تقنية

الوجه الأسود لمواقع التواصل.. كيف يمكن للقطات الشاشة (سكرين شوتس) أن تدمر حياتنا؟م سمية زاهر

على البساطة التي يبدو عليها، يمكن اعتبار موضوع لقطات الشاشة (Screenshots) أقرب ما يكون لكارثة رقمية معاصرة تُسهم في حالة الفوضى الرقمية التي نعيشها الآن، كيف لا وأنت تكتب الآن رسالة شخصية لأحد معارفك، لكنك في الوقت نفسه تفكّر بشكل جاد فيما يمكن أن يحدث لو أصبحت تلك الرسالة عامة، فتضطر لإعادة صياغتها بحيث لا تحمل شيئا يمكن أن يدينك؟! يبدو الأمر وكأنك لا تعيش حياة خاصة، بل مسلسلا بوليسيا، فأي أثر سيئ يمكن أن تتركه هذه التقنية البسيطة في حياتنا؟ ماذا لو عرفت أن أعدادها هائلة لدرجة أنه من المؤكد أنك -وكل شخص آخر على الإنترنت- كنت حتما جزءا من لقطة شاشة واحدة على الأقل؟! ربما تكون التقطتها أنت أو التقطها غيرك لك، لغرض ما قد يكون طيبا أو خبيثا، لكن أسوأ ما في الأمر أنك لا تعرفه.

في أوائل عام 2017، انتشرتْ على الإنترنت شائعة مرّوِعة حول التحديث الأخير لأجهزة الآيفون تقول إن الأشخاص ذوي الأفكار الفوضوية في شركة أبل (Apple) قرروا إضافة خاصية جديدة، وهي قيام جهازك بعمل تنبيه عندما تقوم بتسجيل لقطة شاشة (إسكرين شوت) لمحادثة نصية تجريها، وإبلاغ الطرف الآخر بذلك. وفقا لهذه الشائعة، لم يكن أمام مستخدمي أجهزة أبل سوى تخيل سيناريوهين: إما حدوث فوضى عارمة، وإما تخطي هذه الفوضى بامتلاك هاتفين، أحدهما للاستخدام اليومي، والآخر لتصوير الهاتف الثاني (بدلا من استخدام لقطات الشاشة). على الجانب الآخر، أصرّ بعض الأشخاص على موقفهم بأنهم لن يتوقفوا عن استخدام لقطات الشاشة. تعليقا على ذلك، كتب أحد مستخدمي تويتر: “سيوفر لإصدار iOS الحادي عشر من نظام تشغيل الهواتف الذكية لشركة أبل خاصية التنبيهات بمجرد أن يلتقط أحدهم صورا للمحادثة، لذا إذا تلقيت إشعارا مني فيمكنك التراجع عن حديثك، وتأكد أني لن أهتم أو أعبأ به”. لحسن الحظ، لم تتحقق هذه الخاصية قط، وإلا لما تسنى لنا أن نعيش الآن في هذا المجتمع بشكل طبيعي.

إن انتبهنا قليلا فسنكتشف أن لقطات الشاشة تمثل مشكلة حقيقية للغاية، وأحيانا مرعبة بالقدر نفسه، فشعور المرء بأنه -على الأرجح- يمكن لشخص ما في مكان ما أن يلتقط صورا لأي شيء وكل شيء تفعله على الإنترنت ويخزنها للاستخدام في المستقبل، شبّع حياتنا بإحساس كامن بالبارانويا (أي جنون العظمة أو ما يعرف بجنون الارتياب، وهو نمط تفكير ينجم عنه الشعور غير المنطقي بفقد الثقة بالناس، والريبة منهم والاعتقاد بوجود تهديد ما). هذه حقيقة نعيشها الآن، ولكننا نجبر أنفسنا على نسيانها لمتابعة حياتنا في العالم الإلكتروني بسلام، بداية من إرسال الرسائل النصية، إلى النشر والدردشة ولقطات الشاشة.

تُثير لقطات الشاشة هذه تحديدا في نفسي الخوف، وهذا لأنني ألتقطها طوال الوقت، أصور قصص معارفي على الإنستغرام التي أعتقد أنها سخيفة وغبية، أو الاشتباكات على تويتر التي تسبب لي إحراجا غير مباشر من الآخرين، أو محادثات نصية أحتاج إلى رأي ثانٍ بشأنها أو ربما ثالث، وقد يكون رابعا أو حتى خامسا. بصفتي ثرثارة، ستجدني أستخدم لقطات الشاشة هذه في الخير مرة، وفي الشر مرات أخرى، كما أنني أعيش في خوف دائم من فكرة أن من يزرع الرياح يحصد العاصفة، وأنا زرعت الرياح باستخدام ملفات PNG وJPG التي استخدمتها في تخزين الصور، وأخشى أن أحصد العاصفة جرّاء عاداتي هذه.

أتساءل: ماذا لو ارتكبتُ خطأ بإرسال لقطة شاشة لتبادل نصي إلى الشخص نفسه الذي أحدثه، بدلا من الشخص الذي كان عليه أن يحلل الحديث؟ أو ربما تصل الأمور إلى أسوأ من ذلك، ماذا لو التقط شخص ما القصص التي أرفعها على مواقع التواصل أو تغريداتي أو نصوصي وجعلها موضع سخرية دون علمي أو انتقدها أو ربما استهزأ بها؟

القواعد التي تعتمد عليها لقطات الشاشة (screenshots)، مثل عواقبها، بعيدة كل البعد عن الوضوح. يمكن للكثيرين الذين يؤرقهم هذا السؤال البسيط “هل سيعرف شخص ما لو التقطتُ صورة لمحادثته معي؟” أن يستعينوا بجوجل، وسيوفر لهم البحث عشرات من منشورات المدونات المكتوبة بالصبر والتعاطف لتهدئة القلقين، أما في منتديات المشورة القانونية، يسأل المصابون بالتوتر عما إذا كان نشر لقطات شاشة لتبادل نصي لأشخاص آخرين مخالفا للقانون، أو إن كان هذا يمثل انتهاكا لحقوق الخصوصية للقطات الشاشة. في موقع ريدت الأميركي (Reddit)، أحد أشهر مواقع المناقشات، ظل الناس يتساءلون خلال عشرات المنشورات في أحد أكبر الأقسام الفرعية للموقع المخصصة للأسئلة المتعلقة بالآداب والسلوك البشري، والمعروفة باسم “?AmItheAsshole – هل أنا أحمق؟” عما إذا كان لا بأس من أخذ لقطات شاشة من الإنترنت، رغم أن الردود لم تكن مفيدة كثيرا ولا تتسم بأي نمط واضح.

مهما اختلف نوع لقطات الشاشة، فإن معظمها ينبثق من أصل حياة هادئة ومتواضعة، تمتزج هذه اللقطات معا فتُشكِّل أرشيفا حميميا للحياة اليومية لأي شخص على الإنترنت، أحيانا نراه لطيفا ومضحكا، وأحيانا أخرى يمثل لعنة، لكن غالبا ما يكون مملا نوعا ما. تتوفر أفضل مجموعة من الأرشيفات للقطات الشاشة على منصة “تمبلر (Tumblr)”، وهي منصة تدوين، ومنصة تواصل اجتماعي في الوقت ذاته. ستجد أكثر الأرشيفات تأثيرا في مدونات بعنوان “رسالة ستحطم قلبك” و”آخر رسالة واردة”، وهي تحتوي على آخر الكلمات التي تلقاها الناس من أصدقاء سابقين أو أقارب متوفين، وهذه الرسائل حزينة بالفعل كما يظهر من عنوانها.

على الجانب الآخر، نجد الكثير من السلبيات للقطات الشاشة، مثل التسريبات التي تسبب أذى عميقا، ففي السنوات الأخيرة أصبحت هذه اللقطات أداة قاسية لتحقيق العدالة، أو باتت وسيلة للفضيحة. نجد الكثير من الأمثلة على استغلال هذه التسريبات، منها مثلا حينما استغل المراسلون رسائل الدردشة الداخلية المُسربة في نيويورك تايمز، وشركة أمازون، وفيسبوك، ضمن الشركات الكبرى الأخرى. وفي يناير/كانون الثاني 2021، استخدمتْ إحدى النساء تطبيق المواعدة “بامبل (Bumble)”، وبينما تتراسل مع أحد الرجال، اعترف لها مفتخرا باقتحامه لمبنى الكابيتول، وهو مقر المجلس التشريعي لحكومة الولايات المتحدة، استمعتْ إليه المرأة، ثم أخبرته في النهاية أنهما ليسا على وفاق، وسرعان ما التقطت صورة للمحادثة وأرسلتها فورا إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي.

في فبراير/شباط التالي، كشفتْ تسريبات عن رسائل نصية جماعية لعائلة عضو مجلس الشيوخ بولاية تكساس “تيد كروز” وأصدقائه وهم يخططون لمغادرة منازلهم “المجمدة” في تكساس وسط انقطاع التيار الكهربائي، والاحتماء بفندق ريتز كارلتون في كانكون على شاطئ الكاريبي. لذا، سواء كنا مستعدين للاعتراف بذلك أم لا، فإن لقطات الشاشة باتت أهم عناصر الفوضى على الإنترنت التي لا يمكن السيطرة عليها.

كما يبدو من اسمها، فإن “لقطة الشاشة” بدأت صورةً عادية ملتقطة لما يظهر على شاشة الكومبيوتر. في عام 1959، التُقطتْ أول صورة من هذا النوع بكاميرا بولارويد، أنتجتها شركة أميركية تحمل الاسم ذاته، ومن بعدها حدثت ثورة في عالم التصوير الفوتوغرافي.

لعقود من الزمن، اقتصر استخدام “لقطات الشاشة” على المصورين المحترفين، بالإضافة إلى استخدامها في تسويق البرمجيات الجديدة للكمبيوتر، لذا كان من الغريب أن يريد أي شخص آخر أن يلتقط ما هو موجود على الشاشة بالفعل، لكن كما يقول جاكوب غابوري، وهو أستاذ مساعد في دراسات السينما والإعلام بجامعة كاليفورنيا في بيركلي في أحد مقالاته، فإن أول استخدام سائد “للقطات الشاشة” ظهر في الثمانينيات، كما شجعتْ مجلات ألعاب الفيديو اللاعبين على التقاط صور لما أحرزوه من نتائج عالية باعتبارها دليلا. إحدى هذه المجلات هي مجلة “نينتندو باور (Nintendo Power)”، وهي المجلة الرسمية لشركة نينتندو متعددة الجنسيات التي تأسست في اليابان عام 1889، وقد وفّرتْ المجلة الكثير من التعليمات بشأن كيفية القيام بذلك مع تحقيق أفضل النتائج بقولها: “عندما تلتقط صورتك، أطفئ الأنوار وأمسك الكاميرا بثبات قبل التقاط الصور”.

يستكمل ” غابوري” توضيحاته بأنه، حتى منتصف التسعينيات من القرن الماضي، قام معظم المهتمين بالاحتفاظ بصورة من شاشة الكمبيوتر، عادة في صورة ملف نصي، لأسباب عملية، ولم يهتموا قط بكونها صورة توثيقية ثابتة، فيقول: “لا تتمثل المشكلة هنا في التقاط الصور الفوتوغرافية، بل تتعلق بتفريغ محتواها أو بياناتها”. لكن بحلول عام 1999، تغيرتْ الكثير من الأمور بشأن التكنولوجيا لدرجة أن قرّاء الصحيفة الأميركية “نيويورك تايمز” تساءلوا إن كان بإمكانهم “التقاط صورة للشاشة” من موقع الصحيفة ليتمكّنوا من استخدامها على موقع الويب الخاص بفرقتهم وإضافتها إلى نشرة إعلانية لحفلاتهم الموسيقية.

ظهرتْ الفكرة الحديثة للقطات الشاشة بعد إضافة الكاميرات إلى الهواتف، ومن هنا بدأت الحياة اليومية تنتقل إلى الإنترنت بعدما أصبح التصوير الفوتوغرافي بالهواتف المحمولة واسع الانتشار، وبات الناس يشعرون بأهمية التوثيق الذاتي. امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي في بداية ظهورها بلقطات شاشة من على أجهزة الكمبيوتر، لكن في عام 2008، ظهرت إمكانية الاحتفاظ بلقطات شاشة في جهاز الآيفون، الذي ظهر في بدايته مزودا بكاميرا على ظهره لالتقاط صور للعالم، ثم ظهرت في هواتف الجيل الثالث عام 2009 كاميرا أخرى تخيّلية لالتقاط صور للشاشة، لكن الآن وبصرف النظر عن أي تطبيق يُستخدم حاليا، أصبح بالإمكان -بل ومن السهل جدا- التقاط صور شاشة لكل شيء تقريبا.

ما حدث بعد ذلك هو أن لقطات الشاشة هذه سرعان ما أصبحت موجودة دائما على الإنترنت لتراها وتتذكرها، فبعد مرور عشر سنوات على ثقافة لقطات الشاشة، نشرت مجلة “دايزد (Dazed)” البريطانية المهتمة بالموسيقى والفنون والأدب مقالا تناقش فيه فكرة “أنه لا يوجد شيء مقدس كفاية لدرجة أن يمنعنا من استخدام لقطات الشاشة”، بما في ذلك -بل وتحديدا- الرسائل التافهة والسيئة من الشباب، وحتى الرسائل السيئة من الرجال الذين تزيد أعمارهم عن الخمسين من خلال استخدامهم لتطبيق المواعدة “تيندر (Tinder)”، وهو تطبيق يستخدم معلوماتك الشخصية وسجل إعجاباتك وموقعك لتحديد أشخاص مناسبين لك.

منذ ذلك الحين، أصبحتْ لقطات الشاشة المُهِينة هي محور الاهتمام، لأن هذا النوع هو الذي يجذب أكبر قدر من الانتباه عند مشاركته. لكن على الجانب الآخر، ثمة لقطات شاشة يمكن أن تكون متنوعة ومؤثرة إن تضمنت صورا لنصوص أو رسائل عشوائية يمكن تحويلها إلى “ميمي (Meme)” لسد الفجوات بين الناس أثناء المحادثات (الميمي هو مصطلح يُستخدم لوصف شعار أو فكرة تنتشر بسرعة من شخص إلى آخر على الإنترنت)، أحد أشهر هذه الميمات هي لقطة شاشة لمحادثة توضح زهد شخص ما من علاقة مُرهِقة تستنفد طاقته، فأرسل يقول: “أنا لن أقرأ كل ذلك، لكنني سعيد لأجلك لو كانت أخبارا جيدة، أو حزين عليك لو كانت أخبارا سيئة”.

علاوة على ذلك، توجد لقطات شاشة تنتشر سريعا لأنها تحمل فكرة تهدف لمساعدة الآخرين، منها على سبيل المثال، إرسال أحدهم رسالة لشخص آخر يمر بأزمة، يطمئنه فيها بأن لديه ما يكفي من الطاقة والوقت لمساعدته، لذا لا يجب عليه أن يشعر بالوحدة. كما ستجد دائما أن هناك لقطات شاشة تأخذها لكنك لا تشاركها مع أحد، لدي مثلا صديقة تحتفظ على سطح مكتبها بملف مليء بالنصوص الدافئة التي تلقتها في عيد ميلادها، تطالعها دائما حينما تشعر بالحزن.

تُضفي هذه التحولات طابعا مميزا للقطات الشاشة، والتي تسميها فرانسيس كوري، المرشحة للدكتوراه في الاتصال بجامعة جنوب كاليفورنيا، “تقنية الإثبات في عالم الإنترنت”. تتناول ورقة بحثها الأخيرة قضية أنتوني وينر، وهو سياسي أميركي وعضو سابق في مجلس النواب، وكان مرشحا لانتخابات منصب رئيس بلدية نيويورك، لكنه تعرض للإذلال والإهانة بسبب تسرب رسالة بذيئة له على تويتر عام 2011، فأدى ذلك إلى استقالته من الكونغرس.

لم يستقر الوضع، لأنه بعد ذلك بعامين، سُرِّبت له المزيد من لقطات الشاشة لرسائل إباحية سرعان ما انتقلت إلى الصحافة، ما أدى فعليا إلى إنهاء ترشيحه لمنصب عمدة مدينة نيويورك. الغريب في الأمر أنه بعد ثلاث سنوات تكرر الحدث نفسه مرة أخرى، وأصبحت قصته غريبة وجامحة ومليئة بالفضائح في الفترة التي سبقت انتخابات عام 2016. حُكِم عليه في النهاية بـ18 شهرا قضاها في السجن بتهمة ارتكابه جريمة إرسال رسائل إباحية صريحة إلى فتاة تبلغ من العمر 15 عاما.

كما نرى، تشير قصة سقوط وينر إلى أن الافتقار للخبرة التقنية أدى دورا أساسيا في كل ذلك، فلو امتلك القليل من الخبرة، لتوصّل بسهولة إلى بعض الاحتياطات الأمنية الأفضل. تقول فرانسيس كوري إنه أُدِين لسلوكه العدواني الجاحف، إلى جانب ذلك فقد تلقى قدرا من السخرية “لعدم معرفته كيفية استخدام الإنترنت”، وهذا عار يضاف لكل العار الذي يلحق به، فكيف للمرء أن يكون جاهلا تماما لدرجة عدم خوفه أو أخذ احتياطه من لقطات الشاشة المتربصة له دائما؟ لكن حتى وإن كنت واعيا بهذا الأمر المربك، فهذا لا يعني أنك محمي منه. تقول كوري في هذا السياق: “أصبحت التسريبات الآن محل اهتمام البيئات الإعلامية الحديثة، حتى الحدود الأمنية بين البيئات المختلفة يسهل اختراقها”. وفي حين أن حديثها لا يعني بالضرورة أن ما نعيشه مرعب، فإنها تعبر ببساطة عن الوضع باعتباره حقيقة من حقائق العالم الإلكتروني.

علينا جميعا أن نتوقع التقاط صور لمحادثاتنا أو أي شيء نقوم به على الإنترنت، ولا بد أن نتساءل عما إذا كانت لقطات الشاشة هذه ستظهر في أماكن أخرى، والأمر نفسه ينطبق علينا، فعند التقاطنا للصور يجب أن نفكّر أولا كيف سيكون الأمر إذا تعثر شخص ما بها ورآها ولم يسألنا عنها وفضّل بدلا من ذلك سرد روايته الخاصة عن سبب التقاطك لهذه الصور من الأساس؟ مع تطور التكنولوجيا، تتضاعف لقطات الشاشة، ولذلك يصعب التنبؤ بأضرارها والاستعداد لها أو منعها. نجد أن أكثر الأطراف تضررا هم العاملون في بيئات العمل عن بُعد، بسبب توافر المزيد من الفرص لتسجيل المكالمات وحفظ الرسائل.

يقول جاكوب غابوري، أستاذ السينما والإعلام بجامعة كاليفورنيا: “ثمة عدد هائل من لقطات الشاشة تؤخذ طوال الوقت يوميا”، لذا لا يمكن لأحد أن يتخيل حجم ما يحتفظ به العالم من لقطات الشاشة (ولو صنعنا حتى منها مكتبة)، لأنها تظل سرية حتى يشاركها الناس أو تُسَرب. يستكمل غابوري حديثه قائلا: “نحن نفكر في لقطات الشاشة من زاوية صغيرة، معتقدين أنها مجرد أشياء شخصية بسيطة نقوم بها لأنفسنا، لكننا في الحقيقة لسنا محاطين بالصورة الأكبر، فلا نرى غالبا لقطات الشاشة التي يحتفظ بها الآخرون”. يُعَدّ هذا مزيجا من المعجزة والرعب اللذين تُثيرهما لقطة الشاشة في أنفسنا، فلا يمكنك أبدا معرفة من يخزن ماذا يخزن.

تتخذ لقطات الشاشة الآن أشكالا غريبة وجديدة. وقد كان الممثل الأميركي “أرمي هامر” موضوع فضيحة في وقت سابق من هذا العام عندما انتشرت على الإنستغرام صور لرسائل مزعومة يُقال إنه كتبها إلى النساء يصف لهن فيها تخيلاته الجنسية العنيفة. في أبريل/نيسان 2021، حاولت فنانة من بروكلين بيع لقطات شاشة لرسالتين أجرتهما معه بصفتها تملك عقد ملكيتهما على الإنترنت باستخدام تقنية NFT، وهي تقنية لإثبات الملكية الرقمية. وفي بيان خاص لها، صرّحت الفنانة بأن هذه الرسائل لا تعتبرها خاصة لدرجة تمنعها من مشاركتها، بل تراها أعمالا فنية ورسائل تبادلية بإمكانها التصرف فيها كيفما تشاء. لم يقدِّم أحد عرضا لها، وهذا في الحقيقة لا يُثير الدهشة.

في مرحلة ما، سيفهم الجميع مدى استحالة حصر لقطات الشاشة أو السيطرة عليها، ناهيك بالاحتفاظ بها في حوزتهم إلى الأبد.

——————————————-

هذا الموضوع مترجم عن The Atlantic ولا يعبر بالضرورة عن موقع ميدان.

المصدر : مواقع إلكترونية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى