تصورات ومواقف سكان اسطنبول الأتراك تجاه الوجود السوري فيها
صدر مؤخرًا تقرير مشترك من 112 صفحة عن كل من مؤسسة “وقف الأبحاث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التركية” ومؤسسة هاينريش بول الألمانية، وقد رأيت من المفيد أن يطلع السوريون على خلاصة هذا التقرير الذي صدر باللغة التركية لمعرفة رأي المجتمع التركي بالوجود السوري، حيث يقدم التقرير توصيات لمواجهة التصورات الخاطئة أو المزورة او المبالغ بها.
أولًأ: أورد بعض المعلومات عن السوريين من تقرير سابق صدر عام 2019 وقد صدر بالاشتراك بين إدارة الهجرة التركية التابعة لوزارة الداخلية ومنظمة الأمم المتحدة للهجرة
• عدد كان اسطمبول 15 مليون نسمة
• العدد الفعلي للأجانب في اسطمبول 1660215 نسمة أي 11% من سكان اسطمبول
• العدد الفعلي للسوريين في اسطمبول 963530 سوري أي 58% من الأجانب في اسطمبول، ويشكلون 6.4% من سكان اسطمبول
• 62.4% من السوريين المقيمين في اسطمبول لديهم إقامات فيها و 37.6% إقاماتهم في ولايات أخرى.
• الجنسيات الأخرى المقيمة في اسطمبول: أفغان 127163 – أوزبكستان 84930 – تركمانستان 76618 – جنسيات الأخرى أكبرها الباكستانيين 408148
ثانيًا: خلاصة ما ورد في التقرير:
بني التقرير على استطلاع ميداني حول الموقف من السوريين في اسطمبول لعينة بلغت 2284 مقابلة مباشرة (وجهًا لوجه) أو نلاين مع أشخاص موزعين ضمن ال 34 منطقة وتابعين ل 111 حي مختلف ضمن مدينة إسطنبول وقد أجريت المقابلات بين 18 تموز إلى 30 آب 2020:
تغلب الآراء بأن اللاجئين هم عبء اقتصادي، وهم يحصلون على معاملة تفضيلية مقارنة بالمواطنين الأتراك و يميلون لاعتبار أن السوريين يشكّلون تهديدًا من الجهة المادية والمعنوية. وأن السوريين يقللون من فرص عمل السكان الأصليين، ويخلّون بالتوازن السكاني من خلال إنجاب العديد من الأطفال، ويهددون نمط الحياة الحديث، ويجعلون من الصعب الاستفادة من الأماكن والخدمات العامة، ويزيدون من حالات الاعتداء الجنسي ضد النساء والأطفال، ويشكلون خطر الإرهاب، ويؤثرون على نتائج الانتخابات من خلال التصويت.
أظهر البحث ، أن مواطني الجمهورية التركية الذين يعيشون في إسطنبول، لديهم احتكاك اجتماعي محدود مع اللاجئين، على الرغم من الوجود الكبير للسوريين في مدينتهم. لهذا السبب، يتضح أن آراء السكان المحليين وانطباعاتهم، مبنية على الأقاويل أو على الأخبار المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي.
ثالثًأ: مزيد من التفاصيل:
32.% أجابوا إنهم متوافقون مع عبارة “اللاجئون السوريون يشبهوننا ثقافيًا”.
60.07 % يعدّون السوريين أخوة لهم،
تلعب الهوية المشتركة القائمة على أساس الدين دورًا هامًا في تشكيل التصور الثقافي للسكان المحليين تجاه اللاجئين. ولكنها لا تبدو كافية لمنع التصورات السلبية عنهم
هناك مشاعر سلبية تجاه اللاجئين عمومًا تغذي سكان إسطنبول. وعلى اعتبار درجة 0 سلبي جدًا ودرجة 10 إيجابي جدًا، يُلاحظ أن متوسط المشاعر تجاه اللاجئين السوريين تصل 2.44. فقط وهي ليست افضل حالا تجاه اللاجئين من جنسيات أخرى
تشير هذه النتائج إلى وجود معاداة قوية للأجانب في إسطنبول،
معظم سكان إسطنبول الأتراك لا يرغبون ببناء علاقات اجتماعية مع اللاجئين السوريين.
فقط 27% لا ينزعجون من انتقال العائلات السورية إلى حيهم
26% يتقبلون السوريين كأصدقاء
25% يتقبلون السوريين كجيران
أنصار حزب الشعوب الديمقراطي، هم الفئة الأكثر تقبلًا لإقامة علاقات اجتماعية مع السوريين
أكثر من يرفضون إقامة علاقات اجتماعية مع السوريين هم من أنصار حزب الشعب الجمهوري وحزب الجيد.
معظم سكان اسطمبول يرون أن على السوريين أن يعيشوا في المنطقة الآمنة التي ستنشأ أو ضمن مخيمات في تركيا
20 % يقول أن على السوريين أن يرحلوا بغض النظر عن سلامتهم ويُلاحظ أن أنصار حزب الجيد هم أكثر صرامة، حيث أفاد حوالي 63 في المئة من هذه الفئة أن السوريين يجب أن يرحلوا دون اعتبار لسلامتهم.
سكان إسطنبول متسامحون نسبيًا مع الخدمات والمساعدات الاجتماعية التي تُمنح للسوريين وغالبيتهم يدعمون تعلم السوريين لللغة التركية، وضمان حصول الأطفال السوريين على التعليم الكافي والخدمات الصحية وتلقي اللقاح، وتقديم المساعدات الاجتماعية للأسر السورية التي تجد صعوبة في تأمين سبل العيش.
40% يعارضون تقديم الرعاية الاجتماعية للسوريين
انخفاض كبير لتأييد السياسات التي تمنح اللاجئين حقوقًا متساوية مع السكان المحليين،
28% فقط وافقوا على منح تصريح العمل للسوريين
27% فقط وافقوا على فكرة منح الجنسية للسوريين الذين يعملون في المهن التي تحتاجها تركيا
أنصار حزب الجيد وحزب الحركة القومية يعارضون منح الجنسية الاستثنائية بشدة، ويليهم أنصار حزب الشعب الجمهوري.
الأكراد المشاركين في الاستبانات لديهم مشاعر أكثر اعتدالًا تجاه السوريين،
يُعد اللاجئون السوريون من أبرز الفئات اللاجئة التي يقف الأكراد والعلويين على مسافة بعيدة منهم.
المواطنون الأتراك من الأقليات الدينية والإثنية لديهم شعور سلبي تجاه السوريين.
الذين يصفون أنفسهم بـ “القوميون الأتراك” مشاعرهم تجاه السوريين ودعمهم للجنسية الاستثنائية منخفضة جدًا،
66.47 % يعتقدون أن العرب قد غدروا بالأتراك طوال التاريخ
الشريحة الاجتماعية المحافظة هي أكثر اعتدالًا تجاه اللاجئين السوريين.
المتدينون المعتدلون يبرزون كفئة ذات مشاعر سلبية تجاه السوريين. فالهوية القومية تهيمن على الهوية الدينية لهذه الفئة، وبالتالي فإن الدين المشترك لا يوفر الدافع الكافي للتضامن مع اللاجئين.
ضمن الشريحة العلمانية. الذين يعتقدون أن تركيا تنتمي إلى العالم الغربي الحديث هم أكثر رفضًا للسوريين، قياسًا بأولئك الذي يرفضون فكرة انتماء تركيا للعالم الغربي. هذه الفئة لديها مخاوف من القضاء على العلمانية أو تقييد حرية المرأة.
من لديهم مخاوف بشأن الوضع الاقتصادي العام لديهم تصور أن هذه المجموعة “ليست منّا” تستغل “مواردنا” الاقتصادية، والمخاوف المالية الشخصية والمواقف تجاه السوريين أقوى بين ناخبي حزب العدالة والتنمية، مقارنة بناخبي الأحزاب الأخرى.
المخاوف الاقتصادية، فإن المصالح الجماعية هي عامل مهيمن أكثر من مخاوف الأمنية والمصلحة الشخصية.
أقام 6.34 % علاقات وثيقة ومنتظمة مع اللاجئين السوريين، ويشكل الأكراد نسبة تصل إلى 11.63 في المئة من هذه العلاقات.
الذين أقاموا علاقات وثيقة مع اللاجئين السوريين هم أكثر إيجابية تجاههم.
الناخبون القوميون على وجه الخصوص يميلون إلى اللاجئ الذي يتقن اللغة التركية بشكل جيد.
قدمت الدراسة توصيات بخصوص تصحيح نظرة الأتراك في اسطمبول تجاه السوريين:
أظهر البحث ، أن مواطني الجمهورية التركية الذين يعيشون في إسطنبول، لديهم احتكاك اجتماعي محدود مع اللاجئين، على الرغم من الوجود الكبير للسوريين في مدينتهم. لهذا السبب، يتضح أن آراء السكان المحليين وانطباعاتهم، مبنية على الأقاويل أو على الأخبار المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي.
تنتشر الشائعات مثل: السوريون لا يدفعون الضرائب، ويستفيدون من خدمات الكهرباء والماء مجانًا، ويحصلون على رواتب من الدولة، ويدخلون الجامعات بدون إجراء الامتحانات، ولديهم الأولوية في المستشفيات،. وهناك حاجة إلى حملة إعلامية طويلة الأمد بالتعاون مع الحكومة ومنظمات المجتمع المدني، من أجل دحض هذه الشائعات التي لا أساس لها ومكافحة الصورة النمطية السلبية تجاه المهاجرين.
كسر ميل السكان المحليين إلى النظر إلى السوريين على أنهم مجموعة متساوية ومتجانسة، وتقديم صورة أكثر واقعية للاجئين، ينبغي أن تتضمن الحملة قصص حياة اللاجئين من مختلف الأعمار والأجناس والمستويات العلمية والفئات المهنية. وينبغي ألا يتم تصويرهم كضحايا حرب أهلية يحتاجون إلى المساعدة، بل على أنهم أفراد متعددو الأبعاد لديهم أحلام ويقاتلون من أجل تحقيقها، ويحاولون البقاء في الحياة على الرغم من الكوارث التي حلّت بهم.
يجب أن يكون الرأي العام على معرفة أوسع بالحرب الأهلية في سورية. لأن وصف الحرب في سورية على أنه صراع بين قطبين (الأسد والشعب)، يمهد الطريق لطرح سؤال “لماذا لم يبقوا في بلدهم ويقاتلوا”. لهذا السبب، ينبغي التأكيد على أن جهات فاعلة داخلية وخارجية، تلعب دورًا كبيرًا، وتسليط الضوء على أن المتمردين الذين يتكون جزء كبير منهم من جماعات متطرفة، يشتبكون فيما بينهم أيضًا، وأن القوة تقريبًا توجه السلاح نحو المدنيين.
هناك حاجة إلى تحقيق تقدم تعليمي شامل في تركيا. وينبغي أن يكون المنهاج التعليمي خال من الخطابات الحماسية، ويجب تشجيع الطلاب على النظر إلى الاختلافات الثقافية على أنها ثروة وليست تهديدًا. وبشكل أعم، ينبغي إعادة هيكلة نظام التعليم بما يتناسب مع اكتساب الشباب المهارات الأساسية في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
ينبغي أن يُجرى تنظيم شامل لجرائم الكراهية، ويجب ألا تمر الجرائم المرتكبة ضد شخص أو جماعة لأسباب مثل: الدين واللغة واللون والعرق والميول الجنسية، دون عقاب.
على المدارس والبلديات تنظيم أنشطة تعليمية ورياضية وفنية وترفيهية من شأنها زيادة التواصل الاجتماعي للسكان المحليين مع اللاجئين. وفي هذه الأنشطة يجب استهداف الشباب بصفة خاصة، ونبغي تنظيم أنشطة مستمرة بدلًا من الأنشطة التي تقام لمرة واحدة.
بذل الجهود من أجل إشراك اللاجئين في السن الدراسة في التعليم الرسمي، وإتمام السنوات الـ 8 الأولى على الأقل من إجمالي 12 سنة من التعليم الإلزامي.
من الضروري إشراك الشباب السوريين في التعليم الرسمي وتأمين حصولهم على أعلى مستوى ممكن من التعليم، سواء لتحسين مستويات معيشتهم أو لتسهيل الاندماج الاجتماعي. لكن، ينبغي الحرص على عدم إيذاء السكان المحليين الذين يعيشون في المناطق التي يتركز فيها السوريين. وينبغي إعطاء الأولوية لبناء مدارس إضافية في أماكن تواجد الطلاب السوريين وللقضاء على العجز في عدد المعلمين والصفوف الدراسية في المدارس القائمة.
وينبغي زيادة عدد المرافق العامة ووسائل التخديم، مثل المستشفيات ووسائل النقل العامة في الأماكن التي يوجد في اللاجئين بكثافة.
ينبغي زيادة دورات تعليم اللغة التركية، واتخاذ خطوات لتيسير وصول اللاجئين البالغين إلى هذه الدورات.
يجب زيادة الموارد الإضافية للبلديات التي يعيش اللاجئون ضمن حدودها. ويجب إزالة العوائق القانونية فيما يتعلق بالخدمات لغير المواطنين.
يجب تعديل وضع الحماية المؤقتة ليشمل الحق في العمل، وينبغي عدم طلب تصريح عمل إضافي. لأن الوضع الحالي يشجع على العمل غير الرسمي ويفتح الباب أم الاستغلال للعمالة. لأنه يضع المواطنين في الطبقة الفقيرة واللاجئين السوريين الفقراء، في قاع سوق العمل ويضر بالسلام الاجتماعي.
ينبغي أن تكون عملية منح الجنسية للاجئين أكثر شفافية. ويجب إطلاع الشعب بشكل دوري بخصوص عدد المجنسين. من ناحية أخرى، وبالنظر إلى انتشار ردات فعل سلبية على منح الجنسية، ينبغي وضع صيغة وسيطة تشمل تصاريح الإقامة والعمل بين الحماية المؤقتة والتجنيس.