“العمّال الكردستاني” ما زال قوياً… وتركيا تستخدم الكيماوي ضدنا(1) جميل بايك لـ”النهار العربي”: الحزب يقدّر الصداقة التي ربطت أوجلان بعائلة الأسد
كشف جميل بايك، الرئيس المشترك لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK)، عن امتلاك “حزب العمال الكردستاني” 1500 مقاتل داخل حدود تركيا، إضافة إلى 2500 مقاتل في مناطق أخرى، مؤكداً أنه “بسبب الهجوم المنسق لطائرات الاستطلاع والطائرات الحربية التركية، بات الحزب يتحرّك في وحدات صغيرة للتقليل من خسائره، كما اعتمد أساليب قتال جديدة ومسار عمل مضاداً لشكل العمل الاستخباري والهجومي التركي”.
واتّهم بايك الجيش التركي باستخدام الأسلحة الكيماوية والغازات السامة ضد مقاتلي الحزب “بأوامر من أردوغان شخصياً”، متسلّحاً بقناعته بعدم صدور أي موقف من الولايات المتحدة وأوروبا اللتين تبقيان حزب العمال الكردستاني على قائمة المنظمات الإرهابية.
وأرجع بايك في مقابلة خاصة مع “النهار العربي” سبب العملية العسكرية التركية في كردستان العراق، منذ ما يزيد عن 6 أشهر، إلى “محاولة الجيش التركي كسر المقاومة، وإبقاء حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية على قيد الحياة … أن نصف حرب الإبادة الجماعية التي تشنها الدولة التركية ضد الكرد هي حرب قذرة خاصة وحرب نفسية. الآن هذه الحرب تشهد تصعيداً أكبر”.
كما اتّهم بايك، الذي يعتبر الشخص الثاني في “حزب العمال الكردستاني” بعد زعيمه المعتقل في جزيرة أمرلي التركية عبد الله أوجلان، وحدات الاستخبارات التابعة للحزب الديموقراطي الكردستاني، بتوفير معلومات استخبارية لوكالة المخابرات الوطنية التركية (MIT)، “التي تنجح بفضل تواطؤ وغض الطرف من الحزب الديموقراطي الكردستاني في تجنيد بعض العملاء”، مؤكداً أن “الهجمات على مقاتلينا هي نتيجة لعلاقات الحزب الديموقراطي الكردستاني بتركيا. ولا يمكن أن تحدث مثل هذه الهجمات ما لم تتعاون وكالة مخابرات الحزب الديموقراطي الكردستاني مع جهاز الاستخبارات التركي. ويشارك الحزب الديموقراطي الكردستاني تركيا في هجومها من خلال محاصرة العديد من مناطق مقاتلينا، ويخلق عقبات أمامهم للقتال بفعالية ضد الجيش التركي”.
واعتبر بايك أن “هولير (أربيل) ضعفت سياسياً، وأن علاقاتها القوية الوحيدة هي بتركيا، وتجمعهما مناهضة حزب العمال الكردستاني”، نافياً “احتمال ملء الحزب الديموقراطي الكردستاني الفجوة الناشئة في المجتمع من موت الزعيم جلال طالباني”.
وبحسب بايك “لقد أثبتت مقاومتنا التاريخية في الأشهر الستة الماضية وجودنا وقوتنا بوضوح. في شباط (فبراير)، مُني الجيش التركي بالهزيمة غداة الإنزال الذي قام به في كاري (غارة). أردوغان شخصياً اعترف بالهزيمة في هذه العملية، عندما قال “لقد فشلنا”، نافياً قيام العمال الكردستاني بإخلاء مواقع له أو تسليمها للبشمركة أو الحشد الشعبي قائلاً “وجودنا القوي في قنديل معروف للجميع. يستمر وجودنا في المثلث التركي – الإيراني – العراقي”.
ورداً على سؤال عن علاقة حزبه بحزب الشعوب الديموقراطي في تركيا، وسط الاتهامات الموجهة الى الأخير بكونه جناح العمال الكردستاني السياسي، رأى بايك أن “أي حركة سياسية في تركيا لا تعادي حزب العمال الكردستاني وتناضل من أجل حرية الشعب الكردي يتم ربطها بحزب العمال الكردستاني. أولئك الذين يريدون حلاً للمشكلة الكردية في تركيا متّهمون أيضاً بتأييد حزب العمال الكردستاني، ناهيك عن أن الأحزاب والدوائر السياسية والمثقفين والكتاب والفنانين الذين يريدون التحول الديموقراطي في تركيا متهمون بتأييد حزب العمال الكردستاني”.
وشرح بايك علاقة حزبه بحزب الاتحاد الديموقراطي والإدارة الذاتية في سوريا بالقول “حزب الاتحاد الديموقراطي (PYD) هو حزب تبنى فلسفة ريبر (القائد) آبو (عبد الله أوجلان) وخطه الأيديولوجي. وقد أُسّس بالفعل على أساس 20 عاماً من عمل القائد عبد الله أوجلان في سوريا ولبنان وروج آفا. لا أحد يستطيع أن يسأل أي حزب لماذا تتبنى هذه الأيديولوجية”. لكنه أوضح أنه “ليست لدينا علاقة عضوية بحزب الاتحاد الديموقراطي والإدارة الذاتية. لكن نظراً لكون حزب الاتحاد الديموقراطي حركة كردية في غالبه وهناك أكراد في الإدارة الذاتية، فلدينا تقارب طبيعي. من ناحية أخرى، كان العديد من قادة قوات سوريا الديموقراطية في حزب العمال الكردستاني من قبل. عندما اندلعت ثورة روج آفا، أرادوا أن يخوضوا صراعاً سياسياً وعسكرياً في روج آفا وسوريا. لقد اعتبرنا ذلك طبيعياً. هذا هو مدى علاقاتنا”.
وحول علاقة الإدارة الذاتية المتذبذبة بموسكو، رأى بايك أنه “ليس هناك أمر طبيعي أكثر من أن تقيم الإدارة الذاتية علاقات بأي سلطة سياسية لا تهاجم الكرد أو ترفض الشعب الكردي. كما لا شيء يمكن أن يكون أكثر طبيعية من وجود علاقات بروسيا. نحن نعلم أن كلاً من حزب الاتحاد الديموقراطي والإدارة الذاتية تربطهما علاقات بروسيا. قد تكون هناك انتقادات لروسيا، لكننا لا نعتبر الاتهامات واللغة الهجومية لهجة صحيحة. كانت علاقاتنا بروسيا في بعض الأحيان غير مباشرة ومباشرة في أحيان أخرى. وهي تختلف بحسب علاقات روسيا بتركيا. المشكلة الكردية تؤثر في الشرق الأوسط بأكمله. من وجهة النظر هذه، قد يكون من الممكن أن تكون لنا علاقات بكل قوة لها علاقة بالشرق الأوسط، أو أحياناً مواجهتها حتى. ليس لدينا نهج سلبي تجاه روسيا أو أي دولة أخرى. ومع ذلك، هناك دول لديها موقف سلبي تجاهنا بسبب علاقتها بتركيا. لهذا السبب لدينا مشكلات مع الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية”.
ووصف بايك علاقة حزب العمال الكردستاني بسوريا “والشعبين الفلسطيني والعربي” بأنها “تستند الى أساس تاريخي ولا يمكننا نسيانها. نحن لسنا حركة يمكن أن تنساهم أو تتعامل معهم بلا تقدير. علاقتنا مع حافظ الأسد وعائلته كانت وثيقة ودافئة. لا يمكننا أن نكون مناهضين لسوريا أو ضد الأسد. سبق أن أقمنا علاقاتنا على أساس المصلحة العامة للأكراد والأخوة الكردية العربية. الآن نريد أن نكون طرفاً في مثل هذه العلاقة. على الرغم من أن إدارة بشار الأسد اتبعت موقفاً بارداً وسلبياً تجاهنا بسبب ما حدث في روج آفا، إلا أننا لم نتخذ مقاربة مماثلة. حاولنا فهمهم. نريدهم أن يفهمونا أيضاً. لم نقطع علاقتنا بدمشق قط. إن لم يقوموا هم بقطعها لن نقوم نحن بقطعها أبداً. لطالما قدّرنا الصداقة بين القائد عبد الله أوجلان وعائلة الأسد”. هنا الحلقة الأولى من المقابلة:
* تحدثت وسائل إعلام تركية قبل عام عن “اعتراف” ورد على لسانكم حول فاعلية “المخابرات الوطنية التركية” (MIT) في العراق ونفوذها الكبير في مناطق وجود حزب العمال الكردستاني، بالتزامن مع العمليات العسكرية والاستهدافات التي يقوم بها الجيش التركي في إقليم كردستان العراق، بخاصة تلك التي تتم بواسطة الطائرات من دون طيار التركية. كيف تصفون النشاط الاستخباري والعسكري التركي أخيراً، وما تأثيره في بنية حزب العمال الكردستاني الميدانية والعسكرية؟
– شن تركيا هجمات بطائرات استطلاع وطائرات حربية على طول الحدود التركية العراقية وفي المناطق التي يكون فيها المقاتلون، والتي نسميها مناطق “ميديا الدفاعية” وإلحاق الخسائر بهم معلومة صحيحة. لكن ذلك لا يتم بفضل المعلومات الاستخبارية التي تقدمها وكالة المخابرات التركية (MIT). وحدات الاستخبارات التابعة للحزب الديموقراطي الكردستاني هي التي توفّر هذه المعلومات، أو بفضل تواطؤ وغض الطرف من الحزب الديموقراطي تنجح وكالة المخابرات التركية في تجنيد بعض العملاء. هؤلاء أيضاً يزوّدون وكالة المخابرات التركية بالمعلومات. وهكذا يتم استهداف مقاتلينا. مثل هذه الهجمات هي نتيجة لعلاقات الحزب الديموقراطي الكردستاني مع تركيا. لا يمكن أن تحدث مثل هذه الهجمات ما لم تتعاون وكالة مخابرات الحزب الديموقراطي الكردستاني مع جهاز الاستخبارات التركي. بالطبع، تؤثر هذه الهجمات في أسلوب تحرّكنا. ومع ذلك، فإننا نتخذ الاحتياطات اللازمة ضده. لهذا السبب، ليس لدينا خسائر كبيرة مقارنة بالسنوات السابقة. نحن أيضاً انتقلنا إلى مسار عمل مضاد لهذا الشكل من العمل الاستخباري والهجومي لإبطال استخبارات العدو وتقنياته. مقاتلونا استمروا في نضالهم طوال عقود عبر خلق أسلوبهم الخاص ضد كل تقنية طوّرها العدو.
* بالتزامن مع العملية العسكرية التي بدأتها تركيا منذ أكثر من 4 أشهر، كثّفت أنقرة أخيراً من دعايتها الإعلامية التي تتحدث عن “طور انهيار” يعيشه حزب العمال الكردستاني، وسط تقديرات عن بقاء المئات من عناصره فقط داخل تركيا. ما مدى صحة هذه الادعاءات؟ وهل تعتقدون بإمكان مواصلة القتال مع الجيش التركي بقدراته المتفوقة؟
لم تحرز تركيا أيّ تقدّم
– منذ عام 2017، يقول وزير الداخلية في التحالف الفاشي بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، لن يذكر أحد اسم حزب العمال الكردستاني العام المقبل. بمعنى أنه سينهي وجود الحزب. كل الحكومات التي توالت على حكم البلاد منذ عقود تقول الشيء ذاته. الجيش التركي يهاجم منذ 6 أشهر. ومقاتلونا يقاومون ببسالة. باستثناء بعض التلال بالقرب من الحدود التركية، لم يحرز الجيش التركي أي تقدم. عندما يشعر بالعجز أمام مقاومة مقاتلينا، يستخدم الأسلحة الكيماوية والغازات السامة. قتل العشرات من مقاتلينا بهذه الأسلحة. وهكذا، يحاول الجيش التركي كسر المقاومة وإبقاء حكومة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية على قيد الحياة. أردوغان أعطى التعليمات بإمكان استخدام جميع أنواع الأسلحة (ضد مقاتلينا). الجيش التركي يستخدم هذه الأسلحة، وسط قناعته بعدم صدور أي موقف من الولايات المتحدة وأوروبا، اللتين تبقيان حزب العمال الكردستاني على قائمة المنظمات الإرهابية.
حزب العمال الكردستاني هو حركة حرية عمرها نصف قرن. ويحظى بدعم غالبية الكرد في أجزاء كردستان الأربعة وخارجها. لقد وصل إلى يومنا هذا من خلال مواجهة كل أنواع الصعوبات على مدى عقود. مواجهة الصعوبات والتفوّق عليها هي نهج النضال من أجل حرية الشعب الكردي وأساسه. إن لم نقاتل بهذه الطريقة ضد الدولة التركية، فلن ننجح. لهذا السبب، تمت تصفية كل الحركات السياسية في فترة قصيرة باستثنائنا نحن.
يجب أن نؤكد أن نصف حرب الإبادة الجماعية التي تشنها الدولة التركية ضد الكرد هي حرب قذرة ونفسية. الآن هذه الحرب تشهد تصعيداً أكبر. يتم العمل على تفكيك المجتمع وكسر إرادة قاعدتنا من خلال المخدرات والدعارة وعمليات التجنيد. من ناحية أخرى، تستمر التصريحات القائلة “قتلنا منهم العدد الفلاني، وبقي منهم العدد الفلاني”. اعتدنا على التحرك بآلاف المقاتلين في جبال كردستان. لكن بسبب الهجوم المنسق لطائرات الاستطلاع والطائرات الحربية، قمنا أيضاً بتغيير عقيدة الحرب لدينا. بالطبع، مقاتلونا يغيّرون عقيدة الحرب وأسلوبهم القتالي بحسب طبيعة سلاح العدو. هذا طبيعي. لذلك، قلّلنا عدد مقاتلينا في الولايات. لأن من الخطورة إبقاء الكثير منهم في منطقة ما كما كان الوضع من قبل. ومع ذلك، عند الحاجة إلى عملية كبرى، يتم تطبيق مبدأ التجميع والتشتت. الآن نتحرّك في وحدات صغيرة. العدو يعرف هذه الحقيقة. في البداية لم نتمكن من تغيير أسلوب قتالنا بالسرعة المطلوبة بسبب الاعتياد (على الأسلوب التقليدي المتّبع)، لقد تكبدنا بعض الخسائر، لكن اليوم تأقلمنا مع أسلوب القتال الجديد الذي أنشأناه إلى حد كبير.
دأبت الدولة التركية على إعلان أعداد مقاتلينا بأقل بخمس مرات عن الحقيقي. لدينا أكثر من 1500 مقاتل داخل حدود تركيا. وعدد قواتنا في نقاط أخرى يتجاوز الـ2500 مقاتل.
حربنا ليست مجرد حرب عسكرية. نحن لا ندّعي هزيمة الإرادة السياسية في تركيا من خلال الكفاح العسكري وحده. مع التأثير المشترك للنضال السياسي والاجتماعي والعسكري والثقافي والدبلوماسي، سيتم تدمير سياسة الإبادة الجماعية للأكراد في الدولة التركية؛ سيتم تحقيق هدف كردستان الحرة وتركيا الديموقراطية أو “الشرق الأوسط الديموقراطي”.
* حزب الشعوب الديموقراطي متهم من خصومه وحتى من كتلة موالية للمعارضة المتماهية معه في السياسات الداخلية والانتخابية بكونه الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني داخل تركيا. كيف تصفون علاقتكم يه، وهل يمكن اعتبارها علاقة تبعية أم تداخلاً عضوياً؟
– هناك أسباب وراء إظهار حزب الشعوب الديموقراطي أو الأحزاب التي كانت قريبة من هذا الخط السياسي قبله كأذرع سياسية لحزب العمال الكردستاني. هذه الأحزاب هي أحزاب سياسية تأسست بعد الانتفاضات التي اندلعت نتيجة لتطور نضال مقاتلينا منذ أوائل التسعينات، وبالاعتماد على الشعب الذي قام بهذه الانتفاضات. تشمل الأهداف السياسية لهذه الأحزاب حرية الشعب الكردي ودمقرطة تركيا. في هذا الصدد، على الرغم من الاختلاف في الأسلوب، إلا أن حزب العمال الكردستاني والأهداف السياسية لهذه الأحزاب ليست بعيدة من بعضها بعضاً. أي حركة سياسية في تركيا لا تعادي حزب العمال الكردستاني وتناضل من أجل حرية الشعب الكردي يتم ربطها بحزب العمال الكردستاني. أولئك الذين يريدون حلاً للمشكلة الكردية في تركيا متّهمون أيضاً بتأييد حزب العمال الكردستاني، ناهيك عن أن الأحزاب والدوائر السياسية والمثقفين والكتّاب والفنانين الذين يريدون التحول الديموقراطي في تركيا متهمون بتأييد حزب العمال الكردستاني. هم (الجهات التي تقوم بالاتهام) يعتقدون أن التحول الديموقراطي سيكون في مصلحة الكرد.
* الادعاءات الخاصة بالشعوب الديموقراطي في تركيا سارية أيضاً بالنسبة الى حزب الاتحاد الديموقراطي في سوريا، والذي يشكل العمود الفقري للإدارة الذاتية. وفيما نرى أن موسكو هي العاصمة الوحيدة التي تحتضن مكتباً تمثيلياً للعمال الكردستاني في المنطقة، إلا أن التصريحات الصادرة عن الإدارة الذاتية دائماً ما تأخذ طابع الهجوم والاتهام لروسيا. ما هي طبيعة علاقتكم بالاتحاد الديموقراطي والإدارة الذاتية وموسكو؟
– حزب الاتحاد الديموقراطي (PYD) هو حزب تبنى فلسفة القائد (القائد) آبو (عبد الله أوجلان) وخطه الأيديولوجي. وقد أُسّس بالفعل على أساس 20 عاماً من عمل عبد الله أوجلان في سوريا ولبنان وروج آفا. لا أحد يستطيع أن يسأل أي حزب لماذا تتبنى هذه الأيديولوجية. وأما بالنسبة الى حزب كردي فلا يستطيع أبداً أن يسأله لماذا تدافع عن أفكار عبد الله أوجلان؟ اليوم، إذا كانت أفكار عبد الله أوجلان مؤثرة بين الشعب العربي والشعوب التركية، فسيكون لها بلا شك تأثير أكبر على الكرد. تأخذ العديد من الحركات الاشتراكية الديموقراطية والحركات النسائية والحركات البيئية في العالم اليوم الكثير من فكر القائد عبد الله أوجلان.
ليس هناك أمر طبيعي أكثر من أن تقيم الإدارة الذاتية علاقات مع أي سلطة سياسية لا تهاجم الكرد أو ترفض الشعب الكردي. كما لا شيء يمكن أن يكون أكثر طبيعية من وجود علاقات بروسيا. نحن نعلم أن كلاً من حزب الاتحاد الديموقراطي والإدارة الذاتية تربطهما علاقات بروسيا. قد تكون هناك انتقادات لروسيا، لكننا لا نعتبر الاتهامات واللغة الهجومية التي تحدّثتم عنها لهجة صحيحة.
العلاقة بروسيا تتأثر بعلاقاتها بتركيا
كانت علاقاتنا بروسيا في بعض الأحيان غير مباشرة ومباشرة في أحيان أخرى. وهي تختلف بحسب علاقات روسيا بتركيا. المشكلة الكردية تؤثر في الشرق الأوسط بأكمله. من وجهة النظر هذه، قد يكون من الممكن أن تكون لنا علاقات بكل قوة لها علاقة بالشرق الأوسط، أو أحياناً مواجهتها حتى. ليس لدينا نهج سلبي تجاه روسيا أو أي دولة أخرى. ومع ذلك، هناك دول لديها موقف سلبي تجاهنا بسبب علاقتها بتركيا. لهذا السبب لدينا مشكلات مع الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية.
ليست لدينا علاقة عضوية بحزب الاتحاد الديموقراطي والإدارة الذاتية. ومع ذلك، نظراً الى أن حزب الاتحاد الديموقراطي حركة كردية في غالبه، وهناك أكراد في الإدارة الذاتية، فلدينا تقارب طبيعي. من ناحية أخرى، كان العديد من قادة قوات سوريا الديموقراطية في حزب العمال الكردستاني من قبل. عندما اندلعت ثورة روج آفا، أرادوا أن يخوضوا صراعاً سياسياً وعسكرياً في روج آفا وسوريا. لقد اعتبرنا ذلك طبيعياً. هذا هو مدى علاقاتنا. وإلا فإننا لسنا في وضع يسمح لنا بتحديد ما يجب عليهم القيام به من عدمه.
* هناك علاقة تاريخية جمعت العمال الكردستاني مع دمشق، وصلت إلى حد دق إنذار الحرب مع أنقرة بسبب احتضان دمشق عبد الله أوجلان في تسعينات القرن الماضي. كيف تصفون علاقتكم بدمشق اليوم؟ وكيف تقرأون علاقة الإدارة الذاتية بها؟
– علاقة حزب العمال الكردستاني بسوريا لها أساس تاريخي. كما أن لدينا علاقات بالشعب الفلسطيني والشعب العربي لا يمكننا نسيانها. علاقتنا بحافظ الأسد وعائلته كانت وثيقة ودافئة. لا يمكننا أن نكون مناهضين لسوريا أو ضد الأسد. سبق أن أقمنا علاقاتنا على أساس المصلحة العامة للأكراد والأخوة الكردية العربية. الآن نريد أن نكون طرفاً في مثل هذه العلاقة. على الرغم من أن إدارة بشار الأسد اتبعت موقفاً بارداً وسلبياً تجاهنا بسبب ما حدث في روج آفا، إلا أننا لم نتخذ مقاربة مماثلة. حاولنا فهمهم. نريدهم أن يفهمونا أيضاً. لم نقطع علاقتنا بدمشق قط. إن لم يقوموا هم بقطعها لن نقوم نحن بقطعها أبداً. لطالما قدّرنا الصداقة بين القائد عبد الله أوجلان وعائلة الأسد. لا يمكن لدمشق أن تقول أي شيء سلبي عنا، وإن فعلت، فسيكون ذلك تقييماً غير عادل وغير موضوعي.
لطالما أردنا أن تحل الإدارة الذاتية مشكلاتها مع دمشق. حاولنا استخدام تأثيرنا في هذا الاتجاه. لأن الحل الأصح هو المصالحة بين الإدارة الذاتية وحكومة دمشق. لا يمكن لسوريا أن تكون سوريا ما قبل عام 2011. هم أيضاً قبلوا بهذا. حقيقة قولهم بأنهم يفكرون في نظام لامركزي فتح باب المصالحة مع الإدارة المستقلة. قالوا أيضاً إنه سيكون هناك تعليم باللغة الكردية. إذا كان هناك حسن نية ومرونة متبادلان، فإن دمشق والإدارة الذاتية ستتفقان على حل. وهذا سيكون مفيداً للأكراد. القوة الرئيسية التي لا تريد حلاً بين دمشق والكرد هي تركيا. لأنها تخشى أن يزعزع هذا الحل نظام الإبادة الجماعية في تركيا. لهذا السبب، يهاجمون المناطق التي يعيش فيها الكرد. هذا هو السبب الوحيد لهجومهم.
نسمع أن الإدارة الذاتية ودمشق تجريان محادثات بين الحين والآخر. نحن سعداء بذلك. نشجع كلاً من الإدارة الذاتية ودمشق في هذا الصدد. يجب أن تتخلى دمشق والإدارة الذاتية عن الأحكام المسبقة. يمكن أن تصبح سوريا أقوى مع الكرد. سيحصل الكرد أيضاً على حقوقهم الأساسية في سوريا، ويحلوا مشكلاتهم ويصبحوا إحدى القوى الرئيسية في سوريا. النظام السوري يعرف أيضاً أنه لو وقعت روج آفا وشمال وشرق سوريا في أيدي “داعش” والمرتزقة، لسقطت حلب ودمشق. إن نضال الكرد والعرب والآشوريين من أجل حماية روج آفا وشمال وشرقي سوريا ضد “داعش” والعصابات ضمنت صمود دمشق أيضاً. ومن المعروف أن الكرد الذين يعيشون في حلب حموا أيضاً حلب بمقاومتهم.
* في ظل الحديث عن انسحاب محتمل للقوات الأميركية من العراق، تم الانتهاء من إنشاء قاعدة عسكرية كبيرة في إقليم كردستان العراق، وهذا يمكن اعتباره إشارة إلى قوة العلاقات بين واشنطن وأربيل التي تتصف علاقتكم بها بالتوتر. كيف سيؤثر هذا التقارب فيكم؟ بخاصة مع ملاحظة تراجع تأثير نفوذ السليمانية مقابل تعاظم نفوذ أربيل بعد وفاة جلال طلباني.
– بفضل التقنية التي وصلت إليها، أصبحت الولايات المتحدة الآن قادرة على الحفاظ على فعاليتها في منطقة ما من دون الحاجة إلى وجود قوات كبيرة. لذلك لا داعي لأن تبقي الكثير من القوات في العراق. بالفعل تنشئ قاعدة عسكرية كبيرة في باشور كردستان (جنوب كردستان والمقصود هو إقليم كردستان العراق). قواتها هنا يمكنها التدخّل في أي مكان في العراق. إن إنشاء الولايات المتحدة قاعدة عسكرية في منطقة سيطرة الحزب الديموقراطي الكردستاني قد يكون له تأثير سلبي. بالفعل، يشارك الحزب الديموقراطي الكردستاني تركيا في هجومها من خلال محاصرة العديد من مناطق مقاتلينا، وهو يخلق عقبات أمامهم للقتال بفعالية ضد الجيش التركي. الولايات المتحدة هي قوة ناتو، وكذلك الجيش التركي. من ناحية أخرى، يستخدم الحزب الديموقراطي الكردستاني وجود القاعدة الأميركية في منطقته كقوة ضغط على حزب العمال الكردستاني، نعلم جيداً أن الحزب الديموقراطي الكردستاني يعمل ضد حزب العمال الكردستاني في كل علاقاته الدولية.
أربيل ضعفت سياسياً
سيكون من غير الواقعي القول بأن نفوذ هولير (أربيل) ازداد بعد جلال طالباني. في الواقع، ضعفت هولير سياسياً. القوة التي تربطها بها علاقات جيدة هي تركيا، وما يجمعهما هو مناهضة حزب العمال الكردستاني. ليس من السهل ملء مكان جلال طالباني في الاتحاد الوطني الكردستاني. ومع ذلك، ليس هناك ما يوحي بإمكان ملء الحزب الديموقراطي الكردستاني هذه الفجوة في المجتمع. السليمانية ومحيطها لهما هوية تاريخية. هذه الشخصية لا تريح الحزب الديموقراطي الكردستاني. مما لا شك فيه أن المشكلات داخل الاتحاد الوطني الكردستاني تؤثر في الحزب سلباً. من المفهوم أن تنشأ مثل هذه المشكلات في مرحلة خلافة القادة الأقوياء. نعتقد أن هذه العملية ستؤدي إلى نشوء إدارة ناضجة وفعالة بمرور الوقت. لأن الكرد بحاجة إلى تقليد سياسي قائم على السليمانية ومحيطها. كما يظهر في باشوري كردستان جيل جديد بفكر ليبرالي وديموقراطي. يمكن للتقاليد في السليمانية وحولها أن تكتسب نفوذاً سياسياً أقوى مع الأجيال الجديدة.
* مع تزايد ضغوط أنقرة على كل من بغداد وأربيل، شهدنا انسحاباً لحزب العمال الكردستاني من بعض المناطق في شمال العراق، واستبدال البشمركة والحشد الشعبي أحياناً أخرى بالوجود العسكري هناك.
هل هذا يعني أن وجودكم بات ينحصر أكثر وأكثر في قنديل والجبال الحدودية مع تركيا وإيران فقط؟
– لم ننسحب من مكان ما بسبب الضغط التركي على بغداد وهولير. ولا نعرف سبب ظهور مثل هذه الأحكام. كانت لدينا قوات عسكرية في شنكال. بعد تدريب وحدات مقاومة شنكال ووحدات المرأة الشنكالية (YBŞ-YJŞ)، انسحب مقاتلو الدفاع الشعبي ووحدات المرأة الحرّة “HPG-YJASTAR” من شنكال في 1 نيسان (أبريل) 2018، ثم انسحب القليل المتبقي من المدرّبين. لم يترك مقاتلونا أي مكان للحشد الشعبي أو البشمركة. بعد انسحاب الوحدات انسحبت وحدات مقاومة شنكال من بعض الأماكن لحماية مناطقهم في الغالب. وهنا دخل الجيش العراقي. بعد طرد “داعش” من المنطقة، دخل الحشد الشعبي بعض المناطق. حاول الحزب الديموقراطي الكردستاني من خلال الدعاية بوجود علاقة بين حزب العمال الكردستاني أو وحدات مقاومة شنكال مع الحشد الشعبي، تشجيع الولايات المتحدة وبعض القوات على القيام بعملية مناهضة لحزب العمال الكردستاني ووحدات مقاومة شنكال. لكن هذه الدعاية لا علاقة لها بالواقع.
خلال هجوم “داعش”، توجهت قواتنا إلى هذه المناطق لحماية كركوك وهولير ومخمور وحتى دهوك. في الواقع، منع مقاتلونا سيطرة “داعش” على هولير وكركوك. ثم تم سحب هذه القوات تدريجياً، مع إبقاء قوة محدودة منها في بعض المناطق للتصدي لأي هجوم محتمل لـ”داعش”.
لقد أثبتت مقاومتنا التاريخية في الأشهر الستة الماضية وجودنا وقوتنا بوضوح. في شباط (فبراير)، مُني الجيش التركي بالهزيمة غداة الإنزال الذي قام به في كاري (غارة). أردوغان شخصياً اعترف بالهزيمة في هذه العملية، عندما قال “لقد فشلنا”.
وجودنا القوي في قنديل معروف للجميع. في هذا السياق، لم يتم إخلاء أي موقع قريب من إيران. على أي حال، قنديل مستهدفة دائماً. يستمر وجودنا في المثلث التركي – الإيراني – العراقي. تسيطر تركيا على بعض التلال بالقرب من الحدود منذ عامين بدعم من الحزب الديموقراطي الكردستاني. على الحدود الإيرانية الأخرى، ليس لدينا قوة عسكرية. ومن المعروف أن قوات حزب الحياة الحرة الكردستاني (PJAK)، وهي منظمة في شرق كردستان، قوة منفصلة عنا.
* هناك علاقة تاريخية جمعت العمال الكردستاني مع دمشق، وصلت إلى حد دق إنذار الحرب مع أنقرة بسبب احتضان دمشق عبد الله أوجلان في تسعينات القرن الماضي. كيف تصفون علاقتكم بدمشق اليوم؟ وكيف تقرأون علاقة الإدارة الذاتية بها؟
– علاقة حزب العمال الكردستاني بسوريا لها أساس تاريخي. كما أن لدينا علاقات بالشعب الفلسطيني والشعب العربي لا يمكننا نسيانها. علاقتنا بحافظ الأسد وعائلته كانت وثيقة ودافئة. لا يمكننا أن نكون مناهضين لسوريا أو ضد الأسد. سبق أن أقمنا علاقاتنا على أساس المصلحة العامة للأكراد والأخوة الكردية العربية. الآن نريد أن نكون طرفاً في مثل هذه العلاقة. على الرغم من أن إدارة بشار الأسد اتبعت موقفاً بارداً وسلبياً تجاهنا بسبب ما حدث في روج آفا، إلا أننا لم نتخذ مقاربة مماثلة. حاولنا فهمهم. نريدهم أن يفهمونا أيضاً. لم نقطع علاقتنا بدمشق قط. إن لم يقوموا هم بقطعها لن نقوم نحن بقطعها أبداً. لطالما قدّرنا الصداقة بين القائد عبد الله أوجلان وعائلة الأسد. لا يمكن لدمشق أن تقول أي شيء سلبي عنا، وإن فعلت، فسيكون ذلك تقييماً غير عادل وغير موضوعي.
لطالما أردنا أن تحل الإدارة الذاتية مشكلاتها مع دمشق. حاولنا استخدام تأثيرنا في هذا الاتجاه. لأن الحل الأصح هو المصالحة بين الإدارة الذاتية وحكومة دمشق. لا يمكن لسوريا أن تكون سوريا ما قبل عام 2011. هم أيضاً قبلوا بهذا. حقيقة قولهم بأنهم يفكرون في نظام لامركزي فتح باب المصالحة مع الإدارة المستقلة. قالوا أيضاً إنه سيكون هناك تعليم باللغة الكردية. إذا كان هناك حسن نية ومرونة متبادلان، فإن دمشق والإدارة الذاتية ستتفقان على حل. وهذا سيكون مفيداً للأكراد. القوة الرئيسية التي لا تريد حلاً بين دمشق والكرد هي تركيا. لأنها تخشى أن يزعزع هذا الحل نظام الإبادة الجماعية في تركيا. لهذا السبب، يهاجمون المناطق التي يعيش فيها الكرد. هذا هو السبب الوحيد لهجومهم.
نسمع أن الإدارة الذاتية ودمشق تجريان محادثات بين الحين والآخر. نحن سعداء بذلك. نشجع كلاً من الإدارة الذاتية ودمشق في هذا الصدد. يجب أن تتخلى دمشق والإدارة الذاتية عن الأحكام المسبقة. يمكن أن تصبح سوريا أقوى مع الكرد. سيحصل الكرد أيضاً على حقوقهم الأساسية في سوريا، ويحلوا مشكلاتهم ويصبحوا إحدى القوى الرئيسية في سوريا. النظام السوري يعرف أيضاً أنه لو وقعت روج آفا وشمال وشرق سوريا في أيدي “داعش” والمرتزقة، لسقطت حلب ودمشق. إن نضال الكرد والعرب والآشوريين من أجل حماية روج آفا وشمال وشرقي سوريا ضد “داعش” والعصابات ضمنت صمود دمشق أيضاً. ومن المعروف أن الكرد الذين يعيشون في حلب حموا أيضاً حلب بمقاومتهم. (يتبع)
————————————
الجزء الثاني
“العمال الكردستاني” يحذّر من احتلال تركيا أراضيَ سوريّة… لا نريد دولة (2) جميل بايك: التحالف الكردي – العربي يغيّر وجه الشرق الأوسط
هنا الحلقة الثانية من المقابلة مع بايك:
* سياسة جو بايدن تجاه الأكراد حتى الآن ليست مستقرة، فيما تطالب كل من موسكو ودمشق بانسحاب كل القوات الأجنبية من سوريا، وفي ظل معرفتنا بوجود حزب “العمال الكردستاني” هناك، هل تعتبرون أنفسكم ضمن القوات المعنية بنداء الانسحاب؟ هل ستنسحبون من سوريا؟
– المطالبة بانسحاب كل القوات الأجنبية من سوريا مطلب عادل. نعتقد أن هذا سيحدث بمرور الوقت. أكبر قوة احتلال أجنبية هي تركيا. احتلت تركيا مناطق كثيرة، عندما ترى أن الوضع مناسب يمكن أن تقوم باحتلال بعض المناطق وضمها كما فعلت في هاتاي (لواء اسكندرون) سابقاً.
في القتال ضد “داعش” أرسلنا بعض قواتنا العسكرية في تركيا إلى كوباني (عين العرب). كما عبر مئات، بل آلاف الشبّان السياج من باكورى كردستان (كردستان الشمالية) وتركيا إلى روج آفا. لقد لعبوا دوراً مهماً في هزيمة “داعش”. استشهد وجرح الآلاف. بعد هزيمة “داعش”، سحبنا قوتنا العسكرية باستثناء من أراد البقاء هناك طوعاً. هذه أيضاً وطن الكرد وأرضهم، هم يقيمون في المدن الكردية ويشاركون في الدفاع عن النفس. لا يمكننا سحبهم بالقوة. نحن سحبنا قواتنا وطلبنا منهم العودة، إذا كنت تسألني عما إن كنا سنسحب هؤلاء بالقوة، فدعني أقل لك لسنا في موقع يمكننا من إصدار الأوامر والتعليمات لهم، لديهم إرادتهم، وهو قرارهم الشخصي.
* يوصف حزب “العمال الكردستاني” بأنه حزب ماركسي، لكنه في المقابل شهد تغيراً في أيديولوجيته من المطالبة بـ”حقوق الشعب الكردي” إلى الحديث عن “أخوة الشعوب وديموقراطيتهما”، كما أن مصير الحزب نفسه في سوريا اليوم مرتبط ارتباطاً كبيراً بوجود القوات الأميركية هناك. كيف يمكنكم تفسير ذلك؟
– صحيح أن حزب “العمال الكردستاني” نشأ كحزب ماركسي، لكن كانت لدى القائد عبدالله أوجلان انتقادات للاشتراكية المشيّدة حتى قبل انهيار الاتحاد السوفياتي. ازداد هذا النقد منذ منتصف الثمانينات من القن الماضي. وكثف من هذه الانتقادات في المؤتمر الرابع عام 1990. وشدد على أن الأخطاء في بعض التقييمات الأيديولوجية والنظرية وأفكار ماركس وإنجلز ولينين لعبت أيضاً دوراً في انهيار الاشتراكية المشيّدة. خلال سنوات الأسر، ركز على تأطير هذه الأطروحات في نموذج شامل وإطار أيديولوجي ونظري. مما لا شك فيه أن ماركس وإنجلز ولينين قد قدموا مساهمات مهمة في إنشاء أيديولوجية ونظرية الاشتراكية. أطروحاتهم كانت مهمة في وصول القائد عبدالله أوجلان إلى خط اشتراكي – ديموقراطي أكثر نضجاً وتأهيلاً اليوم. لكن القائد عبدالله أوجلان سبقهم في بعض الجوانب، انتقد أطروحاتهم الأيديولوجية والنظرية الخاطئة وتمسّك بالصحيحة منها. في هذا الصدد، فإن تعريف القائد عبدالله أوجلان وحزب “العمال الكردستاني” كماركسيين لا يعبّر عن الواقع. إذا كان لا بد من وضع تعريف أو تسمية، فإن التعبير الأكثر واقعية ودقة هو “الأبويزم”.
يتناول القائد عبد الله أوجلان الدولة والاشتراكية كمتضادين. لقد وجدت الدولة في التاريخ كأداة للحكام. يجب الآن إنشاء حكومات ديموقراطية ضد الجنسوية. يشدد على أن حرية المرأة ستخلق نتائج تاريخية أكثر أهمية من الحرية الوطنية والطبقية. ما يقوله في الأيكلوجية (علم البيئة) مهم أيضاً.
يعتقد أن أفضل طريقة لتحقيق حرية الأكراد هي إشاعة الديموقراطية في تركيا وإيران والعراق وسوريا. يتناول ذلك مع فهم أطروحة الأمة الديموقراطية وأخوة الشعوب. في هذا الصدد، تناول نهجاً لا يدعو إلى تراجع الأكراد عن قضيتهم المحقّة، لكن لا يعتبر أن الطريقة التي يمكّن الأكراد من الحصول على حقوقهم، ليست في إطار الدولة القومية.
الحل الذي نقترحه ونجده صحيحاً في سوريا ليس وجود الولايات المتحدة، بل يعتمد على مصالحة الإدارة الذاتية مع دمشق. يمثل وجود الإدارة الذاتية ونهجها السياسي ومقترحاتها القاسم المشترك الوحيد في سوريا. لا يمكن تحقيق السلام والاستقرار في سوريا بالإصرار على الماضي أو بمقاربة المرتزقة المدعومين من الجمهورية التركية والقوى الواقعة تحت نفوذها. المصالحة بين سوريا والإدارة الذاتية ستكون حلاً يقبله جميع السوريين.
* صرّحتم سابقاً باستعدادكم لقبول الولايات المتحدة طرفاً ثالثاً وسيطاً بينكم وبين تركيا. هل هذا الطرح ما زال قائماً بعد إدراجكم من جانب الولايات المتحدة مع القياديين في “العمال الكردستاني” مراد قره يلان وتوران كالكان في لائحة المطلوبين الأميركيين مقابل جوائز مالية؟
– الولايات المتحدة لديها علاقات جيدة مع تركيا. ولها تأثير فيها. إذا أرادت، يمكنها أن تلعب دوراً إيجابياً في إيجاد حل. في هذا الصدد، فإن اقتراح الوساطة الذي قدمناه إلى الولايات المتحدة ما زال قائماً. عندما تتولى الولايات المتحدة دوراً للوساطة، فهذا يعني أنها غيرت من أفكارها السائدة حتى اليوم بشأن حزب “العمال الكردستاني”. وإذا أصبحت وسيطاً، فإن قرارها المتخذ بشأننا يصبح بلا معنى، لأنها ستعمل كوسيط بين إداراتنا، بما في ذلك أصدقاؤنا الثلاثة، وبين تركيا. هذا ويمكنها أيضاً التوسط مباشرة بين القائد عبدالله أوجلان وتركيا. هناك قول مأثور في تركيا: المهم هو أكل العنب. لا ضرب الناطور. نطالب الولايات المتحدة بالاعتذار دائماً باعتبارها الدولة التي لعبت دوراً في أسر قائدنا. يمكن الولايات المتحدة أن تقدم هذا الاعتذار من خلال المساهمة في حل المشكلة الكردية. مثل هذا الاعتذار سيكون الأفضل.
* ما هو مصير شرق الفرات في سوريا وفق رؤيتكم؟ ما هي مطالب حزب “العمال الكردستاني” هناك؟
– حزب “العمال الكردستاني” مع وحدة سوريا، ومنح الأكراد حكماً ذاتياً وديموقراطية في مناطق وجودهم. الديموقراطية المحلية والحكم الذاتي يمكنهما من حل المشكلة بقبول التعليم باللغة الأم للأكراد وحرية الفكر والتنظيم، مع بقاء الدفاع والدبلوماسية والاقتصاد العام تحت مسؤولية الإدارة السورية العامة. إذا تبنّى الحكم الذاتي اللغة والثقافة والتعليم والصحة والخدمات البلدية والأمن الداخلي، فهذا لن يضعف سوريا، بل على العكس سيقويها. سوريا الديموقراطية، حيث يعبّر العرب والأكراد والآشوريون والأرمن والعلويون والسنّة والدورز، وجميع الشعوب والمعتقدات عن أنفسهم، ستكون مثالاً يحتذى في الشرق الأوسط بأكمله. التاريخ السوري وواقعها الاجتماعي يتمتعان بالمزايا والإمكانات التي تسمح لها بلعب مثل هذا الدور.
نعتقد أن التحالف العربي – الكردي في سوريا سيطلق حقبة تاريخية جديدة لكل العرب والأكراد. هذه التجربة اختمرت في سوريا. من الضروري حماية التحالف الكردي – العربي بعناية وتعميمه. سيخرج كل من العرب والأكراد بقوّة أكبر من هذه التجربة.
* ماذا سيكون موقفكم إذا أعلنت تركيا العودة إلى مسار عملية السلام في المستقبل القريب؟ ما هو المصير الذي ستطالبون به للأكراد في تركيا؟
– حتى الآن لم تدخل تركيا في عملية حوار حقيقي. استفادت حكومة حزب “العدالة والتنمية” من جو اللاصراع واتّبعت سياسة الإلهاء من أجل الحفاظ على قوتها وتعزيزها. لقد بذلنا أيضاً جهداً لإعداد الرأي العام وإدخال حكومة حزب “العدالة والتنمية” والدولة في عملية الحل. ومع ذلك، لم تكن جهودنا كافية لحمل حكومة حزب “العدالة والتنمية” والدولة على اتخاذ خطوة نحو الحل. عندما رأوا أن الشعب الكردي يزداد قوة من نواحٍ كثيرة، أعدّوا خطة لإفشال الحل وتحولوا نحو الهجوم. الآن هم يركّزون بالكامل على تصفية الحركة التحررية. يعتقدون أنهم لا يستطيعون الاحتفاظ بقوتهم من دون الحرب. لهذا السبب، لا يوقف حزب “العدالة والتنمية” هذه الحرب، ولا يدخل في أي عملية حوار. طبعاً إذا قالوا إننا نوقف الحرب فسنطلق سراح المعتقلين السياسيين ونريد حل المشكلة بالحوار وسنعرض الموضوع على البرلمان ونحلّه، فإن ردنا سيكون إيجابياً.
نحن لا نسعى الى حل للمسألة الكردية على شكل دولة أو دويلة. قدم القائد عبدالله أوجلان مراراً وتكراراً خريطة طريق للإدارة الذاتية الديموقراطية. اقترح صيغة حل الدولة زائداً الديموقراطية. الدولة يمكن أن تكون موجودة في كردستان أيضاً، لكنها يجب عليها الاعتراف بالديموقراطية والإدارة الذاتية والاستقلال الديموقراطي للشعب الكردي. يجب ضمان وجود الكرد دستورياً والاعتراف بالإدارة الذاتية على أساس حرية اللغة والثقافة والهوية. نتفق على حل يقضي على المخاوف بشأن وحدة أراضي تركيا ووحدتها السياسية. لن يكون من الصعب علينا أن نتصالح مع تركيا في طريق التحوّل إلى الديموقراطية.
* يتم الحديث بين الحين والآخر عن صراع يعيشه الحزب بين كوادر يسارية وأخرى ليبرالية موالية للغرب والولايات المتحدة، كما يتم الحديث عن خلافات جدية بين أعضاء اللحنة القيادية العليا للحزب. ما سبب هذه الخلافات؟ وما مدى عمقها أو خطورتها على بنية الحزب واستمراريته؟
– مصدر هذه الأخبار هو الدولة التركية. في حركة سياسية تتّبع نهج القائد عبدالله أوجلان، لا مجال لإسكات الأصوات ذات الآراء المختلفة. لا شك في أن هناك خطاً أيديولوجياً وسياسياً. ومع ذلك، فمن الناحية العملية، يمكن أن تظهر آراء مختلفة بشأن قضايا مختلفة. لسنا في صدد حكم روج آفا. وجود وجهات نظر مختلفة حول بعض القضايا العملية داخل الإدارة في روج آفا لا يعني أن هناك مشكلة في ما بينهم. لا نعتقد أنه سيتم الدفاع عن وجهة نظر أيديولوجية وسياسية بخلاف الخط الأيديولوجي السياسي للقائد عبدالله أوجلان في روج آفا. شعب روج آفا مخلص لريبير آبو برجاله ونسائه. هذا التفاني والقوة يصححان أي نزعة خاطئة. على الرغم من وجود اتجاهات خاطئة في بعض كوادر روج آفا، إلا أنه لا يمكن أن يؤثر ذلك في الجمهور العام ويتحول وجهة نظر سياسية عامة. نحن لا نعتبر بعض الأفكار المختلفة ضارة. إذا امتلك الجميع رأياً واحداً، فلن يكون هناك تطور للفكر ولا للسياسة. وجود آراء مختلفة حول مختلف القضايا في روج آفا هو قضية داخلية. لكن، لم يتبين لنا وجود اختلافات في الرأي على مستوى يمكن أن يؤدي إلى مشكلات خطيرة.
تشكل اللجنة التنفيذية لحزب “العمال الكردستاني” والمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني “KCK” وإدارات حزب “الحياة الحرة الكردستاني” ومنظومة المرأة الكردستانية PAJK-KJK وإدارة الشباب والمقر المركزي للدفاع الشعبي قوتنا الإدارية ككل. كل هذه المؤسسات التنظيمية لديها مسؤوليات. كل هيكل تنظيمي يعقد اجتماعاته؛ يتخذون القرارات وفقاً لمناطق نشاطهم. تُتّخذ القرارات السياسية وتُنفّذ من إدارات اتحاد التجمعات الكردية. تُناقش وجهات النظر المختلفة في الاجتماعات، وتقوم جميع هياكلنا التنظيمية بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في النهاية. لا نقول إنه لا ينبغي أن تكون هناك آراء مختلفة في مرحلة تنفيذ الخط الأيديولوجي – السياسي. يتم التعبير عن كل رأي بأريحية في الاجتماعات، ويتم التوصل إلى قرار مشترك. على أي حال، لو أن هناك فعلاً اختلافاً في الرأي حول الخط الأيديولوجي – السياسي، فكان لا بد أن ينعكس ذلك على حركتنا وهو ما لم يحصل أبداً. يلتزم كل رفيق بالخط السياسي الأيديولوجي للقائد عبدالله أوجلان. في الوثائق التي أعدها القائد عبدالله أوجلان خلال 23 عاماً، كان الخط الأيديولوجي السياسي واضحاً. تودّ القوى الأجنبية أن ترى اختلافاً داخل حزب “العمال الكردستاني”. الدولة التركية أيضاً تريد ذلك. لكن لدى حزب “العمال الكردستاني” خبرة إدارية تقارب 50 عاماً. لديها قوة وإرادة لإدارة وحل جميع أنواع المشكلات.
* أدت سياسات سلطة “العدالة والتنمية” الحاكمة في تركيا في العقد الأخير إلى خلق عداوات بين أنقرة وعدد من العواصم العربية التي كانت تعرف سابقاً بموقفها الرافض لـ”العمال الكردستاني”. هل استطاع الحزب استغلال هذه الفجوة في بناء علاقات أكثر دفئاً بهذه العواصم؟
– هدفنا لتحقيق التحالف العربي – الكردي. وأكدنا ذلك في كل فرصة. ونقلنا وجهة نظرنا هذه إلى أعمالنا الدبلوماسية والوحدات ذات الصلة. كانت هناك بعض التطورات، لكنها لم تبلغ مستوى متوافقاً مع الفرص. هناك أيضاً أساس تاريخي قوي للتحالف الكردي – العربي. خلال إقامته في لبنان وسوريا وروج آفا، أنشأ القائد عبدالله أوجلان أرضية قوية لذلك، لكن هذه الأرضية ظلت في الإطار النظري ولم نستفد منها جيداً. لم تبدِ الدول العربية أهمية كافية للعلاقات والتحالف الكردي – العربي. لقد تحقق حل المشكلة الكردية في العراق إلى حد كبير. نعتقد أن ذلك سيحدث في سوريا أيضاً. هذه هي الأسس التي ستقوي التحالف الكردي – العربي. ليست لدينا أجندة خفية غير الحل الديموقراطي للمشكلة الكردية. لا نجد البحث عن دولة، الذي يعتبر أساس خلق الصراعات والمشكلات بين الشعوب، صحيحاً. في رأينا، لا ينبغي السعي الى تحقيق حياة حرة وديموقراطية في إطار إقامة الدولة ورسم الحدود.
بالطبع، نريد أن تعمل القوى السياسية الكردية بشكل أكثر فاعلية في تطوير الوحدة الكردية – العربية في كل من العراق وسوريا. على الأكراد تجاوز المقاربات القومية الضيقة في بغداد ودمشق. لأن أساس التحالف الكردي – العربي موجود بالدرجة الأولى في العراق وسوريا. هذا يغير وجه الشرق الأوسط.
القوة التي ستوقف الأحلام العثمانية الجديدة للدولة التركية هي التحالف الكردي – العربي. أظهرت سياسات حكومة حزب “العدالة والتنمية” وحزب “الحركة القومية” المستمرة منذ 19 عاماً هذه الحقيقة لكل من الأكراد والشعوب العربية.
27-10-2021 | 07:10 المصدر: النهار العربي