عن الهجوم الذي شنه نظام الأسد على بطلة فيلم “الكهف” الطبيبة أماني بلور
بعد حملة من إعلام النظام لتكذيبها.. ناشطون يتضامنون مع الطبيبة السورية أماني بلور
تداول ناشطون ومستخدمون لموقع “تويتر” وسم “أتضامن مع الدكتورة أماني بلور“، بعد حملة قام بها إعلام النظام السوري ضد الطبيبة السورية التي نالت جائزة “راؤول والنبرغ” للأعمال الإنسانية الاستثنائية، لما قدمته خلال وجودها في الغوطة الشرقية، في أثناء سيطرة قوات المعارضة.
إذ بث الموقع الرسمي لقناة “الإخبارية السورية” “فيلمًا وثائقيًا” بعنوان “من النفق إلى النور“، في محاولة لتكذيبها بعد الإدلاء بشهادتها في جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول استخدام النظام السوري الأسلحة الكيماوية في مدينة دوما بريف دمشق.
ويعرض الوثائقي الطبيب خالد الدباس، الذي كان يعمل في مستشفى “الكهف” بدوما، نافيًا استخدام قوات النظام السوري الأسلحة الكيماوية في دوما، متهمًا الطبيبة أماني بلور بـ”الكذب والتمثيل”.
وينتقل بعدها إلى منزل الطبيبة، ليظهر والد أماني، الذي أعرب عن غضبه الشديد من ابنته، مكررًا رواية أن “دوما لم تشم رائحة الكيماوي”، مكذبًا جميع “الإرهابيين” و”أولهم أماني”.
انتشر الوثائقي بعد أيام من قرار تجريد الدول الأعضاء في منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية”، حكومة النظام السوري من حقوقها بالتصويت في هيئة مراقبة الأسلحة الكيماوية العالمية، بعد أن تبين استخدام قوات النظام السوري غازات سامة في القصف بشكل متكرر خلال الحرب.
لم يقتصر الوثائقي على ادعاءات النظام المعتادة لتبرئة نفسه من استخدام الكيماوي فحسب، بل تجلى أيضًا من خلال “الشهود الموجودين” في الفيلم، والتركيز أكثر على ذكر اسم الطبيبة أماني بلور، في محاولة لضرب مصداقيتها، وتشويه سمعتها، والتقليل من شأن شهادتها في ملف الكيماوي.
هذه الطبيبة عملت في دوما المحاصرة لسنوات فأنقذت مئات الأرواح وعاشت الحصار والقصف والكيماوي
وبعد تهجيرها في الباصات الخضراء خرجت من سوريا لتشهد على ما لمسته أمام مجلس الأمن
نظام الخيانة الأسدي بحث عن والدها وأخرجه بإعلامه ليتبرأ منها ويتهمها بالخيانة#أتضامن_مع_الدكتورة_أماني_بلور pic.twitter.com/q61eEOePmU
— قتيبة ياسين (@k7ybnd99) April 28, 2021
#أتضامن_مع_الدكتورة_أماني_بلور بعد حطمت جمجة الأسد الكيماوي وبعد أن دمرت عاموده الفقري بشهادتها أمام مجلس الأمن .. نظام الغدر والإجرام يشن حملة ضد الدكتورة #أماني_بلور لأنها أحرجته فمثل هذه الأصوات يجب علينا مناصرتها ودعمها وتأيدها حفظك الله دكتورة @AmaniBallour pic.twitter.com/0yz1JjBsDr
— دارين العبدالله (@Darin_ALabdalla) April 27, 2021
بعد حملة النظام السوري ضد الدكتوره أماني بلور وفيلم الكهف الوثائقي الذي فضح النظام وصور مشاهد من قصف الكيماوي على الغوطة الشرقيه وشهادة الدكتورة عن مجزرة الكيماوي أمام مجلس الأمن وأمام منظمة حظر الأسلحة الكيماويه #أتضامن_مع_الدكتورة_أماني_بلور#I_Stand_With_Doctor_Amani_Ballour pic.twitter.com/Ntd1rGNyp0
— Ahmad Alabdullah (@JakopHenrry) April 26, 2021
نظام بائس متهالك، يُريد الانتقام من الدكتورة #أماني_بلور ومن أهلها بعد إدلائها بشهادتها عن مجازره الكيماوية أمام منظمة حظر الأسلحة الكيماوية
يعتقد المجرم-غباءً-أن جريمته سيطويها النسيان، وسنصمت!
ادعموها من فضلكم#أتضامن_مع_الدكتورة_أماني_بلور#I_Stand_With_Doctor_Amani_Ballour
— رشا – Rasha (@Rasha_RKH_17) April 27, 2021
أماني الشاهدة الحاضرة
في 29 من آذار الماضي، شاركت طبيبة الأطفال السورية أماني بلور، بناء على دعوة من وزارة الخارجية الأمريكية، في جلسة مجلس الأمن التي خُصصت للحديث عن الوضع الإنساني في سوريا.
وفي حديث سابق إلى عنب بلدي قالت أماني، إن الجلسة خُصصت للحديث عن الوضع الإنساني في سوريا، الذي يشمل الصحة والتغذية والحديث عن المعابر والمساعدات الإنسانية، بعد جلستين سابقتين ناقش المجلس خلالهما الوضع السياسي في سوريا، وملف الأسلحة الكيماوية.
تحدثت أماني، في الكثير من لقاءاتها الصحفية، عن حضورها تفاصيل هجمات النظام السوري على الغوطة عام 2013 باستخدام الأسلحة الكيماوية.
فقد تعرضت الغوطة الشرقية لأكبر هجوم بالأسلحة الكيماوية، في 21 من آب عام 2013، ما تسبب بمقتل أكثر من 1400 مدني، أغلبيتهم من الأطفال.
وفي حديث سابق لعنب بلدي، قالت “في تلك الليلة وبينما كان أهل الغوطة نيامًا، قصفها النظام بصواريخ تحتوي على غاز (السارين)، ولم نكن ككوادر طبية نعلم بعد أنه (سارين)، كان شيئًا من الصعب وصفه، فقد أُحضر آلاف المصابين إلى المستشفى وسط ضعف قدرة الكوادر الطبية على التعامل مع هذه الأعداد”.
فبسبب الحصار المفروض على الغوطة آنذاك، لم تكن تتوفر كوادر أو مواد طبية كافية، ما أدى، وفق أماني، إلى وفاة كثير من الأشخاص الذين كانوا يختنقون.
أماني الطبيبة
تخرجت أماني بلور عام 2012 في كلية الطب البشري بجامعة “دمشق”، بعد أن كانت أحداث الثورة السورية قد وصلت إلى مسقط رأسها في ريف دمشق.
تطوعت بعد تخرجها لمساعدة جرحى القصف والإصابات، وعملت بعدها طبيبة ومديرة لفريق مكوّن من 130 شخصًا من العاملين في مستشفى “الكهف” الميداني تحت الأرض الذي كان يخدم 400 ألف مدني في الغوطة الشرقية.
عالجت الطبيبة السورية أماني بلور آلاف الأشخاص في الغوطة الشرقية، خلال فترة حصارها من قبل قوات النظام السوري، في ظل غياب الكوادر الطبية الاختصاصية في المنطقة المحاصرة آنذاك.
وبعد خمس سنوات على حصار الغوطة، غادرت أماني مع الكثيرين نحو الشمال المحرر، لتخرج بعدها إلى تركيا.
وصُوّرت قصة أماني في فيلم حمل اسم المستشفى (الكهف)، من إعداد وإنتاج “الشركة الدنماركية للإنتاج الوثائقي”، وتناول الفيلم الحياة اليومية للطبيبة أماني مع أربع من زميلاتها، في أثناء عملهن تحت الأرض.
“راؤول والنبرغ”
تعد أماني بلور أول امرأة من بلد من خارج الاتحاد الأوروبي تفوز بجائزة “راؤول والنبرغ” للأعمال الإنسانية الاستثنائية، نظرًا إلى ما أدته من دور مميّز كان منافسًا قويًا لبقية المرشحين، لدورها بين عامي 2012 و2018 في إنقاذ حياة أعداد كبيرة من السوريين من قصف الأسد وروسيا للغوطة الشرقية، الذي استهدف المدنيين والبنى التحتية.
وقالت الأمينة العامة لمجلس أوروبا، ماريا بيجينوفيتش بوريتش، في بيان على الموقع الرسمي لمجلس أوروبا في كانون الثاني 2020، إن الدكتورة أماني “مثال ساطع على التعاطف والفضيلة والشرف، الذي يمكن أن يزدهر حتى في أسوأ الظروف، في خضم الحرب والمعاناة”.
وأضافت بيجينوفيتش بوريتش، “مستشفى (الكهف) أصبح منارة للأمل والسلامة للمدنيين المحاصرين”، مشيدة بشجاعة أماني ومخاطرتها بحياتها لمساعدة المدنيين والأطفال الذين يعانون من آثار الأسلحة الكيماوية، وبقدرتها على إدارة فريق مكوّن من حوالي مئة من العاملين في مستشفى تحت الأرض.
عنب بلدي
أماني بلور: الشاهِدة التي أربكت نظام الأسد/ وليد بركسية
قبل عامين فقط كان النظام السوري غير مهتم كثيراً بتقديم رواية منطقية ينفي فيها استعماله للأسلحة الكيماوية عموماً، وفي مدينة دوما العام 2018 خصوصاً، حيث كان الرد الرسمي من قبل وزير الخارجية الحالي، ونائب وزير الخارجية حينها، فيصل المقداد، في فيلم بثه التلفزيون الرسمي بعنوان “خفايا الكيماوي”، مقتصراً على القول أن الغرب استخدم الأسلحة النووية في مقاربة عجيبة لا تسخف فقط من فكرة استخدام الأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً بمقارنتها بشيء يعتبر أفظع نظرياً، بل تعمم أفكاراً وهمية بأن النظام لا يمكن أن يمتلك أسلحة دمار شامل، ما يجعل المسؤول عن ضحايا الهجمات الكيماوية في البلاد هي الدول التي تمتلك تلك النوعية من الأسلحة والشريكة في المؤامرة الكونية على “الدولة السورية” البريئة.
وفي الفيلم الذي عرضته قناة “الإخبارية السورية” قبل أيام بعنوان “من النفق إلى النور” لا يتم التخلي عن تلك الفكرة كلياً، حيث يحافظ الخطاب الرسمي على فكرة براءة النظام الضرورية عند مخاطبة الجمهور المحلي لتبرير فكرة المؤامرة المرتبطة بدورها بشرعية النظام وبناء منطق يقوم على الحق والباطل لأخذ موقف سياسي منه. وفي المقابل يتم تمييع الشهادات الآتية من المعسكر المعارض والتي أثبتت وقوع الهجمات الكيماوية وكانت حاضرة في المحافل الدولية لتقديم شهادات حاسمة ضد النظام في هذا الصدد، وعلى رأسها الدكتورة أماني بلور التي شاركت في جلسة عقدها مجلس الأمن في 29 أذار/مارس الماضي للحديث عن الوضع الإنساني في سوريا، بعد جلستين للمجلس ناقش خلالهما الوضع السياسي في سوريا، وملف الأسلحة الكيماوية.
ونالت بلور شهرة واسعة بعملها كطبيبة في دوما المحاصرة طوال سنوات. ونالت جائزة راوول وولنبيرغ للعام 2020 بفضل “شجاعتها وجرأتها وحرصها على إنقاذ حياة مئات الأشخاص أثناء الحرب السورية”، كما جاء في بيان مجلس أوروبا، وكانت بطلة فيلم وثائقي بعنوان “الكهف” (الفائز بجائزة “إيمي” 2020) قدمه المخرج السوري فراس فياض حول مشفى الكهف الذي بقيت تعمل فيها حتى نيسان/أبريل 2018، عندما انتهى حصار النظام السوري للمنطقة، دام خمسة أعوام كاملة، وكانت بلور واحدة ممن ركبوا الباصات الخضراء الشهيرة نحو إدلب قبل أن تحصل على اللجوء في تركيا.
استهداف بلور لم يقتصر على الفيلم الوثائقي الرسمي، بل امتد أيضاً للمستشارة الإعلامية في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان، التي كتبت مقالاً قبل أيام بعنوان “الحرب الأخطر” خصصته للحديث عن “الحرب الإعلامية” التي يهوى النظام السوري الحديث عنها مؤخراً لتبرير كافة ما يحصل من مشاكل اقتصادية وخدمية في الداخل السوري بوصفها “مؤامرة مفبركة”. وفي المقال كان لافتاً ذكر شعبان لفيلم “الكهف” شخصياً بالإضافة لشخصيات بارزة مثل الطفل عمران الذي أصيب إثر قصف استهداف منزله في حي القاطرجي بحلب في آب/أغسطس العام 2016، وقتل إثر ذلك أخوه الصغير علي، والتقطت كاميرا “مركز حلب الإعلامي” صوراً له وهو ملطخ بالغبار والدماء، وسط حالة من الصمت والذهول، لتنتشر صورته على نطاق عالمي وتصبح رمزاً أيقونياً للحرب السورية.
ومثلما تلقف الإعلام الرسمي عائلة الطفل عمران التي ظهرت في التلفزيون الرسمي بعد سيطرة النظام على حلب الشرقية العام 2016، فإن فيلم “الإخبارية” الأخير أظهر والد بلور الذي تبرأ من ابنته أمام الكاميرا ووصفها بالخائنة. وبغض النظر إن كان الرجل أدلى بتصريحاته طوعاً أم قسراً تحت التهديد مثلما قدّر ناشطون معارضون، فإنه تحدث بمنطق النظام الأبوي السائد في البلاد حيث كرر حديثه عن أنه ربى ابنته وأدخلها كلية الطب ولم يستفد منها شيئاً، في تكرار لحديث النظام نفسه عن اللاجئين والمعارضين السوريين، الذين يذكرهم الخطاب الرسمي دبلوماسياً وإعلامياً منذ عشر سنوات بكافة الأمور التي وفرها لهم الرئيس بشار الأسد بوصفه “الأب القائد للدولة والمجتمع” من طبابة وتعليم مجانيين من دون أن يحصل منهم سوى على “نكران الجميل” ما يجعلهم خونة من منظور أخلاقي مشوه.
وبالطبع فإن استهداف النظام لبلور ليس عبثياً، فقضية استخدام الأسلحة الكيماوية واحدة من آخر الاتهامات التي مازال النظام يواجهها مع تراجع الاهتمام بكثير من القضايا الأخرى في البلاد مثل قضايا المعتقلين والحريات المتدنية في البلاد وحتى تداول السلطة. وتشكل الإنتاجات الدعائية التي تبثها “الإخبارية” بانتظام حول الموضوع، تتويجاً لجهود ممنهجة قام بها النظام وحليفته روسيا طوال سنوات، لطمس وإخفاء الأدلة الخاصة بالمجازر الكيماوية في البلاد، والتي كانت بارزة في دوما تحديداً أكثر من أي مكان آخر ربما.
ففيما كانت روسيا حاسمة في خطابها الدبلوماسي، في نفيها لاستعمال السلاح الكيماوي في دوما، إلا أن الكولونيل الروسي ألكسندر زورين، زار مسرح الجريمة بعد ثلاثة أيام على وقوعها، بمعزل عن أي جهة دولية محايدة متخصصة في التفتيش عن الأسلحة الكيماوية. وتم منع منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية” من دخول المدينة بحجة “الظروف الأمنية”، بغرض تشويه الأدلة، حسبما تكرر جهات مستقلة وناشطون معارضون، ثم اعتمدت الرواية الرسمية، التي روجها النظام وموسكو معاً إلى شهادات زائفة، قدمها أشخاص من دوما تم الضغط عليهم وتجنيدهم لهذه الغاية، حسب تقارير ذات صلة.
وهنا كررت “الإخبارية” الاستعانة بشهود ظهروا في كثير من اللقاءات الإعلامية السابقة على الشاشات السورية والروسية، وبرز مسعفان اثنان قدما “شهادات” جديدة لم تكن مفصلة في توجيه اتهامات لجهات معينة بـ”فبركة الكيماوي” مثلما كان عليه الحال في السابق، بل كان الحديث شديد العمومية حول الإرهابيين، مع التركيز بشكل خاص على الدكتورة بلور بشكل شخصي، من أجل ضرب مصداقيتها وجعل شهادتها القيمة حول المجزرة مشكوكاً فيها على أقل تقدير، وهو أسلوب كلاسيكي في بناء الدعاية يقوم على تشويه سمعة الشهود من أجل خلق سرديات بديلة تجعل المتابع أمام خيار التصديق من عدمه، والذي يتم دفعه نحو اتجاه معين عن طريق استمالات أخرى قد لا تكون مرتبطة بالشهود المستهدفين أنفسهم، وهو ما كان الفيلم يعمل عليه عموماً.
ولم تتوقف الهجمة على بلور، عند الفيلم، بل تجاوزته إلى السوشال ميديا الموالية للنظام، حيث كثفت الصفحات الموالية حديثها عن بلور بوصفها خائنة وعميلة باعت شرفها وعائلتها ووالدها من أجل “إرضاء سيدها الأميركي” في إشارة لمشاركتها في جلسة مجلس الأمن بدعوة من وزارة الخارجية الأميركية، إلى جانب اتهامات مماثلة يتم تعميمها على كافة المعارضين واللاجئين خارج سوريا. وبالطبع فإن ذلك يحقق هدفين، الأول هو ضرب المصداقية والثاني تجريد أي شخصية سورية من الأهلية اللازمة لمقارعة النظام وتحديه، وخلق وهم بأن سوريا خالية من الشخصيات الجديرة بقيادة البلاد، على كافة المستويات، ما يعزز حديث النظام عن شرعيته كخيار وحيد أمام السوريين، ويكرر بالتالي مقولة “الأسد للأبد” التي يسمعها السوريون منذ خمسة عقود.
وإن كان الحديث عن جرائم الحرب في سوريا، يحيل إلى أزمة توثيقها، حيث عمد النظام وحلفاؤه لملاحقة واستهداف الإعلاميين بشكل ممنهج، ليقول النظام بعد ذلك أن التقارير من الناشطين الإعلاميين الموجودين خارج سوريا فاقدة للمصداقية، لعدم دراستها الواقع على الأرض، فإن شهادة بلور عن مجزرة الكيماوي في دوما العام 2018 والتي راح ضحيتها أكثر من 70 شخصاً وأتت بعد تسليم النظام السوري لترسانته الكيماوية في مقابل عدم تنفيذ ضربة عسكرية ضده، العام 2013، تصبح جوهرية لكونها تأتي من شخصية ذات مصداقية كانت حاضرة في مكان حدوث الجريمة، ويصبح تفنيدها بهذه الطريقة الوضيعة هو الحل الوحيد أمام النظام لخلق حالة من عدم اليقين بشأن هذه القضية، ما يعني عدم القدرة على ملاحقة رموزه لمحاكمتهم.
وحتى مع هذا التضييق الرسمي، فإن النظام يواجه أخطاراً من نوع آخر من الخطر يتمثل في الأدلة الرقمية التي يمكن الاستعانة بها في المحاكم الدولية، لإثبات وقوع انتهاكات ضد الإنسانية في البلاد، فيما أثبتت لجان تحقيق مستقلة أو تابعة للأمم المتحدة ووسائل إعلام مثل “نيويورك تايمز”، مرات عديدة، وعبر الاعتماد على قوة التكنولوجيا، استخدام النظام للأسلحة الكيماوية في سوريا، بموازاة تحذير وزارة الخارجية الأميركية ومنظمات مثل منظمة العفو الدولية “أمنستي” و”هيومان رايتس ووتش” و”الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وغيرها، من أن النظام قد يستخدم تلك الأسلحة مجدداً، مع امتلاكه لمخزونات سامة سرية، لم يقم بإتلافها الرغم من الاتفاق الأميركي مع روسيا على تدمير ترسانة الأسلحة الكيميائية لدى النظام العام 2013.
المدن
حملة مليونية للتضامن مع طبيبة سورية وثّقت جرائم النظام أمام المجتمع الدولي/ هبة محمد
دمشق – “القدس العربي»: اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي موجة تضامن مليونية مع طبيبة سورية معارضة لدعمها بوجه ما تتعرض له من حملة تشويه وابتزاز شنها ضدها النظام السوري، على خليفة دورها في توثيق جرائمه وشهادتها أمام مجلس الأمن عن الهجمات الكيميائية التي تعرض لها ريف دمشق، وكذلك بهدف دعمها بوجه افتراءات وسائل إعلام النظام التي أجبرت والد الطبيبة على مهاجمتها والتبرؤ منها.
وأطلق ناشطون وشخصيات بارزة ومؤسسات المعارضة، حملة دعم وتضامن مع الطبيبة أماني بلور من الغوطة الشرقية، بعد دورها في فضح استخدام النظام للسلاح الكيميائي في غوطة دمشق عبر فيلم “الكهف”، فضلاً عما قدمته من شهادة وتوضيحات ودعوات في جلسة أمام مجلس الأمن حول استخدام نظام الأسد السلاح الكيميائي ضد المدنيين.
ولاقت الحملة تفاعلاً واسعاً، حيث نشر رواد وسائل التواصل باللغتين العربية والإنكليزية “أنا مع الدكتورة أماني بلور” للتخفيف من وطأة حملة التشويه التي تتعرض لها الطبيبة، بعدما ظهر والدها في فيلم وثائقي بثته قنوات النظام، هاجم فيه ابنته وأعلن التبرؤ منها، كما نفى استخدام النظام السوري السلاح الكيميائي في الغوطة الشرقية.
وحمل الفيلم الذي بثته وتناقلته وسائل إعلام النظام اسم “من النفق إلى النور”، حيث اتهم الطبيبة بلور بالكذب وبيع بلادها وعائلتها لإرضاء سيدها الأمريكي، وساندتها في ذلك صفحات إعلامية ومجموعات ورواد وسائل التواصل الموالون، كما هاجمتها المقربة من النظام بثينة شعبان بمقال نشر قبل أيام تحت عنوان “الحرب الأخطر”، متحدثة عن فيلم “الكهف” وغيره حيث وصفت ما جاء فيهما بأنه عبارة عن “أكاذيب ملفقة”.
وكانت طبيبة الأطفال السورية أماني بلور قد شاركت ، بناء على دعوة وجهت لها من وزارة الخارجية الأمريكية، في جلسة لمجلس الأمن عُقدت في 29 آذار/مارس الماضي، حيث خصصت الجلسة للحديث عن الوضع الإنساني في سوريا.
ووفقا لمصادر مطلعة فقد ركّزت أماني خلال المداخلة التي قدمتها على جرائم النظام السوري واستهدافه للمنشآت الطبية، مدللة على ذلك عبر تجربتها الشخصية التي عاشتها خلال حصار مدن وقرى ريف دمشق في الغوطة الشرقية بين عامي 2012 و2018، حيث قادت الطبيبة فريقا ضمن نحو 130 شخصاً من العاملين في مستشفى “الكهف” تحت الأرض، خدم نحو 400 ألف مدني محاصر في الغوطة الشرقية.
وأمام الفرصة التي أتاحتها دعوة الخارجية الأمريكية، تحدثت أماني عن قضايا ملحة كقضية المعتقلين، كما دعت المجتمع الدولي إلى زيادة مساعداته الإنسانية للسوريين وتمديد فتح المعابر، بالإضافة إلى حق السوريين في الحصول على اللقاحات في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد ـ 19).
وتضاف إلى سجل الطبيبة السورية جائزة حصلت عليها في 15 من كانون الثاني/يناير 2020، من مجلس أوروبا “راؤول والنبرغ” لشجاعتها والتزامها بإنقاذ العديد من الأرواح في مستشفى “الكهف”.
الأمينة العامة للمجلس، ماريا بيجينوفيتش بوريتش، قالت في بيان نشر على الموقع الرسمي لمجلس أوروبا، إن الطبيبة أماني بلور “مثال ساطع على التعاطف والفضيلة والشرف…”.
وكانت الطبيبة بلور قد صورت قصتها في فيلم حمل اسم المستشفى (الكهف)، من إعداد وإنتاج “الشركة الدنماركية للإنتاج الوثائقي”، وتناول الفيلم الحياة اليومية للطبيبة مع أربع من زميلاتها، في أثناء عملهن تحت الأرض.
الصحافي والخبير السياسي البارز ياسر الزعاترة كتب حول قضية أماني بلور قائلا “حين فضحت الطبيبة السورية أماني بلور مجزرة الكيميائي في الغوطة 2013؛ فقد وضعت نفسها وأسرتها في مرمى نظام أقلية طائفي بشع. ها هو يستخدم والدها المسكين في تكذيبها عبر وثائقي ساقط”.
كما عبر العقيد خالد القُطَيني عن تضامنه مع الطبيبة، فكتب “أماني بلور: امرأة بألف رجل”.
وقال محمود الدالاتي “الدكتورة أماني بلور نرى فيكِ ثورتنا”، كما كتب أنس المعراوي “عادة نظام الاسد القذرة وإعلامه منذ عشرات السنين إن لم يستطيعوا قتل خصمهم يحاولون تدليس الحقائق عبر أفلامهم وأقلامهم المفضوحة.. لن ينالوا من الدكتورة الشجاعة أماني بلور”.
وقال عنها الطبيب عبد الله الأسد “أماني بلور طبيبة ذات رسالة إنسانية سامية ليست طبيبة مظلية كبشار الأسد”. من جهته، أعلن الائتلاف الوطني السوري في بيان له تضامنه “باسم ملايين السوريين مع الطبيبة الثائرة أماني بلور وثقته بها، ودعمه لحملة التضامن معها”.
#أتضامن_مع_الدكتورة_أماني_بلور
#I_Stand_With_Doctor_Amani_Ballour
“منظمة اللاجئين الدولية” تمنح الطبيبة أماني بلور جائزة “استثنائية”
وتولت أماني عام 2016 إدارة مستشفى “الكهف” في دوما، حيث عالجت آلاف الأشخاص وأنقذت مع زملائها أرواح الكثيرين في الغوطة الشرقية التي حاصرتها قوات الأسد مدة 5 سنوات.
والطبيبة هي أيضاً بطلة فلم “الكهف”، الذي وثق تفاصيل عمل مشفى ميداني في الغوطة الشرقية (تحت الأرض)، في أثناء الحملة العسكرية لقوات الأسد وروسيا.
ومن المقرر وبحسب الصفحة الرسمية للمنظمة أن يقام حفل التكريم يوم الثلاثاء المقبل في 25 من أيار/ مايو الحالي، في الساعة التاسعة مساء بتوقيت دمشق.
وذكرت المنظمة في المناسبة أطلقتها، اليوم الجمعة أن جوائز المناصرة السنوية هي احتفال لتكريم الأفراد الذين أظهروا التزاماً استثنائياً بالعمل الإنساني وتعزيز حقوق الإنسان.
وسيسلط الحدث الافتراضي لهذا العام الضوء على القادة الذين يعملون على تعزيز المساواة بين الجنسين، وتحسين ظروف النساء والفتيات النازحات في جميع أنحاء العالم.
I am excited to be honored at @RefugeesIntl annual Advocacy Awards on May 25th!
This year’s focus is on displaced women & girls, highlighting leaders who are promoting women’s rights.
Learn more about the event & RSVP now. https://t.co/SpCgYCEi7m pic.twitter.com/nQmzzHTwlh
— Amani Ballour (@AmaniBallour) May 6, 2021
وسبق وأن حصلت أماني على جائزة راوول وولنبيرغ بفضل “شجاعتها وجرأتها وحرصها على إنقاذ حياة مئات الأشخاص أثناء الحرب السورية”، كما جاء في بيان مجلس أورويا، العام الماضي.
وتعليقا على سبب منح أماني هذه الجائزة، قالت الأمينة العامة للمجلس، ماريا بيتشينوفيتش بوريتش، في بيان: “الطبيبة أماني بلور مثال ساطع للتعاطف والفضيلة والشرف الذي يمكن أن يظهر حتى في أحلك الظروف: وسط الحرب والمعاناة”.
وفي مارس الماضي كانت الطبية قد شاركت في جلسة مجلس الأمن التي عقدت في 29 من الشهر المذكور، بناء على دعوة من وزارة الخارجية الأمريكية.
وعبّرت أماني، في تغريدة نشرتها عبر “تويتر”. عن أملها في العمل من أجل تخفيف معاناة الشعب السوري.
وركّزت أماني خلال المداخلة التي قدمتها على موضوع صحة الأطفال، والآثار النفسية والجسدية التي سببها لهم الحصار والخوف والقصف، مقابل غياب أدنى الحقوق الأساسية للطفل الذي يعيش في المخيمات دون تعليم.
كما تناولت استهداف النظام المنشآت الطبية، وأشارت إلى تجربتها الشخصية خلال حصار الغوطة الشرقية بين عامي 2012 و2018، حيث أدارت فريقاً مكوّناً من 130 من العاملين في مستشفى “الكهف” تحت الأرض.
The conference of state parties of @OPCW resumes today. Yesterday, I had the honour to host together with @DKAmbNL, a virtual event around the documentary « The Cave ». Thank you @AmaniBallour for your strong testimony. The fight against impunity remains France’s priority. pic.twitter.com/AvtsPTQx9m
— Luis Vassy (@lvassy) April 20, 2021
———————————–
هجوم شنه نظام الأسد على بطلة فيلم “الكهف” الطبيبة أماني بلور.. كيف يستخدم الأسد السينما لنشر روايته؟
——————————-