سياسة

عن اثارة موضوع “لواء إسكندرون” من قبل النظام -مقالات مختارة-

—————————

هل حان موعد تحرير الجولان واللواء السليب؟/ عمر قدور

هو بيان مجلس الشعب الذي تعهد بذلك. البيان الصادر في 29 تشرين الثاني/نوفمبر، ذكرى ضم اللواء إلى تركيا، توعد ضمناً إسرائيل باستعادة الجولان أيضاً، ففي نصه تأكيد المجلس على “أن لواء إسكندرون السليب جزء لا يتجزأ من التراب السوري، وأن السوريين سيبذلون الغالي والنفيس حتى يعود الحق السليب إلى أصحابه، ومصرون على استعادة كامل الأراضي المغتصبة وتحقيق النصر المؤزر بهمة رجال الجيش العربي السوري لإعادة الإعمار وبناء سورية”.

وكما يُفهم من النص السابق، المهمة صارت في عهدة “رجال الجيش العربي السوري” وقائدهم الأعلى، وهم قادرون على إنجازها. من نافل القول أنهم سيفعلون ذلك بجهودهم الذاتية، مدعومين فقط بالسوريين الذين لا يكلّون من بذل الغالي والنفيس، فلا ميليشيات “شقيقة” ستساعد في اقتحام اللواء والجولان، ولا الطيران الروسي الصديق سينفذ فيهما سيناريو غروزني. وحدها قوات الأسد ستوغل في الجبهتين تحريراً وتعفيشاً.

المهمة خلصت إلى اتخاذ صفتي الاستعجال والحسم، فلا وقت يضيعه الداعون إلى التحرير باستخدام أساليب أخرى سوى الحرب. لقد حان موعد تحرير “الجولان المحتل” و”اللواء السليب” بقوة السلاح، ولا مفاوضات مع العدو فهي قد تجنبه الويلات التي سيلاقيها بالحرب، ولا شكاوى تُقدَّم إلى مجلس الأمن أو محكمة العدل الدولية لأن مجلس الشعب لا يعترف بأهليتهما. الكلمة الآن للبندقية؛ إلى الأمام!

لم يتسرع المجلس في الوصول إلى هذه الخلاصة، فطوال السنوات الأخيرة كانت هناك فعاليات “شعبية” ورسمية للمطالبة بتحرير اللواء. هناك جمعيات للمنحدرين منه تم تأسيسها خلال هذه السنوات، ولا بأس إن تقاعس الأسلاف الذين نزحوا عن تأسيسها فعوّض الأحفاد بحميتهم ومحبتهم وحنينهم الجارف إلى أرض الأجداد. من الفعاليات السنوية في ذكرى “سلخه” عن الوطن، على سبيل المثال، كانت هناك في حلب قبل سنتين أنشطة متنوعة، منها عرض عسكري، وأهمها رسالة موجهة إلى رئيسهم قيل أنها الأطول بأعداد الموقعين عليها.

أما قرار ضم الجولان، في 14 كانون الاول/ديسمبر 1981، فلا تحتاج ذكراه لفعاليات على النحو ذاته. الصامدون من أهله سيتكفلون بإقامة فعاليات مناهضة للاحتلال في ذكرى قرار الضم، وفي ذكرى الإضراب الكبير. يستطيع هؤلاء من أماكنهم إبداء الشجاعة والتنديد بالاحتلال بأسمائهم وألقابهم المهنية، فلا يحتاجون برنامجاً مثل “خارج العاصمة” على قناة الإخبارية السورية كي يستضيفهم بلا أسماء ولا ألقاب ولا أمكنة عيش معلنة، على النحو الذي يمكن مشاهدته في فقرة خُصصت للّواء قبل ثلاث سنوات، وظهر فيها رجال ونساء يتحدثون على أنهم من أبنائه، من دون التعريف بهم كالمعتاد وكما يليق؛ إنهم مجرد أدوات.

في تقرير لقناة “سما” هذه السنة في الذكرى إياها، ترد عبارة مفادها أن لواء إسكندرون لم يغب يوماً عن خريطة سوريا. المقصود بالعبارة الرد على ما يتداوله سوريون من أن حافظ الأسد تنازل عن المطالبة باللواء بموجب اتفاقية أضنة 1998، حيث “حسب المتداول” ينص الملحق الثالث منها على أن الخلافات الحدودية منتهية بين الجانبين، ولا مطالب لأي منهما في أراضي الطرف الآخر. ما هو مؤكد أن الفترة التي شهدت فيها العلاقات التركية-الأسدية تقارباً ودفئاً، وراحت الوفود التركية تتوالى إلى سوريا، كانت فيها الخرائط القديمة الموجودة في بعض أماكن الاستقبال تُخفى كي لا يراها الضيوف، وأغلب الظن أن العكس كان يحدث عندما تزور وفود الأسد تركيا.

صحيح أن الكتب والخرائط المدرسية كانت في حقبة سابقة تشير إلى سوريّةِ اللواء، لكن ذلك كان مشابهاً للسياق الذي يرد فيه أن كيليكيا بأكملها عربية، لا تركية ولا كردية ولا أرمنية. وتسمية “اللواء السليب”، التي أعيد إحياؤها، ملطَّفة بحيث لا تحيل إلى أجواء الحرب الوشيكة التي هدد بها مجلس الشعب قبل أيام قليلة. جدير بالذكر أن السلطات السورية منذ الاستقلال لم تتقدم بأية شكوى تخص اللواء أمام المؤسسات الدولية، لا في عهد الأسد ولا قبله. لم تطالب سلطة بإعادة الاستفتاء الذي تطعن في صحته، مع المطالبة باستبعاد التغييرات الديموغرافية اللاحقة على الاستفتاء الأول. لم تودع أية سلطة وثائق تدعم الحق السوري، ولو من باب التثبيت الرمزي لما تطالب به أسوة بالقرارات الدولية الخاصة بالجولان.

بالطبع يمكن بسهولة تأويل الهمروجة المتعلقة باللواء على خلفية العداء المستجد بسبب الانخراط التركي في الصراع السوري والصراع على سوريا، إلا أنها للحق خفة وهزل غير مسبوقين في التعاطي مع قضية يُفترض أنها وطنية. حتى أن هذا لا يُقارن بتفاهة أو سفاهة مقولات الممانعة المتعلقة بالصراع مع إسرائيل، إنه استخفاف يتجاوزها لجهة الكذب المفضوح، فعلى الجبهة الإسرائيلية منفردة لم تُقرع طبول الحرب هكذا رغم المشاوير المتكررة للطيران الإسرائيلي وغاراته.

كانت استطلاعات للرأي، أُجريت في الجولان في التسعينات، قد بيّنت أن النسبة الساحقة من الذين ولدوا بعد الاحتلال الإسرائيلي لا يفضّلون العودة إلى البلد الأم، بموجب المفاوضات التي كانت تجري آنذاك. هناك وصفة مماثلة لشرح نتيجة الاستبيان؛ أن يقف أحد ما في مدينة حارم ضمن الحدود السورية وينظر إلى الريحانية في اللواء، أن ينظر ويقارن نهضة الريحانية “السليبة” بما يراه حوله من تردٍّ خدمي قد يجوز اختصاره طوال عقود بالريحانية المنورة في أوقات مديدة غرقت فيها شقيقتها التوأم في الظلام، والحديث هنا عما قبل عام2011، بما فيه أفضل الظروف الاقتصادية التي سمح بها حكم الأسد.

اليوم يكفي أن نتخيّل استفتاء في مناطق سيطرة الأسد، بدءاً من مسقط رأس الأسد الأب، يخيِّر البؤساء هناك بين البقاء تحت حكمه أو الانضمام إلى تركيا أو إسرائيل، ولعل تخيّل ذلك يغنينا عن تخيل نتيجة استفتاء يُجرى في اللواء أو في الجولان يقرر فيه الأهالي البلدَ الذي يودّون العيش فيه. في الأصل لا حراك شعبياً في اللواء يطالب بعودته إلى سوريا، أما الحراك الموسمي لقسم من أهل الجولان فهو ضمن اشتباكهم مع الاحتلال أو ما بات في حكم الفلكلور، ولا يعبّر عن نية العودة إلى “سوريا الأسد”، والمحسوبون منهم على الأسد ليسوا خارج الذين قد يرفضون العودة.

لقد جعل حكم الأسد من الوطن ما يحلم به السوري، لا ما يعيش فيه حقاً، وبأكاذيبه عن التحرير لا يأتي بجديد سوى التذكير بأن الحلم الموعود صادق بقدر ما ستهجم قواته لتحرير اللواء والجولان. لكن، بين ركام أكاذيبه، ثمة ما هو صادق في القول “أن السوريين سيبذلون الغالي والنفيس حتى يعود الحق السليب إلى أصحابه”. هذا هو الوعيد الحقيقي جداً، حتى بعد سرقة كل غالٍ ونفيس من السوريين، فمع العوز الشديد الذي أُوصِلوا إليه أصبح كل قليل غالياً ونفيساً.

المدن

————————–

لواء اسكندرون”يشعل أزمة بين تركيا والنظام..وتلويح بالانتقام

رفضت وزارة الخارجية التركية بشدة، البيان الصادر عن “مجلس الشعب السوري”، الذي تناول قضية لواء اسكندرون والمطالبة بضمّه للأراضي السورية، واصفةً إياه بأنه “وقح وغير قانوني”.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية تانغو بيلغيتش، إن “بيان مجلس الشعب السوري وقح وغير قانوني ولا يمثل الشعب السوري بأي شكل من الأشكال”، فضلاً عن أنه “يفتقر إلى الشرعية الديمقراطية، ويستهدف وحدة الأراضي التركية”.

وأضاف بيلغيتش أن مثل هذه التصريحات هي مظهر آخر من “مظاهر الوهم الذي يعيشه النظام، المستمر في اضطهاد شعبه منذ سنوات، والمسؤول عن مقتل مئات الآلاف من الأبرياء وتشريد الملايين من ديارهم”، وفق ما ذكرت وكالة “الاناضول” التركية.

وتابع المتحدث أن تركيا تمتلك العزيمة والتصميم حالياً ومستقبلاً، للانتقام من “الأطماع الدنيئة التي تستهدف وحدة أراضيها والرد على كافة أنواع التهديدات التي تهدد مصالحها الوطنية”.

وفي 29 تشرين الثاني/نوفمبر، قال مجلس الشعب السوري، الذي يوصف بتبعيته للنظام السوري، إن “المحتل الفرنسي سلخ لواء اسكندرون من الأراضي السورية، وسلّمه لتركيا في 29 تشرين الثاني 1936”.

وأضاف البيان الذي نشر بعنوان “الذكرى الثانية والثمانين لسلخ لواء اسكندرون”، أن “هذا التصرف يعتبر خرقاً لالتزامات فرنسا كدولة منتدبة من قبل الأمم المتحدة وملزمة بالحفاظ على أراضي الدولة المنتدبة عليها”، متابعاً “لواء إسكندرون جزء لا يتجزأ من التراب الوطني، والسوريون سيبذلون جهدهم حتى يعود الحق السليب إلى أصحابه”.

ويقع لواء إسكندرون على خليج إسكندرون وخليج السويدية في الزاوية الشمالية الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، وكان سابقاً في أقصى شمال غربي سوريا. ويتصل من الشرق والجنوب الشرقي بمحافظتي إدلب وحلب، ومن الجنوب بمدينة اللاذقية، ومن الشمال بمحافظة غازي عنتاب التركية، وهو الآن في جنوب تركيا.

وأطلقت تركيا على لواء اسكندرون، بعد أن ضمّته عام 1939 عقب تنازل فرنسا عنه لانقرة إبان احتلالها سوريا، اسم “محافظة هاتاي”. وهو يتكون من 6 مدن رئيسية هي: أنطاكيا (عاصمة المحافظة)، وإسكندرون، وأوردو، والريحانية، والسويدية، وأرسوز.

وفي آب/أغسطس، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن “قرار انضمام محافظة هاتاي (لواء اسكندرون) إلى الوطن الأم، أضفى قوة على الوحدة والتكاتف الوطني في البلاد”، فيما لا يزال الجانب السوري يطالب بلواء اسكندرون ك”جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية”، مطالباً مراراً وتكراراً عبر المنابر الرسمية والدولية تركيا والمجتمع الدولي باستعادته كحق من حقوق سوريا وكأرض سورية.

————————–

وزير الدفاع التركي يهاجم النظام السوري:متهور يهذي

تفاعلت أزمة التصريحات بين تركيا والنظام السوري حول قضية “لواء الاسكندرون”، على أثر مطالبة مجلس الشعب السوري بإستعادته، حيث قام وزير الدفاع التركي خلوصي أكار بزيارة  الى الحدود التركية السورية، حيث إن “بيان مجلس الشعب السوري متهور ولا فرق بينه وبين هذيان شخص في غيبوبة”.

وقال أكار في تصريحات من ولاية هاتاي الحدودية مع سوريا مع قادة الوحدات العسكرية التركية المنتشرة على الحدود وفي شمال سوريا، أثناء جولة تفقدية لقادة الجيش التركي: “نسمع بعض التصريحات الطائشة التي لا معنى لها حول مقاطعتنا هاتاي، وهناك بعض التصريحات التي أدلى بها جهلة”، مضيفاً: “هذه التصريحات لا تختلف عن هذيان شخص في غيبوبة، وهذا ليس له قيمة”.

وتابع: “لا أطماع لدينا في أراضي أحد، ولكن القارئ للتاريخ يمكنه أن يشاهد ما حل بمن كان يطمع في أرضنا”، وفق ما نشرت وكالة “الاناضول التركية”.

وأكد أكار “جاهزية واستعداد قوات بلاده في شمال العراق وسوريا للتصدي للتنظيمات الإرهابية”، مشيراً إلى أن “الحرب ضد الارهاب مستمرة بنهج هجومي مع زيادة العنف والإيقاع”. وقال إن “الروح المعنوية والدوافع لدى الكوماندوز لدينا في وضع جيد، على أعلى مستوى”.

وشدد على “احترام تركيا حدود كافة جيرانها”، مشيراً إلى أن “الجهود التي يبذلها الجيش هي لحماية الحدود والحفاظ على أمن الشعب التركي”.

وكانت وزارة الخارجية التركية الجمعة، أعربت عن رفضها التام للبيان الصادر عن “مجلس الشعب السوري”، ووصفته بأنه “وقح وغير قانوني ولا يمثل الشعب السوري بأي شكل من الأشكال”، فضلاً عن أنه “يفتقر إلى الشرعية الديمقراطية، ويستهدف وحدة الأراضي التركية”.

وفي 29 تشرين الثاني/نوفمبر، قال مجلس الشعب السوري، إن “المحتل الفرنسي سلخ لواء اسكندرون من الأراضي السورية، وسلّمه لتركيا في 29 تشرين الثاني 1936”.

وكان أكار قال في حديث مع قناة “إن تي في” التركية الجمعة، “إننا نواصل اتصالاتنا مع روسيا، والاتصالات مع الجانب الروسي على الساحة السورية باتت أسهل، بعد لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان”. وأضاف أن “حالات انتهاك وقف إطلاق النار في منطقة إدلب السورية، تضاءلت خلال الفترة الأخيرة”، موضحاً أن “تركيا تتحرك في سوريا، وفق ما تقتضيه الاتفاقيات المبرمة مع روسيا والولايات المتحدة”.

قضية اشكالية تاريخية

ويعد لواء اسكندرون إحدى أبرز القضايا الإشكالية بين سوريا وتركيا بين عامي 1916 و1939، إذ حظيت هذه المنطقة عقب انهيار الدولة العثمانية بحكم ذاتي يتبع للحكومة السورية، وما لبثت أن أُعيد ربطها بالدولة السورية عام 1926، في عهد الرئيس السوري أحمد نامي.

وفي عام 1937، استصدرت فرنسا قراراً من الأمم المتحدة، أعطى لواء اسكندرون حكماً ذاتياً، وربطه شكلياً بالحكومة السورية في دمشق، قبل أن تدخله القوات التركية عام 1938، وتنسحب فرنسا منه.

وفي عام 1939، أجرت تركيا استفتاءً حول اللواء، أشرفت عليه فرنسا، وأظهرت نتائجه قبولاً شعبياً بضمه رسمياً إلى تركيا، إلا أن القرار لاقى سخطاً عربياً وتشكيكاً بنتائج الاستفتاء.

ويقع لواء إسكندرون على خليج إسكندرون وخليج السويدية في الزاوية الشمالية الشرقية للبحر الأبيض المتوسط. ويتصل من الشرق والجنوب الشرقي بمحافظتي إدلب وحلب، ومن الجنوب بمدينة اللاذقية، ومن الشمال بمحافظة غازي عنتاب التركية.

—————————–

كذبة تحرير لواء اسكندرون/ عبسي سميسم

جاءت مطالبة مجلس الشعب التابع للنظام السوري باستعادة لواء اسكندرون، من خلال جيش النظام، أي بالقوة العسكرية، كواحدة من الأكاذيب الوقحة التي يحاول النظام أن يقفز من خلالها على الوضع السياسي الذي أوصل إليه البلاد، وأدخل إليها كل أنواع القوات الأجنبية، سواء تلك التي دخلت لمنع سقوطه، أو التي دخلت لحماية المدنيين من بطشه.

فلواء اسكندرون تنازل عنه الانتداب الفرنسي لتركيا عام 1939، وقام نظام حافظ الأسد بتثبيت هذا التنازل بموجب اتفاق أضنة عام 1998، والذي نص في أحد بنوده على أنه “اعتباراً من الآن يعتبر الطرفان أن الخلافات الحدودية بينهما منتهية وأن ليس لأي منهما أي مطالب أو حقوق مستحقة في أراضي الطرف الآخر”. كما تم تثبيت هذا الاعتراف باتفاقية منطقة التجارة الحرة بين سورية وتركيا عام 2004، في عهد بشار الأسد، ومنذ ذلك التاريخ وكل وزارات الدولة في حكومة النظام تعتمد خرائط لا تتضمن لواء اسكندرون، بعكس ما ادعت وكالة “سانا” أخيراً بأن “لواء اسكندرون لم يختفِ عن خريطة سورية طوال العقود الماضية”.

في عام 2010 قمتُ بنشر صورة لخريطة سورية على غلاف صحيفة اقتصادية كنت أعمل مدير تحرير فيها، كانت وزارة الإسكان قد زودتنا بها في ذلك الوقت، ولم تكن الخريطة تضم لواء اسكندرون كجزء من سورية. تم استدعائي من قبل مدير الرقابة على المطبوعات في وزارة الإعلام ليخبرني أنه سيمنع العدد من الصدور، وعندما أخبرته أن مصدر الخريطة هو وزارة الإسكان، قال: أعلم ولكننا لا نسمح بنشر خريطة ليس فيها لواء اسكندرون على غلاف صحيفة سورية، فأجبته بأنني سأضع خريطة على غلاف الصحيفة تضم اللواء كجزء من سورية، ليرد بأن ذلك لا يجوز لأن الخارجية التركية قد تعترض على الأمر. وقال لي: إذا كنت مضطراً لنشر خريطة لسورية فضع مكان لواء اسكندرون مزهرية أو أي شيء بحيث لا يظهر اللواء أنه لسورية أو لتركيا.

طريقة النظام في طرح شعار استعادة لواء اسكندرون تتشابه مع كل الشعارات الكبرى التي يطرحها ويعمل بعكس مضمونها، بدءاً من شعار الحرية الذي يُردَد صباح كل يوم في المدارس في الوقت الذي يعاقب بالقتل كل من يطالب به، وشعار المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، في الوقت الذي يقوم فيه النظام بدور حماية الحدود، وصولاً إلى شعارات السيادة الوطنية وغيرها.

الأولى بالنظام أن يطالب بخروج القوات التي دخلت سورية خلال حكم بشار الأسد وأن يجد مخرجاً قانونياً لتنازله عن لواء اسكندرون بدلا من إطلاق تهديد أشبه بالنكتة لاستعادة اللواء بقوة جيشه المنهار.

العربي الجديد

———————-

إحياء النظام السوري مطالبه بلواء اسكندرون: محاولة ابتزاز فاشلة/ أمين العاصي

في ظل فشل النظام السوري في فعل أي شيء تجاه الوضع والنفوذ التركي في شمال البلاد، أعاد إحياء مطالبه بمحافظة هاتاي التركية والمعروفة بالأدبيات السورية بـ”لواء اسكندرون”، في محاولة لاستخدام هذا الملف كورقة ابتزاز سياسي. وهو ما قوبل بتلويح تركي بـ”الانتقام” من النظام، علماً أن مطلبه يشكّل تجاوزاً لاتفاقية وقّعها في عام 1998 اعتُبرت تنازلاً واضحاً عن لواء اسكندرون، الذي كان السوريون يعدّونه جزءاً من بلادهم تنازلت عنه فرنسا لتركيا في عام 1939. وكرر مجلس الشعب (البرلمان) التابع لنظام بشار الأسد، أواخر الشهر الماضي، المطالبة بمحافظة هاتاي التركية، موضحاً في بيان أن “اللواء السليب جزء لا يتجزأ من التراب السوري، والسوريون سيبذلون الغالي والنفيس حتى يعود الحق السليب إلى أصحابه”. ورداً على ذلك، وصف وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، بيان مجلس الشعب بـ”المتهور”، مضيفاً في حديث له أول من أمس الجمعة، من ولاية هاتاي الحدودية مع سورية، مع قادة الوحدات العسكرية التركية المنتشرة على الحدود وفي شمال سورية عبر دائرة تلفزيونية مغلقة: “نسمع تصريحات متهورة ولا معنى لها بحق ولاية هاتاي، إنها متهورة لا فرق بينها وبين هذيان شخص غارق في غيبوبة”. وأكد أكار أن لا مطمع لبلاده في أراضي أحد، مضيفاً: “ولكن القارئ للتاريخ يمكنه أن يشاهد ما حل بمن كان يطمع في أرضنا”.

وكانت وزارة الخارجية التركية قد وصفت بيان مجلس الشعب بأنه “وقح وغير قانوني”، حسب المتحدث باسم الوزارة تانجو بيلغيتش، الذي أكد ان بلاده ترفض بشدة البيان، معتبراً أن هذا المجلس “لا يمثل الشعب السوري بأي شكل من الأشكال، ويفتقر إلى الشرعية الديمقراطية، ويستهدف وحدة أراضي بلادنا”. كما وصف البيان بأنه “مظهر آخر من مظاهر الوهم الذي يعيشه النظام”، وقال إن تركيا “تمتلك العزيمة والتصميم في الوقت الحالي وفي المستقبل، للانتقام من الأطماع الدنيئة التي تستهدف وحدة أراضيها والرد على كافة أنواع التهديدات التي تهدد مصالحها الوطنية”.

وجاء بيان مجلس الشعب في ظل تشنج سياسي وعسكري في الشمال السوري، مع وعيد تركي بالتوغل مجدداً في الأراضي السورية لمطاردة “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) المتهمة من قبل أنقرة بتهديد الأمن القومي التركي. ومن الواضح أن النظام يستخدم مسألة اللواء كورقة ابتزاز سياسي تؤكد عجزه، مع تحوّل البلاد إلى مناطق نفوذ مباشر لعدة قوى منها الجانب التركي الذي يفرض سيطرة على جانب كبير من الشمال السوري. واعتبر المحلل السياسي التركي طه عودة، بيان مجلس الشعب محاولة من النظام السوري لـ”القفز عن مشاكله الداخلية وصرف اهتمام الخاضعين لسيطرته إلى هذه المسألة”، مضيفاً في حديث مع “العربي الجديد”: “برلمان الأسد لا يعبّر عن السوريين”. وهذه ليست المرة الأولى التي يطالب بها النظام السوري بـ”لواء اسكندرون”، وكان وزير خارجية النظام، الراحل وليد المعلم، الذي توفي العام الماضي، قد قال أثناء وجوده في الساحل السوري في عام 2018 إن “لواء اسكندرون أرض سورية، وستعود لنا، رغماً عن تركيا”.

من جهته، رأى الباحث السياسي في مركز “الحوار السوري” محمد سالم، في حديث مع “العربي الجديد”، أن النظام “يحاول تهديد تركيا والضغط عليها بسبب موقفها الصلب في إدلب وعجز النظام عن فعل أي شيء تجاه الوضع في الشمال السوري”. ووصف تهديدات النظام السوري بـ”الفارغة”، مشيراً إلى أنها “تعكس عجزه الكبير حيال ما يجري في سورية”. وأضاف: “نظام الأسد يحاول العبث بأمن تركيا وخلط الأوراق من خلال دعم بعض الانفصاليين على أسس طائفية في لواء اسكندرون، ما يؤكد مجدداً أن التطبيع مع هذا النظام خطأ فادح لأنه يشكل تهديداً حقيقياً لأمن دول المنطقة”.

وأعاد بيان مجلس الشعب لدى النظام وتوالي الردود التركية الغاضبة، إلى واجهة المشهد مسألة لواء اسكندرون الذي كانت تركيا قد ضمته إلى أراضيها في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1939، وبقي منطقة متنازعا عليها بين أنقرة ودمشق حتى عام 1998. وخضع لواء اسكندرون لمساومات سياسية بين عامي 1923 و1939 بين الحكومتين التركية والفرنسية التي كانت سورية خاضعة لانتدابها في ذاك الحين، وكان اللواء ضمن الأراضي السورية وفق معاهدة الاستقلال التي وُقعت مع الفرنسيين في عام 1936.

وأدى انهيار “عصبة الأمم” مع بدء الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945) إلى ضم اللواء إلى الجانب التركي، بعد أن نظم الفرنسيون استفتاءً في الإقليم أيد المشاركون فيه الانضمام إلى تركيا في ظل مقاطعة السكان العرب للاستفتاء. وتحول اللواء بعد ذلك إلى محافظة تركية، إلا أن الحكومات والأنظمة السورية المتعاقبة كانت ترفض فصله عن سورية، لأنه مخالف لشروط الانتداب الفرنسي على سورية، الذي بدأ في عام 1920 وانتهى في عام 1946، والتي كانت تنص على المحافظة على الأراضي السورية ووحدتها.

ويقع لواء اسكندرون على خليج اسكندرون في الزاوية الشمالية الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، ويتصل من الشرق والجنوب الشرقي بمحافظتي إدلب وحلب، ومن الجنوب بمدينة اللاذقية، ومن الشمال بمحافظة غازي عنتاب التركية. وتبلغ مساحته 4800 كيلومتر مربع، ويضمّ عدة مدن، هي: أنطاكيا (عاصمة محافظة هاتاي)، واسكندرون، وأوردو، والريحانية، والسويدية، وأرسوز.

ويُنظر إلى اتفاقية أضنة المبرمة بين النظام السوري والجانب التركي في عام 1998 إثر تدهور العلاقات بين الطرفين بسبب توفير حافظ الأسد ملاذاً آمناً لزعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، على أنها تنازل رسمي عن لواء اسكندرون. ونصت الاتفاقية على اعتبار الخلافات الحدودية بين البلدين “منتهية” بدءاً من تاريخ توقيع الاتفاق، من دون أن تكون لأي منهما أي “مطالب أو حقوق مستحقة” في أراضي الطرف الآخر. وتوقف النظام بعد ذلك عن طباعة أو نشر خرائط رسمية يظهر فيها لواء اسكندرون ضمن حدود سورية.

وطيلة العقد الأول من الألفية الجديدة غابت قضية لواء اسكندرون بشكل كامل عن الخطاب الرسمي السوري. ومع بدء الثورة السورية في عام 2011 واصطفاف الحكومة التركية إلى جانب مطالب السوريين بالتغيير، بعد أن رفض بشار الأسد نصائح أنقرة بالإصلاح، عاد النظام السوري لاستخدام مسألة اللواء كورقة ابتزاز سياسي، بل ذهب إلى أبعد من ذلك حين شكل ما سمّي بـ”المقاومة السورية لتحرير لواء اسكندرون”. وهي مليشيا تزعمها أحد المطلوبين لقضايا جنائية في تركيا، معراج أورال. ومارست هذه المليشيا أعمالاً إجرامية بحق السوريين خصوصاً في منطقة بانياس على الساحل السوري، كما قامت بعدة عمليات في جنوب تركيا.

—————————

====================

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button