كيف تتابع إسرائيل التقارب الخليجي-السوري؟/ يوئيل جوجنسكي وكرنيت بلنسي
يبقى تطبيع العلاقات بين الرياض ودمشق كفيلاً بإعادة هيكلة القوى الإقليمية، وخدمة مصالح الجهات الساعية إلى كبح النفوذ الإيراني في سوريا، ولا سيما إسرائيل.
وفي آذار (مارس) الماضي، حلّت الذكرى العاشرة للحرب السورية. ورغم النصر الظاهر للرئيس السوري بشار الأسد، بدعم إيراني وروسي، باتت سوريا دولة مفككة، يسيطر النظام على حوالي 60 في المئة من أراضيها.
وتتعمق الأزمة الاقتصادية أكثر فأكثر، في غياب أفق تسوية سياسية محتملة، ما حوّل الأزمات السورية إلى “صراع مجمد”.
وفي الأشهر الأخيرة، ظهر تغيير في علاقات الدول العربية مع سوريا. وفي مطلع أيار (مايو)، زار وفد سعودي، برئاسة رئيس جهاز المخابرات السعودي خالد الحميدان، دمشق، للقاء الأسد ورئيس المخابرات السورية علي مملوك، في أول اجتماع علني من نوعه منذ اندلاع الحرب.
وأشارت التقارير إلى اتفاق الجهتين على فتح السفارة السعودية في دمشق كخطوة أولى في تطبيع العلاقات، ثم اقتراح عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية. وفي نهاية الشهر، وصل وفد سوري إلى السعودية، في زيارة علنية أولى منذ عام 2011، برئاسة وزير السياحة السوري محمد مرتيني.
وخلال الحرب السورية، رغب الكثير من الدول الخليجية في سقوط نظام الأسد، ودعم بعضها المعارضة عسكرياً واقتصادياً.
ورغم معارضة الأسد في بداية الحرب، كانت الإمارات العربية المتحدة والبحرين في طليعة الدول العربية التي اتجهت نحو تطبيع العلاقات مع النظام.
وفي كانون الأول (ديسمبر) 2018، فتحت الإمارات سفارتها في دمشق، ودعمت النظام اقتصادياً، كما عملت مع مصر على إعادة سوريا إلى الجامعة العربية. وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2020، أعادت عُمان بدورها سفيرها إلى دمشق.
وفي ظل تفشي جائحة كورونا، قدمت أبو ظبي مساعدات تشمل مواد غذائية وطبية ولقاحات ضد الفيروس لسوريا. وبعد التواصل مع الأسد، تعهد ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالمساعدة في مكافحة كورونا، معلناً أنَّ “سوريا لن تبقى وحدها”.
الدول المعارضة لنظام الأسد
في المقابل، رفضت قطر حتى اليوم تطبيع العلاقات مع الأسد، وتتردد بقية الدول العربية، ومنها المملكة العربية السعودية والكويت، في تطبيع علاقاتها مع نظام الأسد، وتفضل متابعة المستجدات.
ورهنت هذه الدول تحسين علاقاتها مع النظام بتقدم حل سياسي في الدولة، بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 2254.
ومع ذلك، يظهر تغيير محتمل في موقف السعودية تجاه سوريا. والواقع أنَّ تطبيع العلاقات بين الدولتين في التوقيت الحالي كفيل بخدمة مصالح الطرفين.
فمن جهة، يتخبط الأسد بأزمة اقتصادية غير مسبوقة، مفتقداً القدرة على إعادة إعمار الدولة، لا سيما في ظل عجز إيران وروسيا عن المساعدة.
ولا ترغب الولايات المتحدة والدول الأوروبية في تقديم أي دعم لسوريا قبل التأكد من تحقيق الإصلاحات السياسية والاجتماعية اللازمة. وبالتالي، أصبحت الدول الخليجية مصدراً محتملاً للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية، وضخ الأموال لإعادة إعمار الدولة.
إلى ذلك، يسعى الأسد جاهداً إلى إعادة سوريا إلى الجامعة الدول العربية، وتعزيز مكانته في العالم العربي، ولا سيما بعد فوزه في الانتخابات الرئاسة الفاقدة صدقيتها في أيار (مايو). وبالتالي، يحتاج إلى شرعية عربية لنظامه. ويعمل على تحسين قدرة المناورة تجاه إيران وروسيا، وتعزيز علاقاته مع الدول العربية. فالتطبيع مع السعودية يخدم مصالحه هذه.
ومن جهة أخرى، لا تزال الدول الخليجية تعتبر شرعية نظام الأسد مسألة حرجة، إلا أنَّها بدأت تدرك قدرتها على التأثير في ما يجري في سوريا، وأهمية تدخلها للحد من النفوذ الإيراني في الدولة.
وتحاول الدول العربية الابتعاد عن الأخطاء التي ارتكبتها في العراق عام 2003، تاركة الساحة للتدخل الإيراني المتزايد. وفي سوريا، تحاول التأثير على سياسة النظام، وتقليص النفوذ الإيراني والتركي والقطري في الدولة.
الاعتبارات الإسرائيلية
لا يزال الحوار بين السعودية وسوريا في بدايته. ولم تتضح حتى الساعة ردة فعل إيران المحتملة، ومدى استعداد السعودية للاستثمار سياسياً واقتصادياً في سوريا.
ومع ذلك، على إسرائيل استغلال أجواء التطبيع مع دول المنطقة، وتبني سياسة نشطة مع الدول الخليجية، لإنشاء جبهة متبلورة تتحدى التآمر الإيراني.
النهار العربي