“تضليلات” يروجّها النظام السوري عن علاقته بالاتحاد الأوروبي، عن تاريخ العلاقات بين النظام السوري والاتحاد الأوروبي
نشرت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا، والتي تعمل من العاصمة اللبنانيّة بيروت، في نهاية شهر حزيران الفائت، تقريرًا على موقعها الإلكتروني، تفند فيه “المعلومات المُضلّلة والباطلة” بشأن الاتحاد الأوروبي والغرب، التي روجها النظام السوري، خلال وبعد انتهاء “الانتخابات الرئاسيّة”، بهدف كسب الرأي العام، ولـ”طمس عواقب أفعالهم وتحميل العالم الخارجي مسؤليّة معاناة الشعب السوري وسوء إدارة البلاد”.
في التقرير المنشور تحت عنوان “الاتحاد الأوروبي – سوريا: آن الأوان لوضع الأمور في نصابها” تناقش بعثة الاتحاد الأوروبي ستة نقاط يروجها المتحدثون باسم النظام السوري، قائلة إنّ النظام السوري ما زال “يحاول تشويه الحقائق” عن طريق نشر المعلومات المضلّلة، مضيفة أنّه يجب إيضاح الحقائق على الملأ لأنّه قد “آن الأوان لوضع الأمور في نصابها”.
هذه قائمة بالنقاط الست التي سمتها بعثّة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا بـ”التضليلات”، نوردها كما جاءت في موقع البعثة الإلكتروني:
التضليل الأول
تضليل: سوريا آمنة من أجل عودة اللاجئين.
حقيقة: قلّة قليلة من السوريين يجرؤون على العودة إلى بلدهم. تعرّض الكثير منهم عند عودتهم إلى الاعتقال التعسفي وإلى الإخفاء القسري والمعاملة السيئة على يد قوات أمن النظام أو أرغموا أحيانًا على التجنيد.
التضليل الثاني
تضليل: يشنّ الاتحاد الأوروبي والغرب حربًا اقتصاديّة على الشعب السوري.
حقيقة: في شهر تشرين الثاني 2020، قال بشار الأسد: “إنّ الأزمة الحالية ليست مرتبطة “بالحصار”، وبدأت الأزمة بعد “الحصار” بسنوات.”
التضليل الثالث
تضليل: الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تهيئ الأرضيّة للتطبيع مع النظام السوري.
الحقيقة: التطبيع مع النظام السوري غير وارد إلّا عند تحقيق انتقال سياسي وفق قرارات الأمم المتحدة. ويشمل ذلك وقف حملات القمع والإفراج عن عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين من السجون.
التضليل الرابع
تضليل: النظام السوري لم ينفذ هجمات كيميائيّة، والهجمات مسرحيّة مدبّرة من الغرب أو من المعارضين.
حقيقة: قام محققو الأمم المتحدة بتوثيق مسؤوليّة النظام السوري عن تنفيذ 33 هجومًا كيميائيًا على الأقل منذ العام 2013.
التضليل الخامس
تضليل: أنشأ “الغرب” المنظمات الإرهابيّة ويقوم برعايتها.
حقيقة: الاتحاد الأوروبي شريك غير عسكري في التحالف الدولي لهزيمة داعش ويستخدم كافة أدواته السياسيّة لمكافحة داعش والقاعدة.
التضليل السادس
تضليل: الاحتجاجات مؤامرة خارجيّة منذ البداية.
حقيقة: قوبل المحتجون السوريون السلميون بالعنف وبالقمع الشديد منذ البداية.
تاريخ العلاقات بين سوريا والاتحاد الأوروبي
في العام 1977 وقعت سوريا اتفاقيّات التعاون وتنظيم العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، حيث تشكّل هذه الاتفاقيات الأساس القانوني للعلاقات بين الجهتين منذ ذلك الوقت، إلّا أنّ هذه العلاقات شهدت تحولات عديدّة، أبرزها القطيعة الدبلوماسيّة التي حدثت إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري، سنة 2005، واتهام النظام السوري بالوقوف وراء عملية الاغتيال بشكل مباشر.
هذه القطيعة الدوليّة انتهت بانفتاح أوروبي نسبي، تطوّر لاحقًا وتُوّجَ بدعوة الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، الرئيس السوري بشار الأسد، إلى زيارة باريس في العام 2008، لتطبيع العلاقات السوريّة الفرنسيّة، ومن أجل حضور قمة إطلاق “الاتحاد من أجل المتوسط”.
شكّلت هذه الزيارة دعاية للأسد وعقيلته في دول الاتحاد الأوروبي وانتشرت صورتهما في شوارع باريس في وسائل الإعلام الكبرى. وفي العام 2009 وافقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالإجماع على رغبتها في التوقيع على إتفاقيّة شراكة بين الاتحاد الأوروبي وسوريا، فقامت المفوضيّة الأوروبيّة وسوريا بتحديث مسودة اتفاقيّة الشراكة بين الطرفين لعام 2004، لكن لم يتم التوقيع على الاتفاقيّة بشكل نهائي حتى الآن.
مع انطلاق الثورة السوريّة في أواسط شهر آذار 2011، اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات صارمة ضدّ النظام السوري، أبرزها القطيعة الدبلوماسيّة والسياسيّة الكاملة، إضافة إلى اعترافه بالمجلس الوطني السوري المعارض، ولاحقًا بالإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السوريّة، كممثل للشعب السوري.
كذلك فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات سياسيّة واقتصاديّة ضد شخصيّات وكيانات من النظام السوري، شملت إجراءات تقييديّة على حظر استيراد النفط، وفرض قيود على بعض الاستثمارات، وتجميد أصول مصرف سوريا المركزي المُحتفظ بها في الاتحاد الأوروبي، وقيود على تصدير المعدّات والتكنولوجيا التي يُمكن استخدامها في القمع الداخلي، وفرض قيود على امتلاك النظام للمعدّات والتكنولوجيا الخاصة برصد أو اعتراض اتصالات الإنترنت والهاتف.
منذ العام 2011، تتجدّد قائمة العقوبات بشكل سنوي، حتى باتت تشمل 277 شخصًا و71 كيانًا، يشملهم حظر السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى تجميد أرصدتهم في البنوك الأوروبيّة، ويشكّل الأشخاص والكيانات المدرجة في قائمة العقوبات أبرز الشخصيات السياسيّة والاقتصاديّة والعسكريّة في النظام السوري وداعميه.
إعادة علاقات؟
أوردت مجلة فورن بوليسي الأمريكيّة في مقالة صادرة في العام 2019، إنّ دول الاتحاد الأوروبي ليست متفقة على إبقاء القطيعة التامة مع النظام السوري، فبينما تريد دول مثل فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة الإبقاء على موقف صارم من الأسد، فإنّ دولًا أخرى، “وبشكل خاص تلك التي لديها حكومات شعبويّة”، ترغب في تخفيف هذا الموقف، وخاصة دول مثل جمهوريّة التشيك، وهي الدولة الأوروبيّة الوحيدة التي أبقت أبواب سفارتها مفتوحة في دمشق.
في هذا السياق أوروت “يورونيوز” في تقرير لها نُشر في شهر حزيران الفائت، أنّ “هناك أربع دول أوروبيّة على الأقل تملك بعثات دبلوماسيّة في سوريا، وهي تعمل ‘ضمن حدود معيّنة’ وليش بشكل كامل”. وحسب التقرير، بالإضافة إلى جمهوريّة التشيك، فإنّ دول بلغاريا وقبرص وهنغاريا (المجر) تملك بعثات دبلوماسيّة في دمشق.
حكاية ما انحكت