء الأعلى” الذي يترأسه أيضًا الأسد، بموجب المادة 133 من دستور عام 2012. وتقع “المحكمة الدستورية العليا” تحت قبضة بشار الأسد الذي يُسمّي أعضاءها بمرسوم، وذلك بحسب المادة 141 من الدستور السوري الحالي، ويؤدي هؤلاء القسَم أمامه بمقتضى المادة 145 من هذا الدستور. وقد أكّدت المادة 146 من الدستور السوري أن المحكمة الدستورية العليا تختص بانتخاب رئيس الجمهورية وتنظيم الإجراءات الخاصة بذلك، وتختص أيضًا بمحاكمة رئيس الجمهورية في حالة الخيانة العظمى التي لا ينصّ عليها صراحة قانون العقوبات السوري.

يتدخل أيضًا بشار الأسد، عبر وزير داخلية نظامه، في سيرورة العملية الانتخابية بما يضمن له السيطرة الكاملة على مسارها ونتائجها؛ حيث تخوّل المادة 123 من قانون الانتخابات وزارةَ الداخلية بتأمين مستلزمات انتخاب رئيس الجمهورية، وبفرز عدد من العاملين للعمل تحت إشراف اللجان الانتخابية أثناء العملية الانتخابية، وهي مسؤولة أيضًا عن تأمين الحماية اللازمة للانتخابات (المادة 121)، وقد أتمتها (المادة 122) بوضع يدها على كل المستندات المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية (المادة 125). وتتدخل وزارة الداخلية أيضًا في إعداد السجل الانتخابي (المادة 28) الذي يستبعد شريحة كبيرة من السوريين، تبعًا لشروط غير موضوعية. فعلى سبيل المثال، تنصّ المواد 70-71-72، من التعليمات التنفيذية لقانون الانتخابات العامة، على أن يُتاح حق التصويت في الانتخابات الرئاسية للمقيمين في الخارج، شريطة ألا يكون ثمة مانع قانوني يحول دون ممارستهم لذلك، وأن يكون جواز السفر صالحًا وممهورًا بختم الخروج من أي منفذ حدودي سوري، مع العلم أنّ قسمًا كبيرًا من السوريين هُجّروا، خلال العقد الماضي، مغادرين من منافذ حدودية خارجة عن سيطرة النظام، ومنهم من حُرمَ حق تجديد جواز سفره، أو من حُكم عليه من طرف الجهاز القضائي المسيّس. كما يتم الاقتراع في السفارات السورية، وهي المعروفة بعدم استقلاليتها وعمالتها المباشرة لنظام الحكم، بما لا يترك أي مجال للشك في تحكّمها في النتائج.

بالإضافة إلى سيطرة بشار الأسد على السلطتين التنفيذية والقضائية، كما تبيّن أعلاه، يعتدي أيضًا على السلطة التشريعية، من خلال توليه سلطة التشريع (المادتين 112-123 من الدستور السوري)، حتى إن له الحق في حلّ مجلس الشعب، بقرار (المادة 111 من الدستور). أمّا عن دور مجلس الشعب في الانتخابات الرئاسية، فقد جاءَ في المادة 85 من الدستور السوري أن “طلب الترشيح لا يُقبل إلا إذا كان طالب الترشيح حاصلًا على تأييد خطي لترشيحه، من خمسة وثلاثين عضوًا على الأقل من أعضاء مجلس الشعب، ولا يجوز لعضو مجلس الشعب أن يمنح تأييده إلا لمرشح واحد”. كما ينصّ النظام الداخلي لمجلس الشعب، في مادته 244، على أن للمجلس إسقاط العضوية عن أحد أعضائه، في حال “إهانة الدولة أو رئيسها أو علمها”. وهكذا لا يتحكم الأسد في فرض تأييد إعادة ترشيحه فحسب، بل في اختيار “منافسيه” أيضًا، وذلك في ظلّ سيطرة نظامه السياسي على أعضاء مجلس الشعب الموالين، وأغلبهم منتمون إلى حزب البعث العربي الاشتراكي الذي يشغل الأسد نفسه منصب أمينه العام، أو إلى أحزاب أخرى موالية.

يأتي أخيرًا الدور التقليدي للأجهزة الأمنية المتشعبة والمتفرعة والمتنافسة بينها لإظهار الولاء للأسد، ولا سيّما من خلال قمع المواطنين والتنكيل بهم. وتتولى هذه الأجهزة ترغيب المواطنين وترهيبهم للاقتراع في الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية. ولن تتوانى وأعوانها عن ممارسة الضغوطات المباشرة وغير المباشرة، لإجبار المواطنين على المشاركة في الاقتراع ومراقبة الأصوات خلال العملية القادمة.

هل يعني ما سبق أنّ بشار الأسد سيفوز حتمًا بولاية رئاسية جديدة، وأنّ غير ذلك سيجعل هذه الانتخابات حرة ونزيهة؟ قد يكون هناك مخطط دولي مدروس لإنجاح أحد منافسيه، وفي هذه الحالة، لن تعبّر الانتخابات عن إرادة الشعب، بل ستكون نتائجها مفروضة، كحال مرشحيها، ويبقى هذه الأمر مستبعدًا، حيث تدلّ جميع المؤشرات على إبقاء بشار الأسد في سدّة الرئاسة، لاستمراره في تنفيذ الدور المنوط به من طرف القوى الدولية والإقليمية التي تسيطر وتحكم سورية اليوم. كما توجب الانتخابات الديمقراطية ألّا يكون هناك تمييز بين المواطنين في قبول الترشيحات، وهذا الأمر غير متحقق، وذلك لتحكّم مجلس الشعب والمحكمة الدستورية العليا في تأييد وقبول الترشيحات، ولوجود أوجه تمييز أخرى، كمنع غير المسلم من الترشح للرئاسة (المادة 3 من الدستور) والمتزوجين من غير سوريات، وغير المقيمين في سورية لمدة لا تقل عن عشر سنوات إقامة دائمة متصلة (المادة 84 من الدستور).

يحتاج الوضع السوري إلى تهيئة الأجواء المناسبة للانتخابات بما يشمل كفّ يد رئيس الجمهورية، بوصفه ممثلًا للسلطة التنفيذية، عن الاعتداء على وظائف واختصاصات السلطتين التشريعية والقضائية، فضلًا عن إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وإخضاعها لرقابة مدنيّة، واحترام حقوق المواطنين في التعبير عن الرأي وتشكيل الأحزاب والجمعيات، واستئصال كل أوجه التمييز بينهم. لأن الانتخابات جزء من الديمقراطية، أمّا تلك التي تنظّمها الأنظمة الدكتاتورية، كما في سورية اليوم، فهي عبارة عن “مسرحية” تفتقر إلى أدنى مقومات العدالة والنزاهة والتنافسية. وإنّ انتخابات كهذي في سورية لا يمكن أن تسبق التسوية السياسية التي تضمن تطبيق أركان العدالة الانتقالية، ولا سيّما الكشف عن مصير المفقودين والمعتقلين وتعويض الضحايا أو أسرهم، وضمان حدّ أدنى من محاسبة المجرمين، ليتم تحقيق المصالحة الوطنية والانتقال السياسي.

تلفزيون سوريا

——————————-

نحن لنا ذكرى ثورة… وللأسد ولاية جديدة/ ليلى إمام

غالباً ما تعتمد المسلسلات الرخيصة على فكرة تسخيف جميع الممثلين، وإظهارهم في هيئة رجال ضعفاء قليلي الذكاء والحنكة، عديمي الخبرة الحياتية، وأحياناً في أشكال قبيحة لتلمع صورة البطل القوي الذي يهابه الجميع؛ الوسيم الذي تحلم به الفتيات، والذكي الذي ليس ذكاؤه إلا انعكاساً لغباء قُدّر لباقي الشخصيات في العمل. لعلّ هذه النصوص البدائية والضعيفة، هي الوصف الأدق والمثالي للعرض الانتخابي في سوريا، فيكون بشار الأسد البطل المخلّص بين زحمة الكومبارس، ونحصل على نص رخيص، بتمويل خيالي للإنتاج. والتمويل هنا لا يعني تكلفة مادية، بل يعني رجالاً ونساء من لحم ودم يحولهم/ ن النظام إلى أداة تظهر من خلالها قوة وكفاءة بشار الأسد ونظامه.

خمسون طلباً للترشيح عدا طلب بشار الأسد. رقم كبير لكنه لا يتطلب منا عناء البحث؛ لأنهم مجرد دمى يحرك خيوطها النظام السوري. وفي عملية بحث سريعة ستعرف: أحدهم كان عضواً في مجلس الشعب في ظل حكم الأسد، وآخر في ظل حكم أبيه. وغير هذا وذاك، ثمة من يعلن خبر ترشيحه على فيسبوك بصورة يثني فوقها على الديموقراطية في سوريا “الأسد”. هذا الفعل طبيعي ومنطقي في بلاد اللا منطق؛ ففعل الترشيح غايته أولاً تلميع صورة النظام الحاكم أمام من بقي من مواليه، وثانياً أن يقول القائد للمجتمع السوري انظروا من أنتم، وانظروا إلي، لا وليّ لكم سواي. أما في حال رغبنا في البحث عميقاً ومطولاً، فسنجد أسماء لشخصيات مجهولة لم نسمع بها من قبل، ولا نعرف عنها شيئاً، ليكون العرس الديموقراطي عرساً يشوبه الغموض، وفي أحسن الأحوال يكون الأمر أشبه بنكتة شعبية حين تجد أن أحد المرشحين لرئاسة الجمهورية هو “أدمن” لصفحات على الفيسبوك، وكأن ما يحتاجه الشارع السوري اليوم هو التسويق لهذا النصب.

الجدير بالذكر أنه سواء أقُدّم خمسون طلب ترشيح، أم مئة طلب، فسيكون الناتج نفسه. ولا أقصد هنا بقاء الأسد في الحكم، إنما الكذبة الدستورية التي نعيشها. فدستورياً، من أجل قبول طلبات الترشيح رسمياً، يتعين على كل مرشح أن ينال مباركة 35 عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب الذي يتمتع حزب البعث الحاكم بالأغلبية الساحقة فيه، عدا عن حلفائه من أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية التي لا خيار لها سوى الحاكم المخلّص، إلى درجة أن أحد الأحزاب تنكّر لطلب ترشيح أحد أعضائه، فنعود إلى دوامة الخدعة الديموقراطية المتنكرة بقناع الدستور.

قد يتساءل كثيرون هنا كيف يتعامل بشار الأسد مع كل ما يجري حوله. وربما تكون بعض الإجابات غير مقنعة للبعض، لكنها سوريا. فاليوم، جُل ما يسعى إليه من يمثل السلطة الرئاسية، هو خفض الأسعار، والحفاظ على سمعة الليرة السورية من الانهيار، ومراقبة المواد التموينية الأولية. وكل هذا عن طريق شلّ الحركة في السوق. وبغضّ النظر عن كون كل ما سبق حاجات بديهية لأي مواطن ومواطنة، إلا أن البديهيات في سوريا تحتاج إلى حاكم يتحول إلى مراقب تمويني، تاركاً الدستور في درج مكتبه.

تقول الأسطورة إنه وبحسب دستور 2012، لا يحق للرئيس أن يُرشّح نفسه لأكثر من ولايتين، لكن هل سيعجز مَن غيّر الدستور مرتين -ليكون على مقاسه- عن تغييره لمرة ثالثة؟

وهنا نذكر أنه بعد وفاة القائد الأب، تم تعديل الدستور في ليلة وضحاها، ليكون شرط عمر الترشيح للرئاسة من 34 إلى 40، بعد أن كان 40 عاماً، ليعود الشرط في دستور 2012، بعدما كبر الابن، إلى وضعه الطبيعي قبل التعديل.

من جهة أخرى، عجزت العصابة نفسها عن إضافة تاء تأنيث واحدة إلى الدستور، وتحديداً في المادة 84 التي تحدد الشروط الواجب توافرها في المرشح للمنصب الرئاسي، لنجدها اقتصرت فقط على طرح صيغة المذكر، وأكدت على ذلك في البند الرابع الذي جاء فيه: “ألّا يكون متزوجاً بغير سورية”.

ألم تكن تلك الإشارات كافية لسبع نساء أو أكثر، ليتراجعن عن فكرة تقديم طلب الترشيح، أم أنه مشهد آخر من فيلم الحريات الذي نشاهده مجاناً، وتأخذ المرأة فيه دوراً هزيلاً مسيئاً إلى المرأة السورية؟ لا بل يذهب إلى ما هو أقذر من ذلك، فيكرّس فكرة عدم أخذ النساء على محمل الجد، حين لم تتطرق فاتن النهار، إحدى المرشحات، للحديث عن برنامجها الانتخابي الذي سينهض بالمرأة، بل وفرّت طاقتها وجهدها لتتحدث عن مدى تعاون الرئيس الحالي ونزاهته. وبدل أن تضع برنامجاً انتخابياً، وضعت خطة للمهاترات الفارغة على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصصت وقتاً لتحكي عن مقابلتها مع القائد في قاعدة حميميم، والذي قال لها فيها إنه لا مانع لديه من تسليم السلطة في صناديق الاقتراع.

مع التضييق الأمني الشديد الذي نعيشه داخل سوريا، والذي يتزامن مع استعراض الانتخابات كحدث فانتازي، يلجأ معظم رواد “السوشال ميديا” إلى تداول النكات التي انتشرت عن مشاركة المرأة في العمل السياسي في ظل غياب العمل السياسي أصلاً، أو ترشيح شبيحة النظام لدعم نزاهة النظام وديموقراطيته بشكل موارب، وغيرها من النكات و”الميمز” عن مفاجأة الشعب بتقدم الأسد بطلب الترشيح. وكل ذلك لتخفيف وطأة هزيمة الثورة المُقنّعة بولاية جديدة للقائد.

يكفي اليوم أن تمشي في أي شارع عشوائي في دمشق، لتجد نفسك محاصراً بصور القائد المفدّى، فتكتمل مسرحية الحملة الانتخابية، وكأنه بحاجة إلى برنامج انتخابي، أو كأن أحداً منا يملك حرية الاختيار، لتسوّل له نفسه أن يكتب اسم أبيه على البطاقة الانتخابية.

أما نحن؛ مَن حلمنا طويلاً بالحرية، بسوريا من دون الأسد، فليس لنا إلا أن نذهب إلى أبعد من ذلك: الإنكار والإحباط. فنحن لنا ذكرى ثورة وللأسد ولاية جديدة.

——————————-

كأننا داخل السجن”… كيف تبدو أجواء الانتخابات الرئاسية في سوريا؟

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في سوريا، والمقرّرة في السادس والعشرين من أيار/ مايو الجاري، قد لا يبدو المشهد داخل البلاد مختلفاً بشكل كبير عن أي انتخابات أو “استحقاقات” رئاسية سابقة، وآخرها كان عام 2014، سواء من حيث التحضيرات لها، أو الاحتفاء بها على أنها “عرس وطني”، كما تسميها وسائل الإعلام المؤيدة للنظام.

لكن تضييق زاوية الرؤية والاقتراب أكثر من تفاصيل المشهد، والحديث مع سوريين يعيشون في مدن ومحافظات مختلفة، تكشف عمّا يشبّهه كثيرون بأنه “ممارسة ديمقراطية لا تتوفر لها أي من شروط الديمقراطية”، أو “مسرحية لا تشبه بهزليتها أي شيء عشناه من قبل”. وكأنها انتخابات تجري داخل سجن يسيطر عليه واحد من المرشحين، وجلادوه واقفون فوق رؤوس السجناء وهم يدلون بأصواتهم، لكنهم غير مرئيين لكاميرات التصوير التي تلتقط ما يحدث من زاوية واحدة، فلا يظهر سوى أناس يحتفلون وهم يصوّتون بكامل قناعتهم وإرادتهم.

حملات انتخابية

في منتصف نيسان/ أبريل الفائت، أعلن مجلس الشعب السوري موعد الانتخابات، وفُتح باب الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، وهو إجراء تشهده البلاد للمرة الثانية منذ استلام حافظ الأسد سدة الحكم عام 1971، والأولى كانت عام 2014، ولم يسبقها أي انتخابات بمعناها الفعلي، ولو أن العملية كانت شكلية، وإنما كان يوجد ما اصطلح على تسميته “تجديد البيعة” لمرشح واحد هو الرئيس ذاته. إلا أن الدستور الذي أُقرّ عام 2012 نصَّ على “انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب مباشرة”.

تلقى مجلس الشعب 51 طلب ترشح للمنصب مع نهاية نيسان، معظمها لأشخاص لا ثقل أو حضور واضحاً لهم في الحياة السياسية. وبعد إتمام الإجراءات التي ينصّ عليها الدستور، من منح أعضاء مجلس الشعب تأييدات خطّية للمرشحين، ثم دراسة طلبات الترشّح من قبل المحكمة الدستورية العليا، أُعلنت أسماء المتنافسين النهائيين، وهم عبد الله سلوم عبد الله (عضو المكتب السياسي لحزب الوحدويين الاشتراكيين)، بشار الأسد (رئيس البلاد منذ عام 2000)، ومحمود مرعي (يعرّف عن نفسه بأنه معارض ومحامٍ).

بعد ذلك بأيام، بدأت الحملات الانتخابية للمرشحين الثلاثة تغزو شوارع المدن السورية ومختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، تحت عنوان “الأمل بالعمل” لبشار الأسد، و”معاً” لمحمود مرعي، و”قوتنا بوحدتنا” لعبد الله، إلا أنها لم تكن حملات متكافئة على الإطلاق، بحسب وصف كثيرين ممن يعيشون في مناطق سيطرة الحكومة السورية.

يقول صحافي وناشط يعيش في دمشق، وفضّل الحديث بدون اسم لرصيف22: “بمقارنة الحملات الانتخابية الثلاث كمّاً ونوعاً، نلاحظ وبكل سهولة الفروق بينها. بينما نرى صوراً هائلة الحجم لبشار الأسد، سواء تلك المتعلّقة بحملته أو التي يقدمها تجّار ومسؤولون ومتنفّذون، وكثر منهم أسماء علا شأنها فقط خلال سنوات الحرب، نرى صوراً صغيرة للغاية ومجرد لوحات متناثرة هنا وهناك للمرشحين الآخرين، ما دفع كثيرين للتهكم والتساؤل: أليس لهم على الأقل عائلة وأصدقاء؟ لكن الجواب جاهز على الفور: فهل هناك مَن يتجرّأ على دعم مرشح آخر عدا الأسد؟”.

من شوارع دمشق – المصدر صفحة عدسة شاب دمشقي

علاوة على ذلك، وكما هو الحال في كافة الانتخابات والاستفتاءات السابقة خلال العقود الخمسة الأخيرة، انتشرت خلال الأيام الفائتة مهرجانات وخيم انتخابية لدعم المرشحين، لكن الملفت للنظر فيها، كما هو متوقع على الأغلب، اقتصارها على دعم بشار الأسد دون المرشحين الباقين.

وينوّه الصحفي أيضاً إلى الفرق الكبير في الترويج للمرشحين على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام، فصفحة حملة بشار الأسد على فيسبوك تستقطب أكثر من 130 ألف متابع، بينما لا يتجاوز عدد متابعي الصفحتين الأخريتين بضع مئات أو آلاف بأحسن الأحوال. ومن باب الخجل ربما، تستضيف المحطات السورية الرسمية كلاً من مرعي وعبد الله للحديث عن برنامجيهما الانتخابيين، “في حين لا يحتاج الأسد للتصريح عن شيء، فهو حاضر في أذهان السوريين ليل نهار”.

فهم خاطئ للديمقراطية

في لقاء مع التلفزيون السوري بتاريخ 19 أيار/ مايو، تحدث المرشح عبد الله عبد الله عن ترشّحه باعتباره “تكليفاً من حزبه” وبموافقة “أصدقائه” من أعضاء مجلس الشعب، وعن مشاركة أعضاء من حزبه في القتال إلى جانب الجيش العربي السوري في حربه على “الإرهاب” حسب وصفه، وعن أهمية تطوير “الجبهة الوطنية التقدمية”، وهي ائتلاف من مجموعة أحزاب يقودها حزب البعث الذي حكم سوريا لعقود، وعن أهمية أن يتوحّد السوريون وينسوا خلافاتهم لمواجهة العدو الخارجي، وعن عدم رغبته بتحميل الدولة السورية أكثر مما تتحمّل في ما يخصّ تأمين الخدمات الأساسية للسوريين، خاصة المهجّرين من منازلهم.

“عن أي تطوير وأي جبهة يتحدث، والجبهة بحد ذاتها أصدرت بياناً منذ أيام تدعم فيه بشار الأسد لحكم سوريا سبع سنوات أخرى؟ كأننا أمام فهم خاطئ تماماً للديمقراطية والانتخابات والتعددية. يا ليتنا نعود إلى أيام المرشح الواحد والحزب الأوحد، على الأقل كانوا حينذاك أكثر مصداقية”، تقول أمل، وهي ناشطة مدنية تعيش في مدينة طرطوس، فضّلت الحديث لرصيف22 باسم مستعار، وتضيف بأن واحدة من أكثر النكات انتشاراً الآن في سوريا هي أن كلاً من عبد الله ومرعي سينتخبان بشار الأسد دون شك: “لن يتجرّؤوا على عكس ذلك”.

هذا الفهم الخاطئ أو “الممسوخ” لفكرة الديمقراطية والانتخابات كما يصفه البعض، يتجلّى في العديد من المظاهر الأخرى. على سبيل المثال، نشرت نقابة الفنانين منذ حوالي أسبوعين بياناً تدعم فيه الانتخابات التي قالت إن محامي سوريا سيخوضونها بكل حرية وجرأة وسيقولون نعم لبشار الأسد. وبالشكل ذاته دعمت نقابات أخرى مثل نقابة المهندسين والأطباء وحتى اتحاد الصحفيين ترشح الرئيس الحالي، الأمر الذي دفع بسوريين للتساؤل حول مدى التطبيق الحقيقي والفعلي لفكرة “النقابة” التي يفترض أن تكون جزءاً من مجتمع مدني داعم لكل السوريين دون استثناء، وليس شريكاً في أي استقطاب سياسي.

“ليش مانك معلق صورة الرئيس؟”

في جولة على شوارع وأسواق مختلف المدن السورية، لا تصعب ملاحظة انتشار ملصقات موحّدة الحجم والشكل، عليها صورة لبشار الأسد وعبارة “كلنا معك”. في حديث مع بعض أصحاب المحال والمقاهي، أشاروا إلى وجود حملة منظمة للأمر، من قبل دوريات تابعة لمختلف الأفرع الأمنية والبلديات.

“جاؤوا إلى محلي منذ أيام وسألوني لماذا لم أعلق صورة بشار الأسد على الواجهة؟ استدركت الأمر سريعاً وأحضرت صورة قديمة كانت موضوعة في أحد الأدراج، لكن لم يعجبهم الأمر، وفي اليوم التالي وزّعوا على كافة المحلات في الشارع نفس الصورة وطلبوا منا تعليقها. مَن سيجرؤ على أن يعارض الأمر؟”، يقول صاحب أحد محال بيع الخضار في منطقة المزة-شيخ سعد في دمشق لرصيف22.

بشكل مشابه، تحدث صاحب أحد المقاهي الواقعة وسط دمشق لرصيف22، قائلاً إنه استبق الأمر وعلق صورة للأسد على واجهة المقهى، لكنه لم ينجُ من حملة توزيع الصور الموحدة. أضاف بلهجة ساخرة: “صحيح أنني لن أنتخب لكني علقت الصورة ولم أشعر بأي ذنب. هي اليوم مجرد إجراء لدرء الخطر والشبهة، ولا أعتبرها إعلاناً عن أي موقف سياسي أو فكري”.

هذه الحملة الممنهجة لإجبار أصحاب المحال والمقاهي على وضع صور بشار الأسد دفعت بالبعض للقول بسخرية إن الخطوة التالية ستكون إجبار أصحاب السيارات على ذات الأمر، وربما إلزام كل عائلة على وضع صورة على الأقل في غرفة المعيشة، حتى لو كانت غرفة مدمرة في واحدة من المدن المنكوبة، فالصورة أهم من كل شيء.

ولم تقتصر حملة الصور والتأييد الإجباري على ذلك، بل طالت العديد من المؤثرين والعاملين في الشأن العام. يتحدّث لرصيف22 شخص من داخل الوسط الفني، فضل عدم الكشف عن اسمه، حول مطالبات مباشرة وغير مباشرة من الأفرع الأمنية للفنانين على اختلافهم بأن يعلنوا تأييدهم لبشار الأسد في الانتخابات. يضيف: “يطلبون من الجميع، عن طريق زيارات واتصالات وحتى رسائل على تطبيقات التواصل، أن ينشروا صوراً أو مقاطع فيديو حول الانتخابات. البعض من الأساس مؤيدون فعلاً للرئيس الحالي، لكن بشكل تلقائي سيلجأ الجميع للتصريح بأنهم يدعمون الأسد، فلا خيار لهم، ومَن رفضوا الأمر برمته قلائل للغاية، فهو يتطلب جرأة كبيرة”.

المناطق المدمرة

لا يختلف الحال كثيراً في المناطق التي خرجت عن سيطرة الحكومة السورية لصالح فصائل المعارضة خلال سنوات الحرب، ثم عادت بعد معارك عنيفة أسفرت عن خسائر بشرية ومادية هائلة، تمثلت في قتل وجرح ونزوح الآلاف ودمار واسع للمنازل والبنى التحتية.

منذ بدء الحملات الانتخابية، يبدو واضحاً إصرار النظام السوري على إظهار حالة مبالغ بها من التأييد له من داخل المناطق التي خرجت ضده عام 2011، مع نشر صور ومقاطع من المهرجانات والاحتفالات من غوطتي دمشق الشرقية والغربية، وحلب وحمص وغيرها، مع عبارات رنانة مثل “سننتخب رغم الأصوات الحاقدة” أو “فرحة الأهالي بمشاركتهم في إعادة إعمار سوريا” أو “سننتخب لمستقبل أفضل يجمع كل السوريين”.

تحدث لرصيف22 شاب عشريني مقيم في مدينة دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية والتي كانت معقلاً أساسياً للثورة ثم للحراك المسلح، شارحاً الوضع: “هناك غضب عارم في عموم مناطق الغوطة. يجبرون الجميع على إلصاق صور لبشار الأسد، وهناك شعور عام بالخوف من عدم الخروج في مسيرات مؤيدة له. نتمنى لو كان بإمكاننا أن نرفع صوتنا ونقول للجميع بأننا لم ننسَ كل مَن دفعوا أرواحهم ثمناً لحلمنا بمستقبل أفضل، لكن ما باليد حيلة”، يختتم حديثه بصوت منكسر.

في المقابل، نشرت العديد من الصفحات المحلية أنباء عن كتابات وشعارات رافضة للانتخابات ومناهضة للأسد، انتشرت مؤخراً في عدد من المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة في السنوات السابقة، مثل بعض مناطق دمشق وريفها. ورغم محدوديتها، تبقى مؤشراً على وجود رفض واستنكار لفكرة الانتخابات بهذه الطريقة وضمن الظرف الاستثنائي الذي يعيشه السوريون اليوم.

ويبقى السؤال: هل نشارك أم لا؟

في بلد يرزح تسعون بالمئة من سكانه تحت خط الفقر، وتنعدم مقومات الحياة فيه، ويستمر حكمه بعقلية أمنية لم تتغير منذ عقود، يبدو سؤال “هل نتوجه لصناديق الاقتراع يوم الأربعاء أم لا؟”، سهلاً وصعباً للغاية في آن واحد.

يقول صاحب مكتبة صغيرة في واحد من أحياء دمشق الشعبية، إن هذا السؤال يؤرّقه منذ أيام. يضيف لرصيف22: “لست مقتنعاً بكل العملية الانتخابية، فكل ما يحدث هو مسرحية لم يتقنوا حتى إخراجها، ولست مؤيداً لبشار الأسد بطبيعة الحال، لكنني أفكر بتبعات عدم الانتخاب. هل يعقل أن يسجلوا بيانات كل المنتخبين، ويحاسبوننا يوماً ما على عدم مشاركتنا؟”.

“كأننا في السجن”، تصف ناشطة ثلاثينية من مدينة حمص الأمر لرصيف22، مستذكرة ما حصل معها عندما كانت في السجن المركزي عام 2014، بسبب مشاركتها في الحراك ضد النظام: “في يوم الانتخابات، بداية شهر حزيران/ يونيو 2014، أخرجونا من غرفنا في الصباح الباكر، وجلبوا صناديق اقتراع وأوراقاً، وأمسكوا بأصابعنا وغطسوها بالحبر الأزرق ووجهوها نحو صورة بشار الأسد على ورقة الاقتراع. مارسنا حينها حقنا الدستوري بالانتخاب بكل ديمقراطية، لكنها ديمقراطية الجلاد الواقف فوق رؤوسنا، وهو يحمل بيده اليمنى ورقة الاقتراع، وباليسرى سوطاً ينهال به على أجسادنا”.

رصيف 22

—————————————-

عن مسرحية انتخاب الأسد/ حسين عبدالحسين

روت لي صديقة وزميلة كانت تعمل في صحيفة لبنانية أنها ذهبت يوما لتغطي عملية إعادة انتخاب رئيس سوريا الراحل، حافظ الأسد. في لبنان كان يعمل قرابة مليوني سوري، وفي بيروت، أقام مركز الاستخبارات السورية في فندق بوريفاج قلم اقتراع توافد إليه السوريون المقيمون في لبنان، ومعظمهم كانوا من العمال المياومين.

وصلت صديقتي إلى الفندق وهي ترتدي سترة مكتوب عليها “صحافة”، ومعها أحد المصوّرين، وراحت تجري مقابلات مع الناخبين. فجأة، أطل عليها أحد المسؤولين عن صندق الاقتراع وأعطاها ورقة اقتراع، ودعاها لانتخاب الأسد. ضحكت وخالته يمزح، وقالت له لكني لبنانية، فأجابها “وشو عليه؟”.

أضافت الصديقة أنها حتى كلبنانية، أحسّت بالخوف من المخابرات السورية، فما كان منها إلا أن وضعت الورقة في صندوق الاقتراع. في اليوم التالي، أعلنت كل وسائل الإعلام أن السوريين أعادوا انتخاب الأسد بنسبة أكثر من 99 في المئة.

المشهد تكرر معي بعد سنوات، وإن بصورة مختلفة قليلا، ففي حمأة استعدادات الولايات المتحدة للحرب في العراق ولنشر الديمقراطية في العالم في عام 2003، أعلن الرئيس العراقي صدام حسين نيته إقامة استفتاء على رئاسته لتأكيد أن العراقيين يختارونه بملء إرادتهم.

كنت في بيروت ورنّ هاتفي. القائم بالأعمال في السفارة العراقية، وكان بيننا معرفة سابقة، اتصل بي شخصيا وسألني: “ها حسين؟ تعرف شكو باجر (تعرف ماذا سيحصل يوم غد)؟”. تلعثمت ولم يخطر لي ما الإجابة التي يتوقعها الدبلوماسي العراقي. تفاديا لإحراجي، بادرني بالقول: “باجر يوم الزحف الكبير”.

يوم “الزحف الكبير” هي التسمية التي أطلقها صدام على الاستفتاء.

تظاهرت بأني كنت أعرف مسبقا وكنت أنوي الذهاب للسفارة للتصويت. وحاولت المزايدة على القائم بالأعمال، وقلت له إن الصحيفة التي كنت أعمل فيها أصرّت أن أكتب لها تقريرا عن تصويت المغتربين العراقيين في بيروت وعن الاحتفال الكبير الذي سيقيمونه. قال لي القائم بالأعمال: “ايه والله عاشت إيدك، أنت ما تقصّر”.

طبعا القائم بالأعمال هذا كان لطيفا لأنه كان من الدبلوماسيين من خريجي وزارة الخارجية. الدبلوماسيون الآخرون في بيروت كانوا من المخابرات، لا ذوق عندهم ولا لطافة، فقط صمت وعبسة ومعاملة فجّة مع أي عراقي يزور السفارة.

أنا كنت مزدوج الجنسية، عراقي لبناني، وكان يمكنني تجاهل السفارة العراقية في بيروت، لكن الكشف عن لبنانيتي كان سيكلف عائلتي كل ما تملكه في العراق، وهو ما أجبرني على تجديد جوازي العراقي بشكل دوري، وتجديد إقامتي في لبنان، مع أني لبناني.

لبنان، وبسبب كثرة مغتربيه، كان معتادا ازدواجية الجنسية، وكان “الأمن العام اللبناني” يعاملني بلطف. في كل مرة أقوم فيها بتجديد إقامتي، يقول لي “الأمن العام” لكنك لبناني لا تحتاج إقامة. أشرح لهم وضعي العراقي، فيردون إذا هيك “تكرم عينك”، وطبعا غالبا ما يكون العاملون في الأمن العام من بلدتي، بعلبك، أو يعرفون أقاربي أو أعرف أقاربهم. كان لبنان بلدا ودودا جدا مقارنة بصدام وبعثييه واستخباراته.

في يوم “الزحف الكبير”، تواعدت مع مصوّر الصحيفة على اللقاء أمام السفارة العراقية. تأخّر، فوجت نفسي مضطرا للدخول وحدي. جلسنا نحن عراقيو لبنان في صالة كبيرة ووزّع عيلنا موظفو السفارة أوراق اقتراع مكتوب عليها “هل تجدد البيعة للسيد الرئيس صدام حسين”، مذيلة بخياري “نعم” و “لا”.

ثم قال لنا موظفو السفارة “الأخوة ممن يرغبون بالاقتراع خلف الستارة، عندنا ستارة هنا”، وأشاروا إليها. أدرك العراقيون المطلوب. “ستارة، من ينتخب خلف ستارة، أعطيني سكينا لأطلع دمي وابصم للسيد الرئيس القائد على نعم بالدم”. هكذا رحنا نتظاهر كلنا في القاعة بالسعادة لرسمنا دائرة على “نعم”. سعى كل منا أن يتأكد أن موظفي السفارة شاهدوه وهو يختار “نعم”.

ولتأكيد الولاء، وقف أحد الناخبين العراقيين. قال بعض الكلمات الحماسية، وأضاف “دفاعا عن منجزات ثورة تموز المجيدة، أعلن فتح باب التطوع لقتال الأميركان في العراق”. عظيم. بدأ دفتر التطوع يدور من ناخب إلى آخر. وصلني. ممتاز. أراني الآن ذاهب لقتال الأميركان. كتبت اسمي وتوقيعي. ثم وقف نفر آخر، وراح يغني “هلا يا صكر البيدا يلقاطع سكة بعيدة”، ودار رقص الجوبي، ثم بعض هتافات “بالروح بالدم نفديك يا صدام”.

وصل زميلي المصوّر، وقال لي “تعال أصورك تنتخب”، أجبته: “للأسف، انتخبت”. سمعني القائم بالأعمال وقال لي: “لا مشكلة”، وناولني ورقة اقتراع ثانية. رسمت دائرة حول “نعم” وأسقطتها مرة ثانية في صندوق الاقتراع. هذه المرة، مع صورة وأنا أهمّ بإسقاطها، وخلفي صورة صدام حسين وحولها إضاءة وورود.

في اليوم التالي، عنونت كل صحف العالم أن صدام حسين فاز باستفتاء إعادة انتخابه بنسبة مئة في المئة، وعنونت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” أن “العراقيين انتخبوا رئيسهم المثالي” (بسب حيازته نسبة مئة في المئة).

هكذا هي انتخابات حافظ الأسد وصدام حسين، وهكذا هي في الغالب انتخابات الرئيس السوري، بشار الأسد، للفوز بولاية رابعة أو خامسة أو سابعة، لا فرق. هي مسرحية ساخرة مخصصة لبعض وسائل الإعلام الحزبية، أو وكالات الأنباء الروسية والمسؤولين الروس، الذي ما يلبثون يناقشون الانتخابات في سوريا ويرددون أن الأسد رئيس منتخب، وأن الوجود الروسي والإيراني في سوريا شرعي لأنه بطلب من الحكومة الشرعية.

لدى الأسد حكومة، وهذا صحيح، لكن عن شرعيتها، اسألوا من اقترعوا لها، ولا تعاتبوهم لاقتراعهم، فقد تكون ظروفهم أملت عليهم ما لا يطيقون فعله، وهم يدركون أنها مسرحية، وأنهم شخصيات كومبارس يشاركون فيها، غالبا رغما عنهم.

————————————

سوريا: الجيش ووزارات الأسد يبتلعون ضريبة إعادة الإعمار

أموال الضرائب التي فرضتها الحكومة بزعم إعادة إعمار منازل السوريين المهدمة من الحرب تذهب لدعم تمويل النظام لنفسه. هذا التحقيق الاستقصائي يشرح كيف.

محمد بسيكي، وحدة التحقيقات الاستقصائية السورية (SIRAJ) ونيك ماثياسون، شبكة (Finance Uncovered)

تركت أُم أحمد كل شيء عندما هربت هي وأطفالها الأربعة من منزلهم في مدينة داريا، جنوب دمشق، العاب متناثرة في جميع أركان المنزل، والشهادات التي نالتها حين تأهلت لتصبح صيدلانية.    

غادرت العائلة في عام 2012، بعد أشهر من اندلاع ثورة ضد نظام بشار الأسد والذي تحولت لاحقاً الى حرب مستمرة منذ عقد من الزمن.

وعقب رحلة من الانتقال المتكرر، تعيش الآن هذه الأُسرة في حي ركن الدين في العاصمة. تقول أُم أحمد، التي طلبت تعريفها بلقبها خوفاً من التعرض لأي أعمال انتقامية من قِبل الحكومة، إنها تعيش هي وعائلتها في شقة إيجار موحِشة، مختلفة أشد الاختلاف عن منزلهم السابق الذي كان الضوء يغمره من انبثاق الفجر حتى غسق الليل.      

تروي بحزن شديد، “كان منزلي مفروشاً بالأثاث، والصيدلية كانت مليئة بالأدوية، والآن لا أمتلك أي شيء، كل ذلك أصبح حُلماً”.

بلغت كلفة رفع أنقاض منزل أُم أحمد الذي تبلغ مساحته 100 متر مربع في مدينة داريا، والتي كانت قاعدة عسكرية سابقة لقوات الجيش السوري الحر المُعارضة، نحو 25000 ليرة سورية (أي ما يعادل خمسين دولاراً).

نفدت أموالها حتى قبل أن تبدأ في التفكير في إعادة البناء.

في شهر مايو/أيار عام 2014، بينما كانت تشاهد التلفزيون الحكومي، علمت بشأن لجنة إعادة الإعمار في سوريا، وهي هيئة أنشأتها الحكومة ظاهرياً لمساعدة الشعب على إعادة بناء المنازل المدمرّة بفعل الحرب والقتال.  تقدمت أم أحمد بطلب بعد فترة وجيزة، لكنها لم تتلق أي ردّ منذ ذلك الحين.

مساعدات لم تصل

ثمّة آلاف الأشخاص، مثل أم أحمد، ممن تقدموا للحصول على تعويض من الفروع المحلية التابعة لهذه اللجنة الوطنية، التي أُنشئت في عام 2012. لكن كثراً منهم أفادوا بأن المساعدة لم تأتِ بعد.       

هناك ما يُقدر بنحو 6.2 مليون نازح داخلي جراء الحرب طويلة الأمد التي تشهدها سوريا، والتي دفعت بالبلاد إلى أزمة اقتصادية وإنسانية عميقة. وثمّة 5.6 مليون شخص آخرين فروا من منازلهم وسُجلوا كلاجئين. في عام 2018، قدّرت الأمم المتحدة تكلفة الدمار الناجم عن الحرب بحوالي 388 مليار دولار أميركي، ما يُعادل أكثر من 20 مرة من القيمة الإجمالية للاقتصاد السوري في العام الماضي.   

أحجم الغرب عن تقديم مساعدات مالية لبشار الأسد لإعادة بناء سوريا. وصرح كلاً من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أنهما لن يُقدما أي دعم لإعادة إعمار الدولة إلى أن يحدث انتقال سياسي، في حين أن قانون قيصر الذي أقرته الولايات المتحدة في عام 2019 يجعل الانخراط في جهود النظام أمراً شبه مستحيل.

ينتظر هذا الأسبوع ان تجري انتخابات رئاسية “صورية” في سوريا، وهي انتخابات جرى انتقادها كونها غير حرة وغير نزيهة، ومن شبه المؤكد أنها لن تؤدي الى انتقال سياسي للسلطة فمن المتوقع أن يحتفظ بشار الأسد بموقعه على رأس السلطة.

مع غياب التمويل الدولي في الأفق المنظور، فرض النظام السوري ضريبته الخاصة لتمويل عمليات إعادة الإعمار. وفي عام 2012، شكَّل لجنة بهدف المساعدة في إعادة بناء الدولة تحت إمرة نائب رئيس الوزراء ووزير الإدارة المحلية آنذاك عمر غلاونجي، والذي وُضع اسمه في قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي في العام نفسه.   

جمعت اللجنة ما يُقدر بنحو 386 مليار ليرة سورية، وفقاً لمشروع تحليل بيانات نفذه مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP)، وشريكه السوري سراج (SIRAJ) وشبكة Finance Uncovered للتحقيقات الاقتصادية. لكن ثمة القليل من الأدلة التي تشير إلى إنفاق الأموال لمساعدة مدنيين مثل أُم أحمد. 

على العكس من ذلك، توضح السجلات المتاحة أن لجنة إعادة الإعمار التابعة للنظام، غالباً ما خصصت الأموال للوزارات الحكومية والمؤسسات العامة، ما يجعل من المستحيل تتبع مصارف إنفاقها. فبعض من الأموال التي استطاع مشروع OCCRP  تتبعها، على الرغم من أنها مثَّلَّت جزءاً صغيراً من إجمالي الأموال، أُنفقت لتجديد المنشآت العسكرية وإسكان القوات الحكومية. كما أن الأموال التي أُنفقت على المدنيين ذهبت في الأغلب لأولئك الموجودين في المناطق الموالية للحكومة. 

تتوافق هذه النتائج مع البحث الذي أجراه مركز “كارنيغي” للشرق الأوسط، والذي خلُص إلى أن نظام الرئيس بشار الأسد قد استخدم نهجاً “انتقائياً في إعادة الإعمار” لدعم قوته السياسية والاقتصادية في بعض المناطق، بينما تجاهل الطبقات الاجتماعية الأكثر فقراً التي يرى النظام أنها تُمثل تهديداً له.   

ومثالاً على ذلك، في شهر يوليو / تموز من عام 2017، خصصت لجنة إعادة الإعمار 175 مليون ليرة سورية (340,000 دولار أميركي) لأعمال صيانة في حي مزة 86، وهو من أحياء دمشق الأساسية في دعم النظام.

وفي الوقت نفسه، لم يُعاد بناء أي شيء تقريباً في حي داريا المجاور، الذي كان قاعدة عسكرية سابقة للجيش السوري الحرّ المعارض، على الرغم من تعرضه لأضرار فادحة بفعل الحرب.    

عن هذا الحال يقول المهندس المعماري مظهر شربجي، وهو موظف في شؤون الحوكمة في وحدة المجالس المحلية، وهي مجموعة معارضة تعمل على مراقبة جهود إعادة الإعمار، إن لجنة إعادة الإعمار “تسمح بوضوح بإنفاق المال المأخوذ من صناديق إعادة الإعمار على الخدمات العسكرية والشُرطية والأمنية”. وأضاف شربجي، “تتصاعد تلك المخاوف جراء الافتقار إلى الشفافية، لا سيما فيما يتعلق بقيمة الأموال التي جُمعت وأوجه إنفاقها”.

لم تستجب لجنة إعادة الإعمار للطلبات المتعددة للتعليق على هذا الأمر. وقد وجه مسؤول إعلامي في وزارة المالية مشروع OCCRO لوزارة الإعلام للحصول على تصريح لتقديم استفسارات للجنة. ولم تُمنَح الموافقة حتى الآن. 

يقول أيمن الدسوقي، باحث وخبير في مركز “عمران” للدراسات الاستراتيجية في أنقرة، أنّ جني الضرائب تحت بند إعادة الإعمار، يأتي في إطار تمويل النظام لنفسه، ولتحقيق إيرادات من مصادر جديدة، بسبب تراجع النشاط الاقتصادي، وأضاف أنه لا توجد عمليات إعمار حقيقية.

 ‏أمّا في المناطق التي أعاد النظام السيطرة عليها وهي مدمرة بالكامل مثل داريا ودرعا وحلب ودير الزور، فكان هدفه الأساسي “تمويل ترميم وبناء مراكز السيطرة والتحكم، وهي مؤسسات الأمن والجيش والحزب. في حين لا يعطي إعادة إعمار المساكن أولوية”.

وعود لم تتحقق

في عام 2013، أصدرت الحكومة القانون 13، الذي نص على فرض ضريبة لتمويل إعادة الإعمار بنسبة 5% على الضرائب المباشرة، مثل الضريبة الخاصة ببيع العقارات وتجديد رخص السيارات، إلى جانب الضرائب غير المباشرة مثل ضريبة القيمة المضافة ورسوم القضايا القانونية، في حين تم إعفاء ضرائب الدخل. وفي عام 2017، ضاعفت الحكومة التي تُعاني من ضائقة مالية نسبة الضريبة إلى 10%.    

عندما أُعلنت تلك الزيادة، نقلت وسائل إعلام محلية على لسان وزير المالية آنذاك مأمون حمدان قوله إن الحكومة احتاجت لجمع مزيد من الأموال لإعادة بناء البنية التحتية والممتلكات الخاصة التي دُمرت خلال الحرب.

وفي تصريحه لصحيفة “تشرين” الحكومية السورية، قال المدير العام للهيئة العامة للضرائب والرسوم في سوريا آنذاك، الزبير درويش، إن الأموال سوف تُنفق على “دعم عمليات الإصلاح وإعادة بناء ما دُمر، فضلاً عن دعم إعادة توطين العائلات النازحة”.     

بناءً على ما سبق، أعتقد العامة من السوريين أن الضرائب ستُنفق على إعادة بناء منازلهم – وبالفعل أُنشئ نظام من خلال لجنة إعادة الإعمار للسماح للمواطنين بالتقدم للحصول على تعويض عن ممتلكاتهم المتضررة عن طريق لجنة فرعية في كل محافظة (حالياً يفرض النظام السوري سيطرته على حوالي 65 إلى 70 % من البلاد، بينما تقع البقية تحت سيطرة جماعات المعارضة أو قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد). ومن ثم  تُرسل تلك اللجان الفرعية بعد ذلك هذه المطالبات للجنة إعادة الإعمار المركزية للموافقة عليها. 

إلا أن الاطلاع على المستندات من قِبل مشروع  OCCRP   ووحدة التحقيقات الاستقصائية السورية وشبكة Finance Uncovered للتحقيقات الاقتصادية، كشف عن أن هذا لم يحدث. 

تُشير البيانات المُستقاه من مصادر مفتوحة، ومناقشات البرلمان، ووسائل الإعلام الحكومية، إلى أن الحكومة السورية رصدت نحو 30 مليار ليرة سورية (266 مليون دولار أميركي) للجنة إعادة الإعمار في عام 2013، ثم 50 مليار ليرة سورية (بقيمة 97.5 مليون دولار أميركي حسب أسعار الصرف اليوم) كل عام منذ ذلك الحين – بإجمالي نحو 380 مليار ليرة سورية، أو أكثر من 1.4 مليار دولار أميركي. كما ارتفعت عائدات ضريبة إعادة الإعمار عبر السنوات من ما يعادل 56 مليون دولار أميركي في عام 2016 لتصل إلى 132.4 مليون في عام 2020.     

تُظهر كشوفات إنفاق لجنة إعادة الإعمار السورية عن التزامات إنفاق بلغ إجمالها 263 مليار ليرة سورية فقط. ويُشير ذلك إلى نقص في الإنفاق يصل إلى 117 مليار ليرة سورية (حوالي 229 مليون دولار أميركي، رغم تذبذب قيمة الليرة السورية بشكل كبير خلال تلك المدة).

أين ذهبت بقية الأموال؟ لا يزال ذلك لغزاً.

تُشير الوثائق إلى إنفاق 24.2 مليار ليرة سورية (101 مليون دولار أميركي) فقط على إعادة بناء منازل المواطنين، أي أقل من 10% من الأموال المُخصصة للجنة إعادة الإعمار منذ عام 2014.

في المقابل، ذهبت نسبة 90.3% من الميزانية إلى الوزارات الحكومية والمؤسسات العامة، ومن ثمّ يستحيل التأكد من كيفية إنفاق الغالبية العظمى من تلك الأموال. لكن ما يمكن تحديده على وجه الدقة هو إنفاق جزء صغير، نحو 1.32 مليار ليرة سورية (2.7 مليون دولار أميركي)، على الجيش السوري وقوات الأمن.

حلل مشروع (OCCRP)، وشبكة Finance Uncovered للتحقيقات الاقتصادية، ووحدة التحقيقات الاستقصائية السورية (SIRAJ) أرقام 14 مصرفاً خاصاً وشركتي اتصالات، واكتشفوا ارتفاع إسهاماتهم من 477 مليون ليرة سورية (2.2 مليون دولار أميركي) في عام 2016 إلى أكثر من 1.4 مليار ليرة سورية (2.8 مليون دولار أميركي) في عام 2019.

قال حايد حايد، الباحث الاستشاري الكبير بمعهد Chatham House في لندن: “غياب الرقابة المجتمعية على عمل الكيانات الحكومية يسمح للنظام بالحرية المطلقة في استغلال الموارد العامة، بما في ذلك المساعدات الإنسانية”.

وأضاف: “لذا، بإمكان النظام استغلال تلك الأموال من أجل الحفاظ على نفسه وضمان بقائه إما عن طريق إنفاقها على قطاع الشرطة والأمن، أو عن طريق تمويل نفسه”.

ويرى المهندس المعماري السوري مظهر شربجي، الذي أجرى أبحاثاً حول كيفية نهوض البلدان التي مزقتها الحروب مثل لبنان وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية، أن جهود إعادة الإعمار في سوريا بدأت بداية خاطئة. وقال إنه كان ينبغي تكليف لجنة مستقلة بالإشراف على عملية إعادة الإعمار، وليس وزارة حكومية. وقال شربجي: “من الواضح أن اللجنة فضّلت الإنفاق على قطاعات الأمن العسكري والأمن الداخلي والسياسي على حساب الضحايا المدنيين”.

ويظل من الصعب إثبات هذا الخلاف، نظراً لغياب الشفافية. لكن يضرب شربجي مثالاً ببلدته، داريا، التي دمرتها الحرب. وعلى حد قوله، دُمر حوالي 70% من المدينة جزئياً، وحوالي نصفها دُمر إلى درجة يتعذر إصلاحها.

وأوضح شربجي أنه حتى اليوم، تعتبر الكهرباء شبه معدومة، والبنية التحتية وأنظمة الصرف الصحي مُدمّرة تماماً، مع عدم بناء أي مساكن أو الشروع في أي أعمال ترميم للبنية التحتية خلال السنوات الثلاث الماضية.

الأموال للجيش

تُظهر تقارير لجنة إعادة الإعمار المركزية في سوريا، المسؤولة عن تحديد أولويات الإنفاق وتخصيص الأموال، أن ما لا يقل عن 1.27 مليار ليرة سورية (2.6 مليون دولار أميركي) من الأموال قد ذهبت إلى قوات الجيش والشرطة.

رغم قلة المبالغ المذكورة، فإن غياب الشفافية قد يعني تحويل مزيد من الأموال المُخصصة لمساعدة أصحاب المنازل المدنيين لصالح الجيش والمؤسسات الأمنية.

راجع الصحافيون قرارات اللجنة المتعاقبة المنشورة على موقع وزارة الإدارة المحلية والبيئة، ووجدوا العديد من أمثلة الإنفاق على ممتلكات ومنشآت طبية مرتبطة بالجيش وقوات الأمن.

في أغسطس/آب 2016، قدّمت لجنة إعادة الإعمار مبلغ 50 مليون ليرة سورية (أكثر من 232,000 دولار أميركي آنذاك) إلى 167 فرداً من الجيش والشرطة. وفي وقت لاحق، قدّمت اللجنة تعويضات إلى 60 فرداً آخر من الجيش.

في يوليو/تموز 2017، وافقت اللجنة على إنفاق 91 مليون ليرة سورية (175,000 دولار أميركي) لإعادة بناء أقسام الشرطة وإدارات الأمن، إلى جانب إنفاق 100 مليون ليرة سورية (193,000 دولار أميركي) لترميم مشفى حمص العسكري، غرب سوريا.

وفي الشهر نفسه، يوليو/تموز 2017، وافقت اللجنة على إنفاق 480 مليون ليرة سورية (930,000 دولار أميركي) لإصلاح الطريق المؤدي إلى مشفى تشرين العسكري في دمشق.

في سبتمبر/أيلول 2017، وافقت اللجنة على دفع تكاليف إعادة إعمار منازل جرحى القوات المساعدة التي قاتلت إلى جانب الجيش السوري، دون تحديد تكلفة ذلك.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أوصت اللجنة بمنح الأموال اللازمة لترميم 20 شقة سكنية مملوكة لوزارة الدفاع من أجل مصابي القوات العسكرية، دون أن يذكر الإعلان أرقاماً محددة.

أوصت لجنة إعادة الإعمار بالموافقة على عقود العمل السنوية لأفراد يتولون رعاية جرحى القوات المساعدة في إطار مبادرة “جريح الوطن”. ولم تقدم اللجنة أرقاماً محددة.

في عام 2018، خصصت اللجنة أيضاً 350 مليون ليرة سورية (680,000 دولار أميركي) لترميم وتحديث المستشفيات العسكرية في مدينتي اللاذقية وطرطوس الساحليتين، المواليتين للنظام. وأنفقت اللجنة 200 مليون ليرة سورية أخرى (389,000 دولار أميركي) على ترميم مشفى عبد الوهاب آغا العسكري في مدينة حلب.

وأضاف قاضي: “يصعُب تحديد مصير الأموال الضخمة التي حصل عليها النظام من السوريين تحت شعار إعادة الإعمار بسبب غياب الشفافية والفساد المستشري داخل الحكومات السورية المتعاقبة على مدى خمسة عقود”.

كما صرح: “لا يزال قرابة 10 مليون سوري يعيشون خارج منازلهم، ولا تزال جميع البنى التحتية تعاني من مشكلات هيكلية، مثل انقطاع الكهرباء والمياه باستمرار، بالإضافة إلى عدم توافّر الخدمات والسلع الأساسية الأخرى بصورة جيدة”.

واتفق غافين هايمان، المدير التنفيذي لمنظمة Open Contracting Partnership، ومقرها واشنطن، مع تقييم القاضي.

قال هايمان: “المبالغ النقدية الهائلة، والبيئة الهشة، وغياب الرقابة، كلها عوامل تُسهّل من مهمة المسؤولين معدومي الضمير في إنفاق أموال إعادة الإعمار في غير مصارفها. إنها وصفة مثالية لحدوث كارثة. ينبغي إدارة الاستثمارات والميزانية والعقود بطريقة علنية لضمان استخدام الأموال لإعادة بناء الاقتصاد وحصول مواطني البلاد على الحياة التي يستحقونها”.

بالنسبة للنظام، قد يُمثّل هذا القدر الكبير من الأموال النقدية المُخصصة لإعادة الإعمار إغراءً قوياً بالنظر إلى الحالة المزرية للاقتصاد السوري. لا سيّما مع تفاقم الوضع بسبب انخفاض قيمة الليرة السورية التي فقدت ثلثي قيمتها مقابل الدولار الأميركي في عام 2020، وسجلت مستوى انخفاض قياسي في شهر مارس/آذار من هذا العام. ووفقاً لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة 251% خلال العام الماضي فقط.

لا تزال المدن التي كانت تحت سيطرة المعارضة واستعاد النظام السوري سيطرته عليها، مثل حمص القديمة وريفها، وريف دمشق، وحلب، ودرعا، ودير الزور، وغيرها الكثير، تحت الأنقاض. بالرغم من أن النظام يُحصّل الضرائب في تلك المدن التي كانت تحت سيطرة المعارضة في السابق.

قال حايد حايد، من معهد Chatham House في لندن، إن الحكومة السورية رفضت حتى عروضاً لمساعدة المواطنين في المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة من قبل، مثل درعا، مؤكداً بذلك على أن “النظام غير مهتم بإعادة الإعمار بشكل حقيقي”.

قال الصحفي الاقتصادي السوري سمير طويل إن البلاد تحتاج إلى خطة وطنية، تحظى بدعم من الجهات المانحة والوكالات والشركات الدولية، لضمان إعادة إعمار البلاد بشكل مُنصف وعادل.

وقال طويل: “المواطنون والشركات السورية هم ضحايا جهود حكومية منظمة لجمع الأموال تحت مُسمّى ضريبة إعادة الإعمار، بينما تفشل تماماً في تحقيق الغرض الحقيقي من جمع تلك الأموال”.

شارك علي الإبراهيم من وحدة التحقيقات الاستقصائية السورية (SIRAJ) في إعداد التحقيق.

أنجز هذا التحقيق بدعم من مشروع تتبع الأموال Money Trail التابع لمنظمة Journalismfund.eu  

درج

————————————

قبيل الانتخابات الرئاسية السورية: روسيا تجدد اتهاماتها للمعارضة والدفاع المدني/ تقارير عربية

قال نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الخاص للرئيس فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط وإفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، الإثنين، إنه “لا يستبعد إقدام المسلحين في سورية على تنفيذ استفزازات أثناء إجراء الانتخابات الرئاسية السورية”. وفق ما نقلت وكالة “تاس” الروسية.

ومن المقرر إجراء الانتخابات في الـ 26 من مايو/ أيار الحالي بعد قبول طلبات ثلاثة مرشحين أولهم رأس النظام الحالي بشار الأسد، والنائب السابق عن “الحزب الاشتراكي” عبد الله سلوم عبد الله، ومحمود أحمد مرعي، الأمين العام للجبهة الديمقراطية السورية التابعة للنظام.

واتهم المبعوث الخاص للرئيس الروسي فصائل المعارضة قائلاً “قد تحدث استفزازات في يوم الاقتراع أو قبله أو بعده، لأن الوضع بالطبع صعب للغاية للأسف”. وأضاف: “لم نحقق بعد انتصاراً كاملاً على الإرهابيين في المنطقة وفي سورية على وجه الخصوص”.

من جانبه، ادعى نائب رئيس مركز المصالحة الروسي في سورية الأدميرال ألكسندر كاربوف، في بيانٍ لوزارة الدفاع الروسية، ليل الأحد، أن “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) برفقة “الدفاع المدني السوري” (الخوذ البيضاء) يخططان لتنفيذ هجوم إرهابي كيماوي في محيط مدينة جسر الشغور غرب محافظة إدلب، شمال غرب سورية. وفق وكالة “نوفوستي” الروسية.

وقال كاربوف إن “المسلحين كانوا يعدون لاستفزازات في محافظة إدلب باستخدام مواد سامة قبل بدء الانتخابات الرئاسية في سورية”. وأشار إلى أن “المركز تلقى معلومات تفيد باستعداد مسلحي (هيئة تحرير الشام) لاستفزازات في غربي محافظة إدلب باستخدام مواد سامة، برفقة ممثلين عن منظمة (الخوذ البيضاء) الإنسانية التي وصفها بـ (الزائفة)”. واتهمهما بأنهما “قاما يوم أمس الأحد بتسليم 6 حاويات بها مواد سامة، يفترض أنها مادة الكلور، إلى منطقة جسر الشغور”.

وحول هذه الاتهامات أوضح رائد الصالح مدير “الدفاع المدني السوري”، في تصريح لـ”العربي الجديد” أن “ماكينة البروباغندا الروسية لم تتوقف يوماً عن نشر الادعاءات الكاذبة عن عمل الدفاع المدني السوري، ومحاولة تشويه صورته وخاصة أن متطوعي الدفاع المدني السوري هم المستجيبون الأوائل لإنقاذ المدنيين، جراء الغارات الجوية الروسية، وبالتالي هم الشهود الأوائل على الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين، فوضع طبيعي أن يكون من ينقذ عدواً لمن يقتل، ووضع طبيعي أن يكون من يساعد المدنيين ويخاطر بنفسه عدواً لمن يشردهم ويدمر منازلهم، فهذا السبب من أهم الأسباب”.

وأضاف: “كما أن هناك أسباباً أخرى كامتلاك الدفاع المدني وثائق وأدلة على جرائم الحرب التي ارتكبتها روسيا بحق المدنيين في سورية (كون متطوعيه هو المستجيبون الأوائل) والتي لا يدخر الدفاع المدني جهداً في عرض هذه الوثائق في أي محفل دولي لإدانة روسيا، بالاضافة إلى القاعدة الشعبية التي تمتلكها الخوذ البيضاء بين السوريين، وقدرتها على إيصال صوت السوريين للمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية على الرغم قوة الآلة الدعائية الروسية والتي حاولت على مدى سنوات تشويه الحقائق وتزييفها، إلا أن الحقيقة كانت هي الأوضح دائماً”.

وشدد الصالح على أنه لا بد من توضيح نقطة مهمة، وهي أننا في كل مرة تجدد فيها روسيا هذه الاتهامات نشعر بالريبة مما قد يحدث بعدها، فقد يشن التحالف الروسي مع النظام هجوماً كيميائياً لاتهامنا به، ولا سيما أنهم استخدموا هذا السلاح أكثر من 200 مرة موثقة دون أي ردة فعل دولية حقيقية ترقى لمستوى هذه الجرائم”.

وأشار إلى أن “الاتهامات المتكررة تصب ضمن جهود روسيا لإبعاد التهمة عن نظام الأسد والتشويش على نتائج التحقيقات التي تقوم بها الجهات الدولية الأخيرة فيما يخص ملف الهجمات الكيميائية في سورية، بعد أن أيقنوا أن المحاسبة قادمة لا محالة، وأنهم لا يمكنهم دحض الأدلة المقدمة عن الهجمات الكيميائية (بما فيها أدلة الخوذ البيضاء)”.

وبين مدير الدفاع المدني أن “هناك نوعين لتكرار الاتهامات، الأول إيقاعي، أي يسير وفق إيقاع و لا يرتبط بأي عامل آخر بمجرد تكرار الكذب، متبعين نظرية جوزيف غوبلز، بوق الإعلام النازي وذراع هتلر القمعية ضد حرية الفكر والتعبير: (اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس”، وروسيا والنظام لا يختلفون بشيء عن النازية؛ أما التكرار الثاني للاتهامات فهو يرتبط بأحداث مباشرة كتحقيقات دولية، أو جلسات لمجلس الأمن حول سورية، أو ظهور أدلة جديدة تدين النظام وروسيا، أو محاولة التغطية على موضوعات مهمة في الشأن السوري، ومحاولة إما حرف البوصلة عنها أو تبرئة نظام الأسد من أي تهمة يتداولها الإعلام، وحتى عند تكريم أو حصول “الخوذ البيضاء” على أي جائزة إنسانية ينبري الإعلام الروسي ومن بعده إعلام النظام لتكرار الاتهامات، وآخرها الانتخابات الهزلية التي يجريها نظام الأسد”.

وأشار إلى أن تزامن تكرار الاتهامات الآن يصب ضمن جهود روسيا في تلميع صورة النظام وإعادة تعويمه ومحاولة نفي استخدامه للأسلحة الكيميائية رغم تقارير منظمة “حظر الأسلحة الكيميائية” التي أثبتت استخدامه السلاح الكيميائي في أكثر من موضع في خان شيخون وسراقب واللطامنة، ومع كل محاولة جديدة لبث الرعب وتحويل انتباه المجتمع الدولي، نقلق بكل جدية عما قد ينتج عن هذه الاتهامات الكيدية، فنحضر فرقنا ونرفع الجاهزية تحسباً لوقوع هجمات كيميائية جديدة لتنسبها روسيا إلينا.

العربي الجديد

——————————

تلغراف: نظام الأسد يحضر لانتخابات مزورة وسط انهيار عام / إبراهيم درويش

نشرت صحيفة “ديلي تلغراف” تقريرا لمراسلها داني مكي قال فيه إن المتخرجين من الجامعات في سوريا يخططون للفرار من بلدهم وقبل أن تذهب البلاد إلى انتخابات رئاسية مزورة من المتوقع أن يفوز بها الرئيس بشار الأسد.

 وجاء فيه أن عماد الذي أنهى دراسة الهندسة لا يفكر بالسياسة أو كيفية التصويت فهو يحاول بدلا من ذلك الهروب من الأجور والبطالة المتزايدة ونقص الوقود التي لم تعد مرغوبة أو محتملة. وقال “ليس لدي إلا القليل من المال للسفر، لكن لم يتبق لي أي شيء هنا”. وكان يتحدث من شقته في غرب دمشق: “يزداد الوضع سوءا عن سوء والاقتصاد سيئ والعملة تنهار والفساد المتزايد والعقوبات المشددة وقلة من الناس سعيدة هنا والبلد لم يعد يصلح إلا للأغنياء”. وسيذهب الناخبون السوريون إلى صناديق الاقتراع يوم الأربعاء والتي تقدمها الحكومة على أنها عودة للحياة الطبيعية بعد عقد من الحرب المدمرة.

ولا أحد يشك في نتائج الانتخابات فمن بين 50 مرشحا تمت المصادقة على ثلاثة فقط منهم حيث لم يظهر بشار الأسد أي استعداد للتخلي عن السلطة بعد 21 عاما. لكن التفكك الناتج عن الحرب والعقوبات والأزمة في لبنان أدت لانهيار الاقتصاد السوري. وهناك موجات من أبناء الطبقة المتوسطة يأملون بالهروب رغم إغراءات حكومة الأسد ومنع الدول الأوروبية لهم.

وقال عماد “عندما أبيع ممتلكاتي وتبيع أمي مجوهراتها فسندفع للمهربين لأخذنا إلى تركيا ومن ثم إلى أوروبا”. و”تكلف في الحد الأدنى 10.000 دولار، ومن يملك هذا المبلغ” و”لكن الخيار البقاء هنا وتضييع الوقت في هذا الوضع الرهيب أو البحث والاستقراض والعثور على حل لتحسين الوضع لأن مكونات الحياة الجيدة في سوريا غير موجودة لي. وتعتمد عائلتي علي الآن لتأمين مستقبلها”. وأدى النزاع الذي اندلع في عام 2011 إلى مقتل أكثر من 388.000 شخص ودفعت أعدادا كبيرة من السكان على الفرار، حوالي 12.4 مليون شخص، أي نسبة 65% من سكان سوريا قبل الحرب.

لكن الخروج ليس سهلا. فبعد عام 2015 الذي شهد طلبات لجوء لأكثر من 387.000 سوري في أوروبا زادت الدول الأوروبية من تشددها. وأعلنت الدنمارك في بداية العام عن سياسة ترحيل السوريين إلى بلادهم لأن بلدهم لم يعد خطيرا. وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي نظمت الحكومة السورية مؤتمرا في دمشق حاولت من خلاله جذب ستة ملايين لاجئ سوري تركوا بلدهم على مدى عشرة أعوام، وهناك قلة مستعدة للعودة. وأظهرت الدراسات الأخيرة أن نسبة 90% من اللاجئين السوريين في لبنان والأردن والعراق ومصر لا تنوي العودة إلى سوريا في العام المقبل، حتى ولم يكونوا قادرين على تأمين الحاجيات الأساسية في الدول المضيفة. وفي دمشق فالخط الفاصل بين العادية والفوضى هو طريق. فبعض الشوارع نظيفة وكأنها في سويسرا وفي الأحياء القريبة فقد تحولت إلى صفوف من البنايات المدمرة. والتباين الشديد بين الأغنياء ومعظمهم من شلة النظام والفقر المدقع الذي تعاني منه الطبقة المتوسطة واضح في كل ملامح الحياة اليومية.

وتقول ضحى بركات، الطالبة بجامعة دمشق: “أحيانا تشاهد آخر موديلات السيارات عام 2021 في الشارع من بي أم دبليو إلى رينج روفرز وعليها لوحات سورية. وعلى الناس عمل ألف عام لشرائها. أما بقية البلد فهم يكافحون من أجل الحصول على الأمور الأساسية والجوع في كل مكان”. وبالنسبة للناس العاديين فالحصول على وقود لقيادة سياراتهم يعتبر أمرا صعبا، والطوابير تمتد في الشوارع حيث ينتظر الناس الرسائل النصية من مزودي الحكومة كي تخبرهم عن وجود حصة لهم لا تزيد عن 25 لترا من الوقود المدعم. وقال زكريا عبود، 27 عاما، وهو متدرب على المحاماة “لم أعد أحتمل الانتظار ساعات للحصول على وقود نادر لا أستطيع الحصول عليه، ولهذا أختصر الطريق وأمشي”. و”سأحاول الانتقال وبكل الوسائل إلى ألمانيا أو فرنسا وحتى لو عنى هذا أن أكون لاجئا، فليكن وسأبيع سيارتي لعمل هذا”.

القدس العربي”

——————————

سوريا: حملة لمقاطعة الانتخابات في درعا و«خيمة مضافة الجبل» يرعاها «أمن الدولة» في السويداء/ هبة محمد

تتواصل الحملة الشعبية لمقاطعة الانتخابات الرئاسية الشكلية المزمعة في 26 من الشهر الجاري، في محافظات الجنوب السوري حيث نشر ناشطو محافظة درعا مناشير ورقية تدعو لمقاطعة الانتخابات التي وصوفها بأنها «غير شرعية» وسط احتفالات أقامها قادة الميليشيات الموالية للنظام وعناصر فرع أمن الدولة تحت اسم «خيمة مضافة الجبل» في السويداء، وزيارات مكوكية لقيادات حزب البعث، إلى عشرات العائلات الدرزية، لإقناعهم بالمشاركة في الانتخابات المرتقبة، قابلها تشويه صورة رئيس النظام السوري من قبل أهالي المدينة جنوب البلاد.

ورغم شكلية الانتخابات على المستوى الداخلي، إلا أن النظام السوري وحلفاءه يواجهون تحديات واضحة قد تفسد الاستثمار السياسي والإعلامي فيها، ومن أبرز هذه التحديات فقدان النظام السيطرة الفعلية على المناطق التي يفترض أنها داخلة ضمن نفوذه لاسيما في درعا والسويداء جنوب العاصمة.

المتحدث باسم تجمع أحرار حوران «أبو محمود الحوراني» قال إن شباناً من أهالي درعا نشروا ملصقات ومناشير ورقية تدعو لمقاطعة الانتخابات الرئاسية على جدران بلدية مليحة العطش، وجدران مسجد أبو بكر الصديق، وعند الكراج الواقع على الطريق العام غربي البلدة.

وحملت الملصقات شعارات «العبيد يرضخون والأحرار يرفضون» «حاربوك وعارفين أبوك» «لا استقرار للبلد بوجود الأسد».. ووفقاً لـ»أبو محمود الحوراني» فإن ظاهرة «الرجل البخاخ عادت على المنطقة حيث امتلأت جدران درعا البلد بعبارات تدعو لمقاطعة الانتخابات الرئاسية».

مسرحية مكررة

المرصد السوري لحقوق الإنسان، قال بدوره إن حملة مقاطعة «مسرحية الانتخابات الرئاسية» لا تزال مستمرة في مناطق متفرقة من الجنوب السوري، وعلى وجه الخصوص في درعا البلد حيث كُتب على جدرانها «لا شرعية لانتخابات الأسد ولا استقرار للبلد بوجود الأسد» إضافة إلى عبارات وملصقات على جدران مدن وبلدات وقرى المحافظة، كالعجمي وتل شهاب والمزيرعة ونمر والمزيريب وعتمان ومناطق أخرى في أرياف درعا الشمالية والغربية والشرقية، تندد بالانتخابات وتطالب بمقاطعتها، وجاء في بعض العبارات «لا تنتخبوا مجرم العصر ولا تنتخبوا محبوب الصهاينة» وبأخرى «لا تنتخبوا الطاغية قاتل السوريين» بينما قام مجهولون في السويداء «بتشويه صورة الرئيس السوري، ضمن الحملة الترويجية لمسرحية الانتخابات الرئاسية».

وقال مدير «شبكة أخبار السويداء 24» أن مجهولين شوهوا قبل أيام عشرات صور الإعلانات الانتخابية في مدينة السويداء، «للمرشح بشار الأسد، الذي سيفوز كما تجري العادة في الانتخابات الرئاسية، بينما سارع أعضاء حزب البعث إلى تبديل الصور».

ووسط التحضيرات الجارية على قدم وساق ترقبًا للعملية الانتخابية المحسومة النتائج، قال «نور رضوان» لـ»القدس العربي» ان «احتفالات البعثيين، وقادة الميليشيات، وتجار الحرب، والزعامات التقليدية تتواصل في محافظة السويداء، استعداداً لمسرحية الانتخابات الرئاسية المرتقبة، وسط محاولات لإقناع المجتمع بالمشاركة فيها».

وأضاف المتحدث أن «قيادة شعبة حزب البعث، أجرت زيارات إلى معظم العائلات في البلدة، لإقناعهم بالمشاركة في الانتخابات المرتقبة، والتصويت للأسد الذي سيفوز بكل تأكيد، كما أجرت الفرق الحزبية زيارات في محاولة لإقناع جميع العائلات بالمشاركة في الانتخابات، التي يصفها البعثيون بالواجب الوطني، بينما تعتبرها شريحة واسعة من المواطنين السوريين غير شرعية».

وبإشراف هذه الفرق تعم خيم الاحتفالات العديد من قرى وبلدات محافظة السويداء، من بينها قرى «شقا ونمرة وداما ومفعلة والقريا وصلخد» وغيرها، حيث أقيمت خلالها فعاليات رقص وحفلات فنية للأطفال، دون التطرق لوجود مرشحين منافسين للأسد أو الحديث عن برنامجه الانتخابي.

كما أقامت قيادة ميليشيا «الدفاع الوطني» احتفالاً في الفندق السياحي لمناصرة الأسد، وكذلك أعلن فرع أمن الدولة عن إقامة احتفال أمام مقر الفرع على طريق قنوات، تحت اسم «خيمة مضافة الجبل» ما أثار استياء مواطنين من اختزال اسم «مضافة الجبل» في خيمة أمام فرع أمني.

ووفقًا لرضوان فإن تنظيم الاحتفالات لا يقتصر على حزب البعث الحاكم، إنما «نجد طوقاً من تجار الحرب وقادة الميليشيات والزعماء التقليديين من شيوخ وشخصيات أحيت ألقابها العشائرية بظل حكم الأسد وخلال النزاع الحاصل في سوريا، وهذا ينطبق على المحافظات السورية كافة أيضاً» مشيراً، إلى أنَّ هذا الدعم المقدم من الزعامات والتجّار والقادة المحركين لأنواع الفصائل والميليشيات، «يتمثل بتقديم آرمات انتخابية منشورة باسمها على الطرقات، بينما يواجهها انتقاد شعبي نتيجة الأوضاع الأمنية والمعيشية المتدهورة».

وكانت المحكمة الدستورية، قد أعلنت الاثنين 3 أيار/مايو الجاري، قبول ثلاثة من المرشحين للانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في 26 من الشهر نفسه، من أصل 51 مرشّحاً، وهم بشار الأسد، وعبد الله سلوم عبد الله، ومحمود أحمد مرعي.

وتُماثل هذه النتيجة ما تم الإعلان عنه في دورة عام 2014 التي تم فيها قبول 3 مرشحين أيضاً لكن من أصل 24 شخصاً. ورغم وجود 7 مرشحين نساء في دورة 2021، يُلاحظ عدم قبول أي واحدة منهن. كذلك، يلاحظ أنَّ المحكمة حصرت قبولها بالمرشحين العرب، رغم وجود مرشّحٍ من أصول كردية.

محاولة روسية: تغيير شكلي

الباحث السياسي عبد الوهاب عاصي اعتبر أن قبول محمود أحمد مرعي، المحسوب على معارضة الداخل، يمثل محاولة روسية لإضفاء نوع من التغيير الشكلي في صورة الانتخابات من أجل إضفاء نوعٍ من المشروعية عليها، ولكن من المعتقد أنَّ مثل هذا التغيير لن يكون ذا أثر فعلي يُذكر.

وبينما لا تبدي الأمم المتّحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا أيّ اهتمام بالانتخابات الرئاسية، إذ تمَّ التأكيد على أنّها ليست جزءاً من العملية السياسية لمجلس الأمن الدولي، وأنّها لا تتطابق مع القرار 2254 (2015) من ناحية غياب البيئة الآمنة والمحايدة والرقابة الأممية ومشاركة جميع السوريين بموجب دستور جديد، أبدت إيران وروسيا دعم إعلان موعد الانتخابات الرئاسية في سوريا، وذلك بالاستعداد لإرسال المراقبين. كذلك، أكّدت موسكو على أنَّ الانتخابات الرئاسية تتوافق مع دستور عام 2012 ولا تتناقض مع القرار 2254 (2015).

وأبدى المتحدث لـ»القدس العربي» اعتقاده أن روسيا تحاول إظهار قدرتها على تحدي الغرب بأنّها غير مستعدة لتقديم أي تنازلات ما لم تكن هناك تجزئة للقضايا، أي عدم ربط إعادة الإعمار بالعملية السياسية في إطار اللجنة الدستورية، وكذلك بعودة اللاجئين، ومستقبل تواجد إيران في سوريا، ومكافحة الإرهاب، وأضاف عاصي «لطالما تعثّرت مساعي موسكو بإقناع الغرب من أجل المشاركة في مشاريع إعادة الإعمار وإعادة اللاجئين بمعزل عن العملية السياسية، ويبدو ذلك مرتبطاً بالمخاوف من أن يؤدي أيّ تغيير في بنية النظام السوري لتهديد مصالحها الاستراتيجية».

ورغم حرص روسيا على تحقيق امتيازات في مشاريع إعادة الإعمار مقارنة مع القوى الدولية الأخرى، لكنّها غالباً برأي المتحدث لا تفضل ذلك على حساب تنازل في العملية السياسية لا يضمن عدم تهديد مصالحها. وذهب عاصي إلى الاعتقاد بأن موسكو ما تزال تعول على مجرد تعديل في دستور عام 2012، يقود في جوهره إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية وانتخابات مبكرة دون أن يؤثر ذلك على حق بشار الأسد في الترشح لولاية جديدة لمرة واحدة على أقل تقدير.

القدس العربي»

————————

الانتخابات تضع علاقة النظام بالسويداء على المحك/ ريان محمد

تتجه الأنظار عشية الانتخابات الرئاسية في سورية إلى محافظة السويداء، التي كان لها مواقف غير مؤيدة لإعادة انتخاب رئيس النظام بشار الأسد عبر عملية انتخابية وصفت بـ”المسرحية”، وبالرغم من أن النتيجة موضوعة قبل البدء بالعملية، فإن حدوث أي أعمال مناهضة للنظام بالسويداء سوف يعكر المشهد الذي يحاول النظام نقله للعالم، وخاصة أن هناك الكثير من التهديدات التي تلقاها النظام خلال الأيام الماضية تؤكد عدم استفزاز الناس وإلا فقد يتم إغلاق مراكز الانتخاب.

وفشل النظام، طوال الفترة الماضية، في انتزاع تأييد صريح من السويداء لإعادة انتخاب الأسد، واقتصرت الأحاديث على الانتخابات وأهميتها كحق للمواطنين، وكانت العديد من المؤشرات تنبه النظام من احتمال ظهور موقف عام سلبي من انتخاب الأسد، فراح يعمل على استرضاء القيادات في المنطقة، فاتصل الأسد بشيخ العقل الأول حكمت الهجري بعد أن طالب باعتذار من أعلى مستوى من النظام لما اعتبره إهانة من رئيس فرع الأمن العسكري في السويداء ودرعا لؤي العلي قبل أسابيع، لرفض الأخير إطلاق سراح معتقل بشكل فوري.

وأفادت مصادر مطلعة من السويداء بأن الهجري لم يشارك أو يوجد في أي مكان من الأماكن التي تؤيد انتخاب الأسد، بل نقلت عن لسانه العديد من الوفود الأهلية أن الوضع في سورية ليس بجيد وأن النظام فشل في إنقاذ السوريين، حتى إن البعض قال إن الشيخ أصبح معارضًا، وخاصة أنه طوال السنوات الماضية كان يعرف بولائه الشديد للنظام.

ويعمد النظام اليوم إلى محاولة خداع المجتمع عبر تقديم الوجهاء والمشايخ على أنهم مؤيدون للأسد، وبالتالي يشعر المجتمع بعدم الجدوى، وخاصة أن الحياة السياسية معدومة في سورية منذ عقود طويلة، إذ أصر على شيخ العقل الثاني يوسف جربوع، والثالث حمود الحناوي، من أجل الحضور إلى خيمة شعبة الحزب في المدينة بذريعة استقبال وفد رفيع من دمشق، ليتم التقاط عدة صور لهما وهما في الخيمة، وتتم طباعة صور باسم دار عرى التي يتوارث أهلها لقب أمير منذ حقبة الاستعمار الفرنسي، لكونهم كانوا يحكمون الجبل، ويتم تعليقها في وسط مدينة السويداء، وصورة باسم أحد أبناء شيخ العقل الأول الراحل أحمد الهجري، والذين يوجهون أصابع اتهام إلى النظام حول ظروف مقتله بحادث سير في العام 2012. 

وعلى إيقاع الظروف المحيطة في الانتخابات، حاول الوجهاء والمشايخ التزام الحياد الإيجابي وعدم الظهور بمظهر المؤيد أو المعارض لإعادة انتخاب الأسد، في وقت كان النظام يحاول دائما الضغط عليهم لأخذ موقف مؤيد، فأرسل أزلامه الذين يقدمهم على أنهم رؤساء أحزاب أو سياسيون أو مثقفون، وتارة أخرى أرسل موظفيه في المؤسسات الإعلامية لأخذ تصريحات قد تشير إلى التأييد، لكن من دون جدوى.

كما سبقت الانتخابات وعود من قبل الأمن الوطني ورئيس شعبة أمن الدولة اللواء حسام لوقا بإيجاد حل للأزمة الأمنية التي تعاني منها السويداء، وخاصة المجموعات المسلحة المرتبطة مع الأجهزة الأمنية والتي ترتكب جرائم القتل والخطف والسلب، إلى جانب الأزمة الاقتصادية والخدمية، وجرت العديد من اللقاءات الخاصة بهذه الوعود، لكن لم يحصد منها أهالي السويداء سوى الريح، حيث كانت غالبية تلك المجموعات هي أبرز المشاركين في ما يطلق عليه النظام “العرس الوطني” تأييدا للأسد.

من جانبه، قال الناشط “أبو جمال معروف” (اسم مستعار لأسباب أمنية)، لـ”العربي الجديد”، “الوضع لا يطاق، ليس في السويداء وحدها، بل في سورية كلها، ولم يعد هناك من يؤيد النظام أو الأسد، لأن الحياة في سورية وصلت إلى أبشع صورها، لكن بالمقابل، وسأتحدث عن السويداء، ما البديل؟ وأهل السويداء يعلمون أن الأسد لن يسقط من السويداء، التي لم يتوجه إليها أحد لا من أصدقاء سورية ولا من المعارضة، لا خيار أمام أهالي السويداء سوى الحياد الإيجابي، إلى أن يتم إنجاز حل دولي للأزمة السورية”.

وأضاف “النظام حاول، وما زال إلى اليوم، الابتعاد عن الصدام مع أهالي السويداء، حتى عندما خرجت مظاهرات طالبت بإسقاط النظام منتصف العام الماضي، دفع النظام بشبيحته من الحزبيين، ويتزعمهم عضو قيادة فرع حزب البعث العربي الاشتراكي حسن عبد الله الأطرش، لقمعهم”، لافتا إلى أن “العديد من المشايخ والوجهاء يحاولون عدم قطع شعرة معاوية، لأن العملية ستكون فقط دفع ضريبة دون جدوى، وخاصة أن أهالي السويداء متمسكون بالحفاظ على مؤسسات الدولة، وعدم الوصول إلى المواجهة واستخدام العنف”.

العربي الجديد

———————–

درعا: دعوات لمقاطعة الانتخابات… والنظام يهدّد الموظفين بالفصل/ جلال بكور

وجهت الدوائر الحكومية الخاضعة للنظام السوري في درعا، جنوبي البلاد، تهديداً للموظفين بالفصل والإيقاف عن العمل في حال لم يشاركوا غداً في الانتخابات الرئاسية التي سيجريها النظام السوري، وذلك بعد دعوات من معارضي النظام للأهالي في عموم المحافظة لمقاطعة الانتخابات التي وصفت بالمسرحية الهزلية.

وقالت مصادر محلية، لـ”العربي الجديد”، إن النظام هدّد الموظفين والعمال في الدوائر الحكومية بالفصل من العمل في حال عدم مشاركتهم في الانتخابات يوم غد، والتصويت لصالح بشار الأسد، وترافقت هذه التهديدات مع تهديدات مماثلة للموظفين في محافظة السويداء المجاورة لدرعا.

وبحسب المصادر، فإن التهديدات جاءت بالتزامن مع استمرار المعارضين للنظام بالدعوة إلى مقاطعة الانتخابات، والدعوة إلى إضراب عام غداً الأربعاء، حيث بدأ الأهالي بإغلاق المتاجر في مدينة الحراك تعبيراً عن رفض الانتخابات التي ستجرى غداً.

وكانت هيئات محلية معارضة للنظام السوري قد أصدرت بياناً أمس، طالبت فيه الأهالي بدرعا برفض الانتخابات وعدم المشاركة فيها، حيث وصف البيان الانتخابات بـ”المسرحية الهزلية”.

ووقّع على البيان كلّ من لجنة درعا البلد، ومجلس عشيرة درعا، وأعيان مدينة درعا، واللجنة المركزية في ريف درعا الغربي، وأعيان المنطقة الغربية، وأعيان وأحرار المنطقة الشرقية، وأعيان وأحرار الجيدور، وأعيان وأحرار الجولان في محافظة درعا، وأعيان وأحرار اللجاة، وأعيان وعشائر وأحرار كناكر في ريف دمشق.

وقال البيان: “إننا أهالي وعشائر حوران نؤكد أنه لا شرعية لانتخابات تجرى في مناخ استبدادي تصادر فيه إرادة السوريين، وتعتبر هذه الانتخابات حلقة في سلسلة الهيمنة الإيرانية على قرارات الدولة السورية”.

وأكد البيان أن “إعادة تأهيل النظام على أنقاض وطن محطم ما هو إلا تجاهل لحقوق السوريين، والتفاف على قرارات الشرعية الدولية”، مضيفاً: “إننا في حوران الإباء نعتبر يوم الانتخابات يوم حزن وحداد وأن المشاركة فيها خزي وعار”.

وترافق البيان مع توزيع منشورات ورقية، وخطّ كتابات على جدران بعض المدارس في العديد من البلدات، تطالب الأهالي بعدم المشاركة في الانتخابات.

ومن المقرّر أن يجري النظام السوري، غداً الأربعاء، الانتخابات الرئاسية التي أعلن عنها سابقاً وفق دستور عام 2012، بمشاركة منافسين لبشار الأسد، وهي انتخابات تجرى من دون اعتراف دولي وتوصف بالمسرحية الهزلية.

وبدأ صباح اليوم الثلاثاء “الصمت الانتخابي، وتوقفت كل أشكال الدعاية الانتخابية للمرشحين لمنصب رئيس الجمهورية العربية السورية”، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية “سانا”.

وكانت المحكمة الدستورية العليا التابعة للنظام قد أصدرت، في العاشر من الشهر الحالي، قرارها بالإعلان النهائي عن قائمة المرشحين لمنصب الرئيس وهم “عبد الله سلوم عبد الله، بشار حافظ الأسد، ومحمود أحمد مرعي”.

العربي الجديد

—————————

مشاركة العسكريين في الانتخابات السورية: أول طعن بقانونيتها/ عماد كركص

منذ وصول حافظ الأسد إلى الحكم في سورية، جرت العادة أن يجبر النظام العسكريين على انتخاب حافظ الأسد أو نجله بشار في ما بعد، في كل استفتاء أو انتخابات تُجرى، وبحكم أن رئيس النظام هو القائد العام للجيش والقوات المسلحة، فإن الضباط الكبار في الجيش، الذين وضعهم النظام على رأس الوحدات على أساس الولاء والانتماء الطائفي، يفرضون خيار انتخاب الرئيس على عناصر الجيش من مجندين وضباط وصف ضباط، بما يجعل من مشاركة العسكريين في الانتخابات السورية، لا سيما انتخابات رئاسة الجمهورية، تعد أول طعن دستوري وقانوني في نتائجها. ومع كل انتخابات رئاسية، تُنظّم وحدات الجيش مراسم الانتخاب ونشر الصناديق في الوحدات، ويكون ذلك ضمن أجواء احتفالية تدعم الأسد بانتخابه رئيساً للجمهورية، ويحظى ذلك باهتمام ونقل وسائل الإعلام لتلك الأجواء، من دون الاكتراث للمخالفة الدستورية والقانونية لهذه العملية.

في الانتخابات الرئاسية الحالية، التي تجري ضمن وضع استثنائي تعيشه البلاد، تُشكّل مشاركة العسكريين المتوقعة في الانتخابات، خرقاً دستورياً مكرراً ومنسوخاً عن الانتخابات والاستفتاءات السابقة، إذ يعد أحد المرشحين الثلاثة لرئاسة الجمهورية، بشار الأسد، ضابطاً في الجيش وقائداً له بحكم دستور 2012 الذي تشير المادة 105 منه إلى أن رئيس الجمهورية هو القائد العام للجيش والقوات المسلحة، فيما تقضي المادة 106 من الدستور أن “رئيس الجمهورية هو الذي يعيّن المدنيين والعسكريين وينهي خدماتهم وفقاً للقانون”. هذا الأمر يعني أن رئيس الجمهورية الحالي والقائد العام للجيش وهو المتحكّم بأمر العسكريين ويمارس نفوذه وسلطته عليهم، هو ذاته المرشح في الانتخابات الحالية. وبذلك تعد مشاركة العسكريين في الانتخابات مخالفة للمادة الأولى من الدستور، التي تشير إلى أن سورية “دولة ديمقراطية ذات سيادة تامة”، بانتفاء صفة الديمقراطية من خلال عملية اختيار الرئيس وفق التعليمات.

ودائماً ما كان النظام، طيلة سنوات عمره الخمسين، يضغط على المشرّع الدستوري عند صياغة الدساتير وتعديلها، بإحالة الكثير من المواد والمسائل الهامة وتفصيلاتها إلى القوانين، أي المشرع العادي، ليصار إلى وضع تفاصيل تناسب استمراريته في الحكم وإحكام القبضة على البلاد، من خلال مجلس الشعب الضامن لولائه بحكم الأغلبية البعثية وسطوة أجهزة المخابرات عليه، سواء في مرحلة انتخاب أعضائه أو ما بعد ذلك.

وتعرّض قانون الانتخابات في سورية إلى الكثير من التعديلات، لا سيما التعديل الصادر في المرسوم التشريعي 125 للعام 2011 الذي ألغى مواد القانون رقم 17 للعام 1949، وعلى الرغم من ذلك بقيت المادة المتعلقة بانتخاب العسكريين أكبر دليل على مخالفة النظام للقانون الدستور، إذ تشير المادة الخامسة من قانون 2011 إلى أنه “يوقف حق الانتخاب عن عسكريي الجيش ورجال الشرطة طيلة وجودهم في الخدمة عدا من قُبِل ترشيحه”. وعلى الرغم من ذلك، كان العسكريون يصوّتون بالمجمل، بل ويُجبَرون على ذلك. وفي التعديل الأخير لقانون الانتخابات الذي صدر قبل الانتخابات الرئاسية الماضية بشهرين، وتحديداً في 24 مارس/آذار 2014، عُدّلت هذه المادة لتصبح المادة السادسة من القانون والتي باتت تقضي بأنه “يوقف حق الانتخاب والترشح لعضوية مجلس الشعب أو عضوية مجالس الإدارة المحلية عن عسكريي الجيش وقوى الأمن الداخلي طيلة وجودهم في الخدمة”. وبذلك حصر المشرع العادي إسقاط حق الانتخاب عن العسكريين وعناصر الشرطة بانتخابات مجلس الشعب (البرلمان) وانتخابات المجالس المحلية (البلديات) وترك مسألة المشاركة في الانتخابات الرئاسية من دون ذكر، ما يعني قانوناً، إمكانية السماح لهم في انتخابات الرئاسة كون القانون لم يذكر نصاً وصراحة منعهم. وعلى الرغم من ذلك تبقى المشاركة مخالفة دستورية، نظراً لانتفاء صفة الديمقراطية من خلال استغلال أحد المرشحين (بشار الأسد) لمنصبه قائداً للجيش، ونفوذه بتعيين وترفيع وترقيه الضباط والتحكم بنطاق عملهم، وهذا ينسحب على العناصر والمجندين الذين يأتمرون بأمرة ضباط الجيش.

وعلى الرغم من أن قانون الانتخابات للعام 2014 نصّ على عدم مشاركة العسكريين في الانتخابات التشريعية والمحلية، خالف الجيش هذه المادة من خلال المشاركة في انتخابات مجلس الشعب في يوليو/تموز من العام الماضي، وذلك باعتراف النظام نفسه على الحسابات الرسمية للجيش وحتى وكالة النظام الرسمية للأنباء “سانا”. هذه المخالفة تعد امتداداً لمخالفات سابقة، جرت في كل الانتخابات والاستفتاءات سواء المتعلقة بالانتخابات التشريعية أو المحلية وحتى رئاسة الجمهورية، قبل تعديل القانون وحصره عام 2014 بعدم أحقية العسكريين المشاركة في الانتخابات المحلية والتشريعية، إذ كانت التعديلات السابقة تحظر مشاركة العسكريين في الانتخابات العامة، وعلى الرغم من ذلك تكون المشاركة واسعة من قبل عناصر الجيش، وبالإجبار والإكراه.

“رابطة المحامين السوريين الأحرار”، وهي إحدى الجهات الحقوقية والقانونية التي أفرزها الحراك ضد النظام الحالي، أشارت في رد على أسئلة لـ”العربي الجديد” حول شرعية مشاركة العسكريين في الانتخابات الحالية، إلى أن “ما جاء به التعديل الأخير لقانون الانتخابات للعام 2014 وحصر حق التصويت بالنسبة للعسكريين بالانتخابات التشريعية والمحلية وعدم التطرق للانتخابات الرئاسية، يعطي الحق للعسكريين في الانتخاب قانوناً، كونه لم يأتِ على منعهم صراحة”. لكن الرابطة لفتت إلى أن “ذلك مخالف للدستور السوري وحتى القانون الدستوري والأعراف الدستورية في العالم، نظراً لمخالفة مبدأ الديمقراطية وحرية التعبير والانتخاب وحق اختيار الشعب لممثليه بنزاهة وحرية”.

ورأت الرابطة أن “هذا الأمر يعد ضمن تراكمات من قفز النظام على الدستور والقوانين وإهمالها، أمام مصالحه في إحكام قبضته على الحكم في المقام الأول، والعسكريون ضمن هذا النظام، وفي مقدمتهم رئيساه حافظ وبشار الأسد، لديهم سوابق كثيرة في التطاول على الدستور والقوانين، بل وعدم الاكتراث بها مطلقاً، لا في الاستحقاقات الدستورية ولا غيرها”.

ونبّهت الرابطة إلى أن “اندلاع الثورة والضغط الدولي، دفع النظام في العام 2011 لتعديل قانون الانتخاب الذي قضى بعدم أحقية انتخاب العسكريين في كل أنواع الانتخابات، لكن في عام 2014 وعندما رأى أن هناك حاجة لكسب أصوات العسكريين لتحقيق الأغلبية في انتخابات رئاسة الجمهورية، عدّل هذه المادة ليحصر المنع بالانتخابات التشريعية والمحلية، مع أن المبدأ واحد ولا فرق بالنسبة لحق الانتخاب والتصويت بين انتخابات وأخرى، سواء كانت تشريعية أو محلية أو رئاسية”، مشيرة إلى أن “المرشح هو ذاته القائد العام للجيش والقوات المسلحة، ويستطيع إعطاء أمر ضمني وتوجيهي لقادة الوحدات بانتخابه، وهذا ما يحدث فعلاً”.

العربي الجديد

———————————

سوريا: رفض أمريكي ـ أوروبي لانتخابات النظام… و«قسد» وعشائر درعا وريف دمشق تقاطع/ وائل عصام وهبة محمد

بينما يستعد النظام السوري لتنظيم “مسرحية” الانتخابات الرئاسية المحسومة النتيجة لمصلحة رأسه بشار الأسد، وفي حين وصفت باللاشرعية وفقاً للقرارات الدولية وخصوصاً القرار الأممي 2254، يجري ذلك وسط بيانات مقاطعة ورفض شعبي واسع جنوباً وشمالاً وشرقاً استنكاراً لإجرائها.

فقد أعلنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ذات الغالبية الكردية، أنها لن تشارك في الانتخابات الرئاسية التي يجريها النظام السوري.

وجاء في بيان مجلس سوريا الديمقراطية، الذراع السياسية لـ”قسد”: “لن نكون جزءاً من عملية الانتخاب ولن نشارك فيها قبل الحل السياسي وفق القرارات الدولية والإفراج عن المعتقلين وعودة المهجرين”.

وفي درعا دعت هيئات ومجالس ولجان شعبية عديدة في المحافظة الى مقاطعة الانتخابات، واصفة يوم إجراء الانتخابات بأنه يوم حزن وحداد.

وجاء في بيان، وصلت نسخة منه لـ”القدس العربي”، أن أهالي درعا يعتبرون المشاركة في الانتخابات عملاً مخزياً، لأنها تعني إعادة تأهيل النظام على أنقاض وطن محطم.

وأكد الموقعون على البيان عدم شرعية الانتخابات، وقالوا: “بعد عقد من الزمن على تضحيات الشعب السوري، يخرج النظام بمسرحية الانتخابات الهزلية، في مناخ استبدادي تصادر فيه الإرادة، لصالح الهيمنة الإيرانية على قرارات الدولة السورية”.

وقال الباحث والمحلل السياسي، خليل المقداد، من درعا، إن الرفض الشعبي في درعا لمسرحية الانتخابات، وعدم السماح للنظام بوضع صناديق الاقتراع في مناطق منها، والاغتيالات والفلتان الأمني، كلها أمور تؤشر إلى مدى ضعف سيطرة النظام على الجنوب السوري.

وأضاف لـ”القدس العربي” أن النظام يصر على إجراء الانتخابات في درعا، رغم إدراكه لاحتمالية تعرض المراكز الانتخابية لهجمات، لأنه يريد تصدير صورة مغايرة للواقع على الأرض، أي لحسابات لا علاقة لها بالانتخابات المحسومة نتيجتها سلفاً.

وعن بيان فعاليات درعا الرافض للانتخابات، أشار المقداد إلى توقيع غالبية فعاليات المحافظة عليه، ما يعني من وجهة نظره، أن تنظيم مسرحية الانتخابات لن يكون أمراً سهلاً على النظام الذي يريد أن يظهر بمظهر المسيطر على درعا.

من جانبه، قال عضو “تجمع أحرار حوران”، محمد عساكرة، إن الانتخابات المقررة الأربعاء، ستقتصر على مناطق محدودة في محافظة درعا وريفها.

وفي الاتجاه ذاته، انتشرت في درعا عبارات وملصقات مناهضة للانتخابات، احتوت على شعارات مثل: “لا تنتخبوا ساجن النساء والأطفال” و” لا تنتخبوا من هجّر نصف سكان سوريا”.

وأجبر النظام السوري موظفي المؤسسات الحكومية وطلاب الجامعات في درعا على الخروج بمسيرات تؤيد الانتخابات الرئاسية وتهتف لبشار الأسد، تحت عقوبة الفصل من الوظيفة أو الجامعة لكل متخلّف عن المسيرة، بحسب المتحدث باسم تجمع “أحرار حوران” أبو محمود الحوراني لـ”القدس العربي”.

وشهدت محافظة السويداء، الظاهرة ذاتها، مما يعكس حجم الرفض الشعبي للانتخابات التي يجريها النظام السوري دون الاعتراف بها من قبل الأمم المتحدة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقبل يومين، قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن الانتخابات الرئاسية التي يعتزم نظام الأسد إجراءها خلال الأيام المقبلة “باطلة ولا شرعية لها، لأنها تفتقر للمعايير اللازمة، ولا تسمح بالخروج من الأزمة”.

————————-

لماذا غابت أسماء الأسد عن المشهد الانتخابي؟

خلّف انكفاء أسماء الأسد، زوجة رئيس النظام السوري بشار الأسد، عن مشهد الانتخابات التي ستجري الأربعاء، تساؤلات حول أسباب تنحيها جانباً، بعد أن كاد حضورها الإعلامي أن يطغى على ظهور زوجها بشار، في الآونة الأخيرة.

وكان من المتوقع أن لا تغيب أسماء أو حتى صورها عن أجواء حملة بشار الانتخابية (الأمل بالعمل)، و”الأعراس الانتخابية”، قياساً على الفترة السابقة التي تصدّرت فيها زياراتها إلى قرى الساحل السوري المشهد الإعلامي، وبعد أن غزت صورها المكاتب الحكومية، لكن ما جرى كان خلاف ذلك.

ولا يمكن تفسير ذلك، من دون استدعاء الأنباء التي راجت في وقت سابق، عن انتقادات من الأوساط الموالية، جراء هيمنة أسماء على قرار العائلة الحاكمة، وفق رأي الباحث الاقتصادي يونس الكريم الذي يوضح ل”المدن”، أن بشار لا يزال تحت تأثير الضغط الذي تسبب به صراعه مع أقاربه “آل مخلوف” الذين يحظون بمكانة رفيعة في الطائفة العلوية، ويحاول هو وفريقه التعامل مع تبعات ذلك الصراع بحذر مفرط، بحيث يحاول تجنب أي مستجد غير مدروس العواقب في هذا التوقيت.

ويقول الكريم: “يُراد أن يظهر بشار هو المتحكم الأول بكل التفاصيل السورية، على اختلافها، وهذا يتطلب أن لا ينافس حضور بشار أحد، ولا حتى زوجته أسماء”. ويضيف “يبدو أن الأولوية اليوم لإعادة ترميم صورة الأسد لدى أنصاره، من خلال التسويق لفكرة انتصار الدولة، وإعادة صورة رئيس الدولة إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الثورة، الحاكم المتفرد القوي”.

من جانبه، يُشير الكاتب والمحلل السياسي درويش خليفة إلى وجود حسابات اقتصادية، تُفسر غياب أسماء عن المشهد الحالي. ويقول: “تشرف أسماء على جمعيات ومؤسسات إنسانية خيرية تتلقى تمويلاً أممياً، ولاستدامة هذا التمويل يجب أن يقتصر دورها على الشأن الإنساني والخيري، فقط”. ويرى أن أسماء تقصدت أن تظهر على “الحياد” في الملف الانتخابي السياسي.

ويتفق مع الكريم بخصوص الحسابات المتعلقة بفرض هيبة الأسد، ويقول خليفة “لا يُسمح لأحد أن يخطف الأضواء من بشار الأسد”. وينهي حديثه ل”المدن” ساخراً: “يكفينا عبدالله عبدالله، ومحمود مرعي”، في إشارة إلى المرشحيّن الآخرين للانتخابات، المحسومة النتائج مسبقاً لصالح الأسد.

——————————-

قوى الثورة والمعارضة:إنتخابات الاسد مسرحية تتحدى السوريين

واصلت القوى والفعاليات الثورية والمعارضة السورية تنديدها بالانتخابات الرئاسية التي يجريها النظام الأربعاء، وعبر العديد منها الثلاثاء، عن موقفها الرافض لهذه الخطوة، التي رأت أنها إمعان في تحدي الشعب السوري والإرادة الدولية.

واعتبرت هيئة التفاوض المعارضة أن هذه الانتخابات التي لا تجري وفق القرار 2254 غير شرعية وتطيل في معاناة السوريين. وقالت في بيان، إن “أي انتخابات تجري خارج سياق تنفيذ كامل قرار مجلس الأمن رقم 2254، بما فيه صياغة دستور جديد يقره الشعب السوري لتجري الانتخابات وفقَه، هي انتخابات غير شرعية وإمعان في إطالة أمد معاناة السوريين ومحاولة للتهرب من الاستحقاقات الوطنية وقرارات الشرعية الدولية”.

المنظمة السورية لحقوق الانسان دانت إجبار أجهزة الأمن المواطنين السوريين على الخروج بمظاهرات تأييد لرئيس النظام والانتخابات التي لا تعبر عن رغبة الشعب السوري وإرادته.

وقالت الشبكة: “بثت وسائل الإعلام الحكومية مظاهرات مؤيدة لإعادة انتخاب بشار الأسد، وإننا نؤكد بناء على اتصالات وشهادات موثقة وجود تعليمات شفهية تحمل رسائل تهديد من الأجهزة الأمنية، ومن أعضاء في حزب البعث، بضرورة المشاركة في هذه الفعاليات”.

وأضافت أن “هذه الانتخابات تجري فقط ضمن قرابة 60 في المئة من مساحة سوريا أي ضمن المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري بواسطة أجهزته الأمنية التي مارست التعذيب الوحشي على مدى عشر سنوات، ويضمن له الرعب والإرهاب فوزاً محققاً، كما أن عدد السكان في مناطق سيطرة النظام السوري ما بين 5 إلى 6 مليون مواطن، أي أقل من ربع الشعب السوري، على اعتبار أن هناك 13 مليوناً ما بين نازح ولاجئ، وقرابة 6 ملايين أخرين في شمال غرب وشمال شرق سوريا، إضافة إلى كل ذلك فإن هذه الانتخابات تجري وفق دستور 2012 الذي وضعه النظام بشكل منفرد، كما أنها تنتهك قرارات مجلس الأمن ومسار العملية السياسية بما فيها اللجنة الدستورية”.

من جانبه أكد تحالف قوى الثورة السورية رفضه القطعي لما وصفها ب”مسرحية الانتخابات الهزلية”. وأكد في بيان، أنه من المستفز أن “يدعو النظام لانتخاب رئيس مجرم فاقد للشرعية، تسبب بجلب الاحتلال والدمار لبلدنا، وفي تشريد اثني عشر مليون مواطن وتغييب خمسمائة ألف معتقل في سجونه، ناهيك عن التسبب في الاعاقة لخمسمائة ألف إنسان بريء بسبب قصفه البربري للسكان الآمنين”.

والاثنين نظم عدد من القوى الثورية تجمعاً مشتركاً بمقر الكتلة الوطنية الديمقراطية في مدينة أورفا التركيّة “للتأكيد على موقفها الرافض لإجراء النظام الانتخابات الرئاسية، في ظلّ الاحتلال وتقاسم الجغرافية السورية وتغييب أصوات الملايين من الشعب السوري بين اللّجوء والنزوح والحصار تحت قبضة المخابرات والميليشيات الطائفيّة” حسب بيان صدر عن المشاركين.

وفي هذا السياق نفذت حملة “لا شرعية للأسد وانتخاباته” مظاهرات ووقفات اعتصامية منددة بالانتخابات في عدد من المدن والبلدات في ريف حلب الشمالي، أبرزها في مدنتي الباب وإعزاز.

وأعلنت الحملة عن إطلاق “يوم الغضب” لتتويج الحراك الذي كانت قد أطلقته قبل أكثر من شهرين للتعبير عن عدم قانونية هذه الانتخابات أو شرعيتها، داعية إلى المشاركة في مظاهرات سيتم تنظيمها بمناطق مختلفة في الداخل السوري يومي الثلاثاء والأربعاء، إلى جانب مظاهرات أخرى في بعض العواصم والمدن الأوربية.

————————–

درعا في حالة عصيان ضد انتخابات الأسد..إضراب وحِداد ورشاوى

في محاولة أخيرة لحثّ الأهالي على المشاركة في التصويت بالانتخابات الرئاسية التي ستجري الأربعاء، أرسلت روسيا شحنة من المساعدات الغذائية إلى مدينة درعا، في الوقت الذي تصاعدت فيها مظاهر الرفض الشعبي في المحافظة للانتخابات.

وتداول ناشطون وصفحات محلية على وسائل التواصل تسجيلاً مصوراً يُظهر شحنة من المواد الغذائية يقوم بتوزيعها مسؤولون من حزب البعث على سكان منطقة درعا المحطة، الأمر الذي رأى فيه الكثيرون رشوى يقدمها حلفاء النظام من أجل حثّ الأهالي على التوجه لمراكز الاقتراع والمشاركة في التصويت بالانتخابات الرئاسية، في ظل حراك شعبي متصاعد في درعا للتعبير عن رفض هذه الانتخابات.

ويرى محللون أن النظام وحلفاءه يواجهون وضعاً معقداً في منطقة حوران سواء على الصعيد الأمني أو على الصعيد الشعبي، على الرغم من مرور ثلاث سنوات على توقيع اتفاقية المصالحة فيها.

وتشهد مدن وبلدات المنطقة مظاهرات معارضة للنظام وفعاليات مناهضة لسياسته باستمرار، وقد تصاعد الحراك مؤخراً للتعبير عن رفض الانتخابات الرئاسية، وشمل اعتصامات ومظاهرات وكتابات ورسوم على الجدران للتنديد بهذه الخطوة والحث على مقاطعتها.

والثلاثاء، شهدت مدينة الحراك بريف درعا الشرقي إضراباً عاماً رفضاً للانتخابات، كما تم إغلاق الطرق الواصلة مع مدن وبلدات إزرع ونامر ومليحة العطش.

إضراب مماثل شهدته مدينة نوى بريف درعا الغربي، وهي من أكبر مدن محافظة درعا وتنتشر فيها مفارز تابعة للعديد من أجهزة المخابرات، كما أظهرت تسجيلات وصور إغلاقاً شبه كامل في بلدة صيدا في الريف الشرقي “احتجاجاً على إجبار المدنيين على المشاركة في المسيرات الموالية لنظام الأسد” حسب تجمع أحرار حوران.

وامتد الإضراب إلى مناطق أخرى، حيث أغلق الكثير من التجار محلاتهم في مدينة طفس غربي درعا، تضامناً مع بقية المدن والبلدات، بينما دعا ناشطون إلى مظاهرة شعبية حاشدة في درعا البلد عصر الثلاثاء، وأخرى مماثلة في مدينة بصرى الشام الأربعاء، تعبيراً عن رفضهم للانتخابات الرئاسية، واستيائهم من وضع صناديق للانتخاب وتنظيم مسيرات مؤيدة داخل المدن التي تعتبر من معاقل المعارضة، وتحت شعار “لا شرعية لنظام الأسد وانتخاباته”.

وكانت الجهات الأمنية وشعب حزب البعث في بعض مناطق محافظة درعا قد نظمت مسيرات تدعو لانتخاب رئيس النظام بشار الأسد، في كل من مركز مدينة درعا وفي مدينة إزرع، وفي بعض المناطق الأُخرى التي لم تخرج عن سيطرة النظام وتعرف بالقبضة الأمنية.

والاثنين صدر بيان عن اللجنة المركزية في درعا البلد وفي المنطقة الغربية، ومجلس عشيرة درعا البلد، وأعيان مناطق شرق درعا واللجاة والجولان والجيدور وكناكر، اعتبر “أنّ الانتخابات تجري في مناخ استبدادي، تصادر فيه إرادة السوريين، ويوم الانتخابات هو يوم حزن وحداد والمشاركة فيه خزي وعار”.

يأتي ذلك بالتزامن مع تصعيد واضح في الحوادث الأمنية التي كان لافتاً تركيزها في الأيام الأخيرة الماضية على مسؤولين في حزب البعث بمحافظة درعا، ومقاتلين في الفيلق الخامس التابع لروسيا.

ولقي حسن صالحة وحسن مدالجة، وهما مقاتلان من عناصر اللواء الثامن في الفيلق الخامس، مصرعهما إثر عملية اغتيال نفذها مجهولون بالرصاص على جسر بلدة صيدا في ريف درعا الشرقي الثلاثاء.

وفي عملية مماثلة شهدتها المنطقة نفسها، قُتل كلاً من زكريا محاميد وخالد محاميد المنضويان في اللواء الثامن أيضاً. وفي الريف الغربي، قتل القيادي في حزب البعث عدنان عناد المصري، إثر عملية اغتيال بالرصاص من قبل مسلحين مجهولين على طريق اليادودة-المزيريب مساء الاثنين.

وقالت مصادر محلية إن العديد من العاملين في حزب البعث الذين يُعتبرون عماد الحملة الانتخابية للأسد، تلقوا تهديدات من قبل مجهولين تحذرهم من المشاركة في العملية الانتخابية أو الإشراف على صناديق الاقتراع، وتُرجم بعضها إلى إلقاء قنابل على منازلهم وإطلاق نار.

بينما نجح النظام في بسط هيمنته الكاملة على بقية مناطق التسويات التي تم توقيعها خلال السنوات الماضية في مناطق مختلفة من سوريا، خاصة في ريفي دمشق وحمص، ليفرض فيها تنفيذ فعاليات كبيرة للتعبير عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية وتأييد الأسد، يعاني النظام بشكل واضح على هذا الصعيد في محافظة درعا، التي تشهد حراكاً شعبياً واضحاً ومستمراً في مواجهة محاولات استعادة كامل السيطرة عليها، وقد مثلت الانتخابات مناسبة جديدة لتأكيد المعارضة على رفض هذه المحاولات، واستمرار مناهضة النظام.

———————–

دمشق غابة الأسد

تداول ناشطون سوريون ووسائل إعلام معارضة مقطع فيديو يظهر “احتلال” صور رئيس النظام السوري للعاصمة دمشق قبل يوم واحد فقط من الانتخابات الرئاسية المقررة في البلاد.

وفي مقطع تقارب مدته دقيقة واحدة، تجول سيارة في شوارع دمشق مظهرة كمية اللافتات الداعمة للأسد في الانتخابات المحسومة سلفاً لصالحه والتي تفتقد للشرعية الشعبية والدولية على حد سواء. ولا تكاد المسافة الفاصلة بين اللافتات تتجاوز متراً واحداً، ويمكن رصد اللافتات على الأرصفة والمباني وعلى الأشجار، فيما يعاني المدنيون من السير بينها… ليتحول المشهد إلى صورة ممتدة لغابة من الصور.

ويعطي ذلك لمحة عن معنى الانتخابات في سوريا الأسد. فبينما يتحدث النظام إعلامياً ودبلوماسياً عن الديموقراطية الخاصة في البلاد، بما في ذلك تصريح وزير الخارجية فيصل المقداد بأن الانتخابات أفضل من نظيرتها “المهزلة” في الولايات المتحدة حسب تعبيره، تختفي ملامح المنافسة كلياً ويكاد المتابع ينسى وجود مرشحين إلى جانب الأسد في الانتخابات الحالية.

وكانت البلاد تجري استفتاء رئاسياً كل سبع سنوات، لكن ذلك تغير العام 2014 مع اعتماد انتخابات تعددية، يتنافس فيها إلى جانب الأسد مرشحون وهميون بعد الحصول على تأييد 35 عضواً في مجلس الشعب. وهما في الانتخابات الحالية عبد الله سلوم عبد الله ومحمود أحمد مرعي.

ومن المثير للسخرية حقاً أن يتم إعلان “الصمت الانتخابي” في البلاد وتوقيف كافة أشكال الحملات الانتخابية للمرشحين الثلاثة، فيما تبرز صور الأسد في كل مكان بهذا الشكل بموازاة استمرار الفعاليات الرسمية الداعمة له، ويتضمن ذلك بالطبع الإعلام الرسمي بكل ما يبثه من دعاية انتخابية.

وقالت اللجنة القضائية العليا للانتخابات، أنه مع بدء الصمت الانتخابي، تتوقف المهرجانات والتجمعات الخطابية والاحتفالات الشعبية الخاصة بالمرشحين ولا يجوز توزيع البرامج أو المنشورات أو الإعلانات، وغير ذلك من أشكال ممارسة الدعاية الانتخابية.

وفيما غاب المرشحان “المعارضان” عن المشهد في الأيام القليلة الماضية بشكل تام، روج الأسد (55 عاماً) لنفسه بشعار “الأمل بالعمل” مقدماً نفسه كـ”عراب” مرحلة إعادة الإعمار التي تحتاجها البلاد، بحسب وكالة “فرانس برس”. وباستثناء صور قليلة بالزي العسكري قد يصادفها زائر دمشق أو مدن أخرى عند النقاط أو الحواجز الأمنية، يظهر الأسد دائماً بطوله الفارع وبنيته الجسدية النحيلة، ببزات رسمية وربطة عنق.

وقبل أيام من موعد الاستحقاق الانتخابي، نشر حساب حملته الانتخابية صوراً حديثة له يظهر في إحداها مرتدياً بزة أنيقة وربطة عنق ويسير حاملاً حقيبته في طريقه إلى مكتبه على الأرجح داخل “قصر الشعب” الرئاسي الذي بني في عهد والده على تلة مشرفة على دمشق. ويظهر في صورة أخرى وهو يرتب أوراقاً على مكتبه أو يقرأ وهو جالس على كرسي.

وعلق المحلل نيكولاس هيراس: “بشار الأسد على وشك أن يكون الرئيس السابق والمقبل لسوريا، وهو يبذل مع حلفائه قصارى جهدهم لدفع هذه الحقيقة في وجه خصومه المحليين والأجانب” الذين طالبوا في بداية النزاع برحيله.

———————

بشار الأسد الثابت الوحيد في حرب مدمرة يتحول إلى عرّاب لمرحلة الإعمار

سوريا تستعد لانتخابات رئاسية شكلية بمبايعة الأسد لولاية جديدة.

يستعد الرئيس السوري بشار الأسد لخوض انتخابات رئاسية جديدة الأربعاء المقبل من شأنها أن تبقيه في سدة الحكم لسبع سنوات إضافية. وفيما سارعت قوى غربية عدّة إلى التشكيك في نزاهة الانتخابات التي يعتبرها خصوم النظام السوري “شكلية”، يروّج الأسد، الثابت الوحيد في حرب مدمّرة أودت بحياة أكثر من 388 ألف نسمة، إلى أنه الشخصية الأمثل لمرحلة إعادة الإعمار والوحيد القادر على إنقاذ البلاد من أتون الفوضى في أعقاب عشر سنوات قاسية من النزاع، مصرّا على أن نظامه يملك الشرعية القانونية والدستورية لإقامة الانتخابات في موعدها، ضاربا بذلك عرض الحائط جميع الأصوات المعارضة لهذه الانتخابات، سواء كانت من داخل سوريا أو من خارجها.

بيروت – تشهد سوريا الأربعاء المقبل انتخابات رئاسية، هي الثانية منذ اندلاع النزاع المدمّر، ستمنح الرئيس بشار الأسد ولاية رابعة، وتكرّس وفق متابعين ومحللين، صورته كـ”رابح” في الحرب سيقود أيضًا مرحلة إعادة الإعمار.

وفي بلد أنهك النزاع بناه التحتية واقتصاده، وأودى بحياة أكثر من 388 ألف نسمة، اتّخذ الأسد (55 عامًا) عبارة “الأمل بالعمل” شعارًا لحملته الانتخابية بعد عقدين أمضاهما في سدّة الرئاسة. وغزت صور حديثة له شوارع دمشق كافة، مع صور لمرشحين آخرين، يخوضان السباق الرئاسي، وإن بكثافة أقل بكثير.

ويرى الباحث الفرنسي المتخصص في الجغرافيا السورية فابريس بالانش أنّ “السوريين سيصوّتون لمبايعة بشار الأسد والنظام”. ويضيف أن الأسد يريد أن “يظهر فعالية المؤسسات السورية عبر إجراء انتخابات بشكل منتظم”.

لكن هذه الانتخابات ستُجرى فقط في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية والمقدرة بأقل من ثلثي مساحة البلاد. والسوريون الذين شاركوا في التصويت في سفارات بلادهم وقنصلياتها في الخارج، ليسوا طبعا من بين الملايين من المعارضين الذين فروا من البلاد.

مع ذلك، ستمنح أصوات الناخبين الأسد سبع سنوات جديدة في الحكم، عقب عقد من نزاع دام ومدمر، تسبّب بتشريد وتهجير أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

وسارعت قوى غربية عدّة إلى التشكيك بنزاهة الانتخابات حتى قبل حصولها، واعتبرها معارضو الأسد “شكلية”.

ومن شروط التقدّم للانتخابات أن يكون المرشح قد أقام في سوريا بشكل متواصل خلال الأعوام العشرة الماضية، ما يغلق الباب أمام احتمال ترشّح أي من المعارضين المقيمين في الخارج.

إلى جانب الأسد، يخوض مرشّحان السباق الرئاسي: الأول هو وزير الدولة السابق عبدلله سلوم عبدالله (2016-2020) وكان نائبا لمرتين، والثاني هو المحامي محمود مرعي، من معارضة الداخل المقبولة من النظام، وسبق أن شارك في عداد ممثليها في إحدى جولات المفاوضات برعاية الأمم المتحدة في جنيف، والتي اتسمت بالفشل.

ويحلّ الاستحقاق الانتخابي فيما تشهد سوريا أزمة اقتصادية خانقة خلّفتها سنوات الحرب، وفاقمتها العقوبات الغربية، فضلًا عن الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور حيث يودع رجال أعمال سوريون كثر، أموالهم. وعلى وقع النزاع، شهدت الليرة تدهورًا غير مسبوق في سعر صرفها في مقابل الدولار. وبات أكثر من ثمانين في المئة من السوريين يعيشون، وفق الأمم المتحدة، تحت خطّ الفقر.

ولم يجر الأسد أي مقابلة صحافية خلال الحملة الانتخابية، ولم يشارك في أي فعالية انتخابية ولم يتوجه بأي خطاب إلى السوريين. لكنه أصدر في الآونة الأخيرة سلسلة قرارات وقوانين في محاولة لتحسين الوضع المعيشي والخدمي، وأصدر عفوًا رئاسيًا واسعًا شمل الآلاف من مرتكبي الجرائم المختلفة.

على فيسبوك، نشر حساب حملته شريطًا دعائيًا يبدأ بمشاهد انفجارات ونيران مشتعلة، ثم سكان يفرّون من أحياء مدمّرة، قبل الانتقال إلى مشهديّة إعادة الإعمار: سيدة ترمّم منزلها، مدرّس يسدّ فجوة أحدثها قصف على لوح أخضر في قاعة التدريس، عمال داخل ورشة ومزارع يحرث أرضه وآليات ترفع الركام، وعامل صيانة يعيد وصل أسلاك الكهرباء. ويختتم الشريط بشعار الحملة.

ويرى الباحث في معهد “نيولاينز” في واشنطن نيكولاس هيراس في تصريحات صحافية أن حملة الأسد الانتخابية “تسلّط الضوء على دوره كرجل انتصر في الحرب ولديه أفكار هائلة لإعادة إعمار سوريا، عدا عن كونه الوحيد القادر على إعادة النظام بعد فوضى النزاع”.

وبعدما ضعفت في بداية النزاع وخسرت مناطق كثيرة، استعادت القوات الحكومية بدعم عسكري مباشر من حليفتيها إيران وروسيا، وخصوصًا بفضل التدخل الجوي الروسي، مساحات واسعة من البلاد.

وبعد سنوات من القطيعة الدبلوماسية، خطت دول عدة، خطوات عدّة على طريق التقارب مع دمشق، فأعادت على سبيل المثال دولة الإمارات فتح سفارتها وتقديم مساعدات طبية.

ويعمل الأسد ومن خلفه حلفاؤه، على جذب “مانحين محتملين” لتمويل عملية إعادة الإعمار، فيما بات واضحًا أنّ الحصول على تمويل من المجتمع الدولي لن يكون متاحًا قبل التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع تحت مظلة الأمم المتحدة.

ولا يبدو أن هناك أي تغيير في الموقف الغربي، تحديدًا الأميركي، من النظام السوري. ويتهم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأسد بعرقلة مسار التسوية السياسية للنزاع.

وبعدما كانت تشدّد في كل مناسبة على ضرورة تنحي الأسد، انشغلت الدول الغربية وعلى رأسها واشنطن بقتال التنظيمات الجهادية المتطرفة في سوريا، وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية. وانصبّ اهتمام المجتمع الدولي على التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا من بوابة اللجنة الدستورية التي تشكلت العام 2019 من ممثلين عن النظام والمعارضة وعقدت اجتماعات عدّة في جنيف من دون أن تسفر عن نتيجة.

وأملت الأمم المتحدة أن تمهد نتائج عمل اللجنة لوضع دستور جديد تُجرى الانتخابات الرئاسية على أساسه وبإشرافها، قبل أن تقرّ العام الحالي بفشل مسارها. ولم تحقق اللجنة أي تقدّم، بعدما تعمّدت دمشق خلال الاجتماعات “كسب الوقت”، بحسب بالانش، حتى موعد الانتخابات.

ويقول الباحث المواكب للشأن السوري سامويل راماني في تصريحات صحافية إن الانتخابات التي تُنظم بموجب الدستور الذي تم الاستفتاء عليه في 2012، “تشكل انتكاسة كبرى للعملية الدستورية”.

ويضيف “يذكّر ذلك المجتمع الدولي، وضمنه روسيا وإيران، إلى أي درجة تبدو تسوية النزاع صعبة”.

ورغم توقف المعارك إلى حد كبير في سوريا، لا تزال مناطق واسعة غنية، تضم سهولًا زراعية وآبار نفط وغاز، خارج سيطرة الحكومة، وتجد نفسها غير معنية بالانتخابات الرئاسية، أبرزها مناطق سيطرة الأكراد في شمال شرق سوريا، وأخرى تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقًا) وفصائل موالية لأنقرة في إدلب ومحيطها في شمال وشمال غرب البلاد.

وبعدما فاز الأسد في العام 2014 بـ88 في المئة من الأصوات في انتخابات وصفتها دول غربية ومعارضون بأنها “فاقدة للمصداقية”، يرى دبلوماسي أوروبي متابع للشأن السوري أنّ الأسد حاليًا “يراهن على أن يكون الثابت الوحيد في بلد مدمر”.

العرب،

——————–

 دعوات سورية معارضة إلى مقاطعة انتخابات الرئاسة

اغتيال رجل أعمال بارز في «المربع الأمني» بدمشق عشية الاقتراع

دعت جهات سورية معارضة في مناطق خارجة عن سيطرة الحكومة السورية إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقررة غداً.

ودعت هيئات ومجالس ولجان مركزية في محافظة درعا جنوب البلاد، في بيان، المواطنين إلى «مقاطعة الانتخابات»، علماً بأن مناطق الجنوب عادت إلى سلطة دمشق بعد اتفاق بين موسكو وواشنطن. وقالت: «إننا أهالي وعشائر حوران نؤكد أنه لا شرعية لانتخابات تجري في مناخ استبدادي»، في وقت انتشرت فيه منشورات ورقية وكتابات مناهضة للنظام السوري على جدران مدن عدة في الجنوب.

وأكد «مجلس سوريا الديمقراطية»؛ الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» التي تسيطر على شرق الفرات، أنه لن يكون طرفاً ميسراً لأي إجراء انتخابي يخالف روح القرار الأممي «2254»، في حين قال «حزب الاتحاد الديمقراطي» إن إجراء الانتخابات لا يسهم في حل الأزمة ونصف السوريين لاجئون أو نازحون ومهجرون.

وإذ اتخذت الجهات المسيطرة على شمال غربي البلاد، الموقف ذاته، وجه رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض نصر الحريري، رسائل إلى 75 دولة و7 منظمات دولية، تضمنت «رفض هذه العملية الصورية جملة وتفصيلاً، واعتبارها عملية غير شرعية وغير معترف بنتائجها»، وسط توقعات أن تؤدي إلى فوز الرئيس بشار الأسد بولاية رابعة مدتها 7 سنوات.

إلى ذلك؛ هزت دمشق جريمة اغتيال رجل الأعمال وطبيب الأسنان حسام حسني كبور، قبل الانتخابات، خصوصاً أنها وقعت في وضح النهار ضمن «المربع الأمني» في العاصمة السورية.

———————-

157 مركزاً للانتخابات شرق الفرات… و«مجلس سوريا الديمقراطية» ليس طرفاً فيها

القامشلي: كمال شيخو

أعلن «مجلس سوريا الديمقراطية» عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها غداً، وأكد أنه لن يكون طرفاً ميسراً لأي إجراء انتخابي يخالف روح القرار الأممي 2254، بوقت دعا «حزب الاتحاد السرياني» أبناء الشعب الآشوري وجميع السوريين إلى مقاطعة الانتخابات، في حين قال «حزب الاتحاد الديمقراطي» إن إجراء انتخابات رئاسية لا يسهم بحل الأزمة ونصف السوريين لاجئون أو نازحون ومهجرون، فيما أعلنت اللجنة القضائية الفرعية للانتخابات الرئاسية في محافظة الحسكة تحديد 157 مركزاً انتخابياً، و94 مركزاً في محافظة الرقة شمال البلاد.

وقال مجلس «مسد» في بيان نُشر على حسابه الرسمي أمس، إنه غير معنيّ بأي انتخابات لا تحقق أهداف السوريين في حياتهم وحقوقهم وحضورهم السياسي، وقالت إلهام أحمد الرئيسة التنفيذية للمجلس لـ«الشرق الأوسط»: «لن نكون جزءاً من العملية الانتخابية ولن نشارك فيها، وموقفنا ثابت: لا انتخابات قبل الحل السياسي وفق القرارات الدولية، والإفراج عن المعتقلين، وعودة المهجرين»، وأشارت إلى ضرورة وضع أسس جديدة لبناء سياسي خالٍ من سيطرة الاستبداد وهيمنة جهة سياسية واحدة في إشارة إلى حكم حزب البعث منذ سبعينات القرن الماضي، ودعت إلى تشكيل هيئة حكم انتقالي وبيئة آمنة ودستور جديد للبلاد، وأضافت قائلة: «تقوم على أساسه انتخابات بشفافية وإشراف دولي، وضمانات لنتائج تحقق استمرار العمل للخروج من الأزمة المريرة التي عانى منها الجميع».

ولفتت إلى سعيهم للتفاوض مع السلطة في دمشق بغية تحقيق تقدم يبنى عليه مسار سياسي، «فإن ذلك لم يتحقق؛ إذ كانت الحكومة تعرقل أي توافقات إلى جانب عرقلة استمرار اللقاءات، وغايتها فرض رؤيتها دون اعتبار للحقوق الإنسانية»، واتهمت متشددي النظام والمعارضة على حد سواء، «هذه الجهات مسؤولة عن كافة الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري وعن عرقلة التفاوض من أجل حل سياسي تفاوضي وفق قرار مجلس الأمن ذي الرقم 2254».

فيما دعا «حزب الاتحاد السرياني» أحد الأحزاب المسيحية المؤسسة للإدارة الذاتية شرق الفرات والتي تتلقى دعماً من تحالف دولي تقوده واشنطن، عموم أبناء الشعب السرياني الآشوري وجميع السوريين إلى مقاطعة الانتخابات، وقال الحزب في بيان نشر على حسابه الرسمي أمس إن «الانتخابات الرئاسية في سوريا تأتي بهدف تكريس النظام الحاكم لنفوذه وهيمنته على المناطق التي يسيطر عليها وهي محاولة لإعطاء صبغة شرعية لنفسه»، وحمل الحزب سياسات النظام الحاكم إلى تدهور الأزمة السياسية والاقتصادية، «باعتماد حكومة دمشق على الحلول العسكرية والأمنية ورفضه أي حل سياسي، وشدد تمسكه بالحل السياسي وتحقيق الانتقال الديمقراطي نحو سوريا حرة ديمقراطية تعددية لا مركزية».

أما حزب «الاتحاد الديمقراطي السوري ويعد أحد أبرز الجهات السياسية التي تدير مناطق شرق الفرات، فقد أكد أن الوقت الحاضر غير مناسب لإجراء انتخابات رئاسية، ويعزو الأسباب، «لأن الظروف التي تمر بها البلاد غير مواتية كما أن هذه الانتخابات لا تسهم في حل الأزمة السورية»، ونوه في تقرير نشر على موقعه الرسمي إلى أن نصف سكان سوريا مُهجرون إلى جانب احتلال العشرات من المناطق والمدن من قبل تركيا، «فضلاً عن قيام النظام بإجراء الانتخابات بموجب العقلية القديمة، وعدم توافر الأرضية الملائمة لإجراء الانتخابات، كما أن الانتخابات الرئاسية هي الخطوة الأخيرة بموجب القرار الأممي 2254».

في السياق نفسه، نظم مؤيدو النظام في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، تجمعاً احتفالياً أمام مقر حزب البعث الحاكم دعماً للانتخابات الرئاسية، ورفع المشاركون صوراً ولافتات مؤيدة للرئيس السوري بشار الأسد مع غياب واضح لصور منافسيه الوزير السابق عبد الله سلوم عبد الله والمحامي محمود مرعي، إضافة إلى مشاركة المئات في تجمعات مؤيدة ومسيرات ونصب الخيام ضمن المربع الأمني بالحسكة، رافعين أعلام النظام وصور الأسد بحضور محافظ الحسكة اللواء غسان إبراهيم وقادة الأجهزة الأمنية وكبار القادة العسكريين.

إلى ذلك، أعلنت اللجنة القضائية الفرعية للانتخابات الرئاسية في محافظة الحسكة تحديد 157 مركزاً انتخاباً، وقال القاضي إيلي بطرس ميرو رئيس اللجنة الفرعية بالحسكة في إفادة صحافية إن 69 مركزاً حدد بالحسكة و88 في القامشلي وريفها، وقال: «مع مراعاة الظروف الأمنية والتوزيع الجغرافي والديمغرافي للسكان حتى تكون قريبة عليهم من ناحية المسكن والعمل»، وأشار إلى أن اللجان الانتخابية انتهت من تحضيرات كافة مستلزمات العملية الانتخابية.

أما مدينة الرقة المنقسمة عسكرياً بين «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من واشنطن والقوات النظامية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، فستشارك بلدات «معدان» و«السبخة» و«دبسي عفنان» جنوب نهر الفرات الخاضعة لسيطرة قوات الأسد في الانتخابات الرئاسية بجزء من جغرافيتها، وتم تحديد 94 مركزاً انتخابياً لاستقبال الناخبين.

—————————

لبنان.. حلم الأسد الضائع/ أحمد القصير

إمكانيات كبيرة في بلد صغير، مدفونة في أروقة خلافاته السياسية منذ عقود وحتى اليوم. لبنان حلم النظام الدائم، بعد أن خرج منه مرغماً، ومازال يطمح بالسيطرة عليه يوماً، حتى لو بطرق غير مباشرة، وهذا ما يستمر بالمحاولة لأجله.

يحاول اللبنانيون الذين مازالوا يعانون حتى اللحظة، التخلص من ويلات أعوام الوجود السوري في بلادهم إلا أنه لا تزال بعض مناطقه شاهدة على حقبة قوات الردع السورية.

ناضل اللبنانيون كثيراً لإخراج قوات النظام والتي عرفت محلياً بقوات الردع السورية من لبنان ودفعوا الكثير حتى وصلوا إلى هدفهم عام 2005 بُعيد اغتيال رفيق الحريري ورفاقه، وما تزال دماء حاوي وقصير وتويني وآخرين متناثرة على جدران بيروت وما تزال رائحة البارود في سمائها، وما يزال الشهداء الأحياء من حمادة وشدياق شاهدين على ذلك.

بالمقابل لم يستوعب النظام في سوريا أن لبنان قد تحرر منه و طرد منها طردة إبليس من الجنة، فاستخدم  على مر الأعوام الماضية أذرعه التي زرعها فيها قبل خروجه من شخصيات عسكرية و أمنية وسياسية .

هذا الحلم المنشود تجدد بقوة خلال الأمس القريب وذلك بسبب يقينه أن لبنان سيكون بوابته مرة أخرى على العالم، خاصة بعد فرض عقوبات قانون قيصر وليكن السوق السوداء له.

لكن وعي اللبنانين بعد الأزمة الأقتصادية والسياسية التي يعيشونها، وجراء خبرة الماضي ليس البعيد التي خبروها، جعلهم يترصدون محاولات في السيطرة عليهم وعلى بلادهم بشكل مباشر أو غير مباشر،

بدءاً من مزارع شبعا، ذات الملكية المشتتة،  إلى الحدود البحرية شمالاً التي حاول النظام السوري السيطرة عليها.

ومع كل ذلك، تتكرر الرسائل الأمنية للبنان عبر تهديدات وإشاعات ينشرها بطريقة أو بأخرى، كان آخر ها في الانتخابات الرئاسية والتسويق لها وما تردد عنها من تصريحات ورسائل كثيرة.

إذ دأب النظام السوري عبر وكلائه المنتشرين في لبنان والمكلفين بهذه المهمة من داخل سوريا لاستغلال ورقة النازحين السوريين في لبنان، فقام بعدة محاولات للتسويق لنفسه في مجتمع النازحين وذلك لمحاولة رسم صورة إعلامية تظهر عكس الحقيقة، بأن هؤلاء السوريين الفارين من الحرب، هم مع شخص بشار الأسد كرئيس للبلاد، وأن فرارهم ليس بسببه، كما حصل تماماً في انتخابات عام 2014 التي سوق لها الإعلام المؤيد للأسد في لبنان، على أن أعداداً ضخمة من السوريين انتخبوه مما انعكس سلباً على النازحين السوريين من قبل بعض الإخوة اللبنانيين بإظهار مواقف متعصبة، وعنصرية بعض الأحيان تتلخص بأنه طالما لا وجود لمشكلة لكم مع النظام، فلتعودوا إلى  سوريا إلى حضن من انتخبتموه.

لكن بيان سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية مؤخراً، والذي وجهه قبيل بدء الانتخابات بأقل من 12 ساعة كان بمثابة الرصاصة القاتلة التي غيّرت مجرى الانتخابات في لبنان، مما جعلت نسبة المنتخبين قليلة جداً بالنسبة لعدد اللاجئيين على أراضيه.

هذا البيان حرك الشارع اللبناني بشكل قوي تجاه التحركات الاستفزازية التي يقوم بها المنتخبون، عبر زينة السيارات بصور بشار الأسد وأعلام النظام، والهتافات، فكان اعتراض حافلات المنتخبين التي عبرت من شمال لبنان تجاه بيروت في منطقة نهر الكلب ومهاجمة الحافلات وتكسيرها شجع الكثير من اللبنانين لاعتراض بقية الحافلات مما أجبر السفارة السورية في بيروت على تمديد الانتخابات حتى الساعه 12 ليلاً وإطلاق التصريحات الساسية عبر رجُلُ السفارة والرسائل الأمنية عبر أزلام النظام السوري في لبنان و المتنفعين منها.

من تابع المقاطع الصوتية التي انتشرت عقب تكسير الحافلات يعلم ماهي الرسالة التي حاول النظام توصيلها للبنانين المنتفضين في وجه السوريين المنتخبين، فبدأت الأحاديث والإشاعات بأن من تم تكسير حافلاتهم هم ليسوا سوريين إنما فلسطينيون كانوا في طريقهم للتضامن مع قضية الحرب والقصف على فلسطين.

وما قصده النظام السوري من نشر هذه الإشاعة كان التلويح والتذكير بطريقة بدء الحرب الأهلية في لبنان وما نتج عنها من قوات ردع .

ولم يكتف بهذه الرسالة بل حرك كل خلاياه الأمنية في طرابلس، والتي مر عليها ليلٌ طويلٌ وصعبٌ، أعاد للطرابلسيين معارك جبل محسن والتبانة ابتداءً من إحراق مقر الكتائب لرمي القنابل التي حصلت في مناطق متفرقة.

لتبقى التحركات، ومحاولات إشعال الفتن تارة، والتدخل بين الفرقاء السياسيين تارةً أخرى، ما هو سوى التعبير عن حلم ضائع في وقت ضائع،  لنظامين في بلدين مهترئين يتسابقان في السقوط ولا يعلم أيهما قبل الآخر، لكن ما يعلمه الجميع أن شريان حياة الأسد في ظل قانون قيصر هو لبنان ولذلك نشهد، وسنشهد الكثير  من الأزمات السياسية والاقتصادية في لبنان.

تلفزيون سوريا

——————————

التكييف القانوني الصحيح لانتخابات الأسد/ ياسر الفرحان

تكون السلطة شرعية إذا استندت بوجودها إلى الدستور والقانون، وتكون مشروعة إذا ما حازت رضا الشعب، واتفقت في تصرفاتها مع مقتضيات العدالة.

وفيما يتفق فقهاء القانون على الرأي بمشروعية السلطات الثورية، يذهب الفقيه الفرنسي هوريو إلى أبعد من ذلك في منح الشرعية للسلطات التي تستمد وجودها من رضا المحكومين، متوافقاً مع اتجاه واسع يرى أن المشروعية الجماهيرية في الثورة الشعبية طريقٌ شرعيٌ لانتزاع السلطة.

وحيث بَان جهاراً افتقار نظام الأسد للعناصر الواردة في كلا التعريفين، بات لزاماً توصيفه على أفضل تقدير بأنه سلطة أمرٍ واقع، لا تمثل الدولة السورية، وجميع التصرفات التي تباشرها باسمها بحكم المنعدمة؛ ووفقاً للاجتهادات المستقرة في الفقه القانوني الدولي لا تكتمل أركان تمثيل حكومة ما للدولة، دونما تمثيل لشعب هذه الدولة، ودونما سيادة لسلطاتها على كامل أراضيها، ودونما دستور ومنظومة قانونية صحيحة، ودونما علاقات مع كثير من الدول الأخرى.

حق الشعوب بتقرير مصيرها يدعم الاتجاه الغالب في الاجتهاد بانتقال الشرعية زمن الثورات من الحكومات إلى الشعوب، ومع خروج معظم السوريين في مظاهرات سلمية يطالبون فيها برحيله، ومع استمرار رفضهم المكوث في مناطق سيطرته أو الخضوع لحكمه خلال عقد من الزمن فقد الأسد شرعيته.

قرارات مجلس الأمن المتضمنة بيان جنيف لتشكيل هيئة حكم انتقالي بالتراضي ما بين النظام والمعارضة، وتشكيل اللجنة الدستورية، في لائحتها الداخلية ما بين النظام والمعارضة والمجتمع المدني، تستند في مفهومها إلى اعتبار حكومة نظام الأسد منعدمة -أو على أقل تقدير منقوصة الشرعية – وهي في حالتيها تلك غير مخولة بإجراء انتخابات.

قرارات مجلس الأمن بإدخال المساعدات عبر الحدود، صدرت استثناء على العرف الدولي القاضي بعدم دخول الأمم المتحدة أرضي الدول الأعضاء دونما إذنها، ويستند هذا الاستثناء في موجباته إلى السلوك المتكرر لنظام الأسد بإعاقة مرور الشحنات الإنسانية، مثلما يستند في فلسفته إلى الطعن بسيادة وشرعية حكومة نظام الأسد.

قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 262 / 67 أشار إلى الاعتراف الدولي الواسع بالائتلاف الوطني السوري بوصفه الممثل الشرعي للشعب السوري، الأمر الذي يثير طعناً كبيراً في تمثيل النظام للدولة، في ظروف الاعتراف بطرف آخر يمثل شعب هذه الدولة.

يستند النظام في انتخاباته إلى دستور 2012، وعلى ما فيه من انحراف في الشكل وانهيار في المضمون، يعتبر هذا الدستور بحكم المنتهي مع قبول النظام بالشروع في إعداد وصياغة المضامين والنصوص دستورية، خارج البلاد وتحت مظلة الأمم المتحدة وليس قبة برلمانه، ومن خلال لجنة تشكَّل اثنين من أطراف اللجنة خارج مؤسساته، وخلافاً لأحكام دستوره القاضي في بابه الخامس أن أي تغيير أو تعديل دستوري يستلزم اقتراحاً من ثلث أعضاء مجلس الشعب، وموافقة الثلثين بعد مناقشة في المجلس، مثلما يستلزم إصداراً من رئيس الجمهورية، الذي نزعت عنه اللائحة الإجرائية للجنة الدستورية هذه الولاية، وأعطت اللجنة صلاحية اعتماد شكل الموافقة الشعبية لإقرار مخرجاتها.

مؤدى عدم حاكمية دستور 2012 على عملية الإصلاح الدستوري، أنه لم يعد سارياً، دستور 2012 قد انتهى، والنظام يجري انتخاباته دونما دستور نافذ يستند إليه.

إن انعدام شرعية السلطة المنشئة للانتخابات يجعل من نتائجها منعدمة، وإن فقدان نظام الأسد لكل من الشرعية والمشروعية، يجعل منه – إن لم نقل عصابة – سلطة أمر واقع، تغتصب الدولة، وتوغل في دماء أبنائها.

ومع ثبوت تورط نظام الأسد في جرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية، أسفرت عن قتل واعتقال وتعذيب قرابة الميلون سوري، وعن تشريد ما يزيد على نصف عدد سكان سوريا، وعن تدمير المدن والتعدي على الممتلكات، ومع تسليمه الثروات العامة إلى روسيا وإيران، وتورطه في حجم هائل من الفساد وعمليات النهب لمدخرات السوريين وخيرات بلادهم، بات وجوباً نزع شرعيته وإحالته لمحاكمات عادلة، وأي تقاعس في هذا يشكل انتهاكاً للقوانين الوطنية والمبادئ الدولية في العدالة بإنصاف الضحايا ومساءلة الجناة، وضمان عدم التكرار.

يستمر نظام الأسد في الاستهتار بمطالب الشعب السوري، وبالقرارات الدولية، ويعلن انتخاباته الرئاسية منتهكاً بشكل سافر لنص البند 4 من قرار مجلس الأمن 2254، المحدِّد سبعة شروط للانتخابات في سوريا، بأن تكون حرة ونزيهة، تجري عملاً بالدستور الجديد، بمشاركة جميع السوريين، تحت إشراف الأمم المتحدة، بما يستجيب لمتطلبات الحوكمة وأعلى المعايير الدولية في الشفافية والمساءلة، في ظل عملية سياسية، تتضمن حكماً ذا مصداقية شاملاً للجميع وغير طائفي.

لم ينفذ نظام الأسد أياً من الشروط السبعة، الأمر أثار رفضاً دولياً واسعاً لانتخاباته المزمعة، عبرت عنه دول الغرب في مجلس الأمن برفض نتائجها وبعدم الاعتراف بأي مشروعية لها.

يكرر نظام الأسد الإخلال بالتزاماته الدولية، من دون أن تكرر الدول الأطراف في الاتفاقيات الموقعّة صمتها عليه، متخذةً هذه المرة إجراءات – وليس مجرد بيانات – تمثلت في تجميد عضوية النظام بمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وفي التحرك الهولندي الكندي بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، وعلى هذا القياس علينا، أن نفكر كيف يُسقط نجاحُ الأسد المزيف في الانتخابات، الصفةَ التمثيلية للدولة السورية عن النظام؟ وكيف تُعجّل مباشرته الفترة الرئاسية الجديدة من مغادرته الحكم إلى المحكمة.

تلفزيون سوريا

————————————

نظام الأسد يشرع بمصادرة ممتلكات المحسوبين على رامي مخلوف

دمشق – سامي جمعة

لا يزال الصراع العائلي بين عائلة الأسد ومخلوف مستعرا لكن بدأ يأخذ منحىً وأشكالا مختلفة تتمثل باتباع نظام الأسد إلقاء الحجز على أموال مخلوف والمحسوبين عليه من ضباط مخابرات وجيش ورجال أعمال.

وخلافا لقاعدة إخفاء المشكلات منذ وصول الأسد الأب إلى السلطة في انقلاب 1970، حيث لم تكن خلافات عائلة الأسد ومخلوف تطفو على السطح، تفجّر الصراع بين بشار الأسد وابن خاله رامي مخلوف ليصل إلى وسائل التواصل الاجتماعي، عبر فيديوهات رامي المتكررة.

 وحصل موقع تلفزيون سوريا على صورة من قرار الحجز الاحتياطي الصادر بحق زين العابدين تامر الدخيل، بوضع الحجز الاحتياطي على أمواله المنقولة وغير المنقولة وتغريمه بمبلغ 65 مليون ليرة سورية، وزين العابدين هو ابن تامر الدخيل الذي شغل منصب رئيس فرع الأمن العسكري في حلب عام 2016، وقبلها شغل منصب آمر عام للضابطة الجمركية في سوريا منذ 2009، وهو منصب حساس لما يخوّل صاحبه من التحكم بالسلع والبضائع الداخلة إلى البلاد.

 وتمكنا من التواصل مع مصدر من جمارك دمشق، الذي عمل خلال فترة عمل تامر الدخيل، أكد لنا أن الدخيل من المحسوبين على رامي مخلوف كما العديد من ضباط قرية الربيعة في ريف حماة الغربي والتي تسمى “قرداحة حماة” نظرا لأعمال الإجرام التي مارستها القرية في محافظة حماة منذ أحداث ثمانينيات القرن المنصرم وعادت لتجدد هذا الإجرام مع بداية الثورة آذار 2011، حيث كان لهم دور دموي بقمع الثورة في المحافظة.

 الصحفي والكاتب السوري علي عيد، ربط ما يحدث مع تامر الدخيل بما حدث من قبل مع غسان بلال، مدير مكتب ماهر الأسد، حيث تمت إحالته على التقاعد أواسط عام 2019، ووضعه رهن الإقامة الجبرية بعد استدعائه من قبل مكتب تحقيقات القصر الجمهوري، ولقائه بشخصيات مقربة من بشار الأسد، ليتدخل ماهر الأسد شخصياً ويوقف اعتقاله، ومنع زجّه في سجن صيدنايا العسكري. 

ويضيف الكاتب عيد لموقع تلفزيون سوريا أن “ملفات الفساد جاهزة لأي شخص يتورط بالعمل مع دوائر حكم النظام وأن قرارات الاعتقال أو حجز الأموال والتي يتم تغليفها بقرارات حجز احتياطي لتبدو متماشية مع القانون وكأننا بالفعل نعيش في دولة قانون، لكنها بالحقيقة تهدف لإقصاء أشخاص وتغليب تيار والاستغناء عن خدمات شخصية ما والاستعاضة عنها بأشخاص جدد”.

وبالعودة إلى الصراع الذي نشب بين رفعت وحافظ الأسد فقد وقف معظم ضباط قرية الربيعة مع رفعت، ما جعلهم موضع شك داخل الدائرة الضيّقة للنظام، وبعد نشوب الخلاف بين مخلوف والأسد، وقف العديد من ضباط القرية إلى جانب مخلوف، لا سيما بحكم الارتباط القبلي داخل الطائفة نفسها حيث تنحدر عائلة الأسد من عشيرة الكلبية، بينما تنتمي عائلة مخلوف إلى عشيرة الحدادين.

ورغم كل المعطيات التي تشير إلى أن الأسد تمكن من نقل كل الأموال التي جناها مخلوف من أموال السوريين إلى وجهات جديدة مثل سامر فوز والقاطرجي وغيره، فإن مخلوف لا يزال يخرج بفيدوهات جديدة مخاطباً ابن عمته، بشار، متوسلا حيناً، لحل مشكلاته المالية مع النظام، ومهدداً أحياناً، بما كان يصفه، بـ”عقاب إلهي” سيقع على من يصفهم بظالميه في نظام الأسد، و”يزلزل” الأرض من تحت أقدامهم، على حد وصفه.

يشار إلى أن نظام الأسد وضع يده، على غالبية شركات مخلوف، بأحكام حراسة قضائية، طالت كبرى شركات الاتصالات الخلوية في البلاد (سيريتل)، والتي كانت تابعة لمخلوف. وسيطرت حكومة الأسد على شركة “شام” القابضة التي تعد من أكبر الشركات المالية في البلاد وتتبع لرامي مخلوف.

وتأججت نار الخلاف، بين رامي وابن عمته، بشار، عندما قررت حكومة الأسد، إلقاء الحجز الاحتياطي على أمواله المنقولة وغير المنقولة، لما وصفته ضماناً لاسترداد أموال الخزينة العامة، كفوارق تعاقدية في تأسيس “سيريتل”.

 وفي أيلول 2020، وضعت مخابرات الأسد أملاك رجل الأعمال المتوفى والداعم الاقتصادي الأبرز لنظام الأسد وهيب مرعي قيد الحجز الاحتياطي، وبمنع ورثة مرعي من السفر بمن فيهم زوجة وهيب مرعي المدعوة ابتسام عبد الكريم صبح، ومرعي الملقب بـ”امبراطور تجارة الحديد” كان مقربا وشريكا لرامي مخلوف.

———————-

حوران تقاطع انتخابات الأسد وتعلن إضراباً عاماً  إدارة الموقع  نينار برس

تشهد مناطق كثيرة في محافظة درعا إضرابات عامة، حيث أغلقت المحلات أبوابها وامتنع الناس عن الذهاب إلى أعمالهم، تعبيراً عن رفضهم لانتخابات رئاسة النظام.

وقال مراسل نينار برس في درعا إن أصحاب المحال التجارية في عدة مدن وبلدات في محافظة درعا أغلقوا محلاتهم التجارية اليوم الثلاثاء 25 أيار، رفضاً للانتخابات الرئاسية السورية المزورة لإرادة السوريين، التي ستعقد يوم غد الأربعاء 26 أيار.

وقال مراسل نينار برس والذي جاب مناطق عديدة في حوران: إنّ معظم المحال التجارية أغلقت أبوابها اليوم، بعد الدعوات التي وجهها المعارضون من أبناء محافظة درعا لهم، التي دعتهم للإضراب والإغلاق العام.

وبدوره قال أحد المعارضين وقد اختار لنفسه اسماً مستعاراً: سأقوم بإغلاق محالي التجارية خلال فترة الانتخابات، وذلك من أجل مقاطعة المهزلة الانتخابية، ورفضاً لعمليات الاستفزاز التي يقوم بها مؤيدو النظام من خلال الحفلات ومسيرات التأييد للطاغية بشار الأسد.

وفي نوى، وهي من أكبر مدن محافظة درعا، وتنتشر بها أفرع أمنية كالمخابرات الجوية والعسكرية، من خلال مقار ومفارز أمنية، ويحيط بها من الجهة الغربية تل الجابية، الذي يعد مركزاً عسكرياً لقيادة اللواء 61 التابع لقوات النظام، بدأت الإضرابات فيها رفضاً لهزلية الانتخابات الرئاسية.

في السياق ذاته رصد مراسل نينار برس الأسواق والمحلات التجارية المغلقة في بلدة صيدا شرقي درعا، التي تظهر قيام أصحابها بالإضراب “احتجاجاً على إجبار المدنيين للمشاركة في المسيرات الموالية لنظام الأسد”.

وأفاد مراسل نينار برس في درعا، أن شللاً تاماً في حركة السير يسيطر على مدينة الحراك، حيث أغلق الشبان كل الطرق التي تربط المدينة بمدن وبلدات ازرع، ونامر، ومليحة العطش، في حين أغلقت 80% من المحال التجارية داخل المدينة، واقتصرت التجارة على المحال الأساسية فقط.

وفي ذات السياق، أغلق عشرات الأهالي في مدينة طفس غربي درعا، محالهم التجارية تضامناً مع بقية المدن والبلدات، ورفضاً منهم للانتخابات الرئاسية، بحسب المراسل.

وبدورهم دعا ناشطون في محافظة درعا إلى مظاهرة شعبية حاشدة في درعا البلد عصر اليوم الثلاثاء، وأخرى مماثلة في مدينة بصرى الشام يوم غد الأربعاء، وذلك تعبيراً عن رفضهم للانتخابات الرئاسية، “واستيائهم من وضع صناديق للانتخاب داخل المدن التي قدمت آلاف الشهداء والجرحى”، وتحت شعار لا شرعية لنظام الأسد.

———————–

157 مركزاً للانتخابات شرق الفرات… و«مجلس سوريا الديمقراطية» ليس طرفاً فيها صورة لبشار الاسد وتمثال لوالده حافظ في ساحة القامشلي شرق الفرات (الشرق الاوسط) القامشلي: كمال شيخو الشرق الاوسط

القامشلي: كمال شيخو

أعلن «مجلس سوريا الديمقراطية» عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها غداً، وأكد أنه لن يكون طرفاً ميسراً لأي إجراء انتخابي يخالف روح القرار الأممي 2254، بوقت دعا «حزب الاتحاد السرياني» أبناء الشعب الآشوري وجميع السوريين إلى مقاطعة الانتخابات، في حين قال «حزب الاتحاد الديمقراطي» إن إجراء انتخابات رئاسية لا يسهم بحل الأزمة ونصف السوريين لاجئون أو نازحون ومهجرون، فيما أعلنت اللجنة القضائية الفرعية للانتخابات الرئاسية في محافظة الحسكة تحديد 157 مركزاً انتخابياً، و94 مركزاً في محافظة الرقة شمال البلاد.

وقال مجلس «مسد» في بيان نُشر على حسابه الرسمي أمس، إنه غير معنيّ بأي انتخابات لا تحقق أهداف السوريين في حياتهم وحقوقهم وحضورهم السياسي، وقالت إلهام أحمد الرئيسة التنفيذية للمجلس لـ«الشرق الأوسط»: «لن نكون جزءاً من العملية الانتخابية ولن نشارك فيها، وموقفنا ثابت: لا انتخابات قبل الحل السياسي وفق القرارات الدولية، والإفراج عن المعتقلين، وعودة المهجرين»، وأشارت إلى ضرورة وضع أسس جديدة لبناء سياسي خالٍ من سيطرة الاستبداد وهيمنة جهة سياسية واحدة في إشارة إلى حكم حزب البعث منذ سبعينات القرن الماضي، ودعت إلى تشكيل هيئة حكم انتقالي وبيئة آمنة ودستور جديد للبلاد، وأضافت قائلة: «تقوم على أساسه انتخابات بشفافية وإشراف دولي، وضمانات لنتائج تحقق استمرار العمل للخروج من الأزمة المريرة التي عانى منها الجميع».

ولفتت إلى سعيهم للتفاوض مع السلطة في دمشق بغية تحقيق تقدم يبنى عليه مسار سياسي، «فإن ذلك لم يتحقق؛ إذ كانت الحكومة تعرقل أي توافقات إلى جانب عرقلة استمرار اللقاءات، وغايتها فرض رؤيتها دون اعتبار للحقوق الإنسانية»، واتهمت متشددي النظام والمعارضة على حد سواء، «هذه الجهات مسؤولة عن كافة الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري وعن عرقلة التفاوض من أجل حل سياسي تفاوضي وفق قرار مجلس الأمن ذي الرقم 2254».

فيما دعا «حزب الاتحاد السرياني» أحد الأحزاب المسيحية المؤسسة للإدارة الذاتية شرق الفرات والتي تتلقى دعماً من تحالف دولي تقوده واشنطن، عموم أبناء الشعب السرياني الآشوري وجميع السوريين إلى مقاطعة الانتخابات، وقال الحزب في بيان نشر على حسابه الرسمي أمس إن «الانتخابات الرئاسية في سوريا تأتي بهدف تكريس النظام الحاكم لنفوذه وهيمنته على المناطق التي يسيطر عليها وهي محاولة لإعطاء صبغة شرعية لنفسه»، وحمل الحزب سياسات النظام الحاكم إلى تدهور الأزمة السياسية والاقتصادية، «باعتماد حكومة دمشق على الحلول العسكرية والأمنية ورفضه أي حل سياسي، وشدد تمسكه بالحل السياسي وتحقيق الانتقال الديمقراطي نحو سوريا حرة ديمقراطية تعددية لا مركزية».

أما حزب «الاتحاد الديمقراطي السوري ويعد أحد أبرز الجهات السياسية التي تدير مناطق شرق الفرات، فقد أكد أن الوقت الحاضر غير مناسب لإجراء انتخابات رئاسية، ويعزو الأسباب، «لأن الظروف التي تمر بها البلاد غير مواتية كما أن هذه الانتخابات لا تسهم في حل الأزمة السورية»، ونوه في تقرير نشر على موقعه الرسمي إلى أن نصف سكان سوريا مُهجرون إلى جانب احتلال العشرات من المناطق والمدن من قبل تركيا، «فضلاً عن قيام النظام بإجراء الانتخابات بموجب العقلية القديمة، وعدم توافر الأرضية الملائمة لإجراء الانتخابات، كما أن الانتخابات الرئاسية هي الخطوة الأخيرة بموجب القرار الأممي 2254».

في السياق نفسه، نظم مؤيدو النظام في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، تجمعاً احتفالياً أمام مقر حزب البعث الحاكم دعماً للانتخابات الرئاسية، ورفع المشاركون صوراً ولافتات مؤيدة للرئيس السوري بشار الأسد مع غياب واضح لصور منافسيه الوزير السابق عبد الله سلوم عبد الله والمحامي محمود مرعي، إضافة إلى مشاركة المئات في تجمعات مؤيدة ومسيرات ونصب الخيام ضمن المربع الأمني بالحسكة، رافعين أعلام النظام وصور الأسد بحضور محافظ الحسكة اللواء غسان إبراهيم وقادة الأجهزة الأمنية وكبار القادة العسكريين.

إلى ذلك، أعلنت اللجنة القضائية الفرعية للانتخابات الرئاسية في محافظة الحسكة تحديد 157 مركزاً انتخاباً، وقال القاضي إيلي بطرس ميرو رئيس اللجنة الفرعية بالحسكة في إفادة صحافية إن 69 مركزاً حدد بالحسكة و88 في القامشلي وريفها، وقال: «مع مراعاة الظروف الأمنية والتوزيع الجغرافي والديمغرافي للسكان حتى تكون قريبة عليهم من ناحية المسكن والعمل»، وأشار إلى أن اللجان الانتخابية انتهت من تحضيرات كافة مستلزمات العملية الانتخابية.

أما مدينة الرقة المنقسمة عسكرياً بين «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من واشنطن والقوات النظامية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، فستشارك بلدات «معدان» و«السبخة» و«دبسي عفنان» جنوب نهر الفرات الخاضعة لسيطرة قوات الأسد في الانتخابات الرئاسية بجزء من جغرافيتها، وتم تحديد 94 مركزاً انتخابياً لاستقبال الناخبين.

—————————

بشار الأسد… حاكم بقبضة من حديد لم تغيّره الحرب والدمار الشرق الاوسط

بيروت – لندن: «الشرق الأوسط»

وراء صورة رجل هادئ الطباع ومبتسم غالباً تنقلها كاميرات الصحافيين للرئيس السوري بشار الأسد الذي يستعد للفوز بولاية رئاسية رابعة، يكمن حاكم غامض وقاسٍ قاد حرباً بلا هوادة على مدى عشر سنوات داخل بلاده تسببت بدمارها واستنزاف مقدراتها، ذلك حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية من بيروت أمس.

في اجتماعاته الرسمية، وخلال استقباله ضيوفاً، في المقابلات أو حتى تفقّده الجبهات خلال أشد سنوات النزاع، يبدو بشار الأسد واحداً: يتكلّم بصوت خافت وبابتسامة باردة غالباً، ويكرّر ما قاله منذ السنة الأولى للحرب، بأن بلاده ستخرج «منتصرة» بمواجهة ما يقول إنها «مؤامرة» نسجتها قوى خارجية ضدها.

بعد عقد من نزاع مدمر، يتخذ الأسد، طبيب العيون السابق، البالغ 55 عاماً شعار «الأمل بالعمل» لحملته الانتخابية، ويروّج لنفسه، وفق محللين، كـ «عرّاب» مرحلة الإعمار التي تحتاجها سوريا بشدة، بعدما تمكن بدعم من حلفائه، من استعادة السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد كانت قواته قد خسرتها خلال سنوات الحرب الأولى.

ويقول صحافي ممن التقوه قبل الحرب وخلالها، لوكالة الصحافة الفرنسية: «بشار الأسد شخصية فريدة ومركّبة… في كل مرة التقيته، كان هادئاً وغير متوتر. حتى في أشد لحظات الحرب الحرجة والقاسية، وهذه تماماً صفات والده» حافظ الأسد الذي حكم سوريا لمدة ثلاثين عاماً. ويضيف «استطاع أن يكون الرجل الذي لا يستطيع أن يستغني أحد عنه»، موضحاً «قد يكون من السهل ترتيب الأوراق، لكن في السياسة يجب أن تعرف كيف تخلط الأوراق… وبشار الأسد أتقن لعبة خلط الأوراق».

وورث الأسد الابن عن والده الراحل، كما يكرر عارفوه، الطباع الباردة والشخصية الغامضة، وتتلمذ على يده في الصبر واستثمار عامل الوقت لصالحه. ولعب ذلك دوراً أساسياً في «صموده» في وجه «الثورة» التي اختار قمعها بالقوة، والحرب التي تعددت جبهاتها ولاعبوها، ثم «العزلة» العربية والدولية.

تبدّلت حياة الأسد بشكل جذري عام 1994، إثر وفاة شقيقه الأكبر باسل الذي كان يتم إعداده ليحكم البلاد خلفاً لوالده، في حادث سير قرب دمشق. واضطر للعودة من لندن حيث كان يتخصّص في طب العيون، وحيث تعرّف إلى زوجته أسماء الأخرس المتحدرة من إحدى أبرز العائلات السُّنية السورية والتي تحمل الجنسية البريطانية، وكانت تعمل مع مصرف «جي بي مورغان» في حي المال والأعمال في لندن.

في سوريا، كان الأسد قد تدرّج في السلك العسكري قبل أن يتتلمذ في الملفات السياسية على يد والده الذي وصل إلى سدة الحكم عام 1970، وتحوّل رقماً صعباً في سياسة الشرق الأوسط والصراع العربي الإسرائيلي. ومع وفاة والده عام 2000، خلفه وهو في الرابعة والثلاثين من العمر.

في بدايات عهده، ضخّ بشار الأسد نفحة من الانفتاح في الشارع السوري المتعطش إلى الحرية بعد عقود من القمع، لكنّ هذه الفسحة الإصلاحية الصغيرة سرعان ما أقفلت، واعتقلت السلطات المفكرين والمثقفين المشاركين فيما عُرف وقتها بـ«ربيع دمشق». وقبل اندلاع النزاع، اعتاد سكان دمشق رؤيته في الشوارع، يقود سيارته بنفسه، ويرتاد المطاعم مع زوجته. وحتى الآن، يعلّق العديد من أصحاب المقاهي والمطاعم في دمشق صوراً شخصية لهم مع الأسد أثناء زياراته.

في عام 2011، ومع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، أعطى الأوامر بقمع المتظاهرين السلميين، وتحولت الاحتجاجات نزاعاً دامياً، وسرعان ما تعددت جبهاته والضالعين فيها.

ورغم انشقاقات كثيرة عن الأجهزة الأمنية سجلت في بداية النزاع، بقي الجيش، والأسد قائده الأعلى، وفياً له. وأودى النزاع بأكثر من 388 ألف شخص وهجّر وشرّد الملايين داخل البلاد وخارجها، وسوّى مناطق كاملة بالأرض، لكن الأسد بقي متصلّباً في رؤيته للأمور، وتمكن، وفق ما يقول باحث سوري تحفّظ عن كشف اسمه: «من حصْر القرارات كافة بيده وجعل الجيش معه بشكل كامل». ولم يسمح بأن تفرز بنية النظام أو المعارضة شخصيات قيادية يمكنها أن تلعب دوراً بارزاً في مواجهته.

واتهمت الأمم المتحدة الحكومة السورية باستعمال السلاح الكيماوي مرات عدة، واستخدام «البراميل المتفجرة» في قصف مناطق معارضة، إضافة إلى تدمير البنية التحتية والاقتصاد وتهجير نصف السكان بينهم سبعة ملايين إلى خارج البلاد.

على المستوى الشخصي، يؤكد عارفو الأسد، وهو أب لابنين وابنة، أنه لم يغيّر من عاداته اليومية كثيراً خلال الحرب وبعدها. ويقول الصحافي الذي التقاه مرات عدة إنه «يتابع أحياناً دروس أولاده بنفسه، ويصرّ أن تكون العلاقة مباشرة معهم دون الاستعانة بمربّية أو من يخدمهم».

وباستثناء صور قليلة بالزي العسكري قد يصادفها زائر دمشق أو مدن أخرى عند النقاط أو الحواجز الأمنية، يظهر الأسد دائماً، بطوله الفارع وبنيته الجسدية النحيلة، ببزات رسمية وربطة عنق.

قبل أيام من موعد الاستحقاق الانتخابي، نشر حساب حملته الانتخابية صوراً حديثة له يظهر في إحداها مرتدياً بزة أنيقة وربطة عنق ويسير حاملاً حقيبته في طريقه إلى مكتبه على الأرجح داخل «قصر الشعب» الرئاسي الذي بني في عهد والده على تلّة مشرفة على دمشق. ويظهر في صورة أخرى وهو يرتّب أوراقاً على مكتبه أو يقرأ وهو جالس على كرسي.

كذلك نشرت الحملة صوراً من نشاطات سابقة: يعاين خريطة مع عسكريين، يشارك في حملة تشجير ويتحدث إلى عمال داخل ورشة. ويقول المحلل نيكولاس هيراس: «بشار الأسد على وشك أن يكون الرئيس السابق والمقبل لسوريا، وهو يبذل مع حلفائه قصارى جهدهم لدفع هذه الحقيقة في وجه خصومه المحليين والأجانب» الذين طالبوا في بداية النزاع برحيله.

—————————

 بشار الأسد يفوز بانتخابات رئاسية شكلية حتى قبل إجرائها

iدفعت الأزمة الاقتصادية بالعديد من السوريين إلى الفقر والجوع. وفي ظل الانتخابات الرئاسية السورية، التي لا ترى فيها المعارضة سوى تمثيلية، تقوم الحكومة الآن بتعبئة مؤيديها.

من الخارج يبدو كل شيء وكأنه انتخابات حرة وديمقراطية. يمكن للسوريين أن يختاروا رسميا بين ثلاثة مرشحين عندما يذهبون إلى صناديق الاقتراع غدا الأربعاء لاختيار الرئيس المقبل للبلد الذي يعاني من الحرب الأهلية. وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” تنشر لافتات للمرشحين الثلاثة. وفي كل مكان في شوارع المدن الخاضعة لسيطرة الحكومة تم تعليق لافتات للدعاية الانتخابية. ومع ذلك، لا شك في أن رئيس سوريا الجديد سيكون هو نفسه الرئيس القديم: بشار الأسد.

تنظم الحكومة السورية انتخابات رئاسية لا ترى فيها فقط عناصر المعارضة، بل أيضا مراقبون محايدون، سوى تمثيلية تهدف حصرا إلى إبقاء رئيس الدولة البالغ من العمر 55 عاما في السلطة. يقول محلل الشؤون السورية والموظف السابق لدى منظمة “مجموعة الأزمات الدولية” المعنية بمنع حدوث نزاعات وتسويتها، سام هيلر: “من الصعب أن نتخيل أن النتيجة ستكون أي شيء آخر غير تجديد شكلي لبشار الأسد… هذه الانتخابات لا تدور في الحقيقة حول مواجهة سياسية حيوية”.

ومع ذلك، يبدو أن الأسد يكافح من أجل شرعية إضافية. وعلى الرغم من أن حكمه راسخ إلى حد ما بعد 21 عاما في السلطة، فإنه ليس من المستبعد أنه يشعر أيضا بضغط من الداخل والخارج. فمنذ شهور تعاني سوريا من أزمة اقتصادية حادة دفعت ملايين الأشخاص إلى الفقر والجوع. وتتصاعد صراعات توزيع السلطة بين أنصار الأسد. وهناك أيضا ما ينم على أنه بعد عشر سنوات من الحرب الأهلية صارت السيطرة لمليشيات محلية حتى في مناطق حكومية، وتدعم هذه الميليشيات الأسد رسميا، لكنها تمتثل في إدارة شؤونها لأوامر أمراء الحرب.

علاوة على ذلك، لا تزال تتردد شائعات بأن روسيا، حليفة الأسد الوثيقة، قد تكون مستعدة للتضحية بالأسد، حال وافق الغرب في المقابل على حل للصراع تقبله موسكو. يقول هيلر: “بترشحه لولاية أخرى مدتها سبع سنوات، يستبعد الأسد أي فكرة بأنه قد يتنحى كجزء من تسوية سياسية أكبر”.

يبدو أن أنصار الأسد يريدون ضمان أعلى نسبة مشاركة ممكنة للناخبين. وبأوامر عُليا، تم نصب خيام انتخابية في جميع أنحاء سوريا، حيث يُدلي السوريون بأصواتهم للحاكم. وباستثناءات قليلة، لا تُظهر ملصقات الانتخابات سوى صورة الأسد. وأعطى تصويت السوريين في الخارج يوم الخميس الماضي لمحة مسبقة عن الانتخابات التي ستُجرى داخل البلاد غدا الأربعاء. في لبنان، على سبيل المثال، نقلت حافلات مزينة بملصقات الأسد الناخبين إلى السفارة السورية في العاصمة بيروت للإدلاء بأصواتهم.

يشكو المرشح المنافس، محمود مرعي، ممثل المعارضة السورية الداخلية التي تتغاضى عنها الحكومة، من أنه لا يملك سوى القليل من الموارد المالية والدعم للترويج لنفسه. يقول مرعي إن حملته الانتخابية لذلك متواضعة للغاية. وتقاطع أكبر كتلة معارضة سورية داخلية التصويت.

هذا السيناريو يذكرنا بالانتخابات الرئاسية التي جرت قبل سبع سنوات، حينما تم قبول اثنين من المرشحين المنافسين لأول مرة، وهما ممثلان بارزان للمعارضة خاصة من المنفى، ولكن تم استبعادهما بعد ذلك. وفي النهاية حصل الأسد على ما يقرب من 89% من الأصوات. وصنفت الدول الغربية الانتخابات على أنها غير قانونية وغير ديمقراطية. ومع ذلك، ظل الأسد دون أي عوائق في السلطة التي تولاها والده في عام 1970 وانتقلت بعد وفاته إلى الابن عام 2000.

وسيظل الأسد مفتقرا إلى الشرعية لسبب بسيط وهو أن التصويت لن يتم إلا في حوالي ثلثي البلد، وهي المناطق التي تخضع لسيطرة الحكومة. ولن تشارك المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال شرق سوريا تماما مثل المناطق التي يسيطر عليها متمردون في شمال غرب سوريا.

وأعرب أيضا عن استيائه وسيط الأمم المتحدة في سوريا، غير بيدرسن، وهو دبلوماسي مُحنك يسعى دائما إلى التوازن، موضحا أن الانتخابات ليست جزءا من العملية الدولية الهادفة إلى إيجاد حل سياسي للصراع طويل الأمد. وفي جنيف تم تكليف لجنة مكونة من ممثلين عن الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني بصياغة دستور جديد. ومن المفترض أن يؤدي هذا الدستور المنتظر إلى انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة. لكن ممثلي الأسد على وجه الخصوص لا يظهرون سوى القليل من الاهتمام بإحراز تقدم، ما أدى إلى توقف المفاوضات منذ شهور.

ولا يبشر التصويت غدا بالخير بالنسبة لمستقبل المحادثات تحت مظلة الأمم المتحدة في جنيف، وبالتالي بالنسبة للدبلوماسية الدولية بوجه عام. ويبدو أن دمشق تستخدم الانتخابات في المقام الأول لإثبات استمرارية النظام السوري، كما يقول هيلر، الذي أوضح أن التصويت لا يعني بالضرورة نهاية لجنة صياغة الدستور، “لكن هذه الانتخابات تجعل اللجنة تبدو أقل أهمية مما كانت عليه بالفعل”.

وفي سياق متصل أعلن وزير الداخلية  السوري، اللواء محمد الرحمون، اليوم الثلاثاء، استكمال جميع التحضيرات والتجهيزات اللوجستية اللازمة للعملية الانتخابية الخاصة بالاستحقاق الدستوري المتمثل بانتخابات الرئاسة المقررة غدا الأربعاء .

وقال الرحمون في مؤتمر صحفي اليوم، أوردت تفاصيله الوكالة العربية السورية للأنباء ( سانا ) إنه تم إحداث 12 ألفاً و102 مركز انتخابي في كافة مدن ومناطق القطر.

وأضاف الرحمون أن عدد السوريين الذين يحق لهم الانتخاب داخل البلد وخارجه بلغ 18 مليوناً و107 آلاف و109 مواطنين بعد حسم المحرومين من حق الانتخاب.

 احوال تركيا

————————

مجلس الأمن إذ يُجدد لبشار قبل 7 سنوات/ أحمد موفق زيدان

خَدَع المجتمعُ الدولي قوى المعارضة السورية عام 2012، يوم جرّ رجلها إلى عملية تفاوض، ربما تستغرق عقوداً على غرار عمليات التفاوض في فلسطين وغيرها، وقبلت قوى المعارضة بهذا وهللت له، وراحت تتنقل من جنيف فالأستانة، ثم إلى سوتشي. وطوال تلك السنوات وعلى امتداد جغرافية تلك المؤتمرات، كان الهدف الأساسي للنظام السوري وحلفائه المحتلين، بدعم المجتمع الدولي، هو انتزاع الأرض الثورية من الجنوب إلى دمشق فريفها، فحمص وريفه، وأخيراً ريف حماة، حتى ضاقت الأرض المحررة إلى ما هي عليه اليوم.

كانت الخديعة الكبرى والطُعم الذي قدمه المجتمع الدولي يومها، ولا يزال يضعه كـ”اللهّاية” في فم المعارضة السورية، هو قرار مجلس الأمن الدولي 2254، القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالي بديلاً عن الأسد، وحين يخبو بريق هذه اللهاية، يقدم المجتمع الدولي إبراً مخدرة أخرى، لخديعة من قبل الخديعة، فكانت أطروحات هيئة التفاوض، فاللجنة الدستورية، فعروض خلبية كالمجلس العسكري، ونحوه من العروض التي ثبت كذبها وخديعتها. ومع هذا يصر المخدوع على الجري وراء المخادع، وكلاهما يعلم علم اليقين أن ما يتم خادع ومخدوع وما بينهما.

رفعت واشنطن قانون قيصر، الذي لم يقضِ بمعاقبة النظام السوري وحده فقط وإنما بمعاقبة كل من يتعاون معه، لنصحو اليوم على صمت واشنطن عن الدول التي سمحت للنظام بأن يدير حملته الانتخابية على أرضها، دون أي انتقاد أو رفض، ليتلاشى قيصر وقانونه، ويدفن تحت غبار العملية الانتخابية الأسدية، التي سيفوز بها بالتأكيد، كما حصل خلال العقود الماضية، فالمجتمع الدولي لا يزال عاجزاً طوال عقد كامل أن يجد بديلاً عنه ضمن 26 مليون سوري.

الانتخابات منذ عام 1970 إلى الآن هي نفسها، “خمر قديم في زجاجات جديدة”، كما يُقال بالإنجليزية، وجديد زجاجات اليوم هو عمليات البوتكس والشد، التي لم ينجُ منها حتى وجه الأسد القميء، بعد أن فضحته مجازره، واحتلال سوريا من قبل قوات متعددة.

أما الشعب السوري فأولاً وأخيراً لا علاقة له بهذه المهزلة الانتخابية، والمتواصلة منذ نصف قرن، ولذا فإن السوريين اليوم جازمون تماماً بأن الصوت الأقوى والناخب الحاضر وبقوة، هو صوت المجتمع الدولي الذي صمت على خرق النظام طوال تلك السنوات لقراراته التي أقرها بنفسه، وتعهد بتطبيقها، وذهب أبعد من ذلك كله، حين سمح بإقامة مهزلة انتخابية على أرضه، يشارك فيها عبيد النظام، ومؤيدوه الذين فضل بعضهم العيش بعيدا عنه، بينما يدعو بعض أعمدة هذا المجتمع الدولي إلى إعادة الهاربين من جحيم حكم قيصر ومسالخه، ومجازر الغوطة وخان شيخون وسراقب الكيماوية ومعها مجازر البراميل المتفجرة، إلى مقبرة اسمها سوريا الأسد.

سيكتب التاريخ فصلاً جديداً عن الانهيار الأخلاقي لمجتمع دولي، كما كتب من قبل عن لا أخلاقياته في فلسطين وغيرها، وسيظهر للعالم كله عجز هذا المجتمع ذي ذاكرة السمك، وكذبه.. لا يستطيع أن يتخلى عن طاغية واحد، حتى ولو كان ذلك على حساب تهجير 14 مليون إنسان، والتضحية بمليون شهيد، فضلاً عن أضعافهم من الجرحى والمعتقلين.

إن صناديق الاقتراع لانتخابات بشار اليوم قد أقيمت في مجلس الأمن الدولي قبل سبع سنوات، يوم اتخذ قراره 2254 بتشكيل هيئة حكم انتقالي، فانقلب عليها منذ يومها الأول، وسمح للنظام وسدنته بالتلاعب والتسويف إلى يومنا هذا، ولولا الموافقة والمباركة الدولية، لما تجرأ الأسد ولا أسياده على ما يفعلونه اليوم.

المصدر

عربي21

كاتب وصحفي سوري

———————

نظام الأسد يضغط بالقوة على السوريين للمشاركة في انتخاباته الصورية

قبل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية الصورية في سوريا كثّف النظام السوري من ضغوطه على المواطنين في مناطق سيطرته لدفعهم للمشاركة في الانتخابات، ولجأ النظام السوري إلى الأجهزة الأمنية والمليشيات لترهيب المواطنين ودفعهم للمشاركة في الانتخابات الرئاسية الأربعاء المقبل.

 في هذا السياق تحدثت مصادر من داخل سوريا عن قيام مليشيات النظام بتحميل المواطنين تكاليفَ الأنشطة الانتخابية التي تُجرى لصالح رأس النظام بشار الأسد، الذي يريد الحصول على عهدة رئاسية جديدة تمكنه من حكم سوريا لثماني سنوات قادمة، بالرغم من الرفض الدولي للانتخابات التي تُجرى بشكل أحادي الجانب دون مشاركة المعارضة.

ففي محافظة حلب شمالي البلاد دفعت مليشيات تابعة للنظام بعض العائلات إلى دفع مبالغ مالية من أجل المشاركة في نصب الخيم وتزيين الشوارع بصور بشار الأسد، حيث أقيم احتفال فني على مسرح دار الكتب الوطنية بمشاركة كورال حلب الوطني، وتجمعات شعبية برعاية الفعاليات المحلية التي تعمل لصالح النظام في حيّي الأشرفية والإذاعة وأمام قلعة حلب وبلدة تل عرن، هذا بالإضافة إلى قيام حزب “البعث” والأحزاب المتحالفة معه بنصب عدة خيام للترويج للانتخابات من خلال إقامة الاحتفالات ووضع صور الأسد والأعلام في الشوارع والساحات العامة، كما شهدت محافظتا حمص والسويداء فعاليات وأنشطة مشابهة.

أما في العاصمة دمشق فقد شنت قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية الجمعة، حملة اعتقالات في منطقتي دروشة وخان الشيخ، حيث اعتقلت عددًا من الفلسطينيين الذين تتهمهم “بتحريض الشعب السوري والأهالي على رفض الانتخابات”.

هذا ومن المقرر أن تجرى الانتخابات الرئاسية يوم الأربعاء 26 أيار/مايو الجاري،  حيث يشارك الأسد مع مرشحين صوريين في عملية وصفها السوريون بالمسرحية الهزلية.

في الأثناء هجّرت قوات النظام نحو 182 شخصًا من  بلدة أم باطنة في ريف القنيطرة الأوسط، باتجاه الشمال السوري، وذلك بحضور وفد من الشرطة العسكرية الروسية، تنفيذًا لاتفاق أبرم في الـ 15 من شهر أيار/مايو الحالي، بين وجهاء المنطقة  والمخابرات العسكرية التابعة للنظام، ورضخ الأهالي لقرار التهجير مقابل عدم اقتحام قوات النظام البلدة، إضافة إلى إفراجها عن شابين من أبناء البلدة.

لكن فصائل “الجيش الوطني السوري” في الشمال منعت المهجّرين من بلدة أم باطنة، من دخول مناطق المعارضة السورية، بعد وصولهم، إلى معبر أبو الزندين قرب مدينة الباب شرقي حلب، بدعوى عدم وجود تنسيق بين تركيا وروسيا التي رعت هذا التهجير.

وقد أدّت هذه العرقلة إلى ظهور حالات مرضية بين الأطفال الموجودين في القافلة، فضلًا عن وجود أشخاص مصابين بجروح متفاوتة، وحذّر  “تجمع أحرار حوران” من تدهور حالتهم الصحية، علمًا وأن سيارات إسعاف من مديرية صحة حلب الحرة وفرق للدفاع المدني السوري بانتظار دخول القافلة عبر معبر أبو الزندين.

يُذكر أن عشرات المدنيين والناشطين شاركوا في تظاهرة ليلية عند دوار السنتر وسط مدينة الباب، طالبوا خلالها “الجيش الوطني”، المدعوم من تركيا، بعدم عرقلة دخول القافلة.

 ————————-

===========================

تحديث 26 أيار 2021

—————————-

حين تصبح “الديمقراطية” وبالًا على الناس/ راتب شعبو

تحت ضغط العالم الديمقراطي الذي هاجم سياسيوه وصحفيوه ومنظماته الحقوقية النظامَ السوري الدكتاتوري، لأنه يحتفظ في سجونه بعدد كبير من المعتقلين السياسيين “دون أن يوجه لهم تهمًا ودون أن يقدمهم إلى محاكمة”؛ قرّر حافظ الأسد في مطلع العام 1992، أي عقب تفكك الاتحاد السوفيتي وما عرف باسم المنظومة الاشتراكية، أن يصبح ديمقراطيًا في موضوع المعتقلين السياسيين، وأن يستجيب للمعايير الديمقراطية ويريح باله من ضغوط ديمقراطيي العالم، بشأن ملف السياسيين المعتقلين عرفيًا في سورية. رأسمال الموضوع هو أن يوجه تهمًا للمعتقلين ويحيلهم إلى المحاكم، أين هي المشكلة؟ ولماذا لا يفعل ذلك ويكسب راحة البال، وينال ربما بعض المديح الديمقراطي أيضًا؟ هناك بنكٌ جاهز من التهم التي يمكن لصقها على أي معتقل، وهناك محاكم استثنائية ذات أحكام غير قابلة للطعن وجاهزة للعمل.

على طريق الديمقراطية والتحرر وحقوق الإنسان، تحركت الدولة الأسدية التي تستطيع أن تكون ما تشاؤون لها أن تكون: تريدون اشتراكية نحن لها، تريدون ديمقراطية نحن أهلها، نحن أهل السلم كما الحرب، وأهل العلمانية كما الإسلامية. وكما يمكننا أن نكون أهل التوقيف العرفي، كذلك يمكننا أن نكون أهل السجن عبر المحاكم والقانون، بمقدورنا أن نجرّم المعتقلين السياسيين الذين يسميهم البعض “معتقلي رأي”، ونحيلهم إلى جناة، وفق القانون ووفق أحكام صادرة عن محاكم تحمل أسماء مهيبة.

هكذا نشطت الديمقراطية الأسدية فجأة، انطلقت سيارات ذات قضبان وشباك حديدية تنقل المعتقلين من كل السجون الموزعة في البلد، إلى المحكمة الشهيرة، محكمة أمن الدولة العليا. قضاة خدم، ومحامون عاجزون، ومتهمون بائسون، وأقفاص اتهام، وشرطة مدنية، وأهالي يلوّحون من بعيد لأبنائهم المسروقين منهم. والنتيجة أحكام “قانونية” لم تكتف بما صادره السجن سلفًا من حياة هؤلاء المعتقلين، بل صادرت ما تبقى من حياتهم، عبر أحكام الحجر والتجريد من الحقوق المدنية التي جعلت من أحيلوا إلى المحكمة في حال أسوأ من الاعتقال العرفي، ذلك أن نهاية الحُكم لم تكن تعني دائمًا نهاية الحجز، بل فتح حساب عرفي جديد، فيصبح المعتقل السياسي محكومًا وموقوفًا عرفيًا في الوقت نفسه. وعليه؛ صار يمكن لوزير خارجية الأسد (فاروق الشرع) أن يقول في المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيينا 1993، إنه لا يوجد في سورية أي معتقل سياسي، و”ليس في سجوننا سوى مجرمي الحق العام”.

تحوّل المعتقلون إلى مجرمين، والشرطي الذي كان يسأل المعتقل عن “تهمته” صار يسأله عن “جرمه”. هذه مثلًا إحدى ثمار الضغط الديمقراطي الذي لا يرى عمق المشكلة.

اليوم، أيضًا يدفع السوريون ضريبة الصورة الديمقراطية المطلوبة. كالعادة، كل البضاعة الديمقراطية متوفرة، تعدّد مرشحين؟ موجود. صور مرشحين في الشوارع؟ موجود. شعارات للحملات الانتخابية؟ موجود. إقبال جماهيري؟ موجود، ليس فقط في سورية بل في لبنان أيضًا وفي دول المنفى، السوريون يتركون البلد ولا يتركون الأسد. احتفالات ودبكات؟ موجود. ماذا بعد؟

العالم الديمقراطي لا يريد من دكتاتور أن يقول أنا دكتاتوركم فاقبلوني، الأفضل أن يقول أنا دكتاتوركم فانتخبوني. على هذا، يوظف ثقل الدولة المتاح كاملًا لرسم الصورة.

ما قبل السلطات “التقدمية” كان للصوت الانتخابي ثمن يتقاضاه الناخب، وكان يؤخذ هذا على تلك الديمقراطية، اليوم أصبح الصوت الانتخابي بلا ثمن، أصبح على السوري أن يدفع صوته الانتخابي لتلافي الأسوأ، ولدرء مخاطر التهديدات المعلنة. مهما ساءت الحال، هناك دائمًا ما هو أسوأ. أصبح الصوت الانتخابي مصيبة فعلية على السوري، ليس داخل مناطق نظام الأسد فقط بل خارجها أيضًا. بات التهديد بالعواقب الوخيمة لعدم المشاركة هو البديل عن شراء الأصوات، أي أصبحت فترة شراء الأصوات في الأيام الخوالي ما قبل بروز ظاهرة السلطات “التقدمية”، فترة مشتهاة في هذه المرحلة، مرحلة ديمقراطية الترهيب.

في لبنان، يُهدَّد اللاجئون (من قبل حلفاء “الوريث” الذي يقيم الديمقراطية بمهارة تضاهي مهارته في حرق البلد) بتسويد عيشهم وحرق خيمهم ومنعهم من “حق العودة” وبهدلة من تبقى من أهاليهم في سورية.. إلخ، ما لم يشاركوا في “العرس الديمقراطي”. وحين يذهب هؤلاء، يسوقهم الخوف والرعب، كي يدفعوا الضرر عن أنفسهم، يقعون في معركة غير منتظرة مع لبنانيين من خصوم الوريث، ممن لا يدركون المأزق الذي يعيشه هؤلاء اللاجئون، فتبدو لهم الصورة هكذا: (إذا كنتم تحبونه وتريدونه، فانقلعوا لعنده). وتكون النتيجة تكسيرًا وجرحى ومهانين ومتوفى واحدًا، كما نقلت الأخبار. كل هذا خدمة للصورة الديمقراطية التي ينبغي عرضها. لا يهمّ إذا كانت الصورة مرسومة بالدم والقهر والدموع وعذاب الأرواح والنفوس. المهم رسم الصورة وعرضها، ثم استخدام تعبير الرئيس المنتخب بدلًا من الرئيس المفروض أو القسري أو الدكتاتور أو الإجباري أو الغاصب أو أي صفة من هذا النوع.

الحقيقة إنه يمكن للدول النافذة في العالم أن تفرض أنظمة حكم دكتاتورية، وأن تقوض أنظمة ديمقراطية ناشئة، لكن الخارج لا يمكن أن يفرض ديمقراطية على بلد، وفي حالات كثيرة، كالتي عشناها ونعيشها في سورية مع نظام عائلة الأسد، يحول النظام الضغط “الديمقراطي” الخارجي إلى عبء إضافي على الناس.

أفضل لأيّ شعبٍ يحكمه دكتاتور، أن يعلن هذا أنه دكتاتور صراحة، من أن يكون دكتاتورًا ويريد أن يظهر ديمقراطيًا ومنتخبًا ومهتمًا بمعايير الديمقراطية. أما في سورية فنحن أمام حالة أشدّ تعقيدًا، فالشخص الذي ورث السلطة ثم دمّر البلد شرّ تدمير، وتسبب في تمزيق المجتمع السوري وتشريد السوريين وانهيار الاقتصاد السوري، يريد أن يقول للعالم إنه يحكم بإرادة السوريين!! إلى الانحطاط السياسي، يضاف انحطاط أخلاقي مشين.

——————————-

السعي إلى تأبيد الإهانة/ صادق عبد الرحمن

تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري اليوم «استحقاقاً انتخابياً» لم يبذل القائمون عليه جهداً يُذكر لإظهاره كانتخابات حقيقية، إذ تنتشر صور بشار الأسد بشكل مذهل في كل متر مربع من البلد على ما يُظهِر شريط فيديو قصير من دمشق، ولا يتحدث النظام وأنصاره عن هذه المناسبة إلا بوصفها محطة لـ«تجديد الولاء» للسيد الرئيس، واستئنافاً لـ«الانتصارات في الحرب على الإرهاب».

وحده المرشح الرئاسي محمود مرعي، «المعارض الوطني» السوري كما يحبّ أن يصف نفسه، قام بعبء محاولة إظهارها كانتخابات، حتى أنه تحدّثَ عن الإفراج عن معتقلي الرأي في برنامجه الانتخابي، وقال عبارات من قبيل أنه سيقبل نتيجة صناديق الاقتراع. ذروة الجهد الذي بذلته الأجهزة الأمنية لمساعدته في مهمته هو أنها سمحت له بالظهور على الإعلام الرسمي وغير الرسمي، ولم تضمّه إلى قائمة معتقلي الرأي الذين يريد الإفراج عنهم، ولعلّ ما يشفع له أنه كرّس كثيراً من كلامه لإبراز تمايزه «الوطني» عن «المعارضة الخارجية»، وللمطالبة برفع العقوبات الأميركية عن سوريا.

أما المرشح الرئاسي بشار الأسد فلم يتوجه بأي حديث مباشر لشعبه الذي سـ«ينتخبه»، حتى أن حملته الانتخابية كانت مصممة كلّها، حتى في شعارها «الأمل بالعمل»، لتبدو كما لو أن أحداً غيره يطلب من الناس انتخابه. بشار لا يطلب من السوريين التصويت له، بل هم من يطلبون أن يَسمح لهم بانتخابه.

لم تَظهر هذه الانتخابات بوصفها منافسة فعلية لأن النظام السوري لا يريد لها ذلك، وإلا لكان قادراً على تحسين مظهرها. لم يفعل ذلك تحديداً لأنه يريدها مناسبة لاستعراض انتصاره على خصومه، وهو ما لا يكون إلّا بالحفاظ على مبدأ «تجديد البيعة للسيد الرئيس»، ما يعني ضرورة ألا يظن أي سوري أنّ هناك منافسين محتملين للأسد، ولا حتى في سياق مسرحية متّفَق على نتائجها سلفاً.

إذن، بعد مئات آلاف الضحايا وملايين النازحين واللاجئين والمهجَّرين، وبعد دخول قوات أجنبية لدول عظمى وإقليمية إلى الأراضي السورية، ما يزال غير مسموح للسوريين أن يتصوروا رئيساً لهم غير بشار الأسد. ولعلّ مما يذهل العقل ويؤلم القلب أن النظام السوري لا يبشّر السوريين بشيء غير ذاته، غير بقائه على حاله كنظام متوحش وفاسد، لكنه مع ذلك يستطيع أن «ينتصر» ويستعرض انتصاره على هيئة انتخابات.

وكان ملايين السوريين قد أعلنوا قبل نحو عشر سنوات أنهم لا يريدون بشار الأسد رئيساً، وطالبوا بصندوق اقتراع يعبّرون من خلاله عن إرادتهم هذه، ومن أجل هذا تم تدمير البلد فوق رؤوسهم. قد يبدو تكرار الحكاية على هذا النحو مملاً، أو حتى فاقداً للدقة بعد أن ظهرت تنظيمات متطرفة وتدخلات الدولية والإقليمية وغَرِقَ البلد في عشرات الصراعات المتداخلة، لكن يبقى أصل الحكاية – مهما تراكبت فوقه من حكايات – أن ملايين السوريين كانوا يريدون ألّا يجدّدوا «البيعة للسيد الرئيس»؛ يشير إلى هذا الأصل إصرارُ النظام على تكرار طقوس تجديد البيعة كأنَّ شيئاً لم يكن.

والحال أن هذه الانتخابات تكاد لا تعني شيئاً، فهي لا تغير من أوضاع قائمة ولا تؤسس لتغييرها، ولا تزيد أو تقلل من شرعية النظام، لا داخلياً ولا خارجياً، غير أن النظام يريدها من أجل هذا بالتحديد، يريدها لأنها علامة جديدة على استعصاء التغيير. يريدها أن تكون تأكيداً جديداً على ما أعلنه مراراً بالفعل والقول والتصريح والتلميح: أنه ليس بصدد إشراك أي سوريين في السلطة مهما كان الثمن، لا عبر مفاوضات جنيف ولا عبر مسار أستانا/سوتشي ولا حتى عبر حوار داخلي مع قوى معارضة منخفضة السقف.

تقول هذه الانتخابات شيئاً إضافياً أيضاً: أن حلفاء النظام موافقون على سلوكه هذا وليسوا بصدد محاولة إجباره على تغييره، وإلا ما الذي يفعله المراقبون الروس إلى جوار صناديق الاقتراع التي ستمتلئ طبعاً بأوراق «تختار» بشار الأسد؟ وباستثناء هذه الخطوة الاستعراضية من بلد لا مصداقية لأي انتخابات يُجريها هو نفسه، لمْ يُظهِر حلفاء النظام في إيران وروسيا أي اهتمام بإبراز مصداقية هذه الانتخابات، لكنهم أظهروا اهتماماً بالغاً بالتأكيد على حق النظام في فعل ما يشاء تحت شعارات «الشرعية» و«السيادة»، حتى أن الرد الروسي على تصريحات غربية شككت في شرعية هذه الانتخابات جاء على قاعدة أنها شأن داخلي لا يحق لأحد التدخل فيه، دون أي كلام عن النزاهة والشفافية.

وكي تكتمل صورة الجريمة الانتخابية، ينزل مجرم الحرب في يوم الانتخابات لمعاينة أحد مسارح جريمته. لقد اختار بشار الأسد أن يُدلي بصوته في دوما بغوطة دمشق الشرقية، تنفيذاً لفكرة لا تتفتّق إلّا عن عقل إجرامي مثير للاشمئزاز: أن يحاصر رئيس مدينة في بلده ويأمر باستهدافها بشتى صنوف الأسلحة، بما فيها الكيميائية، ويتسبب بتشريد أكثر من نصف أهلها تباعاً خلال القصف والمعارك، ثم باتفاق تهجير قسري، ثم أن ينزل بنفسه لانتخاب نفسه فيها وسط الخرائب والدمار الذي أحدثه بنفسه.

* * * * *

ليست هذه الانتخابات شيئاً سوى استئناف لمساعي تأبيد الإهانة العامة التي اسمها الحكم الأسدي: إهانة التوريث والحكم العائلي المافيوي ونهب مقدرات البلد، وإهانة استمرار حكم اللصوص ومجرمي الحرب ومرتكبي جرائم الإبادة برعاية قوى ودول أجنبية. لكن تأبيد الإهانة لا يبدو ممكناً، وتشهد على ذلك شوارع مدن وبلدات عديدة في درعا، المنطقة الوحيدة التي استعاد النظام سيطرته عليها بعد حرب مدمرة دون أن يشمل ذلك تهجير جميع المنضوين في الثورة من أبنائها، ولا سيطرة أجهزته الأمنية التامة على سكّانها. هناك، حيث لا تصل قبضة النظام الأمنية إلى كلّ المساحات بسهولة، شارك الناس بفعالية يوم أمس في إضرابات عامة احتجاجاً على الانتخابات، وخرجوا في بعض الساحات هاتفين ضد النظام وانتخاباته.

على أحد جدران درعا، كتب أحد أبنائها قبل أيام عبارة تقول «لا استقرار للبلد بوجود الأسد». تختصر هذه الجملة النتيجة الواقعية الوحيدة لهذه «الانتخابات»: تعميق أزمات البلد كلها، ودفعها إلى مزيد من الانهيار على كل صعيد، والتأكيد المتجدد على استحالة أي تغيير بغير إزالة الأسد وأعوانه من السلطة.

موقع الجمهورية

——————-

بيان خماسي دولي حازم:انتخابات الأسد غير شرعية

شدّد وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة على أن الانتخابات الرئاسية السورية التي ستجري في سوريا الأربعاء، لن تكون انتخابات حرّة ولا نزيهة.

جاء ذلك في بيان مشترك صادر عن وزير خارجية الأميركية أنتوني بلينكن، ووزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان، ووزير الخارجية الألمانية هايكو ماس، ووزير الخارجية الإيطالية لويجي دي مايو، ووزير خارجية المملكة المتحدة دومينيك راب بشأن الانتخابات الرئاسية في سوريا.

واستنكر الوزراء “قرار نظام الأسد بإجراء هذه الانتخابات خارج الإطار الذي فصّله قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254″، وقالوا: “ندعم أصوات جميع السوريين، الذين أدانوا العملية الانتخابية ووصفوها بأنها غير شرعية، بمن فيهم منظمات المجتمع المدني والمعارضة السورية”.

وأضاف البيان أنه “كما هو موضح في القرار المذكور (2254)، يجب إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة وفقاً لأعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة. ولكي تكون الانتخابات ذات مصداقية، لا بدّ من السماح لجميع السوريين بالمشاركة فيها في بيئة آمنة ومحايدة، بمن في ذلك النازحون السوريون واللاجئون وأفراد الشتات”.

وقال إنه “من دون توفر هذه العناصر، لا يمكن لهذه الانتخابات المزورة أن تمثّل أي تقدّم نحو تسوية سياسية”. وحثّ “المجتمع الدولي على الرفض القاطع لهذه المحاولة من قبل نظام الأسد لاستعادة الشرعية دون إنهاء انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان والمشاركة بشكل هادف في العملية السياسية التي تيسّرها الأمم المتحدة لإنهاء الصراع”.

وكرر البيان دعم الدول الستة الثابت ل”جهد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا من أجل تعزيز تسوية سياسية، على أساس جميع الجوانب المذكورة في قرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي يحمي الازدهار المستقبلي ويضمن حقوق جميع السوريين، بما في ذلك الحق في التصويت في انتخابات حرة ونزيهة”.

المدن

——————————-

بشار الأسد… الوريث الأمين لجمهورية القمع والاستبداد/ أمين العاصي

لم يخيب بشار الأسد، الذي تسلم الحكم في 17 يوليو/تموز 2000، خلفاً لوالده حافظ الأسد الذي حكم سورية على مدى ثلاثة عقود كاملة، ظنّ السوريين، بأن لا تغيير كبيراً منتظر في عهده، بل إن مجريات الأحداث في سورية سرعان ما أظهرت أنه نسخة مكررة من عهد والده القمعي والاستبدادي.  واليوم، لا يتردد الأسد (56 عاماً) في إجراء انتخابات رئاسية ستؤمن له ولاية رابعة، يدرك جيداً أن نتائجها محسومة لصالحه مع وجود مرشحين اثنين هما صناعة أجهزة أمنه بامتياز.

الآمال بالتغيير وانتشال سورية من قيعان الفقر والخوف والاستبداد على يد رئيس شاب لديه اطلاع واسع على التجربة الغربية بالديمقراطية بحكم إكماله الدراسة في جامعات بريطانية، ووصل إلى السلطة بغير ما كان مخططاً له بعد وفاة شقيقه باسل في حادث سيارة عام 1994 والذي كان يجهز لهذا المنصب، سرعان ما تبددت خلال أقل من عام من تسلمه السلطة. في الشهور الأولى من حكمه بدأ ما سمي بـ”ربيع دمشق”، وظهرت المنتديات السياسية، ولجان “أحياء المجتمع المدني” وملامح الانفتاح الاقتصادي. لكن سرعان ما كشف الأسد الابن عن وجهه الحقيقي، فبدأت حملات اعتقال المعارضين والناشطين السياسيين، لتبيّن أن الابن أمين في تقفّي أثر أبيه في القمع والاستبداد. 

وشهدت السنوات العشر الأولى من حكمه تراجعاً كبيراً في مستوى معيشة السوريين، حيث تدنى الدخل الى الحدود الدنيا، مع ارتفاع كبير بمستوى البطالة والأمية. وشكل الانقضاض على “ربيع دمشق” ومن ثم التورط في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في عام 2005، وما تلاه من خروج سورية من لبنان أبرز المحطات التي طبعت العقد الأول من حكمه.

وخلال تلك الفترة أيضاً ترك عائلته والدائرة الضيقة المحيطة به تضع يدها على مفاصل الاقتصاد. خلق رجال أعماله كي يسندوه. رتّب المؤسسة الدينية، فأحاط نفسه بمجموعة من “مشايخ السلطان”. حوّل سورية إلى ملكية خاصة له، ولشقيقه ماهر ولأولاد خاله محمد مخلوف قبل أن تتأزم العلاقة معهم في الآونة الأخيرة. أفسح في المجال للإيرانيين مع مجيئه إلى السلطة للعبث بهوية سورية. كل هذا وأكثر، كان كفيلاً بتثوير السوريين في عام 2011، بعد أشهر عدة من انطلاق “الربيع العربي”، إذ لم يعد الشعب يحتمل. فاضت كأس القمع والتجويع عن آخرها في ذاك العام، وامتلأت شوارع سورية بالمتظاهرين، فواجههم طبيب العيون بالحديد والنار.

رفع بشار الأسد سريعاً شعار “أنا أو الخراب”، في وجه الثورة السورية التي لم تكن تطالب سوى بتغيير سياسي بعد 48 عاماً من الاستبداد. اختار منذ البداية المواجهة مع جموع السوريين الذين وجدوا أنّ الفرصة سانحة لاسترداد بلادهم. أطلق يد أجهزة أمنه وقواته لمواجهة السوريين المنتفضين في استعراض مفرط للقوة، ليحوّل سورية بعد 10 سنوات من الثورة إلى أطلال دولة ووطن.

 أدرك السوريون أن النظام ليس في وارد التنازل، فرفعوا سقف مطالبهم مطالبين بإسقاط النظام. وأدرك الأسد أن السوريين الذين خرجوا إلى الشوارع ثائرين لن يعودوا قبل الحصول على مطالبهم، فزاد من وتيره فتكه.

وبقدر كان الشعب السوري استثنائيا في التمسك بحقه بالحياة، كان بشار الأسد ولا يزال استثنائياً بالقمع. اعتقل عشرات آلاف السوريين في سجون علنية ورثها عن أبيه وزاد عليها، وأخرى سرية لا أحد يعرف عنها شيئاً. وما تسرب من صور لاحقاً، خصوصاً صور “قيصر” أظهر التوحش الذي مارسه سجانو الأسد بحق السوريين. قتل الآلاف تحت التعذيب. اعتقل ما يربو عن عشرة آلاف امرأة وخمسة آلاف طفل كرهائن، فكبروا داخل الجدران العالية الرطبة. وروى ناجون من هذه المعتقلات لوسائل الإعلام فصولاً موجعة عما يحدث داخل الزنازين. استخدم الأسد كل الأسلحة بما فيها المحرمة دولياً في حربه التي أعلنها في أواخر مارس/آذار من عام 2011 أمام ما يسمّى بـ”مجلس الشعب”. قتل آلاف الناس خلال ساعات في غوطة دمشق الشرقية منتصف عام 2013. ولم يكتف، إذ استخدم الغازات السامة مئات المرات خلال سنوات الحرب من دون أن يتردد مراراً في نفي مسؤوليته عن مختلف المجازر والجرائم.

الطائرات الحربية والمروحية التي دفع السوريون أثمانها لحماية وطنهم، وجدوها تدك مدنهم وبلدانهم، فتقتل وتدمّر في مشهد لم يشهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية. وفي حين لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد السوريين الذين قتلهم نظام بشار الأسد خلال عشر سنوات، تشير تقديرات الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى أكثر من 199 ألف مدني. ولم يكن كل ذلك كافياً له فأطلق سراح المتشددين والناقمين من سجونه، فظهرت التنظيمات التي حرفت الثورة عن مسارها، لتسهل بعد ذلك محاربتها. سهّل لهذه التنظيمات السيطرة على جانب من الجغرافيا السورية ليقول للعالم إنه يقاتل إرهابيين لا ثواراً يطالبون بحقهم في بلادهم. وعندما شعر أن طوفان الثورة جامح ليس بمقدوره مواجهته، استعان بالحرس الثوري الإيراني بشكل علني في عام 2013، فبدأ الفتك بالسوريين لخلق ما سمّاه بـ”المجتمع المتجانس”. انتشرت المليشيات الإيرانية و”حزب الله” اللبناني على امتداد الجغرافيا، والذريعة كانت جاهزة وهي محاربة تنظيم “داعش” الذي كان سيطر على نصف مساحة سورية في صعود دراماتيكي فرز أسئلة يعرف السوريون جيداً أجوبتها.

وخلال السنوات الخمس الأولى من عمر الثورة عبر ملايين السوريين إلى دول الجوار للخروج من جمهورية الخوف والنجاة بأطفالهم. وفي العام 2015، حاولت أعداد كبيرة منهم الوصول عبر البحر المتوسط إلى أوروبا.  وفي ذاك العام أيضاً، لم تنفع الأسد مليشيات إيران الطائفية، فترنح مجدداً أمام ضربات فصائل المعارضة السورية التي كانت تتقدم بسرعة باتجاه الساحل السوري ووسط البلاد، وتكاد تحاصره في العاصمة دمشق. استعان الأسد بالروس، فكانت الخطوة الأولى باتجاه سلب السوريين مقدراتهم وقرارهم. فتح الأسد الباب الواسع للروس كي يجربوا أسلحتهم الجديدة بأجساد السوريين، لإغراء “الزبائن” بقدرتها على الفتك. قدّم بشار الأسد سورية كلها للروس مقابل حمايته ونظامه. وقتل الروس مذ ذاك الحين الآلاف من المدنيين. دمروا مستشفيات ومساجد، ومراكز حيوية أخرى. كان كل ذلك عقاباً قاسياً لمن خرج مطالباً بحريته.

خاض بشار الأسد في بحر من الدم والدموع لاستعادة بعض الجغرافيا كي يقنع نفسه بأنه لا يزال رئيساً. هجّر الناس من بيوتهم من جنوب سورية ووسطها إلى الشمال الذي بات مكتظاً بالملايين الذين لاحقهم الأسد إلى هناك قتلاً وقصفاً وحصاراً وتشريداً.

نظرة على سورية بعد عشر سنوات من الثورة، تظهر أن مدناً كاملة أزيلت من الخريطة، وأحياء كاملة باتت أطلالاً. أكثر من نصف السوريين ما بين قتيل ومعتقل ومشرد ومهجر. تحولت سورية إلى ثلاث مناطق نفوذ. المليشيات الإيرانية لها حصة الأسد من سورية، والروس باتوا المتحكمين بكل شيء في البلاد مع منافسة خفية من الإيرانيين، والأميركيون وضعوا يدهم على الجانب المهم من البلاد، وهو ما بات يُعرف بـ”شرقي الفرات”، المنطقة التي تقع تحت سيطرة “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) المتهمة بالتبعية لحزب “العمال الكردستاني”. تمزّق النسيج الاجتماعي السوري، فاتسعت الهوّة بين المكونات الطائفية والدينية والقومية، وهو ما يطرح أسئلة حول قدرة هذه المكونات مستقبلاً على التعايش في دولة واحدة. فُرّغت سورية من الكفاءات. لم يعد هناك اقتصاد. تحوّل “الجيش العربي السوري” إلى مجرد مليشيا من مليشيات “الشبيحة” والمليشيات التي تتلقى الدعم من الجانب الروسي أو الإيراني. عطّل الأسد وحلفاؤه الروس والإيرانيون مساعي للأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي يلملم شتات سورية.

واليوم تقف سورية الدولة والوطن والتي باتت تُصنّف في خانة الدول الفاشلة، أمام منعرجات شتى، لأنّ بشار الأسد أعلنها منذ الصرخة الأولى للسوريين: “الأسد أو نحرق البلد”.

العربي الجديد

——————————-

هل يقبل الأسد بعد انتخابه «المسوّدة الروسية» للدستور؟/ إبراهيم حميدي

عندما قدمت روسيا مسوّدتها للدستور السوري في بداية عام 2016، وعندما استضافت عقد «مؤتمر الحوار الوطني السوري» في سوتشي في بداية 2018، وعندما دفعت لتشكيل لجنة دستورية من الحكومة والمعارضة في منتصف 2019، هل كانت تمهد للوصول في نهاية 2020 إلى القول بأن لا علاقة بين مساري الإصلاح الدستوري والانتخابات الرئاسية في 2012؟ هل يعيد تثبيت مناطق النفوذ الثلاث وانتخاب الرئيس بشار الأسد إحياء «المسوّدة الروسية» للدستور السوري؟ ما هي الصلاحيات الرئاسية التي يجري النقاش حولها في إطار «المحاصصة»؟

— بيان ودستور

شهد عام 2012 أمرين: الأول، «بيان جنيف» الذي نص على تشكيل «هيئة حكم انتقالية من ممثلي النظام والمعارضة بصلاحيات تنفيذية كاملة»، والثاني، استفتاء على دستور تضمن تعزيزاً للنظام الرئاسي السوري وتعزيزاً لصلاحيات رئيس الجمهورية.

ومنذ التدخل العسكري الروسي نهاية 2015، تسارع تغيير موقف واشنطن إزاء دور الرئيس الأسد، من القول إن «عليه التنحي الآن» وعدم مشاركته في «هيئة الحكم» في 2012، إلى قبول الانتقال السياسي «بعيداً من الأسد»، وصولاً إلى إعلان وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري في 2016 التخلي عن «تغيير النظام» والحديث عن «سوريا المستقبلية من دون الأسد»، وانتهاء بقبول كيري موقف نظيره الروسي سيرغي لافروف بإعطاء الأولوية للدستور على حساب «الهيئة الانتقالية».

وبعد صدور القرار 2254 في نهاية 2015، اتفق الجانبان الأميركي والروسي على بدء العمل لتنفيذ القرار الدولي، الذي نص على تشكيل «حكم تمثيلي غير طائفي يصوغ دستوراً جديداً ويمهد لانتخابات»، من دون تحديد ما إذا كانت رئاسية أو برلمانية، خلال 18 شهراً. وتبين أن البدء بعملية انتقالية بموجب «بيان جنيف» لنقل بعض الصلاحيات من رئيس الجمهورية إلى رئيس الهيئة الانتقالية «يعني تعديل 23 مادة في دستور عام 2012».

— صلاحيات واسعة

ما هي الصلاحيات الواردة في دستور 2012؟

– تقاسم الصلاحيات التنفيذية بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء.

– يعين الرئيس رئيس مجلس الوزراء ويعفيه من منصبه، بما في ذلك الوزراء.

– يضع السياسات العامة للدولة وتنفيذها.

– يحق عقد الاجتماعات مع مجلس الوزراء وطلب تقديم التقارير.

– يوقع على القوانين التي يقرها البرلمان.

– يصدر القوانين والقرارات والأحكام.

– يعلن حالة الطوارئ.

– يتمتع رئيس الجمهورية بالسلطة المطلقة على القوات المسلحة، باعتباره القائد العام للقوات المسلحة.

– يحق للرئيس حل مجلس الشعب (البرلمان) «بقرار معلل يصدر عنه».

– يتولى مهمات السلطة التشريعية في حالة عدم انعقاد البرلمان أو «في حالة الضرورة المطلقة».

– يحق اتخاذ «إجراءات سريعة» عند مواجهة الدولة خطراً كبيراً.

– يحق له «إنشاء الهيئات، والمجالس، واللجان الخاصة».

– يحق له إجراء استفتاءات حول القضايا المهمة.

– رئيس الوزراء ونوابه والوزراء مسؤولون أمام الرئيس.

– للرئيس الحق في إحالة رئيس الوزراء ونوابه والوزراء على المحاكم في حالة ارتكابهم جرائم جنائية.

– يتم اعتبار مجلس الوزراء مقالاً عند انتهاء ولاية الرئيس.

– يضمن الرئيس استقلال السلطة القضائية بمساعدة مجلس القضاء الأعلى.

– يدير الرئيس مجلس القضاء الأعلى.

– يدير الرئيس المحكمة الدستورية العليا.

– لا يحق للمحكمة الدستورية مراجعة القوانين التي يقرها الرئيس بعد عرضها على استفتاء والموافقة عليها.

— المسودة الروسية

في مارس (آذار) 2016، جرى تقديم مسوّدة «الدستور الروسي»، وتقع في 24 صفحة و85 مادة، تضمنت اقتراح نظام رئاسي وبقاء الأسد رئيساً لنهاية ولايته، وقائداً للجيش السوري و«التنظيمات المسلحة» الأخرى، مع ترشحه لولاية أخرى، مقابل إعطاء صلاحيات تنفيذية أكبر لرئيس مجلس الوزراء، وأخرى تشريعية لـ«مجلس الشعب»، وصلاحيات أكبر لـ«جمعية المناطق» التي تتضمن «حكماً ذاتياً للأكراد»، إضافة إلى تخلي الأسد عن سلطته التشريعية والقدرة على إصدار قوانين خارج انعقاد البرلمان، وعن ترؤسه مجلس القضاء الأعلى وتشكيل المحكمة الدستورية العليا التي عُدِّل دورها. كما أن المسوّدة الروسية حذفت كلمة «العربية» من اسم سوريا، وباتت «الجمهورية السورية» بدل «الجمهورية العربية السورية».

وأعطت المسودة صلاحيات أوسع لمجلس الوزراء، مع احتفاظ الرئيس بتحديد «الاتجاه العام» وتنفيذ القوانين. لكن لم يعد مسؤولاً فقط أمام رئيس الجمهورية، بل أيضا أمام البرلمان الذي يتسلم «برنامج عمل الحكومة». ولم يعد «رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء مسؤولين أمام رئيس الجمهورية» كما ورد في دستور 2012. ونصت المسوّدة صراحة على أنّ تعيين نواب رئيس مجلس الوزراء والوزراء يكون على أساس «التمثيل النسبي لجميع الأطياف الطائفية والقومية»، ورئيس المجلس «عقد معاهدات واتفاقيات تعطي الشركات الأجنبية حق الامتياز»، و«تعيين موظفي الدولة والعسكريين وفصلهم».

وبحسب المسوّدة يبقى الرئيس قائداً للجيش والقوات المسلحة و«التنظيمات المسلحة» الأخرى. لكنها اقترحت أن تكون القوات المسلحة «تحت الرقابة من قبل المجتمع، ولا تتدخل في مجال المصالح السياسية، ولا تؤدي دوراً في عملية انتقال السلطة». كما أنها اقترحت السماح بـ«تشكيل قوات مسلحة وغيرها من الوحدات المسلحة». وقالت إن «بقاء الجيش خارج العمل السياسي يدعم العملية الديمقراطية، ويخفف القدرة على السيطرة على العملية، إضافة إلى اعتماد «التعددية السياسية».

— رد دمشق

لم تكن دمشق وطهران سعيدتين بالمسوّدة الروسية وقتذاك، حيث رأت الحكومة السورية أن «المسودة الروسية صالحة لروسيا وليس لسوريا». وقدم خبراء رسميون سلسلة ملاحظات عليها، بينها إلغاء «جمعية المناطق» ومناطق «الحكم الذاتي الكردي»، والسماح بانتخاب رئيس الجمهورية الحالي لـ«ولايتين على التوالي»، ما يعني أن يترشح الرئيس الأسد لدى انتهاء ولاية جديدة لسبع سنوات، تبدأ بعد فوزه في انتخابات الغد. كما نصت التعليقات على اقتراحات كثيرة لعدم إعطاء الأكراد أي حق، بما في ذلك حذف فقرة نصت على أن «تستخدم أجهزة الحكم الذاتي الثقافي الكردي ومنظماته اللغتين العربية والكردية كلغتين متساويتين»، وشطب فقرات تخص تشكيل «وحدات إدارية» واعتماد «إدارات محلية» بموجب القانون 107 للإدارة المحلية على أساس مبدأ اللامركزية.

ولدى الحديث عن صلاحيات الرئيس، حذفت دمشق فقرة نصت على أنه «يتولى مهمة الوساطة بين سلطات الدولة، وبين الدولة والمجتمع، ويحق له لغرض تسوية الخلافات بين مؤسسات الدولة استخدام الإجراءات التوافقية»، وإضافة صلاحية «تعيين كبار الموظفين». كما تمسك مسؤولون سوريون بـ«إضافة سلطة التشريع للسيد الرئيس»، إضافة إلى عقد الاتفاقات وإحالتها إلى البرلمان، و«اعتماد» رؤساء البعثات، بعد نزعها من رئيس الوزراء. ونصت المادة 60 على «إخضاع القوات المسلحة لـرئيس الجمهورية، ويتولى مهمة القائد الأعلى للقوات المسلحة والتنظيمات المسلحة».

ونصت المسوّدة على توسيع صلاحيات رئيس مجلس الوزراء، الذي يمكن أن يتولى «صلاحيات رئيس الجمهورية لمدة تسعين يوماً من تاريخ شغور منصب رئيس الجمهورية أو إثبات عجزه عن أداء مهماته، وفي حال حجز رئيس الوزراء يتولى مهمات رئيس الجمهورية رئيس جمعية المناطق». لكنها أبقت للرئيس صلاحيات «تسمية رئيس مجلس الوزراء ونوابه وتسمية الوزراء ونوابهم وقبول استقالتهم وإعفائهم من مناصبهم».

وفي إطار تقليص صلاحيات الرئاسة أيضاً، التي تتضمن حالياً «تشكيل مجلس القضاء الأعلى ورئاسة مجلس القضاء الأعلى»، فإن مسوّدة موسكو اقترحت أن تضم «المحكمة الدستورية العليا» سبعة أعضاء «تعيّنهم جمعية المناطق»، لكن دمشق حصرت تشكيلها برئيس الجمهورية بـ«مرسوم». وإذ نصت المسوّدة على أن من صلاحيات المحكمة الدستورية العليا «محاكمة رئيس الجمهورية المعزول في حالة خيانة عظمى أو جريمة كبرى أخرى»، لكن دمشق حذفت آخر ثلاث كلمات.

وجاء في إحدى مواد المسوّدة الروسية: «تنتهي مدة ولاية رئيس الجمهورية الحالي بانقضاء سبع سنوات ميلادية من تاريخ أدائه القسم الدستوري رئيساً للجمهورية. وله الحق في الترشح مجدداً لمنصب رئيس الجمهورية، وتسري عليه أحكام الدستور الخاصة بمدة ولايته اعتباراً من الانتخابات الرئاسية القادمة»، أي بموجب اقتراحات التعديل في المادة 49.

وعليه، يجوز التساؤل عما إذا كانت روسيا ستعيد طرح دستورها لسوريا بعد انتخاب الأسد لولاية جديدة، خصوصاً في ظل جهود المبعوث الأممي غير بيدرسن لاستئناف عمل اللجنة الدستورية بعد الانتخابات الرئاسية، بالتوازي مع ثبات خطوط التماس بين شمال شرقي سوريا وشمالها الغربي ومناطق الحكومة، ووسط أنباء عن تسخين التواصل الأميركي – الروسي واحتمال عقد صفقة إيرانية – أميركية حول الملف النووي، وسط حرص روسي على مساهمة خارجية بإعمار سوريا التي قدرت خسائرها بنصف تريليون دولار أميركي.

———————————-

سوريا خلال الولاية الثالثة للأسد… 371 ألف قتيل و13 مليون مشرد

لندن: «الشرق الأوسط»

أفاد تقرير حقوقي أمس، أن قوات النظام السوري بدعم من روسيا وإيران استطاعت رفع نسبة سيطرتها الكاملة في سوريا من 26 في المائة إلى 40 في المائة خلال الولاية الثالثة للرئيس بشار الأسد بين عامي 2014 و2021، لافتا إلى مقتل 371 ألف شخص بينهم نحو 52117 مدنيا و67400 من أنصار النظام خلال الفترة ذاتها وإلى وجود 13 مليون مشرد داخل سوريا وخارجها.

وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي يعتبر مصدرا رئيسيا للملف السوري منذ 2011 ومقره بريطانيا: «سيكون العالم أجمع الأربعاء على موعد مع مسرحية هزلية جديدة من سيناريو وإخراج كامل للنظام السوري، حين تشهد الأراضي السورية انتخابات رئاسية «يتنافس» عليها 3 مرشحين أبرزهم بشار الأسد، وعلى اعتبار أن نتائج الانتخابات معروفة لدى الجميع ولا يخفى على أحد أن الأسد سيكسب ولاية جديدة هي الرابعة له منذ رحيل والده حافظ الأسد عام 2000».

– تدخلات خارجية

واستعرض «المرصد» أبرز الأحداث الذي شهدتها سورية خلال الولاية الثالثة للأسد أي منذ عام 2014 وحتى يومنا هذا، إذ قال إن الولاية السابقة «شهدت دخول قوى إقليمية ودولية وانخراطهم في الصراع السوري، واختيار كل قوة طرفا سوريا لدعمه في مناطق معينة، فالقوات الأميركية والتحالف الدولي تدخلوا عسكرياً ولوجيستياً إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية في منطقة شمال شرقي سوريا ومكنتها من السيطرة على مساحات شاسعة، أما الأتراك فتدخلوا إلى جانب فصائل المعارضة في مناطق سورية عدة وشنت عمليات عسكرية واسعة تحت مسميات درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام بالإضافة لتدخلها في إدلب، أما النظام فاستنجد بالدب الروسي وحليفه الاستراتيجي إيران، بعد أن كان قد خسر مناطق شاسعة وبات قاب قوسين أو أدنى من الانهيار، حتى بدأ برفقة الروس والإيرانيين باستعادة المناطق الواحدة تلو الأخرى، وبالطبع ليس بقوته بل بسلاح القصف العشوائي براً وجواً وتهجير أهالي المناطق ثم تأتي اتفاقات مثل سوتشي وغيرها بين الروس والأتراك في غالب الأحيان والروس والإيرانيين والأتراك تارة أخرى، تفضي إلى تهجير الأهالي وتسليم مناطق للنظام مقابل تسلم الأتراك لمناطق أخرى، أي محاصصة المناطق السورية لهذه القوى الخارجية».

كما شهدت الولاية الثالثة، تصعيدا غير مسبوق من قبل إسرائيل، باستباحة الأراضي السورية، لا سيما منذ العام 2018، عبر مئات عشرات الاستهدافات مخلفة مئات القتلى والجرحى وتدمير مواقع ومنشآت.

وعن مناطق السيطرة، قال «المرصد» إن في 2014، كانت نسبة السيطرة: قوات سوريا الديمقراطية، بنسبة 14٫50 في المائة، وتنظيم «داعش» بنسبة 41٫10 في المائة، وقوات النظام والموالين نسبة بنسبة 26٫40 في المائة، والفصائل، بنسبة 18٫00 في المائة، مشيرا إلى أنه في 25 الشهر الجاري، أصبحت السيطرة، كالآتي: قوات سوريا الديمقراطية، بنسبة 28٫00 في المائة، وقوات النظام والموالين بنسبة 40٫70 في المائة، والفصائل الموالية لأنقرة 13924 بنسبة 13٫30 في المائة، وهناك مناطق مشتركة بين قوات النظام و«قسد» بنسبة 18٫00 في المائة.

بالنسبة إلى البادية السورية، فإن «داعش» لا يزال يسيطر على 4 في المائة من سوريا، مقابل 91 في المائة لقوات النظام وموالين وحوالي 5 في المائة لفصائل تدعما أميركا، علما بأن مساحة سوريا تبلغ 185180 (104475 مناطق مأهولة بالسكان و80705 بادية)

– الاقتصاد والبشر

شهدت ولاية الأسد الثالثة «انهيارا تدريجيا» للاقتصاد السوري بفعل سياسة النظام وتعنته بالسلطة، وما لحقه من عقوبات اقتصادية دولية أبرزها عقوبات «قانون قيصر». وقال «المرصد»: «بدأ الأسد ولايته الثالثة وسعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية كان 170 ليرة، بينما الآن سعر صرف الدولار 3100 ليرة سورية، ووصل في وقت من الأوقات خلال الأسابيع الفائتة إلى عتبة 5000 ليرة سورية، أي أنه تضاعف نحو 30 ضعفا، وما تبعه من تضخم وارتفاع جنوني في الأسعار وشح فرص العمل والرواتب الشهرية القليلة جداً في سورية وهو ما عمق فجوة الفقر ليتحول إلى فقر مدقع».

وأشار إلى أنه «وثق مقتل 226.514 شخصاً على الأراضي السورية، منذ إعادة انتخاب الأسد لولاية جديدة في 3 من يونيو (حزيران) 2014». وأوضح «المرصد» أنه بين القتلى «62809 مدنيين بينهم 13540 طفل»، إضافة إلى 30 ألف مقاتل معارض و30 ألف مقاتل موالي للنظام.

وقال «المرصد»: «هذه الأرقام لم تشمل نحو 88000 مواطن استشهدوا تحت التعذيب في معتقلات النظام ولا 3200 مختطف من المدنيين والمقاتلين في سجون تنظيم داعش إضافة لأنها لم تشمل مصير أكثر من 4100 أسير ومفقود من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، وما يزيد عن 1800 مختطف لدى الفصائل المقاتلة والكتائب الإسلامية وتنظيم داعش وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، بتهمة موالاة النظام… العدد الحقيقي لمن قتل هو 45 ألفا. كما أسفرت العمليات العسكرية المتواصلة وعمليات القصف والتفجيرات عن إصابة أكثر من 2.1 مليون مواطن سوري بجراح مختلفة وإعاقات دائمة، فيما شرد نحو 13 مليون مواطن آخرين منهم، من ضمنهم مئات آلاف الأطفال ومئات آلاف المواطنات، بين مناطق اللجوء والنزوح، ودمرت البنى التحتية والمشافي والمدارس والأملاك الخاصة والعامة بشكل كبير جداً».

وبعد استعراض جميع الأرقام، قال «المرصد»: «نشهد مقتل 371 ألف شخص خلال الولاية الثالثة للأسد في رئاسة سوريا، بينهم نحو 52117 ألف مدني من الذين وثقهم المرصد بالأسماء، قتلوا على يد النظام وحلفائه وعلى رأسهم الروس، بنسبة 83 في المائة من إجمالي الخسائر البشرية للمدنيين، كما أرسل نظام بشار الأسد أكثر 67400 من جنوده وجنود حلفائه إلى القتل في الفترة ذاتها».

الشرق الأوسط

————————–

بشار الأسد ينظم انتخابات رئاسية وهميّة في سورية

مجيد رزوقي/ ترجمة: بدرالدين عرودكي

بعد عشر سنوات من اندلاع الحرب الأهلية، تعترض فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية مسبقًا على انتخابات 26 أيار/ مايو، المُنظمة لصالح الدكتاتور وحده.

لا تثير إعادة انتخابه أي شك وبشار الأسد يهرع بلا مفاجأة نحو ولاية رابعة متوالية رئيسًا لسورية. اعتمدت العملية من قبل المحكمة الدستورية العليا، التي صادقت على ترشيحه، يوم الاثنين 3 أيار/ مايو من أجل اقتراع سيجري يوم 26 أيار/ مايو. انتخابات رئاسية سوف تراه فائزًا بها في مواجهة منافسيْن، وزير سابق ومعارض مقبول من السلطة.

سيكون الاقتراع هو ثاني اقتراع مُنظم منذ بداية حرب مدمرة في عام 2011، فجرها قمع التظاهرات التي نادت بإصلاحات ديمقراطية. وبفضل مساعدة حليفيْه الإيراني والروسي العسكرية، نجح نظام القائد السوري في استعادة ما يقارب ثلثي الأراضي السورية من أيدي الثوار والجهاديين بعد معارك أدَّت إلى ما يقارب أربعمئة ألف قتيل.

المنتخب باستفتاء عام 2000

وصل بشار الأسد البالغ من العمر 55 عامًا إلى السلطة عام 2000 بعد موت أبيه حافظ الأسد، الذي كان يرأس هو نفسه سورية طوال ثلاثة عقود. كان بشار الأسد قد انتُخب باستفتاء في عام 2000، وفي عام 2007. وفي عام 2014، سُمِحَ لمرشّحيْن أن يتنافسا معه لتقديم صورة نظام في طريقه إلى تطبيع وضعه. انتخب المستبد بنسبة 88% من أصوات ما وصفه معارضوه بـ “المهزلة”، وبإخراج جرى تنظيمه من أجل وسائل الإعلام الغربية.

هذه السنة، هناك بالإضافة إلى بشار الأسد، سوف يتنافس عبد الله سلوم، وزير الدولة بين عاميْ 2016 ــ 2020، ومحمد مرعي، عضو المعارضة “المقبولة”، كما يقال داخل البلد، التي تنظر إليها المعارضة في المنفى بوصفها امتدادًا للنظام. كان على المرشحين أن يحصلوا على دعم 35 نائبًا على الأقل، نظرًا إلى أنَّه لا يُسمَحُ لكل واحدٍ منهم أن يدعم أكثر من مرشح واحد.

وجود السيد مرعي الذي كان قد شارك في المفاوضات التي نظمت تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف في محاولة للعثور على مخرج من الحرب، يُرى من قبل دبلوماسي غربي بوصفه “التنازل الوحيد الذي قام به النظام للخارج. ومن ثمَّ لحليفه الروسي الذي يحرص حفظًا للمظاهر على ما يشبه “التنوع“. المعارضة في المنفى، من ناحيتها، مستبعَدة بالفعل، إذ إن القانون الانتخابي ينص على أن على المرشحين أن يكونوا مقيمين في البلد باستمرار خلال السنوات الست الأخيرة.

النقد المستفحل

رفض الأعضاء الغربيون في مجلس الأمن، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة المتحدة، مسبقًا نتائج الانتخابات. “لن تعترف فرنسا بأي صلاحية للانتخابات التي سيجريها النظام في نهاية شهر أيار/ مايو”، كما قال السفير الفرنسي في منظمة الأمم المتحدة، نقولا دو ريفيير، خلال الجلسة الشهرية لمجلس الأمن حول سورية في 28 نيسان/ أبريل. إنها من دون شمل الشتات، انتخابات “سوف تنظم تحت رقابة النظام وحده، من دون الإشراف الدولي” الذي نصّ عليه القرار 2254 (الذي صدر عن مجلس الأمن عام 2015)، كما أضاف.

“فشل وضع دستور جديد برهان على أن انتخابات 26 أيار/ مايو المزعومة ستكون كاذبة”، ليندا توماس غرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة في منظمة الأمم المتحدة.

أعلنت زميلته الأميركية، ليندا توماس غرينفيلد، موقفًا مماثلًا، فقد قالت: “فشل وضع دستور جديد برهان على أن انتخابات 26 أيار/ مايو المزعومة ستكون كاذبة”. لا بد من اتخاذ الإجراءات التي تتيح “مشاركة اللاجئين، والنازحين في الشتات في كل انتخابات سورية”. وما دام ذلك لم يحدث، “فلن نكون مخدوعين“، كما حذرت.

ولم تُخفِ منظمة الأمم المتحدة نقدها. “كانت الانتخابات [السورية] قد دعي إليها بموجب الدستور الحالي وهي لا تؤلف جزءًا من العملية السياسية التي يجب أن تجري طبقًا للقرار 2254“، كما صرح ستيفان دجاريك، الناطق باسم أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة. لكن هذا الرفض يسجل أيضًا إقرارًا بالعجز.

اعترف المبعوث الخاص لمنظمة الأمم المتحدة لسورية، الدبلوماسي النروجي، غير بيدرسون أنه نظرًا لغياب أي “التزام حقيقي” من قبل النظام السوري، فإن العملية السياسية لم تنجح بعد في تقديم تغييرات واضحة. وأضاف: “انتخابات حرة وعادلة”، قائمة على أحكام قرار مجلس الأمن رقم 2254، “لا تزال تبدو بعيدة”.

دستور سوري لم يتغيّر

يتجلى موقف دمشق على هذا النحو في سجالات اللجنة الدستورية بجنيف. يُفترض بهذه الهيئة التي شكلت بمبادرة موسكو وأنقرة، والمؤلفة من ممثلي السلطة والمعارضة أن تعدِّلَ الدستور السوري. بعد أكثر من عام ونصف على انعقاد الاجتماع الافتتاحي، في أيلول/ سبتمبر 2019، لم ينجح المندوبون في إعادة كتابة أدنى مادة، بسبب عرقلة مبعوثي النظام.

وكما في عام 2014، أصدر رئيس الدولة السورية، يوم الأحد 2 أيار/ مايو، مرسومَ عفوٍ قبل الانتخابات يغطي “الأفعال الإرهابية” التي لم تسبب موت أحد. يمكن أن يستفيد من هذا القرار الهاربون من الجيش المدعوون إلى تقديم أنفسهم إلى القضاء، أو السجناء المحكومون بسبب التهريب والاتجار غير المشروع لقاء دفع غرامات.

وبينما يواجه استياءً متزايدًا، بفعل ارتفاع الأسعار وهبوط قيمة العملة في المناطق الموالية، قام النظام أيضًا باتخاذ سلسلة من الإجراءات، منها زيادة الرواتب ومنح القروض بفائدة منخفضة. تلك إشارة موجهة إلى قاعدته. بدءًا من ضباط ورؤساء الميليشيات المسرحين الذين تحولوا إلى مقاولين ينشطون في فلك السلطة.

عنوان المادة: Bachar Al-Assad orchestre un simulacre d’élection présidentielle en Syrie

الكاتب: Madjid Zerrouky

المترجم: بدر الدين عرودكي

مكان وتاريخ النشر:CAREP, le 5 mai 2021

رابط المقال: https://bit.ly/3wvVc9n

———————————

الانتخابات ــ الإهانة: مبايعة الأسد في بلد ممزق/ أمين العاصي

تعكس خريطة الانتخابات الرئاسية، التي يجريها النظام السوري اليوم الأربعاء للتجديد لبشار الأسد لسبع سنوات جديدة في الحكم، الحالة التي وصلت إليها البلاد بعد أكثر من عشر سنوات من الثورة الشعبية. ولن يستطيع هذا النظام تنظيم انتخاباته، التي هي بمثابة إهانة لكل ما تفرضه فكرة الانتخابات من منافسة حقيقية ومنح جميع المواطنين الحق في المشاركة ترشحاً أو تصويتاً، في الكثير من المناطق بعدما خسر مساحات كبيرة من الجغرافيا السورية التي تبلغ نحو 180 ألف كيلومتر مربع، فيما لديه سيطرة جزئية على مناطق أخرى لن يتمكن أيضاً من إجراء انتخاباته فيها. هذا الواقع يكشف كيف مزقت الحرب التي شنّها نظام الأسد على شعبه منذ ثورة 2011 وتخللها ارتكاب مجازر كبيرة لم يتوان عن استخدام السلاح الكيميائي فيها، سورية إلى مناطق عدة خاضعة لسيطرة أطراف مختلفة، وبنفوذ كبير لدول خارجية، أكانت إيران أم روسيا اللتين ساعدتا الأسد على البقاء في السلطة، أم تركيا والولايات المتحدة.

أمام هذا الواقع، ومع عدم قدرة الأسد على إجراء انتخاباته على مساحة واسعة من سورية، وفي ظل تهجير ونزوح ملايين السوريين داخل البلاد وخارجها، لن يشارك في انتخابات اليوم سوى نسبة محدودة من السوريين، أكان بإرادتهم أم تحت التهديد بعدما لم يوفر النظام وسيلة لضمان مشاركة كل من يستطيع ترهيبه. وبالتالي لن يُقدّم هذا الاستحقاق صورة “الشرعية الشعبية” المزيفة التي يحاول الأسد وحلفاؤه ترويجها، للبقاء أولاً في الحكم لسبع سنوات مقبلة، ثم الترويج بأن الحرب انتهت في سورية وأن الانتخابات تُبرز نوعاً من الاستقرار، بما يمهد لتطبيع العلاقات مع دول خارجية، في مهمة بدأتها موسكو قبل فترة، وذلك تحضيراً لمرحلة “إعادة الإعمار”، الأهم بالنسبة للنظام وحلفائه، خصوصاً أن تكلفة إعادة الإعمار تُقدر بحوالي 300 مليار دولار أميركي على الأقل، وهي ما تحتاج إلى دعم دولي كبير.

ويترافق كل ذلك مع تجاهل الحل السياسي وانتقال السلطة الذي نصّ عليه القرار الدولي رقم 2254 وما تلاه من مسارات سياسية لم تصل إلى نتيجة بعدما بقي القرار حبراً على ورق، مع تعطيل النظام مسار التوصل إلى هيئة حكم انتقالية، قبل تقسيم المبعوث الأممي السابق ستيفان دي ميستورا، القرار إلى أربع سلال (هيئة حكم انتقالية، الدستور، انتخابات، مكافحة الإرهاب)، ولكنها توقفت كلها بسبب مماطلة النظام، واختُصرت بإنشاء لجنة دستورية عام 2019 فشلت في تحقيق أي تقدم حتى الآن.

وبعد أكثر من عشر سنوات على انطلاق الثورة السورية، يُجري النظام انتخابات رئاسية بلا أي أفق لحل سياسي، بعد سقوط نحو 388 ألف قتيل على أيدي أطراف النزاع المختلفة، أكان النظام والمليشيات الموالية له وروسيا وإيران، أم المعارضة والتنظيمات المتشددة، بالإضافة إلى اعتقال نحو 100 ألف شخص. كما شهدت السنوات العشر تهجير نحو 6.7 ملايين شخص من بيوتهم، ولجوء 5.6 ملايين شخص إلى خارج حدود سورية، وتسجيل خسائر اقتصادية قدّرتها الأمم المتحدة بنحو 440 مليار دولار، ووصول 90 في المائة ممن يعيشون في الداخل السوري إلى ما تحت خط الفقر.

ويتحضر بشار الأسد لولاية رابعة عبر انتخابات يجريها اليوم وفق دستور عام 2012 الذي فتح الباب لأول مرة في سورية منذ عام 1963 أمام وجود أكثر من مرشح، ليسمح النظام بمرشحين اثنين إضافة إلى الأسد في هذه الجولة، هما عبد الله سلوم عبد الله ومحمود مرعي، لكن مشاركتهما لن تكون أكثر من صورية لكونها صنيعة أجهزته الأمنية. وكثّف النظام، مع اقتراب إجراء الانتخابات، من أنشطة أجهزته الأمنية ومليشياته والفاعليات المحلية التي تعمل في خدمته، لترهيب المواطنين ودفعهم للمشاركة في هذا الاستحقاق، حتى أن مليشيات النظام في حلب طالبت بعض العائلات بدفع مبالغ مالية من أجل المشاركة في نصب الخيم وتزيين الشوارع بصور رئيس النظام.

مناطق خارجة عن السيطرة

وتصطدم العملية الانتخابية التي تُنظم اليوم الأربعاء، بعدم قدرة النظام على وضع صناديق الانتخاب في الكثير من المناطق التي فَقَد السيطرة عليها. ففي الشمال الشرقي من سورية، أو ما بات يُطلق عليه اصطلاحاً “شرقي نهر الفرات”، للنظام وجود رمزي في مربعين أمنيين، في مدينتي القامشلي على الحدود السورية التركية، والحسكة مركز المحافظة التي تحمل ذات الاسم.

وحسم “مجلس سورية الديمقراطية” (مسد) الجناح السياسي لـ”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) التي تسيطر على جل الشمال الشرقي من سورية، موقفه من الانتخابات، وأكد أنه لن يكون جزءاً منها. وشدد “مسد” في بيان قبل أيام على أنه “غير معني بأي انتخابات لا تحقق أهداف السوريين في حياتهم وحقوقهم وحضورهم السياسي”، مشيراً إلى أنه “لن يكون طرفاً ميسّراً لأي إجراء انتخابي يخالف روح القرار الأممي 2254”. وأضاف: “لا انتخابات قبل الحل السياسي وفق القرارات الدولية، والإفراج عن المعتقلين، وعودة المهجرين، ووضع أسس جديدة لبناء سياسي خالٍ من الاستبداد”. من جهته، أكد بهزاد عمو من المكتب الإعلامي في “مسد”، لـ”العربي الجديد”، أن “الإدارة الذاتية” ذات الطابع الكردي “لن تسمح بإجراء الانتخابات في المناطق التي تسيطر عليها في شمال شرقي سورية”. وبيّن أن الإدارة “لن تتدخل في المربعين الأمنيين اللذين يسيطر عليهما النظام في محافظة الحسكة”.

وتدير “الإدارة الذاتية” الشمال الشرقي من سورية، ومنطقة منبج في ريف حلب الشمالي الشرقي والواقعة غربي نهر الفرات. وتسيطر “قسد”، التي تشكّل الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي، على نحو ثلث مساحة سورية. وتضم منطقة شرقي نهر الفرات كامل مساحة محافظة الحسكة، والجزء الأكبر من محافظة الرقة، ونحو نصف مساحة دير الزور، وجانباً من ريف حلب الشمالي الشرقي والذي يضم منطقتين هامتين هما: مدينة منبج غربي النهر، وعين العرب (كوباني) شرقه.

وفي داخل منطقة شرقي نهر الفرات، تسيطر الفصائل المعارضة المرتبطة بالجانب التركي على شريط حدودي بطول 100 كيلومتر، وبعمق 32 كيلومتراً، يضم مدينتين هما: تل أبيض في ريف الرقة الشمالي، ورأس العين في ريف الحسكة الشمالي الغربي. وترفض المعارضة بالمطلق الانتخابات الرئاسية وتعتبرها “مهزلة” هدفها تثبيت الأسد في السلطة حتى عام 2028. كما تسيطر فصائل المعارضة على جانب كبير من ريف حلب الشمالي وهو ما بات يُعرف بـ”منطقة درع الفرات” والتي تضم العديد من المدن، منها: جرابلس، أعزاز، والباب، إضافة إلى العديد من البلدات، أبرزها: مارع والراعي. وفي ريف حلب الشمالي الغربي تفرض هذه الفصائل سيطرة كاملة على منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية من السكان.

وإلى الغرب من هذه المنطقة، تشترك هذه الفصائل مع “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) في السيطرة على قطاع واسع من محافظة إدلب، وجانب من ريف اللاذقية الشمالي. وتضم هذه المنطقة العديد من المدن والبلدات، أبرزها: إدلب وهي مركز المحافظة، وجسر الشغور، وسلقين، وحارم، وسرمدا، وسواها. وفي جنوب سورية، لا سيطرة فعلية للنظام على الكثير من المدن والبلدات والقرى في محافظة درعا، ما يعني أن الانتخابات الرئاسية لن تتم في كامل هذه المحافظة والتي لم تهدأ منذ ربيع 2011، الذي شهد انطلاقة الثورة.

وذكرت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” أن “ريف درعا الغربي الذي يضم بلدات عدة، منها طفس، تل شهاب، المزيريب، اليادودة، لن يشهد أي نشاط انتخابي”، مضيفة: “لا تزال مجموعات محلية كانت في صفوف المعارضة المسلحة تسيطر على هذا الريف”. كما أوضحت أن ريف درعا الشرقي ومركزه مدينة بصرى الشام “لن يشهد هو الآخر أي نشاط، وكذلك الحال في حي درعا البلد القريب من مركز مدينة درعا مركز المحافظة”.

مناطق النظام

وتسيطر قوات النظام على مدينة درعا مركز المحافظة، وعلى الجانب الأكبر من ريف درعا الشمالي القريب من العاصمة دمشق، وبالتالي ستوضع صناديق الانتخاب في بلدات هذا الريف ومنها الصنمين وإزرع ونوى. وفشلت جهود بذلها الروس من أجل إقناع قادة سابقين في المعارضة ووجهاء محافظة درعا، لتأييد الانتخابات واختيار بشار الأسد الذي أعطى أجهزته الأمنية الضوء الأخضر للقيام بعمليات انتقامية بحق المعارضين بعد توقيع اتفاقات التسوية والتهدئة في منتصف عام 2018. ولم يلتزم النظام ببنود هذه الاتفاقات خصوصاً لجهة إطلاق معتقلين، ومن ثم لن تشهد محافظة درعا عملية انتخابية ذات قيمة، خصوصاً أن فعاليات ثورية هددت باستهداف كل من يشارك أو يسهّل لهذه العملية في المحافظة.

وفي جنوب سورية أيضاً، تقع محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية من السكان تحت سيطرة النظام بشكل كامل، ولكن المعطيات تشير إلى أن العملية الانتخابية ستشهد إقبالاً يقتصر على موظفي الدولة وأعضاء حزب البعث، في ظل دعوات متصاعدة إلى المقاطعة، وبروز حملات تحت شعار “لا تترشّح يا مشرشح” في إشارة واضحة إلى بشار الأسد. ولن تشهد البادية السورية التي تشكل نحو نصف مساحة البلاد أي نشاط على صعيد الانتخابات بسبب وجود تنظيم “داعش” الذي بات المتحكّم الفعلي بهذه المساحة مترامية الأطراف باستثناء مدينة تدمر التي تحوّلت إلى مركز كبير للمليشيات الإيرانية التي منعت سكان المدينة من العودة باستثناء عائلات متعاونة معها.

في المقابل، يسيطر النظام بشكل فعلي على العديد من المحافظات، في مقدمتها العاصمة دمشق التي تشهد نشاطاً انتخابياً مكثفاً لصالح بشار الأسد. ومن المتوقع أن تشهد محافظة ريف دمشق عملية انتخابية في أغلب مناطقها على الرغم من أن مدناً وبلدات كاملة تعرضت للتدمير وتهجير سكانها خلال سنوات الحرب، ولا سيما الغوطة الشرقية للعاصمة التي تغيب عنها مظاهر الحياة بشكل شبه كامل مع التضييق الأمني الخانق لمن بقي فيها من سكان، خصوصاً في دوما أكبر مدن الغوطة.

وفي وسط سورية، يفرض النظام سيطرة كاملة على محافظتي حمص وحماة باستثناء باديتيهما الواقعتين في ريفهما الشرقي. وفي الشمال يسيطر النظام على مدينة حلب كبرى مدن الشمال السوري، وكامل ريفها الشرقي والجنوبي وجانب من ريفيها الشمالي والغربي. ومن المرجح أن تشهد هذه المدينة الأكبر في سورية لجهة عدد السكان، نشاطاً انتخابياً عالياً بسبب ارتباط تجارها ورجال أعمالها بالنظام السوري، فضلاً عن وجود مليشيات محلية وأخرى إيرانية من المرجح أن تجبر السكان على التوجه إلى صناديق الانتخاب.

وفي شرقي البلاد، يسيطر النظام على بعض القرى في ريفي الرقة الغربي والجنوبي الغربي جنوب نهر الفرات، وكامل مساحة محافظة دير الزور جنوب النهر والتي يقع جزء كبير منها تحت سيطرة مباشرة من قبل المليشيات الإيرانية خصوصاً المنطقة الممتدة بين مدينتي الميادين والبوكمال على الحدود السورية العراقية. كما من المتوقع أن تشهد محافظتا اللاذقية وطرطوس على الساحل السوري إقبالاً كبيراً على التصويت في الانتخابات الرئاسية، كون المنطقة الساحلية هي الخزان الأكبر لمؤيدي النظام وتضم العدد الأكبر من أبناء الطائفة العلوية التي ينتمي لها بشار الأسد، الذي أصر على إجراء الانتخابات في بلاد ممزقة جغرافياً لاستعادة شرعية تبدو بعيدة المنال.

العربي الجديد

——————————–

كيف تُفكّر روسيا في سوريا بعد الانتخابات الرئاسية؟/ عبد الوهاب عاصي

كان إعلان النظام السوري عن موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في 20 و26 مايو/ أيار داخل وخارج سوريا، يعني تعثُّر جهود روسيا في التوصّل لاتفاق مع الولايات المتّحدة وأوروبا يلقى قبول كل منهما، ويضع إطاراً لتحديد مصير العملية السياسية والقوات الأجنبية ومكافحة الإرهاب في سوريا.

هذا يعني أيضاً أنّ روسيا ستكون مستعدة لدعم بشار الأسد في ولاية جديدة، بصرف النظر عمّا إن كانت مدّتها كاملة أم ناقصة، ويشمل ذلك مواجهة العديد من التحدّيات الداخلية على المستوى الاقتصادي والأمني والسياسي.

إذاً، أمام روسيا عدد من البدائل لمواجهة تلك التحديات، ولا يعني اللجوء إليها وجود قدرة على الوصول إلى النتائج المرجوّة أو المطلوبة بقدر ما يعكس إصراراً على التعامل مع الملف السوري كأولوية بالنسبة لها.

بدائل اقتصادية:

يبدو أنّ روسيا تُعوّل على مجموعة من الإجراءات لتعويض عجز النظام السوري عن توفير السلع والخدمات لمناطق سيطرته نتيجة استمرار العقوبات الاقتصادية الغربية.

في نهاية نيسان/ إبريل توصّلت روسيا مع الإدارة الذاتية الكردية لاتفاق أوّليّ يتضمن تسهيل مرور شحنات المحروقات والقمح الواردة لمناطق سيطرة النظام السوري مع زيادة الكميات، قد يكون هذا الاتفاق أحد أبرز البدائل التي تُعوّل عليها روسيا لتغطية جزء من العجز في الوصول إلى موارد النفط والقمح وما يترتب على ذلك من تأثير على إدارة اقتصاد الحرب والموازي.

كذلك، قد يكون هناك تعويل على رفع الطاقة الإنتاجية لآبار النفط والغاز الواقعة غرب الفرات في مناطق سيطرة النظام السوري، وذلك من خلال تقديم المزيد من الحماية والدعم لشركات استثمار روسية أو محلية مثل “أرفادا”، على أمل صيانة وإصلاح الآبار لرفع الإنتاج المحلي من 50 إلى 80 ألف برميل يومياً، وبذلك يتم تغطية جزء من حاجة القطاع العام وبأولوية لقطاع الأمن والجيش.

أيضاً، يُعتبر التبادل التجاري -وإن كان محدوداً- بين سوريا ورابطة الدول المستقلة وبعض الدول العربية كالإمارات والجزائر والبحرين ودول أخرى مثل أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، أحد البدائل المتاحة أمام روسيا.

بدائل أمنية:

قد تبذل روسيا المزيد من الجهود لحمل النظام السوري على تطبيق خطة الإصلاح المؤسساتي التي طالبت بها مراراً وقادها الرئيس “فلاديمير بوتين” بنفسه عندما أجرى زيارة إلى دمشق مطلع عام 2020 ، والمقصود بالإصلاح إبداء النظام السوري مرونة كبيرة في إعادة هيكلة وتنظيم وإدارة بعض القطاعات في مؤسسات الدولة لا سيما تلك التي تُشكّل محور اهتمام روسيا مثل قطاعات الجيش والأمن والاقتصاد وغيرها.

ربّما تأمل روسيا أن تُساهم خطّة الإصلاح المؤسساتي في تقليص حجم الفوضى الأمنية وبالتالي إعادة الاستقرار نسبياً وبشكل تدريجي إلى العديد من المناطق لا سيما الطرق الرئيسية والمنشآت الاقتصادية والحكومية وغيرها. يُمكن أن يساهم الإصلاح في إعادة الثقة بقدرة المؤسسات على إعادة الاستقرار، وبالتالي توفير بيئة ملائمة للاستثمار ومشاريع إعادة الإعمار.

وقد تلجأ روسيا أيضاً إلى تعزيز التعاون مع القوى المحلية في المناطق التي وقّعت اتفاقيات تسوية من أجل تحسين الأوضاع الأمنية فيها، على غرار الجنوب السوري حيث ترتبط اللجنة المركزية بعلاقة جيدة مع روسيا.

في الأصل، يُمثّل غياب الأمن أحد أبرز التحديات التي تواجه روسيا في مناطق سيطرة النظام السوري، فغياب البيئة الآمنة يُعتبر عائقاً رئيسياً أمام عودة المستثمرين المحليين واستمالة المستثمرين الأجانب، ويعيق عودة اللاجئين أيضاً، وإن كان ذلك بشكل محدود لأغراض الدعاية السياسية، وكذلك ما يخص التسويق لعملية سياسية تكون فيها روسيا الضامن، فأي دعوة لإقامة انتخابات مبكرة بحال تم ذلك بموجب اتفاق ثلاثي أو رباعي أو أكثر، يحتاج لمعيار البيئة الآمنة.

ربما يترتب على ذلك إعادة انتشار الشرطة العسكرية الشيشانية والروسية على نحو أوسع، وتسيير دوريات لا سيما في المناطق التي وقّعت اتفاقيات التسوية.

بدائل سياسية:

منذ أن وقّعت روسيا اتفاق الدوحة مع قطر وتركيا منتصف آذار/ مارس 2021، بدا وكأنّها تبحث عن خيارات بديلة أو موازية عن أيّة تسوية سياسية مع الغرب تؤدي لفكّ العزلة عن النظام السوري و/ أو تخفيف العقوبات الاقتصادية عنه.

في الواقع، لن تتخلّى روسيا عن جهودها في نقل النظام السوري من العزلة الدولية إلى التطبيع البطيء، وقد يُشجّع على ذلك النجاح الذي حققته بين عامَيْ 2018 و2020 حيث أعادت بعض الدول العربية العلاقات الدبلوماسية معه.

ربما ما تزال روسيا تأمل بالتوصّل لتسوية سياسية مع الغرب حول سوريا، على أن تكون الانتخابات الرئاسية نموذجاً يُمكن البناء عليه في أي اتفاق مقبل. يُمكن لفرنسا أن تؤدي دوراً مهماً في هذا الصدد، والتي سبق أن قدّمت وثيقة مطلع آذار/ مارس 2021، اقترحت فيها تناوُل الأمم المتحدة سلّة الانتخابات ضِمن العملية السياسية، وبما يتوافق مع القرار 2254 (2015).

لكن ذلك يتطلب تواصُلاً بين روسيا وفرنسا التي سبق أن دعت مراراً دول الاتحاد الأوروبي للحوار مع روسيا حول النزاعات الخارجية بما في ذلك سوريا. وعليه، قد تؤدي فرنسا دور الوسيط بين الغرب وروسيا التي لن تُفوّت حتى فرصة تجميد النزاع في سوريا إذا كان ذلك يُساهم في معالجة انهيار الاقتصاد ويُحافظ على المكاسب.

———————————-

إنه ليس حكما عسكرياً فقط ولا حكماً طائفياً فقط إنه اللعنتان معا!/ غسان عبّود

اجتاحت كثيراً من دول العالم الثالث بعد الحرب العالمية الثانية في أعقاب حركات الاستقلال عن الاستعمار التقليدي الانقلابات العسكرية، وقبلتها المجتمعات آنذاك لأنها اعتبرت أن العسكر يمثلون الطبقة الوسطى والطبقات المهمشة الصاعدة، مقابل العائلات السياسية التقليدية.

تتشابه بنية الحكم العسكري في سلوك هياكلها المؤسساتية وتصرفات الشخصيات العسكرية تجاه الحياة العامة لمجتمعاتهم. تبدأ من لحظة تشكيل تنظيم عسكري سري إلى إعلان انقلاب عسكري صريح أو حكومة ظل عسكرية تشرف على الحكومة المدنية، وبالتالي التدخل العسكري في الميدان المدني السياسي وتعطيل قوى المجتمع، الإعلام والحياة الحزبية والديمقراطية، بحجة المحافظة على القانون والنظام ومكتسبات الشعب؛ ثم ما يلبث أن يُعلّق القانون والنظام والحياة الدستورية ويتجه نحو القمع والاستحواذ على مقدرات الدولة وخلق ماكينة لإنتاج الشعارات البراقة ترافقها مكنات لإنتاج القمع. ومع أن الانقلابات العسكرية تدّعي أن هدفها إصلاح الجيش وإصلاح السياسة وإخضاع المجتمع للتنظيم والإدارة التي عُرف الجيش بها، لكنها لم تنجح، بل بالعكس دمرت الجيش والمجتمع.

ومن السمات المشتركة للحكم العسكري أيضا المسارعة إلى خلق أو إعادة إنتاج مفاهيم شمولية تربط المجتمع بها وتجعل هدفه الدؤوب الدفاع عنها وترتيلها وترويج الأساطير عنها وإنتاج الخرافات حول شخصياتها التاريخية إلى حد عبادة الفكرة ومتعلقاتها. فمثلا: أعادت الحكومات العسكرية العربية إنتاج العروبة، وكذلك فعل الحكم العسكري التركي حين تبنى التتريك، وبعض الحكومات العسكرية تبنت الشمولية الإسلامية. يُحمّل الحكم العسكري الفرد في صحوه ومنامه، في وعيه ولا وعيه، مسؤولية أمته ماضيها وحاضرها ومستقبلها، فبدل أن يكون المجتمع بمؤسساته في خدمة الفرد ورفاهيته يُلقي الحكم العسكري على كاهل الفرد منذ طفولته، التي يعسكرها، هموم أمته فيغدو حمله أكبر من إمكانية عقله، ويصبح أسير شعارات تعذبه تتحكم به وتقذفه وحيدا في قتال أوهام أكبر من قدراته كالغرب والرأسمالية والشيوعية والإمبريالية..إلخ، فيصبح معزولا ومعاديا للعالم حوله، بدل جعل مؤسسات المجتمع في خدمة تعزيز رفاهية الفرد وقيادة المجتمع نحو مستقبل آمن.

 الانقلابات العسكرية تدّعي أن هدفها إصلاح الجيش وإصلاح السياسة وإخضاع المجتمع للتنظيم والإدارة التي عُرف الجيش بها، لكنها لم تنجح، بل بالعكس دمرت الجيش والمجتمع.

مثلما ينبذ الحكم العسكري خصوصية الفرد والمبادرات الفردية كذلك ينبذ خصوصيات التنوعات العرقية والطائفية والإقليمية، ويطلب الولاء الكامل للمجتمع الجديد الذي خلقه. فمثلا: حين التقيت هيثم سطايحي عضو القيادة القطرية لحزب البعث في سورية (2009): سألني عن غاية برنامج ينتجه تلفزيون أورينت (حكاية سورية)، وعندما بيّنت أن غايته فتح البيوت على بعضها وتعريف السوريين أقليات وأكثرية ببعضهم بطريقة إيجابية، لأن من جهل شيئا عاداه كما قال المفكر لطفي السيد، علق سطايحي مستنكرا: “ليس في سورية طوائف. كلنا طائفة واحدة طائفة حزب البعث”! ابتسمت وقلت: “لا يمكن منع الناس من حق الاختلاف والتمايز. ويمكن تحويل ذلك الاختلاف والتمايز إلى حالة إيجابية”!

سورية تحت الاحتلال العسكري الطائفي!

 تعتبر العصبية أحد محركات الانقلابات العسكرية، فغالبا ما تفسح الانقلابات العسكرية المجال للأقليات الدينية والعرقية والقبلية بالوصول إلى السلطة واحتكارها، واعتبارها سُلّماً للترقي الاجتماعي والاقتصادي، لذلك استغلت بعض الجماعات الطائفية والعرقية طريق الانقلابات العسكرية للوصول إلى السلطة والاستحواذ على التمثيل الأكبر في القوات المسلحة لجماعة بعينها، كما حدث مع العلويين في سوريا والبنجاب في باكستان، وكما كان سيحدث مع العلويين في تركيا لو نجح الانقلاب الأخير على أردوغان. هذا الاستحواذ سينتج خللا في الجيش، إذ تتم الترقية بناء على الولاء بدلا من المهارة، وبالتالي ستؤدي إلى عمليات تطهير في الجيش تستهدف جماعات بعينها وتحرم الجيش من الخبرات التي أنتجها. كما ستسعى للسيطرة على السلطة المدنية وعلى مفاصل المجتمع عبر شبكة من المحسوبين ميزتها الولاء لا الكفاءة. ويتم اتخاذ القرارات الحساسة للأمن القومي بناء على مصلحة تلك الأقلية حتى ولو كانت على حساب الأمن القومي. فتتعطل التنمية ويصبح الفساد وظيفة وتدخل الدولة في نفق الجهل والقهر. وهذا النوع من الانقلاب العسكري يعتبر أخطرها؛ صحيح أنه يتقاطع مع الانقلابات العسكرية الأخرى في السمات العامة لكنه يتميز عنها بأنه حكم عسكري طائفي، وسورية مثلنا.

 بدأت سيطرة الأقلية العلوية في سورية جلية خلال الوحدة مع مصر. يقول حنا بطاطو (مسيحي) : “لقد اندهش العقيد عبد الحميد السراج؛ رئيس مكتب المخابرات لدى اكتشافه (1958) أن ما لا يقل عن 65% من ضباط الصف كانوا من تابعية الطائفة العلوية”. (1)

أما الانقلاب العسكري آذار 1963 أدى إلى سيطرة الأقليات الدينية، العلوية والدرزية والإسماعيلية (عدس)، على مفاصل الجيش والدولة وحزب البعث، ولأن معظم أعضاء اللجنة العسكرية المشرفة على نشاطات التنظيم العسكري من الأقليات، استدعوا الضباط وضباط الصف الذين تربطهم أواصر قربى بهم ومعظمهم كانوا من العلويين وقلة من الدروز والإسماعيلية لتعضيد مراكزهم التي حصلوا عليها. 

خرج الدروز من الشراكة في الحكم العسكري حين أذل العلويون أمراء عسكرهم وقضوا عليهم 1967؛ وفي 1969 قضى العلويون على أمراء عسكر الإسماعيلية، وأصبحت قيادة سورية المدنية والعسكرية بيد العلويين حصرا، وبعملية تصفية داخلية بينهم وصل حافظ أسد لحكم سورية 1970 مدشنا حكما عسكريا طائفيا خالصا، وعلون الدولة بشقيها العسكري الأمني بنسبة 100%. يقول مطاع صفدي: “أُغلِق باب الكليات والمدارس العسكرية في وجه الشباب السنيين، حتى إن دورات كاملة من هذه الكليات سُرحت جميعها من الخدمة قبل أن تتخرج. التسريحات بالمئات استهدفت جميع الضباط من أبناء المدن الكبرى من السنيين خاصة، حتى فرغت أسلحة كاملة من ضباطها الرئيسيين، كسلاح الطيران والبحرية والآليات. وكذلك اتبعت نفس الخطة حيال صف الضباط والجنود، ولم تقتصر العملية الطائفية على تسريح الضباط السُنة وتعيين ضباط نصيريين مكانهم، بل تعدى الأمر فيما بعد لتشكيل وحدات عسكرية من أعضاء الطائفة النصيرية أو تحويل بعضها لصالحهم فقط، كجهاز المخابرات الجوية والمخابرات العسكرية وسرايا الدفاع والحرس الجمهوري وسرايا الصراع”. (2)

الانقلاب العسكري آذار 1963 أدى إلى سيطرة الأقليات الدينية، العلوية والدرزية والإسماعيلية (عدس)، على مفاصل الجيش والدولة وحزب البعث

أما في الشق المدني فبلغت علونة الدولة 90%، وفي هذا يقول سامي الجندي (إسماعيلي): “بدأت قوافل القرويين تترك القرى من السهول والجبال إلى دمشق؛ وطغت القاف المُقَلقَلَة على شوارعها ومقاهيها وغرف الانتظار في الوزارات، فكان التسريح لزاماً من أجل التعيين”؛ (3) ويؤكد نيقولاس فان دام (دبلوماسي هولندي) أن التسريح كان على حساب السُنة: “في 8 آذار 1963 ما لبث أن ازداد عدد أعضاء الأقليات في سلك الضباط السوريين مرة أخرى على حساب السنيين”(4). أما شبلي العيسمي (درزي) فيقول: “الأمور الطائفية لم تظهر إلا بعد تسلم السلطة بعد ‎1963‏، لقد اختلفنا مع اللجنة العسكرية التي كانت مؤلفة من ‎15-16 عسكرياً، نسبة النصيريين فيها كانت أكثر من 60% الذين لم نكن نعرف من هم بالضبط، ولكننا كنا نتعاون مع صلاح جديد وحافظ أسد ومحمد عمران فقط، ولم يكن باستطاعتنا أن نقول لماذا تنتخبون علويين، لقد استغل جديد وأسد الطائفة العلوية في الحزب والجيش والسلطة”.

كان لا بد من هذا الاستهلال للتأكيد أن الحكم في سورية لا يمكن دراسته من خلال شروط طبيعة الحكم العسكري فقط، كما في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، ولا من خلال طبيعة الحكم الطائفي فقط، كما فعلت كثير من الدراسات. فطبيعته الخاصة حكم عسكري طائفي جعلته متفردا بالتوحش، واستخدام العنف بشكل غير مسبوق في مقاومة التغيير، حيث حطم الجيش البلاد بأكملها وقتل نحو 2 مليون شخص وهجّر نحو 15 مليون نصفهم تهجيراً داخلياً والنصف الآخر خارجيا، للإبقاء على نظام الحكم! في حين لم تقم جيوش الحكم العسكري في مصر وليبيا وأماكن أخرى بـ 1% من هذا العنف، حين هبّت عليها موجة التغيير؛ حتى سورية قبل الانقلاب العسكري الطائفي حدثت فيها انقلابات عدة بيضاء رفض فيها الانقلابيون الدماء عدا واحدا فقط، فمثلا: حين أصدر “مجلس قيادة ثورة آذار1963” قرارا بإعدام جاسم علوان وأركان محاولته الانقلابية، رفض رئيس المجلس الفريق لؤي الأتاسي (حمصي سني)، توقيع قرارات الإعدام بحق الناصريين، وقدم استقالته من رئاسة الجمهورية؛ كما تنازل الشيشكلي (حموي سني)عن الحكم، رافضا عملية سهلة للقضاء على تمرد النقيب مصطفى حمدون (حموي سني) في حلب، مرددا مقولته الشهيرة: “لن أسمح لجندي سوري بأن يوجه بندقيته لجندي سوري آخر بسببي”، وسلم استقالته لرئيس الأركان شوكت شقير (درزي) وغادر سورية. لكن الانقلابيين الطائفيين حين انقلبوا على أمين الحافظ جرحوه هو وابنه وابنته في إطلاق النار عليهم، وأعدموا حرس القصر بعد استسلامهم، ومنذ ذلك والبلاد تسبح في برك من دماء شعبها!

الحكم في سورية لا يمكن دراسته من خلال شروط طبيعة الحكم العسكري فقط، كما في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، ولا من خلال طبيعة الحكم الطائفي فقط، كما فعلت كثير من الدراسات. فطبيعته الخاصة حكم عسكري طائفي جعلته متفردا بالتوحش، واستخدام العنف بشكل غير مسبوق في مقاومة التغيير

إن العسكر الطائفيين في الحالة السورية يعتبرون وجودهم في السلطة قوة احتلال يحركها الحقد. فقد روت مذكرات شخصيات سورية أن الضباط العلويين الأمراء كانوا يسوقون زكي الأرسوزي (علوي) لإلقاء محاضرات طائفية على المنتسبين العسكريين الجدد من الطائفة العلوية لتعزيز حقدهم على المجتمع السوري.

الدور الجديد للجيوش العسكرية في المنطقة

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، قامت منظومة الأمن الدولي بإعادة صياغة الخوف العالمي من الشيوعية ومقاومة انتشارها وصَنّعَتْ الجماعات الإسلامية المتطرفة بديلا عنها. وهذا حتم أن يُصاب العالم برهاب الخوف من المسلمين والعرب، وما أثر سلبا على صورتهم لدى شعوب العالم. ولتحقيق ذلك فرضت مصالح القوى العظمى على الأنظمة الإقليمية الخضوع لهذا التوجه الجديد مستخدمين تسميات عدة مثل: الالتزام بالقانون الدولي والشرعية الأممية… إلخ، فصاغت الحكومات العسكرية سياساتها الوطنية وفقا لذلك، بل وتنافست فيما بينها على خدمة قوى النفوذ العالمي على حساب شعوبها ولحساب بقائها. ولتحقيق ذلك طلبت منظومة القوى الدولية الفاعلة 1990 من الرؤساء العسكريين مثل أسد الابن والولد ومبارك ونظم عسكرية كتونس.. إعادة أسلمة مجتمعاتها؛ فمثلا: في سورية أنشأ حافظ أسد 1991 عشرات معاهد (الأسد لتحفيظ القرآن)، وعشرات المدارس الثانوية الدينية، كما شجع الخطب الدينية الجهادية، كخطب أبي القعقاع محمود قول آغاسي في حلب، وفتح الساحة لبعض اللاعبين في مجال الدين مثل المفتي أحمد كفتارو الذي فعّل مجمع أبي النور لتخريج دعاة إسلاميين يستقون مواضيع دعوتهم من ضباط الإدارات الأمنية، كما شجع البرامج الدينية في الإعلام، وحضّ مجلس الشعب على إصدار تشريعات إسلامية محافظة!

إن العسكر الطائفيين في الحالة السورية يعتبرون وجودهم في السلطة قوة احتلال يحركها الحقد.

يستطيع المراجع للأحداث في المنطقة العربية والإسلامية خلال الثلاثين سنة الماضية أن يتبين أن دور الجيوش قد تحوّل من مهمته الوطنية في الدفاع عن الحدود ضد الاعتداءات الخارجية إلى:

1- شاهد زور مشرعن للتدخلات الغربية فيها، إذ أصبحت ترافق جيوش الغزو الغربي لدول المنطقة العربية والإسلامية منذ حرب تحرير الكويت انتهاء بالتدخل في سورية لإنهاء الثورة.

 2- قوة بوليسية تشنّ الهجمات المتفرقة داخل حدود الدولة لحمايتها من الإرهاب العابر للحدود وفي مكافحة تهريب المخدرات وتهريب السلاح.

3- قمع العصيان المدني وحماية الحكم العسكري من خصومه الداخليين، بتدريب وقيادة وتوجيه من القوى العظمى؛ وهذا الدور الآخير والمتصاعد أدى إلى استفحال الانقسام العرقي والطائفي والاجتماعي في دول المنطقة وشجع الفرقة والعزلة والأفكار الانفصالية، وبالتالي، ضَربَ الاستقرار الإقليمي. ودور الجيش السوري خير مثال على انتهاء المهام الوطنية للجيش والتحول للقتال في سبيل استمرار سلطة أسد الأب والولد. كما خلقت تلك القوى حروبا في المنطقة وأدارتها على طريقة المباريات الرياضية، وذلك لبقاء عمليات شراء السلاح وبقاء قنوات تصريفه!

في سورية أنشأ حافظ أسد 1991 عشرات معاهد (الأسد لتحفيظ القرآن)، وعشرات المدارس الثانوية الدينية، كما شجع الخطب الدينية الجهادية، كخطب أبي القعقاع محمود قول آغاسي في حلب، وفتح الساحة لبعض اللاعبين في مجال الدين

ادعى نظام أسد الأب والولد أن أكثر من 60% من ميزانية الدولة تذهب إلى بناء القدرات العسكرية “لتحقيق التوازن الاستراتيجي مع العدو الإسرائيلي”، التي لم يكسب معها مناورة واحدة وليس حربا! وحين انطلقت الثورة رأينا معدات عسكرية مهترئة، وأسلحة إجرامية رخيصة خلقها العقل الطائفي، البراميل والخراطيم المتفجرة التي هي حشوات متفجرة مجبولة بشظايا حديدية ترميها طائرات قديمة أسقطت فصائل المعارضة عددا منها بالرشاشات (؟!) كما لم تظهر أية أسلحة حديثة مع القوات السورية خلال تواجدها في لبنان، وأيضا لم نر فائدة تذكر من دفاعاتها الجوية ضد الطيران الإسرائيلي طيلة 60 عاما! فأين ذهبت ميزانية الجيش طيلة 60 عاما، مليارات سنويا، هل ذهبت إتاوات ورِشاً ثمنا لبقاء الحكم الطائفي؟!

ادعى نظام أسد الأب والولد أن أكثر من 60% من ميزانية الدولة تذهب إلى بناء القدرات العسكرية “لتحقيق التوازن الاستراتيجي مع العدو الإسرائيلي”، التي لم يكسب معها مناورة واحدة وليس حربا!

دلت التجربة السورية بعد قيام الثورة بأن الجيش الطائفي مثلما عجز عن حماية البلاد من العدوان الخارجي، كذلك وقف عاجزاً أمام الحركة الشعبية حتى قدمت له منظومة الأمن الدولي الدعم الخفي والعلني لإبقاء سلطة الأقلية الوظيفية في الحكم. لذلك على القوى السياسية الشعبية السورية القادمة أن تطرح مسألة وجود الجيش الكلاسيكي الذي سيكون عبئاً على الاقتصاد السوري وعلى التنمية. فالديمقراطية وحسن الجوار هي سور حماية سورية الجديدة. والتي ستحتاج في المرحلة القادمة إلى قوى أمنية تساهم في حماية أمن البلاد الداخلي من العابثين. فكثير من الدول ليس لديها جيوش، كما أن وجود جيوش تقليدية أصبح عبئا لا يمنع عدوانا في ظل التباين الرهيب في القوة بين الأقوياء والضعفاء!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هوامش:

(1) حنا بطاطو: (فلاحو سوريا: أبناءُ وجهائهم الريفيين الأقل شأنًا وسياساتهم) المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات – 2014

(2) مطاع صفدي: (حزب البعث: مأساة المولد، مأساة النهاية) – دار الآداب – بيروت: 1964

(3) د. سامي الجندي: (البعث)، دار النهار – بيروت 1969

(4) نيقولاس فان دام: (الصراع على السلطة في سوريا)، مكتبة مدبولي – القاهرة: 1995

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

– لقراءة المقالات الثلاثة السابقة

الأكراد بين سندان خرائط القوى العالمية ومطرقة  PKK (1 من 3)

الأكراد بين سندان خرائط القوى العالمية ومطرقة PKK (2 من 3)

الأكراد بين سندان خرائط القوى العالمية ومطرقة PKK (3 من 3)

———————————

رهانات الأسد على الانتخابات: تمديد حكمه وتعويم نظامه عربياً/ عماد كركص

بعد أكثر من عشر سنوات على انطلاق الثورة السورية، وما تبعها من تداعيات بعدما اختار النظام الحاكم برئاسة بشار الأسد مواجهتها بالقمع واضطهاد وإسكات كل صوت معارض، ومنع أي عمل سياسي فعلي داخل البلاد، بعد قتل واعتقال الآلاف وتهجير ملايين المدنيين وتدمير مدن بشكل كامل، بالتوازي مع عرقلة كل المساعي للوصول إلى حل سياسي ينهي الأزمة، لا يزال الأسد متمسكاً بالسلطة، محاولاً ترجمة ما يعتبره انتصاراً ميدانياً بدعم من حلفائه، عبر تمديد بقائه في الحكم، في انتخابات رئاسية لا تحظى إلا باعتراف من داعمي النظام.

ويريد الأسد من هذه الانتخابات التي ينافسه فيها مرشحان اثنان وافق النظام عليهما لإظهار صورة وجود منافسة، هما عبد الله سلوم عبد الله ومحمود مرعي، تحقيق أمرين، الأول تثبيته في الحكم على الأقل لسبع سنوات مقبلة، في حال استمر التعاطي الدولي مع الأزمة السورية على ما هو عليه، أي الاكتفاء بالتنديد والضغط من دون تحرك فاعل لإزالة النظام، والثاني معنوي بالإيحاء أن الحرب انتهت وأن البلاد أجرت انتخابات شهدت منافسة بين ثلاثة مرشحين، وانتهت بفوز الأسد، “الطرف الأقوى شعبياً”. وكان النظام قد دفع لترشيح مرعي كممثل عن المعارضة الداخلية التي أعلنت بعض أطرافها المقاطعة، علماً أن هذا المرشح يلقى طعناً بموقفه المعارض ولم يحظَ أساساً بتأييد المعارضة الداخلية. ويحاول الأسد الترويج أن انتهاء الحرب وإجراء الانتخابات كان نتيجة نوع من الاستقرار، الذي يمهد لمرحلة “إعادة الإعمار”، الأهم بالنسبة للنظام وحلفائه الروس والإيرانيين وحتى الصينيين، الراغبين بتقاسم تلك الكعكة، التي تبلغ كلفتها حوالي 300 مليار دولار أميركي.

رهان الأسد على هذين الهدفين، سبقه تمهيد بدعم من حلفائه لإعادة تعويمه عربياً، باستغلال انشغال الإدارة الأميركية الحالية بترتيب أوراقها بعد وصولها إلى البيت الأبيض قبل أشهر، فعيّنت سلطنة عمان سفيراً لها في سورية، بعد تخفيض تمثيلها إلى القائم بالأعمال منذ اندلاع الثورة، كما حاول النظام مع الجزائر لتفعيل العلاقات التجارية في طريق يؤدي إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية. جاء ذلك في فترة انتقال السلطة في واشنطن، بعدما كانت إدارة دونالد ترامب، قد ضيّقت على النظام لدرجة كبيرة، لا سيما من خلال “قانون قيصر” للعقوبات، الذي توقفت حزمه عن الصدور مع وصول جو بايدن إلى الحكم. خلال هذه الفترة، تحرك وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خليجياً، لحشد التأييد لمسعى تعويم نظام الأسد، لكنه لم يلقَ الردود التي يتمناها في كل من الرياض والدوحة، اللتين تصران على أن الحل السياسي هو المخرج للأزمة السورية، على أن تكون المعارضة جزءاً من هذا الحل، غير أن الرد الإيجابي للافروف جاء من أبوظبي، من دون أن يكون له وزن حقيقي في الميزان السياسي والدبلوماسي لصالح النظام وحلفائه.

تركيز النظام وحلفائه على إعادته إلى المحيط العربي، انصبّ على السعودية، فسرّبت وسائل إعلام عربية مقربة من النظام أن مسؤولين سعوديين زاروا دمشق والتقوا بشار الأسد شخصياً، وبحثوا إعادة فتح السفارة السعودية في دمشق كمقدمة لاستعادة العلاقات كاملة وإعادة النظام لمحيطه العربي والجامعة العربية، لكن الرياض نفت تلك الأخبار مضموناً.

ويجهد النظام وحلفاؤه، لا سيما الروس، لاستمالة الخليج بشكل رئيس، بالتزامن مع إجراء الانتخابات، لإعادة النظام إلى المحيط العربي في المقام الأول، ومن ثم الاستفادة من الأموال الخليجية لإعادة الإعمار، لكن حتى الآن تبدو تطلعات النظام والروس صعبة التحقيق ضمن الظروف الحالية، أولاً مع إصرار الرياض على إنجاز الحل السوري، وثانياً بسبب الحواجز الغربية والأميركية على وجه الخصوص التي تقف أمام أي عملية تطبيع حقيقية بين النظام وأي دولة عربية، وتقديم الدعم المالي بشكل علني وواضح، وهذه عملية تعترضها عقوبات “قانون قيصر” الأميركي، بمعزل عن موقف الإدارة الأميركية الحالية مستقبلاً من النظام، وآلية تعاملها مع نتائج الانتخابات الحالية، بعد صدورها، بفوز الأسد، بطبيعة الحال.

في واشنطن، لا يزال واضحاً عدم الاهتمام بالملف السوري راهناً، بخلاف ما كان عليه الحال في ظل الإدارة السابقة، باستثناء ما صدر قبل أيام عن بايدن بتمديد حالة الطوارئ الوطنية الأميركية المتعلقة بسورية، والإشارة إلى أن تصرفات النظام السوري وسياساته، في ما يتعلق بدعم المنظمات الإرهابية والأسلحة الكيميائية، تشكل تهديداً للأمن القومي والسياسة الخارجية واقتصاد الولايات المتحدة، ودعوة النظام وداعميه إلى “وقف حربه العنيفة ضد شعبه، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وتمكين وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع السوريين المحتاجين، والتفاوض على تسوية سياسية في سورية وفق قرار مجلس الأمن 2254”. ووجّهت الإدارة الأميركية رسالة بأن مواصلة حالة الطوارئ تجاه سورية ترتبط بالتغييرات في سياسات وإجراءات النظام السوري.

وفي السياق، قال مسؤول في الخارجية الأميركية فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ”العربي الجديد”، إن بشار الأسد لم يفعل أي شيء لاستعادة شرعيته، مؤكداً أن تطبيع العلاقات مع نظامه أمر غير وارد في الوقت الحالي، وأن “الولايات المتحدة لن تقوم بإعادة أو تحسين علاقاتها الدبلوماسية مع نظام الأسد”. وأوضح المسؤول أن الولايات المتحدة تؤمن أن تحقيق الاستقرار في سورية والمنطقة تتم خدمته بشكل أفضل من خلال عملية سياسية تؤدي إلى نتائج سلمية في البلاد، مضيفاً “نحن ملتزمون العمل مع الحلفاء والشركاء والأمم المتحدة لضمان الوصول إلى حل سياسي دائم في متناول اليد”.

سبق ذلك رفض الإدارة عبر ممثليتها في الأمم المتحدة الانتخابات الرئاسية في سورية ونتائجها المستقبلية، وعدم الاعتراف بشرعيتها، لكن من دون تحرك فاعل لحث حلفاء النظام على الضغط عليه لقبول جلوسه إلى طاولة التفاوض وتنفيذ القرار الأممي 2254 بسلاله الأربع، في مقدمتها الانتقال السياسي في البلاد، وصياغة دستور جديد، عبر مسار اللجنة الدستورية، الذي عطّله النظام بشكل كبير، ومن ثم إجراء الانتخابات وفقاً لدستور جديد.

في هذا السياق، أقر الناشط السوري محمد علاء غانم، المقيم في واشنطن، والمختص بالعلاقات الدولية والشؤون الأميركية، ببرود الموقف الأميركي حيال القضية السورية في ظل إدارة بايدن، لكنه أشار إلى أن “الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي لا يكترثان أو يعترفان بالمهزلة التي يسير فيها الأسد كلّ 7 سنوات للتجديد لنفسه، وليس هناك أي نيّة حالياً لإعطاء هذه الانتخابات شرعية”. وأضاف، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “الإدارة الأميركية حالياً تركّز جهودها في قضية تمديد الإذن الممنوح للأمم المتحدة لإدخال المساعدات عن طريق الحدود الشمالية وعلى إعادة فتح معبرين آخرين، بالإضافة إلى المعبر الحالي لإدخال المعونات منهما”. ولفت إلى أن المفاوضات الأميركية مع إيران حيال الملف النووي، هي الأولوية الرئيسية بالنسبة لإدارة بايدن، وهذا ما يجعلها تنشغل عن تحرك فاعل في سورية، متوقعاً أن تلك المفاوضات قد تؤثر على طبيعة تعامل الإدارة الأميركية مع القضية السورية، بشكل أو آخر.

عموماً، فإن تعطيل تنفيذ الحل السياسي من قبل النظام، لا سيما منذ التوصل الأممي للقرار 2254 نهاية العام 2015، يعتبر وسيلة للوصول إلى هذه الانتخابات من دون حل أو انتقال سياسي ودستور جديد تجري بموجبه الانتخابات التي من المفترض أن تلقى اعترافاً وقبولاً دولياً وفق ذلك، فيما بقاء المجتمع الدولي والغرب على سياسته حيال القضية السورية، بلا تحرك جدي وفاعل لإنهاء هذه الأزمة، يعني بقاء بشار الأسد في الحكم، من دون أن يحصل على شرعية دولية.

العربي الجديد

——————————

إدلب ترفض انتخابات الأسد: لا شرعية للقاتل/ عماد كركص و جلال بكور

تجدّدت التظاهرات في عموم شمال غرب سورية، اليوم الأربعاء، والرافضة للانتخابات الرئاسية التي انطلقت اليوم، ويسعى من خلالها النظام لإعادة انتخاب بشار الأسد لفترة رئاسية جديدة مدتها سبعة أعوام، وسط رفضي شعبي في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة شمال غرب سورية وشرقها، وما يشبه الإجبار على التصويت في المناطق الخاضعة لسيطرته جنوب وغرب والبلاد.

وتجمع المئات من المدنيين وسط مدينة إدلب، في تظاهرة دعا إليها منذ أيام نشطاء في المجتمع المدني، حاملين لافتات ومرددين شعارات مناهضة للانتخابات والنظام ورئيسه الأسد، مشيرين إلى أن الانتخابات ليست سوى مسرحية هزلية ضعيفة النص والإخراج.

وتُعد تظاهرة إدلب الأضخم من بين التظاهرات التي خرج بها سوريون مناوئون للنظام في عموم البلاد، ويأتي اختيار توقيتها بالتزامن مع فتح صناديق الانتخاب في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام والضغط على المدنيين، لا سيما موظفي الدولة للمشاركة فيها، بابتزازهم بمصدر عيشهم من جهة، والتهديدات الأمنية من جهة أخرى.

وشارك في تظاهرة إدلب أهالي المحافظة والمهجرون والنازحون إليها من عموم البلاد، بمن فيهم نساء وأطفال وشيوخ، حملوا جميعاً لافتات كتبوا عليها شعارات من قبيل “لا شرعية للأسد وانتخاباته، الأسد مجرم حرب وانتخاباته باطلة، لا مستقبل مع الأسد في سورية”. كما طالبوا بالمقاطعة الدولية للانتخابات والضغط لإبطالها وعدم الاعتراف بنتائجها.

وقال محمد، وهو أحد المشاركين في التظاهرة، لـ”العربي الجديد”، إنهم في هذه التظاهرة يؤكدون أن بشار مجرم، قتل النساء والأطفال، ولا شرعية له ولا لانتخاباته الهزلية التي تستخف بعقول الناس، ويؤكدون مطلبهم الأول والأخير بضرورة إسقاط هذا النظام ليتسنى للسوريين بناء مستقبلهم عن طريق اختيار رئيسهم في انتخابات حرة نزيهة.

بدوره، أكد خالد الحموي، وهو مهجر من ريف حماة الشمالي إلى إدلب، عدم شرعية انتخابات النظام السوري، مضيفاً أنهم خرجوا في التظاهرة للتعبير عن رفضهم للانتخابات التي تظهر النظام بشكل المنتصر وتضحك على عقول المؤيدين له. وأضاف أن هذه الألاعيب لم تعد تنطلي على أحد.

وحذر الحموي في حديثه من خطورة ما يقوم به النظام على سورية، إذ إن مضي هذه اللعبة يعني جثوم النظام لسنوات أخرى على صدور السوريين وقتلهم ونهب ثرواتهم، مشدداً على أن ضرورة مواجهة الانتخابات تدفعهم للخروج في هذه التظاهرة، وهي الشيء الوحيد الذي يمكنهم فعله في ظل تخلي المجتمع الدولي عن السوريين.

وتُعدّ تظاهرة إدلب تعبيراً عن رفض السوريين بالأجمع للانتخابات، لكون المحافظة تضم سوريين من مختلف المحافظات والمكونات السورية، من مهجرين قسراً أو نازحين، بعد عمليات التهجير القسري التي هندسها النظام في مناطق مختلفة من البلاد بدعم من روسيا وإيران، أو جراء حركة النزوح التي شهدتها المحافظة سواء من جنوبها إلى شمالها أو أرياف المحافظات المحيطة بها، على إثر العمليات العسكرية الواسعة التي شنها النظام بإستاد من روسيا وإيران كذلك.

ودعا ناشطون كذلك للتظاهر مساء اليوم في كل من مدينتي إعزاز والباب بريف حلب الشمالي، وبلدة دابق في ذات الريف، ومناطق أخرى خارجة عن سيطرة النظام السوري للتعبير عن رفض الانتخابات. ومساء أمس، شهدت مدينة درعا تظاهرة حاشدة أمام المسجد العمري، الذي شهد انطلاقة الثورة السورية، وكذلك في مدينة طفس في ريف المحافظة، رفضاً للانتخابات وشرعيتها ونتائجها، رغم خضوع المحافظة للتسوية مع النظام صيف عام 2018، وعنون المتظاهرون في درعا وعموم البلاد احتجاجاتهم بـ”لا مستقبل للسوريين مع القاتل”.

رئيس الائتلاف السوري يشيد بالتظاهرات

وأشاد رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية نصر الحريري، في تغريدات عبر “تويتر”، بالتظاهرات التي خرجت في سورية ضد الانتخابات. وقال الحريري إن “خروج التظاهرات الرافضة للمسرحية الانتخابية، وعودة روح التظاهر بكل مكان في سورية، وخروج الناس بهذا الكم الكبير لهو أكبر إصرار من السوريين على إكمال الطريق الذي اخترناه لتحرير بلادنا من الاستبداد، والوصول لدول الحرية والمواطنة”.

    خروج المظاهرات الرافضة لـ #المسرحية_الانتخابية وعودة روح التظاهر بكل مكان في #سورية، وخروج الناس بهذا الكم الكبير لهو أكبر إصرار من السوريين على إكمال الطريق الذي اخترناه لتحرير بلادنا من الاستبداد، والوصول لدول الحرية والمواطنة.#للمحاكمة_لا_للحكم

    — د.نصر الحريري (@Nasr_Hariri) May 26, 2021

كذلك، أشاد الحريري ببيان وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الرافض للانتخابات الرئاسية التي يجريها النظام السوري اليوم، وقال: “نرحب بالبيان المشترك الذي أصدرته فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا حول مسرحية الانتخابات في سورية خارج إطار مجلس الأمن، ونؤكد أن الانتخابات الوحيدة التي يعترف السوريون بها يجب أن تكون دون الأسد المجرم وأجهزة مخابراته وتحت إشراف الأمم المتحدة وفق أعلى المعايير الدولية للشفافية”.

    نرحب بالبيان المشترك الذي أصدرته فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا حول #مسرحية_الانتخابات في #سورية خارج إطار مجلس الأمن، ونؤكد أن الانتخابات الوحيدة التي يعترف السوريون بها يجب أن تكون دون الاسد المجرم وأجهزة مخابراته وتحت إشراف الأمم المتحدة وفق أعلى المعايير الدولية للشفافية.

    — د.نصر الحريري (@Nasr_Hariri) May 25, 2021

وكان وزراء خارجية الدول الموقعة على البيان قد قالوا مساء أمس إنه “يجب إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، وفقاً لأعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة”، واستنكروا “قرار نظام الأسد إجراء انتخابات خارج الإطار الموصوف في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.

وأدان الوزراء محاولة النظام السوري استعادة الشرعية من دون إنهاء انتهاكاته لحقوق الإنسان، وعبروا عن دعمهم لأصوات جميع السوريين، بمن فيهم منظمات المجتمع المدني، والمعارضة السورية الذين أدانوا العملية الانتخابية ووصفوها بأنها “غير شرعية”. كما وشدد البيان على السماح لجميع السوريين بالمشاركة، بمن في ذلك النازحون السوريون واللاجئون، في بيئة آمنة ومحايدة.

العربي الجديد

—————————

النظام السوري يبدأ انتخاباته الرئاسية في مناطق سيطرته وسط رفض شعبي ودولي/ جلال بكور

بدأت صباح اليوم الأربعاء الانتخابات الرئاسية التي يجريها النظام السوري، وسط رفض من الشارع السوري المعارض للنظام، وعدم اعتراف دولي.

وأعلنت وكالة الأنباء الرسمية سانا صباح اليوم “افتتاح المراكز الانتخابية أمام الناخبين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية 2021″، ونشرت صوراً قالت إنها من المراكز.

وذكرت مصادر لـ”العربي الجديد” أن الانتخابات التي يجريها النظام بدأت عند الساعة الثامنة صباح اليوم بحشد الموظفين والعمال في المؤسسات الحكومة وإرسالهم للتصويت في الانتخابات لصالح رئيس النظام بشار الأسد.

من جهته، أدلى رئيس النظام السوري ومرشح حزب البعث بشار الأسد بصوته في مدينة دوما في ريف دمشق الشرقي.

وقالت صحيفة “الوطن” الموالية للنظام السوري: “السوريون يعبرون عن إرادتهم ويمارسون حقهم الدستوري…والمرشح لمنصب رئيس الجمهورية بشار الأسد والسيدة أسماء الأسد يدليان بصوتهما في مركز الاقتراع بمجلس بلدية دوما في ريف دمشق”.

وكان النظام قد سيطر على مدينة دوما بعد حصار وقصف دام لسنوات جرى خلاله استخدام أسلحة كيميائية عدة مرات من قبل النظام وأدت إلى مقتل وإصابة المئات بينهم أطفال ونساء.

ونشرت الصحيفة صورا قالت إنها لعملية إدلاء بشار الأسد بصوته في الانتخابات التي بدأت عند الساعة الثامنة صباح اليوم ومن المفترض أن تستمر حتى الرابعة مساء اليوم.

وكانت أفرع النظام الأمنية قد هددت العديد من الموظفين العاملين ضمن دوائر النظام الحكومية ومديري المدارس في دمشق ودرعا جنوبي سورية بالفصل والإيقاف عن العمل في حال لم يشاركوا اليوم في الانتخابات الرئاسية التي سيجريها النظام، بالإضافة لإجبار بعض المدارس في مناطق سيطرته على إخراج الطلاب والمعلمين في مسيرات مؤيدة له قبيل موعد الانتخابات بيوم.

مقاطعة وهجمات في درعا

إلى ذلك، ذكرت مصادر لـ”العربي الجديد” أن حالة من الإغلاق العام والإضراب تسود مدينة جاسم منذ صباح اليوم تزامنا مع بدء النظام انتخاباته الرئاسية في مناطق سيطرته في عموم البلاد، حيث أغلق الأهالي المتاجر والأسواق والطرقات، معبرين عن رفضهم المشاركة في هذه العملية.

وقالت المصادر إن الهيئات المدنية المعارضة للنظام السوري في درعا دعت إلى إضراب عام وإلى مقاطعة الانتخابات تزامنا مع تهديد النظام للموظفين والعاملين في الدوائر الحكومية، مبينة أن فصائل محلية في درعا أغلقت العديد من الطرق المؤدية إلى مراكز النظام لمنع الانتخابات.

وتحدثت المصادر عن عدة هجمات تعرضت لها حواجز قوات النظام السوري في مدن وبلدات الحراك والطيبة وناحتة والكرك والسهوة والنعيمة وجاسم ونمر والمليحة الغربية، ما أوقع جرحى بين عناصر النظام.

وقال الناشط محمد الحوراني إن مجهولين هاجموا بالأسلحة النارية عنصرين من فصائل المصالحة في منطقة البلد بمدينة درعا، ما أدى إلى إصابتهما بجروح خطيرة، كما هاجم مجهولون مخفر الشرطة التابع للنظام في بلدة الطيبة بريف درعا الشرقي وهاجموا مقر الفرقة الحزبية التابع للنظام في مبنى بلدية بلدة النعيمة، كما هاجموا بقذيفة صاروخية حاجزا للنظام على طريق قرية غصم واقتصرت الأضرار على المادية.

وقال “تجمع أحرار حوران” المعارض للنظام: “تشهد معظم مدن وبلدات محافظة درعا إضراباً عاماً لليوم الثاني على التوالي، من بينها نوى والحراك وجاسم وطفس وانخل والكرك الشرقي وصيدا، حيث أغلق الأهالي محالهم التجارية وشلّت حركة السير في عشرات المدن والبلدات بشكل شبه كامل، تنديداً بالانتخابات”.

وشهدت درعا أمس مظاهرات رفضا للانتخابات التي يجريها النظام إضافة إلى نشر ملصقات وكتابات على جدران المدارس والدوائر الحكومية في العديد من البلدات والقرى.

عدم اعتراف دولي

وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد أكدت مساء أمس في بيان مشترك مع أربع دول أوروبية، وهي فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة، أن الانتخابات الرئاسية في سورية “لن تكون حرة ولا نزيهة”.

وقال وزراء خارجية الدول الموقعة على البيان إنه “يجب إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، وفقاً لأعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة”، واستنكروا “قرار نظام الأسد إجراء انتخابات خارج الإطار الموصوف في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.

ودان الوزراء محاولة النظام السوري استعادة الشرعية دون إنهاء انتهاكاته لحقوق الإنسان، وعبّروا عن دعمهم لأصوات جميع السوريين، بمن فيهم منظمات المجتمع المدني، والمعارضة السورية الذين أدانوا العملية الانتخابية ووصفوها بأنها “غير شرعية”.

وشدد البيان على السماح لجميع السوريين بالمشاركة، بمن في ذلك النازحون السوريون واللاجئون، في بيئة آمنة ومحايدة. وشهدت مناطق كثيرة في جنوب وشمال غربي سورية مساء أمس الثلاثاء مظاهرات رافضة للانتخابات التي يجريها النظام، إذ وصفت العملية بـ”المسرحية الهزلية”.

العربي الجديد

———————————-

الغارديان: سوريا تدخل الانتخابات بعد تحولها لدولة عصابات والأسد هو توني سوبرانو الشرق الأوسط/ إبراهيم درويش

نشرت صحيفة “الغاريان” تقريرا لمراسلها في الشرق الأوسط مارتن شولوف، قال فيه إن البلد الذي حطمته الحرب أصبح مثل “دولة مافيا”، مما لم يترك مجالا للشك نتائج الإنتخابات الأخيرة يوم الأربعاء.

فالفائز فيها معروف وهو بشار الأسد الذي أكد سلطاته. فهو طاغية ومجرم حرب ولكن لأتباعه مخلص ماكر، ولكن هذه الآراء حوله لا خلاف عليها. فنتائج الانتخابات محددة وهي امتحان حقيقي للسلطة التي يتمتع بها على الدولة المحطمة التي تتشكل بعيدا عن اللافتات السياسية والحملات الزائفة.

ففي البلدات والمدن التي حطمها عقد من الوحشية، يحاول الرئيس المخضرم استعادة خسائره وتأكيد نفسه على أنه الشخص الوحيد الذي سيرسم الطريق من خارج أكبر دمار تشهده البلاد في عصرها الحديث.

وكان من النادر رؤيته خلال الأزمة لكنه أصبح عنصرا أساسيا مما تبقى من قلب سوريا المنتج، يزور المصانع ويتحدث مع الموظفين عن مصاعبهم ويستضيف الوفود بسهولة لم تر أثناء الأزمة.

وعمل حلفاء سوريا الروس والإيرانيون جهدهم لدعم بقاء النظام وحمايته من الهزيمة في المعارك. لكن النظام التقليدي السلطة، أي بيت الأسد، ظل جزءا عضويا في الحفاظ على السلطة من الداخل. فما تبقى من سوريا، أصبح في معظمه تحت سيطرة آل الأسد أكثر مما كان عليه الحال قبل الثورة. وظلت بنى السلطة التي تم بناؤها على مدى أربعة عقود أو يزيد عمادا للعائلة والديكتاتورية.

وفي الوقت الذي دخلت فيه الحرب الأهلية حالة من الانسداد، وهزم تنظيم “الدولة” تحركت أسماء الأسد، زوجة الرئيس للإطاحة بابن خال الأسد وأثرى أثرياء سوريا، رامي مخلوف والذي ظل بمثابة مستشاره المالي ولم يكن أحد يستطيع المساس به، حتى أصبح فجأة بدون غطاء.

ففي بداية عام 2020، سيطرت أسماء الأسد على مؤسسة خيرية استخدمها مخلوف لتقديم الدعم إلى عائلات الموالين للنظام ممن قتلوا في الحرب. وبحسب رجل أعمال بارز يعيش في المنفى لاتهامه بدعم الثورة ضد الأسد: “في تلك اللحظة عرف بشار وأسماء من أين تأتي الأموال إلى سوريا”، مضيفا: “هناك نظام للأمم المتحدة وجمعيات خيرية وقامت أسماء بالسيطرة على الجمعيات تحت رعاية رامي وخسر رامي موقعه بسرعة كراع لها، وما تبقى كان سهلا”.

وفي المرحلة الاحقة، جرد رامي من أسهمه في شركة الهواتف النقالة “سيرياتل”، واحدة من “البقرات” التي ظلت تحلب المال للاقتصاد المحطم بالعقوبات وانهيار النظام المالي في الجار لبنان وتراجع سعر العملة والتضخم.

وتم أخذ المجموعة التي أنشأها مخلوف كعجلة للاستثمار منه، وتُرك وحيدا يشكو من وضعه عبر سلسلة من الفيديوهات على صفحته في “فيسبوك”، وكان آخرها تسجيل وضعه قبل أسبوعين يشكو حظه ويزعم أن “معجزة” ستحدث قريبا في سوريا.

ويرى المراقبون أن المعجزة الوحيدة هي نتائج الانتخابات، ولو حصل الأسد على أقل من نسبة 90% من أصوات الناخبين.

ووصفت الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي العملية الانتخابية بغير الشرعية، ذلك أن معظم شمال سوريا خارج عن سيطرة النظام، كما أن العملية لا تلتزم بأهداف نهاية النزاع.

ويرى الكاتب أن الطريقة السهلة التي تم التخلص فيها من مخلوف والسيطرة على الموارد المالية من شركاته قاد البعض لمقارنة البلد بـ”دولة المافيا” والتي تستخدم البنى التحتية الضعيفة للدولة لإبقاء أبتاعها تحت سيطرتها. وقال رجل الأعمال أن “أهم لحظة لبشار جاءت عندما ماتت والدته” في عام 2016. و”فتحت الأبواب لأسماء، وشعر بشار بالحرية لعمل ما يريد، وكانت أنيسة متشددة، وأصرت على قمع المتظاهرين عام 2011″.

وأصبح معروفا ما أدى إليه القمع من قتل أكثر من نصف مليون سوري وتهجير أكثر من نصف سكان سوريا ما قبل الحرب وتدمير معظم المدن والبلدات.

وقال رجال أعمال تحدثوا إلى الصحيفة إنهم تعرضوا للابتزاز من المسؤولين الذين جاءوا إلى مكاتبهم وطالبوهم بدفع مبالغ مستحقة على مواد مستوردة.

وقال رجل أعمال بارز: “جاءوا إلى ورشة صديق وقسم المبيعات وزعموا أنهم من الجمارك” و”بدأوا بطلب غريب ثم خفضوه إلى 400 ألف دولار. وكانت عملية ابتزاز بسيطة وسهلة، فهم مفلسون ويريدون جمع المال من أي مصدر كان. وخسروا مليارات الدولارات في لبنان ولا موارد مالية لديهم”.

وقال رجل أعمال آخر من ثالث المدن السورية، حمص، إن مسؤولين من الأمن زاروه في آذار/ مارس وزعموا أن هناك ديونا لم يدفعها، يضيف: “قضيت أسبوعا في حل الأمر ودفعت 180 ألف دولار وكان علي أن أعطي الضابط سيارة”. ويرى الكثيرون ممن تعاملوا مع الأسد في السنوات الأولى من رئاسته أن ظهور سوريا كدولة مافيا أدهشهم، ولكن من تعاملوا معه عن قرب لم يندهشوا، وقال إنهم لم يشكوا بالنتيجة.

وقال مسؤول سابق في محطة “سي آي إيه” لمنطقة الشرق الأدنى وعرف الزعيم السوري “الأسد هو توني سوبرانو الشرق الأوسط”، وفي عظامه هو زعيم مافيا بأزمات عائلية حاضرة ومنافسات، ويشرف على عصابة جريمة من أجل إثراء نفسه وعائلته ومستعد لاستخدام العنف لتحقيق أهدافه”.

وتوني سوبرانو هو بطل مسلسل أمريكي معروف عن المافيا عرضته قناة “أتش أب أو”، و”لكن لديه جانب جذاب مثل شخصية حلقات أتش بي أو وخدع أجيالا من القادة الأمريكيين والأوروبيين الذين التقوا به. وكان الواحد يعتقد أن قتل مئات الآلاف من شعبه وارتكاب جرائم حرب سيغير الرأي” و”من الواضح أن فكرة بشار الأسد التقدمي التي تم تقديمها في سنوات 2000- طبيب العيون الساحر الذي تدرب في بريطانيا والمحب للتكنولوجيا وتزوج فتاة جميلة عملت في النظام المصرفي الغربي- كانت مجرد مهزلة. وللكثيرين منا، نحن الذين راقبوا سوريا، فقد قلنا عبثا أن الأسد لم يكن أي شيء ولكن رجل مافيا. وربما كان الأمل البسيط بتجذر الربيع العربي في سوريا هو ما غلف على حكمنا وتقوى بفكرة ثورة السكان المتعلمين وتحويل سوريا إلى نموذج للشرق الأوسط”.

و”في الحد الأدنى فقد كان بشار الأسد نتاجا لوالده وكان قدر سوريا المعاناة بوصوله إلى العرش، فلن يتخلى أبدا وفي أي ظرف عن الكرسي إلا بموته”.

ويقول ابن عم بشار، ربال الأسد، والذي يعيش منذ عقدين منفيا في الخارج إن المجتمع الدولي يبدو أنه استسلم لما يجري في سوريا، “يسمح العالم له بعقد هذه الانتخابات” و”لا شيء يدعو على التفاؤل عما حدث خلال السنوات العشر الماضية، وهناك الكثير من السوريين، شرفاء وأذكياء ممن نظروا إلى المعارضة وقالوا: إذا كان هؤلاء هم الرجال الجدد فالوضع أسوأ ولن ننضم إلى النظام وسنكون على قائمة العقوبات في اليوم التالي”.

وينظر المنفيون السوريون بمشاعر مزيجة إلى الإنتخابات حيث تقوم الحشود في بيروت بالهجوم على قوافل السوريين الحاملين للعلم السوري إلى السفارة السورية للمشاركة في الانتخابات.

ويقول المسؤولون اللبنانيون إن من صوّتوا كانوا مجبرين على عمل هذا. ومنعت ألمانيا وتركيا التصويت، ووصفه المسؤولون بالمسرحية والمهزلة. وقال رجل الأعمال: “كل شيء يرتبط بأن العائلة لا تزال تسيطر” و”هي حساسة فيما يتعلق بالموضوعات الداخلية ويعرفون كيفية التعامل معها. ويقولون: قد لا تسمعون لأبناء عمومتكم ولكن عليكم الإستماع لأمهاتكم”.

القدس العربي

————————————

سوريا: إضراب عام ومظاهرات حاشدة في المسجد العمري في درعا رفضاً للانتخابات الرئاسية/ هبة محمد

وسط حالة من الإضراب العام وشلل في الأسواق التجارية في محافظة درعا جنوبي سوريا، خرجت مظاهرة حاشدة للمئات من أبناء المدينة تلبية لدعوات أطلقها ناشطون معارضون رفضاً للانتخابات الرئاسية التي يجريها النظام اليوم الأربعاء في سوريا.

وقال المتحدث باسم تجمع أحرار حوران، أبو محمود الحوراني، إن المتظاهرين رفعوا راية الثورة السورية بالقرب من المسجد العمري.

كما تداول ناشطون صوراً تظهر الإضراب العام في المحافظة احتجاجاً على الانتخابات الرئاسية، حيث أغلقت الأسواق في مدن وبلدات عدة بعد دعوات للإضراب والإغلاق العام وجّهها المعارضون من أبناء المدينة.

ونقل المتحدث عن مالك النواوي وهو الاسم المستعار لتاجر من مدينة نوى “سأقوم بإغلاق محالي التجارية خلال الأيام المقبلة، وذلك من أجل مقاطعة المهزلة الانتخابية، ورفضاً لعمليات الاستفزاز التي يقوم بها مؤيدون للنظام من خلال الحفلات ومسيرات التأييد لبشار الأسد”.

وتعتبر مدينة نوى من أكبر مدن محافظة درعا، وتنتشر فيها أفرع أمنية كالمخابرات الجوية والعسكرية من خلال مقار ومفارز أمنية، ويحيط بها من الجهة الغربية تل الجابية الذي يعد مركزاً عسكرياً لقيادة اللواء 61 التابع لقوات النظام.

وتحت شعار “لا شرعية لنظام الأسد وانتخاباته” تداول ناشطون صوراً لأسواق حوران والمحال التجارية المغلقة في كل من بلدة الحراك وصيدا شرقي درعا “احتجاجاً على إجبار المدنيين على المشاركة في المسيرات الموالية لنظام الأسد”.

وأفاد المتحدث لـ”القدس العربي” بأن مدينة الحراك شهدت بدورها شللاً تاماً وتوقفا بحركة السير، حيث أغلق الشبان كلاً من الطرق التي تربط المدينة بمدن وبلدات إزرع، ونامر، ومليحة العطش، كما أغلقت 80 % من المحال التجارية داخل المدينة، واقتصرت التجارة على المحال الأساسية فقط.

وفي طفس، أغلق عشرات الأهالي في المدينة غربي درعا، محالهم التجارية تضامناً مع بقية المدن والبلدات، وسط مظاهرات حاشدة تعلن رفض الانتخابات الرئاسية “واستياءهم من وضع صناديق للانتخاب داخل المدن التي قدمت آلاف الشهداء والجرحى”.

رافق التظاهرات الشعبية الحاشدة استنفار أمني شهدته بلدة بصر الحرير في ريف درعا الشمالي الشرقي، بعد منع أهالي المدينة من وضع مركز اقتراع داخل البلدة، مما اضطر أفرع الأمن ” إلى نقل مركز الانتخابات المعتمد وضعه في مبنى شعبة الحزب في مدينة نوى إلى مركز الناحية وسط المربع الأمني في المدينة، وذلك بعد فرار معظم الأعضاء العاملين في شعبة الحزب مع عائلاتهم إلى العاصمة دمشق، خوفاً من استهدافهم، ومن ضمنهم المدعو فريد العمارين وعضو مجلس الشعب السابق فوزي الشرع.

القدس العربي

———————————-

يوم ديرالزور الانتخابي:عرس للتشبيح على السوريين/ سائد الشخلها

ليست الانتخابات الرئاسية في سوريا “عرساً” كما يُطلق عليها مسؤولو النظام السوري وأجهزته الإعلامية. ومدينة دير الزور شاهدة على كمّ من التشبيح والاقتراع تحت التهديد والوعيد، بما لا يترك متنفساً للقاطنين في مناطق سيطرة النظام لأي شكل من أشكال التعبير الديمقراطي في اليوم الانتخابي المزيف.

وبدأ “العرس الوطني” في دير الزور منذ الثلاثاء، مع توجيه دوائر الحكومة خطاباً لموظفيها بضرورة الحضور إلى مراكز تلك الدوائر للانتخاب، متوعدةً من لا يحضر بالفصل من وظيفته، ما دفع الكثيرين من الموظفين القاطنين في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية إلى التجمهر أمام المعابر المائية التي تفصل ضفتي الفرات، ومطالبة قسد بالسماح لهم بالتوجه الى مناطق سيطرة النظام.

رضخت قسد وفتحت لهم معبر البصيرة، الذي شهد عبور أكثر من 800 مدني خلال يوم واحد، وانقلاب عبارتين لنقل الركاب في الفرات. ولم تنتهِ المأساة عند هذا الحد، بل إن عدداً  من الموظفين الذين لا يملكون مكاناً يبيتون فيه في المدينة اضطروا لافتراش الأرصفة ليل الثلاثاء أمام دوائرهم ليتسنّى لهم الاقتراع.

وشهد حي الوادي اكتظاظاً غير مسبوق، ومشاحنات بين الميليشيات التي كانت خلال أيام الأسبوع الماضي، تفتّش المدنيين وتبتزهم وترهبهم للذهاب باتجاه ما سُمي ب”خِيم الوطن”، حتى أن دورية للأمن العسكري كادت تطلق النار على سيارة تابعة ل”حزب الله”، وذلك بعد أن قامت الأخيرة بسوق عدد من الشباب من خيمة الفرع وأخذهم لخيمة أخرى تقع في حي القصور، بحسب ما أبلغ شهود عيان “المدن”.

أما صباح الأربعاء، فشهدت قرى سبيخان والكشمة وعدد من القرى الأخرى قدوم سيارت عسكرية -تابعة لميليشيا العباس- إلى مراكز تلك القرى وإجبار السكان على الركوب فيها والذهاب لمركز مدينة العشارة والانتخاب هناك، ومن ثم أجبروهم على البقاء أمام المركز والهتاف لبشار وحاصروا مداخل المدينة لمنع المدنيين من العودة لقراهم.

ولم تكن مدينة الميادين أفضل حظاً من بقية مدن وبلدات المحافظة، ففي الساعة السابعة صباحاً كانت سيارات الميليشيات تجوب شوارع المدينة وتحثّ المواطنين عبر مكبرات الصوت على الانتخاب، وبأن كل شخص لا ينتخب هو “خائن للوطن”، ومن ثم بدأوا بطرق أبواب المنازل وسوق الناس باتجاه مراكز الاقتراع، وقاموا ببيع أعلام وصور الأسد للمواطنين بالإكراه، حيث وصل ثمن العلم قرابة 5000 ليرة سورية، واعتقل المواطن حسن بريش العبدالله وهو من قرية الفاطسة لرفضه شراء علم لأنه يحمل معه علمه الخاص، وتم ضربه أمام الخيمة في وسط المدينة.

وقامت مديرية المياه في المدينة بأكبر خرق حتى اللحظة. وقال أحد سكان المدينة ل”المدن”، إن مدير المركز الانتخابي أمر باصطفاف الناخبين بالدور أمام المديرية وتسليم هوياتهم، وقام موظفو المركز بالاقتراع بدل المواطنين، ومن ثم تحفظوا على جميع الهويات ليجبروهم على البقاء أمام المديرية ورفع الأعلام والصور حتى انتهاء الدوام الرسمي.

ورصد الناشطون أكثر من 15 حالة اعتقال في المدينة حتى اللحظة قامت بها جهات مختلفة، أكثر من نصف تلك الحالات هي لأشخاص اعتقلوا تعسفياً ولأسباب مجهولة، وأغلب الظن أنها اعتقالات لأسباب تتعلق بالانتخابات.

وشهدت مدينة البوكمال قدوم قرابة 600 مواطن عراقي يحملون الهويات المدنية السورية بالإضافة لعدد من المتشيعين من أهل المدينة، ليقوموا بالانتخاب في المركز الثقافي الإيراني، وبعدها ساروا في أحياء المدينة بمشهد كرنفالي، فيما صدحت الجوامع منذ الصباح بالدعوة لانتخاب “مخلص الوطن”.

بالكاد مرّ نصف اليوم الانتخابي ليكشف كمّ “الديمقراطية” التي يتعامل بها نظام الأسد مع السوريين، حسب ما يصف المشهد ساخراً أحد الناشطين في دير الزور، لتتبين حقيقة أن معظم أولئك الذي يظهرون اليوم على الشاشات هاتفين للأسد لم يُجبروا فقط على الحضور، بل جرى جرهم بالقوة أو حضروا خوفاً من بطش النظام وميليشياته.

المدن

————————–

الأسد في دوما: لا طائفية في سوريا!

لا تقتصر الرسائل التي يريد رئيس النظام بشار الأسد توجيهها من مشاركته مع عقيلته أسماء الأسد في الانتخابات الرئاسية، في مدينة دوما بريف دمشق، على تحدي الدول الغربية الرافضة لشرعية الانتخابات بالقول أن الثورة في البلاد انتهت عبر تثبيت شرعيته في واحدة من أكبر معاقلها، بل يسعى أيضاً للعب على الوتر الطائفي مثلما كان واضحاً في التغطيات الإعلامية التي واكبت ظهوره في المدينة التي شهدت مجازر ارتكبها جيش النظام بالأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً، أكثر من مرة.

وفي العام 2020 شارك الأسد في انتخابات مجلس الشعب لكنه لم يخرج من القصر الجمهوري بل أقيم من أجله مركز انتخابي هناك، في أجواء مسرحية. ورغم أن النتيجة واحدة وهي استعراض الديموقراطية المزعومة أمام الكاميرات، إلا أن الظهور في دوما بموازاة ظهور قادة عسكريين آخرين في مناطق شهدت مجازر، بما في ذلك ظهور العميد سهيل الحسن في قرية كفر عويد بريف إدلب، يشير إلى تنسيق مسبق بشأن التركيز على مناطق معارضة استعاد النظام سيطرته عليها بالقوة العسكرية وسياسة الأرض المحروقة، تأكيداً على فائض القوة الذي يمارسه النظام ويستهزئ فيه بإرادة الشعب السوري.

وبحسب هذا المنطق، فإن ظهور الأسد المنتمي للطائفة العلوية في دوما التي تعبّر عن الغالبية السنية، وشهدت في سنوات الثورة السورية سيطرة لفصائل إسلامية متشددة مثل “جيش الإسلام”، يعطي لمحة عن “الحياة المشتركة” والزعم بانتفاء الطائفية والمناطقية في البلاد، بموازاة تركيز الأسد في تصريحاته المقتضبة على سقوط الحرب الأهلية في البلاد، وهو مصطلح لا يرد كثيراً في الخطاب الرسمي للنظام عادة، مع ميل المسؤولين للحديث عما جرى في سوريا على أنه مؤامرة كونية أو مخطط إرهابي.

لكن اضطرار النظام لتأكيد أن لا طائفية في البلاد، وهي كذبة لا يمكن حتى للموالين تصديقها، هو تأكيد لوجودها وليس نفياً لها بواقع الحال. لأنه لو كان الواقع وردياً لما اضطر رئيس النظام نفسه لتوجيه مثل هذه النوعية من الرسائل التي يخاطب بها جمهوره الداخلي بعد عشر سنوات من الثورة الشعبية في البلاد، والتي رغم أنها لم تكن ثورة سنية ضد القيادة العلوية، فقط، إلا أن الغالبية السنّية في البلاد شكلت العمود الفقري لها، وكانت تنادي في أيامها الأولى بالحريات السياسية وترفع شعارات وطنية جامعة لكل السوريين.

    #عاجل

    الرئيس السوري بشار الاسد: زيارة دوما والانتخاب فيها تأكيد على ان سورية ليست منطقة ضد منطقة او طائفة ضد طائفة pic.twitter.com/dGhV3TqHXH

    — قناة الاتجاه (@Aletejah_TV) May 26, 2021

وكرس النظام طوال عقود من الاستئثار بالسلطة، طائفية عميقة في البلاد، وكان النقاش في الأوساط الموالية حول طائفية الدولة أو علمانيتها المزعومة رائجاً منذ العام 2018 الذي شهد طرح مشروع القانون 16 الذي يعطي وزارة الأوقاف صلاحيات غير مسبوقة، لكن جذور الطائفية في سوريا قديمة وتعد جزءاً من الحمض النووي للنظام، حيث يستأثر أفراد من الطائفة العلوية بالمراكز الحساسة في الجيش والأجهزة الأمنية وفي الحكومة نفسها. مع الإشارة إلى أن النظام أيضاً قام على تحالفات دقيقة بين العلويين ومفاصل الطائفة السنية من الشخصيات الأكثر تأثيراً وتحديداً طبقة التجار في دمشق وحلب على سبيل المثال.

ونشر عشرات الناشطين صوراً للدمار في دوما رداً على الأسد، وركب آخرون شعارات الأسلحة الكيماوية على صور الانتخابات في المدينة، بينما كرر آخرون عبارة “الأسد ينتخب نفسه في المدينة التي دمرها”.

    من قلب دوما اسدنا يدلي بصوته وهذه رسالة وضربة لكل من خان الوطن #الأمل_بالعمل #سورية_تنتخب_2021 #الأسد_ضمانة_البلد #بشار_حافظ_الأسد pic.twitter.com/PDRVCBGSnV

    — معتصم احمد (@hfrLEGXts23IbxB) May 26, 2021

    بشار الاسد ينتخب نفسه الآن من دوما

    .

    دوما التي حاصرها لسنوات

    دوما التي قصفها بالكيماوي و خنق اطفالها و هم نيام!

    دوما التي دمرتها طائراته .

    دوما التي هجر اهلها.#عاد_الديكتاتور #لاشرعية_للاسد_وانتخاباته pic.twitter.com/mjnTlJa3lj

    — the dictator is back (@dictator_is) May 26, 2021

    رأس النظام بشار الأسد يوجه رسالة أستفزازية للسورين من قلب الغوطة في دمشق. خرج بشار اليوم للأدلاء بصوته الأنتخابي في مدينة دوما وكأنه يقول للسوريين أنا الذي قتلت أطفالكم بالكيماوي في هذه المدينة عام 2015 ها أنا منتصر فوق أشلائهم في pic.twitter.com/tkUmMhLuJq

    — وكالة BAZ الاخبارية (@baznewz) May 26, 2021

    بشار الأسد وزوجته أسماء يدليان بصوتهما الانتخابي في مدينة دوما بريف دمشق#لاشرعية_للاسد_وانتخاباته

    دوما نفسها يلي ارتكب ابشع المجازر بها من كيماوي وسارين دوما نفسها يلي بلكاد تجد بناء لم يقصفهُ طيرانه pic.twitter.com/Vbl2nTaVNd

    — A.H.M.E.D (@912615M) May 26, 2021

    لن تحلم بتزوير التاريخ إعلامياً وقد دمرنا عروشكم وقتلنا أبنائكم وشردنا أحلامكم تحت نعال أبطالنا .. سنعيد الكرة ولنا صولة وجولة بإذن الله .. #دوما

    pic.twitter.com/IgZIOKqq0c

    — خالہٰد ابٰٰو جمالہٰ (@abo_gamal_1) May 26, 2021

——————————

الأسد يتحدّى خصومه من دوما التي قصفها بالكيماوي:أراؤكم صفر

أدلى رئيس النظام السوري بشار الأسد الأربعاء، بصوته في الانتخابات الرئاسية في مدينة دوما بغوطة دمشق الشرقية، التي ارتكب فيها مجزرة بالسلاح الكيماوي عام 2018 راح ضحيتها مئات القتلى والمصابين.

ووصل الأسد إلى دوما على وقع تجمّع لمناصريه يهتفون “بالروح بالدم نفديك يا بشار”، وهي تجمعات اعتادت أجهزة المخابرات السورية تنظيمها في كل مدينة يزورها الأسد.

ونقلت وسائل إعلام النظام الرسمية عن الأسد قوله إن زيارته إلى  مدينة دوما وإدلائه بصوته هناك “تدل على أن الشعب السوري متحد في مواجهة الإرهاب”، حسب تعبيره.

ووصف الأسد تصريحات الدول الغربية التي تنفي شرعية الانتخابات الرئاسية الجارية بأنها لا تساوي شيئا. وقال عقب إدلائه بصوته برفقة زوجته أسماء، إن سوريا “لا تولي أي اهتمام” لتصريحات الغرب عن الانتخابات الحالية، وأضاف “قيمة آرائكم هي صفر”.

وتُعدّ مجزرة دوما، ثاني أكبر مجزرة كيماوية في تاريخ الثورة السوريّة يرتكبها نظام الأسد، بعد كيماوي الغوطة الشهير، يوم 21 نيسان/أبريل 2013، الذي نالت دوما حصّة منه أيضاً.

—————————

نصر الحريري ل”المدن”:الاسد ينظم مهرجاناً لتمجيد الاستبداد

بسمة بوزكري

لا تعترف المعارضة السورية بشرعية الانتخابات الرئاسية الحالية، فهي بنظر رئيس الائتلاف السوري المعارض نصر الحريري أشبه ب”مهرجان” لتمجيد الاستبداد الذي يحكم البلاد منذ ستة عقود.

كذلك لا تعترف الدول الغربية بانتخابات “غير نزيهة” تُقصي نصف السوريين، لكن نظام الأسد ما زال -بنظر الأمم المتحدة- “الممثل الوحيد” للسوريين، وخاصة أن المجتمع الدولي لم يسحب اعترافه منه ويمنحه للمعارضة، على غرار ما حدث مع نظام الزعيم الليبي الراحل معمّر القذافي، وهو ما يطرح إشكالية كبيرة حول مرحلة ما بعد الانتخابات.

يؤكد الحريري ل”المدن”، أنه من الخطأ استخدام مصطلح “انتخابات” عند التعامل مع “مشروع التزوير والغش الذي ينفذه النظام. فمنذ عام 1963 لم تحدث في سوريا أي عملية انتخابية، بل هي مسرحيات متكررة ومهرجانات مفتعلة لتمجيد الاستبداد والطغيان والتستر على عملية السرقة أو الاغتصاب. لذلك لا توجد أي جهة دولية تحترم نفسها وتحترم الديمقراطية كواحدة من أهم إنجازات المجتمعات البشرية، يمكن أن تعترف بما يجري وكأنه إجراء ديمقراطي شرعي قانون. هذا أمر محسوم، وهذه العملية مطعون بها سلفاً وفاقدة لأي شرعية”.

لكن الحريري يرى أن إصرار نظام الأسد وحلفائه على إجراء الانتخابات في هذا التوقيت “يعني بالضرورة أنهم لا يتعرضون لأي ضغوط جدية تتصل بالحل السياسي. فيما نؤكد نحن التزامنا بمبادئ الديمقراطية، ونشدد على أن أي عملية انتخابية يجب أن تنسجم تماماً مع القرار 2254 ولا مكان فيها لمجرمي الحرب والقتلة وعلى رأسهم بشار الأسد. ولا يمكن إجراؤها إلا بعد توفير بيئة مناسبة وآمنة، وبإشراف دولي محايد، بمشاركة جميع السوريين في الخارج والداخل”.

الأمم المتحدة أكدت في وقت سابق -على لسان الناطق باسم الأمين العام ستيفان دوغاريك-  أن الانتخابات الرئاسية التي سيجريها النظام السوري ليست جزءاً من العملية السياسية التي دعت إليها، مشيرة إلى أنها لا تعترف بها. وأضاف “نحن مستمرون في التأكيد على أهمية التوصل إلى حل سياسي للصراع، وأود التأكيد هنا على حقيقة مفادها أن قرار مجلس الأمن رقم 2254 يمنحنا تفويضا بتسهيل عملية سياسية تبلغ ذروتها بإجراء انتخابات نزيهة وحرة وفقا لدستور جديد، وتحت رعاية أممية”.

لكن المجتمع الدولي -وفق الحريري- يتحمل مسؤوليات تجاه ما يجري في سوريا، وخاصة تجاه “المهجرين والمعتقلين والمجازر التي ارتكبها النظام. وقصة المسرحية الجارية حالياً هي جزء من إجرام كبير يمتد لنصف قرن من الزمن. لا بد من تحمل تلك المسؤوليات والدفاع عن قيم الحضارة والعدالة ومحاسبة مجرمي الحرب، وإنقاذ الشعب السوري، وفرض القرارات الدولية. كل ذلك أمر ممكن في حال وجدت الإرادة الدولية اللازمة”.

الحريري يؤكد أن نظام الأسد “لا يحكم سوريا بشرعية الانتخابات، ولا بسلطة القانون، ولا بالمؤسسات، بل يسيطر على البلاد بأجهزة المخابرات، ويديرها بالأوامر والبلاغات والتعميمات. أما القانون والدستور فلا قيمة لهما، والسوريون المجبرون على المشاركة في هذه المسرحية يعيشون ظروفاً صعبة للغاية، في ظل حالة اقتصادية كارثية، وانهيار خدمات، واعتقالات، وقمع مستمر”.

ورغم معارضتها علناً للانتخابات الرئاسية الحالية، إلا أن الأمم المتحدة ما زالت تعتبر النظام السوري “الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري، رغم كل ما مر من أحداث، وهو نظام يحوز اعترافاً دولياً كممثل للدولة السورية، وله بعثة كاملة لدى الأمم المتحدة، وهو الذي يعين ممثل سوريا ويتحدث باسمها في الأمم المتحدة، وفق ما يؤكد رئيس المعهد الأوروبي للقانون الدولي محمود رفعت.

ويقول رفعت ل”المدن”، إن القانون الدولي لا يضع قواعد للاعتراف بأنظمة الحكم، ولكن ذلك يتم حسب إرادة المجتمع الدولي الذي يمنح الشرعية لهذا النظام أو ذاك “فعلى سبيل المثال، كان هناك سحب الاعتراف الدولي بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، والاعتراف بالمجلس الذي أنشئ في بنغازي في ذلك الوقت، وهو ما أسقط نظام القذافي فعليا”.

ويوضح أنه “في الحالة السورية لم يحدث هذا لا من قريب ولا من بعيد، إذ لم يسحب المجتمع الدولي الاعتراف بنظام الأسد ويمنحه لجهة أخرى، ورغم أن بعض الدول العربية سحبت الاعتراف بالنظام السوري في البداية ولكن لم يكن لهذا الأمر صدى كبيراً على المستوى الدولي”.

لكن رفعت يقلل من أهمية الانتخابات الرئاسية الحالية، فهي مجرد “فعالية احتفالية لاستمرارية الحكم وليست انتخابات حقيقية بالمعايير القانونية والدولية، هي احتفالية، وسوريا من هذه البلدان التي تُجري انتخابات شكلية لا تتوافق مع هذه المعايير، ولكنها قائمة منذ عشرات السنوات. وهو ما عليه الأمر بالنسبة لأغلب الدول العربية”.

ويضيف “صُنّاع القرار في أوروبا والولايات المتحدة لديهم قناعة أنه لا يوجد معارضة حقيقية تقابل النظام السوري، فهي انتهت تقريبا منذ خمس سنوات، بعدما أنهكتها الخلافات الداخلية، وبالتالي لا أعتقد أن هذه المعارضة ستتمكن حالياً من الطعن في شرعية النظام السوري، وخاصة أنها لا تملك وزناً دولياً يؤهلها لذلك”.

وكانت الولايات المتحدة وأغلب الدول الأوروبية دعت المجتمع الدولي إلى رفض محاولة نظام الأسد اكتساب شرعية جديدة عبر الانتخابات الرئاسية “دون أن يوقف انتهاكاته الخطيرة لحقوق الإنسان، ودون أن يشارك في العملية السياسية التي سهّلتها الامم المتحدة بهدف وضع حد للنزاع”، فيما منعت ألمانيا وتركيا الاقتراع للانتخابات الرئاسية على أراضيهما، مؤكدتان عدم اعترافهما بشرعية نتائجها.

——————————

وزير السياحة السوري في الرياض..للمزيد من التقارب

وصل وفد ممثلاً النظام السوري إلى العاصمة السعودية الرياض الثلاثاء، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء النظام السوري (سانا)، وذلك في أول زيارة رسمية علنية لوفد سوري رسمي إلى السعودية، منذ اندلاع الثورة في 2011.

وقالت “سانا” إن “وزارة السياحة تشارك بالاجتماع السابع والأربعين للجنة منظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط وافتتاح المكتب الإقليمي للشرق الأوسط ومؤتمر إنعاش السياحة الذي يقام في مدينة الرياض يومي 26 و27 من أيار/مايو”.

وأكدت أن “وزير السياحة (التابع لحكومة النظام) محمد رامي رضوان مرتيني وصل إلى الرياض مساء الثلاثاء، للمشاركة في هذه الاجتماعات بدعوة من وزارة السياحة السعودية ومنظمة السياحة العالمية”.

يأتي ذلك في ظل التقارب الاستخباراتي بين السعودية والنظام السوري، إذ أكدت مصادر إعلامية متقاطعة أن رئيس المخابرات السعودية خالد الحميدان التقى خلال الفترة الماضية، رئيس مكتب الأمن القومي المشرف على الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري علي مملوك، في العاصمة السورية دمشق.

وفي مطلع أيار/ مايو الجاري، أوردت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن وفداً سعودياً برئاسة الحميدان زار دمشق، حيث كان في استقباله مملوك، وذلك في أول اجتماع يعرف من نوعه منذ اندلاع الثورة السورية.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول سعودي قوله: “لقد تم التخطيط لذلك اللقاء منذ فترة، لكن من دون أي تطور، ولكن تغيّرت الأحداث إقليميًا وكان ذلك بمثابة فرصة مواتية”.

وكانت مصادر إعلامية عربية قد سرّبت أن رئيس النظام السوري بشار الأسد التقى الوفد السعودي، وأنه جرى التوصّل لتفاهم بإعادة فتح السفارة السعودية في دمشق، بعد عطلة عيد الفطر، كخطوة أولى لاستعادة العلاقات في المجالات كافة بين البلدين.

كما أكدت هذه المصادر أن الجانب السعودي أبلغ الأسد بأن الرياض ترحّب بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وحضور مؤتمر القمة العربية المقبل في الجزائر في حال انعقاده.

—————————-

رويترز: سلالة متسلطة : الأسد يحكم سوريا الممزقة

يبدو أن بشار الأسد ، الذي كان ينظر إليه ذات مرة على أنه مصلح لكن خصومه كثر على أنه طاغية بعد عقد من الحرب والقمع ، يستعد لتمديد حكم عائلته في سوريا أكثر من خلال انتخابات يوم الأربعاء.

الأسد ، 55 عاما ، الذي وصفته الولايات المتحدة بأنه “حيوان” لإطلاق النار على شعبه و “مقاتل عظيم” من قبل إيران لمقاومتها واشنطن وإسرائيل ، يترشح لولاية رابعة.

إنه لا يواجه أي منافس جاد ، والمعارضة السورية والدول الغربية تنظر إلى الانتخابات على أنها مهزلة لإحكام قبضته على السلطة.

يتم تحديد سنوات الأسد كرئيس من خلال الصراع الذي بدأ في عام 2011 باحتجاجات سلمية قبل أن يتحول إلى صراع متعدد الجوانب أدى إلى تمزيق الدولة الواقعة في الشرق الأوسط وجذب الأصدقاء والأعداء الأجانب على حد سواء.

لقد استعاد الكثير من دولته بمساعدة روسيا وإيران ، مدعومًا بحقيقة أن حلفاءه كانوا دائمًا أكثر التزامًا ببقائه من أعدائه بهزيمته.

كان ذلك واضحًا في “خطين أحمر” – أحدهما أعلنه مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أن الأسد يجب أن يظل في السلطة ، والآخر أعلنه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية. فقط إيران هي التي اتبعت.

لكن سوريا خراب اقتصادي. ويقول خصومه إنه “يحكم فوق الأنقاض” رغم نجاحه في الحرب.

وفي شريط فيديو رسمي في مارس ، قال الأسد إن القتال من أجل الاقتصاد وعملته المتدهورة “لا يقل أهمية عن المعركة العسكرية”.

منذ السنوات الأولى للصراع ، شرع الأسد في سحق أعدائه بتصميم أحادي التفكير ردد الطريقة التي سحق بها والده حافظ الأسد المتمردين في أوائل الثمانينيات.

ولتبرير رده على الاحتجاجات المبكرة ، قارن نفسه بجراح يجري عملية جراحية. هل نقول له يداك ملطختان بالدماء؟ أم نشكره على إنقاذ المريض؟ سأل البرلمان السوري في عام 2012.

ثقة مطلقة

وأشاد أنصار الأسد بالجراح ، قائلين إنه أنقذ سوريا من الجهاديين الذين يتقاضون أجورًا أجنبية والذين يصرون على ذبح الأقليات الدينية وإرسال المسلحين لمهاجمة المدن في الخارج.

ينظر إليه خصومه على أنه ديكتاتور أحرق سوريا بدلاً من ترك السلطة تفلت من يديه ، وحطم مدنه بالبراميل المتفجرة وملأ سجونه بالخصوم.

غالبًا ما يقدم الأسد نفسه على أنه رجل متواضع من الشعب ، ويظهر في الأفلام وهو يقود سيارة عائلية متواضعة وفي الصور الفوتوغرافية مع زوجته وهي تزور قدامى المحاربين في منازلهم.

لكنه بدا دائمًا وكأنه يبعث على الثقة ، حتى عندما بدت الأمور أسوأ بالنسبة له ، في الأشهر التي سبقت انضمام روسيا إلى مجهوده الحربي في عام 2015 ، وعندما اعترف علنًا بأن عدم كفاية القوة البشرية يعني أنه لا يستطيع السيطرة على سوريا بأكملها.

إنها سمة يمكن التعرف عليها من قبل الدبلوماسيين العرب المخضرمين الذين قالوا قبل الحرب إن أسلوب الأسد “المتغطرس” أثار حفيظة الزعماء الأكبر سناً في دول الشرق الأوسط الأخرى.

واتهم ناشطون ودول غربية الأسد بالمسؤولية عن هجمات كيماوية مثل هجوم السارين في الغوطة عام 2013 الذي خنق المئات أثناء نومهم وقصف مستشفيات ومدارس وأسواق وقتل جماعي وتعذيب.

ونفى بشدة اتهامات بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات ، وقال في بعض الأحيان أن الأدلة ملفقة ، ويتساءل عما يمكن أن يكسبه من مثل هذا الشر.

قدمت تحقيقات الأمم المتحدة أدلة على أن القوات العسكرية والأمنية السورية غالبًا ما تضرب البنية التحتية المدنية ، وتستخدم أسلحة غير مشروعة وتعذب المعارضين وتقتلهم.

كانت الاتهامات بشن هجمات بالأسلحة الكيماوية هي التي جلبت ضربات جوية غربية محدودة ضد الأسد في عامي 2017 و 2018. لكن أعداءه الأجانب تجنبوا في الغالب القتال المباشر مع قواته.

إنه يتناقض مع الدور العسكري الحاسم الذي لعبه أصدقاؤه – روسيا وإيران وميليشيا حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران – من خلال التحالفات التي عقدها والده ، الذي أدى حكمه الذي استمر 30 عامًا إلى تحريك العديد من الديناميكيات التي حددت عهد ابنه.

ربيع دمشق

كان والده قد رعى ابنًا آخر ، باسل ، لخلافته. لكن عندما توفي باسل في حادث سيارة عام 1994 ، تحول بشار بين عشية وضحاها من طبيب عيون غامض في لندن إلى وريث واضح.

قال أيمن عبد النور الذي كان يعرفه في الجامعة “كان مثل أي شخص آخر: متواضع جدا ، لطيف جدا ، متواضع جدا لأنه لم يكن من المفترض أن يكون رئيسا”. “لذلك لم أكن أعرف ، ولم يعرف أحد ، أن هذا الرجل يمكن أن يصبح هذا الرجل.”

في البداية ، عندما أصبح الرئيس بعد وفاة والده في عام 2000 ، بدا أن الأسد يتبنى إصلاحات ليبرالية ، وهي فترة وصفت بأنها “ربيع دمشق”.

لقد فتح الاقتصاد الجامد الذي تديره الدولة أمام الشركات الخاصة ، وأطلق سراح مئات السجناء السياسيين ، وسمح لصالونات التحدث الحر ، وقدم مفاتحات لمنافسين قدامى في الغرب.

لكنها سرعان ما ساءت الأحوال.

وسجنت شرطته معارضين في غضون عام وساهمت الإصلاحات الاقتصادية فيما وصفه دبلوماسيون أمريكيون في برقية للسفارة في 2008 نشرها موقع ويكيليكس بأنها محسوبية وفساد “طفيلية”.

بينما كانت النخبة تتفاخر بثرواتها ، كان الفلاحون مدفوعين بالجفاف من القرى إلى الأحياء الفقيرة في المدينة حيث اشتعلت الثورة ضد الأسد في عام 2011. لقد تم نسيان إصلاحات والده العقارية التي كانت ذات يوم تؤمن ولائهم.

كانت ذروة مداعبة الأسد مع القادة الغربيين هي زيارة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عام 2001. بعد ذلك بعامين ، عندما أطاح الجنود الأمريكيون بتمثال صدام على دوار ببغداد ، خشي الأسد من أنهم خططوا لتكملة سورية.

وقالت واشنطن إنه فتح الحدود للجهاديين في محاولة لإيقاع الأمريكيين في العراق وجعل أي مغامرة جديدة مستحيلة. لكن الحرب الأهلية في العراق ولدت فرع القاعدة الذي تحول إلى تنظيم الدولة الإسلامية ، مما أضاف نيرانًا ودماء جديدة إلى الحرب على دولة الأسد.

————————-

صدامات بين النظام السوري وشبان في جرمانا بريف دمشق

أعلنت مصادر حقوقية سورية عن إصابة 15 شخصاً في صدامات بين قوة أمنية تابعة للنظام السوري ومجموعة من الشبان في بلدة جرمانا شرق العاصمة السورية، دمشق، صباح الأحد، لافتة إلى أن أسباب الصدامات لا تزل غير معروفة إلى آن.

يذكر أن منطقة جرمانا تضم خليط ديموغرافي من السوريين، حيث ينتمي عدد من الأهالي إلى الطائفة الدرزية، بالإضافة السنة والمسيحيين، إلى جانب وجود مخيم يضم اللاجئين الفلسطنيين.

وأشارت المصادر إلى أن الصدامات بدأت بشجار وتوتر بين الجانبين تطور في وقتٍ لاحق إلى مواجهات، تخللها إلقاء عناصر النظام السوري قنبلة يدوية على الشبان، ما أدى إلى إصابة عدد منهم، لافتةً إلى أن المنطقة شهدت الكثير من الشكاوى من قبل الأهالي ضد ممارسات عناصر النظام المنتشرين فيها.

في ذات السياق، أكدت المصادر أنه تم نقل المصابين إلى مستشفيات مدينة دمشق، وسط أنباء غير مؤكدة، تشير إلى اعتقال قوات النظام للعنصر، الذي قام بإلقاء القنبلة ضد تجمع الشبان.

يشار إلى أن الواقعة جاءت فيما تستعد سوريا لإجراء الانتخابات الرئيسية، التي تبدو محسومة لصالح رأس النظام، “بشار الأسد” وسط دعوات واسعة لمقاطعتها واعتبارها محاولة لمنح الشرعية للنظام السوري.

وكانت جرمانا قد خضعت إبان الثورة السورية إلى سيطرة النظام السوري ومجموعات من ما يسمى بـ “الدفاع الوطني”، الذي ينتمي عدد كبير من عناصره إلى المنطقة ذاتها.

————————–

حماس” ودمشق هل تحدث المصالحة؟

قَدَرُ دمشق – على ما يبدو – أن تعيش “التيه” بين مدارات الإسلام السياسي وتياراته المختلفة، بالتناقض والعداء تارة، وبالتحالف والصداقة تارة أخرى، وكأنّ العقل الشامي يتحدى مقولة “لا يُلدغ من جحر مرتين”، بل كأنّ اللدغات التي تصيبه لا تزيده إلا انجذاباً إلى مدار العقرب الذي بات يدمن العيش على دمائه وبين أنقاضه. وهكذا، فإن إلقاء التحية ابتداءً والردّ عليها بأحسن منها بين دمشق وحركة “حماس” الإسلامية، على هامش التصعيد الأخير في قطاع غزة، ما هو إلا تجديد لحالة التيه التي كُتب على عاصمة الأمويين أن تعيش في ظلها لأسباب كثيرة ومعقدة.

لم يصدر عن دمشق رسمياً ما يؤكد حدوث اختراق نوعي على صعيد علاقتها بحركة “حماس” التي وصلت إلى درجة القطيعة والعداء بعد أشهر قليلة من اندلاع الأزمة السورية عام 2011. لكن طلال ناجي، الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، سارع إلى نقل تحية الرئيس السوري بشار الأسد إلى “مقاومي “حماس” و”الجهاد” وكل الفصائل المقاومة في فلسطين”، وذلك في أعقاب لقاء جمع، يوم الخميس، الأسد مع وفد من قادة القوى والفصائل الفلسطينية. نقلُ التحية الذي التزمت دمشق الصمت إزاءه فلم تؤكده ولم تنفه، لاقى استجابة سريعة من قيادة “حماس” التي عبرت من خلال ممثلها في لبنان أسامة حمدان عن رغبتها برد التحية بأحسن منها. وقال حمدان إن “موقف الأسد الداعم للمقاومة ليس غريباً ولا مفاجئاً” وأضاف: “نحن نأمل أن تظل دمشق عاصمة للمقاومة وداعمة للحق الفلسطيني، ونحن نعتقد أن هذا الأمر لن يتغير وسيبقى دائماً”.

ولم يعد سرّاً أن قيادة حركة “حماس” ترغب في إصلاح علاقتها المتدهورة بسوريا، وتبذل منذ سنوات مساعيَ كبيرة من أجل إعادة المياه إلى مجاريها، وأن إيران و”حزب الله” يقومان بوساطات حثيثة من أجل لمّ شمل محور المقاومة وترميم جدرانه مما أصابها من تشققات وتصدعات جراء الحرب السورية وتداعياتها. ففي شهر حزيران/ يونيو تحدث محمود الزهار، أحد أبرز قادة حركة “حماس”، وعضو المكتب السياسي، عن ضرورة عودة علاقة الحركة بدمشق، وذهب إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي في “حماس”، إلى أبعد من ذلك عندما انقلب على مواقف الحركة السابقة الداعمة للثورة السورية، معتبراً أن هذه الثورة تجاوزت “الفتنة” ودخلت خانة تصفية الحسابات الدولية والإقليمية، الأمر الذي اعتبره مراقبون بمثابة تغزل “حماسيّ” تجاه نظام الحكم في سوريا. وفي مطلع العام الجاري، أشار السيد حسن نصر الله إلى أجواء إيجابية بين دمشق و”حماس” من دون أن يسرف في التفاؤل، إذ أكد أن العلاقة ببين “حماس” وسوريا يجب أن يُعاد ترتيبها، وهناك أجواء إيجابية وإن كان ذلك يحتاج إلى وقت.

واتخذت “حماس” خلال السنوات الماضية خطوات هامة على صعيد إعادة ترتيب علاقتها  بدمشق، قد يكون أهمها انتخاب قيادة جديدة عام 2017 مطيحة زعيمها السابق خالد مشعل الذي تعتبره دمشق مهندس الانقلاب في توجهات “حماس”، نتيجة تأثره بالتحالف مع قطر وتركيا من جهة، ولغلبة الدم الإخونجي عليه من جهة أخرى. وقد يكون مما له مغزى أن يحيى سنوار، قائد “حماس” في غزة، قد سارع بعد انتخاب القيادة الجديدة إلى التعبير عن استعداد الحركة لإعادة العلاقة بالحكومة السورية. كما بدأت “حماس” خلال الأشهر الماضية إصدار بيانات تدين فيها الغارات الإسرائيلية على سوريا، كان آخرها بيان صدر الشهر الماضي. علاوة على ذلك، حاولت “حماس” لأسباب عديدة أن تضع مسافة بينها وبين جماعة “الإخوان المسلمين”، من دون أن تتبرأ منها أو تتنصل من الارتباط بقيادتها الدولية، متوخّية أن يساعدها ذلك في تطبيع علاقاتها ببعض الدول العربية، وعلى رأسها مصر وسوريا.

وأكّد مصدر سوري لـ”النهار العربي” أن “من المبكر جداً الحديث عن انفراج حقيقي بين “حماس” ودمشق، لأن ترميم العلاقة يحتاج أولاً إلى إجراءات كثيرة لترميم حالة انعدام الثقة بين الطرفين، والأهم انتظار أن يندمل الجرح الغائر الذي أحدثته “حماس” في قلب كل سوري نتيجة مواقفها التي اقتربت كثيراً من حدود الخيانة”. وأضاف المصدر: “التحية التي أرسلها السيد الرئيس (بشار الأسد) للمقاومين من “حماس” و”الجهاد” لا ينبغي فهمها خارج سياق الموقف السوري المبدئي” ويتلخص هذا الموقف ـ بحسب المصدر ـ في أن “موقف سوريا من الموضوع موقف مبدئي، وقد عبّر عنه الأسد أكثر من مرة منذ عام 2016، أي قبل انتخاب قيادة جديدة لـ”حماس”، إذ أكد أننا نحترم كل مقاوم في “حماس” في وجه العدو الإسرائيلي وسنمدّ أيدينا دائماً إلى هؤلاء وإلى أي قيادة سياسية جديدة، أما القيادة الحالية فمقاليدها في أيدي الخارج”، في إشارة إلى خالد مشعل وقيادته السابقة. وبالتالي فإن توجيه التحية لمقاتلي “حماس” لا يخرج عن الإطار العام الذي يحكم الموقف السوري الذي يرى أن تأزم العلاقة كان بسبب القيادة السياسية القديمة وليس له علاقة بفعل المقاومة الذي يمارسه مقاتلو الحركة والذين يستحقون لأجله أن توجه لهم التحية.

واتخذ الرئيس السوري في السابق مواقف متشددة من قيادة مشعل، إذ اعتبر في حديث له أمام “ملتقى التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة” الذي عُقد في دمشق عام 2016 “أننا أخطأنا منذ البداية تحت التأثير التركي والتأثير الإعلامي حين حصرنا أولوية دعمنا للقضية الفلسطينية بحركة “حماس” وخالد مشعل”. وأضاف الأسد: “كنا نعلم أنهم امتداد للإخوان المسلمين السوريين الذين اشتبكنا وتصارعنا معهم طويلاً، ولكن ومن منطق وطني فصلنا ما بينهم وما بين الإخوان، وتعاملنا معهم على أنهم مقاومون فلسطينيون أصحاب قضية”.

وسادت في منتصف عام 2019 أنباء عن عودة العلاقات بين “حماس” ودمشق، غير أن الأخيرة سارعت إلى نفي هذه الأنباء من خلال تصريح أدلى به مصدر رسمي لوكالة “سانا” السورية. وقال المصدر إن “موقف سوريا مبدئي، بُني في السابق على أن “حماس” حركة مقاومة ضد إسرائيل، إلا أنه تبيّن لاحقاً أن “الدم الإخواني” هو الغالب لدى هذه الحركة عندما دعمت الارهابيين في سوريا وسارت في المخطط ذاته الذي أرادته إسرائيل”، وكانت هذه أول مرة يتحدث فيها مصدر سوري عن تقاطع أهداف بين إسرائيل و”حماس” في سوريا، الأمر الذي اعتبره مراقبون بمثابة نعوة سورية للحركة، وأن إعادة إحياء العلاقات أصبح أقرب إلى المستحيل.

وفي دلالة على وجود انقسام ضمن حركة “حماس” بخصوص الموقف من دمشق، خرج  مشعل الذي يتولى منصب رئيس المكتب السياسي للحركة في الخارج لينفي في خضم التصعيد العسكري الأخير في قطاع غزة، وجود أي علاقات بنظام الأسد في سوريا. وأكد عدم وجود اتصالات مع نظام الأسد مضيفاً: “في الوقت الحاضر لا اتصالات مع دمشق”. واعتُبرت هذه التصريحات بمثابة محاولة من مشعل لقطع الطريق على أي وساطة إيرانية أو من “حزب الله” لترميم العلاقة بين “حماس” ودمشق. في المقابل، هناك جناح آخر ضمن “حماس” يقوده إسماعيل هنية يتبنى ضرورة التصالح مع سوريا، ويراها حاجة ملحّة لضمان مستقبل الحركة.

ويرى مراقبون أن عودة العلاقة بين “حماس” ودمشق باتت مسألة وقت فقط، وأن ثمة توافقاً خفياً بين قيادات الطرفين على ضرورة ذلك، نظراً الى ما تمثله المصالحة من حاجة ملحة لكلا الطرفين، بخاصة أن دمشق باتت تجد نفسها معزولة عن القضية الفلسطينية بعد إبرام اتفاقات التطبيع بين تل أبيب وعدد من الدول العربية. ويضيف المراقبون أن مسار المصالحة يحتاج إلى إخراج جيد، وبخاصة بعد اتهامات التخوين التي تبادلها الطرفان ووقوف كل طرف منهما على خط التماس المقابل للطرف الآخر في ساحات القتال المختلفة في سوريا، لا سيما في الغوطة ومخيم اليرموك، حيث كان لحركة “حماس” دور عسكري بارز ضد النظام السوري. وبالتالي فإن إتمام الوساطة والوصول إلى نقطة المصالحة ينتظر اندمال الجرح الذي عمّقته تصرفات حركة “حماس” ولعبت عليه الدعاية السياسية للإعلام السوري.

وكان بعض المراقبين يعتقد أن دمشق ستنتظر انتخاب قيادة جديدة لـ”حماس” قبل أن تتخذ قرارها النهائي بالمصالحة، فإذا فاز جناح هنية تسارع إلى إقرارها، أما إذا فاز جناح مشعل فتعود العلاقة إلى نقطة الصفر. غير أن نتيجة الانتخابات التي حدثت في شهر آذار (مارس) الماضي أظهرت استمرار التوازن بين الجناحين وعدم تحقيق أي منهما فوزاً ساحقاً على منافسه، ومن شأن ذلك أن يزيد من الغموض حول موقف دمشق ويجعل اتخاذ قرار نهائي بالمصالحة أمراً صعباً للغاية، لا سيما في ظل اختيار خالد مشعل رئيساً للمكتب السياسي للحركة في الخارج، فهل ستقبل دمشق إعادة تلميع مشعل وتغليب “المنطق الوطني” على “الدم الإخواني” من أجل إبرام المصالحة، أم ثمة خيارات أخرى أمام دمشق ستتكفل الأيام المقبلة بالكشف عنها؟

 النهار العربي

 ——————————

بعد أن أدلى بصوته في انتخابات الرئاسة

الأسد ردا على الانتقادات الغربية: “قيمة آرائكم هي صفر”

دوما (سوريا): ندّد الرئيس السوري بشار الأسد الأربعاء، بعد إدلائه بصوته في مدينة دوما قرب دمشق، بالانتقادات الغربية الأخيرة المشكّكة في نزاهة الانتخابات الرئاسية التي تشهدها بلاده، معتبراً أن قيمتها “صفر”.

وكان وزراء خارجية الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا اعتبروا في بيان مشترك الثلاثاء أن الانتخابات الرئاسية “لن تكون حرة ولا نزيهة”. وحضوا المجتمع الدولي على أن “يرفض من دون لبس هذه المحاولة من نظام الأسد ليكتسب مجدداً الشرعية”.

أدلى الأسد ترافقه زوجته أسماء قبل ظهر الأربعاء بصوتيهما في مدينة دوما، التي كانت تعد من أبرز معاقل الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية قرب دمشق، قبل طردها منها ربيع العام 2018.

وعلى وقع هتافات تأييد من المحيطين به أبرزها “بالروح بالدم نفديك يا بشار”، انتقد الأسد في تصريحات لصحافيين المواقف الصادرة مؤخراً “من دول غربية معظمها ذات تاريخ استعماري … تعلّق على الانتخابات وتعطي تقييماً لها وتحدد شرعيتها وعدم شرعيتها”.

وقال “طبعاً نحن كدولة لا نقبل أبداً بمثل هذه التصرّفات، لكن الأهم مما تقوله الدولة أو تصمت عنه، هو ما يقوله الشعب”، مضيفاً “أعتقد أن الحراك الذي رأيناه خلال الأسابيع الماضية كان الرد الكافي والواضح وهو يقول لهم: قيمة آرائكم هي صفر وقيمتكم عشرة أصفار”.

ندد وزراء الخارجية الغربيين في بيانهم بقرار “نظام الأسد إجراء انتخابات خارج الاطار الوارد في قرار مجلس الامن الدولي الرقم 2254”. واعتبروا أنّه “بموجب القرار، ينبغي إجراء انتخابات حرة ونزيهة بإشراف الأمم المتحدة عبر احترام أعلى المعايير الدولية على صعيد الشفافية”.

وأكدوا أنه “لتكون الانتخابات ذات صدقية، يجب أن تكون مفتوحة لجميع السوريين”، بمن فيهم النازحون داخل البلاد واللاجئون خارجها والمغتربون، منبهين الى أنه “من دون توافر هذه العناصر، فإن هذه الانتخابات المزورة لا تمثل أي تقدم نحو حل سياسي”.

وشارك عشرات آلاف السوريين الخميس الماضي في عملية الاقتراع في سفارات بلادهم وقنصلياتها في اليوم المخصص للمقيمين خارج سوريا، ممن يحملون جوازات سفر سارية وتركوا البلاد بطريقة شرعية، وهو ما لا يسري على ملايين اللاجئين الذين فروا من البلاد.

وشدّد الأسد، الذي يستعد للفوز بولاية رئاسية رابعة من سبع سنوات، الأربعاء على أنّ “المواطن السوري حر” وقراره بيده “وليس بيدّ أي جهة أخرى”.

فتحت مراكز الاقتراع أبوابها، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، عند السابعة صباحاً (04,00 ت غ). وعرض التلفزيون السوري مشاهد تظهر صفوفا طويلة من الناخبين تتشكل أمامها في عدد من المناطق.

اتّخذ الأسد (55 عاماً) عبارة “الأمل بالعمل” شعاراً لحملته الانتخابية، في محاولة لتسليط الضوء على دوره المقبل في مرحلة إعادة الإعمار، بعد عقدين أمضاهما في سدّة الرئاسة، نصفهما خلال النزاع المدمر الذي أودى بحياة أكثر من 388 ألف شخص وشرّد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

————————

الثانية منذ اندلاع النزاع المدمر

السوريون يشاركون في انتخابات رئاسية في مناطق سيطرة الحكومة

دمشق: فتحت مراكز الاقتراع أبوابها في مناطق سيطرة القوات الحكومية في سوريا الأربعاء لانتخابات رئاسية هي الثانية منذ اندلاع النزاع المدمر قبل أكثر من عقد من الزمن من شأنها أن تمنح الرئيس بشار الأسد ولاية رابعة لمدة سبع سنوات إضافية.

وفي بلد أنهك النزاع بناه التحتية واقتصاده، وأودى بحياة أكثر من 388 ألف نسمة وشرد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها، شككت قوى غربية عدّة بنزاهة الانتخابات حتى قبل حصولها، واعتبرها معارضو الأسد “شكلية”.

وأعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن مراكز الاقتراع فتحت أبوابها عند الساعة 07,00 (04,00 ت غ) بينما عرض التلفزيون السوري لقطات لصفوف طويلة من الناخبين تتشكل أمامها في عدد من مناطق البلاد.

وسيستمر التصويت حتى الساعة 19,00 (16,00 ت غ) على أن تصدر النتائج خلال 48 ساعة من إغلاق صناديق الاقتراع.

واتّخذ الأسد (55 عاماً) عبارة “الأمل بالعمل” شعاراً لحملته الانتخابية، في محاولة لتسليط الضوء على دوره المقبل في مرحلة إعادة الإعمار، بعد عقدين أمضاهما في سدّة الرئاسة.

إلى جانب الأسد، يخوض مرشّحان السباق الرئاسي هما وزير الدولة السابق عبد الله سلوم عبد الله (2016-2020) وكان نائبا لمرتين والمحامي محمود مرعي، من معارضة الداخل المقبولة من النظام، وسبق أن شارك بين ممثليها في إحدى جولات المفاوضات برعاية الأمم المتحدة في جنيف، والتي اتسمت بالفشل.

وخلال مؤتمر صحافي سبق الانتخابات، قال وزير الداخلية محمّد خالد رحمون الثلاثاء إن عدد من يحق له الانتخاب في كامل المناطق السورية وخارجها يتخطى 18 مليون شخص.

لكن الانتخابات ستجري الأربعاء في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة والمقدرة بأقل من ثلثي مساحة البلاد، ويقطن فيها حوالى 11 مليون شخص. ويبلغ عدد المراكز الانتخابية، وفق الداخلية، أكثر من 12 ألفاً، ويحق للناخب أن يُدلي بصوته في أي مركز، على اعتبار أن “سوريا دائرة انتخابية واحدة”.

وستغيب الانتخابات عن مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا، كما عن مناطق تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل موالية لأنقرة في شمال وشمال غرب البلاد.

وأعلن مجلس سوريا الديموقراطية الجناح السياسي لقوات سوريا الديموقراطية في مناطق سيطرة الأكراد، أنه “غير معني” بالانتخابات. ووصف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، والمدعوم من تركيا ومقره اسطنبول، الانتخابات بـ”المسرحية”.

والخميس، شارك عشرات آلاف السوريين في عملية الاقتراع في سفارات بلادهم وقنصلياتها في اليوم المخصص للمقيمين خارج سوريا، ممن يحملون جوازات سفر سارية وتركوا البلاد بطريقة شرعية، وهو ما لا يسري على ملايين اللاجئين الذين فروا من البلاد.

في دمشق، غزت صور للأسد الشوارع، وبكثافة أقل صور للمرشحين الآخرين.

ولم يجر الأسد أي مقابلة صحافية خلال الحملة الانتخابية، ولم يشارك في أي فعالية ولم يتوجه بأي خطاب الى السوريين. لكنه أصدر في الآونة الأخيرة سلسلة قرارات وقوانين في محاولة لتحسين الوضع المعيشي والخدمي، وأصدر عفواً رئاسياً شمل الآلاف من مرتبكي الجرائم المختلفة.

ويحلّ الاستحقاق الانتخابي فيما تشهد سوريا أزمة اقتصادية خانقة خلّفتها سنوات الحرب، وفاقمتها العقوبات الغربية، فضلاً عن الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور حيث يودع رجال أعمال سوريون كثر، أموالهم.

وعلى وقع النزاع، شهدت الليرة تدهوراً غير مسبوق في سعر صرفها في مقابل الدولار. وبات أكثر من ثمانين في المئة من السوريين يعيشون، وفق الأمم المتحدة، تحت خطّ الفقر.

وبعدما ضعفت في بداية النزاع وخسرت مناطق كثيرة، استعادت القوات الحكومية بدعم عسكري مباشر من حليفتيها إيران وروسيا مساحات واسعة. ورغم توقف المعارك إلى حد كبير، لا تزال مناطق غنية، تضم سهولاً زراعية وآبار نفط وغاز، خارج سيطرتها.

ويعمل الأسد ومن خلفه حلفاؤه، وفق محللين، على جذب “مانحين محتملين” لتمويل عملية إعادة الإعمار.

وفي 2014، حين كانت المعارك في أوجها، فاز الأسد بـ88 في المئة من الأصوات في انتخابات وصفتها دول غربية ومعارضون بأنها “فاقدة للمصداقية”، وكانت تُعد نظرياً الانتخابات التعددية الاولى في سوريا منذ نصف قرن، تاريخ وصول حزب البعث الى الحكم.

وقد تعاقب على رأس السلطة في سوريا منذ مطلع السبعينات الرئيس حافظ الاسد ومن بعده نجله بشار عبر استفتاءات شعبية كانت نسبة التأييد فيها تتجاوز 97 في المئة.

ويرى دبلوماسي أوروبي متابع للشأن السوري أنّ الأسد حالياً “يراهن على أن يكون الثابت الوحيد في بلد مدمر”.

———————-

قبل وبعد الانتخابات.. بشار الأسد عاجز أمام 13 تحدياً مصيرياً/ ثائر المحمد

على أرض تتقاسم خمسة جيوش غير سورية مساحتها، وتعج بالميليشيات الأجنبية، يبدأ نظام الأسد اليوم الأربعاء “انتخابات الرئاسة السورية”، التي لا يشارك فيها نصف أفراد الشعب السوري المهجرين خارج البلاد، وعشرات آلاف المغيبين والمعتقلين، ونحو نصف مليون شخص كان مصيرهم الموت على يد الشخص ذاته الذي يتربع اليوم على رأس قائمة المرشحين للرئاسة، وإن صح القول؛ المرشح الوحيد أمام عدد من “الكومبارس”.

يجاهر النظام بوقاحة ويبدأ “الانتخابات”، في وقت تسيطر فيه روسيا وإيران على المساحة الأكبر من الجغرافيا السورية، ويسيطر التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، و”قوات سوريا الديمقراطية” على 25 في المئة من مساحة سوريا، لتبقى 10 في المئة من نصيب الجيش التركي والفصائل العسكرية (الجيش الوطني السوري – هيئة تحرير الشام).

يستعرض موقع تلفزيون سوريا في هذا التقرير جملة من الاستحقاقات التي تواجه وستواجه النظام قبل وبعد الانتخابات، منها يتعلق بالجانب الاقتصادي المحلي، وأخرى بالرفض الدولي والأممي للانتخابات، يضاف إلى ذلك العزلة الإقليمية، علاوة عن الاستحقاق الأهم، المتمثل بأن بشار الأسد مجرم حرب، ومتسبب في قتل واعتقال مئات الآلاف، وتهجير الملايين.

1 – رفض دولي للانتخابات

ترفض معظم الدول المؤثرة في الملف السوري، والتي تستقبل ملايين اللاجئين السوريين، الاعتراف بالانتخابات الرئاسية التي يقيمها نظام الأسد، وتعتبرها غير شرعية ومخالفة للمقرات الدولية.

ومنعت عدة دول مثل تركيا وألمانيا، نظام الأسد من إجراء عملية الانتخابات الرئاسية في سفارتيه بكلتا البلدين، في حين قطع محتجون لبنانيون الطريق على سوريين موالين لنظام الأسد، أثناء محاولتهم التوجه إلى سفارة النظام للانتخاب.

وأعلنت “سفارة النظام” في برلين، عن عدم سماح السلطات الألمانية “إقامة” الانتخابات داخل السفارة، بينما أوضحت وسائل إعلام ألمانية أن الحكومة اتخذت قرارها استناداً إلى القانون الدولي، حيث تنص اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية على أنه “يحق للدولة المضيفة رفض السماح لدولة أخرى إجراء انتخابات في سفاراتها وقنصلياتها الواقعة على أراضيها”.

ووصفت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، آنييس فون دير مول، “الانتخابات الرئاسية” السورية بأنها “باطلة ولا شرعية لها، لأنها تفتقر للمعاير اللازمة، ولا تسمح بالخروج من الأزمة”، وأكدت أن هذه الانتخابات “لا تستوفي الشروط وتفتقر للمعايير”.

وفي نيسان الماضي أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن الانتخابات التي يعتزم نظام الأسد إقامتها ليست جزءاً من العملية السياسية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2254.

وتؤكد الولايات المتحدة أيضاً، أن الانتخابات هذه غير نزيهة ولا حرة ولا تمثل الشعب السوري، وبحسب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، فإن الانتخابات الشرعية، هي التي تجري وفقاً للقرار رقم 2254، وتحت إشراف الأمم المتحدة.

وكذلك أكدت تركيا، أن الانتخابات المزمع إقامتها من قبل نظام الأسد في سوريا، لا شرعية لها، بينما أشار الاتحاد الأوروبي إلى أن تلك الانتخابات لا تؤدي إلى أي تطبيع دولي مع النظام، كما أنها لا تفي بالمعايير الدولية ولا تسهم في تسوية الصراع.

2 – رفض محلي للانتخابات

تنطلق دعوات في محافظتي درعا والسويداء جنوبي سوريا، إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، ويتم ذلك عبر حملات ينظمها ناشطون، كان منها حملة “لا تترشح يا مشرشح”، إضافة للعبارات اليومية التي يخطها شبان المحافظتين على الجدران تعبيراً منهم عن رفض الانتخابات.

بالتزامن مع ذلك، ينظم الأهالي في شمال غربي سوريا مظاهرات ووقفات احتجاجية شبه يومية، للتأكيد على عدم شرعية الانتخابات المزمعة، وللإشارة إلى حجم الجرائم التي ارتكبها رئيس النظام، بشار الأسد، وداعميه بحق السوريين.

ويعتبر الائتلاف الوطني السوري أن “مسرحية الانتخابات” لا قيمة قانونية ولا سياسية ولا شرعية لها، بينما تؤكد الحكومة السورية المؤقتة، أنه لا يمكن اعتبار ما سيجري انتخابات، لا بالمعنى القانوني ولا السياسي، “بل مهزلة”.

وبالعودة إلى الحراك في الجنوب السوري، يوضح الناطق باسم “تجمع أحرار حوران”، أبو محمود الحوراني، أن محافظة درعا شهدت عدة نشاطات ضد الانتخابات، منها كان عبر ملصقات ورقية، انتشرت على واجهات المحال التجارية، والجدران، تتضمن عبارات تدعو إلى مقاطعة الانتخابات.

وقال “الحوراني” لموقع تلفزيون سوريا، إن ظاهرة كتابة العبارات على الجدران تكررت مؤخراً في درعا، تحت حملة أطلقها ناشطون في المحافظة حملت اسم “لا تنتخبوا الطاغية”.

وخرجت عدة مظاهرات في بلدات ريف درعا، مثل جاسم ونوى، طالبت بإسقاط النظام، والإفراج عن المعتقلين، ودعت إلى عدم انتخابات “من قتل السوريين، وارتكب المجازر بحقهم”.

ويرجح “الحوراني” أن لا تتم عملية الانتخابات في أرياف محافظة درعا، واقتصار ذلك على مراكز المدن التي يسيطر عليها النظام، ويحكم قبضته الأمنية عليها، مثل درعا المحطة، وإزرع والصنمين.

وأصدر المئات من أبناء محافظة السويداء، بياناً قالوا فيه: “نعلن رفضنا القاطع لتلك المهزلة المسماة انتخابات رئاسية التي يجري العمل عليها بسوريا، ويراد منها تسويق بشار الأسد ونظامه الذي ارتكب على مدى سنوات جرائم حرب بحق الشعب السوري، واستقدم عدة احتلالات للبلاد لتثبيت كرسي حكمه على أكوام الجماجم والدمار”.

وجاء في البيان: “نعلن للشعب السوري ولكل المدافعين عن قيم الحرية والعدالة وللعالم أجمع أن بشار الأسد الذي استولى على السلطة بطريقة غير شرعية من خلال السطو على الدستور مكانه المحاكم وليس الحكم، ونؤكد على أن ما يجري بمحافظة السويداء من مظاهر احتفالية غير لائقة بتاريخ المحافظة وتضحياتها وكرامة أبنائها لأجل دعم بشار الأسد، لا تعبر عن حقيقة المحافظة التي شرد نظام الأسد أبناءها في أنحاء المعمورة وأفقر أسرها واعتدى على كرامات حرائرها وأحرارها”.

وأكد الكاتب المنحدر من محافظة السويداء، حافظ قرقوط، وجود رفض شعبي واسع في السويداء للانتخابات، لكن الأهالي غير قادرين على التعبير عن آرائهم بشكل مباشر بسبب الضغط الأمني المفروض عليهم.

وأشار “قرقوط” في حديث لموقع تلفزيون سوريا، إلى أن كل القوى والأحزاب الوطنية المعارضة في السويداء، عبرت عن رفضها للانتخابات، ويضيف أن النظام فشل سياسياً واقتصادياً وإعلامياً بإقناع الناس بالانتخابات.

وكذلك نشر “المجلس الإسلامي السوري”، وثيقة بعنوان “عهد الوفاء والثبات على رفض مهزلة الانتخابات”، وقّعت عليها عشرات الكيانات والأشخاص، ومجموعة من القوى السياسية والعسكرية والمجالس المحلية ومراكز الدراسات والأبحاث ومنظمات ومؤسسات المجتمع المدني وهيئات شرعية، حيث أكدوا فيها رفض انتخابات نظام الأسد الرئاسية، معتبرين أنها “تهدف إلى تبرير استمرار الطاغية في السلطة، تحت غطاء من شرعية انتخابية كاذبة”.

    #شاهد

| #وثيقة ((عهد الوفاء والثبات على رفض مهزلة الانتخابات)) الصادرة عن عدد من القوى السياسية والمجالس المحلية والقوى العسكرية والهيئات الشرعية ومراكز الدراسات والأبحاث ومنظمات ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية وذلك برعاية #المجلس_الإسلامي_السوريhttps://t.co/5MRS78oQk5

    — المجلس الإسلامي (@syrian_ic) May 20, 2021

3 – عجز اقتصادي

منذ منتصف عام 2020 بدأت أزمة اقتصادية داخل المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد، ووصفت بأنها الأسوأ على الإطلاق منذ عام 2011، وشملت تلك الأزمة مختلف مجالات الحياة، وكان من أبرز علاماتها انهيار قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأميركي إلى مستويات تاريخية، لتتجاوز قيمتها في بعض الأحيان 3500 ليرة مقابل الدولار الواحد.

وتدهور الاقتصاد في مناطق سيطرة النظام، بعد أن شحت المحروقات والغاز والكهرباء، وعانى النظام من أزمة في استيراد النفط، كما أن “المعارك الداخلية” بين النظام، ورجل الأعمال السوري، رامي مخلوف، أدت بدورها إلى مزيد من التراجع للاقتصاد.

بالنظر إلى بعض الأرقام؛ يبلغ راتب الموظف الحكومي لدى مؤسسات نظام الأسد 60 ألف ليرة سورية (نحو 20 دولارا فقط)، ويؤكد الباحث الاقتصادي في مركز “جسور” للدراسات، خالد تركاوي، أن هذا المبلغ يكفي الأسرة ثلاثة أيام فقط، أو أسبوعاً إن كان هناك معيلان للأسرة الواحدة.

وأشار “تركاوي” في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، إلى مقارنات تخص الاقتصاد السوري في عام 2010، والاقتصاد في عام 2020، حيث كان الناتج المحلي الإجمالي قبل نحو 10 سنوات 60 مليار دولار، ليصبح 16 مليار دولار، وبينما كان الدولار الأميركي يساوي 50 ليرة سورية في 2010، أصبح يساوي 3000 ليرة، كما انخفضت الصادرات من 8 مليارات دولار إلى 500 مليون، والواردات من 17 مليارا، إلى 5 مليارات دولار، كما ارتفعت نسبة البطالة من 15 في المئة، إلى 60 في المئة عام 2020، وأصبحت نسبة الفقر 85 في المئة، بعدما كانت 30 في المئة عام 2010.

الأرقام غير الرسمية، توضح أن حجم خسائر الاقتصاد السوري يبلغ 442 مليار دولار خلال 10 سنوات، وتبلغ خسائر قطاع النفط 91.5 مليار دولار، فيما ارتفعت أسعار المواد الغذائية 33 مرة، وتوقفت 70 في المئة من محطات الكهرباء وخطوط الوقود عن العمل.

ويعني ذلك أن المعاناة المعيشية للسكان في مناطق سيطرة النظام، ستستمر، وربما تتفاقم بعد إجراء الانتخابات، ويمكن القول إن الأزمة الاقتصادية من أبرز الاستحقاقات التي واجهت النظام قبل الانتخابات، وستواجهه بعدها أيضاً، كونها أسهمت في إحداث غضب سكاني في عدة مناطق، كمحافظة السويداء، التي شهدت مظاهرات نتيجة تردي الوضع المعيشي.

وفي الوقت الذي سلط النظام أضواء إعلامه كاملة على حلقات الدبكة ومهرجانات الانتخابات، يغادر السوريون يومياً مناطق سيطرته إلى مناطق سيطرة المعارضة ومنها إلى تركيا، وكذلك باتت مرافئ طرطوس واللاذقية وسواحل لبنان، منطلقاً للسوريين الهاربين من جحيم “سوريا الأسد”، بدل أن تكون منطلقاً للمنتجات التصديرية المفقودة ما دام المازوت مفقوداً.

4 – انتخابات غير شرعية مرشحها مجرم حرب

صدر تقرير عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان في نيسان الماضي، جاء فيه أن الانتخابات الرئاسية التي يعتزم النظام القيام بها منفرداً غير شرعية وتنسف العملية السياسية، وتجري بقوة الأجهزة الأمنية، وأكد أن رئيس النظام، بشار الأسد – وهو أحد المرشحين للرئاسة – متهم بارتكاب العديد من الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، ويجب محاسبته.

مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، قال لموقع تلفزيون سوريا، إن إعلان النظام عقد انتخابات رئاسية، يعتبر انتهاكاً لقرار مجلس الأمن رقم 2118، وبيان جنيف، إضافة لقرار مجلس الأمن 2254، الذي وضع فيه مساراً تسلسلياً واضحاً لعملية الانتقال السياسي.

وسرد “عبد الغني” عدة أسباب تؤكد عدم شرعية هذه الانتخابات، وأنها غير ملزمة للشعب السوري، وفي مقدمتها، أن الانتخابات جرت وتجري وفقاً لدستور 2012، الذي يعد فاقداً للشرعية، كونه اعتُمِدَ بشكل انفرادي وإقصائي من السلطة الحاكمة لكل المعارضين الفعليين للنظام، ولكونه جرى الاستفتاء عليه في ظل ارتكاب النظام جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، كما أن دستور النظام الأمني لعام 2012 مصمم لفوز بشار الأسد حصراً في جميع الانتخابات الرئاسية القادمة، ولا يمكن لأي أحد هزيمته.

 ومن الأسباب الأخرى، انعدام التأثير الفعلي للسلطة القضائية، فالنظام السوري متجسد في شخص بشار الأسد يسيطر على مجلس القضاء الأعلى، والمحكمة الدستورية العليا، يضاف إلى ذلك سيطرة السلطة التنفيذية متجسدة في شخص بشار الأسد، على السلطة التشريعية لصالح حزب واحد يرشح شخصاً واحداً للانتخابات الرئاسية هو بشار.

5 – نظام الأسد لا يسيطر على كامل الأراضي السورية

يسيطر نظام الأسد على 63.38 بالمئة من مساحة الأراضي السورية، بينما تسيطر “قوات سوريا الديمقراطية” على 25.64 في المئة، فيما تسيطر فصائل المعارضة السورية على 10.98 في المئة، بحسب مركز “جسور” للدراسات.

بالرغم من سيطرة النظام على النسبة الأكبر من مساحة سوريا، لكنه لا يعتبر الحاكم الفعلي لها، فالسيطرة الفعلية في تلك المناطق، لروسيا بالدرجة الأولى، ثم إيران.

ويقدر عدد السكان في مناطق سيطرة النظام بنحو 9 ملايين و400 ألف نسمة، بينما يوجد في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” 3 ملايين، و50 ألف نسمة، وفي مناطق سيطرة المعارضة 4 ملايين، و25 ألف نسمة، في حين قدّر مركز “جسور” عدد السوريين في الخارج بـ 8 ملايين و845 ألف نسمة.

ونشر مركز “السياسات وبحوث العمليات OPC”، دراسة استقصائية، أكد أن الغالبية العظمى من المشاركين فيها (في دمشق وريفها) أنهم يرغبون في الهجرة من سوريا، حيث شكّلت نسبة الراغبين بالخروج 63 في المئة، بينما الذين لا يملكون الدافع نحو الهجرة فكانت نسبتهم 36.5 في المئة.

ويفكر هؤلاء الأشخاص بالهجرة، هرباً من الظروف المعيشية الصعبة داخل سوريا، إضافة إلى تدهور الاقتصاد السوري، وتزايد الصراعات الداخلية في دائرة داعمي نظام الأسد، والأزمة المالية والأمنية في لبنان، وانتشار فيروس “كورونا”، وتسارع وتيرة العقوبات الاقتصادية على النظام.

وينسف ذلك رواية النظام، عن رغبة اللاجئين السوريين بالعودة إلى سوريا، وعن رغبة السكان القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرته، بانتخاب بشار الأسد، وعلى العكس، تشير هذه الأرقام إلى الاستحقاق الصعب الذي ينتظر النظام، في حال استمرت الأزمات المعيشية والاقتصادية بالتفاقم في مناطق سيطرته.

6 – سوريا مسرح عمليات لعدة جيوش دولية

تتوزع جيوش عدة قوى خارجية على 477 موقعاً ونقطة عسكرية داخل الأراضي السورية، في مقدمتها الميليشيات الإيرانية، ثم ميليشيا حزب الله اللبناني، ثم الجيش التركي، ويليه الجيش الروسي، والتحالف الدولي والجيش الأميركي، وفق دراسة

صادرة عن مركز “جسور” في مطلع العام الجاري.

ولإيران 131 موقعاً عسكرياً في سوريا ضمن 10 محافظات، 38 منها في درعا، و27 في دمشق وريفها، و15 في حلب، و13 في دير الزور، و12 في حمص، و6 في حماة، و6 في اللاذقية، و5 في السويداء، و5 في القنيطرة، و4 في إدلب.

وتنتشر ميليشيا حزب الله اللبناني في سوريا عبر 116 موقعاً عسكرياً، ضمن 9 محافظات، 38 منها في حلب، و13 في إدلب، و11 في حمص، و12 في دمشق وريفها، و21 في درعا، و7 في دير الزور، و7 في القنيطرة، و3 في السويداء، و4 في حماة.

بينما ينتشر الجيش التركي ضمن 6 محافظات سورية، عبر 113 موقعاً عسكرياً، 55 في حلب، و43 في إدلب، و9 في الرقة، و4 في الحسكة و2 في اللاذقية.

وتتوزع القوات الروسية في سوريا، على 83 موقعاً عسكرياً، 23 منها في حماة، و11 في الحسكة، و10 في حلب، و7 في دير الزور، و6 في الرقة، و5 في السويداء، و5 في إدلب، و5 في حمص، و4 في دمشق، و3 في اللاذقية، و2 في القنيطرة، و1 في طرطوس.

في حين تتوزع قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، على 33 موقعاً عسكرياً، 19 في الحسكة، و10 في دير الزور، و2 في الرقة، و2 في ريف دمشق.

7 – فشل النظام بالعودة إلى الجامعة العربية

لم تنجح الجهود الروسية في إعادة نظام الأسد لشغل مقعد سوريا في جامعة الدول العربية، وهو ما يعتبر عائقاً أمام النظام في إعادة تأهيل نفسه على المستوى الإقليمي.

وتدعو عدة دول إلى عودة النظام إلى الجامعة العربية، وفي مقدمتها الإمارات، لكن الجامعة تؤكد عدم وجود إجماع لدى الدول الأعضاء على ذلك، وأكد مسؤولوها في وقت سابق، أنه من المبكر الحديث عن عودة النظام إلى الجامعة.

بالمقابل، أبدت دول أخرى مواقف واضحة من هذه المسألة، ومنها قطر، إذ أكد وزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في آذار الماضي، أن أسباب تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية ما زالت قائمة.

وسبق أن قال ليونيد سلوتسكي، رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي إن روسيا تبذل جهوداً كبيرة لإعادة نظام الأسد إلى جامعة الدول العربية، في حين أكد الائتلاف الوطني السوري المعارض، أن “عودة سوريا إلى محيطها العربي يبدأ بمحاسبة النظام المجرم وتنفيذ القرارات الدولية”.

8 – ضغوط مالية على حلفاء النظام

يعاني حلفاء النظام في سوريا (روسيا وإيران) من ضغط مالي، نتيجة الإنفاق الكبير على العمليات العسكرية في البلاد، دون تحصيل مكاسب كبيرة، مثل السيطرة على حقول النفط، أو الاستفادة من عملية إعادة الإعمار، كونها مرفوضة من المجتمع الدولي ما لم ينخرط النظام في عملية سياسية تحت رعاية الأمم المتحدة.

وتعكس تصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في آذار الماضي، حجم الضغط الملقى على عاتق روسيا، بسبب الفشل في تعويم النظام وتحقيق مكاسب حقيقية، حيث قال إن “النزاع في سوريا يبدو في وضع مجمد واستمراره على هذا النحو يهدد بانهيار الدولة السورية”.

السفير الروسي لدى نظام الأسد، ألكسندر يفيموف، كذلك أكد في شباط الماضي، أن “سوريا تعيش حالياً أصعب وضع اجتماعي واقتصادي منذ بداية الصراع في البلاد”.

ولفت إلى أن عواقب الحرب تظهر أكثر فأكثر كل عام، وأن الاستنزاف العام للاقتصاد السوري واضح.

واعتبر أن مسألة تخصيص الأموال للدعم ليست سهلة للغاية، كما أكد أن روسيا نفسها “تعاني اليوم تحت تأثير العقوبات، وتعاني من ركود اقتصادي بسبب الجائحة”.

وأما إيران، تعاني هي الأخرى من عقوبات اقتصادية، وركود اقتصادي بسبب تفشي فيروس كورونا، وهو ما يمكن أن يقوض حجم الدعم الإيراني المقدم لنظام الأسد، وحلفائها في الشرق الأوسط، والذي يقدر بـ 16 مليار دولار سنوياً، تُنفق في سوريا والعراق واليمن، إضافة لـ 700 مليون دولار، تُخصص لميليشيا حزب الله اللبناني سنوياً.

وبعد أن اعتمد الأسد على القمح الروسي والنفط الإيراني، ظهرت الأزمة الأخيرة الأكبر لتأكد أنه فقد كلا المادتين، ليصطف السوريون طوابير تكاد لا تنتهي للحصول على الفتات الذي تركه الأسد لهم.

9 – سيطرة محدودة على المعابر والحدود

نشر “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” دراسة في شهر شباط الماضي، للباحث، فابريس بالونش، بعنوان “فشل نظام الأسد في استعادة السيادة الكاملة على الأراضي السورية”.

ركز الباحث في دراسته على نسبة سيطرة نظام الأسد على الحدود مع بقية الدول، والتي لم تتجاوز سوى 15 في المئة فقط من الحدود البرية الدولية لسوريا.

وأكدت الدراسة أن حزب الله اللبناني يسيطر إلى جانب الميليشيات الإيرانية، على 20 في المئة من حدود سوريا البرية، وخاصة مع لبنان، إضافة للسيطرة على جزء من الحدود مع العراق.

وأشارت الدارسة إلى أن سيطرة نظام الأسد على الحدود الشمالية، تقتصر على معبر كسب بريف اللاذقية الحدودي مع تركيا، في حين تتقاسم عدة أطراف الجانب السوري من الحدود الشمالية، وهي الجيش الوطني السوري (بريف حلب الشمالي ومنطقة نبع السلام) ، وهيئة تحرير الشام (ريف إدلب الشمالي والغربي)، وروسيا و”قوات سوريا الديمقراطية” (بمحيط عين العرب، ومن شرق مدينة رأس العين حتى الحدود مع العراق)، كما تسيطر “قسد” على نسبة من الحدود الفاصلة بين سوريا والعراق.

10 – رفض “قسد” لإقامة الانتخابات في مناطق سيطرتها

منعت “الإدارة الذاتية” التابعة لـ “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، نظام الأسد، وضع “صناديق الاقتراع” لإجراء الانتخابات في المناطق الخاضعة لسيطرتها شمال شرقي سوريا، والتي يقدر عدد سكانها بنحو 3 ملايين و50 ألف نسمة.

الأسايش

عشية الانتخابات.. “قسد” تضيّق الخناق على “الأسد” في الحسكة

وكشف مصدر خاص لموقع تلفزيون سوريا عن فشل مفاوضات سرية جرت بين النظام و”الإدارة الذاتية” بهذا الخصوص، حيث قدمت الإدارة عدة شروط للنظام مقابل السماح بوضع صناديق الاقتراع في مناطق سيطرتها إلا أن النظام رفضها.

ومن ضمن الشروط اعتراف النظام بمناهج التعليم التابعة لـ “الإدارة الذاتية” ومنح الأخيرة السجلات العقارية في مناطق سيطرتها والاعتراف بشرعية العقود المبرمة المتعلقة ببيع وشراء ورهن العقارات من قبل محاكمها.

واتهم محافظ نظام الأسد في الحسكة، غسان خليل، “الإدارة الذاتية” بعرقلة الانتخابات، من خلال اتخاذها قراراً بإغلاق المعابر الفاصلة بين مناطق سيطرتها، ومناطق سيطرة النظام، واعتبر أن “الهدف الأساسي لتلك الإجراءات هو عرقلة وصول السكان والمواطنين السوريين من الأرياف إلى مناطق سيطرة الدولة السورية للإدلاء بأصواتهم، خصوصاً في مدينتي الحسكة والقامشلي وريف الرقة المحرر”، وفق تعبيره.

11 – فشل النظام في ضبط الميليشيات بمناطق سيطرته

تنتشر عشرات الميليشيات الأجنبية في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وتكاد تسيطر على مدن بكاملها، مثل مدينة حلب، ومدينتي البوكمال والميادين في ريف دير الزور الشرقي، ومنطقة السيدة زينب بريف دمشق.

ويتنوع ولاء هذه الميليشيات، فبعضها تابع لروسيا، مثل ميليشيا “الفيلق الخامس”، وأخرى لإيران، مثل ميليشيا الحرس الثوري الإيراني، ولواء “فاطميون”، وميليشيا “زينبيون”، إضافة للميليشيات التابعة للنظام، كـ “ميليشيا الدفاع الوطني”.

وتعتبر هذه الميليشيات خطراً على استقرار سوريا في المستقبل، وأداة خارجة عن سلطة النظام وتأثيره، ما يعني أنه عاجز عن ضبطها – إن أراد – أو تقويض نفوذها وسيطرتها.

12 – هاجس إعادة الإعمار

يعتبر ملف إعادة الإعمار في سوريا، هاجساً لنظام الأسد، ومن خلفه روسيا وإيران، خاصة أن هذه الأطراف غير قادرة على تحمل تكاليف العملية، في ظل الرفض الدولي للمساهمة فيها.

وتشترط الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وجود عملية سياسية جديرة بالثقة في سوريا، من أجل الإسهام في إعادة الإعمار.

وأكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في أحد تقاريرها، أنها تدعم توفير التمويل لإعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية لكامل سوريا، بما فيها المناطق التي يسيطر عليها النظام، إلا أنه “وفي ظل غياب الشفافية أو الرقابة أو الضمانات الفعالة، يقع التزام أكبر على الجهات الفاعلة في المجال الإنساني، والشركات، والجهات المانحة للتخفيف من المخاطر الكبيرة المتمثلة في إعادة توجيه تمويل المعونة وإعادة الإعمار نحو تمكين الجهات الفاعلة المنتهِكة، ومفاقمة الظلم ضد المدنيين، وإطالة المعاناة في سوريا”.

13 – نشاط تنظيم الدولة

يواصل تنظيم الدولة تهديد مصالح نظام الأسد وروسيا وإيران، وتعد عملياته النشطة ضد الأرتال العسكرية التابعة للنظام، وصهاريج النفط القادمة من مناطق سيطرة “قسد”، نحو النظام، من التحديات التي واجهت “الأسد” وحلفاءه في الأشهر الماضية.

وفشلت روسيا والنظام بالقضاء على خلايا التنظيم، التي تنشط في مناطق البادية السورية (بين محافظات حمص ودير الزور والرقة وحماة)، بالرغم من العمليات العسكرية البرية والجوية، التي شنتها القوات الروسية ضد التنظيم.

وأعلن التنظيم مؤخراً، عن شن 79 عملية في سوريا خلال شهر رمضان الماضي، ما أدى لمقتل وإصابة نحو 122 عنصراً (لم يوضح تبعيتهم)، كما تبنى تدمير 84 آلية في سوريا والعراق، خلال الشهر ذاته

—————————

إدلب تنتفض رفضاً لانتخابات الأسد بمظاهرة مركزية حاشدة

إدلب – عز الدين زكور

خرج آلاف السوريين اليوم الأربعاء بمظاهرة مركزية حاشدة في ساحة السبع بحرات في مدينة إدلب، للإعلان عن رفضهم لما تسمى “الانتخابات الرئاسية”، وتأكيداً على مبادئ الثورة السورية.

وندد المتظاهرون في مظاهرة شعبية، بما عرف بين السوريين بـ”مسرحية الانتخابات الرئاسية”، في وقتٍ يشارك فيها رأس النظام “بشار الأسد” بنتائج معروفة مسبقاً لصالحه.

وحمل المتظاهرون شعارات أكدت على عدم شرعية نظام بشار الأسد والانتخابات الرئاسية التي أعلن عنها.

وشارك في المظاهرة مهجرون من مختلف المحافظات السورية، إلى جانب أهالي باقي مناطق إدلب والمخيمات الحدودية في ريف المحافظة وطلبة جامعيين ونشطاء إعلاميين وحقوقيين وفعاليات ومؤسسات مدنيّة.

انتخابات غير شرعية

عبد الحميد البيوش مهجر من مدينة كفرنبل، يوضح أنّ تهجيره كان بسبب حملات التهجير التي شنها النظام السوري على ريف إدلب خلال الحملة العسكرية الأخيرة، وعلى الرغم من اتساع سيطرته جغرافياً إلا أنه بعيون الثوار السوريين ما زال فاقداً للشرعية منذ عشر سنوات، وانتخاباته باطلة جملةً وتفصيلاً.

“البيوش” المشارك في المظاهرة، يشير إلى أنّ التهجير وجرائم النظام الأخرى لن تسقط بالتقادم، وعلى هذا الأساس شارك في المظاهرة رافضاً الانتخابات اللاشرعية.

وقالت ريم مصطفى المشاركة في المظاهرة لموقع تلفزيون سوريا إنّ بشار الأسد مجرم وطاغية، ولا يمكن للسوريين الأحرار إعادة انتخابه أو المشاركة في انتخابات يديرها، مؤكدةً أن المتظاهرين مستمرون على درب الحرية والثورة والكرامة.

غسان المحمد مهجر من بلدة معرشورين، قال إنّ المشاركة في المظاهرة جاءت لتثبت للعالم أن الشعب السوري يرفض “المهزلة الانتخابية” والمشاركة فيها.

ويشير إلى أنّ “النظام فقد شرعيته وكذلك الانتخابات المعلن عنها.. والسوريون الأحرار مستمرون في ثورتهم وبالمطالبة بإسقاطه”.

إدلب تتحرك مدنياً

منذ أيام، يتحرك الأهالي والمهجرون في محافظة إدلب لإعلان رفضهم الانتخابات الرئاسية سواء بطرق هزلية وساخرة، أو بالحراك السلمي.

ورسم الفنان عزيز الأسمر، لوحةً فنية على جدار إحدى خيام المهجرين في ريف إدلب، تؤكد على عدم شرعية “الأسد والانتخابات المعلن عنها”، وفي الوقت ذاته تعكس سوء الوضع الإنساني بسبب الحملات العسكرية التي شنها النظام وأدت إلى حملات التهجير.

أما في مدينة الدانا، فقد نظم ناشطون في المدينة أول أمس الإثنين انتخابات تحمل طابعاً ساخراً، من خلال مشاركة الأهالي بانتخابات رأس النظام في حاويات النفايات والأوساخ.

———————–

بموازاة انتخابات الأسد ماذا تقدم روسيا؟/ فاطمة ياسين

الصور الانتخابية التي توزع رسمياً تظهر بشار الأسد في الوسط بين رجلين كهلين، والثلاثة مرشحون لرئاسة الجمهورية العربية السورية، بعد خوض انتخابات “ديمقراطية”. إيحاءات الصورة واضحة والدلالات تفضح نفسها وهي موضوعة بهذا الشكل لتقرأ بسهولة ودون مواربة، اسمان أحدهما مجهول والآخر “معارض” ملطخ بفيديو وصور خادشة انتشرت له قبل سنوات، مقابل الاسم الذي يعرف الجميع أنه يحتجز الكرسي ويحميه بسلاح روسي وحرس إيراني. تسهل المقارنة الساخرة التي يتقدم فيها بشار الأسد بسهولة على حساب السخرية من تافهين تجاوزا الستين من العمر تجرؤوا على تحدي الرئيس، وللإمعان في السخرية لا يخفي المرشحَان ميولهما السياسية التي تتلاقى مع انتخاب بشار نفسه، بتغييب فجٍ للمنطق الذي يجب على السوري المقيم في كنف النظام تقبله، بل والإشادة به، على أنه سلوك ديمقراطي سليم.

لا يحتاج الإعلام لهذه البروباغندا لتمرير انتخاب بشار الأسد لكن لطالما مارس النظام ألعابا مشابهة منذ أكثر من خمسين عاما في إخراجٍ لمشهد انتخابي، لا يأبه أحد لتدني جودته، مطابق من حيث الشكل لنصوص الدستور ولكنه مخالف لكل عرف ديمقراطي، والجميع يدرك ذلك ولكنه يبدو مجبراً على التصديق.

مر بشار الأسد بمثل هذا اليوم ثلاث مرات سابقاً، وفي كل مرة كانت التقارير والبيانات التي تقيم أداء الدولة في انخفاض، سواء كانت المؤشرات اقتصادية أم اجتماعية أو سياسية، فقد أعلن عن فوز بشار الأسد في أول استفتاء جرى بعد موت والده، في شهر يوليو عام 2000، وساد الفترة التي انقضت بين موت الرئيس وتنصيب الابن مهزلة دستورية كبرى راح ضحيتها الدستور الذي وضعه الأب بطريقة محرجة أهينت فيها أهم وثيقة قانونية تقوم الدول على أساسها. حصل بشار الأسد في تلك الانتخابات على إجماع شبه مطلق عندما رفضه ثلاثة بالألف من جميع من أدلى بصوته في ذلك الاستفتاء. الواقع يقول بأن الأسد الابن لم يتابع سياسات أبيه رغم ثبات الوجوه واسم الحزب الحاكم وكل الأهداف السياسية المعلنة، فقد أحكم الابن قبضته على لبنان بشكل خانق، واستعدى الطبقة السياسية الصديقة، وخاصة رفيق الحريري، وبنى لنفسه بطانة جديدة هناك، وخلق معايير مختلفة في العلاقة مع إيران، توجت هذه السياسة باغتيال الحريري بعد مضي خمس سنوات وبشار في منصبه، لتتحول بعدها سوريا إلى كيان منبوذ وكريه، وبهذه الصفة أنهى “خدمته” في مدة رئاسته الأولى التي بلغت سبع سنوات ميلادية كاملة، كانت سوريا خلال آخر سنتين فيها تنتظر تقارير اللجنة الدولية التي تحقق في مقتل الحريري، وتجتر البلاد أوجاعها السياسية والاقتصادية المريرة، وفي هذه الأجواء عقد الأسد استفتاءً ثانياً لفترة رئاسية جديدة.

لا يعرف السبب في تراجع “شعبية” الرئيس فقد رفضه في نتيجة الاستفتاء الثاني الذي أعلنت نتائجه في مايو 2007  3.7%، بما يعني اعترافا من السلطة الحاكمة بأن رافضي سياسة الرئيس قد زادوا، ولكنها ما زالت تؤكد أن رقم الموافقين كاسحا ويشكل تفويضا شاملا، ولكن المأزق الذي وقع فيه بشار وكل نظامه الحاكم كان أكبر من سابقه فقد شهدت السنة الرابعة لحكمه الثاني التحدي الأكبر لنظام الأسد بنسختيه، عندما أعلن الشعب السوري وبشكل متزامن رفضه لكل هذا النظام، فتعامل الأسد مع الشعب بطريقة جيوش الاحتلال، وواجه غضب الشوارع بالمدرعات والطائرات والصواريخ بعيدة المدى وحتى الأسلحة المحرمة دولياً، في هذه الظروف عقدت انتخابات لأول مرة بعدة مرشحين، حسب الدستور الذي غيره الأسد، في الثالث من يونيو 2014، وطبعا فاز فيها بشار لكن هذه المرة بنسبة 88.7%، وكان حينذاك نظام حكمه قد بدأ بالترنح، رغم كل الإجراءات العسكرية التي قام بها ليحمي ما تبقى من نظامه، وبدا واضحا أن النظام سينهار بين لحظة وأخرى رغم الدعم الإيراني الذي تلقاه بشكل مبكر، لتأتي اليد الروسية وتسند النظام بقوة بما يشبه الصفقة المعقودة تحت الطاولة أو فوقها، بتسليم الدولة بكل ما فيها للروس، والمحافظة على كرسي الرئيس في قصر قاسيون، وقد تكون هذه الاتفاقية هي إنجاز الفترة الرئاسية الثالثة التي ستضمن له كرسيه للفترة المقبلة.

تعقد هذه الانتخابات تحت شعار مقتبس من عناوين إصلاحية، وهو “الأمل بالعمل”، ليوحي رأس النظام بأن الفترة المقبلة حافلة بالنشاط ويؤكد بأنه متفائل في تحريك ملف إعادة الإعمار، وهو الأمل المتبقي له من أجل النجاة بعد أن نضبت كل مداخيل الدولة، وخوت خزائنها ومستودعاتها، وبدأت إيران تحجم عن تقديم مزيد من المساعدات له، ويتكفل الروس بتوريد السلاح والخبراء، ومنح الدعم السياسي، ومحاولة تحريك ملف إعادة الإعمار والتلويح بالنجاح في فتحه على نطاق واسع كفيل بالإبقاء على النظام، وهنا ينشط الروس بشكل كبير فهم شركاء بقطف الشهد بعد طول معاناة على الجانب العسكري الذي استنزف منهم كثيرا، ولكن هناك شك كبير في نجاح أي بدء بالإعمار في ظل رفض أوروبي شامل لهذه الانتخابات وموقف أميركي معاند بشدة،

فقد توصل الغرب إلى أن بشار الأسد غير قابل لإعادة التدوير ومن المفيد التعامل مع وجه جديد، تبقى المحاولات العربية هنا وهناك، وهذه لا تكفي إلا لإعطائه بعض المقويات مدة من الزمن، ما يرشح الوضع الحالي للتمديد مع مزيد من الخنق الاقتصادي، وعندها لا يراهن الأسد إلا على مدى صلابة عنقه تجاه الحبل الذي يشتد تدريجياً.

——————————-

ملاحظات حول مشاركة بعض اللاجئين في مهزلة الانتخابات/ نجاتي طيارة

انتشرت شائعات عديدة وضجة حول أرتال اللاجئين السوريين ومسيراتهم المحتشدة من أجل التصويت في سفارات النظام السوري في لبنان ودول الجوار وأوروبا .

والصحيح أن ذلك لم يحدث كرتل إلا في لبنان، وقد منع إجراء ذلك ( أي ما سمي بالتصويت على الانتخاب)  بقرار حكومي معلن في كل من تركيا  وألمانيا . أما في فرنسا ، فقد صدرت مذكرة، قبيل ليل 20 أيار، من قبل الخارجية الفرنسية بعدم منع الانتخاب داخل المركز الثقافي السوري الذي يقوم بأعمال القنصلية السورية، بحجة أنه لاسيادة للدولة الفرنسية على داخل المركز ، وفي نفس الوقت تم السماح لمظاهرة صغيرة بالتجمهر ضد جريان الانتخاب . وكان عدد المصوتين ضئيلا وفق روايات عديدة، وذلك تعبيرا عن لعبة باسم الديمقراطية الفرنسية وتزييفها لدى السياسة الفرنسية الجديدة ، التي تميل إلى  تغليب  المصالح على المبادىء ، في العديد من مواقفها المترددة والمتناسية للقرارات الدولية الخاصة بسوريا، والمتمسكة بالحل السياسي وملحقاته الدستورية، كمقدمة لاغنى عنها لشرعية أي مسار سوري كالانتخابات الرئاسية والبرلمانية وغيرها، علما أنها شاركت في البيان الدولي الصادر أمس (إلى جوار إنكلترا وإيطاليا وألمانيا ، وفي خبر غير مؤكد بعد، إلى جوار أميركا) والمندد بالانتخابات الجارية!.

2 وفق قوانين اللجوء الأوروبية، لايستطيع اللاجىء السوري الذهاب إلى أي مركز أو سفارة سورية والتعامل معها، لأن ذلك يسقط حقه في اللجوء فورا ، كونه طلب ذلك لحمايته من سلطات بلده أصلا. ولذلك لم يصوت أي لاجىء سوري في فرنسا بالتأكيد، ومن هنا كان محقا ( سيمر جعجع) زعيم القوات اللبنانية، عندما طالب بإعادة اللاجئء السوري المصوت إلى بلده، على الرغم من الوضع المغيب للجوء السوريين في لبنان. أما  الذين ذهبوا مع بعض المقيمين السوريين في عدد من بلدان أوروبا، إلى بروكسل وغيرها ، من العواصم التي  سمحت بإجراء الانتخابات المزعومة، فهم ليسوا لاجئين بل يتمتعون بالحماية  المؤقتة فقط ، ولذلك فهم يحتفظون بجوازات سفرهم السورية ، ويضطرون لتجديدها في قنصليات النظام . وتلك الحاجة القاهرة، دفعتهم وستدفعهم مضطرين لمثل هذا العمل، ما دامت بيانات أحوالهم الشخصية ووثائقهم وجوازات سفرهم مرتبطة بالنظام وقنصلياته، ولا مخرج لهم غيرها.

في لبنان لايتمتع اللاجئون  السوريون بحقوق اللجوء الكاملة وفق القانون الدولي أوالأوروبي، بل يتلقون الفتات من دعم منظمة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة فقط،  وقد تعرضوا وما زالوا يتعرضون لكل أنواع التعسف والظلم من قبل أنصار حزب الله و السلطة اللبنانية  المدعومة من النظام السوري، ومن قبل بعض العنصريين اللبنانيين الجدد !.

لذلك،  فإن أخوتنا من اللاجئين السوريين في لبنان هم حاليا بين نارين ، نار النظام الذي دمّر حياتهم وأرزاقهم وبيوتهم ودفعهم إلى الرحيل ومعاناة عذابات الغربة المرة، ونار الإقامة في مخيمات اللجوء ، كعرسال وغيرها، متحملين زمهرير الشتاء وثلوجه، وحرالصيف وجمره، تحت أسقف التوتياء  والتنك وبين جدران الخفّان  الهش، التي تعرضت للهدم والاعتداء مرارا من قبل رؤساء البلديات اللبنانية العنصرية وزعرانها المعروفين . فعلينا ألا نستغرب اندفاع بعض اللاجئين إلى السفارة للمشاركة بالتصويت، طلبا لشيء من بصيص الأمان،  وتحقيقا لحلم العودة الذي قد ينقذ أطفالهم ونساءهم من مذلة مستمرة ، علىى الرغم من أنهم سيكونون كالمستجير بالرمضاء من النار، لأن شروط عودتهم الآمنة غير مضمونة ، ولن تتوفر لهم استعادة شروط حياتهم السابقة  ،  في ظل نفس النظام الذي اضطرهم إلى الهجرة، وفي ظل حلفائه الذين أوغلوا في تعزيز طغيانه! .

ـ كان الهجوم على رتل مسيرة المؤيدين المحتشدين للتصويت في السفارة السورية في بيروت ، وتحطيم سياراتهم وإيقاع الأذى ببعضهم، عملا خاطئا في رأيي، وينتمي إلى نفس سلوك شبيحة الأسد وعصاباته السورية والإيرانية المعروفة . فممارسة العنف تلك، لاتنتمي إلى أخلاق الثورة السلمية التي قمنا بها ونطمح إلى تجديدها، كما لاتنتمي لأية سمة ديمقراطية معروفة.  إنها عمل مدان بكل المقاييس ، وبدلا منها كان الأفضل على من قام بذلك التفكير ، أوالبحث عن الأسباب الحقيقية التي دفعت معظم أولئك اللاجئين إلى الذهاب إلى التصويت، بغض النظر عن تبعية بعضهم لأجهزة الأمن السورية الشهيرة بأساليبها،  أو فسادهم الخاص !. فلربما يدركون  حينها ، أن حركة الثورة والمعارضة  لم تقدم لهم بديلا عن ذلك، ولم تتمكن من توفير أية مساعدة  لهم ، بما يضمن لهم ولعائلاتهم العيش الحر والكريم ، وتلك إحدى أهم مسؤولياتها المفترضة، إذا كانت تدعي مسؤولية  ما عن شعبها، كما لم يقدم المجتمع الدولي لهم ما يفترض من حماية وعون، تضمنته الشرعة الدولية ومواثيق حقوق الإنسان المزعومة  !.

ـ من لم يعرف تعسف النظام السوري ووحشية أجهزته الأمنية والعسكرية، ومن لم يختبر عمليات التحشيد ومسيرات التأييد المنظمة والموزعة بالدور على المحافظات السورية، لن يفهم أو يقدّركيف تمت إعادة تكريس العبودية، وتركيع سوريي الداخل ، بخاصة في ظل ظروف الغلاء الفاحش الجديدة ،  وفقدان سبل الحياة الكريمة إلا لمن ناله حظ أو تقرب من حواشي السلطة وفسادها !.

وفي هذا السياق ربما يتذكّر بعض العارفين الطُرفة الكاريكاتورية والمُهينة  التالية:

في إحدى بيعات المجرم الأب، فوجىء أهالي حمص بعودة قيادة فرع الحزب الحاكم بحمص ( ومحافظها ومسؤوليها بالجملة)  للقيام بدبكة ثانية ، بعد عدة ساعات من دبكتهم الأولى،  وقد حدثت هذه العودة  نظرا لعدم رضا مراكز السلطة في دمشق عن فيلم التصوير الأول، وعندما سألنا عن سبب ذلك مستغربين  إعادة دبكة المسؤولين بالجملة  وتصويرها التلفزيوني، وكأنهم كانوا يكررون بروفة التمثيلية ، قال لنا أحد المطلعين المقربين : ياعمي صحيح هم دبكوا لكن ما نخّوا، ولذلك طُلب منهم تكرار الدبكة جيدا وتوضيح النخّ !!

هذا ماكان مطلوبا من مسؤولي وحواشي النظام، فما بال المساكين من الناس ؟! لذلك ، فلنرحم إخوتنا من اللاجئين المعتّرين على وجه هذه الأرض البائسة ، لعلنا ننال رحمة من في السماء على الأقل !.

————————————

 صناعة الأصنام/ وفاء العلوش

يبحث الإنسان منذ نشأته عن شخصٍ يصبح قدوة له ومثالاً يحتذي به، ويبدو من خلاله انعكاساً لشخصيته المثالية مثلما يتمناها ويعجز عن تحقيقها بسبب ظروف مختلفة.

ربما هي فطرة الإنسان، فالوالدان يبحثان عن ابن ينعكسان من خلاله ويحققان خلودهما عن طريقه، والابن يرى والديه من دون قصور أو نقص بدافع المحبة.

من هذا المنطلق ظهرت فكرة الزعامة ربما، فالزعيم أو القائد يجب أن يمتلك المواصفات الإيجابية كلها ويتنزه عن السلبيات منها، فيصبح العالم الوحيد والشخص الأكثر قوة الذي يستطيع قهر المصاعب التي يعجز كثير من الناس العاديين عنها.

وفي هذا ما يفسر ربما استماتة المريدين والموالين للدفاع عن شخص زعيم الجماعة، أو زعيم القبيلة، أو المدير، أو رئيس البلاد، ليس بسبب قلة الوعي فحسب وإنما لأنهم في لا وعيهم ربما يدافعون عن صورة المثالية التي وضعوها في رأسهم تلك الصورة التي يخشون خدشها، وبالتالي اهتزاز المفاهيم التي بذلوا جهدا كبيراً من أجل استقرارها لتمنحهم هي الأخرى الاستقرار.

ليست المشكلة في أن يفكر الإنسان بأن هنالك من يتفوق عنه في القدرة والقوة والعلم، وإنما تكمن المشكلة الحقيقية حين يختلط الأمر في كثير من الأحيان بين الاقتداء برمز أو شخص وبين التجاوز إلى مرحلة تقديسه ورؤيته مباركاً معصوماً ومبجلاً ومنزهاً عن الأخطاء.

بين الخوف والحقيقة أو بين اليقظة والواقع تختبئ تفاصيل صغيرة لا يدركها العقل البشري في كثير من الأحيان، وربما لا يريد إدراكها حتى لا تتزعزع الثوابت التي تعب من أجل تأمين استقرارها.

يتحكم في الغريزة البشرية في هذا الموضوع عاملان:

فالنزعة إلى الكمال وحب المثالية رافقت الإنسان البشري منذ تكوينه وجعلته يدور في فلك أشخاص لا يملكون من الكمال ما يعتقده، بقدر ما يملكون القدرة على تجميل أنفسهم وتسويقها وإضفاء طابع مثالي على أنفسهم من حيث امتلاكهم الأخلاق والدراية والعلم وحسن التصرف، عدا عن التفوق الذي يمتلكه ذلك الشخص زيادة عن الآخرين الأمر الذي يجعله المرشح الوحيد ليكون زعيماً أو رائداً في مجال السياسة أو الاقتصاد أو أي مجال آخر.

المشكلة التي تكمن هنا هي أننا كمجموعة أو كأفراد نرى أنفسنا دائماً أقل من المستوى وبحاجة إلى شخص مؤثر وقادر على قيادتنا وتصحيح مساراتنا ثم نغض الطرف عن أخطائه ونحاول أن نسوق لها تبريرات مختلفة تحول أخطاءه إلى إنجازات تعد مصدر فخر.

نحن نصنع هالات مقدسة حول أشخاص معينين ونلمع أشخاصاً آخرين فيما يخفي ذلك الحقيقة الأهم، وهي أننا كجنس بشري عبر حقب زمنية مختلفة نصنع من خيالنا شخصاً نرى فيه القداسة وننزهه عن طبيعة الجنس البشري الذي يحتمل في كينونته الخطأ والصواب.

يُقاس ذلك حتى على الشخصيات العامة الرؤساء أو الفنانين المفضلين أو الكتاب والشعراء وما شابه، التي نعتقد مخطئين أنها عصية على الابتذال أو أنها شخصيات مهمة، لما تمتلكه من القيم الإنسانية التي نعجز عن امتلاكها لأننا نرى أنفسنا أشخاصاً عاديين فيما نرى ذلك الآخر قادرh على ما نعجز عنه.

وبما أن عصرنا الحالي هو عصر انهيار القيم والمفاهيم أو تبدلها، وحتى لا نكون سوداويين في نظرتنا العامة، فمن باب أولى أن ننكشف على ذواتنا ونعترف بعيوبنا عدا عن أن الأوان قد آن لإزالة القداسة عن كل ما هو مقدس ويمنعنا العرف أو الحياء المساس به أو انتقاده. وأعني في ذلك فكرة على سبيل المثال القداسة الخاصة بالمعلمين أو الأمهات والآباء المثاليين، فهناك كثير من الأمهات أو المعلمين لا يمتلكون تلك المواصفات الخارقة التي تجعل منهم مثلاً وقدوة غير أن القاعدة العامة تمنعنا من النيل من المواصفات غير القابلة للنقاش.

لوهلة تبدو كل هذه الصور المثالية فارغة وغير حقيقية، وقد لا يكون لها أساس من الصحة إلا في أذهاننا، وتصوراتنا ذلك أن النفس البشرية تنزع إلى الكمال وتبحث عنه في المحيط والأقران حتى تشعر نفسها في مأمن.

لكل أمة أصنامها التي أصبحت تدافع عنها وترفض المساس بها، فبات لزاماً علينا النضال في اتجاهين، اتجاه تحطيم قدسية الصنم من جهة واتجاه تحرير العقلية التي تجعل منه مقدساً من جهة أخرى.

فإذا لم يكن لنا نصيب من الفرح بما يخص الثورات السياسية الفكرية التي تؤثر في تغير المجتمعات وإحلال العدالة، فلنسعد بثوراتنا الصغيرة التي تجعلنا نعيد النظر في مفاهيمنا الثابتة وقيمنا وأحكامنا المسبقة، كي نصنع مفاهيم وقيم متناسبة مع وعينا الجديد ونخرج من عباءة آلهة التمر قبل أن نكتشف زيف ادعاءاتهم وسذاجة الصورة التي كوّناها عنهم في أول موقف تُمتحن فيه قداستهم.

————————

من دوما.. الأسد يدلي بصوته ويهاجم الغرب ويتحدث عن الطائفية

تداول الإعلام الرسمي التابع للنظام جولة رئيس النظام، بشار الأسد، في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، اليوم الأربعاء، والتي زارها لـ “الإدلاء بصوته” في الانتخابات المنعقدة.

وبحسب ما ذكرت وكالة “سانا” فإن الأسد زار مركز الاقتراع في مجلس مدينة دوما بريف دمشق، برفقة زوجته أسماء، حيث أدلا بصوتيهما في الانتخابات الرئاسية التي يجريها النظام في ظل رفض دولي للاعتراف بشرعيتها.

وفي تصريحات للصحفيين، هاجم الأسد الدول الغربية من مركز الاقتراع في دوما، معتبراً أن الرفض الدولي للانتخابات ونتائجها “لا قيمة له”، بقوله: “قيمة آرائكم هي صفر”.

واعتبر الأسد أن المشاركة في الانتخابات من قبل السوريين كانت كافية للرد على التصريحات الغربية، حسب تعبيره، مضيفاً أن “هذا الاستحقاق وهذا الرد الشعبي الذي نراه هو تأكيد على أن المواطن السوري حر. قرار المواطن السوري بيد ذلك المواطن، بيد الشعب، ليس بيد أية جهة أخرى”.

تصريحات الأسد جاءت رداً على بيان أصدره وزراء خارجية دول كبرى، أمس الثلاثاء، وهي: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، جاء فيه أن: “الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها يوم 26 مايو/ أيار في سورية، ليست انتخابات حرة ولا نزيهة”.

وقالت الدول الخمس:”نحن نشجب قرار نظام الأسد إجراء انتخابات خارج الإطار الذي وصفه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254″.

لماذا دوما؟

أثيرت تساؤلات عدة حول دلالات ودوافع الأسد وراء اختيار مدينة دوما في الغوطة الشرقية للإدلاء بصوته في الانتخابات، خاصة أن هذه المدينة تعرضت للحصار والقصف والتهجير على يد قواته حين كانت خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة.

إلا أن الرمزية الأكبر للمدينة هي تعرضها لهجومين كيماويين من قبل قوات النظام، الأول عام 2013، حيث أجبر المجتمع الدولي النظام حينها على تسليم مخزونه الكيماوي والانضمام إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية، وسط تشكيك دولي بالتزام النظام بالمعاهدة.

والهجوم الثاني وقع فجر 7 أبريل/ نيسان 2018، حين شهدت مدينة دوما هجوماً كيماوياً ما أدى إلى مقتل 41 مدنياً، بينهم 12 طفلاً و15 امرأة، وقرابة 550 مصاباً بحالات اختناق، بحسب أرقام “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، وذلك خلال الحملة العسكرية التي كان يشنها النظام على المنطقة للسيطرة عليها من فصائل المعارضة.

وعقب الحملة العسكرية العنيفة على الغوطة الشرقية عام 2018، شهدت المدينة تهجيراً قسرياً لأهلها، بموجب اتفاق تم التوصل إليه بين الجانب الروسي وفصائل المعارضة، يقضي بتسليم المدينة لقوات الأسد مقابل السماح للمقاتلين وذويهم والمدنيين الراغبين بالخروج إلى الشمال السوري.

الأسد حاول من خلال زيارته للمدينة اليوم إبعاد أي صفة طائفية عن الحملة التي شنها على الغوطة الشرقية سابقاً، والتظاهر بأن ما حل للمدينة هو من تبعات “الإرهابيين”، مصرحاً للصحفيين اليوم أن: “زيارة دوما والانتخاب فيها تأكيد على أن سورية ليست منطقة ضد منطقة أو طائفة ضد طائفة”، حسب قوله.

وأضاف: “الإرهابيون حاولوا خلال احتلال دوما تشويه صورتها لكن معظم أهلها كانوا يتواصلون مع الدولة”، وتابع: “هناك من أهالي دوما والغوطة من قاتل مع الجيش السوري وقدم شهداء في الجيش والقوات الرديفة”.

ويتهم الغرب نظام الأسد بالمسؤولية عن معظم الهجمات الكيماوية في سورية، بما فيها دوما، إلا أن النظام ينكر ذلك بقوله إنه سلّم مخزونه الكيماوي بالكامل بعد انضمامه إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية عام 2013.

———————

خمس دول كبرى في بيان مشترك: انتخابات الأسد مُزيفة

وصفت خمس دول كبرى “الانتخابات الرئاسية” التي ينظمها نظام الأسد، غداً الأربعاء، بأنها “مزيفة وليست حرة ولا نزيهة”.

وأصدر وزارء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية بياناً مشتركاً، جاء فيه أن “الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها يوم 26 مايو/أيار في سورية، ليست انتخابات حرة ولا نزيهة”.

وقالت الدول الخمس:”نحن نشجب قرار نظام الأسد إجراء انتخابات خارج الإطار الذي وصفه قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254″.

واعتبر البيان أن “الانتخابات المزيفة لا تمثل إحراز أي تقدم تجاه التسوية السياسية”، داعياً المجتمع الدولي إلى رفض “هذه المحاولة من جانب نظام الأسد لاستعادة الشرعية دون إنهاء الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان التي يرتكبها”.

كما دعا الوزراء إلى إجراء “انتخابات حرة نزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، ووفق القرار الأممي 2254″، وبمشاركة السوريين جميعاً في الداخل والخارج في ظل بيئة انتخابية آمنة.

ويجري نظام الأسد، غداً الأربعاء، ما يسميها “الانتخابات الرئاسية” وفق الدستور الذي صاغه سنة 2012، وسط رفض دولي واسع لنتائج “الإنتخابات” المعروفة مُسبقاً.

وأجرى نظام الأسد، الخميس الماضي “الانتخابات” في سفاراته خارج سورية، إلا أن كثيراً من الدول منعت إجراؤها على أراضيها، وفي مقدمتها ألمانيا.

في حين تضارب الموقف الفرنسي، إذ سمحت باريس إجراء الانتخابات في سفارة النظام، لكن في الوقت نفسه، اعتبرت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، آنييس فون دير مول، يوم الجمعة الماضي، أن الانتخابات “باطلة ولا شرعية لها”.

وكان الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، أكد في بيان نيابة عن دول الاتحاد، في آذار/ مارس الماضي، أن “الانتخابات لا يمكن أن تسهم في تسوية الصراع، ولا تؤدي إلى أي إجراء للتطبيع الدولي مع النظام السوري” داعياً إلى إجراء انتخابات وفق القرار 2254.

وكان فيصل المقداد وصف، الأحد الماضي، أن “الانتخابات الرئاسية” لنظام الأسد، بأنها أفضل من الأمريكية بآلاف المرات، معتبراً أن “الانتخابات في سورية ديمقراطية ونزيهة”.

————————-

======================

تحديث 27 أيار 2021

———————

كيف سُلب مني حلم الديمقراطية في سوريا/ سلام الأروادي

عند حلول أي موعد يخص استحقاقاً انتخابياً في سوريا، تنتشر اللافتات والقوائم في شوارعها، ويتنافس عليها المرشحون لنشر صورهم أمام أعيننا أكثر من تنافسهم على تحقيق مطالبنا وحاجاتنا. في عائلتنا، كان أحد أقربائنا يطمح دائماً إلى تحقيق حلمه في الوصول إلى البرلمان السوري. يتحول منزلنا في تلك الفترات إلى مضافة؛ يرسل إليه ذلك المرشح لجاناً تمهّد لوصوله. لم أعتقد أن أبي وأمي اهتمّا في يوم من الأيام بما يمكن لهذا المرشح أن يقدّم من فائدة، إنما كان همهما الوحيد أن يكون هنالك قريب لهم في البرلمان. كانت الحملات الانتخابية تترافق مع حفلات شعبية تنتشر في شوارع البلاد. في تلك الأوقات كنت ذلك الصغير الذي يرى شأناً في البطاقة الانتخابية الخاصة بأفراد عائلته، وبالأختام التي عليها، والتي كانت تلمع عيناي عند رؤيتها نظراً لـ”الديمقراطية” التي كنت أراها في تلك الأختام، وأننا نختار من نريد ليمثّلنا في مجلس الشعب خاصتنا. كل ما كنت أفكر فيه هو اليوم الذي سأحصل على بطاقتي الانتخابية عندما أكمل الثامنة عشر لأمارس ذلك الحق. كنت أشعر بالغيرة من كل إخوتي الذين يتمتعون به. أرى نفسي أكتب أسماء المرشحين في مركز انتخاب مميز تفوح منه رائحة الحقوق والواجبات. أنتظر الأيام طويلاً لأحقق هذه الأمنية، وأبدأ بالتأثير في مصير بلادي.

كانت الشعارات التي تنتشر تدفعني إلى الاعتقاد “أن صوت المواطن أهم من صوت فيروز”. مرشح يرغب بتحرير فلسطين، وآخر يرغب في وقف انجراف التربة؛ تلك الوعود التي لم تتحقق في يوم من الأيام.

عام 2007، كانت الديمقراطية مرتبطة بقولنا “نعم” أو “لا ” فحسب. لم يكن هنالك انتخابات رئاسية، بل استفتاء، تتحول فيه البلاد إلى حلقات دبكة وأصوات غنائية. ثم تصدر نتيجة الاستفتاء والتي كانت دائماً تحقق ال 97%. في ذلك العام، عندما صدرت هذه النتيجة، كنت موجوداً في صالة ألعاب البلايستيشن، عندما سمع صاحب الصالة ذلك الخبر وصرخ بصوت عالٍ: “لو إنه بس يعطوني أسماء هالـ3% بعدمهم بساحة المرجة”.

من هو هذا الرجل الذي يُجمع عليه 97% من شعبه؟ تزداد غيرتي حتى أبلغ الـ 18، وأتخيل نفسي ذلك الشاب الذي لن تغيّر صوته الانتخابي أي نتيجة، كما كل الانتخابات التي وردتنا عبر شاشات التلفاز، والصوت الأخير الذي يقلب المعادلة. ولكن على ما يبدو، فإن انتخاباتنا مختلفة ولا وجود فيها للحماس. لذلك استبعدت أن يكون صوتي مهماً في انتخابات رئاسية. لكنه سيكون كذلك في اختيار مرشحي البرلمان السوري. عندها لن أنتخب قريبي، ولكن سأنتخب من يقنعني برنامجه الانتخابي.

جاء عام 2013 وبلغت الثامنة عشر. لم تعد البطاقة الانتخابية موجودة؛ “يستطيع كل مواطن ممارسة حقة الانتخابي من خلال هويته الشخصية”. أول استحقاق صُدمت فيه هو انتخابات رئاسية للمرة الأولى: انتخابات بوجود مرشحين، وليس استفتاءً. مرشحون يظهرون في الإعلام الرسمي ويتم التنمّر عليهم من قبل الإعلاميين الذي يحاورونهم، حتى أن أحد المرشحين اعترف أن صوته سيكون لمرشح آخر.

الديمقراطية في عام 2014 بلغت ذروتها في سوريا. في ذلك اليوم انتشرت تحذيرات للمعارضة من النزول إلى المراكز الانتخابية لأن القذائف ستنزل مثل المطر على العاصمة. ذلك “العرس الانتخابي” كان بالنسبة إلى الحكومة حدثاً بالغ الأهمية. لم تلغَ أي امتحانات، ولم تعطَ عطلة رسمية، ولم تكن هنالك أي مراعاة لأي تهديدات. تدخل إلى الجامعة وترى الإعلام منتشراً بكثرة ليصوّر الحالة الانتخابية، والعرس الوطني كما يسمّونه. منهم من عدّه انتصاراً لإرادة الشعب على الموت، ومنهم من رأى الديمقراطية في أبهى صورها. في قاعة الامتحان تتفقد إصبعك، هل هي مطليّة بالحبر الأزرق أو لا. إن لم تكن مطليّة بعد فأنت ستواجه أصعب مراقبة امتحانات في حياتك. انتهينا من الامتحان. ومع تسليم الورقة، بدلاً من الوداع، هنالك تنبيه يُوجَّه إليك لممارسة حقك الانتخابي، وضرورته في الانتصار على المؤامرة الكونية التي تشهدها بلادك. خرجتُ من القاعة للعودة إلى سكني، وبدلاً من إبراز هويتي كان عليّ إبراز إصبعي. فلا أحد يغادر الجامعة وإصبعه خالية من الحبر.

في ذلك اليوم، كان الفخر بعدد المرات التي مارس فيها المواطن السوري العملية الانتخابية؛ منهم من انتخب مرتين، ومنهم من زار المراكز الانتخابية كلها في دمشق، وأدلى بصوته. كنت أسمع تلك الأحاديث وأنا أخفي يدي في جيبي. أركب وسيلة النقل وأنا أسمع تلك الأحاديث، وأعود بالذاكرة إلى صاحب صالة الألعاب الذي سيعدم كل من قال “لا” حينها، هل سيكون مصيري شبيهاً بهم؟

ظهرت نتائج التصويت وأعلنت الفائزين. احتفل الشعب بإطلاق الرصاص كما يفعل عند كل حدث احتفالي. تبيّن أن نسبة المشاركة في الانتخابات كانت كبيرة. لكن لم يعلم أي شخص أنني لم أنتخب؛ دخلت الغرفة السرّية، ولم أمارس حقي الانتخابي. كنت مقتنعاً أنه يقدّم، ولن يؤخر. فهنالك من سيدلي بصوته عني. وضعت الورقة في جيبي، طليت إصبعي بالحبر السرّي، وخرجت مع أختي من ذلك المركز الانتخابي. أصبح أبي، وعند كل انتخابات، يتصل بي، ويأخذ رقمي الوطني، وينتخب عني. حتى يومنا هذا، يدلي أهلي بصوتي إلى قريبنا الطامح ليكون “سيناتور”.

لم تعد تعنيني تلك البطاقة الانتخابية، ولا الهوية الشخصية، ولا حتى تلك القوائم. أن تُسلب من أبسط حقوقك في الحياة، هو أسوأ ما يمكن أن تحصل عليه. عندما تعرف نتائج أي انتخابات في بلادك مسبقاً، وتضطر إلى خوضها لكي تحمي نفسك، هو من أسوأ الأماني التي تحمل خيبة كبيرة.

لم أستطع أن أغيّر مصير بلادي، لا بصوتي ولا بوجودي. لم أحمل سلاحاً، ولم أمارس تلك “الديمقراطية” التي إن درستَ في سوريا سترى أن هذه الكلمة منتشرة في كل المناهج الدراسية، وكأنها حجر الأساس الذي قامت عليه هذه البلاد. حلمت بالديمقراطية، وعندما مارستها سُلبت مني ليمارسها شخص آخر مرات مضاعفة.

————————–

انتخابات” الرئاسة السوريّة، أسئلة ضروريّة لعاشقي الأسد/ حسن عارفة

لا شك أنّ العنف مرفوض من أيّ جهة كانت، تجاه أي جهة، ويحق لأيّ شخص أن يؤيد وينتخب من يشاء، لكن ألا يحق لنا –كسوريين معارضين ولبنانيين أيضًا- أن نسأل مؤيدي/ات بشار الأسد اللاهثين لانتخابه خارج سوريا، بمختلف أشكال تواجدهم خارج بلدهم، بأي حق تنتخبون مجرمًا أجبرَ معارضيه على الهجرة؟ بأي حق تنتخبون قرارًا يمنع أبناء بلدكم المعارضين من العودة إليه؟ بما أنّكم خارج سوريا، ما الذي يدفعكم لانتخابه؟

أثارت تغريدة رئيس الهيئة التنفيذيّة لحزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع، استياءً كبيرًا لدى العديد من السوريين/ات، حين قال: “يظهر أنّ عشرات آلاف النازحين السوريين في لبنان يتحضرون للمشاركة غدًا في المهزلة المأساة المُسماة انتخابات رئاسيّة سوريّة في مقر السفارة السوريّة في الحازميّة”.

وأضاف:” إن تعريف النازح واضح ومتعارف عليه دوليًا وهو الشخص الذي ترك بلاده لقوة قاهرة وأخطار أمنيّة تحول دون بقائه فيها، وبالتالي نطلب من رئيس الجمهوريّة ورئيس حكومة تصريف الأعمال إعطاء التعليمات اللازمة لوزارتي الداخليّة والدفاع والإدارات المعنيّة… من أجل الحصول على لوائح كاملة بأسماء من سيقترعون للأسد غدًا، والطلب منهم مغادرة لبنان فورًا والالتحاق بالمناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد في سوريا طالما انهم سيقترعون لهذا النظام ولا يشكل خطرًا عليهم”.

وبعيدًا عن تاريخ جعجع كأحد أمراء الحرب الأهليّة اللبنانيّة، وكرهه لقسم من الشعب السوري النابع من كرهه لنظام الأسد، وبعيدًا كذلك عن الفرق بين نازح ولاجئ في علوم اللغة العربيّة، وعنصريّة العديد من قادة الأحزاب اللبنانيّة ضدّ السوريين، لنقف عند بعض الحقائق التي جاءت في تغريدته.

في الانتخابات الماضية التي جرت عام 2014، كنت مراسلًا لراديو روزنة السوري في العاصمة اللبنانيّة بيروت، وقمت بتغطية الانتخابات هناك. خرجت من منزلي في حيّ الأشرفيّة منذ ساعات الصباح الأولى، لأصطدم بالمشهد الذي رأيته منذ بداية أوتستراد الحازميّة- بعبدا، فهو الطريق المباشر نحو موقع السفارة السوريّة في منطقة اليرزة.

مشهد مرعب، مُحبط، مفاجئ ولا يُنسى! زحفٌ سوريٌ من بداية خط الحازميّة نحو باب السفارة، طريق الذهاب في الأوتستراد كان جزئين، جزء لوسائل النقل وجزء للزحف السوري، 4.3 كم من الزحف الجماهيري مشيًا على الأقدام وبالسيارات والباصات تحت شمس قاسية، كلّ هذا العذاب يرخص لأجل انتخاب بشار الأسد، وقتها، كمراسل صحفي، مشيت معهم، لأفهم وأعيش تفاصيل القصة الصادمة، لنقلها بأفضل طريقة مهنية ممكنة، كنت مقتنعًا –كالكثير غيري من السوريين المعارضين للأسد- برواية أن أذرع النظام السوري في لبنان، أجبرت الكثيرين من السوريين المقيمين واللاجئين على الإدلاء بأصواتهم، ومن هنا مشيت مع الزحف.

لتحرّي الموضوع أكثر والوصول إلى حقيقة إجبار النظام أو لا للناس على الانتخاب، رأيت مجموعة شُبان ورجال سوريين كانوا راكبين في أحد الباصات يهتفون للأسد، بعد السلام عليهم وبدايات الحديث الكاسرة للجليد سألتهم:” هل أجبركم أحد على المجيء والإدلاء بأصواتكم؟” فكانت ردّة الفعل منهم عنيفة، تعرضت للسباب ولو توقف الباص لنزلوا وضربوني، ركضت لأبتعد عنهم.

هكذا حاولت التحري عن الموضوع، ولم أفقد الأمل بأنّ هذه الجماهير مُجبرة، لكن لأرض الواقع كلمتها، فالمئات والآلاف، بمعظمهم ومختلف مشاربهم الثقافيّة والماديّة، ذاهبين للانتخاب بكلّ قناعة، قد يكون هناك أناس تمّ إجبارهم على الانتخاب لم أصدفهم، وحين وصلت لمفرق اليرزة الذي يبعد عن السفارة عشرات الأمتار، كان الحشد الأكبر، والهتافات الأكبر، حتى ظننت أنّني في إحدى المسيرات المليونيّة –العفويّة- التي تحتل ساحة الأمويين أو السبع بحرات في دمشق، المؤيدة لبشار الأسد.

في قلب الأحداث أجريت مداخلتي الهاتفيّة مع استديو الراديو في باريس، شرحت مشاهداتي كما هي، فيما كان الإحباط وفقدان الأمل واليأس يقتلني!

بالعودة إلى تغريدة جعجع والخلاف حولها، بدأت آثارها في أول أيام الانتخابات، مع تعليقات عنصريّة من بعض اللبنانيين/ات ضدّ السوريين، وكذلك بالفيديو الذي انتشر حول هجوم مؤيدين لحزب القوات على سوريين ذاهبين لانتخاب بشار الأسد وتكسير سيارتهم، وهو أمر خطير قد يسبب موجات عنف كثيرة.

لا شك أنّ العنف مرفوض من أيّ جهة كانت، تجاه أي جهة، ويحق لأيّ شخص أن يؤيد وينتخب من يشاء، لكن ألا يحق لنا –كسوريين معارضين ولبنانيين أيضًا- أن نسأل مؤيدي/ات بشار الأسد اللاهثين لانتخابه خارج سوريا، بمختلف أشكال تواجدهم خارج بلدهم، بأي حق تنتخبون مجرمًا أجبرَ معارضيه على الهجرة؟ بأي حق تنتخبون قرارًا يمنع أبناء بلدكم المعارضين من العودة إليه؟ بما أنّكم خارج سوريا، ما الذي يدفعكم لانتخابه؟

ولنفترض أنّ لديكم الحجج المقنعة والأسباب المنطقيّة الكافية لانتخاب رجل تسبب بقاؤه في السلطة بمقتل 400 ألف شخص، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، وربما أكثر مع حسبان الحالات غير الموثقة، ولجوء نحو 6.6 مليون سوري إلى 126 دولة، مع أكثر من 5 مليون نازح داخل سوريا، هُجروا من مدنهم وبلداتهم، ناهيك عن باقي أرقام الدمار في سوريا، ما رأيكم لو تعودوا من البلدان التي أنتم فيها (لاجئين أو مقيمين أو مهاجرين أو غير ذلك) إلى “حضن الوطن” وتبدؤوا بتنفيذ شعار سيدكم الانتخابي لحملته عام 2021 “الأمل بالعمل”، وتعملوا معه على بناء هذا البلد، ولنرى، بعد سنوات، كيف سيكون حالكم! أم أنّ ملذات اللجوء في أوروبا التي حصلتم عليها وأخذتم حق من هو أحق منكم بها أفضل من العمل مع رئيسكم؟

صحافي سوري مستقل، وخريج كلية الإعلام بجامعة دمشق. عمل في الصحافة منذ عام 2008 ينشر في العديد من المواقع والصحف العربيّة والعالميّة.

حكاية ما انحكت

————————

فوز الأسد وهزيمة الإنسانية!

رأي القدس

اختار رئيس النظام السوري بشار الأسد منطقة دوما، التي كانت وحداته العسكرية قد نفّذت ضد سكانها غارة بسلاح للإبادة الجماعية في 21 آب/أغسطس 2013، فسقط ضحيتها المئات إثر استنشاقهم غازات سامة ناتجة عن هجوم بغاز الأعصاب، وقد تم توقيت الهجوم حينها بعد وصول بعثة المفتشين الدوليين إلى دمشق بثلاثة أيام، وقد استخدم النظام حينها روايات متناقضة، منها اتهامه المعارضة بتزوير صور ضحايا الهجوم، ثم بأنها هي المسؤولة عن الهجوم، لكنّ النظام اضطر بعدها، لابتلاع رواياته المتناقضة، والتفاوض مع المنظومة الدولية على نزع ترسانته الكيميائية لوقف هجوم غربي عليه.

باختياره تلك المنطقة المنكوب أهاليها، لإعادة فرض «الدرس» على السوريين والعالم، يستعيد الأسد، عمليا، المشهد المرعب الذي يسخر من مواطنيه الذين ورثهم عن أبيه الراحل حافظ الأسد منذ عام 2000، ويسخر أيضا من العالم الذي أمل السوريون أن يوقف المذبحة الجارية المستمرة ضدهم.

تكشف تصريحات الأسد التي أطلقها من دوما خلال عملية «الانتخاب» جوهر ذلك الحدث، بدءا من قوله إن الانتخابات في دوما «تأكيد على أن سوريا ليست منطقة ضد منطقة أو طائفة ضد طائفة» وهو قول لا يصعب على السوريين (وحتى على العالم) فهم معناه المضمر، فالغارات الكيميائية لم تستهدف «الإرهابيين» كما وصفهم، بل المدنيين الذين يويدونهم والذين وصل عدد ضحاياهم إلى 1466، وشملت أعدادا كبيرة من الأطفال والنساء.

كان مدهشا، حينها، أن مستشارة الأسد، بثينة شعبان، ابتدعت فكرة لسرقة مظلومية الضحايا أولئك حتى، بادعائها أن الأطفال الذين قتلوا في تلك الحادثة خطفوا من مناطق مؤيدة للنظام (أي مناطق الحاضنة العلوية) وبذلك لم يكتف النظام السوري بقتل الضحايا فحسب بل أراد أيضا سرقة جثامينهم، وتحويل التعاطف العالمي معهم إلى «حاضنة النظام» ومؤيديه، في إشارة إلى أن الشخصيات القيادية في ذلك النظام كانت تفكر فعلا بعقلية «منطقة ضد منطقة وطائفة ضد طائفة».

التصريح الرمزيّ الثاني للأسد من دوما توجّه إلى المنظومة الدولية التي اعتبرت انتخاباته غير شرعيّة وشككت في نزاهتها فرد على ذلك بالقول إن «قيمة آرائكم صفر، وقيمتكم عشرة أصفار» وهو تصريح إباديّ بمعنى ما، فاعتبار المنظومة الدولية صفرا، يحيل إلى عقلية الإلغاء التام للآخرين، وهي إحدى الأفكار الرئيسية التي ترتكز عمليات الإبادة الجماعية لشعب أو قومية أو دين.

التصريح يسخر أيضا من فاعلية تلك المنظومة العالمية التي لم تتمكن من إزاحته عن كرسيّه، من ناحية، أو من إنقاذ ضحاياه الذين وصل تعدادهم إلى مئات الآلاف من القتلى والملايين من المهجرين واللاجئين والنازحين، ولماذا بعد كل ذلك لا يتحدث عن «انتخابات حرة» ويزور المناطق التي أباد أهلها، رغم أنه تحوّل إلى قائمقام لقوتي احتلال كبيرتين: روسيا وإيران؟

فوز الأسد المعلوم مسبقا، بهذه المعاني، هزيمة ليس للسوريين فحسب، من الذين حلموا بنظام آخر لا يعاملهم كرهائن وسجناء ومشاريع خطف وقتل وتعذيب، بل للعالم أيضا، الذي عجز عن إيقاف المجازر على مدى عشر سنوات، وهو ما جعل الأسد أنموذجا للطغاة، بمن فيهم إسرائيل، التي تحلم نخبها العنصرية المتطرفة بتنفيذ عمليات التهجير الجماعي ضد الفلسطينيين، وباستخدام ترسانتها الحربية ضدهم.

القدس العربي

————————–

الاسد يفوز..سوريا تغادر الكوكب بسلام/ ساطع نور الدين

بين السخرية الجارحة وبين المرارة الشديدة، جرت الانتخابات الرئاسية السورية، وقدمت البرهان على أن سوريا لا تزال تنتمي الى حقبة النصف الاول من القرن الماضي، وأحكامها ومعاييرها وحتى مظاهرها، وتندرج في فئة البلدان المتمردة على القيم الراهنة للمجتمع الدولي، مثل كوريا الشمالية وبيلاروسيا وغيرها من دول آسيا الوسطى التي نسيها التاريخ السوفياتي، لكنه أسند الى روسيا مهمة إبقائها في فلكها وتحت وصايتها.

لم يكن من باب الاستهزاء أن تستعيد الذاكرة وقائع العمليات الانتخابية التي كانت تجري في أواسط القرن العشرين، في سوريا بالذات كما في الكثير من الدول العربية ودول العالم الثالث. تلك الذكريات كانت صادمة، لأنها، على نواقصها وعيوبها الفادحة، لم تكن تبلغ هذا الحد من الاستخفاف بفكرة الاحتكام الدوري لصناديق الاقتراع، من أجل تداول السلطة الحزبية والتشريعية وحتى الرئاسية. سوريا نفسها شهدت بعض التجارب العابرة، وكذا مصر والعراق وليبيا، قبل ان يستقر حكم العسكر ويستمر حتى اليوم.

حتى من لبنان، الذي لم يعرف في تاريخه شكل الدولة ولا وجودها، ولا طعم الانتخابات النزيهة أو نتائجها، كانت متابعة الانتخابات الرئاسية السورية بالامس، محزنة، لأنها تشبه زيارة شاقة الى الماضي، أو بالاحرى رحلة الى كوكب بعيد، ما زالت سوريا وشعبها، الموالي والمعارض، تتشبث بالبقاء فيه، والتحليق في مداره، متباهية بأنها تمسك بناصية الحقيقة، وتمضي في الاتجاه الصحيح.. المخالف للغالبية الساحقة من دول العالم التي إلتحقت بثقافة الحاضر أو على الاقل بحساباته.

كيف إنحدرت سوريا الى هذا المستوى، حتى عن تجاربها الانتخابية والسياسية السابقة، وحتى عن مسلمات نظامها الحالي ومحرماته: الثورة ليست السبب بالتأكيد، فهي كانت وستبقى الدليل على ان المجتمع السوري لم يمت ولن يموت، وعلى أن أدوات حكم سوريا ونصوصها الدستورية ورموزها السياسية ستتغير يوماً ما نحو الأفضل..وهي كانت وستظل تتحدى النظام والمعارضة من داخلهما للقيام بما هو أنسب وأجدى لمستقبل سوريا.

لعل الارشاد الروسي والايراني، بما يختزله من تاريخ ديمقراطي عريق ووعي سياسي عميق، هو مصدر هذا الخلل، أو العيب في التجربة الانتخابية السورية الراهنة. ففي البلدين، الكثير مما يمكن لسوريا أن تستلهمه وتتعلم منه، بشهادة المراقبين الروس والايرانيين الذي كانوا يتجولون بالامس على مراكز الاقتراع السورية، مع آخرين من طلائع ألوية نشر الديموقراطية الآتين من بيلاروسيا وكوريا الشمالية وفنزويلا وغيرهما..بعيداً عن أعين الاعلام! ومعهم كما تردد أيضا مراقبون من الشيشان أرسلهم الرئيس فلاديمير بوتين لهذه الغاية.

لم يكن أحد يملك جواباً على السؤال الجوهري: ما كان الداعي الى إجراء عملية إنتخابية كان يمكن تزوريها بسهولة، وبأرقام مليونية، ومن دون الحاجة الى تكليف جمهور الموالين عناء التوجه الى مراكز الاقتراع، لكي يجدوا ضباطاً وجنوداً بزيهم العسكري يقفون فوق صناديق الاقتراع مباشرة، أو يملؤون ورقة التصويت بإسم الرئيس، ويسلمونها الى الناخب لكي يقوم بإسقاطها في الصندوق. هل كان الرئيس “الفائز”بحاجة فعلا الى مثل هذه المبايعة الديموقراطية، ولأي سبب..غير إستفزاز الغرب وإثارة بيانات التشكيك بشرعية إنتخاباته ونزاهتها والتذكير بقرارات مجلس الأمن الدولي الذي مزّقه الروس والايرانيون، ورموه في سلة المهملات، ونصحوا الاسد، كما قيل، بالتمديد لنفسه قدر ما يشاء، لتجنب الاعباء المالية والاقتصادية وحتى الأمنية لعملية إنتخابية لن تقنع أحداً، لا في سوريا ولا خارجها، بأن النص الدستوري محترمٌ الى هذا الحد.. خاصة وأنه ليس في الأفق عملية سياسية تفاوضية جدية، تبرر مثل هذه التعبئة العسكرية للموالين، ومثل هذا الاستفزاز للمعارضين.      

كانت خطوة واسعة الى الوراء، أملتها شخصية الرئيس “الفائز”، مثلما حكمتها عقلية المعارضة البائسة، أسوأ ما فيها أنه لا يمكن لأحد في العالم أن يقنع الاسد بأنه لم ينتصر، ولا أن يقنع معارضيه بأن موعد إزاحته مؤجل، ولو الى حين.

المدن

—————————–

مسرحية الانتخابات السورية/ سهيل كيوان

افتتحت صناديق الاقتراع في سوريا، وحسب الإعلام السوري الرسمي، فقد بدأ المواطنون في التوجه إلى صناديق الاقتراع لاختيار مرشحهم لرئاسة الجمهورية.

وقام مراقبو نزاهة الانتخابات منذ السادسة والنصف من صبيحة أمس الأربعاء، بالتأكد من سلامة صناديق الاقتراع، وبأنها خالية من أي أوراق انتخابية لصالح أيٍ من المرشحين لرئاسة الجمهورية. الإعلام السوري يغطي الانتخابات بجدية، وهو عاقد الحاجبين، حتى يبدو وكأنه بات يخلط بين الحقيقة والتمثيل، بين الواقع والمتخيل.

وحسب وكالة سانا السورية، فإنه بدعوة من وزارة الإعلام عرض فيلم بعنوان «لآخر العمر» أمام عدد من الإعلاميين العرب، الذين أتوا لتغطية الانتخابات الرئاسية، في دار الأسد للثقافة والفنون، ويحكي الفيلم حسب سانا، ما تعرض له الإعلاميون وهم يغطون «بطولات الجيش العربي السوري في الحرب الإرهابية». وعلق صحافي وكاتب تونسي من المدعوين على الفيلم بقوله «إن الصمود السوري الذي أبرزه الفيلم أوصل سوريا إلى يوم الانتخابات الرئاسية التي تعد حلقة مكملة لتحرير الأرض بالكامل». هذا يعني أن الشعب والجيش السوري دفع كل هذه التضحيات لأجل هذه المسرحية الانتخابية.

أما المطلوب من المواطنين في المناطق تحت سيطرة النظام، فهو المشاركة في هذه المسرحية، ولهذا توجهت أعداد منهم لا نعرف حجمها إلى التصويت، بعضهم لأسباب والتزامات حزبية، والبعض كي يبعد عن نفسه شبهة عدم المشاركة، وشبح الوقوع في شبهة العداء للنظام، من ثم التعرض للأذى. أظن أن أكثر الناخبين يشعرون بالإحباط وهم يدخلون وراء الستارة في مسرحية نهايتها معروفة، ولابد أن كثيرين منهم ينظرون إلى بعضهم بخجل داخلي عميق، وهم يتعرضون لما يشبه عملية اغتصاب جماعية. تكتمل المسرحية بدعوة مراقبين أجانب من الدول الصديقة لمراقبة الانتخابات، فكانت روسيا وبيلاروسيا وإيران أول من أرسل مندوبين لمراقبة النزاهة، وبهذه المناسبة أكدت عضو وفد المراقبين الإيراني زهرة الهيان فور وصولها على نزاهة الانتخابات وسيادة الديمقراطية في سوريا. يُذكر أن السلطات في بيلاروسيا أرغمت طائرة مدنية يوم الأحد الأخير على تغيير مسارها لتهبط في مطار مينسك في بيلاروسيا بأمر من لوكاشنكو رئيس البلاد، لاعتقال صحافي معارض للديكتاتور الذي يحكم بيلاروسيا منذ 27 عاماً.

الانتخابات نزيهة في سوريا لدرجة مذهلة، لأنك لن تجد أي منافسة على جلب الأصوات لصالح هذا أو ذاك من المرشحين، ولن ترى أو تسمع فيها مشادات كلامية، أو اعتداءات جسدية وصدامات بين أنصار هذا وذاك، وهو أمر يحدث عادة في المنافسات الانتخابية، حتى في أعرق الديمقراطيات في العالم، الجميع هنا قانع بما يرزقه لهم النظام من أصوات. يعرف منافسا الأسد عبد الله عبد الله ومحمود مرعي حدود اللعبة، ما هو مسموح لهما في لعب دور المرشح، وما هو ممنوع، وهما يكادان أن يعتذرا على ما بدر منهما من ترشيح. ولكن الجميع يشجعهما ويحاول إبراز اسميهما لأن هذه تضحية لأجل الوطن، بل هي عملية بطولية لتبييض مسرحية الانتخابات. سيبدو الأمر سخيفاً إذا اختلف اثنان على بضعة أصوات، ولا توجد محاولات لإقناع أحدهم بتغيير رأيه، مثلا بالتصويت للمرشح عبد الله عبد الله بدلا من التصويت للمرشح محمود مرعي. تستمر المسرحية ويبدأ فرز الأصوات، ويتأكد المراقبون من نزاهة عملية الفرز بحضور ممثلين عن الممثلين للمثلَيْن المُرشحين! سيتكرر اسم أحد المرشحين عشرات وربما مئات المرات مقابل ظهور اسم مرشح آخر مرة واحدة، وحين يُذكر اسم المرشح المنافس، يضطر العاملون في الفرز على الابتسام، ابتسامة النصر بما تحقق من فوز وديمقراطية مبينة.

مهزلة الانتخابات لا تنطلي حتى على أكثر المتحمسين لهذا النظام، فمن هذا الذي ما زال مقيماً في سوريا ويعارض النظام ونهجه، ويستطيع أن يرشح نفسه للرئاسة في مواجهة الأسد، سوى أن يقوم بدور كومبارس هامشي جدا! أتمنى بصدق أن ينجح عبد الله عبد الله أو محمود مرعي، كي يثبت للعالم أن كل ما جاء في هذا المقال افتراء على نزاهة الانتخابات. الاسم الحقيقي لهذه الجولة هو اغتصاب السلطة مرة أخرى، رغم أنف أكثرية أبناء الشعب السوري، والمسرحية باتت نكتة بائخة وفاشلة، ربما كانت في سنين سابقة مادة للضحك والتندر، ولكنها تحولت إلى مأساة لأن هناك جداول من دماء جرت، وما زالت تجري والله يعلم إلى متى في داخل سوريا وخارجها.

كاتب فلسطيني

————————

انتخابات الأسد:فوز رئيس..متمسك بالكرسي حتى الموت

قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية في تقرير، إن المعجزة الحقيقية الوحيدة للانتخابات الرئاسية السورية ستكون إذا أعادت تلك الانتخابات رئيس النظام بشار الأسد لولاية أخرى مدتها سبع سنوات بأغلبية أقل من 90 في المئة.

وأضافت الصحيفة في تقرير لمراسلها مارتن شولوف بعنوان: “سلالة الأسد رئيس الغوغاء..تشدد قبضتها على قشور سوريا”، إن الرئيس المخضرم يريد استعادة خسائره، وتأكيد نفسه على أنه الشخص الوحيد الذي سيرسم الطريق من خارج أكبر دمار تشهده البلاد في عصرها الحديث.

وجاء في التقرير: طاغية، مجرم حرب، زعيم عصابة. أو بالنسبة إلى موالينه: منقذهم الذكي. الآراء حول بشار الأسد نادراً ما تكون وسطية. بينما واجه رئيس النظام السوري انتخابات رئاسية مفروغ من نتيجتها، فإن الاختبار الأصدق للسلطة التي يمارسها في جميع أنحاء البلاد المنهارة قد تبلور بعيداً عن اللافتات السياسية والحملات الانتخابية المزيفة.

في البلدات والقرى المدمرة، التي دمرها عقد من الوحشية، كان الرئيس المخضرم الآن يتغلب على الخسائر، ويعزز نفسه باعتباره الشخصية الوحيدة التي يمكن أن ترسم مساراً على أنقاض الصراع الحديث الأكثر تدميراً في المنطقة. ببطء، خلال العام 2020، كان الأسد وعائلته يعززون نفوذهم. نادراً ما يُرى خلال معظم الأزمة، فقد أصبح عنصراً أساسياً في ما تبقى من قلب سوريا الصناعي. يزور المصانع، ويضغط على الموظفين بسبب معاناتهم، ويستضيف الوفود بسهولة قلّة لاحظوها في ذروة القتال.

ربما يكون حلفاء الأسد، روسيا وإيران، قد قاما بجهود كبيرة لإنقاذ النظام من الهزيمة في ساحات القتال، لكن الهيكل التقليدي، منزل الأسد، كان لا يقل أهمية في السيطرة على البلاد. سوريا باتت من نواحٍ كثيرة، تحت سيطرة عائلة الأسد أكثر مما كانت عليه في بداية الحرب. لقد رسّخت هياكل السلطة التي تأسست على مدى أربعة عقود سلالة حاكمة وديكتاتورية.

مع وصول الحرب إلى طريق مسدود، وهزيمة تنظيم “داعش”، اتخذ الأسد وزوجته أسماء خطوة غير عادية للإطاحة بأغنى رجل في سوريا، رامي مخلوف، ابن خال الأسد والمستشار المالي، كان لا يمكن المساس به – لكن فجأة لم بعد الأمر كذلك.

في أوائل عام 2020، استلمت أسماء الأسد المؤسسة الخيرية التي اعتاد مخلوف إعالة عائلات الموالين الذين قتلوا في الحرب، عبرها. قال أحد كبار رجال الأعمال السوريين، المنفي الآن من سوريا: “في تلك المرحلة  كان بشار وأسماء يتوصّلان إلى المكان الذي كانت الأموال لا تزال تتدفق عبره إلى سوريا. كان هناك الأمم المتحدة والجمعيات الخيرية. عززت أسماء جميع المؤسسات الخيرية التي كانت تحت رعايتها وسرعان ما فقد رامي دوره كراعٍ. كان الباقي سهلاً”.

أدت سهولة عزل مخلوف وتوطيد سيطرة الأسد على عائدات البلاد إلى تغذية مقارنات منتظمة مع نظام المافيا، الذي يستخدم هياكل الدولة الضعيفة لتعزيز سيطرته وإبقاء أتباعه تحت وصاية. وقال رجل الأعمال البارز: “كانت اللحظة الحاسمة لبشار عندما توفيت والدته أنيسة في عام 2016. لقد فتحت الأبواب أمام أسماء ، وشعر بشار بحرية أكبر في فعل ما يريد. كانت أنيسة متشددة. أصرت على قمع المتظاهرين في 2011”.

وأدّى العنف الذي أعقب ذلك، إلى نزوح نصف سكان سوريا، وبقاء النصف الآخر خارج الحدود، فيما قُتل أكثر من 500 ألف شخص وتفكك الاقتصاد. قال أربعة رجال أعمال سوريين تحدثوا إلى “الغارديان”، إنهم تعرضوا للابتزاز في الأشهر الأخيرة من قبل المسؤولين السوريين، الذين وصلوا إلى مكتبهم بدعوى أن هناك رسوم مستحقة على الواردات أو المخزونات.

قال أحد كبار رجال الأعمال: “لقد جاؤوا إلى ورشة عمل صديقي وساحة البيع مدعين أنهم من الجمارك. بدؤوا بطلب غريب وخفضوه إلى 400 ألف دولار. لقد كانت عملية ابتزاز بسيطة. إنهم مفلسون ويحاولون استرداد الأموال أينما أمكنهم ذلك. لقد خسروا عشرات المليارات في لبنان ولا دخل لهم “.

وقال رجل أعمال آخر إن مسؤولي الأمن زاروه في آذار/مارس وزعموا أنهم يجمعون متأخرات. “بعد أسبوع أمكنني إصلاح ذلك، لكنه كلفني 180 ألف دولار واضطررت إلى منح الرائد سيارة”.

فاجأ ظهور سوريا كدولة مافيا الكثيرين ممن التقوا بالأسد في السنوات الأولى من رئاسته، لكن آخرين تعاملوا معه على نطاق واسع، قالوا إن النتيجة لم تكن موضع شك. قال ضابط عمليات سابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية كان يعرف رئيس النظام: “الأسد هو توني سوبرانو الشرق الأوسط، رئيس عصابة مع أزمات عائلية وخصومات منتشرة في كل مكان، يشرف على عصابة إجرامية مصممة ببساطة لإثراء نفسه وعائلته، ومستعد دائماً لممارسة العنف لتحقيق أهدافه”.

من الواضح أن فكرة “بشار التقدمي” التي تم الدفع بها في أوائل العقد الأول من القرن الحالي -طبيب العيون الشاب الأنيق الذي تدرب في المملكة المتحدة، وبحب التكنولوجيا الغربية، ومتزوج من مصرفية سابقة جميلة- كانت كلها مهزلة. وبالنسبة للكثيرين من المراقبين لسوريا، جادلنا عبثاً أن بشار ما هو إلا رجل مافيا. ربما كان الأمل البسيط في أن الربيع العربي سيترسخ في سوريا هو الذي طمس الحكم الجماعي، أو أن قوة السكان المتعلمين تعليماً عالياً ستكون قادرة على النهوض وتصبح سوريا نموذجاً للشرق الأوسط.

ومع ذلك، فإن المحصلة النهائية هي أن بشار كان نتاجاً خالصاً لوالده، وكان مصير سوريا أن تعاني معه وهو على العرش. لن يتخلى عن الكرسي تحت أي ظرف آخر غير الموت.

قال رئبال الأسد، ابن عم الأسد الأول، الذي عاش في المنفى على مدى العقدين الماضيين، إن المجتمع الدولي بدا وكأنه تخلى عن سوريا. وقال: “العالم يسمح له بإجراء هذه الانتخابات. لم يكن هناك ما يدعو للتفاؤل بشأنه خلال السنوات العشر الماضية. هناك العديد من السوريين الطيبين الذين يعيشون في الخارج، أذكياء ومحترمون نظروا إلى المعارضة وقالوا: إذا كان من المفترض أن يكون هؤلاء هم الرجال الجدد ، فهم أسوأ. ولن ننضم إلى النظام، إنه نظام ديكتاتوري”.

المدن

——————————-

الأسد يدلي بصوته في منطقة قصفها بالسلاح الكيميائي ويتحدى العالم: قيمة آرائكم صفر!/ هبة محمد ووائل عصام

وسط إصرار النظام السوري على إجراء انتخابات رئاسية أمس، في مسرحية محسومة النتيجة، أعلن عشرات آلاف السوريين خارج مناطق سيطرته وداخلها، عن موقفهم الرافض للانتخابات، وأدلوا بأصواتهم عبر مظاهرات شعبية عارمة هتفت بشعاري “لا مستقبل مع القاتل” و” لا شرعية للأسد وانتخاباته”، وسط تشكيك دولي من خمس دول غربية بنزاهة الانتخابات، وشجب منظمات حقوقية وإنسانية. وجدد رئيس النظام السوري، بشار الأسد، البيعة لنفسه، حيث أدلى بصوته إلى جانب عقيلته أسماء، وسط جموع من المقترعين في مركز الانتخابات في مقر بلدية دوما في ريف دمشق، وهي المدينة التي هُجّرت غالبية سكانها إلى الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، والتي دمرها بكل أنواع الأسلحة بما فيها المحرمة دولياً، وهجّر أهلها. وقال موجها تحديا للدول التي انتقدت الانتخابات: (قيمة آرائكم صفر وانتم عشرة أصفار) ووفق مراقبين تحدثت إليهم “القدس العربي” في العاصمة السورية دمشق، فإن الأسد أراد إظهار انتصاره على المعارضة السورية المسلحة والإسلام السياسي في معقله الأقرب لقصره في دمشق، فدوما المعروفة كبلدة عريقة محافظة في ريف العاصمة، كانت مركزاً لجيش الإسلام وفصائل المعارضة الإسلامية الأخرى التي سيطرت على ريف المدن الكبرى في المحافظات إبان الثورة السورية.

قابل ذلك خروج عشرات آلاف المدنيين في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، بمشاركة مهجري المحافظات السورية، بمظاهرات شعبية عارمة تجمعت في ساحة السبع بحرات في المدينة تحت شعار “لا شرعية للأسد وانتخاباته”. وبث ناشطون صوراً وتسجيلات مباشرة للمظاهرات الشعبية الرافضة للانتخابات، والمعلنة عدم شرعيتها واستبعادهم بشكل رسمي منها.

وتداول ناشطون وصفحات إخبارية منها “تجمع أحرار حوران”، وصفحة “درعا 24″ المحلية، تسجيلات مصورة، وصوراً تظهر حالة الإضراب العام وإغلاق الأسواق والمحال التجارية في كل من مدن درعا وجاسم وطفس ونوى والجيزة والحراك، تعبيراً عن رفضهم للانتخابات الرئاسية التي يجريها نظام الأسد.

وقال المتحدث باسم التجمع أبو محمود الحوراني لـ”القدس العربي” إن مدينة جاسم شهدت إطلاق نار، لإعلان حالة من الحظر العام بدءاً من ساعات الصباح الباكر.

وكتب الخبير السياسي د. محمود حمزة معلقاً على الانتخابات “دائما كان النظام يكذب على السوريين ويزور إرادتهم بأنه يحظى في الانتخابات الرئاسية او الاستفتاء بتأييد الشعب السوري بنسبة عالية جداً تصل الى 99%. واليوم جرت انتخابات لأول مرة و16 مليون سوري خارج سيطرة النظام وهم يرفضون الأسد المجرم وأعلنوا بكل حرية أنهم ضد ترشيحه ويجب محاكمته على جرائمه”.

وتساءل قائلاً “ألا يرى العالم أن الاسد لا شرعية له والانتخابات مزورة كالعادة؟”.

دولياً، وعشية انطلاق الانتخابات أصدر وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا بياناً مشتركاً للتنديد بـ “الانتخابات (الرئاسية) المزورة” التي جرت فصولها أمس. وقالت الدول الخمس إنها “تدعم أصوات جميع السوريين، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني والمعارضة السورية، الذين أدانوا العملية الانتخابية ووصفوها بأنها غير شرعية”.

بدوره، قال عضو الهيئة السياسية في الائتلاف، محمد يحيى مكتبي، إن هذه العملية هي إعادة تدوير للأسد، ولا تمت للانتخابات بصلة. وأضاف لـ”القدس العربي” أن ذلك يؤكد رفض النظام والأطراف الداعمة له، المسار السياسي المبني على القرارات الدولية. وبخصوص موقف المعارضة من الانتخابات، قال مكتبي: “لا تعنينا هذه الانتخابات بشيء، والشعب السوري قال كلمته منذ الأيام الأولى للثورة السورية في عام 2011”.

وفي الاتجاه ذاته، ثمّن الائتلاف السوري البيان المشترك الذي أصدرته أربع دول أوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا) والولايات المتحدة حول عدم شرعية انتخابات النظام السوري على لسان رئيس الائتلاف نصر الحريري على حسابه في “تويتر”.

من جانبها، وصفت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” الانتخابات الرئاسية بـ”غير الشرعية”، مؤكدة أن الانتخابات “تنسف العملية السياسية وتجري بقوة الأجهزة الأمنية”. ودعت الشبكة في بيان، إلى محاكمة الأسد، قائلة إن “بشار الأسد متهم بارتكاب العديد من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ويجب محاسبته”.

القدس العربي

————————–

لوفيغارو: الأسد متأكد من إعادة انتخابه بعد اقتراع لا قيمة له/ آدم جابر

“سوريا: الأسد متأكد من إعادة انتخابه بعد اقتراع لا قيمة له بالنسبة للغرب”. هكذا عنونت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية في تقرير لعددها الصادر هذا الخميس، قائلة إن بشار الأسد، البالغ من العمر 55 عاما، يبدأ ولاية رابعة كرئيس لبلد شوهته الحرب والدمار.

وأشارت “لوفيغارو” إلى أن سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة فقط -حوالي ثلثيْ البلاد- صوتوا. أما بالنسبة لملايين السوريين الذين نزحوا من بلادهم منذ عام 2011 وبدء الحرب التي أودت بحياة 380 ألف شخص، فلم يتمكنوا من التصويت باستثناء أولئك الذين كانت لديهم أوراق رسمية وليس المعارضين.

ويرى المحلل فابريس بالانش من جامعة ليون 2 أن “السوريين صوتوا لمبايعة بشار الأسد والنظام.. ويظهر الأسد أن المؤسسات تعمل من خلال إجراء انتخابات منتظمة”. فعلى ملصقاته الانتخابية، قدم المرشح الأسد، الذي لم ينظم أي تجمع انتخابي لكنه أعلن عفواً عن آلاف السجناء، نفسه على أنه رجل إعادة الإعمار. مع من؟ بأي نقود؟ وكيف تقدم خصومك المتبقين؟ هذه كلها أسئلة لم يجيب عليها الأسد بعد، تقول “لوفيغارو”.

وفي شمال شرق سوريا، تجاهلت منطقة الحكم الذاتي الكردية الاقتراع. وكذلك الحال بالنسبة لسكان محافظة إدلب الواقعة في شمال غرب البلاد والتي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة، آخر معقل رئيسي للمعارضة التي يسيطر عليها الجهاديون.

في الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2014، حصل الأسد على 88% من الأصوات وشارك 73% من السوريين، تشير الصحيفة الفرنسية. فكم ستكون النسبة هذه المرة، تتساءل “لوفيغارو”؟ مشيرة إلى أن العديد من السوريين ما يزالون يفضلون التصويت تفاديا لتورطهم في مشاكل مع أجهزة الاستخبارت “المرعبة”.

    العديد من السوريين ما يزالون يفضلون التصويت تفاديا لتورطهم في مشاكل مع أجهزة الاستخبارت “المرعبة”

لكن مخاوفهم موجودة في مكان آخر. فقد خرجوا منهكين من عشر سنوات من الحرب. ويتم الاقتراع في وسط ركود اقتصادي، في ظل انخفاض الجنيه إلى مستويات قياسية، والتفشي الكبير للتضخم.

ومضت لوفيغارو إلى القول إن سوريا تخضع لعقوبات دولية لا هوادة فيها، وبشار الأسد  نفسه منبوذ دوليا. في ظل هذه الظروف، فإن العديد من السوريين أكثر من متشككين بشأن مستقبل بلدهم المحكوم عليه بالبقاء تحت الجرس، على غرار عراق صدام حسين، بعد الحظر الذي فرضه المجتمع الدولي عليه منذ عام 1990 وغزوه للكويت. لكن بالنسبة للأسد، كانت الأولوية هي أولاً البقاء على قيد الحياة في تحالف الأعداء المدعوم من العديد من الدول الغربية والعربية. غير أنه منذ بعض الوقت، انقلب المد قليلاً على الجانب العربي على أي حال. بعد الإمارات العربية المتحدة ومصر والجزائر والأردن، تفكر حتى المملكة العربية السعودية، الممول الرئيسي للمتمردين لفترة طويلة، في إعادة الاتصال بدمشق.

فالمعسكر العربي يشعر بالقلق من قبضة الفاعلين غير العرب: إيرانيون وأتراك أيضا على سوريا. فتحت طهران للتو قنصلية في حلب، المدينة الكبيرة في شمال البلاد. أما تركيا فهي تشارك في إدارة منطقة إدلب عن بعد، حيث يتمركز 13 ألفًا من قواتها.

لكن بين داعميه الروس والإيرانيين، يحتاج الأسد أيضا إلى أموال من الخليج، حيث أن تكلفة الحرب هائلة: 1 تريليون يورو، وفقًا لمنظمة وورلد فيجن غير الحكومية. ثمن باهظ لانتصار بشار الأسد.

———————–

التايمز: روسيا توسع وجودها العسكري في سوريا وترسل قاذفات بقدرات نووية/ إبراهيم درويش

قالت صحيفة “التايمز” إن روسيا تقوم بتوسيع قواعدها العسكرية في سوريا، ونقلت ثلاث قاذفات بعيدة المدى بقدرات نووية إلى هناك، في الوقت الذي تزيد فيه من سيطرتها على نظام الأسد.

وجاء في التقرير الذي أعده ريتشارد سبنسر، مراسل شؤون الشرق الأوسط، ومايكل إيفانز، أن التحرك النووي الروسي إلى البحر المتوسط يزيد من المواجهة التي تشبه طريقة الحرب الباردة مع الغرب وأوروبا، حتى في وقت يأمل فيه الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن بانفراجة عند لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في جنيف الشهر المقبل.

ولكن الحضور النووي سيقوي من نفوذ روسيا العسكري والدبلوماسي في منطقة الشرق الأوسط، في وقت تخطط فيه الولايات المتحدة لتخفيض وجودها العسكري بالمنطقة من أجل التركيز على آسيا.

 وتقول الصحيفة إن قرار روسيا نقل القاذفات الروسية لم يكن ليتم بدون موافقة رئيس النظام السوري، بشار الأسد والذي ربما قبل على تردد.

ومن المتوقع أن يفوز الأسد في الانتخابات الرئاسية التي سخرت منها الدول الغربية، مع أنه لا يزال في معظم الوقت يعتمد في بقائه على الوجود العسكري الروسي وداعميه الإيرانيين.

ووصلت القاذفات من نوع توبيلوف “تو- 22 أم 3 باكفاير” إلى قاعدة حميميم الجوية في محافظة اللاذقية، شمال غرب سوريا يوم الثلاثاء، وهبطت على مدرج صمم لاستقبال أسطول القاذفات الروسية الإستراتيجي.

وتستخدم روسيا القاعدة منذ تدخلها العسكري في سوريا عام 2015 لدعم الأسد، ويعطي موقعها الهام روسيا فرصة للقيام بعمليات رقابة بحرية ومراقبة العمليات البحرية التابعة للناتو في البحر المتوسط. وهذه هي المرة الأولى التي ترسل فيها روسيا أثقل قاذفاتها إلى المنطقة. واستُخدمت تلك القاذفات لضرب مواقع المعارضة السورية، ولكن انطلاقا من قواعدها في روسيا. وأكدت وزارة الدفاع الروسية وصول القاذفات.

وستظل القاذفات في سوريا حيث ستقوم بـ”مهام تدريبية” فوق البحر المتوسط قبل عودتها إلى قواعدها في روسيا. ولكن من المتوقع أن تظل القاذفات حاضرة في القاعدة السورية كجزء من توسيع موسكو حضورها العسكري في الشرق الأوسط وشمال- شرق أفريقيا.

وبالإضافة لدعمها بشار الأسد، فإن روسيا تدعم أيضا الجنرال خليفة حفتر في ليبيا، وأقامت علاقات مع حلفاء أمريكا في المنطقة مثل مصر والإمارات، وحاولت جس النبض مع السعودية والأردن. ولروسيا حضور بحري على البحر المتوسط، حيث تم تمديد عقد قاعدة طرطوس السورية لتستوعب الغواصات والسفن الحربية. ووقّعت إيران التي تتنافس مع روسيا عقدا مع النظام السوري في 2019 لإدارة ميناء اللاذقية على البحر المتوسط.

ودخل الأسد في انتخابات لم ينافسه فيها إلا شخصان غير معروفين، وزير من الدرجة الثانية، وزعيم حزب صغير سمح النظام له بالعمل. مما لم يترك أي مجال للشك حول هوية الفائز وهو الأسد، وحفلت الشوارع والمباني حتى المدمرة منها بصور الأسد. وفي انتخابات عام 2014 حصل الأسد على نسبة 92.2% من الأصوات، أي أقل من 99.8% التي حصل عليها عام 2007 عندما خاض الانتخابات بدون منافس، ونُظر إليها على أنها استفتاء حوله.

وفُتح المجال أمام اللاجئين السوريين في الخارج للتصويت، هذا إن كانت أوراقهم مقبولة، مع أن عددا من الدول، منها بريطانيا لم تسمح بالتصويت. وفي لبنان الذي يعيش فيه 1.5 مليون سوري بمن فيهم المؤيد والمعارض للنظام، اشتبك بعض أنصار الأسد مع السكان الساخطين على الوجود السوري. وقال اللاجئ السوري أحمد سعيد: “لم أصوت ولم أفعل هذا طوال حياتي. ومن السخافة التصويت لمرشح قتل ملايين السوريين ولا يمكنه توفير أبسط الأشياء للشعب. ولو حدث هذا في بلد آخر من العالم لكان مهزلة ولكنه حقيقة في سوريا”.

وفي مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية، قال سكان إن أرباب العمل طلبوا منهم التصويت وللأسد فقط. وقال موظف حكومي: “قررت أنا ومعظم زملائي عدم المشاركة لكن مديرنا طلب اجتماعا لكل الموظفين وطلب منا الذهاب إلى مركز الإقتراع وإلا فصلنا من عملنا”. مضيفا: “تأكد المدير في الصباح من وصولنا جميعا وأخذنا، بل وأمرنا بمنح أصواتنا للأسد وإلا فستوضع أسماؤنا على قائمة المطلوبين للأجهزة الأمنية”.

————————

أهالي درعا يقاطعون انتخابات الأسد وهجمات على قوات النظام في ريفها/ عدنان أحمد

بالتوازي مع مقاطعة معظم أهالي محافظة درعا، جنوبيّ سورية، للانتخابات الرئاسية التي أجراها نظام بشار الأسد، أمس الأربعاء، هاجم مسلحون الليلة الماضية قوات النظام في ريف المحافظة الأوسط، التي استدعت تعزيزات، وسط مخاوف من وقوع اشتباكات جديدة.

وذكر الناشط أبو محمد الحوراني لـ”العربي الجديد” أن مسلحين مجهولي الهوية هاجموا ليلة أمس الأربعاء مواقع وحواجز لقوات النظام في مدينة داعل، مستخدمين الأسلحة الرشاشة وقذائف “أر بي جي”، ما أوقع قتلى وجرحى من قوات النظام، كذلك دُمِّرَت مركبة عسكرية للنظام خلال الاشتباكات.

وأورد موقع “تجمع أحرار حوران” أنّ أصوات إطلاق النار سُمعت بكثافة في داعل، بالتزامن مع دويّ عدة انفجارات، ناتجة من اشتباكات.

وأشار إلى أن قوات النظام استخدمت عربات “بي ام بي”، حيث تمكن المهاجمون من تفجير إحداها، وسط أنباء عن سقوط أعداد من القتلى والجرحى من قوات النظام التي أرسلت تعزيزات عسكرية من حواجزها إلى المدينة، وقطعت التيار الكهربائي عنها، فيما سُمع صوت تحليق للطيران المروحي في سماء المنطقة.

وأضاف أن دعوات صدرت عن مساجد مدينة داعل تطلب من السكان التزام حظر للتجول حتى إشعار آخر، وذلك بعد وصول تعزيزات عسكرية لقوات النظام إلى المدينة.

وامتداداً للاشتباكات في داعل، هاجم شبان مفرزة تتبع لفرع الأمن العسكري غربي بلدة صيدا في الريف الشرقي لمحافظة درعا، وعدة حواجز عسكرية في محيط البلدة، منها صيدا، والغارية الغربية، وحاجز مساكن صيدا، مستخدمين أسلحة رشاشة وقنابل يدوية، وقذائف “أر بي جي”، ما أدى إلى سقوط جرحى في صفوف قوات النظام، حيث شوهدت سيارات الإسعاف وهي متجهة إلى المفرزة العسكرية.

واستهدف مسلحون مجهولو الهوية عناصر قوات النظام المتمركزة في حاجز بناية الساحر على طريق الشيخ مسكين – نوى في ريف درعا.

وشهدت محافظة درعا خلال الأيام الماضية، مظاهرات وإضرابات رفضاً للانتخابات الرئاسية التي أجراها النظام أمس، رُفعت خلالها شعارات وأعلام الثورة السورية ونادت بإسقاط النظام، ما دفع الأخير إلى عدم نشر مراكز انتخابية في أغلب المحافظة.

تظاهر عشرات السوريين في ساحة المسجد العمري رفضاً للانتخابات الرئاسية السورية (العربي الجديد)

وبعد انتهاء الانتخابات، بدأت صباح اليوم مظاهر فكّ الإضراب العام الذي كان قد تقيد به إلى حد بعيد الأهالي في درعا، حيث أضربوا يومين متتاليين، احتجاجاً على انتخابات النظام.

وأكد ناشطون أن محافظة درعا إجمالاً شهدت نسبة إقبال قليلة جداً على مراكز الاقتراع، بالرغم من الدعاية المضللة لوسائل إعلام النظام. وأوضحوا أن سلطات النظام حاولت عبر مندوبيها المحليين الضغط على الأهالي بكل السبل للمشاركة في الانتخابات عبر تجميع البطاقات الشخصية في مختلف المناطق والتصويت نيابة عنهم بشكل جماعي لبشار الأسد.

————————-

بيدرسن: الانتخابات في سوريا ليست جزءاً من العملية السياسية

أبلغ المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن مجلس الأمن الدولي أن الانتخابات التي يجريها النظام السوري “ليست جزءاً من العملية السياسية والأمم المتحدة غير منخرطة فيها”.

جاء ذلك في إفادة المسؤول الأممي خلال جلسة مجلس الأمن الدولي المنعقدة حاليا عبر دائرة تلفزيونية حول مستجدات الأزمة السورية.

وقال بيدرسن: “هذه الانتخابات ليست جزءاً من العملية السياسية التي دعا إليها قرار مجلس الأمن رقم 2254، والأمم المتحدة ليست منخرطة فيها وليس لها تفويض للقيام بذلك”.

ويطالب القرار 2254 الصادر في 18 كانون الأول/ديسمبر 2015، جميع الأطراف بوقف أي هجمات ضد الأهداف المدنية، كما يطلب من الأمم المتحدة أن تجمع بين الطرفين (النظام والمعارضة) للدخول في مفاوضات رسمية، وإجراء انتخابات بإشراف أممي.

وذكر بيدرسن أن “الأمم المتحدة تواصل التأكيد على أهمية إيجاد حل سياسي متفاوض عليه لتنفيذ القرار 2254، ويبقى هذا هو المسار الوحيد المستدام لإيقاف الصراع وإنهاء معاناة الشعب السوري”. وأوضح أنه “يسعى إلى دبلوماسية دولية بناءة كمكمل للعملية السياسية بقيادة وملكية سورية”.

وأضاف أنه “سيستمر في إجراء سلسلة من المشاورات مع أصحاب المصلحة الرئيسيين للنظر في طرق لتضييق الخلافات، لا سيما بشأن شكل جديد من الدبلوماسية الدولية البناءة ونهج الخطوة بخطوة”. وتابع: “سوريا بحاجة إلى اهتمام دولي جاد وأنا أعول على هذا المجلس للتوصل إلى تسوية”.

وجرت الانتخابات بغياب أكثر من نصف المواطنين الذي تحولوا إلى نازحين ولاجئين. وحسب أرقام الأمم المتحدة فإن نحو 6.6 ملايين سوري أصبحوا لاجئين منذ عام 2011 فيما نزح 6 ملايين و702 ألف، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية.

المدن

——————————

درعا لم تتراجع: عبوات ومظاهرات

بالتزامن مع بدء التصويت في الانتخابات الرئاسية التي يجريها النظام في سوريا الأربعاء، شهدت محافظة درعا احتجاجات واسعة، شملت الإضراب والتظاهر، كما تم استهداف بعض مراكز التصويت في وقت مبكر قبل افتتاحها.

وانفجرت عبوة ناسفة صباح الأربعاء بالقرب من أحد المراكز الانتخابية في مدينة درعا، وقال ناشطون إن المركز يقع بالقرب من منزل المحافظ، وأن الانفجار حدث قبل بدء التصويت عندما كان المركز فارغاً.

كما سُمع دوي انفجار ضخم هزّ بلدة نمر في الريف الشمالي الغربي لمحافظة درعا، بعد منتصف ليل الثلاثاء/الأربعاء، ناجم عن تفجير عبوة ناسفة أمام البلدية، ما أدى الى حدوث دمار في واجهة المبنى.

كما استهدف مجهولون بقنبلة يدوية مبنى البلدية في النعيمة شرقي درعا، من دون وقوع إصابات، وحصل استهداف مماثل بقنبلة يدوية على منزل فؤاد الحمد، أمين الفرقة الحزبية في البلدة، بحسب تجمع أحرار حوران.

وفي بلدة المليحة الغربية، أحرق شبان إطارات أمام مبنى البلدية، بينما ألقى مجهولون قنبلة يدوية على مبنى البلدية في بلدة صيدا بالريف الشرقي، وقنبلة على منزل رئيس البلدية، كما جرى استهداف منازل أعضاء في حزب البعث في البلدة، بينما مجهولون مبنى بلدية الحارّة في الريف الشمالي الغربي لدرعا بقنبلتين يدويتين دون تسجيل أي إصابات.

وكانت ملصقات ومناشير قد وزعت في معظم المدن والبلدات في محافظة درعا، حذّرت المسؤولين عن مراكز الانتخابات من وضع صناديق اقتراع في البلديات والمدارس.

في هذا الوقت شهدت معظم مدن وبلدات حوران إضراباً عاماً لليوم الثاني على التوالي، وخاصة في نوى والحراك وجاسم وطفس وانخل والكرك الشرقي وصيدا، حيث شهدت هذه المناطق إغلاقاً شبه كامل وتوقفاً لحركة السير تنديداً بالانتخابات.

كما خرجت مظاهرات كان أبرزها تجمع المئات قرب المسجد العمري في درعا البلد، كما خرجت مظاهرة في بلدتي بصرى الشام وبصر الحرير، طالب المشاركون فيها باسقاط النظام وأكدوا على عدم شرعية الانتخابات الرئاسية.

من جانبها ردت قوات النظام بإطلاق النار بشكل عشوائي داخل عدد من البلدات التي تشهد إضراباً، وقال ناشطون إن طفلاً أصيب بجروح نتيجة ذلك في بلدة نوى صباح الأربعاء.

—————————

إدلب تنبض بالتظاهرات المعارضة:المحكمة لا الحكم

خرج السوريون في الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، في مظاهرات رافضة للانتخابات التي يجريها النظام السوري في مناطق سيطرته، تحاكي نبض الشارع السوري خارج وداخل مناطق سيطرة النظام حيث تجبر أجهزة المخابرات المواطنين على الاقتراع للأسد تحت طائلة التهديد.

وشهدت ساحة السبع بحرات في مركز مدينة إدلب مظاهرة حاشدة، ظهر الأربعاء، أكد فيها الآلاف على رفضهم الانتخابات، وعدم شرعيتها.

ورفع المتظاهرون شعارات رافضة للانتخابات، ولافتات كُتب عليها “لا شرعية للأسد وانتخاباته”. وأكد رئيس المكتب السياسي في هيئة إدلب السياسية أحمد بكرو ل”المدن”، أن المظاهرة تمت بدعوة من كل الفعاليات المدينة والتنسيقيات في إدلب وريفها، وقال إن الهدف من المظاهرة الحاشدة، تأكيد عدم شرعية الأسد وانتخاباته التي تتجاوز القرارات الأممية.

السوريون بأطيافهم يرفضون الانتخابات

    من كل المدن والقرى السورية من الجنوب السوري وغربه وشرقه وشماله.. حشود في مركز #إدلب ترفض #الانتخابات_الرئاسية_السورية وتجدد كلمتها: الشعب يريد اسقاط النظام.#لا_شرعية_للأسد_وانتخاباته#سوريا #للمحاكمة_لا_للحكم #مسرحية_الانتخابات #لا_لإعادة_تدوير_المجرم pic.twitter.com/LVbAqUdKUw

    — الائتلاف الوطني السوري (@SyrianCoalition) May 26, 2021

ونجحت الفعاليات الثورية في إدلب التي تأوي أعداداً كبيرة من النازحين من مختلف أرجاء سوريا، في حشد الآلاف من المتظاهرين الذين قدموا من مختلف مناطق المحافظة وأريافها إلى ساحة السبع بحرات.

وقال المحلل السياسي مازن موسى من إدلب إن المظاهرة المركزية هذه تكتسب أهمية إضافية لأنها تحظى بمشاركة كل السوريين من مختلف المحافظات، حيث تعبّر عن الصوت الحقيقي للشارع السوري الرافض للانتخابات وللأسد، على خلاف الصورة التي يحاول النظام تصديرها، من خلال إجبار السكان بوسائل وأدوات مختلفة، في مناطق سيطرته على التوجه لصناديق الاقتراع.

وأضاف ل”المدن”، أن المظاهرة أكدت رفض الشارع السوري لمهزلة الانتخابات، وكذلك عبرت عن الرفض القاطع لإعادة تعويم الأسد، وانتخاباته المحسومة النتائج.

ووفقا لموسى، فإن الوضع المأساوي السوري، بفعل تهجير الملايين، لا يسمح بتنظيم انتخابات حقيقية، والمظاهرة الحاشدة في إدلب، أكدت ذلك بوضوح، وعكست نبض الشارع السوري.

كذلك شهدت مدينتا أعزاز والباب في ريف حلب الشمالي والشرقي، مظاهرات حاشدة أيضاً، تنديداً بالانتخابات.

وفي عفرين نظم العشرات وقفة احتجاجية، بمشاركة وفد من الائتلاف برئاسة نصر الحريري، ضمن حملة “للمحكمة لا للحكم” التي أطلقها الائتلاف لكشف عدم شرعية الانتخابات، وتعارضها مع المسار الأممي للحل في سوريا.

    لقاء جماهيري تحت شعار “لا شرعية لإنتخابات قاتل الشعب السوري”، نظمه الائتلاف الوطني بالتعاون مع رابطة المستقلين الكرد السوريين، اليوم في مدينة عفرين بريف #حلب.#لا_شرعية_للأسد_وانتخاباته #سوريا #للمحاكمة_لا_للحكم #مسرحية_الانتخابات #لا_لإعادة_تدوير_المجرم pic.twitter.com/xm7ifYwxQR

    — الائتلاف الوطني السوري (@SyrianCoalition) May 26, 2021

من جهة أخرى، وصفت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” الانتخابات الرئاسية ب”غير الشرعية”، مؤكدة أن الانتخابات “تنسف العملية السياسية وتجري بقوة الأجهزة الأمنية”. ودعت إلى محاكمة الأسد، قائلة إن “بشار الأسد متهم بارتكاب العديد من الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ويجب محاسبته”.

وفي حديث خاص ل”المدن”، قال مدير الشبكة فضل عبد الغني إن “وصف المسرحية الحالية بالانتخابات، يتعارض مع مضمون هذا المصطلح، لأن الانتخابات تحتاج إلى حرية وبيئة آمنة، وهذا غير متوفر في مناطق سيطرة النظام”. وأكد أن مكان الأسد الذي أوصل سوريا إلى هذا الحال، هو المحاكم الدولية، وليس الحكم بأدوات الحديد والنار والترهيب، الذي لن يجلب الخلاص لسوريا.

وأوضح عبد الغني أن النظام تعمّد تسخيف “الانتخابات”، من خلال اختيار مرشحيّن “هامشيين” (عبدالله عبدالله، محمود مرعي)، لمنافسة الأسد، في انتخابات صورية محسومة لصالح الأخير.

————————–

واشنطن اعتبرتها إهانة للشعب.. إغلاق صناديق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية السورية

أغلقت صناديق الاقتراع الأربعاء عند منتصف الليل، بعد أن أدلى الناخبون في مناطق سيطرة النظام السوري بأصواتهم، في انتخابات رئاسية يترشح فيها الرئيس بشار الأسد لولاية رابعة مدتها 7 سنوات.

وجرت الانتخابات فقط في مناطق سيطرة الحكومة، بينما غابت عن مناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية (شمال)، حيث خرج المئات في مظاهرة بمدينة إدلب مؤكّدين أن “لا شرعية” للانتخابات.

وبعد اقتراعه وزوجته أسماء في مدينة دوما، أحد أبرز معاقل المعارضة سابقا قرب دمشق، ردّ الأسد على المواقف الغربية بالقول “قيمة آرائكم هي صفر”.

وجاء موقف الأسد غداة تأكيد وزراء خارجية الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا -في بيان مشترك- أنّ الانتخابات “لن تكون حرّة ولا نزيهة”.

واعتبرت واشنطن أن الانتخابات التي يجريها نظام بشار الأسد “إهانة للشعب السوري”، وقال السفير ريتشارد ميلز نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة -في جلسة مجلس الأمن الدولي حول مستجدات الأزمة السورية- إنه “وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254، يجب أن تتم الانتخابات وفقا لدستور جديد، وتحت إشراف الأمم المتحدة في بيئة آمنة ومحايدة، ولا شيء من هذا يحدث اليوم”.

وكان المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون قد قال إن الانتخابات الرئاسية في سوريا ليست جزءا من العملية السياسية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2254.

وأكد بيدرسون خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي بشأن الأوضاع في سوريا، أن المنظمة الدولية تواصل التأكيد على أهمية التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الصراع.

ويخوض مرشّحان آخران غير معروفين السباق الرئاسي، هما الوزير والنائب السابق عبد الله سلوم عبد الله، والمحامي محمود مرعي من معارضة الداخل المقبولة من النظام، وسبق أن شارك بين ممثليها في إحدى جولات المفاوضات برعاية الأمم المتحدة في جنيف، والتي اتّسمت بالفشل.

المصدر : الجزيرة + وكالات

————————–

الأسد وتسويق الوهم للسوريين/ عبد الناصر الجاسم

أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد قانون  الاستثمار رقم 18 تاريخ 19/5/2021 والذي يهدف حسب زعمه  إلى: (إيجاد بيئة استثمارية تنافسية لجذب رؤوس الأموال، والاستفادة من الخبرات والتخصصات المختلفة، لتوسيع قاعدة الإنتاج بهدف زيادة فرص العمل ورفع معدلات النمو الاقتصادي بما ينعكس إيجاباً على زيادة الدخل القومي وصولاً إلى تنمية شاملة ومستدامة).

كما يقول المثل بالعامية (مجنون يحكي وعاقل يسمع) عن أي بيئة استثمارية تتحدث وقد تهدمت كل مقومات الاستثمار الصحيح منذ استيلائكم على حكم سوريا والتصرف بمواردها بشكل عبثي وفاسد، وزاد على ذلك تدمير البنى التحتية في جميع قطاعات الاقتصاد الصناعي والتجاري والخدمي في السنوات العشر الأخيرة، حتى أصبحت البيئة طاردة جداً للاستثمارات، فلا جاذبية للأموال مع السلب والنهب والتشبيح المالي وغياب الأمان واستشراء الفساد.

أما عن الخبرات والتخصصات المختلفة المحلية والتي هرب قسم منها إلى مختلف بلدان العالم وساهموا في بناء كثير منها، ومحرومون من المشاركة ببناء بلدهم الأم، والقسم الأكبر من هذه الخبرات تم تهجيره قسرياً ودفعه إلى النزوح أو اللجوء، حيث انتشرت قصص نجاح السوريين وإنجازاتهم الفردية عبر أكثر من 126 دولة حول العالم، فضلاً عن الذين غصت بهم السجون والمعتقلات منذ ثمانينيات القرن الماضي حتى يومنا هذا فعن أي كفاءات وخبرات تتحدث يا بائع الوهم، ولم يبق في سوريا سوى خبراء التشبيح والتشليح والاستثمار في آلام الناس وجوعهم فقد بلغت الفجوة المعيشية حداً لا يطيقه عاقل.

ولاشك أن قضية تأمين فرص عمل للمواطنين لم تكن يوماً في سلم أولوياتكم بل على العكس تماماً فقد دفعتم الناس عبر سياساتكم وقراراتكم الفاشلة إلى قضاء معظم وقتهم للسعي وراء لقمة العيش والتي بدت عزيزة جداً في آخر الأيام، أما عن معدلات النمو الاقتصادي وزيادة الدخل القومي، فمنذ توليكم زمام الأمور في سوريا والمواطن السوري في حيرة من أمره، حيث لا يستطيع معرفة هوية اقتصاد بلاده ولا يفهم اتجاهات معدلات النمو السالبة والموجبة، ولا يميز بين دخلكم والدخل القومي ولاسيما بعد أن أصبحت سوريا الأسد وليست سوريا البلد، والتنمية فيها مستدامة ومستمرة لمشاريع الحاكم والطبقة الشريكة له بالفساد والإفساد والتي أفضت إلى تراكم ثروة غير مسبوق لديهم.

فعن أي تنمية مستدامة تتحدث يا بائع الوهم، وقد احتلت سوريا آخر المراتب في كل مؤشرات التنمية في العالم، من فقر وجوع وبطالة وفساد وأمان.

والمضحك المبكي في القانون أنه يركز  على (العدالة في منح فرص الاستثمار، ومنع احتكاره، وتبسيط إجراءاته الإدارية، ويمنع هذا القانون إلقاء الحجز الاحتياطي على المشروع، أو فرض الحراسة عليه، إلا بموجب قرارِ قضائي). وكأن للناس ذاكرة السمك فلن يتذكروا احتكارات رامي مخلوف وآل شاليش وغيرهم من أذرع النظام الفاسدة في مجالات الاستثمار المختلفة، ولن يتذكروا قرارات إلقاء الحجز الاحتياطي الاعتباطي على أقرب الدوائر من رأس النظام وابتزاز طبقة رجال الأعمال في الاجتماع الشهير معهم ومساومتهم بشكل علني ومباشر، إما الدفع لخزينة النظام وإما المحاسبة والحجز على أموالهم وأعمالهم، وفيما يتعلق بالقرار القضائي فتلك العبارة أصبحت مثار سخرية وتندر لدى جميع السوريين والذين خبِروا نظاماً قضائياً فاسداً ويدار بعقلية أمنية مستبدة فرغت الدستور والقوانين من مضمونها الافتراضي وهو العدالة وإحقاق الحق.

وورد في القانون تعريف المستثمر بأنه 🙁 الشخص الطبيعي أو الاعتباري، السوري أو غير السوري، الذي يستثمر في أراضي الجمهورية العربية السورية وفقاً لأحكام هذا القانون). لا أريد أن أُشرك الشيطان في أفكاري وأقول إذا كان السوري ووفق كل المعطيات السابقة غير قادر على الاستثمار في بلده، فمَن هو غير السوري الذي سوف يستثمر وفق هذا القانون، وهل للسياسة دور في تحديد هوية هؤلاء المستثمرين، ومجالات استثمارهم؟

في الحقيقة ليست المرة الأولى التي يمارس بها نظام الحكم في سوريا، عمليات تسويق الوهم لمواطنيه عبر القرارات الاقتصادية التي تحاكي حاجاتهم الملحة وتدعم أحلامهم وآمالهم في تحسين وضعهم المعاشي، ويُسخر لذلك آلته الإعلامية وجوقة من المحللين برتبة – مزمرين ومطبلين –  حيث يزينون للناس هذا السراب الذي يحسبونه أملاً حقيقياً من شدة يأسهم وضيق سبل معيشتهم، لا أعتقد أن مثل هذا الادعاء والتسويق الزائف ينطلي على السوريين الذين تنامى وعيهم وتعاظم بعد تجربتهم المريرة مع هذا النظام المتهالك. 

تلفزيون سوريا

———————–

الخارجية الروسية تصف بيان الجيش الأميركي حول سوريا بالمخادع

وصفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بيان الجيش الأميركي حول سوريا قبل أيام بـ “المخارع”.

وقالت زاخاروفا في إفادة صحفية “لسبب ما، أخفى السيد ماكنزي عن الرأي العام حقيقة وجود القوات المسلحة الأميركية على الأراضي السورية دون إذن من دمشق، الأمر الذي يجعل وجودها بحد ذاته غير شرعي”. وفق ما نقلت وكالة سبوتنيك

الروسية.

وأشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية إلى أن “قائد القيادة المركزية الأميركية يتحول إلى مخادع مرة أخرى عندما يطرح فكرة الدور الوحيد للجيش الأميركي في قتال تنظيم (داعش) ومنع استئناف نشاطه في سوريا”.

واعتبرت زاخاروفا أن “الأميركيين في سوريا لديهم أهداف مختلفة تماماً، بما في ذلك تلك المتعلقة بمخزون الهيدروكربون”.

وخلال زيارته للشرق الأوسط الأسبوع الماضي نقلت وكالة “أسوشيتد برس

” عن قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال فرانك ماكنزي، أن تقليص الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط قد يسمح لروسيا والصين بملء الفراغ وتوسيع نفوذهما في المنطقة.

وأكد ماكنزي أن الشرق الأوسط بشكل عام يعتبر منطقة تنافس شديدة بين القوى العظمى، مشدداً على ضرورة الحاجة إلى تعديل الوضع الأميركي في المنطقة، مشيراً إلى أن روسيا والصين في مرحلة البحث عن طرق لاستغلال الفراغ الناتج عن الانسحاب الأميركي.

——————————

واشنطن: بشار الأسد بعثي تقليدي ولا نراه شريكاً في السلام

حذّرت وزارة الخارجية الأميركية من التطبيع مع رئيس النظام، بشار الأسد، مؤكدة أن واشنطن لا ترى فيه شريكاً، واصفة إياه بأنه “بعثي تقليدي”.

وقال مسؤول في الخارجية الأميركية إن “الانتخابات الصورية التي ينظمها الأسد اليوم، لا تعطينا ثقة أكبر بأنه يريد أن يكون شريكاً في السلام، لكننا سنواصل السعي لدفع العملية قدماً بحسب القرار 2254″، وفق ما نقلت عنه قناة “الحرة” الأميركية.

وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أنه “ليس لدينا أي نية في تطبيع علاقاتنا مع الأسد، وندعو كل الحكومات التي تفكر في تطبيع علاقاتها معه إلى التفكير بروية في الطريقة التي تعامل بها مع شعبه، ومن الصعب تخيل تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع نظام كان متوحشاً مع شعبه”.

ووصف المسؤول الأميركي، انتخابات النظام الرئاسية الجارية حالياً، بأنها “غير حرة ولا نزيهة”، داعياً المجتمع الدولي إلى “رفض محاولة نظام الأسد الحصول على الشرعية دون حماية الشعب السوري واحترام التزاماته بموجب القانون الدولي واحترام القانون الإنساني وحقوق الإنسان”.

وحول حظوظ منافسي الأسد في هذه الانتخابات، أعرب المسؤول الأميركي عن اعتقاده بأن “حظوظ المنافسين معدومة في الفوز بالانتخابات الرئاسية الصورية هناك”.

وأشار إلى أن الأسد “بعثي تقليدي، والسؤال الوحيد لأي بعثي عندما يكون هناك انتخابات رئاسية هو أن يحصل على 99 % أو 99.9 %”.

وجدَّد المسؤول الأميركي دعوة حلفاء بلاده وشركائها إلى “أن يكونوا حذرين، والتفكير بإمكانية تعرضهم لعقوبات عبر التعامل مع نظام الأسد، والتفكير ملياً بالوحشية التي مارسها ضد الشعب السوري خلال العقد الماضي”، مشدداً على ضرورة التركيز على “محاسبة النظام أكثر من إعادة العلاقات الدبلوماسية معه”.

وأنهى نظام الأسد، مساء أمس الأربعاء، “الانتخابات الرئاسية” في المناطق التي يسيطر عليها، بمشاركة 3 مرشحين هم بشار الأسد، وعبد الله سلوم عبد الله، ومحمود مرعي، رغم الرفض الشعبي والدولي الواسع، واعتبار معظم السوريين هذه الانتخابات بأنها “مسرحية هزلية”، إذ إن نتائجها محسومة مسبقا لمصلحة الأسد.

——————————-

الانتخابات” بوصفها انتهاكاً/ شورش درويش

في الأصل صُمم نظام حزب البعث “الانقلابي” لأن يكون نظام استفتاءات، لا انتخابات، ذلك أنه ينتمي إلى قماشة الأنظمة التي تستفتي رعيتها/مواطنيها بنعم أو لا على شخص الرئيس، أو بمعنى أدق تستفتي بنعم أو نعم؛ فالاستفتاءات التي وجدت استعمالها الأوّل، لغة وممارسة، في فرنسا عام 1800 وطوّبت نابليون الأوّل إمبراطوراً وقائداً للجيوش الفرنسية، ما لبثت أن تحوّلت إلى صيغة حكم راسخة في عديد من البلدان الفاشية والديكتاتورية على مختلف إيديولوجياتها بعد أن لفظتها كل الدول الديمقراطية، فيما كانت سوريا البادئة في انتهاج طريق الاستفتاءات التي افتتحها الانقلابي حسني الزعيم في العالم العربي، وبطبيعة الحال كانت نتيجة 99% ملازمة لاستفتاءات العسكريين، أو ورثتهم.

تبدو نتيجة انتخابات الرئاسة السورية، التي جرت يوم أمس، معروفةً سلفاً؛ فالفائز المعلن هو بشار الأسد، لتبقى مسألة نسبة الأصوات هي موضوع التندر القادم، بعد الطرفة الحكومية الرسمية حول تمديد مدّة الاقتراع لخمس ساعات نظراً للإقبال الشديد، وأن بعض المراكز طلبت إلى لجنة الانتخابات إسعافها بالصناديق الفارغة لأن ما في حوزتها امتلأ، وأمّا معرفة الفائز فلم يُبنَ على استبيانات تمثيليّة، أو تحليل أرقام، كما في حالة الدول الديمقراطية حين ترجّح مراكزها البحثية الفائز وفقاً لبيانات ومسوحات واستبيانات؛ إنما بني على معرفة لا يخامرها الشك بأحوال النظام وتفكيره ومسرحياته وتنكيله بكلمة “انتخابات” والتي باتت تعني استفتاءً مشوّهاً، وتمديداً صريحاً للأسد إلى الأبد.

الانتقال من “ديمقراطية” الاستفتاءات المبتذلة، إلى عوالم الانتخابات، لم تكلّف النظام السوريّ سوى القبول بمنافسين، بالكاد يعرفهما الجمهور، تعلّق صورهما إلى جوار صور “الرئيس”، إذ لا يكاد يتذكّر معظم السوريين مرشّحي انتخابات 2014، عدا السخرية الفظّة من الانتخابات الأمريكية التي تتفوّق السورية عنها كونها “أفضل بآلاف المرّات من الأمريكية” وفقاً لتصريح وزير الخارجيّة، فيصل المقداد.

لم تثنِ التصريحات الغربية، المنددة بالانتخابات، النظام وجموع مؤيديه عن الرقص والغناء وإطلاق الأعيرة الناريّة ونصب الخيم وتعليق الصور. والتنديد بالانتخابات هنا قرين التنديد بالجرائم والارتكابات، ذلك أنّ الانتخابات تعني تعطيل دور الأمم المتحدة في الإشراف على الانتخابات، وأنّها تعرقل التقدم باتجاه التسوية السياسيّة، وتبقي ملف انتهاكات حقوق الإنسان مفتوحاً، ولعل البيان المشترك الصادر عن خمس دول، أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، جاء واضحاً لجهة دعوتهم لعدم الاعتراف بشرعية الانتخابات، غير الآمنة والحيادية، والتي استثنت النازحين واللاجئين، والمعرقلة للتسوية السياسية المتمثّلة بقرار مجلس الأمن 2253.

ويضاف إلى الأسباب التي علّلت بها الدول الشاجبة ما يسمّى الانتخابات، حالة الرفض الشعبيّة على ضفّتي الفرات، الشرقيّة والغربيّة، ولئن كان موقف قوى المعارضة الوطنية وتلك الموالية لتركيا رافضاً للانتخابات، فإن موقف مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) الرافض ربط بين الانتخابات والحل السياسي بما يتضمّن الإفراج عن المعتقلين وعودة المهجّرين، والاعتراف بحقوق المكوّنات، وبتطابق هذا الموقف مع معظم المواقف الرافضة إجراء الانتخابات في هذا التوقيت وبهذا الشكل الذي ينمّ عن عناد واستهتار بالإرادات الوطنية الساعية إلى شكل معقول للحل.

وبمعزل عن حالة الرفض المعلنة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، فإن الشكوك قائمة حول مدى تقبّل سوريي مناطق سيطرة الحكومة لفكرة المشاركة العبثيّة، ذلك أن تاريخ الترهيب والترغيب يمثل أمامنا عبر فرض النظام على الموظّفين وطلبة الجامعات والجنود والعمّال الذهاب إلى مراكز الاقتراع بل واقتيادهم إليها في بعض الحالات، كما أنّ نظم المراقبة والتقارير الأمنية كفيلة بدفع الآلاف، داخل وخارج سوريا، للمشاركة في الانتخابات، ما يعني انتفاء الإرادة الحرّة المنتهكة أصلاً في مراكز الاقتراع حيث الاختيار علنيّ والرقابة مكثّفة.

من سابع المستحيلات إقامة انتخابات، حرّة ونزيهة وعادلة، قبل المضيّ في مسار الحل السياسي، ومعالجة أهم المشكلات الرئيسية والتي منها مسألة دستور 2012 الذي يمنح للرئيس صلاحيات لا متناهية، ونفوذاً مؤثّراً وحاسماً على انتخابات أصغر بلديّة في سوريا، فكيف والحال هذه أننا في صدد انتخابات الرئاسة يكون الخصم حكماً فيها؟ ما يعني انتفاء فكرة العدالة والمساواة بين الناخبين.

ما حصل البارحة، يراكم الأزمات أكثر ولا يمكن تصنيفه أبعد من كونه انتهاكاً آخر للديمقراطية وحقوق الإنسان، وأنه سلوك عنيد يدعم حظوظ استدامة العنف واستمرار التدخل الخارجي، ويعني أن لا أفق لأي حل سياسيّ مهما كانت فرصه ضئيلة، وإذا كان متشددو المعارضة مسؤولين عن قسط من المشكلة فإن النظام بات يحمل مسؤولية بقية المشاكل إن لم نقل معظمها، ذلك أنه وبمعزل عن تجاوزه على إرادة السوريين ووضعهم على الدوام تحت الأمر الواقع، فإن ضريبة “العرس الديمقراطي” ستكون المزيد من العزلة المفروضة على النظام وشركائه وهي مقدّمة لاستثارة الأسرة الدولية مرّة أخرى، وربما أخيرة.

ثمة نُذر سخرية قادمة مفادها أن الرئيس السابق سيورّث لخلفه سوريا مهشّمة ومأزومة ومدمّرة ومحتلّة، وما على الرئيس اللاحق سوى أن يراكم أزماتها، على اعتباره الرئيس السابق واللاحق!

نورث برس

————————–

مسرحية الانتخابات السورية على مشرحة وسائل التواصل الاجتماعي/ أحمد خواجة

شغلت الانتخابات السورية التي أجريت الأربعاء 26 أيار/مايو 2021 اهتمام الناشطين على صعيد عالمي، في ظل محاولات إعلام النظام السوري تصوير الأمر على أنه “عرس” للديمقراطية وحرية التعبير، فيما كانت القناعة المتشكّلة لدى غالبية المتابعين تشير إلى أن هذه الانتخابات ليست سوى مسرحية صورية هدفها تثبيت بشار الأسد على رأس الحكم لولاية جديدة، بدعم إيراني وتوافق روسي – إسرائيلي، وتواطؤ وسكوت دولي وعربي، في الوقت الذي لا يزال ملايين السوريين يدفعون أثمانًا باهظة حتى اليوم، بسبب الحرب التي شهدتها البلاد على امتداد السنوات العشر الماضية، إثر خروج الشعب السوري ثائرًا ضد بشار الأسد في ربيع عام 2011، والأحداث الدامية التي تلتها والتي أدّت إلى قتل وتهجير ملايين السوريين، وتحوّل سوريا إلى بركة دم كبيرة. كما يرى الكثيرون أن تمسّك الأسد بالسلطة، ولجوئه إلى العنف المفرط وغير المسبوق كان السبب الرئيسي في وصول الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم.

    share

    أشارت مجمل التعقيبات والانتقادات على الانتخابات التي أجراها النظام السوري إلى عدم الاعتراف بشرعية انتخابات أجريت في ظروف قسرية، وبعيدًا عن أي شفافية، وتنافس فيها بشار الأسد مع مرشحين شكليين اختارهم النظام بنفسه

وبينما كان مؤيدو النظام السوري يحتفون بالانتخابات الرئاسية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتأكيد على أنها استفتاء ومبايعة لبشار الأسد، كان الناشطون المعارضون يرفضون الاعتراف بشرعية انتخابات أجريت في ظروف قسرية، وبعيدًا عن أي شفافية، وتنافس فيها بشار الأسد مع مرشحين شكليين اختارهم النظام بنفسه. مع الإشارة إلى أن الأمم المتحدة كانت قد أكّدت أن هذه الانتخابات ليست من ضمن العملية السياسية في سوريا، بحسب ما أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون.

    share

    نتائج الإنتخابات السورية حتى الآن :

    بشار 51٪ … الأسد 49 ٪ #على_اعصابنا

    — —-Mohamad——– (@Sara08327134) May 26, 2021

بالتزامن اتخذت القوى الأمنية اللبنانية سلسلة من التدابير الاحترازية، وسيّرت دوريات في الشمال اللبناني، خوفًا من حصول إشكالات أمنية، بعد أسبوع فقط من التوتر بين بعض الحزبيين اللبنانيين، وناخبين ومؤيدين للأسد كانوا في طريقهم للاقتراع في يوم الانتخابات المخصص للمغتربين السوريين في السفارة السورية في لبنان.

    share

    مهجري المناطق المحتلة ..

    يدلون بصوتهم في إدلب.

    يا بشار بدك ترحل بالصرماي#سوريا#الانتخابات_الرئاسية_السورية#العراق#القدس pic.twitter.com/daT2YpHXuY

    — أحمد عبدالرحمن (@ahmadabd999) May 26, 2021

    share

    الإصلاح الوحيد الذي قام به #بشار_الأسد هو إصلاح وجهه بالبوتوكس، وما زال بعض المغسولة عقولهم يأملون خير بسفاح قتل نصف شعبه وهجر نصفه الآخر، وبعدها قام بعمليات تجميل لأخذ صور لحملته الانتخابية!#السعودية #سورية_تنتخب_2021#الانتخابات_السورية #سوريا#أحمد_مازن pic.twitter.com/cGdZ3TEfVc

    — Ahmad Mazen (@AhmadMazen93) May 26, 2021

وفي واحدة من أبرز التغريدات بخصوص “انتخابات الأسد”، قال الناشط محمد من لبنان ساخرًا إن نتائج الانتخابات في سوريا تظهر حصول بشار الأسد على نسبة 51 % من الأصوات، فيما حصل بشار نفسه على نسبة الأصوات الـ49 % المتبقية، في إشارة إلى غياب أي شكل من أشكال المنافسة.

    share

    #درعا#ناحتة

    خروج العشرات من أهالي بلدة #ناحتة بمظاهرة مسائية جالت شوارع البلدة تنديداً بمسرحية الانتخابات اللاشرعية…

    –لمتابعة الأخبار عبر رابط التلغرام والتويتر–https://t.co/F29xAKdCd1https://t.co/skjWTZot0e pic.twitter.com/66Em2ojZho

    — آخر أخبار الثورة السورية (@SYRIA__1992) May 26, 2021

بينما نشر الناشط أحمد عبد الرحمن مقطع فيديو لمواطنين معارضين في محافظة إدلب الخارجة عن سيطرة النظام، يهتفون ضد بشار الأسد ونظامه بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية. كذلك خرج العشرات من أهالي بلدة ناحتة في درعا إلى الشوارع مساء الأربعاء، للتنديد بما وصفوه المسرحية الانتخابية السورية، بحسب ما نقلت صفحة الثورة السورية على تويتر.

    share

    افضل مسلسل لسنة 2021#الانتخابات_السورية

    بتعرف نهايتها قبل بدايتها

    — Ahmet Derovzi (@derovzi) May 26, 2021

    share

    #الانتخابات_الرئاسية_السورية pic.twitter.com/efew4Kcd6i

    — إيمان نبيل يٰس ♥️– (@menoyaseen) May 26, 2021

من جانبه  قال الناشط أحمد إن الانتخابات السورية هي أفضل مسلسل لعام 2021، لكنك تعرف نهايته قبل أن يبدأ، ومن جهتها نشرت الناشطة إيمان بنس رسمًا كاريكاتوريًا يظهر صورة لبشار الأسد كُتب عليها انتخبوا الأمل، معلقة بين مبنيين تصدّعا بسبب الحرب والقصف.

    share

    انتخابات البراميل المتفجره #الانتخابات_السورية الهزليه pic.twitter.com/W3ZpLWk5wc

    — the engineer محمد (@theengineer19) May 26, 2021

    share

    بشار الأسد : الانتخابات دليل على أن المواطن السوري حر و القرار بيد الشعب pic.twitter.com/rVIXRCjTEw

    — عثمان آي فرح (@ayfaraho) May 26, 2021

فيما وصف المهندس محمد الانتخابات السورية بـ”انتخابات البراميل المتفجرة”، ونشر صورة للأسد تظهره كمصاص دماء يمعن في القتل، وقال الناشط شيخ ناصر إن بشّار الأسد هجّر أكثر من 13 مليون مواطن سوري، أي ما يعادل نصف الشعب، فيما النصف الثاني لا حول له ولا قوة، وبالتالي فلا يوجد أي معنى للانتخابات الرئاسية، بينما وصفت رقية السوسي من المغرب، الانتخابات السورية بأنها واحدة من أكثر المشاهد الهزلية والساخرة.

    share

    اليوم بدأ التصويت #الانتخابات_السورية

    من أكثر المشاهد سخرية وهزلية أشاهدها هذه السنة ! pic.twitter.com/WLOjsQ4m8J

    — —- طوق ياسمين —- (@rekia_soussii) May 26, 2021

وضمن نفس السياق ذاته، قال الناشط أحمد مازن إن الإصلاح الوحيد الذي قام به الأسد خلال هذه السنوات، هو عملية البوتوكس لشدّ الوجه التي بدت آثارها بادية على وجهه في إطلالته الأخيرة، وأشار إلى أن بعض الأشخاص ذوي الأدمغة المغسولة بحسب وصفه، لا يزالون يصدقون طاغية قتل نصف شعبه وهجّر النصف الآخر.

————————

======================

أنظر تغطية “صفحات سورية”

عن “المعركة” بين روسيا وأميركا على الانتخابات الرئاسية السورية -مقالات مختارة-

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button