الناس

مخيم الهول… الاستحقاق الأهلي المؤجل/ حازم الأمين

حدث أن جرت محادثات بين الحكومة العراقية وممثلين عن الإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا هدفها إعادة نحو ١٥٠ عائلة عراقية من مخيم الهول في شمال سوريا جميعهم من الأطفال والنساء، إلى مخيم يأويهم في محيط مدينة الموصل العراقية. أفراد هذه العائلات هم زوجات وأبناء عناصر في تنظيم “داعش”. الخبر أثار امتعاضاً في أوساط الأيزديين، الذين تعرضوا لحملة إبادة للرجال وسبي للنساء والأطفال في إقليم سنجار، والحملة نظمها “داعش” في حينها.

يصلح هذا الخبر مدخلاً لإعادة التفكير بأمرين: الأول مصير عائلات عناصر تنظيم “داعش”، وهم يحملون نحو ٥٠ جنسية، في ظل تنصل معظم الدول التي يحملون جنسياتها من مسؤولياتها حيالهم، والثاني مصير مخيمات اللاجئين التي يقيم فيها مئات الآلاف من أبناء المدن المدمرة على ضفتي الحربين في سوريا وفي العراق. خصوصاً أن المخيمات تقع في بؤس هائل على كل الأصعدة يرشحها لأن تكون بطناً ولادة للإرهاب مجدداً، وهنا نعود إلى عائلات عناصر التنظيم الذين صار أطفالهم في المخيمات فتية ومراهقين، وكبروا على وقع حرمان كبير، وليس بعيداً عن أعين قنوات التنظيم التي ما زالت ترصد ما تبقى من مجتمعه في أنحاء الخلافة المهزومة.

هناك نوع من دفن الرأس في الرمال تمارسه حكومات من المفترض أن تكون صادرة عن منتهى العقلانية والمعرفة بمصالح أهلها. فرنسا ترفض استعادة مواطنيها من مخيم الهول ومن أشقائه من المخيمات. حتى الأطفال منهم تضع عقبات أمام أجدادهم وجداتهم تجعل من إمكان استعادتهم مهمة صعبة. تونس صاحبة الرقم الأعلى لجهة عدد مواطنيها الذين التحقوا بـ”داعش” وأسسوا عائلات في سوريا والعراق أيضاً ترفض عودتهم، وتقيم عائلاتهم جمعيات ضاغطة لاستعادة ما تبقى في جهنم “داعش” من أقارب وأبناء وأحفاد. لكن الحصة الأكبر في هذا النقاش هي للعراق، ذاك أن نحو ٤٠ ألفاً من أصل ٦٠ ألفاً هم عدد المقيمين في مخيم الهول، هم من العراقيين، وجميعهم من النساء والأطفال والفتية. وبهذا المعنى نحن أمام شريحة اجتماعية وأمام بنية عائلية لها امتداداتها في مدن الشمال والغرب العراقي، ولا يمكن إشاحة النظر والاهتمام عن هؤلاء، إذا ما كان لدى السلطات العراقية رغبة في رأب هذا الصدع الأهلي الذي تمثله هذه الظاهرة. فأن يمثل البحث بمستقبل هؤلاء استفزازاً للأيزديين الذين شكل تدفق “داعش” على مناطقهم وجبالهم كارثة حقيقية، فهذا أمر مفهوم، ويقتضي هضمه في تسوية سياسية تشعر معها الضحية بأنه جرى تحصينها من احتمال تكرار هذه التجربة المريرة، وأن محاسبة عادلة تحققت أو في طريقها إلى التحقق، ولكن أن تؤجل السلطات في العراق هذا الاستحقاق تفادياً لاحتقان أهلي يمكن أن تحدثه، فهذا سيكون بمثابة إعطاء فرصة للتنظيم الإرهابي، أو لنسخ أخرى منه، بأن يستثمر بهذه المأساة الإنسانية ويعيد تأسيس الوعي الشيطاني الذي صدر منه.

وإذا كانت سلطات العالم العاقل في حل من التزاماتها حيال مواطنيها من عناصر التنظيم الإرهابي، فالتعويل على العقل في الحالة العراقية تطلب في غير مكانه، لا سيما وأننا هنا حيال طبقات من الأزمات قد لا تجد معها معضلة أهل مخيم الهول مكاناً في سلم الأولويات. لكن في مقابل ذلك فإن الهول استحقاق داهم أيضاً. الأطفال فيه صاروا فتية وهم في طريقهم إلى المراهقة. كثيرون منهم كانوا جزءاً من “أشبال الخلافة” الذي زرع التنظيم في وعي أعضائه شروره، وهؤلاء لن يبقوا في المخيم إلى الأبد، ولن يكون خروجهم منه إلا سعياً للانتقام. وهناك مؤشرات بدأت تلوح على هذا الصعيد، فقد سجلت الإدارة الذاتية الكردية المسؤولة عن أمن المخيم ٧٠٠ محاولة فرار منه خلال سنة، أي بمعدل محاولتين في اليوم!

لقد مضى أكثر من خمس سنوات على هزيمة “داعش”. التنظيم كان بنية أهلية وسكانية، وعلى ضفافه أيضاً طبقات من العلاقات الأهلية التي جرت معاقبتها على أكثر من صعيد. ملايين من سكان المدن العراقية والسورية انتقلوا للعيش في مخيمات ليست بعيدة عن مدنهم، لكنها أيضاً ليست بعيدة المنال عن التنظيم في حال أتيحت له ظروف ولادة ثانية. لكن خطوة واحدة لم تجر للتعامل مع نتائج الحرب على “داعش”. المدن ما زالت مدمرة والمخيمات إلى مزيد من البؤس والحرمان، وعشرات الآلاف من عناصر التنظيم في سجون الإدارة الذاتية الكردية في سوريا أو في السجون العراقية من دون محاكمات وترفض حكومات بلدانهم تسلمهم. ولكن هنا يمكن أن نضيف قضية أخرى عالقة في هذا الملف، وهي أن مئات من النساء الأيزديات لم يعدن بعد إلى عائلاتهن في جبل سنجار، وهن مختفيات في المخيمات أو في مجاهل التنظيم النائم بين الكثبان الرملية في صحراء العراق وفي بر الشام.

الحرة

———————-

700 عملية هرب لعائلات “داعش” من “الهول”: سوق استثماري جهادي تغذيه حملات تبرّعات/عبد السلام الحسين _ محمد حسان

“عدد أفراد العائلة وأعمارهم، يلعبان دوراً في تحديد سعر عمليات التهريب، فالعائلة الصغيرة تكون أجور نقلها أقل من العائلة الكبيرة، كما أن العائلات التي لديها أطفال صغار تدفع أكثر للحصول على عمليات خروج آمنة نوعاً”.

أمام خيمتها التي تتوسط القطاع الرابع داخل مخيم الهول في شمال شرقي محافظة الحسكة السورية، تجلس أم المعتصم العراقية ممسكة بهاتفها النقال، بصوت خافت ترسل مقاطع صوتية عبر “واتسآب” إلى أخيها أحمد الموجود في مدينة الموصل، ضمن مساعيها لترتيب عملية هروبها من المخيم مع  طفليها المعتصم وحمزة.

أم المعتصم تعيش في الهول منذ سقوط مخيم الباغوز في محافظة ديرالزور، آذار/ مارس 2019، حالها حال أفراد عائلات مقاتلي تنظيم “داعش”، الذين استسلموا لـ”قوات سوريا الديموقراطية” في تلك الفترة، بينما زوجها تونسي الجنسية، والذي كان قاضياً شرعياً لدى “داعش”، ما زال معتقلاً في سجن الحسكة بانتظار محاكمته أو قبول السلطات التونسية تَسلم عناصر التنظيم الحاملين جنسيتها.

الاتفاق، يقتضي بخروج أم المعتصم مع طفليها داخل سيارة نقل القمامة في فترة العمل المسائي لعمال النظافة، بتسهيل من عناصر حماية البوابة الرئيسية للمخيم مقابل 5 آلاف دولار أميركي، وبعد الخروج يستلمهم مُهرب وينقلهم إلى ريف دير الزور الخاضع لسيطرة “قوات سوريا الديموقراطية”، ومنه إلى مناطق النظام السوري في مدينة البوكمال، ومن هناك إلى الأراضي العراقية وتحديداً مدينة الموصل، حيث ينتظرها أخوها أحمد وبقية أفراد عائلتها.

دويلة الهول البائسة

بعد انتهاء معركة الباغوز وسيطرة “قوات سوريا الديموقراطية” على آخر معاقل التنظيم في شرق سوريا، تم نقل الرجال من مقاتلي التنظيم إلى السجون، فيما نقلت النساء والأطفال إلى مخيمات أشبه بالمعتقلات أبرزها مخيما “الهول” و”روج” و”العريش” في محافظة الحسكة، أما الأطفال السوريون الذين تجاوزت أعمارهم 12 سنة، تم نقلهم إلى سجن الأحداث في بلدة “تل معروف” التابعة لمدينة القامشلي.

ويقدر عدد القاطنين في مخيم الهول بحوالى 60 ألف شخص، بينهم قرابة 40 ألف طفل من 60 جنسية، وبحسب البيانات الصادرة من الإدارة الذاتية لشمال سوريا وشرقها، فإن المخيم يضم حوالى 11 ألف رجل من عناصر “داعش”، بينهم 2000 من الأجانب والبقية من السوريين والعراقيين، لكن تقديرات تقول إن العدد الفعلي لعناصر التنظيم داخل المخيم أقل من ذلك بكثير ولا يتجاوز المئات.

ويقسم المخيم إلى قطاعات. تعيش العائلات العراقية في كل من القطاع الأول والثاني والثالث والسابع، بينما تتوزع العائلات السورية على القطاع الخامس والسادس والثامن، بينما تجمع إدارة المخيم المهاجرات الأجنبيات وأطفالهن في قطاع خاص، ويخضع المخيم لحماية أمنية مشددة من قوات الأمن الداخلي “الأسايش”، وتمنع عمليات الخروج من المخيم إلا بإذن خطي وبرفقة عناصر منها.

يعيش قاطنو مخيم الهول حالة من البؤس نتيجة افتقاره لأدنى مقومات الحياة الإنسانية، بسبب إهمال طبي شديد، إضافة إلى كثافة السكان، وانتشار الأمراض التي تؤدي إلى وفاة بعض القاطنين فيه بخاصة من الأطفال. ففي عامي 2019 و2020 توفي أكثر من 1000 شخص داخل المخيم، غالبيتهم من الأطفال لأسباب مختلفة منها نقص التغذية والرعاية الصحية لحديثي الولادة، إضافة إلى الوفاة خلال فصل الشتاء جراء البرد وعدم توفر وسائل التدفئة، بحسب تقارير صادرة عن International Rescue Committee.

ويعاني المخيم وقاطنوه بحكم موقعه في بادية الهول التي تُعتبر منطقة شبه صحراوية، من مشكلات تلف الخيام نتيجة الأحوال الجوية الممطرة والباردة شتاءً والمغبرة والحارة صيفاً، وعدم توفر البديل لها، إضافة إلى الفيضانات المتكررة في شبكة الصرف الصحي.

بالتوازي مع الإهمال الطبي وسوء الوضع الخدمي داخل المخيم، فلا تخلو يوميات السكان من انتهاكات قوات الأمن “الأسايش” المشرفة على المخيم، أبرزها إطلاق النار على الناس أثناء محاولاتهم الاحتجاج على الواقع المأساوي للمخيم.

أحمد (44 سنة) وهو مدني من محافظة دير الزور يعيش في مخيم الهول منذ أكثر من ثلاث سنوات، يقول لـ”درج”: “فقدت ولدي حسن (25 سنة) مع أربعة مدنيين آخرين بينهم طفلان، بإطلاق نار من عناصر قوات “الأسايش” أثناء تفريقهم تظاهرة خرجت للاحتجاج على تردي الوضع الصحي والمعيشي داخل المخيم في آذار 2019″.

ويعاني قاطنو المخيم من الاعتقالات المتكررة، بتهم تتعلق بممارسة نشاطات معادية للإدارة الذاتية، وأخرى تتعلق بالتواصل والتنسيق مع خلايا تنظيم “داعش”، وتعاني النساء داخله من التحرش من عناصر حماية المخيم ومحاولة استغلالهن جنسياً، إضافة إلى استغلال الأطفال بهدف الإدلاء بمعلومات عن ذويهم ومعارفهم.

في تموز/ يوليو 2020، شهد مخيم الهول صدامات وعمليات احتجاج، على خلفية تحرش عناصر من “الأسايش” بامرأة من محافظة دير الزور. عمليات الصدام بين سكان المخيم وقوات الأمن انتهت بمقتل امرأة وإصابة اثنتين أخريين واعتقال 22 امرأة ممن شاركن في عمليات الاحتجاج.

يشهد المخيم عمليات اغتيال شبه يومية لرجال ونساء وحتى عناصر من الحماية، وتتهم الإدارة الذاتية خلايا من قاطني المخيم بالوقوف وراء تلك العمليات، فمنذ مطلع عام 2021 قتل أكثر من 60 شخصاً داخل المخيم، وفق تقرير صادر عن “المرصد السوري لحقوق الإنسان”.

انسداد أفق إيجاد حل جذري للمحتجزين داخل مخيمات العزل بخاصة من عائلات تنظيم “داعش”، نتيجة رفض معظم الدول نقل رعاياها المنتسبين إلى التنظيم واسترجاعهم، والواقع المعيشي والأمني السيئ، وما يتعرض له المحتجزون من انتهاكات، دفعت الكثير من العائلات من غير السوريين إلى محاولات الخروج من المخيم من طريق عمليات التهريب، بخاصة أن عمليات الخروج الطبيعي تقتصر على العائلات السورية، بناء على وساطات عشائرية أو من خلال محاولات الصلح المجتمعي التي تبادر إليها الإدارة الذاتية.

عمليات تهريب عائلات التنظيم تمر بمراحل متعددة، بحسب شهادات بعض المهربين والعائلات الهاربة الذين تواصلنا معهم، أولها الوصول إلى الوسطاء داخل المخيم والمرتبطين بشبكات التهريب، وفي الغالب يكون الوسطاء من العاملين داخل المخيم سواء في الهيئات الإدارية المشرفة على المخيم أو حتى عناصر الحماية العسكرية التابعة لـ”الأسايش”، وهؤلاء يعملون مع شبكات تهريب خارج المخيم وتقتصر مهمتهم على نقل العائلات من داخل المخيم إلى خارجه وتسليمهم للمهربين الذين يتكفلون ببقية الطريق إلى الوجهة النهائية لكل عائلة.

الخروج من المخيم يكون غالباً على شكل مجموعة مؤلفة من عدد من العائلات عبر وسائل مختلفة، منها وضعهم داخل الخزانات التي تزود المخيم بمياه الشرب أو عبر نقلهم بسيارات نقل الطعام أو سيارات نقل النفايات، وفي بعض الأحيان من طريق أنفاق تمر من أسفل الأسلاك المحيطة بالمخيم، والبعض من العائلات الأجنبية يحصل على أوراق ثبوتية سورية مزورة ويتم أدراجه ضمن قوائم العائلات السورية الخارجة نتيجة الوساطات المحلية.

المرحلة الثانية من عملية التهريب هي نقل العائلات التي تمكنت من الخروج من المخيم إلى وجهتها النهائية، وتقسم الطرق التي تسلكها العائلات الهاربة إلى قسمين، الأول من الهول عبر مناطق سيطرة “قوات سوريا الديموقراطية”، ثم عبر نهر الفرات إلى مناطق سيطرة النظام السوري ثم الأراضي العراقية، ومعظم العائلات التي تسلك هذا الطريق من الجنسية العراقية. الطريق الثاني من مناطق سيطرة “قوات سوريا الديموقراطية” إلى إدلب عبر المرور بمناطق سيطرة الجيش الوطني، ومعظم سالكي هذا الطريق من جنسيات عربية وأوروبية.

وتختلف أسعار عمليات التهرب التي تتلقاها الشبكات العاملة في هذا المجال بناء على اعتبارات عدة. أبو أحمد (44 سنة)، وهو عربي من مدينة الشدادي التابعة لمحافظة الحسكة ويعمل في التهريب، يقول لـ”درج”: “عدد أفراد العائلة وأعمارهم، يلعبان دوراً في تحديد سعر عمليات التهريب، فالعائلة الصغيرة تكون أجور نقلها أقل من العائلة الكبيرة، كما أن العائلات التي لديها أطفال صغار تدفع أكثر للحصول على عمليات خروج آمنة نوعاً”.

ويضيف: “وجهة العائلة لها اعتبار في تحديد أجور التهريب، فالطريق إلى العراق أكثر تكلفة من الطريق المؤدي إلى إدلب، وتتراوح الأسعار بين 5 آلاف دولار و20 ألف دولار، وتقسم هذه المبالغ على المتعاملين مع شبكات التهريب من داخل المخيم وقيادات عسكرية من قوات سوريا الديموقراطية، إضافة إلى الحشد الشعبي وقوات النظام في الطرق المؤدية إلى العراق، وفصائل من الجيش الوطني في الطرق المؤدية إلى إدلب”.

إحصاءات قوى الأمن الداخلي في الإدارة الذاتية، أكدت حصول 700 محاولة هرب خلال العام الماضي وحتى آذار من العام الحالي، وبحسب تصريحات سابقة لعلي حسن، المتحدث الرسمي لقوى الأمن الداخلي، “فإن عمليات الفرار زادت بعد الهجوم التركي في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 على مناطق ريف الرقة الشمالي ومدينة رأس العين ضمن عملية “نبع السلام”، لكن قوات الأمن تمكنت من إحباط معظم محاولات، عائلات من مقاتلي التنظيم الوصول إلى مناطق ريف حلب وإدلب ومنها إلى تركيا”.

فريق العمل حاول التواصل مع عدد من الشخصيات الرسمية داخل “قوات سوريا الديموقراطية”، بخصوص تهريب العائلات من مخيم الهول، من بين تلك الشخصيات مصطفى بالي مدير المكتب الإعلامي في “قوات سوريا الديموقراطية” وغبراييل كينو المتحدث الإعلامي الرسمي لـ”قسد”، والشيخ موس أحد مسؤولي المخيمات في الإدارة الذاتية إضافة لمسؤولين الآخرين، البعض منهم تجاهل الرسائل والبعض الآخر رفض التعليق على الموضوع.

أطراف الصراع المتورطة

 إلى جانب “قوات سوريا الديموقراطية”، تُعتبر قوات النظام السوري والحشد الشعبي العراقي أحد أبرز المساهمين في عمليات التهريب خاصة للعائلات المتوجهة إلى العراق.

وصول العائلات إلى نهر الفرات يكون نهاية مرحلة عبور مناطق سيطرة “قوات سوريا الديموقراطية”، يليها نقل العائلات إلى الضفة المقابلة للنهر عبر السفن المنطلقة من معابر التهريب المنتشرة على طول النهر، في الضفة المقابلة يتولى عملية التهريب مليشيات الحشد الشعبي المنتشرة في ريف ديرالزور الشرقي والتي ترتبط ارتباطاً مباشر مع شبكات التهريب.

عهد الصليبي إعلامي من دير الزور يعمل في شبكة “نهر ميديا” المحلية أوضح لــ”درج” أن العائلات الهاربة من مخيم الهول بعد عبورها نهر الفرات تتولى ميليشيات من “الحشد الشعبي” أبرزها ميليشيات “عصائب أهل الحق”، نقلها مروراً بمناطق النظام السوري إلى الأراضي العراقية عبر المعبر العسكري الخاضع لسيطرة الحشد الشعبي جنوب شرقي مدينة البوكمال، والمعروف محلياً باسم معبر حسين العلي”.

وأضاف الصليبي “أن ميليشيات الحشد الشعبي تتلقى مبالغ مالية عن كل شخص لقاء نقله إلى الأراضي العراقية، هذه الأموال تؤخذ بحسب الاتفاق المبرم مع المهربين في مناطق سيطرة قوات “قسد”، ويذهب جزء منها رسوم عبور تدفعها تلك الميليشيات إلى عناصر قوات النظام السوري بخاصة الفرقة الرابعة التي تنتشر حواجزها في ريف ديرالزور، من أجل تسهيل عمليات مرور العوائل وعدم توقيفها”.

لا أسعار دقيقة وثابتة حول المبالغ المالية التي تتقاضاها ميليشيات “الحشد الشعبي” العاملة في التهريب عن كل شخص تقوم بنقله، فالأسعار تتغير بشكل دائم، لكن المعدل الوسطي ضمن المعلومات المتاحة يشير إلى مبالغ تتراوح بين 1000 دولار و5000 دولار عن كل شخص، إذا كانت من عائلات مقاتلي التنظيم، أما إذا كان الشخص من مقاتلي التنظيم فالمبلغ يتراوح بين 5 آلاف دولار و15 ألفاً، بحسب مركزه القيادي أثناء فترة سيطرة التنظيم وفي حالات يصل إلى أكثر من ذلك.

ميليشيات الحشد الشعبي تستخدم سياراتها العسكرية في نقل العائلات من الأراضي السورية إلى الأراضي العراقية، وترتبط تسهيلات تلك التجارة بوجودها القوي في شرق محافظة ديرالزور السورية ومناطق العراق.

كما يعتبر الجيش الوطني المُسيطر على ريف حلب الشمالي والشرقي من المتورطين في عمليات تهريب عائلات ومقاتلي التنظيم، لقاء تحصيله مبالغ مالية عن العابرين، ويعتبر حاجز عون الدادات في ريف حلب الشرقي، بوابة عبور العائلات المُهربة إلى مناطق شرق حلب وشمالها، وفيه تقوم فصائل الجيش الوطني المتعاملة مع شبكات التهريب باستلام الهاربين لنقلهم أو تسهيل عمليات عبورهم إلى محافظة إدلب.

أحد قادة الجيش الوطني فضل عدم ذكر اسمه، يشير لـ”درج” إلى أن “فصائل كثيرة من الجيش الوطني متورطة في عمليات تهريب عائلات مقاتلي التنظيم الفار من المخيمات، وهدف تلك الفصائل على المستوى الفردي أو على مستوى الفصيل يكون مادياً، ويبررون عملهم بأن تلك العائلات لا ذنب لها في جرائم التنظيم”.

ويضيف القيادي: “عمليات التهريب لا تقتصر على العائلات، بل هناك تهريب لمقاتلي التنظيم المتهمين بجرائم قتل بحق مدنيين، ومنهم من أطلق سراحه بعد اعتقاله على يد تلك الفصائل مقابل دفعه مبالغ مالية، وجميع تلك العمليات تتم من دون رقابة من قيادة الجيش الوطني وحتى الأتراك الداعمين لتلك الفصائل والمسؤولين عن الملف الأمني في مناطق شمال محافظة حلب وشرقها، ومناطق تل أبيض ورأس العين شمال محافظتي الرقة والحسكة”.

أم إيمان التونسية نموذجاً

بعد محاولات متكررة للبحث عن شهادة هاربات من مخيم الهول، تمكنا من التواصل مع أم إيمان التونسية التي وافقت على سرد تفاصيل عملية هروبها من مخيم الهول إلى محافظة إدلب في أواسط عام 2020، ضمن مجموعة من نساء التنظيم وأطفالهن، في عملية هروب اعتبرت الأكبر من نوعها في ذلك الوقت.

بدأت أم إيمان بدأت تخطّط لهربها مع مجموعة من نساء التنظيم الأجنبيات، بتنسيق مباشر مع مقاتلين سابقين من “داعش” كانوا تمكنوا من الهروب والوصول إلى إدلب أثناء مرحلة انهيار التنظيم، وبحسب حديثها كانت أولى مراحل الهروب التودد لعنصر من حماة المخيم، أقنعته بدفع مبلغ 20 ألف دولار، مقابل تأمين خروجها من المخيم وتأمين سيارة تقلها إلى ريف حلب.

بعد الاتفاق بين الطرفين، قام عنصر الحماية بتأمين خروج أم إيمان و9 نساء مع لأطفالهن العشرين داخل السيارات العاملة في الفترة المسائية لنقل القمامة من داخل المخيم، ثم تم تسليمهم إلى سيارات تعمل في التهريب نقلت الخارجات مع أطفالهن لقاء مبلغ 10 آلاف دولار، حتى حاجز عون الدادات الفاصل بين مناطق سيطرة “قوات سوريا الديموقراطية” ومناطق سيطرة الجيش الوطني.

بعد الوصول إلى حاجز عون الدادات، تروي إم إيمان تفاصيل استقبالها ومن معها، من قبل عناصر في الجيش الوطني كانت تعلم بوجودهم، بعدما أخبرها عناصر التنظيم المقيمون في إدلب الذين ينسقون العملية معها باتفاقهم مع هؤلاء العناصر لنقل المجموعة إلى إدلب، مروراً بمناطق الراعي وعزاز وعفرين شمال حلب، لكنها لا تعرف المبلغ المالي الذي تلقاه العناصر من أجل هذا الأمر كون التنسيق في هذه المرحلة لم يكن من خلالها.

أم إيمان أكدت أن مرورها ومن معها كان سلساً ومن دون متاعب من خلال آليات عناصر الجيش الوطني حتى حدود مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام” في إدلب، وهناك تم تسليم المجموعة لعناصر التنظيم الذين نقلوا الجميع عبر طرق فرعية إلى مدينة إدلب، خوفاً من حواجز “هيئة تحرير الشام” التي يمكن أن تقتاد تلك العائلات للتحقيق معها قبل أن تعاود إطلاق سراحها.

“فكوا العاني”

مطلع عام 2020، وبعدما تبلور مشهد مخيمات الحجز وبدء ظهور المواد الإعلامية التي توثق حالة القاطنين داخلها ومن بينهم عائلات مقاتلي تنظيم “داعش” في مخيم الهول، بدأت فصائل جهادية موجودة في إدلب ومنها “حراس الدين” و”هيئة تحرير الشام” و”الحزب التركستاني الإسلامي”، جمع التبرعات وتأمين الأموال للعمل على تهريب عائلات مقاتلي التنظيم من داخل المخيم بخاصة النساء والأطفال.

“حراس الدين” الفصيل الذي بات يمثل فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا، جمع خلال العامين الأخيرين التبرعات المالية من أنصاره في سوريا وخارجها، وخصص تلك الأموال لدفعها لشبكات التهريب، مقابل إخراج عائلات أجنبية مرتبطة بالتنظيم ومحتجزة داخل المخيم، ثم نقلها وتأمين أماكن لاستقرارها في محافظة إدلب.

مساعي “حراس الدين” النشطة بخصوص تهريب العائلات من مخيم الهول تراجع في الفترة الأخيرة لأسباب متعددة منها، الخلاف مع “هيئة تحرير الشام” والذي كلف الحراس فقدان الكثير من الموارد، إضافة إلى حملات الاعتقال التي تطاول كوادره في إدلب على يد الهيئة. العامل الثاني هو الوضع الاقتصادي السيئ داخلياً الذي تسبب بتراجع التبرعات الشعبية، كما أن قيود التحويل المالي الخارجي إلى سوريا حدت من التبرعات التي تصل التنظيم من الخارج، أما العامل الأخير فهو ارتفاع أسعار عمليات التهريب بشكل مستمر.

“هيئة تحرير الشام” هي الأخرى عملت خلال فترات متفاوتة على تخصيص مبالغ مالية من مواردها من طريق مكتب الهيئة الاقتصادي، للعمل على إخراج العائلات من مخيم الهول ونقلهم إلى إدلب، لكن نشاط الهيئة تراجع خلال الأشهر الماضية، بسبب استهداف خلايا “داعش” مقرات الهيئة وكوادرها في محافظة إدلب.

أحمد صحافي من محافظة إدلب يوضح لـ”درج” أن نشاط الهيئة المتعلق بنساء مقاتلي التنظيم، يقتصر على تخصيص مساكن جماعية للهاربات مع أطفالهن، وتأمين الطعام والكساء لهن ولفترات محدودة، بعدها يترك للعائلات خيار استكمال الطريق إلى تركيا أو العيش في إدلب على نفقتهن الخاصة”.

أما “الحزب التركستاني الإسلامي” في محافظة إدلب، ما زال يعمل على تأمين خروج العائلات من مخيم الهول ومخيم العريش وروج، لكن نشاط الحزب يقتصر على العائلات من أصول تركستانية، إضافة إلى تأمين أماكن إقامة للخارجات في مناطق وجود مقاتليه وعائلاتهم في مناطق إدلب وتحديداً مناطق جبل الزاوية.

عمليات جمع التبرعات بهدف دفع تكاليف تهريب عائلات مقاتلي التنظيم من مخيم الهول لا تقتصر على الفصائل الجهادية، ففي الكثير من المناسبات يقوم مدنيين بحملات شعبية لجمع التبرعات، كالحملات التي شهدتها مدينة دركوش في فترات سابقة، بغرض إخراج نساء من أهالي المدينة محتجزات داخل المخيمات.

جميع الأطراف التي تعمل على جمع التبرعات سواء كانت فصائلية أو محلية أهلية، تستهدف حصراً إخراج النساء والأطفال، أما مقاتلو التنظيم من الرجال فلا تدفع الأموال من أجل تهريبهم من تلك المخيمات، نتيجة تخوف الجميع من وجودهم في المحافظة بخاصة مع تزايد نشاط خلايا التنظيم في إدلب.

شهر آذار/ مارس الماضي شهد إطلاق حملة جديدة تحت مسمى “فكوا العاني”، بهدف دفع الأهالي للتبرع من أجل المساهمة في إخراج النساء والأطفال من مخيم الهول وغيره. الحملة التي انتشرت على بعض وسائل التواصل الاجتماعي لم تُعرف الجهة التي تنظمها، والتي حاولنا التواصل معها عبر الرقم المخصص لها على تطبيق “واتسآب”، لكن القائمين رفضوا التصريح بأي شيء باستثناء أنهم يستقبلون الحوالات المالية عبر مكاتب السوق السوداء في محافظة إدلب.

عرابي عبدالحي عرابي الباحث السوري المختص في الجماعات الإسلامية أكد أن “هيئة تحرير الشام لا تقوم بدور فعلي في عمليات دفع الأموال لتهريب عائلات مقاتلي التنظيم المحتجزة في المخيمات، بل بالعكس تماماً تقوم بالتضييق على الأشخاص الذين يجمعون التبرعات من أجل هذا الغرض ويتعرضون للاعتقال في سجونها بشكل مستمر”.

وأضاف عرابي: “جمع التبرعات يعتمد على حالات فردية على مستوى الفصائل والمجتمعات المحلية ولا يمكن أن تكون حالة رسمية تنتمي إلى فصيل معين، وغالباً ما تكون الدوافع دينية تحت بند فك الأسيرات المسلمات، وأكثر من يعمل على هذا الموضوع خلايا وشبكات سرية مرتبطة بالتنظيم، فاعلة في إدلب”.

 محاولة فاشلة

أم المعتصم التي تمكنت من الخروج مع أطفالها من المخيم من طريق خزان نقل المياه، لم يسعفها الحظ في بقية الطريق، إذ تم اعتقالها مع المهرب على طريق الحسكة- دير الزور عند حاجز لـ”قوات سوريا الديموقراطية” في بلدة مركدة، وأعيدت إلى المخيم مرة أخرى، لتبدأ الترتيب لمحاولة جديدة قد تثمر عن عودتها إلى منزل ذويها في مدينة الموصل يوماً ما.

درج


فرنسيون عالقون في الجزيرة السورية/ حسام الحمود

يتواجد آلاف من مقاتلي داعش الأجانب وعائلاتهم في مراكز احتجاز ومخيمات أعدتها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وهو ما يشكّل واحداً من أبرز التحديات الأمنية في شمال شرقي سوريا. وتقوم قسد بعمليات أمنية بشكل مستمر في هذه المخيمات، كان آخرها تلك التي جرت على مدى أسابيع بين شهري آذار (مارس) ونيسان (أبريل) الماضيين، ونجم عنها اعتقالات لمن قالت قسد إنهم زعماء وزعيمات خلايا تنظيم داعش في مخيم الهول.

ويشكل مخيما الهول وروج في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا قضية عالقة منذ بداية هزائم تنظيم داعش على يد قسد بدعم من التحالف الدولي، حيث يضم هذان المخيمان آلافاً من عوائل مقاتلي تنظيم داعش السابقين من جنسيات غير سورية، وأغلب هؤلاء النساء والأطفال مواطنو دول أوروبية، كانوا قد غادروا بلادهم في وقت سابق للالتحاق بالتنظيم أو بأحد أفراد عائلاتهم الذين كانوا قد انضموا للتنظيم.

في السابع والعشرين من شباط (فبراير) 2021، توجه وفد برلماني فرنسي برفقة مُحامِيَين إلى مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان في شمال العراق، بهدف العبور إلى الأراضي السورية ومقابلة المواطنات الفرنسيات المحتجزات في مخيمي الهول وروج في ريف الحسكة. إلا أن طلبهم قوبل بالرفض من قبل مكتب العلاقات الخارجية في قسد، وذلك بعد لقاء طويل في المعبر الحدودي بين سوريا والعراق.

منير ساتوري هو برلماني أوروبي تمّ انتخابه ممثلاً عن حزب البيئة الفرنسي، وكان واحداً من النواب الفرنسيين الذين تواجدوا في الثامن والعشرين من شباط في أربيل للتوجه إلى سوريا. بعد رفض طلبه بالدخول، تحدّث إلى الجمهورية.نت لشرح ملابسات ما حصل: «حاولنا الدخول مرتين إلى شمال شرقي سوريا لمقابلة مواطنينا هناك، بناءً على رغبة شعبنا في كشف مصير هؤلاء الأشخاص. نحن منتخَبون لإيصال صوت شعوبنا. بعد يوم كامل من الانتظار على الجانب العراقي، أُخبِرنا مساءً أنّه سيُسمَح لنا بالدخول إلى سوريا في اليوم التالي، وعندما دخلنا تمّ استقبالنا بشكل حار من قبل رئيس دائرة العلاقات الدولية في قسد، عبد الكريم العمر. حينها ظننا أنّ الأمور تسير على ما يرام».

يشير ساتوري إلى أنّ ما حدث بعد استقبالهم في مكتب فخم ضمن معبر سيمالكا بين إقليم كردستان وسوريا كان منافياً للمنطق: «بعد اجتماع دام لساعتين بيننا وبين عبد الكريم عمر، وشرحه المطول عن وضع الأوروبيين في مخيمات شمال شرق سوريا وكيف أن من الصعب السيطرة على الوضع في هذه المخيمات، أخبرناه أنّنا يجب أن نتوجه الآن لمقابلة هؤلاء العوائل، عندها ذُعر مسؤول العلاقات الخارجية من طلبنا وأخبرنا أنه من غير المسموح لنا بالدخول، وأن زيارتنا لسوريا تنتهي بنهاية هذا الاجتماع فقط. غضبتُ ومن معي نتيجة هذا الرد غير المنطقي».

وفقاً للبرلماني الأوروبي، فإن عبد الكريم عمر كان مذعوراً عندما أجابنا عن تساؤلاتنا حول منع دخولنا: «لا أستطيع أن أدعكم تدخلون، هذا خطير علينا، فرنسا تلعب دوراً مهماً بالنسبة لنا، ونحن لا نرغب في خسارته عبر السماح لكم بمقابلة هؤلاء النساء». كان أمراً غريباً جداً بالنسبة لساتوري والبرلمانيين الآخرين، نظراً لأنه سُمح لوفود أخرى بالدخول سابقاً.

«أعتقد أن رئيس الحكومة الفرنسية يرغب في جعل المائتين إلى ثلاثمئة مواطنة فرنسية وأبنائهم يختفون فقط، يرغبون في تركهم فقط كأشباح في شمال شرقي سوريا. لا زلت غاضباً من السلطات الفرنسية، وأنا مستعد للعودة مرة أخرى، ولكن عليّ أن أقابل الرئيس الفرنسي قبل ذلك أيضاً لأكتشف الجواب»؛ يقول منير ساتوري.

وقد توجّهت الجمهورية.نت مباشرة إلى المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، غابريل أتال، في مؤتمر صحفي عُقد في الثالث من شهر آذار (مارس) الماضي في باريس، حول ما إذا كانت الحكومة الفرنسية قد فرضت على قسد عدم السماح للنواب والمحامين الفرنسيين بلقاء النساء المحتجَزات في شمال شرقي سوريا. كان الرد من المتحدث الرسمي: «أعد بالإجابة عن سؤالكم المهم في نهاية اليوم»، ولكن على الرغم من التواصل لأربع مرات بعدها، لم تقدم الحكومة الفرنسية أي إجابة على هذا السؤال.

ماري دوسيه محامية فرنسية، تعمل منذ ثلاثة أعوام على ملف إعادة الفرنسيين الذين انضموا لتنظيم داعش سابقاً إلى فرنسا لكي تتم محاكمتهم في بيئة قضائية صحيحة. تحدثت إلى الجمهورية.نت حول وضع هؤلاء النساء وأطفالهن في مخيمات شمال شرقي سوريا: «في سوريا، هؤلاء النساء محتجزات مع أطفالهن بدون حقوق، ولم يتم عرضهم على أي سلطة قضائية. وفقاً للقوانين الدولية، لا يمكننا أن نسمي هذا بغير الاعتقال التعسفي».

تضيف دوسيه: «النساء القابعات في المخيمات مع أطفالهن تتم ملاحقتهم من قبل القضاء الفرنسي منذ مغادرتهنّ البلاد، ويجب إعادتهن إلى فرنسا لأن الملفات القضائية ضدهم هي في فرنسا ولا يمكن محاكمتهم في مكان آخر. يجب أن ينلنَ جزاءهن عما ارتكبنه».

«السوريون عانَوا بما فيه الكفاية من هذا التطرف، ولا يمكن ضمان أمانهم بوجود مخيمات كالهول وروج في مناطقهم. ذلك أهم سبب يجعلنا نعمل لإعادة مواطنينا من هناك»، تختم المحامية الفرنسية كلامها.

في سياق متصل، تواصلت الجمهورية.نت مع صابرينا، وهي امرأة فرنسية لديها أخت تقبع في مخيمات الاعتقال في سوريا منذ عامين مع ولدها. شرحت صابرينا وضع أختها قائلة: «أختي تريد العودة إلى فرنسا ولكن الحكومة ترفض ذلك. كتبتُ العديد من الرسائل للحكومة الفرنسية مطالبة بذلك، ولكن لم يتم الرد على أي منها. أختي تعلم أنها ستذهب إلى السجن إذا عادت إلى فرنسا، ولكنها تريد حياة أفضل لطفلها الصغير، وأن تتاح لي الفرصة للاعتناء به عوضاً عن بقائه في المخيم».

شقيقة مواطنة فرنسية عالقة في الجزيرة السورية by Al-Jumhuriya الجمهورية

تفسِّر صابرينا سبب ذهاب أختها إلى سوريا في عام 2015: «لقد لحقت زوجها عندما ذهب إلى هناك، ولكنّه قُتل بعد عام من ذهابه، الأمر الذي اضطر أختي وطفلها للبقاء في مضافات داعش التي كانت منتشرة بكثرة لمثل هذه الحالات في الرقة أثناء فترة سيطرة التنظيم».

في الخامس من تشرين الأول (أكتوبر) عام 2020، أعلنت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، عبر الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطي إلهام أحمد، عجز الإدارة عن السيطرة على الوضع في المخيمات وعدم قدرتها على تحمل مسؤولية المحتجزين داخل المخيم، واصفةً المخيم بـ«الحمل الثقيل على عاتق الإدارة الذاتية». وتشير تقارير صحفية إلى أنّ مخيمَي الهول وروج يضمّان قرابة 800 مقاتل أجنبي من حوالي خمسين دولة، ذلك بالإضافة إلى عائلاتهم والعائلات الأخرى التي كانت مع عناصر التنظيم عند سيطرة قسد على آخر معاقله في البلاد.

موقع الجمهورية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى