أنا مجرّد فتاة وقصائد أخرى/ مارينا تسيفتايفا
ترجمها عن الروسية: محمد الأمين.
(1)
مجرد فتاة..
أنا مجرد فتاة،
واجبي قبل أن أتكلل بالزواج،
أن لا أنسى،
أن هناك في كل مكان ذئبًا
وأن أتذكر: أنا- شاة.
أحلم بقلعة من ذهب،
تأرجح، دوران، وهز
أولًا بالدمية، وبعد ذلك ليست دمية،
ولكن تقريبًا
ليس لدي سيف بيدي..
لا ترن الأوتار..
أنا مجرد فتاة- أنا صامتة
آه، لو يمكنني النظر الى النجوم
لمعرفة إذا كانت هناك
نجمة أضاءت لي..
وأبتسم لكل العيون
دون ان أخفض نظري.
(2)
أود أن أعيش معك
في بلدة صغيرة، حيث الشفق الأبدي
والأجراس الأبدية،
في نزل قرية صغير..
رنين رقيق
لساعة عتيقة مثل قطرة من الزمن
وأحيانًا في المساء،
من العليّة -الفلوت- وعازف الفلوت نفسه في النافذة
والزنابق الكبيرة على النافذة
وربما لن تحبني حتى..
في منتصف الغرفة موقد ضخم من القرميد،
كل بلاطة لها صورة:
وردة- قلب – سفينة.
وفي نافذة واحدة
ثلج، ثلج وثلج.
تمدد- كما أحبك: كسولًا، غير مبال، ومهمل..
وفي بعض الأحيان فرقعة حادة
لأعواد الكبريت.
السيجارة تحترق وتنطفئ
لوقت طويل يرتجف على حافته
عامود رمادي قصير، إنه الرماد
أنت أكسل من أن تتخلص منه
وكل السجائر تتطاير بالنار..
1916
(3)
أريد الذهاب الى المرآة، حيث الغبش-
أريد الذهاب الى المرآة، حيث الغبش
والحلم الضبابي.
استنتجت –
إلى أين طريقكم، وأين الملاذ
أنا أرى: صاري السفينة
وأنتم على متنها…
أنتم – في دخان القطار…
حقول شكوى المساء
حقول المساء في الندى
فوقهم – الغربان
فليحفظكم الله
من الجهات الأربع.
(4)
– قداس الموتى-
كم منهم سقط في هذه الهوة السحيقة
أنشرها بعيدًا!
سيأتي اليوم الذي سأختفي فيه أنا أيضًا
من على وجه البسيطة..
سيتجمد كل من غنى وحارب
والمشرق والممزق
وخضرة عيني والصوت الرقيق
والشعر الذهبي
وتستمر الحياة
بخبزها اليومي،
برغم نسيان اليوم
سيكون كل شيء
كما لو أن تحت هذه السماء
لم أكن موجودة أنا!
يتغير مثل الأطفال
كأن في كل منه لغم
وهكذا يكون شريرًا لفترة قصيرة.
أحب الساعات التي
عندما يكون الخشب في المدفأة
ويصبح رمادًا.
التشيلو
أحيانًا الاستعراض
وجرس القرية
يشعرونني بأني حية
وحقيقية على هذه الأرض الحنونة!
لكم جميعًا
لا أعرف حدودًا في أي شيء-
غرباء وأقرباء؟-
أتوجه بطلب بقوة
الإيمان
وأترجى الحب
نهارًا وليلًا
وكتابة وشفويًا،
لأجل الحقيقة نعم ولا
كوني حزينة في أغلب الأحيان
وفقط عشرون سنة،
أكون حتمية مباشرة-
أغفر الخطايا
بكل حناني الجامح
وشكلي المتفاخر جدًا
للساعة المتهورة للأحداث
للحقيقة
للعبة.
اسمعوا مني مرة أخرى
أحبوني، لأني أموت…
*****
الورود والكريستال
ومن بين ضيوفي –
الحزن والأسى.
والدي معي
وشقيقي معي
مرَّت أخيرًا هناك
من طرق الباب ساعتها
كما من اثنتي عشرة سنة
ما زالت اليد باردة
حرير أزرق غير عصري
يحدث ضوضاء
ويبقي الخمر في الظلمة
ويرن الزجاج:
“كم أحببناكِ نحن
وكم سنة مرت..”
يبتسم لي أبي
وأخي بدأ يسكب النبيذ
وهي تعطيني يدها من دون خواتم
وتقول لي:
“كعبا حذائي تغبّرا،
يتلاشى لون الضفيرة،
أصبحت تصدر من تحت الأرض
أصواتنا.”
——————————
وقد ردّت عليها تسيفتايفا بقصيدة “اُعدَدتَ مأدبة لستة”:
أعدَدتَ مأدبة لستة
أكرّر شعري الأول
وكل ما قمت به أني أنقل الكلمة
“أعددت مأدبة لستة”
أنت نسيت واحدًا
سابعهم..
لا مرحًا كافيًا لكم بستة..
على وجوههم – زخات المطر
كيف استطعت في هكذا مأدبة
أن تنسى السابع
ضيوفك غير سعداء
الدورق البلوري غير نشط .
حزين – هو
حزين – أنت
أكثرهم حزنًا – غير المدعوّ
كانت حزينة ومملة
آه، إنكم لا تاكلون ولا تشربون
– كيف استطعت نسيان العدد؟
كيف أخطأت في الحساب؟
كيف أمكنك ذلك
كيف تجرأت على عدم الفهم،
إنهم ستة (شقيقاك – الثالث – أنت
ومعك زوجتك ووالدك وأمك)
هناك سبعة – طالما أنني في هذا العالم!.
قمتَ بإعداد طاولة لستة
ولكن لستة فقط
فالعالم لم ينقرض
أن أكون فزاعة بين الأحياء،
أفضل من أن اكون شبحًا – مع شبحك
(شبحنا)
مرتبكة كلص،
آه، لن أجرح أحدًا
– لعدم وضع الآنية لي
وأجلس بدون دعوة – سابعة
مجرّد أني قلبت الكاس
وكأني عطشى لأسكب
كل الملح من العيون،
كل الدم من الجروح،
من غطاء المائدة على الأرض
حيث لايوجد نعش، ولا فراق
طاولة مسحورة، والمنزل مستفيد
كالموت- في مأدبة الزفاف
أنا… الحياة التي أتت الى العشاء
…لا أحد: لا أخ ، لا أب ، لا زوج، لا صديق..
ومع ذلك أكرر
أنت يا من أعددتَ المائدة لستة أشخاص،
لِمَ تُجلسني – على الحافة.
مارينا تسيفتايفا: شاعرة روسية – سوفييتية (1891-1941)، تعتبر من أهم الشاعرات اللاتي تركن بصمات في الشعر الروسي. هاجرت مع زوجها عام 1922 إلى فرنسا حيث عانت من الفقر، وعادت بعدها الى وطنها عام 1940، حيث قُتل زوجها رميًا بالرصاص، ونفيت ابنتها، مما دفعها للانتحار عام 1941.
المترجم: محمد الأمين
ضفة ثالثة