ما الذي ستحمله الجولة السادسة للجنة الدستورية؟ -مقالات مختارة-
التحديثات اليومية لهذا الموضوع في نهاية المقال
————————–
اللجنة الدستورية السورية ومنهج العربة أمام الحصان
رأي القدس
أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون انطلاق جولة سادسة من مباحثات اللجنة السورية المشتركة المكلفة بإصلاح الدستور أو تعديله أو صياغة نسخة جديدة. ومن المعروف أن هذه اللجنة تنقسم إلى هيئة مصغرة من 15 امرأة ورجلاً موزعة بالتساوي على ممثلين عن النظام والمعارضة والمجتمع المدني، وهيئة أعلى مؤلفة من 150 شخصية تعتمد التوزيع الثلاثي المتساوي بمعدل 50 لكل من الأطراف الثلاثة.
وليس ثمة دلائل ملموسة توحي بأن هذه الجولة السادسة سوف تكون أفضل حظاً من سابقاتها، أو أن تنتهي فعلياً إلى توافقات كفيلة بردم الهوة الفاغرة بين النظام المصر على تعديل الدستور الحالي أو إصلاحه، والمعارضة المطالبة بدستور جديد يلاقي مطالب الشعب السوري التي كانت في أساس انتفاضته الشعبية على امتداد السنوات العشر المنصرمة وبذل في سبيلها تضحيات كبرى.
فالأصل في هذه اللجنة هو أنها وليدة القرار الأممي 2254 الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي أواخر العام 2015، وبالتالي إذا لم تتوافق الدول دائمة العضوية في المجلس مع القوى العسكرية الأجنبية التي تحتل مساحات من الأراضي السورية على الشروع في تطبيق بنود ذلك القرار تباعاً، فإن الابتداء من اللجنة الدستورية إنما يكرس منهجية وضع العربة أمام الحصان. وكما كانت موسكو محرّك تسمية أعضاء اللجنة بعد أكثر من سنتين على عجز الأمم المتحدة عن القيام بما هو في صلب اختصاصها، كذلك فإن الكرملين قادر على دفع النظام السوري إلى تنفيذ هذا الجزء العملي أو ذاك من القرار الأممي 2254 وإلا فإن وجود وفد النظام في مباحثات جنيف سوف يظل شكلانياً مفرغاً من المحتوى والمعنى.
ومن جانب آخر كان بيدرسون نفسه هو الذي أحاط مجلس الأمن الدولي علماً بأن سوريا تواجه وضعا إنسانياً واقتصادياً شديد الصعوبة، بعض عناوينه وجود أكثر من 13 مليون سوري في حاجة ماسة للمساعدة الإنسانية بينهم قرابة 90٪ تحت خط الفقر، فضلاً عن العنوان الآخر الذي يعرفه العالم للتو حول وجود نحو 7 ملايين نازح سوري في بلاد الجوار والعالم، وملايين أخرى لا حصر لها من النازحين داخل البلد بعيداً عن مساكنهم. فأي سوريا يمكن أن يتوجه إليها بيدرسون على رأس اللجنة الدستورية، وللتصويت على أي دستور، حتى إذا تفاءل المرء بالمستحيلات وافترض نجاح عشر جولات أخرى مقبلة؟
وأما الجانب الثالث الذي يتعمد بيدرسون إغفاله، أسوة بأعضاء اللجنة الدستورية أنفسهم وعلى اختلاف انتماءاتهم، فهو ذاك الذي يتساءل عن شرعية الـ15 أو الـ150 الذين يزعمون التفاوض، سواء نيابة عن النظام أو المعارضة أو المجتمع المدني، وكيف ومتى حصلوا على تفويض من الشعب السوري، وما الذي سوف يجبر السوريين على الامتثال إلى نتائج مفاوضاتهم ومساوماتهم وصفقاتهم؟
وإضافة إلى الحقيقة القديمة التي تقول إن وضع العربة أمام الحصان حماقة موصوفة، فإنها كذلك ركود في المكان ومضيعة للوقت ومسعى لقتل أي وظيفة مناطة بالاثنين معاً، وهذا ما انتهت إليه الجولات الخمس الماضية، ويُنتظر منطقياً أن تنتهي إليه الجولة الراهنة السادسة.
——————————–
من الذي يجب أن يكتب دستور سوريا؟/ بهية مارديني
مع الجولة السادسة من اللجنة الدستورية ودخولها في صلب المبادئ الأساسية برز سؤال لدى بعض السوريين من الأولى بأن يكتب دستور سوريا النخبة القانونية أم النخبة السياسية أم الشعب السوري؟..
بالمجمل يجب أن يشارك في صياغته من يعي أهميته مع ملاحظة ذهاب غالبية الفقهاء إلى أن سقوط الدستور بالثورة أو الانقلاب لا يمس من القواعد الدستورية إلا ما تعلق بنظام الحكم في الدولة، وهي القواعد التي تقوم الثورة عادة من أجل تغييرها حيث إن الثورة تكون موجهة إلى التنظيم السياسي للدولة بالإضافة إلى التنظيم الاجتماعي والاقتصادي، ويترتب على ذلك أن القواعد الدستورية التي لا تتعلق بنظام الحكم في الدولة تظل باقية رغم قيام الثورة، ومثال ذلك الأحكام والقواعد المتعلقة بحقوق الأفراد وحرياتهم والقواعد التي تعتبر دستورية شكلاً لا موضوعاً كما يقول بعض أساتذة القانون المعروفين..
ولكن تنقسم الآراء مع أنه “ليس هناك قواعد مسلم بها لنشأة الدساتير، وتختلف الطرق المتبعة باختلاف الدول من حيث ظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ودرجة النضج السياسي لدى الرأي العام فيها” بحسب مرجعية القانون الدستوري والنظرية العامة للدكتور حسن البحري.
ويرى البعض أننا قد نحتاج إلى خبراء قانونيين وحقوقيين للصياغة القانونية الصحيحة للدستور.. إلا أن إقرار مبادئ الدستور لا يحتاج إلى خبراء، بل يحتاج إلى مشاركة المطحونين والمعذبين من أبناء الشعب السوري في تحديد المبادئ التي تحكم علاقتهم بالدولة من حيث حقوقهم عليها وواجباتها تجاههم..
فراس فحام الباحث في الشأن السوري يرى أنه في الدول المستقرة ترعى النخبة السياسية كتابة دستور جديد بعد الاستفتاء عليه، وتوكل المهمة التنفيذية لتقنيين ولكن في الحالة السورية هناك قضايا إشكالية يتم التفاوض عليها مثلا علاقة الدين بالدستور، أو مبادئ الحريات، وهذه بطبيعتها مرتبطة بالمبادئ السياسية والفكرية والإشكالية في غياب التقنيين بالكامل وليس بمشاركة سياسيين.
ويرى هادي البحرة الرئيس المشترك للجنة الدستورية أنه لضمان القبول الواسع للدستور الجديد، من المهم أن يشارك في تحديد مضامينه كل من الهيكل المكلف بصياغة مشروع الدستور والقوى السياسية والمجتمع المدني عامة. إلا أن الجهات المذكورة لا تتمتع بنفس المستوى من المسؤولية في هذا الخصوص. فبالرغم من أهمية الضغط الذي يمكن أن تمارسه القوى السياسية والمجتمع المدني للتأثير على القرارات المتعلّقة بتحديد محتوى مشروع الدستور، إلا أن دورها يبقى محدودا مقارنة بالدور الذي يلعبه الهيكل المكلف بصياغة مشروع الدستور؛ باعتباره الجهة الأولى المسؤولة عن تحديد مضامين مشروع الدستور.
ولتأمين نجاح مسار وضع الدستور، فإنه من المهم أن يكون مشروع الدستور نتاج مسار تفاوضي وتشاركي واسع، ينطلق منذ المراحل الأولى لإعداد مشروع الدستور ويستمر طيلة عملية الصياغة، وإلى حين المصادقة على الصيغة النهائية للنص الدستوري..
ويشدد في هذا الصدد أنه يتعين أن يشمل المسار التفاوضي كل أعضاء الهيكل المكلف بصياغة الدستور، والفاعلين السياسيين والمدنيين، وكل من قد يكون له تأثير على استقرار الدولة (كالقوى المسلّحة..).
ومن خلال التجارب الانتقالية يمكن أن نرى أن إعداد مشروع الدستور يتمّ إما من قبل جمعية تأسيسية أو من قبل البرلمان أو من قبل لجنة دستورية مثل الحالة السورية الآن. وقد يشارك في هذه العملية أكثر من جهة من الجهات السابقة مع ملاحظة أنه في دساتير سوريا ما قبل حزب البعث كانت تقوم على إعداده لجنة دستورية منتخبة.
وتشكل عملية تحديد مضامين الدستور عملية مستقلة عن العملية التقنية والقانونية المتمثلة في كتابة الوثيقة الدستورية.
ويتصدر موضوع مضامين الدستور الجديد الحوارات والنقاشات والمفاوضات التي تحصل خلال مرحلة كتابة مشروع الدستور، وتتواصل حتى مرحلة مناقشته أمام هيكل المصادقة. وتثير عادة النقاشات حول مضامين الدستور خلافات كبيرة، سواء بين مختلف التيارات السياسية أو بين هذه الأخيرة والمجتمع المدني بمختلف مكوناته. لذلك، تأخذ عملية تحديد مضامين الدستور حيزا زمنيا كبيرا من مرحلة كتابة مشروع الدستور. ويشكل الاتفاق على مضامين الدستور واحدا من أكبر التحديات التي تواجه مسار وضع الدستور برمته.
ويؤكد البحرة أنه كون هذه اللجنة الدستورية هي لجنة غير منتخبة من الشعب وتستمد شرعيتها من قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ ومن اتفاق الأطراف السورية على تشكيلها بتيسير من الأمم المتحدة، يجب عرض مشروع الدستور الجديد على الشعب عبر استفتاء عمومي ويعتبر ذلك الاستفتاء تأسيسي وهو الذي يمنح الدستور شرعيته.
ويعتبر أسلوب الاستفتاء التأسيسي من الأساليب الديمقراطية في نشأة الدساتير نظراً لمباشرة الشعب سيادته الدستورية بشكل مباشر. حيث إن موافقة الشعب على مشروع الدستور تضفي خصوصية معينة حول هذا الدستور لكونها تجعله القانون الذي تتمثل فيه الإرادة الشعبية فبهذا الأسلوب تتاح الفرصة للشعب ليعبر عن قبوله أو رفضه لمشروع الدستور.
وتطرح عدة أمثلة في هذا المجال فقد صدرت عدة دساتير عن طريق الاستفتاء التأسيسي ومن تلك الدساتير دستور 1851 الفرنسي حيث وضع مبادئه الأساسية نابليون. وكذلك دستور الجمهورية الفرنسية الرابعة الصادر 1946 حيث وضعت مشروعه جمعية نيابية منتخبة ثم عرض هذا المشروع على الشعب فرفضه، ثم قامت جمعية نيابية جديدة بإجراء بعض التعديلات عليه ثم طرح في استفتاء ثانٍ فوافق عليه الشعب، كما أن دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة الصادر عام 1958 النافذ حاليا هو آخر الدساتير الفرنسية التي صدرت بأسلوب الاستفتاء الدستوري بعد أن قامت لجان حكومية غير منتخبة بوضع مشروعه.
ويؤكد سوريون أنه لابد من توافقات دولية جدية للدفع بالعملية السياسية بما فيها اللجنة الدستورية وجدول زمني لكتابة الدستور وفق ما نص عليه قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٥٤ (٢٠١٥) في مادته الرابعة، وهذا ما يحاول ممثلو هيئة التفاوض في اللجنة الدستورية التوصل إليه وفق مصدر مطلع من داخل اللجنة، لما فيه مصلحة الشعب السوري الذي عانى ويعاني منذ أكثر من عشر سنوات من استبداد واعتقالات وقتل وتشرد وحرب وينشد التقدم في الحل السياسي إلى الأمام بشكل أسرع.
———————
ما الذي ستحمله الجولة السادسة للجنة الدستورية؟/ عمر كوش
مع بدء اجتماعات الجولة السادسة للجنة الدستورية السورية في جنيف، تطرح أسئلة حول ممكنات اختلاف اجتماعات هذه الجولة عن سابقاتها من الجولات، وحول تمكنها من الدخول في مناقشة المضامين والمواضيع الدستورية، وذلك بعد أن أعلن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، عن التوصل إلى “اتفاق في شأن منهجية عمل اللجنة” مع رئيسي وفدي المعارضة والنظام، بالاستناد إلى ثلاث ركائز أساسية، تتمحور حول “احترام الاختصاصات والقواعد الإجرائية الأساسية، وتقديم نصوص المبادئ الدستورية الرئيسية قبل الاجتماعات، وعقد اجتماعات مع الرئيسين المشاركين قبل الجولة السادسة وبعدها”، فضلاً عن التزام رئيسي الوفدين “بتحديد مواعيد مؤقتة للاجتماعات المقبلة ومناقشة خطة العمل”. وبناء على ذلك أبدى تفاؤله بأن تبدأ اللجنة الدستورية عملها بجدية على عملية صياغة “إصلاح دستوري”، وليس على مجرد إعداد مواد دستورية، وبما ينتج “عملية دستورية مختلفة وذات صدقية”.
وبناء على تفاؤل بيدرسون، راحت شخصيات من المعارضة السورية، التي شاركت بصورة ثابتة في جميع جولات اللجنة الدستورية، تبني بدورها تفاؤلاً – غير حذر – حيال أعمال هذه الجولة، حيث ذهب بعضها إلى عقد مراهنة جديدة على اجتماعاتها، من خلال التعويل على أنها ستكون مخصصة لمناقشة المبادئ الأساسية الدستورية، مثل “السلطات وفصلها”، “وعشرات المواد الدستورية”، وتحديد النصوص التي تشكل صلب الدستور المرتقب، وأنها ستقطع مع متاهات الخوض في مسائل غير دستورية، وخاصة تلك التي سبق وأن طرحها وفد النظام في اجتماعات جولات اللجنة الخمسة السابقة. إضافة إلى أن هذه الجولة السادسة ستبحث أيضاً في خطة عمل اللجنة الدستورية مع تحديد موعد الجولات المقرر عقدها حتى نهاية العام 2021، حسبما يأمل المتفائلون في وفد المعارضة ومعهم المبعوث الأممي بيدرسون.
غير أن السؤال الذي يطرح في هذا السياق، هو: هل سيلتزم وفد نظام الأسد بكل ما ورد في المرتكزات والنقاط التي بُني عليها تفاؤل كل من بيدرسون والمعارضة المشاركة في اللجنة الدستورية؟
طبعاً لا أحد لديه أي ضمانات أو محددات حيال ممكنات نجاح هذه الجولة، وليس هناك من يستطيع إلزام وفد النظام بـ “المنهجية” التي تحدث بيدرسون عن التوصل إليها مع رئيسي وفدي المعارضة والنظام، ولا بجدول أعمال هذه الجولة، وبالتالي فإن ممكنات الفشل وحيثياته قائمة أيضاً في هذه الجولة، مثلما فشلت جولاتها السابقة دون أن يتم تحديد الجهة المسؤولة عن الفشل، وهي نظام الأسد، وعليه سيكتفي بيدرسون بالتعبير عن خيبة أمل جديدة وعن إضاعة الفرصة، بينما سيكون من السهل على المعارضة التنصل من مسؤوليتها، وإلقاء المسؤولية على النظام، مع تكرار مقولة أن الكرة باتت في ملعب الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص بيدرسون، مثلما تعودت على قولها في الجولات السابقة، مع العلم أن القرارات الأممية، وخاصة القرار 2254 جاء على ذكر وضع دستور في سوريا بعد تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، ولم يتحدث عن تشكيل لجنة دستورية، وبالتالي لم يمنح أي طرف دولي مهمة تشكيلها. وكما هو معروف فإن اللجنة الدستورية هي اجتراح روسي محض، تمخض عن مؤتمر سُمي “مؤتمر الحوار السوري” الذي عقد في منتجع سوتشي في 30 من يناير/ كانون الثاني 2018، لكن المعارضة قبلت به بوصفه المسار الوحيد المتاح والحصري للحل السياسي في سوريا، وانخرطت في جولات تفاوض عبثية، بوصفها خيارها الواقعي الوحيد، واتبعت استراتيجية تسجيل النقاط على نظام مجرم لا يقيم أي وزن أو اعتبار للمسارات السياسية والتفاوضية.
المشكلة إذاً، هي في المراهنات وإعطاء الأمل الواهي والتفاؤل المزيف حيال اللجنة الدستورية، وحيال مجمل ما يسمى العملية السياسية في سوريا، إذ سبق وأن اعتبر بيدرسون في أول اجتماع عقدته اللجنة الدستورية أن مجرد تشكيلها يدشن لحظة تاريخية، وأنها “أهم قضايا المجتمع السوري، بشكل فعلي”، فيما اعتبر رئيس هيئة التفاوض السورية السابق، نصر الحريري، أنّ إعلان تشكيل اللجنة الدستورية هو “انتصار للشعب السوري”، وأنه “إنجاز حقيقي، وجزء من القرار 2254″، وكأنما كان تشكيلها إيذاناً باقتراب نهاية نظام الأسد، أو على الأقل أن تشكيلها جاء تحقيقاً لبعض تطلعات ومطالب الشعب السوري، بينما على العكس تماماً، كانت الغاية من اجتراح اللجنة الدستورية هي الالتفاف على جوهر القرار 2254 وسواه من القرارات الأممية بشأن الانتقال السياسي في سوريا، عبر الدخول في اللعبة الدستورية وإدارة الظهر لعملية الانتقال السياسي ولهيئة الحكم الانتقالي، التي من المفترض أن تتولى المرحلة الانتقالية وصولاً إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية، حسبما أوضح نص القرار 2254.
وبالرغم من مضي أكثر من عامين على تشكيل اللجنة الدستورية، وعقدها خمس جولات سابقة، دون أن تحقق أي نتائج تذكر في المهام المنوطة بها، وذلك على خلفية رفض وفد نظام الأسد الانخراط في مناقشة القضايا والمضامين الدستورية، ولجوئه إلى ممارسة التسويف والتعطيل المتعمد كي لا تقوم اللجنة بتأدية المهام المنوطة بها، فإن الأسئلة ذاتها تطرح مجدداً حول الغاية من استمرار مشاركة قوى المعارضة فيها وجدواها والخيارات الممكنة أمامها، خاصة وأن لا مؤشرات جديدة على إمكانية تغير سلوك وفد النظام وممارساته، بالرغم مما يشاع عربياً وإقليمياً عن مقايضات من أجل تغيير سلوك نظام الأسد الإجرامي عبر الدخول معه في صفقات التطبيع العربي، وفي وقت ما يزال الساسة الروس ينظرون إلى اللجنة الدستورية بوصفها لعبة تدار من طرفهم، الأمر الذي يعني تشجيع نظام الأسد على عدم إقامة أي اعتبار لها، واستمراره في التعامل معها بوصفها مجرد لعبة سياسية، ومضيعة للوقت.
وتظهر تطورات وتغيرات مواقف القوى الدولية الفاعلة أنها غير معنية بتقديم دعم حقيقي للجنة الدستورية من أجل تمكينها من إنجاز مهمتها، وأن ما تبديه كل من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والسعودية ومصر وقطر وسواها من توافق على أهمية استمرار أعمال اللجنة الدستورية، هو توافق لم يخرج عن نطاق التصريحات الديبلوماسية، أي أنه شكلاني ولفظي وغير مقترن بأي إطار عملي أو فعل سياسي، وليس “لأنهم يرون فيها مدخلاً ممكناً للولوج منه إلى مفاوضات فاعلة حول تنفيذ بقية عناصر القرار 2254 الصادر عام 2015″، حسبما يزعم هادي البحرة، لذلك فإن تعويله على أن “اللجنة الدستورية ستنجز مهمتها وفق تفويضها في فترة لا تتجاوز الأربعة أشهر من العمل المتواصل والجاد” يبدو واهياً، لأنه تعويل مبني على أمنياته، وليس على “توفر الإدارة الدولية والإقليمية الحازمة لإنجاز الحل السياسي لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254”.
—————————–
”إصلاح دستوريّ“ أم “دستور جديد“؟/ إبراهيم الجبين
وسط جدل محتدِم بين المتفائلين والمتشائمين بالجولة الجديدة من أعمال اللجنة الدستورية في جنيف حول جدوى التفاوض على دستور جديد من عدمها، خرجت صورة غير متوقَّعة تجمع كلاً من الرئيسين المشتركيْنِ لوفدَي المعارضة والنظام، المهندس هادي البحرة وأحمد الكزبري، يتوسطهما المبعوث الدولي غير بيدرسون.
صورة اللقاء التمهيدي الذي رتَّب له بيدرسون عشية انطلاق الجولة الجديدة، لم تكد تحصد بعض ردود الفعل حتى أردفها بيدرسون بتصريحٍ أكثرَ إثارةً، حين تحدَّث عن اتفاق نهائي بين الوفدين على البدء بعملية إصلاح دستوري لا البدء بمناقشة نسخة جديدة من الدستور.
ولا حاجة للقول إن الفارق بين كتابة الدستور الجديد والإصلاح الدستوري شاسع، فالأول يعني خُلاصة ما تمت مناقشته خلال الأعوام الماضية من قِبل جميع الأطراف، بما فيها المجتمع المدني، والاستفادة من كل ما طُرح حول الثوابت والهُوِيَّة واللغة الوطنية وحقوق الإنسان والحريات وغيرها، لتقديم نسخة من دستور مُقترَح يحسم الأمرَ فيه استفتاءٌ شعبيٌّ يُطرح على السوريين.
أما الإصلاح الدستوري فهو على النقيض مما سارع المهندس هادي البحرة لإيضاحه بعد تصريح بيدرسون، حين قال إن هذا التصريح ”لا يناقض القرار ٢٢٥٤، ولا اتفاق تشكيل اللجنة وتفويضها، فلائحة الاختصاصات والنظام الداخلي للجنة، عندما نتكلم عن الإصلاح الدستوري هو عملية أوسع من صياغة مشروع الدستور، فهي تشمل مشروع الدستور إضافة إلى الممارسات الدستورية، أي كل ما يتعلق من إجراءات وآليات لضمان تطبيق الدستور على أرض الواقع، ووضع الضمانات اللازمة لعدم تجاوُز الدستور أو الالتفاف على مضامينه“.
أريد أن أصدِّق البحرة في ما ذهب إليه من فهم، وأقدِّر نواياه الخالصة في التعاطي الإيجابي مع كل ما يبدر حول هذا الملف، لكن إنْ رُبط تصريح بيدرسون الجديد بما روّج له من منهجية جديدة -قرر المبعوث الدولي السير عليها نتيجة تعنُّت النظام وجملة من المعطيات والمتغيِّرات حول العملية التفاوضية- فإن ما يقصده بيدرسون غير ما فهمه البحرة.
ببساطة لأن بيدرسون لا يملك -ولا تدخل ضِمن صلاحياته- مسألة الممارسة الدستورية، فمن سيصدّق أن خليفة كل من كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي ودي مستورا المستقيلين جميعاً، نتيجة عجزهم عن القيام بأي شيء يفرض حلاً على النظام، سيكون بوسعه أن يفرض ”مسار ممارسة دستورية” في سورية؟ وهو أمر لم تتمكن من فرضه دول كبرى، فضلاً عن كل ما سعت إليه المعارضة عبثاً دون أن تُحقِّق أيَّ تقدُّم في إقناع النظام (الطرف الآخر الشريك في المفاوضات والشريك في التصور حول الدستور الجديد) بأي ممارسة دستورية معقولة، حتى وَفْق دستوره هو!.
وليس القارئ الكريم بحاجة لشرح معنى الإصلاح الدستوري فموارد ذلك أقرب إليه من حبل الوريد، ويمكنه التوصل إلى مئات الأبحاث والكتب والدراسات والندوات التي عُقدت تحت هذا العنوان والتي تقول جميعها: إن موضوع الإصلاح الدستوري يتعلق بـ “مضمون المواد المقترحة للتعديل، ومدى ارتباطها بالنَّسَق العامّ للنظام السياسي، أو اقتصارها على تعديلات شكلية دون المساس بجوهر المؤسسات”. وفقاً لما ورد في ورقة عُنونت بـ ”الإصلاحات الدستورية في العالم العربي: ما تكشفه رغم محدوديتها، لأمينة المسعودي أستاذة القانون الدستوري بكلية الحقوق في جامعة محمد الخامس بالمغرب والمقدَّمة في العام 2009.
هكذا إذاً.. موادُّ يُقترَح تعديلها، ويُراعَى في ذلك ارتباطها بالنسق العامّ للنظام السياسي. وقد تكون تعديلات شكلية لا تمسّ بجوهر المؤسسات؟
تقول المسعودي- وورقتها من بين أهمّ ما وقع بين يدَيَّ مما ناقش مفهوم الإصلاح الدستوري باعتبارها تتناول نماذج عربية تشابه الحالة السورية: إن الإصلاحات الدستورية في النماذج المختارة من الوطن العربي بيّنت أن هذه الإصلاحات، وإن لم تغيّر بعمق النَّسَق الدستوري والسياسي السائد بهذه الدول، فإنها قد سمحت بتغيير معادلة ميزان القوى الناظم لعلاقة طرفَي الإصلاح، والذي يتجلى من خلال بروز دور الأحزاب السياسية ونضج المجتمع المدني وإمكانية قيامه بدور فاعل في التطورات المستقبلية للإصلاحات الدستورية. وقد يكون هذا ما يرمي إليه المبعوث الدولي وما يريد البحرة إقناع السوريين به. لكن هذا ليس دستوراً جديداً.
بالعودة إلى اللحظة التي انطلق فيها مسار التفاوض بين المعارضة ونظام الأسد، نجد أن أصواتاً قليلةً، نادت بعدم تضييع الوقت والانجرار خلف خديعة إنشاء دستور جديد، وأن دستور البلاد القائم حتى بنسخة بشار الأسد 2012 لا يحتاج إلا إلى بعض التعديلات الجوهرية التي يمكن أن تنقله إلى مصافّ الدساتير المتقدمة والتي تحترم الإنسان وحقوقه، وتراعي كافة تطلُّعات السوريين وتحفظ الدولة واتجاهها ومسارها التاريخي.
لكن ما الذي حدث حينها؟ هاجت وماجت أصوات المعارضين الرافضة لكل ما بين يدي النظام، معتبِرةً أنه شرٌّ مطلق وأن الدولة التي يهيمن عليها بكل وثائقها ونصوصها ورموزها هي شرٌّ مُطلَق مثله. وكان النظام بحاجة إلى كسب الوقت ليتيح للروس والإيرانيين الفرصة لتدمير قوى الثورة وانتزاع المناطق المحررة من بين أيديها منطقةً منطقةً في أربع جهات سورية.
وقع السوريون في الفخّ، ومضوا في عملية خلق لدستور منتظر منشود، استغرقت أعواماً من المماطلة، ليعود المبعوث الدولي الجديد إلى ما طالب به النظام أساساً على لسان كِبار مسؤوليه، عملية إصلاح دستوري لا أكثر.
وكان بيدرسون قد أعلن في شتاء هذا العام أنه لن يدعو إلى جولة جديدة ما لم يكن هناك اتفاق خطيّ بين الطرفين لعمل اللجنة. وكان الكزبري رفض في الجولات السابقة لـ«الدستورية» الخوض في «صَوْغ» الدستور قبل الاتفاق على «المحدّدات الوطنية» وتتضمن رفض ما سماهما بـ «الاحتلالين» الأميركي والتركي و«رفض الإرهاب» والتمسك بـ«وحدة سورية وسيادتها». وبعد ضغوط روسية، وافق الكزبري على «مناقشة المبادئ الدستورية» قبل «صَوْغ» الدستور.
لنتابع ما حدث، بعد إصرار بيدرسون على وجود «اتفاق خَطِيّ»، وافق الكزبري في فبراير الماضي على إرسال ورقة عاجلة تتضمن مُقترَحات لـ«آليَّة عمل» اللجنة الدستورية، رد عليها البحرة بورقة تفصيلية مقابلة، ثم عاد الكزبري وقابلها بمقترَحات خطية. ورقة الكزبري الأخيرة لم تخرج عن الخطوط التي رسمها وزير خارجية النظام فيصل المقداد حول رفض «وضع جداول زمنية» لعمل اللجنة، التي اعتبر أنها «كيان سيادي مستقلّ» مذكِّراً بيدرسون بأنه مجرّد «ميسر» للعملية التي «هي ملكية سورية».
وهو ما عاد وكرَّره في أكثر من مناسبة، آخِرها الشهر الماضي، سبتمبر الذي شهد لقاءً جمع المقداد ببيدرسون في دمشق، ونقلت وكالة “سانا” الناطقة باسم النظام عن المقداد قوله: إن اللجنة منذ أن تشكلت وانطلقت أعمالها باتت ”سيدة نفسها وهي التي تناقش وتعالج التوصيات التي يمكن أن تخرج بها وكيفية سَيْر أعمالها مع التأكيد على أن الشعب السوري هو صاحب الحق الحصري في تقرير مستقبل بلاده“.
وهو الكلام ذاته الذي قاله الرجل قبل عشر سنوات وتحديداً في ديسمبر 2011 وكان نائباً لوزير الخارجية آنذاك حين أعلن أن «الإصلاحات الدستورية ستؤدي إلى تداوُل حقيقي للسلطة على كافة المستويات»، وسنعود ونسمع مثل هذا الكلام على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ثم على لسان نائبه ميخائيل بوغدانوف الذي قال خلال مشاركته في فعاليات «منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي» في العام 2018: إن موسكو تُعوِّل على ضرورة إطلاق عمل اللجنة الدستورية السورية. ومشدِّداً على ما أسماه حرفيّاً ”الإصلاح الدستوري المنشود“.
وقال للصحافيين في سان بطرسبرغ حينها: إنه «من المفهوم أن الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية أو أي انتخابات أخرى ستكون على أساس الإصلاحات الدستورية التي يجري العمل عليها».
هو إصلاح دستوري إذاً، ولكن قد لا يكون لدى المعارضة السورية ما تفعله حِيال ذلك، فهذا هو المتاح وما تم التوافق عليه دولياً، كما سبق وأشار البحرة وبيدرسون ذاته. ومهما علت أصواتٌ اليومَ لتطالب بدستور جديد، فستقابلها أصواتٌ أخرى تقول: إن صوت العقل مع الممكن والواقعي.
والواقعي يقول: إن مناقشة دستور خيالي لا تتفق عليه المعارضة في ما بينها أساساً، عملية شِبه مستحيلة، وقد تدوم دُهوراً دون الوصول إلى نسخة تُعجب العربَ وتُعجب الأكرادَ وتُعجب الأغلبيةَ والأقلياتِ والقُوَى الليبراليةَ والديمقراطيةَ والعلمانيين والمحافظين، هذا قبل أن تُطرَح على النقاش مع ممثِّلي النظام الذين يتمسَّكون بدَوْرهم بتصوُّرات مُغايِرة.
——————————-
«الدستورية السورية» تطلق عملية صياغة دستور جديد للبلاد
تفاؤل روسي ودعوات للسوريين لتحمل «مسؤولية اللحظة الحاسمة»
موسكو: رائد جبر
انطلقت أمس أعمال اجتماع اللجنة المصغرة للجنة الدستورية السورية، وسط أجواء تفاؤل أعقبت إعلان المبعوث الأممي الخاص، غير بيدرسن، عن التوصل إلى اتفاق بين الحكومة والمعارضة على بدء عملية صياغة دستور جديد في البلاد.
وتضم اللجنة المصغرة 45 ممثلاً عن الحكومة السورية والمعارضة والمجتمع المدني، وقد عقدت اجتماعاً الأحد تمهيداً لانطلاق المفاوضات.
وأوضح بيدرسن أنه «بعد أن التقت الأطراف المشاركة في رئاسة اللجنة معاً لأول مرة قبل المحادثات التي تستمر أسبوعاً، تم التوصل إلى اتفاق حول الاستعداد للبدء في صياغة مسودة الإصلاحات الدستورية». وقال للصحافيين في جنيف إن المحادثات ستناقش في جولتها السادسة «مبادئ واضحة»، دون أن يذكر تفاصيل.
وأشار هادي البحرة، الرئيس المشارك للجنة الدستور السورية، إن وفد المعارضة يسعى لإصلاحات، من بينها الحقوق المتساوية لكل المواطنين السوريين. وأضاف في إفادة أن عدم وجود فصل واضح بين السلطات في الدستور الحالي أدى لعدم توازن جرى استغلاله بشكل خاطئ، مشيراً إلى إن كل طرف سيطرح نصوصاً وصياغات مقترحة بشأن قضايا، تشمل السيادة وحكم القانون.
وأوضح البحرة بعض التفاصيل حول آلية المباحثات الصعبة المنتظرة، وقال: «سنباشر الآن مناقشة الاقتراحات المتصلة بالنص الدستوري المطروح من جانب كل طرف»، مؤكداً أن «جميع الأطراف وافقوا» على هذه الآلية. وأضاف: «سنعقد جولة أولى يعرض فيها كل طرف المبادئ التي يقترح مناقشتها في اليوم الأول».
وفي المقابل، التزم وفد الحكومة السورية الصمت قبل انطلاق الجولة.
ولفت بيدرسن إلى أن «ممثلي الحكومة كانوا قد رفضوا مقترحات تقدمت بها المعارضة السورية، إضافة إلى أفكار خاصة طرحها المبعوث. ومنذ ذلك الحين (قرابة 9 أشهر) وأنا أتفاوض بين الطرفين، في مسعى لتحقيق توافق في الآراء بخصوص كيفية المضي قدماً. ويسعدني أن أقول إننا توصلنا لمثل هذا التوافق».
ورأى دبلوماسيون غربيون أن روسيا دفعت دمشق في الأسابيع الأخيرة لإبداء مرونة في المحادثات، وزار بيدرسن موسكو مرتين في الشهور الأخيرة، وشدد على أن «اللجنة المشتركة للدستور تمثل مساهمة مهمة في العملية السياسية، لكن اللجنة في حد ذاتها لن تكون قادرة على حل الأزمة السياسية».
وكان رئيسا وفدي النظام السوري والمعارضة قد عقدا لقاء الأحد، بحضور بيدرسن الذي عقب بأنه «للمرة الأولى، اجتمعت مع رئيسي (الوفدين) الحكومي والمعارض لإجراء محادثات أساسية صريحة حول كيفية تحركنا من أجل (تحقيق) الإصلاح الدستوري».
ورحبت السفارة الأميركية في جنيف بانطلاق الجولة، وأشادت في بيان بـ«جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا لجمع الأطراف المشاركة في رئاسة اللجنة لتمهيد الطريق للجولة السادسة من المباحثات».
وبرز تفاؤل روسي مماثل، وأعرب دبلوماسيون في موسكو عن ارتياحهم لانطلاق جولة المفاوضات، ورأوا فيها فرصة لدفع التسوية السورية. وأشار المستشار رامي الشاعر، المقرب من وزارة الخارجية، إلى أهمية التحركات التي أجراها بيدرسن تمهيداً للجولة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «لقاءات المبعوث الدولي التي شملت اتصالات مع الحكومة المصرية وجامعة الدول العربية، فضلاً عن الأطراف المنخرطة بشكل مباشر في الأزمة السورية، مهدت بشكل جيد لهذه الجولة»، لكنه لفت في المقابل إلى مخاوف من محاولات لتبديد الأجواء الإيجابية، ومحاولة صرف الأنظار عنها، مشيراً في هذا الشأن إلى إعلان السفارة الإسرائيلية لدى موسكو عن اتفاق لعقد اجتماع لرؤساء مجالس الأمن في روسيا وإسرائيل والولايات المتحدة.
وعكس حديث الدبلوماسي أن موسكو غير مهتمة بهذا الاجتماع حالياً، مشيراً إلى أن «تدخل الإسرائيليين في شؤون سوريا وإيران هو بمثابة سكب مزيد من الزيت على النيران المشتعلة». ولفت إلى أهمية الدور الروسي في المساعي المبذولة لتخفيف التوتر في المنطقة، موضحاً أن «روسيا تحاول تجاوز الغوص في تفاصيل الاتهامات المتبادلة بين بعض الأطراف لإيران بـ(التشييع) ولتركيا بـ(العثمنة) من أجل حلحلة الأزمة السورية، بعيداً عن التجاذبات الداخلية».
وعلى الرغم من توجيه انتقادات حادة في السابق للحكومة السورية بسبب مماطلتها في دفع العملية السياسية، فإن الشاعر رأى أن «السلطة الحالية في دمشق هي القوة الحقيقية المنظمة على الأرض التي تتمتع بتأييد ما لا يقل عن 5 ملايين سوري»، محذراً من دعوات بعض الأطراف إلى مواصلة التصعيد. وقال إنه مع انطلاق أعمال اللجنة الدستورية، فإن «الكرة في يد السوريين وحدهم، نظاماً ومعارضة ومجتمعاً مدنياً، لهذا يتعين على المجتمعين أن يدركوا حجم المسؤولية الخطيرة التي يحملونها في مرحلة حاسمة، وأن يضعوا تكامل الأراضي السورية، وسيادة الدولة السورية على كامل التراب السوري، نصب أعينهم، وأن يأخذوا بعين الاعتبار أن مؤسسات الدولة حاضرة موجودة، والمطلوب هو إيجاد صيغ كي يتشارك بها الجميع، وفقاً لما جاء في القرار (2254)، حتى يتم فك الحصار الاقتصادي على البلاد، وإسقاط العقوبات الجائرة، لتبدأ الدولة السورية في مرحلة يساهم فيها الجميع قدر استطاعته في تعافي الوضع الاقتصادي».
واستقبل الرئيس السوري، بشار الأسد، أول من أمس، المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، ونائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، والوفد المرافق. وأفاد بيان رسمي سوري بأن اللقاء تناول «التعاون القائم بين البلدين، سواء على صعيد مكافحة الإرهاب أو على الصعيد الاقتصادي والتجاري، حيث أكد لافرنتييف وفيرشينين أن هذه الزيارة تأتي ضمن توجيهات الرئيس بوتين لتعزيز هذا التعاون، وتوسيع العمل في جميع المجالات، وعلى المستويات كافة، مجددين التأكيد على استعداد روسيا الاتحادية الدائم للمساهمة بفاعلية في عملية إعادة الإعمار، وتأهيل البنى التحتية التي خربها الإرهاب، وعقد شراكات استثمارية مع سوريا في ميادين الطاقة والزراعة، بما يحقق مصالح الشعبين الصديقين، ويساهم في تنشيط الاقتصاد السوري».
وتابع البيان أن اللقاء تناول «اجتماعات لجنة مناقشة الدستور التي ستنطلق غداً، وتم التأكيد على أهمية الاستمرار في المسار السياسي من أجل التوصل إلى توافقات تنطلق من ثوابت الشعب السوري، وتحفظ سيادة سوريا ووحدة أراضيها».
الشرق الأوسط
———————————-
افتتاحية قاسيون 1040: الدستورية: المطلوب نتائج حقيقية
كانت آمال المتشددين الواضحة والمعلنة، هي في عدم انعقاد أية جولة إضافية للجنة، وبذلك كانوا يأملون لا بدفن الدستورية فحسب، بل وبدفن 2254 معها. وانعقاد الجولة الجديدة هو دفن لآمالهم هذه.
ورغم أن هذا الأمر إيجابي بحد ذاته، لكنه غير كافٍ إطلاقاً؛ فإذا كانت الدستورية قد لعبت خلال السنوات الماضية دور غرفة الإنعاش المركز للحل السياسي، فإن المريض يمكن أن يموت في غرفة الإنعاش أيضاً ما لم يقدم له العلاج المناسب…
دفع اللجنة الدستورية نحو لعب دورها كمفتاح لتطبيق الحل السياسي الذي يشكل الترياق الوحيد الشافي من الكارثة السورية، بات يتطلب خطوات حقيقية على صعيدين:
عام: يتعلق بالظروف المحيطة بعمل اللجنة، والتي بات واضحاً أنها لن تسمح لها بالتقدم بسبب سيطرة ونفوذ المتشددين. تغيير هذه الظروف يمر عبر التطبيق الكامل والمتوازي لبنود 2254 كاملة، وعلى رأسها جسم الحكم الانتقالي.
خاص: ويتعلق بالظروف الداخلية لعمل اللجنة، والتي تحتاج إلى ثلاثة تطويرات حاسمة:
١- نقل أعمالها إلى دمشق مع تأمين الضمانات اللازمة، وإنهاء محاولات التعاطي معها بوصفها «لعبة سياسية تجري في جنيف».
٢- تعديل تركيب اللجنة بحيث تضم أوسع طيف ممكن من السوريين، بما يضمن نجاحها في تأدية مهمتها.
٣- بث أعمال اللجنة ونقاشاتها بشكل مباشر على العموم، بحيث يتمكن السوريون من سماع ورؤية سلوك وأقوال الذين يقولون إنهم يمثلونهم وحريصون على إنهاء كارثتهم… ومن يرفض هذا البند بالتحديد يقيم الحجة على نفسه قبل أن يقيمها عليه أحد!
إن استهداف المتشددين من الإيحاء بالحركة دون القيام الفعلي بها، ومن تضييع الوقت على العموم خلال السنوات الماضية، كان محدداً بمنظور مصالحهم الأنانية وعدم رغبتهم بتقديم أي تنازل للشعب السوري.
وبالنسبة للأمريكان والصهاينة، فإن استهداف تضييع الوقت كان تعميق الاستنزاف وتكريس تقسيم الأمر الواقع وصولاً إلى حالة انهيار شامل.
الأشهر القليلة الماضية، تظهر بكل وضوح أن الأمريكي والصهيوني قد وصلا -من وجهة نظرهما- إلى مرحلة تثمير الاستنزاف التي يعبرون عنها بشعار «تغيير سلوك النظام»، والمقصود هو اقتلاع سورية من موقعها التاريخي.
وعليه، فإن أي تضييع إضافي للوقت، وأية تمثيليات حركة كاذبة، لن تنطلي على أحد، وأكثر من ذلك فإنها ستصب مباشرة في خانة الأمريكي والصهيوني، ولذا لا يجوز للوطنيين التهاون معها، نهائياً.
————————————-
أميركا واوروبا تدعمان “اللجنة الدستورية” والقرار 2254
أكدت الولايات المتحدة وأوروبا دعمهما لمفاوضات الجولة السادسة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية التي انطلقت أعمالها في مدينة جنيف الإثنين، بهدف إحراز تقدم في العملية السياسية في سوريا.
وقال نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى إيثان غولدريتش، الذي يحضر اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، خلال لقائه الرئيس المشارك للجنة عن وفد المعارضة هادي البحرة، إن الولايات المتحدة “تدعم مفاوضات اللجنة لدفع العملية السياسية التي يقودها السوريون على النحو المبين في قرار مجلس الأمن رقم 2254”.
وجدد غولدريتش دعم الولايات المتحدة “القوي” لعمل المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، وفق تغريدة نشرتها سفارة واشنطن في سوريا.
DAS Ethan Goldrich expressed U.S. support for recent Syria Constitutional Committee negotiations to advance a Syrian-led political process as outlined in UNSCR 2254 with Constitutional Committee co-chair Hadi al-Bahra in Geneva. pic.twitter.com/hsKgbpwvA0
— U.S. Embassy Syria (@USEmbassySyria) October 18, 2021
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس قال إن بلاده ترحب ببدء الجولة السادسة من المحادثات بين النظام السوري والمعارضة السورية. وأضاف برايس أنه “من الضروري أن يتواصل النظام وقادة المعارضة بشكل بناء في جنيف بما يتسق مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254 بشأن سوريا”.
بدوره، أعرب الاتحاد الأوروبي عن ارتياحه لتوصل وفدي النظام السوري والمعارضة الى اتفاق بشأن بدء العمل على صياغة مسودة إصلاحات دستورية في البلاد.
وقال الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان، إن اتفاق الأطراف السورية على بدء العمل على مسودة الدستور الجديد “أمر مشجع”، مضيفاً أن الاتحاد الأوروبي “يؤيد بشكل كامل جهود بيدرسن لإحراز تقدم في خريطة طريق الحل السياسي في سوريا”.
وذكر البيان أن الاتحاد الأوروبي يؤكد أيضاً على أهمية إحراز تقدم في ملف المعتقلين، معرباً عن قلق الاتحاد الأوروبي إزاء تصاعد أعمال العنف في سوريا خلال الآونة الأخيرة.
واختتمت الاثنين أعمال أولى جلسات الجولة السادسة لاجتماعات مناقشات اللجنة الدستورية السورية التي عقدت في مدينة جنيف لمناقشة المبادئ الأساسية للدستور.
وقال رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة أنس العبدة في تغريدة، إن “العمل على ضمان حق أهلنا في صياغة دستور جديد لدولة عادلة وديمقراطية هو غاية وفد هيئة التفاوض في اجتماعات اللجنة الدستورية”، مؤكداً أن هيئة التفاوض “تعمل بالتوازي على التطبيق الكامل للقرار 2254”.
بدوره، أعلن هادي البحرة خلال تصريح صحافي عقب الاجتماع أنه “تم الانتهاء من مرحلة النقاشات المفتوحة، والبدء بالعملية الأساسية التي شُكلت من أجلها اللجنة”.
وطرح وفد النظام في جلسة الاثنين، مبدأ أولياً ينص على سيادة الدولة ووحدة أراضيها”، إلا أن النقاشات تباينت حول رؤية كل طرف لمبدأ سيادة الدولة، حيث أصر أعضاء وفد النظام على أن ذلك يعني “سيطرة النظام على كامل الأراضي السورية” بينما اعتبر وفد المعارضة ذلك بداية للشغب ومحاولة مبكرة لتعطيل الجولة، حسب مصادر “المدن”.
وتستمر اجتماعات اللجنة الدستورية حتى 22 تشرين الأول/أكتوبر، علماً أن الجولة الخامسة للجنة كانت قد عقدت في 25 من كانون الثاني/يناير من دون الوصول إلى أي جديد في ملف كتابة الدستور السوري.
————————————
هل تشهد الدورة السادسة من مباحثات اللجنة الدستورية السورية اختراقاً نوعياً؟
غازي عنتاب – عبد الوهاب عاصي
بعد سنتين من انطلاق أعمال اللجنة الدستورية توصّلت الهيئة المصغّرة في اجتماع الدورة السادسة، في جنيف، إلى اتفاق على جدول أعمال يُناقش 4 عناوين لمضامين دستورية خلال الجلسة الأولى.
وانطلقت أعمال الدورة السادسة في 18 تشرين الأول وتستمر حتى 22 من الشهر نفسه، وخلال اجتماع تمهيدي سبق انعقاد الجسلة الأولى من المباحثات أجرى الرئيسان المشتركان للجنة الدستورية اجتماعاً مشتركاً وجهاً لوجه ضمّ المبعوث الأممي غير بيدرسون، وذلك للمرّة الأولى منذ انطلاق أعمال اللجنة الدستورية في 30 تشرين الأول 2019.
وقال مصدر خاص لـ تلفزيون سوريا إنّ العناوين التي تم الاتفاق عليها هي الجيش والأمن والاستخبارات، وهو بند قدمه وفد المعارضة، إلى جانب بند سيادة القانون، الذي تم تقديمه من قبل أعضاء من وفد المجتمع المدني المقرّبين من وفد المعارضة، بينما طرح وفد نظام الأسد ومعه أعضاء من وفد المجتمع المدني المقرّبين منه بندين للنقاش وهما سيادة الدولة والإرهاب والتطرّف.
خطوة متقدمة لا اختراق
والاتفاق على جدول أعمال لمناقشة المضامين الدستورية يُعتبر خطوة متقدّمة في مسار مباحثات اللجنة الدستورية مقارنة مع الجولات السابقة التي عقدتها الهيئة المصغّرة؛ بعدما تعثّرت وساطة الأمم المتحدة في التوصّل لاتفاق على جدول أعمال بين الوفود المشاركة خلال الجولات السابقة، التي وصفها المبعوث الخاص غير بيدرسون بـ “المخيبة للآمال” خلال إحاطة قدمها لمجلس الأمن بعد انتهاء الدورة الخامسة في 29 كانون الثاني 2021.
ومنذ اجتماع الدورة الثانية في 25 تشرين الثاني 2019 أصرّ وفد نظام الأسد على مناقشة المبادئ الأساسية قبل الانخراط في تناول المضامين الدستورية، ولدى الاتفاق في الدورة الخامسة على جدول أعمال يُتضمن تقديم كل وفد لمبادئ دستورية، اشترط وفد النظام الإعداد للصياغة قبل الخوض بهذه الأخيرة؛ بمعنى استكشاف نقاط التوافق والخلاف قبل التوصّل إلى صياغات نهائية.
ومع ذلك، قدّم وفد المعارضة السورية والمجتمع المدني ما يُقارب 35 صياغة لمبادئ دستورية، بينما اقترح وفد النظام وثيقة تحت عنوان “عناصر أساسية في سياق الإعداد للمبادئ الدستورية”، تضمّنت مواقف سياسية قالت المعارضة عنها بأنّها لا تصلح لأن تكون مبادئ أو مضامين دستورية، فيما يبدو أنّ النظام كان يعمد إلى هدر الوقت وعدم تحقيق أي تقدّم في المباحثات.
لذلك، فإنّ الاتفاق في جدول أعمال الدورة السادسة على 4 عناوين لمضامين دستورية لا يعني تحقيق اختراق في مباحثات اللجنة الدستورية إنّما مجرّد تقدّم بطيء؛ فنظام الأسد قد يعمد مرّة أخرى إلى هدر الوقت أو الإصرار على تمرير الصياغة التي تتناسب مع سياساته.
وقد يستدعي البنود التي قدّمها في وثيقة “اللاورقة” خلال الدورة الأولى وفي وثيقة “الركائز الوطنية” خلال الدورة الثانية لتفسير بند الإرهاب؛ حيث تضمّنت الأولى “استكمال محاربة تنظيم داعش وجبهة النصرة والتنظيمات المسلّحة في سوريا، وتكريس مبدأ مكافحة الإرهاب نصّاً وروحاً في مشروع الإصلاح الدستوري، وتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بمكافحة الإرهاب خاصة ذات الرقم 1373 و2170 و2178 و2199 و2253، والالتزام التام وغير المشروط بعدم دعم الإرهاب”. بينما تطرّقت الثانية إلى “اعتبار كل من حمل السلاح خارج سلطة الدولة السورية إرهابياً”.
الإصلاح الدستوري
خلال الجلسة الأولى من مباحثات الدورة السادسة قدّم المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون تصريحاً صحفياً قال فيه إنّ الرئيسين المشتركين عن وفد النظام والمعارضة اتفقا على البدء بعملية صياغة مستودة الإصلاح الدستوري.
واستخدام مصطلح “الإصلاح الدستوري” ليس جديداً في مفردات المبعوث الأممي الخاص، الذي سبق وتناوله منذ الإحاطة التي قدّمها لمجلس الأمن الدولي في 19 آب 2020؛ حينما أكّد على ضرورة “إعداد وصياغة إصلاح دستوري يُطرح للموافقة الشعبية كإسهام في التسوية السياسية في سوريا وفي تطبيق قرار مجلس الأمن 2254”.
وكان المبعوث الأممي يؤكد مراراً منذ الإحاطة التي قدّمها إلى مجلس الأمن الدولي في 18 أيار 2020 على أنّ حل النزاع في سوريا لن يتم إلّا بدستور جديد فقط، باعتباره مدخلاً مهماً للتسوية السياسية، ليستدرك لاحقاً في إحاطة أخرى في 16 حزيران 2020 على أنّ الدستور الجديد غير كافٍ وحده للحل، وأنّه لا بدّ من دبلوماسية حقيقية بين القوى الدولية الفاعلة في سوريا.
وعليه، فإنّ مسار الإصلاح الدستوري يهدف إلى الوصول إلى دستور جديد، والذي قد يكون إمّا بصياغة معدّلة عن دستور 2012، وهو ما يُطالب به نظام الأسد، أو بصياغة جديدة كليّاً، وهو ما تُطالب به المعارضة.
الموقف الغربي
عشية انعقاد الجلسة الأولى من الدورة السادسة رحّبت الخارجية الأميركية في بيان لها ببدء أعمال اللجنة الدستورية، وسبق أن رحّبت الولايات المتحدة في 3 تشرين الأول بتحديد موعد الجولة السادسة من المباحثات. بدوره، رحّب الاتحاد الأوروبي في 19 من الشهر نفسه بانطلاق أعمال الجولة السادسة.
إلّا أنّ هذا الإعلان لا يُشكّل مؤشراً واضحاً لوجود دعم غربي كافٍ لتحقيق اختراق نوعي في مباحثات اللجنة الدستورية، بينما يُمكن القول إنّ إحراز تقدّم في عمل اللجنة يبدو بمنزلة رغبة من روسيا للتسويق له أمام الولايات المتحدة كاختبار يُمهّد للتعاون بين الطرفين في العملية السياسة وتطبيق القرار 2254، على غرار التعاون في قضية المساعادات الإنسانية بعد تجاوز الاختبار حولها.
تلفزيون سوريا
————————–
اجتماعات اللجنة الدستورية السورية تناقش “الجيش والأمن”.. ماذا قدمت المعارضة؟
استأنفت اللجنة الدستورية السورية بين وفدي المعارضة ونظام الأسد اليوم الثلاثاء الجلسة الثانية من الجولة السادسة بجنيف للتباحث بالورقة الثانية حول “الجيش والقوات المسلحة والأمن والاستخبارات”.
وبدأت الجلسة الأولى، اليوم الثلاثاء، ويتمحور النقاش حول نص دستوري مقترح من وفد المعارضة (الجيش والقوات المسلحة والأمن والاستخبارات).
وحصل موقع “تلفزيون سوريا” على نسخة من الورقة التي قدمها وفد المعارضة السورية، التي أكّدت على “التزام الدولة ببناء مؤسسات الأمن والمخابرات لحفظ الأمن الوطني وتخضع لسيادة القانون وتعمل وفقاً للدستور وتلتزم باحترام حقوق الإنسان..”.
وأضافت الورقة أن الجيش والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية مؤسسات وطنية تضمن السيادة والوحدة القانونية، وتحدد عقيدة الجيش بعيداً عن الانتماءات الإيديولوجية والحزبية والفئوية وتحتكر حمل السلاح واستعماله في عموم الأراضي السورية”.
ولفتت الورقة إلى أن “الجيش هو قوة عسكرية مسلحة قائمة على الكفاءة والانضباط، ويلتزم بالحياد السياسي التام ويدعم السلطات المدنية”.
وأكّدت أن “الأجهزة الأمنية مكلفة بحفظ الأمن، والنظام العام، وحماية الأفراد والمؤسسات والممتلكات وإنفاذ القانون، في إطار الحياد السياسي التام”.
اللجنة الدستورية.. ما تضمنت “ورقة السيادة” التي قدمها وفد الأسد في جنيف؟
الجولة السادسة من إجتماعات اللجنة الدستورية السورية
ويوم الإثنين، اختتمت أعمال أول جلسة لاجتماعات الجولة السادسة من مناقشات اللجنة الدستورية السورية التي عقدت في مدينة جنيف وناقشت الورقة الأولى حول “السيادة السورية”.
وسبق أن قال موفد “تلفزيون سوريا” إلى جنيف إنه “عُقدت الإثنين جلسة واحدة لا جلستان، كما جرت العادة وذلك بناءً على المنهجية الجديدة التي اتفقت عليها أطراف اللجنة الدستورية”. مبيناً أن “النظام والمعارضة اتفقا عل نقطتي سيادة الدولة وسيادة القانون، وسط خلافٍ على باقي العناوين الأربعة”.
وأضاف أن وفد النظام قدّم مقترحاً بعنوان “سيادة الجمهورية العربية السورية”، محاولاً الخروج عن السياق الذي اختاره هو ووافق عليه، وأصبح يريد طرح تعريفات للخيانة والعمالة والتخابر وما إلى ذلك.
ويوم الأحد الماضي، عقد الرئيسان المشتركان للجنة الدستورية، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسن في جنيف اجتماعاً تمهيدياً للدورة السادسة لاجتماعات اللجنة، وهو الأول من نوعه منذ انطلاق أعمال اللجنة، بعد أن توصل الطرفان إلى اتفاق بشأن منهجية العمل.
ومن المتوقع أن تستمر اجتماعات الجولة الحالية حتى 22 من تشرين الأول الجاري، في حين الجولة الأخيرة للجنة كانت قد عقدت في 25 من كانون الثاني 2021 من دون الوصول إلى أي جديد في ملف كتابة الدستور السوري، حيث تتهم المعارضة النظام بتعطيل عمل اللجنة.
تلفزيون سوريا
——————————-
محادثات جنيف السورية: الفشل ينتظر الجولة السادسة لملهاة “اللجنة الدستورية”/ أمين العاصي
بعد أشهر عدة من تعطل أعمالها، تعود اللجنة الدستورية السورية المشكّلة من قبل الأمم المتحدة من ممثلي المعارضة والنظام، والمنوط بها وضع دستور جديد للبلاد، للاجتماع مجدداً في مدينة جنيف السويسرية، بعد جولات مكوكية من المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن، لتجسير هوّة الخلافات بين النظام وداعميه، وبين المعارضة وحلفائها الإقليميين.
وتبدأ هذه اللجنة بصيغتها المصغرة اليوم الإثنين أعمال الجولة السادسة بعد توقف دام أشهراً، إذ كانت الجولة الخامسة من اجتماعات هذه اللجنة قد عقدت في يناير/ كانون الثاني الماضي، بينما كانت نتائجها، وما سبقها من جولات، صفراً. وعقد أمس الأحد اجتماع تمهيدي لهذه الجولة في مقر الأمم المتحدة بمدينة جنيف، ضم الرئيسين المشتركين للجنة الدستورية (عن المعارضة هادي البحرة وعن النظام أحمد الكزبري)، وبيدرسن، في اجتماع هو الأول من نوعه منذ انطلاق أعمال اللجنة الدستورية.
وكان المبعوث الأممي قد جال أخيراً في العديد من العواصم، ومنها العاصمة السورية دمشق، لتمهيد الطريق مجدداً أمام هذه اللجنة التي تعتبرها الأمم المتحدة خطوة واسعة باتجاه التوصل إلى حل سياسي في البلاد، التي باتت اليوم معرضة لكل السيناريوهات، ومن بينها البقاء على الحال ذاته لسنوات عدة مقبلة.
وفي السياق، ذكرت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام، أمس الأحد، أن بيدرسن قدّم في وقت سابق اقتراحاً للوفود المشاركة بأن يتم البحث بنصوص المبادئ الدستورية، مشيرةً إلى أنه “تم الاتفاق على تقديم نص مبدأ دستوري واحد كل يوم، خلال أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، لتتم مناقشته، على أن يخصص آخر يوم من الجولة، وهو الجمعة، لمناقشة عامة، وتقييم نقاط التوافق والخلاف بين المشاركين على المبادئ الأربعة التي طرحت”.
من جانبه، أعلن رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة، أنس العبدة، أول من أمس السبت، اعتماد منهجية جديدة في اجتماعات اللجنة الدستورية، مشيراً في مؤتمر صحافي عقده عبر تقنية الاتصال المرئي إلى أن “وفد المعارضة تحضّر جيداً، وسيبذل كل الجهود للدفع بالمسار الدستوري، وتحقيق تقدم ملموس بالمسار السياسي، وفق منهجية جديدة لاجتماعات اللجنة الدستورية”. وأضاف: “تم التوافق على المنهجية التي اقترحها مبعوث الأمم المتحدة من أجل التحفيز نحو الإنجاز باللجنة الدستورية السورية”. وأوضح العبدة أن المنهجية الجديدة “تتمثل في محاولة الانتقال من مرحلة النقاش لمرحلة الصياغة، من خلال تقدم الأطراف الثلاثة (وفد المعارضة ووفد النظام ووفد المجتمع المدني) بعناوين للمبادئ الأساسية للدستور”، مضيفاً أنه “قبل بدء الاجتماعات، سيتم تقديم مسودات نصوص مقترحة لنقلها إلى جلسات اللجنة”.
وكانت الأمم المتحدة قد أقرّت في الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف بين النظام والمعارضة السورية التي عقدت في فبراير/شباط من عام 2017 أربع سلال تفاوضية، تشمل القضايا الخاصة بإنشاء حكم انتقالي غير طائفي يضم الجميع، والقضايا المتعلقة بوضع جدول زمني لمسودة دستور جديد، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة بعد وضع الدستور، واستراتيجية مكافحة الإرهاب والحوكمة الأمنية. وكانت الأمم المتحدة تخطط لكتابة دستور جديد خلال عام 2017، إلا أن النظام السوري عرقل مهمتها طويلاً، قبل أن تعقد اللجنة الدستورية المؤلفة من 150 عضواً بالتساوي بين النظام والمعارضة والمجتمع المدني، أولى جولاتها أواخر عام 2019. وانبثقت من الهيئة الموسعة لجنة مصغرة (هدفها صياغة الدستور) من 45 عضواً بواقع 15 من كل مجموعة، تتخذ قراراتها بموافقة 75 في المائة من أعضائها، وبرئاسة مشتركة من النظام والمعارضة.
وعقدت خلال عام 2020 وبداية عام 2021 أربع جولات انتهت جميعها بالفشل، إذ كان النظام يشتري الوقت لتنظيم انتخابات رئاسية وفق دستور وضعه عام 2012، وهو ما حدث أواخر مايو/ أيار الماضي، عندما ثبّت بشار الأسد نفسه رئيساً لدورة رئاسية جديدة تنتهي في عام 2028. وكانت المعارضة السورية قد وافقت تحت ضغط إقليمي ودولي على الانخراط في محادثات مع النظام حول الدستور، على الرغم من أنّ قرارات الأمم المتحدة تنصّ على إنجاز الانتقال السياسي أولاً.
من السياق، عبّر عضو الهيئة الموسعة عن المجتمع المدني، سليمان القرفان، عن اعتقاده بأنه “لن يكون هناك أي تقدم في أعمال اللجنة الدستورية”، مضيفاً في حديث مع “العربي الجديد” أنه “لن تختلف الجولة السادسة عن سابقاتها، وذلك لعدم وجود توافق حقيقي ودعم لأعمال اللجنة من الدول الفاعلة بالملف السوري”.
وأشار الفرقان إلى أن “النظام غير جاد بالانخراط في أعمال اللجنة، فالمنهجية التي تم التوافق عليها لعمل الجولة السادسة توحي بذلك”، مضيفاً: “تشترط هذه المنهجية التوافق على المبادئ التي سيتم طرحها ونقاشها من قبل الوفود المشاركة، ما يعني مناقشة كل شيء وترحيل كل شيء إلى المستقبل لاستحالة التوافق”. كما رأى القرفان أنه “لم يتغيّر شيء في المشهد السوري”، موضحاً أن “النظام يرى نفسه منتصراً، ولا تزال الولايات المتحدة الأميركية غير جادة في الانخراط بالملف السوري”.
ومن المتوقع أن يواصل النظام سياسة المماطلة والتسويف، خاصة أنه لا يزال يعلن رفضه الانخراط في العملية الدستورية، إذ يطلق على الوفد القادم من دمشق اسم “الوفد الوطني” الذي يطالب بتعديلات على دستور عام 2012، بينما القرارات الدولية تدعو إلى كتابة دستور جديد. وينص القرار الدولي الشهير 2254 والذي صدر أواخر عام 2015 على “اعتماد مسار صياغة دستور جديد لسورية”، وعلى “إجراء انتخابات حرة ونزيهة على أساس الدستور الجديد في غضون 18 شهراً تحت إشراف الأمم المتحدة”. وكان معاذ الخطيب، وهو الرئيس الأول لهيئة التفاوض، قد وصف اللجنة الدستورية أخيراً بـ”الخديعة لكسب الوقت ريثما يطحن الشعب السوري كله أو يتعب”.
من جانبه، رأى المحلل السياسي رضوان زيادة في حديث مع “العربي الجديد” أنه “لن يكون هناك أي تقدم في أعمال اللجنة الدستورية”، معرباً عن اعتقاده بأن “هذه المفاوضات، إذا صحت تسميتها كذلك، هي مفاوضات عبثية لن تفضي إلى شيء”. وأضاف: “الأمم المتحدة تعتقد بجدواها على الرغم من عدم التقدم، كي تبرر وجودها، للأسف لا أجد سبباً آخر”.
العربي الجديد
————————————-
اليوم الأول اللجنة الدستورية:هل بدأ وفد النظام الشغب؟
أنهت وفود اللجنة الدستورية السورية اجتماعات اليوم الأول من الجولة السادسة لأعمال اللجنة التي تستضيفها مدينة جنيف السويسرية، حيث خصصت جلسة الاثنين لمناقشة أول البنود الدستورية المقترحة من قبل النظام.
واقتصر اليوم الأول من الجولة على جلسة واحدة فقط، على أن تُعقد جلستان في كل يوم ابتداء من الثلاثاء، وستختتم الجولة في الثاني والعشرين من تشرين الأول/أوكتوبر.
مناقشة البنود الدستورية
وهذه هي المرة الأولى التي تجتمع فيها وفود اللجنة الدستورية بعد تسعة أشهر على اختتام الجولة الخامسة، ومن المقرر أن تناقش وللمرة الأولى البنود الدستورية، بعد أن اقتصر النقاش في الجولات الماضية على المبادئ الدستورية والما-فوق دستورية.
وحسب ورقة الإجراءات التي وقعها الجانبان قبل التوجه إلى جنيف للمشاركة في هذه الجولة، يتوجب على الوفود المشاركة طرح ما لا يقل عن أربعة مضامين ومناقشتها والاتفاق حولها، بداية بالمضامين الأساسية التي تشمل اسم الدولة وسيادتها وهويتها ولغتها ونظامها السياسي ومصادرها التشريعية. وبناء عليه، طرح وفد النظام في جلسة الاثنين، مبدأ أولياً ينص على سيادة الدولة ووحدة أراضيها”.
ورغم اتفاق المشاركين في الجلسة على هذا المبدأ إلا أن النقاشات تباينت حول رؤية كل طرف لمبدأ سيادة الدولة، حيث أصر أعضاء وفد النظام على أن ذلك يعني “سيطرة النظام على كامل الأراضي السورية” بينما اعتبر وفد المعارضة ذلك بداية للشغب ومحاولة مبكرة لتعطيل الجولة، حسب مصادر “المدن”.
ومع ذلك، فقد أعتبر أحد أعضاء وفد المعارضة أن “مجرد بدء وفد النظام بطرح مضامين دستورية يُعتبر خطوة إيجابية”، مشيراً إلى أن جميع أعضاء هذا الوفد أكدوا خلال الجلسة على أنهم حضروا من أجل “البدء بصياغة الدستور”.
إصلاح أم دستور جديد؟
وقبل انطلاق الجولة الجديدة، شهدت أوساط المعارضة خلافات حول إعلان رئيس الوفد هادي البحرة القبول بطرح المبعوث الأممي غير بيدرسن صياغة “إصلاحات دستورية”، ما اعتبره الكثيرون تنازلاً عن مطلب وضع دستور جديد، والرضوخ لرغبة النظام بإدخال تعديلات فقط على الدستور الذي تم إقراره عام 2012.
ورأى المعترضون أن التوافق حول “إصلاح دستوري” هو اختراق آخر جديد لمرجعية جنيف والقرارات ذات الصلة، التي أكدت أن التوافقات كانت حول “عملية دستورية” وليس إصلاحاً دستورياً يمكن أن يقود إلى حكومة وفاق وطني بوجود بشار الأسد، معتبرين أن هذه الرؤية تتفق وخارطة الطريق الروسية وتفسيرها للقرارات الدولية والغاية منها عملية ” اصلاح مؤسساتي” فقط دون أن يكون هناك تحول ديمقراطي.
اعتراض رد عليه البحرة بالقول إن “تصريح بيدرسن لا يناقض القرار 2254، ولا اتفاق تشكيل اللجنة وتفويضها”، مشيراً أن “لائحة الاختصاصات والنظام الداخلي للجنة، عند الحديث عن الاصلاح الدستوري تعني عملية أوسع من صياغة مشروع الدستور، فهي تشمل مشروع الدستور إضافة الى الممارسات الدستورية، أي كل ما يتعلق من اجراءات وآليات لضمان تطبيق الدستور، ووضع الضمانات اللازمة لعدم تجاوزه أو الالتفاف على مضامينه”.
وأضاف في تصريح صحافي الاثنين: “اللائحة يوجد بها تعريف واضح بهذه المهمة، مع أن يترك لللجنة القرار في طريقة عملها، وموقف المعارضة واضح بضرورة صياغة مشروع دستور جديد”.
لكن عضو اللجنة الدستورية عن وفد المجتمع المدني سميرة مبيض رفضت هذا التفسير، واعتبرت في حديث ل”المدن”، أن القبول بطرح “الإصلاح الدستوري” يعني إعادة تدوير المنظومة الحاكمة بعد تجميلها.
وأضافت أن “هذا الطرح يعني العمل على أمر قائم بغرض إصلاحه، وفي هذه الحالة يعني العمل على الدساتير السابقة وخاصة الأخير منها، أي دستور عام 2012، وهذه الدساتير أسست للمنظومة الحاكمة بشكلها الحالي، وبالتالي فإن الإصلاح ضمنها يمثل إعادة تدوير لهذه المنظومة مع إضافة التجميل عليها”.
وتابعت: “وعليه فإن مصدر التوجس من استخدام هذا المصطلح بدلاً عن العمل من أجل وضع دستور جديد أمر مشروع، فالفرق كبير بين إعادة تأهيل منظومة قائمة وبين وضع أسس جديدة لدولة سوريا الحديثة”.
وحول تقليل البعض من أهمية ذلك، قالت: “في الواقع التخوف اليوم من التلاعب بالمصطلحات واقعي وحقيقي، لأن إقناع السوريين بأن العملية الدستورية تسير بشكل سليم في حين أنها قد تفضي إلى إصلاحات طفيفة لا تغير بواقع حياة السوريين، كما لا يمكن تفسير الإصلاح الدستوري بكونه أوسع من صياغة دستور جديد، ولا يمكن إعطاء المصطلحات ما هو بغير مضمونها، لذلك مهمة اللجنة الدستورية يجب أن تكون واضحة بصياغة دستور جديد مؤسس للدولة الحديثة”.
وكانت الجولة الأولى قد سبقها عقد أول اجتماع مباشر بين الرئيسين المشتركين للجنة الدستورية عن وفدي النظام والمعارضة أحمد الكزبري وهادي البحرة، بحضور المبعوث الأممي إلى سوريا، في مقر الأمم المتحدة بمدينة جنيف، الأمر الذي اعتُبر اختراقة مهمة في جدار عدم الثقة بين الطرفين.
كما كان لافتاً بعد هذا اللقاء وصف إعلام النظام للوفد الذي يقوده البحرة للمرة الأولى ب”وفد المعارضة” بينما كان سابقاً يصفه بالوفد التركي، أو وفد الطرف الآخر.
—————————————–
الإصلاح الدستوري.. أول مباحثات بين النظام السوري والمعارضة
التقى رئيسا وفدي النظام السوري والمعارضة في إطار المفاوضات حول الدستور، الأحد، في جنيف برعاية موفد الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون.
وقال بيدرسون للصحافيين فيما كان الاجتماع مستمرا “للمرة الأولى، اجتمعت مع رئيس (الوفد) الذي عينته الحكومة وذلك الذي عينته المعارضة لإجراء محادثات أساسية وصريحة حول كيفية تحركنا من أجل (تحقيق) الإصلاح الدستوري”.
ويترأس أحمد كزبري، وفد دمشق وهادي البحرة، وفد المعارضة.
وتستأنف المفاوضات حول الدستور بين الطرفين برعاية أممية اعتبارا من الإثنين ومن المقرر أن تستمر طوال الأسبوع المقبل.
ويشارك فيها 15 شخصا يمثلون النظام و15 يمثلون المعارضة و15 من المجتمع المدني.
وترفع بعدها هذه اللجنة المصغرة تقريرا إلى لجنة موسعة تضم 150 عضوا هم خمسون عضوا عن كل من الأطراف الثلاثة.
وأدلى البحرة ببعض التفاصيل حول آلية المباحثات الصعبة التي توافق عليها الجانبان في مؤتمر صحافي نظمته جمعية الصحافيين المعتمدين لدى الأمم المتحدة في جنيف.
وقال: “سنباشر الآن (…) مناقشة الاقتراحات المتصلة بالنص الدستوري المطروح من جانب كل طرف”، مؤكدا أن “جميع الأطراف وافقوا” على هذه الآلية.
وأضاف “غدا، سنعقد جولة أولى يعرض فيها كل طرف المبادئ التي يقترح مناقشتها في اليوم الأول”.
وبدأت هذه المفاوضات قبل عامين، لكنها لم تحرز أي تقدم، بحسب ما أقر بيدرسون أمام مجلس الأمن الدولي نهاية سبتمبر.
وأكد، الأحد، أن رئيسي الوفدين “متوافقان على بدء عملية بلورة إصلاح دستوري في سوريا”، مضيفا أن “مدنيين لا يزالون يُقتلون ويصابون كل يوم” رغم أن البلاد تشهد “هدوءا نسبيا” منذ مارس.
وشدد تاليا على وجوب “القيام بأمر ما لتغيير الوضع، وكما تعلمون، إضافة إلى ذلك، نواجه وضعا إنسانيا واقتصاديا بالغ الصعوبة. هناك أكثر من 13 مليون سوري يحتاجون إلى مساعدة إنسانية ونحو تسعين في المئة منهم يعيشون تحت خط الفقر”.
وأكد بيدرسون أن الإصلاح الدستوري على أهميته “لن يكفي لحل الأزمة السورية”.
فرانس برس
——————————-
الأسد يستقبل مبعوث بوتين:دور واشنطن انكفأ في الشرق الأوسط
قال رئيس النظام السوري بشار الأسد إن المستجدات والمتغيرات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط والعالم، وخصوصاً الانسحاب الأميركي من أفغانستان، “تؤشر إلى انكفاء دور الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط”.
وأضاف الأسد خلال استقباله المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف ونائب وزير الخارجية الروسية سيرغي فيرشينين، في تصريحات نقلتها وكالة أنباء النظام (سانا)، أن المتغيرات الجديدة “تتطلب من دول المنطقة والجوار العمل لتعزيز الأمن والسلم ورسم مستقبل الشرق الأوسط بإرادة شعوبها من دون تدخلات خارجية”، حسب تعبيره.
بدورهما، أكد المسؤولان الروسيان لافرنتييف وفيرشينين أن الزيارة إلى سوريا “تأتي ضمن توجيهات بوتين لتعزيز التعاون وتوسيع العمل مع سوريا في جميع المجالات وعلى كافة المستويات”، مجددين التأكيد على “استعداد روسيا الدائم للمساهمة بفعالية في عملية إعادة الإعمار وتأهيل البنى التحتية التي خربها الإرهاب”، فضلاً عن “عقد شراكات استثمارية مع سوريا في ميادين الطاقة والزراعة بما يحقق مصالح الشعبين الصديقين، ويساهم في تنشيط الاقتصاد السوري”.
وقالت “سانا” إنه جرى خلال اللقاء “بحث مجالات التعاون القائم بن البلدين سواء على صعيد مكافحة الإرهاب أو على الصعيد الاقتصادي والتجاري”، كما جرى النقاش حول “تطورات الأوضاع ميدانياً في سوريا، وآخر مستجدات الأحداث في المنطقة والعالم”.
وأشارت إلى أن اللقاء تناول أيضاً موضوع اجتماعات لجنة مناقشة تعديل الدستور في جولتها السادسة والتي ستنطلق الإثنين، إذ “تم التأكيد خلال اللقاء على أهمية الاستمرار في المسار السياسي من أجل التوصل إلى توافقات تنطلق من ثوابت الشعب السوري وتحفظ سيادة سوريا ووحدة أراضيها”.
وكانت وسائل إعلام موالية للنظام قد أعلنت السبت، وصول وفد روسي رفيع المستوى إلى العاصمة دمشق، لإجراء لقاءات مع مسؤولين في النظام وصفتها ب”المهمة”.
وفي أيلول/سبتمبر الماضي، استقبل بوتين الأسد في الكرملين، في زيارة لم يتم الإعلان عنها مسبقاً. وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف إن السبب وراء عدم إعلان زيارة رئيس النظام إلى موسكو، هو “لاعتبارات أمنية معينة يجب اتباعها وهي واضحة تماماً”، في إشارة منه للخطر على بشار الأسد في تحركاته.
—————————-
بيدرسن:النظام والمعارضة اتفقا على صياغة مسودة إصلاحات دستورية
أعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسن أن اللجنة السورية المشتركة للدستور، التي تضم النظام والمعارضة، وافقت على البدء في عملية صياغة لمسودة إصلاحات دستورية في البلاد.
وقال بيدرسن للصحافيين في جنيف الأحد، بعد لقاء مع الأطراف المشاركة في رئاسة اللجنة السورية المشتركة قبل محادثات تستمر أسبوعاً، إن المجموعة المصغرة من اللجنة خلال الجلسة التي ستعقدها الاثنين، “ستباشر العمل على صياغة مسودة الإصلاح، وفقاً للاتفاق المبرم بين الطرفين المشاركين في اللجنة، أحمد الكزبري الذي يمثل عن الحكومة، وهادي البحرة الممثل عن المعارضة”.
وأضاف “اتفقنا أيضاً على العمل في أربعة اتجاهات”، كما “سنعد نص مشروع الدستور الذي سيطرح على النقاش هذا الأسبوع”، معرباً عن أمله في “إحراز تقدم بناء على المبادئ المتفق عليها”.
وأشار المبعوث الأممي إلى أنه عُقدت الأحد، اجتماعات منفصلة بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة وأعضاء مستقلين، بالإضافة إلى أول اجتماع من نوعه عقده مع الكزبري والبحرة في آن واحد. ووصف بيدرسن هذا الاجتماع بأنه كان “جاداً وصريحاً”، مشيداً بالتزام الرئيسين المشاركين للجنة الدستورية بالمبادئ المتفق عليها سابقاً.
ولفت إلى أن اجتماع المجموعة المصغرة ستعقبه جلسة أخرى ستشمل كافة أعضاء اللجنة الدستورية ال150 بهدف المصادقة على القرار المتفق عليه.
وكان بيدرسن قد أعلن نهاية أيلول/سبتمبر عن موعد انعقاد الجولة السادسة للجنة الدستورية السورية، في العاصمة السويسرية جنيف. وقال خلال جلسة مجلس الأمن الدولي: “هناك أخبار جيدة.. بعد ثمانية أشهر من المفاوضات المكثفة مع الرؤساء المشاركين في اللجنة الدستورية السورية، يسعدني أن أبلغكم أنه تم التوصل إلى اتفاق حول المنهجية وتم إرسال الدعوات إلى الدورة السادسة للجنة”.
وفي 9 شباط/ فبراير، قال بيدرسن إن الجولة الخامسة للجنة الدستورية كانت فرصة ضائعة، ومخيبة للأمل، وأنه يجب إيجاد طريقة لتغيير عمل اللجنة الراهنة.
———————-
اتفاق على “السيادة”.. اختتام أولى جلسات اللجنة الدستورية السورية
اختتمت اليوم الإثنين أعمال أول جلسة لاجتماعات الجولة السادسة من مناقشات اللجنة الدستورية السورية التي عقدت في مدينة جنيف لمناقشة المبادئ الأساسية للدستور.
وقال موفد تلفزيون سوريا إلى جنيف بشر أحمد إنه “عُقدت اليوم جلسة واحدة وليس جلستين كما جرت العادة وذلك بناءً على المنهجية الجديدة التي اتفقت عليها أطراف اللجنة الدستورية”. مبيناً أن “النظام والمعارضة اتفقا عل نقطتي سيادة الدولة وسيادة القانون، وسط خلافٍ على باقي العناوين الأربعة”.
وأضاف أن وفد النظام قدم مقترحاً بعنوان “سيادة الجمهورية العربية السورية”، محاولاً الخروج عن السياق الذي هو اختاره ووافق عليه، وأصبح يريد طرح تعريفات للخيانة والعمالة والتخابر وما إلى ذلك.
وأشار إلى أن “وفود اللجنة الدستورية تأخرت بدراسة مقترح النظام لأنه تأخر بإرسالها، حيث من المفترض أن ترسل الوفود نصوص مقترحاتها قبل الجلسة بوقت كافٍ، لكن وفد النظام أرسل مقترحاته بعد وصول الوفود إلى قصر الأمم المتحدة”.
وفي تصريحه لتلفزيون سوريا قال عضو اللجنة عن وفد المعارضة طارق الكردي “بدأنا بصياغة الدستور واتفقنا على كل الآليات لتقديم المبادئ والصياغات الدستورية المحكمة، حيث قُدمت مبادئ وعناوين ونصوص محكمة تصلح أن تكون نصوصاً دستوريةً بغض النظر عن الخلافات حول بعض الصياغات هنا وهناك، ولكن بدأت اللجنة الدستورية بعملها”.
للمرة الأولى.. لقاء مباشر بين وفدي المعارضة والنظام قبيل اجتماع اللجنة الدستورية
وأعلن الرئيس المشارك للجنة الدستورية السورية عن وفد المعارضة هادي البحرة خلال تصريح صحفي عقب الاجتماع أنه “تم الانتهاء من مرحلة النقاشات المفتوحة، والبدء بالعملية الأساسية التي شُكلت من أجلها اللجنة”.
وحول نقاشات الجلسة الأولى أكد البحرة أن “السيادة هي أحد المبادئ الأساسية في الدستور، سواء سيادة الدولة أو كون الشعب هو صاحب السيادة في الدولة السورية، وتم التطرق لذلك من قبل أحد الأطراف (النظام)، وكان دوره لتقديم ورقته وتمت مناقشتها من بقية الأطراف في اللجنة الدستورية، سواء بطرح الأسئلة أو بتوجيه الانتقادات، أو بتقديم نصوص أخرى مقترحة”.
وأوضح أن “هيئة التفاوض تقدمت بنص متكامل مقترح حول موضوع السيادة، وليس كل ما يُقدم من أوراق يعتمد، هناك آلية للجمع بين هذه النصوص ومناقشتها وتطبيقها من ناحية قانونية ودستورية ولغوية، ثم الخروج بنصوص مشتركة تُرفع إلى الهيئة الموسعة للجنة الدستورية (تتألف من 150 عضواً) لمناقشتها وإقرارها”، مشيراً إلى أنه “لا بد للأطراف الثلاثة أن تتوافق على صياغة واحدة”.
وحول تأخر انعقاد الجلسة في الصباح بسبب تأخر وفد النظام في طرح مقترحاته أفاد البحرة لموفد تلفزيون سوريا بأن “التأخر كان للوصول إلى اتفاق حول العمل على آليات تنفيذ المنهجية، لتغطية أدق التفاصيل بالبداية وتفادي أي مشكلات في المستقبل”.
ما الذي ستحمله الجولة السادسة للجنة الدستورية؟
وأمس الأحد عقد الرئيسان المشتركان للجنة الدستورية، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسن في جنيف اجتماعاً تمهيدياً للدورة السادسة لاجتماعات اللجنة، وهو الأول من نوعه منذ انطلاق أعمال اللجنة، بعد أن توصل الطرفان إلى اتفاق بشأن منهجية العمل.
ومن المتوقع أن تستمر اجتماعات الجولة الحالية حتى 22 من تشرين الأول الجاري، بينما الجولة الأخيرة للجنة كانت قد عقدت في 25 من كانون الثاني 2021 دون الوصول إلى أي جديد في ملف كتابة الدستور السوري، حيث تتهم المعارضة النظام بتعطيل عمل اللجنة.
——————————-
النظام يطرح “مبدأ السيادة” في الجلسة الأولى من اللجنة الدستورية
انتهت الجلسة الأولى من سلسلة محادثات الجولة السادسة من اللجنة الدستورية، بتقديم مبادئ دستورية بصياغات واضحة من قبل الوفود، والاتفاق على منهجية عمل.
وقال الرئيس المشترك للجنة الدستورية من جانب المعارضة، هادي البحرة، اليوم الاثنين 18 من تشرين الأول، في تصريح صحفي، إن الجلسة الأولى تضمنت صياغة الدستور ضمن الصياغات الدستورية المقترحة، وانتهت النقاشات المفتوحة وبدأت العملية الأساسية التي “شكلت من أجلها العملية الدستورية”.
وأضاف أنه يأمل أن تتم بقية الجلسات بنفس الأجواء وبنفس الآلية المعتمدة للخروج بنتائج بأسرع وقت ممكن.
وبحسب البحرة، حدد جدول الأعمال سابقًا، ولكن الخلاف كان البحث في الآليات، بينما تم الاتفاق على آليات تنفيذ المنهجية بتفاصيلها، ولم تبق إعاقات انتقالية أو إجرائية للإنجاز، وفعليًا تم تطبيق هذه المنهجية والآليات في أول الاجتماعات والبدء بالمبادئ الأساسية في الدستور.
المبدأ الأول: السيادة في الجمهورية العربية السورية
قدم وفد النظام السوري أحد المبادئ التي أراد مناقشتها وهو مبدأ السيادة، وقال البحرة، إن السيادة هي أحد المبادئ الأساسية في الدستور، سواء كانت سيادة الدولة، أو كون الشعب هو صاحب السيادة في الدولة السورية، واليوم كان دور أحد الأطراف بتقديم ورقته وتم مناقشتها من بقية الأطراف، في اللجنة الدستورية، سواء بتوجيه أسئلة أو بتوجيه بعض الانتقادات أو بتقديم بعض النصوص الأخرى المقترحة لهذا البند.
أحد النقاط التي وردت في بند السيادة: “المساءلة لمن يتعاون مع أطراف تحتل الأراضي السورية وأطراف أجنبية بشكل غير شرعي”.
رد البحرة، بأن هنالك نصوصًا دستورية معروف أنها ترد في الدستور، وهنالك قضايا قانونية توضع في إطار القوانين وبعضها سياسية لاعلاقة لها بالدستور، فالمضامين الدستورية تكون محددة وتنطبق على كل الحالات سواء بحالة خاصة أو بفترة زمنية محددة.
وتقدم وفد المعارضة بنص كامل فيما يخص موضوع السيادة، موضحًا أنه ليس كل ما سيقدم من الأوراق سيعتمد، فهنالك آلية للجمع بين هذه النصوص ومناقشتها وتطبيقها من الناحية القانونية واللغوية والدستورية، للخروج بنصوص مشتركة ترفع إلى الهيئة الموثقة في اللجنة الدستورية، ولايوجد نص منزل من طرف معين، لابد للأطراف أن تتفق على صياغة واحدة، بحسب البحرة.
وقالت عضو المجموعة المصغرة في اللجنة الدستورية عن قائمة المجتمع المدني رغداء زيدان، لعنب بلدي، “نوقش مبدأ سيادة الدولة، ولم يتم الخروج بصياغة واحدة، وسيتم كل يوم عرض مبدأ من المبادئ ومناقشته، ليتم يوم الجمعة البحث عن التوافقات التي تم الوصول إليها”.
وتأتي أهمية الجلسة الأولى بالنسبة للجولات السابقة بسبب قبول جميع الأطراف بتقديم مبادئ دستورية بصياغات واضحة من قبل الوفود، والاتفاق على منهجية عمل.
وبحسب زيدان، فهي أول جلسة يتم الاتفاق فيها على منهجية عمل بكيفية ترتيب المقترحات، إذ يقدم كل وفد مبدأ دستوريًا، وتجري نقاشه من قبل الوفود، ويرون مدى توافقه مع الوفود الأخرى.
وتابعت زيدان، أن الجولات ستستمر حتى يوم الجمعة، على أساس أن يكون هنالك أجندة معمول بها، لمناقشة المبادئ الدستورية والدخول فعلًا بالدستور.
ومن جانبها، تجاهلت وسائل إعلام النظام السوري الرسمية خلال اليومين الماضيين، نقل تغطيات حول اجتماعات اللجنة الدستورية التي بدأت مجرياتها الأحد 17 من تشرين الأول.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي، لم تتحدث كل من الوكالة السورية للأنباء (سانا)، أو قناة “الإخبارية السورية” الرسمية، عن مخرجات اجتماع الرئيسين المشتركين للجنة الدستورية من جانب النظام أحمد الكزبري، ومن جانب المعارضة هادي البحرة، مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة.
بينما نقلت صحيفة “الوطن” المحلية المقربة من النظام، في تقرير لها أمس الأحد، خبر وصول “الوفد الوطني” إلى جنيف، متضمنًا وصفًا جديدًا أطلقته على “وفد المعارضة” (دون أي انحياز بالتسمية)، على اختلاف ما كانت تستخدمه وسائل الإعلام الرسمية لوصف الوفد سابقًا.
وبدأت اليوم، الاثنين 18 من تشرين الأول، اجتماعات اللجنة الدستورية، بحضور أعضاء الهيئة المصغرة، وستستمر هذه الاجتماعات حتى 22 من تشرين الأول، بعد توقفها لمدة تسعة أشهر، إذ عُقدت الدورة الخامسة من اجتماعات اللجنة في 25 من كانون الثاني الماضي.
————————————
“السيادة” تتصدر أعمال اليوم الأول من “اللجنة الدستورية 6”
انتهت أعمال اليوم الأول من اجتماعات الدورة السادسة للجنة الدستورية السورية، وبحسب ما قال أحد الأعضاء لـ”السورية.نت” فإن النقاشات تركزت على “مبدأ سيادة الجمهورية العربية السورية”.
ويضيف المصدر أن وفد النظام السوري طرح ورقة تتضمن رؤيته بـ”سيادة الدولة السورية”، وبعد ذلك تم مناقشة أكثر من بند، من جانب جميع الأطراف المشاركين.
ولم يتم التوصل إلى “نقطة التقاء”، بحسب ذات المتحدث، مشيراً: “وفد النظام طرح مسألة الاحتلالات في سورية مجدداً، وتعامل بعض الأطراف مع الدول الغربية، حيث اعتبر ذلك انتهاكاً لسيادة الدولة”.
من جانبه قال رئيس وفد المعارضة، هادي البحرة عقب خروجه من “قصر الأمم”: “منذ يوم أمس تم الاتفاق على كامل آليات النقاش وآليات العمل ضمن اللجنة الدستورية السورية”.
وأضاف البحرة في بث مباشر نقلته وكالة “رابتلي” الروسية: “السيادة أحد المبادئ الأساسية في الدستور سواء سيادة الدولة أو أن الشعب هو صاحب السيادة في الدولة السورية. اليوم قدم أحد الأطراف ورقته وتم مناقشتها سواء بتوجيه أسئلة أو توجيه الانتقادات، إلى جانب تقديم نصوص مقترحة”.
واعتبر البحرة أن “كل عضو في اللجنة يملك كامل الحرية باقتراح أي صياغة يقدمها، لتتم مناقشتها فيما بعد. من طرفنا تقدمنا باقتراح لنص متكامل حول موضوع السيادة”.
وبحسب رئيس وفد المعارضة: “ليس ما يقدم من أوراق في الوقت الحالي سيكون معتمداً، فهناك آلية لجمع النصوص ومناقشتها من الناحية القانونية والدستورية واللغوية، ومن ثم الخروج بنصوص مشتركة ستقدم للهيئة الموسعة من أجل مناقشتها وإقرارها”.
ويوم أمس الأحد كان البحرة قد اجتمع مع نظيره رئيس وفد النظام السوري، أحمد الكزبري، وذلك على طاولة واحدة وللمرة الأولى، بحضور المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون.
وقال بيدرسون في مؤتمر صحفي بعد ذلك: “للمرة الأولى اجتمعت مع رئيس (الوفد) الذي عينته الحكومة وذلك الذي عينته المعارضة لإجراء محادثات أساسية وصريحة حول كيفية تحركنا من أجل تحقيق الإصلاح الدستوري”.
وأضاف: “يتفق الرئيسان المشتركان الآن على أننا لن نعدَّ فقط للإصلاح الدستوري، ولكننا سنعدّ ونبدأ في صياغة الإصلاح الدستوري. لذا، فإن الشيء الجديد هذا الأسبوع هو أننا سنبدأ بالفعل عملية صياغة للإصلاح الدستوري في سورية”.
وتأتي الجولة السادسة بعد خمس جولات سابقة، عقدت آخرها نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، واختتمت بنتائج “مخيبة للآمال”، حسب وصف المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون.
————————————–
“الإصلاح الدستوري” يثير جدلاً مع انطلاق “اللجنة الدستورية 6”
انطلقت أعمال الجولة السادسة لاجتماعات اللجنة الدستورية، صباح اليوم الاثنين، بعد اجتماع مباشر هو الأول من نوعه بين الرئيسان المشتركان لوفدي المعارضة والنظام هادي البحرة وأحمد الكزبري.
وقال المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون، أمس الأحد: “للمرة الأولى اجتمعت مع رئيس (الوفد) الذي عينته الحكومة وذلك الذي عينته المعارضة لإجراء محادثات أساسية وصريحة حول كيفية تحركنا من أجل تحقيق الإصلاح الدستوري”.
وأضاف: “يتفق الرئيسان المشتركان الآن على أننا لن نعدَّ فقط للإصلاح الدستوري، ولكننا سنعدّ ونبدأ في صياغة الإصلاح الدستوري. لذا، فإن الشيء الجديد هذا الأسبوع هو أننا سنبدأ بالفعل عملية صياغة للإصلاح الدستوري في سورية”.
من جانبه أعرب رئيس وفد المعارضة، هادي البحرة عقب الاجتماع عن أمله أن تكون اجتماعات الهيئة المصغّرة التي تبدأ اليوم “بنّاءة ومجدية”.
وقال إنه يأمل أيضاً “أن يتم إنجاز تقدّم ملموس خلال الاجتماع، والتفاهم على مبادئ وأسس يُبنى عليها للجلسات التي تليها”.
بيدرسن @UNEnvoySyria: “يتفق الرئيسان المشاركان الآن على أننا لن نعد فقط للإصلاح الدستوري، ولكننا سنعدّ ونبدأ في صياغة #الإصلاح_الدستوري. لذا ، فإن الشيء الجديد هذا الأسبوع هو أننا سنبدأ بالفعل عملية صياغة للإصلاح الدستوري في #سوريا.”#الدورة_السادسة pic.twitter.com/T7r6Y5GgPd
— هيئة التفاوض السورية – اللجنة الدستورية SNC-CC (@SyrConst) October 17, 2021
“الإصلاح يثير الجدل”
خلال الساعات الماضية التي أعقبت اجتماع البحرة والكزبري سادت حالة من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين سوريين، حول المصطلح الذي ردده بيدرسون وهو “عملية الإصلاح الدستوري”.
وفي الجولات الخمس للجنة كان الحديث يدور فقط عن “عملية تعديل الدستور ووضع آخر جديد”، ليتحول الأمر الآن إلى “عملية إصلاح دستوري”، وهو ما يثير تساؤلات عن الهدف من هذا التعديل، وعما إذا كان هناك اختلافاً بين المصطلحين.
وقال الباحث السوري، محمد السكري عبر “تويتر” إن “تصريح بيدرسون عن توافق حول إصلاح دستوري هو اختراق آخر جديد لمرجعية جنيف والقرارات ذات الصلة”.
وأضاف: “التوافقات كانت حول عملية دستورية وليس إصلاح، وبالتالي دستور بشار الذي يُعتبر مُطور عن دستور الأسد الأب 1973. نحن أمام عملية إنتاج ثالثة لدستور حافظ”.
يعتبر تصريح #غير_بيدرسون اليوم عن توافق حول “إصلاح دستوري” هو اختراق آخر جديد لمرجعية #جنيف والقرارات ذات الصلة التوافقات كانت حول “عملية دستورية” وليس إصلاح
بالتالي دستور #بشار الذي يُعتبر #دستور مُطور عن دستور الأسد الأب ١٩٧٣ لذا نحن أمام عملية إنتاج ثالثة لدستور #حافظ
— Muhammed ElSukkeri (محمد السكّري) (@m_elsukkeri) October 17, 2021
من جانبه اعتبر الناشط السياسي، عبد الرزاق السلطان أن هناك “فرق بين تغيير الدستور والإصلاح الدستوري”.
وأوضح قوله: “الأول يعني نسف النظام وجميع مؤسساته الفاسدة، والثاني تغيير طفيف بالدستور لا يغيّر من الواقع الفاسد شيئاً”.
إلى اللجنة الدستورية
هناك فرق كبيريامحترمين بين تغييرالدستور و الاصلاح الدستوري فالاول يعني نسف النظام وجميع مؤسساته الفاسدة و الثاني تغيير طفيف بالدستور لا يغيّر من الواقع الفاسد شيئا و يبقي هذا المجرم بالسلطة،كفاكم تنازلاوتلاعبا،تنازلكم عن تراتبيةالحل اواصلكم إلى ماوصلتم اليه
— الناشط الاعلامي عبدالرازق السلطان (@abdulrazzk17) October 17, 2021
“البحرة يوضّح”
في مقابل ما سبق رد رئيس وفد المعارضة، هادي البحرة على الانتقادات التي طالت الحديث المتعلق بعملية “الإصلاح الدستوري”.
وقال البحرة عبر “تويتر” اليوم الاثنين: ” عملية الاصلاح الدستوري أوسع من صياغة مشروع الدستور”.
وأضاف: “فهي تشمل صياغة مشروع الدستور، إضافة إلى إصلاح الممارسات الدستورية، أي كل ما يتعلق بتطبيق الدستور على أرض الواقع ومنع تجاوزه. موقف المعارضة واضح في خيارها لصياغة مشروع دستور جديد”.
وتأتي الجولة السادسة بعد خمس جولات سابقة، عقدت آخرها نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، واختتمت بنتائج “مخيبة للآمال”، حسب وصف المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون.
وقال بيدرسون حينها “مع الأسف لم نحققها، لأنه ليس هناك فهم واضح بشأن كيفية التقدم في أعمال اللجنة”، مضيفاً “استمر العمل كما في الجولات السابقة، والنهج لم يكن مجدياً، ولا يمكننا العمل دون تغيير طريقة العمل”.
كما يأتي انعقاد الجولة ضمن مساعي بيدرسون لإنهاء الجمود في الملف السياسي بسورية، ومحاولة التقدم في مباحثات اللجنة الدستورية كمدخل لتحريك مسار الحل السياسي.
عملية الاصلاح الدستوري اوسع من صياغة مشروع الدستور فهي تشمل صياغة مشروع الدستور اضافة الى اصلاح الممارسات الدستورية اي كل ما يتعلق بتطبيق الدستور على ارض الواقع ومنع تجاوزه. وموقف المعارضة واضح في خيارها لصياغة مشروع دستور جديد.
— Hadi Albahra (@hadialbahra) October 18, 2021
—————————————–
اللجنة الدستورية السورية تناقش مبادئ المعارضة: الأمن والجيش والقوات المسلحة
بدأت اللجنة الدستورية السورية التي تعقد اجتماعات الجولة السادسة لها في مدينة جنيف السويسرية، اليوم الثلاثاء، مناقشة مبادئ أساسية للدستور قدمت بصياغة محكمة من قبل المعارضة بعنوان الأمن والجيش والقوات المسلحة والاستخبارات.
وقدمت المعارضة ورقتها المكونة من 4 مواد أساسية للطرفين الآخرين في اللجنة الدستورية، وهما ممثلو النظام وممثلو المجتمع المدني، على أن تعقد جلستان اليوم، تتناولان الورقة المقدمة من قبل المعارضة.
وقالت مصادر مطلعة في المعارضة السورية، لـ”العربي الجديد”، إن “النظام قدم في اليوم الأول مبدأ يتعلق بسيادة الدولة، ورغم المضامين التي فيها خلط ما بين المواضيع الدستورية والقانونية والسياسية والتي تحتاج إلى فرز، فضلا عن سياقات زمانية غير مناسبة، فإن تقديمه الورقة ومناقشتها كان تصرفا مستغربا”.
وأضافت المصادر أن “وفد النظام مارس الاستفزاز في أدنى حدوده على غير المعتاد، ما أدى إلى حصول نقاشات، وقدمت المعارضة بالمقابل ورقة تتضمن رؤيتها لسيادة الدولة وتوزيعها للأطراف الأخرى”.
ومن المنتظر أن يتم عرض مبادئ دستورية من قبل ممثلي المجتمع المدني غدا الأربعاء، من أجل نقاشها في الجلسات التي ستعقد غدا، فيما تنتهي الجلسات الجمعة المقبل لتحديد النتائج والتوافقات، وتحديد خريطة زمنية لعقد الجولات اللاحقة.
وإزاء الخلط الحاصل بين صياغة دستور جديد أو إصلاح دستوري، علم “العربي الجديد” أن منهجية الاجتماعات في الجولة هي تقديم مبادئ أساسية للدستور بصياغات محكمة ضمن باب المبادئ الأساسية للدستور، حيث يتقدم كل طرف بمبدئه ليتم نقاشه وتقديم وجهات النظر.
ومن المفترض أن تتم صياغة التوافقات الحاصلة ضمن المناقشات الجارية للمبادئ المقدمة، ولكن حتى الآن من غير المعروف من الجهة التي ستقوم بصياغة تلك النقاط المشتركة والتوافقات في المبادئ الدستورية؛ هل ستكون بتكليف من الأمم المتحدة أم من قبل الرئيسين المشاركين؟
وحصل “العربي الجديد” على الورقة التي قدمها النظام للنقاش أمس، وجاءت وفق “عنوان المبدأ: سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة أراضيها”، حيث تضمنت أنه “يخضع للمساءلة القانونية كل من يتعامل مع أي طرف خارجي بأي طريقة غير شرعية تمس بهذا المبدأ، وتحرير الأراضي المحتلة واجب وطني مقدس تضطلع به مؤسسات الدولة كافة، واستعادة هذه الأراضي هو حق ثابت غير خاضع للتنازل أو المساومة ولا يسقط بالتقادم، ويعد أي شكل من أشكال التعاون الذي يسهم في استمرار أو ترسيخ هذا الاحتلال خيانة عظمى”.
كما تضمنت الورقة “تعد أي مشاريع أو توجهات انفصالية أو شبه انفصالية مهما كانت صيغتها مناقضة لمبدأ وحدة الأراضي السورية، ومخالفة لإرادة الشعب السوري، وينظم قانون الإدارة المحلية سلطات وصلاحيات مجالس الوحدات الإدارية، وللدولة السورية الحق الحصري في السيادة الكاملة على مجموع الإمكانات والموارد الطبيعية والثروات الباطنية في أراضيها كافة، بما في ذلك المحتلة منها، وفي إدارتها والإشراف على استثمارها، وأي استغلال غير شرعي لها من قبل أي كان، أو المساهمة في ذلك، هو سرقة لمقدرات الشعب يعاقب عليها القانون”.
وتألفت ورقة النظام المقدمة في المبدأ من 6 نقاط، فيما تألفت ورقة المعارضة من 4 نقاط وتضمنت “تلتزم الدولة ببناء مؤسسات الأمن والمخابرات لحفظ الأمن الوطني، وتخضع لسيادة القانون والعمل وفقا للدستور والقانون، وتلتزم باحترام حقوق الإنسان وتعمل وفقا لأعلى المعايير”، كما تضمنت: “الأجهزة الأمنية مكلفة بحفظ الأمن والنظام العام وإنفاذ القانون، وهي نفسها تخضع للقانون”.
—————-
متاهة جنيف: إصلاحات أم دستور سوري جديد؟
مع انطلاق أعمال الجولة السادسة من أعمال اللجنة الدستورية السورية، التي تضم النظام والمعارضة، في مدينة جنيف، بدأت تتكشف سريعاً المماطلة التي كان النظام اعتمدها خلال الجولات السابقة عبر تقديمه مبادئ مكررة عن دساتير سابقة، وذلك بعد أن كان تصريح المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن، بشأن موافقة الطرفين على صياغة مسودة إصلاحات دستورية، أجبر المعارضة على التوضيح أن الإصلاح يشمل مشروع الدستور والإجراءات والآليات الضامنة لعدم الالتفاف عليه. وقال بيدرسن، في تصريح مساء الأحد الماضي بعد لقائه الرئيسين المشتركين للجنة الدستورية، أحمد الكزبري الذي يمثل وفد النظام وهادي البحرة عن المعارضة، إن الطرفين وافقا على الاستعداد للبدء في صياغة مسودة إصلاحات دستورية. وأشار إلى أن “المجموعة المصغرة من اللجنة ستباشر العمل على صياغة مسودة الإصلاح خلال الجلسة التي ستعقدها (أمس) الاثنين وفقاً للاتفاق المبرم بين الرئيسين المشاركين للجنة”.
وبدأت المجموعة المصغرة للجنة الدستورية أعمال الجولة السادسة بعد توقف دام أشهراً، إذ كانت الجولة الخامسة من اجتماعات هذه اللجنة قد عقدت في يناير/ كانون الثاني الماضي، بينما كانت نتائجها، وما سبقها من جولات، صفراً. وانطلق عمل اللجنة الدستورية، التي تضم 45 عضواً عن المعارضة والنظام والمجتمع المدني، بنقاش حول مبادئ أساسية تقدم بها النظام تحت عنوان “سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة أراضيها”. وبحسب ما علمت “العربي الجديد”، فإن “ما تجرى مناقشته عبارة عن مبدأ عام مكرر في الدساتير السورية”.
وكانت مصادر أوضحت، لـ”العربي الجديد”، أن ما قصده بيدرسن في تصريحه هو “تقديم مبادئ دستورية من قبل الأطراف المشاركة في اجتماعات اللجنة الدستورية خلال الجولة الحالية، وهم النظام والمعارضة وممثلون عن المجتمع المدني، عبر صياغات دستورية تكون واضحة”. وأضافت أن “كل وفد سيعمل، بعد الحصول على الصياغات، على مناقشة هذا الأمر في اجتماعات جانبية، على أن يتم الانتقال بعدها إلى الاجتماع الرئيسي من أجل نقاشها، والبحث عن نقاط مشتركة وتوافقات حول الصياغات المقدمة”. ولفتت إلى أنه “كلما تمت مناقشة مبادئ مصاغة محددة مقدمة من أحد الأطراف، والتوافق عليها من قبل الأطراف الثلاثة، سيتم الانتقال بعدها إلى مبادئ أخرى خلال الأسبوع المقبل، ووضع خطة لما تبقى من العام (الحالي) من أجل استكمال (بحث) المبادئ المقدمة”.
ومن المنتظر أن تقدم المعارضة أيضاً مقترحات لصياغات مبادئ دستورية تناقش من قبل بقية الأطراف. وكان رئيس هيئة التفاوض أنس العبدة كشف، أخيراً، أن المعارضة “استعدت بشكل جيد من أجل اجتماعات الجولة السادسة لأعمال اللجنة الدستورية”.
وكانت تصريحات بيدرسن أربكت الشارع السوري المعارض، حيث بدت وكأنها مخالفة لقرارات سابقة للأمم المتحدة تنص على كتابة دستور جديد تجرى على أساسه انتخابات “حرّة ونزيهة”، إلا أن البحرة أوضح، في تصريحات أمس الاثنين، أن تصريح بيدرسن لا يناقض القرار 2254 ولا اتفاق تشكيل اللجنة وتفويضها. وأضاف: “عندما نتكلم عن الإصلاح الدستوري، فإنه عملية أوسع من صياغة مشروع الدستور، فهو يشمل مشروع الدستور إضافة إلى الممارسات الدستورية، أي كل ما يتعلق بإجراءات وآليات لضمان تطبيق الدستور على أرض الواقع، ووضع الضمانات اللازمة لعدم تجاوزه أو الالتفاف على مضامينه”. وأشار إلى أن “اللائحة يوجد بها تعريف واضح لهذه المهمة، وتُرك للجنة تقرير طريقة العمل. موقف المعارضة واضح بضرورة صياغة مشروع دستور جديد”.
من جانبه، أوضح عضو المجموعة المصغرة في اللجنة الدستورية أحمد العسراوي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن الإصلاح الدستوري “يعني كتابة دستور جديد، أو تعديل دساتير سابقة”. وأكد العسراوي، الذي يمثل “هيئة التنسيق الوطنية” والتي يُنظر إليها باعتبارها ممثلة لمعارضة الداخل السوري، أن المعارضة “مع كتابة دستور وطني جديد يضمن حقوق كل السوريين”.
ورداً على الجدل الذي أثارته تصريحات بيدرسن، قال يحيى العريضي، وهو المتحدث باسم هيئة التفاوض المعارضة التي تشرف على الوفد الذي يمثلها في المفاوضات بمدينة جنيف، لـ”العربي الجديد”، إن الموقف السلبي حيال اللجنة الدستورية من قبل البعض يدفعهم إلى تفسير كل شيء وفق ما يريدونه. وقال: الإشكالية محصورة بين الإصلاح الدستوري وبين كتابة دستور جديد، بسبب عدم احترام الدستور من قبل نظام الأسد على مدى نصف قرن. وأضاف: “الإصلاح الدستوري أوسع من عملية صياغة دستور، لأن الإصلاح يشمل مشروع الدستور، إضافة إلى الإجراءات والآليات الضامنة لتطبيق الدستور وعدم تجاوزه أو الالتفاف على مضامينه، أو استخدامه بشكل يخدم التسلط”. وبيّن أن “الدستور الحالي، الذي وضعه النظام في 2012، يتحدث بشكل عابر عن فصل السلطات”، موضحاً أنه لا توجد آليات تمنع تسلط الرئيس، فهو مطلق الصلاحيات.
ولا ينظر الشارع السوري المعارض وتيارات سياسية وشخصيات معارضة بعين الرضا إلى اللجنة الدستورية، خصوصاً أن القرارات الدولية، ومنها بيان “جنيف 1” الذي صدر منتصف العام 2012 والقرار 2254 الصادر أواخر 2015 والمستند الى “جنيف 1″، تنص صراحة على إنجاز الانتقال السياسي من خلال تشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات من النظام والمعارضة. وكانت المعارضة السورية قد وافقت تحت ضغط إقليمي ودولي على الانخراط في محادثات مع النظام حول الدستور قبل إنجاز الانتقال السياسي، وهو ما يصب في مصلحة النظام، الذي يبدو أنه غير جاد في التوصل إلى حلول سياسية للقضية السورية وفق القرارات الدولية، بل يبحث عن مخارج تُبقي بشار الأسد في السلطة.
من جانبه، بيّن القاضي المعارض حسين حمادة، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “الإصلاح الدستوري يعني تعديلاً”، موضحاً أن “الدستور الذي وضعه النظام في 2012 ينص على تشكيل لجنة دستورية من أعضاء (مجلس الشعب) الحالي، لها حق اقتراح تعديل مواد في الدستور، كما لرئيس الجمهورية هذا الحق، على أن ينال أي اقتراح موافقة ثلثي أعضاء المجلس”. وأشار إلى أن “هناك آليات مختلفة لكتابة الدستور، تبدأ من تشكيل جمعية تأسيسية، منتخبة أو وفق توافقات، منوطة بها كتابة مسودة دستور”. وأوضح أن الدستور الحالي، مثل الدساتير السابقة، يمكن تغييره من قبل مجلس النواب من دون الحاجة إلى استفتاء شعبي. وأشار إلى أن “المشكلة الحقوقية في سورية غير متعلقة بالدستور، المشكلة في عدة قوانين أساسية متعلقة بمؤسسات سيادية لا تسمح بأي عملية انتقال سياسي، واللجنة الدستورية ليس لها الحق في تعديل هذه القوانين، مثل تلك الخاصة بمجلس النواب، والسلطة التشريعية، والجيش والأجهزة الأمنية، وغيرها”. وأضاف: النظام السوري لا يحترم أي مبدأ دستوري أو قاعدة قانونية أياً كان مضمونها. ووصف حمادة “اللجنة الدستورية” في جنيف بـ”عملية احتيال دولية بهدف الالتفاف على القرارات الدولية، التي تنص صراحة على أن الحل السياسي في سورية يبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، لا بكتابة دستور جديد أو تعديلات دستورية”.
وفي السياق، وصف معاذ الخطيب، وهو أول رئيس للائتلاف السوري المعارض، اللجنة الدستورية بـ”إحدى مفخخات النظام في جسم المعارضة”. وكتب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: “آخر مخازيها التحول من كتابة دستور (وهي عملية فاشلة خلال سنتين وكانت محاولة من حلفاء النظام لكسب الوقت) إلى مجرد مناقشة تعديلات دستورية”.
—————–
اسم الدولة والعلم واللغة الرسمية.. مباحثات مستمرة في جنيف بشأن صياغة دستور جديد لسوريا
تستكمل اللجنة الدستورية السورية اليوم الثلاثاء نقاشات المبادئ الأساسية للدستور الجديد في الاجتماعات المتواصلة للجولة السادسة بمدينة جنيف السويسرية.
ووصلت وفود النظام والمعارضة وممثلي المجتمع المدني إلى المقر الأممي في جنيف، من أجل إجراء جلستي عمل للمجموعة المصغرة المكلفة بصياغة الدستور، والمكونة من 45 عضوا بالتساوي.
وخصص أمس لمناقشة البند الأول الذي طرحه النظام والمتعلق بسيادة سوريا ووحدتها واستقلالها، في حين ينتظر أن تناقش اللجنة اليوم وخلال بقية أيام الجولة مبادئ دستورية أخرى، منها الاسم الرسمي للجمهورية والعلم المعتمد واللغة الرسمية للدولة والنشيد الوطني.
وحسب مراسل وكالة الأناضول، فإن اجتماعات الثلاثاء ستنعقد على شكل جلستي عمل يتم فيهما نقاش مبدأ دستوري مقدم من المعارضة، ويشمل الجيش والقوات المسلحة والاستخبارات.
كما ستقدم المعارضة -وفق المصدر نفسه- خلال الجلسة صياغة دستورية محكمة لنقاشها من قبل الأطراف المشكلة للجنة الدستورية، على أن يتم تقديم مبادئ دستورية لاحقة غدًا الأربعاء من قبل ممثلي منظمات المجتمع المدني.
وتعقد الجلسات في مقر الأمم المتحدة بجنيف، بإشراف من المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، وينتظر أن تنتهي أعمال الجولة الجمعة المقبل.
البحث عن مشتركات
وكان عضو اللجنة الدستورية عن المعارضة طارق الكردي قال للأناضول إن اللجنة انطلقت في مهمتها الحقيقية، إذ تناقش صياغات مبادئ دستورية مقدمة من الأطراف الثلاثة للوصول إلى مشتركات في ما بينها.
وأمس الاثنين، أعلن الرئيس المشارك للجنة الدستورية عن المعارضة هادي البحرة أن اللجنة عقدت في مدينة جنيف أول جلسة من الجولة السادسة لأعمالها لمناقشة المبادئ الأساسية، ضمن عملية صياغة إصلاح دستوري.
وتأتي اجتماعات الجولة السادسة بعد 9 شهور من التوقف و5 جولات لم تحقق تقدما، وذلك ضمن عملية أشمل ترعاها الأمم المتحدة، على أمل إنهاء النزاع السوري المستمر منذ أكثر من 10 سنوات.
ويشارك في الاجتماعات الحالية للجنة 45 عضوا يشكلون أعضاء المجموعة المصغرة لصياغة الدستور الجديد، مقسمين بالتساوي بين النظام والمعارضة والمجتمع المدني، وبإشراف المبعوث الأممي.
والمجموعة المصغرة كلفتها اللجنة الدستورية الموسعة بصياغة الدستور، وتم تأسيس الأخيرة عام 2019، وتتكون من 150 عضوا بالتساوي بين النظام والمعارضة والمجتمع المدني.
وجددت الولايات المتحدة دعمها لمفاوضات اللجنة لدفع العملية السياسية على النحو الوارد في قرار مجلس الأمن رقم 2254.
—————————–
تفاءل حذر في جنيف..واجتماع لثلاثي “أستانة” على هامش “الدستورية”
أعلن المبعوث الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرنتييف، عن اجتماع يضم ثلاثي “أستانة” (روسيا- تركيا- إيران)، على هامش اجتماعات “اللجنة الدستورية” المنعقدة حالياً في جنيف.
وقال لافرنتييف في تصريحات للصحفيين من جنيف، اليوم الثلاثاء، إن الوفد الروسي يعتزم عقد اجتماعات مع زملائه في صيغة “أستانة” على هامش الجولة السادسة من “اللجنة الدستورية”، دون تحديد موعد دقيق للاجتماع.
وأشار إلى أن الهدف منه هو تحديد نوع المساعدة التي يمكن تقديمها “لدفع العملية السياسية السورية”.
ورحب المبعوث الروسي باستئناف عمل “اللجنة الدستورية”، بعد توقف دام تسعة أشهر، و”نأمل أن يتمكن الطرفان من التوصل لاتفاقات حول الإصلاح الدستوري”.
وكشف لافرنتييف أن وفدي النظام والمعارضة ووفد المجتمع المدني أبدوا النية للتوصل لاتفاق خلال الجولة السادسة المنعقدة حالياً، مضيفاً:”لدينا آمال مؤكدة بأننا سنتمكن من التغلب على الصعوبات التي كانت موجودة سابقاً، والبدء بالعمل على الدستور نفسه والتوصل إلى اتفاقات معينة”.
وهذا ما تم التأكيد عليه خلال اجتماع المبعوث الأممي إلى سورية، جير بيدسون، مع رئيسي وفدي النظام والمعارضة، حسبما نقلت وكالة “تاس” الروسية عن لافرنتييف.
وانطلقت أعمال الجولة السادسة من اجتماعات “اللجنة الدستورية السورية” في جنيف، أمس الاثنين، بمشاركة 45 عضواً يمثلون وفود النظام والمعارضة والمجتمع المدني (15 عضو لكل منها)، على أن تستمر الجولة مدة أسبوع على الأقل.
ولاقت الجولة الجديدة ترحيباً من الدول الغربية، إذ وصف المتحدث باسم الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والشؤون الأمنية للاتحاد الأوروبي، بيتر ستانو، استئناف أعمال اللجنة الدستورية بـ “المشجع”.
وقال في تصريحات إن “أي حل مستدام للصراع في سورية يتطلب انتقالاً سياسياً حقيقياً يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254”.
وكذلك رحبت الولايات المتحدة باستئناف عمل اللجنة الدستورية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، خلال مؤتمر صحفي أمس الاثنين، إنه “من الضروري أن يتواصل النظام السوري وقادة المعارضة بشكل بناء في جنيف”.
We welcome @UNEnvoySyria Pedersen’s efforts to gather the Syria Constitutional Committee’s co-chairs on October 17 to pave the way for the 6th round of the Syria Constitutional Committee. All must engage constructively to advance a political solution outlined by UNSCR 2254. https://t.co/o6AUpeMXiQ
— Ned Price (@StateDeptSpox) October 17, 2021
وتتواصل أعمال الجولة السادسة لليوم الثاني على التوالي، وسط الحديث عن تقديم ثلاثة مقترحات للمبادئ الدستورية، على أن تتم مناقشتها على مدى أسبوع.
وبهذا الصدد قال رئيس وفد المعارضة، هادي البحرة، في إحاطة صحفية حول اليوم الأول من الجولة السادسة إن “مرحلة النقاشات المفتوح انتهت، وتم البدء بالعملية الأساسية التي شُكّلت من أجلها اللجنة الدستورية”.
وأضاف “بحثنا اليوم آليات النقاش وآليات العمل ضمن اللجنة الدستورية، وتم عقد أول جلسة حول صياغة الدستور وفق الصياغات الدستورية المقترحة”.
الإحاطة الصحفية للسيد هادي البحرة بعد انتهاء اليوم الأول من اجتماعات #الدورة_السادسة
18 10 2021#اللجنة_الدستورية https://t.co/h1s8AeLBZX
— هيئة التفاوض السورية – اللجنة الدستورية SNC-CC (@SyrConst) October 19, 2021
وتأتي الجولة السادسة بعد خمس جولات سابقة، عقدت آخرها نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، واختتمت بنتائج “مخيبة للآمال”، حسب وصف المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون.
———————————–
=====================
تحديث 21 تشرين الول 2021
————————
اللجنة الدستورية وسؤال الجدوى!/ أكرم البني
ما أن أعلن المبعوث الدولي غير بيدرسون موعداً لانعقاد جولة سادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، بدءاً من 18 من الشهر الحالي في مدينة جنيف السويسرية، حتى بدأ السؤال يتواتر عن جدوى هذه اللجنة وجدوى استمرار مشاركة شخصيات من المعارضة السورية والمجتمع المدني فيها، ربطاً بسخرية مريرة من أعمال تلك اللجنة التي فشلت خلال 5 جولات في تحقيق أي مردود أو تقدم، سواء على مستوى تحديد مبادئ عامة أو صياغة بعض النصوص الدستورية، ولو بالحد الأدنى، في التوافق على منهجية واضحة لبرمجة الحوارات وتثبيت النتائج.
قبل عامين، وحين كان ثمة تعويل على دور دولي عموماً، وأميركي تحديداً، بدعم اللجنة الدستورية وتمكينها من تحقيق اختراق في الاستعصاء المزمن للمحنة السورية، بدت المشاركة فيها مفسرة على أنها النافذة الوحيدة التي بقيت مفتوحة للتقدم بالعملية السياسية، بعد أن أغلق النظام وحلفاؤه سبل المعالجات الأخرى، لكن ثمة مياهاً كثيرة جرت، وبات المشهد اليوم مختلفاً، خاصة لجهة ما يصح تسميته الانسحاب التدريجي للبيت الأبيض من أعباء «الشرق الأوسط الكبير» الذي وضع على نار حامية بفعل مشروع أعلنت عنه في مطلع الألفية، الإدارة الأميركية ووزيرة خارجيتها كونداليزا رايس، لتغييره وجعله موسعاً وجديداً، كذا! ولعل بعض الوجوه المستجدة لهذا الانسحاب ما شهدته أفغانستان والعراق، وما تلته من إشارات واضحة تظهر ضعف اهتمام إدارة البيت الأبيض الجديدة بمشكلات المنطقة عموماً، والأزمة السورية خصوصاً، مكتفية بالتركيز على إحياء الاتفاق النووي مع إيران، ما يعني أن المعارضة السورية والمجتمع المدني قد فقدا الجهة الوحيدة الداعمة لهما، التي تمتلك قدرة يحسب حسابها على التأثير في العملية السياسية، زاد الطين بلة ما تبديه واشنطن اليوم من مرونة في تنفيذ عقوبات قانون قيصر، وتغاضيها عن تنامي الرغبة لدى أطراف غربية وعربية للمشاركة في تعويم النظام السوري والتطبيع معه، وإن كان من البوابة الاقتصادية، الأمر الذي منح موسكو مزيداً من الفرص للإفادة من التراجع الأميركي والدولي، وللتفرد برسم المستقبل السوري على هواها، خاصة بعدما نجحت في السير خطوات مهمة لتعويم النظام، وتمكينه من بسط سلطته على أجزاء كبيرة من البلاد، سواء بإزاحة الوجود المعارض من مدينة درعا وأريافها، أو بالتمهيد لخيار عسكري في الشمال السوري يحاصر مناطق الجماعات المسلحة ويضعف نفوذها، أو بالضغط على القوات الكردية في شرق البلاد لتطويع موقفها، وقد توسلت قيادة الكرملين تحالفات إقليمية ومؤتمرات مختلفة لفرض حل سياسي وفق رؤيتها وبخطوات تمكنها من ترجمة نصرها العسكري بمكاسب على الأرض، حتى يساعدها في استمالة الغرب والمجتمع الدولي عبر المبالغة في إشهار بعض الإصلاحات البسيطة لمؤسسات الدولة من دون أن تؤدي إلى تغيير في بنية النظام القائم ومقومات استمراره، الأمر الذي يتقاطع إلى درجة كبيرة مع سياسة طهران الرافضة لأي تنازلات جوهرية أو أي معالجة سياسية تضعف النظام السوري، خاصة أنه يمكنها اليوم اقتناص الفرصة لملء الفراغ الذي يخلفه الانسحاب الأميركي من المنطقة، واستثمار لهاث البيت الأبيض لإرضائها واستمالتها من أجل إنجاح مفاوضات الملف النووي.
وأيضاً قبل عامين كان بالإمكان تبرير المشاركة في اللجنة الدستورية من خلال تعويل البعض على ضغوط بدا أن موسكو كانت تمارسها لإكراه النظام السوري على المشاركة في المفاوضات السياسية، لكن اليوم غابت تماماً الإشارات التي توحي برغبة موسكو في التعاطي، ولو بطريقتها، مع محتوى القرار الأممي 2254 بدءاً بوقف القتال والتدمير وضمان مناخ صحي لعودة اللاجئين والمهجرين، مروراً بإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف أممي، وانتهاءً بقيام حكم انتقالي يقود البلاد للتعافي من نتائج ما خلّفه العنف.
الحقيقة تقول إننا أمام بنية تكوينية لسلطة معجونة بتاريخ طويل من القهر والغلبة مهمتها إخضاع المجتمع ونشر الخوف والرعب في نفوس أبنائه وإبعادهم عن السياسة والمشاركة في إدارة شؤونهم، تحدوها الثقة بأن العمل المجدي لدوام السيطرة ليس الاستجابة لمطالب الناس ومعالجة مشكلاتهم ونيل رضاهم، بل الاستمرار في إرهابهم وإذلالهم وشلّ دورهم.
والتجربة تقول إن السلطة السورية التي توسلت مختلف أساليب الفتك والتنكيل ضد السوريين وأنكرت الأسباب الموضوعية لثورتهم ودأبت على إفشال مختلف الحلول السياسية، والتي رفضت وهي في شدة أزمتها وضعفها تقديم بعض التنازلات، هي بداهة لن تتنازل اليوم وقد أغراها ما تحقق من تقدم عسكري، وما تلمسه من مرونة في تخفيف عزلتها والضغوط عليها، ما يعني أن نهج السلطة القديم لا بد أن يزداد زخماً وقوة، وأنها بمنطق العنف والغلبة ذاته ستعمل لفرض سطوتها على المجتمع واستعادة نفوذها على ما تبقى من مناطق خارج سيطرتها، وتالياً لرفض أي خطوات سياسية، مهما بدت صغيرة، حتى في حدود التوافق على دستور جديد، تفصّل غالبية بنوده وفق رغباتها وأهوائها، خاصة أن أهم رموزها تتحسب من المساءلة والمحاسبة، وتدرك أن خطوات المسار السياسي لا بد أن تكشف دورها ومسؤوليتها في معضلات الخراب الوطني والضحايا والمعتقلين والفساد وهذا التردي المريع للأوضاع المعيشية.
والمنطق يقول بوجوب وقفة شجاعة من قبل شخصيات ذات صدقية في اللجنة الدستورية، سواء أكانت تنتمي لكتلة السلطة أو المعارضة أو المجتمع المدني، تعلن فيها صورية هذه اللجنة وعبثية اجتماعاتها، ليس فقط كوقفة للتاريخ أو لإدانة تعنت النظام وحلفائه وارتكاباتهم، أو لتبرئة أنفسهم ورفض تحويلهم إلى شهود زور عما يجرى، وإنما أيضاً للتحرر من خضوعهم لإملاءات الآخرين ولإحياء الوجه الوطني لمهمتهم ودورهم، عسى أن يشكلوا في وقفتهم هذه، على الرغم من صعوبة وتعقيدات تحقيقها، وسيلة ضغط لا يزال المبعوث الدولي غير بيدرسون يبحث عنها، حين أشار عند إعلان موعد اجتماعات اللجنة الدستورية، فإن الوقت حان للضغط من أجل تطبيق كامل لقرار مجلس الأمن رقم 2254 وإنجاز دستور حضاري، يحصن مبدأ تداول السلطة ويتوافق وقيم المواطنة والعدالة وحقوق الإنسان، أو على الأقل، لإحراز تقدم جدي في ملف المعتقلين والمختطفين والمفقودين، كي يشكل ذلك، على حد تعبيره، رسالة إلى جميع السوريين بأن السلام ممكن!
الشرق الأوسط
—————————–
إصلاح النخبة الناطقة باسمنا.. أم إصلاح الدورة الدموية للسياسة المعارضة؟/ فراس سعد
لم تكن مشكلة المعارضة السورية يوماً مشكلة مشروع سياسي تجتمع حوله الكوادر الفاعلة كما جمهور المعارضة، بل كانت المشكلة ومازالت تتمثل في تفكير وسلوك المعارضين أنفسهم كما في سلوك الكوادر الفاعلة أو غير الفاعلة، الأمر الذي انعكس على جمهور المعارضة وجمهور الثورة الذي يتأثر بأجواء المعارضة، فيستلهم لا شعوريا تفكيرها وسلوكها..
فقد درجت العادة عند الدعوة لتأسيس أي تشكيل سياسي مثلاً أن يتسابق الطامعون بمنصب أو وظيفة أو وجاهة أو دور، لإجراء اتصالاتهم، كل طامح مع من يرى فيه صاحب نفوذ وقدرة على التأثير، تسعفه في التعيين، بحيث إن دعوات التأسيس تكشف خلال أيام عن سوق أو بازار يذكّرنا بمسابقات النظام السوري لتعيين الموظفين.. هذه البازارات أنتجت عند النخبة وعند الجمهور ذهنية وسلوكية أنانية شللية جهوية حزبية.. الخ تحكمها قيم لا علاقة لها بالكرامة، ولا بالحرية باعتبارها مسؤولية.. ليس ذلك فحسب، فإضافة للحرص على رضى الداعم، شخصاً أو جهة، أصبح الكرسي أو المنصب والراتب غاية هذه النخبة -إذا صحّ اعتبارها ووصفها بالنخبة- وفي هذا الشأن يتناقل سوريون أحاديث كثيرة عن أعضاء من هذه النخبة السياسية ليسوا مستعدين للتخلي عن رواتبهم تحت أي ظرف كان، كما نقلت مواقف وأحاديث تكشف أن من مصلحة بعض هؤلاء الأشخاص إطالة أمد الحرب أو “الوضع القائم” باعتبار أنهم بذلك يضمنون بقاءهم في مناصبهم وهو ما يعني استمرار رواتبهم..
أجل إلى هذه الدرجة وصلت أخلاق بعض الأشخاص من تلك النخبة.. والخافي أعظم.
الائتلاف ومؤسساته: وجوه جديدة أم دورة دموية جديدة؟
وعطفاً على مسألة بازارات التشكيلات السياسية الجديدة وما شابهها من توسعات أو إضافات أو استطالات، وبدلاً عن ضخ وجوه جديدة أو “أقنعة” جديدة، يحتاج الائتلاف لدورة دموية جديدة، بل يحتاج لفتح مسارات حيوية داخله وعبره تمكّنه من الحياة أولا، قبل أي شيء -باعتباره برأي معظم السوريين مشلولاً أو مصاباً بمرض مستعص- وتصله بأهم الأحزاب والتجمعات السياسية السورية الفاعلة في أوروبا وأميركا، بحيث يكون الائتلاف القلب الذي تجري انطلاقاً منه الدورة الدموية السياسية السورية في الخارج، فينهض الجسد السوري المعارض من جديد ككائن تام الخلق والخُلُق غير مشوّه غير فاقد لأحد أطرافه أو لعدد من أطرافه. غير فاقد لكرامته أو إنسانيته أو شخصيته المميزة..
لأجل هذه الغاية نحتاج خطة لهذا الجهاز أو الجسد السياسي، كما نحتاج “الدينامو” الذي ينفذ الخطة ويبعث الحياة في هذا الجهاز أو الجسد، وثالثاً نحتاج جهاز المتابعة والتقييم لأداء الجسد وإجراء فحوص دورية لصحته.
نقطة ضعف النخبة المعارضة.. الإخوة الأعداء
إن من المهم إلى أبعد حد بث روح جديدة في الائتلاف وإجراء تغييرات تضمن اختيار النزيهين والأخلاقيين، فهناك علاقة أكيدة ما بين الخيانة الوطنية أو خيانة المهمة والوظيفة وما بين الفساد.. وحالة النظام أكبر شاهد.
فإذا لم تسرِ روح المحبة والتفهّم والاحترام – قبل التفاهم والتعاقد – بين المعارضين وبين الكوادر الفاعلة، فمن المستبعد أن يتفقوا سياسياً أو أن يعقدوا أي تفاهم حقيقي ثابت حول أي مشروع، حتى لو كان مشروعاً مثالياً تاماً كاملاً مرسلاً من أعلى هيئة عالمية -لو افترضنا أن هناك من اهتم أخيرا بحل حقيقي ينهي الوضع القائم – وإلا فإن هؤلاء الإخوة الأعداء لن يجدوا أمامهم إلا الضامنين القتلة أو نصف القتلة أو ربع القتلة..
فالمسافة نحو التغيير وإسقاط النظام هي نفسها المسافة نحو لحظة الوصول إلى ائتلاف معارض قوي بكل المعاني..
وهذه الأمنية العزيزة على قلب كل سوري مشروطة كما قلنا بسريان روح الاحترام والتفهّم بين صفوف النخبة المعارضة وصولا للقبول والتفاهم، عدا طبعا عن توفر النزاهة والإخلاص.. وهي أمنية لابد أن تتحقق يوما، كيلا يقال إن المعارضة السورية برهنت أن أخلاق نخبة المتمردين المقهورين ليست سوى نسخة عن أخلاق النخبة الحاكمة المستبدة..
لكن سريان روح التفهّم وقبول المختلفين فكريا أو سياسيا أو حتى قبول الرأي المختلف ضمن الجماعة الواحدة لا يمكن أن يتحقق إلا عند نمطين من الشخصية البشرية:
الأول هو نمط من نشأ في أسرة تجعل الاحترام أعلى قيمة بشرية ويغلب على هذا النمط من البشر الأدب الهدوء رحابة الصدر الإصغاء جيدا للآخرين، عدم الاستثارة بسهولة عند تعرضهم للضغوط أو الاستفزاز.
الثاني هو نمط من نشأ في أسرة متديّنة بسيطة يغلب على أفرادها الدماثة البساطة التواضع نسبياً.
دبلوماسية العلاقات الإنسانية والأصالة الشعبية السورية:
يقول معلّم هندي معاصر إنه لكي تعيش راضياً وسعيداً فعليك أن تحصل على بركة كل شيء تتعامل معه من بشر وطبيعة وكائنات، (يمكن تفسير البركة التي يشير إليها الحكيم الهندي بالطاقة الإيجابية التي يتلقاها الإنسان حينما يقوم بفعل جيد أو خيّر تجاه الآخرين).
تذكرنا هذه المقولة بحياة المدن العريقة كدمشق حلب القاهرة قبل قرون عندما كانت الجيرة أمراً مقدساً وحيث إفشاء السلام واجب ديني ومعايدة المريض واجب اجتماعي بديهي، كما تقديم المعونة قدر الإمكان للمحتاج بشكل فردي أو جماعي واجب إنساني، وكلها مسائل تشير إلى حضور التواصل الاجتماعي الإيجابي اليومي أو المستمر بين جميع أفراد المجتمع.. وستكون آلية المصالحة ونزع فتيل الصراع وفضّ المنازعات بين أفراد المجتمع وجماعاته المحلية على غاية كبرى من الأهمية.
على هذا النحو المتأصّل في روحية السوري المدني يجب أن تبنى وتؤسس هيئات ومكونات العمل السياسي السوري:
أولاً: بحيث تنطلق من إيجابية التعامل مع الجميع محليا وإقليميا ودوليا، لتبحث عن نقاط لقاء أو تشابه أو تشارك أياً كانت، وتحاول البناء عليها نحو مزيد من التلاقي أو التقارب أو التعاون.
وثانياً: على هذه الهيئات والمكونات السياسية أن تعمل على تقريب وجهات النظر وإزالة سوء الفهم بين الأطراف الإقليمية بما يخدم القضية السورية، ولا يجوز أخلاقياً ولا سياسياً الاصطفاف مع دولة ضد أخرى، بل يجب أن تكون علاقاتنا جيدة مع الجميع أو على الأقل يجب ألا نشتري عداء أحد.. من منطلق استيعاب الجميع لأننا “أم وأب القضية”، لا أحد آخر، أياً كان هذا الأحد.
تصوّر جديد:
من أبسط القواعد التي يعرفها كل رياضي بل كل مهتم بكرة القدم أو أي لعبة جماعية أن الفريق يحتاج لمدرب جيد، وأهم مهمة للمدرب إلى جانب تدريب الفريق هي مهمة وضع خطة عمل وتوزيع الأدوار بحسب أهلية وموهبة كل لاعب، وتوصيف كل دور ومهمته، وتحديد مواصفات اللاعب الذي يلزم لتنفيذ أي دور من هذه الأدوار.. أي أن قائد الفريق يرسم الخطة بتفاصيلها، يبني الهيكل العظمي ثم يملؤه بالأعضاء كل في مكانه، فلا يجوز وضع عضو مؤهل لأن يلعب دور الرئة (روح الفريق أو المجموعة) محل عضو مؤهل للعب دور اليد (أداة تنفيذ).. الخ
وبعيداً عن إطار التنظير، نطرح أمثلة عن ثلاثة مستويات ينشط فيها الائتلاف والجهات والكيانات المحسوبة عليه، وكيف يفترض به التعامل من خلالها:
أولاً مستوى التفاوض مع النظام:
طالما أن النظام لا يعترف بالقرارات الدولية الخاصة بسوريا ومازال لا يعترف رسمياً بالمعارضة، ويتصرف كما لو أنه كيان يعيش في المريخ فعلى المعارضة أن تتعامل بالمثل مع النظام وتنسحب من جميع الهيئات والاجتماعات التي يشكل النظام أو ممثلوه طرفاً فيها، بالتالي الانسحاب من أستانة وما شابهها.
ثانياً مستوى الداخل والخارج السوريين:
على الائتلاف أخذ خطوة حاسمة باتجاه الاهتمام بشؤونهما وتنظيم صفوفهما:
بالنسبة للداخل: التواصل الفاعل مع المناطق المهمشة التي يضغط عليها النظام لاسيما السويداء وحوران والساحل (حيث بدأ أعضاء من “مسد” التواصل مع أشخاص ينتمون إلى تلك المناطق وتشجيعهم بطرق مختلفة على المطالبة باللامركزية هناك) وتنظيم أوضاع المخيمات في إدلب ولبنان والأردن.
بالنسبة للخارج: تنظيم أوضاع اللاجئين في أوروبا والدفاع عنهم، باعتبار أنهم كتلة هائلة الإمكانات ويمكن أن يشكلوا ورقة ضغط قوية على النظام، ولذلك على الائتلاف فتح مكاتب فاعلة له في عدد من العواصم الأوروبية يتابع فيها شؤون السوريين اللاجئين لدى الجهات الحكومية والسياسية المعنية في تلك البلدان، ولا ننسى تذكير الائتلاف بأوضاع السوريين العالقين في اليونان وأماكن أخرى.. لاسيما مع اقتراب فصل الشتاء حيث تتضاعف المعاناة.
تلفزيون سوريا
———————————
ورقة المجتمع المدني بشأن “سيادة القانون” في اجتماعات جنيف السورية
قدم ممثلو المجتمع المدني في اللجنة الدستورية السورية، اليوم الأربعاء، مبدأ دستورياً جديداً للنقاش في ثالث أيام الجولة السادسة لاجتماعات اللجنة الدستورية بعنوان مبدأ “سيادة القانون”.
وقدّم المبدأ الجزء المعارض للنظام في وفد المجتمع المدني، وجرى نقاشه من قبل بقية الأطراف في اللجنة الدستورية، بإشراف المبعوث الأممي غير بيدرسون، ومن المنتظر أن يتم تقديم مبدأ آخر، غدا الخميس، من قبل وفد المجتمع المدني الموالي للنظام بعنوان “الإرهاب والتطرف”.
وجاء في الورقة التي قدمت اليوم بعنوان “سيادة القانون”، والتي حصل “العربي الجديد” على نسخة منها، أن “سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، فجميع الأشخاص والمؤسسات والكيانات والقطاعين العام والخاص، بما في ذلك الدولة ذاتها، مسؤولون أمام قوانین صادرة علنا، وتطبق على الجميع بالتساوي ويحتكم في إطارها إلى قضاء مستقل، وتتفق مع القواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وتتخذ الدولة ما يلزم من تدابير لكفالة الالتزام بمبادئ سيادة القانون، والمساواة أمام القانون، والمسؤولية أمام القانون، والعدل في تطبيق القانون، والفصل بين السلطات، والمشاركة في صنع القرار، واليقين القانوني، وتجنب العسف، والشفافية الإجرائية والقانونية”.
وفي ما يلي بنود الورقة:
• السوريون والسوريات متساوون أمام القانون في الواجبات والحقوق وفي الكرامة والمنزلة.
• تكفل الدولة الحرية والطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع السوريين والسوريات.
• تأتي المعاهدات الدولية التي التزمت بها الدولة السورية في منزلة أدنى من الدستور وأعلى من التشريعات الوطنية. وبالإضافة إلى الالتزامات التي يرتبها انضمام سورية إلى الاتفاقيات الخاصة بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان فإنه، وبموجب هذا الدستور، تعتبر جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان كافة جرائم لا تسقط بالتقادم، وتعمل مؤسسات الدولة المعنية بتطبيق مبدأ عدم الإفلات من العقاب.
• العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون.
• كل متهم بريء حتى يدان بحكم قضائي مبرم في محاكمة عادلة.
• حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والمراجعة والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون، وتكفل الدولة المساعدة القضائية لغير القادرين وفقا للقانون.
• لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يكون لها أثر رجعي، ويجوز في غير الأمور الجزائية النص على خلاف ذلك.
• لا يجوز تحري أحد أو توقيفه إلا بموجب أمر أو قرار صادر عن السلطات القضائية، أو إذا قبض عليه في حالة الجرم المشهود، أو بقصد إحضاره إلى السلطات القضائية بتهمة ارتكاب جناية أو جنحة.
• كل شخص يقبض عليه يجب أن يبلغ خطيا خلال أربع وعشرين ساعة: بأسباب توقيفه، والنص القانوني الذي أوقف بموجبه ويجب أن يسلم إلى السلطات القضائية خلال ثمان وأربعين ساعة على الأكثر من توقيفه.
• يحق لكل موقوف أن يقدم بذاته أو بواسطة محام أو قريب طلباً إلى القاضي المختص يعترض فيه على قانونية التوقيف، وعلى القاضي أن ينظر في هذا الطلب حالا. وله أن يدعو الموظف الذي أمر بالتوقيف ويسأله عن الواقعة، فإذا وجد أن التوقيف غير مشروع أمر بإخلاء سبيل الموقوف في الحال.
• لا يجوز تعذيب أحد أو معاملته معاملة مهينة. ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك.
• لا يحق للسلطات الإدارية توقيف أحد احتياطيا إلا بموجب قانون في حالة الطوارئ أو الأحكام العرفية أو الحرب.
• يحظر إنشاء محاكم جزائية استثنائية، كما يحظر محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري.
• يحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.
• لكل شخص حكم عليه حكما مبرما، ونفذت فيه العقوبة وثبت خطأ الحكم، أن يطالب الدولة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به.
العربي الجديد
———————————
بعد خمس جولات مخيّبة… مسار صعب لمناقشات جنيف نحو صياغة دستور سوري جديد
تتواصل في جنيف اجتماعات المجموعة المصغرة للجنة الدستورية السورية في جولتها السادسة، بعد خمس جولات مخيّبة لم تتمكن خلالها أطراف الصراع من التوصل إلى اتفاقات مبدئية في شأن المهمات الموكلة إلى اللجنة الدستورية الموسعة بموجب قرار تأسيسها عام 2019.
والاجتماعات الجارية التي بدأت الأثنين وتنتهي الجمعة تحمل للمرة الأولى بعض التفاؤل بإمكان تحقيق تقدّم، في ظل تكثيف الضغوط الروسية والتركية على المشاركين السوريين من النظام والمعارضة والمجتمع المدني.
أربعة مبادئ دستورية
وتناقش هذه الأطراف بإشراف المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون أربعة مبادئ دستورية أساسية، اثنان منها من اقتراح النظام وواحد من المعارضة وآخر من المجتمع المدني مدعوماً من المعارضة، بينما يصار في الجولة اللاحقة، غير المقرر موعدها بعد، إلى مناقشة أربعة مبادئ أخرى، اثنان منها تطرحها المعارضة وواحد من النظام وآخر من المجتمع المدني مدعوماً من النظام. وهذه الصيغة لطرح الاقتراحات ومناقشتها وتوزيعها بين الأطراف هدفها إيجاد توازن في مسار المفاوضات التي يفترض أن تفضي إلى اتفاق على دستور جديد لسوريا.
وتتألف اللجنة الدستورية الموسعة من 150 عضواً موزّعين بالتساوي بين النظام والمعارضة والمجتمع المدني، فيما تتألف اللجنة المصغّرة من 45 عضواً بالتوزيع ذاته. وللجنة الدستورية رئيسان مشتركان، هادي البحرة عن المعارضة وأحمد الكزبري عن النظام، وقد عقدا الأحد اجتماعاً هو من الأول من نوعه الذي يجمعهما معاً إلى طاولة واحدة، بحضور بيدرسون.
وأعلن البحرة أنه سيتم اليوم الأربعاء بحث مبدأ دستوري أساسي هو “سيادة القانون”، قائلاً إنه سيكون “جزءاً مهماً من الدستور الجديد”. وأضاف: “الدستور الذي نسعى إليه هو الذي يحقق العدالة التي يطمح إليها جميع السوريين، ويوقف دائرة القتل والتدمير التي تجري في سوريا”.
وكان البحرة أعلن الأثنين عقب انتهاء اليوم الأول من الاجتماعات أن مرحلة النقاشات المفتوحة انتهت، و”تم البدء بالعملية الأساسية التي شُكّلت من أجلها اللجنة الدستورية. نأمل في أن تتم بقية الجلسات بالأجواء والآليات ذاتها التي اعتمدناها، من أجل الخروج بالنتائج في أسرع وقت ممكن”. وذكرت أوساط وفد المعارضة أن البحرة اجتمع مع مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وسوريا إثان غولدريتش، الذي أبدى دعم واشنطن لاجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف.
آليات المناقشات
وشرحت مصادر مطلعة على مسار المناقشات لـ”النهار العربي” بعض الآليات المعتمدة لطرح المبادئ، بحيث يقدّم طرفٌ ما اقتراحه ونصوصه حيال مبدأ دستوري، وتتم مناقشته وعرض الآراء في شأنه وطرح الأسئلة وطلب ايضاحات، ويمكن تقديم نصوص أخرى مختلفة حيال المبدأ ذاته. ويتم في هذا السياق التمييز بين المبادئ الدستورية العامة وبين القوانين التفصيلية التي يمكن أن تشمل تفاصيل سياسية غير مرتبطة بالدستور مباشرة، على أن يصار لاحقاً إلى اعتماد صيغة نهائية تُرفع إلى الهيئة الموسعة للجنة الدستورية لمناقشتها وإقرارها.
وخلال جلستي الاجتماعات بين الوفود يوم أمس الثلثاء نوقش النص الدستوري الخاص بالجيش والقوات المسلحة وقوى الأمن والاستخبارات، وفق ما صرّح به البحرة للصحافيين، مشيراً إلى أن المناقشات ستشمل المبادئ ذات العلاقة بسيادة القانون ومكافحة الإرهاب والتطرف. وقال إن السوريين “يتطلعون إلى إنجاز اللجنة لولايتها واختصاصاتها في أقرب وقت ممكن، لما ستشكله من بوابة لتحقيق الحل السياسي الذي يؤدي إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 بشكل كامل وصارم”.
والقرار المذكور صوّت عليه مجلس الأمن يوم 18 كانون الأول (ديسمبر) 2015 ويؤكد أن “الشعب السوري هو من يقرر مستقبل” البلاد، عبر انتخابات حرة ونزيهة على أساس دستور جديد “في غضون 18 شهراً تحت إشراف الأمم المتحدة”، داعياً حينها الأطراف إلى “اتخاذ تدابير لبناء الثقة من أجل المساهمة في فرص القيام بعملية سياسية وتحقيق وقف دائم للنار”.
لكنّ الظروف الميدانية وتمدّد الصراع في سوريا وانخراط قوى وأطراف إقليمية ودولية فيه بشكل كبير، شكلت عقبات حالت دون الالتزام بالمهل الزمنية التي ينص عليها القرار.
بيدرسون: نحو صياغة إصلاح دستوري
وقال بيدرسون عشية بدء اجتماعات اللجنة الدستورية الأحد: “منذ ما يقارب التسعة أشهر وأنا أتفاوض بين الطرفين، في محاولة لتكوين توافق في الآراء حيال كيفية المضي قدماً. ويسعدني أن أقول إننا توصلنا إلى مثل هذا التوافق”. وأضاف: “يتفق الرئيسان المشتركان الآن على أننا نعدّ فقط للإصلاح الدستوري (…). سنبدأ بالفعل عملية صياغة للإصلاح الدستوري في سوريا”.
وتدور الاجتماعات وفق ثلاثة عناصر أساسية تحكم إجراءاتها ومسارها، وفق بيدرسون: “أولاً احترام المعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية، ثانياً تقديم نصوص المبادئ الدستورية الأساسية قبل الاجتماعات، وثالثاً اجتماعات الرئيسين المشتركين معي قبل جولة المحادثات وبعدها”، آملاً أن لا تقتصر أعمال اللجنة الدستورية على مجرد إعداد مبادئ، بل الدخول في عملية صياغة إصلاح دستوري.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت في 23 أيلول (سبتمبر) 2019 “التوصل إلى اتفاق بين الحكومة السورية وهيئة التفاوض السورية حول تشكيل لجنة دستورية متوازنة وموثوقة وشاملة، تضم ممثلين عن كل من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، لمناقشة وإعداد إصلاح دستوري لصياغة دستور جديد وإصلاح الممارسات الدستورية، وذلك ضمن مسار الحل السياسي وفق بيان جنيف واستناداً إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 (2015) والقرارات ذات الصلة”.
وتترقب الأوساط السياسية والدبلوماسية ما ستسفر عنه الجولة السادسة الجارية حالياً، وما سيصدر في البيان المتوقع الجمعة بعد نهاية اجتماعات اليوم الأخير. وسيكون تحديد موعد لجولتين إضافيتين قبل نهاية السنة، كما يأمل المبعوث الأممي، أو الفشل في ذلك، مؤشراً إلى مدى نجاح هذه الجولة في تحقيق تقدّم في المسار الصعب والمعقّد نحو صياغة دستور جديد.
النهار العربي
—————————–
دعم دولي للجنة الدستورية السورية ونتائج الجمعة مفصلية
في الوقت الذي تتواصل فيه أعمال الجولة السادسة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية اليوم الخميس، أعربت مصادر دبلوماسية مطلعة، لـ”العربي الجديد”، عن وجود دعم دولي يعطي زخماً للاجتماعات الجارية، في ظل ترقب نتائج ختام الجولة غداً الجمعة، كونها “ستكون مفصلية وهامة”، على حد تعبير هؤلاء.
وأفادت المصادر، التي اشترطت عدم كشف هويتها والمطلعة على الاجتماعات الجارية في جنيف، أن “الدول الضامنة، تركيا وروسيا وإيران، تعقد اليوم، في البعثة الروسية بجنيف، اجتماعا ثلاثيا، كما ستشهد خلال اليوم والغد لقاءات تقنية ثنائية وثلاثية في أماكن متعددة ومختلفة، تبحث سير العملية السياسية الدستورية وتدعمها بشكل كبير”.
وأضافت أن “المبعوث الأميركي إيثان غولدريتش، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط وسورية، يتابع الاجتماعات، فضلا عن بعثات الدول الأوروبية، وكلها تأمل الخروج بنتيجة إيجابية نهاية الجولة الحالية يوم الجمعة”.
وشككت المصادر في إمكانية “حصول خرق كبير في هذه الجولة، بالرغم من تبادل الأوراق بين الأطراف المشكلة للجنة الدستورية وليونة موقف النظام بجلوس الرئيس المشترك أحمد الكزبري مع الرئيس المشارك عن المعارضة هادي البحرة”، مضيفة أن “النتائج هي الأهم، وربما تكون أهم نتيجة التوافق على عقد جولتين مقبلتين، بواقع جولة كل شهر قبيل انتهاء العام الجاري”.
وأوضحت المصادر أن “الجانب الروسي يمارس ضغوطا كبيرة على النظام للانخراط الفاعل في العملية السياسية، رغم أنه يحاول الاستفادة من الوضع الأمني الميداني لتعطيل أعمال اللجنة الدستورية”، لافتة إلى أن “تركيا وروسيا تحاولان الخروج بمكاسب في العملية السياسية قدر الإمكان، للحفاظ على المسار السياسي والبناء عليه مستقبلا”.
وبحسب المصادر ذاتها، ينتظر أن يصدر بيان من الدول الضامنة بحسب سير المشاورات، حيث يوجد في جنيف المبعوث الروسي الخاص إلى سورية ألكسندر لافرنتييف، ورئيس قسم سورية في الخارجية التركية سلجوق أونال، ووفد من إيران.
ورفضت المصادر أن “تعتبر خطوة النظام بقبول الجلوس وتبادل الأوراق أنها تأتي في سياق سياسة الخطوة بخطوة والتطبيع”، معتبرة ذلك “محاولة من قبل الدول الضامنة لتقديم شيء حقيقي للعملية السياسية، إذ كانت تعتبر الجولة الحالية من الفرص الأخيرة لعمل اللجنة الدستورية، ومن الضروري خروج نتائج للبناء عليها مستقبلا”.
وتناقش اللجنة الدستورية السورية اليوم، في المقر الأممي بجنيف، ورقة مقدمة من وفد النظام السوري، بعنوان “الإرهاب والتطرف”، وجاءت الورقة التي حصل عليها “العربي الجديد” مكونة من 5 نقاط، وهي على الشكل التالي:
“عنوان المبدأ: الإرهاب والتطرف
يشكل الإرهاب تهديدا للوطن وللمواطنين تلتزم الدولة بمواجهته، بكافة صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله؛ وتعد أي مشاركة فيه أو دعم له بأي شكل كان جريمة يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات.
يشكل رفض الفكر المتطرف والعمل على استئصاله أحد الأعمدة الأساسية في حماية وتعزيز تماسك المجتمع السوري، ويتم إنزال أشد العقوبات، وفقا للقانون، بمن ينتمي لتنظيمات “داعش” و”جبهة النصرة” و”الإخوان المسلمين”، وكل التنظيمات الإرهابية الأخرى التي تتبنى فكرها الإرهابي المتطرف أو مارست أو تمارس الإرهاب على الأراضي السورية.
الجيش العربي السوري والقوات المسلحة (قوات النظام السوري) مؤسسات وطنية تحظى بدعم ومؤازرة الشعب، وهي مسؤولة عن الدفاع عن سلامة أرض الوطن وأمنه وسيادته، من كافة أشكال الإرهاب والاحتلال والتدخل والاعتداءات الخارجية.
تكاتف جهود كافة أبناء الشعب، إلى جانب الجيش العربي السوري والقوات المسلحة، في مواجهة الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار في أراضي الجمهورية العربية السورية كافة، واجب وطني.
الشهادة في سبيل الوطن، بما في ذلك في إطار محاربة الاحتلال أو مكافحة الإرهاب قيمة عليا، وتكفل الدولة ذوي الشهداء وفقا للقانون”.
العربي الجديد
—————————-
اللجنة الدستورية تبدأ بمناقشة الإرهاب..السير في “ألغام” النظام
تخصص الأربعاء جلسات اليوم الثالث من الجولة السادسة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية التي تستضيفها مدينة جنيف في سويسرا، لمناقشة المبادئ ذات العلاقة بسيادة القانون و مكافحة الإرهاب والتطرف.
وكانت جلستا الثلاثاء قد خصصتا لمناقشة بند دستوري اقترحه وفد المعارضة، ويتضمن مناقشة مؤسسات الجيش والشرطة والاستخبارات، بينما قدم وفد النظام في جلسة اليوم الأول من الجولة (الاثنين) مقترح بند يتعلق ب”سيادة الدولة واستقلالها ووحدة أراضيها”.
مقترحات المعارضة وانطباعاتها
وعن جلسات الأربعاء، أكد الرئيس المشترك للجنة عن وفد المعارضة هادي البحرة في مؤتمر صحافي، أنه “سيتم خلال جلسات اليوم وغداً مناقشة الصياغات الخاصة بالمبادئ ذات العلاقة بسيادة القانون و مكافحة الإرهاب والتطرف”.
وبعد لقائه نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى إيثان غولدريتش الذي يحضر اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، والذي عبّر عن دعم بلاده لاستئناف عمل اللجنة الدستورية، أكد البحرة رضاه عن لقاءات يومي الاثنين والثلاثاء.
واعتبر أن “الاتفاق بين وفدي النظام والمعارضة على النقاط الإجرائية لعمل اللجنة الدستورية، بشكل واضح ومكمل لمنهجية العمل التي تم التوصل إليها بين الرئيسين المشتركين، بتسهيل من المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، أتاح الفرصة لبدء الدورة السادسة على أسس سليمة، ما مكّن من إنهاء مرحلة النقاشات الدستورية المفتوحة، والبدء الفعلي لعملية صياغة مشروع الدستور الجديد لسوريا”.
انتقادات مستمرة
ورأى الكثيرون من المعارضين أن حديث البحرة عن “صياغة مشروع دستور جديد” يعتبر محاولة لتخفيف حدة الجدل والانتقاد الذي وجهته أوساط المعارضة للجنة مع انطلاق جولتها الجديدة.
وهاجم الكثيرون من المعارضين، بينهم أعضاء في وفدي المعارضة والمجتمع المدني باللجنة، قبول وفد المعارضة اقتراح بيدرسن ووفد النظام أن تقوم اللجنة بعملية “إصلاح دستوري”، وليس كتابة دستور جديد.
ورغم تأكيد البحرة وأعضاء في الوفد أنه ليس هناك فرق بين الطرحين، إلا أن المحامي والباحث السوري محمد سليمان دحلا أكد أن “الفرق في الحالة السورية اليوم جوهري وعلى درجة كبيرة من الحساسية”.
وقال في تصريح ل”المدن”: “لعله من الناحية القانونية ليس هناك فرق كبير بين الإصلاح الدستوري وبين كتابة دستور جديد، ففي الحالة الثانية يستند الدستور الجديد في كثير من نصوصه إلى الدساتير السابقة، ويمكن اعتباره تطويراً وتعديلاً للدساتير السابقة، ولكن في الحالة الراهنة فإن البعد السياسي هو الطاغي، لذلك الفرق حساس وجوهري بين العبارتين”.
وأضاف أنه “في سياق الحل السياسي للقضية السورية وفق المرجعيات الدولية، خاصة بيان جنيف والقرارات ذات الصلة، يأتي المسار الدستوري وكتابة دستور جديد في نهاية المرحلة الانتقالية وكتتويج لها”، موضحاً أن ذلك يعني أن “الانتقال السياسي حصل بالفعل، وعندئذٍ لن يكون هناك أي حساسية من استخدام أي من المصطلحين، لأننا سنكون أمام نظام سياسي جديد تجري هندسته من قبل جمعية تأسيسية منتخبة أو لجنة دستورية متوافق عليها من قبل كل الحساسيات السياسية والاجتماعية، وذلك هو السياق الطبيعي لكتابة الدساتير في مراحل التحول”.
دحلا نبه إلى أنه “في ظل الحديث عن إعادة تعويم النظام فإن الفرق بين العبارتين هو كالفرق بين إسقاط نظام مرتكب لجرائم الحرب بكل أنواعها وأشكالها، وبين إعادة تأهيل مثل ذلك النظام من خلال بعض الإصلاحات الدستورية انطلاقاً من دستوره الذي فصله على مقاسه في العام 2012”.
بند الارهاب
تحفظات المعارضين ازدادت مع التفجير الذي استهدف حافلة لجيش النظام في دمشق صباح الأربعاء، خاصة وأن الجلسات القادمة مخصصة لمناقشة بند الإرهاب والتطرف، الأمر الذي لم يستبعد معه الكثيرون أن يكون التفجير من فعل النظام.
وكان وفد المعارضة قد تعرض لموجة جديدة من الانتقاد بعد نشر وفد النظام نص مقترح البند الدستوري الذي تقدم به في جلسات الاثنين، وهو مخصص لسيادة الدولة ووحدة أراضيها، وقد تضمن البند نصوصاً واضحة في تجريم كل من تواصل مع أي جهة خارجية “بطريقة غير شرعية”، حيث رأى المراقبون أنه مقترح مفخخ يحمل ضمناً تجريم كل المعارضين والثوار.
وبينما انتقد هؤلاء عدم شفافية وفد المعارضة، في الوقت الذي ينشر فيه وفد النظام نصوص مقترحاته، استغرب الكثيرون كيف يصف رئيس الوفد الجلسات والنقاشات بأنها كانت “إيجابية” بينما يتضمن مقترح النظام التأكيد على أن “تحرير الأراضي المحتلة واجب وطني مقدس تضطلع به كافة مؤسسات الدولة، وأي شكل من أشكال التعاون في ترسيخ هذا الاحتلال يعتبر خيانة عظمى”.
المنتقدون أكدوا كذلك أن هذه النصوص المطاطة يمكن بسهولة أن تعتبر سيطرة فصائل المعارضة على بعض المناطق، وكذلك تعاون مؤسساتها السياسية مع بعض الدول جريمة، بينما لم يوضح وفد المعارضة كيف تم الرد عليها.
المدن
—————————–
روسيا متفائلة ب”اللجنة الدستورية”..و”مسد” تستنكر تغييبها
قال الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف إن “جميع مندوبي اللجنة الدستورية السورية في المشاورات الأولية أبدوا نية للتوصل إلى اتفاق”، فيما استنكر مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) تغييب ممثلين عنه في اللجنة.
وأضاف لافرنتييف في مؤتمر صحافي في جنيف، حيث تنعقد الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، أن هناك “آمالاً مؤكدة بأننا سنتغلب على الصعوبات التي كانت موجودة في السابق، والبدء في العمل على الدستور نفسه والتوصل لاتفاقات معينة”، موضحاً أن “هذا كان موقف الوفود خلال جميع المشاورات الأولية لمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسن مع مندوبي النظام والمعارضة”.
وأشار إلى أن الوفد الروسي الذي يحضر اجتماعات اللجنة الدستورية السورية يعتزم عقد اجتماعات مع شركائه في “مسار أستانة” (تركيا وإيران)، على هامش الاجتماعات. وقال المسؤول الروسي: “نحن هنا للعمل بالضبط على هامش الاجتماع.. هذا بالطبع حوار سوري داخلي.. ولا يمكننا ممارسة أي تأثير أو ضغط عليه”، مضيفاً “دعونا نرى ما يتعين علينا القيام به بعد ذلك، وما هي المساعدة التي نقدمها لدفع العملية السياسية قدماً”.
بدوره، استنكر الرئيس المشارك ل”مسد” رياض درار تغييب ممثلين عن شمال شرقي سوريا وممثلين عن مسد في اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، مشيراً إلى أن “هذا التغييب جاء بفيتو تركي”. وأضاف أن موقف المعارضة السورية كان “سلبياً تجاه مسد وأبعده عن المشاركة في هيئة التفاوض تماشياً مع موقف الحكومة التركية وسياستها تجاه المنطقة”.
وأشار إلى “غياب الجدية في مواقف ممثلي الأمم المتحدة في المفاوضات، لأنهم رعوا مصالح الدول المتدخلة بالشأن السوري على حساب مصلحة الشعب السوري”، مؤكداً أنهم “تلقوا وعوداً حول إمكانية مشاركة مسد في اجتماعات اللجنة، على اعتبار أنها تدير منطقة يصل عدد سكانها إلى ما يقارب الخمسة ملايين نسمة، لكن لم يتم الإيفاء بها”.
وتابع أن “مجلس سوريا الديمقراطية أدرك منذ البداية أن مسارات التفاوض تخلو من النتائج وتتماشى مع مصالح الدول”، مشدداً على “ضرورة مشاركة مسد التي تمثل ملايين السوريين الموجودين في المناطق التي تديرها الإدارة الذاتية”.
وناقشت اللجنة الدستورية السورية الثلاثاء، في اليوم الثاني من اجتماعات الجولة السادسة، مبدأً دستورياً قدمه وفد المعارضة حول الجيش والقوات المسلحة والأمن والاستخبارات، مكوناً من 4 نقاط، إلى جانب بند “سيادة القانون”، الذي قدمه وفد المجتمع المدني المقرب من وفد المعارضة، فيما طرح وفد النظام ومعه أعضاء من وفد المجتمع المدني بندين للنقاش وهما “سيادة الدولة” و”الإرهاب والتطرّف”.
—————————
بعد تفجير دمشق.. نظام الأسد يطرح ورقة “الإرهاب والتطرف” على اللجنة الدستورية
بدأت اللجنة الدستورية السورية اليوم الخميس، اجتماعاتها في جنيف، بحضور وفود المعارضة ونظام الأسد والمجتمع المدني، مستأنفة الجلسة الرابعة من الجولة السادسة، للتباحث بورقة مقدمة من قبل وفد حكومة الأسد، حول “الإرهاب والتطرف” تزامناً مع التفجير الذي حصل أمس في العاصمة دمشق.
وقال هادي البحرة الرئيس المشترك للجنة الدستورية في حديثه لـ “تلفزيون سوريا”، إنّ وفد المعارضة التقى في جنيف مع مبعوثين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي ودول عربية للدفع بالعملية السياسة ودعم الوفد المعارض، ويتطلعون خروج إيجابيات بالعملية السياسية، لا سيما في ظل الجرائم التي ترتكب بحق شعبنا بشكل يومي”.
وأكّد البحرة على أنه “دون وقف إطلاق نار أو وقف سفك الدماء ستتم العملية السياسية ناقصة”، نافياً لقاء وفده بالمبعوث الروسي على هامش اجتماعات اللجنة.
ماذا تضمنت ورقة نظام الأسد؟
وحصل موقع “تلفزيون سوريا” على نسخة من الورقة التي قدمها وفد نظام الأسد لمناقشتها مع اللجنة الدستورية المصغرة اليوم الخميس، جاء فيها أن “الإرهاب يشكل تهديداً للوطن وللمواطنين تلتزم الدولة بمواجهته، بكل صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله، وتعد أي مشاركة فيه أو دعم له بأي شكل كان جريمة يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات”.
وتضمنت الورقة على أن “رفض الفكر المتطرف والعمل على استئصاله، يشكل أحد الأعمدة الأساسية في حماية وتعزيز تماسك المجتمع”، مؤكدة على أن كلاً من تنظيمات “داعش وجبهة النصرة والإخوان المسلمين هي إرهابية ويتم إنزال أشد العقوبات بكل من يتبنى فكرها الإرهابي المتطرف”.
وترى الورقة أن جيش الأسد وقواته المسلحة “مؤسسات وطنية تحظى بدعم ومؤازرة الشعب، وهي مسؤولة عن سلامة أرض الوطن وأمنه وسيادته من كل أشكال الإرهاب والاحتلال والتدخل والاعتداءات الخارجية”.
وشددت على دعم جميع أبناء الشعب لجيش الأسد وقواته المسلحة “في مواجهة الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار في الأراضي السورية كافة، وهو واجب وطني”.
ولفتت الورقة المقدمة من قبل نظام الأسد، أن “الشهادة في سبيل الوطن، بما في ذلك محاربة الاحتلال أو مكافحة الإرهاب قيمة عليا، وتكفل الدولة ذوي الشهداء وفقاً للقانون”.
وقال تليد صائب عضو وفد المعارضة في اللجنة الدستورية، إنه “كان متوقعاً أن يمر مقترح سيادة القانون كشربة الماء، فوجئنا بوفد نظام الأسد قام بمداخلات طويلة ومملة جداً، لإضاعة الوقت، ويبدو أن سيادة بشار الأسد أهم من سيادة القانون، وأي سيادة أخرى يتم النقاش حولها إن كانت سيادة القانون أو سيادة دستور أو حتى سيادة الله ستكون مرفوضة من قبل النظام لأنها ستمس قليلاً كثيراً أو كثيراً من صلاحيات سيادته”.
وحول جلسة اليوم أكّد صائب في حديث خاص لـ “تلفزيون سوريا”، أن نظام الأسد سيركز على إرهاب من طرف واحد هو (الإرهاب السني) تاركين الإرهاب الشيعي والإيراني (زينبيون وفاطميون وغيرها من الميليشيات)، وسيتمسكون بداعش المرفوضة من كل الشعب السوري، وجبهة النصرة التي يرفضها 99% من الشعب، وعن الإخوان المسلمين الذين بعد أحداث الثمانينات انفكؤوا ولم يعد لديهم أي قوة عسكرية وليس سياسية”.
ويعتقد المعارض السوري أن “هذا الموضوع شائك ولدينا جلسة ستكون حامية جداً اليوم”.
تفجير دمشق
وصباح الأربعاء، أعلنت وكالة أنباء نظام الأسد “سانا” مقتل 14 عنصرا من جراء انفجار عبوتين ناسفتين في حافلة مبيت عسكرية عند جسر الرئيس وسط العاصمة دمشق، مشيرة إلى أن ما سمّتهم “عناصر الهندسة” فككوا عبوة ثالثة سقطت من الحافلة المذكورة بعد الانفجار.
من جانبه قال وزير داخلية النظام، محمد رحمون، في تصريح متلفز: “سنلاحق الإرهابيين الذين أقدموا على هذه الجريمة النكراء أينما كانوا”.
#عاجل
| تلفزيون النظام: قتلى وجرحى في التفجير الذي استهدف حافلة المبيت عند جسر الرئيس في #دمشق.#تلفزيون_سوريا pic.twitter.com/qUv5INpBPq — تلفزيون سوريا (@syr_television) October 20, 2021
وبعد ساعات أعلنت مجموعة “مجهولة” تطلق على نفسها اسم “سرايا قاسيون” تبنيها تفجير حافلة المبيت العسكرية.
وقالت المجموعة في بيان نشرته على حسابها في تطبيق تيليغرام: “إن سرايا قاسيون العاملة في دمشق وريفها تمكنت من استهداف حافلة مبيت تابعة للإسكان العسكري”.
وأكدت المجموعة على استمرار العمليات داخل مناطق سيطرة النظام، رداً على المجازر اليومية التي قامت بها قوات الأسد وميليشياته بحق الأهالي في الشمال السوري.
ثلاثة مقترحات دستورية
وفي الأيام الثلاثة الماضية ناقشت اللجنة الدستورية في جلساتها الأوراق المقدمة من قبل الوفود، حيث بدأت يوم الإثنين بمناقشة وفد نظام الأسد لـ “السيادة السورية”، في حين ناقشت الورقة الثانية في جلسة الثلاثاء التي قدّمها وفد المعارضة “الجيش والقوات المسلحة والأمن والاستخبارات”، وبحثت اللجنة في الورقة الثالثة مبدأ “سيادة القانون” المقترحة من قبل وفد المجتمع المدني.
وفي ختام اجتماعات اليوم الثالث، قال البحرة خلال مؤتمر صحفي: “مندوبو معظم الدول موجودون، معظمهم على مستوى وزارات الخارجية وممثلين إلى سوريا، وهناك اهتمام بأعمال اللجنة الدستورية وانتظار لما ستتمخض عنه الجولة”.
وأضاف: “إما أن تثبت هذه الجولة أن كل الأطراف جادون في التوصل إلى صياغة مشروع الدستور أو يضيعون الوقت”.
واستدرك: “لا نستطيع الآن أن نحكم على جدية كل الأطراف، سننتظر إلى الجلسة الأخيرة الجمعة، وستكون واضحة نوايا كل طرف ومدى الجهد الذي بذله، سواء للتفاهم أو لإضاعة الوقت”.
ومن المتوقع أن تستمر اجتماعات الجولة الحالية حتى 22 من تشرين الأول الجاري، في حين الجولة الأخيرة للجنة كانت قد عقدت في 25 من كانون الثاني 2021 من دون الوصول إلى أي جديد في ملف كتابة الدستور السوري، حيث تتهم المعارضة النظام بتعطيل عمل اللجنة.
تلفزيون سوريا
————————
أربعة مبادئ ناقشتها “اللجنة الدستورية” بجنيف.. مصدر يوضح تفاصيلها
بدأت أعمال اليوم الثالث من الجولة السادسة لاجتماعات “اللجنة الدستورية” السورية في جنيف، اليوم الأربعاء، وسط الحديث عن مبادئ تتم مناقشتها بين الوفود المشاركة.
وقال عضو “اللجنة الدستورية” في الهيئة المصغرة، حسن الحريري، لـ”السورية نت”، إن وفد المعارضة طرح خلال اليوم الثاني من الاجتماعات مبدأ “الجيش والقوات المسلحة”، فيما طرح النظام مبدأ “سيادة الدولة” خلال اليوم الأول.
وأضاف أن وفد المجتمع المدني سيطرح اليوم مبدأ “سيادة القانون” على المجتمعين في جنيف، فيما سيطرح النظام المبدأ المتعلق بـ”الإرهاب” غداً، موضحاً أن التوافق على المبادئ الأربعة المطروحة سيكون خلال جلسة يوم الجمعة المقبل.
الرئيس المشترك للجنة الدستورية هادي البحرة : “سيتم بحث مبدأ دستوري أساسي اليوم وهو #سيادة_القانون، وهذاالمبدأ سيكون جزء هام جدا من الدستور الجديد لـ #سوريا.” #الدورة_السادسة pic.twitter.com/2qY2BPF9CQ
— هيئة التفاوض السورية – اللجنة الدستورية SNC-CC (@SyrConst) October 20, 2021
وشمل المبدأ الذي طرحه وفد المعارضة حول “الجيش والقوات المسلحة” أربع نقاط أساسية نشرتها وكالة “الأناضول”، وهي: “1- تلتزم الدولة ببناء مؤسسات الأمن والمخابرات لحفظ الأمن الوطني وتخضع لسيادة القانون وتعمل وفقاً للدستور والقانون وتلتزم باحترام حقوق الإنسان وتعمل وفقاً لأعلى المعايير”
“2- الجيش والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية مؤسسات وطنية تضمن السيادة والوحدة الوطنية، وتحدد عقيدة الجيش بعيداً عن الانتماءات الأيديولوجية والحزبية والفئوية وتحتكر حمل السلاح واستعماله في عموم الأراضي السورية”.
“3- الجيش هو قوة عسكرية مسلحة قائمة على الكفاءة والانضباط، يقوم بمهامه وفق الدستور، وهو مؤلف ومنظم هيكلياً طبق القانون، يضطلع بواجب الدفاع عن حدود الوطن والسكان من التهديدات الخارجية ومن الإرهاب، ويحمي استقلال ووحدة تراب سوريا، وهو ملزم بالحياد السياسي التام، ويدعم السلطات المدنية وفق ما يضبطه القانون”.
“4- الأجهزة الأمنية مكلفة بحفظ الأمن، والنظام العام، وحماية الأفراد والمؤسسات والممتلكات، وإنفاذ القانون وهي نفسها تخضع للقانون، وتقوم بمهامها في كنف احترام مبادئ حقوق الإنسان الأساسية، وفي إطار الحياد السياسي التام”.
وكانت الجولة السادسة من اجتماعات “اللجنة الدستورية” انطلقت أول أمس الاثنين، بعد توقف دام تسعة أشهر، وناقشت المبادئ الدستورية للمرة الأولى، عكس الجولات الخمس الماضية.
ولاقت الجولة الجديدة ترحيباً من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، على أن تستمر أعمالها أسبوعاً كاملاً، بمشاركة 45 عضواً يمثلون وفود النظام والمعارضة والمجتمع المدني (15 عضو لكل منها).
وتأتي الجولة السادسة بعد خمس جولات سابقة، عقدت آخرها نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، واختتمت بنتائج “مخيبة للآمال”، حسب وصف المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون.
—————————-
إيلاف ياسين: نسعى إلى توافقات حول مبادئ دستور جديد لسوريا
قالت عضو اللجنة الدستورية السورية إيلاف ياسين، اليوم الخميس، إن أطراف اللجنة الثلاثة يقدم كل منها مبادئه المقترحة ضمن عملية صياغة دستور جديد للبلاد، ونسعى الجمعة إلى إيجاد توافقات حولها خلال اجتماعات الجولة السادسة.
جاء ذلك في مقابلة مع وكالة الأناضول، على هامش اجتماعات الجولة السادسة للجنة المستمرة في مقر الأمم المتحدة بمدينة جنيف، برعاية المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون.
وانطلقت هذه الجولة الإثنين، على أن تنتهي الجمعة، في محاولة للتوصل إلى توافقات حول مبادئ دستورية بين الأطراف المشكلة للجنة.
وفي هذه الاجتماعات تشارك المجموعة المصغرة للهيئة المكلفة بصياغة الدستور، وهي مكونة من 45 عضواً يمثلون نظام الأسد والمعارضة والمجتمع المدني، ومنبثقة عن مجموعة موسعة تتألف من 150 عضواً بالتساوي بين الأطراف الثلاثة.
وفد نظام الأسد (انترنت)
بعد تفجير دمشق.. نظام الأسد يطرح ورقة “الإرهاب والتطرف” على اللجنة الدستورية
أهمية الجولة
ياسين، العضو عن منظمات المجتمع المدني، تحدثت عن خصوصية الجولة الراهنة بالقول “تكمن أهمية هذه الجولة في اعتماد منهجية للعمل، وهذا يحصل للمرة الأولى، وتم التوافق على منهجية عمل واضحة، وهي تقديم مبادئ دستورية من قبل الأطراف الثلاثة كل حسب دوره”.
وأوضحت أن الوفد الذي يأتي دوره يرسل صياغة للمبدأ الدستوري الذي اقترحه قبل ساعة على الأقل من بدء الجلسة، ويوزع على الوفود للاطلاع عليه ودراسته ووضع ملاحظات عليه، ومن ثم طرح ورقة المبدأ المقترح عند بداية الجلسة في القاعة.
وأضافت: “في اليوم الأول تقدم وفد النظام بمبدأ دستوري حول سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة أراضيها، وطرح الصياغة التي يتبناها، والمحاجة القانونية لهذا المبدأ”.
وتابعت: “في اليوم الثاني، تقدم وفد هيئة التفاوض (المعارضة) بمبدأ دستوري حول الجيش والقوات المسلحة والأمن والاستخبارات، وقدم صياغته مع بنوده، وتم نقاشه من قبل بقية الأطراف في اللجنة”.
thumbs_b_c_20ec4981817667894ae9b8f492ab751a.jpg
هادي البحرة: ترقب دولي لنتائج اجتماعات اللجنة الدستورية السورية
واستطردت: “في اليوم الثالث، تقدم وفد المجتمع المدني المعارض بمبدأ، وهو سيادة القانون، وجرى نقاشه من قبل كل الوفود”.
دستور جديد
وعن أعمال اللجنة، أشارت ياسين إلى أن “تقديم الصياغات الدستورية المقترحة هو أساس عمل الوفود الثلاثة ضمن ولاية اللجنة الدستورية، واللجنة برمتها هي أحد مخرجات قرار مجلس الأمن رقم 2254”.
وأردفت: “ما نقوم به الآن هو وضع دستور جديد، وبالمناسبة كلمة إصلاح دستوري في معناها القانوني تعني دستورا جديدا”.
وأوضحت أنه في اليوم الأخير من الاجتماعات سيلخص ما جرى في الجولة من قبل الوفود الثلاثة وإيجاد توافقات ضمن ما طرح من مبادئ.
تفعيل مسارات الحل
وأكدت ياسين أن “اللجنة الدستورية ليست الحل في سوريا، وليست الحل لمشكلات السوريين، لكن هي مسار دستوري يضمن، في حال إنجاز دستور جديد، للسوريين حقوقهم، وينظم العلاقة بينهم وبين الدولة، ويحقق ما طالبوا به من حرية وكرامة وعدالة وحقوق”.
ورأت ياسين، ضرورة تفعيل جميع مسارات الحل قائلة: “أعتقد أن على السوريين جميعاً المطالبة بتفعيل كل المسارات السياسية، لأن اللجنة الدستورية مجالها محدد فقط بالدستور”.
microsoftteams-image.png
مسؤول أميركي يجري لقاءات في جنيف لدعم اللجنة الدستورية السورية
وزادت :”لا يمكن للجنة الدستورية حل مشكلة اللاجئين والمهجرين والمعتقلين والمختفين قسرياً والمفقودين، ولا ما في مناطق النظام من فقر وجوع وفساد، لكنها بصيص أمل بأن السوريين سيحظون بحياة كريمة عاجلا أم آجلا في بلدهم وفق دستور يحفظ لهم حقوقهم”.
وأكملت: “من يقول إن النظام السوري انتصر فهو مخطئ، عبر التاريخ لم يكن الانتصار هو الانتصار العسكري، إنما أحد أهم وجوه النصر هو الانتصار الأخلاقي وعدالة القضية”.
وختمت بالقول إن “القضية السورية قضية محقة عادلة بذل السوريون في سبيل تحقيقها الغالي والثمين، ورغم تخلي المجتمع الدولي وميوعة دور المنظمات الأممية في الإسراع بإيجاد حل في العملية السياسية، إلا أن السوريين أثبتوا صمودهم وقدرتهم على النضال لتحقيق ما طمحوا إليه”.
———————
ضامنو “أستانا” يجتمعون في جنيف لمناقشة اللجنة الدستورية السورية
عقدت الدول الضامنة لـ “أستانا” حول سوريا، الخميس، اجتماعاً ثلاثياً في مقر البعثة الروسية بمدينة جنيف السويسرية، في وقت أنهت فيه اللجنة الدستورية السورية أعمال اليوم الرابع من الجولة السادسة.
وبحسب وكالة الأناضول، ترأس وفد تركيا رئيس قسم سوريا في الخارجية التركية السفير سلجوق أونال، بينما ترأس الوفد الروسي مبعوث الرئيس الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، وعن إيران المستشار السياسي لوزير الخارجية الإيراني علي أصغر حاج.
وقالت الوكالة إن الأجندة الرئيسية للاجتماع دارات حول الجولة السادسة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية المنعقدة في مقر الأمم المتحدة في جنيف، برعاية المبعوث الأممي غير بيدرسون، دون مزيد من التفاصيل حول ما جرى بحثه.
يأتي ذلك في وقت أنهت فيه الهيئة المصغرة للجنة الدستورية السورية المكونة من 45 عضوا من النظام والمعارضة وممثلي المجتمع المدني، اجتماعات اليوم بعد أن قدم وفد النظام ما وصف بأنه “مبدأ دستوري” بعنوان “الإرهاب والتطرف”.
وعقدت اللجنة الدستورية جلستي عمل اليوم برعاية المبعوث الأممي، وبرئاسة الرئيسين المشتركين عن النظام أحمد الكزبري، وعن المعارضة هادي البحرة.
وفد نظام الأسد (انترنت)
بعد تفجير دمشق.. نظام الأسد يطرح ورقة “الإرهاب والتطرف” على اللجنة الدستورية
وعقب مغادرة الوفود غرد البحرة عبر تويتر قائلا: “لا يمكننا الآن الحكم على جدية جميع الأطراف، سننتظر الجلسة الأخيرة يوم الجمعة، ستتضح نوايا كل طرف والجهود التي بذلها سواء للتوصل إلى تفاهم أو لإضاعة الوقت”.
وتنتهي اجتماعات الجولة السادسة للجنة الدستورية غدا الجمعة، ومن المنتظر عقد مؤتمر صحفي من قبل المبعوث الأممي غير بيدرسون بختام الجلسة عند الساعة 16:45 بالتوقيت المحلي، 14:45ت.غ.
كما ينتظر أن تعقد الوفود المشاركة في اجتماعات الجولة مؤتمرات صحفية تعرض فيها أهم نتائج اجتماعات الجولة.
وكان أعضاء من اللجنة الدستورية السورية قد أفادوا بوقت سابق للأناضول أن اليوم الختامي غدا ينتظر فيه أن يشهد تلخيصا للنقاط المشتركة بالمبادئ المقدمة من أعضاء اللجنة الدستورية، وتحديد موعد عقد الجولات المقبلة.
وأسست اللجنة الدستورية السورية عام 2019، وتتكون من 150 عضوا يشكلون الهيئة الموسعة بالتساوي بين الأطراف السورية الثلاثة، ولم تنجح خمس جولات عقدت منذ تأسيس اللجنة من تحقيق أي تقدم.
—————————–
====================
تحديث 22 تشرين الأول 2021
————————————–
بيدرسون في ختام اجتماعات “الدستورية السورية” بجنيف: لا تقدم ومناقشات مخيبة للآمال
قال المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، اليوم الجمعة، في ختام اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، إن محادثات اللجنة “انتهت من دون إحراز أي تقدم”.
وأكد بيدرسون، في مؤتمر صحافي في نهاية الاجتماعات، أن مناقشات اليوم الجمعة في جنيف “كانت مخيبة للآمال ولم تحقق ما كان يُؤمل إنجازه”.
إلى ذلك، قال عضوان في اللجنة الدستورية السورية، اليوم الجمعة، لـ”العربي الجديد”، إن النظام السوري رفض التوقيع على أي أوراق مقدمة للخروج بصيغة مشتركة لاجتماعات الجولة السادسة للجنة الدستورية السورية.
وغادرت الوفود مقر الأمم المتحدة في جنيف مع ختام الاجتماعات، ليعقد الرئيسان المشاركان عن المعارضة هادي البحرة، وعن النظام أحمد الكزبري، لقاء نهائيا لم يخرج بأي تطور، فيما يبدو أن الجلسة الختامية “شهدت عدم جدية من النظام كشفت عن نواياه الحقيقية”.
واختتمت بذلك جلسات اللجنة الدستورية السورية في جولتها السادسة، على أن تعقد بعد شهر الجولة السابعة، لتقديم 4 مبادئ جديدة لتناقش حسب المنهجية المتفق عليها.
المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون، يواصل مساعيه تقريب وجهات النظر بين أطراف اللجنة الدستورية
وأعلن البحرة، في وقت سابق من اليوم الجمعة، أن الاجتماعات في الجولة المقبلة ستعقد الشهر المقبل، دون تحديد موعدها، فيما تحدثت مصادر في الأمم المتحدة عن أن الاجتماع قد يعقد في 22 من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
العربي الجديد
————————————
في ختام أعمالها.. المبعوث الأممي يعتبر أعمال اللجنة الدستورية السورية مخيبة للآمال
بدأت هذه المفاوضات قبل عامين لكنها لم تحرز أي تقدم، بحسب ما أقر المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسون أمام مجلس الأمن الدولي نهاية سبتمبر/أيلول الماضي
قال المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون مساء اليوم الجمعة إن الجولة الحالية من محادثات اللجنة الدستورية لم تحقق أي نتيجة وكانت مخيبة للآمال، مشيرا إلى أنه لم يتم تحديد موعد للجولة المقبلة من محادثات اللجنة الدستورية.
وأنهت اللجنة الدستورية السورية اليوم الجمعة أعمالها في جنيف بعد 5 أيام من مناقشة مبادئ دستورية قدمتها وفود النظام والمعارضة والمجتمع المدني، تحت رعاية من الأمم المتحدة.
وفي مؤتمر صحفي، قالت المعارضة السورية إن النظام لم يقدم أي ورقة للتوافق على مبادئ دستورية في اليوم الختامي لاجتماعات اللجنة الدستورية.
وفي وقت سابق، ذكرت مصادر للجزيرة أن الخلافات كبيرة بشأن المبادئ التي طرحت للنقاش، وهو ما يرجح صعوبة التوصل إلى اختراق في هذه الجولة.
وناقشت اللجنة أمس الخميس مبدأ متعلقا بالإرهاب والتطرف قدمه وفد النظام نصّ على اعتبار الجيش مؤسسة وطنية، ومنظمات مثل النصرة والإخوان المسلمين “جماعات إرهابية”. كما ناقشت اللجنة مبادئ تتعلق بسيادة الدولة ووحدتها واستقلالها.
وأوضحت أن أهم نتيجة قد تتحقق تتمثل في التوافق على عقد جولتين مقبلتين قبيل انتهاء العام الجاري.
جهود وإخفاق
وتجتمع في الجولة السادسة لأعمال اللجنة الدستورية الهيئة المصغرة للجنة المكونة من 45 عضوا، موزعين بالتساوي بين النظام والمعارضة وممثلي المجتمع المدني.
وتأسست اللجنة الدستورية السورية عام 2019 بعد جهود من الدول الضامنة لمسار أستانا؛ تركيا وروسيا وإيران، وتتكون من 150 عضوا يشكلون الهيئة الموسعة بالتساوي بين الأطراف السورية الثلاثة.
ولم تنجح 5 جولات عقدت منذ تأسيس الجولة حتى الآن في تحقيق أي تقدم، لتأتي الجولة السادسة -بعد 9 أشهر من التوقف- التي شهدت انخراط النظام مع الأطراف الأخرى في العملية الدستورية.
وبدأت هذه المفاوضات قبل عامين، لكنها لم تحرز أي تقدم، بحسب ما أقر المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسون أمام مجلس الأمن الدولي نهاية سبتمبر/أيلول الماضي.
وأكد بيدرسون أن رئيسي الوفدين “متوافقان على بدء عملية بلورة إصلاح دستوري في سوريا”، مضيفا “(هناك) مدنيون لا يزالون يُقتلون ويصابون كل يوم” رغم أن البلاد تشهد “هدوءا نسبيا” منذ مارس/آذار الماضي.
وشدد على وجوب “القيام بأمر ما لتغيير الوضع، وكما تعلمون، إضافة لذلك، نواجه وضعا إنسانيا واقتصاديا بالغ الصعوبة. هناك أكثر من 13 مليون سوري يحتاجون مساعدة إنسانية، نحو 90% منهم يعيشون تحت خط الفقر”.
—————————-
هل ينبغي للدستور أن يُكتَب بدماء السوريين؟/ حسن النيفي
يوم الأربعاء الفائت ( 20 – 10 – 2021 ) استهدفت قوات نظام الأسد بالقصف المدفعي سوقاً شعبية في مدينة أريحا، وقد قضى ضحية هذا العدوان الآثم ثلاثة عشر مواطناً، أكثرهم من الأطفال، وأكثر من سبعين جريحاً. بالتأكيد لم يكن هذا العدوان هو الأول من نوعه، بل يندرج ضمن حرب مستمرة يشنها نظام دمشق ضدّ السوريين، وقد سبقت هذه المجزرة بحق سكان أريحا، بثلاثة أيام فقط، مجزرة أخرى قام النظام بتنفيذها في مدينة سرمدا المتاخمة للحدود التركية. ولعل اللافت للانتباه هو تزامن هذه المجازر مع انعقاد الجلسة السادسة من لقاءات اللجنة الدستورية في جنيف التي بدأت أعمالها يوم الإثنين 18 – 10 – 2021 .
ولئن بات معلوما لدى الجميع أن استراتيجية النظام في تعاطيه مع معارضيه وخصومه كانت تقتضي دوماً التلازم بين التصعيد العسكري، موازاة مع أي استحقاق سياسي، لتكون القوة العسكرية على الأرض هي بمثابة عاملٍ ضاغط على الخصم أثناء التفاوض، إلّا أن التصعيد الذي حصل في أريحا ربما بات يذهب إلى أكثر من ذلك، لأن الجهة المُستَهدفة ليست جهة عسكرية، كما أن الحيّز الجغرافي الذي وقعت فيه المجزرة بعيد كل البعد عن أي تموضع عسكري لأي فصيل معارض، هي سوق شعبية مكتظة بالمواطنين المدنيين من رجال ونساء وأطفال، فضلاً عن أن قوات الأسد قد نفذت جريمتها في وقت يمكن تسميته بوقت الذروة، من جهة تجمّع السكان، أي موعد ذهاب التلاميذ إلى مدارسهم، مما جعلهم أصحاب النصيب الأكبر من الإصابات. ولعلها ليست مصادفة على الإطلاق أن يتزامن وقوع المجزرة مع تهيؤ وفد نظام الأسد للجنة الدستورية في جنيف لطرح ورقة تتضمن أحد المبادئ الدستورية المراد مناقشتها، وعنوان هذا المبدأ أو الورقة هو (الإرهاب)، ربما كانت مفارقة بالفعل، إلّا أنها مفارقة معكوسة، أراد لها نظام الأسد أن تكون رسالة بالغة الدلالة والوضوح، ولعل أبلغ تلك الدلالات التي يريد النظام تأكيدها لمفاوضيه هي أن ما تسمّونه دستوراً وتعتقدون بأنه سيكون إحدى الوسائل الرادعة لسطوة الإجرام والتوحّش، ما هو إلّا وهمٌ تغرقون فيه، أو تستثمرونه أمام حاضنتكم لاستمراركم بهذا العبث، فها نحن اليوم نجلس معكم على طاولة واحدة، ونطرح عليكم موضوع (الإرهاب) كعامل يهدد أمن الدولة والمجتمع، ولكن في موازاة هذه اللحظات ذاتها نقوم بقتل أطفالكم، لتشاهدوهم، كما ليشاهدهم العالم أجمع على شاشات التلفزة كيف تتناثر أشلاؤهم وتتقطع أطرافهم، ولتشاهدوا كذلك مشاهد الهلع الموجعة المرتسمة على وجوه آباء وأمهات من فقدوا أبناءهم، كما يفصح مضمون الرسالة عن اعتقاد راسخ لدى النظام من خلال وفده المفاوض في اللجنة الدستورية بأن مناقشة مضمون المبدأ الدستوري المتعلق بالإرهاب، لا تتناقض البتة مع ما نقوم به من عمليات قتل واستئصال ودمار بحق سكان أريحا وسواها من المدن والبلدات السورية المستهدفة، لأن هؤلاء السكان – وأنتم جزء منهم – كلهم إرهابيون، بل ربما كانت عملية استهدافهم في هذا التوقيت بالذات، هي بمنزلة تأكيد لمصداقيتنا وجدّيتنا في طرح ومناقشة موضوع الإرهاب.
ليس ضرباً من التخمين أو الاستنتاج أن يكون السوريون المناهضون للأسد جميعهم إرهابيين، ذلك ما أكّده رأس النظام مراراً، حين أشار إلى أن الإرهابيين (ويعني من قاتل قوات النظام) لهم عائلات وأهلون وأقارب وأصحاب، وهؤلاء كلهم – بالتالي – يشكلون حاضنة للإرهاب في سوريا، وربما أفضت عملية استئصال هذه الحاضنة – وفقاً لتصورات الأسد – للوصول إلى (المجتمع المتجانس) الذي سيكون قوامَ الدولة الأسدية.
ثمة مشهدان يختزلان العلاقة بين السوريين كما هم يمارسون حياتهم اليومية من جهة، وبين الجماعات أو الكيانات التي تدّعي تمثيلهم والدفاع عن قضيتهم من جهة ثانية، يتجسد المشهد الأول بوجود عدد من وفد المعارضة في اللجنة الدستورية، يخوض نقاشاً في جنيف مع وفد نظام الأسد حول مبدأ بادر الأسديون بطرحه (مبدأ سيادة الدولة)، ويحتدم النقاش ساعات وساعات، حول تسمية الدولة: هل هي الجمهورية السورية أم الجمهورية العربية السورية؟ لينتقل النقاش بعد ذلك إلى الوجود الأجنبي في سوريا… إلى آخر ما هنالك من استطرادات. ويتجسّد المشهد الثاني في بقعة جغرافية صغيرة (مدينة أريحا) المكتظة بسكانها الذين ازداد عددهم بسبب حركة النزوح إليها من المدن والقرى المجاورة، إذ يتدفق المواطنون صباحاً باتجاه أعمالهم لكسب قوتهم، مصطحبين أطفالهم إلى المدارس، آملين أن يعودوا إلى منازلهم ولديهم ما يقيت عائلاتهم، ومنتظرين عودة أطفالهم من مدارسهم، إلّا أن مدفعية الأسد تباغتهم، فتقتل من تقتل، وتهدم البيوت، وتدمّر الممتلكات، ويتحول السوق المزدحم بعربات الخضراوات والمحال التجارية والمواطنين إلى بحيرة من الدماء، ولعل السؤال الذي يمتزج بغصّات وحسرات كثير من أهالي أريحا في تلك اللحظة: ألسنا نحن من السوريين؟ أليس من المفترض أن يكون الدستور الذي يسعى هؤلاء إلى كتابته هو من أجل حماية السوريين؟ لماذا لا يحمينا إذاً من الموت الذي يتربص بنا؟ أم أن الدستور لا يمكن كتابته إلّا بدمائنا؟ وربما استدعى هذا السؤال، سؤالاً آخر لا يقل إيلاماً عن سابقه: يتداعى أعضاء وفد المعارضة في اللجنة الدستورية من عدة دول يقيمون فيها (الغالبية العظمى من وفد المعارضة يقيمون خارج سوريا، في أوروبا وتركيا) للذهاب إلى جنيف، حيث اجتماعات اللجنة الدستورية، وربما وجد البعض في ذلك فرصة للسياحة والترفيه، يا ترى لو كان هؤلاء يعيشون في الداخل السوري، كما سكان أريحا وسواها، ويرون أطفالهم وذويهم في حال كحال أطفال أريحا وأهلها، هل سيتدافعون إلى جنيف بالحماس ذاته كما هم عليه، وهل سيكونون مقتنعين بالدور الذي يقومون به؟ وهل سيبقى لديهم الاعتقاد ذاته بأن الدستور الذي يعابثهم به بشار الأسد وحلفاؤه الروس سيحفظ أرواحهم وأرواح عائلاتهم، أم سيكون لهم كلام آخر؟
تلفزيون سوريا
—————————-
مسار جنيف والفشل المحتم/ رضوان زيادة
استؤنفت اجتماعات اللجنة الدستورية المصغرة في جنيف، لم تلق بالطبع أي ترحيب من المعارضة السورية التي انهالت عليها بألقاب الفشل والتآمر وهي محقة بذلك في وقت مبكر، لكن يصر المشاركون فيها على استكمالها ببلادة غريبة وعجيبة حقاً، وكأن لا صلة لهم أو قاعدة اجتماعية لهم يفترض بأي فريق تفاوضي أن يمثله.
وعندما اسمتعت إلى تقرير موفد تلفزيون سوريا إلى جنيف وهو يشرح ورقة المعارضة التي قدمت في اليوم الأول بعنوان الجيش والأمن والاستخبارات، ذهلني حجم السذاجة في الورقة، فقد أخذت تعاريف عامة لهذه المفاهيم من الإنترنت ولصقت بالورقة، ولذلك بدت كأنها مفاهيم عامة جدا لا علاقة لها بالظرف السوري والأهم أنه ما من علاقة بين كل هذه المفاهيم والدستور، إنها مفاهيم يتم الاتفاق عليها داخل إطار السلطة التشريعية والتنفيذية بعد أن يتم الاتفاق على شكل النظام السياسي الذي يفترض أن يحدده الدستور.
وعندما أتى الموفد للحديث عن ورقة النظام التي عنونت بعنوان “السيادة والإرهاب” زاد حجم التعجب وتضاعفت البلاهة مع الغباء في الورقة التي تحدث عنها الموفد، فإذا كانت هذه هي المفاهيم التي يتفاوضون حولها على مدى سنوات وهي كلها مفاهيم ليست لها علاقة بالدستور لا من قريب ولا من بعيد فمن المحتم أن هذه الجولة الجديدة ستلحق بسابقاتها في الفشل مع مضاعفة حجم الهزيمة التي يمكن أن تمنى بها المعارضة عندما تشارك في هذه المهزلة.
انسحاب المعارضة من هذه الاجتماعات يشكل ضرورة وأهمية قصوى ومسؤولية المبعوث الأممي أن يفكر في مسار جديد يعطي معنى لهذه المفاوضات والبحث عن دعم دولي لهذه المفاوضات التي يفترض بها أن تقود إلى تطبيق القرار 2254 وبدء الحل السياسي في سوريا، لكن هذه المفاوضات العبثية لا تقود إلا فشل يعقبه فشل آخر.
في 21 من أكتوبر 2013 نشرت في جريدة الحياة مقالا بعنوان “لماذا على المعارضة السورية حضور مؤتمر جنيف؟” أثار المقال حينذاك كثيرا من ردود الفعل المرحبة وربما لعب دورا في إقناع المعارضة المترددة وقتها في حضور أول مفاوضات غير مباشرة عقدت في جنيف برعاية الأمم المتحدة، وكان المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي وقتذاك من يشرف على المفاوضات ويضع أجندتها.
في ذلك المقال حاججت بأنه “يجب أن تظهر المعارضة السياسية والعسكرية سواء ممثلة في الجيش الحر أو الائتلاف حساً بالمسؤولية تجاه الشعب السوري المهجر والمشرد، إذ لا يعقل أننا لا نستطيع أن نقدم أجوبة لملايين السوريين حول انتهاء الأزمة وأمل عودتهم إلى بيوتهم، حول مصير أبنائهم وبناتهم المعتقلين في سجون نظام الأسد، والخوف يزداد يوما بعد يوم حول وفاتهم تحت التعذيب في ممارسة اعتادت سجون الاحتلال الأسدي على ممارستها بحق كل المعتقلين دون تمييز بين سنهم أو جنسهم”.
ولذا قلت إنه يجب أن تظهر المعارضة نوعاً من الإحساس بالمسؤولية تجاه كل ذلك، وأن النصر العسكري عبر الجيش الحر لا يمكن تحقيقه من دون تدخل عسكري خارجي بدا بعيداً وقتذاك بالرغم من استخدام الأسد للسلاح الكيماوي في الغوطة في ٢١ من آب 2013، حيث تجنب الأسد حينذاك الضربة العسكرية الأميركية عبر صفقة روسية تقضي بتسليم أسلحته الكيماوية مقابل تجنب الضربة.
ولذلك أضفت بأنه يجب أن تكون أولويات المعارضة السورية في التحضير لمؤتمر جنيف كالتالي:
-تجنب أي معارك جانبية تزيد من خسارة المعارضة لقيمتها وسمعتها في الشارع السوري حول من سيحضر اللقاء؟ ومن هو الوفد الذي سيمثل السوريين؟، وتركيز النقاش والحوار حول لماذا سنحضر إلى جنيف؟ وماذا يمكن أن نحققه من حضور المؤتمر؟
-ينص اتفاق جنيف الأول على ما يسمى “جسم انتقالي كامل الصلاحيات”، وبالتالي لا بد للمعارضة من الإصرار على تشكيل مجلس انتقالي لا دور للأسد فيه، يمتلك الصلاحيات الكاملة بما فيها الجيش والاستخبارات ويشرف على المرحلة الانتقالية، إلى حين إجراء انتخابات حرة ونزيهة بإشراف الأمم المتحدة، تسبقها إجراءات شاملة تشمل عودة المهجرين والنازحين.
-يجب أن تصر المعارضة على تشكيل إجراءات ثقة ومسارات متابعة تشرف عليها الأمم المتحدة، وهي: مسار المعتقلين السياسيين بحيث يجري تسليم كل اللوائح إلى الأمم المتحدة لإجبار نظام الأسد على إطلاقهم من دون أي شروط، ومتابعة شؤونهم بحيث تستطيع المعارضة أن تكسب ثقة الآلاف المؤلفة من العائلات السورية التي لديها معتقلون في سجون الأسد، والمسار الثاني يتعلق بفك الحصار عن المناطق المحاصرة وعلى رأسها الغوطة الشرقية وحمص ومخيم اليرموك، وتكون من مسؤولية الأمم المتحدة مراقبة وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل إلى هذه المناطق، أما المسار الثالث فهو التزام دولي ومن كل الدول الداعمة لمؤتمر جنيف بإعادة إعمار المناطق المتضررة والمنكوبة وإعطائها وأهلها تعويضات خاصة وسخية، فكل مناطق المعارضة أصابها الأسد بالدمار، وعلى المعارضة السياسية أن تعي ضرورة فتح كل الفرص لإعادة ملايين اللاجئين إلى بيوتهم بأمان وكرامة، فلم يذل السوري في عمره كما يخضع للإذلال اليوم في مخيمات اللجوء.
للأسف لم يتحقق شيء من ذلك خلال السنوات التسع الماضية وعقدت عدة جولات تفاوضية في جنيف أيضا بلا معنى أو حتى مبرر لعقدها دون تحضير من القائمين عليها في الأمم المتحدة.
وبالتالي وكما يقال “المكتوب مبين من عنوانه”، لن تقود المفاوضات المستأنفة مجدداً إلى أي حل، بل بالعكس تماماً ازداد الوضع على الأرض في سوريا سوءاً وتدهوراً، فارتفع عدد الشهداء إلى ما يقارب النصف مليون، وزاد عدد اللاجئين إلى ما يعادل الستة ملايين أما النازحون في وطنهم ففاق 9 ملايين، وبالتالي أكثر من نصف السكان تعرض للقتل والتهجير والتشريد مع سياسات الأسد التي ازدادت شراسة وهمجية.
وبالتالي ما هي نقاط القوة التي يمكن للمعارضة أن ترتكز عليها في مفاوضاتها السياسية في جنيف؟ عصفت في ذهني كثيرا وكثيرا فلم أجد ما يستحق عناء الذهاب إلى جنيف.
والأسوأ من ذلك كله أن المعارضة السياسة تشظت إلى معنى ضياع الهوية السورية تماما، فتحالفاتها باتت من يفرض عليها قرارها ولم يعد القرار الوطني موجها لها أو بوصلة لتركاتها.
يجب على المعارضة السياسية العمل على تشكيل قطب موازٍ مؤثر وفعال عبر تكثيف الاجتماعات الدورية والاتفاق على عدد من الخطوات السياسية ذات الأثر الجماهيري من مثل الدعوة إلى عدد من الاعتصامات السلمية والعلنية بشكل مشترك داخل سوريا وخارجها.
علينا أن نعتمد على الشباب كشريحة محورية في بناء التراكمات السياسية على أرض الواقع، ففعاليتهم في المشاركة يؤشر على الديمومة والاستمرارية والقدرة على الوصول إلى أكبر الشرائح تأثيراً في المجتمع السوري بحكم كونه مجتمعا شابا كما يدل على ذلك متوسط العمر لدى المجتمع السوري.
والجزء الأخير من عملية التحشيد تتعلق ببناء استراتيجية واضحة ومحددة الخطوات والأهداف لعملية الانتهاء من الألم وإشاعة الأمل بأن التغيير في سوريا ليس ممكنا فحسب بل قادم بكل تأكيد.
تلفزيون سوريا
——————————–
مفاوضات جنيف.. هدر الوقت لمصلحة مشروع الحل الروسي/ أسامة آغي
مرّ أكثر من عامين على تشكيل اللجنة الدستورية والحصاد لا شيء، فالنظام يفخخ جولات المفاوضات بإثارة قضايا لا تتعلق بمهمة اللجنة الدستورية المنوط بها صياغة مشروع دستور جديد، أو مهمة إصلاح دستوري ينتفي منه جوهر الاستبداد، ليحل محل ذلك جوهر نظام دولة مدنية تعددية، دولة مؤسسات حقيقية.
النظام وبرعاية روسية وتخطيط روسي يعمل على تعطيل سلة الدستور، كما عطّل الروس من قبل سلة الحوكمة، التي تقود إلى انتقال سياسي للسلطة في سوريا بموجب بيان جنيف1 والقرار الدولي 2254.
هذه السياسة التي يتبعها النظام برعاية حكومة بوتين، تهدف بالدرجة الأولى إلى محاولة إعادة تأهيل النظام الذي ارتكب ولا يزال جرائم كبرى ضد الإنسانية إضافة إلى جرائم حرب موثقة، وهذا ما تريده روسيا البوتينية، باعتبار نظام الأسد خير من يقدّم لها التسهيلات على كل الصعد السياسية والعسكرية والاقتصادية.
لكن في الجهة الأخرى، ونقصد جهة قوى المعارضة السياسية والعسكرية، فهذه القوى ينبغي عليها أن تكون قد اكتشفت جوهر أستانا وسوتشي ولعبة كسب الوقت مع إحداث مراكمة للتغيرات المتتالية على الأرض السورية.
لم تفكّر قوى المعارضة السورية بانتهاج سياسة مقاومة ثورية على الأرض، تستهدف الوجود الروسي والإيراني في سوريا، بل هي تلطّت خلف القرارات الدولية على أمل الدفع بها لتحقيق دحر الاستبداد وتحقيق الانتقال لوضع دولة مؤسسات ديمقراطية.
السياسة الثورية المطلوبة لمقاومة الاحتلالين الروسي والإيراني، تتطلب انعقاد مؤتمر وطني شامل، تحضره كل قوى المعارضة وقوى الثورة، ومهمته بناء مرجعية قيادية واحدة لها، هي من يرسم السياسات، ويخطط لعمليات دحر الاحتلالين الخطرين على السوريين، الا وهما الاحتلال الروسي والإيراني.
السياسة الثورية التي تتطلبها المرحلة، لا ينبغي لها إهمال التمسك بقرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها القرار 2254/2015، فخط التفاوض لا ينبغي أن يقف على فراغ قوة تسنده، هي في الحقيقة غائبة كفعل ثوري، مارسته الشعوب الأخرى من أجل انتصار شعبها على الاحتلالات والعدوان، ومن أجل بناء دولة مؤسسات تحمل على كاهلها النهوض التنموي الشامل.
إن الخلاص من صورة التمثيل السياسي الحالي لقوى الثورة والمعارضة، يعني بالضرورة خلاصاً وطنياً وثورياً من تداخل دور الأجندات الإقليمية والدولية في التمثيل السياسي الحالي.
الخلاص من الوضع الحالي لا يكون بتوسل المعارضة للمجتمع الدولي بمساعدتها في إنجاز الانتقال السياسي من نظام الاستبداد إلى نظام دولة المواطنة المتساوية التي تديرها مؤسسات شرعية منتخبة بصورة شفافة.
لقد قامت مجموعة قيادة مؤسسة الائتلاف بزيارة مطولة إلى الولايات المتحدة في فترة انعقاد الدورة السنوية للجمعية العامة، وكانت الغاية كسب تأييد عدد من الدول الفاعلة على المستوى الدولي، لكن غاب عن بال هذه المجموعة التي قادها السيد سالم المسلط رئيس الائتلاف الحالي، أن المجتمع الدولي لا يحترم تمثيلاً سياسياً ليس لديه أوراق قوة عسكرية وشعبية مؤثرة.
إن حصاد مجموعة قيادة الائتلاف هو حصاد لا يذكر، ولهذا كان من الأجدر لهذه المجموعة المتصدرة لمشهد تمثيل قوى الثورة والمعارضة، أن تحاول بناء أنساق قوتها جدياً من خلال تغيير استراتيجية عملها التي لم تنتج منذ عشرة أعوام غير بقائها المرهون بدعم إقليمي مشروط بتحقيق أهداف محددة.
إن مفاوضات جنيف بجولتها السادسة لن تكون بأفضل من الجولات الخمس السابقات، لأن من يعرف بنية نظام الأسد المغلقة على التشبث بالحكم والهيمنة على سوريا، لا يمكنه الاقتناع بأن النظام جاد في المساهمة بحل سياسي ينقذ الشعب السوري من وضعه الكارثي.
النظام يلعب لعبة التسويف ولعبة حرف مهام اللجنة الدستورية عن أهدافها المنوطة بوجودها والمتعلقة بكتابة مشروع دستور توافي ينقل البلاد إلى دولة المؤسسات الديمقراطية.
ليس المطلوب من المعارضة الانسحاب من اللجنة الدستورية، ولكن المطلوب هو تعزيز قوة حضورها من خلال مرجعيتها الثورية الواحدة بعد عقد المؤتمر الوطني الشامل لكل قوى الثورة وفصائلها العسكرية.
إن وحدة قوى المعارضة عبر مؤتمرها الشامل ومخرجاته، ستجعل القوى المنخرطة بالصراع السوري تعيد حساباتها السياسية وغير السياسية، وهذا الأمر ينسحب على الدول العربية التي تريد أن تساهم في إعادة تأهيل النظام، فوجود قوة سياسية تمثل الثورة السورية سيمنعها من هذه المحاولات، وسيدفع قوى دولية كالولايات المتحدة إلى إبقاء سيف العقوبات مشرعاً أمام النظام وحلفائه الروس والإيرانيين والميليشيات الطائفية.
إن قيادات من المعارضة لا تزال تمارس دورها في الحفاظ على مواقعها دون أن تقدّم أي إنجاز سياسي ملموس يستفيد منه الشعب السوري الذي دفع ثمن ثورته نزوحاً ولجوءاً وقتلاً ودماراً.
هذه القيادات يجب أن تختفي من مشهد تمثيل قوى الثورة والمعارضة، وهو أمر يحتاج إلى تبني منهجية عمل وطني ثوري خارج الأطر الأيديولوجية.
إن مهمة عقد مؤتمر وطني شامل يدعو له الائتلاف بالتعاون مع كل القوى السياسية والثورية السورية المناهضة للاستبداد، هي مهمة تاريخية ستفرض وجودها وقدرتها على لعب دور قيادة السوريين نحو أهدافهم التي بذلوا من أجلها كل غالٍ وثمين.
إن مرور أكثر من مئة يوم على استلام سالم المسلط رئاسة الائتلاف إلى جانب الهيئتين السياسية والرئاسية أثبت عدم قدرته على إنجاز أي عمل من شأنه تغيير دور المعارضة وقوى الثورة من الاتكاء على حنيّة المجتمع الدولي بحل سياسي يرضي السوريين، فهل ستذهب قوى المعارضة إلى خارج مربع عملها غير المنجز لأي تقدم على صعيد الخلاص من نظام الأسد الاستبدادي، وهذا يتجلى الآن في مفاوضات الجولة السادسة في جنيف.
التغيير مطلوب وطنياً وثورياً، ومن لا يجد بنفسه كفاءة التصدي لموضوع التغيير فعليه أن يعتذر من السوريين ويذهب إلى بيته، بدلاً من الوجاهة والفوائد الشخصية التي لن تجعل منه قائداً سياسياً أو ثورياً حقيقياً، فالثورية ليست تغريدات تندد وتشجب وتأسى وتتباكى، بل هي فعل تغير تاريخي.
موقع أورينت
———————————
إحباط وخيبة أمل يلحقان بمحادثات فرقاء سوريا! المبعوث الأممي يعلن فشل مفاوضات اللجنة الدستورية
عربي بوست
أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، الجمعة 22 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أن الجولة السادسة لاجتماع اللجنة الدستورية السورية كانت “محبطة للغاية”، ولم تصل إلى تفاهم لصياغة مسودة دستور جديد أو الاتفاق على موعد الجولة القادمة.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عُقد في نهاية الاجتماعات بمقر الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية.
فقد قال بيدرسون إن المناقشات التي جرت في وقت سابق من يوم الجمعة “كانت مخيبة للآمال؛ فلم تحقق أية نتيجة، ولم تحقق ما كان يُؤمل إنجازه”.
من جهتها، أوضحت المعارضة السورية أن “النظام لم يقدم أي ورقة للتوافق على مبادئ دستورية في اليوم الختامي لاجتماعات اللجنة الدستورية”.
.@GeirOPedersen will brief the media at 4.45pm (Geneva) about the Sixth Session of the Syrian Constitutional Committee. Watch here: https://t.co/kWPaF16S35 pic.twitter.com/eY685EMTuk
— UN Special Envoy for Syria (@UNEnvoySyria) October 22, 2021
في وقت سابق من يوم الجمعة، وصلت الوفود السورية المكونة للجنة الدستورية، وهي النظام والمعارضة والمجتمع المدني، إلى مقر الأمم المتحدة في جنيف، لتعقد آخر اجتماعات الجولة السادسة التي انطلقت يوم الإثنين 18 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
4 مبادئ دستورية
كان الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن المعارضة هادي البحرة، قد أعلن في وقت سابق، أن المجموعة المصغرة للجنة، ستعمل على تلخيص المشتركات للمبادئ الدستورية المقدمة بختام الجولة.
في حين عقد الرئيسان المشاركان للجنة الدستورية عن المعارضة هادي البحرة، وعن النظام أحمد الكزبري، اجتماعاً في مستهل اجتماعات الجمعة، للاتفاق على آلية كتابة المشتركات التي ستخرج بها الجولة السادسة.
بخلاف مؤتمر المبعوث الأممي إلى سوريا، من المقرر أن تعقد الوفود المشاركة بالاجتماعات مؤتمرات صحفية أيضاً، تتحدث عن أعمال الجولة ونتائجها، في وقت ستواصل فيه وفود الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران لقاءاتها الثنائية والثلاثية.
كانت اللجنة الدستورية المصغَّرة قد ناقشت، خلال الأيام السابقة، 4 مبادئ هي: السيادة (مقدّم من جانب وفد النظام السوري)، والجيش والأمن والقوات المسلحة والمخابرات (مقدّم من جانب المعارضة)، وسيادة القانون (مقدّم من جانب وفد المجتمع المدني)، والإرهاب والتطرف (مقدّم من جانب وفد النظام).
فيما تتكون المجموعة المصغرة من اللجنة من 45 عضواً يمثلون النظام والمعارضة والمجتمع المدني بالتساوي، وتأتي جولتها السادسة بعد شهور من التوقف و5 جولات من الفشل.
مهمة تلك اللجنة، التي تأسست عام 2019، بعد جهود من الدول الضامنة لمسار أستانة (تركيا وروسيا وإيران)، تتمثل في وضع دستور جديد يفضي إلى انتخابات تُجرى تحت إشراف الأمم المتحدة.
الدور الروسي
مؤخراً، قال دبلوماسيون غربيون إن روسيا دفعت دمشق في الأسابيع الأخيرة لإبداء مرونة في المحادثات، وزار بيدرسن موسكو مرتين في الشهور الأخيرة.
كان بيدرسون قد أعلن، في يناير/كانون الثاني المنصرم، أن ممثلي الأسد رفضوا مقترحات تقدمت بها المعارضة السورية، إضافة إلى أفكار خاصة طرحها المبعوث.
يشار إلى أنه في مارس/آذار 2011، اندلعت بسوريا احتجاجات شعبية طالبت بتداول سلمي للسلطة، لكن رئيس النظام بشار الأسد، أقدم على قمعها عسكرياً وبشكل دموي، ما دفع بالبلاد إلى حرب مدمرة.
تلك الحرب تسببت في أكبر أزمة لاجئين في العالم. وتستضيف الدول المجاورة لسوريا 5.6 مليون لاجئ، بينما تستضيف الدول الأوروبية أكثر من مليون سوري.
———————
تحديد موعد الجولة المقبلة من اللجنة الدستورية
حدّد الرئيسان المشتركان للجنة الدستورية، من جانب النظام أحمد الكزبري، ومن جانب المعارضة هادي البحرة، مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة، غير بيدرسون، موعد الجولة السابعة من اجتماعات اللجنة.
وقالت “هيئة التفاوض السورية” اليوم، الجمعة 22 من تشرين الأول، عبر حسابها في “تويتر“، إن البحرة حدد الدورة المقبلة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية خلال الشهر المقبل.
عاجل| هادي البحرة: “الدورة القادمة من اجتماعات #اللجنة_الدستورية الـ #سورية ستكون الشهر القادم.” pic.twitter.com/BUxsTzlrmP
— هيئة التفاوض السورية – اللجنة الدستورية SNC-CC (@SyrConst) October 22, 2021
بينما قال الكزبري لوكالة “سبوتنيك” الروسية، إن “الجولة الجديدة للقاء المجموعة المصغرة للجنة الدستورية، ستُعقد في أواخر تشرين الثاني أو مطلع كانون الأول في جنيف”.
وأضاف، “نحن نناقش الآن موعد اجتماع جديد، سيكون في تشرين الثاني، أو على الأرجح أواخر تشرين الثاني- أوائل كانون الأول”.
وقال رئيس لجنة التفاوض المشترك من طرف المعارضة، هادي البحرة، إن كل فريق سيقدم في اليوم الخامس صيغة معدلة عن المبدأ الدستوري الذي طرحه خلال اجتماعات الجولة الحالية، وتمت مناقشته من قبل أعضاء الهيئة المصغرة للجنة الدستورية، بعد التعديل وفق النقاشات والملاحظات التي أُخذت.
وستُقرّ المبادئ التي تمت مناقشتها خلال الأيام الماضية والتي وافق عليها جميع أعضاء الهيئة المصغرة، وفي حال لم يتم التوافق عليها، يحيل الرئيسان المشتركان للجنة التفاوض المبادئ للتصويت، أو تُرفع مباشرة إلى اللجنة الموسعة.
——————
======================
تحديث 23 تشرين الأول 2021
—————————–
نقاش في متاهة المفاوضات السورية/ ماجد كيالي
لعل التجربة التفاوضية الفلسطينية ـ الإسرائيلية المضنية والمعقّدة والطويلة والمريرة، والمتضمنة مداخلات دولية، هي أكثر تجربة تشبه المفاوضات السورية ـ السورية التي تجري منذ سنوات بين النظام والمعارضة، بكل تشعّباتها وعناوينها وصيغها.
هكذا بات السوريون إزاء دوامة، أو متاهة، من مفاوضات متوالية، وعقيمة، لا يعرف أحد متى ستنتهي، أو كيف تتشعب قضاياها؛ هذا أولاً. ثانياً، بينما تجرى مفاوضات لحل الصراع السوري، فإن النظام يواصل فرض سيطرته فيما المعارضة تتآكل سياسياً وميدانياً. ثالثاً، لم يعد بالإمكان الحديث عن مجرد صراع، أو تفاوض، بين السوريين، فقط، إذ إن الأمر خرج من أيدي الطرفين المعنيين مباشرة (النظام والمعارضة)، وبات رهن المداخلات الخارجية، الدولية والإقليمية، مع توزع النفوذ السياسي والأمني في سوريا على عديد من الدول، لا سيما الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا وإسرائيل. رابعاً، الأهم من كل ما تقدم أن العملية التفاوضية خرجت، أو أُخرجت، من مسارها الأساسي المتعلق باستعادة الاستقرار من مدخل التغيير السياسي في سوريا، إذ باتت تتناول الصراع السوري من بابه الإنساني، في أغلب الأحوال (سيطرة النظام على الأرض السورية، البدء بالإعمار، عودة المهجرين، إنهاء العقوبات).
على ذلك، من الصعب توقّع أي جديد في اجتماعات الجولة السادسة للجنة الدستورية السورية، أيضاً بالقياس الى الجولات الخمس السابقة فقط، التي بدأت الأولى منها قبل عامين في تشرين الأول (أكتوبر) 2019، وبالقياس الى مفاوضات جنيف في دوراتها التسع، التي انطلقت، قبل تسعة أعوام، من بيان جنيف الأممي (لعام 2012)، ومفاوضات آستانا في دوراتها الـ (15)، التي بدأت قبل خمسة أعوام.
وبشكل أكثر تحديداً، ثمة أربع ملاحظات هنا، الأولى، ومفادها أن الطرفين المتفاوضين لم يجلسا سوياً للحوار ولا مرة، فمفاوضات جنيف طوال سنواتها التسع، مثلاً، كانت تُجرى بين كل طرف على حدة مع المبعوث الدولي، أما مفاوضات آستانا، في سنواتها الخمس، فقد كانت تُجرى عملياً بين وزراء خارجية ما يعرف ببلدان ثلاثي آستانا (روسيا، وتركيا، وإيران)، علماً أن الصراع السوري شهد عدة مبعوثين دوليين منذ بدايته (2011)، بدءاً من كوفي عنان إلى الأخضر الإبراهيمي وستيفان ديمستورا، وصولاً إلى غير بيدرسون، الذي يدير المفاوضات الحالية في اللجنة الدستورية. فقط تم في هذا الاجتماع للجنة الدستورية اجتماع مشترك بين بيدرسون ورئيسي وفدي النظام أحمد الكزبري، والمعارضة هادي البحرة، لكن ذلك لا يمكن اعتباره خرقاً في المفاوضات، إذ إن مفاوضات جنيف وآستانا كانت شهدت جلسات افتتاحية، يجلس فيها الجميع في قاعة واحدة، لكن ذلك كان له طاب بروتوكولي فقط.
الملاحظة الثانية، التي يفترض التذكير بها هنا، مفادها أن التفاوض في شأن وقف الصراع السوري لم يعد يتقيد بالقرارات الدولية، لا ببيان جنيف (2012)، ولا بقراري مجلس الأمن الدولي الرقم 2118 (لعام 2013)، والرقم 2354 (لعام 2015)، إذ باتت المفاوضات رهينة الإرادات الدولية والإقليمية، بخاصة رهينة التوافق الأميركي ـ الروسي، كما في مفاوضات جنيف، أو رهينة التوافق الروسي ـ الإيراني ـ التركي كما نشهد في مفاوضات آستانا.
الملاحظة الثالثة، وهي إن اللجنة الدستورية التي تشكلت بقرار أممي، (أصدره الأمين العام للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر 2019)، بناء على مخرجات مؤتمر الحوار السوري، الذي كان عقد في مدينة سوتشي (روسيا في كانون الثاني/يناير 2018)، تضم ثلاثة فرقاء من النظام والمعارضة والمجتمع المدني مع كوتا نسائية، حيث لكل فريق 50 عضواً، في حين تُجرى الاجتماعات ضمن لجنة مصغرة تضم 15 عضواً عن كل فريق، لكن الأهم هنا أن المكانة التمثيلية لكل فريق، أو قدرته على تمرير كل صيغة يتم التوصل اليها في الجهة التي يفترض أنه يمثلها، أمران مشكوك بهما، وهذا الأمر يتعلق بالفريق الذي يمثل النظام، كونه هو الطرف الأساسي، والأقوى، والأكثر سيطرة، في هذه المعادلة التفاوضية، كما في غيرها.
الملاحظة الرابعة، تتعلق بكلام بيدرسون عن التوصل، في المفاوضات الحالية، “إلى توافق بين طرفي الحكومة والمعارضة على صيغة للإصلاح الدستوري في سوريا”، وفقاً لمبادئ أربعة “هي السيادة والإرهاب ومبدأ فصل السلطات واستقلالية القضاء وسيادة القانون”، إذ ثمة مضامين سياسية لبعض المسائل، لا علاقة لها بالدستور، وإنما بمداخلات الصراع الجاري. فمثلاً، كيف ستتم مناقشة وجود ميليشيات أجنبية في سورية كمثل وضع “حزب الله” و”زينبيون” و”فاطميون” و”عصائب الحق” ضمن بند الإرهاب؟ وهل يمكن استثناء الوجود العسكري الإيراني في سوريا من نقاش بند السيادة؟ أما في القضايا الدستورية، كمثل فصل السلطات واستقلالية القضاء، ثمة شك في إمكان فرض صيغة مناسبة مع نظام تغول على الدولة، واحتكر كل السلطات، في بلد تتوارث عائلة فيه السلطة؟
الفكرة هنا أن ما يُجرى، مع الأسف، هو مجرد تمارين، وملهاة، أو متاهة، يتم أخذ الطرفين المتصارعين اليها (النظام والمعارضة)، في حين ليس ثمة بعد قرار دولي بإنهاء الصراع السوري، بهذا الشكل أو ذاك، إذ إن حسم الأمر يتطلب أساساً توافر إرادة دولية، بخاصة أميركية، لإنهاء الصراع، من مدخل وقف الأعمال العسكرية، وإخراج القوات الأجنبية، النظامية والميليشيوية من سوريا، والذهاب نحو عملية سياسية انتقالية، تتضمن التوافق على مبادئ دستورية جامعة، وإجراء انتخابات يقرر فيها السوريون مصيرهم. من دون كل ذلك، أو إلى حين ذلك، سيبقى السوريون في تلك المتاهة أو الملهاة التي تستنزفهم.
النهار العربي
—————————
«وثائق جنيف» تكشف فجوة دستورية بين دمشق والمعارضة/ إبراهيم حميدي
بيدرسن يعبّر عن «خيبة كبيرة» في ختام الجولة السادسة… و «الشرق الأوسط» تنشر مقترحات الوفود المشاركة
انتهت الجولة السادسة من اللجنة الدستورية السورية في جنيف أمس، بـ«خيبة كبيرة» للمبعوث الأممي غير بيدرسن، لدى وقفها عند «حافة المرونة» التي وضعتها دمشق، ما وضع مستقبل العملية السياسية في مرحلتها المقبلة في ملعب موسكو لاتخاذ «قرار سياسي»، كي تقوم بحملة دبلوماسية باتجاهين: الأول، مع الحكومة السورية كي توافق على المضي قدماً إلى الجولة السابعة وفق المرجعية العملياتية السابقة. الآخر، مع دول عربية وغربية للحصول على تنازلات منها في ملفي «التعافي المبكر» وإيصال المساعدات «عبر الخطوط» للالتفاف على شروطها لرفع العزلة والعقوبات، بعد ما أظهرته دمشق من «مرونة».
وقال بيدرسن، مساء أمس في ختام الجولة السادسة، إنه شعر بـ«خيبة كبيرة» لأنه لم يتم الانتقال إلى صوغ المبادئ الدستورية الأربعة المقترحة في الأيام الأربعة الماضية أو على موعد الجولة السابعة، مشيراً إلى ضرورة توفر «رغبة سياسية» للوصول إلى «عملية الصياغة» بعدما قرر وفد الحكومة في اليوم الأخير «عدم تقدير صياغات جديدة».
ويعد هذا صدمة للجهود التي بذلها بيدرسن في الأشهر الماضية، إذ إنه خاض حملة دبلوماسية لإيصال وفدي الحكومة والمعارضة إلى اتفاق حول آلية العمل للبدء بـ«صوغ الدستور» وعقد الجولة السادسة. بالفعل، انتزعت موسكو موافقة دمشق على «آلية عمل»، بفضل تدخلات رفيعة بما في ذلك بحث الموضوع خلال لقاء الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره السوري بشار الأسد في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي.
عليه، تقرر عقد الجولة السادسة بين 18 و22 الشهر الجاري، وفق الاتفاق المبرم، برعاية أممية في منتدى جنيف، الوحيد الذي لا يزال يوفر للمعارضة تعاطياً ندّياً مقابل الحكومة. بالفعل، عقد بيدرسن يوم الأحد الماضي، اجتماعاً ثلاثياً ضم رئيسي وفدي الحكومة أحمد الكزبري والمعارضة هادي البحرة، وذلك لأول مرة منذ تشكيل اللجنة الدستورية والاتفاق على «معايير العمل» قبل سنتين. وجرى التفاهم عشية انعقاد الجولة السادسة يوم الاثنين الماضي، على إجراءات عملية، بحيث يتم بحث أربعة مبادئ دستورية، مبدأ واحد لكل يوم، إذ يقدم وفد الحكومة المبدأ الأول والرابع، ووفد المعارضة المبدأ الثاني، مع إعطاء المجتمع المدني صلاحية تقديم المبدأ الثالث. كما جرى التوافق على أن يقدم كل طرف الاقتراح خطّياً ثم يجري النقاش عليه وعلى جميع المبادئ في اليوم الأخير، أمس، مع الاستعداد لاستكمال تقديم المبادئ في جولتين مقبلتين قبل آخر العام.
– مواكبة غربية
وعلى هامش الاجتماعات، عُقدت اجتماعات دبلوماسية احتفالية خصوصاً من الضامنين الثلاثة لعملية آستانة، روسيا وإيران وتركيا، شارك فيها المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرينيتيف الذي وصل إلى جنيف قادماً من دمشق حيث التقى الأسد. كما حضر إلى مقر الأمم المتحدة نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي إيثان غولدريش، مسؤول الملف السوري الجديد، وعقد سلسلة اجتماعات مع بيدرسن ومبعوثين غربيين آخرين من النرويج وإيطاليا، إضافة إلى لقاءات مع وفود سورية معارضة. وتضمنت مواقف المبعوثين الغربيين في جنيف أو في عواصمهم «ترحيباً حذراً» بعمل اللجنة الدستورية في جولتها السادسة، مع دعوات إلى فتح بنود أخرى في القرار الدولي 2254، بما في ذلك وقف شامل لإطلاق النار وملف المعتقلين والعودة الطوعية والآمنة للاجئين.
– رفض الأجندات الانفصالية
وحسب أوراق المبادئ الأربعة، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نصها، قدم الكزبري، مقترحه لبند «سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة أراضيها»، ويقع في صفحتين وستة عناصر، تضمن رفضاً لـ«التدخل في شؤونها الداخلية بأي شكل كامل» وأن سوريا «موحدة أرضاً وشعباً وغير قابلة للتجزئة» بحيث «يخضع للمساءلة القانونية كل من يتعامل مع أي طرف خارجي بأي طريقة غير شرعية».
وإذ تضمنت الورقة بنداً بالتمسك بـ«تحرير الأراضي المحتلة» بوصفها «واجباً وطنياً… ويعد أي شكل من أشكال التعاون الذي يسهّل استمرار أو ترسيخ هذا الاحتلال خيانة عظمى»، فإنها غمزت أكثر، في البند اللاحق، من قناة الأكراد السوريين في شرق الفرات، لدى وضع بند خاص يتضمن رفض الانفصال. وجاء فيه: «تعد أي مشاريع أو توجهات انفصالية أو شبه انفصالية… مناقضة لمبدأ وحدة الأرض السورية ومخالفة لإرادة الشعب، وينظم قانون الإدارة المحلية سلطات وصلاحيات مجالس الوحدات الإدارية». وزاد أن لـ«الدولة الحق الحصري في السيادة على الموارد الطبيعية والثروات الباطنية».
وينسجم هذا مع الموقف الذي عبّر عنه مدير مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك، لوفد كردي بقيادة إلهام أحمد كان زاره في دمشق، برفض «الإدارة الذاتية» واقتراح العمل بموجب قانون الإدارة المحلية رقم 107، ورفض سيطرة الأكراد بدعم أميركا على الغاز والنفط والثروات الزراعية في شمال شرقي سوريا. كما يتطابق مع البيانات التي أعلنها ضامنو عملية آستانة في اجتماعات على مستوى القادة أو الخبراء.
– حياد الجيش والأمن
في اليوم الثاني، قدم البحرة «حصته الدستورية» من المبادئ في هذه الجولة، وتتعلق بـ«الجيش والقوات المسلحة والأمن والاستخبارات»، حيث يقع اقتراحه في صفحتين، وتضمن أن «الدولة تلتزم ببناء مؤسسات الأمن والمخابرات لحفظ الأمن الوطني وتخضع لسيادة القانون وتعمل وفق الدستور»، وأن «الجيش والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية مؤسسات وطنية تضمن السيادة… وتحدد عقيدة الجيش بعيداً من الانتماءات الآيديولوجية والحزبية وتحتكر السلاح واستعماله»، وأن الجيش «ملزم بالحياد السياسي التام ويدعم السلطات المدنية وفق ما يضبطه القانون»، وأن أجهزة الأمن مكلفة حماية الأمن والأفراد والممتلكات وفق «احترام مبادئ حقوق الإنسان الأساسية وفي إطار الحياد السياسي التام».
ويوم الأربعاء، قدم وفد المجتمع المدني «المحسوب على المعارضة»، مقترحه لمبدأ «سيادة القانون» في صفحتين، تضمن عناوين وجملاً حقوقية عامة انطلقت بعض جملها من الدستور السوري الحالي للعام 2012 مثل أن السوريين «متساوون أمام القانون في الواجبات والحقوق» وأن «المعاهدات الدولية التي التزمت بها تأتي في منزلة أدنى من الدستور وأعلى من التشريعات الوطنية». ولم يُعرف ما إذا كان المقصود هنا الإشارة إلى الاتفاقات العسكرية المبرمة بين الحكومة السورية والجانب الروسي حول وجود قواعد عسكرية لـ49 سنة أو أكثر في غرب البلاد.
كما نص المقترح على أن «جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان لا تسقط بالتقادم، وتعمل كل مؤسسات الدولة الوطنية بتطبيق مبدأ عدم الإفلات من العقاب» وأن «العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون». وقال دبلوماسي إن هذا البند يتضمن إشارة إلى الجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت في سوريا ووثّقتها تقارير أممية، في وقت تدعم دول غربية عملية «المساءلة والمحاسبة» في سوريا. وأضافت الورقة أنه «لا يجوز تحري أحد أو توقيفه إلا بموجب أمر قرار صادر على السلطة القضائية» وأن يبلغ كل شخص خلال 24 ساعة «أسباب توقيفه»، ولا يحق لـ«السلطة الإدارية توقيف أحد احتياطياً إلا بموجب قانون الطوارئ» مع «حظر تشكيل محاكم استثنائية».
– دعم الجيش
وفي اليوم الرابع، قدم الكزبري مسودة مبدأ «الإرهاب والتطرف» مستنداً إلى أوراق سابقة سُلمت إلى الأمم المتحدة عن ذات الموضوع. ونصّت الورقة الجديدة على خمسة مبادئ تتضمن التزام الدولة «مواجهة الإرهاب بجميع صوره وأشكاله وتعقب مصادر تمويله، وتعد مصادر تمويله جريمة يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات»، إضافةً إلى «رفض الفكر المتطرف والعمل على استئصاله… ويتم إنزال أشد العقوبات وفقاً للقانون بمن ينتمي إلى (داعش) أو (جبهة النصرة) و(الإخوان المسلمين)».
وأضافت الورقة أن «الجيش العربي السوري والقوات المسلحة مؤسسات وطنية تحظى بدعم ومؤازرة الشعب، وهي مسؤولة عن الدفاع عن سلامة أرض الوطن وأمنه وسيادته من جميع أشكال الإرهاب والاحتلال والتدخل والاعتداءات الخارجية» وضرورة «تكاتف أبناء الشعب إلى جانب الجيش العربي السوري والقوات المسلحة في مواجهة الإرهاب، وتعزيز الأمن والاستقرار في أراضي الجمهورية العربية السورية كافة واجب وطني»، إضافة إلى القول إن «الشهادة في سبيل الوطن بما في ذلك في إطار محاربة الاحتلال أو مكافحة الإرهاب قيمة عليا، وتكفل الدولة ذوي الشهداء وفقاً للقانون».
– فجوة كبرى
وبعد تقديم كل بند، جرت مناقشات وقدم كل طرف بعض التعديلات المقترحة. وحسب مشاركين، كان النقاش جدياً ومهنياً مع لقاءات دورية بين الكزبري والبحرة وبيدرسن على عكس الجولات السابقة، لكنه أظهر في الوقت نفسه فجوة كبيرة بين موقفي وفدي الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني (ينقسم أعضاؤه إلى موالين لكل طرف)، وسط رفض وفد الحكومة تقديم مقترحات خطّية جديدة أو الانتقال إلى وضع المقترحات في صياغات مشتركة، الأمر الذي أدى إلى الاتفاق بين القيمين على حل وسط، على تخصيص جلسة أمس لاستمرار تدفق التعليقات في اللجنة المصغرة التي تضم 45 عضواً، من دون الاتفاق على آلية لتحويل هذه الأوراق إلى صيغة مكتوبة تدعم الإصلاح الدستوري في سوريا.
كما ظهرت مؤشرات إلى صعوبة موافقة الكزبري على عقد الجولة السابعة في الشهر المقبل، والتريث في المضي قدماً في العمل وفق الآلية المتفق عليها بين الأمم المتحدة والأطراف الفاعلة. ويُعتقد أن هذا «سيضع الكرة في الملعب الروسي»، كي تقوم موسكو بإقناع دمشق كي يعمل وفد الحكومة وفق «آلية العمل» المتفق عليها بين الكزبري والبحرة بـ«تسهيل» من بيدرسن، خصوصاً أن مسؤولين من روسيا حثوا نظراءهم الأميركيين والغربيين ومن دول عربية على «تقديم حوافز لسوريا في مجال تنفيذ البنود الخاصة بالتعافي المبكر وإيصال المساعدات عبر خطوط التماس بموجب القرار الدولي الجديد الخاص بالمساعدات الإنسانية مقابل مرونتها باللجنة الدستورية وفق القرار 2254، خصوصاً أن موسكو تعد هذه الأمور إنجازات تلتفّ على العقوبات والمواقف الغربية الرافضة لدعم الإعمار أو فك العزلة ورفع العقوبات قبل تحقيق تقدم ذي مغزى في العملية السياسية لتنفيذ القرار 2254».
الشرق الأوسط
————————
نهاية جولة الدستورية:بيدرسن خائب..التفاؤل كان في غير مكانه
أعلن المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن الجمعة، اختتام الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، بفشل ذريع بعد 5 أيام من الجلسات من دون تحقيق أي تقدم.
ورغم أن أعضاء في الوفود الثلاثة المشاركة، بينهم رئيس وفد المعارضة هادي البحرة، كانوا قد وصفوا الجلسات الأولى من الجولة ب”الايجابية”، إلا أن النقاشات التي أخذت حيزاً خلال اليومين الماضيين كانت “مخيبة للآمال حسب أحد أعضاء وفد المعارضة”.
وفي مؤتمر صحافي عقب نهاية الجولة، قال بيدرسن إن “وفد النظام أخبره أنه لن يقدم للجنة بعد الآن أي نصوص جديدة حول المبادئ الدستورية” من دون تحديد الأسباب، وبالتالي فقد تم العدول عن عقد الجولة السابعة مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 2021 كما كان مقرراً من قبل، بانتظار تحديد موعد جديد.
وكانت الجولة السادسة قد انطلقت في 19 تشرين الأول/أكتوبر الحالي بلقاء مباشر هو الأول من نوعه بين رئيسي وفدي المعارضة هادي البحرة والنظام أحمد الكزبري، بحضور بيدرسن، الذي استبق الجولة بلقاءات مكوكية مع مختلف الأطراف لاقناعهم بعقد هذه الجولة.
ووصف بيدرسن مناقشات الجمعة في جنيف بأنها “كانت مخيبة للآمال ولم تحقق ما كان يُؤمل إنجازه”.
فشل متوقع
نتيجة لم تكن مفاجئة، بناءً على أداء وفد النظام خلال جلسات يومي الأربعاء والخميس، حيث كشف أحد أعضاء وفد المعارضة المشارك في الجلسات ل”المدن”، أن “الطرف الآخر عاد لأسلوب النقاش العقيم وإضاعة الوقت واستفزاز المحاورين خلال مناقشة بندي الإرهاب و سيادة القانون، ما أعطى انطباعاً واضحاً عن رغبة هذا الوفد بافشال المفاوضات، بعد التزامه خلال أول يومين على غير العادة”.
وبعد أن قدّم وفد النظام مقترح النص الدستوري الأول الأحد، وخصصه للحديث عن “سيادة الدولة ووحدة أراضيها” تقدم وفد المعارضة الاثنين ببند يتعلق ب”مؤسسات الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية”، بينما خصصت جلسات يوم الثلاثاء لمناقشة مقترح قدمه وفد المجتمع المدني حول “سيادة القانون”، أما الأربعاء فقد قدّم وفد النظام مقترحه الثاني المتعلق ب”الإرهاب”.
وفي تصريحات صحافية، عبّر عضو وفد المعارضة صائب تليد عن دهشته من إفشال وفد النظام للنقاشات بهذه الطريقة، مشيراً إلى أن “الجميع كان يتوقع ذلك لكن أحداً لم يتصور أن يكون بهذه السلبية حتى خلال مناقشة بند سيادة القانون، الذي يفترض ألا يكون إشكالياً، فتصوروا كيف يكون الحال مع البنود الأخرى، وخاصة بند الإرهاب”.
وكان لافتاً أن النص الدستوري الذي اقترحه وفد النظام يتضمن تصنيف جماعة “الاخوان المسلمين” المعارضة كجماعة “إرهابية” إلى جانب كل من تنظيمي “داعش” و”القاعدة”.
أخطاء المعارضة
لكن غضب الكثيرين من المعارضين حيال الحماس المستمر الذي يبديه البحرة نحو المسار الدستوري لم يتوقف على ذلك، ولم يتعدّاه فقط إلى القبول بطرح “التعديل الدستوري” بدلاً عن كتابة دستور جديد”، بل تجاوزه إلى انتقادات أخرى تقنية أيضاً.
ورأى الباحث في مركز “الحوار السوري” للدراسات أحمد قربي أنه حتى “الوثيقة التي قدمها وفد المعارضة بخصوص الجيش والأمن والقوات المسلحة خطيرة جداً” على المعارضة نفسها.
وقال في تصريح ل”المدن”: “مكمن الخطورة في هذه الوثيقة أن صياغة موادها جاءت وكأننا نعدّ دستوراً ونحن في حالة دولة مستقرة، لديها مؤسسات تقنية احترافية تحتاج فقط إلى نصوص لتنظيمها، بحيث أنها تتحدث عن تنظيم المؤسسات والتزامها بالقانون، من دون الحديث عن ضرورة إعادة هيكلتها”.
وأضاف قربي أن “إشكاليتنا كانت وما تزال في هيكلية هذه المؤسسات، ومعالجتها البنيوية تتم عادة إما باتفاق سياسي سابق على الدستور، أو بإعلان دستوري مؤقت، أما وأن الخيارين لم يُتاحا حتى الآن، فالأفضل كان التوجه إلى النصوص الدستورية التفصيلية، أو ما يطلق عليه الدساتير البرامجية، التي تدخل في التفاصيل، بصياغة شبيهة بما جاء في الإطار التنفيذي الصادر عن الهيئة العليا للمفاوضات عام 2016، الذي تحدث بالتفصيل عن المجلس العسكري في المرحلة الانتقالية، ولم يقتصر فقط على ذكر المبادئ العامة”.
وأكد أنه من الجيد أن يُشار إلى حياد هذه المؤسسات عن السياسة، ولكن الأفضل الإشارة إلى تجريم الانتماء إلى التيارات السياسية والأحزاب من أفراد القوات المسلحة أو ترويجهم لأية أفكار حزبية…إلخ، والحديث عن أن فكرة الجيش العقائدي هي فكرة مدمرة للدولة والمجتمع، وتعمل الدولة على تجريمها ومعاقبتها والتخلص من تبعاتها داخل الجيش والأمن مثلاً.
لكن المتحدث باسم وفد المعارضة العميد ابراهيم جباوي حمّل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي المسؤولية عن تلاعب وفد النظام بالمسار الدستوري، من خلال عدم ممارسة أي ضغط عليه.
واعتبر جباوي في حديث ل”المدن”، أن الخطأ الأكبر الذي ارتكبته الأمم المتحدة هو توصيف بيدرسن ب”الميسّر” وليس الوسيط، ما أفرغ مهمته من مضمونها، وجعله غير قادر على القيام بأي دور خلال المفاوضات، وبات دوره فقط الحضور والاستماع كشاهد لا أكثر، بحجة أن الحل سوري-سوري، و”هو أمر غير واقعي في ظل تعنت النظام واستحكام الخلاف بين روسيا والولايات المتحدة والذي يدفع ثمنه السوريون دون أفق”.
وأضاف “النظام لا يعترف رسمياً باللجنة الدستورية، وفي الوقت نفسه يصف وفده بالوفد الوطني، وبالتالي فوفد المعارضة غير وطني، وهو مستمر بتلاعبه وسلبيته لدفعنا إلى الانسحاب من مفاوضات اللجنة كي يقول للعالم إن الطرف الآخر هو من يعطل العملية السياسية”. وتابع: “يبدو أن المجتمع الدولي يريد ذلك أيضاً للتغطية على عجزه وفشله في الايفاء بالتزاماته الأخلاقية والقانونية، وتسريع عملية إعادة تعويم النظام”.
بعد بداية تحمس لها المبعوث الدولي ورئيس وفد المعارضة، وكان يتوقع أن تعقبها جولتان إضافيتان قبل نهاية العام 2021، انتهت الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية التي كانت مخصصة لصياغة أولى النصوص على فشل جديد، بعد خمس جولات استغرقت عامين من دون تحقيق أي تقدم على هذا المسار، الامر الذي يعيد مجدداً طرح الأسئلة حول مستقبل العملية السياسية السورية برمتها.
المدن
————————-
وفد النظام يكشف أسباب فشل المفاوضات مع المعارضة السورية
كشفت الممثل عن وفد النظام السوري لاجتماعات اللجنة الدستورية “أحمد كزبري”، اليوم السبت، أسباب فشل المفاوضات مع المعارضة.
وأضاف “كزبري”، أن وفد النظام السوري طرح خلال الجولة السادسة مبادئ تعكس طموحات الشعب السوري وهواجسه.
وأردف الممثل عن النظام، في بيان صحفي: “كان حرصنا دائماً على مناقشة الدستور بين السوريين بعيداً عن الأجندات التدخلية الخارجية”.
وزعم كربزي أنه “جاء برغبة صادقة وروح إيجابية لعمل كل ما يمكن من أجل إنجاح هذه الجولة”، وعلى هذا الأساس قدم ورقة حول سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة أراضيها، بالإضافة إلى تقديم ورقة أخرى حول الإرهاب والتطرّف، “حيث شرحنا مفهومنا لمضمونهما وأجبنا عن التساؤلات التي أثارها البعض حولهما”.
واعتبر “الكزبري” أنّ الطروحات التي قدمها بعض المشاركين “منفصلة عن الواقع”، وتعكس في بعض جوانبها أفكاراً “خبيثة” و”أجندات معادية”.
واتهم المعارضة السورية، بفشل تلك المفاوضات، وعدم تمكّنها من الخروج بأي نتيجة رغم العمل الحثيث والوطني والمساهمة الفعالة لإنجاحها، بحسب قوله.
وعقب فشل مفاوضات اللجنة الدستورية السورية، التي تأسست عام 2019، أكد المبعوث الأممي إلى سوريا “غير بيدرسون” أن المباحثات كانت بمثابة “خيبة أمل كبيرة”.
العربية
—————————-
=================
تحديث 24 تشرين الأول 2021
————————-
دماء في أريحا وثرثرة في جنيف/ بشير البكر
هناك من يريد أن يجعل من المجازر بحق السوريين أمرا عاديا، تتم بصورة آلية من دون رد فعل، ومن الثرثرات التي تحصل في غرف مغلقة في جنيف وغيرها، أحداثا مهمة، واختراقات كبيرة على المسار السوري. هذا هو المنطق الذي يسري في وسائل إعلام روسيا وعلى ألسنة مسؤوليها، الذين يبررون للنظام السوري ارتكاب المجازر على نحو يومي بحق المدنيين، وآخرها مجزرة أريحا يوم الأربعاء الماضي التي ذهب ضحيتها عدد من أطفال المدارس. رد الفعل الروسي يتمثل في أن هذا عمل عادي، يمكن أن يحصل كل يوم، طالما أن النزاع متواصل بين النظام، ومجموعة من الفصائل تحمل السلاح، والأمر ذاته حين يقوم النظام بقصف القوات التركية التي توجد في سوريا. وتفسر موسكو الأمر بأنه تراشق طبيعي يجري بين الجيش السوري الرسمي والقوات التركية، وتضع موسكو نفسها خارج المعادلة، حينما تصور الشأن السوري على هذا النحو، وتختزله في هذه المقاربة، التي تسقط مسؤوليتها كدولة محتلة في نظر غالبية السوريين.
تبسيط روسي مدروس، وعملية تذاكي من أجل الضغط على تركيا، لكي تنسحب من المناطق التي توجد فيها بسوريا. وكلما وصلت المباحثات إلى طريق مسدود، ولم يحصل الروس على تنازلات من تركيا لصالح النظام، يتم الإيعاز للمدفعية بالضرب في الأماكن الموجعة، وبالتالي فإن اختيار أطفال المدارس هدف مدروس، وليس عبارة عن قصف عشوائي. ومن اختار هذا الهدف يريد توصيل رسالة سياسية صريحة وواضحة، تقول إن هذا هو الطريق الوحيد أمام النظام من أجل استعادة بقية الأراضي التي خرجت عن سيطرته. وفي هذا السياق تسير المكالمة التي أجراها رئيس النظام بعد ساعات من مجزرة أريحا، مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، وتتحدث صحف روسية عن أن الإمارات اشترطت على النظام تقديم مساعدات، أن يقوم بطرد القوات التركية من سوريا، ويحرض الإعلام الروسي على تركيا، ويتهمها بأنها حولت طريق إم 4 طريق حلب اللاذقية إلى خط جبهة رئيسي، ومن دون فتح هذا الطريق وتسليمه للنظام فإن خسارة اقتصادية كبيرة تلحق به، وتتساءل الصحف الروسية عن سبب وجود تركيا في سوريا، طالما أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضمن للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إقامة شريط حدودي بعمق 6 كلم على الحدود السورية التركية كمنطقة آمنة لإيواء اللاجئين السوريين، وفي نفس الوقت من أجل إبعاد كل خطر كردي عن تركيا. ويرى هذا الإعلام أن أردوغان رفض ذلك لأنه يريد البقاء في سوريا، لأن ذلك وحده الذي يبقيه في دائرة الضوء، وعلى تجاذب دائم مع كل من موسكو وواشنطن. يضاف إلى ذلك الاستعدادات التي تجري من الطرف التركي للقيام بعملية عسكرية ضد “قسد”، والتي قد يؤدي إلى شرخ روسي تركي كبير، في حال تمت من دون تفاهم مسبق يقوم على تبادل التنازلات.
إلى ذلك جرت جولة جديدة في جنيف من اجتماعات اللجنة الدستورية، من أجل كتابة دستور جديد لسوريا، وسط عملية نفاق لا حدود لها من الأطراف كلها، بما فيها الولايات المتحدة التي أرسلت هذه المرة مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، إيثان غولدريتش الذي لم يبخل بالصور التذكارية على أعضاء وفد المعارضة السورية. هذا الوفد الذي بذل غاية الجهد ليبرهن على أن المعارضة السورية عبارة عن سرب من الحمائم، لا هدف لها سوى السلام والتسامح بين السوريين، ولا يهمها سوى إنجاز دستور، وهذا يعني أن المسألة السورية جرى اختزالها إلى إصلاح دستوري، ولذلك استمرت الجلسات يوم الأربعاء، وكأن مجزرة أريحا لم تحصل، وأبسط ما كان يمكن أن يفعله رئيس وفد المعارضة هادي البحرة هو الاحتجاج رسميا أمام الوفد الروسي الحاضر بقوة، من خلال ألكسندر لافرنتييف ممثل بوتين والخبير المفوض بتصفية القضية السورية من خلال الثرثرات في الكواليس.
تلفزيون سوريا
——————————-
دستورية جنيف.. حوار مع رهائن النظام/ محمد شيخ يوسف
تجري في معظم دول العالم وفي مختلف الأزمات الدولية والعالمية والإقليمية، حوارات بين أطراف ندية لحل أي نزاع أو خلاف أو مشكلة طارئة أو مستمرة أو حل مستعص للوصول إلى حلول جذرية لها، لكن في المأساة السورية ثمة خلل في موازين القوى، وقد يتساءل كثير من السوريين الذين لا يمكنهم الاطلاع على مجريات المفاوضات في الحل السياسي السوري بجنيف عن هذا الخلل، ولا يسمعون سوى خيبات الأمل التي يطلقها مبعوثو الأمم المتحدة على التوالي، ومفاوضو المعارضة، فيما يظن النظام أنه في حوار ورهان خاسر ويجد من الصعوبة بمكان أن يفاوض المعارضة من منطلق القوة.
ورغم كل ما يمكن أن يصل إلى الشارع السوري أو المتابع، من أنها مجرد حوارات عبثية لن تصل إلى نتيجة، والنظرة إلى ما تجري على أنها مجرد مصاريف ومسرحيات تعمل الدول على إتمامها من دون أن تكون هناك نتيجة جدية حقيقية بالفعل، ورغم كل الآمال والتوقعات التي تخيب ولا تحسن الظن، لا بد من ملاحظات وأحاديث تتعلق بالجولات الحاصلة وخاصة الجولة الأخيرة، ومن هنا ثمة نقاط عديدة متعلقة بالوفود المفاوضة والدول الساعية للوصول إلى حل، من دون أن تكون الجولات الفارغة مجرد أموال تصرف في فنادق جنيف.
بداية لا بد من الإشارة إلى الندية في المفاوضات، رغم أن النظام يسعى إلى أن يظهر نفسه بالمظهر المنتصر دائما والمتعالي على المعارضة دون الاعتراف بهم، رغم جلوسه معهم لفترات طويلة ولسنوات سواء في جنيف أو في أستانا، ولكن هل حقيقة الأمر كذلك، بالطبع لا، من يفترض أنه جاء من دمشق ليحل مشكلة سورية مستعصية لأكثر من 10 سنوات ولا إمكانية لحلها عسكريا نظرا للرفض الشعبي لبقاء الأمور على الوضع الراهن، ورغم ادعاءات النظام بانتصاره على الإرهاب هو عمليا انتصر على الشعب ولقمة عيشه وخدمته، هنا يطرح التساؤل الهام، كيف يمكن أن تحاور المعارضة وفدا جاء من دمشق ويراقبه عناصر المخابرات على مدار الساعة والدقيقة والثانية، تكتم على نفسه وتضغط عليه وتمنعه حتى من دخول المرحاض وحده، يلاحق الأعضاء بعضهم البعض، ويكتبون التقارير ببعضهم البعض، فهو وفد أمني ومخابراتي لا صلاحيات ولا مهام له سوى إضاعة وقت السوريين، بالمقابل فإن وفد المعارضة يعمل جاهدا من أجل تقديم ما يمكن البناء عليه، ويستعد بشكل مستمر لتقديم ما يدفع بالعملية السياسية قدما لحل مشكلات وآلام السوريين.
في هذه الجولة التي اختتمت بجنيف، صاغ وفد المعارضة أوراق تتضمن نقاطا مشتركة بين الأوراق التي قدمت، أي ورقته المتعلقة بالجيش والقوات المسلحة والأمن والمخابرات، وورقتي النظام المتعلقة بسيادة الدولة، والإرهاب والتطرف، وورقة المجتمع المدني التي كانت بعنوان سيادة القانون، حتى إنه اقتبس بعض العبارات التي تضمنتها أوراق النظام بنفس الكلمات والتعابير والحروف مما تصلح لأن تكون بالفعل عبارات يمكن وضعها في مبادئ دستورية حقيقية يمكن أن تعتمد، إلا أن النظام تحجج بالمنهجية وأن ما هو متفق عليه هو فقط لتقديم الأوراق من دون التوصل إلى توافقات، وهو ما يدفع بالضرورة إلى تعطيل العملية الدستورية، وبالتالي هنا يمكن القول والتأكيد بأنه كيف يمكن للمعارضة أن تفاوض وفدا يفترض أنه يحتوي على قانونيين وحقوقيين سيكتبون دستور مستقبل سوريا، بالطبع لا يمكن ذلك ولا يمكن لأحد أن يتخيل الأمر.
المتابعون للجولة بتفاصيلها والحراك الدبلوماسي المكثف الذي رافقه من وجود عدد كبير من الوفود الدبلوماسية وخاصة وفود الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران ووفد الولايات المتحدة الأميركية ووفود دول الاتحاد الأوروبي وبحسب اللقاءات التي جرت، كانت هناك ضغوط كبيرة من أجل النجاح بالوصول لأي نتيجة وإن كانت قليلة تبعث الأمل لبناء مستقبل عمل سياسي بين الأطراف السورية، وكان هناك حراك وتفاؤل حذر بهذا الاتجاه، وبذلت روسيا ضغوطا كبيرة على النظام بهذا الصدد من أجل إجباره على القبول ولو بنقاط قليلة ولو حتى بالتوقيع على النقاط الخلافية التي قدمها المبعوث الأممي بيدرسون، حيث كانت له خطة الإطار إما بورقة توافقات، أو ورقتين للتوافق والاختلاف، كما كانت هناك مقترحات لعمل المؤتمر الصحفي بشكل مشترك بجانب بعضهم البعض أو على الأقل بوجود الأطراف نفسها ضمن نفس القاعة كل بدوره، دون أن يكون هناك تحريض أو تشويش وتعطي صورة إيجابية.
ومن هنا بالتأكيد يطرح التساؤل رغم كل ذلك فلماذا فشلت الجولة ومن أفشلها؟ ولماذا لم يحقق الزخم والضغط الدولي نجاحه وأكله في التفاؤل الحذر؟ وكيف انعكس تفجير دمشق المزعوم وقصف المدنيين الأبرياء في أريحا على الأجواء في جنيف؟ لقد استخدم النظام كالعادة الهجوم المزعوم بدمشق كذريعة من أجل تقديم سلوك سلبي وسيئ جدا، وذلك في يوم أربعاء الجولة، لكن تلافاه في يوم الخميس، وبظل رفض روسي عن تبني القصف في أريحا وحديث المبعوث الروسي لافرنتييف للمعارضة بأن التحقيقات الروسية جارية لمعرفة الطرف الفاعل، يبرز هنا الدور الإيراني المعطل والمعرقل لهذه العملية ضد الدول الغربية، الدور الإيراني السلبي وتأثيره على النظام نجح في تعطيل العملية الدستورية، ولإيران الأسباب الكثيرة والعديدة التي تدفع لذلك.
لا شك أن مفاوضات البرنامج النووي الإيراني تجري بينها وبين الدول الأوروبية والغربية، وهي حاليا متعطلة ومتوقفة، وتعمل إيران على الضغط عبر عدة مجالات منها بوابة قصف المصالح الأميركية من فترة لأخرى في العراق وسوريا، من دون أن تسقط ضحايا، ولكن هذه الهجمات تحمل رسائل وتهديدات لدفع الدول الغربية للمضي قدما، وكذا الأمر فيما يتعلق بالملف السوري، حيث يعتبر أحد الملفات الهامة التي تطلب فيها إيران تحقيق مكاسب ومنافع، وأكبر دليل على ذلك إطلاق يدها في البلاد بعد تحقيق الاتفاق النووي بزمن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، حيث أدى ذلك الاتفاق إلى مآسٍ كبيرة وآلام لم تنته حتى الآن على صعيد سوريا والمنطقة، ولهذا يمكن القول إن إيران رغبت بتعطيل العملية السياسة لكي لا يبرز أي تقدم لدور الحليف الروسي أمام الدول الغربية التي تربط أي إعادة إعمار في سوريا وعودة للاجئين بتحقيق تقدم في العملية السياسية، وذلك في الحوارات التي أجرتها موسكو مؤخرا مع أميركا بهذا الصدد.
وفي الختام يمكن القول إن النظام عبر محاولة تقديم أداء معقول ومقبول أمام المجتمع الدولي بجلوس رئيس وفده أحمد الكزبري مع رئيس وفد المعارضة هادي البحرة على طاولة واحدة، وتقديم أوراق خلال الجلسات وانضباط بالسلوك على أمل الاستجابة لما يشاع بأنه مبدأ الخطوة بخطوة للتطبيع، كلها مجرد أوهام لن يستفيد بها وسيكتفي بتسويق نفسه لدى دول الجوار العربي دون أن يحقق ذلك أي مكانة له أمام الدول الأوروبية والغربية التي تريد رؤية تقدم حقيقي ملموس في العملية السياسية السورية.
تلفزيون سوريا
——————————————
“اللجنة الدستورية”.. خطوة للأمام خطوتان للوراء/ ماهر إسماعيل
من يقرأ ويشاهد الأوراق المقدمة من الوفود الثلاث المشاركة في الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، يصرخ “يا ليتهم في دياري” حسب المثل الشعبي، وكأن هذه الأوراق ستكون الترياق للسوريين لوقف شلال الدم المراق فوق التراب السوري، لكن الوقائع والواقع السوري العنيد يفضح كل عمليات التجميل التي تقوم به الاحتلالات المتواجدة على الأرض السورية بغية تدوير المدور وبثّ شيء من الحياة في الهياكل والأجساد المتعفنة وقوفاً كهياكل عظمية غير قابلة للحياة.
فهذه الاحتلالات والدول الراعية تحرص على مصالحها ومصالحها فقط، بعيداً عن رغبات وعواطف السوريين في وقف شلال الدم المتدفق في الأراضي السورية.
فالعواطف والضغوط تثمر حضوراً شكلياً، ولا تثمر تقدماً في النصوص نحو دستور سوري على قاعدة التوافق، بل تنتج حتى الآن تبادلاً للأوراق والأطروحات بغية درس دقيق من مواقع مختلفة أخرى، خارج المكان الأوربي (جنيف)، فكل تقدم بالشكل يحتاج إلى قوى دافعة نحو تقدم فعلي في صياغة النصوص والمواد الدستورية، وهذا على ما يبدو بأن الوفود السورية العاملة على إيجاد دستور سوري جديد غير قادرة على التقدم الحقيقي والفعلي في بنود بدون قوى دفع خارجي تعتمد على الاحتلالات والقوى الراعية الدولية والإقليمية. ويظهر جلياً وواضحاً أن التفويض الممنوح لوفد الحكومة السورية هو الاستقبال، والنقاش المعطل، وليس النقاش الفاعل نحو التقدم المطلوب في صياغات ونصوص دستورية، فكلمة (السر المفتاحية) حتى الآن لم تعطَ لهذا الوفد لكي يستطيع التقدم في العمل المجدي وليس العمل المعطل.
رغم كل الأجواء والفضاءات المتفائلة التي بثّها فريق المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، ووفد المعارضة، تبخرت أمام التعليمات الصارمة والحازمة التي طُلب من الحكومة السورية التقيد بها، فعلى الرغم من البدء الشكلي والفعلي في الاستماع وقراءة بنود دستورية، سواء توافقت الوفود عليها أو اختلفت، فالأمر سيان، لأن الجميع “وفوداً ورعاة” باتوا يعلمون أن المدى المجدي من الفعل ليس التوافق لأنه لم يعد في يد الوفود السورية، وإنما بيد الدول المحتلة والراعية الحقيقية التي تذهب لرفض الرؤى والنصوص الدستورية، سواءً رغبت الوفود أو كرهت.
إن حالة (الستاستيك) السوري تقف عند بوابات الفعل الشكلية دون الدخول في عملية إعادة دمج في حلول ذات رؤية وقبول في دول الإقليم والرعاة الدوليين نحو توزيع لسلطات ذات صلاحيات تنفيذية تعمل وتقود لإعادة هيكلة السلطات في (الجيش، الأمن) ضمن مؤسسات سيفرضها الخيار الجماعي للجنة الدستورية في إطار الدعوة لإعادة المهجرين مع إصدار عفو عام، والعمل على انتخابات برلمانية تحت إشراف الأمم المتحدة، ويجري استفتاء على الدستور المتفق عليه ليصبح صالحاً للتنفيذ، وحكومة شرعية ناتجة عن التوافق الدستوري الذي سينتج دعوات لإعادة الإعمار واللاجئين.
إن عملية سرقة الزمن السوري من قبل النظام وداعميه بدأت منذ العام 2011، من خلال عمل المبعوثين الدوليين التي بدأت بلجنة الدابي، والأخضر الإبراهيمي، والثالث ستيفان ديمستورا، الذي أوجد مبدأ (السلال الثلاث)، وأضاف النظام السلة الرابعة، الإرهاب والأمن.
أما المبعوث الحالي، غير بيدرسون، عمل بالتنسيق مع الرعاة الدوليين وبعض المحتلين للأرض السورية على إنجاز اللجنة الدستورية التي جاءت نتيجة مؤتمر سوتشي في العام 2018، ووافقت عليها هيئة التفاوض، حيث بذل جهداً كبيراً لتشكيل وفد المجتمع المدني بمكوناته الحالية التي بدأت مع الجولة الأولى، وتقرر عددها بـ(150) عضواً للجنة الدستورية العام، واللجنة الدستورية المصغرة اختير (50) عضواً، من كل وفد (15) عضواً في المصغرة التي تقوم بالتفاوض المباشر حول كل بند من الدستور السوري العتيد.
إن الخطوة الشكلية التي تقدمت بها اللجنة الدستورية إلى الأمام هي الدخول في عرض البنود الدستورية في أوراق، والنقاش حول بعض البنود في الأوراق. والخطوتان إلى الوراء هي أنها لم تثبت النقاش والاتفاقات التي حصلت حول بعض البنود، وإنما بقيت معلقة في فضاءات الأمم المتحدة في جنيف، وفنادق إقامة الوفود الثلاث، وسيارات نقل هذه الوفود. والخطوة الثانية إلى الخلف أن وفد الحكومة السورية لم يقدم شيئاً في اليوم الأخير، واكتفى بأنه غير متوافق على ما قدم من قبل وفد المعارضة، بعد أن سبق وتم التوافق على أن يقدم كل وفد ما عنده.
بالإضافة أنه استلم الأوراق ولم يناقش مضمونها، كما كان متفقاً عليه في اليوم الأخير لهذه الأوراق السابقة، بغاية التوافق على نصوصها إن أمكن ذلك، ورغم اجتماع الرئيسين المشتركين مع المبعوث الدولي وفريقه لكي يحدد موعد الاجتماع القادم للدورة المقبلة ومدتها الزمنية، والاتفاق على الطريقة الإجرائية لمتابعة العمل بغاية إنجاح العمل الدستوري.
إن ما أقدم عليه وفد الحكومة هو المتوقع وشبه المؤكد فهذه بداية (العملية، اللعبة الدستورية)، فهذه الجولة للجنة الدستورية أرادها الروسي والإيراني والنظام غطاءً لما يجري في إدلب وتل رفعت وعين عيسى وغيرها، ولم يكن الهدف منها الوصول إلى نتائج دستورية واضحة نحو تغير دستوري أو دستور جديد، وهذا لو جرى الاتفاق يعبر عن تنازل هذه الأطراف عن التقدم على الأرض ميدانياً لصالحهم.
فالتوافق الدولي الذي حصل في الفترة الزمنية الماضية على إعادة اللجنة الدستورية للاجتماع من جنيف بسبب الرفض الأمريكي للتطبيع مع النظام، ولأي تجاوزات لقانون قيصر ما لم يتم تحقيق تقدم فعال في الحل السياسي، حيث أتى الاجتماع الأخير للجنة الدستورية خطوة لإظهار حسن النوايا من النظام وداعميه من الإيرانيين والروس، وفي هذه الجولة، إن التقدم الذي حصل هو اجتماع الرئيسين المشتركين على طاولة واحدة، بعدما كان المبعوث الأممي “بيدرسون” ينتقل للحوار مع كل رئيس في قاعة من قاعات الأمم المتحدة في جنيف.
وكذلك تم الخروج من الخطابات والعنتريات الفارغة نحو البحث الحقيقي والجدي في مواد دستورية متفق على بحثها مع فريق المبعوث الدولي، وتمحور النقاش في أربعة بنود، ولم يتم الاتفاق عليها، رغم أن وفدي المعارضة والمجتمع المدني قدما تنازلات نحو الاتفاق، لكن وفد الحكومة السورية رفضها جميعاً، ولم يوضح أنه لا يملك صالحيه البتّ فيها، وأنه مجرد ناقل لما يجري في اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، وأن القرار الحقيقي والفعلي في دمشق.
إن عدم التقدم في العملية الدستورية، وبالتالي في الحل التفاوضي السياسي، يؤكد عدم رغبة النظام وداعميه في الوصول إلى حلول، وإنما شراء (وقت زمني) للتغطية على الرغبات الحقيقية بالاستمرار في عملية الحسم (العسكري- الأمني)، كما حدث في درعا هذا العام، وسياسة قضم مناطق المعارضة والاحتلال التركي الآن بدون الوصول إلى حل (سياسي- تفاوضي)، وإنما إخضاع المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وإعادتها إليه منطقة تلو الأخرى، والآن المعركة في إدلب وريفها ومناطق شمال حلب، وبعدها يعد بالتوجه نحو مناطق شمال شرق سوريا التي تسيطر عليها (قسد).
والخلاصة أنّ الحكومة السورية لم تغير خطتها في الاستمرار بتعطيل عمل اللجنة الدستورية، فما يقدمه وفدها تحت الضغط، وهذا ما حصل في الجلسة الأخيرة من الجولة السادسة، وهذا يترك المجال واسعاً لتقدير المبعوث الدولي غير بيدرسون وفريقه، والمجموعة الدولية الموسعة التي تضغط لتحقيق تقدم ما، بما فيه الراعيان، الأمريكي والروسي، كما حصل في جولات سابقة في هيئة التفاوض والهيئة العليا للمفاوضات، فموقف وفد الحكومة يؤكد أن النظام الديكتاتوري يحاول التظاهر بالمعنى الشكلي بالانخراط في نقاش المبادئ الدستورية تكتيكياً استجابة للضغوط الدولية ثم يعمل على تعطيلها استراتيجياً في النتيجة خلافاً للتوافقات الدولية.
إن هذا الأسلوب غير مجدٍ في حال استمر التوافق الدولي، خصيصاً الأمريكي الروسي، حيث ستفرض الرؤى فرضاً على جميع الأطراف، بما فيها وفد النظام المعطل، كما حصل سابقاً.
ليفانت
—————————————
اجتماعات الدستورية السورية بلا نتائج: تساؤلات عن جدوى الاستمرار/ أمين العاصي
انتهت الجولة السادسة من المفاوضات بين المعارضة السورية والنظام حول كتابة دستور جديد للبلاد، أول من أمس الجمعة، بلا نتائج، وهو ما كان متوقعاً منذ البداية في ظلّ عدم اكتراث النظام بحل سياسي، بل يطلب من المعارضة تقديم صكوك استسلام غير مشروط.
ولم يجد المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن، وهو المسيّر لأعمال اللجنة الدستورية المشكلة من قبل الأمم المتحدة وتضم ممثلين من المعارضة والنظام والمجتمع المدني من الطرفين، ما يصف به الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، إلا بالقول إنها كانت “خيبة أمل”. وأضاف في مؤتمر صحافي عقب انتهاء الجولة السادسة: “لم نحقق ما أردنا إنجازه… افتقرنا إلى فهم سليم لطريقة دفع هذا المسار إلى الأمام… هذه الجولة لم توصلنا إلى أي تفاهمات أو أرضية مشتركة حول أي من المواضيع”. وفي دلالة واضحة على عبثية التفاوض حول الدستور والذي كان بدأ أواخر عام 2019، قال بيدرسن إنه لم يتم التوافق على موعد الجولة المقبلة “لأن الأطراف المشاركة لم تصل إلى أي آلية مشتركة أو قرار”. وتابع: “أجريت جولة مع الرئيسين المشتركين (عن النظام أحمد الكزبري وعن المعارضة هادي البحرة)، وقلت لهما إنه يجب التوصل إلى تفاهم سليم للتوصل لأساليب عمل سليمة وصياغة جوهرية سليمة، فالعملية يجب أن تُبنى على الثقة، حتى لو كانت قليلة”.
وبدأت أعمال الجولة السادسة يوم الإثنين الماضي في مقر الأمم المتحدة في مدينة جنيف، حيث كانت تأمل الأمم المتحدة بالخروج بتوافق حول مبادئ الدستور والبدء بصياغة مواده وفق ما تنص عليه القرارات الأممية وخصوصاً القرار 2254. وناقشت وفود اللجنة الدستورية في جلساتها الأوراق المقدمة من قبل كل وفد، متمثلة بورقتي “السيادة السورية” و”الإرهاب والتطرف” اللتين قدمهما وفد النظام، وورقة “الجيش والقوات المسلحة والأمن والاستخبارات” التي قدّمها وفد المعارضة، وورقة مبدأ “سيادة القانون” التي قدّمت من قبل وفد المجتمع المدني.
من جهته، اتهم البحرة النظام بعدم الرغبة في التوصل إلى أي اتفاقات، قائلاً في مؤتمر صحافي الجمعة: “لا توجد حتى الآن الرغبة، على الأقل لدى طرف واحد، في التوصل إلى توافقات. هذه العملية الدستورية لا يمكن أن تستمر إن بقيت كما هي”. وحول نيّة المعارضة الانسحاب من المفاوضات في ظل تعنّت النظام، قال البحرة: “الانسحاب لا يخدم الثورة، ولا يوقف سفك الدماء في سورية”.
بدوره، قال أحد المستشارين السياسيين لوفد المعارضة السورية، والذي فضّل عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث العلني، لـ”العربي الجديد”، إن “وفد النظام جاء إلى جنيف لإضاعة الوقت بعد أن اضطر للمجيء نتيجة ضغوط”. وأشار إلى أنّ وفد النظام “تجنب مناقشة الأوراق التي قدّمتها المعارضة والمجتمع المدني”، مضيفاً: “قدّم النظام ورقة حول الإرهاب والتطرف، هي بمثابة منشور حزبي لا علاقة لها بالدستور. وكان واضحاً أن وفد النظام لا يعنيه إلا بقاء بشار الأسد في السلطة، وأي شيء يمكن أن يفضي إلى تطبيق القرارات الدولية هو غير معني به”.
وحول الخطوة المقبلة المحتملة من قبل المعارضة السورية، قال المصدر إن “الائتلاف الوطني السوري باعتباره المرجعية الأهم لوفد المعارضة، سيعقد اجتماعات لتقرير ما سيحدث في ظلّ الفشل المتكرر للجنة الدستورية”. وأعرب المتحدث نفسه عن قناعته بأنه “ليس من مصلحة المعارضة الانسحاب”، مضيفاً: “البقاء يثبت للمجتمع الدولي عدم جدية النظام في التوصل إلى حل سياسي، وعلى المبعوث الأممي غير بيدرسن أن يضع مجلس الأمن الدولي بصورة ما يحدث، وأن يطالب بضغط دولي كبير على النظام لتنفيذ قرارات الشرعية، وإلا لا قيمة أبداً لهذه القرارات”. وتابع بالقول: “كل السوريين يدركون أن النظام ليس بصدد إنهاء المأساة، ويهمه بقاء الحال على ما هو عليه. بشار الأسد يريد منا الاستسلام، ويسعى لتوريث ابنه السلطة، ولكن لا تملك المعارضة السورية القدرة على إجباره على الرضوخ للشرعية الدولية في ظل التراخي الكبير من قبل الولايات المتحدة التي تبدو في ظلّ الإدارة الحالية منشغلة بملفات أخرى غير الملف السوري”.
من جانبه، أشار طارق الكردي، وهو عضو المجموعة المصغرة من اللجنة الدستورية من طرف المعارضة، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى “أننا كنا نتوقع أن يستمر النظام في دوره المعطل لسير أعمال اللجنة الدستورية”، مضيفاً: “جاء وفد النظام بإيجابية شكلية إلى الجولة السادسة، ولكن يوم الجمعة ظهر بدوره السلبي عندما رفض التوافق على الأوراق المقدمة”. وبيّن أنه حدث “تقدم طفيف في الجولة السادسة”، مضيفاً: “بدأنا مرحلة صياغة دستور جديد، أي أن اللجنة بدأت بتنفيذ ولايتها بكتابة دستور وليس النظر في الدستور القائم كما يريد النظام”. وأشار إلى أن “وفد هيئة التفاوض يأتي إلى جنيف للتفاوض مع المجتمع الدولي ليمارس ضغوطاً أكبر على النظام السوري”، مؤكداً أن “المعارضة مؤمنة بالحل السياسي للقضية السورية، بينما النظام مؤمن بالحل العسكري”.
واعتبر الكردي أن اللجنة الدستورية “جبهة من جبهات الصراع مع النظام، لا نملك نحن قرار إخلائها، لا بل علينا تعزيزها أكثر”، مضيفاً: “وضعنا ليس سيئاً على هذه الجبهة، لأن لدينا رغبة صادقة في إنهاء مأساة السوريين في داخل البلاد وخارجها”. ومضى بالقول: “نتطلع إلى تنفيذ القرار 2254 ونعتبر اللجنة الدستورية مدخلاً واسعاً للتوصل إلى حل سياسي، والمجتمع الدولي بات يعرف من هو الطرف المعطل، ومن واجب المبعوث الأممي أن يطلع مجلس الأمن الدولي على ما جرى، وأن يشير إلى النظام على أنه المعرقل لمساعي الأمم المتحدة في المضي في طريق الحل السياسي في سورية”.
وحاولت موسكو تبرير الفشل في الجولة السادسة من مفاوضات اللجنة الدستورية. إذ اعتبر الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرنتييف، في تصريحات أول من أمس، أن الانفجار الأخير الذي أدى إلى مقتل عسكريين تابعين للنظام في دمشق، بالتزامن مع اجتماعات جنيف، “أثار قلق الأطراف في مناقشات اللجنة الدستورية السورية”. وتابع: “كانت هناك مخاوف معينة الأربعاء الماضي، على الأرجح إثر الهجوم الإرهابي الذي وقع في دمشق وقتل 17 جندياً سورياً”. وأشار إلى أن الأطراف “عادت إلى لغة الاتهامات المتبادلة”، مضيفاً: “مواقف أطراف اللجنة الدستورية السورية ما زالت متضاربة في كثير من القضايا”. ويبدو أن موسكو مارست ضغوطاً على النظام لإرسال وفده إلى جنيف، ولكنها لم تفعل الشيء ذاته كي يبدي مرونة ويسهّل أعمال اللجنة الدستورية.
ويسود الشارع السوري المعارض استياء كبير من فشل المحاولات الأممية في إيجاد حل سياسي، إذ إن هذا المسار لم يفض إلى نتائج منذ منتصف عام 2012 الذي شهد صدور بيان “جنيف 1” الذي يعد المرجع الأكبر للمفاوضات والتي وصلت إلى حائط مسدود، لا سيما حيال السلال الأربع التي أقرتها الأمم المتحدة، وهي: الانتقال السياسي، الدستور، الانتخابات، والإرهاب. ووصف جورج صبرا، وهو من الوجوه السورية المعارضة، في منشور له على “فيسبوك” أمس السبت، اللجنة الدستورية بـ”الخديعة”، مطالباً بـ”إنهاء المهزلة التي اخترعها الروس خدمة لمشروعهم”، وفق قوله.
وفي السياق ذاته، دعا الباحث السياسي رضوان زيادة، في حديث مع “العربي الجديد”، المعارضة إلى “بناء استراتيجية جديدة ومختلفة لا تعتمد على مفاوضات اللجنة الدستورية”، مضيفاً: “هذه اللجنة لن تثمر شيئاً كما بات واضحاً للجميع”. ولفت إلى أن هذه الاستراتيجية “يجب أن تشمل تفعيل دور الحكومة المؤقتة في المناطق المحررة، وتفعيل دور اللاجئين السوريين في كل دول العالم بهدف استثمارهم في الضغط الدولي، وإعادة بناء مؤسسات المعارضة بشكل تمثيلي أفضل يسمح بمشاركة كل السوريين فيها”. وعبّر زيادة عن اعتقاده بأن المبعوث الأممي لن يحيط مجلس الأمن بالدور المعطل للنظام في مفاوضات اللجنة الدستورية، و”سيحاول الاحتفاظ باللغة الدبلوماسية”، مضيفاً: “دور المبعوث الأممي ضعيف جداً، لذلك يحتاج لهذه اللغة كي يحافظ على دوره، وكي يبقى له مدخل على النظام السوري”.
العربي الجديد
—————————-
سقوط اللجنة الدستورية/ عبسي سميسم
بعد نحو شهرين يدخل القرار الصادر عن مجلس الأمن تحت رقم 2254، والذي حدد 18 شهراً لإنجاز الحل السياسي في سورية، عامه الثامن، من دون تحقيق أي من بنوده، في حين تم إعلان فشل الجولة السادسة من أعمال اللجنة الدستورية، التي تم تشكيلها بهدف تطبيق القرار الأممي، فيما لا تزال بنود القرار الأخرى المتعلقة بتشكيل هيئة حكم انتقالية، وإجراء انتخابات بإشراف الأمم المتحدة، من دون تطبيق. فبعد جولات من المفاوضات حول تطبيق القرار الأممي، تم تحويل المسار عام 2017 من مفاوضات على انتقال سياسي إلى أربع سلال، الأولى إنشاء حكم غير طائفي خلال ستة أشهر، فيما ضمت السلة الثانية وضع جدول زمني لمسودة دستور خلال ستة أشهر أخرى، أما السلة الثالثة فضمت كل ما يتعلق بإجراء انتخابات حرة ونزيهة بإشراف الأمم المتحدة خلال 18 شهراً، تتبعها السلة الرابعة التي تتضمن وضع استراتيجية لمكافحة الإرهاب والحوكمة الأمنية.
إلا أن هذه السلال وبضغط روسي وتراخٍ من المجتمع الدولي، تم تحويرها، وتقديم سلة الدستور على السلال الأخرى، وتم تشكيل لجنة دستورية عام 2019 بهدف إنجاز دستور جديد للبلاد، استطاع النظام من خلالها أن يلغي دور القرار الأممي الخاص بالحل السياسي في سورية بشكل كامل، ويماطل في عمل اللجنة الدستورية. كما استطاع تمرير انتخابات غير شرعية مدد بموجبها لبشار الأسد لسبع سنوات إضافية، لتتحوّل اللجنة الدستورية إلى مجرد منصة لعقد اجتماعات بين مجموعة معارضين، ومجموعة من المجتمع المدني، بالإضافة إلى مجموعة من موالي النظام، صرح النظام مراراً أنه غير معني بما يتوصلون إليه ضمن هذه اللجنة.
بعد مرور أكثر من سنتين على عمل اللجنة الدستورية والفشل المستمر في التوصل إلى اتفاق ولو على جملة واحدة، بات على المعارضة الإدراك أن عمل هذه اللجنة لم يؤدِ سوى إلى تعطيل القرار 2254، وأن النظام لن يسمح لها بأن تكون أكثر من منصة لتبادل الأفكار حول قضايا دستورية، لن يتم التوافق على أي منها. هذا الأمر يحمّل وفد المعارضة في اللجنة الدستورية جزءاً من المسؤولية عن تعطيل الحل السياسي في سورية، من خلال الاستمرار في جدل بيزنطي ضمن اللجنة. وبالتالي على المعارضة إما الانسحاب من اللجنة وترك المجال لخيارات أخرى، أو تحويل اللجنة إلى منصة للتطبيع وتبادل الآراء والحوار مع النظام من دون ادعاء أي أهداف أخرى.
العربي الجديد
—————————-
إلى أين ستصل اللجنة الدستورية؟/ فاطمة ياسين
يفصل ما بين اجتماع اللجنة الدستورية السورية الأول واجتماعها السادس أخيراً عامان. ويفصل ما بين البذور الأولى لفكرة تشكيل اللجنة المتضمَّنة في قرار مجلس الأمن رقم 2245 عام 2015، وما بين أول اجتماع عقدته في أكتوبر/ تشرين الأول 2019 أربع سنوات، وقد استغرق الجدل حول اللجنة ووظيفتها وتشكيلها خمس سنوات، حدثت خلالها منعطفات سياسية وعسكرية كثيرة طاولت شكل تموضع القوات على الأرض وأشكال التحالفات الإقليمية… يعتبر مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، غير بيدرسون، اللجنة الدستورية أول “اتفاق” سياسي ملموس بين النظام والمعارضة. ويعطي هذا التصريح، مقروناً بمخاض السنوات الخمس، مؤشّراً سلبياً حول الزمن الذي يمكن أن يأخذه تشكيل القرار النهائي على الدستور، وهو الوثيقة الأساسية المفترض أن يجتمع حولها السوريون بأطيافهم، فمدة الخمس سنوات التي تم استهلاكها لإنتاج اتفاقٍ يمكن لمسه تعني أن إنتاج دستور توافقي في حاجة إلى مدة طويلة جداً.
يعكس التكوين السياسي لهذه اللجنة وجهة النظر الدولية التي تداخلت لابتكار هذا الكيان، فالقرار الذي أصدره مجلس الأمن، ومن رحمه خرجت اللجنة، ينصّ على استحالة وجود حلّ عسكري، بمعنى أنه يفضّل أن يسود التعادل، فلا يتغلّب طرفٌ على طرف. وعلى هذا الأساس ضمّت اللجنة ثلاث كتل متساوية في العدد والثقل السياسي، ثلث للنظام وثلث للمعارضة والثالث لمنظمات المجتمع المدني وتختاره الأمم المتحدة. يبدو أن المجتمع الدولي لم يقرأ التاريخ السوري جيداً، أو لا يعرف حقيقة أن فريقاً تحدّى الجميع، وفرض سيطرته بالسلاح على جزء كبير من المجتمع السوري بدعمين، روسي وإيراني، وصيغة لا غالب ولا مغلوب التي تتحدّث عنها اللجنة الدستورية، وتكرّرها، تبدو بعيدة عما يحدُث على الأرض، فالمشكلة السورية التي طفت على السطح منذ شهر مارس/ آذار عام 2011 ذات أصول عميقة ترتدّ إلى اللحظات الأولى لانقلاب عام 1963، حينما توقف المجتمع عن المشاركة في الحياة السياسية التي احتكرها الجيش، ووضع في المقدمة قالباً سياسياً ذا واجهة مدنية هو حزب البعث، وتغوّلت تجربة 1963 لتختصر الدولة والحكومة إلى سطوة عائلة صغيرة، يندرج مفهوم الوطن داخلها. وترغب الأمم المتحدة اليوم في أن تتم حالة التعادل ما بين النظام ذي الحكم العائلي القائم على القوة العسكرية وقوى اجتماعية مختلفة ترنو إلى بناء مجتمع مدني يتطلّع إلى الديمقراطية.
خلال السنوات الست الأخيرة، تكرّر سيناريو واحد في اجتماعات اللجنة الدستورية، وتبادل فيها وفدا النظام والمعارضة الأدوار، يقدّم وفد النظام مقترحات فترفضها المعارضة، ويقدّم وفد المعارضة مقترحات يرفضها وفد النظام، وتتركّز مطالبات النظام وأهدافه على إلصاق صفة الإرهاب بالمعارضة، من دون تفريق بين جماعاتها وأفرادها، محاولاً التركيز على نسف المطالبة برحيل الأسد وإعطاء مؤسسات الأمن والجيش وظائفها الوطنية. ولم يتم الاتفاق على شيء، ولا حتى بالخطوط العريضة. ولا تبدو الجولة الحالية واعدة أيضاً، على الرغم من أنها بدأت بما يشبه الاختراق بجلوس رئيسي الوفدين على طاولة واحدة، فما زالت المسافة بعيدة والخوض بالتفاصيل يجعلها بعيدة أكثر. وإذا ما فكّر الراعي الدولي بحثّ الأطراف على الاتفاق على عموميات، فإنه يطلق العنان بحرية لشيطان التفاصيل. وإلى جانب القناعة بصعوبة اتفاق الأطراف على نتيجةٍ مثمرةٍ خلال فترة قريبة، هناك مطبّاتٌ جديدةٌ في انتظار الحل “السلمي” المنشود، حيث لا غالب ولا مغلوب، منها استفتاء جماهيري على الاتفاق، يمكن أن ينشأ عنه خلافٌ جديدٌ وطويلٌ على من هو الذي سيصوّت ومن لا يحقّ له، ومن سيراقب ومن سيوافق، وكيف ستتشكّل لجنة مراقبة الانتخابات. أما التحدّي الأكبر فهو وضع ذلك الاتفاق في سياقٍ تنفيذي، الأمر الذي يتطلّب إزالة عقباتٍ عميقة وأساسية، معظمها ذو طبيعة عسكرية مليشياوية، بما يفرض انتصار طرفٍ على طرف، وهو ما لا يريده القرار الأممي الذي أنشأ اللجنة، ما يوقعنا في تناقض منطقي لا يفضي إلى شيء عملي.
العربي الجديد
—————————–
اللجنة الدستورية: مجنون يحكي وعاقل يسمع!/ العقيد عبد الجبار العكيدي
يذكرني ما حصل في جنيف من مسرحية هزلية تسمى مسار اللجنة الدستورية التي كان قد كتبت فصولها روسيا وأخرجها المبعوث الدولي السابق ستيفان دي مستورا، بقصة رواها لي أحد الأصدقاء الحقوقيين الذي خدم في سلك القضاء العسكري في تسعينيات القرن الماضي.
تقول القصة إن رجلاً ابتلاه الله بلعب القمار وكان دائم الخسارة لدرجة أنه لم يعد يملك شيئاً يراهن عليه، وفي إحدى الجولات طلب مقامروه الرهان على زوجته مقابل عشرة آلاف ليرة فلم يتردد ولم يفكر، ووافق فوراً وبدأ اللعب بشرط أن تكون (البرتية) عشر جولات، كل جولة مقابل ألف ليرة.
خسر الرجل الجولة الأولى فصاح أحد الحضور “راحت المرأة”، فرد عليه الزوج بالقول: صلي على النبي لسّا في أمل. وفي الجولة الثانية خسر أيضا وصاح الحضور كله: “راحت المرأة” فرد عليهم: صلوا على النبي يا جماعة..
اشفق عليه أحد الحاضرين وقال له أنا اقرضك ألفي ليرة بشرط أن تنهي اللعبة وتغادر المقمرة وتحافظ على شرف زوجتك، فغضب منه صاحبنا وحلف بالطلاق أنه لن يغادر حتى يربح أو يخسر زوجته.
وبالفعل انتهت اللعبة بخسارته، فركب خلف الرابح الى البيت وأخبر زوجته أنه خسرها بالقمار مقابل عشرة آلاف ليرة، فأردفها الرابح خلفه على الدراجة النارية طالباً ساحل البحر الهادئ والجو اللطيف، ولما علم أهلها بالأمر هجموا على زوجها فخرج عليهم قائلا ً: “صلوا على النبي يا جماعة، بكرا بلعب وبرجعها وفوقها حبة مسك”!! .. راحت المرأة وبقي الزوج المقامر لديه الأمل باسترجاع زوجته.
والحال أن اللجنة الدستورية التي مضى على بدء أعمالها أكثر من سنتين واستغرق تشكليها ما يقارب السنة والنصف، ورغم المعارضة الجارفة التي تواجه بها بسبب المآخذ المبدأية والتقنية والسياسية والقانونية عليها، ورغم كل المؤشرات التي تؤكد خطر استمرارها، إلا أن وفد المعارضة ما زال مستمراً في هذه المقامرة، بل إن أعضاءه مصرون على اللعب وخسارة المزيد من الجولات عل حساب دماء السوريين ومعاناتهم التي فاقت كل الحدود، رغم أن الجولات الست كانت نتائجها، ولحسن حظ السوريين صفر مكعب.
الحكاية ظهرت بوادرها في شباط 2017 أثناء مفاوضات جنيف-4، عندما طرح دي مستورا فكرة السلال الأربعة (هيئة الحكم الانتقالي، الدستور، الانتخابات، الإرهاب) لتفتيت مضمون القرار الدولي 2254 وقبلت بها آنذاك الهيئة العليا للمفاوضات، وكانت هذه الخطوة الأولى نحو اختراق روسيا للقرارات الأممية والالتفاف عليها.
وقد انطلت تلك الحيلة على وفد المعارضة المفاوض فصدّق أنه سيتم العمل على هذه السلال الأربعة، حسب التسلسل الوارد في القرار الأممي 2254، ورفع أعضاء الوفد شعار (لن يتم الاتفاق على شيء قبل الاتفاق على كل شيء)، وصدعوا رؤوس السوريين بهذا الشعار، علماً أنهم لم يتلقوا أي وعداً مكتوباً بتنفيذه، سوى وعداً شفهياً من ديمستورا.
وما يثير الاستغراب كيف لوفد مفاوض أن يقبل بتنازل بهذا الحجم بضمانة وعد شفهي ؟!! رغم أنه كان واضحاً منذ ذلك الحين أنه يتم العمل على تجزئة الحل السياسي واختزاله بما يتوافق مع وجهة النظر الروسية، الرامية الى تعديل الدستور الحالي وإجراء انتخابات صورية تفضي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تحت مظلة قاتل السوريين.
روسيا وبعد أن ضمنت موافقة كل أطراف المعارضة السورية على فكرة السلال الأربع، انتقلت إلى الخطوة اللاحقة، وهي اختزال جميع هذه السلال بسلة واحدة هي سلة الدستور، ونجحت في تحقيق أهدافها منذ بداية مسار أستانة وحتى مؤتمر الحوار الوطني الذي عُقد في سوتشي في شهر كانون الثاني/يناير 2018، من خلال مسألتين:
الأولى: احتواء القوى العسكرية المعارضة، سواء من خلال جلبها إلى التفاوض عبر مسار أستانة، أو من خلال استهدافها عسكرياً.
المسألة الثانية: تعزيز القناعة لدى المجتمع الدولي بأن أستانة هي المسار الذي سيفضي إلى الحل السياسي، وبالتالي تحييد مسار جنيف كلياً، وأصبحت اللجنة الدستورية التي تم إقرارها في هذا المؤتمر بعد تشكيلها بتوافق إقليمي ودولي، بعيدا عن إرادة السوريين، أمراً واقعاً.
المشكلة في مسار اللجنة الدستورية ليست كيف يُكتب الدستور، ولكن متى يُكتب الدستور. فالدستور في الدول التي تمر بصراعات وحروب وحالات مشابهة، يُكتب في نهاية المرحلة الانتقالية التي تقودها في الحالة السورية هيئة الحكم الانتقالي (التي تم القفز عليها وتجاوزها) بعد تهيئة الظروف (البيئة الآمنة والمحايدة) لعودة المهجرين، وإطلاق سراح المعتقلين، وكشف مصير المفقودين، وإقامة برنامج للعدالة الانتقالية يفضي من حيث النتيجة للمصالحة الوطنية الشاملة، بالإضافة الى اصدار القوانين اللازمة لانطلاق الحياة السياسية.
كل هذا يتم في المرحلة الانتقالية التي يجري في نهايتها انتخابات حرة ونزيهة لجمعية تأسيسية تقوم بكتابة دستور للبلاد في أجواء طبيعية تمكن كل المواطنين من المشاركة في صياغة عقدهم الاجتماعي، وبالتالي يكون الدستور تتويجاً للمرحلة الانتقالية.
لكن حتى إجرائياً فإن كل ما حدث حتى الآن يؤكد تحقيق أهداف النظام في تضييع الوقت وتمييع المسار وإفراغ كل نقاش من مضمونه، سواء بالجدل أو بالمقترحات البائسة أو المستفزة.
وعلى سبيل المثال، فإن ما حصل في الجولة السادسة من مفاوضات اللجنة الدستورية أن النظام استطاع أن يوهم المجتمع الدولي بأنه يشارك فعلياً في العملية الدستورية، ونجح مرة أخرى في اختيار البداية التي تخدم مسعاه، وأعني الانطلاق من المبادئ الدستورية، وكان متوقعاً أن يبدأ بالحديث عن مضامين دستورية هي موضع خلاف ضمن وفد المعارضة مثل (اسم الدولة، اللغة الرسمية، اللامركزية: إدارية كانت أم سياسية، وضع الشريعة الإسلامية في الدستور..الخ).
بدأ وفد النظام الذي كان له الأولوية دائماً في طرح مقترحاته على مدار كل الجولات السابقة، بالحديث في الجولة الأخيرة التي انتهت الجمعة، عن (السيادة الوطنية وسيادة الدولة السورية)، وهو من خلال اختياره لهذين الموضوعين أراد أن يحشر وفد المعارضة في زاوية ضيقة، ويقول لهم: أنتم عملاء للخارج الأجنبي.
ولم تكن أبداً مصادفة تزامن تفجير حافلة المبيت العسكري في وسط دمشق قبل يوم فقط من طرح وفد النظام موضوع الإرهاب، ليوحي للجميع أنه يحارب الإرهاب، في محاولة لإحراج وفد المعارضة، رغم أن بصمات استخبارات النظام واضحة في هذا العمل وضوح الشمس.
لم يتوقف النظام عند ذلك الحد، بل وفي تحدٍ للعالم وكعادته أثناء كل استحقاق سياسي، وفي نفس توقيت تفجير الحافلة، ارتكب مجزرة مروعة بقصف مدينة أريحا ليرتقي ثلاثة عشر شهيداً من تلاميذ المدارس والمدرسين، غير آبه بمن يجلس معه ويفاوضه على (صياغة إصلاحات دستورية) وليس كتابة دستور جديد، كما صرح بذلك المبعوث الدولي غير بيدرسن الذي أكد أن رئيسي وفدي النظام والمعارضة قد اتفقا على ذلك، ما يعني إصلاح ما هو قائم وإجراء بعض التعديلات على دستور 2012 فقط، رغم تفسير هادي البحرة بأن صياغة إصلاح دستوري هو أوسع من كتابة دستور جديد، في تبرير لم يكن مقنعاً لاحد.
من الواضح أن ما قام به النظام كان اختباراً لمدى تمسك وفد المعارضة بمسار اللجنة الدستورية، وأنهم لن يتخذوا أي فعل سياسي (تعليق مشاركة، انسحاب، تجميد عضوية، مقاطعة) أو حتى على أقل تقدير الوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء، بذريعة أنه ليس بيدنا أوراق قوة، والنظام كسب المعركة عسكرياً، غير مدركين أن مفهوم السياسة عند من يتنطعون لتمثيل الثورات، وخاصة عندما تكون بحجم الثورة السورية وتضحياتها، هو ليس فن الممكن، بل هو فن تحقيق المستحيل.
الوفد المعارض مصرّ على الاستمرار في الذهاب إلى جنيف والمشاركة في هذه العملية العبثية حتى لو أُبيد الشعب السوري بأكمله، وما يدل على ذلك جواب السيد هادي البحرة على سؤال أحد الصحافيين حين سأله أنه “في حال استمر قصف قوات النظام على السوريين هل ستقاطعون الجلسات”؟ فأجابه “إن المقاطعة لن توقف القتل، إننا مستمرون”.
والسؤال الذي يطرح نفسه ويتحاشى وفد المعارضة سماعه هو: إذا كان الانسحاب أو تعليق عمل اللجنة الدستورية لا يوقف قتل السوريين، فهل استمرارهم فيها يوقف هذا القتل؟! وهل المشاركون في هذه المفاوضات من مختلف الأطراف مقتنعون حقاً أن النظام الذي يشن منذ أكثر من عشر سنوات حرب إبادة على السوريين للحفاظ على السلطة وكرسي الحكم، سوف يقبل بكتابة دستور يطيح به ؟!! يقول المثل الشعبي: (مجنون يحكي وعاقل يسمع).
ربما من حسن حظ السوريين أن النظام أفشل أعمال اللجنة الدستورية، التي رغم تصريحات المبعوث الدولي بفشلها على يد النظام، وهي تصريحات كررها مع نهاية الجولة الحالية (السادسة) وكذلك بنهاية الجولة الخامسة التي سبقتها، لكن مع ذلك فإن رئيس وفد المعارضة مصر أن هذه الجولات إيجابية وحققت أهدافها!
المدن
———————————-
===================
تحديث 26 تشرين الأول 2021
————————–
وطن من ريش وآخر في دستور/ سميرة المسالمة
استحوذت أخبار أزياء مهرجان الجونة السينمائي، في مصر، في دورته الخامسة، على مساحات كبيرة في الإعلام العربي، بينما غابت، في الأثناء، أو غُيّبت أخبار العملية السياسية في جنيف لحل الصراع السوري من نافذة اللجنة الدستورية، في دورتها السادسة، متقدّمة على الجونة عددياً. وربما لو حظيت هذه الاجتماعات بالمتابعات الشعبية والإعلامية ذاتها لعاد ما يحدث في سورية إلى واجهة الأخبار، مُحدثاً خرقاً، ولو صغيراً، في ذاكرة المجتمع الدولي الذي نسي ما يزيد عن 17 قراراً دولياً متعلقاً بحل القضية السورية وتبعاتها، بينما انبرى لإلزام الطرفين على عقد جلسات خلّبية، لا تغني ولا تسمن من جوع، ما يستلزم السؤال عن أهمية انصياع وفد المعارضة لجزء من تلك القرارات بالذهاب إلى الجولات، في وقتٍ تتجاهل الدول نفسها كل ما يستلزم فعله قبل قرار تشكيل اللجنة الدستورية وخلالها (توقيتها الزمني) وما بعدها؟
ليس مستغرباً أن يعرقل النظام السوري أي تقدّم في عملية صياغة الدستور، ما لم تقدّم له ضمانات أنها صياغة تتناسب ومصالح بقائه التي تستوجب تعديلاً دستورياً يطرأ على دستور 2012، لتصفير عداد المدد الرئاسية فيه، والتي تحدّد السماح بولايتين متتاليتين فقط، والذي على الرغم من كل الملاحظات عليه، ينهي شرعية استمرار رأس النظام في منصبه مع انتهاء ولايته الحالية، وفي الوقت نفسه، ليس من الغريب أن يصف وفد المعارضة أجواء الاجتماعات بالإيجابية، وذلك لعدة أسباب:
أولاً، النظام الذي يمثله الوفد “الوطني”، كما يسمون أنفسهم تهرّباً من أن يكون وفد النظام تحسب عليه مقابلته المعارضة وفداً ندّاً له عدداً ومكانة وتصويتاً، هو وفد غير مسلّح، ولا تطوف فوق قاعة اجتماعاتهم معه طائراتٌ حربيةٌ محملةٌ بالبراميل المتفجرة أو محاطة بالمدافع، كحال المناطق الخارجة عن سيطرته، في إدلب مثلاً.
ثانياً، من خلال التصوير، بدت الابتسامات مرسومةً على وجوه وفد النظام السوري للجنة الدستورية. لا يهم كثيراً ما الذي تخفيه تلك الابتسامات، أو ما يمكن أن تسفر عنه المفاوضات من نتائج في عملية صياغة الدستور الجديد للبلاد. وهذا التقدير من الرئيس المشترك لجهة المعارضة، هادي البحرة، أن الأجواء إيجابية، لم يأت من فراغ، فمجرد انتقال النظام من مرحلة اعتبار أعضاء اللجنة الدستورية التابعين لهيئة التفاوض من وفد الإرهابيين الذي نعتوا به خلال الجلسات الماضية إلى “الطرف الآخر” من دون اعتباره “وفداً” هو تقدّم إيجابي لمصلحة المعارضة، ويمكن اعتباره إنجازاً مرحلياً يراهن عليه في قادم الجلسات.
من هنا، يمكن تفهم معنى الأجواء الإيجابية التي سادت الاجتماعات، وقد يتطوّر الأمر مستقبلاً إلى أن يصف وفد النظام وفد المعارضة بشركاء سوريين، في عمليةٍ سياسيةٍ مهمتها إنقاذ النظام الحالي المتعثر اقتصادياً وأمنياً وسياسياً، ودستورياً، ولو امتلك الطرفان، المعارضة والنظام، الأدوات الإعلامية كحال مهرجان الجونة، لكانت أخبار هذه العملية السياسية اليوم من أهم الأخبار في سباقها المحموم، وحتى ضمن جولات سباق الأزياء الذي يتطوّر جولة بعد جولة، فمأساة السوريين التي اختصرت في اجتماعات سياحية لا ينهيها وطنٌ من دستور.
على الجهة المقابلة، ساعدت حالة المراوحة السلبية لمآسي أخبار السياسة أن يذهب الناس طلباً لراحة ثقافية، استحوذت مشاهد عالم الأزياء على معظمها، سرّ بعضُها وأضرّ بعضُها. لكن ما يمكن التوقف عنده هو سؤال يغصّ في صدورنا، نحن السوريين، ونحن نسمع كم التهم الموجهة لفيلم “ريش”، فهل تعادل تهمة الإساءة لسمعة الدولة في مصر جريمة إضعاف الشعور الوطني في سورية، وهي ملّخص ما يمكن أن يكتبه “صبي أمني” في تقرير كيدي يُنهي فيه مستقبل المكتوب عنه، وهي التهم الموجّهة إلى كل من ليس على قائمة أبواق الأنظمة، أو ممن هم ليسوا على مستوى ذائقة المنتقد، وهي أحد أهم أسباب اعتقال آلاف من الشباب السوريين وتغييبهم؟
اعتدنا في سورية أن تحمل تلك التقارير الأمنية صفة السرّية، إلا أنها مع وسائل التواصل الاجتماعي تطوّرت، بالتوازي شكلاً ومضموناً. لم يعد كاتب التقرير بثياب متشرّد أو يسترق السمع والنظر من خلف صفحات صحيفةٍ يرفعها بين يديه، هي اليوم وظيفة “مرموقة” يمكن لممتهنها أن يتنكّر بأي صفةٍ، بل أن يحملها، من أرفع المهن وحتى تلك الأكثر إنسانية، وصولاً إلى ما شهدناه أخيراً في مهرجان الجونة، عن قصد ودور وظيفي أو عن تبعية وغيرة مهنية، فالتوصيفات التي وردت تحت عناوين انتقادات كانت، في غالبها، كتقارير أمنية عن فيلم سينمائي، قدّم ما هو غير استعراضي، ومن صميم واقع مصري، على الرغم من تخيلاته غير الواقعية، ولكنه لم يتناسب، كما يبدو، ومظاهر الثراء والتبرّج السائدة لمنتقديه أمنياً.
تستفزنا تصريحات (واستعراضات) مجموع المحتكرين حب أوطانهم، من أصحاب الشعارات الفضفاضة، بسبب تشابه التهم التي يلقونها على المختلفين معهم في طرق التعبير عن التزاماتهم الإنسانية التي تتضمنها الوطنية المفترضة، ما يجعل التعليق عليها كحدود فاصلة بين الناس، (وطنيون من جهة وخونة مقابلهم) بديلاً عن أن تكون الوطنية هي المساحة الجامعة، تصبح هي الفخّ لكلا الطرفين (الكاتب والمكتوب عنه)، فالتغرير بالكاتب ليكون عميلاً أمنياً يستسهل تخوين الآخر أسهل من الإيقاع بالضحية، لأن الضحايا غالباً يعملون من منظور فهمهم لتقديم الخدمة الأفضل والأكثر تميزاً، أو بعضهم من أولئك الذين لا يملكون موهبة الانصياع للتصنيف الأول.
أوضحت تعليقات بعض الفنانين رغبتهم في استعادة الرقابة على حرية التعبير بأعلى مقاييسها، ما يضعنا من جديد أمام مواجهةٍ علنيةٍ لكل العاملين على محاربة وجودها، أملاً في حرية التعبير التي، على الرغم من كل الظروف، بقيت حاضرةً في سينما مصر أم الدنيا “الأرض”، “الكيت كات”، “إحنا بتوع الأتوبيس”، وغيرها من أفلام، فهل هذه التعليقات هي مقدّمة لاستنهاض همم أمنية أم هي مجرّد حرب مصالح يسيء لها فيلم الحقيقة “ريش”؟
\العربي الجديد
————————-
مماحكات الأسد الدستورية/بسام مقداد
لم يكن أحد من السوريين ينتظر خيبة أمل غير بيدرسن من نتائج الجولة السادسة من إجتماعات اللجنة الدستورية قي جنيف يوم الجمعة المنصرم، ليتأكد أن المماحكات الدستورية المستمرة في جنيف منذ 2019 لن تضع البداية للخروج من المقتلة السورية. فلم يغرهم تفاؤل بيدرسن لدى إنطلاق عمل اللجنة، ولا خيبة أمله لدى نهاية جولتها الأخيرة إلى ما انتهت إليه جولاتها الخمس السابقة. فهم يدركون أن اللجنة الدستورية لن تجترح المعجزات في ظل توافق الأطراف الدولية الوالغة في مأساتهم على الإبقاء على الوضع كما هو، بل وعمل بعضها على التطبيع مع النظام وإنعاشه، والقبول الصامت لبعضها الآخر بهذه العملية، أو الإكتفاء برفضها الكسول.
الكرملين الذي يقول بأنه يضغط على الأسد للإنخراط الجدي في عمل اللجنة الدستورية كبداية لإنطلاق التسوية السورية، لم تصدر عنه إشارة ملامة واحدة لعودة النظام إلى شل عمل اللجنة بعد يومين من البداية الإيجابية لعملها، والذي أخذ البعض يبني عليها آمالاً عريضة، بمن فيهم غير بيدرسن نفسه الذي خرج علينا يوم الجمعة بخيبة أمله. كما خرج علينا ممثل الكرملين الخاص في سوريا ألكسندر لافرنتيف بتصريح بعد إنفضاض إجتماعات اللجنة، قال فيه بأن مواقف الأطراف الممثلة في اللجنة مضادة لبعضها البعض في الوقت الراهن، لكن هذا ” ليس سببًا للشعور بخيبة الأمل في احتمالات المزيد من العمل، ونعتبر أن عمل اللجنة يجب أن يستمر”، حسب الصحيفة الرسمية للحكومة الروسيةRG .
عشية إنطلاق الجولة السادسة للجنة الدستورية قام الممثل الخاص للرئيس الروسي في التسوية السورية ألكسندر لافرنتيف ونائب وزير الخارجية سيرغي فرشينين وممثل وزارة الدفاع بلقاء الرئيس السوري بشار الأسد. ويوم إختتام أعمال الجولة إلتقى الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ميخائيل بوغدانوف مع السفير السوري في موسكو رياض حداد، وبحثا في عمل اللجنة الدستورية، حسب نوفوستي.
بوريس دولغوف من مركز الأبحاث العربية في معهد الإستشراق برتبة باحث رئيسي، قال، لدى إنطلاق عمل اللجنة في 18 من الجاري، بأن عملية وضع دستور سوري جديد، هي عملية معقدة لأنه لا يوجد حتى الآن اتفاق أساسي بين الأطراف المشاركة في المفاوضات. ومن دون أن يلمّح بكلمة واحدة لموقف النظام في عرقلة عمل اللجنة، قال بأنه ليس من توافق داخل المعارضة نفسها، حيث توجد مجموعات خاضعة لنفوذ كل من تركيا والسعودية، كما توجد “منصة موسكو” داخلها أيضاً. هذا الخلل وعدم التوافق داخل المعارضة لا يسمح بتوقع التوصل إلى أية نجاحات جذرية في الجولة الراهنة. إضافة إلى ذلك ثمة راديكاليون وسط المعارضة يرفضون مشاركة الأسد في عمل اللجنة. ويرى بأن هذا ليس بالموقف البناء، خاصة بعد إعادة إنتخابه لفترة رئاسية جديدة وتصويت “أكثر من 90%” من السوريين لصالحه.
ويكرر دولغوف القول بترسيخ الأسد سلطته وبأنه يتحكم بالوضع، وتدعمه “غالبية السوريين”، كما تلتف حوله القيادة السورية بزعامة حزب البعث، ويبقى أن تجد المعارضة”القوة في نفسها للتوحد والمشاركة في الحوار الوطني” كما جاء على موقع وكالة الأنباء الروسية informros.
موقع التلفزة الروسية InoTV التابع للشبكة الروسية RT نقل عن شبكة تلفزة ألمانية يوم إنطلاق عمل الجولة السادسة قولها بأن الجولات الخمس السابقة لم تسفر عن أية نتيجة، لكن المفاوضات ستمضي الآن على نحو بناء أكثر، حسب غير بيدرسن في سياق تفاؤله الذي سرعان ما إنتهى إلى “خيبة امل” في نهاية الجولة. وينقل الموقع عن بيدرسن قوله بأن اللجنة الدستورية تقدم مساهمة مهمة للعملية السياسية، لكنها ليست هي التسوية، بل لا بد من الإلتفات إلى الجوانب الأخرى من الأزمة. وهذه الجوانب لا تقدم سبباً للتفاؤل، فبعد عشر سنوات من الحرب سوريا مدمرة، وأكثر من 13 مليون سوري يحتاجون لمساعدات إنسانية، وحوالي 90% منهم يعيشون تحت خط الفقر. وعلى الرغم من كل ذلك لا يزال الرئيس السوري بشار الاسد مستمراً في التمسك بالسلطة، بل وأعيد إنتخابه للمرة الرابعة الربيع الماضي، وهي الإنتخابات التي تشكك الولايات المتحدة وأوروبا بنتائجها.
وبعد أن يتحدث موقع التلفزة الألمانية عن “غالبية” الدول العربية التي إستعادت علاقاتها مع سوريا، ينقل عن هادي البحرة قوله بأنه إذا لم يتحرك عمل اللجنة الدستورية بوتيرة أسرع، فسوف يكلف ذلك ضحايا بشرية، “ولن نقوم نحن بما علينا القيام به حيال معاناة الشعب السوري”.
الخدمة الروسية في وكالة أناضول التركية نشرت في 24 من الجاري نصاً بعنوان “موقف نظام الأسد المتصلب يشكل تهديداً لعمل اللجنة الدستورية اللاحق”. قال الموقع بأن الجولة السادسة للجنة الدستورية السورية لم تنته فقط ب”خيبة كبيرة” بسبب الموقف المتصلب لوفد نظام بشار الأسد، بل ولم تتمكن الوفود المشاركة من تحديد موعد الجولة القادمة للجنة. وتشكل جلسات اللجنة الحلقة الأهم في البحث عن حل سياسي للصراع والسعي لوضع نهاية للفوضى في البلاد.
تسجل الوكالة لممثل المنظمة الدولية غير بيدرسن أنه، وللمرة الأولى، يحمل النظام مسؤولية عدم الخروج بأية نتائج في نهاية الجولة السادسة، حيث قال بأن وفد النظام إتخذ قراراً بعدم تقديم رؤيته للدستور الجديد.
وكانت الوكالة التركية قد قالت في 20 من الشهر الجاري بأنها حصلت على نصي الدستور الجديد المقدمين من النظام والمعارضة. يقول البند الأول في الدستور المقدم من قبل النظام السوري بأن “الجمهورية العربية السورية ـــــ دولة كاملة الإستقلال والسيادة، ولا تقبل بأي شكل التدخل الخارجي بشؤونها الداخلية”. وينص البند الخامس من المشروع بأن “الجمهورية العربية السورية هي “جزء من العالم العربي، تفتخر بعروبتها وتدعم تعاون وتضامن العرب في بلوغ أهداف وحدة الشعوب العربية”.
وتقول الوكالة بأن المعارضة تقدمت في الجولة السادسة بمشروع للدستور الجديد من أربع نقاط، بعد أن كانت قد تقدمت في الجولة الخامسة بمشروع من عشر نقاط، رفض وفد النظام حتى مناقشته حينها.
ينص البند الأول على أن “تلتزم الدولة ببناء المؤسسات الأمنية والاستخباراتية لحماية الأمن القومي ، وتلتزم الدولة بسيادة القانون ، وتعمل في إطار الدستور والقانون ، وتلتزم بمبدأ احترام حقوق الإنسان ، وتتصرف وفق أحدث المعايير”.
البند الثاني ينص على أن”الجيش والقوات العسكرية والهياكل الأمنية مؤسسات وطنية تضمن الوحدة والسيادة الوطنية. مبادئ الجيش هي الابتعاد عن كل أنواع الأيديولوجيات وحرب العصابات والروابط الطائفية وأن يكون المؤسسة الوحيدة التي تحمل السلاح وتستخدمه في سوريا”.
ينص البند الثالث على أن “الجيش هو الهيكل العسكري الرئيسي للدولة ، وتقوم أفعاله على مبادئ الكرامة والانضباط. يمارس نشاطاته وفق الدستور. تشكل على شروط الوحدة ووفقاً للقانون. يتعهد بحماية الوطن والشعب من التهديدات الخارجية والإرهاب. يحمي استقلال سوريا وسلامة أراضيها. مُلزم قانونًاً بالمحافظة على الحياد السياسي ودعم السلطات المدنية المختصة والمجتمع”.
أما البند الرابع فينص على أن “الهياكل الأمنية مسؤولة عن الحفاظ على النظام العام وحماية الأشخاص والمؤسسات والممتلكات وإنفاذ القانون. كما أنها تخضع للقانون وتؤدي واجباتها بحياد سياسي كامل واحترام حقوق الإنسان الأساسية”.
المدن
————————–
وفد “المعارضة” في اللجنة الدستورية.. ضرورة للسوريين أم لـ “النظام”؟/ بسام يوسف
يُكرر جهابذة المفاوضين الذين عُينوا كممثلين عن المعارضة، بطريقة لاتزال مثار جدل داخل أوساط السوريين، كلّما ارتفعت الأصوات الرافضة لمسرحية التفاوض، أن الهدف الأساسي من مشاركتهم هذه، هو أن يثبتوا للعالم أن النظام كاذب، وأنه لا يريد التفاوض.
يذكرني قولهم هذا بالمهزلة التي كان يرددها حافظ الأسد وإعلامه، حول تفاوضهم مع إسرائيل، بأنهم يشاركون في العملية التفاوضية مع إسرائيل، فقط ليثبتوا للعالم أن إسرائيل لا تريد السلام.
كان حافظ الأسد أعرف العارفين بمدى التلفيق الذي تتضمنه تصريحاته، وتصريحات إعلامه، وحقيقة ما يستطيع، أو ما يريد، فعله، وعندما أعلنت إسرائيل سنة 1981م، عن ضم الجولان رسمياً، متجاهلة كل القرارات الدولية المتعلقة به، لم تكن تريد من حافظ الأسد إلا أن يواصل جولات صموده الكلامية، وأن يواصل إنهاك سوريا وتدميرها، وتدمير كل إمكاناتها، كي يتحول ضم الجولان إلى حقيقة لا يمكن القفز عنها لاحقاً.
اليوم يعيد “أبطال” اللجنة الدستورية السيناريو ذاته، في تفاوضهم مع نظام الأسد، فتارة يتحججون بخذلان أطراف دولية لهم، وتارة يتحججون بأنهم لن يمنحوا النظام مبرراً لانسحابه من اللجنة الدستورية، وتارة يتحججون بالممكن وغير الممكن، وتغيرات الواقع، و..و..إلخ.
بعيداً عن حقيقة فشل جولات التفاوض الست، وبعيداً عن كل الجدل حول شرعية من يمثلون وفد المعارضة، وكيفية اختيارهم، وتهميش بعض أعضاء الوفد لمعظم أعضاء الوفد، واستئثارهم بالرأي والإدارة، وبعيدا عن كواليس غامضة تتسرب بين الفينة والأخرى عن لقاءات غامضة، أو تقديم وعود كاذبة، بعيداً عن كل هذا، لا بدّ من مواجهة السؤال الأهم وهو:
ربما يعجز أي باحث في التاريخ عن إيجاد عملية تفاوض تشبه أو تقارب في وقائعها مجريات التفاوض الحالية في اللجنة الدستورية، فالطرف الذي أرسله النظام كممثل له لا يعترف به النظام نفسه، وهو أعلن مراراً أنه غير ملزم بأي قرارات يتوصل لها، ويمكنه في أي لحظة أن ينسف العملية كلها، وأن يعيدها إلى بداياتها، فلماذا إذا تستمر عملية كهذه، ولماذا يستمر بها طرفاها؟
ثمة ماهو أمرُّ من هذا، وهو أن النظام حدد مسبقاً وبما يتنافى مع عملية التفاوض برمتها، أن مجمل هذه العملية إنّما تتم أصلاً على أرضية الدستور الذي وضعه النظام سنة 2012م، وأن ما هو مطروح للنقاش هي بضع نقاط لا تلامس أبداً حقيقة ما تحتاجه سوريا، وما طالب به السوريون منذ أن أطلقوا ثورتهم في آذار 2011م، وأن وقت بحث هذه النقاط ليس الآن، ومن يقررها هو الشعب السوري لاحقاً.
إذا – مرة أخرى – لماذا تستمر هذه المهزلة، ومن هو المستفيد منها، ولماذا تطول مسرحيتها فصلاً بعد آخر؟.
بوضوح شديد، ليس لهذه المسرحية العبثية المسماة “اللجنة الدستورية” أي هدف يخدم الشعب السوري، بغض النظر عن الموقف السياسي لأفراد هذا الشعب، وأقصد بهذا كل السوريين بما فيهم أولئك المصنفون اعتباطاً أنهم موالون للنظام، لأنهم فقط في مناطق سيطرته، فما يجري هو تمديد الوقت حتى يتمكن النظام ومن يقف وراءه من تعزيز سيطرتهم على الأرض، ليعلنوا عندها عن انتهاء عمل هذه اللجنة.
إن إيقاف عمل اللجنة الدستورية، واستعادة الوجه الحقيقي للصراع الدائر في سوريا، والذي هو بكل وضوح، صراع بين شعب يريد ككل شعوب الأرض أن يمتلك قراره وثرواته ومشروع تطوره، وأن يحقق عيشا حراً لأبنائه، وبين طغمة فاسدة مجرمة تسلبه كل حقوقه، وتنهبه، وتدمر إمكانات بقائه، هو ما يجب أن يتركز جهد السوريين كلهم عليه، وسيدفع السوريون جميعا ثمن استعادة النظام لقدرته على الاستمرار بحكم سوريا، وسيكون الرابح الوحيد هي الأطراف الدولية التي ستتقاسم مناطق النفوذ، وتتقاسم سوريا.
ليس هناك أي عذر، أو مبرر لأي سوري يعمل فعلاً من أجل سوريا، أن يشارك في هذه اللجنة، أو أن يدعم استمرارها، وهنا لا بدّ من تحميل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة مسؤوليته الكاملة في استمرار مسرحية العبث هذه، والتي دفع ويدفع الشعب السوري ثمنها باهظاً، فهو من يفترض به أن يكون مرجعية وفد المعارضة، والسلطة العليا عليه.
إن العمل الحقيقي الذي يجب أن تنصب جهود السوريين عليه في هذه المرحلة، هو قلب الطاولة في وجه من يخططون لرسم مستقبل سوريا وفق مصالحهم، مستغلين هوس حلقة النظام بالسلطة، وضاربين بعرض الحائط مصالح السوريين، وحقوقهم ومستقبلهم، ومستقبل أجيالهم ووطنهم، وإن الذريعة التي يتحجج بها بعض السوريين سواء في الائتلاف أو في وفد المعارضة للجنة الدستورية، من أن العجز هو الذي يفرض عليهم هامشاً ضيقاً من الحركة، وأنه ليس بإمكانهم فعل أي شيء، هو ذريعة باطلة، فمن يتغاضى عن السعي الحثيث لإضعاف المعارضة، ونزع أوراق قوتها، وإلحاقها كتابع ضعيف لهذا الطرف أو ذاك، ومن لم يحاول أبداً تعزيز قدراته وبناء مؤسساته الوطنية، سواء في المناطق التي هي خارج سيطرة النظام، أو في شتات العالم، هو يسهم بوضوح في إعادة تمكين النظام، وإعادته مرة أخرى للإمساك بالشأن السوري.
ما أخشاه هو أن يمضي السيناريو المهزلة إلى نهايته، وكما فعل نظام الأسد “الرافض” لإسرائيل عندما انفجرت الثورة السورية، فأسرع للاستغاثة بها لكي تحميه، أن يقوم أعضاء اللجنة الدستورية “الرافضين” لحكم الأسد، للاستغاثة به لحمايتهم من السوريين الرافضين لهم.
لم يعد لأحد في سوريا مصلحة في وجود وفد باسم المعارضة السورية، داخل اللجنة الدستورية إلا النظام، فهو من يمنحه الوقت والذريعة والمبرر، وهو من يوهم السوريين والعالم أن ثمة حوارا، وأن هناك أفقا لهذه المهزلة المسماة “عملية تفاوضية”.
ما يجري ليس تفاوضاً، ولا هو فرصة لاستعادة السوريين لتنظيم أنفسهم كي يقرروا فيما يخص وطنهم ومستقبلهم، إنه باختصار إحكام الخناق على الشعب السوري، كي يرغم على الاستسلام، وكي يعود مرغما لبيت الطاعة، الذي تحكمه عصابة الإجرام الأسدية
تلفزيون سوريا
————————-
خيبة أمل (بيدرسون) وشروط التفاوض الغائبة/ أحمد مظهر سعدو
يتعين نجاح المفاوضات، أية مفاوضات بتوفر عدة شروط، تفضي بالضرورة إلى احتمالات الوصول نحو نتائج إيجابية، قد لا تكون مكتملة، لكنها بكل تأكيد تؤسس لما يمكن أن يبنى عليها، وتكون بمثابة أرضية ناجزة لتوفر البيئة الخصبة وصولًا إلى مخرجات جدية وحقيقية.
كل ذلك كان غائبًا في سياق الدورة السادسة لاجتماعات اللجنة الدستورية، التي انفضت اجتماعاتها في جنيف مؤخرًا دون الوصول إلى أية نقاط التقاء أو أساسات يمكن أن يُبنى عليها، ويبدو أن النظرة الموضوعية العاقلة باتت تقول إن كل الشروط الواجب توفرها في هذه المفاوضات الماراتونية بين طرف المعارضة بشقيها (المجتمع المدني) وتراكيب وتنوع المعارضة السياسية بواسع طيفها، في مواجهة طرف النظام الموحد بتسميتيه أيضًا، إذ كيف لمفاوضات أن تنجح إن لم تكن هناك إرادة دولية ضاغطة وراعية وجدية في الدفع نحو تحقيق منجز ما، والراعي الأساسي الروسي ومخترع فكرة اللجنة الدستورية كان قد أتى به تهربًا وتجميدًا فعليًا لمسار جنيف التفاوضي الأساسي الذي أنتجه المجتمع الدولي وفق قراراته، والذي استطاع أي الاتحاد الروسي باختراعه لفكرة اللجنة الدستورية أن يركن مسار جنيف بقضه وقضيضه على الرف، ويجمده كلية، أمام صمت مطبق من الإدارة الأميركية السابقة والحالية، وما يمكن تسميته بالمجتمع الدولي برمته.
كما أن الشرط الآخر لنجاح المفاوضات ليس متوفرًا، حيث لابد أن تمتاز المفاوضات بالندية بين الطرفين، والندية ترتكز إلى القوة العسكرية والسياسية التي لم تعد متوفرة هي الأخرى بعد أن تمكن نظام الأسد عبر الدعم الروسي منذ أواخر شهر أيلول / سبتمبر 2015 أن يقضم معظم الأراضي والجغرافيا التي كانت تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة. علاوة على أن شرط امتلاك القرار التفاضي هو الآخر ليس متوفرًا لدى المعارضة السورية، ولا مع وفد النظام، فالأولى وضعت كل بيضها في سلة الخارج، وبات القرار السوري المعارض جله ليس بيدها، ومن ثم فهي لا تملك حتى إمكانية الانسحاب من اجتماعات التفاوض، فيما لو قررت ذلك في لحظة زمنية ما، وهو ما أحرجها كثيرًا أما جماهير الشعب السوري في الشمال، إذ بينما يقوم وفد المعارضة بحضور اجتماعات تفاوضية مع نظام الأسد، كان جيش النظام وداعميه يقومون بارتكاب أبشع أنواع القتل والمجازر بحق المدنيين الآمنين في مدينة أريحا وجبل الزاوية وسرمدا القريبة من الحدود التركية.
أما الشرط الأهم فهو غير متوفر منذ بدايات تشكيل وفود اللجنة الدستورية، وهو عدم اعتراف نظام الأسد بطرف المعارضة واعتباره وفدًا تركيًا، وأيضًا وفدًا يمثل الإرهابيين المدانين إقليميًا ودوليًا، وهي مسألة بالأساس تنسف أية مفاوضات، وتؤدي إلى عدم الأمل بأي منجز يمكن أن تخرج به عملية التفاوض، فكيف يمكن لمفاوضات أصلاً أن تقوم بظل وجود وفود لا تعترف ببعضها، كما أن تصريحات نظام الأسد المتكررة كانت تؤكد أيضًا على أن وفدها للتفاوض لا يمثل رأي الدولة السورية، وكيف يمكن أن تلتزم الدولة السورية المفترضة بنتائج وفد لا يمثلها.
إضافة إلى أن الشرط العربي الضاغط سابقًا لم يعد متوفرًا ولا موجودا ولا يلوح بالأفق، وهو شرط كان يمكن أن يضع النظام في (خانة اليك) كما يقال، فيما لو بقي ليكون ضاغطًا ومحاصِرًا للنظام، حيث نشهد ومنذ عدة أشهر محاولات بعض أطراف النظام العربي الرسمي مهرولة بعملية متسارعة وواضحة نحو إعادة العلاقة مع نظام الأسد، من أجل عودته إلى الجامعة العربية المعطل وجوده فيها منذ عام 2013، حيث تتحرك الأردن بمبادرتها المعروفة وتواصلها التجاري والسياسي وكذلك دولة الإمارات العربية المتحدة وغيرهما، تهيئة لإدخال النظام من جديد في أتون الجامعة العربية واجتماعاتها.
إذًا وأمام غياب أو تغييب كل تلك الشروط التي يتعين بموجبها نجاح المفاوضات، نكون أمام اجتماعات للجنة الدستورية حتمي فشلها، ومتوقع عدم خروجها بأية نتائج إيجابية، حتى لو ادعى الاتحاد الروسي مؤخرًا بأن ما عوق وصولها إلى نتائج إيجابية كان انفجار باص المبيت العسكري بدمشق، وهو موضوع بات من شبه المؤكد أنه كان ألعوبة مدبرة لغايات في نفس يعقوب، وأنه لم يكن في وارد الروس ولا نظام الأسد ولا إيران بالضرورة الدفع نحو أية إنجازات في هذه الاجتماعات الدورية التي لا تُغني ولا تسمن من جوع، بينما تستمر حالات القتل والمقتلة الأسدية الروسية جارية نحو مزيد من التهجير القسري للسوريين في الشمال، ونحو مزيد من ممارسة سياسة المحرقة الروسية المندمجة في أتون سياسات لنظام الأسد لم يتنازل عنها أبدًا، بل كان الخيار العسكري والأمني هو خياره، وليس هناك أية معطيات ولا مؤشرات تبين أن هذا النظام كان ذاهبًا في يوم من الأيام أي منذ انطلاق ثورة الشعب السوري أواسط آذار / مارس 2011 وحتى الآن، نحو حل سياسي، ولم يكن مقتنعا به أصلًا، وليس من سياساته التي باتت هي الأخرى تابعة وملحقة بسياسات الدول التي استقدمها، من روس ينفذون مصالحهم، ووجود النظام من يحمي هذه المصالح، وإيرانيون أضحوا يتحركون فعليًا في سياق مشروعهم الفارسي الإمبراطوري في المنطقة، وجاء النظام ليحقق لهم ما حلموا به، وليكون النظام أداة مطواعة في أيدي ولاية الفقيه وأدواته من حرس ثوري وميليشيات حزب الله والميليشيات الطائفية الأخرى المستقدمة من العراق وباكستان وأفغانستان وسوى ذلك.
خيبة الأمل التي تحدث عنها (غير بيدرسون) ليست خيبة بمفردها، فهي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، وهو يدرك تمامًا من يعرقل ومن ليس جديًا في الوصول إلى نتائج أفضل، وهو في تصريحاته تلك يفرغ بعضًا من حمولته التي يختزنها من خلال نتائج جولاته في المنطقة وخبرته مع النظام والروس والإيرانيين، لكن ضميره يفترض أن يحركه ليكون أكثر وضوحًا في إعطاء الأمم المتحدة عبر مطالعته إليها في قادم الأيام ليكشف حقيقة النظام لمن لم يكتشفه بعد، ويضع المجتمع الدولي برمته أمام مسؤولياته إن كان ما يزال يدرك هذه المسؤوليات، ويصمم على عدم السماح لدولة/ نظام الأسد، أن تستمر في ألاعيبها على المجتمع الدولي، وتسويفاتها مشتركة بذلك مع روسيا وإيران، في مسعىً واضح المعالم لعدم التوصل إلى أي حل سلمي، أو تحقيق وتنفيذ لقرارات دولية يفترض أن تكون ملزمة وتحت البند السابع، إذا لزم الأمر، وهو ما لا يبدو أنه في مخيال الدول الكبرى التي تُمسك بمصالحها وفقط، وترى أن هذا النظام وحده من يمكن أن يحقق لها مصالحها حتى لو كان على حساب دماء السوريين، وانتهاك كل القرارات الدولية، وخرق كل التفاهمات والتوافقات الإقليمية.
فهل كانت خيبة أمل للسيد (غير بيدرسون) أم أنها أمل الخيبة، وواقع الانهيار الدولي، في مواجهة آلة القتل والطغيان لنظام الأسد وداعميه من روس وإيرانيين، أم انزياح كُلي سياسي وإنساني عن كل القيم الإنسانية التي أسسها القانون الدولي الإنساني، وأيضًا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكل ذلك مغيب منذ زمن.
تلفزيون سوريا
——————————-
استحقاق الاعتراف بفشل جنيف/ إبراهيم الجبين
تم تدريب المعارضة السورية نفسياً خلال الأعوام العشرة الماضية على رفض الاعتراف بالواقع، وانتقلت إليها تلك الخصلة التي لطالما انتقِد عبرها المستبدون؛ الانفصال عن الواقع وعدم الاعتراف به، فغدت المعارضة غير قادرة على التعامل مع الحقائق الراهنة بصورة طبيعية، وبدفع من قوى ما، تشعر هي وحدها بها، تجد نفسها مصرّة على إنكار ما بات الجميع متيقناً منه.
فشل الجولة الأخيرة من أعمال اللجنة الدستورية، وإعلان المبعوث الدولي غير بيدرسون أنها كانت مخيبة للآمال، لم يكن مفاجأة لأحد. ولا حتى للمعارضة ذاتها ولا للجنتها الدستورية، إلا أنها وفقاً لما أعلنه قادتها، بحاجة إلى الظهور بمظهر المنضبط الملتزم بقرارات الأمم المتحدة والتفاهمات الدولية، والمحتاج دوماً لمزيد من البرهة على أن نظام الأسد غير عابئ بها ولا مكترث لأي التزامات سبق أن أعلن عن تقيدها بها.
وماذا بعد؟ ما جديد تلك المعادلة؟ فالنظام لا يصدم المجتمع الدولي لأول مرة، هذا نهجه وهذه سياسته، مقابل ما يظهره ذلك المجتمع من عجز أمام هذا التفلّت واختراق جميع التفاهمات الدولية وقبلها القوانين الدولية وحقوق الإنسان وقبلها ارتكابه لكل أشكال جرائم الحرب واعتقال المدنيين وتعذيبهم وقتلهم بدم بارد وما إلى آخر تلك السلسلة التي لا نهاية لها.
الدقيق أن المعارضة السورية بوضعها الحالي، تدرك هذا أيضاً وليست مشوشة كما يحاول البعض تصويرها، غير أنها تدرك معه ما معنى اعترافها بفشل الحل السياسي. إن هذا سيعني أن الشارع السوري سيطالبها على الفور ببديل، والبديل يكاد يكون أصعب من الحلين العسكري والسياسي معاً.
الاعتراف بفشل المفاوضات مع نظام مثل نظام الأسد، ليس نقيصة ولا يكشف عجز المعارضة عن أخلاقيات التفاوض واجتراح الأساليب. فليس مطلوباً من بضعة سياسيين عزّل لا يملكون من أمرهم شيئاً أن يقهروا إرادة نظام عجزت عن ردعه جيوش دول كبرى ودول في الإقليم بعضها يهرول اليوم نحو الأسد، وكأنه الملاذ الأخير للعرب من الخطر الفارسي الذي دخل البيوت وبات خلف أبواب غرف النوم.
الاعتراف بفشل المسار السياسي، من جانب آخر، ليس إعلان هزيمة، كما حاول كثيرون خلال الأعوام الماضية إيهام السوريين، فمن فشل في هذا المسار هو الأسد ولا أحد غيره. والتعنّت الذي يظهره ليس من علامات الانتصار بل على العكس تماماً، هو عجز تام عن التحوّل إلى مستقبل جديد، وفراغ جعبة لم يعد فيها سوى ورقة بيع سوريا وثرواتها وسيادتها للداعم الروسي – الإيراني. ولا معنى لانتصارات بـ”يد الغير” ترسّخ واقعاً لا يدوم ولن يقوى على قيادته الأسد ونظامه.
يعتقد كثير من العاملين في الشأن السوري المعارض أن الحل السياسي هو الفرصة الأخيرة، بعد أن قيل لهم إن المقاومة العسكرية طريقها مسدود وإن العالم يحاربها وإنها اليوم تقوم على فصائل متنازعة وعلى جهاديين هنا أو هناك، من بينهم من تضعه الولايات المتحدة أكبر حليف للمعارضة السورية على لوائح الإرهاب. باختصار تمكّنت المعارضة من الاعتراف بهزيمة عسكرية للثورة، لكنها تعاند الاعتراف بفشل التفاوض مع الأسد.
النفس الطويل ليس في البحث عن السراب والتشبّث بالحلول التي لا تفضي إلى شيء. بل بمراجعة الأداء كله، واعتبار التوقف عن شرعنة الأسد، كلما حان موعد جديد للجنة الدستورية، نقطة تحوّل ستليها استحقاقات كبرى، أبرز ما فيها أنها شأن سوري سوري، تجري بين السوريين أنفسهم، وفي ضفة الثورة لا في مستنقع النظام كما روّج البعض، حين طرح نقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق ليحاول تغليف رغبته بالتطبيع مع الأسد بحرصه على سوريا من الأميركيين والصهاينة، على حد قوله. وهو لا يأتي بجديد، فقد طرحنا قبل أعوام أن نقل أعمال اللجنة الدستورية بضمانة دولية هو نوع من كسر لأنف الأسد، لكن بشروط، أولها إخراج المعتقلين والتوقف عن اعتقال المزيد وضمان أمن المعارضين السوريين في الداخل والخارج، وهو ما لم يحصل آنذاك، فكيف سيحصل اليوم والأسد يشعر بأنه قد تنفّس بفتح ثغرات في المواقف الدولية منه، وأن نوافذ الأمل قد أشرعت من هذا البلد العربي أو ذاك تجاهه.
الهلع من الاعتراف بفشل جنيف أصبح مثل حكاية الملك العاري وثوبه الشفاف، فالكل يرى الآن أن المعارضة السورية لا تريد ذلك، لقلقها مما سيليه، إلا المعارضة وحدها، ما زالت تعتقد أنها مستورة معفاة من تقديم بديل. وحين يسأل سائل من السوريين تلك المعارضة إلى متى هذا اللحاق بالوهم؟ يأتي الجواب سريعاً: هاتوا البديل. ألا تذكّر هذه العبارة الرجيمة بما أثار غضب السوريين طويلاً عن المطالبة بإسقاط نظام الأسد، والسؤال: ما البديل؟
التحولات والتصادمات الاجتماعية الإيجابية التي تجري بين تيارات الوعي في المناطق غير الخاضعة لسلطة الأسد، يمكن أن يُبنى عليها الكثير، ولعل الذي كان يريده الروس والإيرانيون من تهجير وحشر أهل الثورة في أماكن محددة في الشمال السوري ينقلب الآن على أصحابه، لتصبح تلك المناطق، على ما جرى فيها مما يمكن أن يقع في أي بلد مستقر، فتصبح تلك المناطق منصات جديدة لإنتاج الثورة من جديد، بصيغتها الأحدث والأكثر قدرة على تحقيق أهدافها.
ما يجري خلف الصورة العامة من تطورات على الساحة العسكرية بين الفصائل السورية والتحاقها بالجيش الوطني، كفيل وحده بدفع المعارضة إلى إعادة النظر. فهناك من فقد الأمل من مماطلة الأسد ومن الألاعيب الروسية. والتكوين الذي يعاد تشكيله الآن لن يذهب سدى، فهناك مؤسسات عسكرية تنشأ، وهناك قوى تعمل على إعادة التموضع على الخارطة.
ولكن لا يمكن لذلك الطور الجديد أن يحدث، ويكون خلاقاً، بالأدوات ذاتها وبالذهنية ذاتها، ومن لا يشعر بهذا سيجد أن السوريين قد تجاوزوه يوماً ما، وأنه بات خلفهم في طريق الحل الذي لن يكون كما يتوقعه الأسد ولا معارضوه الحاليون.
تلفزيون سوريا
—————————
استياء روسي من قرار دمشق «إفشال» جولة اللجنة الدستورية موسكو
موسكو: رائد جبر
حملت تصريحات المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، عن «تأثير سلبي» على مناقشات اللجنة الدستورية بسبب الهجوم الذي استهدف قوات حكومية في دمشق، إشارات لافتة، خصوصاً أنه تجنب تحميل المعارضة مسؤولية الفشل، خلافا للعادة في جولات الحوار السابقةـ والمحت مصادر روسية إلى تعمد الحكومة السورية «إفشال» الجولة، وقالت، إن الرئيس بشار الأسد «قد لا يكون يسيطر على الوضع تماماً».
ورأت مصادر دبلوماسية روسية، أن إشارات لافرنتييف «حملت في الواقع تحذيراً من تفجير المحادثات» التي بالفعل ما لبثت أن انتهت بالفشل.
واللافت، أن موسكو لم تصدر بياناً بعد انتهاء الجولة، وتجنبت إعطاء تقييم على المستوى الرسمي حول الطرف الذي يتحمل مسؤولية الفشل، فاتحة المجال أمام أطراف المعارضة والأطراف الغربية لاتهام دمشق.
وقالت لـ«الشرق الأوسط» مصادر دبلوماسية روسية، إنه «من الصعب رمي المسؤولية على فشل الجولة على حادثة التفجير، خصوصاً على خلفية الجهود الكبرى التي بذلتها موسكو لإنجاح هذه الجولة». وتحدثت أوساط عن «خيبة أمل واسعة لدى موسكو التي راهنت طويلاً على نجاح هذه الجولة وأوفدت المبعوث الرئاسي الخاص إلى دمشق قبلها مباشرة لحث الرئيس الأسد على إبداء أكبر قدر ممكن من المرونة».
وفي الإطار ذاته، قال رامي الشاعر، المستشار المقرب من مراكز صنع القرار في الملف السوري، إن «النظام في دمشق هو من يتحمل المسؤولية عن التفجير الذي حدث في دمشق والقصف الذي حدث على أريحا؛ لأنه لم يتحل بالمسؤولية التي تفرض عودة مؤسسات الدولة لعملها بشكل طبيعي». وزاد، أن «أكبر دليل على ذلك إفشال دمشق المقصود للجولة السادسة للجنة الدستورية»، كاشفاً عن أنه «بات معلوماً لكل الأطراف بما في ذلك للأمم المتحدة، أن بعض أعضاء الوفد الذي يمثل دمشق تلقوا تعليمات من دمشق بعدم الموافقة على أي شيء، ومنع أي تقدم في عمل اللجنة الدستورية المصغرة».
ولفت إلى أن أوساطاً روسية «لا تستبعد بسبب الموقف الذي ظهر في جنيف، أن وراء تفجير دمشق وقصف أريحا جهة واحدة اختارت التاريخ المناسب لإيجاد الحجج لعدم السير في عملية الانتقال السياسي على الأساس الذي نص عليه قرار مجلس الأمن 2254».
وزادت خيبة الأمل الروسية مع تناقل معطيات أخيراً، عن قيام بعض أهالي دير الزور بمنع دورية للقوات الروسية من العبور إلى الضفة اليسرى من الفرات؛ إذ رأت أوساط روسية، أن «النظام يتحمل مسؤولية هذا التحفيز ضد روسيا».
في السياق ذاته، لفت المصدر إلى ما وصفه «مثال بارز» على مستوى عرقلة الجهود الروسية لتحسين الوضع المعيشي في سوريا، مشيراً إلى أن «الاتفاقيات الاقتصادية المبرمة مع الحكومة السورية من أجل مساعدة سوريا في تأمين بعض الاحتياجات الأساسية، وأعلنت الحكومة الروسية قراراً بتقديم قرض بقيمة مليار ونصف المليار دولار لبدء العمل في مساعدة احتياجات الدولة السورية الأساسية، لكن لم يتم تنفيذ أي شيءٍ من الاتفاقات حتى الآن؛ لأنها تتضارب مع مصالح فئة من تجار الحرب القريبين من القيادة في دمشق والمستفيدين من قنوات التهريب، وهؤلاء لا يريدون أي تغيير أو حل سياسي». وقال، إن «الواضح أن لدى هذه الأطراف تأثيراً على القيادة في دمشق؛ ولذلك تم تعطيل التوصل إلى أي اتفاق في جنيف».
في الإطار السياسي، لفت الدبلوماسي إلى تصريح لافرنتييف بعد انتهاء الجولة حول أن دمشق لم تعطِ بعد جواباً على اقتراح بيدرسن بخصوص تحديد موعد مقبل للجنة الدستورية. وقال، إن هذا يصبّ أيضاً في أسباب «تزايد الاستياء الروسي لدى دوائر عدة في روسيا، حتى أن بعضهم يقول إن دمشق تخدعنا، والبعض الآخر بات يرى أن القيادة في دمشق منفصلة وبعيدة جداً عن معاناة الشعب السوري».
ورغم ذلك، زاد المصدر، أن موسكو ما زالت تأمل في أن يتمكن (الأسد) من «استعادة السيطرة على القرار والإعلان قريباً عن موافقة على مواصلة أعمال اللجنة الدستورية، وفقاً لاقتراح بيدرسن حول إمكانية عقد اجتماعين إضافيين قبل حلول نهاية هذا العام».
الشرق الأوسط
———————————
================
تحديث 28 تشرين الأول 2021
—————————
اللجنة الدستورية في جولتها السادسة: نصوص لا يمكن رفضها!/ بكر صدقي
من المحتمل أن وفدي المعارضة والمجتمع المدني كانا في وضع حرج أمام النصوص، سواء منها ما قدمه النظام أو ما صاغوه هم.
بعد جولة دبلوماسية نشطة شملت بضمنها دمشق، وضع بيدرسون أمام اللجنة الدستورية خطة بدت له، على تواضعها، مضمونة النجاح: قسم الأيام الأربعة للاجتماعات إلى أربع موضوعات وزعها بالتساوي على وفد النظام (الذي لا يمثله!) والبقية، ثم أعاد تقسيم القسم الثاني، بالتساوي أيضاً، بين وفدي المعارضة والمجتمع المدني. هذه قسمة ذكية تحسب للرجل الذي كان أمام حل مشكلة حسابية غير قابلة للحل، وهي قسمة 4 أيام على 3 وفود.
قدم وفد النظام، في اليوم الأول، ورقته بشأن «سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة أراضيها» مع بنود تفصيلية تحت هذا العنوان غطت صفحتين كاملتين، في دلالة على أهمية هذا المبدأ، كـ»رفض التدخل في شؤونها الداخلية بأي شكل كامل» (حرفياً كما أورده تقرير في صحيفة الشرق الأوسط) ربما يشير هذا الخلل اللغوي إلى استماتة النظام في التشديد على هذا المبدأ، فاحتار صائغ الجملة بين «أي شكل» و«بشكل كامل». ومن البنود التفصيلية أيضاً «التمسك بتحرير الأراضي المحتلة»… مما يمكن أن يقع في إطار برنامج عمل سياسي، لا بنداً من بنود الدستور. فإذا أدخلته في دستور دولة أوحى لك بأن الأراضي المحتلة ستبقى محتلة إلى الأبد، وهو ما يبرر إدخال «التمسك» بتحريرها في القانون الأساسي للدولة، أي في تعريفها لنفسها، بحيث إذا سأل أجنبي ما عن معنى سوريا، أمكننا الإجابة عليه بأنها تلك الدولة «المتمسكة بتحرير أراضيها المحتلة» من جملة صفات أخرى.
على أي حال، وبصرف النظر عن هذه الملاحظة، يبقى السؤال عن كيف أمكن لوفدي المعارضة والمجتمع المدني أن يناقشوا هذا الموضوع مع بنوده الفرعية؟ فهل يمكن لوفد المعارضة أن يعترض، مثلاً، على «سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة أراضيها»؟ أو على «التمسك بتحرير… إلخ»؟ أو على «رفض التدخل في شؤونها الداخلية»؟ (كان من شأن وفد كردي، لو وجد في اللجنة، أن يعترض على صياغة هذا المبدأ ويطالب بتعديلها، أما وفد المعارضة فهو متطابق مع وفد النظام في مفهومهما للسيادة والاستقلال والوحدة). القصد أن النظام يقدم «صيغة لا يمكن رفضها» على مبدأ زعيم المافيا دون كورليوني في فيلم العراب الذي كان يهدد خصومه من خلال تقديم «عرض لا يمكن رفضه»! ليس المقصود من هذه الملاحظة أن على وفد المعارضة أن يعترض على كل ما يقدمه النظام، بل للإشارة إلى أن هوامش الخلاف المحتمل على صياغة الدستور قد تكون ضيقة جداً، لأن المشكلة السورية تكمن في مكان آخر غير صياغة دستور جديد. سأعود إلى هذه النقطة مجدداً بعد قراءة في بعض مما قدمه الوفد المعارض في ورقته.
ففي اليوم الثاني قدم وفد المعارضة ورقته في موضوع «الجيش والقوات المسلحة والأمن والاستخبارات». للوهلة الأولى يبدو هذا الموضوع شديد الأهمية من وجهتي نظر المعارضة والنظام معاً. فالنظام، من وجهة نظر المعارضة، يقوم على عدد من الدعامات الأساسية، أولها المنظمات المسلحة المذكورة في هذا العنوان، بواسطتها يُخضع المجتمع ويبقيه تحت السيطرة. ولكن إذا انتقلنا من العنوان إلى البنود الفرعية، سنلاحظ أنها جميعاً «لا يمكن رفضها» من قبل النظام، أو بالأحرى من المفترض أن يقبل بها النظام بلا نقاش! ننقل من تقرير «الشرق الأوسط نفسه»: «الدولة تلتزم ببناء مؤسسات الأمن والمخابرات لحفظ الأمن الوطني وتخضع لسيادة القانون وتعمل وفق الدستور»! ربما يعترض النظام فقط على عبارة «تلتزم ببناء» ذلك لأن «المؤسسات» المذكورة موجودة أصلاً، ووظيفتها المعلنة هي «حفظ الأمن الوطني» كما أنها تخضع «لسيادة القانون وتعمل وفق الدستور»! على ما يمكن أن يحاجج أي ممثل للنظام. فإذا واجهته بتقارير منظمات حقوقية دولية وثقت ممارسة التعذيب في مراكز الاحتجاز، سينكر ممثل النظام ذلك كما يفعل بشار الأسد في كل مقابلاته الصحافية. هل يعرف وفد المعارضة أن عناصر أجهزة مخابرات النظام محميون من أي مساءلة قانونية، بواسطة مرسوم رئاسي له قوة القانون، إذا ارتكبوا التعذيب، حتى لو أدى إلى وفاة الشخص المنكل به؟
ولماذا قد يعترض النظام على البند الفرعي التالي في ورقة المعارضة: «الجيش والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية مؤسسات وطنية تضمن السيادة… وتحدد عقيدة الجيش بعيداً من الانتماءات الأيديولوجية والحزبية وتحتكر السلاح واستعماله» أو البند الآخر الذي يقول إن «الجيش ملزم بالحياد السياسي التام ويدعم السلطات المدنية وفق ما يضبطه القانون»؟
لا مشكلة لدى النظام في هذه الصياغات ما دام يفهم منها غير ما تفهمه المعارضة، والأهم من ذلك أن المشكلة تكمن في مكان آخر، ولا بأس بتكرار هذا القول. فالحال أن النظام بادر بنفسه إلى تعديل دستور أبيه في العام 2012، تعديلات أكثر أهمية من مقترحات وفد المعارضة في اللجنة الدستورية، ما دام الكلام يدور على النصوص. فقد تم إلغاء الدور القيادي لحزب البعث، بما يمكن اعتباره «ثورة» في النظام ما دام الأمر يتعلق فقط بنصوص دستورية. وكانت «الثورة» الثانية في دستور 2012 هي تعددية المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية، أيضاً ما دام الأمر حبراً على ورق.
يمكن الاستدلال بـ«تغييرات» أخرى أقدم عليها النظام الأسدي في تواريخ سابقة بمحض إرادته. في مطلع التسعينيات بدأ يقدم المعتقلين السياسيين لمحكمة أمن الدولة، بدلاً من التوقيف «العرفي» لسنوات طويلة بدون توجيه أي اتهام. لكن الأحكام القاسية لتلك المحكمة جعلت كثيرين يترحمون على التوقيف العرفي بلا محاكمة.
وبعد اندلاع الثورة ألغى بشار الأسد، بشطبة قلم، محكمة أمن الدولة، ليؤسس بدلاً منها «محكمة الإرهاب»! إذا أردنا إجمال المشكلة يمكننا القول: في النظام الأسدي هناك دولة ظاهرة تشبه كل الدول الأخرى، حكومة وبرلمان وقضاء وبلديات، وانتخابات «ديمقراطية» وقوانين، وجيش وأجهزة أمن… وكل شيء! لكن السلطة هي في مكان آخر وليست في هذه المؤسسات الظاهرة. هذا ما نعنيه حين نتحدث عن عبثية اللجنة الدستورية، سواء عطلها النظام أو يسرها.
كاتب سوري
القدس العربي
——————————-
الوجه الحقيقي للسذاجة الروسية/ علي سفر
في أي قراءة لنتائج الجولة الأخيرة للجنة الدستورية في جنيف، ماتزال ترن، حتى اليوم، كلمات تلفظ بها رئيس وفد النظام أحمد الكزبري، في تصريحه لوسائل الإعلام، بعد فشل الاجتماعات، قال فيه: إن وفده جاء برغبة صادقة وروح إيجابية..، غير أن “طروحات المشاركين الآخرين منفصلة عن الواقع وتعكس أفكار خبيثة وأجندات معادية”!
التفاؤل بإمكانية بحدوث اختراق ما في السياق، بدأ عندما سمّت صحف النظام وفد المعارضة، باسمه، أي “وفد المعارضة”، ولم تطلق عليه تسمية عبارة “الوفد التركي” كما كانت تفعل من قبل، وارتفعت المؤشرات بعد اللقاء الأول من نوعه بين الكزبري وهادي البحرة رئيس وفد المعارضة، الذي جرى برعاية دولية، وأعلنا فيه التوافق على البدء في صياغة المبادئ الأساسية للدستور، والالتزام بتحديد مواعيد مؤقتة للاجتماعات المقبلة، ومناقشة خطة العمل.
غير أن ريح وقائع اليوم الأخير، الذي كان دموياً على الأرض السورية، بين تفجير دمشق، وبين قصف النظام لمدينة أريحا، طيّرت الأوراق عن الطاولات، وعادت بالمتابعين الذين يترقبون الأخبار السارة، وفي مقدمتهم الروس، إلى نقطة الصفر، فبعد أن ارتفع أدرينالين الدم لديهم، كمؤشر عن إمكانية حلحلة الملف، جاءت ملامح وجه الكزبري، وبابتسامته الصفراء، بما لا يسرهم، ولا يرضيهم، بعد أن عولوا الكثير على هذه الجلسة.
الرجل لا يكذب، إنه يرى في أي طروحات لا تناسب رؤية النظام، انفصالاً عن الواقع! هذا في حال كان إيجابياً في التعامل مع الطرف المقابل، لكنه، وكالعادة، يعود إلى الأصول، وإلى جذر رؤية النظام، التي لم تتغير، فهو لا يرى المعارضة سوى أنها كيان خبيث، ينفذ أجندات معادية! فهل ثمة بعد هذا التصريح ما يستحق أن يناقش؟
يدرك قطاع كبير من المعارضين هذه الحقيقة، ولا شيء يدل على فقدان الأمل من هذا المسار، أكثر من تلك المقالات التي كتبت في الأيام الماضية، مطالبة بنعي اللجنة الدستورية. ورغم أن وفد المعارضة لديه من الأسباب الكثير، التي تمنعه من أن يقدم على الانسحاب من المسار، ومنها المراهنة على عودة الأدوار الدولية المنكفئة عن الملف السوري، إلى احتلال مواقعها، إلا أن الدور الروسي المسيطر، لا يبدو صادقاً، ولا يتمتع بالنزاهة، وهذا يؤدي فعلياً إلى إيقاف المشاركة، حتى إصلاح طريقة إدارة العملية، لأنها أصل وأساس المشكلة.
هنا، لا يفتري أحد على الدب الروسي، لأنه هو ذاته، يقف على الخشبة وحيداً، محاولاً إقناع الجمهور بأن أداءه يتمتع بكل ما هو مطلوب كي يحوز صفة المصداقية، لكنه يلعب دور الساذج، بشكل متكلف، يُسهل على المشاهدين قراءة كم هو كاذب ومنافق.
ومن تفاصيل السذاجة المدعاة، أن يصرح بعض المقربين من الكرملين بأن ثمة خلل في جهة النظام، قوامه الفارق بين ما اتفق عليه الأسد مع مبعوث بوتين إلى الشرق الأوسط ألكسندر لافرينتيف، قبل أيام من انعقاد الجولة، حينما التقيا في دمشق، وبين ما جرى على الأرض، خاصة ما لوحظ من نزق وفد النظام، وتصرفاته التي لا تظهر رغبته بالتقدم قدماً.
ما يقود في المحصلة إلى الإيحاء بأن رأس النظام لا يسيطر تماماً على الأمور، وتحميل الفشل إلى سيطرة امراء الحرب المستفيدين الذين لا يرغبون بإيجاد حل ينهي سيطرتهم ومصالحهم، ولهذا فإنهم وجهوا الوفد في جنيف إلى رفض أي شيء يتم طرحه، من قبل المعارضة، الأمر الذي ربما سيستكمل خلال الفترة القادمة، عبر الضغط على الأسد نفسه لإصلاح الوضع، وتنحية من يعيقون المفاوضات.
وبذلك يمكن وضع اللمسات الأخيرة على المشهد العام الذي يتم فيه تسويق إمكانية بقاء رأس النظام، وإعادة انتاج النظام، وتعويمه إقليمياً وعربياً ودولياً، مع تعديلات دستورية، أو كتابة دستور جديد، يتم تأجيل إحلاله حتى نهاية ولاية الأسد الحالية.
وإلى ذلك الحين، ووفقاً لمراهنة النظام التاريخية على الزمن، وعلى إنهاك الخصم، تترتب الظروف بكل مستوياتها داخلياً وخارجياً من أجل استمراره!
في الواقع، ينفخ الروس في قربة مقطوعة، وهذه قناعة المجتمع الدولي بغالبيته، وهم أنفسهم يعرفون حقيقة الأسد ونظامه، لكنهم يدعون أنهم يتعاملون مع كيان لديه كل مقومات البقاء والرسوخ، وبالتالي فإن ما يبرمونه من اتفاقيات وصفقات هنا، يبنى بينهم وبين من يحوز الشرعية، التي تخوله اتخاذ قرارات تمكينهم من السيطرة والتحكم، بالمقدرات السورية، وبالأرض، والنيابة عن النظام، في تقرير شؤونه أمام القوى الدولية.
وتبعاً لهذا، فإن قراءتهم المعلنة لما جرى في جنيف، عبر عدسة السذاجة، ومن خلال القول إن تصرفات الوفد ورئيسه، هي مؤشر على فقدان الأسد السيطرة، لا تعني شيئاً سوى محاولة وقحة جديدة لاستغباء الآخرين.
الوجه الحقيقي للسذاجة الظاهرة في السلوك الروسي، يمكن رؤيته في الادعاء المتكرر بأنهم يحمون سيادة سوريا، ويمنعون الدول الأخرى من انتهاكها، ويطالبون كل القوات الأجنبية الموجودة على الأراضي السورية بالخروج منها، إلا قواتهم، لأنها جاءت عبر اتفاق رسمي بين الدولتين، وفي الوقت نفسه، منح بوتين إسرائيل دائماً حرية قصف الأهداف المعادية لها في سوريا، وقد أعاد تأكيد هذه السماحية، وهو ما تكشف من اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، قبل أيام!
تلفزيون سوريا
————————————
الدعوة إلى الإطاحة بالدستورية تخدم النظام.. والمطلوب إطار وطني/ أسامة آغي
لنتفق منذ البدء على حقائق أتى بها القرار الدولي 2254 لعام 2015، فهذا القرار دعا إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية من كل الأطراف السورية، ووضع دستور للبلاد، أو أن يتم إصلاح دستوري، يلغي من الدستور القائم كل ما من شأنه منح الاستبداد وأدواته كل دور وصلاحيات، وتحديداً ما يتعلق منها بأهم مؤسستين (مؤسسة الجيش ومؤسسة الأمن)، ثم يتم بعد ذلك إجراء انتخابات بإشراف تام من الأمم المتحدة.
هذه السلال كما يطلق عليها، هي سلال متكاملة ومتزامنة، لكن الروس عملوا في ظل غياب إرادة المجتمع الدولي على مفاوضات بدون سقف زمني وبدون إلزام من قرار مجلس الأمن المذكور ما يجعل من قضية الانتقال السياسي في سوريا أشبه بالمستحيل.
إن الدعوات التي تطالب بالإطاحة باللجنة الدستورية، ورفض مشاركة وفد المعارضة وهو شريك رئيسي في هذه اللجنة، إنما هي دعوة تلتقي مع أهداف النظام السوري، ومع المخطط الروسي للحل السياسي، والذي يريد تخريب مفاوضات جنيف واستبدالها بحل سياسي يعيد انتاج نظام الأسد رغم مئات آلاف الضحايا وملايين المهجرين.
هذه الدعوة لا تخدم قضية إنهاء نظام الاستبداد، هذا النظام الذي التحق بست جلسات تفاوضية مع وفد المعارضة في جنيف، كان يعمل خلالها على التهرب من التفاوض حول المبادئ الدستورية، لأنه يدرك كل الإدراك أن وضع دستور وطني يقر بالتعددية السياسية وتداول السلطة عبر انتخابات شفافة تراقبها وتشرف عليها الأمم المتحدة، هو نهاية لنظامه القهري، وبداية لفتح ملفات جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها بحق الشعب السوري، ولا يزال يرتكبها.
الدعوة للإطاحة بوفد المعارضة إلى اللجنة الدستورية هي دعوة تحتمل أكثر من مقدمة لأصحابها، فبعض دعاتها يقعون ببروبوغاندا ثورجية لا تقرأ بنية الواقع وموازين القوى الدولية والإقليمية فيه، مما يحيلها إلى دعوات لا ترى غير حلمها بالإطاحة بنظام الاستبداد دون وجود برنامج عمل أو خطة بديلة تحقق ما يصبون إليه.
وهناك دعوات للإطاحة باللجنة الدستورية يقف خلفها بعض المندسين الذين يعملون لمصلحة نظام الاستبداد بقصدية وتوارٍ عن الظهور العلني.
إن الدفاع عن وجود وفد المعارضة في اللجنة الدستورية يعني منع النظام من الإعلان عن عدم وجود شريك معارض يتفاوض معه، ولهذا فهو يهرب إلى مقولاته الكاذبة الممجوجة التي تتحدث عن الإرهاب وهو سيد هذا الإرهاب.
إن انسحاب المعارضة من مفاوضات جنيف هو انسحاب يسيء للقرار الدولي رقم 2254 ولبيان جنيف1، وبالتالي يبدو هذا الانسحاب وكأنه التحاق بالحل الروسي الذي يعمل على إعادة تأهيل النظام، كما أن الانسحاب سيضع قوى المجتمع الدولي في مربع لا يخدم توجهها في خدمة ومساندة القضية السورية بكل جوانبها، سواء العملية السياسية للانتقال من نظام حكم استبدادي إلى نظام حكم تداولي ديمقراطي، أو عملية إعادة إعمار سوريا بعد حدوث هذا الانتقال السياسي وقيام حكومة تمهد لانتخابات عادلة تنتج عنها حكومة تأتي على قاعدة ديمقراطية.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى تحتاج عملية فرض تنفيذ القرار الدولي 2254 إلى بناء وإطار جديد لعمل المعارضة وقوى الثورة، فهذا البناء ينبغي أن تكون قاعدته التي يرتكز عليها هي قاعدة وحدة قوى الثورة والمعارضة والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية، هذه القاعدة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال مؤتمر وطني جامع، تحضره كل القوى والشخصيات والأحزاب المعارضة، مؤتمر له مخرجات ملزمة، ألا وهي انتخاب أو اختيار قيادة عمل وطني، تحمل مهمة تأطير قوى الشعب السوري، وجعلها قوة فاعلة في الضغط على المجتمع الدولي، وفرض ميزان قوى فاعل بمواجهة النظام وحلفه.
إن بقاء الشرذمة القائمة لقوى الثورة والمعارضة لن يخدم إنهاء نظام الاستبداد، ولهذا يكون على مؤسسة الائتلاف أن تدعو ممثلين عن الأحزاب والقوى على الأرض إلى مؤتمر جامع، بحيث يكون الائتلاف ممثلاً كغيره من قوى الفصائل أو الأحزاب والتيارات السياسية بغض النظر عن وزنها الكمي.
إن قوة وفد المعارضة في اللجنة الدستورية ضرورة للجم تهرّب النظام ومراوغة الروس باستحقاق كتابة مسودة دستور جديد، أو تغيير بنية دستور سابق بحيث تنتفي منه أي إمكانية لعودة الاستبداد.
إن بعض الجهل وعدم قراءة الواقع بصورة علمية وملموسة تدفع بعض القوى إلى القول أن النظام لن يهمه وجود دستور أو لا، وهذه رؤية خاطئة، لأنه لولم يكن خائفاً من وضع دستور جديد، لرأيناه ينكب على المساهمة بكتابته مع قوى المعارضة، لكنه يدرك تماماً أنه يحكم بموجب دستور فصّله على مقاسه، أما كتابة دستور جديد تنتفي منه كل ركائز الاستبداد فهو يعني أنه لن يحكم كما حكم طيلة خمسين عاماً ونيّف.
بقي أن نقول أن أي دعوة تطالب بالإطاحة باللجنة الدستورية كإطار للتفاوض، بغض النظر عن نوايا أصحابها، إنما هي دعوة لن تخدم قضية إنهاء الاستبداد، بل تخدم بقاءه ‘ذ لا شريك تفاوض يجب أن يأخذه بالحسبان.
إن الموقف من شخصيات موجودة ضمن وفد المعارضة في اللجنة الدستورية، واتهامها بالتفريط والتعامل مع النظام وإن بطريقة سرّية، إنما غايته الإساءة لشخصيات وطنية معارضة، كما غايته التشكيك بهذه الشخصيات على قاعدة خلق حالة عدم ثقة بها، وفتح الباب أمام نسف وفد المعارضة واللجنة الدستورية، وهذا يخدم دون ريب النظام الاستبدادي، بقي أن نقول عن هذه الدعوات أن الطريق إلى جهنم مبلط بالنوايا الحسنة.
نينار برس
—————————————
بيدرسن:النظام أفشل اللجنة الدستورية..ولا إجتماعات قريباً
قال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن إن رفض النظام التفاوض بشأن تعديلات على مسودات طرحها، هو سبب رئيسي لفشل الجولة السادسة من محادثات اللجنة الدستورية السورية، معلناً أنه لا اجتماعات للجنة قبل نهاية العام.
وأوضح بيدرسن خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي ليل الأربعاء، حول تطورات الأزمة السورية، أن وفد النظام ذكر أنه “ليس لديه أي تعديلات على مسودات النصوص التي قدمها، وأنه لم يرَ أن هناك أيّ أرضية مشتركة”.
وأضاف أن وفدي المعارضة والمجتمع المدني قدما تعديلات على مسودات النصوص التي كانوا قد طرحوها في ضوء النقاشات موضحين “أن هذا الأمر يعد محاولة من طرفهم لإيجاد أرضية مشتركة”.
وأبلغ بيدرسن مجلس الأمن بأن اللجنة الدستورية السورية لن تعقد أي اجتماعات قبل نهاية العام 2021. وقال: “للأسف الشديد لم يتم الاتفاق على تواريخ بشأن عقد اجتماعين آخرين قبل نهاية العام، ولهذا أعتبر أن نتيجة الجولة السادسة التي عقدت في جنيف كانت مخيبة للآمال”.
وانتهت الجولة السادسة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، في 22 تشرين الأول/أكتوبر، من دون تحقيق تقدم. وقال المسؤول الأممي: “من المهم للجنة الدستورية أن تواصل عملها بروح من العجلة وتعمل بشكل مستمر للتوصل إلى نتائج”، مضيفاً “من جانبي سوف أواصل مشاوراتي النشطة مع الأطراف المعنية بغية معالجة التحديات”.
وتابع: “نحن بحاجة إلى تفاهم مشترك بشأن آلية العمل لمساعدة اللجنة الدستورية على أداء ولايتها، كما أننا بحاجة أيضاً إلى تحديد تواريخ الجولتين المقبلتين”، مشيراً إلى أن “التقدم في عمل اللجنة يمكنه أن يساعد على بناء بعض الثقة بين الأطراف، وتحقيق ذلك يحتاج إلى إرادة سياسية لبناء أرضية مشتركة”.
وأعرب عن ارتياحه بشأن موقف ممثلي الدول الضامنة الثلاث لعملية أستانة (تركيا وإيران وروسيا)، خلال اجتماع اللجنة الدستورية الأخير، “وتأكيدهم (الدول الثلاثة) على الحاجة لتسريع الجهود المشتركة المتعلقة بملف المحتجزين والمختطفين والمفقودين”. وقال: “لقد دعوت إلى عقد اجتماعات مع فريق العمل الخاص بهذا الملف، خصوصاً وأن هناك عشرات الآلاف من المختطفين والمحتجزين أو ممن نعتبرهم في عداد المفقودين”.
المدن
————————
واشنطن تشارك بيدرسن خيبته من فشل الدستورية:الأسد يتحمل المسؤولية
أشاد نائب المندوب الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز بجهود المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن بشدة، وخصوصاً في ما يتعلق بعقد الجولة السادسة من مباحثات اللجنة الدستورية، قائلاً إن واشنطن تشاركه أيضاً “الإحباط والتقييم بأن النتائج كانت مخيبة للآمال”.
وحمّل ميلز خلال جلسة لمجلس الأمن ليل الأربعاء، مسؤولية فشل الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية إلى نظام الأسد، مؤكداً أن واشنطن “ستواصل حثّ جميع الأطراف على المشاركة بحسن نية في عملية اللجنة الدستورية، وتغيير سلوكهم غير المنتج حتى تتمكن اللجنة من فتح الأبواب لجوانب أخرى من العملية السياسية”.
وأكد أن “الزيادة الأخيرة في أعمال العنف في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك الهجمات في دمشق وأريحا في 20 تشرين الأول/أكتوبر، تحث على ضرورة وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، ويعد ذلك عنصراً أساسياً في القرار 2254”.
وأشار إلى “أهمية قيام بيدرسن بمواصلة الدفع من أجل إحراز تقدم في جميع جوانب القرار”، إضافة إلى “ترحيب واشنطن بالاهتمام والتركيز على الإفراج عن عشرات آلاف السوريين المعتقلين بشكل تعسفي في سوريا”.
وجدد المسؤول الأميركي التأكيد على أن حكومة الولايات المتحدة لن تقوم بتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، ولن تدعم الجهود للقيام بذلك، “حتى ترى تقدماً لا رجعة فيه نحو حل سياسي في سوريا”.
وتطرق إلى العقوبات الأميركية التي تستهدف نظام الأسد وقال إن بلاده “ملتزمة بالعمل مع الأطراف لضمان أن العقوبات لا تعرقل الجهود الإنسانية والإنعاش المبكر”.
من جهة ثانية، حثّ ميلز جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن على مواصلة حماية اللاجئين السوريين، وعدم إجبارهم على العودة إلى سوريا “لما يحمله ذلك من مخاطر على حياتهم”.
وقال ميلز خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي ليل الأربعاء/الخميس: “واشنطن تدعم كل الجهود للضغط على عدم عودة اللاجئين في هذه المرحلة باعتبارها سابقة لأوانها، وتتعهد بمواصلة دعم الدول الأعضاء في تلبية احتياجات اللاجئين والمجتمعات المضيفة”.
وحذّر من ضغوط قد تمارسها الدول التي تستقبل اللاجئين السوريين بهدف إعادتهم إلى سوريا “بما يمكن أن يؤثر في حياتهم أو حياة ذويهم”، لافتاً إلى “انزعاج واشنطن بشدة من التقارير الواردة من منظمة العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، التي توثق الانتهاكات المروعة للسوريين الذين عادوا إلى ديارهم، بما في ذلك القتل والتعذيب والعنف الجنسي والاختفاء القسري، الذي نفذه النظام السوري والميليشيات التابعة له”، مشيراً إلى أن “هذه التقارير تتوافق تماماً مع المعلومات التي تلقاها مجلس الأمن خلال السنوات الماضية”.
وأشار إلى أنه “ليس من المستغرب أن تكون العودة الطوعية للاجئين إلى سوريا في أدنى مستوى لها منذ عام 2016، وفقاً للمفوضية السامية للاجئين”، فضلاً عن “تأكيد اللاجئين على أن الظروف في سوريا غير مناسبة للعودة الآمنة والكريمة وأن سياسات نظام بشار الأسد من الاعتقالات التعسفية والتعذيب والاختفاء القسري والتجنيد الإجباري ومصادرة وتدمير الممتلكات الخاصة، تشكل حاجزاً أساسياً أمام العودة”.
كما عبَر عن قلقه من الموجة الأخيرة من وباء فيروس كورونا الذي ينتشر في سوريا، مضيفاً أن “هناك مشكلة بعدم تغطية اللقاحات في سوريا بشكل كافٍ، حيث أنها من بين الأدنى عالمياً، خصوصاً مع تطعيم 2 في المئة فقط من عموم السوريين في الداخل”.
سوريون وخيارات صعبة
وخلال جلسة مجلس الأمن نفسها، قدّر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، أعداد السكان في سوريا الذين يعيشون تحت خط الفقر بأكثر من 90 في المئة. وقال غريفيث: “يعيش أكثر من تسعين في المائة من السكان في سوريا تحت خط الفقر، ويضطر الكثيرون منهم إلى اتخاذ خيارات صعبة للغاية لتغطية نفقاتهم”.
وأضاف “وعلاوة على الفقر المتزايد وأزمة المياه وتدهور الأمن الغذائي، يواجه الناس في سوريا أيضا عودة ظهور حالات الإصابة بفيروس كورونا، وهي آخذة في الارتفاع”، متابعاً: “السوريون على وشك مواجهة شتاء قارس آخر، ومع بدء درجات الحرارة في الانخفاض، سيؤدي هطول الأمطار والبرد والشتاء إلى تفاقم المصاعب والمخاطر”.
ولفت إلى وجود “ما يقرب من مليوني شخص معظمهم من النساء والأطفال يعيشون في مخيمات هشة أو في الوديان التي تغمرها المياه، أو على سفوح التلال الصخرية المعرضة للعوامل الجوية”. وحثّ المجتمع الدولي على “ضمان استمرار المساعدات لضمان الوصول بشكل فعال وشفاف إلى ملايين الأشخاص المحتاجين في شمال غربي سوريا”.
وأردف “نحن بحاجة إلى حقنة عاجلة من المساعدات المنقذة للحياة، والمزيد من المساعدات حتى يتمكن السوريون من إعالة أنفسهم بكرامة”.
المدن
————————-
لماذا حان الأوان لإنهاء “اللجنة الدستورية”؟/ رضوان زيادة
عندما تم الإعلان عن ما يسمى “اللجنة الدستورية” من قبل الأمين العام للأمم المتحدة في بيان له بأن أعلن “موافقة حكومة الجمهورية العربية السورية وهيئة المفاوضات السورية على إنشاء لجنة دستورية ذات مصداقية ومتوازنة وشاملة تسهلها الأمم المتحدة في جنيف” عام 2019، كان الأمين العام مدركا تماما أن روسيا باتت تمتلك الملف السوري كليا وأن فكرة الرئيس الروسي بوتين التي دعا لها سوريين من كل حدب وصوب في سوتشي وانبثقت عنها فكرة اللجنة الدستورية اعتقد حينذاك أن روسيا ربما ترغب بحل سياسي ولكن بطريقة مختلفة هذه المرة وليس عبر مسار جنيف وقرارات الأمم المتحدة وإنما عبر لجنة غريبة الفكرة والأطوار والتشكيل، فمشى الأمين العام بالفكرة وأعلن استضافة جنيف لاجتماعات هذه اللجنة التي لا شرعية سياسية أو قانونية لها، لكنها الفكرة الوحيدة التي يبدو أن روسيا مستعدة لدعمها اليوم.
أضاف حينذاك الأمين العام “أعتقد اعتقادا راسخا أن إطلاق اللجنة الدستورية التي يقودها سوريون يمكن ويجب أن تكون بداية المسار السياسي للخروج من المأساة نحو حل يتماشى مع القرار 2254 (2015) الذي يلبي التطلعات المشروعة لجميع السوريين ويستند إلى التزام قوي بسيادة البلد واستقلاله ووحدته وسلامة أراضيه”.
بعد ثلاث سنوات وستة اجتماعات للجنة الدستورية لم تتمخض الاجتماعات عن أي نتائج تذكر أو أي أثر يذكر على الحياة العامة للسوريين الذين تدهور وضعهم الأمني والسياسي والاقتصادي بل زاد سوءاً على يد النظام الذي أصبح مقتنعا أن لا ضغوط حقيقية عليه وأن لعبة “اللجنة الدستورية” يمكن أن يلعبها باحتراف عبر كسب الوقت وإفراغها من معناها وبالنهاية السماح لبعض شبيحة النظام بالسفر إلى جنيف والسياحة هناك من فترة لفترة والتبضع أو التسوق هناك كما أظهرت صور وفد النظام في مطار جنيف.
اللجنة الدستورية هي تفريغ كامل لبيان جنيف المؤرخ في 30 من حزيران/يوينو 2012 والذي ينص صراحة على أن بيان جنيف يجب أن يكون أساس أي عملية انتقال سياسي بقيادة سوريّة وفي ظل عملية يمتلك السوريون زمامها، من أجل إنهاء النزاع وحدد قرار مجلس الأمن المذكور العملية السياسية بوصفها عبارة عن ثلاث مراحل رئيسية يجب أن تتم في فترة مدتها ستة أشهر حددها كالتالي:
حكما ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية.
حدد جدولا زمنيا وعملية لصياغة دستور جديد.
انتخابات حرة ونزيهة تجرى، عملا بالدستور الجديد، في غضون 18 شهرا تحت إشراف الأمم المتحدة، بما يستجيب لمتطلبات الحوكمة وأعلى المعايير الدولية من حيث الشفافية والمساءلة، وتشمل جميع السوريين الذين تحق لهم المشاركة، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المهجر، على النحو المنصوص عليه في بيان الفريق الدولي المؤرخ في 14 من تشرين الثاني/نوفمبر 2015.
فتشكيل اللجنة الدستورية لا تنسجم مع روح قرار مجلس الأمن ونصه الذي عبر بوضوح أن تشكيل هيئة حكم انتقالية يعتبر نقطة البداية لتشكيل دستور جديد ومن ثم إجراء انتخابات انتقالية، وهو ما يدركه تماما الأمين العام ومبعوثه الأممي بيدرسون لكنهم يريدون التغطية على ذلك ببيانات سياسية فقدت قيمتها تماما بعد مرور ثلاث سنوات على اجتماعات اللجنة الدستورية هذه.
لقد حان الوقت لإنهاء هذه المبادرة والانتقال بشكل جدي إلى صلب القرار 2254 حيث لا معنى في الاستكمال في الفشل نفسه ويجب أن تعلن المعارضة هذا بوضوح وعدم التعلل بأنها العملية السياسية الوحيدة الآن، هي تغطية لعملية سياسية غير موجودة وبالتالي فاللجنة نفسها ستكون أداة للتلاعب من قبل النظام إلى ما لانهاية حتى يعيد ترتيب أوراقه داخليا والقضاء النهائي على ما بقي من جيوب المعارضة.
يجب التأكيد بصراحة أن نص قرار مجلس الأمن ركز على تشكيل حكم انتقالي قبل تشكيل لجنة دستورية وليس العكس، ولا يمكن بكل الشرائع الدستورية في كل دول العالم صياغة دستور قبل أن يتحدد شكل النظام السياسي الذي سيعبر عنه هذا الدستور.
تلفزيون سوريا
————————
===================
تحديث 29 تشرين الأول 2021
—————————-
مضاربات غير سورية..على اللجنة الدستورية/ ساطع نور الدين
إذا أمكن تشبيه اللجنة الدستورية السورية بالبورصة، فإن حصيلة التعاملات التي سجلت في الجولة السادسة التي إنتهت قبل أيام، في جنيف، تجيز الإستنتاج أن نظام الرئيس بشار الاسد الذي طرد فعلياً وفد المعارضة، ومعه وفد المجتمع المدني، من قاعة التداول، حقق مع حليفيه الايراني والروسي أرباحاً سياسية صافية، يمكن ان تتوج بالاستجابة لمشيئته وإقفال تلك البورصة كلياً.. تمهيداً لإعادة أي نقاش دستوري سوري الى حضن الوطن.
ولكي لا يخطىء أحد الحساب، فإن اللجنة الدستورية إنما فتحت قبل ثلاث سنوات، أمام جميع المتداولين بالشأن السوري، عدا السوريين أنفسهم، سواء النظام الذي لم يعد يملك من أمره شيئاً، والمعارضة التي لم تعد تملك سوى الاسم، والمجتمع المدني الذي لم يعد له وجودٌ سوى في الخيال. لا أحد في الخارج، يستثمر في تلك المكونات الثلاثة، ولا أحد يأبه لأي منها، لكنه يكتفي بالمضاربة بها في وجه المتعاملين الاخرين في البورصة..التي إنخفضت أسعار الاسهم فيها الى ادنى مستوى منذ إنطلاقتها في مثل هذه الايام من العام 2019.
طوال السنوات الثلاث الماضية، ظلت اللجنة المكلفة حسب قرار مجلس الامن الدولي الرقم 2254 ، كتابة دستور جديد لسوريا، تصنف بإعتبارها عملية شأنا داخلياً سورياً لا دخل فيه، لغير السوريين، بما في ذلك الامم المتحدة التي تولت مهمة التنظيم والتمويل والرعاية، وأصبحت المكان الوحيد في العالم الذي يلتقي فيه الفرقاء السوريون للتداول في مستقبلهم السياسي، بمعزل، أو بإغتراب عما يجري على أرض الواقع، من خسارة النظام لحرية القرار، وخسارة المعارضة لأي قرار، وخسارة المجتمع المدني لأي مبرر..في واحدة من أسوأ مفارقات الازمة السورية.
الجولة السادسة شهدت على تغيير جوهري في دور اللجنة الدستورية وآليات عملها. ظلت بورصة سياسية، لكنها لم تعد تعبر عن ميول السوريين وأمزجتهم، بقدر ما صارت تعكس بدقة حجم المضاربات السياسية بين الاميركيين والروس والايرانيين والاتراك وغيرهم. إنعقدت تلك الجولة على وقع أنباء عن إستثناءات اميركية من قانون قيصر، وفي ظل أخبار يومية عن إتصالات رسمية سورية مع بلدان عربية متعددة تنتظر الفرصة المناسبة للعودة الى حضن النظام. إلتقط الروس تلك الاشارات بصفتها دليلاً على تبدل في الموقف الاميركي يستدعي الرد بإشاعة أجواء إيجابية، عن أن الجولة السادسة معنية بالدخول في تفاصيل كتابة دستور جديد لسوريا، والتجاوب مع مطالب المعارضة السورية(حسبما باتت تعرف في الاعلام الرسمي السوري، بدلا من تعريفها السابق ب”وفد تركيا”). وأثار اللقاء الاخير بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان المزيد من الآمال بأن اللجنة ستتجاوز المناورات والمماطلات السابقة من قبل النظام في عمل اللجنة.
لكن سرعان ما تبين الروس أن قراءتهم للموقف الاميركي غير دقيقة، لاسيما عندما طلبت موسكو من إسرائيل التوسط لدى واشنطن من أجل عقد لقاء ثلاثي للبحث في الازمة السورية، وهو ما رفضه الاميركيون، حتى الآن على الاقل، وأوضحوا أن الاستثناءات من قانون قيصر هدفها فقط دعم الاقتصاد اللبناني والاردني والمصري المتهالك، وهي ليست ضوءاً أخضر لمصالحة النظام السوري أو الكف عن معاقبته، ولا هي طبعا هدية مجانية، سابقة لأوانها، تقدمها الى كل من روسيا وإيران، اللتين لم تبديا أي إستعداد للتنازل عن مواقفهما السورية.
ويبدو أنه عندما تلقى الروس الرسالة، صدرت من دمشق ( أو ربما من موسكو) تعليمات الى وفد النظام في جنيف بمغادرة إجتماعات اللجنة الدستورية على الفور، وسحب “الاوراق الدستورية” التي اقترحها بنفسه، من التداول، وإبلاغ الامم المتحدة أنه لم يعد هناك مجال لأي نقاش حول الدستور، لا في الشهر المقبل، كما كان يفترض، ولا في الشهر الذي يليه كما كان يتوقع..
البورصة “الدستورية” السورية التي سجلت في ختام جولتها السادسة، تلك التقلبات الحادة، لا توحي حتى الآن سوى أن الاميركيين تحركوا خطوة واحدة في إتجاه الازمة السورية، لا تعني السوريين، ولا تكفي للحكم على العلاقات الاميركية الروسية.. لكنها تسمح بالتكهن بأن الدستور السوري لن يتجدد ولن يتغير أبداً، وسيصبح السفر الى جنيف ممنوعاً.
المدن
———————————
اللجنة الدستورية ملهاة روسية في الدراما السورية/ غازي دحمان
انتهت الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، مثلما انتهت قبلها خمس جولات سابقة، على مدار السنتين الأخيرتين، بنتائج صفرية، لم يتم خلال هذه الفترة التقدم ولو بوصة واحدة، مجرد ثرثرات وجدالات يمارسها أشخاص فائضون عن الحاجة، يتناقشون بمسائل وقضايا لا تمت للدستور بصلة، فيما روسيا تتسوّل على هذه الاجتماعات شرعية لنظام الأسد وما تيسر من انفتاح تبديه دولة هنا ودولة هناك، كل بحسب إمكانياته وقدراته وما تجود به النفس!.
منذ جرى اختراعها، كأحد مخرجات ما سمي حينها” مؤتمر سوتشي” الذي صمّمته روسيا غداة تأمين سيطرتها على أكثر من 60 بالمائة من الأراضي السورية، أُريد لهذه اللجنة أن تعكس موازين القوى المتغيرة على الأرض، وأن تضع اللاعبين المحليين في أوزانهم الحقيقية، وبالتالي إعادة هيكلة محددات التفاوض المقررة في قرار مجلس الأمن 2254 وإلغاء ما جرى تسميته ب” سلال التفاوض” التي قيل أنها تقسيم إجرائي لتسهيل تطبيق القرار المشار إليه، والتي كانت تضع في بداية تطبيقاتها “هيئة الحكم الانتقالي” التي تهدف إلى تأسيس حكم يمثل جميع مكونات الشعب السوري.
ورغم أن روسيا أفرغت قرار مجلس الأمن 2254 من محتواه، واختزلته بمجرد مناقشة دستور، غير معروف ما إذا كان دستوراً جديداً أم إصلاح لبعض فقرات الدستور القديم الذي وضعه نظام الأسد لنفسه في عز حربه على السوريين سنة 2012، إلا أن طموحات روسيا يبدو أنها أبعد من ذلك بكثير.
كان ملفتاً حجم التفاؤل الذي عبرت عنه بعض أطراف المعارضة السورية في بداية انعقاد اجتماعات الجولة السادسة، وحديثها عن إمكانية حصول خرق ينهي حالة الجمود في أعمال اللجنة، بل ذهب بعضهم إلى حد التغزل باللغة المؤدبة لوفد النظام، وكأن من المفترض والطبيعي أن يستخدم وفد النظام لغة الشتائم والتخوين، فيما الطبيعي أن وفد النظام الذي بيته من زجاج أن يخبئ رأسه ويتحاشى الدخول في سجالات، فهو عدا عن كونه يمثل نظاما مجرماً، باع سورية بالقطعة والمفرق لمن أمن له البقاء على كرسي السلطة، لدرجة أن إيران وروسيا باتتا تعتبران السيطرة على الأصول الاقتصادية والإستراتيجية السورية حق مطلق من حقوقهم، في حين ذهبت تركيا إلى اعتماد مبدأ “ما في حدا أحسن من حدا” عبر التأكيد أنه طالما يحق لروسيا وأميركا الوجود في سورية فإنه يحق لتركيا أيضاً، أي منطق دولي هذا!.
وكان واضحاً منذ الجولة الأولى أن هذه اللجنة مجرد واجهة لتغطية عصبوية النظام ومجرد أداة لتسويق أن النظام يبحث عن حلول، أرادت روسيا تسويق نظام الأسد على انه نظام سياسي طبيعي يبحث عن مخارج فعلية لإخراج سورية من دوامة حرب دمرت البشر والحجر، وفي سبيل ذلك ينخرط هذا النظام في مفاوضات مع الذين من المفترض أنهم يمثلون معارضي هذا النظام، الطرف الأخر، عبر التفاوض الذي يفترض أن يصل الطرفان من خلالها إلى مقاربة جديدة تؤدي للوصول إلى حل سياسي، وهذا يستلزم من الطرفين تقديم التنازلات التي تساعد على الوصول لهذه الغاية.
تثبت الأوراق التي تقدم بها وفد النظام ، كمبادئ دستورية، أن ما يريده الأسد من اللجنة الدستورية، ليس مناقشة دستور يرضي كافة السوريين وإنما وثيقة براءة من دم السوريين الذين قتلهم، ويطلب توقيعهم واعترافهم على حقه باستقدام الميليشيات والمرتزقة لحماية كرسيه وقتل السوريين، فيما كل الأعمال التي قام بها الآخرون هي ضد مبادئ السيادة والاستقلال وتقع في خانة الخيانة العظمى.
فهو يركز على الإرهاب والتنظيمات الدينية، ليتمكن من تكييف جرائمه تحت هذا البند، لا زال يعتبر نفسه في معركة ضد الأكثرية، يريد تجريم الأكثرية، إذ من المعلوم أن العديد من الفصائل المقاتلة أطلقت على نفسها أسماء دينية، إما بهدف الحصول على دعم خارجي أو لجذب أكبر عدد ممكن من الناس في ظل حرب طائفية فرضتها إيران وقوات النظام على المجتمع السوري، في المقابل ينسى أن العصابات التي قدمت من إيران وباكستان وأفغانستان كانت ترفع رايات طائفية بالعلن وتقتل السوريين بذريعة أنهم أحفاد يزيد وقتلة أل البيت!.
ليست المسألة أن النظام يجرّم ” داعش” و” النصرة” و “الإخوان المسلمين”، لكن النظام سيضع تحت خانة “كل من يتبنى أفكارهما” كل الثورة السورية، بما فيها المتظاهرون الذين كانوا يصرخون “الله أكبر” كلما سقط شهيد برصاص الشبيحة ، أما المنظمات المذكورة فكان أثرها السلبي على الثورة السورية بما لا يوصف.
وفي ورقة ما يسمى “السيادة والاستقلال” يخوّن النظام جميع السوريين، بذريعة تعاملهم مع قوى أجنية أو لسعيهم، حسب إدعائه، للانفصال عن سورية، وفي الواقع لم يذهب السوريون لأي قوّة ويطلبوا منها احتلال سورية، وإذا كان المقصود تركيا فهي فرضت نفسها كقوّة أمر واقع، بناء على ما تدعيه من حماية لمصالحها الأمنية بالإضافة لكونها طرف له مشروعه الجيوسياسي على حساب السوريين، مثلها مثل روسيا وإيران تماماً، في حين أن القوات الأمريكية جاءت لمحاربة داعش، وقد كانت بالفعل، بالإضافة إلى قوات “قسد” الأداة التي هدمت دولة تنظيم داعش، وحولته إلى مجرد خلايا متفرقة في الصحارى، وأما من يقصدهم ب”الانفصاليين”، والواضح هنا أنهم الإدارة الذاتية الكردية، فلم يصدر أي إعلان من أي جهة كردية أنها تريد الانفصال عن سورية وتأسيس كيان مستقل، بل المطالبة بنظام لا مركزي، وهي مسألة باتت تطالب فيها الكثير من المناطق السورية.
ما يجري مناقشته في اجتماعات اللجنة الدستورية، ليس له علاقة بالدستور، سواء الأوراق التي تقدمت بها المعارضة عن “الجيش والأمن”، أو ما تقدم به وفد النظام عن الإرهاب والسيادة والاستقلال، فهي إما أنها قضايا من نوع البديهيات التي يتضمنها كل دستور عصري، أو من نوع القضايا التي يجري النقاش بشأنها بين السلطات التشريعية والتنفيذية، أما أن يقترح النظام نصوص مواد دستورية تتضمن ما هو طارئ واستثنائي فرضتها ظروف الحرب، ويغفل عما هو أساسي، مثل طبيعة الدولة والنظام السياسي والفصل بين السلطات، فهذا إما يدل على غباء وضعف في الخبرة الدستورية، وإما خبث مقصود بهدف تبديد الوقت وإيصال السوريين إلى مرحلة اليأس من إمكانية الحصول على تنازلات تحفظ حقوقهم وطموحهم في رؤية سورية مختلفة عن مسار حكم العائلة منذ نصف قرن.
وهذا ما أرادته روسيا بالفعل، تيئيس العالم من المطالبة بتغيير نهج تعامل النظام مع السوريين، ويبدو أن روسيا تجد لديها الوقت الكافي للتسلي بهذه الألعاب، وسط موت السوريين الكثيف جراء ظروفهم الحياتية التي لا يستطيع بشر تحملها.
———————
===================
تحديث 31 تشرين الأول 2021
بشار الأسد إذ يردح للجنة الدستورية/ عمر قدور
لم تكن المرة الأولى التي يوجه فيها بشار الأسد كلاماً غير مباشر، أو شبه مباشر، يتعلق بأعمال اللجنة الدستورية، موجِّهاً الرسائل إلى المعنيين بتيسير أعمالها، أو المعنيين باستمرار وهْم وجودها وعملها، من الأصدقاء أو الخصوم. ذلك مع التنويه بسنوات من عدم الاعتراف بأعمال اللجنة انطلاقاً من عدم تسمية وفد الأسد إليها بالوفد الحكومي أو الرسمي، واستخدام تعبير “وفد وطني” فقط في سياق التشنيع على وفد المعارضة واتهامه باللاوطنية.
من مقر الأكاديمية العسكرية العليا في دمشق، قرر بشار الرد على ورقة المعارضة المقدّمة في اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، والتي انتهت أعمالها بفشل ذريع قبل خمسة أيام من حديثه. واختيار الأكاديمية العسكرية فيه تلك النباهة الممزوجة بالنكاية، فورقة المعارضة المقدَّمة في اجتماعات الجولة السادسة للجنة كانت بعنوان “الجيش والقوات المسلحة والأمن والاستخبارات”، وتنص على كونها مؤسسات وطنية تلتزم الحياد السياسي، وتدعم السلطات المدنية وفق القانون مثلما تخضع هي للقانون ومعايير حقوق الإنسان.
ربما تلقى الأسد إشارات خارجية ما، فأوعز إلى وفده في اللجنة بنسف الجولة السادسة مع عدم تحديد موعد لجولة لاحقة، كي يبتز تنازلات إضافية لقاء عودته إلى المفاوضات. إلا أن الإشارات الخارجية في حال وجودها تلاقي رغبات أصيلة لديه لنسف فكرة المفاوضات من أساسها، وتلاقي غضباً أكثر أصالة له علاقة بمجرد تطرق ورقة المعارضة إلى الجيش والمخابرات، فهذا يعني المسّ بأساس سلطته القائمة على الجيش والمخابرات وتوابعهما من الشبيحة.
من منبر الأكاديمية العسكرية العليا، راح بشار يردح لوفد المعارضة في اللجنة الدستورية، الوفد الذي لا يعترف به رسمياً وسبق أن أطلق عليه مختلف أنواع البذاءات. الأهم في ما قاله إصراره على عدم فصل الجيش عن السياسة، بل تجاوزه ذلك إلى دور الجيش في الحياة العامة ككل، بما يعني “من دون إفصاح مباشر” عسكرة المجتمع السوري على النحو الحاصل بشدة الآن، وكما كان يحدث بطرق أقل عنفاً أو وضوحاً طوال عقود قبل اندلاع الثورة.
عمدت وكالة أنباء الأسد “سانا” إلى إجراء مونتاج للحديث، بحيث تبرز الرسالة المتعلقة بالجيش، وهي ذاتها في ما يتصل بالمخابرات والشبيحة. من ضمنها استشهد بشار بأن الجيش لم يكن بعيداً عن السياسة في أي وقت بعد الاستقلال، وهي إشارة لا بد أن تذكّر بالانقلابات التي قام بها الجيش على الديموقراطية الوليدة بعد انتهاء الانتداب الفرنسي، الديموقراطية التي أُجهز عليها بالوحدة مع مصر ثم بانقلاب البعث وأخيراً انقلاب حافظ الأسد. إنه بأثر رجعي يمتدح الدور الذي لعبه الجيش منذ نهاية الأربعينات، ويعتبره دوراً وطنياً، وبذلك لا يمتدح فحسب جيشه الحالي القائم على الولاء له، بل يعتبره امتداداً لما سبق مثنياً على عدائه المطلق للديموقراطية.
لدى مَن سلّم السيادة والقرار لموسكو وطهران متسع من الوقت ليردح على هواه، وبذلك يكشف عن أن ازدراءه المعلن كاذب تجاه المعارضة وتجاه اللجنة الدستورية، ولا يشبه بالطبع ازدراء آخرين يرون في أعمالها مسرحية سخيفة لتضييع الوقت وإهدار حقوق السوريين. لكن البعض من خطابه موجه أيضاً للخارج، الخارج متضمناً حتى بعض الأصدقاء الذين قد يقبلون بعملية تجميل بسيطة من خلال تعديلات تقرها اللجنة الدستورية.
من جهة حلفائه، قد يحتاج بشار بين الحين والآخر إلى تذكيرهم بأن استنجاده بهم، وإعطائهم مختلف أنواع الامتيازات، كان من أجل عدم تقديم أي تنازل مهما صغر للسوريين. هنا لبّ المقايضة الذي يتناقض مع مطالبات دولية له بتقديم أي تنازل للمعارضة، وباتخاذ خطوات لإبداء “حسن النوايا”. هنا أيضاً لا يكون “التصلب” في الموقف خارج الفهم الدولي والتواطؤ المبني عليه، إذ طالما رُوِّجت فرضية الانهيار التام والفوضى في حال فقد الأسد السيطرة على الجيش والمخابرات.
وفد الأسد في اللجنة الدستورية كان قد ذهب بعيداً بورقته التي تنص على مركزية السلطة في الجانب المدني كما هي الآن، والحد الوحيد المقبول هو قانون الإدارة المحلية المعمول به حالياً. ورغم أن الورقة موجّهة أساساً إلى الإدارة الذاتية الكردية “بالحديث عن رفض المشاريع الانفصالية أو شبه الانفصالية” فإن الإصرار على مركزية السلطة على النحو الحالي لا يخرج عن إطار جشعها إلى احتكار كل السلطات في البلد من أعلاها إلى أسفلها. عليه تكون مشاركة المعارضة المقبولة مستقبلاً، أو مشاركة مندوب عن التنظيمات الكردية، لا تتعدى مثلاً منصب وزير إدارة محلية شكلية، أي المنصب الذي يستطيع صف ضابط في المخابرات التنكيل بصاحبه.
ثمة فكرة سائدة مفادها لجوء بشار، عبر وفده في الدستورية، إلى التسويف والمماطلة. أداء الوفد يدعم شكلياً هذه الفكرة من خلال إظهار عدم الجدية، وتضييع النقاش في ما ليس من صميم أعمال اللجنة. أما القليل من التمحيص في ما تخلل الجولات الست فيكشف “أبعد مما سبق” عن تنكيل وفده بفكرة المفاوضات من أساسها، أي أن استهلاك الوقت وكسب المزيد منه ليسا ضمن اهتمامات الأسد، وهذا مجرد تأويل من جهات دولية أو إعلامية تريد إلباسه ثوب اللاعب الذي يستخدم تكتيكات في التفاوض، بينما هو في الواقع يرفض عملية التفاوض برمتها، وسيبقى على موقفه منها إلى النهاية، ولن يكون أداؤه في الجولات القادمة “إذا أُجبر على المشاركة” سوى للتأكيد على رفضه مبدأ التفاوض وما ينطوي عليه من إبداء مرونة أو تقديم قليل من التنازلات.
استكمالاً لاتهامه بالمماطلة، تروّج جهات دولية لعدم الأخذ بأقوال بشار، بما أن موسكو سترغمه “عندما تقتضي مصالحها” على تقديم تنازلات تبدأ بالعودة الجادة إلى طاولة المفاوضات. حتى الآن لم تقدّم الأخيرة ما يدعم فعلياً هذا التصور، ولم يكن هناك تفسير للعرض المتكرر الممل الذي بحسبه تضغط موسكو فيوافق الأسد على المشاركة في جولة جديدة لإفشالها! المفارقة أن بشار الأسد، في هذا السياق حصراً، هو الأكثر صدقاً ونزاهة في التعبير عن نواياه ومبدئيته. هو لا يخدع حتى خريجي دورة الأركان الذين يتحدث إليهم، إذ “يبشّرهم” بوجهتهم وهو ينهي كلمته بالقول: إلى لقاء قريب إن شاء الله في ميادين القتال.
المدن
اللجنة الدستورية ملهاة روسية في الدراما السورية/ غازي دحمان
انتهت الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، مثلما انتهت قبلها خمس جولات سابقة، على مدار السنتين الأخيرتين، بنتائج صفرية، لم يتم خلال هذه الفترة التقدم ولو بوصة واحدة، مجرد ثرثرات وجدالات يمارسها أشخاص فائضون عن الحاجة، يتناقشون بمسائل وقضايا لا تمت للدستور بصلة، فيما روسيا تتسوّل على هذه الاجتماعات شرعية لنظام الأسد وما تيسر من انفتاح تبديه دولة هنا ودولة هناك، كل بحسب إمكانياته وقدراته وما تجود به النفس!.
منذ جرى اختراعها، كأحد مخرجات ما سمي حينها” مؤتمر سوتشي” الذي صمّمته روسيا غداة تأمين سيطرتها على أكثر من 60 بالمائة من الأراضي السورية، أُريد لهذه اللجنة أن تعكس موازين القوى المتغيرة على الأرض، وأن تضع اللاعبين المحليين في أوزانهم الحقيقية، وبالتالي إعادة هيكلة محددات التفاوض المقررة في قرار مجلس الأمن 2254 وإلغاء ما جرى تسميته ب” سلال التفاوض” التي قيل أنها تقسيم إجرائي لتسهيل تطبيق القرار المشار إليه، والتي كانت تضع في بداية تطبيقاتها “هيئة الحكم الانتقالي” التي تهدف إلى تأسيس حكم يمثل جميع مكونات الشعب السوري.
ورغم أن روسيا أفرغت قرار مجلس الأمن 2254 من محتواه، واختزلته بمجرد مناقشة دستور، غير معروف ما إذا كان دستوراً جديداً أم إصلاح لبعض فقرات الدستور القديم الذي وضعه نظام الأسد لنفسه في عز حربه على السوريين سنة 2012، إلا أن طموحات روسيا يبدو أنها أبعد من ذلك بكثير.
كان ملفتاً حجم التفاؤل الذي عبرت عنه بعض أطراف المعارضة السورية في بداية انعقاد اجتماعات الجولة السادسة، وحديثها عن إمكانية حصول خرق ينهي حالة الجمود في أعمال اللجنة، بل ذهب بعضهم إلى حد التغزل باللغة المؤدبة لوفد النظام، وكأن من المفترض والطبيعي أن يستخدم وفد النظام لغة الشتائم والتخوين، فيما الطبيعي أن وفد النظام الذي بيته من زجاج أن يخبئ رأسه ويتحاشى الدخول في سجالات، فهو عدا عن كونه يمثل نظاما مجرماً، باع سورية بالقطعة والمفرق لمن أمن له البقاء على كرسي السلطة، لدرجة أن إيران وروسيا باتتا تعتبران السيطرة على الأصول الاقتصادية والإستراتيجية السورية حق مطلق من حقوقهم، في حين ذهبت تركيا إلى اعتماد مبدأ “ما في حدا أحسن من حدا” عبر التأكيد أنه طالما يحق لروسيا وأميركا الوجود في سورية فإنه يحق لتركيا أيضاً، أي منطق دولي هذا!.
وكان واضحاً منذ الجولة الأولى أن هذه اللجنة مجرد واجهة لتغطية عصبوية النظام ومجرد أداة لتسويق أن النظام يبحث عن حلول، أرادت روسيا تسويق نظام الأسد على انه نظام سياسي طبيعي يبحث عن مخارج فعلية لإخراج سورية من دوامة حرب دمرت البشر والحجر، وفي سبيل ذلك ينخرط هذا النظام في مفاوضات مع الذين من المفترض أنهم يمثلون معارضي هذا النظام، الطرف الأخر، عبر التفاوض الذي يفترض أن يصل الطرفان من خلالها إلى مقاربة جديدة تؤدي للوصول إلى حل سياسي، وهذا يستلزم من الطرفين تقديم التنازلات التي تساعد على الوصول لهذه الغاية.
تثبت الأوراق التي تقدم بها وفد النظام ، كمبادئ دستورية، أن ما يريده الأسد من اللجنة الدستورية، ليس مناقشة دستور يرضي كافة السوريين وإنما وثيقة براءة من دم السوريين الذين قتلهم، ويطلب توقيعهم واعترافهم على حقه باستقدام الميليشيات والمرتزقة لحماية كرسيه وقتل السوريين، فيما كل الأعمال التي قام بها الآخرون هي ضد مبادئ السيادة والاستقلال وتقع في خانة الخيانة العظمى.
فهو يركز على الإرهاب والتنظيمات الدينية، ليتمكن من تكييف جرائمه تحت هذا البند، لا زال يعتبر نفسه في معركة ضد الأكثرية، يريد تجريم الأكثرية، إذ من المعلوم أن العديد من الفصائل المقاتلة أطلقت على نفسها أسماء دينية، إما بهدف الحصول على دعم خارجي أو لجذب أكبر عدد ممكن من الناس في ظل حرب طائفية فرضتها إيران وقوات النظام على المجتمع السوري، في المقابل ينسى أن العصابات التي قدمت من إيران وباكستان وأفغانستان كانت ترفع رايات طائفية بالعلن وتقتل السوريين بذريعة أنهم أحفاد يزيد وقتلة أل البيت!.
ليست المسألة أن النظام يجرّم ” داعش” و” النصرة” و “الإخوان المسلمين”، لكن النظام سيضع تحت خانة “كل من يتبنى أفكارهما” كل الثورة السورية، بما فيها المتظاهرون الذين كانوا يصرخون “الله أكبر” كلما سقط شهيد برصاص الشبيحة ، أما المنظمات المذكورة فكان أثرها السلبي على الثورة السورية بما لا يوصف.
وفي ورقة ما يسمى “السيادة والاستقلال” يخوّن النظام جميع السوريين، بذريعة تعاملهم مع قوى أجنية أو لسعيهم، حسب إدعائه، للانفصال عن سورية، وفي الواقع لم يذهب السوريون لأي قوّة ويطلبوا منها احتلال سورية، وإذا كان المقصود تركيا فهي فرضت نفسها كقوّة أمر واقع، بناء على ما تدعيه من حماية لمصالحها الأمنية بالإضافة لكونها طرف له مشروعه الجيوسياسي على حساب السوريين، مثلها مثل روسيا وإيران تماماً، في حين أن القوات الأمريكية جاءت لمحاربة داعش، وقد كانت بالفعل، بالإضافة إلى قوات “قسد” الأداة التي هدمت دولة تنظيم داعش، وحولته إلى مجرد خلايا متفرقة في الصحارى، وأما من يقصدهم ب”الانفصاليين”، والواضح هنا أنهم الإدارة الذاتية الكردية، فلم يصدر أي إعلان من أي جهة كردية أنها تريد الانفصال عن سورية وتأسيس كيان مستقل، بل المطالبة بنظام لا مركزي، وهي مسألة باتت تطالب فيها الكثير من المناطق السورية.
ما يجري مناقشته في اجتماعات اللجنة الدستورية، ليس له علاقة بالدستور، سواء الأوراق التي تقدمت بها المعارضة عن “الجيش والأمن”، أو ما تقدم به وفد النظام عن الإرهاب والسيادة والاستقلال، فهي إما أنها قضايا من نوع البديهيات التي يتضمنها كل دستور عصري، أو من نوع القضايا التي يجري النقاش بشأنها بين السلطات التشريعية والتنفيذية، أما أن يقترح النظام نصوص مواد دستورية تتضمن ما هو طارئ واستثنائي فرضتها ظروف الحرب، ويغفل عما هو أساسي، مثل طبيعة الدولة والنظام السياسي والفصل بين السلطات، فهذا إما يدل على غباء وضعف في الخبرة الدستورية، وإما خبث مقصود بهدف تبديد الوقت وإيصال السوريين إلى مرحلة اليأس من إمكانية الحصول على تنازلات تحفظ حقوقهم وطموحهم في رؤية سورية مختلفة عن مسار حكم العائلة منذ نصف قرن.
وهذا ما أرادته روسيا بالفعل، تيئيس العالم من المطالبة بتغيير نهج تعامل النظام مع السوريين، ويبدو أن روسيا تجد لديها الوقت الكافي للتسلي بهذه الألعاب، وسط موت السوريين الكثيف جراء ظروفهم الحياتية التي لا يستطيع بشر تحملها.
==================
تحديث 04 تشرين الثاني 2021
————————————-
إدلب ضحية “الدستورية” السادسة/ سميرة المسالمة
ينقسم السوريون بين معارض ومؤيد لوضع التغيير الدستوري أو تعديله على سلّم الأولويات للمعارضة، بالرغم من أن الدستور في أي بلدٍ يحدد طبيعة العلاقة بين الدولة ومواطنيها، وهو يعاير بدقة وظائف السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية والحدود الفاصلة بينها، وبطبيعة الحال هو صورة هوية النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لكنه في سورية -منذ الاستقلال حتى اليوم- لم يأخذ مكانته الراسخة فوق السلطات، وكان معظم الوقت في خدمة السلطة التنفيذية، على حساب استقلالية “التشريعية والقضائية”، وغالبًا ما عطّلته الانقلابات العسكرية أو المراسيم الرئاسية التي كانت انعكاسًا لإرادة السلطة العسكرية والأمنية في فترات كثيرة من حكم سورية، وتعاظمت سلطتها مع عهد الأسدين الأب والابن.
ومع افتراض حسن النية بأن النظام ذاهب إلى الجولة الجديدة للعمل على الدستور، فإن طبيعة واقع عمل اللجنة تدفع نسبة كبيرة من السوريين إلى اليأس مما يمكن أن تحدثه اجتماعات اللجنة الدستورية، بشكلها ونظامها التصويتي الحالي، سواء لجهة إقرار تغييرات دستورية (حسب مقترح النظام السوري)، أو صياغة دستور جديد لسورية (حسب مطالب المعارضة)، بالتوافق بين أعضاء اللجنة الدستورية، بسبب انقسامها بين ثلاث وجهات نظر، شكليًا وليس فعليًا، لأن طريقة اختيار الوفد الثالث تسببت في ضياع ملامح استقلالية وفد المجتمع المدني، وذلك لانقسام مرجعيته وتعييناته بين النظام والمعارضة، وبالتالي عدم قدرته على تشكيل كتلة وازنة متساوية مع كتلتي المعارضة والنظام في الرأي والفعل، ما يعني غياب الرؤية الجامعة، وحضور وفد المجتمع المدني كأفراد، تحضر خلافاتهم أكثر من توافقاتهم، ويتحوّل دورهم من شركاء فاعلين إلى أصوات ترجيحية يراهن عليها بين الفاعلين الأساسيين.
لم تأت الجولة المنتهية بجديد على واقع فشل الجولات السابقة، وتبادل الاتهامات بين النظام والمعارضة عن أدوارهم في تعطيل أعمال الاجتماعات، وإنما أكدت ارتباطها بالملفّ العسكري، كما غيرها من الجولات، وتزامنت مع تصعيد عسكري يلوح في الأفق، وتستعد له الأطراف المتواجهة (المعارضة والنظام)، كما تحشد الأطراف المتحالفة في آستانا (روسيا وإيران وتركيا) قواتها له، ولكن في مواجهة بعضهما، ما يعني أن تفشيل الجولة لم يكن بسبب نقاشات حول الدستور والمبادئ فقط، بقدر ما هو بسبب خلافات مرجعيات الوفدين الدولية، فحيث تأمل روسيا استعادة إدلب وطرقها كافة، قبل الشروع في أي حل جدي، ترى تركيا أن استرجاع النظام لإدلب، قبل البت في خارطة حدودية جديدة لتموضع الكرد والنظام وحصتها في الملف السوري عمومًا، هو نقض لاتفاقات سابقة جرت مع روسيا في سوتشي، وبدأت من تنازل تركيا عن حلب لروسيا عام 2016، مقابل توغلها في الأراضي التي تطالب بها اليوم روسيا.
في كل مرة، تتزامن الجولات مع عمليات عسكرية يشنها النظام على مناطق خارجة عن سيطرته، وقد حقق انتصارات عدّة، برعاية روسية-إيرانية، كان آخرها استعادة بسط سيطرته على حوران مهد الثورة السورية، عقب عملية عسكرية استهدفت البشر والحجر، وسعت إلى أكبر عملية تهجير كان يمكن أن تشهدها سورية، عقد بعدها تسوية أعادت أجهزته الأمنية إلى ممارسة أدوارها داخل درعا وأحيائها، في آذار/ مارس 2021، وكانت بمنزلة إعلان انتهاء تسوية سابقة تمت في 2018، عقدها أهالي درعا مع روسيا برعاية أميركية وإقليمية (الأردن وإسرائيل)، أبعدت من خلال بنودها تدخل النظام المباشر في حكم المنطقة.
وهذا يماثل ما حدث في كانون الأول/ ديسمبر من عام 2019، حيث استعاد النظام عشرات القرى والبلدات في إدلب، بعد التوصل إلى اتفاق تشكيل اللجنة الدستورية في 23 أيلول/ سبتمبر 2019، قبل الذهاب إلى الجولة الثانية، بعد فشل جولتها الأولى في تحقيق أي تفاهم حول آلية العمل داخل الاجتماعات المشتركة بين الوفود الثلاثة المشكلة للجنة الدستورية. ما يعني أننا أمام سيناريو يتكرر، حيث يستعد النظام لعملية عسكرية في إدلب، واتفاق تسوية على الجزيرة العربية، أو ما يسمى مناطق الحكم الذاتي التي تسيطر عليها قوات (قسد)، يستعيد بموجبها مساحات جديدة قبل الموافقة على عقد جلسة جديدة تحت الرقم “سبعة”.
وعلى ذلك، فإن ما يجب أن يشغلنا ليس فشل جولة اللجنة الدستورية، وإنما ما يعقب هذا من أعمال عسكرية، ستكون هدفها إدلب، وبتيسير من روسيا وإيران، في مواجهة تركيا التي تدافع عن مصالحها الحيوية في ملف الصراع السوري، وحماية حدودها في وجه التمدد الكردي الذي تدعي أنه يهدد أمنها، وليس دفاعًا عن حلفائها من المعارضة، ولهذا تحاول تركيا أن تبقي على فاعليتها من خلال إحكام سيطرتها على قرار وفد المعارضة السياسي، وتحكمها في القرار الفصائلي المسلح، والإبقاء على قواتها التركية في أهبة الاستعداد لأي خيارات عسكرية محتملة.
ما يعني أن تفشيل الجولات هو مصلحة لداعمي طرفي اللجنة الدستورية (روسيا وإيران من جانب، وتركيا من جانب آخر)، في وقتٍ لم تُحسم فيه بعد الصراعات العسكرية، ولم توزع الغنائم المرجوة بما يرضي كل الأطراف، وعلى رأسهم صاحبة اليد الطولى في تقرير مصير كل الأحداث: الولايات المتحدة الأميركية التي تمتلك المفتاح السري لإنهاء مخاوف تركيا من الكرد، كما يعتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتراهن عليها أنقرة في الوقوف معها مرة جديدة لمنع اجتياح روسيا لإدلب، بينما تبقى إيران تناور على توسيع دورها في سورية، من خلال طاولة مفاوضات فيينا مع الجانب الأميركي حول السلاح النووي.
إننا أمام واقع يجعل الوصول إلى أي تعديل حقيقي في بنية الدستور مستحيلًا إلا مع فرصة أن يتراجع أحد الطرفين عن مطالبه، وحيث لا يجد النظام “المنتصر” عسكريًا أي دوافع لتخليه عن موقفه المساند لدستور 2012 في نحو 99 بالمئة من بنوده، فيما تكمن مصلحته في تغييرات بسيطة يريدها لاستمراره، يجد وفد المعارضة نفسه مرغمًا على التعاطي مع طروحات النظام، التي تأتي في وقتٍ تخلى فيه المجتمع الدولي عن دوره في بناء السلام وتحقيق الديمقراطية، وفق القرارات الأممية الخاصة بسورية، ومنها 2254، ما يوجب علينا أن نُشفق على وفد المعارضة لا أن نرجمه.
مركز حرمون
—————————
واقع “الدستورية”… بين عقلانية رفضها وضرورة مراجعة نتاجها/ بشار علي الحاج علي
يتصاعد الهجوم على اللجنة الدستورية، مع كلّ جلسة، ويعود ليخبو بعدها ضمن حالة الانسداد في الأفق السياسي، ولعلّ الحديث هذه المرة كان أوسع والهجوم أكبر، وربما يعود ذلك للخيبة المعلنة، على لسان المبعوث الأممي السيد بيدرسون، في ختام الجولة السادسة التي انعقدت الشهر الحالي تشرين الأول/ أكتوبر 2021.
وللحديث عن اللجنة الدستورية ودورها وأهميتها، بين رفض وقبول ومراوحة في المكان؛ من الضروري أن تتم الإضاءة على مكانة اللجنة، وعلى ما تملك من صلاحيات، وعلى موقعها في الفاعلية بين المؤسسات الرسمية الممثلة لقوى الثورة والمعارضة، وعلى طبيعة وظيفتها بالنسبة إلى قضية الحلّ السياسي الذي يتوافق تحت عنوانه جميع القوى الخارجية، من دول ومنظمات دولية وقوى وطنية سياسية واجتماعية.
أولًا: لا بدّ من إعطائها مكانها وحجمها الطبيعي في أدوات الحل السياسي وموقعها في اتخاذ القرارات السياسية التي يمكن أن تتخذها الأجسام الرسمية الممثلة لقوى الثورة والمعارضة.
1- هي لجنة فنية تتبع لهيئة التفاوض، مهمتها ووظيفتها العمل على صياغة مسوّدة دستور أو إعلان دستوري أو دستور مؤقت أو وثيقة دستورية، بالتشارك مع الأطراف الأخرى.
2- هي غير مخولة بالتوقيع على أي حلول سياسية أو تسويات، وهي ليست مخوّلة بنقاش أي سلة من سلال الحل السياسي التي تندرج تحت آليات تطبيق القرارات الأممية.
3- هي ليست بديلة عن هيئة التفاوض، ولا تؤدي دورها، وإنما تمارس التفاوض من خلال صياغة مسودات المضامين الدستورية.
4- لا يمكن للجنة أن تقرّ أو تنتج شيئًا ملزمًا سوى ما يتعلق بمسودة دستورية (غير ملزمة) أيًا كان نوعها، ولا تقرّ إلا باستفتاء شعبي وفي ظل (بيئة آمنة ومحايدة).
5- لا تعدّ اللجنة بديلًا عن الحل السياسي، ولا عن تنفيذ القرارات الأممية ذات الصلة (2254، 2118).
6- لا تخالف اللجنة بيان جنيف ولا تناقض مضمونه.
ثانيًا: بغض النظر عن عدم إحراز نتيجة تُذكر من تأسيسها وانطلاق جولاتها حتى الجولة السادسة الأخيرة، لا بد من إيضاح بعض النقاط المفيدة للقضية السورية بشكل عام، من الجانب السياسي، وهي:
1- إبقاء المسار السياسي حيًا في ظلّ انسداد أفق وطني وعجز أو تخاذل دولي.
2- تسليط الضوء على القضية السورية ومعاناة الشعب السوري، من خلال المنظومة الدولية في جنيف.
3- منع إلغاء مسار جنيف للحل السياسي الذي يستند إلى القرارات الأممية ذات السقف المقبول وطنيًا.
4- تحجيم التدخل الإقليمي الذي قد ينتهي بتسويات لا تخدم الشعب السوري.
5- إثبات المثبت من مراوغة السلطة الحاكمة المغتصبة للدولة في سورية، وعدم اكتراثها بالشعب أو الوطن.
6- تأكيد ارتهان الوفد الممثل لسلطة النظام وعدم امتلاكه الإرادة الحرة، والجمود عند الطروحات الجدية.
7- فشل الدعوات لتغيير سلوك النظام أو سياسة الخطوة بخطوة التي ظهرت أخيرًا مع محاولات بعض الأنظمة لتسويق تطبيع ما.
8- استغلال هذه الجولات كمنصة إعلامية لإبقاء المأساة السورية في دائرة الضوء والاهتمام.
9- تفاعل شعبي وحراك سياسي وطني ودولي، يمكن الاستفادة من زخمه لإعادة تفعيل أدوات أخرى لإنجاز حلّ سياسي ومرحلة انتقالية.
ثالثًا: في نقض احتكار سلطة الأمر الواقع في دمشق الشرعية، داخليًا وخارجيًا.
1- يعدّ تشكيل اللجنة الدستورية أوّل اتفاق سياسي موقع وموثق رسميًا، لدى الأمين العام للأمم المتحدة، بين قوى الثورة والمعارضة ممثلة بهيئة التفاوض، وحكومة النظام (حكومة الجمهورية العربية السورية)، ووقّعها وزير الخارجية آنذاك، في حين يكذب النظام، ويتهرب دائمًا من الاعتراف بوجود قوى معارضة، وقد وقّع مرغمًا.
2- قرار تشكيل اللجنة الدستورية التي أعلنها الأمين العام للأمم المتحدة في نيويورك، الذي ينص على أنها تتألف من ثلاثة أقسام: ثلث للأعضاء الذين تسميهم هيئة التفاوض، وثلث للذين تسميهم حكومة (النظام)، وثلث للمجتمع المدني.
يعني مساواة قوى الثورة والمعارضة للنظام الذي ما زال يحتكر الشرعية الدولية، من خلال استمراره في شغل مقعد الجمهورية العربية السورية في الأمم المتحدة ولجانها ومكاتبها، ومنازعته هذه الشرعية، سياسيًا وقانونيًا.
3- نقض شرعيته داخليًا، ووفقًا للدستور (دستور 2012) الذي فصّله النظام على مقاسه، من خلال الموافقة على المشاركة في لجنة لصياغة دستور خارج سلطته وخارج مؤسساته “الدستورية “.
ختامًا، ورغم عدم إحرازها أي نتائج، تبقى نقطة في ميدان سياسي، ليس من الحكمة الابتعاد عنه، ولا يجوز أيضًا تجاهل الكثير مما يمكننا فعله غير الاتكاء عليها، ابتداءً من مؤسسات وهيئات قوى الثورة والمعارضة المعترف بها دوليًا، التي يجب عليها المبادرة والقيام بجهود حثيثة لتفعيل تطبيق القرارات الأممية، بالتواصل مع الدول الفاعلة والصديقة. وأيضًا على القوى السياسية والتنظيمات والأحزاب وقوى المجتمع المدني تنسيق الجهود وصناعة موقف ورأي عام ضاغط، يضع سقفًا لا يمكن لأي جهة النزول تحته، فالقضية السورية ليست فقط قضية سياسية، بل هي قضية حقوق الإنسان وقضية معاناة المعتقلين والمهجرين والمرتهنين تحت سلطات الأمر الواقع، سواء في دمشق أو في المناطق الأخرى.
———————–
=======================
تحديث 05 تشرين الثاني 2021
————————–
اللجنة الدستورية السورية في عامين… أمل مزيّف وإصلاح بمزاج روسي/ محمد السكري
دخل المسار الروسي المُشكِّل لـ”اللجنة الدستورية” من قبل الأمم المتحدة عامه الثالث، بجولات ست، وبنتائج مخيّبة للآمال والتطلعات. ومع الحراك الدولي الواسع بعد الجولة الخامسة، تركزت الأنظار على الجولة الأخيرة التي جاءت بعد انقطاع دام تسعة أشهر.
واللجنة الدستورية نتاج مسار مضاد لجنيف، رسمته خريطة الصراع الجديدة بعد التدخل الروسي في 2015، واكتمل نصابه مع سيطرة تركيا على أجزاء من ريف حلب، واستفادت أطراف هذا المسار من الجمود الذي عانى منه مسار جنيف، وعدم قدرة الأطراف على الاتفاق على سلة الحكم الانتقالي، على مدار ثماني جولات.
سعى المبعوث الدولي ستيفان دي مستورا، إلى تهيئة وفد المعارضة لنقل أجندة المفاوضات من هيئة الحكم إلى اللجنة الدستورية، وذلك في الجولة السادسة من مؤتمر جنيف، في 16 أيار/ مايو 2017، عندما قدّم للأطراف ورقةً سُمّيت “المبادئ الأساسية”، والتي تنص في جوهرها على السعي إلى إنشاء آلية تشاورية حول المسائل الدستورية والقانونية.
وقبل أن يركّز مسار جنيف بدءاً من جولته السادسة، على المسار الدستوري، قدّم المبعوث الأممي ما يُسمّى مبادرة “السلال الأربع”، عندما قام بإيجاد آلية تقنية لتطبيق القرار الأممي 2254 (2015)، وهذا ما أطلقت عليه المعارضة “أستَنت جنيف”، وبدا لاحقاً الطريق سالكاً أمام ما يُسمّى مؤتمر سوتشي (2018)، في إطار “العملية الدستورية”في يناير/كانون الثاني 2018.
خلاف المبادئ والعدالة
تتجسد عناصر الخلاف الرئيسية خلال الجولات الخمس الدستورية، في المبادئ التي من المفترض أن تتم مناقشتها، ويُصرّ النظام بشكل دائم على ما يُسمّى “المبادئ الوطنية”، بينما المعارضة تدفع باتجاه البدء بعملية صياغة دستورية، وفقاً “للمبادئ الدستورية”.
واعترت العملية الدستورية خلافات جوهرية، فبقي “خلاف القواعد الإجرائية” مستمراً، مع محاولة المبعوث الأممي غير بيدرسون، في الجولتين الرابعة والخامسة، حل الإشكال، وتقريب وجهات النظر، من خلال تقسيم الوقت والجولات، على أن تكون مناصفةً بين المبادئ الوطنية، والمبادئ الدستورية، ولكن دون أي نتيجة.
ومع نهاية الجولة الرابعة، وخلال إحاطة بيدرسون مجلس الأمن بمجريات العملية الدستورية، تداول مصطلح “العدالة التصالحية”، بدلاً من الانتقالية، ما تسبب بموجة لاذعة من الانتقادات بحكم أنَّ هذا المصطلح هو خرق لروح القرار الأممي 2254.
وينص القرار الذي صوّت عليه مجلس الأمن، يوم 18 كانون الأول/ ديسمبر 2015، على بدء محادثات السلام في كانون الثاني/ يناير 2016، وأكد على أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل البلاد، ويدعو إلى تشكيل حكومة انتقالية، وإجراء انتخابات برعاية أممية، كما يطالب بوقف أي هجمات ضد المدنيين بشكل فوري.
وأصدرت شخصيات عدة في المجتمع المدني، بياناً نشرته إيلاف ياسين عبر صفحتها الشخصية، وهي عضوة في اللجنة الدستورية عن “المجتمع المدني”، ترفض ما جاء في الإحاطة، مطالبةً بالتركيز بشكل أساسي بعد إنجاز الحل السياسي، على “العدالة الانتقالية” . وقد روّج النظام لهذا المبدأ منذ منتصف العام 2015، في إطار المصالحات والتسويات.
في المحصلة، انتهت الجولات الخمس بوصف بيدرسون للجولة الخامسة بأنها “فرصة ضائعة”، و”خيبة أمل”.
الأمل المزيّف
بعد انقطاع دام تسعة أشهر، تعود اللجنة الدستورية بجولتها الثانية، بعد جملة من التحضيرات قام بها المبعوث الدولي بيدرسون، من خلال الزيارات التي قام بها إلى دمشق وتركيا، لتحديد موعد جولة سادسة من العملية.
وقبل بدء أعمال الجولة، حدث لقاء مباشر هو الأول من نوعه بين المبعوث الأممي ورئيس وفد المعارضة هادي البحرة، ورئيس وفد النظام أحمد الكزبري، وأوحي الانطباع الأول بإحداث تقدّم جديد بعد التوافق على أربعة مبادئ أساسية سيتم نقاشها خلال الجولة، وهي: سيادة الدولة، وسيادة القانون، وقوى الأمن والجيش، والإرهاب والتطرف. وكانت هذه المرة الأولى التي يتّضح فيها مسار الجولة، وأجندتها، بعيداً عن الخلافات حول القواعد الإجرائية، والمبادئ التي من المفترض أن تتم مناقشتها.
سارت أعمال الجولة بشكل جيّد في الأيام الأولى، على الأقل خلال نقاش مبدأ “سيادة الدولة” الذي طرحه النظام السوري من خلال ورقة مكوّنة من أربع نقاط تلخصت بوحدة الجمهورية، ورفض التدخل في شؤونها الخارجية، وتحرير الأراضي السورية واستعادتها، ومنع أيّ عملية انفصال، وبسط السيادة على طول الخريطة السورية.
وحدث شبه توافق بين المكونات الرئيسية، وعلى هامش هذه الجولة، قال هادي البحرة إنَّ “المضامين الدستورية تكون محدّدةً، وتنطبق على الحالات كلها سواء بحالة خاصة، أو بفترة زمنيّة محدّدة، وكان من الواضح الخلط بين المبادئ الوطنية ‘السياسية’ التي يصرّ عليها النظام، والمبادئ الدستورية”.
وفي اليوم الثاني، قدمّ وفد المعارضة مبدأً جديداً: “الجيش والقوات المسلحة والأمن والاستخبارات”، وتكوّن من أربع نقاط تلخصت في احترام مؤسسات الأمن والمخابرات القانون والدستور، وإبعاد الجيش عن الاستقطاب الأيديولوجي، والحزبي، والفئوي، ومهام الجيش تكمن في الدفاع عن الوطن، بينما مهام قوى الأمن حماية الأفراد، والمؤسسات، والحياد السياسي التام.
وقبل بدء أعمال اليوم الثالث، رأى رؤساء وفدَي المعارضة والنظام، أنّ هناك تفاعلاً إيجابياً من الأطراف كافة في سير الاجتماعات، ما يشير إلى إحداث خرق جيد، وتقدم في العملية، على الأقل حتى اليوم الثالث الذي طرح فيه المجتمع المدني مبدأ “سيادة القانون”، في ورقة طويلة تجاوزت العشرة بنود، ولكنها تلخصت في المساواة، وتكافؤ الفرص، والالتزام بالقانون الدولي والاتفاقيات التي انضمت إليها سوريا، وتنظيم آليات الاعتقال وفق القانون، ومنع التعذيب والاعتقال الاحتياطي، ومنع تشكيل المحاكم الاستثنائية.
وسرعان ما عكّر النظام صفو أعمال اللجنة الدستورية، وشتّت الأنظار نحو دمشق وإدلب، بتفجيرٍ تورطت فيه الأجهزة الأمنية، ولحقه قصف على مدينة أريحا، وارتكاب مجزرة هناك في رسالة وضعتها المعارضة في إطار عدم رضا النظام عن أعمال اللجنة، وهذا ما تشاركه فيه إيران.
استمرت أعمال اليوم الرابع بنقاش مبدأ طُرح من قبل النظام، وتكوّن من خمس نقاط، منها التأكيد على خطورة الإرهاب على الوطن وضرورة مكافحته، والتأكيد على دور الجيش في محاربة الفكر المتطرف، والدفاع عن الوطن. ولكن البند الثاني كان الأكثر جدلاً، وأعاد الأمور إلى نقطة الصفر، من خلال الإشارة إلى ضرورة “إنزال أشد العقوبات بكل من ينتمي لداعش، وجبهة النصرة، والإخوان المسلمين، وكل التنظيمات الإرهابية الأخرى”.
أثار هذا البند جدلاً كبيراً، ورفضته المعارضة، وسرعان ما عاد تقاذف التصريحات، مع تمسّك المعارضة بمواقفها الإيجابية، خشيةً من ردة فعل الشارع السوري المستاء من انخراطها في المسار. فخلال مؤتمرٍ صحافي لوفد النظام، اتهم الكزبري المعارضة بأنّها لا تحمل أجندةً وطنيةً، وتتبع لتركيا، في حين قال هادي البحرة إنّ “أعمال العملية الدستورية مستمرة، وقد حققت تقدماً جيداً”، لكن بيدرسون حسم النتائج بقوله إنَّ الجولة اختُتِمت بخيبة أمل كبرى، من دون التوصل إلى أي تفاهمات، أو أرضية مشتركة.
وقال الرئيس الأسبق للائتلاف، أحمد معاذ الخطيب: “هذه اللجنة عبارة عن ملهاة روسية، مع سكوت الدول الإقليمية، لكسب الوقت لصالح النظام. هي نتيجة ما قرره محتلّو سوريا، والدساتير لا يمكن أن يتم وضعها من قِبل المحتلين، فهذه هي الديكتاتورية. وأشار في بيان إلى أنَّ هذا المسار هو مخرجات آستانة، وسوتشي، ووسيلة لكسب الوقت، وتجميد للعملية السياسية على أساس مقررات جنيف واحد، والتفاف على القرارات الدولية ذات الصلة”.
إصلاح على المزاج الروسي
وفي خضم بدء أعمال الجولة السادسة، صرّح المبعوث الأممي بأنَّه تم الاتفاق على البدء بصياغة مسودة “إصلاح دستوري”، مما تسبب بموجةٍ كبيرةٍ من الانتقادات، كون عملية الإصلاح الدستورية لا تنسجم مع روح القرارات الدولية.
ورأت أوساط المعارضة السورية أن هذا التصريح بمثابة خرقٍ جديد، في ظل المساعي على مدار الجولات الماضية إلى إنجاز دستور جديد، وليس إلى إصلاح، بما فيهم الرئيس السابق للائتلاف نصر الحريري، الذي أصبح من أكثر المنتقدين للمسار، على الرغم من كونه أكثر من دفع باتجاهه.
وقالت مصادر خاصة لرصيف22، إنَّ اجتماع الهيئة العامة الأخير الذي أجراه الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، حدثت فيه خلافات بين فريق مؤيد للبقاء في العملية الدستورية كونها المنصة الدولية الوحيدة التي تعمل لإنجاز حل سياسي، وفريق آخر نبّه من مخاطر المتابعة فيه، كونه سيفضي في نهاية المطاف إلى “حكومة وحدة وطنية”، مع بقاء رئيس النظام السوري، ولا سيما بعد فشل الجولة السادسة التي بيّنت بشكل واضح، عدم رغبة النظام في تقديم أيّ تنازلات، ولكن رئيس اللجنة المشتركة للمعارضة حسم الخلاف، عندما أعلن استمرار المسار، والتمسك به”.
وعند الحديث عن ماهية العملية، توجهت الأنظار نحو احتمال تعديل دستور 2012، الذي يُعدّ نسخةً مطورةً عن دستور 1973 (دستور حافظ الأسد)، ولكن رئيس وفد المعارضة هادي البحرة، وخلال مؤتمر صحافي، أوضح أنَّ الإصلاح الدستوري يعني إنجازَ دستور جديد للبلاد.
وتتخوف الحاضنة الشعبية السورية من تقديم وفد المعارضة تنازلاتٍ جديدة تتعلق بماهية العملية الدستورية، بالموافقة على التعديلات، أو الإصلاح، وهذا قد يعني إبقاء إرث حافظ الأسد الشمولي راسخاً في الدولة السورية، ولكن هذه المرة بصيغة دولية، وهنا يكمن الخطر الأكبر.
قد لا يكون ما فسّرته المعارضة الشعبية من مصطلح “الإصلاح الدستوري” صحيحاً، لا سيما وأنَّه ورد في معظم الإحاطات التي قُدّمت إلى مجلس الأمن، ولكن مع ذلك تبقى هذه التخوفات مشروعةً، مع إصرار روسيا على إنجاز العملية الدستورية، وهذا ما يثير شكوكاً حول طبيعتها.
تتعاطى روسيا مع العملية السياسية على أنَّها دستورية فحسب، فمن السهل التكهّن بأنَّ المخرج السياسي الذي يمكن إنتاجه، من المحتمل أن يمنح بشار الأسد حق الترشح وفقاً للدستور الجديد، إذ تُعدّ ولايته الحالية وفق دستور 2012 هي الأخيرة، في حين تأمل المعارضة بعد الانتهاء من العملية الدستورية، أنّ ينتقل العمل نحو السلال الأخرى، ولا سيما هيئة الحكم، والانتخابات برعاية أممية.
وعن سيناريوهات هذا المسار، يمكن القول إنّ عملية الإنجاز ترتبط بمدى ممارسة الضغط الروسي على النظام السوري، لدفعه إلى تقديم تنازلات، وفي حال حصل ذلك سيكون من الممكن تحقيق تقدّم في الجولة السابعة المرتقبة، كما أنَّ تقديم المعارضة السورية تنازلاتٍ مشابهةً سيرفع فرص إنهاء حالة الاستعصاء. وفي حال لم يحدث ذلك، ستبقى الأطراف في مراحل سجال طويلة يصعب أن تنتج عنها أي نتائج، ما يعني ارتفاع احتمال انسحاب المعارضة السورية التي لا تملك خياراتٍ كثيرةً، مع تراخي الدعم الدولي لها.
——————-
=====================
تحديث 11 تشرين الثاني 2021
————————–
المسار الدستوري وتعطّل الحلّ في سورية/ ميشال شماس
بعض الذين ما زالوا يُصرّون على تصدّر المشهد السوري المعارض، يسارعون إلى توجيه الانتقادات، قُبيل كلّ جولة من اجتماعات اللجنة الدستورية وعقبها، إلى كلّ من يهاجم مسار “اللجنة الدستورية”، من دون أن ينتقدوا أنفسهم على قبول السير بها، وهم يعلمون علم اليقين أن قبولهم بهذا المسار قد سهّل الطريق أمام روسيا، لتطبيق رؤيتها لحلّ القضية السورية، واستبعاد تطبيق القرار الدولي 2254، بما نصّ عليه وخصوصًا عملية إجراء انتقال سياسي حقيقي تُختتم بإجراء إصلاح دستوري وإجراء انتخابات تحت إشراف دولي، واعتبار اللجنة الدستورية بديلًا عن عملية الانتقال السياسي التي نصّ عليها القرار الدولي المذكور.
وعلى الرغم من إقرار هؤلاء بأن اللجنة الدستورية “غير مخوّلة بالتوقيع على أي حلول سياسية أو تسويات، وأن ما سوف ينتج عنها لن يكون ملزمًا”، فإنهم يصرّون على استمرار التورط في اجتماعات هذه اللجنة، بحجّة “إذا لم أقبل أنا، فسيقبل غيري”، وكان عليهم أن لا يتورطوا في مساعدة روسيا في إعادة تثبيت الأسد.
الأنكى من ذلك كلّه أن بعض المتمسكين بعضوية هذا اللجنة يرون القشّة في عيون الآخرين ولا يرون الجذع في عيونهم، فهم يعيبون على وفد اللجنة الدستورية الممثل للحكومة بأنه مرتهن لنظام الأسد، ويصمتون عن ارتهانهم لدول عدة، فإذا كان ارتهان وفد السلطة في اللجنة الدستورية للنظام أمرًا عاديًا، ويجب أن يكون كذلك، فمن غير المنطقي ولا المقبول إطلاقًا، ممّن يدّعي تمثيل الثورة، أن يكون مرتهنًا لغير إرادة الشعب السوري الذي انتفض لنيل حرّيته وكرامته.
ولمزيد من ذرّ الرماد في العيون وقلب الحقائق، يُروّج بعض المشاركين في هذا اللجنة أن مجرّد وجودهم فيها يُبقي المسار السياسي حيًّا، ويسلّط الضوء على القضية السورية ومعاناة الشعب السوري! وهذا غير صحيح، فما يُبقي القضية السورية حيّة ليس مشاركة هؤلاء في اجتماعات اللجنة الدستورية، بل صرخات الناس وآلامهم في مخيمات لبنان والأردن وشمال سورية، وكذلك في الداخل السوري، وأصوات الشرفاء من السوريات والسوريين المنتشرين في جميع أنحاء العالم، وإن تسويقهم لمثل هذا الكلام إنما هو لتبرير مشاركتهم والادعاء أنهم يمثلون مطالب الشعب السوري، هذا الشعب الذي بُحّ صوته وهو يطالبهم بالكفّ عن التحدث باسمهم.
والأمر المثير للشفقة أنهم يعتبرون أن قبول الأسد بأن يكون “للمعارضة” نصيب في هذه اللجنة، وجلوس وفده على طاولة واحدة مع ما يُسمّى وفد المعارضة، هو انتصار ونقض لشرعيته، لكنّه انتصار زائف، وعندما تسألهم عن الجهة التي ستراقب عملية الاستفتاء على الدستور، إن استطاعت اللجنة الدستورية إنجازه، ومراقبة الانتخابات أيضًا؛ يجيبون، باطمئنان: الأمم المتحدة هي من ستراقب تلك العملية، وفقًا لنص القرار 2254، أمّا كيف ستراقب فذلك لا جواب لديهم عنه!
وعلى فرض أنّ الأمم المتحدة هي من ستراقب الاستفتاء على الدستور والانتخابات، فهل هذا يكفي لضمان عدم تأثير الأسد والقوى الأخرى في سير عملية الاستفتاء والانتخابات؟ ولنفترض أيضًا أن الأمم المتحدة لم تكتفِ بالمراقبة، بل تولّت بنفسها إدارة عملية الاستفتاء والانتخابات، من بدايتها حتى نهايتها، فكيف ستُعِدّ قوائم الناخبات والناخبين الذين يحقّ لهم التصويت؟ أليس نظام الأسد هو من يمتلك جميع البيانات المتعلقة بالسوريات والسوريين؟ ثم ماذا عن ملايين اللاجئين، في مخيمات لبنان والأردن والشمال السوري، وأولئك المنتشرين في أنحاء العالم والمهجرين والنازحين في الداخل السوري؟ وماذا عن أكثر من مئة ألف معتقل في سجون الأسد والقوى المسلحة الأخرى، وكذلك مئات الآلاف من المفقودين والمغيبين قسرًا؟ وماذا أيضًا عن عشرات الآلاف من السوريين الذين لا يملكون وثائق؟!
ثم كيف ستتمكن الأمم المتحدة من تأمين إجراء استفتاء وانتخابات حرة ونزيهة، وفقًا للمعايير الدولية، في ظلّ التقسيم القائم ووجود جيوش محتلة، فضلًا عن انتشار السلاح والمسلحين وقطاع الطرق والميليشيات المسلّحة على امتداد الأراضي السورية؟ وهل ستكون الأمم المتحدة قادرة على أن يكون الاستفتاء والانتخاب معبّرًا فعلًا عن إرادة السوريين؟ بمعنى آخر: هل ستستطيع الأمم المتحدة أن تُلزم الأجهزة الأمنية التابعة للأسد، وتلك التابعة للميليشيات المسلحة الأخرى، بالوقوف على الحياد، وترك السوريات والسوريين يعبّرون عن إرادتهم بحرّية دون أي ضغط وإكراه وترهيب؟
باختصار، التسويق لمسار اللجنة الدستورية والدفاع عنه يخدم المشروع الروسي في إعادة تعويم نظام بشار الأسد، فإذا لم يحدث انتقال سياسي، وينكفئ السلاح والمسلّحون، ولم يُعَد النظر بالآليات والبنى القانونية والأمنية التي اتكأ عليها نظام الأسد في السيطرة على مقاليد الحكم في سورية، ويحاكم من أجرم بحق الشعب السوري؛ فسيبقى الأمل ضعيفًا، إن لم يكن معدومًا، في اجتراح حلّ سياسي ينتشل البلاد من ظلمتها ويلملم جراحها.
لذلك، يجب على السوريين الكفّ عن التناحر والاقتتال فيما بينهم، والكفّ أيضًا عن التعويل على الخارج والارتهان لغير مطالب الشعب السوري في الحرّية والكرامة، والعمل على الاستفادة من وجود اللاجئين السوريين، خاصة في الدول الأوروبية، وتشكيل مجموعات ضغط للتأثير على الرأي العام والحكومات في إعادة الاعتبار للحل الأممي، وفقًا لمسار جنيف، ولا سيما القرار الدولي 2254 لعام 2015. فلا يحكّ جلدهم إلا ظفرهم.
مركز حرمون
—————————
السوريون وسيناريو الوقت الضائع!/ فايز سارة
يؤكد إعلان الفشل الذريع لاجتماعات اللجنة الدستورية، وما أعقبها من تفاعلات ومواقف في المستويين السياسي والميداني، ولا سيما التصعيد والتحشيد العسكري في شمال غربي سوريا، أن القضية السورية، دخلت في مرحلة وقت ضائع بين توقف حل سياسي محاط بالأوهام يمثله وجود اللجنة الدستورية وجهودها المتباطئة، واحتمالات الدخول في واحدة من مراحل الحل العسكري عبر اندلاع حرب على جبهة حلب – إدلب بين تركيا وحلفائها السوريين من جهة، ونظام الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين من جهة أخرى.
قبل الوقت الضائع، لم يكن السوريون يفعلون شيئاً سوى انتظار الآخرين، وهو انتظار محاط بالخيبة المبرهن عنها في خلاصات الأعوام العشرة الماضية، التي رسمها من انتظر السوريون منهم الدعم وتأييد الثورة، وتوقعوا منهم على الأقل عقاباً لنظام الأسد وحلفائه على ما ارتكبوه من جرائم بحق السوريين قتلاً وتشريداً وتدميراً، وتجسدت فكرة الانتظار في سلوك المعارضة السياسية، ولا سيما الائتلاف وهيئة المفاوضات، وقد أضافا إليها صمتاً في التعامل مع تطورات القضية السورية أو تجاهلاً من جهة، وترويج الأوهام، ولا سيما تلك التي أشاعوها عن اللجنة الدستورية و«النجاحات» المزعومة التي حققتها تحركاتهم، وقد سقطت جميعها، كما سقطت أوهام التشكيلات المسلحة في شمال غربي سوريا في منطقة النفوذ التركي – كما يسمونها – عن القيام بأي عمليات ترد هجمات نظام الأسد وحلفائه الروس على المنطقة أو التخفيف من آثارها على الأقل.
وسط تلك الوقائع، قد يكون من المفيد رسم سيناريو، لما يمكن أن يفعله السوريون في المرحلة المقبلة، عشية الذكرى الحادية عشرة للثورة، والتي تحل في النصف الأول من مارس (آذار)، والسيناريو لا ينتسب إلى عالم الخيال، بل هو رؤية مستمدة من نقاشات وحوارات وكتابات، شغلت بال بعض السوريين في العام الأخير أثناء سعيهم ومحاولتهم الإجابة عن أسئلة الواقع السوري.
أولى محطات السيناريو، أنه إزاء الفشل الذي أصاب الجهود – أقرأها الرغبات – الروسية بالوصول إلى حل سوري وفق تصورات موسكو، فإن الاتجاه يسير نحو إعادة الاعتبار للحل الأممي وفق مسار جنيف، ولا سيما القرار الدولي 2254 لعام 2015. لكن مع سعي روسي لتكون بصمة موسكو فيه واضحة، ولئن كانت هناك اعتراضات غربية على تلك البصمة، فإن الغربيين، يمكن أن يساوموا، ويتنازلوا للوصول إلى خطوات تنفيذية مع موسكو، والبدء بمسار حل يتم فرضه على السوريين بتوافق الأطراف.
وسط هذه الاحتمالات، فإن مهمة السوريين الأساسية هي إعادة تأكيد أن مسار جنيف، والقرار الدولي 2254 وانطلاقاً من هيئة حكم انتقالي، يشكلان أساساً لحل في سوريا، وينبغي أن تتضافر في هذا الإطار كل جهود القوى السياسية والمدنية وعموم السوريين ومن رغب من الجماعات والتشكيلات المسلحة، ليكون صوت السوريين بكل قواهم أو أغلبها وموقفهم واحداً أمام العالم كله.
ورغم أن مسار الحل السياسي وفق جنيف والقرار 2254، يتضمن إشارات قوية وحاسمة بضرورة حل موضوع المعتقلين والعودة الآمنة للنازحين واللاجئين إلى بيوتهم، فإن من الضروري التركيز في الصوت السوري الواضح، الإصرار على طرح الموضوعين، والدفع نحو مباشرة خطوات عملية فيهما.
وإن كانت أصوات عدة وربما كثيرة، لا تجد في الجزء السابق من السيناريو شيئاً جديداً، وقد تضيف قول أن لا فائدة ترجى منه، مشيرة إلى سلبية نتائج السنوات الماضية على صعيد الحل، لكن ذلك يشكل موقفاً متسرعاً، لا يدقق في خلفيات السيناريو، التي ترى أنه لا يتعلق باستدعاء جنيف والقرار 2254 فقط، بل أعادتهما إلى الواجهة في إطار خلق بيئة سورية جديدة في التعامل مع القضية السورية عموماً ومع حلها على وجه الخصوص؛ ذلك أن من مصلحة السوريين إعادة إحياء التوافق الدولي حول الحل الذي وإن كان لا يحقق أهداف السوريين في ذهاب نظام الأسد وفق تصوراتهم، فإنه يضع الحال السوري على قاعدة التغيير، وهذا جوهر مطالب السوريين وأبرز أهدافهم. والأمر الثاني، أنه يساعد في توفير قاعدة توافق سوري أوسع، بعد أن شبع السوريون خلافات واختلافات على مدار السنوات العشر الماضية، وصار من الضرورة الملحة تبريد الخلافات والاختلافات، وإحدى أهم السبل في ذلك تبني طروحات ومواقف موحدة متبناة من المجتمع الدولي، كما أن من الضروري جداً إعادة تفعيل المشاركة السياسية والمدنية والشعبية في الشأن العام بعد أن شهدنا اعتكافاً وعزلة من أوساط واسعة، وتنامي تيار واسع يندرج في إطار النقد السلبي، بدلاً من أن يكون في إطار الفاعلية الإيجابية والمبادرة في آن معاً.
إن تركيز محتويات السيناريو على الأمور السياسية الرئيسية، لا ينبغي أن يتجاهل ما تشهده القضية السورية من تطورات سياسية وميدانية، ومنها مشاكل الوجود السوري في تركيا، وتنامي النزعات العنصرية ضد اللاجئين السوريين في بعض الدول الأوروبية، وعمليات إعادة السوريين من لبنان إلى سوريا بطريقة قسرية، واحتمالات الحرب في الداخل السوري سواء كانت حرب النظام وحلفائه على منطقة النفوذ التركي في إدلب وريف حلب، أو احتمالات حرب تركيا مع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، ويفترض أن يسعى السوريون إلى وقف ومعارضة كل احتمالات الحرب في إطار حاجتهم إلى ضرورة وقف قتل وتشريد وتدمير السوريين؛ لأنهم الوحيدون الذين يدفعون فاتورة الحرب من دمائهم، ومن القليل مما باتوا يملكونه من قدرات مادية تتناقص، ولكل ما سبق، من المهم التركيز في المرحلة المقبلة على شعار يرفض قتل السوريين أو اعتقالهم وإخفاءهم أو ترحيلهم لأي سبب كان، وينبغي رفض وإدانة أي سلوك مما سبق واعتباره جريمة وطنية وأخلاقية وجنائية تستحق العقاب.
ولا يحتاج إلى تأكيد، أن طرح المهمات الأساسية في سيناريو الوقت السوري الضائع، يحتاج إلى توفير بيئة عمل مناسبة، تقوم على تهدئة الصراعات والخلافات التي تغذت على التدخلات الخارجية وعلى الظروف الصعبة التي عاشها السوريون في السنوات الماضية وعلى الخلافات الآيديولوجية والسياسية الجديدة منها والموروثة من عهود الديكتاتورية والاستبداد، ويفترض أن تترافق تهدئة الصراعات وتبريدها مع إحياء علاقات التعاون والتآزر بين السوريين من أجل التغلب على الصعوبات أياً كان سببها أو محتواها؛ لأن إشاعة بيئة إيجابية بما فيها من تسامح وتعاون سوف، يساعد بصورة جوهرية في تبدل حياة السوريين، ويفتح أفقاً يستفيد منه ومن نتائجه السوريون وغيرهم.. إنه يحقق مصلحة الجميع.
الشرق الأوسط
——————————
اللجنة الدستورية وأداء المعارضة السورية/ محمود الوهب
بغض النظر عن تراجع أداء المعارضة عما كانت عليه بداياتها، أيام الزخم الشعبي للشارع السوري، وتنازلها عن الكثير مما تمسكت به، ومنها المبادرات العربية، وقبولها، فيما بعد، بتجزئة القرار الأممي 2254 من خلال سوتشي 2018 إذ فُرض عليها بند منه قد لا يقدم ولا يؤخر في إطار الحل الشامل.
وأعني به تشكيل اللجنة الدستورية التي لا أحد يعرف الأساس، أو المنطق الذي استلَّ بموجبه من ذلك القرار بعد ثلاث سنوات من صدوره في العام 2015 وبعد الفعل الوحشي الذي قامت به الآلة العسكرية الروسية في الشعب السوري قتلاً، وتهجيراً، وتدميراً كاملاً لمقدراته، ثم لتبدأ والنظام عملية الاستثمار السياسي فيجرجران المعارضة، بالمماطلة، خلال مسار تلك اللجنة التي لم تنتج شيئاً مدة سنتين كاملتين وبخاصة في دورتها السادسة الأمر الذي أوصل أطرافاً في المعارضة إلى حال من اليأس، فبدأوا بالأخذ والرد حول جوهر عمل اللجنة الدستورية، وغالباً ما تدور النقاشات والآراء غاضبة حول فشلها، وتحميلها المسؤولية علماً بأن أغلبية هؤلاء يعرفون تماماً أن النظام لم يكن ليقبض أي مقترح يجمعه مع المعارضة، سواء جاء من جهة دولية حيادية أم من جهات ساعدته على قتل السوريين وتهجيرهم.
هذا ما كان النظام يرجوه ويتمناه، إذ هو في غنى عمن يقول له لا، أو يطلب منه أن يفعل كذا أو كذا خارج إطار دولته العميقة التي يهمها البقاء على ما هي عليه من نهب، وقمع، وتأخر حضاري يشمل جوانب الحياة كافة. والشعب من وجهة نظر رأس الدولة هو المتجانس الذي يرفع له شعار: «بالروح بالدم» وامتداح أي قرار منه يمنح فتاتاً للشعب على أنه هبة أو عطاء أو تقدمة كريمة من قائد فريد عصره، بل إن هذه الصفات: الواهب، والكريم، والمعطي مستمدة من أسماء الله الحسنى، وهذا ليس عفوياً بل هو مقصود لأن يلتف «سيادته» ومن لهم سطوة على الدستور والقوانين، وهذا ما كان يحصل بالفعل.
ويبقى السؤال الأهم: هل المشكلة التي تناولها متابعو الشأن السوري تكمن في اللجنة الدستورية أم في أدائها أم في أي نوع من التفاوض؟! في الجواب يمكن القول: لا أبداً، فجذر المشكلة يكمن في عدم التوازن بين الطرفين المتفاوضين. المعارضة لم تحسن استثمار زخم الأشهر الأولى من عمر الثورة السورية التي لفتت أنظار العالم كله، وجذبتهم مؤيدين، ومشجعين، ومتبنين. ففي عودة إلى مسيرة الثورة، منذ زخمها الأول إلى أن أخذتها ظروفها نحو التسلح، وتهديد النظام بالسقوط أواخر العام 2012 والاستعانة بالإيرانيين، فكان تفجير خلية الأزمة ومقتل عدد من قادة نظام الأسد ممن كان لهم رأي، ربما، أكثر ليونة في التعاطي مع الشارع الثائر، أو لا يتعاطون مع الإيرانيين.
وثمة سؤال افتراضي لكنه شديد الأهمية: هل ستكون «جيوش المنتصرين» آنذاك أي أواخر العام 2012 أمينة لشعارات الثورة السورية في الحرية والكرامة، وإسقاط دولة الاستبداد، وقيام دولة المواطنة التي لا تمييز فيها بين مواطن وآخر على أي أساس كان؟ إذ هي دولة تقوم على أسس من الحرية والديمقراطية، ومفاهيم الحداثة؟! الجواب يكمن فيما مارسه هؤلاء وهو نفي مطلق! فبعد سنوات من ذلك التاريخ، ودخول الميليشيات الإيرانية، ومن ثَمَّ الروسية، وارتكابهما والنظام الفظائع، أقدمت تلك الجيوش التي كانت تحاصر دمشق على إجراء مصالحات قام بها الوسيط الروسي ممكِّناً للنظام باستعادته مساحات واسعة من المناطق السورية، وليتبين، كذلك، أن بعض قادة تلك الجيوش لم يكونوا أبداً على مستوى المسوِّغ الذي أتوا من أجله، وهو حماية المتظاهرين وإسقاط النظام، فقد ظهرت لديهم سجون، ومعتقلات، وتعذيب، واستتابة، وتغييب قسري، وتمييز بين ثائر وآخر، ما يشير إلى أجندات خاصة بهم، وبفكرهم، يفسر ذلك عمليات الاقتتال والتصفيات فيما بينهم وسيطرة بعضهم على بعض، وكل ما يبعدهم عن شعارات الثورة، ومناهضة الاستبداد، ويؤكد التطرف المرفوض كلياً.
كما برزت لدى بعض هؤلاء القادة مظاهر الثروة، إذ أخذوا ينشئون بتلك الأموال مشاريع استثمارية في بلدان لجوئهم بملايين الدولارات. ولا شك في أن داعمي هؤلاء، وتنافسهم فيما بينهم، وبالأسلوب الذي جرى، يتحملون مسؤولية كبرى فيما آلت إليه المعارضة، إذ لم يكن همهم انتصار الديمقراطية في سوريا، بقدر ما كان تصفية حسابات لهم مع النظام! ولعل كل هذه الأمور، وممارسات أخرى مشابهة لدى بعض أفراد من المعارضة (هيئاتها الرسمية) كالتهافت، والتنازع على مراكز سلطوية، وتقديم شعار المكوِّنات السورية، ومظلومية هذه الفئة أو تلك على شعارات الثورة وكأن قسوة الاستبداد لم تكن لتشمل المجتمع كله قمعاً وتمييزاً. والأهم من ذلك كله أن الأحزاب والتجمعات والمنظمات التي نبتت مثل الفطر، في بلاد الاغتراب متجاوزة أعداداً غير معقولة، لكنها لم تستطع أن تكوِّن لها نواة صلبة، وأن تنشئ خطاباً رئيساً موحداً، خطاباً يفهمه العالم، ويقبله ومن ثَمَّ يتبناه في المحافل الدولية.
يتبين مما تقدم، وفيما يتعلق باللجنة الدستورية، أن جوهر أزمتها لا يكمن في مشاركتها أو عدمها، إنما في عدم تماثل القوى بين الطرفين. صحيح أن النظام يعيش أزمة خانقة، فهو يحمل أوزار الحرب التي أشعلها دون مبرر إلا أن يبقى في السلطة، ويعاني اليوم من مشكلات لا حدود لها، فالخراب يلف فعاليات البلاد كلها، ويتعرض الشعب إلى الكثير من الذل والمهانة في سبيل الحصول على ضرورات الحياة، إضافة إلى أن الروسي والإيراني يتقاسمان اليوم مع أثرياء الحرب اقتصاد البلاد، ويهيمنون على أنشطته كافة، ناهيكم من الاحتلالات، وافتقاد استقلالية القرار السوري، والمناهضة التي تواجه النظام بالعودة إلى ما قبل الـ 2011، عربياً ودولياً وإعادة الإعمار وهذا المستحيل بعينه إذا لم يطبق القرار 2254 لكن هل تستفيد المعارضة من حال النظام، وهل لها داخل البلاد بؤر قوية تدعمها؟ وهل هي موحدة الرأي والشعار؟ وهل قطعت كلياً مع فصائل موضوعة على قوائم الإرهاب أو رفعت الصوت تجاه سلوكها؟ وأخيراً، وبما أن الثورة تجاوز وارتقاء، يمكن القول: إن المعارضة لم تستطع حيث وجدت، مدنياً وعسكرياً، وحيث (قادت أو سيطرت وتحكمت) أن تتجاوز نظام الاستبداد على نحو أرقى. ومن هنا فالأزمة ليست في عمل اللجنة الدستورية بل في حال المعارضة التي لا تملك اليوم غير نضالها السياسي وهو في أدنى مستوى له، ولديها الكثير مما يمكن الاعتماد عليه، فوجودها خارج البلاد ومعها الكثير من المنظمات والطاقات الفردية القريبة على نحو ما من حكومات صنع القرار، ولديها إمكانية التواصل مع الداخل السوري، لكنها لا تزال بعيدة عن تكوين نواة صلبة لها صوت سوري يستمد قوته من وضوحه ووحدته، ومن لغته المفهومة لدى القوى الدولية الفاعلة ويمثل بحق ملايين السوريين سواء كانوا في المخيمات أم في بلاد اللجوء أم في الداخل السوري.
كاتب من سوريا
القدس العربي
—————————–
=====================