“أحاول أن أضاجع الشّمس”… شاعرات من أفغانستان كسرن “التابو”/ مريم حيدري
مجاز الجِوار، مؤانسة الغرباء في البستان المجاور
صرّح رئيس كلية الآداب في مدينة هرات الأفغانية قبل بضع سنوات إن مثل هذا الشعر لا يمكن تقبّله في المجتمع الأفغاني، فهو لا يتناسب مع المعايير الإسلامية وتقاليد المجتمع الأفغاني وعرفه السائد، إلا أن هؤلاء الشاعرات وغيرهنّ قرّرن أن يسبحن عكس التيار الذي يريد لهنّ المجتمع الذكوريّ المتشدّد أن يغرقن فيه. هنا ثلاث شاعرات شابات من أفغانستان، يتحدّثن بحرية عن الحبّ والجسد والتطلع إلى عالم أكثر نوراً وانطلاقاً، ليحملن اليوم راية الشعر المتمرّد في أفغانستان.
هدى خَموش
ولدت هدى خموش عام 1996 في مدينة إصفهان الإيرانية حيث كان يعمل أبوها، ثم انتقلت بعد اثنتي عشرة عاماً إلى أفغانستان وأكملت دراستها هناك وتخرجت في فرع الأدب الفارسي. من دواوينها الشعرية: “أقبّلك”.
اصلبْني
على أكثر حدود جسدِك إشاعةً
أنا لا أخاف الحبسَ
من أجل الخطايا الكبيرة
دعْ
هذه القُبلة
هذه النظرة
وهذه المضاجعة الملوّثة
تدفع إبليس إلى السّجود.
كريمة شَبْرَنْك
تُعرف بأنها “فُروغ أفغانستان” لشعرها المتمرّد وتأثرها بالشاعرة الإيرانية الشهيرة “فروغ فرّخ زاد”. تخرجت عام 2007 من جامعة “بَدَخشان” الأفغانية في فرع الأدب الفارسي. صدرت لها عدة مجاميع شعرية منها: “ماوراء السمعة السيئة”، “درجات الإثم” و”العنكبوت ينسج الفخّ، وأنا أنسج الخيال”.
أتذكّر تلك الليلة، بعد منتصف الليل
حين نهضتُ أبحث عنك
أنت: حاجتي غير المكتملة في الليالي
وقد احتلّ بصري حضورُك المبهمُ.
هذه القُبلة، هذه النظرة، وهذه المضاجعة الملوّثة، تدفع إبليس إلى السّجود… مجاز في رصيف22، فسحة للكتابة الإبداعية
يا لها من ليلة مقدّسة
تلك الليلة التي مزّقت فيها ياقتك
من الرغبة!
وكلّما كانت يداي تمتلئان من تصوّر امتلاكك الغامض
كنت تدعوني إلى صور الغروب الحزينة
فامتلأتُ غوايةً
“الغواية الحزينة للشبابيك والأشجار”
ياقتك الممزقة
ما برحت بركةً تضيء عينيّ
واستغاثتك في الليل
علّمتني
كيف أقرأ ألمَ الصخرة في ملامحها الخفية.
ولكن كيف لي أن أضرب أمثلةً من الشجرة لآدمَ
الذي لم يعرفك
لأقول له
إنك كبيرٌ وودود بحجم خلقتِك
أنا التي عرفت عتمةَ الأرض
كقطرة طاهرة يتشرّب الظلامُ جسدَها
لا تتركني!
لا تُبعد يدي البريئةَ من حُجرك
واسقِني
رحيقَ جنانِك
أيها الأحرف الثلاثة المقدّسة!
الذي تنهض من سطح أفكاري النقية
وتلوّث الليالي العذراء في حياة هذه المرأة
لتزدهر أفكاري من هناك
من عهد المسيح ومريم
واستغاثتك في الليل، علّمتني كيف أقرأ ألمَ الصخرة في ملامحها الخفية… مجاز في رصيف22
آه!
يا إلهي!
أنا سهرتُ الليالي مجنونةً من أجل عبادتِك
أنت الذي منحتَني الشرفَ
وعرفتُ من تقدّس تلك الليالي
أنني لك وإليك راجعة.
باران سجادي
ولدت باران سجادي في مدينة “مشهد” الإيرانية، ذلك أن عائلتها كانت قد هاجرت من أفغانستان إلى إيران إثر الحرب هناك. ثم عادت إلى أفغانستان لتهاجر بعد ذلك إلى كندا حيث تقيم حالياً. صدر لها: “الرَّجم”، و”الدورة الشهرية”؛ الديوان الذي قالت عنه إنها أصدرته بشيء من الرهبة والقلق لأنها كانت تفكر أن الجوّ في بلدها غير مهيّأ لتقبّله.
أستلقي بمحاذاة عينيّ
وأحاول أن أحتضن نفسي بقوّة
أضع يدي اليمنى على كتفي اليسرى
ثم، بهدوء، يدي اليسرى على كتفي اليمنى
أحتضن نفسي
إنها ليلة العيد وأنا أحتضن نفسي
أفرض نفسي عليّ بقوةٍ
أضع يدي اليمنى على كتفي اليسرى، ثم، بهدوء، يدي اليسرى على كتفي اليمنى، أحتضن نفسي، إنها ليلة العيد وأنا أحتضن نفسي… مجاز في رصيف22
عيناي تغوران في العتمة إلى أعماق الأبد
والشمسُ تصاهر الأموات
أستنشق الهواء الكثيفَ من حولي
وَسادتي فارغة من أحلام ليلة العيد
ومليئة بأفكار مزيفة ومغرورة
قد أضعتُ أقوى عضوٍ في جسدي
أتلوّى
وأتقيأ
أتمدّد على أرضية المطبخ وألقي التحية على سماء البيت
ألوان النجوم غدت بنية داكنة هذه الأيام
اللحظات تهرب مني مرتعشةً
وأنا أعود إلى هذا العالم وأحاول أن أضاجع الشمسَ
ولا أخشى الاحتراق.
رصيف 22