شعر

جيب سترة وقصص أخرى قصيرة جدًا/ نجاتي توسونر

عيد

“تاك!” انقطع التيار الكهربائي.

هناك شخص في الظلام.

لا، ليس مخيفًا.

ربما مفزع بعض الشيء.

فيما بعد …

عندما تبيّنته… وعرفته،

انقلبت العتمة إلى عيد.

فلنرَ،

لو ستنقطع الكهرباء،

مرة أخرى غدًا….؟

جيب سترة

على قصاصات ورق صغيرة،

أخط نصائح كبيرة.

أطويها جيدًا.

أثنيها مرارًا … وتكرارًا،

ثم أملأ بها جيبي.

خداع نفسي ممنوع!

أخلطها جيدًا…

ثم أُسحب واحدة، وجلًا،

فلنرَ أي منها ستكون؟

صَدمة

لا تَقولي لي،

أنكِ لا تحبينني.

لو وجدتِ ما هو أكثر إيلامًا،

فقوليه.

ابتسامة

الليل كان عتمة دافئة.

على تلة الشاطئ،

شاب وصبية،

يجلسان سوية متجاورين،

بصحبة وحدتهما،

ودون أن تتشابك أيديهما.

البحر،

المُبتعد قليلًا عن أقدامهما،

يضرب الشاطئ باختلاج رقيق،

ويلامس الصخور بصوت ناعم.

كانا صامتين.

على الصخرة،

التماعات صغيرة وساكنة.

ملونة ومتلألئة… تومض،

وفي الحال تنطفىء.

كان هناك أمل في الألوان البراقة، وكذلك

بهجة بدت مخيفة،

أفضيا جمالًا على النظر إلى البحر.

فيما بعد نهضا، ومشيا قليلًا.

توقف الشاب، وقال: “أغدًا مجدّدًا بصحبتك…..”.

توقفت خطى الفتاة كذلك.

“…. نصطاد وميض البحر؟”.

ارتسمت على وجه الفتاة إبتسامة صغيرة.

نِتَاج

أقف أمام النافذة. خلف ستار من “التُل”. هناك شرفة تعلو عن الأرض بشكل زائف. شرفة الشتاء بها صخب الصيف. كراسٍ متكدّسة بلا طاولة. وبينها قطة لم تُطرد بعد، وذيلها بين ثلاثة أُصص نضبت أزهارها.

المطر على ظل الزجاج المقابل.

لا يوجد صوت طفل، بل مطر.

مطر أجَاج

كانت أختي الكبيرة تقول منذ فترة،

إن الخرف قد أصاب عقل أمي.

لم أتوقف عند ذلك طويلًا.

نعم، ربما هي أيضًا على حق.

فالبقاء مع امرأة عجوز يوميًا،

في بيت واحد، ليس بأمر هين.

كان أمس يوم الأحد، ومررتُ لزيارتهما.

ودردشنا قليلًا عن الماضي….

بعدها نهضت لأمضي،

وقبّلت يد أمي،

فقالت: “يا بُني، أصحب والدتك معكَ عندما تأتي في المرة القادمة….”.

أبكى عيني الحريق المتضرّم بداخلي.

ودون أن أتطّلع إلى وجه أختي،

خرجت من البيت فورًا،

مستجيرًا بالمطر في الخارج.

بُرهان

هكذا أنا بطبيعة الحال،

أحب العذاب.

حتى أنني من بين الموسوعات،

مُولع بـ”موسوعة الآلام” (*)

طفولة

مَن الذي ينظر من خلف الزجاج؟

“انتبه، الزجاج!”.

لا يوجد رَذَاذ على الزجاج. في السماء غيوم.

لعله المطر.

(*) موسوعة الآلام: ديوان شعر للكاتب والشاعر التركي خُلقي أكتونش.

نجاتي توسونر: قاص وروائي تركي. ولد في أنقرة عام 1944. تعرّض لحادث في طفولته تسبب له في إعاقة. التحق بقسم الفلسفة في جامعة إسطنبول ولكنه لم يكمل تعليمه العالي. نشرت أول قصة له عام 1963. كتب في العديد من الصحف والمجلات التركية. من رواد القصة القصيرة جدًا في الأدب التركي المعاصر. حصل على العديد من الجوائز.

ترجمتها عن التركية: مي عاشور

ضفة ثالثة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى