سياسة

نظرة على دور موسكو في تعقيدات ” الأزمة السورية” -مقالات مختارة-

هكذا دمرت موسكو القرار 2254/ أحمد طرقجي

في معرض ذمّه برئيس النظام السوري بشار الأسد، فيما كان يُنظر إليه على أنه رسائل روسية، خرج رامي الشاعر في مقال جديد في صحيفة روسية، ليتحدث عن ما وصفه بالتزام موسكو بالقرار الأممي 2254 واحترام إرادة الشعب السوري، وأيضاً عن عدم فهم النظام لإرادة السوريين وللدبلوماسية الدولية.

يتفق معظم المتابعين على عدم رغبة النظام بالبحث عن حلول وربما انفصاله عن الواقع. لكن إذا كان الموقف الروسي ينبع من علاقة تاريخية بين البلدين فمن المناسب أيضاً البحث عن نقاط ضعف السياسة الروسية في الملف السوري والتي قادت لتفريغ  القرار الأممي 2254.

والحقيقة أن الفريق الروسي المسؤول عن الملف السوري لم يسبق أن رفض القرار نفسه أو القرارات المؤدية له ابتداءً من دعم نقاط كوفي عنان الست لحل الصراع عام 2012. وسواء كانت موسكو فعلًا تعيد النظر في سياستها السورية أو أن الخبراء أخطأوا بفهم بعض التصريحات، فإننا كمدنيين بحاجة لإعادة النظر بنتائج السياسة الروسية على القرارات الأممية وتأثيرها على المواطن السوري.

في أروقة الأمم المتحدة

يتضمن القرار الدولي 2254 التأكيد على سلسلة من القرارات والمراسلات الأممية في الملف السوري التي تشكل نقاط إرتكاز هذا القرار. المجموعة الأولى من القرارات تتمحور حول نقاط الحل الست التي طرحها كوفي عنان عام 2012.  تتضمن هذه المجموعة ثلاث محاور رئيسية:

– أولاً وجوب وقف القتال، وقف التحركات العسكرية نحو المراكز السكنية، وإطلاق آلية فعالة لمراقبة وقف إطلاق النار بإشراف الأمم المتحدة. يكفي المراقب اليوم النظر إلى درعا المحاصرة ليتأكد بأن مقومات 2254 لم يتم احترامها في أي اتفاق حالي أو سابق. كما أن آليات العمل التي طرحت بما فيها أليات أستانة لخفض التصعيد وما نجم عنها لاحقاً من تهجير المواطنين من مدنهم فشلت جميعها في تحقيق هذا المحور. أضف على ذلك خروج آلية الأستانة عن مسارات الأمم المتحدة مما يضعف مرجعيتها ويجعل السوريين دوماً عرضة للاتفاقات البينية بين الدول.

-المحور الثاني يتمركز حول حماية المدنيين وإيجاد أقصر الطرق لتقديم المساعدات الإنسانية في كل سوريا ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان من جميع الأطراف. من أكثر الأمثلة وضوحًا على انتهاك هذه الكتلة هو حصار حلب وقصف المشافي واستهداف القوافل الأممية المتوجهة إلى حلب الشرقية. تستمر محاولات تفخيخ هذا المحور ب”فيتوهات” متتالية لإيقاف المساعدات عبر الحدود وأي محاولة لتحييد المشافي والتحقيق باستهداف عمال الإغاثة.

-أما المحور الثالث فيرتكز على إطلاق سراح المعتقلين والوصول لأماكن احتجازهم كحد أدنى. ورغم تبني هذا المحور في كل القرارات الأممية إلا أنه لم يسجل فيه أي تقدم خلال السنوات العشر الماضية، ولم نسمع عن أي وساطات أممية أو روسية للتواصل مع المعتقلين أو كحد أدنى لمعرفة وضعهم الصحي والقانوني.

مبادئ العملية الانتقالية

لاحقاً في جنيف تابع عنان عمله لتبني المجموعة الثانية من الخطة الأممية والتي وافق عليها مجلس الأمن بالإجماع. فالعملية الانتقالية “تشمل إقامة هيئة حكم انتقالي بسلطات تنفيذية كاملة، وأن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل البلد، وعلى هذا الأساس يمكن أن يعاد النظر في النظام الدستوري والمنظومة القانونية وأن تعرض نتائج الصياغة على الاستفتاء العام.

من الممكن تصور هذا الطرح حينها في حالة حصول نوع من التوازن بين طرفين سياسيين أو عسكريين، لكن حجم التدخل العسكري والدبلوماسي الروسي، وهو الأكبر منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، قد أخلّ تمامًا بهذا التوازن وهمّش نقطة منع التصعيد العسكري. بالمقابل تبنت موسكو طروحات دمشق بالكامل، وبالتالي فإن الحديث الآن عن عملية انتقالية طوعية لطرف يعتقد أنه منتصر هو حديث من دون معنى. وطبعاً تتناسب هذه الحلقة المفرغة مع ترديد موسكو أنها غير قادرة على الضغط على النظام سياسيًا أو عسكريًا أو حتى ضمان تصرفاته.

لا تخرج اللجنة الدستورية الحالية عن هذا السياق. فغياب التكليف الشعبي أسقط أي مصداقية عن اللجنة بغض النظر عن الشخصيات المشاركة. غياب الوضوح عن هذه المنصة التي يفترض أن تكون فقط إحدى منصات التفاوض السياسي قد خلق فوضى أفرغت محتوى التصور الأممي للعملية الانتقالية .

بين سطور القرار الأممي

يشير البند الثامن من القرار 2254 إلى ضرورة بذل كل الجهود لمكافحة التنظيمات الإرهابية وعلى وجه التحديد داعش والنصرة وسائر الجماعات والكيانات المرتبطة بهما والقضاء على ملاذها الآمن في سوريا. ويلاحظ القرار أن وقف إطلاق النار لن يشمل الأعمال الدفاعية أو الهجومية ضد هذه الكيانات.

اعتمدت روسيا على هذا البند لشن حرب واسعة  واتباع سياسة الأرض المحروقة وتهجير مدن على أنها بيئة حاضنة لهذه الجماعات. يرى بعض الخبراء أن إخراج المعارضين مدنيين وعسكريين من مدنهم قد أنهى أي احتمال لتواجد هذه التنظيمات فيها. ولكن تقابل هذه القراءة نظرة معاكسة بأن تدمير هذه المدن وتهجير سكانها المعارضين لم يكن مُبررًا تحت هذا البند. فليس من المقبول أن يهجر عشرات الألاف من المدنيين الدمشقيين مثلاً بسبب وجود بضع مئات من أفراد هذه التنظيمات في ريف دمشق. وبالنتيجة فإن أفراد هذه التنظيمات تجمعوا ضمن كتلة أكبر في بعض مناطق شمال سوريا في فشل واضح للمقاربة الروسية دفع ثمنها المدنيون ونجمت عنها أكبر عمليات تهجير في التاريخ السوري الحديث.

من المستحيل التصور أن هناك أي تقدير جديد في موسكو بالنظر لحصار سكان درعا الحالي والتصعيد المستمر لتهجير سكان جنوب إدلب. لكن إذا كان ما ينشر عن الرغبة بالبحث عن حل بناء على صداقة تاريخية بين الشعبين السوري والروسي فإن على مسؤولي الملف السوري في موسكو الاستماع للشعب السوري بوقف العسكرة، وحماية المدنيين، والعودة الفعلية لمفردات القرارات الأممية كوسيط وليس كطرف محارب.

المدن


رامي الشاعر يتحدث لتلفزيون سوريا عن طرق تعطيل النظام للحل السياسي والدور الروسي

حوار: تيم الحاج

أجرى تلفزيون سوريا حوارا مع الدبلوماسي والمحلل السياسي الروسي رامي الشاعر، ناقش فيه عدة نقاط على الساحة السورية، أكد من خلال بعضها أن نظام الأسد أدخل الحل السياسي للأزمة في سوريا في نفق مظلم كما دفن القرار الأممي 2254، إلى جانب حديثه عن حقيقة التناقضات الروسية الإيرانية ومصير ميليشيات الأخيرة، ومستقبل الجيش الوطني، وعن ما إذا كانت هناك استدارة من النظام نحو الصين عوضا عن روسيا، وعن المخاوف لدى برلمانيين روس من زيادة تقديم الدعم للنظام.

والشاعر مقرب من دوائر الخارجية الروسية، وكان أحد قنوات الاتصال بين مكتب بشار الأسد والمسؤولين الروس عام 2013، وهو من الدبلوماسيين الروس الذين يوجهون انتقادات لاذعة لنظام الأسد ولديه العديد من المقالات في هذا السياق.

 بعد تجديد بشار الأسد لنفسه ولاية رئاسية جديدة، كيف تقرؤون ذلك من زاوية مستقبل الحل في سوريا، خاصة وأن عمل “اللجنة الدستورية” دخل في نفق مظلم منذ أشهر، ألا ترى موسكو أن تجديد الأسد لنفسه يزيد الأمور تعقيدا؟

أعتقد أن تجديد الرئيس الأسد لولاية رئاسية جديدة هو تجديد استمرار النظام بكامله لولاية أخرى، دون إجراء أي تغييرات جذرية في بنيته وخاصة العسكرية والأمنية، في ظل انهيار اقتصادي كارثي على الشعب السوري.

النظام في دمشق يعي تماما أن أي تنازل ولو بسيط يعني نهايته ومحاسبته لما وصلت إليه الأوضاع في سوريا اليوم، وهو -أي النظام- يتحمل المسؤولية الأولى، وكل العوامل الأخرى من تدخلات خارجية ومؤامرات على سوريا وعقوبات وحصار اقتصادي.

ودور التنظيمات الإرهابية لا يبرر مسؤولية النظام الأولى في تحمله مسؤولية مأساة الشعب السوري.

نعم القيادة في دمشق تستمر إلى اليوم بإدخال مهام وعمل “اللجنة الدستورية” في النفق المظلم وهذا ليس تعنتا من قبل النظام كما تعبر عنه المعارضة السورية بل هدف مقصود وضعته القيادة في دمشق لدفن قرار مجلس الأمن 2254، وهذه التوجهات من قبل دمشق ليست بمنزلة عثرة لزيادة الأمور تعقيدا بل المقصود منها إفشال جهود موسكو وسعيها لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، والسير في خريطة الطريق لتنفيذه حسب ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي عام 2018.

تعيش اليوم سوريا عامة ومناطق النظام على وجه الخصوص أزمات في كل شيء، في الوقت الذي تقول فيه روسيا إنها تقدّم مساعدات للنظام وتوقع معه اتفاقيات اقتصادية طويلة الأمد، هل تعتقد أن استمرار الظروف على ما هي عليه الآن سيصعب من مهمة روسيا في سوريا، خاصة مع إصرار الغرب على عدم إعطاء الضوء الأخضر لعمليات إعادة اللاجئين والبدء بالإعمار التي تسعى روسيا للحصول عليه؟

 قدمت روسيا مطلع العام الحالي مليارا ونصف مليار دولار للنظام على شكل قرض من دون فوائد وغير محدد زمنيا استرجاعه، القرض جاء على شكل قمح ومحروقات ومواد أخرى من احتياجات يومية لمقومات الحياة الإنسانية، ولا أعرف إذا كانت روسيا ستستطيع تقديم مساعدات أخرى في المستقبل القريب، حيث هناك تساؤلات في مجلس الدوما عند كثير من البرلمانيين الروس على أي أساس نقدم هذه المساعدات والقيادة في دمشق لا تتجاوب مع عملية الانتقال السياسي الذي تسعى إليها روسيا، وعلى أنه من الأفضل في هذه الحالة توجيه هذه الإمكانيات لدعم تطوير مناطق أخرى في روسيا.

وبالمناسبة هناك تضخيم كبير بخصوص التعاقدات الاقتصادية، بل أكثر من ذلك فإلى الآن ليس هناك قرار سياسي في روسيا لعقد مشاريع ضخمة مستقبلية قبل أن تستقر الأمور ويتم التوافق بين السوريين وتنتهي الأزمة، وما جرى إلى الآن هو بعض الاتفاقيات ومعظمها اتفاقيات نوايا مع شركات خاصة روسية، وبحسب علمي معظمها أيضًا مجمدة.

وفي ما يخص اللاجئين والمهجرين، فأريد أن أؤكد أنه من الصعب جدا حل مشكلة اللاجئين والمهجرين من دون أن يرافقها بداية عملية الانتقال السياسي وإنهاء العقوبات الاقتصادية على سوريا، وهذا ما تسعى إليه موسكو في إقناع النظام والدول الأخرى، بأن هذه العملية يجب أن تبدأ وهي تأخذ طابعا إنسانيا فلا يجوز بقاء الملايين من الشعب السوري خارج بلدهم أو بعيدين عن مناطق عيشهم الأصلية وعلى أنه يجب البدء بعملية إعادة بناء البنية التحتية التي دمرت لتأمين أبسط متطلبات الحياة الإنسانية (سكن، مشافي، مدارس، فرص عمل، ماء وكهرباء).

كيف تقرأ موقف روسيا مما اعتبره البعض استدارة من قبل النظام نحو الصين، هل صحيح أن الصين قادرة على أخذ مكان روسيا في سوريا، خاصة وأن الدور الذي تلعبه الصين عسكريا واقتصاديا في سوريا لا يقارن بروسيا؟

هناك تطابق كامل بين موقف وسياسة روسيا والصين بخصوص الأزمة السورية والتعاون واضح لكل العالم من خلال التنسيق في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي فيما يخص سوريا هذا على صعيد الأزمة السورية. أما فيما يخص علاقة الصين مع سوريا فهذا شأن صيني سوري في بناء علاقاتهم الثنائية اقتصاديا وعسكريا، وروسيا لا تعتبر هذا شأنا سياديا لا يجوز لأي طرف التدخل فيه.

هل هناك تناقضات إيرانية روسية في سوريا، وهل ممكن أن يصل الإيرانيون والروس إلى طريق مسدود في سوريا نظرا لزيادة السعي من الطرفين إلى التمكين أكثر  اقتصاديا وعسكريا في سوريا عبر العقود والاتفاقيات مع نظام الأسد؟

لا توجد تناقضات إيرانية روسية، يمكن أن تكون هناك وجهات نظر مختلفة بخصوص الخروج من الأزمة التي تمر فيها سوريا، وتجري لقاءات ومشاورات مستمرة يتم التنسيق أيضا مع ممثلي النظام لإيجاد قاسم مشترك يرضي الجميع، وإيران هي عضو في مجموعة أستانا وتنسق مع روسيا وتركيا وتجري اجتماعات دورية لهذه المجموعة وبياناتها واضحة ولها الدور الرئيسي في وقف الاقتتال في سوريا والحفاظ على مناطق التهدئة.

أما بخصوص العقود والاتفاقيات الاقتصادية والمساعدات العسكرية بين دمشق وطهران هذا شأن سيادي لا تتدخل فيه روسيا، وبالمناسبة أريد أن أؤكد على أنه هناك علاقات جيدة بين روسيا وإيران والكل يعلم دور روسيا في التوصل إلى اتفاق بخصوص الملف النووي الإيراني وإنهاء العقوبات والحصار من قبل واشنطن والغرب على إيران والذي أيضا انعكس على الحياة اليومية للملايين من الشعب الإيراني.

ما هي حدود التفاهمات بين روسيا وتركيا في سوريا، هل هي آنية مرتبطة بتفاهمات بينية لها علاقة بملفات خارج الحدود السورية، وماذا عن إدلب هل ستقبل روسيا ببقائها خارج سيطرة النظام وفق تصريحاتها؟

وكيف تعتقد أن يكون شكل الحل الذي تريده روسيا في سوريا وفق وجود قوى كردية خاضعة لأميركا وميليشيات إيرانية رافضة للحل وقوات النظام مع الجيش الروسي وغيرها من التناقضات؟

موضوع إدلب هو مؤقت وهناك تنسيق واتفاق كامل بين مجموعة أستانا وكذلك اتفاق بين الرئيس الروسي بوتين والتركي أردوغان والرئيس الإيراني السابق روحاني، وقد كتبت كتابا كاملا من 312 صفحة صدر سنة 2018، سميته “سوتشي 2018 الطريق إلى السلام” فيه كل التفاصيل بكل الاتفاقيات بما في ذلك إدلب وضواحيها.

ليس هناك أي تصريحات روسية تشير لا عن بعيد أو قريب عن بقاء إدلب خارج السيادة السورية بل عكس ذلك كل الاجتماعات سواء على مستوى مجموعة أستانا أو الثنائية بين روسيا وتركيا تؤكد دائما على وحدة الأراضي السورية وسيادتها، وهذا بالطبع ينطبق على شمال شرقي سوريا والقوى الكردية أيضا تعي وتحترم وحدة الأراضي السورية. وأن وضعها مؤقت بهذا الشكل وعلى أنه أولا وآخرا سيتم الاتفاق على كيفية تحقيق مطالبهم الخاصة بحرية حقهم بالحياة والتمتع بممارسة عاداتهم و تقاليدهم وثقافتهم ولغتهم في مناطقهم ضمن الأراضي السورية.

هناك تغلغل إيراني واسع النطاق في المؤسسة العسكرية السورية، يتخوف منه كثير من السوريين، هل تدرك روسيا حجم هذا الخطر وكيف تعتقد أنها ستتخلص منه إذا كانت صحيح تريد إيجاد حل سياسي حقيقي في سوريا يرضي الأطراف المتنازعة؟

بخصوص ميليشيات إيران وغيرها هذا أيضا وضع مؤقت يقرره السوريون في المستقبل، وأتمنى أن يكون قريبا جدا.

كيف ترى مستقبل الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا؟

الجيش السوري الحر هو جيش من مجموعة كبيرة من الضباط والمجندين السوريين الذين لهم رؤيتهم وفي كثير من الأحوال كانوا على حق وأكيد بعد التسوية السورية سيكون لهم دور في الجيش السوري الذي سيتم أيضا إعادة النظر بتشكيلته.

تلفزيون سوريا

—————————————

إنزال” روسي في دمشق/ بسام مقداد

الوفد الروسي الذي وصل الإثنين إلى دمشق أقل ما يشبه الوفد، فلا عدد أعضائه (230 عضواً) ولا إعلان وزارة الدفاع الروسية عنه “بقرار من الرئيس بوتين وتعليمات وزير الدفاع شويغو” يذكر بالصيغة التقليدية للوفود الدبلوماسية. وتصدرت الموقع الرسمي لوزارة الدفاع الروسية الذي أعلن عن الوفد وموعد وصوله ومهماته صورة كتب عليها باللغات الروسية والعربية والإنكليزية “الجلسة المشتركة لأركان التنسيق ما بين الوزارات لروسيا وسوريا من أجل عودة المهجرين إلى أراضي الجمهورية العربية السورية”. يضم الوفد ممثلي 30 هيئة وإدارة تنفيذية إتحادية و5 مكونات إتحادية ومناطق عسكرية، ويترأسه رئيس مقر التنسيق بين الإدارات الروسية من أجل عودة اللاجئين إلى سوريا الجنرال ميخائيل ميزنتسيف. وينضم إلى إجتماع هيئتي أركان التنسيق الروسية والسورية منسقا الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي في سوريا.

صحافية روسية صديقة متابعة لشؤون المنطقة عقبت على الإعلان عن الوفد وعدد أعضائه وإتساع تمثيله، بما فيه العسكري، بالقول “هذا إنزال روسي في دمشق” وليس وفداً، ومن السذاجة الإفتراض أنه قادم لتحقيق تقدم في حل مشكلة المهجرين السوريين فقط، بل يبدو أن لديه الكثير مما يقوله للأسد.

ما إن إنتصف نهار الإثنين، يوم “الإنزال”، حتى بدأت ترد الأنباء الأولى عن “إنتصاراته” على الأرض، حيث أعلنت وكالة “تاس” عن توقيع 15 إتفاقية ومذكرة في “المجالات الرئيسية للتعاون الروسي السوري”. ونقلت عن رئيس الوفد الجنرال ميزنتسيف قوله بأنه سيتم التوقيع أيضاً على 10 إتفاقيات وعقود أخرى، تقدم بموجبها هيئات السلطة التنفيذية الإتحادية المساعدة في المجالات الحقوقية وأمن شبكات التواصل الإجتماعي والإتحاد الجمركي والتعاون الإقتصادي التجاري والتعليم. وتلا نبأ “تاس” بعد قليل إعلان الموقع الرسمي لوزارة الدفاع عن صدور “بيان مشترك لمقر التنسيق بين الإدارات الروسية والسورية حول مشاكل عودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى ديارهم”

الصحافية الروسية التي توقعت ألا تكون مهمة 230 مسؤولاً روسيا محصورة في قضية المهجرين فقط، على الرغم من كل تعقيداتها، بل لا بد أن لديهم ما يقولونه للأسد أكثر، لم تكن مطلعة على النقد اللاذع الذي تضمنه نص نشره في 21 من الشهر الجاري موقع RT الرسمي الناطق بالعربية بعنوان “إنزلاق دمشق نحو الأوهام يبدأ بخطوة واحدة”. كتب النص المحلل السياسي في غير موقع روسي رامي الشاعر الذي يحرص على تعريف نفسه بأنه “مصدر وثيق الصلة بمؤسسات صناعة قرارات السياسة الخارجية الروسية”. قال الشاعر بأن الوضع في سوريا ليس كما يبدو عليه في شريط الفيديو الذي يظهر فيه الأسد وهو يتناول “الشاورما” في أحد المطاعم الدمشقية “وسط ترحيب وحفاوة من المواطنين البسطاء”، بل هو “اصعب من ذلك”، ولعدة اسباب خارجية وداخلية.

ويرى أن حل الكارثة الإنسانية السورية، “ولا أبالغ بوصفها كارثة”، يبدأ بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، “ولا سبيل لحل الأزمة سواه”. فالسلطات السورية تتجاهل في الخطاب الذي تتبناه العامل الذاتي في عجزها عن فرض سلطتها شمال شرق وشمال غرب سوريا، والقضية لا تتعلق فقط بالتواجد والدعم العسكري الأمريكي أو التركي. فحتى بعد انسحاب الأمريكيين والأتراك من الأراضي السورية، ليس مضموناً أن تتمكن السلطة المركزية في دمشق من بسط سيطرتها على هذه المناطق دون حدوث تسوية على أساس قرار مجلس الأمن المذكور، وبمشاركة جميع السوريين المعنيين. والأمر نفسه ينطبق على الجنوب السوري الذي يعاني من وضع “خطير للغاية، وقابل للإنفجار في أي لحظة”. ويرى أن الأسد كان محقاً بقوله أن الحلول الأمنية وحدها لا تحقق الهدف، بل أمان وإستقرار المواطن، وقناعته وإنتمائه لأرضه هو ما يحقق السلام.

ويعتبر الشاعر أن الأسد لا يلتفت إلى المسار الذي تجاوزته سوريا، ليس بفضل “الأصدقاء وحدهم ــــــ روسيا وإيران والصين ـــــ بل وبفضل الجهود الدبلوماسية والسياسية مع “العدو الغادر”، تركيا، والتي تكللت جميعاً، من خلال مسار أستانا، بوقف لإطلاق النار، ومناطق التهدئة، والشروع في أعمال اللجنة الدستورية المصغرة، التي تصر قيادات دمشق على تحويلها إلى منصات للتنظير في أصول المفاهيم، ومعاني الكلمات”.

حين توجهنا إلى الشاعر “وثيق الصلة بمؤسسات صناعة قرارات السياسة الخارجية الروسية” بالسؤال عن زيارة الوفد الروسي إلى دمشق، وما إذا كان سيحمل شيئاً للأسد مما جاء في مقاله، أو مايشبهه، قال بأن روسيا تقف منذ بداية الأزمة السورية موقفاً مبدئياً واضحاً في الحفاظ على السيادة السورية ووحدة أراضيها. وهي تدعم حل المشاكل الداخلية عن طريق الحوار السوري السوري. وذكّر بمؤتمر الحوار السوري الذي دعت إليه العام 2018 في سوتشي وبالبيان الذي صدر عن المؤتمر و”اعتبر بمثابة طريق للبدء بتنفيذ القرار 2254″، وكذلك بالإتفاق على عمل اللجنة الدستورية.

وقال بأن وفد الحكومة السورية حاول في سوتشي “التلاعب بالبيان” الذي تم التوصل إليه بجهود الأمم المتحدة ومجموعة أستانا، لكن موقف روسيا كان “واضحاً جداً، من أن هذا الأسلوب مرفوض جملة وتفصيلاً”. ومن حينها تحاول دمشق التلاعب والمماطلة “كما ورد في مقالي الأخير ومقالاتي السابقة”.

ورأى أن قرار الرئيس بوتين إرسال وفد بهذا الحجم، يؤكد الإصرار على حل مشكلة اللاجئين والمهجرين، وهو تأكيد بأن “روسيا لا تميز بين فئات الشعب السوري وانتماءاته الطائفية والعرقية”، وعلى أنها “تحترم خيار الشعب السوري” وضرورة مشاركة كل السوريين في صنع مستقبل بلادهم. وروسيا لن تتخلى عن هذا النهج مهما صدر من تصرفات شاذة سواء من القيادة في دمشق أو من المعارضة. وستستمر في تنفيذ تعهداتها أمام من ساهم في وقف إطلاق النار والتوصل إلى نظام التهدئة، وستؤمن كل الظروف للعودة الآمنة لمن يرغب في العودة إلى المناطق التي غادرها بناء على الإتفاق بإشراف روسيا ومجموعة أستانا.

وفي رد على مقالة أحمد طرقجي في “المدن” أمس الإثنين “هكذا دمرت موسكو القرار2254″، والتي تطرقت إلى مقالته الأخيرة، قال رامي الشاعر بأن جذور الأزمة السورية تعود إلى ما قبل عشرين سنة “على اقل تقدير” وأساسها العامل السوري الداخلي. لكن النظام لم يتخذ أي إجراءات للحؤول دون تفاقمها وإنفجارها العام 2011، بل لجأ إلى تعزيز الأجهزة الأمنية وتوسيع السجون وابتكار الأساليب الحديثة لقمع أي وجهات نظر تخالف سياسته وتهدد أمن سلطته، مما جعل الإحتجاجات تتفاقم وتتسع.

ويأسف لظهور بعض الأصوات التي تنتقد تعامل روسيا مع الأزمة “من دون أن يتعمق” في دراسة لماذا تلجأ روسيا إلى المبادرات والجهود المتعددة التي يقوم بها المختصون بالملف السوري وملف الشرق الأوسط، والذين تلقوا تعليمات من الرئيس بوتين تنص على أن الأولوية الرئيسية هي “منع وقوع ضحايا مدنية”، وتفادي حدوث صدامات يمكن أن تتحول إلى حرب أهلية واسعة. ويرى أن الأوضاع مؤهلة لذلك، و”يكفي أن نذكر الإحتقان اليوم في درعا”، وما يمنع حدوث الصدام هناك هو جهود الشرطة العسكرية الروسية.

ويقول بأن روسيا تستخدم سياسة الصبر على أمل أن ينضج العامل السوري الذاتي في عملية الإنتقال السلمي إلى “نظام آخر” على اساس “تغيير أو تعديل دسنوري”. وهي تساعد السوريين على التوافق في ما بينهم، وإذا لم يحصل ذلك، فلن تنتهي الأزمة السورية وستطول عشر سنوات أخرى، وربما أكثر.

ويختتم الشاعر تعليقه على المقالة بتوجيه إنذار إلى منتقدي روسيا، إذ يقول “ليعلم جميع من ينتقد الجهود التي تبذلها روسيا ومجموعة أستانة أن لا خيار آخر، والبديل هو حرب أهلية واسعة ومزيد من الدمار والضحايا وتفاقم الأزمة الإنسانية لعامة الشعب السوري”.

المدن

—————————————-

روسيا تحجز بقايا الاقتصاد السوري/ مهند الحاج علي

في معرض “بيلدكس” في دمشق حزيران (يونيو) الماضي، أكد رئيس وفد الشركات الروسية إيغور ماتفيف لوكالة “سبوتنيك” الروسية، أن على القطاع الخاص الروسي والسوري “تطوير التعاون بسرعة”، إذ أن لدى الاتحاد الروسي الفرصة ليصبح شريكاً اقتصادياً رائداً.

وفقاً لماتفيف، “علينا الآن بذل جهود حثيثة من كلا الجانبين لسد الفجوة، والتأكد من أن روسيا تحتل موضع الشريك الاقتصادي الرائد على المدى الطويل، هذا عمل شاق، لكن يجب القيام به”.

هذا الكلام مهم لفهم المقاربة الاقتصادية والسياسية الروسية في سوريا، أولاً بالنسبة للعلاقة مع “الحلفاء” وعلى رأسهم الصين وايران، وثانياً في خصوص ماهية طموحات موسكو في الداخل السوري.

ذاك أننا اليوم أمام وفود ضخمة تصل دمشق شهرياً للمشاركة في معارض ولقاء نظرائها ومسؤولين وسوريين وعقد اتفاقات. على سبيل المثال، تحدث ماتفيف في حزيران عن مفاوضات “مثمرة للغاية مع المدير العام للسكك الحديدية السورية السيد نجيب فارس على هامش المعرض”. رغم أن هذا الكلام عام وتفاصيله غامضة، هناك تقارير عديدة عن دور روسي في إعادة اعمار سكك الحديد السورية خلال السنوات الماضية (عادت الى العمل اليوم برحلات محدودة، وفقاً للإعلامين السوري والروسي). بالتأكيد، تقع قطاعات النقل والسياحة والآثار ضمن دائرة النفوذ.

ومن الواضح أيضاً أن الاهتمام الروسي يشمل أغلب القطاعات المتبقية في سوريا، وأن طريقة صوغ الاتفاقات السابقة بشأن الموارد المحلية كالفوسفات (استحواذ روسي لافت النسبة على الموارد الطبيعية)، ستنسحب على الأرجح على قطاعات سورية متعددة. من أدوار هذه الوفود والشركات، إيجاد الصيغ المناسبة لتحقيق الأرباح والفوائد الطويلة الأمد من أي مشاريع.

على سبيل المثال، لا الحصر أيضاً، هناك اهتمام ومشاريع روسية في مجال الإسكان تحت عنوان “إعادة الإعمار”. نهاية العام الماضي، زار وفد برئاسة نيكيتا ستاسيشين، نائب وزير النقل الروسي، موقع بناء مجمع سكني من 14 ألف شقة في بلدة الديماس في ضواحي دمشق. بحسب وكالة الأنباء الفدرالية الروسية، ستُمنح قروض بشروط ميسرة (عشرة آلاف دولار للشقة الواحدة بفائدة سنوية 5%) لمدة 25 عاماً لشراء هذه الشقق. من غير المفهوم للآن مدى الدور الروسي في هذه القروض رغم أن هناك تلميحات لذلك. التصريحات الواضحة في هذا المجال على ارتباط بالتسهيلات الحكومية السورية. أحد رجال الأعمال الروس أتور ديرباسكت كشف أن شركته حصلت على مساحات من الأراضي في اللاذقية وطرطوس وحمص لإنشاء أبراج وبيع شققها للمواطنين. المنطقي من الناحية التجارية، أن لا يخوض الجانب الروسي بالتمويل، وترك ذلك لأطراف محلية على ارتباط بالنظام. لكن في نهاية المطاف، نحن أمام مشاريع عقارية تُوفر فيها الأراضي مجاناً للجانب الروسي الذي يضع الخطط وربما يفرض استثماراً بالبنى التحتية بما يخدم هذه العملية، ويرفع بالتالي من أسعار العقارات.

شهدت الشهور الأخيرة ارتفاعاً في وتيرة زيارات الوفود الروسية لدمشق. في نيسان (أبريل) الماضي، عُقد مؤتمر تحت عنوان “آفاق التعاون بين روسيا وسوريا”، بمشاركة أكثر من 30 شركة روسية، علاوة على غرفة الصناعة في دمشق. نهاية الشهر الماضي، وصل وفدٌ قوامه 230 شخصاً وقع عدداً من الاتفاقات التجارية، بهدف تعزيز التعاون السوري-الروسي في كل المجالات. كان حجم الوفد والإخراج الإعلامي للزيارة، لافتاً في حجمه، وأثار أسئلة عديدة حيال التوقيت والهدف.

الأرجح أن هذه المؤتمرات واللقاءات، وبهذا الحجم، على ارتباط برغبة روسية في حجز كل المواقع الاقتصادية السورية، ربماً استباقاً لأي محاولة صينية أو إيرانية في هذا الاتجاه، سيما بعد زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي الى دمشق الشهر الماضي، وما أثير حولها عن استياء روسي.

عملياً، سوريا أمام سنة مفصلية ستُرسم فيها معالم الاقتصاد وحدود السيطرة الروسية والإيرانية، وما حركة الوفود والمبعوثين إلا لحجز المقاعد التي يبدو أنها ستكون خالية غالباً من السوريين أنفسهم.

المدن

————————————–

هل سترث روسيا الشرق الأوسط؟/ خالد المطلق

أولًا- مقدمة

ثانيًا- روسيا البوتينية

ثالثًا- الإرادة وفرص التدخل

رابعًا- المآلات

خامسًا- خاتمة

الهوامش

أولًا- مقدمة:

في السنوات الأخيرة، بدأنا نشاهد نشاطًا ملحوظًا ومحمومًا لروسيا الاتحادية، في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في سورية وليبيا وأوكرانيا، ويمكن أن نعدّ هذا التحرك، وبخاصة النشاط العسكري، مؤشرًا على محاولة روسيا للعودة إلى مكانة الاتحاد السوفيتي المنحلّ، وإعادة أمجاده للعب دور فعال كقطب ثان في العالم، أمام الولايات المتحدة الأميركية، ولعلّ وصول فلاديمير بوتين (رجل المخابرات القوي) إلى سدة الحكم أعطى فرصة أكبر لتحقيق هذا الحلم الذي يسعى له بوتين نفسه ليُسجَّل اسمه في التاريخ، كأسلافه لينين ووريثه ستالين الذين بنوا الإمبراطورية السوفيتية في بداية القرن العشرين، ولهذا نشاهد الزعيم الروسي يتحرك في كل الاتجاهات وعلى مختلف الصعد، خاصة الاقتصادية والعسكرية وغيرها، في محاولة لكسب نقاط ارتكاز لخلق توازن ما مع الولايات المتحدة الأميركية، أملًا في عودة روسيا للعب دور القطب الثاني المتحكم في العالم، ويمكن أن نقول إن بوتين يحاول -من خلال مخططاته- العودة إلى الساحة الشرق أوسطية، مستفيدًا من الأحداث التي مرّ بها الاتحاد السوفيتي والإخفاقات التي رافقت الحقبة السوفيتية، إذ كانت خلالها قوة عظمى ضعيفة نسبِيًّا، فالحروب التي خاضها جلبت الفقر للشعب الروسي، نتيجة التكاليف الضخمة التي تفوق في كثير من الأحيان التكاليف التي تكبّدتها أوروبا، وهذا ما أرهقها اقتِصَادِيًّا، وعلى الرغم من ذلك، استطاع السوفييت خوض كثير من الحروب على مساحات شاسعة، جعلتها لاعبًا مِحْوَرِيًّا لا يمكن تجاهله، إلا أن هذه القوة انهارت فجأة، وفرط عقد دولها، وورثت روسيا الاتحادية ما تبقى من الإمبراطورية السوفيتية، وتحولت باقي مكونات تلك الإمبراطورية إلى دول مستقلة، ومن هنا، تعرض هذه الدراسة لمحة موجزة عن المراحل التاريخية التي مرت بها روسيا الاتحادية بُعيد انهيار الاتحاد السوفيتي، وتتطرق بإيجاز إلى الطموحات التي حلم بوتين وعمل للوصول إليها، وإلى الفرص التي ساعدته في وضع الخطوة الأولى لتحقيق حلمه في إعادة الإمبراطورية الروسية لتكون أحد أقطاب الهيمنة في العالم، ومن هنا يمكن أن نصل إلى جواب عن السؤال العريض الذي يطرح نفسه: هل يمكن أن ترث روسيا الاتحادية منطقة الشرق الأوسط أم لا؟

ثانيًا- روسيا البوتينية:

وُلد الاتحاد السوفيتي من رحم الإمبراطورية الروسية منذ عام 1922، على إثر ثورة أكتوبر التي غيّرت وجه العالم، واستمر في الحياة محافظًا على وحدة خمس عشرة دولة تتمتع بالحكم الذاتي حتى عام 1991، إلى أن أعلنت تلك الدول استقلالها كدول مستقلة، واستحوذت روسيا الاتحادية على إرث الدولة السوفيتية خاصة في المجال العسكري، وبالتحديد عبر القوة النووية التي كانت قوة ردع حقيقية أكسبت السوفيت طوال عقود مكانة في العالم، وأصبحت من خلالها المنافس الوحيد للولايات المتحدة الأميركية في حكم العالم، طوال ثمانية عقود من القرن العشرين، عبر ترأسه المعسكر الاشتراكي الذي كان نِدًّا قَوِيًّا للمعسكر الرأسمالي، وبُعيد حلّ الاتحاد السوفيتي، ورثت روسيا الاتحادية كلّ مؤسساته، خاصة وزارة الدفاع التي فيها السلاح النووي والصناعات العسكرية، إلا أن تدهور الاقتصاد الذي سبق انهيار الاتحاد السوفيتي أثّر كثيرًا في برامج صناعة الأسلحة للدولة الوريثة، فتوقفت عجلة التطور في تلك الصناعات، كحال قطاعات الدولة الأخرى، واستمر هذا الركود حتى وصول رجل المخابرات القوي فلاديمير بوتين، في 31 كانون الأول/ ديسمبر 1999 (1)، الذي استطاع النهوض بالدولة الروسية، في مختلف المجالات، خاصة استخدام عائدات البترول والصناعات الحربية، وبهذا تم توفير المال اللازم للحفاظ على السلاح النووي الذي تحتاج عملية صيانته والحفاظ عليه إلى مليارات من الدولارات، لم تكن متوفرة آنذاك في الخزينة العامة، ولعلّ بعض الكوارث التي حدثت قبيل انهيار الاتحاد السوفيتي، كانفجارات مفاعل تشيرنوبل يوم 26 نيسان/ أبريل 1986 (2)، خير دليل على عجز الاتحاد السوفيتي آنذاك عن تأمين حماية وصيانة تلك المنشآت الخطيرة.

تغيّرت الأوضاع في روسيا خلال فترة قصيرة نِسْبِيًّا من حكم بوتين؛ حيث نما الاقتصاد لمدة ثماني سنوات متتالية، وزاد الناتج المحلي بنسبة 72% (3)، وظهرت روسيا من خلال ذلك كقوة أعادت بوصلتها، في مختلف المجالات، إلى الطريق الصحيح الذي كانت تنتهجه قبيل انحلال الاتحاد السوفيتي، على الرغم من مواجهتها العديد من التحديات الداخلية والخارجية، وبقيت الأوضاع الاقتصادية في نموّ تدريجي إلى أوائل عام 2114، حيث قام بوتين بضمّ شبه جزيرة القرم إلى روسيا، وقام بالتدخل العسكري في شرق أوكرانيا، مع انخفاض أسعار النفط في تلك الفترة، وكان ذلك سببًا مباشرًا في فرض دول الغرب عقوبات اقتصادية على روسيا، الأمر الذي أدى إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.7% (4).

كان من أهمّ طموحات بوتين إعادة الإمبراطورية السوفيتية للوجود، مستفيدًا من الأخطاء التي وقع بها قادة الاتحاد السوفيتي منذ نشأته، وعلى رأس هذه الأخطاء عدم امتلاك بنى تحتية وبرامج اقتصادية ومشاريع صناعية وزراعية وطاقة بحجم دولة كالاتحاد السوفيتي، والتركيز على الصناعات العسكرية وبناء قوة دفاعية، من خلال امتلاك السلاح النووي الذي يحتاج إلى تكاليف ضخمة لا يمكن تغطيتها إلا من خلال تلك المشاريع الاقتصادية والتنموية الضخمة، كما الحال في أميركا وباقي الدول العظمى، ولهذا قام بوتين، أوّل تسلّمه السلطة، بإنشاء نظام اقتصادي وتنموي جديد يعتمد على نظام اقتصاد السوق، وتحالف مع المافيات الروسية التي قامت برعاية تلك المؤسسات والحفاظ عليها، كي تؤمن تغطية القدرات الروسية العسكرية، ومن ثم مواكبة التطورات الدولية التي حصلت إبان تسلّمها الراية، كوريثة للاتحاد السوفيتي.

استطاع بوتين خلال فترة حكمه، بمنصب رئيس جمهورية روسيا الاتحادية تارة، وبمنصب رئيس للوزراء تارة أخرى، السيطرة على مقدرات الدولة، ونشطت الحركة الاقتصادية والتجارية، وحقق نتائج إيجابية في تغطية نفقات الصناعات الحربية الروسية التي ازدهرت بشكل كبير، وأصبحت روسيا من خلال ذلك ثاني أكبر دولة في العالم، من حيث تصدير السلاح، وبهذا عادت روسيا بوتين إلى مقارعة الولايات المتحدة الأميركية ومنافستها في سوق السلاح الدولي، وهذا شجع بوتين على التخطيط لإعادة دور روسيا في الشرق الأوسط الذي كادت أن تفقده، بُعيد انطلاق ثورات الربيع العربي، حيث خسرت روسيا حليفها الاستراتيجي القوي معمر القذافي، وكانت هذه ثاني خسارة كبيرة لروسيا في الشرق الأوسط منذ الغزو الأميركي للعراق والإطاحة بالرئيس صدام حسين حليفهم التاريخي، وقبل ذلك حين توقيع اتفاقيات السلام المصرية مع الكيان الصهيوني، خسرت روسيا أيضًا جمهورية مصر العربية التي تحوّلت إلى حليف استراتيجي للولايات المتحدة الأميركية، خاصة في مجال عقد صفقات السلاح بين البلدين، وبهذا فقدت روسيا كثيرًا من حلفائها في منطقة الشرق الأوسط، ولهذا صمّم بوتين على المضيّ قُدمًا في تحقيق حلمه لإعادة دور الإمبراطورية الروسية إلى سابق عهدها، في محاولة لإيجاد موطئ قدَم دائم له في المنطقة، وعلى وجه الخصوص على سواحل البحر الأبيض المتوسط.

ثالثًا- الإرادة وفرص التدخل:

لم تنقص بوتين النية والإرادة لتحقيق حلمه، وكان تدخله في سورية لصالح بشار الأسد الباب المثالي والعريض الذي ولج منه لتحقيق هذا الحلم؛ حيث أسس لقاعدة بحرية ضخمة في ميناء طرطوس السوري على البحر المتوسط، وعزز هذه القاعدة بإنشاء قاعدة عسكرية جوية في مطار “حميميم” قرب القرداحة معقل الأسد، كنقطة ارتكاز لجميع عملياته الحربية في سورية، وانتشرت القوات الروسية على مساحات واسعة من سورية، ضمن نقاط وقواعد في كثير من القواعد الجوية والمدن والمناطق السورية، وتقاسمت القوات الروسية مناطق النفوذ مع المحتل الإيراني، واستطاعت تحقيق كثير من المكاسب الاقتصادية عبر عقد معاهدات مع الأسد ضَمِن من خلالها بقاءه في سورية، لمدة لا تقل عن أربعة وتسعين عامًا، لم تكن الظروف الملائمة لعودة الروس إلى الشرق الأوسط من البوابة السورية فقط، إنما كانت هناك أسباب أخرى مهمة شجّعت بوتين على المُضي قُدمًا في تنفيذ مخططاته، ومن أبرز هذه الأسباب:

    انكماش الولايات المتحدة الأميركية داخل حدودها، وبدء انسحابها الجزئي من كثير من بؤر التوتر، خاصة في الشرق الأوسط، نتيجة فقدانها بشكل متسارع قواها الناعمة.

    ظهور مزاج عال لدى حلفاء أميركا في التمرّد عليها.

    النشاط الصيني المحموم للتقدّم نحو الشرق الأوسط، حيث اخترقت حواجز كثيرة، واستطاعت كسرها بفضل قوتها الاقتصادية والعسكرية المتنامية باطراد.

    اطمئنان بوتين للموقف العربي الذي أثقلته الخلافات التي تفاقمت إلى درجة أن بعض الدول العربية ذهب بعيدًا ليستعين بروسيا لحلّ مشكلاته الداخلية والخارجية، ولهذا كان بوتين مطمئنًا جِدًّا، إلى أبعد الحدود، من ردات فعل الدول العربية التي لا يوجد أي أسباب موضوعية تحثها على القيام بإنشاء تحالف يمكن أن يعرقل دخول روسيا إلى الشرق الأوسط.

    الخلافات العميقة داخل حلف الناتو، وقد وصلت إلى درجة التهديد بحلّ هذا الحلف لصالح روسيا؛ فتركيا وفرنسا وقبرص وإيطاليا لم تعد تكترث لهذا الحلف كما في الماضي.

    تصريحات الرئيس الأميركي الأسبق رولاند ترامب التي تُظهر بجلاء عدم الاهتمام بحلف الناتو ومستقبله.

وبهذا؛ تكون الفرص متاحة تمامًا لعودة الروس إلى منطقة الشرق الأوسط من أوسع الأبواب، خاصة أن هذه الفرص تتماهى مع إرادة قوية وصلبة يتمتع بها بوتين تحفّزه على قلب بعض معادلات التوازن الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأميركية، ولم يترك بوتين فرصة أو إجراء يمكن أن يقوم به ليخدم هدفه الاستراتيجي في الولوج إلى الشرق الأوسط تمهيدًا للسيطرة عليه، ولهذا أقام الروس قاعدة عسكرية ضخمة في القطب الشمالي بالقرب من الحدود الأميركية هناك لمقايضتها بميناء على المياه الدافئة، وهذا يبرهن أن بوتين ماض في مخططه الهادف إلى الهيمنة على الشرق الأوسط، وإضافة إلى ذلك، هناك أسباب غير معلنة، ويمكن أن نقول إن بوتين عمل -من خلال تدخله في المنطقة- على تحقيق عدد من الأهداف المعلنة، ومن أهمّها:

    الدخول في السباق الحاصل في سوق بيع الأسلحة في الشرق الأوسط الذي يمكن أن يُدرّ مليارات من الدولارات، من خلال زبائن يمكن أن تدفع مبالغ هائلة، بالإضافة إلى عقد تحالفات استراتيجية مع تلك البلدان.

    من خلال تدخل روسيا في سورية، حاول بوتين لفت الأنظار عن غزوه لأوكرانيا واسترداد شبه جزيرة القرم.

    أراد بوتين تحقيق خرق مهم في علاقات روسيا مع دول الخليج، خاصة في مجال النفط.

    نجح بوتين في جرّ أميركا للقبول بالتنسيق مع روسيا في كثير من القضايا المعقدة، خاصة في سورية والعراق وإيران وغيرها.

    من أهمّ الأهداف التي سعى إلى تحقيقها بوتين من تدخله في الشرق الأوسط، إضعاف حلف الناتو من خلال اختراق صفوفه الخلفية في الشرق الأوسط خاصة في تركيا.

يعتقد بوتين روسيا، من خلال كل هذه الإرهاصات التي تحيط بالمنطقة، أنه سيكون بديل الولايات المتحدة الأميركية، بل وريثها في المنطقة، في إطار عملية تسليم واستلام بين الدولتين المتنافستين، عَسْكَرِيًّا وَسِيَاسِيًّا، مرتكزًا على النموذج الوحيد الذي حدث في القرن العشرين: نقل هيمنة بريطانيا العظمى على القرار الدولي إلى الولايات المتحدة الأميركية، مُعتقدًا بأن روسيا يمكن أن تصبح لاعبًا أَسَاسِيًّا في النظام العالمي والإقليمي الجديد.

خامسًا- المآلات:

اعتقد بوتين أنه استطاع، عبر بوابة سورية، الولوج إلى الشرق الأوسط عَسْكَرِيًّا، إلا أن الأوضاع التي خلقها التدخل الروسي في سورية لم تساعده في بسط سيطرته الكاملة على كامل التراب السوري، كي يعتبر ذلك مقدمة ناجحة للدخول إلى الشرق الأوسط، وهذا يعود إلى الأسباب التالية:

    على الرغم من تحقيق كثير من الانتصارات العسكرية على الأرض، نتيجة عدد من الظروف التكتيكية والأمنية والسياسية، فشلت الصناعات الحربية الروسية في إقناع السوق بفاعلية الأسلحة التي تصنعها، لافتقادها مواصفات الأسلحة ذات الدقة العالية التي يمكن أن تواكب التطور التكنولوجي لأسلحة البلدان الغربية، ولوجود أخطاء مصنعية لا يمكن لدولةٍ، لها حجم الصناعات العسكرية الروسية، أن تقع فيها، وهذا ما أكده سحب أكثر من اثني عشر نوعًا من أصل أربعة وستين نوعًا من الأسلحة والذخائر المصنعة حديثًا، التي جرّبتها روسيا في معركتها على الشعب السوري، وإعادتها إلى مصانعها لتلافي الأخطاء المصنعية الكارثية التي وقعت بها.

    على الرغم من إعادة أغلب الأراضي المحررة للأسد حليف الروس، لم تستطع القوات الروسية تحقيق الاستقرار في سورية وفقًا لشروطها.

    روسيا لا تمتلك موارد اقتصادية كافية لإعادة إعمار سورية، ولهذا تحاول الضغط على الدول المانحة، وعلى أوروبا بالخصوص، لاستخدام قضية اللاجئين السوريين في تلك الدول كورقة ضغط إلا أن الروس فشلوا في ذلك.

    تمسك الروس ببشار الأسد ومحاولة إعادة إنتاجه وتثبيت حكمه، على الرغم من معرفتهم أنه مجرم حرب تسبّب في قتل مليون سوري، وهجّر أكثر من خمسة عشر مليونًا من السوريين إلى خارج وداخل سورية، وهؤلاء جميعًا يرفضون العودة ما دام بشار الأسد موجودًا في السلطة.

    نتيجة الظروف التي خلقها التدخل الإيراني في سورية وتمدده بشكل يمكن أن يكون خطرًا حَقِيقِيًّا على إسرائيل، بات من المرجح اندلاع حرب بين إسرائيل وإيران على الأراضي السورية، وهذا لن يحقق بسط الهيمنة والاستقرار الذي ينشده الروس في سورية.

    الوجود العسكري الأميركي في الجزء الشمالي الشرقي من سورية يشكّل مصدر قلق للروس، لا يمكن تجاهله، إذا أرادت موسكو إثبات أنها القوة الوحيدة ذات النفوذ الحاسم التي تسيطر على سورية والمنطقة بمقدراتها ولا ينازعها على ذلك حتى أميركا، وهذا الوجود لا يمكن أن يزول إلا وفق اتفاقيات يمكن مقايضته بمصالح أميركا في مكان آخر من العالم.

وبعيدًا عن سورية وتعثر الروس فيها، يحاول زعيم الكرملين العودة إلى فتح الطريق إلى ليبيا التي تُعدّ منطقة مهمّة جِدًّا ومحورية، في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، لكن هذه الجهود ما زالت تراوح في مكانها بانتظار تحقيق اختراق ملموس وتقدّم حاسم للروس في سورية، أما في أوكرانيا، فالأمر يختلف تمامًا، من حيث قوة الأوراق التي تلعب بها الولايات المتحدة مستفيدة من قرب أوكرانيا جُغْرَافِيًّا من دول الاتحاد الأوروبي ووجود لاعبين أقوياء داخل أوكرانيا يمكن استخدامهم في إفشال أي مخطط أو تحرك روسي في تلك المنطقة.

من الواضح أن روسيا تقوم بنشاطاتها في منطقة الشرق الأوسط بلا استراتيجية عامة تتلاءم مع القضايا الإقليمية المستجدة، وجُلّ ما تفعله موسكو هو إجراءات تكتيكية تضمن استمرار فاعليتها ووجودها في المنطقة، وهنا يجب أن نعرف أن روسيا لا تملك أي مشروع للقوة الناعمة التي يمكن أن تحقق من خلالها أهدافها الاستراتيجية، إن وجدت، كالاستثمارات وغيرها من أدوات هذه القوّة، بل على العكس من ذلك تعتمد موسكو على الاستحواذ على الاستثمارات المحدودة الزمان والمكان لاختراق العقوبات المفروضة عليها من المجتمع الدولي، الأمر الآخر إصرار موسكو على الولوج إلى أي أزمة قائمة دون التفكير في حل هذه الأزمة والخروج منها، وهذا يتمثل في طرحها لكثير من المقترحات للحفاظ فقط على بقائها وفعاليتها في تلك المشكلة، وهناك كثير من الأمثلة على ذلك، على رأسها رعاية الحوار بين الأطراف الليبية واقتراح خطط أمنية تديرها مع دول الخليج العربي.

    الخاتمة:

من خلال ما سبق، يمكن القول إن روسيا -على الرغم من جعل نفسها لاعبًا لا غنى عنه في الجغرافيا السياسية الإقليمية وامتلاكها كثيرًا من نقاط القوة التي تمتلكها في المنطقة- قد استطاعت تكريس وجودها العسكري لمدة أربعة وتسعين عامًا على الأقل، وفق اتفاقية عقدتها مع بشار الأسد في محاولة للحصول على أكبر قدر من النفوذ على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، لتكون في مواجهة حلف الناتو هناك، ووجود روسيا في ليبيا الغنية بالنفط ونشاطها السياسي والاستخباراتي الملحوظ هناك عبر مجموعات (فاغنر) حقق لها موطئ قدم في منطقة استراتيجية أخرى، بالإضافة إلى تحركاتها في أوكرانيا، وعلى الرغم من ميل التوازن لصالح القوى المعادية للولايات المتحدة الأميركية، لم يحقق هذا كلّه لروسيا التوازن الاستراتيجي المطلوب، كي تصل إلى قوة أميركا وحلفائها في المنطقة، نتيجة عوامل حاسمة عدة من أهمها أن روسيا دولة ضعيفة هشّة منخورة من الداخل، تحكم شعبًا مقهورًا، ولهذا كله روسيا أضعف من أن تكون مهيمنة على منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن نقول إن بوتين لم يحقق التنمية الكافية في بلاده التي يمكن أن تحقق لبلاده التفوّق على خصومه خاصة الولايات المتحدة الأميركية، ولهذا يحرص بوتين مؤقتًا على الصراع ذي المستوى المنخفض مع الولايات المتحدة، وعلى عدم المواجهة المباشرة معها في منطقة الشرق الأوسط. كل ذلك من أجل البقاء في المنطقة، وتحقيق مكاسب آنية لموسكو، وهذا يفسر إبقاء الصراع في منطقة الشرق الأوسط دون حلول، وبالنتيجة لا يمكن أن نصنّف روسيا الاتحادية -بكل المقاييس- كدولة عظمى، يمكن أن تنافس الولايات المتحدة الأميركية على زعامة العالم، لأنها أضعف بكثير من أن تكون قوة مهيمنة على منطقة الشرق الأوسط، وحجمها الحقيقي بمقاييس الدول لا يتعدى اعتبارها دولة من العالم الثالث تمتلك السلاح النووي، وبتعبير آخر: يمكن تشبيه روسيا الاتحادية بالضفدع الذي يمتلك مخالب أسد.

الهوامش:

1 – ويكيبيديا، فلاديمير بوتين، https://ar.wikipedia.org/wiki/

2 – الأمم المتحدة، اليوم الدولي لإحياء ذكرى كارثة تشيرنوبيل، https://bit.ly/3zRojWh

3 – أنظر المرجع رقم “1”

4 – NATO REVIEW، العقوبات بعد شبه جزيرة القرم: هل نجحت؟ https://bit.ly/3zRbDie

طباعة  

مركز حرمون

——————————————–

موسكو تصعّد تحركها ضد الغارات الإسرائيلية على سوريا

عززت الدفاعات الجوية السورية بمعدات حديثة وخبراء روس

موسكو: رائد جبر

حملت بيانات وزارة الدفاع الروسية الأخيرة، حول الغارات الإسرائيلية على سوريا، إشارات غير مسبوقة إلى تغير في تعامل موسكو مع «الاعتداءات المتواصلة على السيادة السورية».

وبعدما كانت موسكو تكتفي بانتقاد الغارات بلهجة خجولة خلال السنوات الماضية، جاء دخول وزارة الدفاع على الخط خلال الأسبوع الأخير، ليضع قواعد جديدة للتعامل ويعكس تطورا على الأرض بعدما عمدت موسكو إلى تعزيز الدفاعات الجوية السورية بمعدات حديثة وخبراء روس يتولون بشكل مباشر الإشراف على عملها.

وكانت وزارة الدفاع الروسية التي لم تعلق سابقا على الغارات الإسرائيلية أصدرت بيانين منفصلين خلال الأيام الماضية، أعقبا غارتين إسرائيليتين، واحدة استهدفت مركز أبحاث في ريف حلب، والأخرى موقعا لتمركز قوات إيرانية في القصير قرب حمص. وحملت لهجة البيانين «رسائل مباشرة» إلى إسرائيل، فهما تحدثا عن نجاح الدفاعات الجوية السورية في التصدي للهجومين و«إسقاط الصواريخ المهاجمة». وفي البيان الثاني الذي صدر أول من أمس، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن أنظمة الدفاع الجوي السوري أسقطت كل الصواريخ الـ4 التي أطلقتها المقاتلات الإسرائيلية أثناء الغارة. وقال نائب رئيس مركز المصالحة الروسي في سوريا، فاديم كوليت، إن «مقاتلتين إسرائيليتين من طراز «إف 16» أطلقتا من المجال الجوي اللبناني بين الساعة 1:11 و1:19 في 22 يوليو (تموز) 4 صواريخ موجهة إلى مواقع في محافظة حمص. وأضاف أن «جميع الصواريخ الـ4 تم تدميرها من قبل أنظمة «بوك إم 2 إي» الروسية الصنع، والتابعة لقوات الدفاع الجوي السورية».

وفي وقت سابق، أعلن المركز الروسي للمصالحة في سوريا أن الدفاعات الجوية السورية أسقطت 7 صواريخ من أصل 8 أثناء الغارة الإسرائيلية يوم 19 يوليو (يوليو).

وأثار التبدل في اللهجة الروسية حيال الغارات الإسرائيلية تساؤلات، فضلا عن سبب التحول النوعي في فعالية تعامل الدفاعات الجوية السورية مع الهجمات الإسرائيلية في المرتين الأخيرتين.

وقال مصدر روسي مطلع لـ«الشرق الأوسط» أمس، بأن «هذا له علاقة مباشرة بالمحادثات التي انطلقت مع الولايات المتحدة في أعقاب القمة الأولى التي جمعت الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن الشهر الماضي»، موضحا أن «موسكو كانت تحسب ردات فعلها في السابق لأن تل أبيب تنسق كل تحركاتها مع واشنطن، في حين أن قنوات الاتصال الروسية مع واشنطن كانت مقطوعة، وبدا من الاتصالات الجارية مع الجانب الأميركي حاليا، أن موسكو حصلت على تأكيد بأن واشنطن لا ترحب بالغارات الإسرائيلية المتواصلة». وأفاد المصدر أنه «لذلك تم تصعيد اللهجة بشكل واضح ضد أي عمل عسكري إسرائيلي يستهدف سيادة سوريا، ويخالف القرارات الدولية».

لكن الجانب الأهم من ذلك، وفقاً للمصدر الروسي أن «الإسرائيليين شعروا أنه تم تفعيل الدفاعات الجوية في سوريا، وحقيقة أنه تم تدمير كل الصواريخ المطلقة عمليا، تفيد بتغير أساسي في آليات التعامل مع هذا الملف». وأوضح أن «طيران إسرائيل لم يعد منذ وقت يدخل المجال الجوي السوري، ويقوم بتنفيذ الهجمات من أراض مجاورة، وهذه الهجمات لم تعد لها فعالية كبيرة لأن شبكة المضادات الجوية السورية تم تعزيزها أخيرا، وأكملت موسكو هذا التعزيز بتزويد دمشق بمعدات دفاع جوية حديثة فضلا عن قيام الخبراء الروس بالإشراف عليها بشكل مباشر».

وزاد المصدر أن الخبراء العسكريين الروس «لم يشاركوا في السابق في صد هجمات إسرائيلية فيما يقومون حاليا بمساعدة العسكريين السوريين في هذه المهام». ورأى أن التطور حمل رسائل مباشرة إلى الإسرائيليين بأن الوضع تغير ولا بد من التعامل مع الواقع الجديد على الأرض.

واللافت أن المصدر رأى أن هذا التغير «يشمل كل الأهداف المحتملة داخل الأراضي السورية»، في إشارة إلى أن موسكو كانت تصمت في الغالب عند استهداف المواقع الإيرانية في حين تنتقد استهداف مواقع القيادة والتحكم ومراكز الأبحاث السورية التي تشرف عليها موسكو مباشرة.

التطورات الأخيرة، بينما تعكس تحولا نوعيا في تعامل موسكو مع الهجمات الإسرائيلية، فهي تعد مؤشرا إلى أن موسكو «نفد صبرها» بسبب مواصلة تل أبيب تجاهل الدعوات الروسية لوضع قواعد واضحة للتعامل على الأرض السورية.

وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، وجه بداية العام، رسالة للإسرائيليين بأهمية الاتفاق على «قواعد جديدة» للتحرك في سوريا، وقال إن بلاده تحافظ على «تنسيق وثيق» مع الجانب الإسرائيلي و«ترفض استخدام الأراضي السورية ضد إسرائيل»، داعياً في الوقت ذاته، إلى عدم تحويل سوريا إلى ساحة صراع بين الأطراف الإقليمية.

وكشف لافروف في حينها أن بلاده اقترحت على إسرائيل إبلاغها بالتهديدات الأمنية الصادرة عن أراضي سوريا لتتكفل بمعالجتها حتى لا تكون سوريا ساحة للصراعات الإقليمية. وأوضح: «إذا كانت إسرائيل مضطرة، كما يقولون، للرد على تهديدات لأمنها تصدر من الأراضي السورية، فقد قلنا لزملائنا الإسرائيليين عدة مرات: إذا رصدتم مثل هذه التهديدات، فيرجى تزويدنا بالمعلومات المحددة حول ذلك ونحن سنتعامل معها».

لكن هذه الدعوة وفقاً للافروف لم تجد رد فعل إيجابيا من الجانب الإسرائيلي.

رغم ذلك، رأى المصدر الروسي في حديثه مع «الشرق الأوسط» أمس، أن الحديث «لا يدور هنا عن نفاد صبر موسكو، بل عن تبدل في المعطيات السياسية»، مشيرا إلى أن فتح قنوات الحوار مع الأميركيين «أزال عمليا عقبة أساسية كانت تعترض تعامل موسكو مع ملف حماية المجال الجوي السوري والسيادة السورية»، موضحا أن «الظروف بسبب فقدان التنسيق والحوار مع واشنطن كانت أعقد بكثير».

إلى ذلك، دانت الخارجية السورية الاعتداءات الإسرائيلية التي استهدفت بالصواريخ بعض المناطق في منطقة القصير وسط سوريا، فجر الخميس. وقالت الوزارة في بيان، إن «سلطات الاحتلال الإسرائيلية أقدمت في حوالي الساعة الواحدة و13 دقيقة من فجر الخميس على ارتكاب عدوان جوي جديد على أراضي الجمهورية العربية السورية، وذلك عبر إطلاقها موجات متتالية من الصواريخ من تجاه شمال شرقي العاصمة اللبنانية بيروت، والتي استهدفت بعض المناطق في منطقة القصير بمحافظة حمص».

وأضافت الوزارة أن هذا الاستهداف الإسرائيلي جاء بعد يومين على شن عدوان جوي استهدف منطقة السفيرة في جنوب شرقي محافظة حلب.

وشددت الوزارة في بيانها على أن سوريا تؤكد أن استمرار السلطات الإسرائيلية في ممارسة الإرهاب بالمنطقة ما كان ليتم دون حماية الإدارات الأميركية المتعاقبة وبعض الدول الغربية لها، والتغطية على جرائمها.

وتابعت الوزارة في بيانها أن «سوريا تؤكد أن استمرار تجاهل بعض أعضاء المجتمع الدولي الاعتداءات والجرائم الإسرائيلية، والتي زادت في الآونة الأخيرة، يجعل منه شريكا آخر لإسرائيل في إجرامها، إلى جانب التنظيمات الإرهابية المسلحة المنتشرة في بعض مناطق سورية كـجبهة النصرة وداعش وغيرهما من التنظيمات المصنفة كإرهابية وفقاً لقوائم مجلس الأمن ذات الصلة… كما تؤكد سورية أنها لن تتوانى عن ممارسة حقها بالدفاع عن أرضها وشعبها وسيادتها بكل الطرق التي يكفلها دستورها وميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي».

وطالبت الوزارة في بيانها مجلس الأمن الدولي مجددا بأن يتحمل مسؤولياته في إطار ميثاق الأمم المتحدة، وأهمها صون السلم والأمن الدوليين، وأن «يلزم إسرائيل باحترام قراراته المتعلقة باتفاقية فصل القوات لعام 1974 ومساءلة كل الأطراف، التي تدعم الإرهاب وتشن الاعتداءات على السيادة السورية، عن إرهابها وجرائمها التي ترتكبها بحق الشعب السوري والتي تشكل جميعها انتهاكات صارخة لميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي».

الشرق الأوسط

——————————

روسيا تعلن عقد اجتماع في دمشق حول عودة اللاجئين/ عدنان أحمد

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم السبت، أن اجتماعا مشتركا بين مسؤولين روس ومن النظام السوري، سيعقد في دمشق الاثنين المقبل، لبحث قضية عودة اللاجئين السوريين.

ونقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن بيان للوزارة قولها إن “الاجتماع المشترك لمقر التنسيق بين الإدارات الروسية والسورية بشأن عودة اللاجئين واستعادة الحياة السلمية، سيعقد في 26 يوليو/تموز الجاري في دمشق”. وأوضح البيان أن الاجتماع سيعقد “وفقا لقرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتعليمات وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو”.

وأضافت أن الوفد الروسي المكون من ممثلين عن 30 هيئة ومنظمة تنفيذية فيدرالية وخمس مناطق في روسيا ووزارة الدفاع الروسية، سيرأسه رئيس مقر التنسيق بين الإدارات في روسيا بشأن عودة اللاجئين إلى سورية، رئيس مركز إدارة الدفاع الوطني التابع لوزارة الدفاع الروسية، ميخائيل ميزينتسيف. وسيشارك في الاجتماع أيضا ممثلون عن السلطات والمنظمات السورية ومنسقي الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية.

ووفق الوزارة، فان الاجتماع يهدف إلى “إعطاء دفعة إضافية لحل المشاكل الإنسانية في سورية، وتعزيز تنفيذ الاتفاقات الروسية السورية التي تم التوصل إليها في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، خلال المؤتمر الدولي لعودة اللاجئين إلى سورية”.

وكان مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، قال، في وقت سابق، إنه ناقش مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الوضع في سورية، وإنه طلب من موسكو الاستمرار في مساعدة سورية على تهيئة الظروف، التي تشجع لاجئي سورية على العودة إلى بلادهم، مشيرا إلى “وجود ما يقرب من 6 ملايين لاجئ سوري منتشرين في البلدان المجاورة في الشرق الأوسط، وإذا تحسنت الظروف في سورية، فسيعودون طواعية”.

وكانت روسيا حاولت، من خلال مؤتمر اللاجئين السوريين الذي عُقد في دمشق في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فرض مسار سياسي جديد باستخدام ورقة إنسانية اللاجئين، إلا أن خطتها باءت بالفشل بعد المعارضة الغربية، حيث تشترط الولايات المتحدة ودول غربية إحراز تقدم على مسار الحل السياسي، ليكون بمقدورها دعم خطط عودة اللاجئين.

منع أهالي اليرموك من زيارة المقبرة

من جانب آخر، منعت حواجز الشرطة العسكرية الروسية، والحواجز التابعة للنظام السوري، أهالي مخيم اليرموك، من زيارة مقبرة الشهداء القديمة خلال أيام عيد الأضحى لهذا العام.

وذكرت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية” أن القوات الروسية واستخبارات النظام، لا تزال متمركزة في الحاجز عند مدخل شارع الثلاثين ومن جهة حارة المغاربة، حيث منعت الأهالي من الوصول إلى المقبرة.

وأضافت أن مجموعة من الأهالي وعدداً من مسؤولي منظمة التحرير الفلسطينية، زاروا خلال العيد مقبرة مخيم اليرموك الجديدة، بحضور سفير فلسطين في دمشق، بعد منعهم من زيارة المقبرة القديمة، مشيرة إلى أن قائد “جيش التحرير الفلسطيني” زار بدوره “مقبرة الشهداء” في منطقة نجها بريف دمشق، بعد أن كانت القيادة الفلسطينية تتجه إلى مقبرة الشهداء القديمة في مخيم اليرموك لوضع أكاليل الورود في كل مناسبة.

ورجّحت “مجموعة العمل” أن يكون قرار منع الأهالي من الوصول إلى المقبرة، جاء بسبب استمرار عمليات نبش القبور بحثاً عن رفات جنود إسرائيليين. وكانت الشرطة العسكرية الروسية استقدمت، مطلع العام الجاري، عربة طبية لجمع عينات من الجثث بهدف تحليل السلسلة الوراثية في المقبرة ومحيطها، ومناطق أخرى داخل مخيم اليرموك، تزامناً مع إعادة مواصلة عمليات النبش في المقبرة، بحثاً عن رفات جندي إسرائيلي يعتقد أنه دُفن فيها، بعد أن قتل خلال حرب لبنان 1982.

وسلّمت القوات الروسية، في وقت سابق، جثتين تعودان لجنديين إسرائيليين كانتا مدفونتين في مقبرة مخيم اليرموك

العربي الجديد

——————————-

هل زودت روسيا النظام السوري بدفاعات جديدة لمواجهة الغارات الإسرائيلية؟/ عدنان أحمد

شككت مصادر في المعارضة السورية بما سربته بعض وسائل الإعلام حول تزويد روسيا للنظام السوري بمعدات وتقنيات عسكرية جديدة ستسهم في الحد من الغارات الإسرائيلية في سورية.

وقال المحلل العسكري العميد أحمد رحال لـ”العربي الجديد” إن روسيا تحاول من خلال هذه التسريبات “التحرش من أجل ترتيبات جديدة في سورية” عبر إيصال رسائل سياسية موجهة للولايات المتحدة عبر إسرائيل، بأنها المرجعية الأهم في سورية، ولا يمكن لأحد أن يتخطاها، فهي قادرة على تخريب أي دور للآخرين، ما لم يكن بالتشاور معها.

وأضاف أن صواريخ “إس 300” التي كانت روسيا قد زودت بها النظام؛ ما زالت مجمدة، “حيث نزع الروس منها بطاريات التشغيل، بالتنسيق مع الإسرائيليين، وهو ما يحولها إلى خردة”. وشكك بحصول النظام على معدات جديدة تحسن قدرته على مواجهة الغارات الإسرائيلية، وقال إنه “كان الأولى أن يتم تفعيل المعدات التي أعطيت له أصلاً، أي (إس 300) قبل منحه معدات جديدة”.

وحول إعلان متحدث روسي عن إسقاط سبعة صواريخ من أصل ثمانية أطلقتها الطائرات الإسرائيلية في الغارات الأخيرة على السفيرة بريف حلب؛ استبعد رحال صحة ذلك، وقال إن المعلومات عن الغارات الإسرائيلية الأخيرة تشير إلى أنها استهدفت رتلاً عسكرياً دخل من العراق برعاية “حزب الله” العراقي، وانقسم الرتل إلى قسمين؛ اتجه الأول إلى السفيرة بريف حلب الشرقي، حيث تم قصفه، والثاني باتجاه القصير بريف حمص، وجرى قصفه أيضاً. واعتبر رحال أن الدليل على كذب الروس، قولهم إنه تم إسقاط كامل الصواريخ الإسرائيلية المطلقة على القلمون مؤخراً، فكيف إذاً قُتِل القيادي بـ”حزب الله” عماد الأمين وقيادي آخر من ميليشيا فاطميون؟

ورأى رحال أن روسيا أخفقت في مكافحة الوجود الإيراني في سورية، حيث المليشيات الإيرانية باتت على بعد 300 متر من خط الاشتباك في الجولان. وأضاف أن إسرائيل أبلغت روسيا والنظام السوري بأن المستهدف بالغارات ليس جيش النظام، بل المليشيات الإيرانية، والعناصر الإيرانيين الموجودين داخل القطعات العسكرية التابعة للنظام السوري. ورأى أن روسيا ليست بصدد مواجهة الدور الإيراني في سورية أو تحجيمه؛ لأنها ما زالت بحاجة إلى الخدمات التي تؤديها المليشيات المدعومة من إيران.

من جهته، قال القيادي في المعارضة السورية العميد فاتح حسون إن روسيا تريد أن يكون لها دور ولو ثانويا في الاتفاق النووي مع إيران، لذا حسّنت شروط استخدام وسائط الدفاع الجوي في سورية ضد الغارات الإسرائيلية لتتواصل معها الولايات المتحدة لتذليل ذلك.

وأضاف حسون في حديث مع “العربي الجديد” أن استبعاد روسيا من ملفات دولية عديدة “يجعلها تبحث عن دور فيها، ولو من خلال تخريب التفاهمات المبدئية وإعاقتها”.

ورأى أن روسيا تحاول فرض شروط جديدة على ثلاث دول تتدخل في سورية بشكل مباشر؛ وهي الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل، حيث “هناك قيادات جديدة في هذه الدول تعمل موسكو على فتح قنوات مع كل منها، وقد وجدت في تحسين شروط استخدام وسائط الدفاع الجوي في سورية طريقاً لذلك”.

وكانت وسائل إعلام عربية وإسرائيلية ذكرت في الأيام الأخيرة أن موسكو عززت الدفاعات الجوية للنظام السوري، وزودته بمعدات حديثة يشرف عليها الخبراء الروس بشكل مباشر.

وحسب التسريبات التي مصدرها روسيا، فإن الإسرائيليين شعروا أنه تم تفعيل الدفاعات الجوية في سورية، بعد أن أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن دفاعات نظام الأسد دمرت الصواريخ الإسرائيلية الأربعة التي استهدفت القصير فجر الخميس الماضي، وكذلك دمرت سبعة من أصل ثمانية صواريخ أطلقتها إسرائيل صوب السفيرة فجر الثلاثاء.

وحسب مصدر روسي، فإن هذه التسريبات “دليل على نفاد صبر موسكو بسبب مواصلة تل أبيب تجاهل الدعوات الروسية لوضع قواعد واضحة للتعامل على الأرض السورية”، مشيراً إلى أن الطيران الإسرائيلي لم يعد منذ وقت يدخل المجال الجوي السوري، ويقوم بتنفيذ الهجمات من أراضٍ مجاورة، وهذه الهجمات لم تعد لها فعالية كبيرة لأن شبكة المضادات الجوية تم تعزيزها أخيراً.

وتشن إسرائيل بشكل متواصل غاراتٍ جوية على مواقع للنظام وإيران داخل سورية، بينما تؤكد موسكو أنها ضد هذا القصف، وطلبت سابقاً من تل أبيب التنسيق معها بشأن ذلك.

وكانت روسيا، وخلافاً للسياسة التي سارت عليها خلال السنوات الماضية، علّقت مؤخراً على الغارتين اللتين استهدفتا مواقع عسكرية داخل سورية، وهو الاستهداف الذي أعلنه النظام السوري.

وجاء التعليق الروسي ضمن بيانين منفصلين أصدرتهما وزارة الدفاع الروسية بشأن الضربتين في السفيرة والقصير، وقالت الوزارة إن منظومتي الدفاع الجوي الروسيتين “بانتسير – بوك”، اللتين يمتلكهما جيش النظام السوري أسقطتا تقريباً كل الصواريخ الإسرائيلية، ما عدا واحدا.

العربي الجديد

—————————

جنرال روسي: أحبطنا هجمات إسرائيلية في سورية/ صالح النعامي

أبدت وسائل الإعلام الإسرائيلية اهتماماً كبيراً بإعلان جنرال روسي إحباط محاولات الجيش الإسرائيلي مهاجمة أهداف في محافظة حمص السورية يومي الأربعاء والخميس.

ونقلت صحيفة “يديعوت أحرنوت” عن فاديم كوليت، نائب قائد القوات الروسية في سورية، قوله إن نظام دفاع جوي روسي الصنع ساعد في اعتراض هجوم إسرائيلي ليلتي الأربعاء والخميس في محافظة حمص في سورية.

وبحسب الجنرال الروسي، فإن صواريخ المنظومة الصاروخية الروسية المضادة للطائرات “بوك” دمرت جميع “الصواريخ الأربعة التي أطلقتها طائرتان إسرائيليتان.

وفي السياق قالت غيلي كوهين، المراسلة السياسية لقناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية “كان” إن سلاح الجو الإسرائيلي ينفذ غاراته ضد الأهداف في سورية انطلاقاً من الأجواء اللبنانية لتجنب تأثير منظومات الدفاع الجوي الروسية داخل سورية.

وفي تقرير بثته القناة، قدرت كوهين أن توجه روسيا لإحباط الهجمات الإسرائيلية والإعلان عن ذلك يأتي رداً على الزيادة الكبيرة التي طرأت على عدد الغارات التي تنفذها إسرائيل ضد أهداف داخل سورية مؤخراً.

وعلّق عضو الكنيست الليكودي ووزير الاستخبارات السابق إيلي كوهين على تصريحات الجنرال الروسي معتبراً أنها دليل على ضعف الحكومة التي يقودها نفتالي بينت.

وفي مقابلة مع إذاعة “كان” الرسمية، قال كوهين: “في العالم وفي الشرق الأوسط خصوصاً يقدرون القوة، وفي الحكومة التي تشارك فيها أطراف معادية للصهيونية والتي يقودها شخص لا يؤيده 85% من الجمهور ترسل رسائل ضعف إلى العالم وهذا يجلب محاولات لتقييد حركة إسرائيل”.

وكان بينت قد أجرى قبل أسبوعين اتصالات بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحثا فيها القضايا الثنائية والأوضاع في سورية.

العربي الجديد

—————————

تصعيد في الشمال السوري واحتمال إطلاق عملية عسكرية تركية/ عدنان أحمد

تشهد مناطق عدة شمالي سورية تصعيداً ملحوظاً بين القوات التركية وفصائل “الجيش الوطني” المتحالفة معها من جهة، و”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) من جهة أخرى، وذلك بعد مقتل جنديين تركيين أمس بصاروخ موجه أطلقته “قسد” باتجاه سيارة عسكرية تركية.

وذكرت وزارة الدفاع التركية، في بيان، أن هجوماً استهدف مركبة عسكرية أثناء توجهها إلى قاعدة في منطقة “درع الفرات”، أسفر عن مقتل جنديين وإصابة اثنين آخرين نقلا إلى المستشفى، مشيرة إلى أنه تم “تحديد مواقع الإرهابيين في المنطقة وقصفها بشكل فاعل على الفور إثر الهجوم”.

وقال مصدر محلي لـ”العربي الجديد” إن الجيش التركي استهدف مواقع لـ”قسد” في قريتي الهوشرية والجات، شمال مدينة منبج بريف حلب. كما استهدفت المدفعية التركية مواقع “قسد” على محاور تل رفعت وناحية شيراوا شمال حلب، والكاوكلي والحصان بالريف الشرقي، بالتزامن مع اندلاع اشتباكات بين “قسد” ومقاتلي الجيش الوطني على محوري قيراطة وتوخار الصغير قرب منبج.

كما استهدفت القوات التركية بعشرات القذائف مواقع “قسد” في الشيخ عيسى ومحيطها، ومناطق أخرى شمال حلب.

القوات التركية في سورية-Getty

وطاول القصف التركي كلاً من جبل الشيخ عقيل وحزوان، وقرية زويان ورادار والشعالة بريف الباب شرق حلب، قبل أن يتوسع، بمشاركة فصائل “الجيش الوطني”، ليشمل قرى تل المضيق والسد وغول سروج ضمن مناطق سيطرة “قسد”.

وكان الهجوم على الدورية التركية وقع أمس في مدينة الباب، التي تسيطر عليها فصائل “الجيش الوطني” السوري، والتي تعد من أكبر مدن ريف حلب الشمالي والشرقي، وقد سيطر عليها الجيش التركي برفقة “الجيش الوطني” السوري ضمن عملية “درع الفرات” في شهر أغسطس/آب عام 2016.

وذكر “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، مساء أمس السبت، أن جندياً تركياً ثالثاً توفي جراء الهجوم المذكور.

ولم يستبعد مراقبون أن تقدم تركيا وفصائل “الجيش الوطني” على عملية عسكرية “محدودة” في بعض مناطق الشمال السوري بهدف إبعاد الدوريات التركية عن مرمى القذائف الصاروخية التي يطلقها مقاتلو “قسد” بين الفينة والأخرى، وتتسبب في إيقاع خسائر بشرية بين الجنود الأتراك.

وقال الناشط أبو عمر البوكمالي، لـ”العربي الجديد”، إن تركيا اعتادت التهديد بعمليات عسكرية برية ضد “قسد” خلال الفترات الماضية، لكنها كانت تتراجع بسبب الممانعة الأميركية أو عدم حصولها على ضوء أخضر “كافٍ” من روسيا، لكن تعرض قواتها لخسائر بشرية متكررة يقوي حجتها بضرورة التحرك عسكرياً لحسم الأمر، طالما أن القوات الأميركية لا تتحرك لردع “قسد”.

وشمال غربي البلاد، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن “هيئة تحرير الشام” خرقت اتفاق وقف إطلاق النار 32 مرة في منطقة خفض التصعيد في إدلب خلال الساعات الماضية.

وذكر نائب مدير مركز التنسيق الروسي في حميميم، اللواء البحري فاديم كوليت، في بيان، أنه “تم تسجيل 32 اعتداء من مواقع تنظيم جبهة النصرة (تحرير الشام) في منطقة إدلب لخفض التصعيد، بينها 19 اعتداء في محافظة إدلب، وثمانية في محافظة اللاذقية، وواحد في محافظة حلب، وأربعة في محافظة حماة”.

يذكر أن قوات النظام السوري، وروسيا نفسها، صعدت في الأيام الأخيرة القصف على إدلب ومحيطها، ما أسفر عن سقوط عشرات المدنيين بين قتيل ومصاب.

إلى ذلك، قتل عنصران من مليشيات القاطرجي التابعة للنظام السوري برصاص مجهولين شمالي محافظة الرقة، التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية” الكردية شمال شرقي سورية.

وذكرت شبكات محلية أن مجهولين أطلقوا النار على سيارة تابعة لمليشيا القاطرجي أثناء مرورها على طريق الخالدية – عين عيسى شمال الرقة، ما أدى إلى مقتل عنصر وإصابة آخر بجروح توفي إثرها.

وقد أرسلت قوات “قسد” دورية عسكرية لموقع الاستهداف لمعرفة تفاصيل الهجوم عبر استجواب الأهالي في المنطقة.

————————–

هل علمت واشنطن مُبكّراً بهجمات إسرائيل الاخيرة في سوريا؟/ أدهم مناصرة

كشف مصدر مطلع مقيم في أراضي 48 ل”المدن”، أن العمليات الإسرائيلية الأخيرة في سوريا تمت بالتنسيق مع الولايات المتحدة. وأوضح أن هذا جاء نتيجة اتفاق وزير الخارجية الإسرائيلية يائير لبيد، مؤخرا، مع المسؤولين الأميركيين خلال زيارته إلى واشنطن، ومفاده أن “تل أبيب لن تفاجئ واشنطن مطلقاً بأي عملية عسكرية ضد إيران ومجموعاتها سواء داخل الجمهورية الإسلامية أو في مناطق تمددها وخاصة في سوريا”.

كما برز توافق مشترك على ضرورة منع التموضع الإيراني في سوريا وتشويش مشروع الصواريخ الايرانية “الدقيقة” خلال زيارة وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس إلى واشنطن مرتين في الأشهر الأخيرة.

ووفق المصدر، فإن القنابل المستخدمة في هذا النوع من القصف الإسرائيلي أميركية الصنع (جي بي يو GBU-39) بينما لن تمنح أميركا هذه القنابل لو استخدمتها اسرائيل بصورة غير مقبولة بالنسبة لها.

تفهم أميركي مشروط

وبين المصدر أن تفهّم الإدارة الأميركية للعمليات الإسرائيلية في سوريا حينما تكون هناك ضرورة ملحة مثل إنشاء مصانع لتطوير صواريخ “دقيقة” أو نقل اسلحة متطورة إلى حزب الله في لبنان، ينطلق من اتفاق أميركي-إسرائيلي مشترك يقضي برفض التمدد الإيراني في الشرق الأوسط وإحباط المخاطر الأمنية.

وتابع المصدر: “صحيح، لا يوجد حلف دفاعي عسكري أميركي-إسرائيلي مشترك رغم محاولة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو تحقيقه. ونعم، هناك امتعاض أميركي من بعض العمليات الاسرائيلية وخلافات بين الطرفين حول أمور عديدة، إلا أن واشنطن بدت راضية عن العمليات الاخيرة في سوريا، فيما تحرص إسرائيل على استقلاليتها في هذه الهجمات حفاظاً على سرية نهجها”.

وبحسب المصدر، فإن الجيش الاسرائيلي لم يخبر استباقياً نظيره الأميركي في كثير من الأحيان بعملياته السابقة في سوريا، لأن “واشنطن سرّبت في إحدى الهجمات السابقة أنباء للأطراف الفاعلة في سوريا بأنها ليست هي التي تقف وراءها وإنما اسرائيل”. بيدَ أنه تم إخبارها مؤخراً عن هجمات وشيكة ستشنها في سوريا لردع أنشطة إيرانية عسكرية.

وبحسب المصدر، فإنه رغم رغبة أميركا بالعودة إلى الاتفاق النووي ووقوع عمليات أمنية تُجهض المفاوضات الرامية إلى ذلك، إلا أنها رافضة للتمدد الإيراني في المنطقة، علاوة على إدراك واشنطن لأهمية الضغط العسكري على إيران في سوريا، كعامل مساعد على طاولة التفاوض النووية وبما يخفّض سقف طهران.

وأكد وجود مصالح مشتركة لأكثر من جهة فاعلة في سوريا برفض التمدد العسكري الإيراني الذي يُعتبر غير مرغوب فيه سواء من أميركا أو روسيا وحتى من رأس النظام السوري بشار الاسد، مهما ظهر في الإعلام والسياسة من مواقف مُغايرة.

وتقول المستويات الأمنية في تل أبيب- كما ترصدها مراكز بحثية عن قرب- إن ما حصل في الأيام الاخيرة دليل على استمرارية الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية (الحرب بين الحروب) في سوريا، وهي استراتيجية خضعت عموماً للتنسيق بين واشنطن وتل ابيب، وليس بالضرورة “الإخبار” قبل تنفيذ كل ضربة وهجمة. لكنّ ما جرى في ظل حكومة نفتالي بينيت الجديدة كبادرة حسن نية تجاه إدارة بايدن أنه حصل نوع من التنسيق العامّ بخصوص الضربات الاخيرة في سوريا ما دامت تحقق مصلحة مشتركة للطرفين.

لكنّ هذا، لا يعني التفاهم الأميركي-الإسرائيلي على مجمل الملف الايراني، بحسب المصادر؛ ذلك أن ثمة خلافات بين الطرفين بشأن العودة إلى الاتفاق النووي، وهو ما يستوجب زيارة مرتقبة لبينيت الى واشنطن للتباحث بشكل أعمق في مجمل الملف الشائك ومزيد من الحوارات على مستويات مختلفة. ناهيك عن رفض أميركي لأي هجمات إسرائيلية في العراق.

التنسيق مع روسيا

وبالنسبة للتنسيق مع روسيا، بينت مصادر “المدن”، أن التنسيق الاستباقي بين إسرائيل وموسكو يجري قبل تنفيذ أي هجوم بدقائق؛ منعاً لأي خطر يمس بالجنود الروس. لكن المصادر أوضحت أيضاً أن ما يهم روسيا من الناحية الاستراتيجية هي منطقة الساحل السوري، إذ يكون التنسيق بحذافيره حينما يكون هناك أي نشاط إسرائيلي، فيما تبدو روسيا أقل اكتراثاً حينما يكون القصف الإسرائيلي ضد أهداف إيرانية في مناطق أخرى سواء في الشرق أو الوسط أو غيرها.

غير أن صدور مواقف روسية ناقدة للهجمات الإسرائيلية أحياناً يندرج في سياق محاولات موسكو المحافظة على توازنات القوى في سوريا؛ وذلك كلما شعرت أنها بحاجة للقول للولايات المتحدة على طريقتها “إنها موجودة في سوريا ومؤثرة”.

—————————–

بوتين يضغط على إسرائيل..لتنسيق غاراتها على سوريا

قالت وكالة “بلومبرغ” الأميركية إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستعرض عضلاته في سوريا لاختبار رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت، والضغط عليه لتنسيق الغارات الإسرائيلية مع الجيش الروسي.

وأشارت الوكالة في تقريرها، إلى أن “العلاقة الخشنة بين روسيا وإسرائيل قد تذهب أبعد من إشعال التوترات مع بينيت، وقد تجبر إسرائيل على تغيير مسارها لمنع إيران من زيادة نفوذها الإقليمي”.

وأضاف التقرير أن روسيا تحاول استغلال التغيير في الحكومة الإسرائيلية من أجل تأكيد سيطرتها على بعض العمليات العسكرية في مناطق حليفها في سوريا، ولكن الكرملين لا يزال حتى هذا الوقت محتفظاً بالتحول على المستوى الخطابي فقط، وغير مستعد لمواجهة عسكرية مع إسرائيل، متابعاً أنه “بعد سنوات من التسامح مع الغارات الإسرائيلية على سوريا في ظل حكومة بنيامين نتنياهو، عبّرت موسكو عن رغبة أكبر لتقوية دفاعات بشار الأسد مع وصول الحكومة الجديدة في إسرائيل”.

ونقلت “بلومبرغ” عن مقربين من وزارة الدفاع الروسية قولهم إن روسيا قد تقوم بتكثيف فرق الدفاع الجوي السوري للحد من الغارات الإسرائيلية ضد الميليشيات المدعومة من إيران، مشيرةً إلى أن “الهدف هو الحصول على تعهد من بينيت بتنسيق الغارات الجوية مع الجيش الروسي”.

وأشارت إلى أن النهج المتشدد من موسكو قد يدفع الحكومة الإسرائيلية لتغيير استراتيجيتها ومنع إيران من التوسع أكثر في المنطقة أو تغيير الأسلوب الذي تتبعه لتنفيذ غاراتها، “ما قد يؤدي إلى زيادة التوتر بين بوتين وبينيت”.

ولفتت الوكالة إلى أنه لا توجد أدلة على عرقلة للغارات الإسرائيلية على سوريا حتى الآن، رغم أن وزارة الدفاع الروسية أفادت بإحباط ثلاث هجمات منذ أسبوعين، فيما نفت إسرائيل هذه المعلومات.

وقال السفير الإسرائيلي في موسكو ألكسندر بن زيفي إن التغيّر في الحكومة الإسرائيلية “لن يترك أثراً على علاقاتنا”. بدوره، قال حاخام موسكو الأكبر بنحاس غولدسميث إن التحدي الأكبر للحكومة الإسرائيلية هو بناء علاقات قوية مع بوتين.

وحصل تصادم بين روسيا وإسرائيل حول سوريا من قبل. ففي 2018، رغم اعتراف الدفاعات الجوية السورية بإسقاط طائرة روسية ومقتل 15 جندياً على متنها إلا أن بوتين حمّل إسرائيل مسؤولية الحادث، لأن الطائرات الإسرائيلية كانت تضرب أهدافاً في سوريا في ذلك الوقت. وقررت روسيا نقل منظومات دفاعية متقدمة إلى سوريا رداً على الحادث.

وفي وقت سابق، قال الرئيس السابق لقسم العمليات في جيش الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل زيف، إن روسيا لم تقيّد قدرات سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا، مؤكداً أن ما يجمع البلدين بالنسبة للمصالح في سوريا أكثر مما يفرقهما.

وأوضح أن التقارير عن تقييد المضادات الروسية للقصف الإسرائيلي على مواقع ضمن سوريا لا تدعو للقلق، مضيفاً أن “موسكو ترغب في أن تكون المتحكمة بخيوط اللعبة في سوريا، وليس لديها رغبة أو نية لتقديم سوريا على طبق من ذهب للإيرانيين”.

المدن

————————-

كيف فشلت دبابة “تي 90” الروسية في الحرب السورية؟

فشلت دبابة “تي-90 إي” الروسية التي يستخدمها النظام السوري في حربه على شعبه، إذ لم يكن لها تأثير كبير في الحرب السورية نظراً لدخول حوالي 30 دبابة منها الخدمة في سوريا فقط، ونجاح المعارضة في إعطاب والاستيلاء على عدد منها.

وقالت مجلة “ناشونال انترست” الأميركية إن النظام كان محظوظاً لأن المعارصة السورية لم تحصل على أي صواريخ موجهة مضادة للدروع حديثة ذات وضع هجوم علوي ومن شأنها أن تدمر الدبابة.

ورأى الموقع أن الصراعات المتداخلة المستعرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط ترقى اليوم إلى مصاف كارثة إنسانية مروعة ذات عواقب عالمية متصاعدة. كان أحد آثارها هو إضعاف سمعة دبابات القتال الرئيسية التي يُعتقد خطأً أنها ليست معرضة للهجوم أو التدمير.

ولفت إلى خسارة العديد من الدبابات الحديثة في المعارك في العراق وسوريا واليمن، موضحاً أن تلك الدبابات كان من الممكن أن تستفيد من ترقيات دفاعية محددة في بعض الحالات، وقال إن الدرس الحقيقي الذي كان يجب استخلاصه “كان حول أوجه القصور الفنية وتدريب الطاقم والتوظيف التكتيكي السليم، أكثر من موضوع الدروع غير المعرضة للخطر”.

حتى دبابات القتال الرئيسية الأكثر تدريعاً تكون أقل حماية بشكل ملحوظ من الضربات على الجانب أو الخلفية أو الدروع العلوية، خصوصاً أن المعارضة السورية تعلمت كيفية نصب كمين لدبابات القتال الرئيسية المنتشرة بشكل غير حكيم، لا سيما باستخدام صواريخ مضادة بعيدة المدى من مسافة أميال.

كان الاستثناء الوحيد للتشويه العام للسمعة هو دبابة “تي 90 إي” التي تم تصميمها في التسعينيات على أنها مزيج حديث من هيكل “تي 72” المُحسَن للإنتاج الضخم سابقاً، مع الاحتفاظ بالحجم الصغير وطاقم مكون من ثلاثة أفراد، كما تتميز بوزنها الخفيف والذي يبلغ 50 طناً وهي أخف وزناً بشكل كبير من دبابة “أم 1 أي 2” و ودبابة “ليوبارد 2” بوزن سبعين طناً.

عندما تدخلت موسكو في سوريا عام 2015 لصالح نظام بشار الأسد المحاصر، نقلت اليه حوالي ثلاثين دبابة “تي 90″، بعدما فقد أكثر من ألفي مركبة مدرعة في السنوات السابقة، خاصة بعد أن بدأت المعارضة السورية في تلقي صواريخ “تاو” الأميركية في عام 2014. انتشرت دبابات “تي 90” بين الفرقة الرابعة ولواء صقور الصحراء وقوة النمر.

وفي شباط/فبراير 2016، قامت المعارضة السورية بتسجيل مقطع مصور لصاروخ “تاو” يتجه نحو دبابة من طراز “تي 90” في شمال شرق حلب، قبل أن ينفجر الصاروخ، بسبب صاروخ أطلقته الدبابة باتجاه القذيفة الموجهة.

ورأت المجلة أنه في حين أن “تي 90” لا تزال تتفوق عليها دبابات القتال الرئيسية الغربية، إلا أنها تمتلك عدداً من الأنظمة الدفاعية، ولا سيما الصواريخ الفعالة المضادة للدبابات التي تفتقر إليها دبابات “أبرامز” و”ليوبارد 2″.

وأضاف الموقع تعمل “تي 90 إي” بالأشعة تحت الحمراء مصممة لتشويش أنظمة استهداف الليزر على الصواريخ. كما يمكن لنظام الحماية تفريغ قنابل الدخان التي تطلق سحابة ضبابية تحجب الأشعة تحت الحمراء.

تم دمج جهاز الحماية مع جهاز استقبال تحذير بالليزر بزاوية 360 درجة يقوم تلقائياً بتشغيل الإجراءات المضادة إذا تم توجيه ليزر العدو نحو الدبابة، كما يمكنه أيضاً توجيه مدفع الدبابة نحو مصدر الهجوم. يأتي خط الدفاع الثاني للدبابة على شكل لوحات من الدروع التفاعلية المتفجرة، والتي تم تصميمها للانفجار قبل اصطدام الصاروخ الموجه.

فهل أثبت درع “تي 90” التفاعلي ونظام الحماية النشط إجراءً مضاداً أكيداً لإطلاق النار مقابل الصواريخ الموجهة طويلة المدى المضادة للدبابات؟

كرس كاتب التقرير جاكوب جانوفسكي نفسه لتوثيق وحفظ خسائر المدرعات المسجلة في الحرب السورية طوال سنوات، وأصدر مؤخراً أرشيفاً يضم أكثر من 143 غيغابايت من اللقطات القتالية من الصراع.

وفقاً لجانوفسكي، من بين الدبابات الثلاثين التي تم نقلها إلى النظام، فهو على علم بتعطيل خمس أو ست دبابات من طراز “تي 90 إي” في عامي 2016 و2017، معظمها بصواريخ “تاو” الموجهة. وربما تكون أربعة أخرى قد أصيبت، لكن لم يكن من الممكن تحديد وضعها بعد الهجوم. بالطبع، قد تكون هناك خسائر إضافية لم يتم توثيقها.

علاوة على ذلك، استولت هيئة تحرير الشام على دبابتين من الطراز عينه واستخدمتها في القتال، بينما استولى تنظيم “داعش” على ثالثة في شباط/فبراير 2017. وفي حزيران/يونيو 2016، قام فصيل معارض بضرب “تي 90” باستخدام صواريخ “تاو”.

في غضون ذلك، حافظت المعارضة على دبابتين من طراز “تي 90” في مصنع مهجور في محافظة إدلب. ووفقاً لوسائل إعلام روسية، استعاد النظام السيطرة على إحدى الدبابات، وتم تدمير الأخرى بواسطة دبابة “تي 72” باستخدام طلقة تخريبية حركية في الدرع الجانبي.

وفي رأي الكاتب لقد كانت “تي 90″في الواقع ناجحة نسبياً، على الرغم من الخسائر الناجمة عن “الثقة المفرطة وضعف التنسيق مع المشاة، والتي كانت مشكلة طويلة الأمد للنظام”. وأضاف “كان أداء الدبابة جيداً عندما أتيحت لها فرصة إطلاق النار من مسافة بعيدة أو في الليل”.

ورأى أن المشكلة الرئيسية في “تي 90” هي الافتقار التام لنظام الحماية النشطة (الذي يطلق النار على الصواريخ)، من الناحية المثالية مع تغطية 360 درجة، إذ يجب أن تكون 270 درجة كحد أدنى. هذا لا يعني فقط أنها عرضة للإعاقة بسبب القذائف الصاروخية الرخيصة في القتال ولكن أيضاً من الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات التي يتم إطلاقها من زاوية غير متوقعة.

في النهاية، تظهر الخسائر في سوريا أن أي دبابة معرضة للخطر في ساحة المعركة التي انتشرت فيها صواريخ “أي تي جي أم” طويلة المدى. وتعد أنظمة الحماية النشطة وأنظمة التحذير من الصواريخ أمراً حيوياً للتخفيف من هذا الخطر، ولكن، هناك أيضاً توظيف تكتيكي دقيق وأطقم مدربة بكفاءة وتعاون محسّن مع المشاة لتقليل التعرض للهجمات بعيدة المدى ودرء الكمائن وتوفير مزيد من الانتباه للتهديدات المحتملة.

—————————-

وفد روسي كبير إلى دمشق لبحث عودة اللاجئين

أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن اجتماع مشترك بين مسؤولين روس ومن النظام السوري في دمشق الاثنين، لبحث قضية عودة اللاجئين السوريين.

وقال بيان الدفاع الروسية إن “الاجتماع المشترك لمقر التنسيق بين الإدارات الروسية والسورية بشأن عودة اللاجئين واستعادة الحياة السلمية، سيعقد في 26 تموز/يوليو في دمشق”، مشيراً إلى أن الاجتماع سيعقد وفقاً لقرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتعليمات وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.

وذكر أن الاجتماع يهدف إلى إعطاء دفعة إضافية لحل المشاكل الإنسانية في سوريا وتعزيز تنفيذ الاتفاقات الروسية السورية التي تم التوصل إليها في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2020، خلال المؤتمر الدولي لعودة اللاجئين إلى سوريا.

ويضم الوفد الروسي، الذي تمتد زيارته حتى 29 تموز/يوليو، ممثلين عن 30 هيئة ومنظمة تنفيذية فيدرالية وخمس مناطق في روسيا والدفاع الروسية، يرأسه رئيس مقر التنسيق بين الإدارات في روسيا بشأن عودة اللاجئين إلى سوريا ورئيس مركز إدارة الدفاع الوطني التابع لوزارة الدفاع الروسية ميخائيل ميزينتسيف. ويشارك في الاجتماع أيضاً ممثلون عن السلطات والمنظمات السورية ومنسقو الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا.

وكان مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي قال إنه ناقش مع وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف الوضع في سوريا وإنه طلب من موسكو الاستمرار في مساعدة سوريا على تهيئة الظروف التي تشجع اللاجئين على العودة إلى بلادهم، لافتاً إلى وجود ما يقارب ال6 ملايين لاجئ سوري منتشرين في البلدان المجاورة في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أنه “إذا تحسنت الظروف في سوريا، فسيعودون طواعية”.

في هذا الوقت، شاركت قوات البحرية الروسية العاملة في قاعدة طرطوس على الساحل السوري في عرض عسكري الأحد بمناسبة يوم الأسطول الحربي الروسي، فيما وصلت إلى مطار دمشق طائرة تحمل مساعدات روسية للنظام السوري.

وشاركت في العرض غواصات وسفن حربية تابعة لأسطول البحر الأسود الروسي وطائرات ومروحيات عسكرية، إضافة إلى وحدات من قوات البحرية السورية وغيرها من المعدات الحربية، بحسب وسائل إعلام روسية.

من جهة أخرى، قالت وكالة أنباء النظام “سانا” إن روسيا سلمت النظام السوري 160 طناً من المساعدات الطبية السبت، وصلت عبر طائرة حطت في مطار دمشق الدولي، مشيرةً إلى أن المساعدات تضمنت 250 ألف جرعة من لقاح “سبوتنيك لايت” الروسي المضاد لفيروس كورونا، ومليون اختبار “بي سي آر”.

وقال رئيس مركز إدارة الدفاع الوطني لروسيا ميخائيل ميزنتسيف إن بلاده ستواصل دعم نظام الأسد باعتباره “حليفاً موثوقاً وشريكاً استراتيجياً لروسيا في منطقة الشرق الأوسط”.

————————————-

هل تغير الموقف الروسي من الهجمات الاسرائيلية على سوريا؟

أجرت القوات الروسية وقوات النظام السوري مناورة عسكرية  لأنظمة صواريخ “بانتسير” المضادة للطائرات والتي يستخدمها النظام السوري في الفترة الأخيرة لصد الهجمات الإسرائيلية المتكررة على مواقعه.

وقال موقع “الربيع الروسي” إن قوات النظام السوري تمكنت من اعتراض 12 صاروخاً من أصل 13، مما يدل، بحسب الموقع، “على قدرة وحدات الدفاع الجوي على التصدي للهجمات، والتي بدأت تضاهي القدرات الروسية من خلال أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات، حيث أظهرت حسابات أنظمة الدفاع الجوي السورية خلال التمرين إصابة الأهداف جميعها بشكل دقيق”.

وأضاف الموقع أن الفرق تدربت على إسقاط الطائرات التي تدخل الأجواء السورية، من خلال أهداف جوية ظهرت بسرعة تحاكي الطائرات الإسرائيلية السريعة التي تضرب بشكل متواصل مواقع سورية.

ويعتبر نظام “بانتسير” نظام دفاع جوي أرض-جو قصير ومتوسط المدى، روسي الصنع، مخصص للدفاع عن المنشآت العسكرية ومنشآت التصنيع العسكري الصغيرة ضد الهجوم الجوي.

وتأتي التدريبات المشتركة بعد سلسلة هجمات إسرائيلية خلال الأيام الماضية على أهداف تابعة للنظام، إذ أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن أنظمة الدفاع السورية تمكنت في 19 تموز/يوليو من تدمير 7 صواريخ من أصل 8 أطلقتها طائرات إسرائيلية على مواقع جنوب شرقي مدينة حلب، وأن 7 منها دمرت بأنظمة “بانتسير إس” و”بوك إم 2″ روسية الصنع، تابعة لقوات الدفاع الجوي السورية.

وبحسب مجلة “ميلتاري واتش” العسكرية المتخصصة بالعتاد والسلاح،  شهدت الضربة الجوية التي نفذتها إسرائيل على سوريا قبل أيام رد فعل جديد، حيث نشر الجيش السوري أحدث نظام دفاع جوي روسي الصنع “بوك إم 2″، وتمكن من خلالها من اسقاط 4 صواريخ إسرائيلية.

يأتي ذلك فيما ظهرت مخاوف في إسرائيل من تغيير الاتجاه في موقف روسيا إزاء الهجمات الإسرائيلية في سوريا. وقالت رئيسة قسم السياسة الخارجية بمجلس الأمن القومي الإسرائيلي ميكي آرونسون في مقال على موقع القناة (12)، إن التسريبات المنسوبة إلى مصادر روسية عن تغير في سياسة بلاده تجاه الهجمات الإسرائيلية على أهداف عسكرية إيرانية في سوريا، “سيزيد من الصعوبات على النشاط الإسرائيلي في الجارة الشمالية”.

واعتبرت أن “القرار الروسي مرتبط بالتفاهم في المحادثات بين روسيا والولايات المتحدة، وكأن موقفهما متشابه في هذه القضية، وبالتالي فإنه يمكن لروسيا التصرف بقوة لإحباط الهجمات الإسرائيلية داخل سوريا، من خلال توفير أنظمة متقدمة مضادة للصواريخ، ونصائح الخبراء العسكريين الروس”.

وأضافت “لعل هذا ما تسعى له الولايات المتحدة من خلال إقامة “سلام صناعي” مع إيران لصالح دفع عجلة المفاوضات النووية”. وقالت إن “النشاط الإسرائيلي ضد الأهداف الإيرانية في سوريا طالما أنه غير موجه ضد نظام الأسد، فهو لا يتعارض مع مصلحة روسيا المعنية بالحد من تكثيف تواجد إيران في سوريا، على حساب مكانتها ومكاسبها في الدولة السورية”.

ونقلت عن جنرال روسي أن “الصواريخ التي أطلقتها إسرائيل في حمص في سوريا الأسبوع الماضي اعترضتها أنظمة روسية، ومع ذلك، فلا يزال الطريق طويلا قبل الإعلان عن قرار بتغيير السياسة الروسية تجاه إسرائيل في الساحة السورية”.

من جهتها، قالت صحيفة “هآرتس” إن ما أثير عن تشويش الدفاعات الروسية في سوريا على هجوم إسرائيلي هناك، “يعكس عدم رضا موسكو بعد فترة طويلة من الهدوء المصطنع بين الطرفين”.

وقالت الصحيفة: “حتى الآن من الصعب معرفة الوقائع الحقيقية هذه المرة، طبقا لسياسة الغموض التي تمسكت بها إسرائيل بالنسبة لمعظم الهجمات في سوريا، في جهاز الأمن لا يتطرقون بشكل مباشر لمدى صحة الادعاءات الروسية الجديدة”.

المدن

————————

الائتلاف يدين الطروحات الروسية:تفكيك النظام قبل عودة اللاجئين

حذّر الائتلاف الوطني السوري من الطروحات الروسية حول عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، مشيراً إلى أن موسكو تحاول الالتفاف على قرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية.

وأكد الائتلاف في بيان الخميس، على ضرورة العودة الآمنة والطوعية للمهجّرين واللاجئين والنازحين بإشراف الأمم المتحدة إلى قراهم وبلداتهم في أسرع وقت، مشيراً إلى أهمية توفير الظروف والشروط الآمنة لتلك العودة و”على رأسها تفكيك نظام بشار الأسد وأجهزته الأمنية”.

وأضاف البيان “من هجّر نصف السوريين هو نفسه من يدعو إلى مؤتمر جديد مزعوم، يسعى من خلاله إلى التغطية على حقيقة أن المجرم والجلاد والمتآمر على الجريمة، هو من يستعرض الرحمة بالضحايا، تحت شعار إنساني بعنوان عودة المهجّرين”.

وتابع البيان أن الاجتماع الروسي-السوري في دمشق حول عودة اللاجئين والنازحين السوريين، أو أي محاولة روسية سبقته في هذا الإطار، ليس له علاقة بالبُعد الإنساني أو الرغبة بعودة المهجّرين، معتبراً أن المؤتمر يأتي في سياق “خطة لتزوير الوقائع واستغلال معاناة اللاجئين بغية تمرير الوقت ودفن مسارات الحل السياسي، أمام أعين دول العالم”.

وأضاف أن هذه التحركات تسعى إلى “تكريس مصالح الاحتلال الروسي المتشابكة مع بقاء نظام الأسد المجرم”، معتبراً أن الخطوات الروسية يجب أن تكون محل إدانة دولية.

وطالب الائتلاف، المجتمع الدولي بالوقوف في وجه هذه التحركات غير القانونية ومحاولاتها للالتفاف على القرارات الدولية، وقلب جدول الأولويات في مسعى لاستهداف مسار الحل السياسي، مشيراً إلى أن الحاجة ماسة اليوم لاتخاذ خطوات عملية لفرض الانتقال السياسي في سوريا.

وجرت فعاليات الاجتماع المشترك السوري الروسي في قصر المؤتمرات في دمشق الاثنين، لمتابعة أعمال المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين السوريين. واعتبر مبعوث الرئيس الروسي الخاص لسوريا ألكسندر لافرينتيف أنه من الضروري خلق الظروف الملائمة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، مضيفاً أن العودة معقدة بسبب ظروف مختلفة. وطالب لافرينتيف المجتمع الدولي بتقديم الدعم ليس فقط عبر مساعدات إنسانية لمن هم خارج الحدود وإنما خلق الظروف لكي يستطيعوا العودة إلى وطنهم.

وبرز خلاف روسي سوري حول عدد اللاجئين السوريين العائدين إلى بلدانهم، ففيما تحدث رئيس الهيئة التنسيقية الوزارية السورية الروسية حسين مخلوف عن عودة 5 ملايين مهجّر منذ تأسيس الهيئتين التنسيقيتين السورية-الروسية، قال معاون وزير الخارجية السوري أيمن سوسان إن عشرات الآلاف من المهجّرين في الداخل عادوا إلى منازلهم في مدنهم وقراهم، والآلاف من خارج سوريا.

المدن

————————

هل يتجدّد التّوتر بين إسرائيل وروسيا في سوريا؟/ عاموس هرئيل

جاءت تصريحات روسيا حول اعتراضها هجوماً إسرائيلياً في سوريا، بعد فترة طويلة من الهدوء المصطنع بين الطرفين، ما يظهر قلق موسكو من الاقتراب من مصالحها.

والواقع أنَّ الادعاءات الروسية باعتراض منظومة الدفاع هجوماً إسرائيلياً، والانتقادات حول سلوك إسرائيل في المنطقة الذي تمت مناقشته بين موسكو وواشنطن، فاجأت جهاز الأمن الإسرائيلي.

ورغم أنَّ بعض المزاعم الروسية يبقى غير دقيق، يشير مجرد تناوله  إلى عدم رضا موسكو، بعد فترة طويلة من الهدوء المصطنع بين الطرفين.

وفي الأسبوع الماضي، انتشرت أنباء حول ثلاثة هجمات إسرائيلية في سماء سوريا،  وسط البلاد وشمالها، ومناطق قريبة من المواقع العسكرية الروسية.

وأفادت وسائل إعلام عربية بمقتل أحد أعضاء “الحرس الثوري” الإيراني، ومقاتل من “حزب الله”.

وفي نهاية الأسبوع، أعلن جنرال روسي أن قواته تساعد السوريين على إحباط هجمات إسرائيلية، وأن منظومة الدفاع الجوية الروسية نجحت في اعتراض صواريخ أطلقتها طائرات إسرائيلية ليل الخميس – الجمعة، على هدف في منطقة حمص.

ونشرت صحيفة “الشرق الأوسط” تقريراً يفيد أن روسيا أظهرت قلقها أمام الولايات المتحدة، إزاء تصاعد حجم هجمات إسرائيل، وشاركتها واشنطن المخاوف عينها.

وحتى الساعة، لا يمكن التأكد من دقة المعلومات الراهنة. وفي ظل سياسة الغموض التي تمسكت بها إسرائيل في معظم الهجمات في سوريا، لا يتطرق جهاز الأمن مباشرة إلى مدى صحة الادعاءات الروسية الجديدة.

ومع ذلك، لم تطلع إسرائيل على الحوار الروسي – الأميركي. ولا تعرف موقف واشنطن من هجماتها الأخيرة.

ويبدو أن تصريح روسيا الرسمي حاول إبراز مسألتين: قلق روسيا من اقتراب الهجمات من المناطق التي تشمل مصالحها في سوريا، وتأكيد التزامها بدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الجهود الدفاعية.

وفي أيلول (سبتمبر) 2018، برزت أزمة شديدة بين إسرائيل وروسيا، بعدما قامت الدفاعات الجوية السورية بإسقاط طائرة “اليوشن” من طريق الخطأ، أثناء هجوم إسرائيلي في منطقة اللاذقية في شمال غرب سوريا، وكان على متنها 15 عسكرياً روسياً.

واتهمت موسكو إسرائيل بالحادثة، ولطالما انتقدت سلوكها في سوريا. وبعد جهود بارزة، توصل الجانبان إلى تسوية، إلا أنَّ التصريحات الأخيرة تشير إلى حساسية روسية جديدة في سوريا.

وتعمل روسيا على تقييد حركة الجيش الإسرائيلي في سماء سوريا، بعدما حافظت إسرائيل على حرية عملياتها في الدولة بفضل العلاقات الوثيقة بين رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وإذا كان ما نشر صحيحاً، تكون الحكومة الإسرائيلية فقدت ذخراً استراتيجياً حيوياً آخر استفادت منه في ولاية نتنياهو .

ولم ينتظر أحد من نتنياهو إظهار ذرة تضامن مع خلفه في مسائل أمنية بالغة الحساسية، بل كان من المتوقع أن يستغل هذه الفرصة لإحراج رئيس الوزراء الجديد.

“حزب الله” غائب عن الصورة

وتدرك إسرائيل من يقف من وراء إطلاق صواريخ الكاتيوشا من لبنان نحو الجليل الغربي في الأسبوع الماضي. واعترضت القبة الحديدية بعض الصواريخ، وسقط البعض الآخر في البحر. وتبقى الفصائل الفلسطينية التي تعمل في جنوب لبنان المتهم الأول، إلا أنَّ دور “حزب الله” لا يزال غير واضح حتى الساعة. وفي السابق، لطالما زعمت إسرائيل أن كل ما يحدث في جنوب لبنان، إذا كان موجهاً لإسرائيل، يحتاج إلى موافقة مسبقة من “حزب الله”.

ومع ذلك، لم يحصل إطلاق الصواريخ، الرابع منذ شهر أيار (مايو)،  على مصادقة الحزب. وقد يعكس هذا الحدث حجم الفوضى في لبنان، حيث يتوقف النظام عن العمل نتيجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.

وعلى المدى القصير، لم يلحظ الجيش الإسرائيلي في الوضع الذي نشأ أي إشارة واضحة إلى تصعيد محتمل، لا سيما أنَّ أولويات “حزب الله” تختلف اليوم، في وقت يركز على حماية مصالحه وتأمين الاحتياجات الأساسية لعناصره. ومع ذلك، يكمن الخوف في أن يؤدي عدم الاستقرار إلى خطوات غير متوقعة قد تؤثر على استقرار الحدود.

إلى ذلك، قد تخدم الفوضى الداخلية “حزب الله”، الذي سيحصل على مساعدات تشمل النفط والغذاء من ايران، لمصلحة السكان الشيعة في لبنان، ويستغل الفوضى للمضي قدماً في تطوير سلاحه غير الخاضع لأي رقابة. حالياً، تعتبر إسرائيل الوضع الداخلي في لبنان مصدر قلق محتملاً في المستقبل، لكن ليس بالضرورة كعامل فوري لتصعيد أمني.

هآرتس

النهار العربي

——————————–

هل تسعى روسيا حقاً لـ”ردع” الضربات الجوية الإسرائيلية على سوريا؟ صحيفة: موسكو قد ترغب بتغيير قواعد اللعبة

نشرت صحيفة The Times Of Israel الإسرائيلية تقريراً حول ما سمته الانزعاج الروسي من استمرار حملات الضربات الجوية الإسرائيلية على سوريا، مشيرة إلى تكهنات تفيد ببدء تحرك موسكو من أجل “تغيير جذري” في قواعد تسيير الأمور هناك على حساب إسرائيل.

وتقول الصحيفة إن التكهنات القائلة بذلك بدأت في أعقاب تقرير نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية يوم السبت 24 يوليو/تموز، وفيه نقلت الصحيفة العربية عن مصدر روسي “مطلع” قوله إن الكرملين تلقى في المحادثات التي جرت في يونيو/حزيران الماضي بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين انطباعاً بأن “واشنطن لم تعُد ترحب بالغارات الإسرائيلية المستمرة” في سوريا، وهو ما يفهم منه أن موسكو يمكنها التصرف بعدوانية أكبر لإفشال هذه الغارات.

وبحسب المصدر الذي لم يُكشف عن اسمه، فإن الروس تبعاً لذلك بدأوا في تزويد القوات السورية الآن بأنظمة ومهارات أكثر تطوراً لمواجهة الصواريخ، لتصبح تلك القوات أكثر فاعلية وقدرة على مواجهة الغارات الإسرائيلية.

وقال التقرير إن السياسة الروسية الجديدة أمكنت سوريا من إفشال الضربات الإسرائيلية التي استهدفتها مؤخراً. فهل بدأت روسيا بالتحرك بالفعل لتغيير قواعد اللعبة في سوريا على حساب إسرائيل؟

روسيا مستاءة من استمرار تجاهل إسرائيل لـ”قواعد اللعبة” في سوريا

تنقل صحيفة الشرق الأوسط عن اللواء البحري الروسي فاديم كوليت، نائب رئيس مركز المصالحة الروسي بين النظام السوري والمعارضة في سوريا، قوله إن أنظمة دفاع جوي روسية تديرها سوريا اعترضت سبعةً من ثمانية صواريخ أطلقتها طائرات إسرائيلية في القصف الذي شنته في 19 يوليو/تموز.

في اليوم التالي، أشار كوليت إلى هجومين إسرائيليين آخرين في ذلك الأسبوع، وشمل ذلك غارات لطائرات من طراز “إف 16” إسرائيلية على محافظة حمص السورية، وزعم كوليت أن “منشآت الدفاع الجوي السورية استخدمت أنظمة الصواريخ الروسية (بوك- 2 إم إي) Buk-2ME  لتنجح في تدمير جميع الصواريخ الأربعة التي أطلقتها الطائرات الإسرائيلية” في هذين الهجومين.

وأفادت صحيفة الشرق الأوسط بأن روسيا مستاءة من تجاهل إسرائيل لـ”قواعد اللعبة” التي تسعى موسكو إلى فرضها في سوريا، وأن الولايات المتحدة أومأت للروس بموافقة ضمنية على التصرف بـ”عدوانية أكبر” ضد الهجمات الإسرائيلية.

يسلط التقرير الذي نشرته صحيفة The Times of Israel الإسرائيلية الضوءَ على هذه التبادلات، غير أنه يصف تقرير الصحيفة السعودية بالتقرير الذي طاله “ضربٌ من السذاجة في نواح كثير منه”، ويزعم التقرير الإسرائيلي أن التصريحات الروسية الأخيرة ينبغي النظر إليها على أنها جزء من التوترات والرسائل المستمرة منذ سنوات بين إسرائيل وموسكو بشأن سوريا.

إسرائيل وروسيا استغلتا حالة الفوضى في سوريا

بحلول عام 2013، اعتبرت إسرائيل أن التداعيات التي أعقبت الثورة السورية في عام 2011 وحالة التهالك التي بات عليها الجيش السوري تمنحها فرصة سانحة للعمل بحرية عمل غير مسبوقة في البلاد لمحاربة التمركز الإيراني والحشود التي استدعاها حزب الله هناك، وهي الاستراتيجية التي سمتها إسرائيل “الحملات بين الحروب”، أو “مابام” في الاختصار العبري.

على أثر ذلك، كثَّفت إسرائيل هجماتها مع مرور الوقت، واستهدفت الطائرات الإسرائيلية في حملات واسعة النطاق ما تزعم إسرائيل أنه مواقع لوجستية واستخباراتية تستخدمها القوات الإيرانية في سوريا.

حاولت روسيا أيضاً استغلال حالة الفوضى لتحقيق مكاسبها الخاصة، وفي عام 2015، نقلت قوات إلى روسيا لضمان بقاء بشار الأسد في منصبه. ويزعم الموقع الإسرائيلي أن إسرائيل كان عليها استعراض عضلاتها في سوريا لوضع خطوط حمراء واضحة يلتزمها الروس، والتفتت إسرائيل خلال ذلك إلى شريك أمني عربي. فبحسب العاهل الأردني الملك عبدالله، تصدت الطائرات الإسرائيلية والأردنية معاً لطائرات حربية روسية فوق جنوب سوريا وحذَّرتها من عبور حدودها المشتركة في يناير/كانون الثاني 2016.

عملت كل من إسرائيل وروسيا على إنشاء ما يُعرف باسم آلية تفادي التضارب لمنع أي تشابك بين الجانبين، والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو الرئيسَ الروسي فلاديمير بوتين في مناسبات متعددة لمناقشة هذه المسألة.

ويشير التقرير الإسرائيلي إلى أن المسؤولين الإسرائيليين، وإن كانوا لا يناقشون عموماً النطاق الكامل لهذا التنسيق، إلا أنهم يؤكدون أن الجيش الإسرائيلي لا يلتزم الحصول على إذن روسي قبل تنفيذ هجماته في سوريا. لكن في الوقت نفسه، اضطرت إسرائيل إلى تقييد هجماتها إلى حد كبير، خاصةً بعد أن قدمت روسيا بطاريات دفاع جوي متطورة من طراز “إس 300” إلى سوريا في أعقاب حادثة أسقطَ فيها مدفعيٌ سوري عن طريق الخطأ طائرة روسية، قُتل جميع الأشخاص الخمسة عشر الذين كانوا على متنها، فيما كان يستهدف طائرات إسرائيلية.

رسالة محتملة من روسيا لإسرائيل

ليس سراً أن روسيا ليست راضية عن استمرار الضربات الإسرائيلية في سوريا. ففي بيانٍ موجز مشترك لروسيا وتركيا وإيران بعد مؤتمر أستانا 16 في وقت سابق من هذا الشهر، “أدانت الأطراف الثلاثة استمرار الهجمات العسكرية الإسرائيلية في سوريا، استناداً إلى أنها تنتهك القانون الدولي والقوانين الإنسانية الدولية وسيادة سوريا والدول المجاورة، كما أنها تعرض الاستقرار والأمن في المنطقة للخطر”.

وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في معرض حديثه عن المسألة خلال زيارة لإسرائيل في يناير/كانون الثاني: “إذا كانت إسرائيل ترى حقاً ما تعتبره سبباً يضطرها إلى الرد على تهديدات للأمن الإسرائيلي قادمة من الأراضي السورية، فقد أخبرنا زملاءنا الإسرائيليين عدة مرات: إذا رأيتم تهديدات من هذا النوع، يُرجى تزويدنا بالمعلومات”.

تقول الصحيفة الإسرائيلية: مع ذلك، فإن هذا الموقف الروسي المستمر منذ فترة طويلة ليس سبباً لقبولِ فكرة أن قواعد العمل في سوريا على وشك التغيير جذرياً.

يقول تسفي ماغن، سفير إسرائيل السابق في روسيا، لصحيفة Times Of Israel: “لا يمكننا استبعاد فرضية أن [صحيفة الشرق الأوسط] تلقت رسائل من الروس لنشرها، لكن السؤال من هو المصدر”. وأضاف ماغن أنه بدون معرفة أي شيء عن المصدر الوحيد الذي لم يكشف عن هويته وحيثية إدلائه بهذه التصريحات، فإنه لا يوجد سبب لقبول الفرضية التي يقدمها تقرير الصحيفة السعودية عن تغيير جذري تشهده السياسة الروسية في سوريا حيال إسرائيل.

كما أشارت كسينيا سفيلتوفا، السياسية الإسرائيلية والباحثة الأكاديمية في معهد “ميتفيم” الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية، إلى أن أياً من الأشخاص الذين تحدثت إليهم في روسيا لم يعتقد أن المصدر المشار إليه في التقرير السعودي ينتمي إلى وزارة الخارجية الروسية أو وزارة الدفاع الروسية.

علاوة على ذلك، لم يصرح الروس علناً بوقوفهم وراء التقرير. كما أن إدارة بايدن، التي سبق أن لمَّحت إلى استيائها من إسرائيل في قضايا أخرى، منها التصعيد في القدس والهجوم على غزة في مايو/أيار، لم تشر إلى أي شيء ينطوي على ما ادعته صحيفة الشرق الأوسط. بل في واقع الأمر أن الولايات المتحدة شاركت إسرائيل التنسيقَ لإحدى ضرباتها في سوريا في فبراير/شباط الماضي.

على الرغم من ذلك، يقول التقرير الإسرائيلي إن هذه العوارض لا تقتضي أن ليس ثمة احتمال بأن ترسل روسيا رسالةً بمطالبها عبر اعتراضات ناجحة للصواريخ الإسرائيلية أو تسريبات لوسائل الإعلام.

فمع اقتراب العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، والتحسن الذي يُتوقع أن تشهده العلاقات بين طهران والغرب لاحقاً، قد يعمل الروس إلى إرسال إشارات إلى الإيرانيين بأنهم أكثر محاوريهم موثوقية في الشرق الأوسط، وأن روسيا تدعمهم ضد الهجمات الإسرائيلية، بحسب الموقع الإسرائيلي.

احتمالات أخرى لرسائل أقل “ذعراً” لدى إسرائيل

من جهة أخرى، قد ترمي الرسائل التي ينطوي عليها اعتراض الصواريخ الإسرائيلية إلى نوعٍ مختلف من الإشارات. فقد أقيم معرض “ماكس 2021” Maks-2021 العسكري الدولي للطيران والفضاء بالقرب من موسكو خلال الفترة نفسها التي شهدت الضربات الإسرائيلية في سوريا.

ومن ثم، قد يندرج الأمر ضمن محاولات روسيا المستمرة للترويج لأنظمة أسلحتها على أنها بديل أفضل للأنظمة الأمريكية الصنع- حتى لشركاء الولايات المتحدة مثل مصر وتركيا- بدعوى أن دفاعاتها الجوية نجحت في التصدي لسلاح الجو الإسرائيلي في سوريا.

وقد يكون المسعى تحركات روسية على المستوى الدبلوماسي، إذ إن تركيزها على حرب المعلومات ليس سراً، وقد يدفعها استشعارها لتحسن العلاقات بين إدارتي بايدن وبينيت إلى العمل على إرباك العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل عن طريق وسائل الإعلام.

في الوقت نفسه، ومع استقرار الأمور لحكومة بينيت الجديدة بعد 12 عاماً من حكم نتنياهو، ربما ترمي روسيا إلى اختبار مدى قوة القيادة الإسرائيلية الجديدة، وما إذا كان يمكن ترهيبها لتقديم تنازلات في سوريا.

في النهاية، يخلص تقرير الموقع الإسرائيلي إلى أن الموقف الروسي تجاه إسرائيل في سوريا يستحق المراقبة والرصد، لكنه لا يستدعي الذعر.

ويستند التقرير إلى أن العلاقات الروسية-الإسرائيلية جيدة في العموم. وأنها بحسب ماغن، سفير إسرائيل السابق في روسيا: “لم يتغير فيها شيء، على حد علمه. وكل الحديث عن عمليات الاعتراض للصواريخ الإسرائيلية ليس جديداً.. غير أنه لم يُقل في أي محل إن روسيا بصدد تغيير نهجها الأساسي تجاه إسرائيل”.

عربي بوست

———————————-

مصادر أمنية إسرائيلية: لا تغيير بموقف روسيا من غارات الاحتلال في سورية/ نضال محمد وتد

ذكر موقع “معاريف”، صباح اليوم الجمعة، نقلا عن جهات أمنية وعسكرية، أن المؤسسة الأمنية في إسرائيل تعتقد أنه لم يطرأ أي تغيير على الموقف الروسي من الغارات الإسرائيلية في سورية، وذلك خلافا لتصريحات سابقة.

ونقل الموقع عن جهات أمنية في إسرائيل، لم يسمها، قولها إن “الوضع القائم بشأن موقف روسيا من الهجمات المنسوبة لإسرائيل في سورية لم يتغير وهو ما يتم تأكيده أيضا في رسائل مباشرة وأخرى غير مباشرة”.

وأضاف أن تل أبيب تعتبر التصريحات التي صدرت الأسبوع الماضي عن جنرال روسي بشأن مساعدة روسيا للدفاعات الأرضية للنظام السوري لاعتراض الصواريخ والهجمات الإسرائيلية، متعلقة بالأساس باستعراض الأسلحة الروسية والترويج لها.

وفي هذا السياق، كان مراسل “هآرتس” للشؤون العسكرية عاموس هرئيل قد أكد هو الآخر أنه لا تغيير على الموقف الروسي بدليل أن روسيا امتنعت لغاية الآن عن تزويد النظام السوري بمنظومة بطاريات “إس 300”.

تقارير عربية

وكانت موسكو وتل أبيب قد توصلتا في العام 2015 إلى تفاهمات رسمية بشأن تنسيق العمل العسكري في سورية لتفادي وقوع معارك أو اشتباكات جوية بين مقاتلات إسرائيلية ومقاتلات روسية. وتم فتح خط اتصال ساخن ومباشر بين مقر القوات الروسية في قاعدة حميميم وبين غرفة العمليات في وزارة الأمن الإسرائيلية في تل أبيب.

العربي الجديد

————————–

موقف روسيا من الهجمات الإسرائيلية على سوريا..استعراض وليس تغييراً

نقلت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية عن جهات أمنية وعسكرية أن المؤسسة الأمنية في إسرائيل تعتقد أنه لم يطرأ أي تغيير على الموقف الروسي من الغارات الإسرائيلية في سوريا، خلافاً لتصريحات سابقة.

وقالت الجهات الأمنية في إسرائيل إن “الوضع القائم بشأن موقف روسيا من الهجمات المنسوبة لإسرائيل في سوريا لم يتغير وهو ما يتم تأكيده أيضاً في رسائل مباشرة وأخرى غير مباشرة”.

وأشارت إلى أن إسرائيل تعتبر التصريحات الروسية التي صدرت منذ أسبوع بشأن مساعدة موسكو للدفاعات الأرضية للنظام السوري لاعتراض الصواريخ والهجمات الإسرائيلية، متعلقة بالأساس باستعراض الأسلحة الروسية والترويج لها.

وكان مراسل صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية للشؤون العسكرية عاموس هرئيل قد أكد أن لا تغيير في الموقف الروسي مشيراً إلى أن روسيا امتنعت حتى الآن عن تزويد النظام السوري بمنظومة “إس 300” الدفاعية.

ويأتي ذلك فيما ظهرت مخاوف في إسرائيل من تغيير الاتجاه في موقف روسيا إزاء الهجمات الإسرائيلية في سوريا، بعد أن أعلنت موسكو أن الدفاعات الجوية السورية تمكنت من تدمير 7 صواريخ أطلقتها طائرات إسرائيلية على مواقع داخل سوريا في 19 تموز/يوليو، بأنظمة “بانتسير إس” و”بوك إم 2″ روسية الصنع.

وفي وقت سابق، قال محللون وباحثون روس وسوريون وإسرائيليون إن التصريحات الروسية تحمل إشارات عن تغيير ما طرأ على “قواعد اللعبة” المفروضة منذ سنوات، فيما أشارت الصحف الإسرائيلية إلى أن ظهور مثل هذه التصريحات يدل على مدى السخط الروسي.

بدوره، نقل المعلّق الإسرائيلي بن كاسبيت عن مصادر في الاستخبارات الإسرائيلية أن تصريحات المركز الروسي للمصالحة قد تكون خطوة تكتيكية أكثر من كونها نتيجة لتحول استراتيجي، مضيفاً أن إحدى الإشارات موجهة إلى إسرائيل، والأخرى تتعلق بسمعة روسيا ومصالحها التجارية. وقال المعلّق إن “الروس يريدون أن يثبتوا للعالم، وخصوصاً للعملاء المحتملين، أن أسلحتهم تعمل بشكل جيد وقادرة على اعتراض صواريخ سلاح الجو الإسرائيلي”.

وفيما قالت وسائل إعلام سورية وروسية إن روسيا قد تزود النظام السوري بمعدات وتقنيات عسكرية جديدة ستسهم في الحد من الغارات الإسرائيلية في سوريا، شكّكت المعارضة السورية في هذا الأمر.

والثلاثاء، أجرت القوات الروسية وقوات النظام السوري مناورة عسكرية لأنظمة صواريخ “بانتسير” المضادة للطائرات والتي يستخدمها النظام السوري في الفترة الأخيرة لصد الهجمات الإسرائيلية المتكررة على مواقعه.

وكانت موسكو وتل أبيب قد توصلتا في العام 2015 إلى تفاهمات رسمية بشأن تنسيق العمل العسكري في سوريا لتفادي وقوع معارك أو اشتباكات جوية بين مقاتلات إسرائيلية ومقاتلات روسية. وتم فتح خط اتصال ساخن ومباشر بين مقر القوات الروسية في قاعدة حميميم وبين غرفة العمليات في وزارة الأمن الإسرائيلية في تل أبيب.

المدن

——————————

موسكو تصعد ضد إسرائيل في سوريا..أم تناور/ بسام مقداد

لم يصدر عن موسكو بعد ما يشيح الضباب عن حقيقة موقفها من الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية، بعد أن تولى المركز الروسي للمصالحة السورية الأسبوع الماضي، ولثلاث مرات متوالية بدلا من الجيش السوري، الإعلان عن صد هجمات الطيران الإسرائيلي على سوريا، وبمساعدة  العسكريين الروس الذين تولوا الإشراف المباشر على عمليات الرد. ما أثار التكهنات والتخمينات حول التصعيد في موقف موسكو من الغارات الإسرائيلية لم يقتصر على تولي المركز فقط أمر الإعلان عنها، بل ما أثارها أكثر هو نجاح عمليات التصدي للصواريخ الإسرائيلية على قول المركز نفسه، وهو ما شكل الدليل الأقوى على احتمال تصعيد في الموقف الروسي. فقد جرت العادة في السابق أن تصمت موسكو عن هذه الهجمات، أو تعلن إمتعاضاً خجولاً، ويعلن الجانب السوري عن “نجاح” التصدي للغارات الإسرائيلية وتدمير كافة الصواريخ الإسرائيلية، وهو ما كان يعرف الجميع أنه كلام لم يعكس يوما حقيقة الواقع على الأرض.

لكن هاتين الحقيقتين الجديدتين في واقع الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية منذ العام 2013، لم تلقيا إهتمام أحد، ولم تلفت الإنتباه إليهما وزارة الدفاع الروسية. إلى أن جاءت مقالة مراسل “الشرق الأوسط” في موسكو في 24 من الشهر الجاري واستند فيها إلى “مصدر روسي مطلع”، ليستنتج أن “موسكو تصعد تحركها ضد الغارات الإسرائيلية على سوريا” وتعزز الدفاعات الجوية السورية بمعدات حديثة وخبراء روس.

انطلقت بعد المقالة مواقع الميديا في العالم وفي روسيا نفسها لتبني على ما جاء فيها من أن موسكو تغير موقفها من الغارات الإسرائيلية وتتشدد في التصدي لها وتتولى الأمر بنفسها، بل وتقفل الأجواء السورية بوجه الطيران الحربي الإسرائيلي. على أن هذه المواقع، وكل منها لأسبابه، وضعت إستنتاج مقال “الشرق الأوسط” عن التصعيد في موقف موسكو في خانة التوقعات والتخمينات طالما لم يصدر ما يؤكدها من الجانب الروسي. وتركت موسكو جميع هذه التخمينات معلقة بين التصديق والتكذيب، ولم يصدر عنها ما يجلي حقيقة موقفها. بل يبدو أنها تتعمد إغراق كل ما يقال بضباب كثيف يترك لها حرية المناورة مع إسرائيل والنظام السوري واللاعبين الآخرين،  وإستثمار الغموض إلى اقصى حد ممكن. وتترك لنفسها في الوقت ذاته حرية إختيار اللحظة لتكشف عن حقيقة الموقف الذي باتت تعتمده حيال غارات إسرائيل. لكن مهما كان هذا الموقف الذي ستعلنه موسكو، يبقى من المؤكد أنها سوف تفصل بين هذه العلاقة المستجدة المتشددة، إن كانت فعلاً كذلك، من الغارات على سوريا وبين علاقتها الوطيدة مع إسرائيل. فقد سبق أن مرت العلاقة الروسية الإسرائيلية بامتحان قاس في خريف العام 2018، حين اتهمت روسيا إسرائيل بالتسبب بإسقاط طائرة إستطلاع قرب اللاذقية كان على متنها 15 عسكرياً روسياً. وعلى الرغم من غضبها الشديد حينها ورفضها الأخذ بكل محاولات إسرائيل تبرئة نفسها من المسؤولية عن سقوط الطائرة ومقتل العسكريين الروس، لم تفرط موسكو بعلاقتها مع إسرائيل، وما لبثت أن طوت صفحة القضية واستقبل بوتين في موسكو صديقه بنيامين نتنياهو. ولن تنتهي الأزمة الحالية بين البلدين، في حال تشددت موسكو فعلاً في تعاملها مع الغارات الإسرائيلية على سوريا وأقفلت الفضاء السوري بوجه الطيران الحربي الإسرائيلي، على غير ما انتهت إليه أزمة خريف العام 2018.

إذا كان الإعلان المتكرر للمركز الروسي للمصالحة في سوريا عن الغارات الجوية الإسرائيلية على سوريا، والنجاح الفعلي، على قول المركز، في تدمير الصواريخ الإسرائيلية يعني فعلاً تغييراً روسياً في التعامل مع هذه الغارات، فلن ينتهي الأمر على غير ما انتهى إليه أيضاً مع تركيا خريف العام 2015، حين أسقطت تركيا القاذفة الروسية على الحدود مع سوريا. فقد تجهم بوتين بوجه إردوغان لبضعة أشهر حينها، ومنع إستيراد البندورة من تركيا، ثم ما لبثت العلاقات أن عادت إلى طبيعتها بعد “رسالة الإعتذار” من إردوغان التي قيل يومها أن بوتين طلبها منه.

علاوة على تشكيك المواقع الإسرائيلية في ما ورد على لسان “الخبير الروسي المطلع” في نص “الشرق الأوسط”،  كانت النقطة التي أثارت إهتمام الإسرائيليين هي أن الروس اتخذوا قرار تصعيد موقفهم هذا بعد أن لمسوا في المفاوضات القائمة مع الأميركيين عبر قنوات التواصل الخاصة بعد القمة الأميركية الروسية عدم ترحيب الولايات المتحدة أيضاً بالغارات الإسرائيلية على سوريا. وحسب المواقع الإسرائيلية الناطقة بالروسية أو المترجمة إليها ترددت أصوات إسرائيلية مطالبة بأن يطرح وفد مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيت الذي يصل الأحد إلى واشنطن ، مع الأميركيين مسألة تغيير موقف روسيا من الغارات الإسرائيلية على سوريا، ويحاول إقناعهم بان مثل هذا التغيير في الموقف الروسي سوف يرسخ مواقع إيران في سوريا.

في تواصل ل”المدن” مع الكاتب السياسي في شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “NG” الروسية إيغور سوبوتين سألناه عن رأيه في التغيير المفترض في الموقف الروسي من الغارات الإسرائيلية على سوريا. والكاتب لا يشكك للحظة في صحة ما جاء على لسان مصدر “الشرق الأوسط” الروسي، بل نشر نصين في الأيام الأخيرة مبنيين على الأخذ كلياً بما قاله “المصدر الروسي المطلع”. وعنون نصه الأول في 25 من الشهر الجاري بالقول”إسرائيل جعلت كأس الصبر الروسي في سوريا يطفح”، وعنون الثاني في 28 الشهر بالقول “إسرائيل فوجئت بالإستياء الروسي”، وأضاف “يريدون إشراك واشنطن في الجدال بشأن السماء السورية”. 

قال سوبوتين بأنه يعتقد أن روسيا، بعد الإنتخابات الرئاسية السورية، معنية بالتركيز أكثر على سيادية المناطق التي يحكمها النظام. فالغارات الجوية الإسرائيلية لا تشوه هذه الصورة فحسب، بل وتخلق أيضاً الإنطباع وكأن التقنيات الروسية لا تعمل. وقد تعبوا في وزارة الدفاع من السماع بأمر هذا الإنطباع المشوه عن السلاح الروسي.

ومن غير المستبعد برأيه أن يكون المسؤولون الروس قد قرروا أن مجيئ حكومة جديدة في إسرائيل سيسمح بمناقشة قواعد جديدة للعبة. وبالنسبة لحكومة بينيت ولبيد ، من المهم للغاية الآن عدم تفويت اللحظة وإيجاد طريقة ما للتفاوض بالتفصيل مع روسيا.

ويقول بأنه لا يتوقع تصعيداً أو إحتكاكا” شبيها” بما وقع العام 2018، ومن الأفضل أن تخفف موسكو من درجة التوتر في محيط الحدود السورية، إذ من شأن ذلك أن يتيح إمكانية الدفع إلى الأمام وسط اللاعبين الإقليميين بفكرة ضرورة وقف عزلة نظام الأسد والإستعادة التدريجية لطرق المواصلات مع سوريا، الأمر الذي سيتعين على روسيا في وقت ما أن تهتم به.

ولا يستبعد سوبوتين أن تعمد الحكومة السورية ومعها طهران إلى دفع موسكو للضغط على إسرائيل. لكن براغماتية موسكو بشأن ضربات الجيش الإسرائيلي، هي برأيه أمر مختلف كلياً عما تنتظره دمشق وطهران.

المعلق السياسي في وكالة نوفوستي بيتر أكوبوف قال ل”المدن” بأنه ليس من معلومات رسمية حتى الآن، لكن المعلومات غير الرسمية تشبه الحقيقة. وإذا كان الأمر كذلك، يمكن فقط الترحيب بتشديد الموقف الروسي. فقد تحملت روسيا طويلاً الهجمات الإسرائيلية المتسترة بالتهديد الإيراني “المتخيل” لإسرائيل. وكان هذا التحمل مرتبطاً إلى حد كبير بالعلاقات الشخصية بين بوتين ونتنياهو، أي بتلك اللعبة التي يمارسها الزعيم الروسي على الإتجاه الإسرائيلي. والآن حين لم يعد نتنياهو رئيساً للوزراء، لم تعد قائمة وعود بوتين غير الرسمية، وستعمد روسيا تدريجيا لتشديد موقفها من الضربات الإسرائيلية. إضافة إلى أن عملية تعزيز السلطة السورية تتسارع وتيرتها، وهذا أيضاً يحد برأيه من حرية حركة إسرائيل على الإتجاه السوري.

المدن

—————————–

هل تساعد روسيا نظام الأسد في اعتراض الضربات الإسرائيلية؟

خلال الأسبوعين الماضيين لفتت روسيا الانتباه في سورية بثلاثة تحركات، حيث أعلنت أن منظوماتها الجوية التي يمتلكها نظام الأسد اعترضت قصفاً إسرائيلياً استهدف مواقع عسكرية في كل من ريف حلب وحمص ودمشق.

ما سبق تم تصنيفه ضمن إطار التغيّر “المفاجئ” في سياسة موسكو، والتي كانت تلتزم الصمت في المرحلة السابقة عن أي ضربات إسرائيلية، سواء تلك التي تستهدف القطع العسكرية لنظام الأسد أو مواقع الميليشيات الإيرانية.

في تقرير تحليلي لها اعتبرت مجلة “فوربس” الأمريكية، اليوم السبت أن التحركات الروسية لا تعني بالضرورة أن روسيا تعمل بنشاط لمساعدة نظام الأسد في منع الضربات الإسرائيلية.

ورجحت المجلة أن تكون الإعلانات الروسية بمثابة إشارات من موسكو للحكومة الإسرائيلية الجديدة، التي خلفت الحكومة التي ترأسها سابقاً بنيامين نتنياهو.

وأضافت “فوربس”: “موسكو تحاول إرسال إشارات الآن بعد وجود حكومتين جديدتين في كل من إسرائيل والولايات المتحدة، بأنها تريد التفاوض على معايير جديدة وأكثر وضوحاً”.

وحتى الآن لم يصدر أي تعليق من الجانب الإسرائيلي بشأن التغير الذي طرأ على سياسة موسكو في التعامل مع الضربات داخل سورية.

من جهتها قالت مصادر أمنية إسرائيلية أمس الجمعة إنه لا يوجد أي تغيير في آلية التنسيق مع روسيا فيما يتعلق بالهجمات التي ينفذها سلاح الجو الإسرائيلي ضد أهداف في سورية.

ونقل المراسل العسكري لصحيفة “معاريف” عن مصادر في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قولها إن القوات الروسية العاملة على الأراضي السورية لم تستخدم منظومة صواريخها المتطورة من طراز “إس-300″ (S-300) لاعتراض صواريخ أطلقتها المقاتلات الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة”.

وجاء في تقديرات هذه الأجهزة أن الحرية التي تحظى بها إسرائيل في عملياتها بسورية محفوظة ولم تتغير، بل ستتواصل.

وتشن إسرائيل منذ سنوات ضربات عسكرية في سورية، وتقول إنها تستهدف مواقع عسكرية إيرانية، وتتبع لـ”الحرس الثوري”.

ومنذ وصول الحكومة الإسرائيلية الجديدة “بينت- لابيد” بلغ عدد الضربات الإسرائيلية في سورية 3 خلال فترة لم تتجاوز أسبوع.

واستهدفت أولى الضربات مواقع عسكرية في منطقة السفيرة بريف حلب، وذلك في يوم 19 من يوليو /تموز الحالي.

بينما استهدفت الضربة الثانية مواقع عسكرية قيل إنها تتبع لـ”حزب الله” اللبناني في منطقة القصير بريف حمص، وذلك في 22 من الشهر الحالي.

وفي السادس والعشرين من الشهر الحالي أعلنت روسيا أيضاً أن منظوماتها الجوية اعترضت قصفاً إسرائيلياً على مواقع في منطقة السيدة زينب بريف دمشق.

وقبل أيام نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مصدر روسي مطلع قوله إن موسكو “نفد صبرها” مع إسرائيل في سورية، وتخطط لتغيير سياساتها تجاه الضربات الجوية الإسرائيلية.

وقال المصدر للصحيفة السبت إن روسيا كانت تحسب ردات فعلها في السابق، بسبب التنسيق بينها وبين واشنطن، في الوقت الذي انقطعت فيه الاتصالات مع واشنطن، وبدا أنه بعد الاتصالات الروسية- الأمريكية، حصلت موسكو على تأكيد أن واشنطن لا ترحب بالغارات الإسرائيلية المتواصلة.

وربط المصدر التغيرات في الخطاب الروسي بالمحادثات التي انطلقت في أعقاب القمة الرئاسية التي جمعت بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، التي عقدت في 16 من يونيو الماضي.

——————————-

=====================

تحديث 17 آب 2021

————————

رسائل الأسد وقرصة الأذن الروسية/ لمى قنوت

وجّه الأسد، خلال ما يسمّى بخطاب القسم الذي ألقاه في تاريخ 17 تموز/ يوليو 2021، بضعة رسائل للمجتمع الدولي، وللسوريين بشكل عام، ولفئة جديدة أدرجها في خانة الاستهداف بشكل خاص، وهم الرماديون، الذين وصفتهم لونا الشبل (المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية) خلال حوارها التفسيري للخطاب على الإخبارية السورية بـ “رماديي المبدأ”، ووجّهت إليهم تهمة العمالة[1]، في استباق للاجتماع المشترك السوري الروسي الذي عقد في دمشق بتاريخ 26 تموز/ يوليو 2021، لمتابعة عمل مؤتمر عودة اللاجئين والمهجرين السوريين الذي عُقد في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020. وهدد الأسد اللجنة الدستورية مستقويًا بما أسماه “التفاعل الشعبي الذي امتد خلال الأسابيع التي سبقت التصويت”، وسفّه تصريحات المسؤولين الغربيين الذين ما زالوا يتحدثون عن شرعية الدولة، أي شرعيته، وشرعية الدستور الحالي.

من رسائل الأسد المتعددة في خطابه، سنقف عند رسالتين؛ تتعلق الأولى باللجنة الدستورية، والأخرى بعودة اللاجئين واللاجئات.

اللجنة الدستورية

نسف بشار الأسد اللجنة الدستورية، إذ خاطب جمهوره قائلًا: “أثبتم مرة أخرى وحدة معركة الدستور والوطن، فثبتم الدستور أولوية غير خاضعة للنقاش أو للمساومات، لأنه عنوان الوطن، ولأنه قرار الشعب”، وأكد أن الشعب “فرض دستوره في الشارع وصناديق الاقتراع”. وعاد الأسد إلى “الأسابيع الأولى للحرب”، عندما حاول “الأعداء” إقناعه بتعليق الدستور القائم من أجل خلق فراغ يؤدي إلى الفوضى، وأضاف أن هذه الطروحات ما تزال مستمرة حتى الآن، ويتم العمل عليها “عبر بعض العملاء المعينين من قبلهم بواسطة تركيا […] تهدف في المحصلة للوصول إلى دستور يضع سورية تحت رحمة القوى الأجنبية، ويحوّل شعبها إلى مجموعة من العبيد والمطايا”. لكن هذه المحاولات تبخّرت، ولن يتمكّن مَن وصفهم بالأعداء “من تجاوز قرار الشعب لأنه الأقوى، ولا من القفز فوق إرادته لأنها الأعلى”[2]، وشرحت لونا الشبل فقرة التهديد هذه، بأن الشعب هدد وتحدى الخارج، من خلال نزوله إلى الشارع، حاميًا الدستور في أحد بنوده المتعلقة بالانتخابات الرئاسية، فكيف سيكون نزوله عندما يتعلق بالدستور نفسه! وأضافت أن هذا المشهد لا يمكن تجاوزه، ووصفت مشاركة النظام في اللجنة الدستورية بالتكتيك السياسي المختلف عن الحقيقة والثوابت، حتى لو انزعج الصديق (الروسي) حسب قولها، وأشارت إلى أن الوسيط الروسي بقي عامًا ونصف العام يتواصل معهم ومع الأتراك، حتى تشكلت اللجنة، وأن وفد المعارضة تركيّ الهوى، والمباحثات سورية – تركية، وليست سورية – سورية.

لم يُفاجأ غالبية السوريين، نساءً ورجالًا، بمراوغة النظام وعدم جديته بشأن الحل السياسي من جهة وعمل اللجنة الدستورية من جهة أخرى، لكن الخطاب، يدحض كل الأوهام التي بناها البعض على إنجاز عمل اللجنة الدستورية التي التف تشكيلها على التسلسل الزمني للقرارات الأممية التي تبدأ بانتقال سياسي عبر تشكيل هيئة حكم انتقالي.

عودة اللاجئين واللاجئات

قسم الأسد السوريين/ات إلى ثلاث فئات، تضم الأولى الوطنيين، وتشمل العائلات التي أرسلت أبناءها ليقدموا أرواحهم وأجسادهم فداءً لوطنهم، ومن وقفوا مع الوطن، ومنهم من دُعي إلى حضور الخطاب؛ ووصف الفئة الثانية بأنها فئة تائهة، حسنة النية، لكنها افتقدت المسلمات، فسهل اختراقها فكريًا، وتمت السيطرة عليها نفسيًا، فتشتت فكرها وتاهت أفكارها وانحرف مسارها، ففقدت المعاني الحقيقية للارتباط بالوطن والحرص عليه، واتهمها الأسد بأنها فئة شجعت الأعداء على التدخل، وساعدت الإرهاب والفوضى على الانتشار، ووسع الأسد هذه الفئة، وضمّ لها ما اصطلح على تسميته بالرماديين والصامتين، أي “من وقف بدون موقف فاعتقد أنها حكمة، ومن أخذ مواقف ملتبسة معتقدًا بأنها حنكة، ومن مارس الانبطاح معتقدًا أنه انفتاح”، حسب قوله، واعتبر الأسد أن هذه الفئة غابت عنها المرجعية الفكرية والأخلاقية. وتوسعت لونا الشبل، خلال حوارها التلفزيوني على الإخبارية السورية[3]، بتوصيف هذه الفئة الواسعة “المُغرر بها”، حسب وصفها، واعتبرتهم “رماديي المبدأ”، ووسط بين من دافعوا عن الوطن من جهة، وداعش والنصرة من جهة أخرى، وأوضحت بأنها فئة تضم مثقفين وإعلاميين وأساتذة جامعات، ورماديين ممن استخدموا مصطلحات مثل “الله يطفيها بنوره”، و”كلّ الناس خير وبركة”، ووصفت هذه الفئة بالعملاء، فحسب قولها لا يوجد ربع عميل، فالعميل عميل. أما الفئة الثالثة فهم العملاء والإرهابيون والخونة.

ووفقًا لهذه الفئات والتقسيمات، وجّه الأسد دعوة “لكل من غُرر به، ولكل من راهن على سقوط الوطن، لكل من راهن على انهيار الدولة أن يعود إلى حضن الوطن، لأن الرهانات سقطت وبقي الوطن”، واعتبر أن التراجع عن الخطأ فضيلة، وأن الشعب سيسامحهم، وأول من سامحهم هم عائلات الشهداء الذين فتحوا أبواب المصالحات.  

في واقع الحال، إن بوّابة العودة إلى سورية ما زالت تمرّ عبر البوابة الأمنية، ولهذا لا ضمان لسلامة العائدين/ات من السطوة الأمنية، فضلًا عن الشروط التي تفرضها الأفرع الأمنية على من يرغب في العودة، كـ “العمل السياسي” مع أحد عملائهم المعروفين، ولا يستثنى النشاط المدني من تلك الشروط، فمثلًا “نصح” أحد أفراد الأجهزة الأمنية إحدى الناشطات، في أثناء مراجعتها للحصول على موافقة أمنية تتيح لها السفر لحضور ورشة عمل في بيروت، بالعمل مع مدير إحدى منظمات المجتمع المدني الناشطة داخل سورية وخارجها!

 قرصة الأذن الروسية

أتى خطاب القسم وهجوم النظام والميليشيات الإيرانية على “درعا البلد”، تقويضًا للأهداف السياسية التي تسعى إليها موسكو، بعد نصرها العسكري وتعويم النظام، والمتمثلة بالإصلاح الدستوري وعودة اللاجئين وإعادة الإعمار، وتجلت إشارات استياءها، بالامتناع عن توفير غطاء جوي، حتى الآن، للهجوم المدفعي والصاروخي الذي شنه النظام على “درعا البلد”، وتنسيق روسي لمنع التصعيد، وتصريحين، غير رسميين[4]، لمستشار وزيري الخارجية والدفاع الروسيتين: رامي الشاعر، تساءل في الأول عن جواز حشد جيش السلطات السورية لاقتحام مُدن يُقدر عدد سكانها بحوالي 50 ألف نسمة، وهي التي لا تستطيع تأمين الحد الأدنى من مقومات عيشهم، “لمجرد أنهم جميعًا غير راضين عن الأوضاع ونظام الحكم”، وأقرّ بأن “التوتر وعدم الاستقرار ومشاعر الرفض لا تقتصر على الجنوب، وإنما تمتد لتشمل غالبية المدن والمناطق السورية”. وأشار إلى أن سيادة الدولة السورية على ترابها “لا تتجسد في فرض نظامها وقوانينها الأمنية، بل بتأمين مقومات الحياة الأساسية للمواطنين […] وتوفير الإحساس للمواطن بالأمن والاستقرار وضمان حقه بالتعبير عن رأيه بحرية تامة”[5]. أما التصريح الثاني للشاعر[6]، فقد انتقد “قيادات دمشق”، بتحويل أعمال اللجنة الدستورية المصغرة إلى “منصات للتنظير في أصول المفاهيم ومعاني الكلمات”، وأشار إلى أن تجاهل الأسد للجنة الدستورية في خطاب القسم، أو مهاجمتها في بعض مواقع الخطاب، تتعارض مع إرادة “غالبية الشعب” وإرادة المجتمع الدولي، في “دعم حق الشعب السوري في حرية تقرير مصيره واختيار نظام حكمه استنادًا إلى تعديل دستوري”.

وانتقد خطاب الأسد عندما تحدث عن “انتماء (الأغلبية) التي انتخبته في اقتراع يفتقد اتساع الجغرافيا واستقرار المجتمع، من دون أن ينتبه إلى (شعب) آخر يوجد خارج البلاد، وغيرهم (شعب) داخل البلاد تحت حماية قوى أجنبية، وهم مواطنون سوريون يخشون بطش القيادة وانتقامها […] وغير أولئك وهؤلاء هناك (شعب) ثالث ورابع لا يشاطر السلطة الراهنة رؤيتها السياسية في مستقبل البلاد، بل يرغب في تغيير هذه السلطة بالطرق السياسية السلمية المشروعة، التي نصّ عليها قرار مجلس الأمن رقم 2254، إلا أن السلطة تصرّ على تجاهل ذلك، وتطلّ علينا بثوب 2011، في انتظار نتائج جديدة!”، أما عن الحملة الواسعة النطاق التي شنها الأسد في خطاب القسم على غالبية الشعب، مستثنيًا مواليه، فأشار الشاعر إلى أن “الحديث عن بعض مكونات الشعب السوري بوصفهم (عملاء) أو (خونة)، والتعامل مع بعض فئات المعارضة، بوصفهم أعداء للشعب وللوطن، لا يخدم القضية السورية، ويؤدي إلى تفاقم الوضع الهش بالأساس”. واعتبر أن وصف الأسد للشعب السوري بالمغرّر به، “وكأنه طفل ساذج ضحل الثقافة أو جاهل، يحتاج إلى (أب) حنون عاقل يقوم برعايته وإرشاده”[7]، يمثّل إهانة للشعب السوري.

بالتزامن مع ما سبق، صرح رئيس منصة موسكو قدري جميل[8]، بأن حصيلة نتائج عمل اللجنة الدستورية صفرية، حتى الآن، و ضم رأيه إلى رأي العديد من آراء سياسيين وناشطين، نساءً ورجالًا، الذين استشرفوا فشل عملها قبل الانتقال السياسي وإنشاء هيئة الحكم الانتقالي، وبأهمية التطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن 2254 حسب تسلسله الزمني، وأشار إلى أنه منذ البداية تنبأ بأن مؤتمر سوتشي وما سيخرج منه لن يعطي أي نتائج عملية، ما دامت النقطة الأولى لم تطبق، وأفاد بأنه حضر المؤتمر بعد تردد، وتحدث عن إيجابية واحدة للمؤتمر، وهي منع إدخال العملية السياسية في غرفة الإنعاش المركز، وهو الأمر الذي لم يعد كافيًا الآن، ويجب العودة إلى النقطة الأولى من قرار 2254، أي المرحلة الانتقالية التي لا بد منها، مستندًا في قراءته هذه، كما قال، إلى حديث لافروف خلال لقائه مع بيدرسون الأخير، بأنه يجب تنفيذ جميع جوانب قرار 2254.

رسائل الأسد المكررة

أسس بشار الأسد، منذ خطابه الأول بعد الثورة في 30 أيلول/ سبتمبر 2011[9]، لخطاب الكراهية وللانقسام الحاد والعنيف في المجتمع، من خلال ثنائيتي الموالي الوطني، والخائن، وحدد بأنه “لا مكان لمن يقف في الوسط”، وبث التلفزيون الرسمي (الإخبارية السورية) في أيلول/ سبتمبر 2017 تهديدًا مباشرًا لـللاجئين/ات، أطلقه قائد قوات الحرس الجمهوري عصام زهر الدين: “من هرب ومن فرَّ من سورية إلى بلد آخر، أرجوك لا تعود، لأن الدولة إن سامحتك، فنحن عهدًا لن ننسى ولن نسامح، نصيحة من هالدقن لا حدا يرجع منكم”[10].

في واقع الأمر وطوال العشر سنوات الماضية، لم يترك الأسد فرصة إلا وألصق تهمة الخيانة بمعارضيه، وبمن يشك في ولائهم التام، نساءً ورجالًا، وأمعن في قمعهم ومحاصرتهم وقتل كثيرين منهم، حتى اعتقد أنه، و”كرئيس أبدي”، غير مضطر إلى أن يعد الخاضعين لسيطرته بأي تحسين لظروف حياتهم المعيشية القاسية، كما عبّرت عن ذلك المستشارة الخاصة لرئاسة الجمهورية[11].

عمليًا، لا يمكن قراءة الإشارات الروسية إلا كقرصة أذن، فخطاب الأسد وسلوكه، يقوّض مساعيهم أمام المجتمع الدولي، في طيّ صفحة النزاع، عبر عودة اللاجئين، وإصلاح دستوري يمهد لتسوية سياسية، تكسر عزلة الأسد ونظامه، وتؤمن مساعدات تُسهم في إعادة الإعمار، متجاهلين أن الانتقال السياسي الحقيقي الذي يمهّد لتفكيك الاستبداد ومحاسبة مجرمي الحرب وإعادة هيكلة قطاع الأمن، من خلال عدالة انتقالية تحولية، هو ضمانة ضد تفتت سورية، كيانًا وشعبًا.

[1] – YouTube، “حوار مع لونا الشبل المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية السيدة على الإخبارية السورية”، 19 تموز/ يوليو 2021، الدقيقة 26,00 شوهد في 3/8/2021، في: https://bit.ly/3xg5PNu

[2] – “الرئيس الأسد يؤدي القسم الدستوري”، سانا، 17/7/2021، شوهد في 30/7/2021، في: https://bit.ly/37cqkQp

[3] – مصدر سابق، “حوار مع لونا الشبل المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية السيدة على الإخبارية السورية”.

[4] – وردا ضمن حوار معه، ومقال كتبه في صحيفة (زافترا) بصفته محللًا سياسيًا.

[5] – “فيصل القاسم يحاور رامي الشاعر”، ملتقى العروبيين، المجموعة السورية للتواصل الدولي، 6 آب/ أغسطس 2021، شوهد في 8/8/2021، في: https://bit.ly/3xrrIcM

[6] – “انزلاق دمشق نحو الأوهام يبدأ بخطوة واحدة”، RT، زافترا، 21/7/2021، شوهد في 9/8/2021، في: https://bit.ly/3lKiuGo

[7] المصدر السابق نفسه

[8] – “المداخلة الافتتاحية لـ د. قدري جميل، يوم أمس الاثنين في الندوة التي استضافته فيها ريا نوفوستي”، 27 تموز/ يوليو 2021، شوهد في 10/8/2021، في: https://bit.ly/3yEzL7i

[9] – “خطاب الرئيس الأسد في مجلس الشعب”، شبكة فولتير، 30/3/2011، شوهد في 11/8/2021، في: https://bit.ly/3jIwnlM

[10] – يوتيوب، “عصام زهر الدين يتوعد اللاجئين الهاربين وينصحهم بعدم العودة” قناة الجسر الفضائية، 11 أيلول 2017، شوهد في 12/8/2018، في: https://youtu.be/PDbWKyl8uJE

[11] – مصدر سابق، “”حوار مع لونا الشبل المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية السيدة على الإخبارية السورية”.

طباعة 

كلمات مفتاحية

مركز حرمون

—————————–

خبراء روس يعلّقون على تسريب نشره تلفزيون سوريا حول زيارة وفد من النظام لواشنطن

علّق مجموعة من الخبراء والصحفيين الروس على تسريب مرره الدبلوماسي الروسي رامي الشاعر لموقع تلفزيون سوريا قبل يومين، حول زيارة وفد من نظام الأسد إلى واشنطن لفتح صفحة جديدة معها ومع إسرائيل مقابل إعطاء النظام “قبلة الحياة” وفق وصف الشاعر.

الشاعر: الأسد أرسل مبعوثاً إلى واشنطن ويتقصد التصعيد في الجنوب السوري

وجاء تعليق الروس لصحيفة “المدن” التي اهتمت بالتسريب عبر بحثها في خلفياته، ونشرت مقالا حوله اليوم الثلاثاء، وهنا ينقل موقع تلفزيون سوريا نص المقال كما جاء في الصحيفة:

بعد أن كشف الكاتب السياسي الروسي الفلسطيني الأصل رامي الشاعر، خلال مقابلة له مع “تلفزيون سوريا” في إسطنبول أواخر الأسبوع المنصرم، عن إيفاد النظام السوري مبعوثاً له إلى واشنطن، كان من الطبيعي أن يبرز سيل من الأسئلة عن مهمة هذا المبعوث: توقيت الإعلان عن نبأ الزيارة (من دون الإفصاح عن تاريخها) في ذروة تفجر الصراع من جديد في درعا والجنوب؛ هل كانت روسيا وإيران على علم بالزيارة ونسق بشأنها الأسد مع كل منهما؟ من قابل المبعوث من المسؤولين الأميركيين؟ ماذا عرض عليهم وما كان ردهم على العرض؟ وكثير من الأسئلة.

لم تسبق إعلان الشاعر أية إشارة من الإعلام والمسؤولين الروس عن حدوث مثل هذه الزيارة، أو عن وجود نية لدى الأسد للقيام بهذه الخطوة، مما يعني أن روسيا قد فوجئت باستدارة الأسد نحو واشنطن، كما فوجئت من قبل باستدارة السادات الشهيرة.  ووجود العلاقات الروسية الأميركية في أدنى مستوى من التدهور الآن، وفي ظل محاولات الأسد الحثيثة إفشال جهود الكرملين لتسوية انفجار الوضع في درعا سلمياً، يصبح بديهياً الاستنتاج بأن خطوة الأسد هي بمثابة خنجر في ظهر روسيا.

حملت “المدن” هذا الاستنتاج “البديهي”، وكذلك السؤال عن تقويم خطوة الأسد من وجهة النظر الروسية وما يمكن أن يكون قد بحثه ممثله مع الأميركيين، وتوجهت بهم إلى عدد من الكتاب السياسيين والصحفيين الروس.

 الخبير في منتدى “فالداي” الروسي وفي المجلس الروسي للعلاقات الدولية غريغوري أساتريان قال لـ”المدن” بأنه ما كان ليسمي زيارة ممثل لدمشق إلى الولايات المتحدة خنجراً في ظهر روسيا. ورأى من المحتمل أن تكون روسيا قد علمت بأمر الزيارة والتحضير لها، لكنها لم تتحدث عن ذلك علناً. وقال بأن سوريا دولة ذات سيادة، بوسعها التفاوض بحرية مع كل الشركاء الدوليين، وروسيا لا تمنعها، ولا تستطيع أن تمنعها من العمل الدبلوماسي على جميع الاتجاهات. فكما بوسع روسيا إجراء اتصالات مع الولايات المتحدة، بوسع سوريا أيضاً إجراء مثل هذه الاتصالات مع الولايات المتحدة. أما ما الذي تم بحثه مع الأميركيين خلال الزيارة، وما إن كانت تخللته لهجة معادية لروسيا، فهو لا يعتقد ذلك، لأن لروسيا علاقات جيدة مع السلطة السورية ومع الرئيس الأسد، وتشعر موسكو دائماً بالامتنان السوري للمساعدة. وزيارات الدبلوماسيين والأفراد هي ظاهرة طبيعية برأيه، ولا يمكن أن تكون خنجراً في الظهر.

الخبير في المجلس الروسي للعلاقات الدولية كيريل سيمونوف قال لـ”المدن” بأنه ليس مطلعاً على التفاصيل، ولذلك هو لا يعرف ما إن كانت روسيا قد علمت بأمر الزيارة أم لا. ويعتقد بأنها قد تكون علمت بأمرها، لكن الأسد، وفي كل الأحوال، ليس مضطراً  لإطلاع روسيا مسبقاً على جميع اتصالاته، بل يمكنه القيام بذلك لاحقاً. ولذلك لا “أعتقد أن الزيارة هي خنجر في الظهر”.

المتابعة لشؤون الشرق الأوسط في صحيفة “Kommersant” والمستعربة ماريانا بيلنكايا قالت بأنها لا تستطيع التعليق على “أمر لست مطلعة على تفاصيله”.

الصحفية المتابعة لشؤون إيران والشرق الأوسط يوليا يوزيك، وعلى الرغم من أنها تنشر في موقع “RT” الرسمي الناطق بالروسية، جاء رأيهاً مختلفاً عن آراء الكتاب الروس الآخرين المبررة لخطوة الأسد، أو المشككة في حقيقة حصولها. فقد قالت لـ”المدن” بأن بشار الأسد “البراغماتي المستهتر بالقيم الاجتماعية”، إذ يشرعه الغرب، سوف يقوم الآن بكل ما يفيده هو. فمساعدة موسكو لم يعد بحاجة شديدة إليها، وترى بأنه سوف يحل جميع قضاياه مع واشنطن مباشرة.

وقالت يوزيك بأنه كان بود الأسد لو يتخلص من الوجود الإيراني “الثقيل”، لأنه “دين ثقيل عليه تسديده”. لكن وضعه مع الإيرانيين أكثر صعوبة من وضعه مع الروس. وتعتقد بأنه يخشى الإيرانيين أكثر، لأن المسألة السورية بالنسبة لفيلق القدس وطهران، هي إحدى مسائل الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيرانية. ولذلك تؤكد بأن “مبادرته الأميركية منسقة مع إيران”. 

أما رامي الشاعر، صاحب القنبلة الصوتية التي كادت تزيح الاهتمام بالحدث الأفغاني، فقد حملنا إليه سؤالا آخر: بغض النظر عما إذا كان الأميركيون قد رفضوا أو قبلوا ما عرض عليهم مبعوث الأسد، إلا أن الأسد يفصح بذلك عن رغبة النظام القديمة، قدم علاقة أنظمة طغاة المنطقة بروسيا البلشفية، بأن يكون للولايات المتحدة حصة فيه إلى جانب الحصة الإيرانية الوازنة، فماذا بقي لروسيا في الأسد؟ لكن السؤال للشاعر كان السؤال القديم كيف نقدمه للقارئ: هل نقدمه كمصدر وثيق الصلة بوزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين، أم نقدمه كمصدر مقرب من الكرملين. رد الشاعر بأنه لا يدقق في أمر تعريفه، بل الأهم بالنسبة له هو أن يعرف القارئ بأن وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين تعتمدان كتابين له “كمصدر مهم” لإطلاع الدبلوماسيين والعسكريين الروس، وكذلك نواب مجلس الدوما وأعضاء مجلس الاتحاد، على الأسباب الحقيقية “للأزمة السورية وباقي الأوضاع في الشرق الأوسط”، وتأكيد ضرورة ما تقوم به روسيا اليوم في سوريا. وألحق كلامه عن التعريف به بالقول بأنه يعتقد أن من الصعب على أي صحفي أو محلل سياسي روسي اليوم أن يعرف “من هو رامي الشاعر ومن يمثل”.

 رد الشاعر على السؤال عما تبقى لروسيا في الأسد، بعد الحصة الأميركية المستجدة المفترضة والحصة الإيرانية، جاء من ضمن ما تردده روسيا عن موقفها من الأزمة السورية. وقال بلهجة حازمة آمرة “ليكن الجميع على معرفة” بأن روسيا لا تنافس أحداً على سوريا، وتحترم سيادة سوريا وحقها في اختيار مع من تقيم علاقاتها.

وأكد الشاعر بأن روسيا ليست ضد أن تقيم سوريا علاقات مع الولايات المتحدة، وأن تتجاوب مع الجهود الدولية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254. وهي “تعمل كوسيط” لرفع الحصار والعقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا. لكن الإدارة الأميركية ما زالت ترفض ذلك، وكل المؤشرات تشير إلى أنها رفضت بشكل حاسم المبادرة ــــــــ العرض الذي نقله مبعوث القصر الجمهوري إليها.

وفي الرد على سؤاله عما ستفعله روسيا حيال محاولات الأسد الحثيثة لتعطيل مبادراتها في درعا، وعما إذا كانت قد أصبحت رهينة لمواقف الأسد، قال الشاعر “ليكن الجميع” على ثقة بأن روسيا تتعامل الآن مع الملف السوري على أنه ملف إنساني، ولا تبني استراتيجيتها إلا على هذا الأساس، ولا تهتم “بالتغيرات المزاجية لأي طرف وعلى أي مستوى”. وأكد على أن روسيا مستمرة في السعي إلى توافق بين السوريين، والذي لا بد أن يحصل “قريباً جداً” بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية والاحتقان الشعبي “الواسع والعميق” الذي أصبح تدني المستوى المعيشي هو الأساس فيه.

ورفض الشاعر أن تكون روسيا رهينة لأي أزمة، فهي “دولة نووية عظمى”، والقرارات التي تؤخذ فيها بشأن السياسة الداخلية والخارجية “تُعتمد من قبل البرلمان الروسي”.

وبشأن التسوية في درعا، قال الشاعر “أكرر ما قلته منذ اليوم الأول” أنه لن تكون هناك حرب في درعا ودرعا البلد والجنوب بشكل عام. ومساعي الضباط الروس متركزة الآن على وقف حتى التراشق الناري العشوائي من بعيد، بل ويتم تسجيل أي خرق لوقف إطلاق النار. وأكد بأنه يجري الآن التحقيق في حادثة مقتل المواطن محمود علي صالح القطيفان الذي أصيب في منزله بشظايا طلقة مضاد متفجرة، وسوف “يحاسب بالترتيب من أطلقها ومن أصدر الأمر، ابتداءً من قائد المجموعة وقائد السرية والكتيبة واللواء والفرقة التي يتبع لها هذا المضاد، والذي يستخدم بشكل عشوائي ضد المدنيين”.

تلفزيون سوريا

—————————-

ماذا بقي لروسيا من الأسد/ بسام مقداد

بعد أن كشف الكاتب السياسي الروسي الفلسطيني الأصل رامي الشاعر، خلال مقابلة له مع “تلفزيون سوريا” في إسطنبول أواخر الأسبوع المنصرم، عن إيفاد النظام السوري مبعوث له إلى واشنطن، كان من الطبيعي أن يبرز سيل من الأسئلة عن مهمة هذا المبعوث: توقيت الإعلان عن نبأ الزيارة ( دون الإفصاح عن تاريخها) في ذروة تفجر الصراع من جديد في درعا والجنوب؛ هل كانت روسيا وإيران على علم بالزيارة ونسق بشأنها الأسد مع كل منهما؛ من قابل المبعوث من المسؤولين الأميركيين؛ ماذا عرض عليهم وما كان ردهم على العرض، والكثير غيرها من الأسئلة.

لم تسبق إعلان الشاعر أية إشارة من الإعلام والمسؤولين الروس عن حدوث مثل هذه الزيارة، أو عن وجود نية لدى الأسد للقيام بهذه الخطوة، مما يعني أن روسيا قد فوجئت بإستدارة الأسد نحو واشنطن، كما فوجئت من قبل باستدارة السادات الشهيرة.  ووجود العلاقات الروسية الأميركية في أدنى مستوى من التدهور الآن، وفي ظل محاولات الأسد الحثيثة إفشال جهود الكرملين لتسوية إنفجار الوضع في درعا سلمياً، يصبح بديهياً الإستنتاج بأن خطوة الأسد هي بمثابة خنجر في ظهر روسيا.

حملت “المدن” هذا الإستنتاج “البديهي”، وكذلك السؤال عن تقويم خطوة الأسد من وجهة النظر الروسية وما يمكن أن يكون قد بحثه ممثله مع الأميركيين، وتوجهت بهم إلى عدد من الكتاب السياسين والصحافيين الروس.

 الخبير في منتدى “فالداي” الروسي وفي المجلس الروسي للعلاقات الدولية غريغوري أساتريان قال ل”المدن” بأنه ما كان ليسمي زيارة ممثل لدمشق إلى الولايات المتحدة خنجراً في ظهر روسيا. ورأى من المحتمل أن تكون روسيا قد علمت بأمر الزيارة والتحضير لها، لكنها لم تتحدث عن ذلك علناً. وقال بأن سوريا دولة ذات سيادة، بوسعها التفاوض بحرية مع كل الشركاء الدوليين، وروسيا لا تمنعها، ولا تستطيع أن تمنعها من العمل الدبلوماسي على كافة الإتجاهات. فكما بوسع روسيا إجراء إتصالات مع الولايات المتحدة، بوسع سوريا أيضاً إجراء مثل هذه الإتصالات مع الولايات المتحدة. أما ما الذي تم بحثه مع الأميركيين خلال الزيارة، وما إن كانت تخللته لهجة معادية لروسيا، فهو لا يعتقد ذلك، لأن لروسيا علاقات جيدة مع السلطة السورية ومع الرئيس الأسد، وتشعر موسكو دائماً بالإمتنان السوري للمساعدة. وزيارات الدبلوماسيين والأفراد هي ظاهرة طبيعية برأيه، ولا يمكن أن تكون خنجراً في الظهر.

الخبير في المجلس الروسي للعلاقات الدولية كيريل سيمونوف قال ل”المدن” بأنه ليس مطلعاً على التفاصيل، ولذلك هو لا يعرف ما إن كانت روسيا قد علمت بأمر الزيارة أم لا. ويعتقد بأنها قد تكون علمت بأمرها، لكن الأسد، وفي كل الأحوال، ليس مضطراً  لإطلاع روسيا مسبقاً على جميع إتصالاته، بل يمكنه القيام بذلك لاحقاً. ولذلك لا “أعتقد أن الزيارة هي خنجر في الظهر”.

المتابعة لشؤون الشرق الأوسط في صحيفة “Kommersant” والمستعربة ماريانا بيلنكايا قالت بأنها لا تستطيع التعليق على “أمر لست مطلعة على تفاصيله”.

الصحافية المتابعة لشؤون إيران والشرق الأوسط يوليا يوزيك، وعلى الرغم من أنها تنشر في موقع “RT” الرسمي الناطق بالروسية، جاء رأيهاً مختلفاً عن آراء الكتاب الروس الاخرين المبررة لخطوة الأسد، أو المشككة في حقيقة حصولها. فقد قالت ل”المدن” بأن بشار الأسد “البراغماتي المستهتر بالقيم الإجتماعية”، إذ يشرعه الغرب، سوف يقوم الآن بكل ما يفيده هو. فمساعدة موسكو لم يعد بحاجة شديدة إليها، وترى بأنه سوف يحل جميع قضاياه مع واشنطن مباشرة.

وقالت يوزيك بأنه كان بود الأسد لو يتخلص من الوجود الإيراني “الثقيل”، لأنه “دين ثقيل عليه تسديده”. لكن وضعه مع الإيرانيين أكثر صعوبة مما مع الروس. وتعتقد بأنه يخشى الإيرانيين أكثر، لأن المسألة السورية بالنسبة لفيلق القدس وطهران، هي إحدى مسائل الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيرانية. ولذلك تؤكد بأن “مبادرته الأميركية منسقة مع إيران”. 

أما رامي الشاعر، صاحب القنبلة الصوتية التي كادت تزيح الإهتمام بالحدث الأفغاني، فقد حملنا إليه سؤال آخر: بغض النظر عما إذا كان الأميركيون قد رفضوا أو قبلوا ما عرض عليهم مبعوث الأسد، إلا أن الأسد يفصح بذلك عن رغبة النظام القديمة، قدم علاقة أنظمة طغاة المنطقة بروسيا البلشفية،  بأن يكون للولايات المتحدة حصة فيه إلى جانب الحصة الإيرانية الوازنة، فماذا بقي لروسيا في الأسد؟  لكن السؤال للشاعر كان السؤال القديم كيف نقدمه للقارئ: هل نقدمه كمصدر وثيق الصلة بوزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين، أم نقدمه كمصدر مقرب من الكرملين. رد الشاعر بأنه لا يدقق في أمر تعريفه، بل الأهم بالنسبة له هو أن يعرف القارئ بأن وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين تعتمدان كتابين له “كمصدر مهم” لإطلاع الدبلوماسيين والعسكريين الروس، وكذلك نواب مجلس الدوما وأعضاء مجلس الإتحاد، على الأسباب الحقيقية “للأزمة السورية وباقي الأوضاع في الشرق الأوسط”، وتأكيد ضرورة ما تقوم به روسيا اليوم في سوريا. وألحق كلامه عن التعريف به بالقول بانه يعتقد أن من الصعب على أي صحافي أو محلل سياسي روسي اليوم أن يعرف “من هو رامي الشاعر ومن يمثل”.

 رد الشاعر على السؤال عما تبقى لروسيا في الأسد، بعد الحصة الأميركية المستجدة المفترضة والحصة الإيرانية، جاء من ضمن ما تردده روسيا عن موقفها من الأزمة السورية. وقال بلهجة حازمة آمرة “ليكن الجميع على معرفة” بأن روسيا لا تنافس أحداً على سوريا، وتحترم سيادة سوريا وحقها في إختيار مع من تقيم علاقاتها.

وأكد الشاعر بأن روسيا ليست ضد أن تقيم سوريا علاقات مع الولايات المتحدة، وأن تتجاوب مع الجهود الدولية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254. وهي “تعمل كوسيط” لرفع الحصار والعقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا. لكن الإدارة الأميركية ما زالت ترفض ذلك، وكل المؤشرات تشير إلى أنها رفضت بشكل حاسم المبادرة ــــــــ العرض الذي نقله مبعوث القصر الجمهوري إليها.

وفي الرد على سؤاله عما ستفعله روسيا حيال محاولات الأسد الحثيثة لتعطيل مبادراتها في درعا، وعما إذا كانت قد أصبحت رهينة لمواقف الأسد، قال الشاعر “ليكن الجميع” على ثقة بأن روسيا تتعامل الآن مع الملف السوري على أنه ملف إنساني، ولا تبني إستراتيجيتها إلا على هذا الأساس، ولا تهتم “بالتغيرات المزاجية لأي طرف وعلى أي مستوى”. وأكد على أن روسيا مستمرة في السعي إلى توافق بين السوريين، والذي لا بد أن يحصل “قريباً جداً” بعد تفاقم الأزمة الإقتصادية والإحتقان الشعبي “الواسع والعميق” الذي اصبح تدني المستوى المعيشي هو الأساس فيه.

ورفض الشاعر أن تكون روسيا رهينة لأي أزمة، فهي “دولة نووية عظمى”، والقرارات التي تؤخذ فيها بشأن السياسة الداخلية والخارجية “تُعتمد من قبل البرلمان الروسي”.

وبشأن التسوية في درعا، قال الشاعر “أكرر ما قلته منذ اليوم الأول” أنه لن تكون هناك حرب في درعا ودرعا البلد والجنوب بشكل عام. ومساعي الضباط الروس متركزة الآن على وقف حتى التراشق الناري العشوائي من بعيد، بل ويتم تسجيل أي خرق لوقف إطلاق النار. وأكد بأنه يجري الآن التحقيق في حادثة مقتل المواطن محمود علي صالح القطيفان الذي اصيب في منزله بشظايا طلقة مضاد متفجرة، وسوف “يحاسب بالترتيب من أطلقها ومن أصدر الأمر، إبتداءاً من قائد المجموعة وقائد السرية والكتيبة واللواء والفرقة التي يتبع لها هذا المضاد، والذي يستخدم بشكل عشوائي ضد المدنيين”.

المدن

————————-

فشل روسي متراكم في سورية/ ناصر السهلي

برر بعض السوريين والعرب الاحتلال الروسي في سورية، بأوهام “لجم مشاريع إيران” فيها. بعد 6 سنوات من التدخّل العسكري الروسي المباشر، لإنقاذ نظام بشار الأسد، يتكشف بؤس الخيارات الروسية خلال 10 سنوات. فمنذ انتفاضة الشعب السوري في ربيع 2011، وضعت موسكو نفسها في مواجهة إرادة أغلبية الشعب. وأصرت، حفاظاً على مصالح عسكرية واقتصادية، على المشاركة في تزوير حقائق أهداف ثورة السوريين، وهتافاتهم عن وحدة شعبهم ومصيرهم في ظل نظام ديمقراطي تعددي مستقبلي، ناسفة كل ما شبّ عليه السوريون من شعارات “الصداقة” مع “الاتحاد السوفييتي” سابقاً وروسيا لاحقاً. وهو ما وقع فيه أيضاً “حزب الله”، ضارباً شعبيته بينهم بتأييده الديكتاتورية و”الظلم”.

ما يجري في درعا، المحاصرة والمهددة بمصير مدن أخرى، بالتجويع والقصف والتهجير، يكشف للسوريين، “معارضة وموالاة”، مستوى التحالف الروسي مع مليشيات طائفية، والتغطية على مرتزقة “فاغنر”. فنوعية المليشيات المُحاصِرة، “زينبيون” و”فاطميون”، بخلطة أفغانية-باكستانية، وغيرها من أذرع إيران، تؤشر إلى بؤس مشاريع موسكو، وكذبتها عن أن “الحل سوري-سوري”، وإمعانها في اختراع تصنيف احتلالي للسوريين. فإذا كان الحل “سورياً”، ما معنى حصار درعا وتهديدها بمليشيات أجنبية، وبغطاء روسي ومن نظام دمشق، بمقتلة كما جرى في القصير وداريا والقلمون وغيرها؟

في ظل احتلالات متعددة، أدت إليها سياسات “الأسد أو نحرق البلد”، يبدو مريباً استمرار الصمت، سواء رسمياً عربياً أو لدى بعض الأوساط السورية، عن المحتل الروسي، الذي يغطي على كل ما قيل عن مشاريع التغيير الديمغرافي، بوهم إنتاج سورية أخرى، ضد تاريخ ونسيج مجتمعها. فبرعاية التدخل الروسي، الغارق في كل تفاصيل البلد، تتوسع الجرائم، وبينها حرق جثث السوريين بالبنزين، وبتصرفات تتجاوز مستوى الإجرام “الداعشي”، مثلما تُحال سورية كلها إلى دولة فاشلة، أملاً بإعادة إنتاج وتسويق النظام.

في المحصلة، فإن موسكو التي تغيب عنها حيوية النقاش والمراجعات، كالتي تقدم وستقدم عليها القوى الغربية بعد 20 سنة من غزو أفغانستان، تسير بسورية وبثبات نحو نهايات مأساوية كان يمكن تجنبها، بدل الإمعان في التزوير والتعمية على الحقيقة، فتخسر “الشعب الصديق”، مثلما خسر بعض “محور الممانعة” الكثير من التأييد التاريخي بين السوريين. فالاحتلالات مهما بدت قوية ومسيطرة، ومتحالفة مع عصابات محلية ومستوردة، مصيرها الفشل، ولن يفيد عندها كل الأسئلة عن “ماذا لو؟”.

العربي الجديد

————————————

بعد قانون سوري جديد.. قذائف روسية “دقيقة الإصابة” وصور لأطفال بإدلب لا تُحتمل/ ضياء عودة

“آيات، محمد، مريم، حاتم” أسماء أطفال قتلوا بقصف لقوات النظام السوري وروسيا، صباح الجمعة، على منطقة جبل الزاوية بريف محافظة إدلب السورية. أمهم التي كانت برفقتهم لم تتمكن من إنقاذ حياتهم أو حتى إسعافهم، وأبوهم فيصل الخليل كان قد خرج باكرا للبحث عن رزقه، وحين عاد وجد نفسه “دون بيت وبلا عائلة”.

في الساعات الماضية نشر ناشطون من إدلب ومنظمات إنسانية عبر مواقع التواصل صورة للأب “المكلوم” وهو ينظر إلى أشلاء أطفاله الأربعة بحرقة.

“كانت ملامح العجز والصدمة واضحة للعيان في محيطه. ودعهم وهم نائمون. دفنهم بيديه واحتضن طفله الخامس الذي نجا بأعجوبة”، بحسب ما يقول ناشط إعلامي مقيم في جبل الزاوية في تصريحات لموقع “الحرة”.

ويوضح الناشط الإعلامي، عبدو قنطار، أن القسم الجنوبي لمنطقة جبل الزاوية، والذي يضم عشرات القرى والبلدات يشهد تصعيدا غير مسبوقا بالقصف من جانب قوات النظام وروسيا المتمركزة في محيط المنطقة. ويضيف قنطار لـ”الحرة”: “القصف بغالبيته بقذائف الكراسنوبول الروسية، والتي يتم توجيهها بالليزر، بحسب إحداثيات طائرات الاستطلاع التي لا تغادر أجواء إدلب ليلا ونهارا”.

وتعتبر قذائف “كراسنوبول” من فئة قذائف المدفعية الثقيلة، وهي روسية الصنع ومن عيار “152 ميلمترا”، وتصنف على أنها قذائف شديدة الانفجار، ودقيقة الإصابة كونها مزودة بنظام توجيه عبر “الليزر”.

ويتابع الناشط الإعلامي: “واحدة من هذه القذائف كفيلة بهدم منزل بأكمله وقتل كل الأرواح التي في داخله. طائرات الاستطلاع الروسية ترصد كل شيء بدقة، وفيما بعد تبدأ المدفعية القصف العشوائي”. ولا يعلق النظام السوري على قصفه اليومي لمناطق ريف إدلب الجنوبي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى روسيا، والتي تنشر وزارة دفاعها بيانا يوميا تقول فيه إنها رصدت “خروقات من قبل المسلحين في منطقة خفض التصعيد الرابعة”، في إشارة منها إلى إدلب السورية.

“الضحايا أطفال”

ليس ببعيد عن منزل إبراهيم الخليل في بلدة كنصفرة بجبل الزاوية، ودع الخميس الثلاثيني محمد مصطفى عجاج أطفاله الثلاثة وزوجته بقصف مدفعي بقذائف “الكراسنوبول”، حيث استهدفت بشكل مركز منزله الواقع في بلدة بلشون بالريف الجنوبي لإدلب.

“الدفاع المدني السوري”، وهو منظمة إنسانية، نشر تسجيلا مصورا عبر “تويتر” للأب محمد عجاج، وهو يحاول رؤية أحد ملامح أطفاله الذي تحول إلى أشلاء صغيرة، بقوله: “بس بدي شوف وجهه”.

وعنون “الدفاع المدني التسجيل” بجملة: “لم يجد من جسد طفله سوى يده يودعها بغصة وحرقة، يتلمسها بحنان. حتى النظرة الأخيرة حرم منها”.

ومنذ بداية شهر أغسطس الحالي بات المشهد الصباحي الأبرز يوميا في محافظة إدلب شمال غربي سوريا “مقتل أطفال بقذائف مدفعية النظام السوري وروسيا”.

وفي الوقت الذي تسجل فيه المنظمات الطبية والإنسانية حصيلة الضحايا، توثق أيضا أعداد الجرحى، الذين تكون حالة البعض منهم “خطرة”، بسبب البتر الذي قد يطال أيديهم أو أرجلهم.

وأشار “الدفاع المدني” الجمعة إلى إصابة طفلين، أحدهما بحالة حرجة، بقصف مدفعي لقوات النظام السوري على مقبرة قرية كفرنوران بريف حلب الغربي، مضيفا: “الطفلان كانا يزوران قبر والدهما”، فلاحقتهما القذائف.

“430 هجوما في شهرين”

من جانبه يقول مسؤول المكتب الإعلامي في “الدفاع المدني”، فراس خليفة إن فرقهم الإسعافية استجابت منذ الحملة العسكرية على إدلب، بداية شهر يونيو، لأكثر من 430 هجوما من قبل قوات النظام روسيا على منازل المدنيين. ويضيف خليفة لموقع “الحرة” أن تلك الهجمات تسببت بمقتل أكثر من 107 أشخاص، من بينهم 35 طفلا و19 امرأة، بالإضافة إلى متطوعين اثنين.

كما جرح خلال ذات الفترة أكثر من 277 شخصا، نتيجة الهجمات، من بينهم 69 طفلا وطفلة تحت سن الـ 14، بحسب مسؤول المكتب الإعلامي في “الدفاع المدني”.

“إرهاب لجميع الأطفال”

وكان حوالي 3.5 مليون شخص قد فروا إلى الشمال الغربي هربا من المعارك في أجزاء أخرى من البلاد، وسط ظروف معيشية مزرية تفاقمت منذ انهيار العملة السورية، العام الماضي، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وتصاعدت أعمال العنف، منذ ثلاثة أشهر، في وقت تعهد فيه رئيس النظام السوري، بشار الأسد بجعل “تحرير تلك الأجزاء من الوطن التي لا تزال بحاجة إلى أن تكون محررة” واحدة من أولوياته القصوى.

ليلى حسو، مديرة الاتصال والدعوة في شبكة “حراس الطفولة”، وهي مؤسسة خيرية تعمل على حماية الأطفال في سوريا، تقول: “منذ أقل من أسبوع أصدر النظام السوري قانونا جديدا خاصا بحقوق الطفل، وتنص المادة 3 منه على حق الطفل في الحياة والبقاء والنماء.

القانون أكد أيضا على دور الدولة ومؤسساتها في حماية الطفل السوري ورعايته”. وتضيف حسو في حديث لموقع “الحرة”: “الأطفال الذين توفوا بالقصف في إدلب سوريين ويحملون الهوية السورية. هناك انتهاك واضح بالقوانين المحلية بغض النظر عن القوانين الدولية التي وثقت مئات الانتهاكات”.

وترى المتحدثة أن الذي يحصل “ليس مجرد وفاة طفل”، بل هناك أبعد من ذلك، مشيرة: “وفاة طفل سوري يعني إرهاب جميع أطفال المنطقة. ما يحدث هو إرهاب”.

وتوضح: “الأطفال الذين توفوا باتوا أشلاء والآباء لم يعثروا على وجوه أطفالهم. ما الذي سنتوقعه عندما يشاهد أصدقاء الطفل التسجيلات المصورة التي وثقت وفاته. الأصعب من ذلك كيف سيتعاملون مع فكرة الموت وفكرة الإرهاب التي تحصل”.

“بعد القانون الجديد”

وفي الخامس عشر من الشهر الحالي كان رئيس النظام، بشار الأسد قد أصدر “قانون حقوق الطفل”، بعد شهر من إقرار مجلس الشعب على مشروع القانون الخاص به. ويهدف القانون رقم (21) المتضمن قانون حقوق الطفل، إلى “تعزيز دور الدولة في حماية الطفل ورعايته وتأمين التنشئة والنماء والتأهيل العلمي والثقافي والنفسي والاجتماعي لبناء شخصيته بما يمكِّنه من الإسهام في مجالات التنمية كافة”، بحسب وكالة “سانا”.

وبحسب المادة (14) من المبادئ العامة للقانون: “للطفل الحق في الحماية من أشكال العنف كافة، وخاصة الإساءة البدنية، أو المعنوية، أو الجنسية، أو الأخلاقية، وغير ذلك من أشكال الإساءة في المعاملة، وله الحق في الحماية من الاستغلال، والإهمال، والتقصير، والتشرد، والأخطار المرورية، والممارسات الخطرة”.

ونصت أيضا على أن “تكفل الدولة إصدار التشريعات واتخاذ التدابير الإدارية والاجتماعية والتربوية والوقائية لتوفير هذا الحق”. وسبق وأن دعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إلى حماية الأطفال، بعد توثيق مقتل عشرات الأطفال في عدة هجمات استهدفت مناطق جبل الزاوية بريف محافظة إدلب.

وقال المدير الإقليمي للمنظمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تيد شيبان، في بيان صدر في الثالث من يوليو الماضي إن “هذه الهجمات هي الأسوأ منذ مارس 2020”.

وأضاف: “إنها حقا مأساة، هذه الهجمات هي الأسوأ منذ التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في المنطقة في مارس من العام الماضي. لن يؤدي تصعيد العنف إلا إلى فقدان أرواح مزيد من الأطفال”.

ضياء عودة – إسطنبول

الحرة

———————————-

=======================

تحديث 21 آب 2021

—————————–

أرسل موفدًا له إلى واشنطن. موسكو تهزأ بالأسد: لا تلعب بالنار!

ماذا يجري بين نظام بشار الأسد وحليفته روسيا حتى تبدي موسكو تبرمها من سلوك الرئيس السوري وسياساته، سواء حيال الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تُغرق بلاد الشام في صعوبات حياتية ومعيشية شبيهة بتلك التي يعاني منها لبنان بفعل فقدان السلع والمواد الحيوية مثل المحروقات والكهرباء وكثير من المواد الغذائية؟ سؤال سأله الصحافي وليد شقير في “إندبندنت عربية”، ليقول إن الأمر بلغ حد تناول الأسد شخصياً في بعض الكتابات غير المعزولة عن الأجواء التي تسود بعض دوائر القرار الروسي.

وبحسب “إندبندنت عربية”، لا تكتفي موسكو بتسريب اعتراضها على اندفاع النظام السوري نحو الحسم العسكري ضد المناطق المعارضة له في جنوب سوريا، وتحديداً في محافظة درعا، عبر بعض القريبين من الدبلوماسية ووزارة الدفاع الروسيتين، بل هي تتهم النظام بالسعي للانقلاب على تفاهمات أستانا بين روسيا وتركيا وإيران، وعلى مساعي الحل السياسي وفق القرار الدولي 2254، لكنها ضمناً تخشى من استفادة الأسد من تنامي التغلغل الإيراني في الجنوب السوري، من أجل السيطرة على تلك المنطقة الحساسة بدعم من طهران.

وهي منطقة حساسة نظراً إلى أنها على الحدود مع الأردن، ومتاخمة لمحافظة القنيطرة الحدودية مع الجولان السوري المحتل من جانب إسرائيل، ومحافظة السويداء التي تشهد حراكاً في صفوف الطائفة الدرزية ضد النظام واستخباراته فيها في ظل عجزه عن تأمين أبسط مقومات العيش، لا سيما الطحين والمحروقات.

وتشهد القنيطرة منذ سنتين تكثيفاً لعمليات القصف الجوي والصاروخي والمدفعي لمواقع يوجد فيها “الحرس الثوري” الإيراني وميليشيات تابعة له و”حزب الله”، حيث تسعى طهران بالتعاون مع الفرقة الرابعة في الجيش السوري بقيادة ماهر حافظ الأسد، إلى تعزيز وجودها وتمركز الميليشيات التابعة لها قرب الحدود لبناء بنية تحتية عسكرية تمكنها من توجيه عمليات ضد القوات الإسرائيلية في إطار تمددها الإقليمي وامتلاك الأوراق العسكرية والسياسية تجاه الولايات المتحدة الأميركية. وآخر عمليات القصف الإسرائيلي كان ليل الثلاثاء 17 أغسطس (آب) لموقع عسكري سوري والميليشيات الإيرانية في ريف القنيطرة الشمالي، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

الأسد أرسل مبعوثاً إلى واشنطن

إلا أن التطور البارز في التبرم الروسي من مواقف الأسد هو ما أعلن عنه المستشار الدبلوماسي لوزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين رامي الشاعر، في 13 أغسطس، في حديث لموقع تلفزيون “سوريا” القريب من المعارضة السورية، عن أن “رئيس النظام بشار الأسد أرسل مبعوثاً إلى واشنطن، وأبلغ الإدارة الأميركية باستعداده للعمل والتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة الأميركية في شأن جميع القضايا التي تخصها في الشرق الأوسط، مقابل دعم بقاء النظام السوري على ما هو عليه”، وفقًا لـ “إندبندنت عربية”.

ورأى الشاعر أن “هذه الصفقة التي يعرضها النظام على واشنطن ستكون بمثابة قبلة الحياة مقابل تقديم 99 في المئة من أوراق اللعب لأميركا، ومنحها القدرة على التحكم في الملف السوري بعيداً عن أي دور لروسيا أو لمجموعة دول مسار أستانا أو لأي من الجهود التي بذلت وما زالت تبذل من أجل حل الأزمة السورية من قبل هذه الدول”.

والشاعر الحائز على الجنسية الروسية منذ زمن، وسبق أن عمل في الخارجية الروسية وكان مستشاراً في الكرملين أيضاً قبل سنوات، يتولى التعبير في كثير من الأحيان عن مواقف موسكو في كتابات في الصحافة الروسية وبعض وسائل الإعلام العربية. وغالباً ما تكون المعطيات التي تتضمنها كتاباته منسقة مع دوائر القرار الروسية.

وهو سبق أن لعب دور صلة الوصل بين النظام وموسكو وفي التمهيدات للتدخل العسكري الروسي في سوريا في آخر سبتمبر 2015 الذي أنقذ النظام السوري من السقوط، حين اقتربت قوات المعارضة السورية من محاصرة العاصمة ودخولها بعض أحيائها.

الأميركيون أبلغوا الروس

وعلمت “اندبندنت عربية” من شخصيات زارت العاصمة الروسية قبل أسبوع واطلعت على بعض المعلومات في شأن ما كشفه الشاعر، أن الجانب الأميركي أبلغ الجانب الروسي بإرسال الأسد مبعوث إلى واشنطن. وأوضحت هذه الشخصيات أن واشنطن أطلعت موسكو على هذا التطور في الإطار الدبلوماسي للقاءات التي تعقدها اللجنة الروسية – الأميركي المشتركة حول الشرق الأوسط التي كان الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جو بايدن اتفقا على تشكيلها في اجتماعهما في جنيف في 16 يونيو (حزيران) الماضي، في إطار تشكيل لجان عدة متخصصة للحوار بين الدولتين العظميين منها ما يتعلق بالأسلحة الاستراتيجية، وكوريا الشمالية وإيران والحرب السيبرانية والشرق الأوسط. وهي لجان تجتمع على مستوى الخبراء. وتنقل هذه الشخصيات عن دبلوماسيين روس قولهم، إن اللجنة المتعلقة بالشرق الأوسط تحرز تقدماً في التقارب الروسي – الأميركي أكثر من غيرها من اللجان.

وذكرت معلومات المتصلين بدبلوماسيين روس نقلاً عما تبلغوه من الإدارة الأميركية أن مبعوث الأسد إلى واشنطن، الذي لم تذكر موسكو هويته تناول أيضاً الوضع في جنوب سوريا من زاوية استعداد النظام لخوض مواجهة مع المعارضين في منطقة درعا تمهيداً للسيطرة على المنطقة لضمان الأمن فيها، في إيحاء بأن سيطرة قواته عليها يضمن أمن الجبهة مع إسرائيل. إلا أن هذه المعلومات لم توضح إذا ما كانت رسالة الأسد تناولت الوجود الإيراني في المنطقة الجنوبية، التي تعتبر إسرائيل أنه يشكل تهديداً لأمنها تبرر به مواصلتها قصف المواقع التي يوجد فيها، وفقًا لـ “إندبندنت عربية”.

وتبذل موسكو عبر قيادتها العسكرية في سوريا وفي صلاتها مع مجموعات المعارضة في محافظة درعا التي قاطع أهاليها الانتخابات الرئاسية التي جدد عبرها الأسد لنفسه ولاية خامسة، ضغوطاً على نظام الأسد للحيلولة دون استخدامه الحسم العسكري مع هذه المجموعات بدعم من الميليشيات الموالية لإيران، لا سيما في منطقة درعا البلد المحاصرة من جانب قوات النظام منذ أكثر من شهرين حيث تشهد اشتباكات متقطعة تأخذ طابعاً عنيفاً أحياناً جراء قصف الجيش النظامي البلدة وسعيه لفرض شروط تسليم مجموعات المعارضين السلاح الخفيف وتهجيرهم إما إلى إدلب أو إلى الشمال السوري حيث السيطرة للقوات التركية. وقامت القوات الروسية بوساطات عدة بين المعارضين والنظام لم تتوصل إلى نتائج. كما أن الصحافة الروسية تضمنت كتابات بأن موسكو لن تسمح بتجديد الحرب في سوريا انطلاقاً من هجوم النظام على درعا.

الإدارة الأميركية لن تنجر

وقال الشاعر في مقابلته مع موقع تلفزيون “سوريا” إن “النظام يدرك أن التصعيد والتوتر العسكري في الجنوب السوري وبالقرب من الحدود الإسرائيلية يمكن أن يشعل حرباً كبيرة، سيكون ثمنها باهظاً، وتداعياتها مربكة، لهذا يعرض النظام على واشنطن وإسرائيل لعب الدور الرئيس للتحكم في هذه المنطقة، بإفشال كل الجهود الأخرى بما في ذلك الجهود الروسية وجهود مجموعة أستانا”.

ورأى الشاعر أن “الإدارة الأميركية لن تنجر إلى مغامرة عبثية كهذه، فهي تدرك منذ بداية الأزمة السورية أن أساس المشكلة السورية موضوعي، يتمثل في رفض عامة الشعب السوري للنظام الحالي، وتعي كل محاولات التلاعب، التي يلجأ إليها النظام، وبدأت واشنطن اليوم في إجراء لقاءات على مستوى المختصين في موسكو بهدف إيجاد أفضل السبل للتعاون في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، وتختلف هذه الإدارة عن سابقتها التي كانت تهدف إلى إغراق روسيا في المستنقع السوري”.

وإذ عبر الشاعر بذلك عن تقارب روسي – أميركي أولي حيال الوضع السوري، على الرغم من انتقاد موسكو للمقاربة الأميركية لأوضاع بلاد الشام، فإن من أسس هذا التقارب تقاطع الموقف حيال الوجود الإيراني في جنوب سوريا. وإذا كانت واشنطن تؤيد القصف الإسرائيلي المتواصل لهذا الوجود في سوريا، فإن موسكو الموجودة على الأرض السورية تبيح لإسرائيل “ضمان أمنها” لكنها تشترط منذ سنوات على الدولة العبرية إبلاغها بعمليات القصف التي تقوم بها، وعدم التعرض لمواقع الجيش السوري، أو للمواقع القريبة من نقاط تمركزه. ويلفت المطلعون على الموقف الروسي في هذا الشأن إلى زيارة قام بها المستشار الجديد للأمن القومي الإسرائيلي إيال حولاتا قبل أسبوع تم فيها تجديد آلية التنسيق حول العمليات العسكرية الإسرائيلية في سوريا، مع التأكيد على تجنب تل أبيب قصف مواقع للجيش السوري يوجد قربها الجيش الروسي.

لعب بالنار مع بوتين

بحسب “إندبندنت عربية”، لم يصل التقارب الأميركي – الروسي إلى مرحلة تصاعد الخلاف بين موسكو وإيران، إذ إن الأولى ما زالت تستند في انتقاداتها للأسد إلى قرارات مجموعة أستانا التي تشكل طهران الضلع الثالث فيها، على الرغم من إدراكها أن الأسد برفضه الحل السياسي الذي تتهمه بتقويضه يتمتع بتأييد طهران. وردد العارفون بالموقف الروسي منذ أشهر أنه من غير المنطقي بروز خلاف بين موسكو وطهران في ظل غياب تفاهم أميركي روسي.

لكن، في موازاة ذلك، اعتبر السياسيون الذين يترددون على العاصمة الروسية أن تسريبها نبأ إيفاد الأسد مبعوثاً إلى واشنطن من أجل مقايضتها بقاء النظام بتأمين مصالحها وضمان الأمن على الحدود مع إسرائيل “لعب بالنار” من قبل الرئيس السوري مع الرئيس بوتين. وهذا رفع منسوب السلبية تجاه الأسد في أروقة الدبلوماسية الروسية إلى درجة أن الشاعر عاد فشن هجوماً غير مسبوق على الأسد في مقال نشرته جريدة “النهار” اللبنانية الأربعاء 18 أغسطس، تحت عنوان “سوريا لن تواجه مصير أفغانستان”، تناول فيه المقارنة بين السياسة الأميركية في أفغانستان والسياسة الروسية في سوريا، وتحدث “عن وهم أن “99 في المئة من أوراق اللعبة في يد الولايات المتحدة الأميركية”.

تهكم على الأسد

اللافت في مقال “النهار” تشكيكه في شرعية انتخاب الأسد في مايو (أيار) الماضي، إذ كتب “لا يوجد أي بديل عن الانتقال السلمي بحسبما نص عليه قرار مجلس الأمن الرقم 2254، والتأكيد على تعديل الدستور، وتغيير النظام والرئيس، والاتفاق على نظام جديد وانتخاب رئيس على نحو ديمقراطي يحظى بتأييد غالبية السوريين عن طريق انتخابات حرة ديمقراطية، تحت إشراف هيئة الأمم المتحدة. وتلك هي قناعة غالبية السوريين، وهم حريصون، على الرغم من الصعوبات التي يعانونها من تعنت القيادة الحالية، على ألا ينجروا إلى حرب أهلية، وروسيا ومجموعة أستانا أيضاً لن تسمحا بذلك”. وتهكم الشاعر على رقم “الـ15 مليون ناخب الذي أعلنته اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

والأكثر دلالة تهكمه على الأسد شخصياً، فاستعاد خطاباً ألقاه الأخير العام الماضي تحدث فيه عن “مجتمع أكثر صحة وأكثر تجانساً”. واعتبر الشاعر أن هذا “لا يجسد سوى انفصال مرضي عن الواقع والأوساط الاجتماعية للمجتمع السوري”.

ورأى الشاعر أن الأسد “بدا في خطاب القسم بالذات، وكأنه لم يبرح المدرسة، لكنه الآن يحاضر فيها كأستاذ، ليلقن طلبته كيف يمكنهم الحياة، وما الذي يجب عليهم فعله من أجل الحفاظ على ذلك المجتمع المتجانس”.

ايلاف

————————

لقراءة مقالة رامي الشاعر في “النهار” اللبنانية، إضغط هنا.

سوريا لن تواجه مصير أفغانستان/ رامي الشاعر

تحت أنظار العالم أجمع، وخلف ميكروفونات وسائل الإعلام، أجرت حركة “طالبان” يوم أمس الثلثاء 18 آب، مؤتمرها الصحافيّ الأول.

تحدث في هذا المؤتمر الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد عن العهد الجديد وخطط حركة “طالبان” لمستقبل أفغانستان، وأهداف الحكومة الجديدة بعد سيطرة الحركة بالكامل على مقادير البلاد.

أكد مجاهد أن “إمارة أفغانستان الإسلامية، بعد تحقيق استقلالها، لن تقوم بتصفية حسابات مع أي أطراف في أفغانستان”، وأن “أفغانستان لن تُستخدم من أجل إلحاق الضرر بالآخرين”.

وأوضح الناطق باسم الحركة أنها اتخذت قراراً بالعفو عن الجميع، وخص بالذكر المواطنين الذين عملوا مع الحكومة الأميركية مثل المترجمين وغيرهم، وقال: “نعفو عن آلاف الجنود الذين حاربونا 20 عاماً”.

وفي رسالة طمأنة للإعلام ولدول العالم، أضاف مجاهد أن السفارات والبعثات الدبلوماسية مؤمنّة، ولن يتعرض ممثلو البعثات الدبلوماسية لأي أذى، وأشار إلى انه سوف يكون هناك حضور نشط للمرأة الأفغانية، وسوف يسمح للمرأة بالعمل في البلاد، على أن يكون ذلك في إطار الشريعة الإسلامية.

وطلب مجاهد من المجتمع الدولي “المساعدة” من خلال الاستثمار والدعم المادي حتى تتمكن البلاد من الحصول على دخل إضافي، وأعلن أن أفغانستان ستتوقف عن إنتاج المخدرات بكافة أنواعها اعتباراً من اليوم.

في هذا الوقت، ذكر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال كلمة ألقاها في جامعة البلطيق الفدرالية في مدينة كالينينغراد يوم الثلاثاء، أن موسكو لا تتعجل في الاعتراف بحركة “طالبان”، شأنها في ذلك شأن الدول الأخرى، إلا أنه أشار إلى “الإشارات المشجّعة” التي أرسلتها الحركة، ومنها إعلانها الاستعداد لعدم إغلاق الأبواب أمام الموظفين الذين عملوا في حكومة الرئيس أشرف غني، ومواصلة العمليات المرتبطة بالتعليم، وخاصة تعليم الإناث. رحب لافروف كذلك بإعلان الحركة بحث تشكيل حكومة تشارك فيها الحركة إلى جانب قوى أفغانية أخرى، مشيراً إلى أن موسكو تؤيد كل دعوة لبدء حوار شامل في أفغانستان بين جميع مكوناتها العرقية والدينية.

إن موقف روسيا واضح ومحدد تجاه جميع الدول. وهي تعترف بالقيادة الشرعية التي تؤيدها غالبية الشعب حيث قال وزير الخارجية الروسي: “من الحماقة في ظل هذا الوضع التظاهر بأنه من الممكن إرغام الشعب الأفغاني على أن يعيش وفقاً للقوانين التي يتبعها الغرب. فلم يكن هذا سوى محاولة جديدة لفرض قيم معينة على سائر العالم في تجاهل تام للتقاليد التي تعيش في ظلها دول أخرى على امتداد عصور”.

من حيث المبدأ أظن أن اعتراف روسيا بقيادة أفغانستان التي تتزعمها حركة طالبان أمر ممكن. بل إن بدء الاتصالات مع قيادات الحركة في الدوحة، وما تبعها من توقيع على اتفاقية الدوحة بين “طالبان” والولايات المتحدة الأميركية، ثم استقبال وفد الحركة في موسكو، هي في واقع الأمر بمثابة إلغاء لقرار اعتبار الحركة تنظيماً إرهابياً. ولكن، إجرائياً، يتعيّن طرح هذه القضية على مجلس الدوما الروسي، من ثم اتخاذ قرار واضح بهذا الشأن.

إن المشاهد التي نقلتها وسائل الإعلام والتقطتها مواقع التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء العالم لبشر من دم ولحم يسقطون من على جسم طائرة “الإغاثة والإخلاء” الأميركية من طراز “بوينغ-سي17” أثناء إقلاعها، والمشاهد التي نقلتها وكالات أخرى من داخل الطائرة عن اكتظاظها بما يقرب من 640 راكباً يهربون من “الجحيم”، تشبه في عمق دلالاتها سقوط برجي التجارة في نيويورك سبتمبر من عام 2001. إنه سقوط مدوٍ ومرعب لأسطورة أميركية يسمونها “دعم الديمقراطية والحرية” حول العالم. وعلى مدار عقدين من الزمن، عجزت القوات الأميركية، ومعها الدعم الأميركي لمؤسسات المجتمع المدني الأفغاني والجيش الأفغاني، لا عن صنع “نموذج” مثل “النموذج العراقي” وحسب، ولكنها عجزت حتى عن توفير أدنى حد من التعليم الابتدائي لمواطنين شباب، لم تسعفهم معارفهم ولا منطق تفكيرهم في إدراك مخاطر التعلق بجسم طائرة تحلّق على ارتفاع 28 ألف قدم (8500 متر). هل هناك سقوط أميركي أكثر من ذلك؟

علاوة على ذلك، إن ما تسرب في ما بعد من تقارير عن إجلاء المتعاونين مع الحكومة الأميركية، وتوزيع اللاجئين على الدول المختلفة، وما سمعناه من “أرقام” تؤكّد ما كتبناه – ولا زلنا نكتبه – عن وهم “99% من أوراق اللعبة في يد الولايات المتحدة الأمريكية”. فهل لا زال هناك من يتوهم ذلك في أي مكان على وجه البسيطة؟

تسيطر “طالبان” الآن على أكثر من 80% من الأراضي الأفغانية. حسناً. كيف لقادة الحركة أن “يطعموا” الشعب الأفغاني؟ فلنطالع ما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست” من أن منع الوصول إلى احتياطيات البنك المركزي الأفغاني الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تقدر وفقاً لصندوق النقد الدولي، بقيمة 9.4 مليار دولار حتى أبريل الماضي، هو “أولى الخطوات التي يتوقع أن تثبت العديد من القرارات الحاسمة التي تواجه إدارة بايدن بشأن المصير الاقتصادي لأفغانستان بعد استيلاء طالبان على السلطة”. وذكرت أن “أفغانستان واحدة من أفقر البلدان في العالم، وتعتمد بشكل كبير على المساعدات الأميركية التي هي الآن في خطر”.

أي إن الولايات المتحدة الأميركية، وبعد أن صرح رئيسها الأسبق جورج دبليو بوش في 2006 بالحرف الواحد: “لقد ولّت أيام طالبان. وأصبح مستقبل أفغانستان ملكاً لشعب أفغانستان. مستقبل أفغانستان أصبح ملكاً للحرية”، عادت لتقول على لسان رئيسها الحالي جو بايدن في خطابه منذ يومين: “لم يكن من المفترض أبداً أن تكون مهمتنا في أفغانستان هي بناء الأمة، ولم يكن من المفترض أبداً إنشاء ديمقراطية موحّدة ومركزية”. والآن سوف تبتز الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي الشعب الأفغاني بعقوبات وحصار وتجميد لأصول البنك المركزي بدعوى معاقبة “طالبان”، تماماً مثلما تطبّق الولايات المتحدة الأمريكية قانون “قيصر” لمعاقبة الشعب السوري، بدعوى أنها تعاقب “النظام السوري” وليس “الشعب السوري”.

لكن أراضي أفغانستان، في الوقت نفسه، وبحسب موقع “كوارتز”، تحتفظ بثروات ضخمة من المعادن، الضرورية لبناء اقتصاد الطاقة النظيفة حول العالم، وعلى رأسها الليثيوم، الذي يعتقد أن أفغانستان تمتلك أكبر احتياطي منه في العالم، إلا أن الصراع والفساد والخلل البيروقراطي جعل تلك الموارد غير مستغلة بالكامل تقريباً. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على الليثيوم 40 ضعفاً فوق مستويات عام 2020، بحلول عام 2040، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.

لهذا تقف اليوم روسيا والصين جبهة موحدة في علاقتهما الحذرة تجاه ما يحدث في أفغانستان، وتتابعان بمنتهى الحرص أفعال وإجراءات طالبان التي يتوقف عليها منح أو تقويض الثقة بالقيادة الأفغانية الجديدة، أملاً في استقرار الوضع، واللجوء لطاولة الحوار سبيلاً لحل الأزمة الأفغانية، وتجنب ويلات الحرب الأهلية.

في هذا السياق، بالطبع، لا أحد يريد أن يتكرر المصير الأفغاني المؤسف في سوريا، ولن يحدث ذلك ببساطة لأن كل الجهود التي تبذلها موسكو في سوريا، إنما تستند إلى معرفة عميقة بطبيعة المجتمع السوري، ولا توجد أي رغبة من الطرف الروسي لفرض أي أجندة خارجية على الشعب السوري الذي يدرك تماماً ما يريد، وقادر بلا شك على تجسيد إرادته السياسية من خلال صناديق الاقتراع، وانتخابات شفافة ونزيهة بإشراف هيئة الأمم المتحدة، كما نص قرار مجلس الأمن رقم 2254. لا من خلال خطابات متلفزة، وانتخابات أقل ما يمكن أن توصف به أرقامها بأنها “غير منطقية”.

بالمناسبة، أعلنت اللجنة المشرفة على الانتخابات السورية الأخيرة أن المشاركين في التصويت قد بلغ عددهم 15 مليون ناخباً. إذا كان تعداد الشعب السوري هو 24 مليون، ومن بينهم 30% ممن لا يحق لهم التصويت، فذلك يعني أن مجموع من لهم حق الانتخاب 17 مليون شخص تقريباً. فإذا كان من بين هؤلاء 12 مليون سوري من اللاجئين أو النازحين أو الموجودين في شمال شرق وشمال غرب سوريا ممن لم يشاركوا في الانتخابات، إضافة إلى بعض المناطق في الجنوب، ممن قاطعوا الانتخابات، يصبح أكبر عدد ممكن للمشاركة (100% من الناخبين!) هو خمسة ملايين وفقاً للتقديرات الخيالية. فهل يعقل التعامل مع الرقم الذي أعلنته اللجنة المشرفة على الانتخابات السورية بوصفه “تجسيداً” للإرادة الشعبية؟

ومع ذلك فإن ما حدث في أفغانستان لن يحدث في سوريا، لأن التواجد العسكري الروسي في سوريا لم يأت بهدف تثبيت نظام معين، وإنما أتى بطلب رسمي من الحكومة الشرعية في دمشق، لحماية الشعب السوري من التنظيمات الإرهابية. وقد نجحت روسيا في ذلك بجدارة، وتمكنت لا من خلال التدخل العسكري وحده، وإنما أيضاً من خلال التوصل إلى مواءمات وتعاون دولي واسع خاصة مع تركيا وإيران وبإشراف من هيئة الأمم المتحدة، من فصل التنظيمات الإرهابية عن المعارضة السورية باختلاف أطيافها، وتم التوصل إلى أربع مناطق لخفض التصعيد، ووقف إطلاق النار على الأراضي السورية كافة، ولا زالت الجهود مستمرة لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254 لحل الأزمة السورية.

كذلك يجدر القول بأن الجيش السوري وتركيبته الأمنية منظمة وصارمة وقوية للغاية، وبنية سوريا على مدى عشرات السنين رسخت وجود هذا الجيش بحاضنة شعبية معتبرة، لن تنهار مثلما حدث مع الجيش الأفغاني الذي تديره حكومة “مستوردة” من الخارج، ويحظى الجيش العربي السوري بقاعدة تمثّل ما بين 10-15% من الشعب السوري. إلا أن ذلك الوضع لا يمكن أن يكون مستداماً دون اتساع لهذه الحاضنة الشعبية، التي تمنع وتضمن استحالة انهيار الدولة كما حدث في أفغانستان، حيث انهار الجيش الأفغاني الذي حصل على مليارات الدولارات من تدريب وعتاد وأسلحة في ظرف أيام معدودة.

السبب ببساطة هو الشعب الذي يمنح هذا الجيش أبناءه ليضحوا بأرواحهم لا من أجل الرواتب، وإنما من أجل الأرض والفكرة والقضية. في أفغانستان لم تتمكن الأقلية من فرض إرادتها السياسية المستقلة، وانهارت بمجرد زوال الدعم الأميركي. في سوريا لن تتمكن الأقلية، حتى مع قوتها وبسط سيطرتها على معظم الأراضي السورية، من الاستمرار بدون حاضنة شعبية، وقضية جامعة ودستور جديد يشمل الجميع تحت مظلته، من خلال انتقال سلمي للسلطة، وانتخاب رئيس بآلية ديمقراطية شفافة ونزيهة تحظى بتأييد غالبية السوريين، وتحت إشراف هيئة الأمم المتحدة وفقاً لما نص عليه قرار مجلس الأمن.

ربما يكون هذا هو السبب في ما ذكرته آنفاً من أن وفد اللجنة الدستورية من جانب القيادة في دمشق يتفنن في إيجاد الطرق المختلفة لإضاعة الوقت، ومحاولة إفشال أي جهود للتعديل الدستوري، وتحويل أعمال اللجنة الدستورية المصغّرة إلى منصّات للتنظير في أصول المفاهيم. لأن الرئيس السوري الحالي، بشار الأسد، سوف يواجه في هذه الحالة خصوماً سياسيين ربما تكون فرص نجاحه أمامهم محدودة.

لا يوجد أي بديل عن الانتقال السلمي حسبما نص عليه قرار مجلس الأمن رقم 2254، والتأكيد على تعديل الدستور، وتغيير النظام والرئيس، والاتفاق على نظام جديد وانتخاب رئيس على نحو ديمقراطي يحظى بتأييد غالبية السوريين عن طريق انتخابات حرة ديمقراطية، تحت إشراف هيئة الأمم المتحدة. وتلك هي قناعة غالبية السوريين، وهم حريصون، بالرغم من الصعوبات التي يعانونها من تعنت القيادة الحالية، على ألا ينجرّوا إلى حرب أهلية، وروسيا ومجموعة أستانا أيضاّ لن تسمحا بذلك.

وفي ما يتعلّق بالتوترات في جنوب سوريا، ودور روسيا كوسيط بين الحكومة السورية والمعارضة لعدم حدوث صدام عسكري، يتعيّن توضيح أن روسيا تقف وسيطاً بين الجيش السوري والقوى الأمنية من ناحية وبين الشعب السوري جنوبي البلاد من ناحية أخرى. لأن الأغلبية الساحقة من الأهالي هناك لا تريد النظام الحالي في دمشق، وتعتبر الوعود التي قُدّمت إليهم من مجموعة أستانا وهيئة الأمم المتحدة لم تدخل حيز التنفيذ، وقد طال أمد تنفيذ عملية الانتقال من ستة أشهر إلى أكثر من ثلاث سنوات الآن. وعلى الرغم من تسليمهم الأسلحة الثقيلة، لم يتم الإفراج عن الموقوفين، ولا حدث أي تقدم بشأن المفقودين، بل على العكس، استمرت عمليات الاعتقال، وزاد الطين بلة ما تم فرضه من حصار على درعا البلد، واتباع سياسة تجويع سكان مناطق بكاملة. روسيا تتفهم مشاعر أهالي الجنوب، ولن تسمح بنشوب حرب في الجنوب.

إن روسيا لا تبني أي علاقات أو مصالح مع أي طرف على حساب المساس أو الانتقاص من سيادة الدول على أراضيها. وروسيا وتركيا تؤكدان دائماً على احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها، كما تؤكدان على أن الوجود التركي على الأراضي السورية في شمالي غربي البلاد هو وجود مؤقت، وأن سحب القوات التركية سيتم بالتوازي مع بدء عملية الانتقال السياسي، وتشكيل حكومة جديدة تشارك فيها كل القوى السياسية، ويتم من خلالها تسوية أوضاع المعارضة السورية. حينها تعود السيطرة الكاملة للجيش السوري على كامل التراب السوري، وكامل الحدود السورية التركية. وليس لروسيا أي نوايا من قريب أو بعيد لعقد أي صفقات مع تركيا بوصفها عضواً في الناتو، على حساب الانتقاص من السيادة السورية اليوم أو في المستقبل.

لقد تحدث الأسد العام الماضي عن “مجتمع أكثر صحة وأكثر تجانساً” والذي يمثل أساس الوحدة الوطنية، على الرغم من خسارة سوريا لخيرة شبابها وبنيتها التحتية. إن هذا التصريح إلى جانب ما نراه على شاشات التلفزيون الرسمي للدولة، لا يجسد سوى انفصال “مرضيّ” عن الواقع والأوساط الاجتماعية للمجتمع السوري في مجمله. فعن أي تجانس يمكن الحديث في وجود الجوع والفقر وعدم توفر الكهرباء والماء والدواء والدفء في المنازل؟ عن أي شعب يتحدث الرئيس، بينما تحيطه مدارس أفضل من مدرسته، وقد بدا هو، في خطاب القسم بالذات، وكأنه لم يبرح المدرسة، لكنه الآن يحاضر فيها كأستاذ، ليلقّن طلبته كيف يمكنهم الحياة، وما الذي يجب عليهم فعله من أجل الحفاظ على ذلك “المجتمع المتجانس”!

في نهاية المطاف، لن تواجه سوريا مصير أفغانستان وتهديداته، ولكن يتعيّن على جميع النخب في دمشق والمعارضة التحلي بروح المسؤولية والنظر بواقعية إلى الأمور. فالسياسة هي دراسة العلاقات بين الطبقات، وهي فن الممكن استناداً إلى دراسة ومحاولة تغيير الواقع السياسي موضوعياً، وليس بالضرورة أن يكون ذلك بالخضوع للواقع السياسي، وعدم تغييره بناء على حسابات القوة والمصلحة.

 *كاتب ومحلل سياسي

النهار العربي

——————————

===================

تحديث 23 آب 2021

————————-

ما الذي تريده روسيا من تأكيدها “تصدي” منظوماتها للقصف الإسرائيلي في سوريا؟/ طه عبد الواحد

تؤكد الضربات التي وجهتها إسرائيل ضد أهداف تابعة لـ “حزب الله” و إيران، على الأراضي السورية يومي 18 و 20 آب الحالي، أن شيئا لم يتغير في “آليات التنسيق”، و”السلوك الحربي العملياتي” إن جاز التعبير، بين موسكو وتل أبيب في الأجواء السورية. والواضح أن التغيير الوحيد الذي طرأ على العلاقة بين “الشريكين” الروسي والإسرائيلي، يقتصر على لهجة خطاب الأول في التعليق على الضربات الإسرائيلية. وتريد موسكو من ذلك تحقيق جملة أهداف لخدمة مصالحها، إن كان فيما يتعلق بالموقف أمام وفي “الداخل السوري”، كما وبالنسبة لموقف قطاع الإنتاج الحربي الروسي في الأسواق العالمية.

تصريحات روسية متكررة

منذ أقل من شهر، وتحديداً في 22 تموز، وجهت إسرائيل ضربة جديدة لأهداف على الأراضي السورية. حينذاك وفي لهجة غير معتادة، سارع نائب رئيس مركز المصالحة الروسي في سوريا، العقيد البحري فاديم كوتيل، إلى التصريح بأن منظومات الدفاع الجوي السورية تمكنت من إسقاط جميع الصواريخ الإسرائيلية التي تم إطلاقها نحو سوريا، وركز بصورة خاصة على أنه تم تدميرها بواسطة “صواريخ من إنتاج روسي طراز “بوك-إم 2 ي”. وأثارت تلك التصريحات موجة تكهنات في أوساط الخبراء والمحللين، الذين رأى جزء كبير منهم أن روسيا بذلك تعلن “تغيير قواعد اللعبة في سوريا”؛ وذهب آخرون للقول إن روسيا تعلن بذلك أنها لن تسمح بعد الآن لإسرائيل بتوجيه ضربات كالسابق. لكن في النهاية وضعت إسرائيل النقاط على الحروف في الجدل الدائر، وأكدت في الواقع العملي أنه لا شيء ولا أحد يمكن أن يرغمها على “تغيير القواعد”، وذلك حين قامت يوم 18 آب بقصف مواقع جنوب سوريا، ومن ثم بعد يومين في 20 آب، قصفت أهدافا في منطقة القلمون، تقول وسائل إعلام إنها عبارة عن مقار ومستودعات ذخيرة لـ “حزب الله”.

في بيان حول استهداف مواقع في منطقة القلمون، عادت روسيا وأكدت أن وحدات الدفاع الجوي في قوات النظام السوري تصدت للقصف الإسرائيلي. إلا أن البيان الرسمي الروسي، الصادر على لسان نائب رئيس مركز المصالحة الروسي في سوريا، العقيد البحري فاديم كوليت نفسه، اكتفى هذه المرة بالإشارة إلى أن “قوات الدفاع الجوي السورية نجحت في تدمير 22 صاروخا إسرائيليا”، وركز مجددا على أن إسقاط تلك الصواريخ كان بواسطة  المنظومات الروسية “بوك – إم 2 ي”، و”بانتسير – س”. وفي حين ذهب العقيد الروسي إلى الإشارة في بيانه، كما نقلته وكالة “سبوتنيك” الحكومية الروسية، إلى “عدم وجود ضحايا أو أضرار من جراء الهجمات الصاروخية الإسرائيلية في سوريا، تناقلت وسائل الإعلام مقاطع فيديو تظهر إصابة الصواريخ الإسرائيلية أهدافها بالقرب من مدينة قارة في القلمون. كما أن “سبوتنيك” نفسها نشرت معلومات نقلا عن مصادر في دمشق قالت إن “وحدات الدفاع الجوي تصدت لقصف إسرائيلي”، لكنها أكدت إصابة أهداف ووقوع أضرار “اقتصرت على الماديات” نتيجة ذلك القصف.

ما الذي تريده روسيا؟

لم يتغير أي شيء إذاً في”قواعد اللعبة” بين الروس والإسرائيليين في سوريا. الضربات الإسرائيلية ضد أهداف في سوريا مستمرة، وروسيا لا تزال عاجزة عن وقف تلك الضربات.  فما الذي تريده روسيا إذاً من تأكيدها التصديَ للقصف الإسرائيلي؟ في محاولة الإجابة عن هذا السؤال، يثير الانتباه أن التصريحات الروسية حول التصدي لجميع الصواريخ الإسرائيلية خلال الضربة يوم 22 تموز، تزامنت مع اليوم الثالث من فعاليات معرض “ماكس-2021” العسكري للطيران في روسيا، والذي يعول عليه قطاع الإنتاج الحربي الروسي في توقيع عقود جديدة مع مختلف دول العالم. ولما كانت الإشارة إلى “القدرات العالية التي أكدتها الأسلحة الروسية خلال العملية في سوريا” وهي مكون رئيسي في تسويق الصناعات الحربية الروسية طوال السنوات الماضية، فإن مثل تلك التصريحات حول “إسقاط جميع الصواريخ الإسرائيلية في سوريا بأنظمة روسية”، يصب في خدمة الترويج لتلك المنتجات. لذا يمكن القول إن تلك التصريحات في أحد جوانبها، أقرب ما تكون إلى جزء من “الحملة الدعائية” المرافقة لمعرض “ماكس”.

في الوقت ذاته يبدو أن روسيا، التي ترى تزايد حالة الغضب الشعبي من النظام السوري، بسبب تدهور الظروف المعيشية في البلاد، لم يعد بإمكانها تجاهل الاستياء في أوساط السوريين، بما في ذلك من التزامها موقف المتفرج عمليا إزاء الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة والقصف الذي لم يتوقف منذ عدة سنوات، حتى بعد تسليم موسكو منظومة “إس-300” للنظام السوري، فضلا عن نشر منظومات دفاع جوي أخرى حديثة وتتمع بقدرات قتالية عالية، وفق التقديرات الروسية، مثل “بوك”، وبانتسير”. بالتالي من شأن مثل تلك التصريحات امتصاص حالة الاستياء تلك في الداخل السوري، أو على الأقل التخفيف من حدتها.

طه عبد الواحد

تلفزيون سوريا

—————————-

التنسيق الروسي-الإسرائيلي في سوريا..كما كان دائماً/ طه عبد الواحد

تدلّ الضربات الإسرائيلية الأخيرة لأهداف على الأراضي السورية، أن شيئاً لم يتغير في قواعد التفاعل والتنسيق بين روسيا وإسرائيل خلال العمليات في سوريا، لاسيما ما يتعلق بتعاطي وتعامل القوات الروسية مع العمليات التي تنفذها القوات الإسرائيلية، في إطار ما تقول إنه “ضرورات ضمان أمن إسرائيل”.

وقصف الطيران الحربي الإسرائيلي في 18 آب/أغسطس مواقع قرب القنطيرة جنوب سوريا، وبعد يومين استهدف بالصواريخ مواقع في مناطق سورية عديدة. وتداولت وسائل إعلام مقاطع مصورة تُظهر إصابة موقعين في منطقة القلمون بصواريخ أطلقتها مقاتلات إسرائيلية من الأجواء اللبنانية.

وجاء القصف الإسرائيلي الأخير ليحسم الجدل الذي لم يهدأ منذ شهر تقريباً، حول “قواعد جديدة” في سوريا وضعتها روسيا، تحدّ من قدرة إسرائيل على ضرب أهداف على الأراضي السورية. الجدل في هذا الصدد أثاره بيان عن مركز المصالحة الروسي في حميميم، يوم 22 تموز/يوليو، أكد فيه الجانب الروسي أن منظومات دفاع جوي من صناعة روسية تمكنت من إسقاط  جميع الصواريخ التي أطلقتها طائرات إسرائيلية لضرب أهداف على الأراضي السورية. إلا أن وسائل إعلام فنّدت المزاعم الروسية وأكدت أن صواريخ أصابت أهدافها. وبغض النظر عن دقة المعلومات بشأن نتيجة تلك الضربات، وعلى اعتبار أن روسيا فعلا تحاول فرض “قواعد اشتباك” جديدة، ، فإن الغارات الأخيرة جاءت بمثابة رد من تل أبيب بأن شيئاً لن يتغير، وبأنها لن تخضع لأي قواعد، بغض النظر عمن يريد فرضها وكيف. وتعلن تل أبيب بذلك أنها ستواصل ضرب أي أهداف ترى فيها مصدر تهديد لأمنها، طالما تقف روسيا عاجزة أمام سعي إيران لتوسيع نفوذها في سوريا، بما في ذلك عبر تحريك ذراعها “حزب الله” ومليشيات طائفية سورية، لإزعاج الكيان الصهيوني، عبر الجنوب السوري، بذريعة المقاومة، بينما هدف إيران الحقيقي الإمساك بورقة تعزز موقفها التفاوضي مع الغرب.

اللافت أن القصف الإسرائيلي الأخير لمواقع قرب القنيطرة وفي القلمون، جاء بعد أيام على محادثات 10 آب في موسكو التي أجراها نيكولاي باتروشيف، سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي  مع إيال حولتا، الرئيس الجديد لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وسلفه مائير بن شبات. وكما جرت العادة في لقاءات أمنية على هذا المستوى، اكتفى الجانب الروسي بالإشارة في بيان رسمي إلى أن “الطرفين أكدا عزمهما على توسيع نطاق التفاعل الروسي الإسرائيلي، وناقشا قضايا استمرار التعاون من خلال مجلسي الأمن والأجهزة الخاصة”.

ومع الأخذ بالاعتبار أن سوريا هي الملف الإقليمي الوحيد عمليا الذي يتعاون الجانبان فيه، وبصورة خاصة في الجانب المتعلق بالهاجس الأمني الإسرائيلي، يمكن القول إن “التنسيق” في سوريا، وعمل قنوات الاتصال بين العسكريين الروس والإسرائيليين، خلال الضربات الإسرائيلية،  كان موضوعاً رئيسيا خلال المحادثات. ولم يحمل بيان مجلس الأمن القومي الروسي أي إشارة تدل على أن الجانبين بحثا “قواعد روسية جديدة” تقيد العمليات الإسرائيلية ضد أهداف على الأراضي السورية. 

والحقيقة أن اي مراقب يمكن أن يلمس ثوابت معينة، تبلورت على مدار السنوات الماضية، منذ تدخل روسيا العسكري في سوريا،  تحدد وتحكم طبيعة “التفاعل” الروسي-الإسرائيلي عسكرياً، وتلك الثوابت هي أولا: لن تتوقف إسرائيل عن قصف اية أهداف على الأراضي السورية، تعتقد أنها مصدر تهديد لأمنها. ولن تؤثر على سلوكها في هذا الشأن لا التصريحات الروسية ولا حتى المواقف الأميركية. ثانياً: روسيا أكدت مراراً حرصها على ضمان أمن إسرائيل، ومن خطواتها في هذا المجال الاتفاق الذي وقعه الرئيس بوتين مع الرئيس الاميركي السابق دونالد ترمب حول ترتيبات الجنوب السوري، وإبعاد القوات الإيرانية والميليشيات التابعة من هناك. ثالثاً: أعلنت روسيا صراحة أنها لن تدخل في حرب مع قوى ثالثة في سوريا، طالما لا تشكل ممارسات تلك القوى تهديداً لأمن قواعدها وجنودها ومصالحها.  رابعاً: روسيا لن تتورط في مواجهة و بصورة خاصة مع إسرائيل، بل وأكثر من ذلك؛ هي ليست معنية حتى بمجرد توتر في العلاقات معها، ومهما كانت الأسباب.

المواقف التي تؤكد وجود “ثوابت تحكم العلاقات الروسية-الإسرائيلية” في سوريا أكثر من كثيرة، ولعل أبرزها وضوحاً حادثة سقوط طائرة الاستطلاع من طراز “إيل-20″، بنيران الدفاعات الجوية للنظام السوري، خلال تصديها لقصف إسرائيلي في ايلول /سبتمبر عام 2018. ومع أن تلك تلك الحادثة أدت إلى مصرع 15 عسكريا روسيا كانوا على متن الطائرة، إلا أن إسرائيل أعلنت بعد أيام على لسان وزير الخارجية حينها أفيغدور ليبرمان، أنها ستواصل عملياتها في سوريا. وبعد أقل من أسبوعين على الحادثة، أكد مصدر إسرائيلي في مطلع تشرين الأول/أكتوبر استهداف مواقع قرب دمشق. أما موسكو التي توعدت بالرد وسلمت النظام منظومة “إس-300″، فقد اقتصر الأمر على أنها دفعت نحو تحسين آليات الاتصال بين العسكريين الروس والإسرائيليين لتفادي تكرار مثل تلك الحوادث. ولم يتضح حتى الآن ما إذا كانت قد نجحت في ذلك أم لا.

المدن

—————————

لقاء ملك الأردن-بوتين..هل يُنهي أزمة درعا المُحاصرة؟

أعلن الكرملين عن لقاء مرتقب بين الرئيس فلاديمير بوتين والملك الأردني الملك عبد الله الثاني الاثنين، لبحث ملفات عديدة أبرزها الأزمة السورية والأوضاع في درعا.

ونقلت وكالة “الأناضول” التركية عن عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأعيان الأردني محمد المومني، أن اللقاء المرتقب بين الملك وبوتين مهم للغاية لما تشهده قضايا المنطقة والعالم من تطورات تستدعي تكاتف الجهود، للحيلولة دون تفاقمها. وأوضح أن الأردن يسعى عبر دبلوماسيته إلى المشاركة الفاعلة في إنهاء الأزمات التي تشهدها المنطقة والعالم.

وأشار المومني إلى أن هذا اللقاء سيحسم الكثير من الأمور، خصوصاً على صعيد الأزمة السورية، مؤكداً أن التطورات في محافظة درعا تتطلب من موسكو وضع حد لما يجري فيها، “كما أن الأردن حريص على الوصول إلى حل سلمي ينهي ما يجري هناك”.

وأضاف أن “ملف درعا سيكون حاضراً بقوة على طاولة الملك وبوتين، باعتبار أن روسيا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنظام السوري وبإمكانها أن تلعب دوراً بارزاً في هذا الملف”.

بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية-الأردنية بدر الماضي للوكالة، إن “الزيارة تأتي في إطار الاشتباك السياسي الذي استطاع الأردن أن يخوضه في الفترة الأخيرة، حيث أن الملك عاد من زيارة ناجحة للولايات المتحدة”، مضيفاً “شهدت عمان في الأسابيع الأخيرة حراكاً دبلوماسياً كبيراً ومهماً، انتهى بزيارة لوزير الخارجية التركية مولود تشاووش أوغلو، ولذلك أعتقد أن الملك سيحمل خريطة طريق تتعدى موضوع درعا إلى الأزمة السورية بشكل عام”.

وكانت وسائل إعلام روسية قد نقلت عن مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف تأكيده أن الملك عبد الله سيزور روسيا وسيعقد لقاء عمل مع بوتين.

وتأتي هذه الزيارة وسط تصاعد التوتر والاشتباكات بين المعارضة وقوات النظام في درعا البلد، وفشل خريطة الحل التي طرحتها موسكو لإنهاء الصراع في المحافظة. والسبت، عززت قوات النظام السوري مواقعها على الأوتستراد الدولي “دمشق/عمان” بالقرب من معبر “نصيب” الحدودي في ريف درعا الشرقي. كما نشر النظام تعزيزات أمنية في المناطق المحيطة بحي درعا البلد، بينها راجمات صواريخ قصيرة المدى أو ما يعرف ب”صواريخ جولان”، التي سبق استخدامها في معارك عديدة أبرزها في الغوطة الشرقية.

ودفعت هذه التطورات في درعا، عمان إلى إغلاق كامل حدودها مع سوريا في 31 تموز/يوليو، قبل أن تعيد فتحها في وقت لاحق.

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية قد نشرت تقريراً حول ما يعنيه تجدد القتال في سوريا بالنسبة لاستراتيجية روسيا، مشيرة إلى أن “موسكو اكتشفت أن الحفاظ على السلام في سوريا أصعب من القتال في حربها الأهلية، ويرجع ذلك إلى الاعتداء الشرس من جانب قوات النظام ضد إدلب، المعقل الأخير للمعارضة السورية، وفي درعا يؤدي إلى تقويض الهدف الأساسي لموسكو الرامي إلى ترسيخ أقدامها بوصفها وسيطاً قوياً رئيسياً في المنطقة”.

ويسعى الأردن ليلعب دوراً في تسوية الأوضاع في سوريا، إذ اقترح الملك عبد الله خلال لقائه الأخير مع بايدن في واشنطن، أن “تتفق مجموعة دول مؤلفة من الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل والأردن ودول أخرى، على خريطة طريق لاستعادة السيادة والوحدة في الأراضي السورية، ويتطلب ذلك التعاون مع رئيس النظام السوري بشار الأسد”، بحسب صحيفة “واشنطن بوست”.

المدن

————————–

====================

تحديث 25 آب 2021

———————————

الدرس الأفغاني: هل آن أوان تخلي روسيا عن ورقة الأسد؟/ سامر إلياس

طرح الانهيار الدراماتيكي والسريع للحكومة الأفغانية وجيشها وأجهزتها الأمنية، بعد الانسحاب الأميركي، العديد من الأسئلة التي تتعدى الملف الأفغاني، ومنها سؤال حول إمكانية وواقعية تكرار المشهد في سورية. فرغم أوجه الاختلافات الكثيرة بين الأزمة في البلدين، لجهة نشوئها والقوى المحركة فيها والبيئة الجيوسياسية والمجتمعية التي يجري فيها الصراع وتركيبة نظام الحكم، إلا أن كثيراً من المقاربات تفرض نفسها، ما يعطي مشروعية لهذا السؤال، الذي لا يبدو بعيداً حتى عن دوائر صنع القرار في روسيا نفسها.

خبراء عسكريون وأمنيون روس، إلى جانب محللين سياسيين، انشغلوا في تفسير أسباب النصر السريع والسهل لحركة “طالبان”. وهذا طبيعي انطلاقاً من تهديدات محتملة تطاول الأمن القومي لروسيا وحلفائها في دول آسيا الوسطى، وهو ما عكسته عشرات التصريحات المتواترة لمسؤولين روس قبل وبعد الانسحاب العسكري الأميركي، وحسم “طالبان” للوضع لمصلحتها من دون مقاومة تذكر.

الكيل بمكيالين

تستند غالبية التفسيرات والتحليلات، التي قدَّمها خبراء ومحللون روس، إلى خبرة طويلة ومتابعة حثيثة لتطورات وتداعيات المشهد الأفغاني، الذي لم يغب يوماً عن التصريحات والتغطيات الإعلامية الروسية منذ الاحتلال العسكري الأميركي للبلاد، وفي الخلفية التاريخية ما سبق ذلك من هزيمة للاتحاد السوفييتي هناك، وانهيار حكومة محمد نجيب الله عام 1992، الذي لجأ إلى مقر الأمم المتحدة في كابول، وبقي مختبئاً فيه إلى أن اقتحمت عناصر من “طالبان” المقر وأعدمته خريف 1996.

إلا أن توخي الموضوعية في التحليلات لا يحقق المراد منها. ففي قراءة لما خلف سطورها تظهر محاولات تورية لنفي صحة أي مقارنة بين الوضع في أفغانستان ومآله والوضع في سورية، من زاوية مصير النظام السوري ارتباطاً بوجود الدعم العسكري الروسي، أو بمعنى أوضح إمكانية صمود النظام من دون إسناد مباشر من موسكو. لكن اللافت أن تلك التحليلات تدفع المتابع لها نحو إسقاط ما تذهب إليه من تفسيرات على الملف السوري، لوجود الكثير من العناصر المشتركة في المعضلات، التي قادت إلى انهيار نظام الحكم الأفغاني الذي هندسته واشنطن على مدار 20 سنة، ومعضلات مشابهة تعصف بنظام الأسد، وبالمشروع الروسي في سورية.

سيميون شانكين، وهو ضابط سابق في المخابرات الروسية، فسر سبب سقوط حكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني وانتصار “طالبان” بأنه يعود إلى “الدعم الشعبي للحركة”. وقال، في مقابلة مع محطة القوات المسلحة الروسية “زفيزدا”، في 19 أغسطس/آب الحالي، إن “الأميركيين لم يفعلوا شيئاً للشعب الأفغاني. فقد اكتفوا برمي الدولارات التي لم تصل إلى عامة الشعب. ولهذا حظيت حركة طالبان بالدعم الشعبي، ولم تجد صعوبة في دخول العاصمة كابول”. التفسير الرسمي الروسي جاء على لسان وزير الخارجية سيرغي لافروف، في كلمة ألقاها في جامعة البلطيق الفدرالية في مدينة كاليننغراد في 18 الشهر الحالي، بقوله “إن الخطأ الرئيسي الذي ارتكبه الغرب في أفغانستان كان محاولة إجبار الأفغان على العيش وفقاً لقوانينهم، متجاهلين التقاليد التي عاشت بموجبها الدول الأخرى لقرون”.

سياسة الإنكار

كلا التفسيرين صحيحان من حيث المبدأ، بيد أن القبول بهما يجب أن يجيز محاكمة النهج والمشروع السياسي الروسي في سورية. فإذا كانا قد أديا إلى انهيار الحكومة والجيش الأفغاني بسرعة البرق، في حسابات السياسة، بعد الانسحاب الأميركي، فلماذا يرفض الروس، من حيث المبدأ، أي مقارنة بين الملفين الأفغاني والسوري، أو بين المشروعين الأميركي والروسي ومآلها؟ مع التأكيد على أن الحديث هنا يدور عن المشترك بين الملفين والمشروعين، آخذين بالاعتبار الفوارق بينهما.

رامي الشاعر، الدبلوماسي السابق والمقرب من وزارة الخارجية الروسية، نشر مقالاً مطولاً في صحيفة “النهار” اللبنانية، في 18 أغسطس الحالي، تحت عنوان “سورية لن تواجه مصير أفغانستان”. العنوان بحد ذاته يكشف، بشكل أو بآخر، عن حقيقة وجود هواجس لدى دوائر في الخارجية الروسية، وإن جاء بصيغته جازماً في نفيه لأي مقارنة أو مقاربة بين الملفين السوري والأفغاني. وقال الشاعر: “لا أحد يريد أن يتكرر المصير الأفغاني المؤسف في سورية، ولن يحدث ذلك ببساطة، لأن كل الجهود التي تبذلها موسكو في سورية إنما تستند إلى معرفة عميقة بطبيعة المجتمع السوري، ولا توجد أي رغبة من الطرف الروسي لفرض أي أجندة خارجية على الشعب السوري الذي يدرك تماماً ما يريد، وقادر بلا شك على تجسيد إرادته السياسية من خلال صناديق الاقتراع، وانتخابات شفافة ونزيهة بإشراف هيئة الأمم المتحدة، كما نص قرار مجلس الأمن رقم 2254”. وأضاف، موضحاً وجهة نظره، أن “التواجد العسكري الروسي في سورية لم يأت بهدف تثبيت نظام معين، وإنما أتى بطلب رسمي من الحكومة الشرعية في دمشق، لحماية الشعب السوري من التنظيمات الإرهابية. وقد نجحت روسيا في ذلك بجدارة، لا من خلال التدخل العسكري وحده، وإنما أيضاً من خلال التوصل إلى مواءمات وتعاون دولي واسع، خاصة مع تركيا وإيران، وبإشراف من هيئة الأمم المتحدة، وما زالت الجهود مستمرة لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254 لحل الأزمة السورية”.

أما السبب الثاني، وفقاً لما يراه الشاعر، فهو أن “الجيش السوري وتركيبته الأمنية منظمة وصارمة وقوية للغاية، وبنية سورية على مدى عشرات السنين رسخت وجود هذا الجيش بحاضنة شعبية معتبرة، لن تنهار مثلما حدث مع الجيش الأفغاني الذي تديره حكومة مستوردة من الخارج”. وتابع “يحظى الجيش السوري بقاعدة تمثّل ما بين 10 إلى 15 في المائة من الشعب السوري. إلا أن ذلك الوضع لا يمكن أن يكون مستداماً من دون اتساع لهذه الحاضنة الشعبية، التي تمنع وتضمن استحالة انهيار الدولة كما حدث في أفغانستان، حيث انهار الجيش الأفغاني، الذي حصل على مليارات الدولارات من تدريب وعتاد وأسلحة، في ظرف أيام معدودة”.

هنا يبرز جلياً للعيان تناقض يجعل من الدفاع عن صلابة المشروع الروسي والنظام في سورية كاشفاً لهشاشته، فكيف لجيش يمتلك حاضنة تمثل فقط ما بين 10 إلى 15 في المائة من الشعب السوري أن يصمد بقواه الذاتية؟ وهل حقاً أن التدخل الروسي لم يأت لتثبيت نظام الأسد؟ وعلى ضوء وقائع ما جرى في متوالية المفاوضات في جنيف وسوتشي وأستانة وغيرها، والكيفية التي تعاملت موسكو مع مسارها ونتائجها، هل هناك ما يؤكد أن المشروع الروسي يهدف إلى تسوية سياسية في سورية على أساس قرار مجلس الأمن 2254؟ للتذكير، فإن الشاعر نفسه كشف، في مارس/آذار 2021، في تصريحات لصحيفة “الشرق الأوسط”، عن فحوى 40 رسالة متبادلة بين مسؤولين في النظام ومسؤولين روس حول تطورات الأوضاع الميدانية بين عامي 2013 و2015، رسخت القناعة لدى موسكو في خريف 2015 بضرورة الإقدام على تدخل عسكري لمنع سقوط دمشق في أيدي المعارضة.

ومن الواضح أن محاولة الدبلوماسية الروسية إضفاء طابع موضوعي ومرن على رؤيتها لحل الأزمة الأفغانية سياسياً، لم يقابلها نهج مماثل من قبل موسكو بالنسبة للملف السوري، وما زالت تتعامل بازدواجية لن تخرج منها إلا بإجراء مراجعة شاملة لنهجها بخصوص الأزمة السورية. لكن حتى اللحظة، لا توجد مؤشرات عملية ذات وزن تدلل على أنها بصدد الإقدام على ذلك طواعية.

ورقة مصير الأسد على الطاولة

خشية روسيا من إجراء مراجعة لسياساتها في سورية ربما تضعها أمام حقيقة أنه آن الأوان لإلقاء ورقة الرئيس الأسد على طاولة التسوية. وسبق لها أن لوَّحت مواربة باستعدادها لذلك منذ بداية الأزمة السورية، وهذا يعيدنا إلى ما صرَّح به الرئيس فلاديمير بوتين، في مؤتمر صحافي في 20 ديسمبر/كانون الأول 2012، حيث قال: “نحن لسنا قلقين على نظام بشار الأسد في سورية، بل نحن قلقون بسبب ما يجري هناك حالياً. نحن ندرك أن هذه العائلة توجد في السلطة منذ 40 سنة، ولا ريب أن التغييرات لا بد منها”.

بعيداً عن التكتيكات التي اتبعتها موسكو، خاصة بعد تدخلها العسكري المباشر في سبتمبر/أيلول 2015، فإنها ستبقى تتعامل مع بشار الأسد ونظامه كورقة لتحقيق مكاسب استراتيجية من البوابة السورية، هدفها انتزاع حضور قوي في منطقة المتوسط، الضامن له، من وجهة النظر الروسية، تسوية سياسية متوافق عليها مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية والإقليمية المؤثرة في الملف السوري.

ويبدو أن دوائر في الخارجية الروسية باتت مقتنعة بأن موسكو يجب أن تلعب ورقة نظام الأسد قبل فوات الوقت، ودخول الملف السوري في معادلات جديدة ليست في صالحها، سلط الضوء عليها الوضع الجيوسياسي المستجد في أفغانستان، بعد انتصار حركة “طالبان” وانهيار نظام الحكم الموالي لواشنطن. فروسيا لم تعمل فقط، خلال السنوات الماضية، على إضعاف المعارضة السورية وتفتيتها، بل أضعفت النظام أيضاً وجعلته، إن صح التعبير، يستمد وجوده من تنفس أوكسجين الدعم العسكري الروسي. كما أن موسكو وضعت من بين أهدافها الحدّ من النفوذ الإيراني، بشكل مباشر، عبر التنافس معها على الأرض، وغير مباشر بإطلاق يد إسرائيل لتنفيذ هجمات على المليشيات التابعة لطهران. ويندرج هذا في سياق سعيها للتفرد بإمساك الملف السوري. في المقابل، تدرك موسكو أنه ليس باستطاعتها توفير دعم كاف لإنقاذ الاقتصاد السوري من حالة الانهيار، الذي من المقدر أن يؤدي إلى تنامي النقمة الشعبية على النظام، وصولاً إلى انتفاضة شعبية ثانية ضده، تشارك فيها قطاعات واسعة من الفئة المصنفة كقاعدة وخزان بشري له.

وفي ظل التجربة الأفغانية، يبدو أنه بات لزاماً على روسيا خفض سقف المكاسب التي تراهن على تحقيقها في سورية، وأن يقتنع المسؤولون عن إدارة الملف أن لا حظوظ لموسكو في النجاح بلعب ورقة التخلي عن النظام ورأسه، إلا إذا أكدت صراحة عودتها للمبادئ الخمسة الرئيسية التي أعلنتها مبكراً لتسوية الأزمة السورية، والالتزام بتلك المبادئ، وهي: “التسوية السياسية عن طريق حوار غير مشروط، ولا للحسم العسكري، وتنظيم انتخابات، وصوغ دستور جديد، وبناء دولة ديمقراطية في سورية”، وهذا ينسجم إلى حد مقبول مع أسس القرار الدولي 2254.

العربي الجديد

—————————-

إسرائيل تفند دعاية روسيا لأسلحتها في سوريا

قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الاسرائيلية إن إسرائيل تعتبر التصريحات الروسية الأخيرة حول الغارات الإسرائيلية على سوريا “تسويقاً” من قبل الروس لصناعاتهم العسكرية في مجال الدفاعات الجوية ومضادات الطيران، وليس تغييراً في مواقفها من الهجمات الاسرائيلية في سوريا.

وأشارت الصحيفة إلى أن “إسرائيل تستبعد أن تكون التصريحات الروسية الأخيرة حول الغارات الإسرائيلية تغييراً في موقف موسكو من النشاط العسكري الإسرائيلي في سوريا، ولا تراها سوى تسويقٍ من قبل الروس لصناعاتهم العسكرية في مجال الدفاعات الجوية ومضادات الطيران، ومحاولة لإنقاذ سمعة أسلحتهم في السوق العالمية”.

ولفت محلل الشؤون العسكرية والأمنية في الصحيفة رون بن يشايفي في تقرير تحت عنوان “عندما تكون مبيعات الأسلحة أكثر أهمية من الحقيقة”، إلى أنه رغم أن موسكو كانت تلتزم الحياد حول التحرك العسكري الإسرائيلي في سوريا وفقاً لآلية منع التصادم بين الروس والإسرائيليين في عام 2018، إلا أنها علّقت مرتين على الغارات الإسرائيلية خلال الشهرين الأخيرين، معلنة أن “الأسلحة الروسية التي يستخدمها النظام نجحت في اعتراض معظم الصواريخ الإسرائيلية”. وأضاف أن التعليق الروسي اقتصر على المفاخرة بالأسلحة الروسية التي تستخدمها قوات النظام في التصدي للغارات الإسرائيلية.

وحدّد المحلل الإسرائيلي 3 أسباب تقف وراء خروج موسكو عن صمتها إزاء الضربات الإسرائيلية في سوريا مؤخراً. الأول يتمثل في أن الروس يريدون إيصال رسالة إلى السوق الآسيوية والأفريقية بحثاً عن زبائن لصناعاتهم العسكرية. ولفت إلى أن إسرائيل تأكدت بعد نقاشات أجراها مسؤولون إسرائيليون مع الروس في موسكو، أن سبب تعليق رئيس مركز المصالحة الروسي في قاعدة حميميم اللواء فاديم كوليت على الغارة الإسرائيلية في 22 من تموز/يوليو، هو نوع من الترويج التجاري للأسلحة الروسية وتنشيط مبيعاتها، بالتزامن مع اليوم الثالث من فعاليات معرض “ماكس-2021″، وهو معرض سنوي للصناعات العسكرية تعرض فيه موسكو أسلحتها، وخصوصاً الطائرات المقاتلة وأنظمة الدفاع الجوي الحديثة للمشترين المحتملين من دول الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا.

وأشار إلى أن الضربات الجوية الإسرائيلية الناجحة أضرت بشدة بمصداقية “الدعاية التسويقية” للمروجين الروس لصناعاتهم العسكرية في المعرض، مضيفاً “لهذا السبب حرص الضابط الروسي فاديم كوليت في تعليقه الجمعة على الغارات الإسرائيلية على مواقع في القلمون الغربي وريف حمص، على ذكر اسم منظومتا الدفاع الجوي الروسي من طراز (Buk-M2)  و(Pantsyr-S)، متفاخراً بأنهما نجحتا باعتراض 22 صاروخاً من أصل 24 صاروخاً”.

أما السبب الثاني لتعليق موسكو على الغارات الإسرائيلية، هو إيصال رسالة إلى نظام الأسد بأن أسلحتها فعالة وتعمل بشكل جيد، ولكن أسباب فشلها في التصدي للغارات الإسرائيلية يعود إلى عدم خبرة جنود النظام في استخدامها. وأشار بن يشايفي إلى أن “التعليق الروسي يأتي في ظل انتقادات من قبل نظام الأسد، بتحريض إيراني، بأن الأسلحة باهظة الثمن التي تزوده بها روسيا بتمويل إيراني غير قادرة على صد الهجمات الإسرائيلية”.

ويكمن السبب الثالث في رغبة الكرملين بملء الفراغ الناجم عن انسحاب واشنطن من الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، لا سيما بالتزامن مع مجريات الأحداث في أفغانستان. وقال المحلل: “تحاول موسكو زيادة الترويج لأسلحتها للزبائن المحتملين في آسيا وأفريقيا، الذين يقلقهم تراجع اهتمام واشنطن بالمنطقة”.

وأضاف أن أكثر ما يزعج موسكو هو حقيقة أن أحدث أسلحة الدفاع الجوي التي باعتها ونشرتها في سوريا، بكمية ونوعية لا مثيل لها في أي مكان من العالم، لم تساعد في تنشيط سوق بيع أسلحتها. وتابع: “هذه الحقيقة تضر بشكل مباشر بالسمعة العالمية لأحدث أنظمة الأسلحة الروسية في سوق الأسلحة العالمية، الأمر الذي يؤثر على الاقتصاد الروسي”.

ولفت بن يشايفي إلى أنه لو أرادت روسيا تغيير موقفها من إسرائيل في سوريا، لأختار الكرملين أساليب ووسائل أقل تعبيراً وأكثر فعالية لنقل الرسالة، مشيراً إلى أن الضابط كوليت الذي تصدر الشاشات مؤخراً للتعليق على الضربات الإسرائيلية “ليس له منصب عسكري مؤثر في روسيا”.

ويُعد تصدير أنظمة الأسلحة ثاني أهم مصدر لعائدات النقد الأجنبي للاقتصاد الروسي، بعد النفط والغاز. ويتخذ التدخل العسكري الروسي في سوريا بعداً اقتصادياً مهماً لموسكو، عبر بيع أسلحتها واستعراض تجربتها في أرض المعركة في سوريا منذ عام 2015.

المدن

—————————

من “أبو علي بوتين” إلى إيمان علي/ عمر قدور

الطفلة إيمان بيّنت في حديثها لـ”سبوتنيك” أنها زارت موسكو، وشعرت أنها في بلدها، وتابعتْ: “أقول نيابة عن الأطفال في سوريا شكراً لسيادة الرئيس فلاديمير بوتين، نحن نلقّبه في سوريا “أبو علي بوتين”، وهذا اللقب يدل على قوته وصموده وشجاعته، شكراً لجيش روسيا البطل بتعاونكم بدأ السلام يعود لنا، شكراً للرئيس بشار الأسد على محبته ورعايته وإصراره على الانتصار والعلم وعودة الحياة الطبيعية لنا”. المصدر: موقع سبوتنيك عربي.

صحيفة البيان الإماراتية نقلت لقب الرئيس بوتين “أبو علي” كما ورد في المصدر، وهذا ما لم تفعله وكالة سانا التي أوردت تغطيتها الخاصة للاحتفالية المقامة في السفارة الروسية في دمشق، من دون نقل تصريحات “بطلة” الاحتفالية للوكالة الروسية. الطفلة إيمان علي، في تصريحها لسبوتنيك تُعدد الهدايا التي أرفقها بوتين برسالته لها شارحة معنى كل هدية؛ باربي وهي للبنوتات لتتذكر أنها صغيرة، والدب القطني الذي يرمز لديهم في روسيا لشيء جميل، ومجسم لحمامة كرمز للسلام! وتبرعها بالشرح يفيد بوجود جمهور، هو على الأرجح الغالبية الساحقة من الأطفال السوريين، لا يعرف شيئاً عن باربي، ويعتقد مثلها أن الدب القطني خصوصية روسية وليس شائعاً لدى مختلف أطفال العالم.

فضلاً عن رسالتها إلى بوتين، يظهر في فيديو سبوتنيك كلاسور مطبوع على غلافه عنوان “صديقي جنرال موسكو”، والجنس الأدبي قصة قصيرة، يليه عنوان فرعي “موسكو بعيون طفلة سورية”. النسخ المطبوعة “من أجل الاحتفالية ربما” تغطي نشاط الطفلة إيمان بين 12 و19 آب الحالي، ومنه قصتها بعنوان “صديقي جنرال موسكو”، وهي في الفترة المذكورة كانت من بين مجموعة صغيرة من الأطفال دارسي اللغة الروسية دعاهم وزير الدفاع سيرغي شويغو لزيارة روسيا والتعرف على ثقافتها، وضمن حفل هناك في حديقة بتريوت وجهت الرسالة إلى بوتين، ومن ضمن شكرها له “حسب سبوتنيك”: أشكرك لأنني لا زلت أتمسك بحلمي وأتيقن بأنني سأصبح طبيبة عيون في المستقبل.    

بالطبع أمنية أن تكون طبيبة عيون غير منفصلة عن “طبيب العيون” بشار الأسد، وللطفلة إيمان نبراس علي ذات التسع سنوات تسجيل في شهر أيار تتمنى فيه لو تستطيع المشاركة لانتخابه، تستهله بالقول: أنا طفلة سورية.. من عمر الأزمة السورية “ستكرر هذه الجملة في احتفالية السفارة”.. ولا مرة خفت من الحرب.. بابا خبرني برعاية الله وقائدنا بشار محميين ومنصورين. ثم تخاطب رئيسها بعبارات المديح والولاء، لينتهي التسجيل وهي تقدّم له التحية العسكرية. في هذا التسجيل يظهر خلفها العلم ذو النجمتين وصورة بشار، وتضع على صدرها علماً صغيراً، بينما تلبس في احتفالية السفارة الروسية ثوباً من ثلاثة ألوان من الأبيض نزولاً إلى الأزرق فالأحمر، هي بالترتيب ألوان العلم الروسي، وعلى رأسها ربطتا شعْر بألوان العلم الروسي أيضاً لمن قد تفوته ملاحظة ألوان الثوب. يُذكر أنها في مستهل تصريحها لسبوتنيك أشارت إلى ما هو مشترك بينها وبين بوتين لجهة لعبها الكاراتيه ولعبه الجودو.

لدينا طفلة تطمح أن تكون طبيبة عيون تيمناً برئيسها، وترى شبهاً بينها وبين بوتين بسبب ممارستهما رياضة قتالية، وما بينهما تكتب قصة عن صديقها جنرال موسكو، وقد يكون المقصود به وزير الدفاع الذي دعاها لتمضية بضعة أيام هناك. من دون أن ننسى، حسب قولها، عدم خوفها من الحرب. إلدار كوربانوف، مستشار المبعوث الروسي إلى سوريا، سيلفت انتباهها في الاحتفالية إلى موهبة تنافس رغبتها في دراسة طب العيون، إذ يخاطبها: لقد وصلت رسالتك إلى الرئيس بوتين، وهو ردَّ عليك. هذا عمل دبلوماسي جاد للغاية، لديك كل الإمكانيات. لذلك، حين تكبرين وترغبين في ممارسة الدبلوماسية، ستنجحين. 

إذا كان من استدراك فهو التحفظ على وصف “طفلة” الذي يصرّ عليه هؤلاء الذين يستثمرون في طفولتها، بعد القضاء عليها. إنها طفولة تتفاخر، على منوال الشبيحة وعتاة الموالين، بأنها لا تخاف من الحرب! فهي لا تقولها على غرار ما قد ينطق بها طفل فقد إحساسه بالخوف جراء تعرضه للمخاطر والفظائع، تقولها استئنافاً لشعارات ترددها بخطابية خالية من الطفولة، خطابية تبدو صادرة عن روبوت لُقِّن على نحو أو آخر ما ينبغي قوله، لتبدو أخطاء الأداء كأنها صادرة عن آلة، لا تلك الأخطاء المحببة التي تصدر حقاً عن طفل ولا يندر أن تكون أجمل من صوابه، أو أن يكون ارتباكه محبباً أكثر من ثباته.

ربما تكون إيمان علي، حسبما تُوصف، طفلة متعددة المواهب حقاً. ما أُبرِز من مواهبها واستُثمِر لا يعدو كونه نوعاً من الخطابة والرطانة الأسدية التي لا تناسب عمرها، أو تعود إلى ما اعتادت آلة الأسد على تلقينه للأطفال ضمن ما يُسمى “طلائع البعث”. ثم إن تملّق بشار الأسد، وبوتين أخيراً، وما بينهما جنرال موسكو، لا يأتي بالفطرة ولا في مثل سنها. إنه تملّق مكتسب بآلية نخمّن أنها تبدأ من البيت مروراً بالمدرسة، وصولاً إلى صف تعليم اللغة الروسية الذي كان سبيلها إلى رحلة موسكو.

إيمان علي، التي لا تخشى الحرب، من الواضح أنها تعيش في يسر يتيح لها تعلم الروسية والإنكليزية، وممارسة أكثر من نشاط رياضي يحتاج مدربين أو أندية متخصصة. هي ليست من صنف مئات ألوف الأطفال الذين يخافون الحرب والمتأذين منها بسبب فقدانهم آبائهم أو أحد المقربين، سواء كان القتيل من الموالاة أو المعارضة، وليست كعشرات ألوف الأطفال على الأقل الذين فقدوا المأوى والمدرسة، أو كمئات الألوف الذين أصبح أهاليهم دون خط الفقر. إلا أن اليسر الذي تعيش فيه لم يجعلها “تُحرم” من انتهاك آخر لطفولتها، هو استخدام طفولتها كأداة مبتذلة لامتداح بشار مرة ولامتداح بوتين مرة أخرى، ولامتداح جيشيهما في المرتين.

في السفارة الروسية في دمشق اجتمع مسؤولون روس ومسؤولون أسديون، يتصدرهم العسكر وعلى رأسهم نائب قائد هيئة الأركان الروسية المشتركة، وقائد عمليات الجيش الروسي، والعماد نائب وزير الدفاع واللواء مدير الإدارة السياسية في قوات الأسد. اجتمعوا جميعاً بحضور الإعلام من أجل تلاوة رسالة “أبو علي بوتين” إلى إيمان علي، واجتماع هذا الرهط العسكري يكفي للدلالة على قذارة التجارة التي يديرونها على جثة طفولتها.

ستُستخدم إيمان في الإعلام الحكومي الروسي لتمجيد قاتل أطفال، الإعلام الذي صرّح قبل يومين المعارض الروسي أليكسي نافالني أنه مجبر على مشاهدته لثماني ساعات يومياً في سجنه. تأخذ وكالة سبوتنيك أقوالها، واسم سبوتنيك أُطلِق أيضاً على لقاح تعترف الحكومة الروسية بأن مواطنيها يرفضون تناوله لعدم ثقتهم به “بالأحرى لعدم ثقتهم بها وبما يصدر عنها”. بين المافيا العالمية والعصابة المحلية، تُنتهك طفولة كان من المأمول لها ولأمثالها أن تخاف من الحرب، وألا تكترث بمن يرأس بلادها، وأن تكتب عن دب روسي طيب شاهدته في حديقة الحيوان لا عن جنرال صديق في موسكو.

المدن

—————————-

هزيمة أميركا الأفغانية ونصر روسيا السوري/ بسام مقداد

النصوص التي ينشرها المجلس الروسي للعلاقات الخارجية تحمل طابعاً معرفياً إستشارياً بالنسبة لمؤسسات إتخاذ القرارات. وكان من شبه المستحيل أن يمر الحدث الأفغاني، الذي أقام العالم ولم يقعده بعد، من دون أن يقول هذا المجلس كلمته. ولم تترك هذه الكلمة لخبير أو كاتب سياسي أو سفير سابق عضو في المجلس، بل قرر مديره أندريه كارتونوف تولي هذا الأمر، وقام بعقد مقارنة بين هزيمة أميركا الأفغانية وما يسميه نصر روسيا السوري. فقد نشر في 24 من الشهر الجاري نصاً بعنوان “دروس تدخلين عسكريين.  لماذا نجحت روسيا في سوريا وفشلت الولايات المتحدة في أفغانستان”.

يقول كارتونوف بأن المقارنة صعبة بين الحملتين، حيث أنهما مختلفتان جداً من حيث الحجم والمهمات وخصائص العمليات العسكرية. فمقارنة بالأعداد الضخمة من القوات الأميركية والحليفة التي شاركت في العملية الأفغانية، اقتصرت العملية الروسية في سوريا على مشاركة الطيران الحربي ووحدات قليلة العدد من الشرطة العسكرية. وفي ما يتعلق بالخسائر البشرية، تكبد التحالف الدولي في أفغانستان أكثر من 3 آلاف قتيل 80% منهم من الأميركيين، في حين أن الخسائر الروسية هي “أقل بمرات”، من دون أن يذكر أي أعداد. وإذا كانت الحملة الأميركية قد قدرت تكاليفها خلال 20 سنة بين 1و2 تريليون دولار، فقد تراوحت كلفة الحملة الروسية خلال 6 سنوات ما بين 10 و 15 مليار دولار، وفق التقديرات المختلفة، وهو ما يقل ليس عن تكاليف الولايات المتحدة فحسب، بل وعن تكاليف الكثيرين من صغار شركائها.

لكن التكاليف الهائلة لم تساعد الأميركيين. فعلى الرغم من تدمير معاقل القاعدة وفرار من بقي على قيد الحياة من طالبان إلى باكستان في الأشهر الأولى للعملية العسكرية، إلا أن المهمات التي وضعتها القيادة الأميركية للحملة منذ 20 عاماً لم  تتحقق، وجاء إنسحاب التحالف الدولي سريعاً وليس عملية إجلاء مدروسة جيداً.

يجزم كارتونزف بأن روسيا، وباعتراف ألد أعداء موسكو، قد أحرزت النصر في سوريا. لكنه يستدرك فوراً ويخفض من لهجته الجازمة بالقول “على أي حال، هي بالتأكيد منتصرة في الوقت الراهن”. ويذكّر بأنه لم يكن لدى روسيا أية أفضليات عسكرية تقنية أو جغرافية بالمقارنة مع الولايات المتحدة، بل على العكس.

يرى الرجل في العمليتين الأميركية والروسية نموذجين للعمل العسكري، ويوجز في أربعة أسباب الفشل الأميركي والنجاح الروسي، ويأتي في طليعتها الإختلاف في الأهداف. فعلى الرغم من إعلان الدولتين أنهما تحاربان الإرهاب العالمي، إلا أن أهداف العمليتين كانت مختلفة جداً. فموسكو أتت إلى سوريا العام 2015 لإنقاذ الدولة السورية ممثلة بالرئيس بشار الأسد ومحيطه المقرب إليه، اي أنها جاءت للمحافظة على الوضع السياسي القائم في سوريا.

أما الولايات المتحدة فقد جاءت إلى أفغانستان العام 2001 لتغيير الوضع القائم راديكالياً، وإقامة نظام سياسي جديد، تحقيقاً لمخطط طموح في بناء دولة عصرية مدنية في بلد يفتقد الشروط الموضوعية لبناء ناجح للدولة.

ثاني هذه الأسباب يراه كارتونوف في الإختلاف بين التحالف من أجل القيم كما في حال التحالف الغربي الأميركي في أفغانستان، والتحالف من أجل المصالح كما في حال روسيا وتركيا وإيران في سوريا. ويستنتج الرجل أن التضامن المبني على القيم، وليس على المصالح، ليس أساساً موثوقاً جداً للقيام بعملية عسكرية طويلة الأمد.

السبب الثالث يراه الرجل في الإختلاف في طبيعة العلاقة التي تربط حركة طالبان بأفغانستان، وتربط المجموعات الإرهابية بسوريا. فقد واجهت روسيا في سوريا مجموعات إرهابية دولية بشكل اساسي، تنظر إلى سوريا كواحد من مواطئ القدم الممكنة من أجل التخطيط لعملياتها وتنفيذها. فإذا كانت تقاتل اليوم في سوريا، يمكنها غداً الإنتقال إلى العراق أو ليبيا أو أي نقطة في العالم ينشأ فيها وضع ملائم لها.

أما طالبان فهي حركة أفغانية كلياً، لا مكان آخر يذهب إليه مقاتلوها الذين عملوا بكل قواهم للعودة إلى أفغانستان، حين اضطروا للفرار إلى باكستان في بداية الحملة الأميركية. فالحافز للقتال لدى الإسلاميين “الدوليين” ولدى الإسلاميين “القوميين” مختلف، فإذا كان لدى “الدوليين” أرجل، فلدى “القوميين” جذور.

السبب الرابع يراه مدير المجلس الروسي في حسن إعداد العملية الروسية في سوريا على نحو “أفضل بكثير” من إعداد العملية الأميركية في أفغانستان. والفضل في ذلك يعود للخبراء الروس المستعربين والدبلوماسيين والعسكريين وممثلي المخابرات الروسية، الذين كانوا يعرفون جيداً الوضع في سوريا وفي البلدان المحيطة بها.

أما تصور الولايات المتحدة عن أفغانستان فقد تشكل خلال المجابهة مع الإتحاد السوفياتي في ثمانينات القرن الماضي، وتبين أنه بعيد عن الواقع.

يعتبر المجلس الروسي للعلاقات الدولية إحدى أدوات “القوة الناعمة” لروسيا في العالم، وإُقيم لدراسة وإختبار مشاعر النخب والمجتمع باتجاه إندماج روسيا في الفضاء الأوروبي، كما جاء في تعريف google الناطق بالروسية له. لكن توجه المجلس للإندماج في الفضاء الأوروبي( وهو أمر مشكوك فيه جداً) يجعل من الصعب تقبل كلام مديره عن إنتصار روسي في سوريا، ووقائع الأرض تطيح به يومياً. ولذلك يعود للحديث عن “نقاشات في محلها وليس في محلها”، وعن “تحفظات كبيرة” على النصر الروسي في سوريا وكيف يتجلى على الأرض.

كان كارتونوف قد كتب بمناسبة مرور عشر سنوات على الكارثة السورية في آذار/مارس المنصرم نصاً بعنوان لافت”سوريا: في منتصف دورة طويلة”، تعرض فيه أيضاً إلى مسألة “إنتصار” روسيا في سوريا. قال الرجل في حينه بأن روسيا هي منتصرة من وجهة النظر التكتيكية ، وفي ما يتعلق بتدني كلفة العملية العسكرية على الموازنة الروسية، والتي جعلت موسكو سريعاً اللاعب الخارجي الرئيسي على المسرح السوري. لكنه أشار إلى أنه، وبعد مضي خمس سنوات على مشاركتها في الصراع السوري، ليس لدى موسكو إستراتيجية للخروج من هذا الصراع. كما أشار أيضاً إلى أن مستوى تأثير موسكو على النظام في دمشق يبقى سؤالاً مفتوحاً، فليس من الواضح من يحرك الآخر “الكلب أم الذنب؟”.

وتساءل عن ما ينتظر سوريا خلال السنوات العشر التالية حتى العام 2031، وقال “لنبدأ بما لن يحدث على الأرجح في المستقبل المنظور”. في طليعة ما لن يحدث في مستقبل سوريا المنظور هو إستعادة وحدة الأراضي السورية، لكن هذا لايعني برأيه حذف المسألة من برنامج العمل اليومي. ورأى بأنه، مهما كان عليه تطور الأحداث لاحقاً، لا ينبغي السماح بالتقسيم النهائي لسوريا، وذلك لما له من نتائج سلبية على الدول المجاورة وعلى الشرق الأوسط ككل.

الأمر الثاني الذي لن يحدث في مستقبل سوريا المنظور، يراه كارتونوف في عدم العودة الكاملة للاجئين والنازحين السوريين إلى أماكن سكنهم. فالجزء الأكبر منهم سوف يبقى في أماكن التهجير الحالية في الشرق الأوسط وأوروبا، مما يحول الشتات السوري إلى شبه بالفلسطيني.

كما يرى بأنه لن يكون هناك مخطط لإعادة إعمار سوريا بكلفة تتراوح بين مئة ومئتي مليار دولار، ليس لدى أوروبا والخليج، في ظروف الأزمة الإقتصادية ووباء كورونا، إمكانيات مالية لتغطيتها. ويقول بأن المطر من ذهب لن يتساقط على دمشق، “حتى لو اختفى بشار الأسد عن المسرح السياسي”.

أما الأمر الرابع الذي يبشر به كارتونوف السوريين، فهو بقاء نظام الأسد واستمراره في “إجتراح معجزات الصمود”، رغم المشاكل الإقتصادية المتفاقمة والعقوبات الجديدة والصراع المتواصل على السلطة في دمشق نفسها”.

حيال هذه الإستعصاءات الأربعة، يرى كارتونوف أن مهمتين ملحتين في سوريا الآن: مهمة الحد الأدنى في عدم السماح بتصعيد جديد للصراع، ومهمة الحد الإقصى في تحفيز دمشق للشروع في إصلاحات حذرة، حتى لو كانت محض إقتصادية. 

 المدن

—————————-

لافروف:اوجدنا ظروف العملية السياسية بسوريا..وحافظنا على المسيحيين

قال وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إن روسيا أوجدت الظروف المناسبة للعملية السياسية في سوريا، مشيراً إلى أن بلاده ليست مسؤولة عن حالة الجمود المحيطة بتلك العملية.

وأشار لافروف خلال لقائه مع ممثلي الجمعيات الوطنية والثقافية في مدينة فولغوغراد الروسية، إلى أن روسيا “خلقت الظروف الملائمة لإجراء عملية تسوية سياسية، التي هي الآن لا تتحرك، ولكن ليس بسبب خطئنا، إلا أنها لا تزال مستمرة”.

وأضاف أن روسيا “ساعدت ليس فقط بالحفاظ على الدولة، ولكن أيضاً على المسيحية في سوريا”، متابعاً “كانت البلاد مهددة باختفاء جميع المواطنين الذين يعتنقون الديانة المسيحية”.

واتهم لافروف الدول الغربية باستخدام “الإرهابيين” في محاولة للإطاحة برئيس النظام بشار الأسد. وقال: “حين وصل إرهابيون حقيقيون من تنظيم داعش وفروعه إلى أعتاب العاصمة السورية، وفي الأسابيع التي سبقت استيلاء الإرهابيين على السلطة في سوريا، لم يحرك الغرب ساكناً”.

كما أعلن لافروف عن جولة جديدة من المشاورات مع الولايات المتحدة حول الاستقرار الإستراتيجي في أيلول/سبتمبر. وقال: “عقب اجتماع الرئيسين جو بايدن وفلاديمير بوتين في جنيف في حزيران/ يونيو، بدأنا حواراً استراتيجياً مع زملائنا الأميركيين”، مضيفاً “عُقد اللقاء الأول… وحتى الآن لم نتفق على القاعدة التي ستشكل أساساً لمزيد من المفاوضات بشأن الحد من فئات معينة من الأسلحة”.

وكانت قمة بايدن- بوتين تناولت الأوضاع في سوريا، وعقب اللقاء، أعلن البيت الأبيض أن المشاورات التي أجراها الرئيسان بشأن الوضع في سوريا وتقديم المساعدات إلى البلد كانت بناءة. وأوضح مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان حينها أن المشاورات الخاصة بسوريا تركزت على مسألة ضمان الإيصال الإنساني، لافتاً إلى أن بايدن شدد على أن “ملايين الأشخاص الجياع” يحتاجون إلى الدعم في شمال شرقي وشمال غربي سوريا.

وتتزايد تصريحات المسؤولين الروسيين في الآونة الأخيرة بشأن تدخل بلادهم في سوريا، إذ أشار وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الاثنين، إلى أن القوات الروسية “ذهبت إلى سوريا لدعم نظام الأسد وليس لها أهداف أخرى”.

وقال شويغو خلال لقاء تلفزيوني مع قناة “سولوفيف لايف” الروسية على “يوتيوب”: “سبب قدوم روسيا إلى الأراضي السورية هو لأهداف محددة للغاية تتمثل في محاربة الإرهابيين، وليس لمحاربة السلطة في هذا البلد”. وأضاف أن روسيا “نجحت في سوريا بينما فشلت الولايات المتحدة هناك، لأن روسيا حريصة على خصوصيات الدول الأجنبية، ولا تحاول فرض قواعدها الخاصة عليها”.

وكانت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا أكدت في وقت سابق، أن القوات الروسية مسؤولة بشكل مباشر عن جرائم حرب في سوريا، وقدمت معلومات إضافية ومفصلة عن دور روسيا في ارتكاب جرائم حرب ومساعدة نظام الأسد في شن غارات جوية على المدنيين والسكان المدنيين في إدلب، فضلاً عن تزويده بالسلاح والعتاد لتعزيز حربه ضد السوريين.

————————

روسيا والصين تتطلّعان إلى تراجع الولايات المتحدة/ جون بولتون

ستضغط بكين من أجل مزيد من النفوذ في باكستان؛ وستجرِّب موسكو في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في آسيا الوسطى.

إن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان ينتهي بشكل مأساوي -وهذا له تداعيات إستراتيجية كاسحة. كان أحد الأخطاء الرئيسية الكامنة وراء شعار “إنهاء الحروب التي لا نهاية لها” هو أن الانسحاب لن يؤثر إلّا على أفغانستان. بل على العكس من ذلك، فإن الرحيل يُشكِّل إعادة ترتيب إستراتيجية كبرى ومؤسفة للغاية للولايات المتحدة. حيث تسعى كلّ من الصين وروسيا، عدوَّيْنَا العالمييْنِ الرئيسييْنِ، بالفعل إلى جَنْي الفوائد.

إنهم والعديد من الآخرين يحكمون على ترك أفغانستان ليس فقط على العواقب المباشرة على التهديدات الإرهابية العالمية، ولكن أيضاً لما يقولونه عن التخلّي عن أهداف الولايات المتحدة وقدراتها ومدى حزمها على مستوى العالم.

على المدى القريب، استجابةً لكل من التهديدات والفرص الناشئة من أفغانستان، ستسعى الصين إلى زيادة نفوذها الكبير بالفعل في باكستان؛ وستفعل روسيا الشيء نفسه في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في آسيا الوسطى. وكِلاهما سوف يوسِّعان مبادراتهما في الشرق الأوسط، غالباً جنباً إلى جنب مع إيران. هناك القليل من الأدلّة على أنّ البيت الأبيض مستعدّ للردّ على أي من هذه التهديدات.

على المدى الطويل، تتمتع بكين وموسكو بتقسيم طبيعي للعمل في تهديد أمريكا وحلفائها، في ثلاثة مسارح متميزة: الصين على محيطها الطويل من اليابان عَبْر جنوب شرق آسيا إلى الهند وباكستان؛ روسيا في أوروبا الشرقية والوسطى بالإضافة إلى الوفاق الودّي الروسي الإيراني الصيني في الشرق الأوسط. لذا يجب أن يفكّر المُخَطِّط الأمريكي في العديد من التهديدات التي تظهر في وقت واحد عَبْر هذه المسارح وغيرها.

وهذا يؤكّد مدى توتّر قدراتنا الدفاعية لحماية مصالحنا البعيدة، لا سيما بالنظر إلى الإنفاق المحلّي غير المسبوق الذي يطلبه الرئيس بايدن الآن. وبالتالي، فإنّ أهمّ مهمّة لواشنطن هي بطريقةٍ ما تأمين زيادات كبيرة في ميزانيات الدفاع بما يجابه طيف التهديد الكامل، من الإرهاب إلى الحرب الإلكترونية, فالدبلوماسية وحدها ليست بديلاً.

لن يتأثر “شي جين بينغ” بتأكيد السيد بايدن أن أمريكا بحاجة إلى إنهاء الأنشطة العسكرية في أفغانستان لمواجهة الصين بشكل أكثر فعالية. بدلاً من ذلك، أمام بكين فرص جديدة: تعزيز مصالحها في أفغانستان وباكستان؛ والحماية من انتشار الإرهاب في الصين؛ وزيادة الجهود لإرساء الهيمنة على محيطها، خاصة فيما يتعلق بتايوان وبحر الصين الجنوبي والهند.

تتلاءم هذه المبادرات بسلاسة مع التهديد الوجودي لبكين للغرب، والذي يمتدّ إلى ما هو أبعد من كارثة أفغانستان. على النقيض من ذلك، تتخبط واشنطن في مناورات تكتيكية وردود ارتجالية على حيل صينية معيّنة. أفغانستان هي الدافع الملحّ لحشد تفكيرنا المفاهيمي والإستراتيجي الأعمق؛ أثناء القيام بذلك، يمكننا الاستحواذ على الفور على العديد من النقاط السياسية المهمّة. وللقضاء على الغموض حول التزامنا الدفاعي لتايوان، على سبيل المثال، يجب أن نضع قوات عسكرية هناك. وعلى مستوى التواجد في المسارح، فنحن بحاجة إلى زيادات في الميزانية لتعزيز وجودنا البحري في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي، وبالتالي إنشاء الردع ومواجهة مطالبات السيادة الصينية.

يجب تكثيف علاقاتنا الدفاعية مع الهند وفيتنام وغيرهما كما يجب أن يتوسّع نطاق “الرباعية” (الهند واليابان وأستراليا والولايات المتحدة) بشكل كبير ليشمل قضايا الدفاع الجماعي وينبغي على الرباعية نفسها أن تنظر في التوسّع. كما يجب علينا أن نحمّل الصين بشكل متزايد المسؤولية عن سياستها الخطيرة المتمثلة في انتشار الصواريخ الباليستية والتكنولوجيا النوويّة لأمثال باكستان وكوريا الشمالية.

مما لا شك فيه أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان مسروراً برؤية رئيس أمريكي ضعيف واهن في قمتهما في حزيران/ يونيو، مستذكراً خروتشوف بعد لقائه جون إف كينيدي في عام 1961. تنازُلات بايدن اللاحقة على نورد ستريم 2 وأفغانستان جعلت السيد بوتين يبتسم بالتأكيد على نطاق واسع. وسيعمل بقوة في آسيا الوسطى لوقف أي إرهاب متجدد، لكن تركيزه على المدى الطويل يظلّ على جيران روسيا الأوروبيين.

يرى بوتين حالة من الفوضى في أوروبا، التي تخشى عودة الصراع المستشري، إلى حد كبير؛ لأنها تخشى تعثّر أمريكا، وحتى الانسحاب بشكل كبير من الشؤون العالمية. وعلى الرغم من أن الرئيسين ترامب وبايدن لا يشكّلان توجُّهاً دائماً، فالأول كان انحرافاً؛ أما هذا الأخير فهو مجرد ديمقراطي نموذجي. وقد أدّى فشل بايدن في تحذير حلفاء منظمة حلف شمال الأطلسي من خروجه من أفغانستان إلى زعزعة مستويات الثقة الضعيفة بالفعل. فالدعوات الحتميّة لدور سياسي – عسكري “أوروبي” أكبر ستلاقي مصير الجهود السابقة. ولا يمكن أبداً أن يكون الاتحاد الأوروبي لاعباً جيوستراتيجياً عالمياً لأنه عادة يقوم بنشر الخطابات أكثر مما يقوم بتقديم الموارد.

وهذا يسمح لحلف الناتو، الذي خفَّف عنه السيد بايدن، مرة أخرى ليشعر بالرضا عن الذات، بإهمال الحلفاء بشأن أفغانستان. بدلاً من إلقاء اللوم على واشنطن لكونها تدخُّليّة أكثر من اللازم وبعد ذلك لعدم تدخُّلها بما فيه الكفاية، يتعين على أوروبا أن تقرّر ما إذا كانت تقدّر مسألة الدفاع الجماعي عن النفس في حلف شمال الأطلسي وتأخذها على محمل الجد، أو أن الأمر سيكون لمجرّد الحصول على شرف المشاركة فيه. عندما تقوم ألمانيا وغيرها بمطابقة قدراتها الدفاعية مع اقتصاداتها، فإن آراءهم ستكون مهمّة. وأثناء الانتظار، يجب على الولايات المتحدة العمل مع التحالفات شِبه التابعة لحلف شمال الأطلسي، ومعظمها من وسط وشرق أوروبا، وتهديد الدول غير الأعضاء في الناتو وفي تكتلات تلك الدول، لمواجهة غرائز السيد بوتين الإمبريالية ويمكن تعديل وضع القوّة لدينا في أوروبا وفقاً لذلك.

في الشرق الأوسط، إيران هي المورِّد المفضَّل للنفط للصين وشريك روسيا في دعم بشار الأسد في سورية. بالنسبة لبكين وموسكو، تعتبر طهران بديلاً للقيام بأعمال زعزعة الاستقرار، وهي بمثابة إحباط لتوسيع نفوذهما في جميع أنحاء المنطقة، وهو ما أظهرته مؤخراً اتفاقية التعاون العسكري بين روسيا والمملكة العربية السعودية. فالرياض تتحوّط ضد الرفض الأمريكي والتحالف المحتمل مع طهران على غرار ما جرى في عهد أوباما. ويخشى عرب الخليج أن انسحاب أمريكا من أفغانستان قد يُنذر بالشيء نفسه في العراق، أو حتى من القواعد الجوية والبحرية الأمريكية الرئيسية في بلدانهم. ومَن منّا لا يتحوَّط من ذلك؟

يجب ألا تنضم واشنطن مجدداً إلى الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015. هذا الجزء سهل، على الرغم من أن إدارة بايدن ما زالت لا تفهمه. فكلمة السرّ تكمن في الاعتراف بأن أهداف إيران تتعارض بشكل أساسي مع أهداف أمريكا وإسرائيل ومعظم العالم العربي. إن تغيير حكومة طهران هو الوحيد الذي يحظى بفرصة تقليل التهديدات في جميع أنحاء المنطقة، وهو آخِر شيء تريده الصين وروسيا.

للأسف بالنسبة لأولئك الذين يعتقدون أن الانسحاب من أفغانستان كان قراراً لمرّة واحدة مع عواقب محدودة، فإن العالم أكثر تعقيداً بكثير. النتائج سلبية للغاية بالفعل، وتستثمر الصين وروسيا في جعلها أسوأ. الأمر يعود إلينا والقرار بيدنا.

المصدر: وول ستريت جورنال

ترجمة: عبد الحميد فحّام

مؤلّف كتاب (مذكّرات البيت الأبيض) شغل منصب مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي، وسفيراً لدى الأمم المتحدة

نداء بوست

—————————–

=====================

تحديث 11 أيلول 2021

———————————

لماذا يفاوض الروس بدلاً من بشار؟/ عمر قدور

بينما كانت الفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد تحاصر وتقصف درعا البلد، كان المفاوض الروسي ينقل إلى مفاوضيه من الأهالي شروط فك الحصار ووقف إطلاق النار. الدور الروسي، مهما وصف بالضامن أو الوسيط، كان متمماً لآلة الحرب ومتناغماً معها، ووزير الخارجية لافروف كان واضحاً في مؤتمره الصحافي مع نظيره الإسرائيلي عندما قال أن درعا “وغيرها من الأراضي السورية” ينبغي أن تكون خاضعة لسيطرة “الجيش العربي السوري”. ثمة تطابق في مفهوم السيادة بين موسكو والأسد، إذ يراها الطرفان من منظار السيطرة العسكرية والإرغام، لا من منظار قبول الأهالي بها أو تقديم ما يغريهم بالقبول.

لعل التطابق في الأهداف بين الجانبين الروسي والأسدي يعيد طرح السؤال حول تولي الأول منهما مهمة التفاوض مع أهالي درعا، وهي لم تكن المرة الأولى في درعا أو سواها، فلماذا لا يفاوض ممثلو بشار مباشرة؟

السؤال ذاته يطل عند التذكير بمفاوضات مشابهة مع فصائل محلية، قبل التدخل العسكري الروسي، تولى الإيرانيون قيادتها وتقديم الضمانات المتعلقة بالالتزام بها. بل يُذكر أن ممثلين عن الفصائل أو الأهالي في بعض المناطق راحوا حينذاك يطالبون بوجود الإيراني كدلالة على جدية التفاوض من قبل الأسد، وكضمانة لتنفيذ ما يُتفق عليه. آنذاك كان “الحاج” الإيراني يأتي مع مترجم خاص رفقة الضابط الأسدي المفاوض، ويتدخل أحياناً عندما يتعنت الضابط فيهمس له بما يتوجب عليه قوله، أو يخالف ذلك الضابط عندما يقول أنه سيراجع قيادته لأنه لا يستطيع اتخاذ القرار، فيملي عليه الحاج القرار كمن يعلن أنه هو صاحبه الفعلي.

تصح دائماً الإجابةُ بأن الأسد منزوع السيادة يفسّر لنا قيام الإيراني ثم الروسي بالتفاوض نيابة عنه، بل تباريهما في إظهار سطوة كل منهما عليه. لكن التفريط بالقرار والسيادة لا يفسّر وحده قيام الوصيين بالتفاوض في حالات لا تحمل رمزية أو خصوصية لهما؛ الروسي مثلاً لا يحتاج أن يفاوض أهالي درعا ليثبت للعالم إمساكه بالقرار، فقد أثبت ذلك في مناسبات أهم مثل مسار أستانة وحتى مسار اللجنة الدستورية. انعدام ثقة المفاوضين عن الأهالي أو المقاتلين يفسّر مطالبتهم بالمفاوض الإيراني ثم الروسي، وانعدام الثقة إذ يشرح جانباً من الأمر فهو يفتح على سؤال انعدام الثقة ومعناه في حالتنا.

من المعلوم أيضاً أن الأسد لا يريد ثقة محكوميه، هو يريد خوفهم منه وإذعانهم غير المشروط له.  غير أن الخوف والإذعان لا يحتمان استخدام فائض القوة طوال الوقت، لأن من تدابير الاستبداد استخدام مختلف أنواع القوة، الخشنة والمتوحشة والذكية والناعمة. قسمة السنوات الأخيرة هي بالأحرى مهينة لسلطة الأسد إذ تجعلها مختصة بالقوة المتوحشة، بينما يستخدم الروسي والإيراني أنواعها المختلفة. إنها سلطة صف ضابط المخابرات الصغير، تؤدي دور الجلاد فحسب، الجلاد الذي يعمل بصمت دولي وبإشراف وصيين مسؤولين بالمطلق عن المستوى السياسي، وعن كيفية استثمار وحشيته سياسياً.

من عرفوا الأخوين الأسد عن كثب يقولون أن استخدام العنف على النحو الذي رأيناه يناسب ما لديهما من بأس ومن احتقار للسوريين، ومن نوازع انتقام بلا حدود متضافرة مع ذلك الاحتقار. هذه المعرفة تضيء على جوانب شخصية ما كان لها أن تتحكم لو لم تكن السلطة عائلية بالمطلق، أي أنها ليست تلك السلطة التي تتربع العائلة على رأس هرمها أو في مركز دائرتها. إنها ليست نظاماً مبنياً على سلطة العائلة، هي سلطة العائلة بكل ما تحمله الكلمة من محدودية وضحالة التركيبة، ومن فقدانها خبرات الدوائر المحيطة بها التي تجعل منها نظاماً.

من الشائع استخدام تعبير “نظام الأسد”، على سبيل الذم غالباً، وهو للحق تعبير يمتدح سلطته بما لم يعد فيها بعد أن تم تجريفها مما كان يجعلها قريبة من شبهة النظام. ربما كان آخر تجليات النظام، أيضاً مع بعض التحفظ على التعبير، ما عُرف آذاك بخلية الأزمة، والتي تم تفجيرها قبل تسع سنوات في حادثة غامضة يُرجح أن يكون للأخوين دور فيها، وقد لا تكون طهران بعيدة عن تدبيرها.

أودى التفجير كما هو معلوم بوزير الدفاع داوود راجحة، وبنائبه آصف شوكت صهر الأسد، وبرئيس خلية الأزمة اللواء حسن تركماني ورئيس مكتب الأمن القومي هشام أختيار، وكان بشار قد أقال قبل نحو سنة وزير الدفاع الأسبق علي حبيب، وقيل أن معارضة الأخير الزج بالجيش لقمع الثائرين كانت سبب إقالته. من بين القتلى كان يبرز اسم آصف شوكت كمرشح محتمل فيما لو أُقصي بشار، واسمه قد بدأ يتردد كخليفة محتمل على خلفية التداعيات الأولى لاغتيال الرئيس رفيق الحريري. هشام أختيار بدوره لم يكن خارج دائرة الاحتمالات وكذلك العماد المُقال علي حبيب، وما يجمع هذه الشخصيات أنها إبنة النظام، ويُفترض بها أن تكون قادرة على الحفاظ عليه والإمساك بمفاصله في حال نُحِّي الأسد، فلا يتحقق سيناريو الفوضى الشاملة بسقوط العائلة.

واحد من علامات النظام وجود خلفاء محتملين، بصرف النظر عن دقة التكهنات حولهم، وما إذا كانوا مؤهلين حقاً. كلّ من هؤلاء من لم يرث مكانته، بل حصل عليها أو انتزعها ضمن شروط النظام الذي أسسه يوماً الأسد الأب، وهم ضباط جيش أو مخابرات لكن سمعتهم لم تقترن بشخصية الجلاد فحسب. ما قيل مثلاً عن رفض حبيب لزج الجيش يندرج في إطار فهمٍ يتعدى كونه مجرد موظف، وما أِشيع عن اتصالات بين شوكت وباريس غداة اغتيال الحريري يتطلب مهارة ما فوق طموحه الذي أوصله إلى مصاهرة العائلة، وكذلك حال ضابط المخابرات العتيق هشام أختيار الذي كان قد كبر على شخصية الجلاد، وصار أكثر تفهماً “من موقعه المخابراتي” لاستخدام مختلف أنواع القوة، بما فيها القوة الناعمة أو الحوار مع معارضين، أو على الأقل عدم البطش بالجميع معاً بنهج الأرض المحروقة.

ذلك ليس امتداحاً للمذكورين أعلاه، فالتغيير المطلوب دولياً من سلطة الأسد لا يفوق “مهاراتهم”، أي أن تتحلى السلطة بالحد الضروري من السياسة، الحد الذي يجعلها نظاماً. ما يُعتبره البعض مذمة هو ما يُطلب من الأسد؛ أن يكون نظاماً وأن يكون مثلاً قادراً على التفاوض في درعا أو القامشلي…، أن يكون له نصيب ولو متدنٍّ من السياسة، وأن يحوز على قدر من الثقة بتعهداته. لا تكابر السلطة عندما لا تلبي المطلوب، عندما يفاوض الإيراني أو الروسي بدلاً منها هنا وهناك، فالعلة في عجزها الأصيل عن أن تستعيد شبهة النظام.

المدن

—————————

بوتين وسيطاً بين واشنطن وطهران/ بسام مقداد

تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول نشاط إيران النووي، وتنديدها بعدم تعاون طهران في إطار مراقبة برنامجها، رفع منسوب القلق على مصير “الصفقة النووية” وإمكانية عودة إيران إلى مفاوضات فيينا، دون طرح شروط جديدة تعرف مسبقاً أنها مرفوضة أميركياً. وكان القلق على الصفقة قد بدأ يتصاعد مع وصول المتشددين إلى السلطة في عملية إنتخابية، تمت هندستها بدقة، لإستبعاد أية إمكانية للحؤول دون ذلك. وكان سبق نشر الوكالة تقريرها الثلاثاء المنصرم بيوم واحد تحذير للناطق بإسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده من أن “إستخدام الوكالة الذرية لأغراض سياسية” سوف يستدعي “ردة فعل مناسبة” من جانب  طهران. وأضاف خطيب زاده بأن الإجتماع القادم لمديري الوكالة سيكون عادياً، ولا يجدر بأحد أن تكون لديه خلال الإجتماع “حسابات خاطئة” حيال إيران، وحذر من أن إستخدام منصات الوكالة لأغراض سياسية سوف يستدعي “ردة فعل مختلفة” من قبل إيران، حسب ما نقل موقع روسي عن وكالة “تسنيم” الإيرانية.

وإذ يشير الرجل إلى التعاون “التقني والإحترام المتبادل” بين إيران والوكالة الذرية، يقول بأنه يأمل في ألا يتدخل أي طرف في هذا التعاون، وبأنه “سمع أنباءاً” عن خطط لزيارة مدير الوكالة رافائيل غروسي إلى طهران.

في رده على سؤال بشأن مستقبل مفاوضات فيينا، قال خطيب زاده بأن المفاوضات “يجب أن تكون لمصلحة إيران” وفقاً لما تنص عليه إتفاقية الصفقة وينص قرار مجلس الأمن 2231، واللذين خرقتهما الولايات لمتحدة غير مرة. وحذر البيت الأبيض من أن إنتهاج سياسة الرئيس السابق دونالد ترامب في “الضغط الأقصى”، لن يؤدي إلا إلى “الفشل الأقصى”. ونصح واشنطن بأن تأتي إلى مفاوضات فيينا مع جدول أعمال “حقيقي” وتنفيذ كامل للإتفاقية.

عض الأصابع بين إيران والولايات المتحدة بدأه وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان بعد أقل من أسبوع من نيل الحكومة الإيرانية الجديدة ثقة البرلمان الإيراني أواخر الشهر النصرم. فقد صرح بأن إيران “لن تهرب من المفاوضات” في فيينا، لكنها لن تعود إليها قبل شهرين أو ثلاثة أشهر حتى تكون الحكومة الجديدة قد درست الملف. وعلقت وكالة الأنباء الأذرية “haqqin.az” على التصريح بنص نشرته في 2 من الشهر الجاري، وعنونته “رئيسي ليس روحاني. لا تحشروا لنا في الصفقة ما لا لزوم له”. وقالت الوكالة في مطلع النص بأن طهران، ومنذ أسبوعين، تضع الحطب في النار وتتلاعب بأعصاب الأوروبيين والأميركيين بشأن مصير مفاوضات البرنامج النووي. ولا تنسى عند هذا أن تذكّر في كل مرة بأن إيران لا تتخلى عن هذه المفاوضات. و رأت أن طهران تشبه القطة التي رفعوا صحن القشدة من تحت أنفها، وبقيت جامدة في مكانها غاضبة تتوعدهم بأنه “لن يكون إلا كما أريد”. واختارت في ردها تكتيك “الشرطي الشرير”، إذ تتهم واشنطن بكل شيئ وتجبر الأوروبيين على القيام بالجزء الأساسي من العمل، أي إقناع واشنطن “كم هي مهمة العودة إلى المفاوضات”، وفي الوقت عينه إسترضاء طهران للعودة إليها.

تصريح عبد اللهيان بأن حكومته لن تذهب إلى المفاوضات قبل شهرين أو ثلاثة، إضافة إلى التقريرين الأخيرين لوكالة الطاقة الذرية عن الإنتهاكات الإيرانية وعرقلة عمل مراقبيها، دفع واشنطن للرد بتصريح من وزير الخارجية بلينكن بأن الولايات المتحدة تصبح “أقرب فاقرب” من التخلي عن الصفقة النووية مع إيران، حسب صحيفة “MK” الروسية في 9 من الشهر الجاري. كما رد على عبد اللهيان أيضاً وزير الخارجية الألماني هيكو ماس، حيث قال بأن فترة شهرين أو ثلاثة للعودة إلى المفاوضات “هي مدة طويلة جداً”. كما أعلن، حسب الصحيفة، بأنه اتصل هاتفياً بزميله الإيراني لإقناعه “بالعودة سريعاً إلى طاولة المفاوضات، وقال بأن برلين، مع ذلك، مقتنعة كما في السابق بأن الحكومة الإيرانية الجديدة تؤيد النتائج التي تم التوصل إليها في المفاوضات.

واشنطن، وفي محاولة منها لإقناع طهران بالتخلي عن مناوراتها المكشوفة وتسريع عودتها إلى مفاوضات فيينا، أرسلت مبعوثها الخاص إلى إيران روبرت مالي إلى العاصمتين اللتين على علاقة جيدة مع طهران، موسكو وبارس. ونقل موقع “Sputnik” الروسي في 8 من الجاري عن نائب وزير الخارجية للشؤون الأميركية سيرغي ريباكوف قوله بأن “المشاورات مع مالي جرت على مدى يومين. وأشار إلى أنه تم التخطيط لها خلال مدة طويلة، وذلك لمناقشة “الوضع بأكمله وتفحص المستقبل”. وقال بأن المشاكل كثيرة، واللحظة الراهنة هي لحظة “من المهم جداً تحاشي إرتكاب خطأ فيها”. وقال ريباكوف بأن روسيا تحذر الغرب من رفع الرهانات على إتفاقية “الصفقة النووية، بما فيه على خط مجلس مديري الوكالة الذرية”، وهي عازمة على طرح هذه المسألة مع مالي.

وفي إشارة منه إلى موافقة روسيا على إتهام إيران للوكالة الدولية بتسييس عملها، قال ريباكوف بأن الدبلوماسيين الروس عازمون على تحذير زملائهم الغربيين من تضمين صياغات إدانة لإيران في التقرير المفترض لمجلس مدراء الوكالة الذرية الدولية.  

توجهت “المدن” إلى الصحافية الروسية المتابعة لشؤون المنطقة وإيران في موقع RT يوليا يوزيك  بسؤال عن التجاذبات الأميركية الإيرانية بشأن العودة إلى مفاوضات فيينا، وعن زيارة روبرت مالي إلى موسكو. قالت يوزيك بأن مالي هو أحد أبرز الشخصيات المتخصصة بالشؤون الإيرانية في فريق الديموقراطيين. شكلياً هو الممثل الخاص للرئيس بايدن، لكنه كان أحد أهم المسؤولين عن الشأن الإيراني في فريق باراك أوباما، وأحد مهندسي الصفقة النووية في العام 2015.

وتعتبر أن مالي هو ،بدون شك، “كنز بالنسبة لإيران. وليس عبثاً أن طهران “هكذا ضغطت” لتعيينه، من خلال ممارسة الضغط على بايدن والمحيطين به في البيت الأبيض في الميديا الإيرانية وعبر قنوات الضغط الأميركية.

وتقول بأن مالي، وقبل أن يصبح ممثلاً خاصاً في إيران، كان يترأس المؤسسة الأميركية الخاصة للأبحاث والدراسات صاحبة النفوذ Crisis Group، وساعد “على نحو مذهل” الحرس الثوري بتوصياته كيف يعملون في ظل إدارة ترامب. وتقول بأننا سوف ننذهل إذا عرفنا أن “التوسع النووي” كان واحدة من هذه التوصيات.

وتقول يوزيك أن مالي وصل إلى موسكو بصورة “سرية تقريباً”، ولم يتسرب شيئ للصحافة عن الزيارة، إلا بعد أن كان قد غادر. ومالي هو “لاعب خلف الكواليس”، وقد إقترح على موسكو المشاركة في قرار ضد طهران لرفضها المفاوضات، ولرفعها تخصيب الأورانيوم 4 أضعاف (الرقم الرسمي فقط) إلى درجة 60% خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. ومن المتوقع أن تكون موسكو قد رفضت الإقتراح ، وتفهم مالي هذا الرفض بالطبع.

موسكو من جانبها، دعت إلى عدم الضغط على إيران. وقالت يوزيك بأنها تتوقع أن يقوم بوتين قريباً بدور الوسيط بين واشنطن وطهران، مما قد يطلق عملية المفاوضات بشأن الصفقة. وبوتين يحب أن يقدم لواشنطن مثل هذه الخدمات السلمية، كما كان في قصة سلاح الأسد الكيميائي، أو برنامج إيران النووي.

بوتين سيدعو إيران للتفاوض، وخامنئي سوف يستمع إليه برأيها. ومالي سوف يضغط من أجل الصفقة ويساندها. وبينما تتواصل المفاوضات، من الممكن جداً أن تبلغ “النهاية المنطقية” لبرنامجها النووي. وتختتم بالقول هذه صفقة win-win، وهي مربحة لجميع أطراف العملية.

————————————–

صراع الأجنحة داخل النظام السوري..قد يحول روسيا إلى احتلال

مع انخفاض وتيرة الحرب السورية برز خلاف جديد بين عناصر النظام السوري، بين أطراف ترغب في العودة إلى الساحة الدولية، وقسم آخر يرى أن النظام يمكنه الاستمرار بقبضته الأمنية من خلال السيطرة على مفاصل الحياة في سوريا خصوصاً الاقتصادية منها.

ورأى موقع “ستراتفور” أن روسيا ستُجبر على لعب دور الوسيط بين (الإصلاحيين والمتشددين) لإنهاء دورات العنف التي لا نهاية لها في سوريا من دون تعريض وضعها للخطر.

وأشار المحلل في الموقع ريان بول إلى أن الاحتجاجات الشعبية على تردي الأوضاع المعيشية داخل مناطق سيطرة النظام، يمكن أن تؤدي إلى موجة جديدة من الاضطرابات. إذ وصلت الاحتجاجات إلى الطائفة العلوية والتي تعتبر الداعمة الأولى لرأس النظام بشار الأسد، حيث أصبحوا أكثر جرأة في شكواهم من السياسات الاقتصادية، وبدؤوا بالضغط على النظام لإيجاد طرق لاستعادة العلاقات التجارية مع العالم الخارجي.

وأضاف أن “مثل هذه الاضطرابات قد تجبر الجيش الروسي على القيام بدور صانع السلام وتحويل تدخله إلى احتلال في أجزاء من البلاد”.

واعتبر الكاتب أن إعادة الاتصال بالعالم الخارجي ستفرض على النظام تقديم تنازلات للمعارضة السورية، وقد تأخد أشكالاً عديدة كصفقة مثلاً، أو إضعاف سلطة الرئاسة، وهو أمر يعتبر مرفوض بالنسبة للمتشددين داخل النظام، مشيراً إلى وجود مؤشرات تدل على أن الدائرة الداخلية مستعدة للتنازل الآن، خاصة بعد تحقيق نصر عسكري إستراتيجي في درعا.

ورغم سيطرة المتشددين على مفاصل الحياة في سوريا، إلا أن لروسيا وإيران رأياً في الملف، حيث أرسلت روسيا إشارات إلى أنها تفضل نهجاً أقل خطورة من الحرب الأهلية، مع الحفاظ على الانفراج مع الولايات المتحدة، مع وقف اتفاقيات خفض التصعيد مع كل من المعارضة المسلحة وتركيا.

ورأى الكاتب أنه مع تزايد موجة الغضب في الشارع السوري، ترغب موسكو من الأسد دعم الإصلاحيين داخل الحكومة، والضغط من أجل المصالحة مع بعض جماعات المعارضة على الأقل، كما تريد في النهاية أن يبتعد النظام عن إستراتيجية الأرض المحروقة خوفاً من “تطهير” المزيد من السوريين ودفع البلاد بعيداً عن إعادة الإعمار.

وبحسب الكاتب قد تضطر روسيا إلى تحمل مخاطر أكبر في متابعة إستراتيجيتها، التي تستهدف الحفاظ على قاعدتها البحرية في طرطوس وإعادة بناء المصداقية كقوة عظمى في المنطقة، وهي أهداف اعتمدت على بقاء حكومة الأسد في السلطة.

وتابع: “من المرجح أن تلعب موسكو دوراً أعمق في تهدئة التوترات بين المتشددين والإصلاحيين. ففي درعا، يبدو أن روسيا نجحت في تجنب هجوم عسكري مكلف من خلال التوسط بين المعارضين والنظام، وهو الدور الذي لعبته موسكو أيضا في إدلب وشرق دمشق وأماكن أخرى في البلاد”.

وإذا استخدمت روسيا نفوذها في محاولة لدفع المتشددين نحو الإصلاح، فإنها تخاطر بعزل أعضاء الدائرة المقربة من الأسد الذين يلعبون دوراً رئيسياً في الحفاظ على موقف موسكو في سوريا.

وأوضح أن هذه الدائرة المتشددة تعتمد على الدعم الإيراني لكثير من أمنها، مع العلم أن طهران تدعم حرباً شاملة لفرض سيطرة كاملة على سوريا، ونتيجة لذلك قد تشجع على مقاومة طلبات الإصلاح الروسية.

وأشار الكاتب إلى أن الموالين للنظام المستبعدين قد يجبرون موسكو أيضاً على الاختيار بين إنهاء تدخلها في سوريا مع المخاطرة بترك الميدان لإيران والمتشددين السوريين، أو ربما إحياء تكتيكات موسكو في حقبة الحرب الباردة لمحاولة اختيار قادة الدول الحليفة لها.

————————————-

موسكو تواجه «تضارب مصالح اللاعبين» في سوريا بتعزيز دعمها النظام

تطوّرات درعا وضعت الروس أمام اختبار القوة والنفوذ

رائد جبر

قد تكون التطورات التي شهدها الجنوب السوري خلال الأسابيع الأخيرة، قد شكّلت أصعب اختبار لقدرة روسيا على فرض أجندتها على اللاعبين المحليين من جانب، والأطراف الخارجية المنخرطة في النزاع السوري من الجانب الآخر. ومع أن الحصيلة التي آلت إليها الأمور عكست تمكّن موسكو من تثبيت اتفاق وصفته المعارضة السورية بأنه مجحف، فالمهم، مع تعزيز النفوذ العسكري الروسي في الجنوب، أن التطور حمل تقويضاً كاملاً لاتفاق الهدنة الموقع في العام 2018. وهو اتفاق ضمنته روسيا بالاتفاق مع الولايات المتحدة والأردن وبحضور غير مباشر من جانب إسرائيل. وهذا الأمر يعني أن النتيجة وضعت أسساً جديدة للتعامل في المنطقة، لم تكن موسكو هي صاحبة المبادرة إليها، بقدر ما أنها اضطرت إلى التعامل فيها مع أمر واقع فرضه النظام وحلفاؤه من القوى المدعومة من جانب إيران.

ولقد بدا «الارتباك» الروسي واضحاً منذ بداية أزمة الجنوب الجديدة، إذ إن احتمال انزلاق الوضع نحو مواجهة واسعة، كان آخر ما شغل بال موسكو، بينما هي تضع تصورات للمرحلة المقبلة. وهذه المرحلة، حسب موسكو، تقوم على تعزيز مسار الإصلاح الدستوري في جنيف، عبر حمل النظام على إبداء مرونة كافية، بالتوازي مع إبراز ملف اللاجئين وتحويله إلى بند ثابت على أجندة الحوارات الإقليمية والدولية.

أظهرت التصريحات الروسية في الفترة السابقة اطمئناناً كاملاً إلى تثبيت مناطق النفوذ في سوريا، وتراجع احتمالات استخدام القوة العسكرية لتوسيع أو تغيير الخرائط القائمة. حتى إن المستويين الدبلوماسي والعسكري في روسيا ردّدا أكثر من مرة أن مراحل المواجهات الحربية انتهت، وأن الدور الأساسي في المرحلة المقبلة سيكون للترتيبات السياسية.

لكن في هذه الظروف جاءت الاستعدادات العسكرية والحشود التي تعاظمت حول درعا، والمناوشات التي بدأت في محيطها، لتضع الروس أمام موقف محرج. لذلك، سارعت أوساط روسية في البداية إلى الحديث عن «رفض الاستفزازات» التي يمارسها النظام، وعن ضرورة الالتزام بالهدنة وباتفاق وقف النار بكل تفاصيله. وأكثر من ذلك، لجأت أوساط دبلوماسية إلى توجيه رسائل تحذير إلى نظام دمشق من «خطورة هذه التحرّكات التي تقوض الثقة بروسيا كضامن أساسي، وتعرقل جهود موسكو لدفع التسوية السياسية في البلاد».

– 3 أولويات سقطت لاحقاً

على هذه الخلفية، ومع اتجاه العشائر في حوران، تحديداً محافظة درعا، إلى «الضامن الروسي»؛ خصوصاً بعد اتضاح مطالب النظام حول تسليم الأسلحة وانسحاب المقاتلين وفرض السيطرة في المدينة ومحيطها، وضعت موسكو 3 أولويات لسياستها، تمثلت بالتالي…

أولاً، رفض السماح بانزلاق الوضع نحو مواجهة شاملة.

وثانياً، رفض مطالب ترحيل سكان درعا أو تهجيرهم إلى مناطق أخرى.

وثالثاً، تثبيت اتفاق وقف النار الموقّع في 2018.

غير أن اللافت هو أن التطورات سرعان ما أظهرت عجز موسكو عن فرض وجهة نظرها على حليفيها السوري والإيراني، وهو ما برز من خلال تعزيز الحشود العسكرية وإطلاق أوسع عمليات قصف لمناطق في درعا ومحيطها، في تجاهل صريح للتوجهات الروسية نحو التهدئة.

وعلى الرغم من تسريبات عدّة عكست «الغضب» الروسي من تحرّكات النظام في تلك المرحلة من الأزمة، بينها التسريب الذي تحدث عن إقدام جنرال روسي على إخراج وزير الدفاع السوري من أحد الاجتماعات بسبب خطاب التهديد والتلويح بالقوة العسكرية، فقد بدا واضحاً أن موسكو لا ترغب أو لا تقدر على «كبح جماح النظام خلافاً لما أظهرته خلال مواجهات سابقة» وفقاً لتعبير محلل وخبير سوري. وتابع هذا المحلل القول إن القوات الروسية «لم تتدخل عسكرياً لتحسم المعركة لصالح النظام، كما كانت تفعل سابقاً (..) وفي الوقت ذاته لم يبدُ أنها تريد أن تستغل نفوذها كما يجب لإرغام النظام والإيرانيين على وقف حملتهم العسكرية في المنطقة». ومن ثم، استطرد شارحاً أن «روسيا قد تكون مستفيدة من بقاء الوضع على حاله واستمرار حالة التوتر في جنوب سوريا، ولو لمرحلة محددة من الزمن، تأمل خلالها تحقيق مجموعة أهداف، في مقدمتها استعادة الزخم للاهتمام بالدور الروسي في سوريا، بعد تراجعه قليلاً خلال الفترة الأخيرة».

لكن في المقابل، برز رأي آخر، مفاده أن موسكو عندما فشلت في الضغط على قوات نظام دمشق، سعت إلى قياس درجة قدرة المعارضة في الجنوب على تغيير الوضع العسكري الميداني. ولذلك وقفت متفرّجة، واكتفت بالسعي إلى لعب دور الوسيط في الحوارات، عندما كانت قوات المعارضة السورية تتقدّم بشكل واسع، حتى نجحت في استعادة السيطرة على ثلثي المساحة التي كانت تحت سيطرة النظام في محيط درعا البلد. هنا تدخلت بقوة وعزّزت جهودها ليصل الجانبان برعاية روسية إلى اتفاق لوقف النار لم يصمد طويلاً.

خبير عسكري يقول إن موسكو تعمّدت ترك قوات النظام والقوات الحليفة والداعمة لها، تحت رحمة نجاحات مؤقتة لقوات المعارضة، بغرض إظهار أن دمشق لن تكون قادرة على تحقيق تقدم واسع من دون مساعدة روسية… وهذا أمر سبق أن تعرّضت له قوات النظام في معركة سابقة قرب مدينة حلب في الشمال السوري.

– تبني موسكو الكامل لموقف النظام

إن صحت هذه التقديرات، فهي لا تنفي حقيقة أن الموقف الروسي سرعان ما تبدّل بشكل واسع تحت ضغط الأمر الواقع الذي نجحت دمشق وحلفاؤها، ولا سيما الميليشيات الإيرانية، في فرضه على الروس. والحاصل أن روسيا بعدما كانت ترفض وقوع أي مواجهات عسكرية، انتقلت بالكامل إلى تأييد التحرك العسكري لقوات نظام دمشق، انطلاقاً من ذريعة ضرورة «مدّ سيطرة الحكومة الشرعية على كل الأراضي السورية».

وبالأمس، كان هذا فحوى كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أثناء مؤتمر صحافي مشترك عقده في موسكو مع نظيره الإسرائيلي يائير لبيد، عندما قال إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في درعا «يقضي بإعادة سيطرة القوات المسلحة السورية الشرعية على هذه المنطقة، وأما بخصوص الأسلحة فيقضي الاتفاق المبرم بتسليم المسلحين كل أسلحتهم الثقيلة إلى الجيش السوري مع احتفاظهم بأسلحتهم النارية الخفيفة التي سوف يخرجونها معهم… والتفاوض جارٍ الآن بشأن المكان الذي يمكن لهم الانسحاب إليه من هذه المنطقة لأن بقاءهم هناك ليس مرجحاً». وفي تبنٍ كامل لموقفي النظام وإيران، أشار لافروف إلى ضرورة «ألا تبقى في درعا، بل في سوريا عموماً، أراضٍ خاضعة لسيطرة تشكيلات مسلحة غير الجيش العربي السوري» حسب تعبيره. وهكذا، انتقل الموقف الروسي مرة واحدة من رفض عمليات تهجير جديدة، ورفض اندلاع مواجهات جديدة… إلى إعطاء «الضوء الأخضر» ومباركة النتيجة التي وصلت إليها الأمور في الجنوب السوري.

هنا، وفقاً لتحليلات خبراء روس وسوريين، ظهر أن «توازنات دولية دقيقة فسّرت المشهد في درعا. إذ إن إيقاف الدعم عن الجبهة الجنوبية التابعة للمعارضة من قبل الولايات المتحدة الأميركية وبعض البلدان العربية لم يكن مكسباً مجانياً بالنسبة للروس، بل كان مشروطاً بالتعهد بضبط النفوذ الإيراني. وبالتالي، فإنَّ الحسم العسكري الشامل كان سيفوِّت على روسيا فرصة تعزيز المكاسب السياسية، ولذا سعت روسيا إلى إيجاد حالة من التوازن بين المكوِّن المحلي من خلال القبول بفكرة بقاء بعض المجموعات غير المنضبطة بسلاحها الخفيف، وكتلة أكبر تابعة لـ(الفيلق الخامس) بشكل مباشر، في مقابل قوات النظام والميليشيات الإيرانية».

– مكاسب سياسية مأمولة

هذا الحديث يعكس القناعة السائدة بأن موسكو، مع ميلها نحو التشدد لاحقاً، ومساعدة النظام في فرض شروط تسليم الأسلحة وتهجير الرافضين للهدنة وفقاً للشروط الجديدة، فإنها عملياً كانت تمهّد لاستخدام التطورات حول درعا لتحقيق مكاسب سياسية لاحقة من اللاعبين الإقليميين والدوليين… وعلى رأسهم الولايات المتحدة.

بهذا المعنى، فإن روسيا، كما يقول محللون: «أدركت أن الولايات المتحدة أظهرت بعض المرونة في ملفات مهمَّة بالنسبة لروسيا، في خطوة تشير إلى الرغبة بجعل درعا نموذجَ اختبار مصغَّراً عن الحالة السورية». ولذلك «أتاحت التوصل إلى اتفاق بشأن فتح معبر جابر نصيب مع الأردن، ووافقت على تمرير الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا، بهدف سبر حجم التعاطي الإيجابي مع مطالب المجتمع الدولي المتعلِّقة بالوصول إلى حلٍّ مناسبٍ للأزمة السورية».

وإذا صح هذا التحليل، فإن موسكو ستجد نفسها في المرحلة المقبلة أمام استحقاق جدّي، عليها معه الإجابة على سؤال حول مدى قدرتها على التعامل مع امتداد النفوذ الإيراني في الجنوب. واللافت في هذا الموضوع أن الأوساط الدبلوماسية الروسية كانت تتشدّد مع تفاقم أزمة درعا في الحديث على أن «كل الدعاية التي تتحدث عن الدور الإيراني في درعا لا تستند إلى أساس… وهي متعمّدة لتشويه الوضع ولفت الأنظار عن الأسباب الحقيقية لاندلاع الأزمة»، وفقاً لما أبلغ به مصدر دبلوماسي «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

لكن ملف الوجود الإيراني ونشاط القوى القريبة من طهران في الجنوب السوري له أبعاد أخرى. ذلك أنه يتعلق أيضاً بالعلاقة الروسية – الإسرائيلية التي مرّت بمرحلة فتور وتوتر بسبب رفض تل أبيب الاستجابة لمطالب روسية بوضع قواعد جديدة للتعامل العسكري في سوريا ووقف الغارات المتواصلة على مواقع داخل الأراضي السورية.

ولقد كان لافتاً أن البيان الروسي الذي صدر تعليقاً على الغارات الإسرائيلية الأخيرة في 3 سبتمبر (أيلول) على مناطق قرب دمشق لم يحمل جديداً في لهجته أو مضمونه، إذ جاءت الإفادة التي أعلنها نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة، فاديم كوليت، مقتضبة خالية من أي موقف، وتكاد تكون تكراراً حرفياً لبيانات مماثلة صدرت بعد سلسلة غارات استهدفت مواقع في سوريا في يوليو (تموز) الماضي.

ويومذاك، قال البيان إن القوات السورية تصدّت للغارات الإسرائيلية، وأسقطت 21 صاروخاً من أصل 24 جرى إطلاقها على الموقع المستهدف. وهذا التكرار الحرفي لبيانات سبق أن صدرت مثيلات لها قبل شهرين لا يخلو من دلالات، لأن روسيا باتت توجه رسائل مباشرة إلى الإسرائيليين بأنها «ترصد» و«تساعد السوريين على مواجهة الهجمات».

– موافقة أميركية على كبح الإسرائيليين

كانت أوساط المراقبين والمعلقين العسكريين انشغلت قبل شهرين بالحديث عن تبدّل في «قواعد اللعبة»، وأن روسيا تعمل على إغلاق المجال الجوي السوري أمام الطيران الإسرائيلي. وأكثر من ذلك أن هذا التطور يجري بعلم وموافقة ضمنية من جانب الولايات المتحدة، التي لا تحبذ ضمن أولوياتها الحالية في المنطقة تفجير الوضع في سوريا.

وفي هذا السياق، جاء تسريب معطيات عن قيام موسكو بتزويد دمشق بنسخ محدثة من أنظمة «بوك» الصاروخية، ومدّها بخبراء عسكريين روس لمساعدة القوات السورية على تشغيلها بفاعلية قصوى، ليؤكد التوجه الروسي الحاسم لوضع حد نهائي للغارات المتكررة.

إلا أن التباين الروسي – الإسرائيلي القديم حول الوجود الإيراني في سوريا، وآليات التعامل معه، ليس العنصر الأساسي للتطور الحاصل في الموقف الروسي. إذ كانت موسكو قد توصلت إلى تفاهمات مبكّرة مع الإسرائيليين بأن من حق تل أبيب استهداف مواقع في سوريا، إذا رأت خطراً أو تهديداً ينطلق منها، لذلك صمتت موسكو طويلاً على الهجمات الإسرائيلية في السابق. لكن «صبر الروس بدأ ينفد»، وفقاً لتعبير دبلوماسي روسي، عندما وسّعت إسرائيل دائرة أهدافها، لتشمل مواقع للسيطرة والتحكم تابعة لقوات النظام، وأيضاً بسبب تجاهل الجانب الإسرائيلي في عدد من المرات قواعد التنسيق المسبق، ما كاد يوقع في أكثر من مرة ضحايا بين العسكريين الروس العاملين في مواقع سورية.

ولذلك، بدأت موسكو منذ مطلع العام تهيئ لـ«قواعد جديدة» في التعامل مع ملف الغارات الإسرائيلية. وهذا أمر أوضحه وزير الخارجية الروسي لافروف، عندما اقترح على تل أبيب مبادرته حول استعداد موسكو للتعامل بشكل مباشر مع أي تهديد يصدر ضد الدولة العبرية من الأراضي السورية. وقال لافروف، في حينه: «إذا توافرت لديكم معطيات عن خطر مباشر أو تهديد أبلغونا بها ونحن سنتعامل مع الموقف فوراً». وهذا الموضوع، بعد اتساع هوة المواقف بين موسكو وتل أبيب، غدا الموضوع الأساسي للحديث خلال الزيارة الأولى لوزير الخارجية الإسرائيلي الجديد يائير لبيد إلى موسكو.

الشرق الأوسط»

——————————–

بعد اتفاق درعا.. هل ستكون إدلب المحطة القادمة لحرب النظام وروسيا؟

دخلت قوات النظام السوري أحياء درعا البلد برفقة الشرطة الروسية في إطار تنفيذ الاتفاق الذي جرى الأحد الماضي، وستنشئ بموجبه 10 نقاط عسكرية، بعد القيام  بإجراء حملات تفتيش للمنازل بالإضافة للتدقيق على الهويات الشخصية للتأكد من عدم وجود أشخاص من خارج المنطقة. كما رفع النظام عقب نفس الاتفاق، علمه فوق مركز التسوية في المنطقة بوجود الشرطة العسكرية الروسية.

تنص بنود الاتفاق المذكور أيضًا على أن يقوم النظام بسحب قواته من محيط محافظة درعا. ورغم عدم التزام قوات النظام وخرقه للاتفاق، بعد أن عاودت قصف المدينة خلال الأيام الماضية وأصرت على فرض حل عسكري، تتحدث مصادر إعلامية عن أنه من المرجح أن ينقل النظام قواته إلى الشمال السوري، استعدادًا لأي عمل عسكري إن أتيحت له فرصة. تتقاطع هذه الفرضيات مع التصعيد الذي حدث مؤخرًا في المنطقة، فما إن بدأ تطبيق اتفاق درعا حتى كثّفت قوات النظام والطيران الروسي من عملياتها على محافظة إدلب، خاصة على الجزء الشمالي الغربي من المحافظة، في مؤشر واضح على نيّته وحلفائه التعامل عسكريًا مع الملف الأكثر حساسية وصعوبة في البلاد.

في هذا السياق، قال نشطاء وإعلاميون من داخل المحافظة إن قوات النظام قصفت بعدد من قذائف نقطة طبية في بلدة مرعيان في جبل الزاوية في الجنوب، ما أدى لمقتل امرأة وإصابة طفلها، إضافة إلى تدمير النقطة الوحيدة التي كانت تقدم خدماتها الطبية لمنطقة جبل الزاوية، التي تضم أكثر من بلدة وقرية. أما في شمالي المحافظة، فقد أصيبت إمراة و3 أطفال بجروح في قصف جوي على مخيم للنازحين وفق مصادر في الدفاع المدني السوري. وكانت مقاتلات حربية روسية قد نفذت غارات عدة استهدفت بلدات وقرى بريف إدلب الجنوبي، كما قصفت قوات النظام بالمدفعية الثقيلة مدينة إدلب ومحيطها ومنطقة وادي النسيم بعدة قذائف، بالتزامن مع مرور رتل للقوات التركية في المنطقة.

هذا وارتفعت حصيلة القتلى والمصابين جراء قصف قوات النظام منازل ومطاعم وصالة أفراح في المدينة مساء الثلاثاء، إلى 4 أشخاص بينهم طفل وشابة، فضلًا عن إصابة 16 آخرين غالبيتهم أطفال ونساء. وفي ردها على هجمات النظام، استهدفت غرفة عمليات “الفتح المبين” بالمدفعية الثقيلة تجمعات لقوات النظام في مدينة سراقب من دون ورود معلومات عن خسائر بشرية.

وتضمّ محافظة إدلب نحو 3 ملايين شخص، نزح ثلاث أرباعهم من أنحاء متفرقة من البلاد. ولا تزال محافظة إدلب محكومة بتفاهمات تركية روسية وفق مسار أستانة التفاوضي وتفاهمات ثنائية أخرى، لا سيما اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم في مارس/آذار من العام الماضي في موسكو بين الرئيسين رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين، عقب هجوم واسع شنٌه النظام بدعم روسي، دفع بنحو مليون شخص إلى النزوح من منازلهم وفق تقديرات الأمم المتحدة.

هذه التفاهمات، مع ذلك، لم تنفذ بالكامل حتى اللحظة، خاصة مسألة استعادة الحركة التجارية على الطرق الدولية. حيث يطمح النظام بعد سيطرته على الجنوب السوري باستعادة حركة الترانزيت من تركيا إلى الأردن والخليج العربي عبر الطريق الدولي انطلاقًا من الشمال الغربي لسوريا، وهو ما يتطلب استعادة السيطرة على كامل محافظة إدلب.

—————————-

==========================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى