ثلاثة رؤساء منسيون في تاريخ سورية الحديث/ سامي مروان مبيض
في معظم بلدان العالم يوجد توافق عام على عدد رؤساء الجمهورية أو الملوك، إلّا في سورية.
لأسباب عدة، لم يتمكّن المؤرخون من تحديد عدد رؤساء سورية، وكان أولها أن بعضهم بدأ العد من مطلع عهد الانتداب الفرنسي، أما الآخرون فلم يعترفوا بالرؤساء الذين تولوا الحكم في ظلّ الانتداب. والسبب الثاني يعود إلى الاختلاف بين رئيس الدولة، المُعيّن من قبل جهة ما، ورئيس الجمهورية المنتخب بموجب انتخابات وبرلمان وأحكام دستورية، فعلى سبيل المثال، اللواء فوزي سلو كان رئيس دولة معيّناً من قبل العقيد أديب الشيشكلي.
أما شكري القوتلي فكان رئيساً منتخباً من داخل البرلمان. والسبب الثالث هو أن البعض يحسب للمرحوم الرئيس هاشم الأتاسي ثلاث ولايات رئاسية، والأصح أنهما ولايتان فقط، لأن فترة حكمه الثالثة والأخيرة كانت مجرد استمرار لولايته الثانية التي بدأت سنة 1950 وقطعت سنة 1951.
والسبب الرابع هو مجرد جهل الناس بأن صبحي بركات وأحمد نامي وعطا الأيوبي كانوا رؤساء للدولة في زمن الانتداب، معينين وليسوا منتخبين، ولكنهم رؤساء دولة وليس فقط رؤساء حكومات. أما السبب الخامس والأخير فهو ناتج عن سقوط ثلاثة أسماء من حسابات الناس بسبب قصر مدة حكمهم، وهم جميل الألشي، سعيد إسحاق ومأمون الكزبري.
رئاسة جميل الألشي (17 كانون الثاني 1943 – 25 آذار 1943)
ولد جميل الألشي في دمشق سنة 1883، وبدأ حياته ضابطاً في الجيش العثماني ثم مرافقاً عسكرياً للملك فيصل الأول. تولّى وزارة الحربية بعد استشهاد يوسف العظمة في معركة ميسلون، ثم أصبح رئيساً للحكومة في أيلول 1920.
عاد وزيراً في الثلاثينيات قبل تعيينه رئيساً للحكومة في كانون الثاني 1943. ولكن رئيس الجمهورية، تاج الدين الحسني، توفي وهو في سدة الحكم، فأصبح الألشي رئيساً بالوكالة من 17 كانون الثاني 1943 وحتى 25 آذار 1943. أي أن رئاسته لم تستمر إلا شهرين فقط، ولكن البعض طعن بها لأن الألشي كان خليفة لرئيس جمهورية معين من قبل الفرنسيين وليس منتخباً بموجب دستور أو برلمان.
وخلال الشهرين التي حكم فيهما الألشي، لم ينتقل إلى القصر الجمهوري في منطقة المهاجرين، بل ظلّ في مكتب رئيس الحكومة في السراي الكبير، وسط ساحة المرجة.
رئاسة سعيد إسحاق (2-3 كانون الأول 1951)
كان سعيد إسحاق من أعيان عامودا، وهو مسيحي من تولد سنة 1902، انتُخب نائباً عن منطقته سنة 1932، وجدّد انتخابه في كل المجالس النيابية حتى سنة 1951، عندما أصبح نائباً لرئيس البرلمان، الدكتور ناظم القدسي. في 29 تشرين الثاني 1951، قام العقيد أديب الشيشكلي بانقلاب عسكري ضد حكومة حزب الشعب ورئيسها الدكتور معروف الدواليبي، وأمر باعتقال جميع رموز الحزب، بما في ذلك رئيس المجلس ناظم القدسي. بسبب غياب القدسي، بات سعيد إسحاق رئيساً بالوكالة لمجلس النواب، ومن هذا الموقع تسلّم استقالة رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي في 2 كانون الأول 1951.
وقد جاء في المادة 88 من دستور عام 1950: “يمارس رئيس مجلس النواب صلاحيات رئيس الجمهورية حين لا يمكنه القيام بها، على أن يتخلى عن رئاسة المجلس خلال هذه المدة إلى نائب الرئيس”. وبما أن سعيد إسحاق كان رئيساً بالوكالة للمجلس، فقد أصبح وبشكل تلقائي رئيساً للجمهورية في 2 كانون الأول 1951.
ولكن حكمه، إن صحّ التعبير، لم يستمر إلا 24 ساعة فقط لا غير، لأن الشيشكلي أصدر قراراً بحلّ مجلس النواب وتنصيب فوزي سلو رئيساً للدولة. وقد شطبت هذه الساعات الأربعة والعشرون من ذاكرة الناس لأن فيها خرقاً للدستور، الذي ينصّ، وبحسب المادة الثالثة، على أن يكون “دين رئيس الجمهورية الإسلام”، وهذا لا ينطبق على سعيد إسحاق. بذلك، أسقط سعيد إسحاق من قائمة الرؤساء السابقين، علماً أنه لم يدخل قصر الرئاسة ولم يوقع مرسوماً بصفته رئيساً للجمهورية.
رئاسة مأمون الكزبري (26 شباط – 1 آذار 1954)
أمّا عن مأمون الكزبري، فهو أستاذ قانون معروف في جامعة دمشق ومن عائلة دمشقية عريقة، انتُخب رئيساً لمجلس النواب في عهد الرئيس أديب الشيشكلي سنة 1953. ولكن العهد أُسقط بموجب انقلاب عسكري واستقال الشيشكلي من منصبه في 25 شباط 1954، ليغادر البلاد إلى لبنان ثم إلى السعودية، قبل أن يستقر في أمريكا اللاتينية. وفور شغور الرئاسة الأولى، أعلن الدكتور الكزبري عن توليه رئاسة الجمهورية في 26 شباط 1954، استناداً إلى أحكام الدستور.
وقد أيده في ذلك رئيس الأركان شوكت شقير، ولكن بعض ضباط الجيش رفضوا الاعتراف بهذا الأمر، مثل النقيب عبد الحق شحادة، آمر الشرطة العسكرية، وزميله النقيب حسين حدة، آمر المدرعات في منطقة القابون. فقد أصدرا بياناً مزوراً عبر إذاعة دمشق، حمل اسم رئيس الأركان، يطالبون فيه باستمرار المقاومة لاستعادة شرعية الشيشكلي رئيساً على سورية.
وقد أجبر الكزبري عن ترك المنصب بعد ثلاثة أيام، عند عودة هاشم الأتاسي من حمص في 1 آذار 1954، لإكمال ولايته الشرعية التي بدأت سنة 1950، وكانت قد قطعت بسبب انقلاب الشيشكلي في تشرين الثاني 1951.
إذا حسبنا هؤلاء الأشخاص، وعدنا إلى مرحلة الانتداب الفرنسي، يكون عدد رؤساء سورية قد وصل إلى 23، وهم على الشكل التالي:
1. صبحي بركات (رئيس دولة الاتحاد السوري): 31 آب – 21 كانون الأول 1925. (4 أشهر)
2. الداماد أحمد نامي (رئيس دولة ورئيس وزراء): 26 نيسان 1926 – 8 شباط 1928. (سنة و10 أشهر)
3. محمد علي العابد (رئيس جمهورية): 11 حزيران 1932 – 21 كانون الأول 1936. (4 سنوات وستة أشهر)
4. هاشم الأتاسي (رئيس جمهورية): 21 كانون الأول 1936 – 7 تموز 1939. (سنتين وسبعة أشهر)
5. تاج الدين الحسني (رئيس جمهورية): 12 أيلول 1941 – 17 كانون الثاني 1943. (سنة وأربعة أشهر)
6. جميل الألشي (رئيس جمهورية بالوكالة): 17 كانون الثاني – 25 آذار 1943. (شهرين)
7. عطا الأيوبي (رئيس دولة): 25 آذار – 17 آب 1943 (خمسة أشهر)
8. شكري القوتلي (رئيس جمهورية): 17 آب 1943 – 29 آذار 1949 (خمس سنوات وسبعة أشهر)
9. حسني الزعيم (رئيس جمهورية): 25 حزيران – 14 آب 1949 (شهرين)
10. هاشم الأتاسي (رئيس وزراء ثم رئيس دولة ثم رئيس جمهورية): 14 كانون الأول 1949 – 2 كانون الأول 1951 (سنتين)
11. سعيد إسحاق (رئيس جمهورية بالوكالة): 2-3 كانون الأول 1951 (24 ساعة)
12. فوزي سلو (رئيس دولة): 3 كانون الأول 1951 – 11 تموز 1953 (سنة وسبعة أشهر)
13. أديب الشيشكلي (رئيس جمهورية): 11 تموز 1953 – 25 شباط 1954 (سبعة أشهر)
14. مأمون الكزبري (رئيس جمهورية بالوكالة): 26 شباط – 1 آذار 1954 (ثلاثة أيام)
15. شكري القوتلي (رئيس جمهورية): 6 أيلول 1955 – 22 شباط 1958 (سنتين وخمسة أشهر)
16. جمال عبد الناصر (رئيس جمهورية): 22 شباط 1958 – 28 أيلول 1961 (ثلاث سنوات وسبعة أشهر)
17. ناظم القدسي (رئيس جمهورية): 14 كانون الأول 1961 – 8 آذار 1963 (سنة وثلاثة أشهر)
18. لؤي الأتاسي (رئيس مجلس قيادة الثورة): 9 آذار – 27 تموز 1963 (ثلاثة أشهر)
19. أمين الحافظ (رئيس مجلس قيادة الثورة ثم رئيس مجلس رئاسي): 27 تموز 1963 – 23 شباط 1966 (سنتين وسبعة أشهر)
20. نور الدين الأتاسي (رئيس دولة): 25 شباط 1966 – 17 تشرين الثاني 1970 (أربع سنوات وتسعة أشهر)
21. أحمد الخطيب (رئيس دولة): 18 تشرين الثاني 1970 – 12 آذار 1971 (أربعة أشهر)
22. حافظ الأسد (رئيس جمهورية): 12 آذار 1971 – 10 حزيران 2000 (ثلاثون سنة)
23. بشار الأسد (رئيس جمهورية): 17 تموز 2000 – حتى الآن
رصيف 22