ماذا حدث في “سجن غويران” بالحسكة، داعش يعود إلى الواجهة -مقالات وتحليلات مختارة للحدث-
شرق الفرات: داعش يفقأ “دمّلة” غويران/ عبدالناصر العايد
سجن غويران الذي برز اسمه في اليومين الفائتين، هو دمّلة من عشرات الدمامل المحتقنة التي تنتشر على جغرافيا شمال شرق سوريا، حيث تتكثف أزمات الشرق الأوسط المستعصيّة على شكل سجون ومعتقلات تضج بعشرات الألوف من المتطرفين الدينيين، وقد حاول المهاجمون احداث انفجارات تسلسلية في عنقود الدمامل تلك انطلاقاً من سجن غويران.
بُني سجن غويران، أو سجن الحسكة المركزي، في مرحلة الوحدة السورية المصرية، ليستوعب ألف وخمسمائة سجين، وزود السجن على نحو استثنائي بمهبط للحوامات. وفي مرحلة سيطرة حزب البعث ضم السجن مئات من الناشطين الأكراد المناهضين للسلطة ذات الطابع العربي الفاقع، وشهد استعصاءات ومحاولات هرب، أشهرها احتراق السجن بمن فيه من النشطاء الأكراد سنة ١٩٩٢، وضم السجن لاحقاً مئات من الأكراد الذين اعتقلوا على خلفية انتفاضة سنة ٢٠٠٤، وبقي فيه عدد منهم حتى سنة ٢٠١١، موعد تفجر الثورة السورية.
هاجم تنظيم داعش السجن سنة ٢٠١٥، وانتزعه من قبضة قوات النظام، ثم هاجمته الوحدات الكردية سنة ٢٠١٦ واستولت عليه، وبدأت بزج عناصر داعش ذاتهم فيه حتى فاض العدد عن قدرته الاستيعابية، وعندما بلغ عدد السجناء أكثر من ألفي معتقل، استولت قسد على مدرسة ثانوية للتعليم المهني على مقربة من السجن، تدعى مدرسة الصناعة، وحولتها إلى معتقل إضافي ضم نحو ثلاثة آلاف معتقل، معظمهم ممن استسلموا في الباغوز.
وقد شهد سجن مدرسة التدريب المهني غير المعدة لتكون سجناً، نحو عشرين محاولة لهروب أو تمرد عناصر داعش، التي فشلت على الدوام بفضل تدخل القاعدة الأميركية القريبة، حيث تتمركز حوامات تابعة لها في ملعب الحسكة البلدي.
السجن الخطير هذا ليس الوحيد في شمال شرق سوريا، هناك ما لا يقل عن عشرين سجناً آخر، مثل سجن عايد في الطبقة الذي يضم نحو ألف معتقل، وسجن الاحداث في الرقة ويضم نحو ألف وخمسمائة، وسجن علايا في القامشلي الذي يضم نحو ألف وخمسمائة، والسجن الأسود أو سجن ديريك، الذي يضم أخطر المطلوبين، ويقبع فيه نحو الفي سجين، وسجن الشدادي الذي يضم نحو ستمائة سجين، وعدد من السجون المحلية الأخرى، التي لا تكاد تخلو منها ناحية أو منطقة.
وعلى بعد نحو ثلاثين كيلو مترا من سجن غويران يقع مخيم الهول الذي يضم نحو ستين الفاً من عائلات التنظيم، والذي اصبح مدينة صغيرة، تضم متطرفين ومتطرفات من كافة انحاء العالم، ويتكدس فيه الدعاة والمخططون والمنفذون من مختلف المستويات، ويحتمل أن المكان هو بمثابة عاصمة التنظيم غير المعلنة حتى الآن، وكإجراء احترازي، ونظراً لخطورة المخيم، فقد طوقته قوات سوريا الديمقراطية بسور ترابي لا غير، في الوقت الذي أنجزت فيه سلسلة من الانفاق البيتونية شديدة التحصين بطول مئات الكيلو مترات على امتداد الحدود التركية السورية!
وفق مصادر محلية موثوقة، فإن معظم من هاجموا السجن، وعددهم نحو خمسمائة مقاتل، جاؤوا من مسافات بعيدة، بعضهم من العراق، وأن العملية جرى التخطيط والاعداد لها منذ زمن بعيد، كما تشير إلى ذلك اعترافات لعناصر من داعش ألقى القبض عليهم منذ مدة وعرضتها معرفات قسد الإعلامية. كما تشير إلى ذلك كميات ونوعية الأسلحة وطريقة تمريرها إلى محيط السجن، حيث تسلمت أولى دفعات السجناء الهاربين سيارة محملة بالسلاح وبدأت القتال فوراً، مما يؤكد وجود تنسيق عال بين المهاجمين والمعتقلين، وواسطة اتصال، إضافة إلى اختراقات أمنية جسيمة في صفوف قسد، وفي المنطقة المجاورة لها.
التحليل الأولي لمعركة سجن غويران هذه، يقول إن المهاجمين خططوا لإخراج العناصر الخمسة آلاف، وجلّهم مقاتلون محترفون، وزجّهم في معركة باتجاه مخيم الهول، حيث ينضم إليهم مزيد من المقاتلين، ربما يبلغ عددهم خمسة آلاف، ومنها ينحدرون إلى مناطق ريف دير الزور الشرقي وبادية الروضة، وفي طريقهم يستولون على المنابع النفطية ذات القيمة الاستراتيجية.
صار السؤال مملاً، ومع ذلك يطرح نفسه: وماذا بعد؟ كيف السبيل إلى حل هذه القضية التي يبدو أنها ستكرر إلى مالا نهاية؟
ومع أنه تمّت الإجابة على هذه “الاحجية” مراراً، وصمّ صناع السياسات آذانهم مراراً أيضاً، إلا أنه لا بأس من القول مرة أخرى بأن هذه الدمامل لا يمكن معالجتها سوى بالعدو الحيوي، أي من داخل البيئات التي ينمو التطرف على ضفاف مظلوميتها وقهرها وتهميشها، ومن دون أن يكون للسكان المحليين الحق في قيادة أنفسهم، وصنع عالمهم، فإن سيناريو سجن غويران، الذي هو مشهد معاد، سيتكرر بصور مختلفة إلى ما لا يحصى من المرات.
—————————–
عناصر داعش يهربون من أكبر سجن لهم في العالم : هل تنفتح بوابة الجحيم مرة أخرى؟/ مناهل السهوي
يرى الباحث في معهد “نيولاينز” في واشنطن، نيكولاس هيراس، في تصريح لوكالة فرانس برس، أن تنظيم الدولة الإسلامية يحتاج إلى مزيد من المقاتلين والهروب من السجن يمثل أفضل فرصة لداعش لاستعادة قوته وسلاحه، وسجن الغويران صيد ثمين بسبب اكتظاظه.
لم تكن الأنباء مبالغ بها، سريعاً ما ظهر عناصر تنظيم الدولة في شريط فيديو بلغتهم المعتادة يقفون وخلفهم عدد من أسرى التنظيم الكردي الذي تمكنوا من الانقضاض عليهم والتخلص من سجنهم بل وأخذهم أسرى.
عشرات من عناصر داعش باتوا طلقاء وهو ما أثار قلقاً واسعاً.
بدأت القصة الخميس الماضي بفرار عدد كبير من عناصر تنظيم “داعش” المحتجزين في سجن غويران بالحسكة في سوريا. حصل الفرار بعد عملية هروب وتفجير سيارة خارج السجن، تبعتها اشتباكات. سجن غويران واحدٌ من أكبر السجون التي تضم محتجزين من تنظيم الدولة في العالم، من نحو خمسين جنسية، وتحتفظ قوات سوريا الديمقراطية الكردية “قسد” بأعداد كبيرة من هؤلاء المقاتلين منذ أن تم القضاء على التنظيم عسكرياً عام 2017.
وفق بيانات القوات الكردية فإن لديها حوالي عشرة آلاف من مقاتلي التنظيم في مراكز اعتقال “ديرك، جركين، الحسكة (غويران)”.
هل فشلت قسد في أول اختبار لها أمام داعش؟
يتوسط سجن الحسكة أو غويران مناطق سكنية في الحسكة ويقع في أطراف حي غويران عند المدخل الجنوبي لمدينة الحسكة وهو ما ساعد العناصر على الانضمام إلى الخلايا التي تمركزت في المناطق السكنية، متسبباً في نزوح الأهالي بينما استخدم التنظيم بعضهم كدروع بشرية حسب تصريحات قسد.
وحاولت “قسد”، الحد من تمدد المعارك نحو وسط المدينة وريفها القريب، ومنع هجومٍ جديدٍ لخلايا التنظيم على السجن في محاولة لفرار المزيد من العناصر، ونشرت حواجزاً عسكرية داخل الأحياء المحيطة بمنطقة السجن وعلى الطريق المؤدية إلى الريف.
لم تنجح “قسد” في احتواء الموقف ما دفعها لطلب المساعدة من طيران التحالف، لتعلن لاحقاً أنها سيطرت على السجن إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إن السجن لايزال تحت سيطرة داعش. العملية المنظمة التي قام بها التنظيم والتي تعتبر الأعنف منذ عام 2019، أربكت “قسد” إذ ترافقت مع عمليات انتحارية، كما أن السجناء في الداخل كانوا مستعدين، فهاجموا حامية السجن واستولوا على ما أمكن من الأسلحة، بينما فرّ بعضهم إلى المناطق المجاورة ليتحول السجن إلى نقطة عمليات للتنظيم.
هذا التطور العسكري النوعي سبقه عصيان غويران هجوم على مقر للجيش العراقي في محافظة ديالى أسفر عن مصرع 11 جندياً عراقياً، كما كان التنظيم قد نفذ عملية في بداية العام الجاري في البادية السورية، مستهدفاً رتلاً عسكرياً للجيش السوري من خلال كمينٍ.
عملية مخطط لها بدقة
أعداد المحتجزين داخل السجن فقد تفاوتت أرقامهم، إذ قالت قسد أن العدد لا يتجاوز 3500 عنصر، بينما قالت قناة “الأعماق” الذراع الإعلامية للتنظيم أن هنالك ما يقارب 5000 محتجز من سوريا والعراق، ألقى التحالف الدولي القبض عليهم بين عامي 2017 و2022، من بينهم جنسيات أجنبية نجحت قسد في تسليم بعضهم إلى دولهم، إلّا أن عددا من الدول رفض تسلّمهم رغم مطالبات عديدة للإدارة الذاتية بإنشاء محاكم في مناطق سيطرتها لمحاكمتهم.
يرى الباحث في معهد “نيولاينز” في واشنطن، نيكولاس هيراس، في تصريح لوكالة فرانس برس، أن تنظيم الدولة الإسلامية يحتاج إلى مزيد من المقاتلين والهروب من السجن يمثل أفضل فرصة لداعش لاستعادة قوته وسلاحه، وسجن الغويران صيد ثمين بسبب اكتظاظه.
اللافت أن قناصين يتبعون لتنظيم “الدولة الإسلامية” تمركزوا ضمن مبنى قيد الإنشاء جانب سجن الصناعة، وهو مبنى من المتوقع أن يكون سجن لعناصر التنظيم، بدأ العمل عليه بدعم أجنبي منذ نحو سنة، وهذا ما يشي بمدى تنظيم العملية ما بين الخلايا النائمة للتنظيم في الخارج وعناصر الداخل. وهذا ما أكده شيخموس أحمد رئيس “مكتب النازحين واللاجئين” في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، أن ما حدث في سجن غويران مخطط له منذ أكثر من سبعة أشهر، مؤكداً أن هناك ترابطاً بين الأحداث التي تحدث في مخيم الهول منذ بداية العام من اعتداء على النازحين والقطاع الصحي التابع للمنظمات الإنسانية وما حدث في سجن غويران.
حصيلة اشتباكات الأيام الأخيرة تجاوزت المئة وثلاثين قتيلاً بينهم مدنيون، إلا أن المرصد السوريّ أكد أن العدد أكبر من هذا، بسبب وجود العشرات الذين لم يعرف مصيرهم حتى الآن بالإضافة إلى وجود عدد كبير من الجرحى حالتهم خطيرة.
درج
——————————-
89 قتيلاً في «تمرد داعش» بالحسكة
«الشرق الأوسط» تواكب المواجهات حول سجن الصناعة بحي غويران
كمال شيخو
استمرت أمس (السبت) لليوم الثالث المعارك بين «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي يهيمن عليها الأكراد وبين عناصر من تنظيم «داعش»، بمدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، وسط تقارير عن سقوط ما لا يقل عن 89 قتيلاً في المواجهات المتواصلة منذ ليلة الخميس إثر هجوم شنه عناصر «داعش» على سجن الصناعة بحي غويران في المدينة بهدف تحرير مئات من رفاقهم.
ورصدت «الشرق الأوسط» أمس ميدانياً تطور المواجهات، ففي نقطة متقدمة مطلة على سجن الصناعة بحي غويران جنوب مدينة الحسكة، كان يمكن رصد مجموعة من القناصين وعناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في محيط السجن وأسواره العالية والمناطق المحيطة به. وعلى وقع اشتباكات متقطعة كان بالإمكان مشاهدة ألسنة النار وتصاعد الدخان الذي شكل سحابة سوداء فوق بناء السجن الكبير. وشوهدت مجموعة من السيارات والعربات العسكرية المحترقة في ميدان الحي أو «دوار المرور» سابقاً. أما في الجهة المقابلة أمام محطة «سادكوب» لتوزيع المواد البترولية والنفطية، فكان بالإمكان مشاهدة حطام ثلاث سيارات شحن كبيرة متفحمة لم يتبق منها سوى كومة خردة. وهذه الشاحنات كانت مملوءة بالمتفجرات، وقد استخدمها عناصر «داعش» بعملية انتحارية في هجومهم على بناء السجن ليل الخميس الماضي، في محاولة لتحرير مئات من سجناء التنظيم.
وتواصلت العمليات العسكرية لليوم الثالث على التوالي في حي غويران ومحيطه حيث تدور اشتباكات عنيفة، بعد حالة استعصاء وتمرد نفذها محتجزو «داعش» بسجن غويران والذين نجحوا في شن هجوم مباغت وسيطروا على مناطق محيطة بالسجن. لكن مقاتلي «قوات سوريا الديمقراطية»، بغطاء من طيران التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، تمكنوا في الساعات الماضية من إحراز تقدم واستعادوا السيطرة على مناطق محاذية للسجن وفرضوا طوقاً أمنياً محكماً بعد معارك دامية ضد مقاتلي «داعش» الذين انتشروا في أجزاء من السجن وفي مناطق بحي الزهور وحوش البعر وغويران.
وقال القائد العام لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي إن قواته نجحت بدعم ومساعدة من قوات التحالف والطيران الحربي، «بصد الهجوم وتم تطويق محيط السجن بالكامل واعتقال جميع الهاربين»، مضيفاً أن «داعش» حشد «معظم خلاياه في محاولة لتنظيم هروب من سجن الحسكة، عن طريق انتحاريين والقيام بعصيان داخل السجن من قبل المعتقلين». ونشر عبدي تغريدة على حسابي الشخصي بموقع «تويتر» قال فيها: «لن تتوقف قواتنا عن قتال (داعش) حتى يتم وضع جميع العناصر الإجرامية خلف القضبان».
وفي ميدان المرور والطريق المتجهة نحو ساحة الكراج المحاذية من سور السجن بقيت جثث مسلحي التنظيم ملقاة على قارعة الطريق مع جعب ومخازن أسلحة، وبجانبها بقع من الدم وفوارغ الرصاص وطلقات صواريخ «آر بي جي» متناثرة هنا وهناك. وبحسب إحصاءات «قوات سوريا الديمقراطية»، ارتفعت حصيلة قتلى «داعش» إلى 40 مسلحاً، بحسب ما قال قيادي عسكري ميداني. وأشار هذا القيادي إلى أن خلايا التنظيم وعناصره المحتجزين داخل السجن تمكنوا بعد خروجهم من الزنازين من السيطرة على أجزاء من مبنى السجن وأسلحة الحراس والذخيرة وأحكموا قبضتهم على منطقة المقابر والمخبز الآلي وساحة الكراج ومبنى كلية الاقتصاد المجاورة، متحدثاً عن مقتل 5 من «سوريا الديمقراطية» و3 من قوى الأمن الداخلي (الأسايش)، فيما قُتل 5 مدنيين جراء هذه الاشتباكات.
من جهته، أكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، أن الاشتباكات أدت إلى مقتل 28 عنصراً من القوات الأمنية الكردية، و56 مقاتلاً من مقاتلي تنظيم «داعش» وخمسة مدنيين منذ بدء الهجوم على سجن غويران. وأشار «المرصد» إلى اعتقال مئات السجناء من «داعش» بينما لا يزال العشرات منهم فارين، من دون تحديد العدد الإجمالي للسجناء الذين تمكنوا من الهرب.
وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن تنظيم «داعش» تبنى عبر حساب وكالة «أعماق» الدعائية التابعة له على تطبيق تلغرام «الهجوم الواسع» على السجن بهدف «تحرير الأسرى المحتجزين بداخله»، مشيراً إلى أن «الاشتباكات لا تزال جارية في محيط السجن وأحياء أخرى».
وفيما كانت تُسمع بوضوح أصوات انفجارات ضخمة وإطلاق قذائف صاروخية، شهدت منطقة القتال حالة نزوح جماعية للسكان نحو مناطق أكثر أمناً. وقال سيامند علي، القيادي في قوات «قسد»، إن الاشتباكات مستمرة في محيط سجن الصناعة وإن قواتهم شددت الخناق على عناصر التنظيم، موضحاً «أن خلايا (داعش) وعناصره باتوا محاصرين في مواقع صغيرة ضمن حي غويران المجاور، وتمت السيطرة على مبنى السجن وسيتم إجبارهم على تسليم أنفسهم». وأشار إلى أن الهدف الرئيسي من مواصلة خلايا «داعش» الاشتباكات على رغم ضيق المساحة الجغرافية التي ينتشر فيها مقاتلو التنظيم هو «توجيه رسالة إلى المحتجزين داخل السجن كي يواصلوا أعمال الشغب والتمرد والاستعصاء في انتظار توفير فرصة لهروبهم».
وأشار قادة عسكريون ومواطنون نجحوا بالفرار من منازلهم إلى أن عناصر التنظيم كانوا يستخدمون السكان المدنيين دروعاً بشرية، ما يعوق تقدم قوات الأمن لإنهاء الموقف وأحكام السيطرة على السجن والمناطق المحيطة. وتقوم وحدات خاصة وأخرى من قوى الأمن الداخلي (الأسايش) بتأمين وتوفير ممرات آمنة لخروج السكان من منطقة الاشتباكات.
ومنشأة الصناعة بحي الغويران بالحسكة من بين 7 سجون منتشرة في شمال شرقي سوريا يُحتجز فيها 5 آلاف متطرف كانوا ينتمون إلى «داعش». وهذه المنشأة عبارة عن بناء كبير يضم عشرات المهاجع الضخمة والزنازين وتحيط به أسوار عالية تخضع لحراسة مشددة من قوات «قسد»، بدعم مالي من التحالف الدولي بقيادة واشنطن. ويقع هذا السجن في منطقة عسكرية متشابكة ومعقدة حيث تنتشر إلى جانب قوات «قسد» وقوات التحالف الدولي والجيش الأميركي، قوات حكومية موالية للرئيس السوري بشار الأسد ووحدات من الجيش الروسي. وهذه القوات الأخيرة تحكم السيطرة على جيب حكومي يقع في مركز مدينة الحسكة.
وتشير إحصاءات إدارة السجون لدى الإدارة الذاتية شرق الفرات إلى وجود نحو 12 ألف شخص كانوا ينتمون إلى صفوف التنظيم المتشدد، بينهم 800 مسلح ينحدرون من 54 جنسية غربية، وألف مقاتل أجنبي من بلدان عدة، على رأسها تركيا وروسيا ودول آسيوية، بالإضافة إلى 1200 مسلح ينحدرون من دول عربية، غالبيتهم قدموا من تونس والمغرب. كما يبلغ عدد المنحدرين من الجنسية العراقية نحو 4 آلاف، والعدد نفسه ينحدر من الجنسية السورية.
واتهم لقمان آحمي، الناطق باسم الإدارة الذاتية، حكومة دمشق بأنها شريكٌ في الهجوم على السجن، مشيراً، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن حكومة الرئيس الأسد قامت بـ«الترويج للخلايا الإرهابية ووصفها بأنها مجموعات المقاومة الشعبية ودعمتها إعلامياً ولوجيستياً». وأوضح أن «الطرف الأول ورأس الحربة في الهجوم (على السجن) كان عناصر من داعش يعملون ضمن خلايا نائمة تحاول رفد عناصرها عن طريق إخلاء العناصر المحتجزين في سجن الصناعة». واعتبر أن الأطراف المستفيدة من أحداث السجن «هي الحكومة التركية وفصائل المعارضة السورية».
الشرق الأوسط
——————————-
سوريا: تنظيم «الدولة» يشن أكبر عملية لتحرير السجناء منذ القضاء عليه في الباغوز/ منهل باريش
في أكبر عملية أمنية تؤكد أن عودة تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى صدارة المشهد في شرق سوريا باتت وشيكة، هاجمت خلايا التنظيم سجن «الصناعة» جنوب مدينة الحسكة، وهو أكبر سجن مخصص لمقاتلي التنظيم في منطقة النفوذ الأمريكي وسيطرة قوات سوريا الديمقراطية «قسد».
واتخذت وحدات حماية الشعب الكردية من مدرسة الثانوية الصناعية مقرا لها منذ سيطرتها على المدينة وطرد قوات النظام والدفاع الوطني في شهر اب (أغسطس) 2016. ومع تشكيل قوات سوريا الديمقراطية «قسد» والانضمام إلى «التحالف الدولي للقضاء على داعش» حولت قسد المدرسة المؤلفة من ثلاث كتل إلى سجن كبير للأسرى من عناصر التنظيم، حتى وصل عددهم في وقت من الأوقات إلى ما يزيد عن خمسة آلاف عنصر. وحظي السجن باهتمام كبير من قبل قيادة الوحدات، وأوكلت مهمة قيادته إلى أحد أهم الأمنيين القادمين من جبال قنديل وهو جمال كوباني.
في التفاصيل، بدأ الهجوم بتفجير سيارة مفخخة كانت متوجهة إلى بوابة السجن الرئيسية بعد أن اعترضها الحاجز المؤدي إلى البوابةـ ففجر انتحاري نفسه بالعربة معلنا بدء الهجوم ليقوم نحو خمسين عنصرا حسب تقديرات «قسد» بالهجوم من عدة المحاور على السجن بهدف خلق الفوضى. وتمكن مقاتلو التنظيم من إحداث خرق عند البوابة الرئيسية، بعد أن فجر انتحاري آخر نفسه بدراجة نارية على البوابة، ما ساعد بتسهيل ممرور زملائه إلى الداخل. بالتوازي مع التفجير الأول، بدأ آلاف السجناء استعصاء داخل السجن، تمكن سجناء ثلاثة مهاجع على الأقل من خلع الأبواب وكسر أقفال المهاجع الأخرى. ونجح السجناء في واحدة من كتل السجن الثلاث بالخروج إلى الساحة. ومع الفوضى الحاصلة فقد حراس السجن السيطرة وتمكن سجناء التنظيم من الخروح خارج السجن والهروب جنوبا إلى حي الزهور المعروف محليا باسم حوش البعير، وهو الحي العشوائي الملاصق للسجن باتجاه دوار دير الزور.
وما يشير إلى التخطيط المحكم للعملية هو إحراق عدة صهاريج وخزانات وقود في محطة «سادكوب» للمحروقات وهي المحطة الرئيسية للمحروقات في الحسكة منها تقوم «الإدارة الذاتية» بتوزيع المحروقات وفيها تجري عمليات تعبئة جرار الغاز المنزلي أيضا، وفي الأساس هي محطة حكومية تتبع وزارة النفط السورية.
وتبعد المحطة أقل من 800 م عن سجن الصناعة وتقع ضمن المربع الأمني الكبير لـ«قسد». وهدفت خلايا التنظيم إحداث فوضى بعملية الإحراق في المدينة، كما أن الدخان الكثيف الناتج عن احترق المازوت واطر عجلات الصهاريج يؤدي إلى تصاعد دخان أسود يقوم بأعماء الطيران الأمريكي ويمنعه من رصد أهدافه بدقة.
ونجحت خلايا «تنظيم الدولة» باختيار ساعة الصفر لبدء الهجوم أيضا، فقد شنت الهجوم في تمام الساعة 8 مساء، وهو بعد فترة غير بعيدة عن حلول الظلام الشتوي، ولكنه في الوقت ذاته، تبقى حركة المدنيين طبيعية، وهو ما يعيق سرعة استجابة القوى الأمنية لـ«قسد» للتدخل، كما أن وجود المدنيين يخلق حالة من الذعر والحركة غير المنتظمة للأخيرة.
من الواضح، أن المخططين للعملية كان هدفهم تجاوز السجن إلى الجهة الأخرى من حي غويران وهو حي سكني عشوائي مكتظ بالعرب السنة، أغلبهم من أهالي محافظة دير الزور. وكان على المهاجمين تجاوز عدة أبنية من السجن للوصول إلى الكورنيش الجنوبي الذي يفصل عمق حي غويران عن السجن، وأهم تلك الأبنية هي كلية الاقتصاد. وفي حال نجحوا من الوصول إلى عمق الحي فهذا يعني ان فصلا جديدا من فصول حياة التنظيم قد بدأت، كانت ستستمر شهورا طويلة، لن تنتهي إلا بهدم الحي السني وتجريفه كما حصل في عدة مناطق استعصى بها مقاتلو التنظيم.
اخفق المهاجمون من تحقيق خطتهم في فرار السجناء باتجاه حي غويران، لعدة أسباب، أهمها قلة السلاح المتواجد بين أيديهم أساسا، والسلاح الفردي الذي سيطروا عليه من حراس السجن. كما أن كثرة المقار الأمنية والعسكرية ومؤسسات الخدمات في الإدارة الذاتية وقلة الأبنية السكنية الفعلية في المنطقة أعاقت سرعة الوصول إلى عمق الحي. وتعتبر مشكلة نقص السلاح واحدة من أهم الأسباب لدى المهاجمين، وهو ما سيتكشف خلال الأيام المقبلة بعد استعادة المقاتلين الأكراد السيطرة على السجن، فمن المتوقع أن تعلن «أسايش» وجهاز «مكافحة الإرهاب» عن وجود مستودعات أسلحة في الحي تعود إلى خلايا التنظيم. سياسيا، بعد ساعات قليلة على بدء الهجوم على السجن، أطلقت «قسد» حملة إعلامية منظمة استهدف الرأي العام الغربي، حيث تواصلت مع الصحافيين الدوليين وزودت العشرات منهم بصور حصرية ومقاطع لم تنشرها منصات التواصل الاجتماعي المقربة منها. وشرح موظفو العلاقات العامة ما يحدث باقتضاب شديد وعدم إسهاب، مع التأكيد على مقدرة «قسد» على احتواء التمرد والهجوم على 24 ساعة.
وشدد مسؤولو «الإدارة الذاتية» على فكرة «دحر وإفشال هذا الهجوم بمساندة التحالف الدولي» جواً ، كمال قال الرئيس المشترك لمكتب الدفاع في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، زيدان العاصي الذي ريط ما يجري بأنقرة «لاحظنا مع بدء هجوم عناصر داعش الإرهابي أنَّ تركيا أيضاً حركت قواتها والقوات المرتزقة التي معها باتجاه تل تمر» واتهمها بمنع وصول المؤازرات إلى السجن بوقف التمرد حيث «استخدمت المُسيَّرات لضرب الأرتال القادمة لمؤازرة القوات التي دخلت من أجل تحرير السجن والمنطقة من المجموعات الإرهابية» حسب قوله.
في حين، وصف المتحدث الرسمي باسم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، لقمان أحمي الهجوم على سجن الصناعة بـ«العملية المركبة» والتي «تتألف من عدة أطراف».
كما اتهم أحمي النظام السوري الذي وصف خلايا التنظيم، انها «مجموعات المقاومة الشعبية ودعمها لهم إعلامياً ولوجستياً، لإضفاء الشرعية لهم واللعب على وتر الوطن». وعلى الرغم من تشديده على اتهام تركيا، لفت إلى دور الجيش الوطني السوري المعارض، ووصفه بـ«المجموعات الإرهابية» ووصف علاقته بالتنظيم بـ«علاقة عضوية، لا يمكن التفريق بينهم، والأحداث التي تدل على ذلك كثيرة».
وطالب المتحدث الرسمي قوات التحالف الدولي «بمنع تركيا والمجموعات الإرهابية المرتبطة بها من العدوان على مناطقنا، وإخراج المحتل التركي من المناطق التي يحتلها، وتقديم الدعم اللازم لتحصين السجون بالمعدات والسلاح اللازم، وكسر الحصار الاقتصادي على مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، ودعم المنطقة اقتصادياً ولوجستياً، لمنع خلق بيئة مناسبة لعودة داعش». وكرر أحمي عملية الضغط على الدول من خلال المطالبة بتشكيل محكمة خاصة لمحاكمة عناصر التنظيم في شرق سوريا، وإفراغ مخيم الهول من أسر مقاتلي التنظيم وإعادة الدول لرعاياها.
أمنيا، اعترفت قيادة قوى الأمن الداخلي «أسايش» بمقتل عنصر واحد فقط من قواتها، وجرح ثلاثة آخرين يوم الجمعة، ولم تصدر أي تصريحات أخرى منها حتى كتابة التقرير – صباح السبت- في حين أشارت مصادر محلية في الحسكة إلى أن عدد القتلى والجرحى من كامل الأجهزة الأمنية في «قسد» تجاوز 20 قتيلا بينهم قائد السجن، القيادي البارز في وحدات «حماية الشعب» الكردية، جمال كوباني.
في المقابل، من غير المستبعد تورط «قسد» بعملية تسهيل حركة المهاجمين، خصوصا وان الهجوم استبق بإعلان رسمي من «قسد» من إحباط مخطط للهجوم على السجن، واعتراف أحد عناصر التنظيم البارزين خلال التحقيق معه بنية التنظيم الهجوم على السجن وتحرير السجناء. وهذا ما يعطي المشككين والمُتهمين فرصة لوصف ما يحصل بالمسرحية، الهدف منها إعادة تعزيز الشراكة بين «قسد» والتحالف الدولي والتذكير بأهمية الشراكة الاستراتيجية في ظل عودة تنظيم «الدولة الإسلامية» التي أصبحت قاب قوسين من الإعلان.
نهاية، سيعطي الهجوم دفعا قويا لعناصر التنظيم السجناء للتحرك وزيادة حركات الاستعصاء، كما انه سينعكس في مخيم الهول المكتظ بآلاف الأسر، وستنتقل الفوضى إلى هناك أيضا.
القدس العربي
———————————
سجن غويران غوانتانامو الشرق/ علي نمر
نفذ معتقلو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش»، عصياناً جديداً في سجن غويران في الحسكة، الذي يضم نحو خمسة آلاف معتقل، معظمهم من جنسيات غير سورية، ويشهد استعصاءات متكررة، حيث تؤكد تصريحات قيادات قوات سوريا الديمقراطية، أنهم ينتمون إلى قرابة خمسين دولة، وبينهم قادة للتنظيم الإرهابي من الصف الأول، إذ اعتقل معظمهم أثناء معركتيّ الرقة التي كانت تسمى عاصمة «الخلافة المزعومة»، وسقوط آخر معاقلهم في بلدة الباغوز بريف ديرالزور في آذار 2019، للوقوف على ما يحدث من زاوية أخرى، ودون تبنيّ موقف أيّة جهة.
سنبدأ من مطالب السجناء في المرات السابقة، والتي كانت سبباً فيما بعد لقيام التنظيم باستعصاءاته المتكررة التي تطورت إلى المواجهة المسلحة وسقوط قتلى، لقد جاء المطلب الأول والأهم لعناصر «داعش» أن يتم تسليم إدارة السجن للتحالف الدولي، بما فيه عناصر الحراسة، السؤال المهم هنا: كيف لتنظيم إرهابي يقول مريدوه وقياداته إنه لولا طائرات التحالف الدولي، والدعم اللوجستي لقوات سوريا الديمقراطية، لم تكن لتسقط خلافتهم المفترضة، أن يطالبوا بهذا المطلب المتناقض مع كل ما يحدث على الأرض؟
من هذه النقطة بالذات يمكن فهم المعادلة من خلال المقارنة التالية؛ والتي أيضاً سننطلق بطرح سؤال: ما الفرق بين هؤلاء المعتقلين، ومن كان معتقلاً في سجن غوانتانامو الأمريكي بتهمة الإرهاب؟ اعتقد لا فرق بينهما، لأن المرجعية «الإرهابية» واحدة؛ وبالتالي الهدف المعلن واحد، لكن ماذا ستكون النتيجة لو أجرينا مقارنة بينهما، خاصة وأن أمريكا افتتحت هذا المعتقل عقب أحداث 11 أيلول/ سبتمبر في نيويورك، وأعلنت رسمياً باستخدامه 2002 بتحويل كل من تشتبه به إرهابياً إليه، حيث يقع المعتقل في أقصى جنوب شرقي كوبا، أيّ خارج الحدود الأمريكية، وليس هذا فقط؛ بل اعتباره سلطة مطلقة لوحدها بسبب هذا البعد، ولا ينطبق عليه أيّ من قوانين حقوق الإنسان إلى الحد الذي جعل منظمة العفو الدولية تقول إن معتقل غوانتانامو يمثل همجية هذا العصر! بينما سجن الصناعة في حي غويران الذي يمكن اعتباره غوانتانامو الشرق أمريكياً يقع بالقرب من؛ وبين الأحياء السكنية لمدينة الحسكة، وعلى منطقة مفتوحة، من شأنها أن تتيح لعناصر التنظيم الهروب منها بكل أريحية فور تمكنهم من الفرار خارج الأسوار.
منذ افتتاح غوانتانامو وحتى تاريخ اليوم، لم يتجاوز عدد المعتقلين فيه الـ800 معتقل، وحالياً لم يبقَ فيه سوى 39 معتقلاً ، فيما سجن غويران يضم نحو خمسة آلاف معتقل، في عهد الرئيس جورج بوش الابن، ومع افتتاح المعتقل في 2002 كان عدد المعتقلين 624 زاد عددهم في العام التالي إلى 656 ومع انتهاء ولايته في 2008 خفض العدد إلى 248، وفي العام الثاني من استلام باراك أوباما 2010 انخفض العدد إلى 174، ومع انتهاء ولايته في 2016 والتي صادفت العام الثالث من إعلان التنظيم الإرهابي مدينة الرقة السورية عاصمةً لخلافتهم المزعومة انخفض عددهم إلى 59 معتقلاً فقط؛ وفي عهد الرئيس دونالد ترامب بين أعوام 2017-2020 أصبح العدد 40 إرهابياً، وأخيراً وبعد مرور سنة على استلام جو بايدن هناك 39 معتقلاً في أخطر المعتقلات في العالم، ووفق الإحصائيات المجموع الكلي لمن أدخلوا هذا المعتقل 780 معتقلاً، 9 فقط منهم ماتوا أو قتلوا تحت التعذيب أثناء الاحتجاز، فيما لا تقارير أو معلومات عن جميع من أُفرج عنهم، وأين ذهبوا! بينما الإدارة الذاتية الوليدة من النزاع السوري يطلب منها وبإمكاناتها المحدودة السيطرة على أكثر من 12 ألف إرهابي على مستوى العالم معتقل لديها، وأمريكا ذاتها؛ ومعها مختلف الدول الأوروبية، ومنذ سقوط التنظيم لم تستعيد إلا بضع أطفال لهؤلاء الإرهابيين ونسائهم، رغم المناشدات باستعادتهم وإجراء محاكمات لهم، تاركة كل القيادات كالقنبلة الموقوتة القابلة للانفجار بأي وقت، ما يعني عودة التنظيم الجهاديّ إلى بناء نفسه عبر خلاياه النائمة والعودة إلى نقطة الصفر، مثلما حدث في سجنيّ أبو غريب والتاجي عام 2013 تماماً بالقرب من العاصمة العراقية بغداد، حين فرَّ مئات الجهاديين بعدما نجح مسلحون من اقتحامهما وتهريب السجناء.
لن ندخل هنا بتفاصيل الهجوم، لأن أشياء كثيرة ستكشفها الأطراف المتنازعة أو المشاركة في المخطط، الذي ترك أكثر من إشارة استفهام، لكن ما يجب الإجابة عليه من قبل التحالف الدولي: كيف دخلت المجموعات الأجنبية والخلايا النائمة مدينة الحسكة بسلاحها وعتادها تمهيداً للهجوم على السجن؟ ولماذا لم يتحرك طيران التحالف الدولي لحظة وقوع الانفجار الكبير، أو العملية الانتحارية كما قيل؟ وما هذا التزامن في العمليات من ديرالزور للحسكة لشنكال، لديالى وسري كانييه/ رأس العين، إلى ريف الرقة والشمال السوري وجبل الزاوية، وصولاً لتصريحات النائب في البرلمان العراقي محما خليل، حول وصول بعض معتقلي «داعش» الهاربين من سجن غويران إلى شنكال وبعاج؟ ولماذا لم يتحرك النظام السوري حتى اللحظة، سوى إصداره بياناً هاجم فيه قوات سوريا الديمقراطية والتحالف، على الرغم من أن مدينة الحسكة تعتبر أكبر قاعدة للنظام في مناطق الإدارة الذاتية؟ هل حاسب التحالف الدولي يوماً العضو في حلف الناتو وحليفتها تركيا على هجماتها المتواصلة على مناطق شمال شرقي سوريا عبر الفصائل الراديكالية الموالية لها، التي أظهرت الوسائل الإعلامية التابعة لها وجمهورها خلال الأيام القليلة الماضية أن هذه الفصائل جزء من تنظيم «داعش» التي تعمل لمصلحة الإرهابيين بزعزعة المنطقة عبر خلاياه النائمة؟ وما أوجه الاختلاف بين مختلف الفصائل الجهادية الإرهابية أمريكياً؟
إن الحقيقة ستظهر حين تتم الإجابة عن كل الأسئلة السابقة، خاصةً وأن حالة الاستعصاء هذه المرة غير كل المرات السابقة، فالعملية تعتبر الأكبر في سوريا منذ سقوط التنظيم في آخر معاقله بريف ديرالزور، وهذا ما يؤكد أن عملية كبيرة ونوعية بهذا الشكل والخطورة جرى التخطيط لها بدقة وعناية، وهكذا عمل قد تتشارك فيه أكثر من دولة عبر أذرعها من الفصائل المسلحة لاستمرار حالة الفوضى في سوريا المستثمرة دولياً، والتي لا تخلو من الصراع الأمريكي – الروسي، المحتدم في أوكرايينا، والذي خلط أوراقه التهديدية في سوريا لا تقل أهمية عمّا يجري هناك، وعملياً تنظيم «داعش» أكثر ورقة ضغط في هكذا نزاعات وصراعات، ويمكن الاستثمار فيه بأفضل الطرق لخلط الأوراق ببعضها، وما قاله الباحث في معهد نيولاينز، في واشنطن، نيكولاس هيراس، لوكالة «فرانس برس» يمكن استشفاف الكثير منه، حين أكد أن «تنظيم (داعش) يحتاج إلى المزيد من المقاتلين، وأن الهروب من السجون يمثل أفضل فرصة لهم لاستعادة قوتهم وسلاحهم، وسجن غويران يعد صيداً ثميناً بسبب اكتظاظه». ولفهم نتائج هذا الصيد لا بد من العودة لعالم الجريمة الذي يجبرنا دائماً أن نبحث عن المستفيد منها، فمن هو الرابح الأكبر بكل أجنداته لمّا جرى؟
——————————–
أزمة الحسكة.. قتل الجريمة والمجرم ودليل الجرم في آن معا/ عصام اللحام
لا يمكن تأكيد أو نفي تشبيه ما يجري اليوم في الحسكة وسجنها بذلك الذي شهده العراق في أبو غريب والتاجي (عام 2013) قبيل اكتمال العقد لإطلاق تنظيم “الدولة الإسلامية” بعد هجوم قيل إنه أطلق رؤوس التنظيم الذين حولوه من مجرد تنظيم إلى كيان يشبه الدولة.
ففي غويران اليوم يقبع نحو ٥٠٠٠ معتقل غالبيتهم من الجنسيات الأجنبية رفضت دولهم أو تماطل باستعادتهم لأسباب متعددة، فهم في حكم مجرمين عديمي الجنسية موجودين في أرض خارجة عن القانون وتائهة في خناق قتال متعدد لا ينتهي.
كانت قضية معتقلي تنظيم “الدولة” دائمة الحضور من خلال مطالبات وصلت حد التحذيرات، أوضحها ما صدر عن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن خلال كلمته في مؤتمر روما، في حزيران العام الماضي، حيث أشار بلينكن إلى وجود 10 آلاف من مقاتلي التنظيم، ما زالوا رهن الاحتجاز في معسكرات تديرها قوات سوريا الديمقراطية، “قسد” في شمال شرقي سوريا.
بلينكن حث الدول، على استعادة مواطنيها الذين انضموا إلى التنظيم، وإعادة تأهيلهم أو محاكمتهم، ونقل عنه الآتي: “هذا الوضع ببساطة لا يمكن الدفاع عنه، ولا يمكن أن يستمر إلى أجل غير مسمى”.
يمكن تفسير ما حدث في غويران اليوم هو انتهاء هذا الأجل المسمى، إذ جاء وقت التنفيذ فتُحسب التحركات الحالية على أنها منظمة ومخطط لها ويعمل على تنفيذها للوصول إلى المأرب الأخير وهو تصفية جميع المعتقلين وإنهاء هذا الملف إلى غير رجعة فتقتل الجريمة والمجرم ودليل الجرم في آن معا.
وبذلك تقدم واشنطن هديتها الكبيرة لشركائها في التحالف على مشاركتهم العمليات العسكرية وتحثهم على تعزيزها بالدعم المالي والمشاركة في عمليات تأهيل المنطقة لتكون مكانا جيدا يمحو سلسلة الفشل الأميركي في كل مكان تدخلت فيه.
فشل السياسات الأميركية في كل تدخلاتها وليس آخرها أفغانستان التي شهدت انتكاسة جديدة لفكرة الحلفاء المحليين، فهم ظل لا أكثر يختفي مع اختفاء العلم الأميركي، واستمرار النهج في أماكن أخرى إضافية ينعى فكرة حلفاء أميركا وتنتهي مرحلة القطب الأوحد أو الثاني إلى غير رجعة، لذا نرى التصعيد غير المفهوم في أوكرانيا وتغير شكل الانسحاب من العراق من التام إلى الداعم، مع تأكيدات لا تنتهي من جل المسؤولين الأميركيين بأن الانسحاب من سوريا لن يحدث إلا بشروط تعجيزية، فلا إيران ستخرج ولا النظام سيتغير.
وشهد شمال شرقي سوريا في الأشهر الماضية حراكاً أميركياً على الأرض مع زيارات أجرتها وفود عسكرية وسياسية للمجالس المحلية والعشائر في دير الزور لتأمين توافقات مرضية لأهالي هذه المنطقة، يمكن أن تنتج نموذجاً يغيّر تاريخ التخلي عن الحلفاء المحليين وترك الخراب وراءها.
ويمكن النظر إلى هجوم غويران ( بعيداً عن نظرية المؤامرة) على أنه ضربة قاصمة لواشنطن تقدّم دليلاً إضافياً لعدم قدرتها على ضبط المشهد رغم وجودها، وبالتالي خروجها الذي سيكون بمنزلة تفجير كامل للمنطقة، وهي صورة مأساوية سيكون المستفيد منها كُثر على رأسهم موسكو وأنقرة، وبالطبع سيكون لإيران نصيبها وبطبيعة الحال النظام الذي تلقف هذه الزاوية وأصدرت وزارة خارجيته بيان تنديد بما يجري في الحسكة، مطالبة برحيل القوات الأميركية والتركية من سوريا، أمّا روسيا فأبدت خشيتها (كما تزعم) من إلحاق الضرر بالمدنيين نتيجة لتلك العمليات الجارية، أمّا الرد التركي فكان بكثافة نيران غير معتادة على محاور اعتادت أن تشهد مناوشات، لكن مع هذه الأيام نرى ما هو أكثر من تصعيد وأقل من حرب.
تلفزيون سوريا
——————————-
داعش يعود إلى الواجهة من الحسكة… لماذا اختار مهاجمة سجن الصناعة؟/ محمد الأسمر
نفّذت خلايا تابعة لتنظيم داعش أمس الأول، الخميس 20 كانون الثاني/ يناير، هجوماً مسلحاً على سجن الصناعة الواقع في حي “غويران”، في مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا، والواقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ما أدى إلى مقتل العشرات، بالإضافة إلى هروب عدد من عناصر التنظيم المعتقلين ضمن السجن، قبل أن تتمكن “قسد” من استعادة زمام الأمور.
بدأ الهجوم عبر تنفيذ تفجيرات عدة في محيط السجن، كانت أعنفها السيارة المفخخة التي تم تفجيرها قرب باب السجن، وأدت إلى اندلاع حرائق في المكان، نتيجة اشتعال صهاريج النفط التابعة لمؤسسة “سادكوب” القريبة منه، واندلعت بعدها اشتباكات بالأسلحة الرشاشة استمرت نحو أربع وعشرين ساعة، أسفرت عن مقتل 67 شخصاً حتى يوم أمس، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، 39 من عناصر التنظيم، و5 مدنيين، و23 من “الأسايش”، وحرس السجن، وقوات مكافحة الإرهاب.
وذكرت قوات سوريا الديمقراطية في بيان لها، أن “الهجوم ترافق مع استعصاء نفّذه السجناء داخل السجن، حيث قاموا بإحراق الأغطية والمواد البلاستيكية في محاولة منهم لإحداث فوضى داخله”.
كما أدى الهجوم إلى فرار العشرات من سجناء داعش، وتحصّنهم في منازل المدنيين ضمن الأحياء المجاورة للسجن، حيث أعلنت قوات سوريا الديمقراطية عن “تمكّنها من إلقاء القبض على نحو مئة سجين”، بينما لا تزال عمليات التمشيط والبحث عن مطلوبين في حي الزهور مستمرةً حتى الآن، حسب ناشطين من المدينة.
ويُعدّ سجن الصناعة، أو سجن المعهد الصناعي، من أكبر السجون المختصة باحتجاز عناصر التنظيم، وتحوّل من معهد صناعي إلى سجن، بعد تفكيك تنظيم داعش، إذ تم توسيع المعهد، وبناء أجزاء إضافية فيه.
وتفاوتت الأرقام التي تداولها الناشطون عن عدد السجناء الموجودين فيه، بين 3،500 إلى 4،000 سجين، وهذه هي المرة الأولى التي يشن فيها التنظيم هجوماً بهذه القوة، منذ تفككه في 2019، حسب المرصد.
وقال ناشط محلي رفض ذكر اسمه، إن أصوات إطلاق الرصاص مستمرة حتى اللحظة، إذ تقوم قوات سوريا الديمقراطية بتمشيط المنطقة والبحث عن خلايا داعش المتحصنة في مناطق عدة، مثل حي الزهور وحي غويران، وتترافق الاشتباكات مع تحليق مستمر للطيران المروحي التابع للتحالف على مدار الـ48 ساعةً الماضية، ونفذ الطيران غارات جوية عدة على المناطق التي يتحصن فيها عناصر التنظيم.
وأكد الناشط المقيم في مكان قريب من الأحداث، أن تنظيم “داعش” لم يكن له أي وجود في المنطقة في الأوقات السابقة، أي منذ اندحاره، مشيراً إلى أن “الطريقة التي تحرّك بها عناصر التنظيم، تشي بأن هناك جهاتٍ ساعدتهم على التخفي، وتحويلهم إلى “خلايا نائمة في حي غويران وحي الزهور، حيث تلقّى عناصر التنظيم تعليماتهم، ونفّذوا الهجوم في وقتٍ واحد”.
وتمكّنت “قسد”، حسب ما ذكرت في بيان لاحق، من استعادة السيطرة على نقاط عدة في الجهة الشمالية لأسوار سجن الصناعة-الغويران، بعد مداهمات نفّذتها صباح اليوم السبت، أدت إلى مقتل عدد من عناصر داعش الذين هاجموا السجن انطلاقاً من حيّ الزهور.وأشارت إلى أنه خلال “الاشتباكات التي اندلعت اليوم (السبت)، قُتل 22 عنصراً من التنظيم، كما سيطرت قوات سوريا الديمقراطية على عربة محملة بالأسلحة والذخيرة عائدة للعناصر التي هاجمت السجن، بالإضافة إلى عدد من الأحزمة الناسفة، فيما يواصل بعض معتقلي داعش عملية الاستعصاء في المهاجع الشمالية للسجن”.
وبالرغم من تراجعه منذ عام 2019، لم تتوقف المناوشات بينه وبين قوات سوريا الديمقراطية وتراوحت حدتها بين الخفيفة والمتوسطة، وأخذت شكل حرب العصابات حيث كان عناصر التنظيم ينفذون هجوماً سريعاً على أحد الحواجز التابعة لقسد قبل الانسحاب من جديد، كان أبرزها في أيلول/سبتمبر عام 2020 في قرية جديدة عكيدات بريف دير الزور الشرقي، حيث دارت اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة واستمرت لمدة 24 ساعة.وكانت صحيفة واشنطن بوست، قد ذكرت في تقرير لها أنّ الحكومة البريطانية ساعدت في توسيع مساحة السجن في الحسكة العام الماضي، إلّا أنّ قوات التحالف حذّرت أكثر من مرة من أنّ السجن لا يزال ضعيف الدفاع، وعرضةً للهجوم.
وقال الناشط والصحافي، سلام حسن، المطّلع على الواقع في شمال شرق سوريا، لرصيف22، إن “المسوّغات التي دفعت تنظيم داعش للهجوم على السجن كبيرة، وأهمها إثبات أنها ما تزال قوةً موجودةً على الأرض السورية، وينبغي أن ترفع أسهمها في المفاوضات التي تجري سراً بين الأطراف المسيطرة، بالإضافة إلى أهمية هذا السجن لدى التنظيم، إذ يُعدّ معتقلاً لقيادات وعناصر مهمة فيه، من حملة الشهادات العليا”.
واستبعد أن “تكون هذه العملية لخلايا نائمة فحسب”، مرجحاً أن تكون هناك جهات خارجية “موّلت الهجوم وخططت له، إذ إن أعداد العناصر المهاجمين وأعداد السجناء الذين فروا من السجن عبر سيارات الدفع الرباعي والباصات والأسلحة التي وُجدت مع عناصر التنظيم المعتقلين ضمن السجن، تؤكد أن الأمر مخطط له منذ زمن، ويطرح تساؤلات عن الجهات التي ترغب في عودة تنظيم داعش إلى الواجهة”.
رصيف 22
———————————-
سجن الصناعة بالحسكة والكُرد “النائمون في أذن الثور”/ آلان بيري
مما لا شك فيه إن ما يحدث منذ يومين في الحسكة يثير بعض التساؤلات المشروعة. البدايات: مجموعة مسلحة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية مؤلفة من 80 – 100 رجل (بحسب كل من فرهاد شامي وآرام حنا) تهاجم سجن الصناعة الكائن بحي الغويران. المسلحون فجروا باب السجن بعربة مفخخة ودراجة نارية، بينما كان السجناء في الداخل منتفضين وعلى أهبة الاستعداد وكأنهم على علم بما سيحدث. تحدث اشتباكات عنيفة بين المسلحين وقوات مختلفة تابعة للإدارة الذاتية (الأسايش، قوات سوريا الديمقراطية ووحدات مكافحة الإرهاب) ويسفر عنها عدد كبير من القتلى في صفوف مسلحي تنظيم الدولة. يتمكن عدد من سجناء داعش من الهروب والخروج خارج أسوار السجن فيما لاذ المهاجمون أيضاً بالفرار متوجهين إلى الأحياء السكنية المحيطة بالسجن وهما حي غويران وحي الزهور. ماذا حدث؟ يبدو الأمر للوهلة الأولى في غاية البساطة. إذ هناك مجموعة إرهابية مسلحة مهاجمة أرادت اقتحام السجن وتحرير من في داخلها، إلا أن قوات سوريا الديمقراطية منعتهم ودارت بين الطرفين اشتباكات انتهت بسيطرة الأخيرة (قوات سوريا الديمقراطية) على السجن وفرار المسلحين وبعض السجناء صوب الأحياء السكنية المأهولة بالمدنيين. إلا أن الحادثة في مجملها تثير عدداً من التساؤلات المهمة والمشروعة من وجهة نظر كُردية على أقل تقدير. إذ لماذا حدث كل هذا فجأة؟ التساؤل الأول: مجموعة كبيرة من مسلحي داعش مجهزين بأسلحة ثقيلة وعبوات ناسفة ينفذون هجوماً على سجن هو الأخطر من نوعه في عموم الإدارة الذاتية، والذي من المفترض أن يكون مجهزاً بنظام أمن وحماية مناسبين. فمن هم داخل سجن الصناعة إرهابيون من الطراز الأول، سيرهم الذاتية مليئة بالجرائم المروعة التي نفذوها حين كانوا يتمتعون بسلطة مطلقة في ظل حكم الدولة الإسلامية، التي حكمت قرابة 8 ملايين نسمة في المناطق التي احتلتها في كل من سوريا والعراق. ثم كيف يتم التخطيط والتدبير لكذا هجوم منظم وواسع والإدارة الذاتية “يا غافل إلك الله” أو كما يقول المثل الكُردي: “Qey di guhê gê de bû” (وكأنها كانت في أذن الثور)؟ إذ أن الهجوم لم يكن عشوائياً أو ارتجالياً (عملية انتحارية على سبيل المثال)، بل كان منظماً على نحو جيد. والعملية المنظمة تحتاج دون شك لتحضيرات وترتيبات، والتي تستغرق وقتاً لا بأس به من الزمن. والسؤال الذي يعيد نفسه مرة أخرى: أين كانت الإدارة الذاتية وقواها الأمنية والعسكرية من كل هذا؟ التساؤل الثاني: سوريا تشهد حرباً أهلية عنيفة منذ سنوات، والوضع الأمني في سوريا ليس مستقراً بالنسبة لكل الأطراف المتصارعة. وقد استطاعت الإدارة الذاتية أن تطور بنيتها التحتية الأمنية كثيراً وقد استثمرت جهداً ومالاً كثيراً في تطوير الجيش (قوات سوريا الديمقراطية) والشرطة (قوى الأمن الداخلي “أسايش) وقوات أخرى خاصة (قوى التدخل السريع “Hêzên Hat” ووحدات مكافحة الإرهاب “Yekîneyên Antîteror”) وذلك لأنها تعيش حالة من عدم الاستقرار والحرب المستمرة. ولكن أين دور ومكان “المخابرات الكُردية” في هذه التركيبة الأمنية التي شكلتها وطورتها الإدارة الذاتية؟ أين جهاز مخابرات الإدارة الذاتية؟ فمن أهم مهام أي جهاز للمخابرات في العالم هو متابعة الوضع الأمني في الخفاء وتتبع المشتبهين سراً ومتابعة المعلومات قدر الإمكان قبل أي طرف آخر، وذلك لقطع الطريق على حدوث أي طارئ أو أية مفاجئات أمنية غير متوقعة. إذ أن جهاز المخابرات هو أول من يعلم ولا يعرف المفاجأة أو الصدفة، فكل شيء بالنسبة لجهاز المخابرات نتاج تخطيط ومتابعة. وبالعودة إلى الدور الذي كان لزاماً على المخابرات الكُردية أن تلعبه في هجوم سجن الصناعة فيمكننا قول الآتي: فبالنظر إلى تواجد السجن في وسط منطقة سكنية مأهولة بالسكان فمن الطبيعي أن تنتشر المخابرات – في إطار حماية السجن – في أحياء الحسكة وخصوصاً في تلك المشبوهة منها (حي غويران على سبيل المثال). فقد صرح المكتب الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية أن بعض الأهالي قد أووُوا المسلحين والفارين في منازلهم، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تواطئ بعض الأهالي مع المهاجمين. فأين المخابرات الكُردية من كل هذا، هل كانوا هم أيضاً نائمين في أذن الثور؟ فلوا اكتشفت المخابرات ترتيبات العملية لما حدث ما حدث. وهذا هو جوهر عمل أي جهاز مخابرات. التساؤل الثالث: لو تكن هذه المرة الأولى التي حدثت فيها أحداث شغب داخل وفي محيط سجن الصناعة، إلا أنها كانت الأعنف والأخطر من سابقاتها. حيث شهدنا تدخلاً سريعاً من التحالف الدولي بسلاح الجو ودوريات مشاة أمريكية هرعت لدعم قوات سوريا الديمقراطية، وهذا يدل على خطورة الحادثة مجملاً. فشبكة داعش استطاعت في الوقت نفسه ضرب السجن في سوريا وقتل 11 جندياً من الجيش العراقي في ديالى. ثم وبالنظر إلى واقع السجن والسجناء مجملاً يتضح لنا ما يلي: أولاً: يبدو السجن مؤقتاً. فبناء السجن لا يحتوي على كل الضرورات الأمنية مع أنه سجن شديد الحراسة (Hochsicherheitsgefängnis). ثانياً: مصير السجناء مجهول تماماً لا سيما وأنهم من جنسيات مختلفة. 5000 آلاف سجين من 52 جنسية مختلفة بينها جنسيات عربية وأوروبية. ثالثاً: هل ستتم محاكمتهم؟ أين ومتى ووفقاً لأي قانون؟ قانون الإدارة الذاتية أم القانون السوري أم ستكون لهم محكمة دولية خاصة وقوانين خاصة مشابهة لمحاكمات نورنبرغ التي عُقدت لمقاضاة مجرمي الحرب العالمية الثانية وذلك على أراضي الإدارة الذاتية؟ رابعاً: وماذا تستفيد الإدارة الذاتية والكُرد عموماً في سوريا من وجود غوانتنامو أخرى على أراضيهم؟ خامساً: الإدارة الذاتية تحرس السجن فقط، إذ لا تستطيع التصرف بالسجناء مطلقاً (كأن تجري لهم المحاكمات مثلاً). فوحدها أمريكا تستطيع التصرف بالسجن والسجناء. ولكن إلى متى سننتظر حتى تبدأ أمريكا بالبت في مصيرهم؟ فالكُرد ليسوا حراس غوانتنامو ثانية. لذلك فعلى الإدارة الذاتية أن تضع ملف معتقلي داعش في أولوياتها وأن تصر على محاكمتهم في أقرب وقت ممكن، والأحداث الأخيرة تأكد لنا مجدداً خطورة السجن والسجناء على الإدارة الذاتية عموماً والكُرد خصوصاً.
———————————
“المدن”تنشر تفاصيل غزوة سجن غويران:700داعشي يشعلون جنوب الحسكة/ خالد الخطيب
تصاعدت حدة المعارك بين “قوات سوريا الديموقراطية” المعروفة بـ”قسد”، قسد وتنظيم “داعش” في الأحياء الجنوبية لمدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، ونقل التنظيم المواجهات إلى المزيد من الأحياء المحيطة بسجن الصناعة في حي غويران، مركز العمليات الذي انطلق منه في هجومه الأكبر من نوعه منذ العام 2019.
وتواصلت الاشتباكات التي وصفها ناشطون بالـ”أعنف”، على أسوار السجن الشمالية والغربية، وبدأت “قسد” وقوات التحالف حملة قصف مدفعي وصاروخي ليل السبت/الأحد مستهدفة مبنى السجن والمواقع التي يتحصن داخلها التنظيم في محيطه.
وحاولت “قسد”، لليوم الثاني على التوالي من معاركها ضد خلايا التنظيم والفارين من السجن، أن تمنع تمدد المعارك نحو وسط المدينة وريفها القريب، وأن تمنع هجوماً جديداً لخلايا التنظيم على السجن لإخراج المزيد من السجناء المتحصنين داخله، ونشرت المزيد من الحواجز العسكرية داخل الأحياء المحيطة بمنطقة العمليات وعلى الطريق المؤدية إلى الريف.
ونفذت قوات “قسد” عمليات دهم في أحياء الليلية والزهور والنشوة الشرقية والغربية والفيلات ومنطقة المقبرة. أما في الريف، فقد طالت عمليات التمشيط قرى التوينة وصفيا وخربة إلياس والتي وصل اليها مقاتلو “داعش” أيضاَ، ودفعت قسد بمزيد من قوات المشاة التي استقدمتها من المجالس العسكرية التابعة لها في محافظتي دير الزور والرقة.
واستفادت “قسد” من وصول تعزيزات عسكرية إضافية أرسلتها قوات التحالف الدولي مساء السبت 22 كانون الثاني/يناير الى محيط سجن الصناعة في حي غويران، والأحياء الجنوبية، وهو ما مكنها من إفشال هجوم ثالث للتنظيم خلال 48 ساعة، والذي حاول عناصره من خلاله فتح ثغرة جديدة لتهريب السجناء.
قوات التحالف قامت بدورها بتكثيف الطلعات الجوية للمروحيات الهجومية التي رصدت تحركات التنظيم وقناصته الذين اعتلوا أسطح عدد من المباني المرتفعة، كما قصفت وبشكل متكرر المواقع التي تحصن فيها، وأهمها معهد المراقبين الفنيين وكليتي الهندسة المدنية والاقتصاد ومخبز الباسل سادكوب والصوامع.
وفرضت “قسد” وقوات التحالف طوقاً أمنياً في محيط سجن الكم قرب مدينة الشدادي جنوب الحسكة، وهو سجن مخصص للمعتقلين البارزين في تنظيم “داعش”. وتعكس الإجراءات الأمنية المسبقة خوف “سوريا الديموقراطية” من تكرار سيناريو سجن الصناعية في الحسكة.
ومن ضمن الإجراءات العسكرية في عموم مناطق سيطرة “قسد” شمال شرقي سوريا، ألغيت الإجازات واستنفرت قواتها وأمرت برفع الجاهزية في مختلف المناطق بعد أن كثف التنظيم عملياته واستهدف 7 نقاط عسكرية في ريف دي الزور الشمالي بالتزامن مع معارك الحسكة.
“قسد” مربكة
لا تعكس تصريحات مسؤولي “قسد” وإعلامها، حقيقة الوضع المتأزم جداً داخل مدينة الحسكة وفي ريفها القريب، فالتنظيم أربك قواتها فعلياً، ولا يزال يحتفظ بمعظم المواقع التي سيطر عليها في اليوم الأول للهجوم، وأهمها مبنى سجن الصناعة في حي غويران، وبات التنظيم أكثر قدرة على المناورة واستخدام أساليب قتالية جديدة بعد أن وسع رقعة المواجهات واستولى على كميات من الأسلحة والذخائر.
وقالت مصادر محلية متطابقة داخل مدينة الحسكة لـ”المدن” إن “عناصر القوة الهجومية للتنظيم في معظمهم لبسوا أحزمة ناسفة، وفجر العديد من العناصر أنفسهم وسط مجموعات قسد، كما قام السجناء داخل السجن بزرع ألغام ومتفجرات على البوابات الرئيسية وبالقرب من الأسوار لمنع القوات المدافعة من اقتحام الموقع”. واضافت المصادر: “الهجمات التي ينفذها التنظيم اليوم أشبه بالهجمات الانتحارية وهو ما أربك قسد، وأوقع في صفوفها خسائر بشرية”.
وأضافت المصادر أن “الزيادة في الضربات الجوية لقوات التحالف والتي كانت في معظمها عبر أسلحة رشاشة من العيار المتوسط وصواريخ موجهة والتي استهدفت المواقع التي تحصن بها عناصر التنظيم أوقعت خسائر في صفوفه، والتي وصلت لأكثر من 40 عنصراً من داعش قتلوا في يوم 22 يناير/كانون الثاني، كما أمر التحالف قوات قسد بإطلاق النار على أي مشتبه به، ولهذا كانت هناك خسائر كبيرة في صفوف المدنيين في الأحياء المشتعلة، والذين لم يتمكنوا من الخروج برغم محاولاتهم المستمرة منذ يوم الجمعة، وارتفع عدد القتلى المدنيين، بعضهم قتلتهم قسد داخل منازلهم أثناء عمليات التفتيش والتمشيط، وبعضهم قتل على أيدي عناصر داعش بتهمة التعاون مع قسد”.
وتابعت المصادر: “الأرقام التي تتحدث عنها قسد بخصوص أعداد الهاربين من سجن الصناعة غير صحيحة، فالأعداد الهاربة تتجاوز 400 عنصر، قتل منهم 100 تقريباً ولا يزال 300 آخرين خارج أسوار السجن انضموا إلى مجموعات الخلايا العاملة في الخارج والتي لا تعرف أعدادها بدقة، هناك من يقول بأن العدد الكلي لمجموعات داعش التي تقاتل قسد داخل المدينة وفي ريفها القريب يزيد عن 700 عنصر”.
نزوح متصاعد
زادت وتيرة نزوح المدنيين من أحياء الحسكة الجنوبية مساء السبت خوفاً من تصاعد المعارك خلال ساعات الليل، “فالتنظيم بارع جداً في المعارك الليلية”، وهو ما تخشاه “قسد” والمدنيين أيضاَ الذين تدفقوا بالمئات نحو الأحياء التي يسيطر عليها نظام الأسد في المربع الأمني وسط المدينة.
مجلس محافظة الحسكة التابع للنظام افتتح مباني الدوائر الرسمية والصالة الرياضية لاستقبال العائلات النازحة والتي زاد عددها خلال 48 ساعة عن 1500 عائلة، ووعد بافتتاح المزيد من المباني ومراكز الإيواء أمام التدفق الهائل للنازحين، وفضلت مئات العائلات النازحة الخروج من المدينة إلى القرى في الريف الجنوبي وعائلات أخرى لجأت إلى الأحياء الواقعة تحت سيطرة قسد والتي لم تصلها المعارك بعد.
وقال مصدر محلي في المربع الأمني التابع للنظام داخل الحسكة لـ”المدن” إن “مديرية الأوقاف وبالشراكة مع فعاليات شعبية شكلت لجنة لمتابعة شؤون النازحين، والتي كثفت جهودها خلال الساعات الماضية لإيواء الأعداد المتزايدة من النازحين التي وصلت إلى أحياء المربع الأمني”.
“قسد” مخترقة
بدأت عملية تنظيم “داعش” في سجن الصناعة في حي غويران بتفجير دراجتين ناريتين بجانب صهريجين من المحروقات كانا متوقفين أمام مقر شركة سادكوب القريبة من بوابة مبنى السجن، وما أن اشتعلت النيران بكثافة حتى هاجمت مجموعات وخلايا نائمة تابعة للتنظيم بوابة السجن وأسواره الخارجية، وكان ذلك بالتزامن مع استنفار السجناء داخله، وهجومهم في ذات الوقت على عناصر حامية السجن وقتل أعداد كبيرة منهم وأسر آخرين، وأشعل السجناء النيران بكثافة داخل السجن وسيطروا على عدد من سيارات الدفع الرباعي التي تحمل رشاشات متوسطة.
الهجوم المتزامن وبشكل منسق كما يبدو، سهّل هروب المئات من عناصر داعش، ومن بقي منهم داخل السجن تحصن داخله مستفيداً من كميات كبيرة من الأسلحة تركها عناصر قسد خلفهم أثناء عملية الانسحاب، وبدا الهروب الجزئي لعناصر التنظيم من داخل السجن كجزء من خطة كبيرة أعد لها مسبقاً، بحيث يكون السجن مركزاً للعمليات ضد “قسد”، في حين تتولى المجموعات الهاربة والخلايا النائمة توسيع العمليات الهجومية في الخارج، وفي هذه الأثناء يتم التحاق المزيد من عناصر الخلايا العاملة مع داعش بالعمل العسكري المنظم وكل في مجال انتشاره في عموم مناطق “قسد”.
وقال مصدر مقرب من قسد في الحسكة لـ”المدن” أن “العملية خطط لها بشكل جيد، واختراق داعش لحامية السجن من عناصر قسد وامتلاكه منظومة اتصال سرية سهل نجاح عمليته وتوسعها بهذا الشكل العجيب”، لافتاً الى ان “القضاء على تمرد التنظيم يحتاج إلى أسبوع على الأقل، أي استعادة السيطرة على السجن والأحياء المحيطة”، أما عمليات ملاحقة الخلايا التي انتشرت بشكل كبير في المحافظة “فتحتاج لوقت أطول بالتأكيد”.
المدن
———————————
اشتباكات عنيفة في الحسكة وعشرات القتلى والفارين بعد هجوم “داعش” على سجن غويران/ عدنان أحمد
تجددت الاشتباكات في مدينة الحسكة، شمال شرقيّ سورية، اليوم الأحد، بين عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي ومليشيا “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) والأجهزة الأمنية التابعة لها، بمشاركة متصاعدة من جانب القوات الأميركية جواً وبراً، وسط ضبابية بشأن الأعداد الحقيقية لعناصر “داعش” المشاركين في الاشتباكات، سواء المهاجمون أو الفارون من سجن الثانوية الصناعية (سجن غويران) الخميس الماضي.
وذكرت مصادر “العربي الجديد” أن العمليات العسكرية تتواصل لليوم الرابع على التوالي في منطقة السجن ومحيطه، حيث تدور منذ منتصف ليل السبت – الأحد اشتباكات عنيفة بين “قوى الأمن الداخلي” (الأسايش) و”قسد”، وقوات “مكافحة الإرهاب”، بمساندة من طيران التحالف الذي تقوده واشنطن من جهة، وعناصر “داعش” من جهة أخرى.
وتركزت الاشتباكات خاصة قرب صوامع غويران في مدينة الحسكة، فيما شهد حيّ الزهور حرب شوارع بين الطرفين قتل خلالها نحو 20 عنصراً من كلا الجانبين.
ودعت “قسد” عناصر “داعش” المتحصنين في المنازل لتسليم أنفسهم عبر مكبرات الصوت، ونفذت حملة تمشيط في الأحياء المجاورة للسجن بحثاً عن الفارين الذين يقدَّر عددهم بالعشرات من جنسيات مختلفة.
وقال مراسل “العربي الجديد” إن “قسد” تتقدم من جهة صوامع غويران وتضيّق الخناق على عناصر “داعش”، فيما دعت عبر مكبرات الصوت عناصر “داعش” المحاصرين في أجزاء من سجن الثانوية الصناعية لتسليم أنفسهم.
وبدأت “قسد” حملة تمشيط لبعض القرى في شمال الحسكة وغربها، ومداهمة بعض المنازل في قريتي خربة إلياس والتوينة، بعد ورود معلومات عن استعداد بعض خلايا “داعش” النائمة للتحرك من تلك المناطق أيضاً.
وفي بيان لها، أكدت قيادة “الأسايش” أنّ قواتها تحاصر حيّ غويران بالكامل، وتقوم بعمليات تمشيط واسعة فيه وفي الأحياء المجاورة حتى إلقاء القبض على خلايا “داعش” المختبئة.
وسبّبت الاشتباكات العنيفة بين الجانبين، منذ يوم الخميس، انقطاع الكهرباء عن أحياء كثيرة في الحسكة.
وكانت “قسد” قد حاولت، أمس السبت، اقتحام سجن الثانوية مرات عدة، إلا أن جميع محاولاتها باءت بالفشل، حيث يتحصن عشرات العناصر من التنظيم في المهاجع الشمالية للسجن، وتمكنوا من صد الهجمات من خلال القناصين.
وأوضحت مصادر “العربي الجديد” أن قناصي “داعش” يتمركزون ضمن مبنى جديد قيد الإنشاء جانب سجن الثانوية.
بدورها، استقدمت قوات التحالف الدولي عربات “برادلي” القتالية إلى حي غويران، واستهدفت الطائرات الحربية بغارة جوية أحد المباني داخل السجن، إضافة إلى استهداف مبانٍ يتحصن فيها مسلحو “داعش” في حيّ غويران تزامناً مع اشتباكات عنيفة.
كذلك وصل رتل عسكري تابع لقوات التحالف الدولي إلى محيط السجن، وسط تحليق لمروحيات تابعة للتحالف.
وفي الوقت نفسه، فرضت “قسد” طوقاً أمنياً حول سجن الكم شرقي مدينة الشدادي بريف الحسكة، المخصص لعناصر تنظيم “داعش”، واستقدمت مدرعات وعشرات العناصر إلى محيط السجن، بالتزامن مع فرض حظر تجول على المنطقة.
عشرات القتلى والفارين
وكانت “قسد” قد أعلنت أمس مقتل 17 عنصراً من قواتها وعناصر قوى الأمن الداخلي والمتطوعين في المؤسسات الخدمية، منذ بدء هجوم تنظيم “داعش” على سجن الثانوية.
ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد بلغت الحصيلة الإجمالية للقتلى منذ الهجوم على السجن 123 قتيلاً، 77 منهم من تنظيم “داعش”، و39 من “الأسايش” وحراس السجن وقوات مكافحة الإرهاب و”قسد”، و7 مدنيين.
وحسب المرصد أيضاً، بلغ عدد الفارين من السجن الذين ألقي القبض عليهم حتى الآن 136 شخصاً، بينما لا يزال العشرات فارين، حيث لا يعرف العدد الحقيقي للسجناء الذين تمكنوا من الهرب من السجن، واصطحبوا معهم العشرات من العاملين في السجن كأسرى، وظهر بعضهم في شريط مصور بثّه التنظيم.
“داعش” يزعم قتل 200 من “قسد”
من جهته، زعم “داعش”، في بيان أصدره أمس السبت، أنه تمكن من قتل أكثر من 200 عنصر من “قسد”، وأطلق سراح أكثر من 800 سجين من سجن الثانوية، مؤكداً استمراره بالقتال “حتى النهاية”.
ونقلت وكالة “أعماق” التابعة للتنظيم عن “مصدر عسكري” قوله إن عناصر التنظيم شنوا، مساء الخميس الماضي، “هجوماً واسع النطاق” على سجن الثانوية بشاحنتين ملغّمتين فجرها انتحاريان عند بوابة السجن وأسواره.
وأضاف أنه فور وقوع التفجيرين، شُنَّت هجمات من أربعة محاور على السجن، موضحاً أن الاشتباكات خارج الأسوار تزامنت مع سيطرة المساجين داخل السجن على مخزن السلاح وقتل وأسر العديد من الحراس، واقتحام السجن بعد هدم وإحراق جزء منه.
وتحدث عن إحراق نحو 25 آلية متنوعة والاستيلاء على 4 آليات دفع رباعي مزودة برشاشات ثقيلة، مضيفاً أن الاشتباكات ما زالت جارية بين الطرفين على 3 محاور: داخل السجن وعند الأسوار وداخل الأحياء القريبة منه.
ونشر التنظيم الإرهابي مشاهد مصورة لما قال إنهم أسرى من “قسد”، إضافة إلى مشاهد تظهر عشرات القتلى قال إنهم من “قسد”.
وفي تعليقه على هذه الإعلانات، قال مدير المركز الإعلامي لـ”قسد”، فرهاد الشامي، إن الصور التي نشرها “داعش” للمختطفين تهمّ “العاملين بمطبخ السجن، وقد فقدت قواتنا الاتصال معهم خلال التصدي للهجوم الأول للخلايا الإرهابية على السجن”.
وأكد المركز الإعلامي استعادة السيطرة على عدة نقاط في الجهة الشمالية لأسوار سجن الثانوية الصناعية، مشيراً إلى أن القوات تفضّل القبض على محتجزي “داعش” ممن يواصلون عملية الاستعصاء في المهاجع الشمالية للسجن وهم أحياء.
واشنطن تدعو إلى تشديد الحراسة على السجون
وفي رد فعلها على ما يجري في محافظة الحسكة، قالت وزارة الخارجية الأميركية، أمس السبت، إن هجوم تنظيم “داعش” يسلط الضوء على أهمية التحالف الدولي وتمويله لهزيمة التنظيم، مشيدة بحليفتها “قسد” لاستجابتها السريعة و”التزامها المستمر بالقتال ضد داعش”.
واعتبرت الوزارة، في بيانها، أن الهجوم يسلط الضوء على أهمية “تحسين الاحتجاز الآمن والإنساني لمقاتلي “داعش”، بما في ذلك تعزيز أمن مراكز الاحتجاز”.
وأضافت: “كما يؤكد الهجوم الحاجة الملحة لإعادة البلدان لمواطنيها المحتجزين في الشمال الشرقي من سورية، وأن تعيد تأهيلهم ودمجهم، وأن تحاكمهم حسب الاقتضاء”.
النظام يتهم “قسد” وقوات التحالف
من جانبها، دانت وزارة خارجية النظام السوري ما وصفتها بـ”الأعمال التي أدت إلى نزوح آلاف المواطنين السوريين في محافظة الحسكة وزيادة معاناتهم”.
وطالبت خارجية النظام السوري بانسحاب القوات الأميركية من شمال سورية الشرقي والقوات التركية من شمال سورية الغربي، معتبرة أن “ما تقترفه القوات الأميركية ومليشيات (قسد) أعمال ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.
ونقلت وكالة “سانا” عن بيان للوزارة قوله: “ارتكبت عصابات (داعش) و(قسد) خلال الأيام القليلة الماضية مجازر بحق المدنيين، وتدميراً هائلاً في البنى التحتية بمحافظة الحسكة، وقد شاركت قوات الاحتلال الأميركي، وخاصة سلاح الطيران، بشكل همجي في هذه الجرائم التي راح ضحيتها المدنيون الأبرياء، بمن فيهم كبار السن والأطفال والنساء من أبناء هذه المحافظة التي عانت الكثير خلال السنوات الماضية نتيجة للممارسات الدموية لهذه الأطراف”.
وأضافت: “أجبرت آلاف الأسر والعائلات على الرحيل مع أبنائها من منازلها بحثاً عن ملاذات آمنة في المناطق التي تسيطر عليها الدولة السورية، وتلقت هذه الأسر العناية العاجلة من مأوى وأدوية ومياه نظيفة وأجهزة تدفئة ومواد إغاثية، على الرغم من الضائقة التي تمر بها المحافظة بشكلٍ خاص وسورية بشكلٍ عام”.
تصعيد في درعا
جنوبي البلاد، أصيب 8 أشخاص، بينهم إصابتان بحالة خطرة، نتيجة قصف قوات النظام بقذائف الهاون على مدينة الحراك شرقي محافظة درعا.
وذكر موقع “تجمع أحرار حوران” أن قوات النظام قصفت أيضاً بلدة المليحة الشرقية من مواقعها في تل الخروف شرقي بلدة ناحتة، بريف درعا الشرقي.
وجاء ذلك عقب اشتباكات بالأسلحة الرشاشة بين مجهولين وقوات النظام على حاجزين عسكريين، أحدهما وسط بلدة المليحة الغربية، والثاني قرب بوابة اللواء الـ 52 ميكا شرقيّ درعا
————————————-
غويران:الاشتباكات تدخل يومها الرابع..وواشنطن تشيد بتصدي الاكراد لداعش
قتل 123 شخصاً خلال الاشتباكات المستمرة لليوم الرابع على التوالي بين مقاتلين من تنظيم “داعش” والقوات الكردية على أثر هجوم للتنظيم على سجن غويران في شمال شرق سوريا.
وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان الأحد، عن مقتل “77 عنصراً من تنظيم داعش و39 من الأسايش وحراس السجن وقوات مكافحة الإرهاب وقسد وسبعة مدنيين”، في آخر حصيلة. وأضاف أن “العدد أكبر من ذلك والعدد الحقيقي غير معروف حتى اللحظة، نظراً لوجود العشرات لا يُعرف مصيرهم”، إضافة إلى عدد كبير من الجرحى بعضهم في حالات خطرة.
والهجوم الذي يشنه تنظيم “داعش” على سجن غويران، هو “الأكبر والأعنف” منذ إعلان القضاء على خلافته في آذار/مارس 2019 وخسارته كل مناطق سيطرته.
وكان هجوم التنظيم على السجن الكبير في مدينة الحسكة الذي يضم آلافاً من عناصر التنظيم، بدأ ليل الخميس/الجمعة. وتحاول القوات الكردية احتواء هذا الهجوم المتواصل لليوم الرابع بدعم من قوات التحالف.
وقال المرصد الأحد، إن “السجن ومحيطه شهدا بعد منتصف ليل السبت/الأحد، اشتباكات عنيفة بين قوى الأمن الداخلي وقوات سوريا الديمقراطية” في محاولة مستمرة للسيطرة على السجن وإنهاء تواجد عناصر التنظيم في محيطه، بدعم وإسناد من التحالف الدولي. وأشار إلى اعتقال مئات السجناء “من داعش بينما لا يزال العشرات منهم فارين” من دون تحديد العدد الإجمالي للسجناء الذين تمكنّوا من الهرب.
ومنذ إعلان إسقاط خلافته في آذار/مارس 2019 وخسارته كل مناطق سيطرته، يشنّ التنظيم بين الحين والآخر هجمات ضد أهداف حكومية وكردية في منطقة البادية المترامية الأطراف، الممتدة بين محافظتي حمص (وسط) ودير الزور (شرق) عند الحدود مع العراق، وهي المنطقة التي انكفأ اليها مقاتلو التنظيم. لكن هجومه الأخير على السجن، يعد الأكبر منذ دحره، ويمثّل مرحلة جديدة في عودة ظهور التنظيم مرة أخرى.
وقال تنظيم “داعش” في بيان نشره عبر حساب وكالة أعماق التابعة له على تطبيق تلغرام، إنه سيطر على مخزن أسلحة في السجن وأطلق سراح المئات من مقاتليه منذ بدء العملية. ونشر التنظيم شريطاً مصوراً عبر الوكالة، يُظهر عدداً من مقاتليه وهم يرفعون علم التنظيم الأسود ويهاجمون السجن حيث يحاصرون ما يبدو أنه مجموعة من حراس السجن.
من جهتها، دانت الولايات المتحدة هجوم داعش على السجن. وأثنت وزارة الخارجية الأميركية في بيان، على قوات سوريا الديمقراطية لاستجابتها السريعة والتزامها المستمر بالقتال ضد داعش في شمال شرق سوريا.
وقالت الخارجية إن الهجوم يسلط “الضوء على أهمية التحالف الدولي لهزيمة داعش وضرورة تمويله بالكامل لتحسين الاحتجاز الآمن والإنساني لمقاتلي داعش، بما في ذلك تعزيز أمن مراكز الاحتجاز”. وأضاف “كما يؤكد الهجوم الحاجة الملحة على إعادة البلدان لمواطنيها المحتجزين في الشمال الشرقي من سوريا، وأن تعيد تأهيلهم و إدماجهم، وأن تحاكمهم حسب الاقتضاء”.
———————————-
الاشتباكات مستمرة بين داعش وقسد في غويران..والحصيلة 78 قتيلا
ارتفعت حصيلة قتلى هجوم تنظيم “داعش” على سجن “غويران” الذي يديره الأكراد في الحسكة في شمال شرق سوريا، والاشتباكات التي تلته، الى 78 قتيلاً، هم 45 من عناصر التنظيم المتطرف و28 من القوات الكردية و5 مدنيين.
ولا تزال الاشتباكات متواصلة بين العناصر الامنية التابعة للاكراد وعناصر داعش، ما أدى الى موجة نزوح كبيرة في المنطقة، فيما أعلنت “قوات سوريا الديمقراطية” عن اعتقال جميع الهاربين من السجن.
وقال “المرصد السوري لحقوق الانسان” في بيان السبت إن العمليات العسكرية تتواصل في منطقة سجن غويران ومحيطه ضمن الحسكة، مضيفاً أن الاشتباكات لا تزال مستمرة بين عناصر تنظيم داعش من جهة، وقوات مكافحة الإرهاب والأسايش من جهة أخرى.
وأشار إلى أن سجن غويران لا يزال تحت سيطرة داعش بينما تمكنت القوى العسكرية من عزل السجن عن محيطه. وبالتزامن، تستمر عمليات التمشيط في حي غويران وحي الزهور ومناطق في محيط السجن بحثاً عن عناصر داعش وسجناء التنظيم الفارين من السجن.
وفي السياق، أكد المرصد السوري أن عدد الفارين الذين ألقي القبض عليهم وصل حتى اللحظة إلى 130 سجيناً من داعش، بينما لايزال العشرات منهم فارين.
وفيما ذكر المرصد أن الحصيلة الإجمالية للقتلى منذ بدء عملية “سجن غويران” مساء الخميس بلغت 78 قتيلاً، أكد أن العدد أكبر من ذلك نظراً إلى وجود عدد كبير من الجرحى بعضهم في حالات خطرة، بالاضافة إلى أن العشرات من موظفي وحراس السجن مصيرهم مجهول.
بدوره، قال القائد العام لـ”قوات سوريا الديموقراطية” المعروفة بـ”قسد” مظلوم عبدي إن القوات الأمنية نجحت بمساعدة التحالف الدولي باعتقال جميع الهاربين من سجن غويران.
وأضاف عبدي في تغريدة أن “تنظيم داعش حشد خلاياه النائمة في محاولة للقيام بعملية هروب من السجن”، متابعاً أن “التنظيم استعان بانتحاريين وقام بعملية تمرد داخل السجن”.
من جهته، قال الرئيس المشترك لمكتب الدفاع في “الإدارة الذاتية” زيدان العاصي إنه “تمت إعادة السيطرة على سجن الصناعة وحي غويران بمساندة التحالف الدولي”، وفق وكالة أنباء هاوار الكردية.
وأضاف أن “الاشتباكات ما زالت مستمرة”، مطالباً المجتمع الدولي بخطوات أكثر فاعلية للقضاء على داعش، متابعاً أن التنظيم “يحاول إعادة صفوفه في سوريا والعراق”.
وتابع: “الملاحظ في هذا الهجوم أنه الأكبر والأكثر تنظيماً منذ دحر “داعش”، مضيفاً أن هذا الهجوم يدل على أن “هناك قوة دولية تساند هذه المجموعات الإرهابية أو تغض النظر عن تحركاتها في سبيل ضرب الأمن والاستقرار في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا”.
والجمعة، تبنى داعش عبر بيان نقلته وكالة “أعماق” المقربة منه الهجوم على سجن الصناعة في حي غويران. وقال إن الهدف من الهجوم هو “تحرير الأسرى”.
وأجبرت الأحداث الجارية في حي غويران وحي الزهور ومنطقة المقابر في مدينة الحسكة عشرات العائلات على النزوح من منازلهم بسبب الاشتباكات بين داعش وقوات سوريا الديمقراطية مدعومة بطائرات التحالف الدولي، بحسب وسائل اعلام مقربة من “الادارة الذاتية”.
وقال موقع “تلفزيون سوريا” إن عناصر داعش قاموا فجر الجمعة بالانتشار في حي غويران وفتشوا منازل داخل الحي، كما فتشوا في أجهزة هواتف بعض المنازل وقاموا بإعدام عدد ممن يتهمونهم بالعمل مع قسد.
وأظهرت تسجيلات مصورة قصف طائرات أباتشي أميركية مبنى كلية الاقتصاد، الذي تقول قسد إن التنظيم اتخذه مكاناً لاستهداف سياراتها وعناصرها.
VIDEO: Clashes against Daesh near al Sina’a prison followed by an airstrike on the building where they were hiding.
A billboard showing previous martyrs in the war against the Islamic State, reminding people what they are fighting for. https://t.co/jXuEH8357O pic.twitter.com/GKQMaJ6YLC
— Woofers (@NotWoofers) January 21, 2022
وأشارت قسد إلى أن كلية الاقتصاد تقع في مواقع سيطرة النظام السوري في مدينة الحسكة وتجري عمليات تمشيط داخلها.
وفي وقت سابق، أعلنت “قسد” حظر تجول في كامل مدينة الحسكة التي تتقاسم مع قوات النظام السوري السيطرة عليها، ومنعت قسد الدخول والخروج من المدينة، ونصبت حواجز على أطرافها بحثاً عن عناصر للتنظيم.
ويضم سجن غويران نحو 3500 سجين من عناصر وقيادات تنظيم داعش وهو من بين أكبر السجون التي يحتجز فيها مقاتلون من داعش في شمال شرق سوريا.
يذكر أن هذا الهجوم هو الأعنف والأضخم من نوعه من قبل داعش منذ إعلان القضاء على خلافته في آذار/مارس عام 2019 وخسارته كل مناطق سيطرته. وانكفأ التنظيم حينها إلى البادية السورية الممتدة بين محافظتي حمص ودير الزور عند الحدود مع العراق حيث يتحصن مقاتلوه في مناطق جبلية.
—————————–
واشنطن تدين هجوم داعش على سجن يديره الأكراد في سوريا
الحرة – واشنطن
دانت الولايات المتحدة الأميركية هجوم داعش، الخميس، على مركز احتجاز تابع لقوات الأمن الداخلي في محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا، في محاولة من التنظيم لإطلاق سراح مقاتليه المحتجزين.
وأثنت وزارة الخارجية الأميركية في بيان على قوات سوريا الديمقراطية لاستجابتها السريعة والتزامها المستمر بالقتال ضد داعش في شمال شرق سوريا.
وأعرب البيان عن تعازي واشنطن لأسر الحراس الذين أصيبوا وقتلوا في الهجوم الأولي بالقنابل وما تلاه من قتال.
وقالت الخارجية إن الهجوم يسلط “الضوء على أهمية التحالف الدولي لهزيمة داعش وضرورة تمويله بالكامل لتحسين الاحتجاز الآمن والإنساني لمقاتلي داعش، بما في ذلك تعزيز أمن مراكز الاحتجاز”.
“كما يؤكد الهجوم الحاجة الملحة على إعادة البلدان لمواطنيها المحتجزين في الشمال الشرقي من سوريا، وأن تعيد تأهيلهم و إدماجهم، وأن تحاكمهم حسب الاقتضاء”، وفقا لما يضيف بيان الخارجية.
والخميس، هاجم عناصر من داعش، الخميس، سجنًا يديره الأكراد في محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا ما سمح بفرار عدد غير محدد من الجهاديين، وفق ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان.
والسبت، تقدم مقاتلون يقودهم الأكراد تحت غطاء القوة الجوية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا. وقال مسؤولون إن اشتباكات عنيفة مع مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، اندلعت حول سجن كان يحتجز فيه آلاف المتطرفين.
وقال المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، سياماند علي، للأسوشيتدبرس، “تدور المعارك على حافة السجن”، مضيفا أن معظم السجن تحت سيطرتهم باستثناء الجزء الصغير الذي يحتجزه سجناء مشاغبون.
وقال علي إن مقاتلات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة استهدفت مبنى أكاديمية فنية حيث اتخذ عشرات من “إرهابي داعش مواقع لهم”.
واندلعت الحرب في سوريا في مارس 2011 إثر قمع تظاهرات مؤيدة للديموقراطية، وباتت أكثر تشعبا على مر السنوات وشاركت فيها قوى إقليمية ودولية وشهدت تصاعدا لنفوذ الجهاديين.
الحرة – واشنطن
————————–
قسد تضيّق الخناق على “داعش” ومصير مجهول لعشرات الموظفين والحراس في سجن غويران
الحسكة ـ خاص
ضيقت قوات سوريا الديمقراطية الخناق على عناصر تنظيم الدولة في محيط سجن الصناعة بعد تمكنها من التقدم في نقاط كانت تحت سيطرة التنظيم في كلية الاقتصاد والمعهد التقني في محيط السجن.
وتقدمت قوات سوريا الديمقراطية من الجهة الشمالية باتجاه سجن غويران وسيطرت على أجزاء من المعهد التقاني الهندسي وكلية الاقتصاد حيث يتحصن عناصر التنظيم.
وقال مصدر أمني لموقع تلفزيون سوريا إن “قسد تمكنت من قتل أكثر من 30 مسلحاً من تنظيم الدولة خلال الـ 24 ساعة الماضية في حين قتل ثلاثة عناصر من قسد وأصيب خمسة آخرون”.
واستهدف الطيران المروحي للتحالف الدولي أبنية يتحصن فيها عناصر التنظيم في محيط سجن غويران بالرشاشات الثقيلة كما حلقت الطائرات الحربية F16 صباح اليوم الأحد لأول مرة منذ بدء الهجوم على سجن غويران مساء الخميس الفائت.
وصعّدت عناصر التنظيم وتيرة الاشتباكات واستهدفت محيط السجن بقذائف هاون في حين ردت قسد باستهداف مماثل لمناطق سيطرة التنظيم.
وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية على محيط سجن غويران بشكل كامل فيما يتحصن عناصر تنظيم الدولة في عدد من أبنية ومهاجع السجن بالإضافة إلى كلية الاقتصاد والمعهد التقني وأبنية محيطة بها، وتمكن عدد من السجناء وخلايا التنظيم من الفرار إلى أحياء غويران وحي الزهور في محيط السجن.
وتستمر “قسد” بعملية تمشيط للأحياء والأبنية في محيط مناطق الاشتباكات وتمكنت خلال الأيام الثلاثة الماضية من اعتقال أكثر من 20 عنصراً من خلايا التنظيم ممن تمكنوا من الفرار في حين سلم قرابة 100 آخرون أنفسهم وقتل أكثر من 5 آخرين في محيط مناطق الاشتباكات.
3-64.jpg
القصة الكاملة.. كيف سيطر داعش على سجن الصناعة (غويران) في الحسكة؟
وقال ناشطون يوم أمس إن قوات الأسايش اعتقلت أحد الفارين من السجن في حي الصالحية غرب المدينة وتمكن آخر من الفرار.
وفرضت قوات الأمن الداخلي (الأسايش) حظر تجوال كاملاً وإغلاقاً للمدينة منذ يوم الجمعة في حين بدأ بعض الأهالي بحمل السلاح والانتشار في الأحياء ليلاً خشية من تسلل عناصر التنظيم إلى منازل المدنيين.
مصير مجهول للعشرات من موظفي وحراس السجن
كشف مصدر أمني لموقع تلفزيون سوريا أن أكثر من 50 عسكرياً وموظفاً مدنياً ما يزالون مجهولي المصير من حراس سجن الصناعة والموظفين العاملين في السجن.
وقال المصدر إنه “مع بدء هجوم خلايا داعش على السجن انقطع الاتصال مع أكثر من خمسين عسكرياً وموظفاً مدنياً في السجن أغلبهم من قوات الدفاع الذاتي (الخدمة العسكرية الإجبارية لقسد) وآخرون يعملون في المطبخ ومهام النظافة”.
وأشار المصدر إلى أن “المعلومات تشير إلى مقتل معظم الحراس بينهم رئيس السجن بينما وقع آخرون في الأسر”.
ونشرت وكالة أعماق تسجيلاً مصوراً يظهر أسر عناصر التنظيم لقرابة عشرين شخصاً من قسد وموظفي السجن.
وأكدت قسد صحة التسجيل وقالت إن ” هؤلاء من العاملين بمطبخ السجن وفقدت قواتنا الاتصال معهم خلال التصدي للهجوم الأول للخلايا الإرهابية على السجن”.
——————————
القصة الكاملة.. كيف سيطر داعش على سجن الصناعة (غويران) في الحسكة؟/ خالد سميسم
ثلاثة أيام منذ بدء هجوم خلايا تنظيم الدولة على سجن الصناعة الذي يحوي الآلاف من عناصر التنظيم، في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، كان الإعلان عنه بسيارتين مفخختين ضربتا أسوار السجن، الذي تديره فرق مهام خاصة لدى “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) الجناح العسكري لـ “الإدارة الذاتية” في حين ما تزال الاشتباكات مستمرة داخل السجن وخارجه إلى اليوم السبت.
الإعلان المتأخر عن الهجوم
أعلنت منصات إعلامية تابعة لتنظيم الدولة ومنها وكالة أعماق عن بدء هجوم لما سمته “تحرير الأسرى” المحتجزين داخل السجن، عبر بيان جاء فيه “مصدر أمني لوكالة أعماق: مقاتلو الدولة الإسلامية يشنون منذ مساء أمس هجوما واسعا على سجن غويران بمحافظة الحسكة بهدف تحرير الأسرى المحتجزين بداخله، وما تزال الاشتباكات جارية في محيط السجن وأحياء أخرى”، ويأتي هذا الإعلان بعد ساعات من بدء الهجوم.
الهجوم بحسب معرفات التنظيم جاء لفك الحصار عن نحو 5 آلاف مقاتل من تنظيم “الدولة” من مختلف الجنسيات تحتجزهم “قسد” في سجن الصناعة، حاولت تسليم بعضهم إلى دولهم ونجحت في ذلك إلا أن بعضهم رفضت دولهم استلامهم رغم مطالبات عديدة لـ “الإدارة الذاتية” بإنشاء محاكم في مناطق سيطرتها لمحاكمتهم لكنها لم تتلق أي وعود.
خطة التنظيم المسبقة لاقتحام سجن “غويران”
نشرت “قوات سوريا الديمقراطية” في 25 من كانون الأول 2021 أي قبل شهر تقريباً اعترافات متزعم لخلية من مرتزقة داعش كان المسؤول عن تنفيذ مخطط الهجوم على سجن غويران، إلا أن “قسد” وبعد نشرها لاعترافات متزعم الخلية، لم تتخذ إجراءات احترازية تمنع تنفيذ هذا الهجوم المخطط والذي بدأ بتنفيذه تنظيم داعش يوم الخميس الفائت.
متزعم الخلية بحسب ما نشره المركز الإعلامي لـ “قوات سوريا الديمقراطية” قال آنذاك إنهم كانوا يخططون لاقتحام السجن بثلاث سيارات ملغمة تستهدف محيط السجن والبوابات الرئيسية، لإحداث إرباك لقوى الأمن الداخلي التي تدير السجن، هذا فضلاً عن اعترافه باستخدام سيارات دفع رباعي مزودة برشاشات وأسلحة فردية وقنابل لتسليمها لعناصر التنظيم المحتجزين في حال تقدموا إلى داخل أسوار السجن وهذا ما استطاع التنظيم تنفيذه واستطاع فعلاً بحسب مصادر خاصة لـ موقع تلفزيون سوريا كانت في موقع الهجوم، إدخال كميات من السلاح إلى داخل السجن عقب تفجير السيارات الملغمة، ليستعملها عناصر التنظيم لاحقاً في السيطرة على أقسام السجن وطرد حراسه منه.
هجوم التنظيم على السجن، والبدء بعملية إخراج معتقليه بدأت بعد أيام من تحذيرات أطلقها تقرير أميركي، حذر من ازدياد وتيرة نشاط خلايا داعش داخل الأراضي السورية خلال العام الجديد، وقال حينها التقرير الذي نشره موقع فويس أوف أميركا إن العام الجديد (2022) قد يشهد ازدياداً للهجمات التي يشنها التنظيم في مناطق شرق ووسط سوريا.
الموقع أضاف في تقريره آنذاك أن “الديناميكيات الأمنية المحلية على الأرض في سوريا لم تتغير وشدد على أنّه لم يتغير شيء، فالكل وفق تعبيره لا يزال ضد داعش الذي يواجه بدوره بعض التحديات بما في ذلك توليد الزخم على مدى فترة زمنية مستدامة، وتأتي هذه التحذيرات بعد ازدياد هجمات خلايا داعش في الأسابيع الأخيرة، منها تبنيه مهاجمة حافلة عسكرية لقوات النظام السوري في البادية السورية”.
التنظيم ينفذ خطته للاستيلاء على السجن
تستمر لليوم الثالث على التوالي الاشتباكات في محيط سجن “الصناعة” والمعروف أيضاً بسجن “غويران” بين عناصر تنظيم الدولة داخل السجن وخلاياه خارج السجن من طرف و”قسد” من طرف آخر واستطاع الأول (أي التنظيم) بحسب مصادر خاصة لـ موقع تلفزيون سوريا رفضت الكشف عن هويتها إخراج المئات من المعتقلين إلى خارج أسوار السجن رغم إعلان “الإدارة الذاتية” إعادة اعتقالهم إلا أن المصادر أكدت أن الهاربين من السجن أكثر بكثير من الأعداد التي أعلنت “قسد” عن إعادة اعتقالها.
مصادر متطابقة من الحسكة أكدت لـ موقع تلفزيون سوريا أن الاشتباكات امتدت إلى أحياء عديدة في الحسكة منها غويران والزهور وحوش الباهر، وازدادت هذه الاشتباكات بعد اقتحام السجن من ثلاثة محاور بما لا يقل عن 100 عنصر من التنظيم فضلا عن استيلاء ما يقارب الخمسة آلاف سجين داخل السجن على أسلحة وعتاد ومخازن من داخل السجن إما عن طريق التواطؤ أو بسبب الفوضى داخل السجن وخوف حراس السجن الذين تخلّوا عن أسلحتهم وأماكن وجودهم هرباً من انتقام عناصر التنظيم الموجودين داخل السجن، خاصةً وأن غالبيتهم من مقاتلي داعش المدربين على حرب الشوارع.
“قسد” تتحمل المسؤولية
حمّلت مصادر إعلامية وناشطون في مدينة الحسكة، مسؤولية هجوم عناصر التنظيم على السجن والسيطرة على أسواره الخارجية وسيطرتهم على أقسام من السجن لـ “قوات سوريا الديمقراطية” التي لم تتعامل بجدّية مع التحذيرات والخطة التي اعترف بها متزعم الخلية المعتقل قبل شهر، إلا أن “قسد” لم تتعامل بشفافية مع هذه التهديدات، هذا فضلاً عن ضعف الحراسة وضعف المعلومات التي كان من الممكن أن تمنع هذا الهجوم بحسب المصادر.
المصادر قالت إنه من الممكن أن تتوسع هذه الهجمات لتشمل أحياء كاملة في مدينة الحسكة خاصة وأن عدد العناصر الذين غادروا السجن كبير جداً ومن الممكن أن يشكلوا قوة عسكرية في مدينة الحسكة وريفها.
وحمّل الناشطون “قسد” وأجهزتها الأمنية مسؤولية تواطؤ البعض من حراس السجن في إدخال الكمية الكبيرة من السلاح إلى مدينة الحسكة ومن ثم إلى السجن ليسيطر عليها عناصر التنظيم المحتجزون ويبدؤوا بالهجوم.
وسيطر مئات السجناء من تنظيم الدولة مساء الخميس الماضي، على سجن الصناعة بحي غويران، بعد هجوم شنته خلايا التنظيم من خارج السجن بسيارات ملغمة استهدفت محيط السجن، وبعد الهجوم خرج عشرات السجناء من مهاجعهم وفرضوا سيطرتهم الكاملة على السجن داخلياً، كما انتشروا في عدة أحياء مع مجموعة من عناصر التنظيم كانت تنتظرهم في الخارج.
وقالت “قسد” أمس، إنها ألقت القبض على نحو 110 من معتقلي تنظيم الدولة الفارين، في حين نقلت وكالة رويترز عن مصدر عسكري أن “قسد” قتلت 23 عنصراً من التنظيم في الاشتباكات المستمرة بمحيط سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة.
تلفزيون سوريا
——————————
أربعة محاور بهجوم “غويران”..أول رواية للمهاجمين و”قسد” تعلق
نشرت وكالة “أعماق“، التابعة لما يُسمى بتنظيم “الدولة الإسلامية”، ما قالت إنها تفاصيل اقتحام سجن الصناعة (غويران) بالحسكة، إلى جانب تسجيلات مصورة تُظهر مجموعة من مقاتلي التنظيم، أثناء احتجازهم عناصر من “قوات سوريا الديمقراطية”.
وحسبما نقلت الوكالة عن “مصدر عسكري” في التنظيم، فإن الهجوم على سجن غويران بدأ الخميس الماضي، بـ”تفجير شاحنتين مفخختين عند بوابة السجن وأسواره، ما تسبب بدمار كبير في المكان ومقتل وإصابة العديد من العناصر”.
وذكرت الوكالة أنه “فور وقوع التفجيرين انطلقت مفارز الانغماسيين بعد أن جرى توزيعهم على أربعة محاور، المحور الأول هاجم أبراج السجن ومديرية المحروقات الحكومية القريبة منه وأحرقوا صهاريج النفط بداخلها بغية التعمية على طيران التحالف”.
أما المحور الثاني فقد “هاجم مقر فوج قريب للميليشيا لقطع إمداده عن السجن، أما المحورين الثالث والرابع قاما بقطع طريقي الإمداد المتبقين عن السجن والإشتباك مع دوريات المؤازرة التي حاولت الوصول إلى المكان”.
وأشارت الوكالة إلى أن الاشتباكات خارج السجن، تزامنت مع تحركات داخله “تكللت بالسيطرة على مخزن السلاح وقتل وأسر العديد من حراس وأفراد السجن، ومن ثم اقتحام المقاتلين للسجن بعد هدم وإحراق أجزاء منه”.
وأسفرت الاشتباكات، حسب الوكالة، إلى مقتل أكثر من 200 عنصر من “قسد” بينهم مدير السجن، إضافة إلى إحراق 25 آلية متنوعة والاستيلاء على 4 آليات رباعية الدفع مزودة برشاشات ثقيلة.
وزعمت رواية التنظيم، إطلاق سراح “أكثر من 800 أسير خرجوا على دفعات”.
ونشر التنظيم تسجيلات مصورة تظهر لحظة اقتحام السجن، إضافة إلى مقطع مرئي يظهر احتجاز المُهاجمين لعناصر من “قسد”.
وكالة أعماق: #فيديو
مشاهد حصرية حصلت عليها “أعماق” تُظهر عددا من أسرى الـPKK في قبضة مقاتلي الدولة الإسلامية بعد هجومهم على سجن “غويران”
22/01/2022 pic.twitter.com/3J78mvWICS
— كبرياء رجل (@BtfS9u1ut6FsXtk) January 22, 2022
وتعليقا على التسجيلات قال مدير المركز الإعلامي لـ”قوات سوريا الديمقراطية”، فرهاد شامي، إن “المشاهد التي نشرتها معرفات رديفة لتنظيم داعش، لعدد من المختطفين، هي لعاملين بمطبخ السجن ممن فُقد الاتصال معهم، خلال التصدي للهجوم الأول للخلايا الإرهابية على السجن”.
🔴 وكالة اعماق الارهابية تنشر مقطع حول احتجاز د1عش لعناصر من مليشيا PKK ..#العراق pic.twitter.com/q5nCvFwawe
— علاء حسين__ A𝐋𝐀𝐀_H𝐔𝐒𝐒𝐄𝐈𝐍 (@alaa_hussein91) January 23, 2022
وكان “المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية”، أعلن أمس السبت، مقتل17 من عناصرها خلال الاشتباكات مع التنظيم في محيط السجن، إضافة إلى إصابة 23 آخرين من مقاتلين وموظفين مدنيين.
ويشهد سجن غويران والأحياء المحيطة به، اشتباكات منذ 3 أيام بين عناصر التنظيم وقات “قسد”، ما أدى إلى تدخل طيران التحالف الدولي.
وحتى اللحظة ما تزال تفاصيل هجوم واستعصاء عناصر وسجناء التنظيم غير واضحة، لاسيما أنها المرة الأولى التي يتعرض فيها سجن الصناعة لهجوم “واسع” من الخارج.
وتأتي رواية التنظيم وتسجيلاته، بعد إعلان “قسد” سيطرتها على السجن وحي غويران في مدينة الحسكة.
وقال زيدان العاصي الرئيس المشترك لـ”مكتب الدفاع” في “الإدارة الذاتية”، أمس السبت:“حالياً قواتنا وبمساندة التحالف الدولي جوياً تُسيطر على السجن وحي غويران سيطرة كاملة”.
وأضاف لوكالة “anha”: “لم يتبق إلَّا بعض الأفراد، ولازالت الاشتباكات مستمرة لهذه اللحظة”.
وكان قائد “قسد”، مظلوم عبدي، قد قال في تغريدة عبر “تويتر” أمس، إن قواه “نجحت في الساعات الماضية باعتقال معظم الفارين من عناصر داعش”.
وأضاف عبدي:“تمت السيطرة على المنطقة المحيطة بالسجن بالكامل واعتقال معظم الفارين”.
————————–
“قسد” تنفي السيطرة على سجن الصناعة وتعلن مقتل العشرات
نفت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، اليوم الأحد، السيطرة الكاملة على سجن الصناعة (غويران) في الحسكة، وقالت إن عناصرها “في مرحلة متقدمة من القضاء النهائي على المرتزقة الذين هاجموا السجن”.
وفي بيانٍ لمركزها الإعلامي، قالت هذه القوات التي تحدثت أمس عن سيطرتها على السجن، أن الأنباء حيال السيطرة “الكاملة على سجن الصناعة غير دقيقة(…)قواتنا سيطرت بشكل كامل على الوضع الاستثنائي الذي كان داعش يحاول الاستفادة منه”.
وأضافت:”نحن في مراحلة متقدمة من القضاء النهائي على المرتزقة الذين هاجموا السجن وتحصنوا في الأسوار الشمالية وبعض المهاجع، عمليات التطهير مستمرة بدقة، والعشرات من المرتزقة قُتلوا وأُلقي القبض عليهم خلال اليوم”.
وكان زيدان العاصي الرئيس المشترك لـ”مكتب الدفاع” في “الإدارة الذاتية”، قد قال أمس السبت، إن “قواتنا وبمساندة التحالف الدولي جوياً تُسيطر على السجن وحي غويران سيطرة كاملة”.
وتواجه “قسد” ظروفاً استثنائية منذ الخميس الماضي، في معارك يبدو أنها أحدثت تخبطاً في بياناتها، التي حاولت مع بداية الهجوم على سجن غويران منذ الخميس الماضي، الإيحاء بأنها تُحكم السيطرة على زمام الأمور ميدانياً.
وحتى مساء اليوم الأحد، تتواصل الاشتباكات مع المُسلحين الذين يطلقون على تنظيمهم اسم “الدولة الإسلامية”، في أحياءٍ محيطة بسجن الصناعة، الذي مازالت أجزاءٌ منه تحت سيطرة المُهاجمين.
وذكرت وكالة “نورث برس”، الناشطة في محافظة الحسكة، أن “الهجوم على سجن الصناعة شارك فيه 200 مهاجم وانتحاري لتنظيم داعش”.
وحتى اللحظة لم تتبلور بشكل كامل، صورة الهجوم المفاجئ الذي تزامن مع استعصاء سجناء التنظيم، لاسيما أنها المرة الأولى التي يتعرض فيها سجن الصناعة لهجوم مُنظم ومُنسق.
وشاركت مقاتلات “F16” الأمريكية للمرة الأولى في اشتباكات غويران، أمس السبت، كما توجهت عربات برادلي الأمريكية إلى محيط السجن.
أربعة محاور بهجوم “غويران”..أول رواية للمهاجمين و”قسد” تعلق
وكانت وكالة “أعماق” التابعة لما يُسمى بتنظيم “الدولة الإسلامية”، نشرت ما قالت إنها تفاصيل اقتحام سجن الصناعة (غويران) بالحسكة، إلى جانب تسجيلات مصورة تُظهر مجموعة من مقاتلي التنظيم، أثناء احتجازهم عناصر من “قوات سوريا الديمقراطية”.
وذكرت الوكالة أن الهجوم كان من أربعة محاور الأول “هاجم أبراج السجن ومديرية المحروقات الحكومية القريبة منه وأحرقوا صهاريج النفط بداخلها بغية التعمية على طيران التحالف”.
أما المحور الثاني فقد “هاجم مقر فوج قريب للميليشيا لقطع إمداده عن السجن، أما المحورين الثالث والرابع قاما بقطع طريقي الإمداد المتبقين عن السجن والإشتباك مع دوريات المؤازرة التي حاولت الوصول إلى المكان”.
——————–
انبعاث داعش من جديد في سوريا والعراق… مَن المستفيد؟/ كلادس صعب
ما جرى في الحسكة لناحية الهجوم الذي شنه عناصر “داعش” على سجن “غويران” الذي يبعد حوالي 50 كلم من الحدود العراقية وهو يقع تحت سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”(قسد) التي تحمي حقل عمر النفطي حيث تتواجد القواعد العسكرية الاميركية وبعيداَ عن الخسائر التي تكبدها الجانبان، تزامن الهجوم مع مجزرة ارتكبها التنظيم نفسه في محافظة ديالى ناحية العظيم ادى الى استشهاد 11 عنصرا من قوات الامن العراقية .
وهذا الامر طرح العديد من التساؤلات حول التوقيت الذي يتزامن مع احداث محلية في الداخل العراقي وهزيمة حلفاء ايران في السياسة ومحاولة طهران من خلال زيارة قائد فيلق القدس التابع “للحرس الثوري الايراني” الى العراق ولقائه رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر في محاولة للضغط باتجاه الحد من الخسائر التي مني بها “الاطار التنسيقي” في الانتخابات البرلمانية، كما ان الانسحاب الاميركي العسكري من العراق بات واقعاَ.
ولذا، فإن السؤال يطرح عن الترابط بين الهجومين لاسيما وان التنظيم يحمل شعار “الدولة الاسلامية في العراق وسوريا ” والمعروفة باسم الدولة الاسلامية في العراق والشام”، الا ان تحركها في هذا التوقيت الذي يتصادف مع ازمات وملفات شائكة من اوكرانيا الى الملف النووي الايراني وملف اليمن قد يكون قد سمح بتسلل التنظيم والعودة الى الانبعاث. لكن، هل لتنفيذ اجندته الخاصة ام لآخرين؟
هذه الاسئلة أجاب عليها رئيس مركز التفكير السياسي في العراق الدكتور احسان الشمري في حديث خاص “لصوت بيروت انترناشونال” حيث اعتبر ان ما جرى في سجن “الحسكة” مشابه لما جرى في العراق بما عرف بحادثة اقتحام سجن “ابو غريب” عام 2013 وارتداداته على الوضع الامني ليس في العراق فقط، انما على الاراضي السورية. .
واضاف الدكتور الشمري ان حادثة “الحسكة” تشكل اعلانا رسميا لعودة “داعش” بقوة على مستوى الجغرافيا السورية لناحية طريقة تنفيذ الهجوم لسجن محصّن، وطبيعة القوات التي تحميه “قسد” والمدعومة من الولايات المتحدة الاميركية. وهذا يدل على ان هناك تحدّيا كبيرًا من قبل هذا التنظيم، لافتاَ الى ان قوة “داعش” اليوم ليست كما شهدناها على مستوى السنوات الماضية ولكن، لا شك انه يجب ان لا نفصل بين الحدثين لان العقيدة الداعشية هي ارض الخلافة ولا يمكن الفصل بين جغرافيا العراق وسوريا. ويمكن القول إن الاوامر مازالت تصدر من غرفة عمليات واحدة وهو غير منفصل من ناحية الحركة والتنظيم حتى في ما خص العمليات. لذا، يمكن التأكيد ان هذا التزامن مدروس جداَ ويمكن اعتبار ما جرى في ديالى، وان لم يكن بحجم عملية سجن الحسكة، يمثل عملية نوعية كبيرة جدا خصوصا اذا ما علمنا طبيعة المستهدف. هنا، لا يمكن التحدث عن عمليات “ذئاب منفردة”(عمليات خاطفة) انما عملية مخطط لها بشكل دقيق لناحية استهداف مقر للجيش العراقي وسقوط عدد كبير من الضحايا، وهدفه ايصال رسائل عديدة بالتحديد ويجب الاخذ بالاعتبار ان سيطرة “حركة طالبان” على افغانستان صعقة انعاش لهذا التنظيم وصعودها من جديد.
واضاف الدكتور الشمري ان ضعف المنظومة الامنية وعدم قدرة الحكومة العراقية على السيطرة يخلط الاوراق ويعمق الازمة السياسية الحالية، لكنّ الاهم بالنسبة الى هذا “التنظيم” هو نجاحه عسكرياَ، ولكن هذا الموضوع يستغل بشكل كبير من قبل القوى والاطراف السياسية العراقية، ودخل في باب تسجيل النقاط خصوصا في ما يتعلق باختيار الرئيس الجديد للحكومة كما ان هناك محاولة لاستخدام هذه الحادثة في قضية تفوق بالنسبة الى بعض الجهات المسلحة وتعتبرها مكسبا لها لتقدم نفسها كرادع لهذا التنظيم يتفوق على الجيش الوطني وبذلك يعتبر تعويضاَ لها عن الخسائر السياسية التي منيت بها في الانتخابات الاخيرة، وترفع من اسهمها في السياسة وامكانية التفاوض على المعطيات الجديدة لناحية الخطر “الداعشي” بالاضافة الى تزامنها مع الخروج العسكري للولايات المتحدة التي يتمسكون بها لحسابات خاصة بالاجندة الايرانية. ولكن، لاشك ان الضربات الاستباقية الاميركية التي كانت تحصل بالتعاون مع الجيش الوطني كان لها دور في الحد من فعالية التنظيم.
وختم الدكتور الشمري ان “الاطار التنسيقي ” سيستخدم هذه الورقة بشكل كبير، مشيراَ الى ان صفقة ترحيل عناصر التنظيم التي حصلت في لبنان اثرت بشكل كبير لاسيما لناحية انتقالهم الى مساحة جغرافية سهلت لهم الحركة عند الحدود العراقية السورية، والتي مكنته من الدخول الى العمق العراقي. لذا، يمكن القول إن “داعش” بات “بندقية للايجار” وبالتالي، عملية استغلالها في كل المستويات ومن كل الجهات اصبحت امراَ واردا. لذلك، عودته لها حسابات كثيرة ان كان على الاراضي السورية والعراقية والتراجع الايراني على المستوى العراقي وهي ستكون غرضا للنفوذ وتقديم المساعدة للعراق من هذا المنطلق.
المصدر :صوت بيروت إنترناشونال
—————————
==================
تحديث 24 كانون الثاني 2022
——————-
أحداث سجن الحسكة: فشل أمني كردي ومخاوف من قرار إقليمي بعودة “داعش”/ شفان ابراهيم
الهجوم لم يكن مفاجئاً إلا أن “قسد” لم تأخذ مخاطره بالحسبان ولم تعد له العدة الكافية، وربما كانت تستهون الموقف، وتستخف بقدرات “داعش” في إنتاج نفسه وتنظيم صفوفه.
تبدو الحيرة واضحة على وجوه أهالي الحسكة وجميع المدن والمناطق الكردية في الأيام الأخيرة، فبعد الإعلان عن نهاية حقبة “داعش” عسكرياً، والبحث عن آليات مواجهة فكرته عام 2017، انقلب المشهد رأساً على عقب، ونشر “داعش” شريط فيديو يُظهر اقتحامه أسوار “سجن الصناعة” المخصص لمقاتليه، والذي يتجاوز عدد المحتجزين فيه الـ3500 مقاتل. تلته مقاطع أخرى، يظهر فيها عناصره يقفون خلف (وأحياناً أمام) مجموعة من معتقلي عناصر “قسد” وموظفي السجن، بعد محاصرتهم وأخذهم رهائن. كل ذلك حصل وسط حالة ذهول وقلق فتحت الباب على أسئلة كثيرة حول ما إذا كان ذلك خرقاً أمنياً أو نوعاً من التواطؤ.
تخطيط مسبق واتهامات للخارج
لا تزال خيوط التطورات الأخيرة غامضة، ولم تطرح أيّ جهة توضيحاً أو بياناً رسمياً حول الملابسات الدقيقة للحادثة، ومع إعلان “قسد” اعتقال عدد من عناصر “داعش”، تمكن “درج” من التواصل مع سيامند علي مدير المكتب الإعلامي لوحدات حماية الشعب والذي أوضح أن ثمة جهات ودولة إقليمية ملمحاً الى مسؤولية تركية ما، تولت “التخطيط لهذه العملية الذي بدأ منذ نحو 6 إلى 12، كما ثمة أيدٍ خارجية تقف وراء ذلك، مضيفاً “أن التحقيقات لم تنته بعد، وسيكون هناك المزيد من الوثائق والحقائق التي تكشف كل شيء في الفترة المقبلة”.
في حين وصف الباحث الكردي الدكتور فريد سعدون حادثة الاقتحام بالأمر المتوقع، فقد سبقتها محاولات داعشية عدة للتمرد واقتحام المكان، “لكن هذه المحاولة كانت الأكبر والأكثر تخطيطاً وتعقيداً، وتمكنت من زعزعة الاستقرار، وكشفت حجم الثغرات في الجهاز الأمني لقسد، وعرت جوانب حساسة في منظومة الحماية والحراسة”.
الهجوم لم يكن مفاجئاً إلا أن “قسد” لم تأخذ مخاطره بالحسبان ولم تعد له العدة الكافية، وربما كانت تستهون الموقف، وتستخف بقدرات “داعش” في إنتاج نفسه وتنظيم صفوفه. وقد أثبت هذا الهجوم أن الحاضنة الشعبية لـ”داعش” ما زالت متعاونة وموالية إلى حد كبير”. في حين أن صحافياً كُردياً اشترط عدم ذكر اسمه يقول “الخرق واضح، وكل المبررات لا تنفع، ما يهم الإدارة الذاتية هو كسب ود المكون العربي، ولو على حساب الحقوق الكردية، لولا التواطؤ لما كانت مجموعة ضخمة من الدواعش دخلت السجن وسيطرت عليه. غداً يدور الحديث عن أيادٍ خارجية وراء الموضوع، لتبرئة المتورطين الحقيقيين”.
“وجود سجن لداعش في منطقة تجمع سكاني خطأ نعترف به، لكن الأوضاع المادية هي التي تتحكم بنا”.
ماذا عن حاضنة “داعش”؟
يعيد سيامند أحد أسباب التوترات الأمنية إلى عدم جدّية المجتمع الدولي في معالجة ملف أسرى “داعش”، “فمنذ ثلاث سنوات، قسد والإدارة الذاتية تدعوان إلى إيجاد حل جذري لمعتقلي التنظيم لديهما، إذ لا تستطيعان مواجهة هذه المشكلة بلا مساعدة، ودعت الجهتان إلى إيجاد حل جذري كإنشاء محكمة دولية، أو بناء مخيمات أو أماكن خاصة لهم بعيداً من التجمعات البشرية”. ويوضح أن “وجود سجن لداعش في منطقة تجمع سكاني خطأ نعترف به، لكن الأوضاع المادية هي التي تتحكم بنا”. كما يستبعد سيامند انعكاس ما حصل على الترابط الاجتماعي، “قسد تتألف من كل المكونات، وأيّ انتصار أو فشل، الجميع مشتركون فيه”. لكن من يعيش في محافظة الحسكة يدرك حجم الغبن والظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها المنطقة، ومدى التذمر الشعبي على مستويات عدة، وهو واقع يرى الدكتور فريد أنه من الأسباب التي زادت النقمة على الإدارة الذاتية وساهمت في تضخم حواضن “داعش”، “على الأرجح هذه الحاضنة تتحين الفرص لعودة التنظيم، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الإدارة الذاتية فشلت إلى حد كبير في استمالة هذه الحاضنة أو تغيير مواقفها، إذ لم تستطع أن تؤمن البديل الأنجع والأفضل من حيث تقديم الخدمات الحياتية وتوفير ظروف عيش مناسبة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتعددية السياسية، وهذا أثر بشكل كبير في تردد تلك الحاضنة في الانتقال من ضفة داعش إلى الضفة الأخرى”.
من جهة أخرى، يعيد سعدون أسباب عدم تطور الأمور عسكرياً لأكثر من ذلك إلى كون “داعش غير مهيأ لخوض حرب مفتوحة مع قسد، ولكنه سيجهد في خلق بؤر توتر في مناطق مختلفة ومتعددة وذلك لتشتيت قوات قسد ومنع تركيز جهودها على نقطة بعينها”، لكنه يُرجح أن تبقى الحسكة بؤرة توتر مفتوحة كونها “تحتوي السجن المخصص للدواعش، فضلاً عن مخيم الهول الذي يشكل البيئة المناسبة لتفريخ داعش”.
هل ثمة مخاوف على شنكال؟
في صيف 2014، شن تنظيم الدولة “داعش” هجوماً على جبل شنكال ومزاراته ومراقده الدينية، واختطف آلاف النساء والقاصرات، وما أن بدأت عملية سجن الحسكة، وفرار عناصر منه، حتّى بدأت المخيلة الكردية في سرد أحاديث وتفاصيل ذلك الاجتياح، والمخاوف من تكرارها.
يرى د. فريد أن “شنكال ستكون الهدف الرئيسي والمسكوت عنه لداعش، الذي سيشدد انتباهه على الحسكة، وعينه على شنكال كونها منطقة جبلية وعرة صالحة لحرب العصابات، ومنطقة نزاع بين ميليشيات مختلفة، ومنطقة متنازع عليها بين كردستان وبغداد، ويتقن عناصر داعش مداخلها ومخارجها جيداً”… وبحسب سعدون “من يسيطر على شنكال يستطيع أن يهدد إقليم كردستان وروج آفا معاً”.
تقول وجهة نظر أخرى إن كردستان العراق اليوم يختلف عن عام 2014، وله علاقات قوية وجيدة مع رئاسة وزراء العراق، وثمة اتفاقيات جديدة بين البيشمركة والجيش العراقي، وتنتشر نقاط البيشمركة على طول الحدود مع المنطقة الكردية في سوريا، عدا أن دخول داعش إلى شنكال سيعني تأخيراً لتشكيل الحكومة العراقية وهو ما لن ترضاه واشنطن ولا العراقيون أنفسهم.
الخوف يمتد عراقياً
ونشر المكتب الإعلامي للنائب العراقي عن كتلة “الحزب الديمقراطي الكردستاني” فيان دخيل حول ما يحصل في الحسكة بياناً جاء فيه ” نتابع بقلق بالغ عملية هروب العشرات من عناصر تنظيم داعش الإرهابي من سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة السورية، ضمنهم نحو 20 قيادياً من التنظيم الإرهابي من الجنسيتين السورية والعراقية”. ووصف عملية هروب السجناء بإعادة “سيناريوات قديمة مشؤومة في العراق إبان هروب مجموعة كبيرة من الإرهابيين من سجن أبو غريب والمآسي التي حصلت في سنجار وسبايكر ونزوح ملايين العراقيين”.
وتسيطر “قوات سوريا الديموقراطية” على كامل المنطقة الممتدة من منقار البطة على الحدود السورية- العراقية- التركية إلى تخوم رأس العين/ سري كانيه، ومن ضمنها المنطقة البرية الواصلة بين الحسكة- الهول- الحدود العراقية. وينفي سيامند أيّ إمكانية لتمدد “داعش” إلى شنكال، إذ تم تشكيل حزام أمني حول منطقة السجن وجميع أحياء الحسكة، وبالتالي، لا يستطيع الفارون أو المتوارون عن الأنظار الخروج من هذا الحزام، وشنكال بعيدة جداً منهم ولدينا حواجز في كل مكان”.
حصيلة الأيام الماضية من الاشتباكات قاربت الـ150 قتيلاً، بينهم مدنيون وفق إحصاءات غير رسمية، لكن الرقم مرشح لزيادة مخيفة نظراً لوجود مفقودين مجهولي المصير حتّى الآن، عدا المصابين بجروح خطيرة تهدد حياتهم، والأسرى لدى “داعش” الذين ما زال مصيرهم معلقاً.
درج”
————————
عين “جوية” على سجن “الصناعة”: من المستفيد من “تحرير” داعش؟/ رامي الأمين
يظهر بوضوح السور الكبير الذي بُني حول السجن، بدعم وتنفيذ من القوات البريطانية. كما تظهر الكثير من الاجراءات الأمنية اللوجستية على أطرافه، خصوصاً الأسلاك الشائكة والكاميرات. لكن هذه الإجراءات اثبتت انها ضعيفة وبلا جدوى، بعد اقتحام مسلّحي “داعش” السجن، وتحرير مئات السجناء.
يأتي الخبر العاجل على نحو غامض، لكنه يسترعي اهتمام الجميع: سماع دوي انفجار كبير في الحسكة. هنا، في أربيل، عاصمة إقليم كردستان- العراق، عاد اسم “داعش” ليتردد كثيراً على الألسن في الأيام القليلة الماضية، بعدما قامت مجموعة مسلحة من التنظيم العائد إلى المشهد، باقتحام سجن “الصناعة” في منطقة الحسكة، وتحرير مئات السجناء من عناصر التنظيم، وأسر مجموعة من الحراس الأكراد من “قوات سوريا الديموقراطية”.
على إثر هذا الخبر، شاعت معلومات، مصدرها تسجيلات صوتية انتشرت عبر “واتساب” بين صحافيين ونشطاء عراقيين وأكراد، عن توجّه العناصر الفارّين إلى سنجار. كثيرون أخذوا هذه التسجيلات على محمل الجدّ هذه المرة، وإن كانت الإمكانية اللوجستية لوصول عناصر “داعش” إلى سنجار صعبة، مع انتشار الجيش العراقي وقوات “قسد” وبقية القوات الكردية على الحدود بين سوريا والعراق في تلك المنطقة.
لكن دخول هذه العناصر إلى العراق ليس مستحيلاً مع حدود شاسعة فالتة، خصوصاً في المناطق الصحراوية، أو في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات تابعة لـ”الحشد الشعبي”، لا تمتلك غطاء جوياً ولا طائرات استطلاع ولا إمكانية مراقبة جيدة للحؤول دون عبور عناصر التنظيم في اتجاه الأراضي العراقية. ولا يبدو أن ضعف امكانية الحشد وحده ما قد يسمح بعبور كهذا، بل أيضاً يتداول صحافيون عراقيون إمكانية وجود مصلحة لدى الحشد في إعادة إحياء وحش “داعش”، الذي كان المسوّغ الأساسي لخلق “الحشد الشعبي” وتشريعه عبر الفتوى الشهيرة للمرجع الشيعي علي السيستاني. فالحشد مني بهزيمة كبيرة في الانتخابات النيابية العراقية الأخيرة، ويبدو أن ظهور “داعش” قد يشكل فرصة لإنقاذه من المأزق الانتخابي والشعبي الذي وقع فيه.
في خضمّ هذه الأخبار المتواترة من خلف الحدود، كان لـ”درج” الحظ بلقاء أحد الصحافيين العراقيين الذين زاروا سجن “الصناعة” في الحسكة عام 2019، بعد أخذ موافقات من “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد). كان السجن في وقتها عبارة عن 8 مبان كانت عبارة عن مدرسة مهنية (صناعية) كبيرة. معظم السجناء كانوا من العراقيين والسوريين، مع جنسيات عربية أخرى منها مصرية وتونسية ولبنانية وسودانية وجزائرية، فضلاً عن مقاتلين من أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وقد حشر الجميع في مكان مكتظ. وأكثرية من هم في السجن الذي يضم حوالى خمسة آلاف سجين (بينهم عدد قليل من الأطفال)، كانوا من المستسلمين في معارك باغوز، آخر معاقل التنظيم التي سقطت عام 2017 على يد قوات قسد. ويقول الصحافي العراقي، الذي تابع عن قرب أحوال السجن فضلاً عن وضع مخيم الهول، الذي يضم نساء وأطفال “داعش”، إن عدد سجناء عناصر “داعش” في تلك المنطقة يصل إلى عشرة آلاف سجين موزعين على أكثر من سجن تحت حراسة قوات “قسد”، وأكبر هذه السجون هو سجن “الصناعة” في الحسكة.
كان التحالف الدولي والولايات المتحدة يقدمون مساعدات مالية ولوجستية إلى قوات “قسد” لإدارة السجن والسيطرة عليه أمنياً. لكن هذه المساعدات لم تكن كافية، برأي الصحافي العراقي، الذي رأى بأم العين الحال المزرية للسجن المكتظ، والذي يبدو لمن يزوره كقنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة. ولم توفر “قوات سوريا الديموقراطية” مناسبة إلا وأعلنت فيها عن حاجتها إلى الدعم المالي واللوجستي لإبقاء السيطرة قائمة على السجن، فضلاً عن مطالبات بضرورة إجراء محاكمات لإقفال الملفات، وتسليم السجناء إلى الدول التي ينتمون إليها.
وفي حين أن الولايات المتحدة استردّت السجناء الذين يحملون جنسيتها، فضلاً عن عائلاتهم الموجودة في مخيم “الهول”، ونقلتهم إلى أراضيها، لم تحذ دول أوروبية حذوها، وتبدو هذه الدول متنصلة من المسؤولية عن هذا الملف المعقّد، خصوصاً في ما خص المحاكمات، التي قد تنتج عنها أحكام بالإعدام لا تتوافق مع معايير هذه الدول وقوانينها، أو تنتج عنها أحكام بالسجن المؤبد، وهو ما يحتاج إلى تمويل كبير لتأمين السجن والتكاليف والتدابير الأمنية اللازمة.
في صور جوية، أطلعنا عليها الزميل العراقي، التقطها بنفسه من طائرة تابعة لقوات قسد، يظهر بوضوح السور الكبير الذي بُني حول السجن، بدعم وتنفيذ من القوات البريطانية. كما تظهر الكثير من الاجراءات الأمنية اللوجستية على أطرافه، خصوصاً الأسلاك الشائكة والكاميرات. لكن هذه الإجراءات اثبتت انها ضعيفة وبلا جدوى، بعد اقتحام مسلّحي “داعش” السجن، وتحرير مئات السجناء. ويقدّر زميلنا العراقي ان يكون ما يقارب من 2500 سجين ممن عاينهم عن قرب في السجن قادرين على القتال، بمعنى أن حالتهم البدنية والصحية تسمح بذلك، فيما لاحظ وجود العشرات في قسم الاستشفاء، وهؤلاء كانوا يعانون من إصابات وأمراض وإعاقات دائمة، تمنع معظمهم من العودة إلى القتال إذا أرادوا ذلك.
يرى كثيرون أن “قسد” قد تستفيد مما حدث في سجن “الصناعة” لإثبات ما كانت تنادي به دائماً من ضرورة دعمها بالمال والسلاح واللوجستيات لضمان السيطرة على السجون التي تضم عناصر التنظيم الإرهابي، وبالتالي الضغط من أجل الحصول على دعم إضافي، ولفت الأنظار إلى قضية أدار العالم لها ظهره منذ الإعلان عن الانتصار على “داعش” عام 2017.
ما يقلق زميلنا العراقي هو تأثير عملية الفرار من السجن على الوضع في مخيم الهول، لأن معظم المسجونين الفارين من عناصر “داعش”، لديهم عائلات في المخيم، الذي يشكّل معضلة أخرى لقوات “قسد” من جهة، وللتحالف الدولي والولايات المتحدة من جهة ثانية.
كانت قوات “قسد” تشير بشكل دوري من خلال تقارير شهرية، إلى “مواصلة خلايا داعش نشاطها داخل مخيم الهول عبر تنفيذ مزيد من عمليات القتل بحق القاطنين الذين يبتعدون من أفكار التنظيم المتشددة”، لكن التحالف الدولي ومعه الولايات المتحدة والحكومة العراقية المركزية، لم يعملوا على حلّ هذه المعضلة، وتفكيك القنبلة الثانية المعدّة للتفجير، بعد انفجار “قنبلة” سجن “الصناعة” وخروج مئات العناصر من “داعش” إلى الحرية، التي تعني في ما تعنيه، سجن الجميع في قلق أمني شديد، يعيد إلى الأذهان سنوات من رعب الإرهاب الداعشي الذي ظن العراقيون والعالم أنهم تخلصوا منه.
درج”
—————————–
إنها الجزيرة الفراتية وليست شرق الفرات/ عمر الشيخ إبراهيم
تعدّ الجزيرة السورية (الرقة – دير الزور – الحسكة) من أهم المناطق السورية، نظراً إلى ما تتمتع به من ثروات متنوعة، كالطاقة والغاز، والقمح الذي يمثل أمنا غذائيا للشعب السوري، إضافة إلى مرور نهري الفرات ودجلة فيها، وهما شريانا حياة حقيقيان للسكان، سواء لمشروعات الري والشرب أو توليد الطاقة الكهربائية، خصوصا لمدينة حلب، الصناعية والتجارية، وكذلك موقعها الاستراتيجي المحاذي لتركيا والعراق، والمقلق لحكومتيهما. كما أن مرور خط الإمداد العسكري والعقائدي الممتد من طهران إلى بغداد فدمشق، وصولا إلى ضاحية بيروت الجنوبية، جعلها ساحة نفوذ وصراع كبيرة بين القوى الإقليمية والدولية، بشكل مباشر أو عبر الحلفاء المحليين لكل طرف.
العامل الأهم هو التنوع الاجتماعي القومي الطائفي والديني في هذه المنطقة، من عرب، كرد، أيزيديين، شيشان، تركمان، إضافة إلى أكثر من سبع طوائف مسيحية أصيلة في تلك الأرض. وقد جعل هذا التنوع الجزيرة السورية بقعة اجتماعية جاذبة ومهمة لكل القوى عبر التاريخين، الحديث والقديم، فيما عرفت به ببلاد ما بين النهرين (دجلة والفرات)، ونشأت فيها حضارات عريقة، وكانت ساحة صراع دائمة بين الحضارات المتعاقبة أو المتصارعة. ولهذا البعد الاجتماعي بالغ الأثر في الصراع في الجزيرة العليا طوال الحقب التاريخية، ولحصر موضوع المقالة هنا بالأحداث الراهنة، يمكن الاعتقاد أن اهتمام القوى الدولية بها جاء لاعتبارات دينية بالدرجة الأولى، وخصوصا للوجود الغربي الأوروبي، وقومي بالنسبة لتركيا والكرد، وطائفي بالنسبة للتنظيمات الراديكالية (الشيعية والسنية). ربما هذا الدافع مستتر وغير ظاهر في الحراك المحلي والإقليمي والدولي، ولكنه أحد المحرّكات الرئيسية لهذه القوى باعتقاد كاتب المقال.
كان وجود المسيحيين في هذا الشرق هاجسا كبيرا لجميع القوى، لاعتباراتٍ عديدة لا يتسنّى ذكرها جميعاً هنا، أهمها الدور الحضاري والإنساني للمسيحية، وتمسّك مسيحيي الشرق بعروبتهم وانتمائهم لهذه الأرض، على الرغم مما قدّم لهم من إغراءات ومزايا لهجرها باتجاه “العالم المسيحي”، ومساهمتهم كذلك في النهضة العربية والدور البارز في التماسك المجتمعي وخطابهم المنحاز عبر التاريخ إلى السلام والوئام بين مكونات المنطقة، إضافة إلى ما تمثله من غنى ثقافي فريد من نوعه، يكفي أن نستذكر كيف عملت الحضارات المتعاقبة على ترهيب المسيحيين أو ترغيبهم لطردهم من مناطق سيطرتها أو استمالتهم لجانبها، لندرك أهمية وجودهم.
يدّعي بعضهم أن سنوات الثورة السورية وما تخللها من حروب وتبادل السيطرة بين قوى راديكالية طائفية وقومية دفعت عشرات الآلاف من المسيحيين إلى الهجرة واللجوء إلى الغرب، ولكن ينسى هؤلاء أن هجرة المسيحيين من الجزيرة السورية لم تتوقف طوال فترة حكم حزب البعث. وتفيد الإحصائيات بأنها تعدّت مئات الآلاف طوال تلك العقود، في وقت كانت سورية تنعم بالسلام والأمان والتماسك المجتمعي كما روّج النظام، فلماذا هاجر هؤلاء إذاً؟
صحيحٌ أن المسيحيين مثلهم مثل باقي شركائهم في الوطن، هاجروا ولجأوا خلال العشرية الثورية الدموية الأخيرة، ولكن هذا جاء في سياق عام شمل جميع السوريين، بينما لم يكن كذلك طوال عقود حكم الأسد الأب والابن الأولى. يعتقد الكاتب أن سياسات الدول الكبرى كانت تهدف إلى إفراغ الجزيرة السورية من السوريين المسيحيين، وكانت السياسات نفسها تعمل على إفراغ الشرق العربي بأكمله منهم، منذ الاحتلالات المتعاقبة، وصولا إلى ما حدث في العراق أو لبنان إبّان الحروب الأهلية المتعاقبة والاجتياح الصهيوني له لاحقا، وقرأ نظام الأسد الأب ثم الابن هذه الرغبة مع محاولتهما الحفاظ على وجود مسيحي “تزييني” لصورته، ضمن حيز مصالحه الضيقة، ليكون مفرغاً من الفعالية السياسية والاجتماعية والوطنية التي لعبها المسيحي في كل الاستحقاقات الوطنية السورية، والأمثلة كثيرة عليها. وبالتالي كانت ورقة المسيحيين في الجزيرة السورية يتلقفها جميع الفاعلين المحليين الدوليين، للحصول على حلفاء ومكتسبات تخدم أغراض كل منهم.
ويعدّ التنوّع القومي كذلك محرّكا رئيسيا في المنطقة لكل من قوات الحماية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، النسخة السورية لحزب العمال الكوردستاني، ولتركيا (القومية) وحلفائها المحليين من تركمان سوريين وفصائل المعارضة السورية. والصراع هنا ليس أيديولوجيا، وإن كان الحزب الحاكم في تركيا ذا خلفية دينية، ولكن الحقيقة أن أسس القومية في الدولة التركية أقوى من البعد الديني، ويكفي أن تجد أن الرئيس أردوغان (السني) يقف سنويا أمام ضريح أتاتورك (القومي) ليحييه، حتى تعرف المعادلة وتفهم المحرّكات، مع عدم إغفال أهمية العامل العقائدي لسياسة الحزب الحاكم واستراتيجيته في ملفات المنطقة العربية.
ولدى إيران كذلك اهتمام كبير بالجزيرة السورية، كون طريق إمدادها إلى دمشق وبيروت يمر عبر تلك المنطقة، وهو طريق حيوي واستراتيجي، وربما مصيري في ظل الظروف التي يمر بها المشروع الإيراني، ولكن أيضا لديها بعد عقائدي، فقد نشطت إيران، عبر أذرعها الثقافية، الحسينيات وغيرها في المنطقة، خصوصا بعد احتلال بغداد. كما أنه زاد بعد حرب 2006 في لبنان. وعمل النظام الأسدي على إهمال تلك المنطقة، وأصدر قرارا كان منعطفا كبيرا لحياة السكان هناك، نصّ على تحريم زراعة آلاف الهكتارات في منطقة ريف الحسكة الجنوبي، وصولا إلى حدود دير الزور والرقة الإدارية، بحجّة الرعي والحفاظ على الثروة الحيوانية، أصبح بموجبه عشرات آلاف السكان المحليين من دون وارد مادي، كون الزراعة مصدر رزقهم الرئيسي، وهذا أدّى إلى انتقال عشرات الآلاف إلى محافظات أخرى للعمل في مزارع ومداجن بحثا عن مصدر رزق لعائلاتهم. وهنا تدخلت الحسينيات (التبشيرية) للنظام الإيراني، وقدمت بعض الدعم من سلل غذائية شهرية ورواتب لمن بادر إلى التشيع وتبني الخطاب العقائدي للنظام الإيراني وذراعه حزب الله، بتسهيل كامل من نظام الأسد، وهو ما أحدث احتقانا كبيرا، خصوصا لدى أهالي ريف دير الزور، المعروف عنهم غيرتهم السنية والعروبية، فكان لهذا العامل المزدوج أثره الكبير في ما بعد لما حصل في المنطقة من ظهور التيارات الراديكالية التي استثمرته بشكل كبير لتوسيع حاضنتها.
ولاهتمام جبهة النصرة، ومن ثم ما تسمّى دولة الخلافة الإسلامية (داعش)، بالمنطقة الممتدّة من الموصل وصحراء الأنبار (الجزيرة الفراتية)، وصولا إلى أطراف حلب الإدارية (غرب الفرات)، جذور تاريخية، عمل عليها أبو مصعب الزرقاوي، حين انتقاله من أفغانستان إلى العراق. ويبدو، من تحرّكاته في جغرافية محدّدة ذات غالبية سنية، أنه كان ينشط لإعادة إحياء الدولة الزنكية الممتدة من (أتابكيتا) الموصل إلى حلب، وهو ما عملت عليه لاحقا جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي استطاع السيطرة على أهم مدينتين فيها، الموصل والرّقة، إضافة إلى مساحات كبيرة ومهمة من ريف حلب الشرقي وصولا إلى أحياء داخل المدينة.
استنهضت قوات الحماية (الكردية)، النسخة السورية لحزب العمال الكردستاني، الخطاب القومي لدى شارعها في مواجهة النفوذ التركي وفصائل المعارضة المدعومة من تركيا، على اعتبار أن جلها من عناصر عربية وتركمانية (مع الإشارة إلى وجود عناصر كردية محدودة)، وكذلك في وجه التنظيمات الراديكالية التي تقول قوات الحماية إنها تخدم أجندة تركيا في المنطقة، واستطاعت كسب ثقة واشنطن في قدرتها على التنظيم والحشد، وكذلك التحكم والسيطرة، وتكتيكات القتال، خصوصا في وجه “داعش” وجبهة النصرة، واستثمرت هذه القوات، بشكل كبير، خطاب هذين الاستئصالي بوجه بقية المكونات غير المسلمة، وخصوصا المسيحيين والأيزيديين في سنجار، وعزّزت ذلك الاستثمار بجرائم تم ارتكابها في قرى مسيحية في ريف تل تمر ورأس العين والحسكة، وخصوصا الآشورية منها، لتدق ناقوس الخطر الوجودي للمسيحيين في الجزيرة، إضافة، بطبيعة الحال، إلى مصير السوريين الكرد والأيزيديين، وقد دفع هذا الأمر واشنطن وغيرها إلى الاعتماد على قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في محاربة الإرهاب، وتوج هذا التحالف والتنسيق بطرد التنظيم من الرقة والقضاء على آخر معاقله في الباغوز، والتي كشف تحقيق لصحيفة نيويورك تايمز عمّا أسماها جريمة حرب، ارتكبتها القوات الجوية الأميركية في منطقة بالقرب من الباغوز في تلك المعركة.
نتج عن هذه المعارك مع “داعش” اعتقال آلاف ممن قيل إنهم كانوا ينتمون للتنظيم، وتم وضعهم في سجون خاصة في الحسكة والرقة. وبطبيعة الحال، لا يستطيع أحد القول إن هؤلاء جميعا خضعوا لتحقيق دقيق وموضوعي قبل اعتقالهم، لأن عددهم يفوق قدرة أي قوى أمنية أو سلطة قضائية، وكذلك لا يستطيع أحد الجزم ببراءتهم. وفي المحصلة، وجدت “قسد” نفسها أمام مسؤولية كبيرة إزاء هؤلاء لوجستيًا وأمنيًا، وحاولت إزاحة جزء من هذا العبء، بإطلاق سراح الآلاف منهم، من خلال وساطات عشائرية قام بها شيوخ القبائل، ولكن خلايا التنظيم بدأت تنشط بين الفترة والأخرى في تلك المنطقة، وربما بدأت حاضنته بالتوسّع، استناداً إلى بعض السلوكيات والاستراتيجيات التي قامت بها عناصر كردية ضمن “قسد” في مناطق عربية خالصة جنوب الحسكة وصولا إلى ريف دير الزور والرّقة، ما دفع بعضهم إلى الانضمام لتلك الخلايا.
ومع فشل الإدارة الذاتية، حاليا، في تحسين مستوى الخدمات في مناطق سيطرتها في الجزيرة السورية، على الرغم من توفر الثروات والموارد، ومع تعنّتها في إيجاد صيغة توافق مع المجلس الوطني الكردي، ومع تململ “الشارع الجزراوي” من انتشار الفساد والمحسوبية وتردّي الحالة المعيشية، إضافة إلى عدم ترسيخ سلطة محلية خدمية منبثقة عن انتخابات نزيهة وحرّة، واحتكار السلطة من دون شراكة حقيقية وفاعلة لمكونات المنطقة الأخرى، ووسط قلق من تخفيض عدد القوات الأميركية أو رغبتها بترك المنطقة بعد مداولات في الكونغرس إزاء تخفيض الميزانية العسكرية لتلك القوات في المنطقة، وجاء هذا التفجير عبر سيارة مفخّخة، استهدف سجن الصناعة المخصص للمتهمين بأنهم دواعش، أدى إلى نشوب معركة في أحياء الحسكة الجنوبية والمحيطة بالسجن بين الخلايا المهاجمة وقوات الحماية معزّزة بالطيران الأميركي، وتردّد أن عشرات فرّوا من السجن، وسط حالة ذعر ونزوح للأهالي.
وفي أي ظرف يجد فيه المدني نفسه مخيرا بين العيش في حالة من السلام والأمان والعيش بواقع فساد وغلاء، سيميل فطريا إلى القبول بالثانية خوفا من الأولى. وهنا تتبدل الأولويات وتتأجل الطلبات وتخمد جذوة النزق الشعبي حيال الإدارة، كما تترسّخ شرعية البندقية واحتكار مكافحة الإرهاب لطرف فشل، على ما يبدو، في تقديم الخدمات وإرساء أقل مستوى من الحياة الديمقراطية التي يؤمن بها، بينما ينجح، إلى حد ما، في الميدان والقتال والإمساك بزمام الأمن في مناطقه.
العربي الجديد
—————————
الجوكر “الداعشي”/ مهند الحاج علي
لم يُخطىء مقتدى الصدر الزعيم السياسي العراقي الفائز أخيراً بأكبر الكتل في الانتخابات البرلمانية العراقية، في وصف التهديد الداعشي المتصاعد، وتحديداً اعتباره أن المشكلة الأكبر تتمثل في تضخيم القوى المسلحة الموالية لإيران “الأمر ليشيع الخوف والرعب والطائفية في أواسط الشعب العراقي فيكون بنظرهم حامي الأرض والعرض”.
هناك شكوك حيال تسهيلات محتملة لنشاط تنظيم “الدولة الاسلامية” (المعروف بداعش) ليس فقط في العراق، بل أيضاً في سوريا ولبنان، أمنياً وإعلامياً. ولهذه الشكوك مبرراتها على المستويين السياسي واللوجستي.
كيف تخرج ميليشيات مسلحة موالية لإيران من مأزق سياسي يتمثل في خسارتها الانتخابات البرلمانية العراقية، وتصاعد حدة الانتقادات لها سياسياً وشعبياً (في الوسط الشيعي قبل غيره)؟ تُساعد أو تُهيء لخلق تهديد خارجي يكون محط إجماع بين القوى المختلفة، من أجل إعادة خلط الأوراق. تنظيم “الدولة الاسلامية” المعروف بـ”داعش” هو ورقة الجوكر، أي البطاقة “المخلصة” أو القابلة للاستخدام في أسوأ الظروف لقلب الطاولة على الجميع. القوى المسلحة الموالية لإيران اكتسبت شعبيتها ونفوذها وشرعيتها المحلية من خلال قتال “داعش” خلال السنوات الماضية، ولكنها اصطدمت بجدار الرفض الشعبي بعدما فشلت في إدارة البلاد. خلطت هذه الجماعات بين فرض أجندة اجتماعية محافظة على الشباب بقوة السلاح، وبين إدارة فاسدة لشؤون المناطق الخاضعة لسيطرتها. وردت على الحركة الاحتجاجية الشعبية بالقمع الدموي دون أي رادع.
و”داعش” جوكر مثالي، كون ظهور التنظيم يُفيد في بلدان عدة للخروج من مآزق مختلفة، ليس فقط للجانب الإيراني بل لمروحة متنوعة من القوى التي تتقاطع معه أحياناً. في العراق، تستفيد القوى المسلحة الخاسرة في الانتخابات من صعود “داعش”، والحاجة اليها في ردعه. هي مفيدة في ظل وجود “داعش” وعبء في غيابه. وفي سوريا، النظام السوري يحتاج الى صعود “داعش” كونه مبرراً اضافياً لمحاولة اعادة تعويمه اقليمياً ودولياً دون عملية سياسية وفقاً لسياسة “القبول بالسيء لمكافحة الأسوأ”. و”قوات سوريا الديموقراطية” تستعيد جدواها السياسية بالنسبة للعالم، وفي مواجهة محاولات الاحتواء التركي.
في لبنان، قد يستفيد “حزب الله” وحلفاؤه وعلى رأسه التيار الوطني الحر من عودة بعبع “داعش”، لتأجيل الانتخابات وضمان انتخاب رئيس جديد للجمهورية بالغالبية المتوافرة لديهم في البرلمان الحالي.
الأسئلة اللوجستية حيال هذه العودة التدريجية للتنظيم أيضاً تؤشر إلى “تسهيلات” لهذه العودة. كيف تعرّض سجن الصناعة الكبير بحي غويران في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، لمثل هذا الهجوم الواسع باستخدام سيارتين مخففتين وأسلحة رشاشة ومتوسطة دون مساعدة خارجية؟ في السجن 3 آلاف عنصر من “داعش”، وبالتالي فإن تحرير قسم منهم سيُساعد التنظيم لاعادة ترتيب صفوفه للمرة الأولى بعد هزيمته في آذار (مارس) عام 2019.
وهذا السؤال يُطرح في العراق وفي لبنان أيضاً حيث تمكن عشرات الشباب من العبور من الشمال الى العراق مروراً بالأراضي السورية الممسوكة أمنياً. والحقيقة أن للنظام السوري تاريخاً في استخدام “داعش” لمآرب خاصة، أكان نشر الفوضى في العراق بعد غزوه عام 2003، وبالتنسيق مع الجانب الإيراني، أو ضمن استراتيجيته لاحتواء الثورة السورية عام 2011. كان النظام السوري ينقل الانتحاريين الى مقر حلبي بإدارة الشيخ محمود قول أغاسي (أبو القعقاع) (الذي تبين لاحقاً ارتباطه بالمخابرات السورية)، قبل نقلهم الى الحدود العراقية لتنفيذ عمليات في الداخل (ضد تجمعات مدنية غالباً).
وعملية الحسكة وما سيليها من هجمات لتنظيم “داعش، قد تُمثل حبل نجاة للجانب الإيراني وحلفائه على مستوى هذه البلدان المتصلة. بيد أن التنظيم كالجوكر في لعبة الورق، أو كمرهم “النمر الصيني”، علاج رخيص ينفع لمداواة جروح مختلفة الأحجام في مواضع عدة. ليس حلاً مستداماً لكنه ورقة الجوكر “المُخلّص” التي لا تنفك تطل برأسها المرة تلو الأخرى في لعبة ورق مغشوشة.
المدن
——————————
داعش هنا، في كل مكان، ولن يغادر/ ساطع نور الدين
ليس من السهل معرفة التقويم الزمني الذي يعتمده تنظيم “داعش”، هل هو الهجري او الفارسي او ربما العبري. المؤكد أنه لا يتبع التقويم الميلادي، ولا يعترف به طبعا. الاغلب أنه، وعلى هدى شبكة “القاعدة” وسيرتها الافغانية الاولى، يعتمد فصول السنة وتقلباتها المناخية لتحديد برامج عمله وتخطيط عملياته العسكرية.
لعلها الآن حملة الشتاء، التي سبق أن حاصرت الاميركيين في افغانستان ثم في العراق، في زمن مضى، وأخرجتهم من البلدين من دون إعلان النصر الموعود. وها هي اليوم تستأنف تقليداً سنوياً قديماً، على الجبهات السورية وحدودها الشرقية المفتوحة على الاراضي العراقية، التي تشتعل هذه الايام بعمليات عسكرية متلاحقة، لا توفر أحداً من القوات الاميركية الى الروسية الى قوات النظام السوري والوحدات الكردية وفصائل المعارضة السورية طبعاً.
التنظيم الذي لطالما اكد الاميركيون والروس هزيمته الكاملة، عاد من جديد الى العمل، كأنه لم يسحق في الشرق السوري ولا في الغرب العراقي، على ما زُعم مراراً وتكراراً طوال السنوات القليلة الماضية، وكأن زعماءه وقيادييه وشرعييه الكبار لم يقتلوا واحداً تلو الآخر. ثمة دلائل كثيرة على أن “داعش” قد إمتص الصدمة التي أعقبت تصفية زعيمه الاخير أبو بكر البغدادي، وأعاد ترتيب بيته الداخلي، وأطلق جيلاً جديداً من الانغماسيين الذي يخرجون الى ميادين القتال من دون الإذن بالعودة.
البادية السورية الشاسعة الممتدة من حمص غرباً الى الموصل شرقاً، هي ملعب التنظيم ومسرح عملياته المتلاحقة، سواء في تدمر او في دير الزور أو الرقة..وصولا الى الحسكة، حيث إقتحم العشرات من الدواعش بالامس سجن غويران الشهير وحرر العشرات أيضاً من معتقليه من يد الوحدات الكردية، او بتعبير أدق القوات الاميركية، في واحدة من أخطر العمليات الأمنية منذ سنوات، وفي دليل على أن التنظيم لم ينته، ولن ينتهي، بل هو باقٍ ويتمدد في تلك البقعة الميتة، يسد فراغ القوة الذي يحكمها ويميزها أكثر من أي البقاع السورية او العراقية الفارغة من معالم الدولة ومن مظاهر السياسة.
لم يهزم داعش يوماً، بل إنتكس مؤقتاً، لكنه ظل مخترقاً على الدوام. لم تغب الأسئلة حول حصص أجهزة الاستخبارات الدولية والاقليمية في ذلك التنظيم السري الهجين. ولم تصمد الاجوبة التي تحدثت عن الاستثمارات المتنوعة في تكوينه ولا عن الاستخدامات المشبوهة لعملياته الامنية المخيفة، ولا طبعا عن التزاماته وتعهداته ، أو حتى عن تقيده بتعاقب الفصول وتبدل الاحوال المناخية. الثابت الوحيد حتى الآن هو ان التنظيم يبدو اليوم وقد نهض من كبوة، وهو يستقطب المزيد من الشبان السوريين والعراقيين، واللبنانيين أيضا، الذين خرج منهم نحو مئة من شمال لبنان مؤخراً في واحدة من أكبر الهجرات الامنية، نحو مضارب داعش المفتوحة لكل يائسٍ أو مختلٍ.
الكلام المكرر عن ان التنظيم يعمل هذه الايام في أمرة الاميركيين او في خدمتهم يحتاج الى إثبات قوي، مثله مثل الكلام المعاد عن أنه ينفذ خدمة للروس ونظام الاسد تقضي بالمساعدة في طرد القوات الاميركية من سوريا. وكذا الامر عن الاختراقات الايرانية او التركية او حتى الاسرائيلية في التنظيم، الذي برهن أكثر من مرة في الماضي أن لديه برنامج عمل لا يقاس بدقة وفق معايير السياسات الاقليمية او الدولية لأي بلد، أو وفق اي منطق سياسي . يجوز ربطه بقرار أميركا الانسحاب من الاراضي السورية ، مثلما يصح ربطه بقرار روسيا التوسع نحو الشرق السوري.. مثلما يمكن وصله بقرار إيران إعادة الانتشار في البادية السورية.
كل هذا صحيح، وعكسه أيضاً. المهم الآن أن التنظيم في مرحلة الهجوم، في الموسم الشتوي من الانغماس في العنف العدمي المطلق، الذي لا يواجه إلا بالرجاء ان يظل محصوراً بحيز الفراغ السوري العراقي القاتل..لاسيما وأن الفراغات المشرقية، بل العربية، لا تعد ولا تحصى.
المدن
—————————
أحداث سجن الصناعة بالحسكة والانهيار المجتمعي/ شفان إبراهيم
يستوعب تنظيم الدولة كل الأجناس من كل مكان ضمن حلبة العنف الذي يسعى لإعادة دوران عجلته، مع بقاء ذهنيته ضمن شرائح مجتمعية ظنت الغالبية أنها تعافت منه وبدأت بالبحث عن التنمية والعمل. مؤججاً عنفاً ليجتاح مجتمع محافظة الحسكة مجدداً؛ ليصبح العنف هو سيد المواقف، والغريب في الأمر أن يعود البعض من مجتمع الجزيرة السورية صوب استخدام مصطلحات غريبة عن بيئة السلم الأهلي، فمنذ ليلة الخميس 20/1/2021 ومع عملية الاقتحام والاستعصاء في “سجن الصناعة” تشهد وسائل التواصل الاجتماعي كثافة في مصطلحات التشفي والعنف على اختلاف المسميات والدرجات والأشكال، بالمقابل فإن تتالي نسق سيطرة داعش على السجن، وقتله واعتقاله لمجموعة من عناصر قسد المحتجزين، وسقوط مدنيين آخرين في المعركة، كُرداً وعرباً، كان الأجدى أن يُشكل تقارباً لأطياف المجتمع، بعد سلسلة خلافات وضغائن مجتمعية لأسباب سياسية متبعة خاصة في ملفات الخدمات، وحيوات الناس، والجّو المعيشي العام؛ انطلاقا من إدراك عميق أن سيطرة العنف والإرهاب هي انتصار الهامشِ على المتّن، وانتصار العنف هو توحيد مضمون الخلاف المجتمعي مع الشكل الجديد المُراد فرضه عبر الإرهاب، لنكون سويةً أمام تمزيق مجتمعي جديد.
وضمن السياق نفسه، ماذا تريد السلطة الحاكمة أكثر من ذلك لتدرك أن سياسات الدمج المتبعة غير ناجحة، وعليها أن تعي جيداً أن ما قبل مشهد سجن الحسكة وما بعده يجب ألا يكون واحداً، بل على الكُل أن يدرك أن عهد الأفلام الخيالية والإلقائية قد ولَّى، وأن واقعية المشهد السياسي هي التي يجب أن تنتصر، ووحدة المصير والمستقبل لا تتم عبر خطابات خداع الفقراء. ويقول المنطق التحليلي السليم عن وجود توافق وتواصل بين داخل الزنازين وخارجه عبر وسطاء، وهذه توجد في كل سجون العالم، عنصر أو موظف أو حتّى مستخدم يمكنه أن يفعل الكثير، لكن الفعل الأكثر إدانة، هو طبيعة هذا الفعل وحجم الاستهتار بما يمكن أن تفعله عناصر دخيلة على السلم الأهلي والسلام المستدام. فمنطقتنا تعيش أحاديات عجيبة وغريبة، أحادية الانتماء لداعش، أحادية السلطة الحاكمة، أحادية الإلغاء، أحادية الفعل العنفي، وأحادية الاكتفاء بالمشاهدة، وأحادية اللاقبول بأيّ طرح لا يتناسب والسياسات الرسمية القائمة، أحادية الواقع الشمولي، في حين أن الضوء الأحادي/الوحيد الأفضل هو لتوحيد الجهد وخلق متاريس قوية في وجه من يسعى لإلغاء الآخر، فإذا كانت جموع العنفيين تتفق على الشّر، لماذا لا يتفق الأخيار فيما بينهم؟
مرة أخرى ما حصل سابقاً وحالياً وربما لاحقاً هي الرسالة التي يتوجب على /قسد-مسد- ب ي د- الإدارة الذاتية/ تلقفها جيداً، لا يستوي النفعيون والانتمائيون بزجهم في خندقٍ واحد، لذا الواجب فعله أربعة أفعال، إحداها، إعادة ترتيب الأمور الداخلية الكردية، والأخرى عدّم إهمال المخاوف من وصول مدّ العنف والإرهاب مجدداً إلى جبال وحواضن شنكال والكرد الإيزيديين، وثالثتها: البحث في الخرق الأمني والتحقق من الهويّات المخترقة جيداً، والأخيرة تختص بالنخب السورية، وعلى وجه الدقة النُخب العربية في محافظة الحسكة والبحث عن السؤال الإشكالي التاريخي، ولعله سؤال المفارقة المجتمعية: لماذا يستمر بعض الشباب المراهقين والبالغين من المجتمع العربي بالانزلاق صوب فكر داعش، ولماذا لا تقم تلك النخب على فعلٍ من شأنه وضع حد لهذه المقتلة العامة لنّا كلنّا؟ وهو ما يجب أن يتحول إلى محط اهتمام عام، وما يستوجبه فعل البحث في مسار سلوكيات مجتمعنا لبناء نظام سياسي اقتصادي وازن وجديد، ووفقاً للمنطق السليم فإن غير المنتمين للعنف سواء عبر الانتظام أو عبّر الفكرة، هم “المرتاحون” سياسياً واقتصادياً وتربوياً؛ فالواعظ النفسي هو المحرك والمحرض للمجتمعات سواء سلباً أو إيجاباً.
في الوقت الحالي وأولاً لا بديل من إعادة الأمور إلى ما قبل 20/1/2021، فيما يتعلق ببسط السيطرة وموازين القوة، كل شيء سينهار أمام فوضى العنف وما سيخلفه من تدخلات خارجية منظمة بهدف إركاع المنطقة ومكوناتها المؤمنة بالسلم والديمقراطية والعدالة. وإذا كان الوضع العام في محافظة الحسكة لم يتحرك على مؤشر التقدم المجتمعي بل كان يتجه صوب الانحدار الشديد للهاويّة، فإن سيطرة داعش عل المدينة وإن كان مستبعداً، كنتيجة لفائض القوة واختلال موازينها لصالح قسد، فإن أربع قضايا شديدة الخطورة ستتبلور من استمرار الفوضى والسيطرة:
تغلغل الفارين من سجن الصناعة ضمن الحواضن المدنية، سيعني تدميراً جزئياً أو أكثر للبنى التحتية لتلك الأحياء، وسحق حيواتهم وهو مصير خطير جداً أمام جائحتي الفقر وكوفيد 19 القويتين في المنطقة.
عودة شرائح مجتمعية صوب أشرس وأسوأ مرحلة عرفتها البشرية في العهد الحديث.
عودة المجتمع للخصام والجدال والحرب بين بعضهم البعض.
إمكانية تمدد الإرهاب صوب جبال شنكال وهو ما يعني ربط خطوط العنف ضد خطوط الجغرافية الكردية مجدداً.
رهناً على ذلك فإن مرحلة ما بعد القضاء على التمرد يتوجب أن تبدأ من قاعدة ثابتة أن التطور والتغيير يتطلب ويشترط نفياً للقاعدة التي بدأ منها “العنف-الفساد” وهما أسّ تفكيك المجتمع، لذلك نجد أن كتّلاً صلبة تعتاش عليها وتستشرس في الدفاع عنها وتالياً وصلنا لمرحلة سجن الصناعة.
لنتفق من جديد أن آلاماً عصيبة حادة تعصف بنا جميعاً وثمة أفعال تؤدي إلى الاغتراب المتعاظم والمنتظم لشرائح مجتمعية عن مجتمعاتها خاصة من جانب الشباب، وهي عناصر الخطر البارزة على مصير محافظة الحسكة بل عموم سوريا، فتاريخ العقد الكامل من الأزمة السورية هو تاريخ وطن فقد وجهته وانزلق من مطلب الحرية والتعددية السياسية صوب عدم الاستقرار وتغول الأزمة وانهارت ركائز الدولة السورية، وليست منطقتنا بعيدة عن ذلك الانهيار وبل إن المدّن الكردية تعيش أزمة مركبة إلى جانب دير الزور والرقة والبادية وتدمر حيث داعش الذي سعى أو نجح في التغول، وتالياً بقي السؤال المحير لماذا يتوجب علينا العيش تحت خط الفقر، والحرمان، والخوف ثم العنف الدائم، ويبدو أن الظروف كانت مهيئة سابقا لجر المجتمع العربي والكردي البعيد عن صراع الهويّات الإثنية، صوب مستنقع داعش ولم يتم تجفيف منابعه أو حتّى إزالة الغبن والحيف الواقع عليهم والاغتراب الأكثر غرابة، آن يقوم من عايش مرارة العنف بالتحريض للعودة إليه مجداً.
مشهد الملثمين المتحدثين في مقاطع الفيديو المنشورة عبر معرفات داعش تشي لشيء واحد فقط، هؤلاء إما من وسط معروف في الإدارة الذاتية أو من الوسط الأهلي حول السجن، أو ممن سهلوا عملية الدخول للسجن، وفي كل الأحوال هم يمثلون أنفسهم فقط، لكن لا شفاعة لمن يحرض على العف، كما أن دعوة بعض وجهاء العشائر العربية لعدم الانسجام أو الانخراط معهم مؤشر على حدثين مهمين أولهما: يقظة عشائرية لمخاطر معاودة الانزلاق صوب التنظيم، والثانية: إدراك عشائري وازن لحجم الاستعداد للانزلاق. لا مجال للفصل بين الأوضاع المزرية التي تعيشها المنطقة، وتنمية العقل العنفي لدى شرائح عديدة، يضاف إليها النسق التاريخي-الثقافي-السياسي ودورها في منشأ العنف، واختراقها للمخيال الشعبي وتهييجها للشعور النفسي بالنقص والحاجة لفعل أي شيءٍ يمكن أن يعوض هذا النقص داخل القواعد الاجتماعية، خاصة وأن وجود كثافة للفقراء هو جانب من جوانب اللامساواة الاجتماعية –الاقتصادية المتنامية في المنطقة.
لزاما المطلوب وفورا هو إيجاد حل لأخطر سجون العالم فبقاؤها هو بقاء جذر الخلاف العقائدي والنفسي والعنفي وبقاؤها هو بقاء الرغبة في ممارسة العنف والإرهاب، وما يُصرف على تلك السجون والمعتقلات والمخيمات الخاصة بهم من أموال وإغاثة، فإن القواعد الاجتماعية والتنمية أولى بها، ويبقى سؤال الدهشة والحيرة: لماذا يحتجز أخطر مقاتلي العصر الحديث في سجون ضمن حي سكني؟ في حين عوائلهم والنازحون العراقيون يقيمون في مخيمات خارج المدن المأهولة، وكل ذلك بإشراف التحالف الدولي!
تلفزيون سوريا
—————————
من خطط لعملية غويران قد تابع “La casa de papel” حتماً/ قتيبة الحاج علي
مازالت “عملية غويران” تسيطر على مشهد محافظة الحسكة، لا بل إنها سرقت أنظار جميع المهتمين والمحللين للصراع السوري وتنظيم “الدولة الإسلامية” على وجه الخصوص. نحن نتحدث عن عملية معقدة للغاية، ويبدو أن التخطيط والإعداد لها قد استغرق أشهراً وأكثر.
نجح تنظيم “الدولة” في كسر سجن غويران، وبينما كان قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ومن خلفها التحالف الدولي يحاولون استيعاب وفهم ما حصل، كان التنظيم قد أحكم السيطرة على السجن، مطلقاً سراح المئات من عناصره، الذين انتشروا سريعاً في الأحياء المحيطة بالسجن.
وقبل أن يستفيق قادة “قسد” من هول الصدمة كانت رايات التنظيم ترفرف فوق عدة مباني داخل المدينة والأهالي ينزحون بعشرات الآلاف. لم يستغرق الأمر أكثر من ساعتين، هو ليس هجوماً عبثياً على الإطلاق. هو هجوم منظم بأدق أدق التفاصيل. هو هجوم درس مختلف السيناريوهات، ومن يقف خلفه خطط لكافة التفاصيل والاحتمالات.
من تابع خلال السنوات الماضية، السلسلة الدرامية الإسبانية الشهيرة ” La casa de papel ” يعلم أن البروفيسور كان يبني خططه على عدة مراحل، الهجوم ثم السيطرة والتحصن، تأمين الموارد، شراء الوقت، وأخيرا تنفيذ خطة الإخلاء. وكأن من خطط لعملية غويران قد تابع المسلسل بحذافيره.
هاجم تنظيم “الدولة” وضرب بقوة كما ضربت عصابة البروفيسور بنك إسبانيا، ثم سيطر التنظيم على السجن من الداخل كما سيطرت العصابة الإسبانية على البنك، وأثناء العملية كان لا بد من الإلهاء والتشتيت، أطلق البروفيسور بوالين الأموال في سماء مدريد، بينما كان التنظيم يفجر محطة المحروقات ويطلق الدخان الأسود في سماء الحسكة لتشتيت الطيران وإحداث غطاء جوي.
المرحلة التالية من الخطة كانت بالاستعداد للمواجهة. حصّن البروفيسور البنك وأمن الأسلحة والذخائر، وكذلك فعل التنظيم الذي استهدف مستودعات أسلحة “قسد” داخل السجن، واستغل الضربة الأولى في إدخال شحنات من الذخائر إلى داخل السجن. لقد كان التنظيم يخطط للتحصن في الداخل كما خطط البروفيسور للتحصن داخل بنك اسبانيا تماماً، بل إن الخطة تضمنت السيطرة على مطبخ السجن لتأمين الإمدادات بالطعام، ولا يجب أن يتفاجأ أحد إن علمنا مستقبلاً أن التنظيم قد جهز مشفى ميداني داخل السجن أيضاً.
بعد سيطرة عصابة البروفيسور على بنك إسبانيا، بدأت خطة المواجهة وشراء الوقت، وكذلك فعل التنظيم الذي أطلق بداية سراح المئات من معتقليه، وأظهر جلياً حيازته لكميات ليست قليلة أبداً من الأسلحة والذخائر، وتحركت خلاياه في كل مكان وافتعلت اشتباكات في مناطق مختلفة من الحسكة ودير الزور، وخاض مواجهة عسكرية عنيفة للغاية استدعت من التحالف التدخل بالغارات الجوية لتدارك الموقف.
وكما بثت العصابة الاسبانية بيانات للإعلام وتحدثت مع الشعب، فعل التنظيم بالحرف، فالتنظيم بث مقاطع بالجودة العالية للهجوم والسيطرة، وثم للأسرى من حرس السجن والعاملين فيه، فكما أن العصابة كان لديها وسيلة اتصال إلى خارج البنك رغم قطع الحكومة للاتصالات عنهم، فقد امتلك التنظيم وسيلة اتصالاته أيضاً من داخل السجن، ولا يمكننا أن نقرأ من الجودة المرتفعة إلا أن ما في جعبة التنظيم من فيديوهات وصور أكبر بكثير.
تنتهي خطة البروفيسور بخروج العصابة أو من تبقى منهم على قيد الحياة من البنك واستعادة الحكومة لبنكها، وكذلك التنظيم وإن كان بشكل مختلف، فخطة التنظيم ستنتهي حتماً بإعادة سيطرة “قسد” على السجن ومحيطه ولعلنا لن نعلم أبداً عدد الفارين الحقيقيين ومن تبقى منهم على قيد الحياة. وهنا تكمن النجاعة في خطة التنظيم الذي لم يبحث عن إخراج مقاتليه على قيد الحياة، بل كان عناصره جميعهم، المهاجمون منهم ومن تم إطلاق سراحهم، يبحثون عن الموت وغير آبيهن كما يبدو بالانسحاب.
إنها خطة البروفيسور بحذافيرها، وما سجن غويران إلا بنك اسبانيا، أما الهدف البروفيسور فكان ذهب إسبانيا، وأما هدف التنظيم فكان إحداث ضربة معنوية وإعلامية قوية للغاية، تعلن عودة التنظيم بقوة وتستعرض قدراته الأمنية والعسكرية، وكما أن عصابة البروفيسور قد هربت بالذهب الحقيقي بينما توهم الشعب أن الحكومة قضت على العصابة، فإن مكاسب التنظيم غير معلنة، والاتفاقات التي مررها تحت أزيز الرصاص، قد تكون أكبر بكثير مما نعلم وسنعلم.
لن تنتهي عملية غويران باستعادة السيطرة على السجن وإحصاء عدد القتلى من الطرفين وإعلان كل طرف لنتائج المواجهة، ستسيل هذه العملية الكثير من الحبر، وستطرح مئات الأسئلة عن حالة التنظيم وجهوزيته الأمنية والعسكرية وعن هشاشة “قسد” واختراقها أمنياً وعسكرياً أيضاً، وعن دور التحالف أمنياً واستخباراتياً من كل هذا. ليبقى السؤال الأكبر، إن كانت “قسد” قد أعلنت مؤخراً عن إلقاء القبض على المخطط لعملية سجن غويران وقدمته للإعلام ليتحدث لنا عن تفاصيل الهجوم وكيف سيبدأ، ورغم ذلك نفذ التنظيم هجومه وأحدث ما أحدث خلفه، ماذا كان سيحدث لو لم تكن “قسد” على علم بالخطة؟ أم ربما التنظيم من أعطاهم إياها متعمداً قبل ذلك؟ من نصب الفخ للآخر؟ عشرات ومئات الأسئلة والتفاصيل الغامضة التي ستُضاف إلى أرشيف العمليات الكبيرة الغامضة في سورية، لتبقى الإجابة عنها رهن التاريخ فقط.
من قال لكم أن إنتاج “نتفلكس” لمسلسل “La casa de papel” كان غير منطقي ويحمل الكثير من الحبكات والصدف غير الواقعية فقد أخطأ، لقد أنتج لكم تنظيم “الدولة” في سورية مسلسلاً عن سجن غويران بالمشاهد الحقيقية وبالنار والدم، وفيه من الحبكات الحقيقية ما لا تحتمله الدراما نفسها.
صحفي سوري
——————————-
داعش اللغز أم الحقيقه؟
غالباً ما يأخذ الحديث عن داعش، طابع الغموض وطرح الأسئلة وافتراض المؤامرات … الخ، أكثر بكثير مما يأخذ طابع التحليل الملموس ورصد الوقائع وتحليل توافق أو تعارض المصالح.
في سورية ومنذ وجود القاعدة ثم داعش والنصرة، لا يزال وسم داعش باللغز هو الغالب. لكننا نكتفي بالقول بوضوح إن “داعش” و”القاعدة” و”النصرة” تنظيمات دينية متطرفة ذات استقلال حقيقي، لم يصنعها أحد، وهي تقاتل من أجل أهدافها المعلنة، ولها مؤيدون في كل مكان، ولديها من البراغماتية ما يجعلها قادرة على التحالف مع /أو القتال ضد الطرف نفسه عندما تعتقد أن ذلك يخدم مصالحها، مثلما كان الأمر واضحاً في أفغانستان مثلاً، وهذه الاستقلالية لا تتعارض مع إمكانية التأثر بسياسات بعض الدول أيضاً بسبب الضرورات اللوجستية أو توافق المصالح كما هو الأمر في العلاقة مع تركيا، كما لا تتعارض مع المحاولات المستمرة للأجهزة الأمنية في توظيف المتطرفين لخدمة سياسات خاصة كما جرى عندما كان النظام السوري يسهل إرسال المقاتلين إلى العراق بعد التدخل الأمريكي عام 2003.
يعاني الوضع السوري في الفترة الأخيرة من انسداد في أفق الانتقال السياسي مع فشل اللجنة الدستورية وفشل استانة وسوتشي، بل وفشل محاولات بعض الدول العربية في استعادة العلاقات الديبلوماسية بقصد التمهيد لتطبيع وضع النظام عربياً وربما بعد ذلك دولياً، وذلك رغم الرفض الغربي والأمريكي خصوصاً، هذا في الوقت الذي يصر فيه سفاح سورية على عدم تقديم أية تنازلات تسمح بتقدم العملية السياسية، مدعوماً بقوة من إيران ومراهناً على دعم أكبر بعد فك الحصار الغربي عنها، وهو بالتأكيد يعتمد على الدعم الروسي الذي قد تكون له تصوراته المتواضعة عن تغيير سياسي ما، يساعد في إعادة إدماج النظام في المجتمع الدولي، لكن لا يبدو أن الروس قادرين على فرض تصوراتهم هذه.
وفي حين استطاع النظام في السنة الفائتة معالجة وضع درعا، آخر المناطق التي لم يكن يسيطر عليها تماماً، فإن منطقة الشمال الغربي، التي تحظى بدعم تركي وبوجود النصرة، لا تزال عصية على الحل بدون وجود توافق دولي، ومناطق شرق الفرات التي تسيطر عليها “قوات سورية الديموقراطية”، ذات القدرة القتالية والتعبوية العالية، وبدعم أمريكي واضح أساسه الاستمرار في مواجهة داعش وعدم السماح بعودته من جديد، وهذا الأساس هو ما بقي واضحاً من جملة الأهداف المعلنة سابقاً والتي تخص حرمان النظام من موارد النفط والضغط عليه لقبول الإنتقال السياسي وفق القرار /2254/ . ورغم تعارض النظامين التركي والسوري في الشمال الغربي فإن مصالحهما تتوافق في شرق الفرات، النظام السوري لا يمانع، بل يرغب، في إضعاف سيطرة “قسد” بالتهديد والقصف التركي، والنظام التركي، الذي يعتبر “قسد” والكرد عموماً هم الخطر الأكبر عليه، لا يمانع بل يرغب، في توسيع نفوذ النظام السوري، الموجود أصلاً في المربع الأمني وبعض القرى في بعض مناطق “الحسكة”.
هكذا وجد النظام السوري فرصته في توسيع نفوذه عن طريق ما سمي بالمصالحات، بالمراهنة على عنصر التعارض الاجتماعي الموجود بين المكونات في المنطقة، تلك المصالحات التي فشلت بسبب رفض قسد، خاصة أن مكونات المنطقة غير الكردية مشاركة في “مجلس سورية الديموقراطي”، لكن هذا الاشتراك لا يلغي الحساسيات القائمة التي يحتاج تجاوزها إلى جهود الجميع، وخاصة جهود الطرف الأقوى والمسيطر “قسد”، وهذا التجاوز له أهمية كبرى في تهيئة الأجواء المحلية لتحقيق الانتقال السياسي عندما تتوفر الظروف الإقليمية والدولية اعتماداً على تجربة سياسية جاذبة لعموم الشعب السوري.
في المناخات المذكورة أعلاه، حصلت أحداث سجن “الصناعة” المستمرة، والتي شارفت على نهايتها، ستتكشف فيما بعد التفاصيل الدقيقة لهذه الأحداث وما يهمنا الآن هو محاولة فهم مواقف الأطراف المختلفة والمصالح المتعارضة بعيداً عن منطق المؤامرة الشائع، وبعيداً عن التعصب المسبق لأي طرف.
يضم سجن “الصناعة” في حي “غويران” ما يقارب ثلاثة آلاف وخمسمائة داعشياً وفق مصادر قسد، هؤلاء تحولوا إلى عبء حقيقي على سجانيهم، فالدول العربية والأوربية التي جاؤوا منها لا تريد استعادتهم، بل هي ترفض استعادة مواطنيها من عائلاتهم، نساءً وأطفالاً، الموجودين في مخيم ” الهول”، عدا حالات إنسانية قبلتها بعض الدول الأوربية.
هكذا بقي السجن لغماً مؤقتاً كبيراً، يقدم الغرب دعماً لوجستياً لاستمراره على حالته الراهنة بدون وجود أي أفق لاستعادة السجناء إلى بلادهم الأصلية أو لإخضاعهم لمحاكمات دولية في تلك الدول، كما لا تملك “قسد” منظومة قضائية معترف بها دولياً تستطيع إنجاز هذا العمل الذي يتطلب إمكانات واعترافاً رسمياً. وخارج السجن، وليس بعيداً عنه، لا تزال توجد خلايا نائمة لداعش تلقت ضربات موجعة لكنها ليست قاتلة، وهي منتشرة في الصحاري الحدودية وأحياناً الداخلية، وهي تنفذ بين فترة وأخرى ضربات ضد خصومها من القوات السورية الأسدية أو قوات “قسد” المدعومة أمريكياً، معتمدة على استمرار الأوضاع العسكرية والسياسية غير المحسومة.
كان موقف النظام السوري لافتاً في التعبير بكثافة عن موقفه فوفقاً لموقع التلفزيون الروسي وجريدة الوطن ينص بيان الخارجية السورية على أن سورية “تجدد إدانتها للأعمال التي أدت إلى نزوح آلاف المواطنين السوريين في محافظة الحسكة، وزيادة معاناتهم وتطالب بانسحاب القوات الأمريكية من شمال سوريا الشرقي والقوات التركية من شمال سوريا الغربي”. وأضافت الخارجية أن ما “تقترفه القوات الأمريكية وميليشيات “قسد” من أعمال ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”. هكذا يتجاهل البيان أن “داعش” هي التي نفذت الهجوم ويحاول إثارة المشكلة في جانبها الإنساني، وبالتأكيد فإن نزوح بضعة آلاف هو أمر غير مقبول إنسانياُ، ولكن هل كان النظام مهتما بنزوح ملايين السوريين؟ طبعا لسان حال النظام يقول أن مشكلته مع “داعش” أبسط من مشكلته مع “قسد” وأنه سيكون قادراً علي التعامل مع “داعش” بعد الانتهاء من التعامل مع “قسد”.
و قد أدانت الولايات المتحدة “الهجوم الذي شنه تنظيم داعش يوم الخميس على سجن تابع لقوى الأمن الداخلي في محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا في محاولة لإطلاق سراح مقاتلي التنظيم المحتجزين.” و أشادت “بقوات سوريا الديمقراطية على ردها السريع والتزامها المستمر بمحاربة “داعش” في شمال شرق سوريا.
الموقف التركي تم التعبير عنه عملياً بقصف مدفعي عنيف من قبل المدفعية التركية مترافق مع هجوم لميليشيات الجيش الوطني منذ الصباح الباكر على بلدة عين عيسى وإرسال مسيرات وحدوث تفجيرات في محيط الرقة.
ووفق بيان صادر بتاريخ 23/01/2022 عن” القيادة العامة لقوات سورية الديموقراطية” أن العمليات العسكرية قد شارفت على نهايتها وأن سجن الصناعة أصبح تحت السيطرة مع استمرار عمليات التمشيط في حي “غويران” المجاور حيث التجأ إليها الفارون من السجن.
كما أشار بيان قسد إلى أن اعترافات عناصر داعش، الذين تم القاء القبض عليهم، والتي أكدت على تواجد قياداتهم في سري كانيه/ رأس العين التي تخضع لنفوذ الفصائل الموالية لتركيا، وأن تزامن الهجوم على السجن مع هجوم تلك الفصائل على نقاط تمركز قوات قسد في عين عيسى ومحيطها ليست صدفة.
أخيراً قد لا تكون مواقف الأطراف المختلفة مفاجئة لأحد لكن الأكثر أهمية الآن هو طريقة التعامل مع نتائجها والعمل على قطع الطريق على تسلل داعش من جديد بمزيد من اليقظة، رغم علمنا أنه قد جرى سابقاً إحباط عدة محاولات مشابهة وأن مثل تلك الأحداث جرت وتجري في سجون دول تملك إمكانيات أكبر بكثير من التي تملكها “قسد”، وقد يكون مفيداً التوجه نحو الأمم المتحدة والدول الغربية لإيجاد حل مناسب وفق القانون الدولي لترحيل السجناء ومحاكمتهم. وكما أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية “على الحاجة الملحة لبلدان المنشأ إلى استعادة مواطنيها المحتجزين في شمال شرق سوريا وإعادة تأهيلهم ودمجهم ومقاضاتهم متى اقتضى الأمر ذلك”.
ولكننا نعتقد أن الأكثر أهمية الآن هو المزيد من تطوير العلاقة والتضامن بين جميع مكونات المنطقة الاجتماعية والسياسية لتقوية الجبهة الداخلية ليس فقط ضد تطرف “داعش” وإرهابها بل وأيضاً ضد طغمة السلطة في دمشق المصرة على الاستفراد والاستبداد والطامحة الى إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء على حساب آلام وتضحيات الشعب السوري بجميع مكوناته.
المكتب الإعلامي لتيار مواطنة-نواة وطن
————————————-
لماذا فشل النظام السوري وروسيا في محاربة داعش؟/ عبد الجبار العكيدي
منذ دخول فصل الشتاء بدأ تنظيم “داعش” بتصعيد عملياته العسكرية في مناطق سيطرة النظام والميليشيات الإيرانية بشكل خاص، وفي شرق الفرات حيث قوات سوريا الديمقراطية (قسد) موقعاً خسائر فادحة في صفوف خصومه.
التنظيم ركز في هجماته على الغارات الليلية، مستفيداً من طول ليل هذا الفصل، ومن حالة الطقس التي تضعف من فاعلية الطيران الحربي والاستطلاع، وبدا واضحاً تكثيفه العمليات في البادية السورية الممتدة من دير الزور على الحدود العراقية إلى أطراف حمص وحماة والسويداء مروراً بباديتي الرقة وحلب، وصولاً إلى المثلث الحدودي العراقي-الأردني-السوري.
واصل التنظيم تنفيذ عمليات نوعية قاتلة، كان آخرها الهجوم الذي شنه التنظيم ليل السبت 16 كانون الثاني/يناير، باستخدام أسلحة خفيفة ورشاشة، على رتل للحرس الثوري الإيراني في البادية، كان قادماً من مطار دمشق الدولي، قُتل منه ستة عناصر، بينهم القيادي الميداني الحاج جبار أبو فرشاد، وجُرح 14.
لماذا اختار التنظيم منطقة البادية مسرحاً لعملياته الأمنية والعسكرية؟
أصبحت استراتيجية التنظيم، بعد أن فقد آخر معاقله في بلدة الباغوز في ربيع 2019، الابتعاد عن إيجاد مناطق سيطرة واضحة في المناطق المأهولة بالسكان في القرى والبلدات والمدن، وتجنب وجود خطوط مواجهة فعلية تجعله تحت ضربات القوى المعادية له بشكل مباشر، كما أن عمليات التحرك المستمر في البوادي الشاسعة، وأسلوب حرب العصابات الذي يتقنه التنظيم، وقدرة عناصره على التخفي ضمن الطبيعة الجغرافية في البادية، تشكل عوامل إضافية تساعده على البقاء وتُصَعب من عملية ملاحقته.
يحقق ذلك بوضوح استراتيجية التنظيم التي انتقلت من حرب الجيوش إلى عمليات الولايات الأمنية التي أكد عليها زعيمه السابق أبو بكر البغدادي قبل مقتله، وهي استراتيجية تستخدم الخلايا النائمة والمجموعات الصغيرة المتحركة بغرض استهداف نقاط أمنية أكثر منها مناطق جغرافية.
ركز التنظيم على تكتيكات التحرك المستمر في البادية وأسلوب حرب العصابات، وشن عمليات صغيرة لها أهداف محددة تختلف زمنياً وجغرافياً في كل مرة، معتمداً شكلاً جديداً من الأنفاق (الخم) في مكان مرتفع عن الأرض بعمق حوالي 1.5 متر، يستطيع الموجودون فيها، وعددهم لا يتجاوز سبعة عناصر، الرؤية والرصد على مساحة واسعة، وتؤمن لهم سرعة الاختباء والانقضاض، مما ساعده على افشال كل محاولات النظام وحلفائه القضاء على خلاياه.
عمليات التنظيم في منطقة الشامية جنوب الفرات التي استهدفت قوات النظام وحلفاءه، كانت هي الأكبر والأوسع على مدار السنوات الماضية، لأن اغلبها أساساً كان في تلك المنطقة منذ العام 2015، وعناصره يعرفون جغرافية المنطقة وطرقاتها، ما مكنهم من تأمين مخابئ ومستودعات وملاجئ فيها، مستخدمين الدرجات النارية مع أسلحة خفيفة ومتوسطة.
كما استثمرت هذه الخلايا خبرة كبيرة بزراعة الألغام في الممرات الاجبارية لقوات النظام، يساعدها في ذلك أن الحدود العراقية مفتوحة، والدعم اللوجستي متوفر لهم، وإمكانية التحرك ما بين المثلث الحدودي العراقي-الأردني-السوري باتجاه حمص متاحة، بالإضافة إلى أن هذه المنطقة تؤمن لهم موارد مادية هي الأكبر، من خلال السيطرة الجزئية على طرق تهريب صهاريج النفط القادم من مناطق قسد.
أما شمال نهر الفرات، المنطقة التي تسيطر عليها قسد، فإن عمليات التنظيم هي الأقل، مع تزايد نشاطه وسيطرته في مناطق البادية باتجاه الحدود العراقية وخاصةً ليلاَ، وقطع طريق دمشق دير الزور بغداد في كثير من الاحيان.
لماذا تفشل عمليات النظام وحلفائه بالتصدي لعمليات التنظيم وايقافها؟
بعد اعلان التحالف الدولي القضاء على تنظيم داعش عام 2019، قامت قوات النظام بمساندة حلفائه الروس والإيرانيين بعدة محاولات لاحتواء خلايا التنظيم المنتشرة في البادية السورية. فقد نفذت تلك القوات في عام 2020، ثلاث عمليات عسكرية بهدف القضاء عليها، كانت أهمها عملية “الصحراء البيضاء”، لكن جميعها باءت بالفشل ولم تحقق الأهداف المعلنة لها.
تبع ذلك عدة عمليات واسعة في عام 2021، كما تم اطلاق عمليات أصغر مطلع العام 2022، لكن جميعها آلت إلى النتائج نفسها.
تعود أسباب فشل النظام وحلفائه في القضاء على خلايا التنظيم إلى عوامل عديدة، منها ما يتعلق بالاستراتيجية العسكرية للنظام وحلفائه، وأخرى تتعلق بالتكتيك القتالي الذي تتبعه خلايا داعش في عملياتها العسكرية.
أولاً: أغلب العمليات العسكرية، تكون عبارة عن ردات فعل غير منتظمة وتفتقر للاستراتيجية، وتحدث دائماً عقب الهجمات العنيفة للتنظيم، والتي تتسبب بخسائر فادحة للنظام وحلفائه.
فعملية التطهير التي أعلن عنها منتصف عام 2020، كانت رداً على هجمات التنظيم على السخنة وحقلي آراك والهيل النفطية، أما عملية الصحراء البيضاء فكانت رداً على مقتل الجنرال الروسي فيتشسلاف غلادكيخ، في ريف دير الزور الجنوبي، وآخرها في ذاك العام كانت رداً على الهجوم الذي استهدف عناصر الفرقة الرابعة في 30 كانون الأول/ديسمبر 2020.
ثانياً: عمليات النظام وحلفائه ضد خلايا التنظيم، لم تقتصر على كونها ردّات فعل فقط، بل غابت عنها الخطط الاستراتيجية المتكاملة. فلا يملك الحلف المعادي للتنظيم مخططاً عسكرياً وزمنياً محدداً للقضاء على تلك الخلايا، بل يعتمد على هجمات متقطعة غالباً ما تكون برية، دون عمليات إسناد جوي، أو عمليات تنفذها الطائرات الحربية وحدها ويجعلها لا تجدي نفعاً بسبب عدم تمركز قوات على الأرض.
ثالثاً: التنافس الروسي-الإيراني على النفوذ في شرق سوريا، فالقوات الروسية والإيرانية لا تلعب الدور الكافي في دعم العمليات العسكرية ضد خلايا التنظيم في البادية، وتركز فقط على تعزيز مناطق نفوذها في الحواضر المدنية في ريف حمص ودير الزور وريف الرقة الجنوبي، ويمتنع كلا الطرفين عن الدفع بثقلهم العسكري البري في معركة تطهير البادية، خوفاً من أن يستغل الطرف الأخر حالة الفراغ العسكري لتعزيز نفوذه.
حالة التنافس هذه زادت بعد افتتاح القوات الروسية مقراً لها في مدينة البوكمال، على الحدود السورية العراقية، التي تُعتبر أهم معاقل القوات الإيرانية شرق سوريا، أواخر 2020، بالإضافة الى ازدياد حالات الانشقاق في صفوف المليشيات الموالية لإيران والتحاقها بالتشكيلات المدعومة روسياً.
رابعاً: الضعف الاستخباراتي، وهو من أهم أسباب الفشل في القضاء على خلايا التنظيم في البادية. فشكل العمليات العسكرية ومناطق انطلاقها والنقاط المستهدفة، يؤكد أن القوى المهاجمة تجهل أماكن تمركز التنظيم والمواقع المحتملة لوجود خلاياه، كما تغيب عنها المعلومات التي يمكن من خلالها رصد تحركات التنظيم وتوقع أماكن هجماته والتعامل معها قبل حدوثها. ويشكل وجود التنظيم في مناطق نائية في البادية بعيداً عن المجتمعات السكانية، عاملاً أساسياً في عدم قدرة النظام وحلفائه على الحصول على معلومات استخباراتية عنه.
من الواضح أن كل الأطراف مستفيدة من استمرار نشاط التنظيم بشكل أو بآخر، فهو يخدم الإيرانيين والنظام الراغبين بعدم حصول استقرار في مناطق سيطرة التحالف الدولي وقسد، بالإضافة الى الرسائل الإيرانية للولايات المتحدة، من خلال عملياتها المخفية التي يتبناها التنظيم، فيما الخدمة الأكبر يقدمها لقسد التي بالنسبة لها يعتبر وجود داعش حاجة ضرورية لاستمرار حصولها على الدعم الدولي، فأساس تشكيل تلك الميليشيات الانفصالية قام على أساس “محاربة الارهاب” المتمثل بتنظيم داعش، بينما التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة يغض الطرف عن نشاط التنظيم في منطقة خصومه بالبادية، بهدف عدم استقرار الإيرانيين والنظام والروس.
لقد فرضت الظروف وتحولات الاستراتيجية ضد “داعش” إلى هدف القضاء عليه، إن كانت الأطراف جادة في ذلك بالفعل، وجود استراتيجية مشتركة بين القوى المتصارعة في البادية، خصوصاً بين الروس والإيرانيين. كما تحتاج إلى عنصر أساسي آخر وهو مشاركة أكثر فعالية من الولايات المتحدة في حرب التنظيم داخل البادية السورية، باعتبارها أحد أطراف النفوذ، وصاحبة القدرة العسكرية الأكبر في المنطقة، وهو أمر يدرك التنظيم أنه لن يحدث في المدى المنظور، وهو يستغل ذلك بشكل جيد.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن ما هو متفق عليه أن القضاء على داعش لا يمكن أن يحدث عسكرياً فقط، بل يجب أن يكون العمل على كافة المستويات، الفكرية والاجتماعية والخدمية، ورفع المظلومية عن العرب السنة في العراق وسوريا، ووقف المجازر اليومية التي يرتكبها النظام والروس والإيرانيين بحق الشعب السوري، إذا أن الحرب اليوم شاملة، ولا يمكن انهاء أو تجميد جزء منها فقط.
المدن
قيادي بالجيش الحر و قائد “المجلس العسكري الثوري” في حلب سابقاً
غويران: داعش يقاتل حتى آخر سجين/ خالد الخطيب
عادت الاشتباكات فجر الاثنين، إلى محيط سجن الصناعة في حي غويران في القسم الجنوبي لمدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، بين قوات سوريا الديموقراطية (قسد) وتنظيم “داعش”، وذلك بعد توقفها لساعات أثناء الهدنة المؤقتة التي اتفق عليها الطرفان.
واستأنفت طائرات التحالف الدولي قصفها الذي طاول عدداً من المباني المرتفعة التي يتحصن فيها عناصر التنظيم داخل السجن الذي استهدفته قوات قسد أيضاَ بالمدفعية والرشاشات الثقيلة بالتزامن مع محاولة اقتحام جديدة نفذتها القوات الخاصة التابعة لها بدعم من التحالف الذي نشر المزيد من الجنود والعربات المدرعة في كامل حي غويران.
وأدت الاشتباكات إلى مقتل 136 شخصاً على الأقل، هم 84 من تنظيم “داعش” و45 من الأسايش وحراس السجن وقوات مكافحة الإرهاب وقسد وسبعة مدنيين، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وفشلت “قسد” في محاولات الاقتحام المتكررة التي استهدفت مباني السجن الرئيسية برغم النيران الكثيفة التي وجهتها نحو الأسوار وضد مجموعات التنظيم المتحصنة، وفشلت أيضاَ في إقناع عناصر التنظيم بتسليم أنفسهم برغم تعهداتها بالحفاظ على حياتهم، بالإضافة إلى ضمانات ومغريات عرضتها عليهم عبر مكبرات الصوت.
وقالت مصادر محلية داخل مدينة الحسكة ل”المدن”، إن “عناصر داعش السجناء في غويران مصممون على القتال حتى الرمق الأخير، هذا ما بدا خلال الساعات ال24 الماضية من الاشتباكات العنيفة، فما يزال لدى عناصر التنظيم ذخائر تمكنهم من الدفاع ومنع قسد من التقدم والاقتحام، وهم في الوقت ذاته يحاولون فتح ثغرات في أسوار السجن ودفاعات قسد لتتمكن أعداد جديدة من الفرار”.
وأضافت أن عناصر التنظيم “بانتظار العون من الخلايا والمجموعات الهاربة خارج السجن، فالتوتر والاشتباكات المتقطعة في الأحياء الجنوبية تغري عناصر التنظيم داخل سجن الصناعة وتدفعهم لكي يستميتوا بالدفاع عنه وكسب المزيد من الوقت”.
وأوضحت المصادر أن “قسد والتحالف نشروا المزيد من التعزيزات العسكرية وكثفوا عمليات التمشيط والتفتيش في أحياء غويران والزهور ومنطقة المقبرة، والعديد من المباني التي تمت استعادة السيطرة عليها في الأحياء الجنوبية وفي محيط السجن الذي لا يزال مركز الاشتباكات الأعنف”، لافتاً إلى أن “هذه الإجراءات الأمنية المشددة بمثابة طوق محكم سيفشل أي محاولة خروج لعناصر التنظيم، كما أنه سيمنع أي وصول لخلاياه، وسينتهي المطاف غالباً باستسلام عناصر التنظيم بعد أن تنفد ذخيرتهم وتهدأ الاشتباكات في الخارج، وهي مسألة وقت لا أكثر”.
وألقت الطائرات المروحية التابعة للتحالف الأحد، منشورات في مدينة الحسكة حثّت الأهالي على التعاون معها والمساعدة في القبض على عناصر التنظيم، وتضمنت المنشورات أرقام هواتف ووعود بمكافأة مالية لمن يبلغ عن أي نشاط إرهابي بالحسكة، في المقابل كثّف التنظيم من دعايته المضادة عبر “وكالة أعماق”، ونشر تسجيلاً مصوراً يظهر فيه 4 من عناصر قسد يناشدون زعيمهم لكي يطلق سراحهم.
وكان للهدنة المفترضة بين قسد والتنظيم أثر إيجابي على مئات العائلات العالقة والمحاصرة في الأحياء الجنوبية لمدينة الحسكة، والتي شهدت ليل الأحد/الاثنين، حركة نزوح جديدة لم تكن هذه المرة نحو مناطق سيطرة نظام الأسد في المربع الأمني وسط المدينة، إنما نحو الأحياء الأخرى والقرى في الريف القريب الخاضعة لسيطرة قسد، وذلك خوفاً من حملة الاعتقالات التي بدأها النظام ضد العائلات النازحة التي دخلت الى مناطق سيطرته مؤخراً.
أثّرت المعارك في الحسكة على كامل مناطق سيطرة قسد شمال شرقي سوريا والتي بدت مقطعة الأوصال وتعيش توتراً أمنياً غير مسبوق، وانقطاعاً شبه كامل في الطرق الرئيسية، وتوقف تدفق المحروقات والسلع التجارية الى مراكز المدن والبلدات الكبيرة. وتنتظر مئات العائلات والمسافرين على مداخل مدينة الحسكة إذن الدخول بعد أن أغلقت قسد معظم الطرق ونشرت مئات الحواجز الأمنية والعسكرية.
وقال مصدر محلي في الحسكة ل”المدن”: “يبدو أن حالة التوتر ستطول إلى حين استسلام عناصر داعش. وفي حال صحّت المعلومات المتداولة حول وجود مئات الأطفال من أبناء عناصر التنظيم في سجن غويران، فهذا سيؤخر سقوط السجن، وسيمنع استخدام النيران والقوة التدميرية الهائلة التي اعتاد التحالف على استخدامها تمهيداً لعمليات قسد”.
المدن
————————————
مخاوف من استعادة قدراته وحضوره الميداني، هل يُشكل هجوم داعش على سجن الحسكة مؤشراً إلى عودة التنظيم؟
– أ. ف. ب.
بيروت: شكّل الهجوم الأخير لتنظيم الدولة الإسلامية على سجن في مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا العملية العسكرية الأكبر لمقاتليه منذ إسقاط “دولة الخلافة” التي أقامها، وأثار مخاوف من بروزه مجدداً واستعادته قدراته وحضوره الميداني.
ويطرح استمرار المعارك منذ الخميس ونجاح عدد من السجناء في الفرار تساؤلات عما إذا كان هجوم التنظيم على سجن غويران الخاضع لسلطة الإدارة الذاتية الكردية يمثّل نقطة تحوّل تؤشّر إلى عودة التنظيم إلى سابق عهده.
تبنّى التنظيم المتطرف الهجوم عبر وكالة “أعماق”، ذراعه الدعائية، على تطبيق تلغرام، واصفاً إياه بأنه “واسع ومنسّق”، شارحاً كيف “بدأ (مساء الخميس) بانطلاق استشهاديين اثنين (…) بشاحنتين مفخختين” فجراهما “عند بوابة السجن وأسواره”.
ونشرت الوكالة أن “مفارز الانغماسيين انطلقت فور وقوع التفجيرين (…) على أربعة محاور”، فهاجمت أهدافاً عدة بينها أبراج السجن ومديرية المحروقات الحكومية القريبة منه ومقر فوج قريب تابع للقوات الكردية.
وتزامنت “تحركات داخل السجن”، وفق المصدر ذاته، مع “الاشتباكات العنيفة” على أسواره وفي محيطه، “تكللت بالسيطرة على مخزن سلاح وقتل وأسر العديد من حراس وأفراد السجن، ومن ثم اقتحام المقاتلين للسجن بعد هدم وإحراق أجزاء منه”.
وأكد التنظيم أن 800 سجين “كسروا القيد خلال الهجوم”، من دون ان يتسنى التحقّق من صحّة الرقم من مصادر أخرى.
وشارك أكثر من مئة عنصر من التنظيم، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، في الهجوم الذي أدى إلى اندلاع اشتباكات لا تزال متواصلة وإن تراجعت حدتها.
وقُتل أكثر من 154 شخصاً في الاشتباكات، معظمهم من مقاتلي التنظيم، وبينهم أيضاً العشرات من القوات الكردية، بحسب المرصد الذي يستقي معلوماته من شبكة مصادر واسعة داخل سوريا. بينما قالت الأمم المتحدة إن المعارك تسببت بنزوح قرابة 45 ألف شخص.
وواصلت قوات سوريا الديموقراطية التي يقودها الأكراد وتدعمها قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، الإثنين عملياتها الهادفة إلى استعادة السيطرة الكاملة على السجن.
ووصف الخبير في شؤون التنظيم أيمن جواد التميمي الهجوم بأنه “العملية الأكثر اتقاناً من حيث الإعداد” لمجموعاته منذ إعلان إسقاط “دولة الخلافة” التي أقامها قبل ثلاث سنوات، بعدما تمّ دحر آخر مقاتلي التنظيم الجهادي من بلدة الباغوز، معقله الأخير في شرق سوريا.
يمكن للتنظيم، وفق التميمي، أن “يعزّز قدراته لتنفيذ عمليات أكثر اتقاناً وأوسع نطاقاً”، بالنظر إلى عدد مقاتليه الذين تجاوزوا الطوق الأمني المفروض من القوات الكردية.
إلا أنّه أكد في الوقت ذاته أن لا مجال إطلاقاً للمقارنة بين هذه القدرات وتلك التي كان التنظيم يتمتع بها عام 2014، عندما تمكن من السيطرة على مساحات واسعة من سوريا والعراق المجاور.
وقال التميمي “ثمة طريق طويل قبل الوصول إلى درجة قريبة من هذا الوضع والسيطرة مجدداً على هذا القدر من المساحات الجغرافية”.
إلاّ أن الباحث في معهد “نيولاينز” نيكولاس هيراس رأى أن الهجوم يمثّل خطوة في هذا الاتجاه، معتبراً أن التنظيم “يحتاج إلى إخراج جيشه من السجن”.
وتوقع “المزيد من هذا النوع من العمليات مستقبلاً، خصوصاً أن قوات سوريا الديمقراطية تفتقر إلى الإمكانات الكافية لحماية السجون التي يُعتقل فيها عناصر التنظيم”.
وقدّر تقرير للأمم المتحدة العام المنصرم بنحو عشرة آلاف عدد مقاتلي التنظيم الذين لا يزالون ناشطين في العراق وسوريا، ويوجد قسم منهم في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد.
وتضم السجون الواقعة في المناطق الواسعة التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا نحو 12 ألف جهادي من نحو 50 جنسية، وفق السلطات الكردية.
أما زوجات مقاتلي التنظيم وأطفالهم فيعيشون في مخيمات مكتظة في المنطقة، يحذّر خبراء بانتظام من أنها أصبحت أكثر فأكثر بيئة حاضنة للتطرف.
لا يستبعد المؤرخ والخبير في الشؤون السورية بيتر فان أوستاين أن “يتوارى مقاتلو التنظيم الناجون مجدداً في الصحراء” بالقرب من الحدود مع العراق بعد هجوم السجن.
وقال لوكالة فرانس برس “لا أرى أي خطر فوري في أن يحتلوا مجدداً مساحات واسعة من الأراضي”.
أما التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ويتولى محاربة التنظيم، فتوقع أن يؤدي هجوم سجن غويران إلى إضعاف التنظيم نظراً إلى الخسائر الكبيرة التي تكبدها.
واعتبر التحالف في بيان الأحد أن التنظيم “لا يزال يشكّل تهديدا لكن الواضح أنه لم يعد يتمتّع بقوته الغابرة”.
ولاحظ الخبير في شؤون التنظيم تشارلي وينتر أن هجوم الحسكة كان “ضخماً جداً من منظور رمزي، مع أنه قد لا يؤدي إلى تأثير فوري على الأرض”.
وقال وينتر الذي يرصد الحسابات الجهادية على شبكات التواصل الاجتماعي لفرانس برس إنه لم يشهد “منذ سنوات مثل هذه الحماسة لدى مناصري” الجهاديين على الإنترنت.
وأعاد “هذا النوع من القدرة على تنشيط المناصرين تحريك الكثير” من الجماعات المؤيدة للتنظيم، لا سيما في سوريا، وإن كانت الإجراءات الأمنية ستمنع معظم الجهاديين والسجناء من الخروج من محافظة الحسكة.
وشدّد وينتر على أن “ما يضفيه هذا الهجوم من رمزية يمكن أن يكون له انعكاسه الملموس الخاص”، إذ هو “استعراض لقدرته ولعزمه على التحدي”.
———————————–
التضييق على “داعش” في الحسكة: تداعيات سياسية وأمنية لغزوة غويران/ أمين العاصي
تقترب “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) من فرض سيطرة كاملة على سجن الصناعة (غويران) في مدينة الحسكة، أقصى الشمال الشرقي من سورية، والذي يضم آلاف العناصر من “داعش” ويشهد اشتباكات منذ الجمعة الماضي، عقب هجوم واسع النطاق شنه التنظيم لإطلاق سراح مسلحيه المحتجزين منذ سنوات.
وأكدت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، أمس الأحد، أن اشتباكات متقطعة لا تزال تدور في محيط السجن، المعروف بسجن الصناعة في حي غويران، بين عناصر التنظيم من المهاجمين والفارين، وبين “قوات سورية الديمقراطية”.
وبينت أن “قسد” تتقدم من جهة الصوامع وتضيّق الخناق على عناصر “داعش”. وأشارت إلى أن هذه القوات دعت، عبر مكبرات الصوت، عناصر “داعش” المحاصرين في أجزاء من سجن الصناعة لتسليم أنفسهم.
من جهته، قال المركز الإعلامي لـ”قوّات سورية الديمقراطية”، أمس الأحد، إن هذه القوات “تتعامل مع خلايا إرهابية (لم يتم التأكد من هويتها) حاولت مؤازرة إرهابيي داعش المحاصرين في القسم الشمالي من سجن الصناعة، انطلاقاً من حي غويران، جنوب المدينة”.
تضييق الطوق الأمني حول سجن الصناعة
وأضاف أن “قواتنا ضيقت طوقها الأمني حول السور الشمالي لسجن الصناعة، ونفذت، صباح أمس الأحد، عمليات عسكرية دقيقة، تمكنت خلالها من قتل 13 مرتزقاً من المهاجمين وإلقاء القبض على اثنين آخرين”.
وأكد المركز مقتل 13 من عناصر تنظيم “داعش” ممن هاجموا سجن الصناعة في الحسكة. وأشار إلى أنهم قُتلوا خلال عمليات دقيقة نفذها مقاتلو “قسد” صباح أمس. وأوضح أن عدد قتلى التنظيم ارتفع بذلك إلى 35 عنصراً. وشدد على أن “قسد تقاتل بدقة عالية لمنع المهاجمين من الإفلات من العقاب”.
وفي السياق، أكد القائد العام لـ”قوات سورية الديمقراطية” مظلوم عبدي أن قواته “نجحت بمساعدة التحالف بصد الهجوم، وتم تطويق محيط السجن بالكامل واعتقال جميع الهاربين”. ونقلت وسائل إعلام تابعة لـ”قسد” عن عبدي قوله إن “قتالنا ضد داعش مستمر، ولن نتوقف حتى يتم وضع جميع العناصر الإجرامية خلف القضبان”.
وكان تنظيم “داعش” شنّ، ليل الخميس-الجمعة، هجوماً هو الأكبر منذ إعلان القضاء عليه في منطقة شرق نهر الفرات مطلع العام 2019، حيث استهدف، بسيارتين مفخختين، بوابات “سجن غويران”.
أميركا تزج بمروحيات وعربات لمساندة “قسد” ضد “داعش”
وأعقب ذلك شنّ العشرات من العناصر هجوماً لفتح هذه البوابات وإخراج السجناء منه. وقد اضطرت أميركا، التي تقود تحالفاً ضد الإرهاب، للزج بمروحيات وعربات عسكرية ثقيلة لمساندة “قسد” في القضاء على عناصر التنظيم، سواء الذين هاجموا السجن أو الفارين منه.
ورأى الباحث السياسي سعد الشارع، في حديث مع “العربي الجديد”، أن الهجوم الذي شنه “داعش” على سجن الحسكة “يندرج في سياق استراتيجية معلومة يتبعها التنظيم”. ولفت إلى أن لدى “داعش” تجارب سابقة في هذا الإطار، عندما هاجم في العام 2013 سجني التاجي وأبو غريب في العراق، وتمكن من إطلاق المئات من عناصره وقيادييه.
وبرأيه، فإن عملية الحسكة هدفها زيادة ترابط وتماسك التنظيم داخلياً، وهي تبعث برسالة واضحة لعناصره بأن “داعش” لا ينسى أسراه، وأنه مستعد لشن هجوم واسع النطاق، يقتل فيه عناصر في سبيل تحرير الأسرى.
وبيّن الشارع أن التنظيم “أدخل مجموعات إلى المنطقة المحيطة بالسجن”. ولفت إلى أنه بعد إطلاق عناصره من السجن، وحصولهم على أسلحة من داخله، كبُرت هذه المجموعات، وهو ما يفسر صعوبة القضاء عليها.
وأشار إلى أن عدداً غير معروف من أسرى التنظيم باتوا أحراراً، و”هنا تكمن الخطورة في الأمر”. ولفت إلى أن موضوع الأرقام غامض، حيث لم يُعرف حتى اللحظة عدد الفارين وعدد القتلى من التنظيم أو “قسد”.
موقع سجن الصناعة سهّل على “داعش” مهاجمته
وأعرب الشارع عن اعتقاده أن التنظيم “اشترى حواجز أمنية للوصول إلى قلب مدينة الحسكة”. وقال: “يوجد تواطؤ لدى قوات سورية الديمقراطية”، إذ إن مبنى السجن “مفتوح على بادية الهول المحاذية للحدود السورية العراقية، ومفتوح على بادية الحضر في العراق، التي تعادل مرتين مساحة محافظة الحسكة وينشط فيها التنظيم”.
واعتبر أن وجود سجن الصناعة في هذا الموقع سهّل على التنظيم مهاجمته، وكانت هناك مؤشرات على أن “داعش” يتجهز لشن الهجوم، ولم تتخذ “قسد” أي إجراءات احترازية.
وأشار الشارع إلى أن “قوات سورية الديمقراطية تتعمد اتهام المكون العربي في الحسكة بمساعدة داعش، رغم أن العرب هم أكثر من ذاقوا الويلات على يد التنظيم”. ولفت إلى أن “داعش قتل في وادي الفرات، في غربه وشرقه، من العرب أكثر من أي مكون آخر من المكونات السورية”.
وبيّن أن “قسد” التي تسيطر على جل منطقة شرق الفرات “تملك كل الإمكانيات لبناء معتقل محصّن لأسرى التنظيم، لكنها لم تفعل ذلك، على الرغم من أن موارد النفط كلها بيد هذه القوات”. وبرأيه، فإن مآلات ما جرى في مدينة الحسكة خطيرة على المنطقة برمتها.
ومن المتوقع أن تكون لما حصل في مدينة الحسكة تبعات كثيرة على منطقة شرق نهر الفرات التي تسيطر عليها “قسد”، التي وجدت نفسها في دائرة الاتهام بالإهمال والتقصير، رغم الدعم الكبير من التحالف الدولي، الذي يعتبر هذه القوات ذراعه البرية في مواجهة تنظيم “داعش”.
وتمتلك هذه القوات، التي تشكلت أواخر العام 2015، كل الإمكانيات التي تخوّلها مواجهة كل التهديد المحتمل للتنظيم في منطقة شرق الفرات، لكنها وجدت عناصر “داعش” على أبواب سجن الصناعة في قلب الحسكة، التي من المفترض أن تكون الأكثر تحصيناً.
وقال الباحث السياسي في مركز “جسور” للدراسات أنس الشواخ، في حديث مع “العربي الجديد”، إنه لا يمكننا الآن الحديث بدقة عن آثار هذا الحدث على المنطقة و”قوات سورية الديمقراطية”، لكونه لا يزال مستمراً، ويقبل عدة سيناريوهات.
ولفت إلى أن ما جرى يستدعي من قوات التحالف والمجتمع الدولي بشكل عام إعادة تقييم قدرات “قسد” الأمنية والعسكرية، وإعادة تقييم لفاعلية وجدوى دورها كشريك محلي وحيد للتحالف الدولي لمحاربة “داعش”.
وأشار الشواخ إلى أن “قسد”، خلال الشهرين الماضيين، “كانت قد أعلنت عدة مرات عن تفكيكها خلايا تابعة لداعش، كانت تخطط للهجوم على هذا السجن بالتحديد، وبنفس السيناريو الجاري حالياً”. ولفت إلى أن هناك أخطاء كبيرة ارتكبتها “قوات سورية الديمقراطية” خلال وقبل الاختراق الأمني الكبير من قبل التنظيم في الحسكة.
العربي الجديد
————————–
سوريا: 136قتيلاً في معارك بين الأكراد وعناصر «الدولة»… والطيران الأمريكي يستهدف تحصينات المهاجمين/ هبة محمد
استمرت المواجهات العنيفة في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا لليوم الثالث على التوالي بين عناصر تنظيم “الدولة” وقوات سوريا الديمقراطية (قسد). وبينما أعلنت “قسد” السيطرة “الاستثنائية” الكاملة على سجن الصناعة في حي غويران، قال تنظيم “الدولة” في بيان له عبر وكالة أعماق الناطقة باسمه، إن العشرات من “قسد” سقطوا قتلى خلال الاشتباكات المستمرة، كما عرض التنظيم شريطاً مصوراً عبر وكالة أعماق التابعة له يُظهر نحو 25 رجلاً قال إنه اعتقلهم خلال هجومه على السجن، وبعضهم يرتدي زيّاً عسكرياً.
وحسب وكالة فرانس برس فقد قُتل 136 شخصاً على الأقل في الاشتباكات، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الأحد. وترافقت المواجهات مع استهداف الطيران المروحي التابع للتحالف الدولي الأبنية التي يتحصن فيها عناصر التنظيم في محيط السجن بالرشاشات الثقيلة، كما حلّقت الطائرات الحربية F16 صباح الأحد لأول مرة منذ بدء الهجوم على السجن، بينما قصفت “قسد” بالمدفعية الثقيلة مواقع يتمركز فيها مقاتلو التنظيم قرب سجن الصناعة. وأوضحت مصادر محلية أن استخدام المدفعية جاء بهدف اقتحام “التحالف” و”قسد” للسجن مجدداً بعد سيطرة التنظيم عليه. بدورها ذكرت شبكة “الخابور” المحلية، أن تنظيم “داعش” قطع طريق الستين الاستراتيجي المحاذي لسجن الصناعة، والذي يربط الأطراف الجنوبية بمركز المدينة وحي العزيزية.
وسمع مراسل في حي غويران أصوات اشتباكات عنيفة في المناطق المحيطة بالسجن الذي يضم ما لا يقل عن 3500 شخص يُشتبه في انتمائهم إلى تنظيم “الدولة”. وقال المراسل إن “قوات سوريا الديمقراطية” تنتشرُ بكثافة في الأحياء المحيطة بالسجن، وتنفذ عمليات تمشيط، وتستخدم مكبّرات الصوت لدعوة المدنيين إلى مغادرة المنطقة.
وقال أحد المدنيين الفارين لوكالة فرانس برس بعد عبوره المناطق المشتعلة “الوضع سيئ جداً والاشتباكات عنيفة (..) يدخلون البيوت ويقتلون الناس فيها”. وأضاف الرجل الثلاثيني الذي كان يحمل طفلاً رضيعاً لف ببطانية من الصوف “نجونا بأعجوبة”.
وفي ما يناقض رواية تنظيم “الدولة” ذكرت وكالة هاوار التابعة لقوات سوريا الديمقراطية أن “قسد” سيطرت بشكل كامل على محيط السجن. والمعارك الأشرس دارت مع الخلايا النائمة التي شنت الهجوم من الخارج، في حيي غويران الشرقي، والزهور، وكذلك في ساحة البانوراما، وتم قتل معظم عناصر المهاجمين.
——————
حصيلة معارك سجن غويران في سوريا ترتفع إلى 154 قتيلا
ارتفعت إلى 154 على الأقل حصيلة القتلى في الاشتباكات المتواصلة منذ أيام بين مقاتلين من تنظيم «داعش» والقوات الكردية المدعومة من التحالف الدولي، على أثر هجوم للإرهابيين على سجن «غويران» في شمال شرقي سوريا، وفق ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اليوم (الاثنين).
وتراجعت حدة المعارك مساء الأحد، إلا إن هناك مخاوف سادت حول مصير مئات القصر الموجودين في السجن، وكانوا مقاتلين سابقين في التنظيم المتطرف.
وأعلنت الإدارة الذاتية الكردية «الحظر الكلي» بدءاً من الاثنين حتى 31 يناير (كانون الثاني) الحالي في منطقة الحسكة حيث تجري المعارك «داخلياً وخارجياً لمدة 7 أيام»، موضحة أن هذا الإجراء يهدف إلى «منع الخلايا الإرهابية من أي تسلل خارجي»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وشارك أكثر من 100 من مقاتلي التنظيم في هجوم بدأ مساء الخميس على السجن الذي يشرف عليه الأكراد، في عملية تعدّ «الأكبر والأعنف» منذ إعلان القضاء على التنظيم في سوريا قبل 3 سنوات. وتجدد الهجوم في اليوم التالي. وتصدت له «قوات سوريا الديمقراطية» التي يشكل المقاتلون الأكراد أبرز مكوناتها.
وأدت الاشتباكات العنيفة الدائرة داخل السجن وفي محيطه إلى فرار مجموعة من السجناء لم يتسن التأكد من عددهم. وتقول وكالة «أعماق»؛ وهي الذراع الدعائية لتنظيم «داعش»، إن عددهم 800.
وأكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»؛ الذي يتخذ من بريطانيا مقراً، ما قاله التنظيم من أن المهاجمين والسجناء سيطروا على مخزن أسلحة كان موجوداً داخل السجن.
وتحدث «المرصد»، في أحدث حصيلة، عن مقتل «102 من تنظيم (داعش) و45 من الأسايش (القوات الأمنية الكردية) وحراس السجن وقوات مكافحة الإرهاب وقسد (قوات سوريا الديمقراطية) و7 مدنيين».
وجاء في بيان لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (الأحد) أنها سيطرت «بشكل كامل على الوضع الاستثنائي الذي كان (داعش) يحاول الاستفادة منه للفرار». وأضاف «ليس بإمكان مرتزقة (داعش) المتبقين في أسوار السجن الفرار الآن».
وأشار التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي يدعم الأكراد بالسلاح والتدريب وعادة بالغارات الجوية، في بيان، إلى أن «(قوات سوريا الديمقراطية) احتوت الخطر»، فيما لاحظ «المرصد» أن حدة الاشتباكات تراجعت.
وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية»، مساء أمس (الأحد)، أن «العائق الكبير» أمام تقدمها «هو استخدام الإرهابيين الأطفال من (أشبال الخلافة) المرتبطين بـ(داعش) والبالغ عددهم 700 قاصر، دروعاً بشرية»، مشيرة إلى أن هؤلاء «كانوا موجودين في مهاجع خاصة منفصلة داخل مركز الاعتقال».
وأضافت أنها تحمل «إرهابيي (داعش) مسؤولية إلحاق أي ضرر بهؤلاء الأطفال داخل السجن».
وكانت «منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)» عبرت عن قلقها إزاء مصير هؤلاء الأطفال، داعية (الأحد) إلى حمايتهم، ومشيرة إلى أن عددهم في سجن «غويران» نحو 850.
وجاء في بيان للمنظمة: «مع تواصل المعارك يزداد خطر إصابة الأطفال أو المجندين»، داعية إلى الإفراج عنهم فوراً.
وأدت المعارك إلى موجة نزوج واسعة من الأحياء المحيطة بالسجن. وأفادت السلطات الكردية بأن آلاف الأشخاص غادروا المنطقة وسط البرد القارس.
ومنذ إعلان إسقاطه في مارس (آذار) 2019 وخسارته كل مناطق سيطرته، يشن تنظيم «داعش» بين حين وآخر هجمات ضد أهداف حكومية وكردية في منطقة البادية مترامية الأطراف الممتدة بين محافظتي حمص (وسط) ودير الزور (شرق) عند الحدود مع العراق، وهي المنطقة التي انكفأ إليها مقاتلو التنظيم ضمن خلايا ومجموعات متعددة.
ويرى خبراء في الهجوم الأخير على السجن مرحلة جديدة في عودة ظهور التنظيم.
لكن التحالف الدولي عدّ أن «محاولة الفرار هذه لا تشكل تهديداً كبيراً»؛ نظراً إلى العدد الكبير من القتلى الذين سقطوا في صفوف التنظيم.
وأفاد «المرصد» بأن القوات الكردية تمكنت من القبض على أكثر من 100 من السجناء الذين حاولوا الفرار، لكنه أشار إلى أن كثراً منهم، لم يتضح عددهم، لا يزالون طلقاء.
وتضم السجون الواقعة في المناطق الواسعة التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا نحو 12 ألف إرهابي من نحو 50 جنسية، وفق السلطات الكردية.
الشرق الأوسط
—————————
سورية: تجدد الاشتباكات في الحسكة وفرض حظر كلي على المدينة وريفها/ سلام حسن
تجددت فجر اليوم الإثنين، الاشتباكات في محيط سجن الصناعة وأطرافٍ بحي غويران في مدينة الحسكة، شمال شرقي سورية، بين عناصر تنظيم “داعش” و”قوات سورية الديمقراطية” المدعومة من التحالف الدولي ضد التنظيم، فيما أعلنت “قسد” فرض حظر تجول كلي في المدينة اعتباراً من صباح اليوم وحتى نهاية الشهر الجاري.
وقالت مصادر مقربة من “قسد” لـ”العربي الجديد”، إن الاشتباكات تجددت في محيط سجن الصناعة بعد فشل المفاوضات بين “قسد” وعناصر تنظيم “داعش”، مضيفة أن طيران التحالف الدولي استهدف السجن بغارتين، تزامناً مع اشتباكات بين الطرفين في شارع الستين.
وذكرت المصادر أن طيران التحالف المروحي استهدف مجموعة من عناصر التنظيم، كانت تحاول الفرار من السجن نحو الخارج، مضيفة أن التنظيم يهدد بقتل الرهائن الذين احتجزهم في بداية عملية اقتحام السجن والسيطرة عليه. وأضافت المصادر أن الاشتباكات تكررت بشكل متقطع حتى صباح اليوم.
“الهروب الكبير” من سجن غويران.. هل يعيد “داعش” إلى الواجهة؟
من جانبها أعلنت “هيئة الداخلية” التابعة للإدارة الذاتية فرض حظر تجول كلي على مدينة الحسكة، وجزئي على باقي المناطق التي تخضع لسيطرة “قسد”، ابتداء من صباح اليوم وحتى نهاية الشهر الجاري.
وقالت “هيئة الداخلية” في بيان لها إن الحظر يهدف إلى “حفظ الأمن والاستقرار في مناطق شمال وشرق سورية بالتزامن مع استمرار هجمات مرتزقة داعش”.
ويستثني القرار كلاً من “المؤسسات الخدمية والتي تتطلب طبيعة عملها الاستمرار في العمل، كالأفران والمطاحن والمراكز الصحية والمحروقات والبلديات”. أما بالنسبة للإدارات والمدن الأخرى فيبدأ فيها “الحظر من الساعة 6:00 مساءً حتى الساعة 6:00 صباحاً، ويتم منع الحركة بين المدن طوال فترة الحظر”.
وتنفي المصادر إعادة سيطرة “قسد” على سجن الصناعة، وتؤكد أنها تحاصر منطقة السجن من كافة الجهات لكنها لم تتمكن من استعادة السيطرة على أي من أجزائه بعد.
وكانت القيادة العامة لـ”قسد” قد أعلنت مساء أمس في بيان لها أنه خلال الأيام الثلاثة الماضية من هجوم “داعش” قُتل من المهاجمين أكثر من 160 ونحو 15 من المعتقلين ممن حاولوا الهروب من السجن، واشتبكوا مع قواتها، مضيفة أنه قتل خلال الأيام ذاتها 27 عنصراً من عناصر مليشيات “قسد”.
وأضافت أن الوضع تحت السيطرة، وأنها بدأت بـ”عملية تطهير واسعة، بمشاركة نحو 10 آلاف من “قسد” وقوات الأمن التابعة لها، و”قوات حماية المجتمع” (HPC)، بمشاركة قوات من التحالف الدولي لمكافحة “داعش”.
وشهدت مدينة الحسكة مساء أمس هدوءاً حذراً تزامن مع مفاوضات بين “قسد” وعناصر تنظيم “داعش”، إلا أن المفاوضات لم تسفر عن جديد. وذكرت أن احتجاز عناصر “داعش” لقرابة خمسين شخصاً من الحراس والعاملين في السجن والتهديد بتصفيتهم يعدان العائق الأبرز أمام عملية استعادة السيطرة من قبل “قسد”.
وفي سياق متصل، قالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” إن مجهولين هاجموا دورية لـ”قسد” في محور بلدة الكرامة بريف الرقة الشرقي، ما أدى إلى مقتل عنصرين وإصابة آخر، قبل فرار المهاجمين إلى جهة مجهولة، مضيفة أن “قسد” كثّفت من حضورها الأمني والعسكري في المنطقة.
وجاء الهجوم تزامناً مع أحداث سجن الصناعة في مدينة الحسكة، واستنفار “قسد” في كافة المناطق الخاضعة لها تخوفاً من هجمات مرافقة.
تجدد القصف على إدلب
إلى ذلك، قال الناشط “مصطفى المحمد” لـ”العربي الجديد” إن قوات النظام جددت فجر اليوم قصفها المدفعي على أماكن متفرقة في جبل الزاوية بريف إدلب وسهل الغاب بريف حماة، مضيفا أن القصف تركّز معظمه على بلدات وقرى سفوهن والفطّيرة وبينين وفليفل بجبل الزاوية، متسبباً بأضرار مادية.
من جانب آخر، قال “المرصد السوري لحقوق الإنسان” إن عنصرين من المليشيات الإيرانية الموالية لقوات النظام قتلا جراء انفجار لغم بهما يوم أمس، في بلدة نبل بريف حلب الشمالي الخاضع لسيطرة النظام السوري.
————————–
يهاجمه تنظيم الدولة لتحرير 5 آلاف من عناصره.. ما الذي يحدث في سجن غويران بالحسكة؟
عمر يوسف
شمال سوريا- لليوم الرابع على التوالي، تستمر الاشتباكات العنيفة بين قوات سوريا الديمقراطية وعناصر من تنظيم الدولة الإسلامية في محيط سجن الصناعة (غويران) بمدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، في محاولة لإطلاق سراح السجناء من عناصر التنظيم.
ورغم حديث قوات سوريا الديمقراطية عن اقتراب إحكام قبضتها على السجن وسيطرتها شبه الكاملة، وإنهاء الهجوم، فإن تنظيم الدولة يقول إنه أسر وقتل العشرات من قوات سوريا الديمقراطية، ومستمر في القتال حتى النهاية.
تحاول الجزيرة نت في هذا التقرير تسليط الضوء على هذا السجن في الحسكة وطبيعة نزلائه وصفتهم وأعدادهم، كما تطرح سيناريوهات مختلفة عن الهجوم الذي نفذه عناصر تنظيم الدولة، إضافة إلى معلومات عن سجون قوات سوريا الديمقراطية، وأعداد المحتجزين فيها.
أين يقع سجن الصناعة (غويران)؟ وما القوى العسكرية التي تديره؟
يقع السجن في حي غويران (جنوبي مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا)، ويعد من أكبر السجون في المدينة، وتديره قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية، والتي تسيطر على أجزاء واسعة من شمال شرقي سوريا.
ويطلق على السجن اسم “الصناعة”، لأن السجن كان عبارة عن مدرسة لطلاب الصناعة قبل أن تقوم قوات سوريا الديمقراطية عام 2017 بتحويله إلى سجن لعناصر تنظيم الدولة الإسلامية بعد معارك انتهت فيها سيطرة التنظيم على أجزاء واسعة من شمال شرقي سوريا.
ويقوم السجناء بين الحين والآخر بعمليات عصيان داخل السجن، ومحاولات للفرار منه، كان آخرها منتصف أغسطس/آب 2021، حيث نفذ السجناء محاولة هروب جماعي عبر حفر أنفاق، لكن إدارة السجن أحبطت المحاولة.
كم يبلغ عدد المحتجزين في السجن؟ وما جنسياتهم؟
يقدر عدد المحتجزين في سجن غويران بـ5 آلاف سجين؛ بين عناصر وقادة من تنظيم الدولة، معظمهم من جنسيات عربية وأجنبية، كانت اعتقلتهم قوات سوريا الديمقراطية خلال المعارك مع التنظيم في شمال شرقي سوريا بدعم من قوى التحالف الدولي في السنوات السابقة.
وتؤكد مصادر مطلعة للجزيرة نت من الحسكة أن أغلب السجناء من القادة البارزين للتنظيم الذين كانوا يمتلكون مناصب ذات طابع إداري أو عسكري إبان سيطرة التنظيم على مناطق بسوريا، ومن أصحاب الخبرات القتالية والعلمية.
سجن غويران يعد أحد أكبر السجون التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية وتحتجز فيه قيادات بارزة من تنظيم الدولة
لا يزال الغموض يلف طريقة تسلل عناصر التنظيم إلى الحسكة وتحضيرهم للهجوم الذي بدأ بتفجير عربتين مفخختين في محيط السجن، وسط حديث عن هروب المئات من المعتقلين، وفق رواية وكالة أعماق التابعة لتنظيم الدولة.
في حين، تحدثت شبكة “فرات بوست” المتخصصة في أخبار شمال شرقي سوريا أن أغلب المهاجمين قدموا من ريف دير الزور، ومدينة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي، قبل بدء عملية الهجوم بأيام قليلة، وتمركزوا في عدة منازل في حي غويران.
وحسب “فرات بوست”، فإن خلايا للتنظيم كانت خططت لهذه العملية منذ عدة أشهر، بعد أن استطاعت مؤخرا تجنيد أعداد جديدة من العناصر في صفوفها بريف دير الزور، وذلك تمهيدا للعملية الأخيرة، وهي تحرير سجناء عناصر التنظيم من السجن.
في المقابل، تتجه أصابع الاتهام إلى عناصر من قوات سوريا الديمقراطية بتسهيل عملية دخول منفذي الهجوم وحملهم كميات من السلاح إلى مدينة الحسكة، دون تأكيدات من مصادر موثوقة.
ما السجون الأخرى التي تضم عناصر تنظيم الدولة في سوريا؟
بالإضافة إلى سجن غويران، تدير قوات سوريا الديمقراطية أكثر من 8 سجون في مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا، ومعظم المحتجزين فيها من عناصر تنظيم الدولة، وتقع السجون في محافظات الحسكة ودير الزور والرقة، وهي:
سجن كامبا البلغار:
يقع في مدينة الشدادي بريف الحسكة، ويضم آلاف العناصر من مقاتلي التنظيم، ويخضع لحراسة مشددة، وتقع بالقرب منه قاعدة عسكرية أميركية.
سجن الشدادية:
يقع في الشدادي أيضا، ويحتجز فيه المئات من عناصر التنظيم.
سجن ديريك:
ويقع في ريف الحسكة أيضا، وتحديدا في بلدة المالكية (ديريك) ويحمل اسم القرية نفسها، ويقدر عدد نزلائه بالمئات من عناصر التنظيم.
سجن نافكر:
يقع في ريف الحسكة أيضا ويقبع فيه المئات من مقاتلي التنظيم.
سجن رميلان:
ويقع في مدينة القامشلي، ويقبع فيه المئات من مقاتلي التنظيم أيضا.
سجن الكسرة:
يقع في دير الزور، وتشير مصادر إلى أن معظم نزلائه من قادة تنظيم الدولة.
سجن الرقة المركزي:
يحوي سجن الرقة المركزي في محافظة الرقة مئات العناصر من التنظيم، حيث كانت المدينة عاصمة له في سوريا، قبيل سيطرة قوات سوريا الديمقراطية عليها بدعم من قوى التحالف الدولي عام 2017.
وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش إن قوات سوريا الديمقراطية تحتجز نحو 12 ألف رجل وصبي يشتبه في انتمائهم لتنظيم الدولة الإسلامية، ونحو ما بين 2 و4 آلاف أجنبي من نحو 50 دولة.
وقالت المنظمة إن السجناء محتجزون “في سجون مكتظة وفي ظروف غير إنسانية في كثير من الحالات”.
المصدر : الجزيرة
—————————
اشتباكات سجن غويران.. “مؤشر خطير” من داخل المدينة
الحرة – واشنطن
أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الاثنين، بأن العشرات من سجناء وعناصر تنظيم “داعش”، سلموا أنفسهم للقوات العسكرية المتواجدة داخل سجن غويران وفي مناطق بمحيطه، بعد اشتباكات بين الطرفين استمرت منذ الخميس الماضي، أوقعت 154 قتيلا.
وقال المرصد، إن “بعض المستسلمين كانوا يختبؤون في مبنى كلية الاقتصاد التابعة لجامعة الفرات وبعض المباني المحيطة بسجن غويران ومعهد المراقبين الفنيين، والبعض الآخر من داخل سجن غويران ضمن مهاجع تقوم القوات العسكرية بتفتيشها وتمشيطها بعد السيطرة عليها، وسط وصول نحو عشر حافلات لنقل الذين سلموا أنفسهم إلى مناطق أخرى”، من دون أن يوضح أعداد المستسلمين.
لكن المرصد أكد أنه “لا يزال عناصر من التنظيم يرفضون الاستسلام، ويتحصنون ضمن قسم من سجن غويران”، دون أن يوضح عددهم، مشيرا إلى أن القوات الكردية تواصل تحضيراتها لاقتحام القسم الذي يتحصنون فيه، في حال لم يرضخوا لتسليم أنفسهم.
وكان المرصد قال أمس إن “ما بين 500 إلى 600 عنصر من تنظيم “داعش” لايزالون داخل أقسام سجن “الصناعة” في حي غويران بالحسكة، يحتجزون أكثر من 50 رهينة من عمال السجن والحراس، إضافة إلى وجود أطفال مساجين من ما يسمى “أشبال الخلافة”.
وتواصل القوات الكردية العسكرية حاليا، حملات التمشيط بحثاً عن خلايا وعناصر التنظيم في أحياء متفرقة من مدينة الحسكة، بحسب المرصد.
كما عمدت قوات التحالف إلى استقدام تعزيزات من عربات مدرعة إلى محيط السجن، بالتزامن مع استمرار تحليق الطيران في الأجواء.
ووفقاً لمصادر المرصد السوري فإنه جرى إلقاء القبض على عناصر في التنظيم في مواقع بعيدة عن السجن وهو مؤشر خطير، يؤكد أن هناك سجناء وعناصر متوارين بمناطق متفرقة في المدينة.
وكان المرصد قد قال في وقت سابق الاثنين، إن طائرات التحالف الدولي استهدفت بعد منتصف ليل الأحد-الاثنين، مواقع يتحصن ويتوارى فيها عناصر تنظيم “داعش” في منطقة سجن غويران ضمن مدينة الحسكة، بالتزامن مع اشتباكات متقطعة تجري بين الحين والآخر داخل أسوار السجن، بين الأسايش وقسد وقوات مكافحة الإرهاب من جهة، وعناصر تنظيم “داعش” من جهة أخرى.
وأدّت الاشتباكات العنيفة إلى فرار مجموعة من السجناء لم يتسن التأكد من عددها. وذكرت وكالة أعماق (الذراع الدعائية للتنظيم) أن عددهم 800.
وأوقعت الاشتباكات منذ الخميس، وفق آخر حصيلة للمرصد السوري، 102 من عناصر التنظيم و45 من القوات الكردية، إضافة الى سبعة مدنيين.
وبحسب منظمات دولية والأمم المتحدة، فإن أكثر من 700 من الأطفال والقصّر ممن انضووا سابقاً في صفوف التنظيم، كانوا معتقلين في السجن المكتظ، وهو عبارة عن مدرسة تمّ تحويلها قبل ثلاث سنوات الى مركز احتجاز. وكانت الإدارة الذاتية تحتجز فيه 3500 مقاتل على الأقل من مقاتلي التنظيم.
الحرة – واشنطن
————————–
هجوم غويران.. الأمم المتحدة تحصي 45 ألف نازح
فرانس برس
نزح نحو 45 ألف شخص من منازلهم في شمال شرق سوريا منذ بدء المعارك بين القوات الكردية وتنظيم “داعش” على إثر هجوم شنّه الأخير على سجن يضم معتقلين منه، وفق ما أحصت الأمم المتحدة، الاثنين.
وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن “ما يصل إلى 45 ألف شخص نزحوا من منازلهم إلى أحياء أخرى” من مدينة الحسكة، منذ بدء هجوم التنظيم المتطرف على سجن غويران مساء الخميس.
ولليوم الخامس على التوالي تحاول قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، مع قوات التحالف الدولي، القضاء على العناصر الإرهابية الذين حاولوا تهريب سجناء من تنظيم “داعش”.
وشن أكثر من مئة من مقاتلي التنظيم، مساء الخميس، هجوما على سجن غويران الذي تسيطر عليه القوات الكردية في محافظة الحسكة فنجح عدد غير معروف من المتطرفين في الفرار منه، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. لكن وكالة “أعماق” الدعائية التابعة للتنظيم تحدثت عن فرار 800 عنصر.
شن أكثر من مئة من مقاتلي داعش هجوما على سجن غويران في الحسكة
سجون الجهاديين.. داعش يراهن على “الأرض الخصبة” للمعارك القادمة
يسلط هجوم تنظيم الدولة الإسلامية الذي بدأ قبل أيام على سجن خاضع لسيطرة القوات الكردية الضوء في شمال شرق سوريا على هشاشة السجون المكتظة التي يصعب تأمينها في حين تعد مرتعا للجهاديين فيما بات التحالف الدولي الذي حاربهم من مخلفات الماضي.
وحتى مساء الأحد، قُتل 45 عنصرا من قوات سوريا الديمقراطية والقوات الكردية وحراس السجن في هذا الهجوم الذي أعقبته معارك وكان ما زال مستمرا الاثنين وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
فرانس برس
————————-
السجون رهان استراتيجي لـ “داعش” في الشرق الأوسط
إنها أرض خصبة لتفريخ المتطرفين نظراً لأنها تؤوي عناصر محليين وأجانب
(أ ف ب)
يسلط هجوم تنظيم “داعش” الذي بدأ قبل أيام على سجن خاضع لسيطرة القوات الكردية في شمال شرقي سوريا، الضوء على هشاشة السجون المكتظة التي يصعب تأمينها، في حين تعد مرتعاً للمتطرفين، فيما بات التحالف الدولي الذي حاربهم من مخلفات الماضي.
وشن أكثر من 100 من عناصر التنظيم المتطرف مساء الخميس، 20 يناير (كانون الثاني)، هجوماً على سجن غويران الذي تسيطر عليه القوات الكردية في محافظة الحسكة، فنجح عدد غير معروف من المتطرفين في الفرار منه، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. لكن وكالة “أعماق” الدعائية التابعة للتنظيم تحدثت عن فرار 800 عنصر.
ومثل هذا التهديد معروف منذ زمن طويل. فقد عملت قوات سوريا الديمقراطية التي تضم بشكل خاص عناصر أكراداً “على نحو جيد” في السنوات الأخيرة من أجل تأمين هذه السجون، كما قال سلمان شيخ، مؤسس مجموعة شيخ المتخصصة في حل النزاعات في الشرق الأوسط. وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية، “لكنهم حذروا منذ فترة من أنهم لا يستطيعون الاستمرار في ذلك لفترة طويلة”.
عودة التنظيم؟
وحتى مساء الأحد، قُتل 45 عنصراً من قوات سوريا الديمقراطية والقوات الكردية وحراس السجن في هذا الهجوم الذي أعقبته معارك، وكان ما زال مستمراً الاثنين وفق المرصد. وليس هناك ما يشير إلى أن هذه القوات ستكون أفضل تسليحاً في المرة المقبلة.
وقال كولن كلارك، مدير البحث في مركز “صوفان” في نيويورك، “تحتاج قوات سوريا الديمقراطية إلى استراتيجية للتعامل مع هذا التهديد. حتى الآن، كانت الاستراتيجية (التي اتبعها الغرب) تقوم على التهرب من مواجهة الأمر. أين المساعدات؟”.
ولم تتضح بعد الملابسات الدقيقة لما حدث. هل كان نتيجة عمل تم تنسيقه على مستوى قيادة تنظيم “داعش”، أم نتيجة مبادرة من الخلية المحلية للتنظيم؟
وقال جيروم دريفون، المحلل في مجموعة الأزمات، إن التنظيم “ليس في الوضع نفسه الذي كان عليه عندما كان يسيطر على منطقة واسعة ويتخذ قراراته بطريقة هرمية”. وأضاف أن العملية نُفّذت “إما لإرسال إشارة إلى عودة التنظيم. أو قد تكون ذات بعد محلي ونفذتها خلية تريد إطلاق سراح عناصر من هذا السجن بالتحديد”.
إزالة الحواجز
على أي حال، يمكن لهذا الحادث أن يتكرر. إذ يتفق المحللون والمسؤولون العسكريون والسلطات المدنية منذ سقوط التنظيم على الاعتراف بأن هذه السجون ليست إلا أرضاً خصبة لتفريخ المتطرفين نظراً لأنها تؤوي عناصر محليين وأجانب.
فمن خلال احتجازهم معاً، يتواصلون في ما بينهم ويخططون للتحرك بمجرد مغادرتهم السجن وتدريب الأجيال الشابة ويستعدون لمعارك مستقبلية.
وقال كلارك مشيراً إلى خطاب ألقاه زعيم التنظيم في عام 2012 أبو بكر البغدادي، “سيعود تنظيم داعش إلى هذا التكتيك، ببساطة لأنه ناجح. سيعملون من جديد على هدم الجدران”. قال البغدادي ذلك قبل أن يسيطر التنظيم تدريجاً على مساحات شاسعة من العراق وسوريا، ويعلن “الخلافة” التي استمرت خمس سنوات (2014-2019).
وهي قراءة تحققت من خلال الهجمات والاعتداءات التي نفذها التنظيم حول العالم، وفق ما رصدته شركة “جهاد أناليتكس” (Jihad Analytics) المتخصصة في تحليل الأنشطة المتطرفة على الأرض وفي الفضاء الإلكتروني.
وقال مؤسس الشركة داميان فيريه، لوكالة الصحافة الفرنسية، “منذ عام 2013، نفذت الجماعة 22 هجوماً على سجون في العراق وأفغانستان والفيليبين وجمهورية الكونغو الديمقراطية وليبيا والنيجر والسعودية وطاجيكستان ومن ثم في سوريا”.
وأضاف أنه على الرغم من تكتم التنظيم المتطرف نسبياً في الأشهر الأخيرة، “تُظهر هذه العملية أنه ما زالت لديه القدرة على تنفيذ هجمات كبيرة، وأن إطلاق سراح عشرات السجناء بما في ذلك بعض القياديين، سيسمح له بتعزيز صفوفه”.
اعتراف ومساعدات
وفي تصريحاتهم الرسمية، يقر الأميركيون والأوروبيون والعرب بأن القتال ضد تنظيم “داعش”، وسائر التنظيمات المتطرفة بشكل عام، لم ينتهِ بعد، كما يتضح من نشاط عديد من فروعه وفروع تنظيم “القاعدة” المنافس له.
لكن هذه التصريحات لا تخفي انعدام أي عمل ملموس على الأرض. إذ عبر سلمان شيخ عن أسفه في هذا الصدد على “عدم وضوح الأميركيين والمجتمع الدولي” في ما يتعلق بأهدافهم.
وقال إن الهجوم على سجن غويران في الحسكة “يعكس هشاشة المنطقة”. وأضاف أن التعاون الدولي والإقليمي والمحلي يجب أن يعطى الأولوية “لدعم جهود الإصلاح المبذولة في شمال شرقي سوريا”.
وشدد على أن المكونات المختلفة التي تسيطر على المنطقة المتمتعة بحكم شبه ذاتي في شمال شرقي سوريا “تحتاج إلى اعتراف دولي بها وإلى مساعدات مالية”.
————————-
قوات سوريا الديمقراطية تقتحم سجن غويران في الحسكة: أسر 300 داعشي
الأمم المتحدة تؤكد نزوح نحو 45 ألف شخص من منازلهم في الحسكة منذ بدء هجوم داعش على السجن
العربية.نت
اقتحمت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” اليوم الاثنين البوابة الرئيسية لسجن غويران في الحسكة حيث يتحصن عدد من عناصر داعش.
وتحاول قوات “قسد” إعادة فرض السيطرة بالكامل على سجن غويران الذي شهد مؤخراً اشتباكات دامية، بينما سمع اليوم دوي إطلاق نار في محيطه. وأكد مراسلنا أن بعض مقاتلي داعش انسحبوا من سجن الحسكة إلى منازل مجاورة.
كما قالت قوات سوريا الديمقراطية في بيان إن 300 من مقاتلي تنظيم داعش استسلموا اليوم الاثنين.
يذكر أن هناك مخاوف على مصير مئات القصّر من المقاتلين السابقين في داعش المعتقلين في السجن، وذلك بعد أيام من اشتباكات بين عناصر التنظيم وقوات “قسد” أوقعت حولي 200 قتيل.
وأعلنت الإدارة الذاتية الكردية “الحظر الكلي” اعتباراً من الاثنين حتى نهاية الشهر الحالي على منطقة الحسكة حيث تجري المعارك التي أدت إلى موجة نزوح واسعة من الأحياء المحيطة بالسجن. وأوضحت أن هدف الإجراء “منع الخلايا الإرهابية من أي تسلل خارجي”.
وشارك أكثر من 100 من مقاتلي داعش الموجودين خارج السجن وداخله، في هجوم منسّق بدأ مساء الخميس على السجن الذي يشرف عليه الأكراد، في عملية تعتبر “الأكبر والأعنف” منذ إعلان القضاء على التنظيم في سوريا قبل ثلاث سنوات. وتجدد الهجوم في اليوم التالي. وتصدت له قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل المقاتلون الأكراد أبرز مكوناتها.
وأفاد المرصد الاثنين عن إدخال وحدات من قوات الأمن الكردية وقوات مكافحة الإرهاب في قوات سوريا الديمقراطية “عربات مدرعة إلى ساحة سجن غويران”، بعد رفض “غالبية عناصر التنظيم الذين يتحصنون في مبانٍ بالسجن الاستسلام”.
من جهته، قال المتحدّث باسم قوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي، لوكالة “فرانس برس”: “دهمت قواتنا أحد المهاجع حيث كان يتحصّن معتقلو داعش ويواصلون عمليات العصيان”.
وسلّم “العشرات من عناصر التنظيم أنفسهم داخل السجن وفي محيطه”، وفق ما قاله المرصد، لافتاً إلى أن “سجناء التنظيم باتوا محصورين في الجزء الشمالي من السجن”.
وأدّت الاشتباكات العنيفة إلى فرار مجموعة من السجناء لم يتسن التأكد من عددهم.
في سياق متصل، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن “ما يصل إلى 45 ألف شخص نزحوا من منازلهم إلى أحياء أخرى” من مدينة الحسكة، منذ بدء هجوم داعش على سجن غويران مساء الخميس.
————————-
تجدد الاشتباكات بين “داعش” و”قسد” في محيط سجن الصناعة (غويران) بالحسكة
الحسكة – مدين عليان
تجددت الاشتباكات بين عناصر تنظيم الدولة و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) اليوم الإثنين، في محيط سجن الصناعة بحي غويران في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا.
وقالت مصادر محلية وناشطون لـ موقع تلفزيون سوريا إن اشتباكات وصفت بالعنيفة تجددت بين كل من عناصر التنظيم و”قسد” في محيط سجن الصناعة بعد محاصرة الأخيرة للسجن من جهاته الأربع، بينما قصفت طائرات أميركية محيط السجن بعدة غارات جوية.
وأضافت المصادر أن الاشتباكات جرت بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة في محاولة لـ “قسد” فرض سيطرتها على السجن بعد هروب العشرات من السجناء التابعين لـ تنظيم الدولة منه وفشل المفاوضات.
بدورها قالت شبكة الخابور المحلية، إن عناصر “قسد” شنوا حملة مداهمات على مساكن الجبسة في الجهة المقابلة لمركز سادكوب القريب من سجن الصناعة، بعد ورود معلومات عن تسلل عناصر من التنظيم إلى داخل المساكن.
وأضافت الشبكة أن أهالي عناصر “قسد” المحتجزين لدى التنظيم تجمعوا قرب دوار الشريعة ودوار الكهرباء للضغط على التحالف الدولي لإنقاذ حياة أبنائهم.
وفي سياق متصل، قالت وكالة أنباء النظام سانا إن قصفاً جوياً من طائرات أميركية دمر مرآب الآليات في مبنى رئاسة فرع جامعة الفرات بمدينة الحسكة، من دون أنباء عن ورود ضحايا.
وسبق أن حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) يوم أمس الأحد من أن ما يقرب من 850 طفلاً محتجزاً في سجن الصناعة بحي غويران في خطر محدق مع استمرار العنف بمدينة الحسكة.
وكانت خلايا تنظيم “الدولة” قد نفّذت هجوماً واسعاً، ليلة الخميس الفائت، على سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة، إذ استهدفت أسوار السجن الذي يحوي الآلاف من عناصر “التنظيم”، بسيارتين ملغّمتين، وسط اشتباكات ما تزال مستمرة، منذ أربعة أيام.
وبحسب المصادر المحلية فإنّ الاشتباكات ما تزال مستمرة في حي غويران ومحيطه، وسط إغلاق “قسد” كل الطرق الواصلة إلى مدينة الحسكة، ومنعها المواطنين من الدخول والخروج من وإلى المدينة.
———————
الحسكة مغلقة بالاتجاهين.. و”قسد” تواصل محاصرة سجن “غويران”
أعلنت “الإدارة الذاتية” في مناطق شمال وشرق سورية حظراً داخلياً وخارجياً في مدينة الحسكة، في الوقت الذي تواصل فيه “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) محاصرة سجن الصناعة في حي غويران.
ونشرت “الإدارة الذاتية” بياناً، اليوم الاثنين، قالت فيه إن الحظر سيبدأ من تاريخ إصدار القرار وحتى 31 من شهر يناير/كانون الثاني الحالي (أسبوع كامل).
وأضافت أن هذه الخطوة تأتي “من أجل منع الخلايا الإرهابية من التسلل الخارجي”.
ويستثني الحظر المؤسسات الخدمية، والتي يتطلب طبيعة عملها الاستمرار كالأفران والمطاحن، والمراكز الصحية والمحروقات والبلديات.
أما بخصوص بقية المناطق الخاضعة لسيطرة “الإدارة” فقد أشار قرار الأخيرة إلى أنها ستشهد حظراً جزئياً، على أن يبدأ من الساعة السادسة صباحاً وحتى السادسة مساءً من كل يوم.
وما تزال “قوات سوريا الديمقراطية” تحاصر سجن الصناعة في حي غويران، والذي يشهد استعصاء داخلياً منذ أربعة أيام.
وذكر موقع “نورث برس” المحلي اليوم أن الليلة الفائتة شهدت تحليقاً مستمراً لطائرات التحالف الدولي، حيث استهدفت عدة مرات مواقع بالرصاص، لكن الاشتباكات لم تكن بالحدة التي برزت في ساعات الظهيرة يوم الأحد.
بدورها أصدرت “قسد” بياناً قالت فيه إن حملة التمشيط في حي غويران المحيط بالسجن “ستستمر بحثاً عن أفراد ثلاث خلايا للتنظيم، ممن نفذوا هجوماً قبل ثلاثة أيام”.
وحتى اللحظة لم تتبلور بشكل كامل، صورة الهجوم المفاجئ الذي تزامن مع استعصاء سجناء التنظيم، لاسيما أنها المرة الأولى التي يتعرض فيها سجن الصناعة لهجوم مُنظم ومُنسق.
وشاركت مقاتلات “F16” الأمريكية للمرة الأولى في اشتباكات غويران، أول أمس السبت، كما توجهت عربات برادلي الأمريكية إلى محيط السجن، ليل أمس الأحد.
Our forces are preventing impunity of terrorist mutineers by tightening the security perimeter imposed on the northern section of the al-Sina’a prison & conducted this morning precise military operations, eliminating 13 attacker terrorists & arresting two others. pic.twitter.com/zvi3eCvlNT
— Farhad Shami (@farhad_shami) January 23, 2022
وكانت وكالة “أعماق” التابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية” قد نشرت، قبل يومين، ما قالت إنها تفاصيل اقتحام سجن الصناعة (غويران) بالحسكة، إلى جانب تسجيلات مصورة تُظهر مجموعة من مقاتلي التنظيم، أثناء احتجازهم عناصر من “قسد”.
وذكرت الوكالة أن الهجوم كان من أربعة محاور الأول “هاجم أبراج السجن ومديرية المحروقات الحكومية القريبة منه وأحرقوا صهاريج النفط بداخلها بغية التعمية على طيران التحالف”.
أما المحور الثاني فقد “هاجم مقر فوج قريب للميليشيا لقطع إمداده عن السجن، أما المحورين الثالث والرابع قاما بقطع طريقي الإمداد المتبقين عن السجن والاشتباك مع دوريات المؤازرة التي حاولت الوصول إلى المكان”
————————-
“استسلام وتمشيط”.. “قسد” تقترب من السيطرة على سجن “غويران”
تقترب “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) من السيطرة على سجن الصناعة في حي غويران بالحسكة، بحسب ما ألمح الناطق باسمها فرهاد شامي ومصدر إعلامي آخر يقيم في المنطقة هناك.
ونشر شامي تغريدة عبر “تويتر”، اليوم الاثنين قال فيها إن 300 “متمرد من داعش سلموا أنفسهم وأسلحتهم، بعد الدعوة إلى الاستسلام الآمن”.
وأضاف شامي: “العملية مستمرة كما هو مخطط لها”، لافتاً إلى “تطورات دقيقة للغاية فيما يتعلق بإخماد تمرد داعش في سجن الصناعة سيتم نشرها في الساعات المقبلة”.
Following the call for safe surrender, 300 terrorist mutineers surrendered in al-Saa’a prison and handed over their arms. The operation is ongoing as planned. pic.twitter.com/UuP9qCDsYB
— Farhad Shami (@farhad_shami) January 24, 2022
بدوره قال مصدر إعلامي من الحسكة لموقع “السورية.نت” إن “قسد” تجري الآن عمليات تمشيط داخل السجن، بعد تمكنها من الدخول إليه من الجهة الشمالية.
ورجح المصدر أن يتم الإعلان عن السيطرة على كامل سجن الصناعة في الساعات المقبلة، مؤكداً: “عناصر قسد اقتحموه في الساعات الماضية من الجهة الشمالية، وتمكنوا من الدخول إلى بعض المهاجع”.
وقالت “قسد” في بيان نشر لها بعد عمليات الاقتحام: “بعد نداء الاستسلام الآمن وتسليم السلاح، داهمت قواتنا في الساعة الخامسة من صباح اليوم وسيطرت على أحد مباني، حيث استسلم نحو 300 مرتزق لقواتنا”.
وجاء في البيان: “تواصل قواتنا وقوى الأمن الداخلي حملة تمشيط حي غويران، وملاحقة الخلايا الإرهابية”.
من جهته أشار “المرصد السوري لحقوق الإنسان” إلى أنه “لا يزال عناصر من التنظيم يرفضون الاستسلام، ويتحصنون ضمن قسم من سجن غويران”، دون أن يوضح عددهم.
وأضاف في تقرير له أن “قسد” تواصل تحضيراتها لاقتحام القسم الذي يتحصنون فيه، في حال لم يرضخوا لتسليم أنفسهم.
#SOHR Latest development | Tens of ISIS prisoners and members hand themselves over to military forces, amid inspection in the prison cells and dormitorieshttps://t.co/YaAFdZ5qvt
— المرصد السوري لحقوق الإنسان (@syriahr) January 24, 2022
ولم يصدر أي تعليق من جانب تنظيم “الدولة الإسلامية” حتى اللحظة.
وحتى اللحظة ما تزال تفاصيل هجوم واستعصاء عناصر وسجناء التنظيم غير واضحة، لاسيما أنه هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها سجن الصناعة لهجوم “واسع” من الخارج.
وعلى الرغم من حديث “قسد” أن من نفذ الهجوم من خارج الأسوار هي “خلايا نائمة للتنظيم”، إلا أن ذلك يطرح شكوكاً حول كيفية دخول هؤلاء الأفراد إلى منطقة تعتبر من أبرز البقع المحصنة أمنياً، سواء من جانب القوات المحلية أو قوات “التحالف الدولي”، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.
ويضم سجن غويران الآلاف من معتقلي التنظيم وعائلاتهم، ويعتبر من أضخم سجون “قسد” في مناطق شرق سورية.
ويقع السجن بالقرب من الأحياء السكنية لمدينة الحسكة، وعلى منطقة مفتوحة، من شأنها أن تتيح لعناصر التنظيم الهروب، حال تمكنهم من العبور خارج الأسوار.
———————-
المواجهات تتجدد بين “قسد” و”الدولة“
عادت المواجهات يوم الاثنين بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة دوليا وبين عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” بمحيط سجن “الصناعة” جنوبي مدينة الحسكة بعد هدوء دام لساعات بعد توجيه نداءات لعناصر التنظيم المسيطرين على السجن لتسليم أنفسهم.
وذكرت وسائل إعلام حزب “الاتحاد الديمقراطي” إن “قسد” شرعت باقتحام سجن “الصناعة” الذي سيطر عليه مسلحو تنظيم “الدولة” بعد هجوم استهدفه الخميس الماضي بهدف اطلاق سراح الآلاف م عناصره المحتجزين هناك، مشيرة إلى أن المواجهات تركزت في الجهة الجنوبية والشرقية للسجن، حيث نفذت طائرات التحالف عدة ضربات استهدفت أحدها فرع جامعة الفرات بالحسكة.
وجاء ذلك بعد ساعات من الهدوء الليلة الماضية طالبتهم القوات المدعومة من التحالف بتسليم أنفسهم عبر مكبرات الصوت والتفاوض بشأن المحتجزين من عناصرها.
أضافت أن حافلات نقلت العشرات من عناصر التنظيم من جهة حي “غويران” بعد تسليم أنفسهم مع الجرحى ورحلت لوجه مجهولة، فيما عرضت صورا لعمليات دهم وتفتيش المنازل في حي “حوش الباعر (الزهور) والأطراف الجنوبية لحي “غويران شرقي” بحثا عن عناصر التنظيم الفارين أو خلايا مرتبطة به.
ونزح من هذه المناطق نحو 4 آلاف أسرة إلى قلب المدينة ومراكز الإيواء شمالها، فيما تواصل عناصر التنظيم مع أهالي نحو 20 عنصرا من “قسد” احتجزهم بالسجن يطالبهم بالضغط على التحالف الدولي للتفاوض مع أو انه سيقتلهم نحرا مساء اليوم، ما دفع ذويهم للخروج باحتجاجات في حي “النشوة” بمدينة الحسكة وقرية “الحنة” جنوبها.
وقالت “قسد” في بيان متتابعة إنه بعد نداء الاستسلام الآمن وتسليم السلاح، اقتحمت في الساعة الخامسة من صباح اليوم أحد مباني السجن الذي كان يتحصن نحو 300 عنصر فاستسلموا لعناصرها.
وأضافت إن العائق أمام تقدمها هو استخدام خلايا التنظيم للأطفال ممن يسمون “أشبال الخلافة” والبالغ عددهم 700 قاصر كدروع بشرية، كانوا موجودين في أقسام خاصة منفصلة داخل السجن بهدف إعادة تأهيلهم.
وأشارت إلى أن الاشتباكات خلال الأيام الماضية أسفرت عن مقتل 175 عنصرا من الخلايا المهاجمة والمعتقلين ممن حملوا السلاح واعتقال أكثر من 100 بينهم 10 من المهاجمين، مؤكدة مقتل 27من عناصرها وعناصر “آساييش”.
كما فرضت “قسد” و”آساييش” حظر تجوال كلي على مدينة الحسكة لمدة سبعة أيام، يبدأ من تاريخ الـ24 من كانون الثاني 2022 م ولغاية الـ 31 من كانون الثاني 2022، إلى جانب فرضحظر جزئي على المناطق والمدن الأخرى بالحسكة من الساعة 6:00 مساءً حتى الساعة 6:00 صباحاً، بهدف منع خروج عناصر التنظيم الفارين من مناطق سيطرتها.
—————————-
خروج حافلات تنقل معتقلي داعش من غويران وصعود دخان فوق السجن /آخر التطورات بالحسكة
====================
تحديث 25 كانون الثاني 2022
—————-
خطر داعش والالتزام الدولي بحل ملف المحتجزين/ شيار خليل
لم يكن المراقبون يعتقدون بأن ذلك الصعود المخيف لجماعة إرهابية انتشرت بسرعة في المنطقة أن يعاد تكراره من جديد وفق صور وأطر جديدة في شمال شرق سوريا، فكابوس داعش كان قد انتهى تقريباً في العراق وسوريا بنظر الكثيرين، ولم يبقَ من أعلامهم السوداء إلا معسكرات ومراكز احتجاز برتقالية وسوداء هنا وهناك، إلا أنه يبدو تلك النظرية باءت بالفشل بعد ما حدث من هجوم مفاجئ من قبل عناصر التنظيم المحتجزين في شمال شرق سوريا، وبالتالي هي إشارة جديدة بأن المعركة لم تنتهِ، وهناك من يعوّل على وجود تلك الخلايا لتنفيذ أجندات سياسية وعسكرية جديدة.
استراتيجية الهجوم على السجون والمعتقلات هو تكتيك قديم اعتمده التنظيم في هجماته المختلفة داخل سوريا والعراق، إلى جانب تاريخ التنظيمات الإرهابية في العالم بالاعتماد على تلك التكتيكات لإعادته تنظيم صفوفه والإفراج عن أعضائه. وهو ما حدث في سجن غويران بمحافظة الحسكة السورية، حيث خطط التنظيم للهجوم منذ أكثر من ستة أشهر بحسب القوات المحلية، فأتى الهجوم ثنائياً من الداخل والخارج، حيث تفاجأت قوات قسد بالهجومين المتزامنين من خارج السجن وداخله، بالتزامن مع احتجاز السجناء للكوادر الطبية والمدنية داخل السجن واستخدامهم بجانب الأطفال المحتجزين كدروع بشرية.
تكتيك قديم اعتمد عليه التنظيم لتشتيت القوات المحاصرة للسجن، دون أن تدرك القوات المحلية ماضي التنظيم في مثل هذه الحالات، بجانب نشر الزعر والخوف بين المدنيين، وبالتالي تشتيت التركيز لدى تلك القوات وهروب المساجين على شكل دفعات باتجاه الأحياء المجاورة، والتسبب في مقتل أكثر من 100 قتيل على مدار الأيام الماضية، بجانب الدمار المرافق للبنى التحتية في المنطقة، وتشريد الآلاف من سكان المنطقة في البرد القارس هذا العام.
بعد المعارك الضارية والشديدة، عادت قوات سوريا الديمقراطية بالسيطرة على المنطقة وقتل العديد منهم، وإلقاء القبض على من فروا من السجن ونقلهم إلى سجون جديدة مع الأطفال المحتجزين، وذلك بمساندة من قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان الدعم الجوي والبري عنصراً فعالاً في إنقاذ المنطقة من دمار جديد وفرصة جديدة لإعادة انبعاث التنظيم من جديد، علماً أن فرص الانبعاث مازالت قائمة بما أنه مازال هناك عناصر فارون من السجون، ومنهم من وصلوا إلى العراق، بحسب بعض المراقبين.
لا يغيب عن ذهن أحد من المراقبين والمهتمين بهذا الملف، أن خطورة تصعيد الموضوع مرة أخرى قائم بكل تأكيد، وكما أنّ خطورة أن تستطيع قوات سوريا الديمقراطية صدّ تلك الهجمات من عدمها أيضاً قائمة، وبالتالي على القوى الدولية المتواجدة في المنطقة، وعلى رأسها أوربا، حل ملف المحتجزين الأجانب من عناصر وقيادات التنظيم بأسرع وقت، فسيناريوهات اقتحام السجون وتفعيل الخلايا النائمة من جديد ما زالت قائمة، وخاصة بالتزامن مع التواجد التركي والإيراني بجوار المنطقة، فللدولتان مصلحة مشتركة بنشر الفوضى هناك، والقضاء على مكتسبات الإدارة الذاتية المدعومة أوربياً وأمريكياً.
إن المطالبات المتكررة في الأوقات السابقة، محلياً ومناطقياً، مدنياً وسياسياً، بحل ملف المتحجزين الإرهابيين في معتقلات وسجون الغدارة هي مطالبات محقة تبعد الخطر المباشر عن المنطقة، كما أننا يجب ألا ننسى أن تسرع الإدارة الذاتية بحل ملف المحتجزين السوريين وبوساطة عشائرية للإفراج عنهم أيضاً معضلة كبيرة، إن لم يؤخذ بعين الاعتبار مراقبة هؤلاء بعد الإفراج عنهم، ودراسة أوضاعهم لعدم عودتهم بالعودة إلى مبايعة التنظيم والقتال معهم من جديد.
بعد كل ذلك وما رأيناه خلال هذا الأسبوع من تكتيكات استخدمت في هذه الهجمات، يجب أن يبادر لذهننا ما قام به تنظيم داعش الإرهابي في بداياته عام 2012 عندما كسروا جدران السجون في العراق، وبدؤوا بالهروب لتشكيل التنظيم وترتيبه داخلياً، فالتكتيك والتخطيط هو المبدأ الأول للتنظيم، وهذا ما كان في حالة سجن غويران، حيث كان هناك تنظيم موجه ومركز مدعوم من داخل وخارج السجن، وكانت هناك منازل جاهزة لإيواء العناصر وتدريبهم وتزويدهم بالأسلحة، الخطر ليس فقط من هم داخل السجون، بل أيضاً الخلايا النائمة التي تقتات من الميليشيات التركية والإيرانية في الجوار، وهو باعتقادي خطرٌ مازال قائماً ولو انتصرت قوات التحالف وقوات سوريا الديمقراطية عليهم في سجن غويران الآن.
إلا أنه وبالمحصلة يبدو أن أنظار القوى الدولية لم تعر الانتباه إلى قضية انبعاث داعش من جديد في الشرق الأوسط، كما سبق وأن حصل، فالأنظار مازالت مركّزة بشكل كبير على ملف روسيا وأوكرانيا، متجاهلين خطورة ما إذا أعاد التنظيم الإرهابي الذي أرعب العالم في الأوقات السابقة. والأيام القادمة ستوضح لنا أكثر، هل ملف المقاتلين الأجانب وتأسيس مراكز التأهيل لهؤلاء في السجون التي يحتجزون فيها من قبل الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية سيؤخذ بعين الاعتبار أم سيبقى الحال كما اعتدنا، يدفع السوريون من شباب ونساء ثمن المقايضات السياسية والعسكرية في المنطقة؟
————————-
من الباغوز إلى الحسكة.. داعش في خلافته الثانية/ محمد محمود بشار
للمرة الأولى في سنوات (تمدّد) دولة داعش، يهرب أبناء العشائر العربية من تقدم مسلحي التنظيم ويتجهون إلى مناطق تحت سيطرة من يتهمهم التنظيم بالكفر والإلحاد.
بدأت الخلافة الثانية لداعش بالظهور بشكل علني وعسكريّ منظم، في العشرين من كانون الثاني/ يناير في عامنا الحالي، الثاني والعشرين بعد الألفين، وذلك في سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة شمال وشرق سوريا.
سيطر الدواعش على عدة نقاط في حي غويران الشرقي وحي الزهور، بالإضافة إلى أغلب المباني والنقاط في سجن الصناعة، والذي يُعرَف بأنه أكبرُ وأخطرُ سجن في العالم لمسلحي التنظيم المحتجزين، وبدؤوا بنشر الصور والفيديوهات التي يظهر فيها الدواعش وهم يتوعدون (الكفرة والملاحدة) ويوعدون بالتمدّد ورفع رايتهم السوداء مرة أخرى.
أظهرت السنوات العشر للحروب السورية بأنّ (الحاضنة الشعبية) لأي طرف عسكري ستمكّنه من السيطرة الجغرافية. وكانت داعش في بدايات تمددها في سنة 2014 تعتمد بشكل كبير على تلك الحاضنة التي كانت تقع تحت تأثير الشعارات الدينية التي كان يرفعها التنظيم. طبعاً هذا كان في الخلافة الأولى لداعش، أي بين أعوام 2014 و2019، حينها كانت الحدود السورية – العرقية مفتوحة أمامه، وكان يسيطر على مساحات شاسعة في الدولتين.
في أواخرِ شهرِ آذار/ مارس من عام 2019، كان العالم كلّه يراقب ما يجري في تلك البلدة الصغيرة على الحدود السورية – العراقية.
انتهت حينها في الباغوز الخلافة المزعومة لأعتى تنظيم إرهابي عرفه التاريخ المعاصر، والذي كان يطلق على نفسه تسمية (الدولة الإسلامية في العراق والشام).
أول من أعلن عن سقوط الخلافة كان الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الذي أغرق العالم بتغريداته على تويتر، معبراً عن قوة جيشه وعظمة بلده، وأعرب عن شكره للشركاء والحلفاء.
سيشهد التاريخ على استشهاد اثني عشر ألف مقاتل ومقاتلة وجرح ما يُقارب من خمسةٍ وعشرين ألفاً من المقاتلين الآخرين الذين حاربوا هذا التجمع الخطير من الإرهابيين، الذين اجتمعوا من مختلف بقاع الأرض وتهافتوا من أكثر من ستين دولة، لينشروا السواد والقتل والرعب تحت راية الخلافة الإسلامية، والإسلام منهم براء، براءة الذئب من دم يوسف.
قواتُ سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة عمودها الفقري، هي من قامت بهزيمة داعش على الأرض.
كانت معركة كوباني، في أواسط سبتمبر 2014، الاختبار الحقيقي لإرادة مقاتلي ومقاتلات تلك الوحدات، الذين تمكّنوا من الصمود أمام أشرس هجمة للدواعش آنذاك، وكانت الهزيمة الأولى التي عرفتها الخلافة الأولى بزعامة أبو بكر البغدادي الذي قُتل فيما بعد في قرية صغيرة تابعة لمحافظة إدلب على الحدود السورية – التركية، وذلك في عملية خاصة نفذتها قوات أمريكية بمساعدة استخباراتية من الاستخبارات العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية، بحسب ما صرّح به الجنرال مظلوم عبدي، القائد العام لقسد، والمسؤولون الأمريكيون.
الوضع اليوم مختلف تماماً عما كان عليه قبل عدة سنوات. من كانت تعتبره داعش الحاضنة الشعبية لها، تهرب اليوم منها وذلك يدل على أمرين:
الأول، وهو انعدام الثقة ومعرفة حقيقة داعش من قبل أبناء العشائر العربية في الجزيرة السورية، حيث كانت سنوات سيطرة داعش سنوات من الرعب والقتل والبطش وتسلّط أمراء التنظيم على البشر والحجر.
أما الثاني، فهو ثقة العشائر العربية في المنطقة بقوات سوريا الديمقراطية ومدى جدية الميثاق الاجتماعي الذي تبنَّته الإدارةُ الذاتية لشمال وشرق سوريا، والذي ينصّ على حق جميع القوميات والأديان في العيش بكرامة ومساواة والمشاركة في صناعة القرار السياسي، وتبؤوا المناصب القيادية في المؤسسات العسكرية. أي أنّ هذه الإدارة أثبتَت بالفعل أنها ليست إدارة خاصة بقومية أو دينٍ محدد، وإنما هي إدارةٌ تشاركية تضم جميع المكونات القومية والدينية في شمال وشرق سوريا.
في معركة الحسكة، والتي سماها التنظيم باسم معركةُ غويران، اتضَحت عدةُ نقاط وأمور، كانت غائبة فيما مضى، وهذه النقاطُ ستجعل استمرارَ داعش في خلافته الثانية لمدة طويلة أمراً في غايةِ الصعوبة وضرباً من ضروبِ المستحيل.
فقدان الحاضنةِ الشعبية، بالإضافة إلى عدم القدرة على الاحتفاظ بالمواقع المُسيطَر عليها، يجعل من هذه الخلافة خلافةً هشَّة، وهناك أمر آخر هو بغايةِ الأهمية، وهو عندما هرب أغلبية أهالي أحياء غويران شرقي وغويران غربي والزهور والسكن الشبابي واتجهوا إلى باقي الأحياء في مدينة الحسكة الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، تم استقبالهم من قبل أهالي تلك الأحياء الذين بقوا في منازلهم، ولم تشهد مدينة الحسكة أي نزوح للأهالي باتجاه المدن الأخرى، باستثناء النزوح الذي حصل في تلك الأحياء المذكورة أسماؤها في الأعلى، وهذا النزوح كان ضمن المدينة.
الخلافة الثانية لداعش هي من دون خليفة ومن دون حاضنة شعبية ومن دون أراضٍ محددةٍ وواضحة الحدود، وهذه الأمور مجتمعة تؤرق التنظيم وتجعله متخبِّطاً ليتحوّل إلى مجموعةٍ من العصابات المنفلتة والتائهة لينتهيَ بها الأمر إلى العودة لنظامِ الخلايا النائمة وتجميد فكرة التمدد التي تجمدت على أسوارِ سجن الصناعة داخل مدينة الحسكة.
—————————
استسلام «دواعش» في سجن الحسكة… وآخرون يتحصنون بمدنيين
8 سيارات مفخخة استخدمت في التمرد بشمال شرقي سوريا
الحسكة: كمال شيخو
تعمل «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية – العربية على مداهمة أقسام يتحصن فيها مقاتلو تنظيم «داعش» داخل سجن غويران بشمال شرقي سوريا، وسط مخاوف على مصير مئات القصّر من المحتجزين في السجن، بعد أيام من اشتباكات بين الطرفين أوقعت عشرات القتلى من الطرفين.
بالقرب من بوابة سجن الصناعة بحي الغويران جنوب مدينة الحسكة، يطلب مقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) عبر مكبرات الصوت من عناصر تنظيم «داعش» المسلحين؛ التقدم نحو نقطة خاصة بالتفتيش والسير بخطوات ثابتة مع رفع أيديهم خلف رؤوسهم.
وتأتي التعليمات تباعاً بإلقاء الأسلحة والجعب العسكرية والمخازن ثم المشي دون النظر للخلف أو لأي جهة، وبعد وصولهم تقوم دورية من المهام الخاصة وقوى الأمن الداخلي بأخذ بصمات اليد والعين وإجراء فحوصات طبية، قبل صعودهم إلى عربة عسكرية، ليتم نقلهم إلى حافلة وقفت على مسافة قريبة في ساحة المرور، ليصار نقل هؤلاء الذين شاركوا في التمرد المسلح إلى سجون ثانية بعد مشاركتهم في عصيان يعد الأكبر والأعنف منذ احتجازهم في هذا السجن سنة 2019.
واستسلم عشرات من المتطرفين الذين تحصنوا داخل السجن بعد مشاركتهم لمدة 5 أيام متتالية في التمرد المسلح بعدما انهارت تحصيناتهم ونفذت ذخيرتهم. بعض من هؤلاء كان جريحاً وآخرون ربطوا أيديهم أو أرجلهم بالكاد تمكنوا من الوصول إلى نقطة التفتيش. كان بالإمكان مشاهدة بقع الدم على ملابسهم وبالقرب من بوابة السجن الشمالية الرئيسية وقفت 8 سيارات شحن كبيرة ملغمة، وفككت الفرق الهندسية الألغام والمواد المتفجرة وبقيت المفخخات مركونة في مكانها، حيث أعدت لشن هجمات إرهابية انتحارية على محيط السجن لإحداث الفوضى بغية تهريب أكبر عدد من محتجزي التنظيم داخل السجن ويبلغ عددهم نحو 5 آلاف متهم بالقتال إلى جانب التنظيم المتشدد.
وفي المكان، بقيت فوهات البنادق ورائحة الجثث المتفسخة وعشرات السيارات المتفحمة شاهدة على ضراوة المعارك الشرسة، وفي آخر حصيلة أعلنتها قوات «قسد» قُتل من خلايا التنظيم المهاجمين أكثر من 160، فيما قتل 15 من المحتجزين المعتقلين في السجن شاركوا في العمليات المسلحة، لترتفع حصيلة قتلى التنظيم إلى 175 مسلحاً، أما عدد الذين ألقي القبض عليهم فبلغ نحو 150 شخصاً.
ونشرت القيادة العامة لقوات «قسد» في بيان على موقعها الرسمي أمس حصيلة معارك سجن غويران. وقالت: «خلال الأيام الماضية استشهد ببطولة 27 من مقاتلينا. الآن الوضع تحت سيطرة قواتنا التي بدأت عملية تطهير واسعة بمشاركة نحو 10 آلاف من مقاتلينا وقوى الأمن الداخلي»، وأكد البيان أن اعترافات الذين تم القبض عليهم وهاجموا السجن تفيد بأنه «شارك بحدود 200 إرهابي انتحاري في الهجوم، بعضهم قدموا من مدينتي رأس العين وتل أبيض الخاضعة لتركيا وفصائل سورية موالية، وبعضهم جاء من العراق واتخذوا من حي غويران مركزاً ومنطلقاً لعملياتهم الإرهابية».
ودفعت الاشتباكات المستمرة منذ الخميس الماضي، نحو 45 ألف شخص إلى الفرار من منازلهم في مدينة الحسكة، وقال مدير المركز الإعلامي للقوات فرهاد شامي، إن 300 عنصر في التنظيم كانوا قد شاركوا في استعصاء سجن الصناعة سلموا أنفسهم، «بعد نداءاتنا بضرورة الاستسلام داهمت قوات (قسد) في الساعة الخامسة فجر أمس، أحد مباني السجن الذي كان يتحصن فيه عناصر التنظيم، وعلى خلفية المداهمة سيطرت القوات على المبنى بالكامل» واستسلم نحو 300 عنصر من التنظيم، وشدد شامي على أن العملية مستمرة وفق الخطة المقررة، وتواصل القوات بمشاركة قوى الأمن الداخلي (الأسايش) ودعم وإسناد جوي من طيران قوات التحالف «حملة تمشيط حي غويران، لملاحقة الخلايا النائمة للتنظيم المتشدد التي حاولت مؤازرة معتقلي (داعش) في السجن»، ولفت المسؤول العسكري إلى أن القوات تبدي مستوى عالياً من الدقة والحذر، «لوجود المدنيين في المنطقة والذين تتخذهم تلك الخلايا في بعض النقاط دروعاً بشرية».
ويقع سجن الصناعة في الجهة الجنوبية من مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، بحي الغويران، وهذه المنطقة متصلة مع صحراء بادية الجزيرة تحدها من الشرق بلدة الهول التي تضم مخيماً يؤوي نحو 56 ألفاً من عائلات مسلحي التنظيم، فيما تحدها من الجنوب بلدة الشدادي ويقع فيها ثاني أكبر سجن للمتطرفين بعد سجن الصناعة في الغويران.
وسجن الصناعة الذي يضم 5 آلاف متهم بقتاله في صفوف التنظيم يتحدرون من 50 جنسية غربية وعربية وروسية، كان عبارة عن صفوف دراسية تابعة لكلية الاقتصاد بجامعة الفرات الحكومية، وبعد الانتهاء من معركة الباغوز شرق دير الزور والقضاء على خلافة «داعش» العسكرية، نقل عناصر ومسلحو التنظيم وما يعرف بـ«أشبال الخلافة» إلى هذا السجن. والبناء عبارة عن 3 كتل تتألف كل كتلة من طابقين، ويضم كل طابق 10 أجنحة يحتجز فيها أكثر من 100 شخص والغرف مكتظة. وخُصص عنبر للمصابين وجرحى التنظيم، كما يضم جناحاً خاصاً بإدارة السجن وقسم الحراسة وبرج المراقبة، وبجانب ذلك يقع مطعم وهو مبنى كبير يعد مطبخ السجن لإعداد وجبات الطعام.
والسجن محاط بأبنية ومقرات حكومية بينها كلية الاقتصاد ومعهد المراقبين الفنيين وصوامع الحبوب، ومقر شركة «السادكوب» لتوزيع المواد النفطية والبترولية التابعة للإدارة الذاتية، ويقع حي الزهور بالجهة الغربية من السجن فيما تقع مقبرة الغويران بالجهة الشرقية. وداخل الزنازين مهاجع موصدة بأبواب مطلية بلون أخضر مرقمة بأحرف إنجليزية وحروف بلوك متسللة، وكتب على كل باب رقم 120 أو 110 أقل أو أكثر، في إشارة إلى عدد نزلائه، أضواء المكان خافتة مع صعوبة وجود بقعة فارغة بسبب تمدد الرجال على الأرض أو الوقوف، والزي الذي كان يرتديه النزلاء برتقالي اللون أو رمادي والأخير صنع من الأغطية الخاصة بالسجن.
الشرق الأوسط
————————-
مفاوضات بين “قسد” و”داعش” لإنهاء العمليات العسكرية في سجن الصناعة بالحسكة
كشف مصدر أمني لموقع تلفزيون سوريا، اليوم الثلاثاء، عن بدء مفاوضات بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وعناصر تنظيم “الدولة” التي تسيطر على سجن الصناعة بالحسكة.
وقال المصدر إن “التنظيم” بدأ بتسليم عدد من أسرى “قسد” الموجودين لديه “تمهيداً لعملية استسلام كاملة للعناصر المتبقين في عدد من مهاجع السجن”.
وأضاف أن “23 أسيراً من حراس السجن وموظفين لا يزالون في قبضة عناصر التنظيم داخل المهجع”، مشيراً إلى أن المفاوضات بين الطرفين تجري “بشكل غير مباشر”، وأفضت إلى قبول عناصر “التنظيم بتسليم أنفسهم خلال الساعات القليلة المقبلة”.
وأوضح المصدر أن “عملية التفاوض بدأت منذ أمس، إلا أن انقسام عناصر التنظيم المتبقين في سجن الصناعة بين فئة قبلت عملية الاستسلام وأخرى تريد الاستمرار في القتال، أدت إلى تجدد الاشتباكات مساء الأمس”.
وسبق أن أعلنت “قسد” أن قواتها تمكنت مساء أمس من “تحرير” 9 أسرى من موظفي سجن الصناعة في الحسكة، كان عناصر تنظيم “الدولة” يحتجزونهم.
مدنيون عالقون في حي غويران بالحسكة و”قسد” مستمرة في عمليات التمشيط
وارتفعت وتيرة الاشتباكات مساء أمس في محيط السجن، واستهدفت الطائرات المروحية الأميركية أبنية يتحصن فيها “التنظيم”، بالتزامن مع تقدم “قسد” على الأرض وسيطرتها على نقاط جديدة.
وذكر المصدر أن “ضربات التحالف الدولي الجوية وتقدم قوات سوريا الديمقراطية على الأرض ومحاصرته للتنظيم في بقعة جغرافية ضيقة منذ قرابة أسبوع، أفقد الأخير الأمل في التمكن من إخراج مقاتليه من السجن”.
ويشهد محيط سجن الصناعة هدوءاً حذراً منذ صباح اليوم، يتخلله سماع أصوات إطلاق نار، وسط انتشار كثيف لعناصر “قسد” في الأحياء المجاورة.
وكانت خلايا تنظيم “الدولة” قد نفّذت هجوماً واسعاً، ليلة الخميس الفائت، على سجن الصناعة، بدأ باستهداف أسوار السجن، الذي يحوي المئات من عناصر “التنظيم”، بسيارتين ملغّمتين، تبعتها اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
وحينئذٍ، خرج عشرات السجناء من مهاجعهم وفرضوا سيطرتهم الكاملة على السجن داخلياً، كما انتشروا في عدة أحياء مع مجموعة من عناصر التنظيم كانت تنتظرهم في الخارج.
—————————
أحداث سجن الحسكة: مخاوف من قرار إقليمي بعودة “داعش”/ شفان ابراهيم
الهجوم لم يكن مفاجئاً إلا أن “قسد” لم تأخذ مخاطره بالحسبان ولم تعد له العدة الكافية، وربما كانت تستهون الموقف، وتستخف بقدرات “داعش” في إنتاج نفسه وتنظيم صفوفه.
تبدو الحيرة واضحة على وجوه أهالي الحسكة وجميع المدن والمناطق الكردية في الأيام الأخيرة، فبعد الإعلان عن نهاية حقبة “داعش” عسكرياً، والبحث عن آليات مواجهة فكرته عام 2017، انقلب المشهد رأساً على عقب، ونشر “داعش” شريط فيديو يُظهر اقتحامه أسوار “سجن الصناعة” المخصص لمقاتليه، والذي يتجاوز عدد المحتجزين فيه الـ3500 مقاتل. تلته مقاطع أخرى، يظهر فيها عناصره يقفون خلف (وأحياناً أمام) مجموعة من معتقلي عناصر “قسد” وموظفي السجن، بعد محاصرتهم وأخذهم رهائن. كل ذلك حصل وسط حالة ذهول وقلق فتحت الباب على أسئلة كثيرة حول ما إذا كان ذلك خرقاً أمنياً أو نوعاً من التواطؤ.
تخطيط مسبق واتهامات للخارج
لا تزال خيوط التطورات الأخيرة غامضة، ولم تطرح أيّ جهة توضيحاً أو بياناً رسمياً حول الملابسات الدقيقة للحادثة، ومع إعلان “قسد” اعتقال عدد من عناصر “داعش”، تمكن “درج” من التواصل مع سيامند علي مدير المكتب الإعلامي لوحدات حماية الشعب والذي أوضح أن ثمة جهات ودولة إقليمية ملمحاً الى مسؤولية تركية ما، تولت “التخطيط لهذه العملية الذي بدأ منذ نحو 6 إلى 12، كما ثمة أيدٍ خارجية تقف وراء ذلك، مضيفاً “أن التحقيقات لم تنته بعد، وسيكون هناك المزيد من الوثائق والحقائق التي تكشف كل شيء في الفترة المقبلة”.
في حين وصف الباحث الكردي الدكتور فريد سعدون حادثة الاقتحام بالأمر المتوقع، فقد سبقتها محاولات داعشية عدة للتمرد واقتحام المكان، “لكن هذه المحاولة كانت الأكبر والأكثر تخطيطاً وتعقيداً، وتمكنت من زعزعة الاستقرار، وكشفت حجم الثغرات في الجهاز الأمني لقسد، وعرت جوانب حساسة في منظومة الحماية والحراسة”.
الهجوم لم يكن مفاجئاً إلا أن “قسد” لم تأخذ مخاطره بالحسبان ولم تعد له العدة الكافية، وربما كانت تستهون الموقف، وتستخف بقدرات “داعش” في إنتاج نفسه وتنظيم صفوفه. وقد أثبت هذا الهجوم أن الحاضنة الشعبية لـ”داعش” ما زالت متعاونة وموالية إلى حد كبير”. في حين أن صحافياً كُردياً اشترط عدم ذكر اسمه يقول “الخرق واضح، وكل المبررات لا تنفع، ما يهم الإدارة الذاتية هو كسب ود المكون العربي، ولو على حساب الحقوق الكردية، لولا التواطؤ لما كانت مجموعة ضخمة من الدواعش دخلت السجن وسيطرت عليه. غداً يدور الحديث عن أيادٍ خارجية وراء الموضوع، لتبرئة المتورطين الحقيقيين”.
“وجود سجن لداعش في منطقة تجمع سكاني خطأ نعترف به، لكن الأوضاع المادية هي التي تتحكم بنا”.
ماذا عن حاضنة “داعش”؟
يعيد سيامند أحد أسباب التوترات الأمنية إلى عدم جدّية المجتمع الدولي في معالجة ملف أسرى “داعش”، “فمنذ ثلاث سنوات، قسد والإدارة الذاتية تدعوان إلى إيجاد حل جذري لمعتقلي التنظيم لديهما، إذ لا تستطيعان مواجهة هذه المشكلة بلا مساعدة، ودعت الجهتان إلى إيجاد حل جذري كإنشاء محكمة دولية، أو بناء مخيمات أو أماكن خاصة لهم بعيداً من التجمعات البشرية”. ويوضح أن “وجود سجن لداعش في منطقة تجمع سكاني خطأ نعترف به، لكن الأوضاع المادية هي التي تتحكم بنا”. كما يستبعد سيامند انعكاس ما حصل على الترابط الاجتماعي، “قسد تتألف من كل المكونات، وأيّ انتصار أو فشل، الجميع مشتركون فيه”. لكن من يعيش في محافظة الحسكة يدرك حجم الغبن والظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها المنطقة، ومدى التذمر الشعبي على مستويات عدة، وهو واقع يرى الدكتور فريد أنه من الأسباب التي زادت النقمة على الإدارة الذاتية وساهمت في تضخم حواضن “داعش”، “على الأرجح هذه الحاضنة تتحين الفرص لعودة التنظيم، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الإدارة الذاتية فشلت إلى حد كبير في استمالة هذه الحاضنة أو تغيير مواقفها، إذ لم تستطع أن تؤمن البديل الأنجع والأفضل من حيث تقديم الخدمات الحياتية وتوفير ظروف عيش مناسبة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتعددية السياسية، وهذا أثر بشكل كبير في تردد تلك الحاضنة في الانتقال من ضفة داعش إلى الضفة الأخرى”.
من جهة أخرى، يعيد سعدون أسباب عدم تطور الأمور عسكرياً لأكثر من ذلك إلى كون “داعش غير مهيأ لخوض حرب مفتوحة مع قسد، ولكنه سيجهد في خلق بؤر توتر في مناطق مختلفة ومتعددة وذلك لتشتيت قوات قسد ومنع تركيز جهودها على نقطة بعينها”، لكنه يُرجح أن تبقى الحسكة بؤرة توتر مفتوحة كونها “تحتوي السجن المخصص للدواعش، فضلاً عن مخيم الهول الذي يشكل البيئة المناسبة لتفريخ داعش”.
هل ثمة مخاوف على شنكال؟
في صيف 2014، شن تنظيم الدولة “داعش” هجوماً على جبل شنكال ومزاراته ومراقده الدينية، واختطف آلاف النساء والقاصرات، وما أن بدأت عملية سجن الحسكة، وفرار عناصر منه، حتّى بدأت المخيلة الكردية في سرد أحاديث وتفاصيل ذلك الاجتياح، والمخاوف من تكرارها.
يرى د. فريد أن “شنكال ستكون الهدف الرئيسي والمسكوت عنه لداعش، الذي سيشدد انتباهه على الحسكة، وعينه على شنكال كونها منطقة جبلية وعرة صالحة لحرب العصابات، ومنطقة نزاع بين ميليشيات مختلفة، ومنطقة متنازع عليها بين كردستان وبغداد، ويتقن عناصر داعش مداخلها ومخارجها جيداً”… وبحسب سعدون “من يسيطر على شنكال يستطيع أن يهدد إقليم كردستان وروج آفا معاً”.
تقول وجهة نظر أخرى إن كردستان العراق اليوم يختلف عن عام 2014، وله علاقات قوية وجيدة مع رئاسة وزراء العراق، وثمة اتفاقيات جديدة بين البيشمركة والجيش العراقي، وتنتشر نقاط البيشمركة على طول الحدود مع المنطقة الكردية في سوريا، عدا أن دخول داعش إلى شنكال سيعني تأخيراً لتشكيل الحكومة العراقية وهو ما لن ترضاه واشنطن ولا العراقيون أنفسهم.
الخوف يمتد عراقياً
ونشر المكتب الإعلامي للنائب العراقي عن كتلة “الحزب الديمقراطي الكردستاني” فيان دخيل حول ما يحصل في الحسكة بياناً جاء فيه ” نتابع بقلق بالغ عملية هروب العشرات من عناصر تنظيم داعش الإرهابي من سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة السورية، ضمنهم نحو 20 قيادياً من التنظيم الإرهابي من الجنسيتين السورية والعراقية”. ووصف عملية هروب السجناء بإعادة “سيناريوات قديمة مشؤومة في العراق إبان هروب مجموعة كبيرة من الإرهابيين من سجن أبو غريب والمآسي التي حصلت في سنجار وسبايكر ونزوح ملايين العراقيين”.
وتسيطر “قوات سوريا الديموقراطية” على كامل المنطقة الممتدة من منقار البطة على الحدود السورية- العراقية- التركية إلى تخوم رأس العين/ سري كانيه، ومن ضمنها المنطقة البرية الواصلة بين الحسكة- الهول- الحدود العراقية. وينفي سيامند أيّ إمكانية لتمدد “داعش” إلى شنكال، إذ تم تشكيل حزام أمني حول منطقة السجن وجميع أحياء الحسكة، وبالتالي، لا يستطيع الفارون أو المتوارون عن الأنظار الخروج من هذا الحزام، وشنكال بعيدة جداً منهم ولدينا حواجز في كل مكان”.
حصيلة الأيام الماضية من الاشتباكات قاربت الـ150 قتيلاً، بينهم مدنيون وفق إحصاءات غير رسمية، لكن الرقم مرشح لزيادة مخيفة نظراً لوجود مفقودين مجهولي المصير حتّى الآن، عدا المصابين بجروح خطيرة تهدد حياتهم، والأسرى لدى “داعش” الذين ما زال مصيرهم معلقاً.
إقرأوا أيضاً:
درج”
—————————
الأسباب التي تمنع عودة “داعش” ك”خلافة”/ محمد حسان
في 23 آذار/مارس 2019، خسر تنظيم “داعش” آخر جيب مكاني له في سوريا، بعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على بلدة الباغوز في أقصى شرق البلاد، بدعم جوي وعسكري من قوات التحالف الدولي. وكان قد سبق سقوط الباغوز خسارة التنظيم لجميع الأراضي التي كان يُسيطر عليها في سوريا والعراق، التي شكلت منذ عام 2014 وحتى هزيمته المركز لمشروعه السياسي، “الخلافة”.
خسارة التنظيم لمناطق سيطرته الجغرافية الحضرية المدينية في العراق وسوريا، لم تمنعه من الاستمرار في العمل، بعد تحوله من النهج المركزي للقيادة إلى حالة اللامركزية، حيث تمكن من إجراء إعادة هيكلة على كافة المستويات العسكرية والأمنية والشرعية والإعلامية، والتحول من حالة المشروع السياسي تحت مسمى “الخلافة” إلى حالة المنظمة، والعودة إلى التكتيكات القتالية التقليدية عبر حرب الاستنزاف وحرب العصابات.
تغير سلوكيات التنظيم ما بعد الهزيمة الجغرافية، دفعه لترتيب أوراقه والعمل على محاولة إعادة انبعاثه الثاني من خلال توجهين رئيسيين، الأول عبر لملمة شتات مقاتليه وإيجاد أماكن ولادته القادمة في البادية السورية ومناطق الصحراء العراقية خاصة صحراء الأنبار الغربية، وهذا يُمثل حالة وجود التنظيم بشكله المادي من معسكرات ومقرات ومقاتلين يشنون عمليات عسكرية يومية تستهدف الأطراف المعادية له، التوجه الثاني هو إيجاد خلايا أمنية له في المدن والبلدات سواء السورية والعراقية، هذه الخلايا تنفذ عمليات أمنية سرية، ما يجعل من مسألة ملاحقتها أمراً بالغ الصعوبة.
قرابة ثلاثة أعوام مضت منذ أن بدأ التنظيم محاولاته الساعية لعودته الثانية، خلال هذه الفترة ظلت هجمات التنظيم تضرب الأطراف المناوئة له، مع توفر فرص كبيرة كان يمكن أن تكون عاملاً مساهماً في عودته، أولى تلك الفرص جائحة فيروس كورونا، والثانية، العمليات العسكرية التركية في شمال شرق سوريا، التي ساهمت في تشتيت قوات سوريا الديمقراطية، أبرز القوى العسكرية التي قاتلت التنظيم شمال شرق البلاد، إضافة لاستمرار العوامل القديمة المغذية لظهور التنظيم، من انقسام طائفي واستمرار سيطرة الأنظمة الديكتاتورية على المنطقة.
عدم استغلال التنظيم لهذه الفرص في محاولة إحياء مشروعه السياسي يعود لأسباب عديدة، ساهمت بشكل كبير في عدم اكتمال الظروف الموضوعية لعودته إلى حالة ما بعد عام 2014 في سوريا والعراق، لكن عدم توفر هذه الظروف يعتبر حالة مؤقتة قد تنتهي في أي وقت، ما لا يدع مجالاً للشك بعودة التنظيم كمشروع سياسي يُعيد سيطرته الجغرافية على مناطق حضرية مدينية في دول مركز التنظيم سوريا والعراق.
أهم أسباب عدم اكتمال الظروف الموضوعية لعودة التنظيم، هو بدء تعافي النظام الحاكم في دول المركز (سوريا والعراق) التي يتواجد داخلها، خاصة مع عودة النظام السوري وحلفائه للسيطرة على الكثير من المناطق التي خسرها بعد عام 2011 في مناطق وسط وشرق البلاد، إضافة لتطور إداء الجيش العراقي والأجهزة الأمنية ووجود العشرات من المليشيات المحلية المبنية على أساس طائفي المعادية للتنظيم والمدعومة من إيران بشكل مباشر.
تعافي نظم الحكم على المستوى العسكري والأمني يُعد من أهم أسباب فشل التنظيم في العودة إلى حالة المشروع السياسي، فمرحلة انبعاث التنظيم الأولى عام 2014، بعد سنوات من القضاء عليه على يد الصحوات العراقية عام 2007، جاء نتيجة ضعف الحكومة العراقية، والانقسام السياسي في العراق المبني على أساس طائفي، إضافة لخروج الكثير من المحافظات السورية عن سيطرة النظام، نتيجة الاحتجاجات التي شهدتها البلاد ما بعد عام 2011 وتشكل فصائل المعارضة المسلحة “الجيش الحر”، التي واجهت نظام الأسد عسكرياً طيلة سنوات.
السبب الثاني الذي ساهم في عدم عودة التنظيم للمشروع السياسي هو تراجع المد الإسلامي، هذا التراجع على مستويين، الأول محلي في كل من سوريا والعراق والآخر إقليمي. وتعود أسباب تراجعه إلى التجربة السيئة التي عانت منها المجتمعات المحلية من الجماعات السلفية أثناء فترة سيطرتها، خاصة تنظيم “داعش”، الذي قتل الآلاف من أفراد تلك المجتمعات بحجج الكفر والعمالة وغيرها، بجانب بدء تشكل حالة من الوعي تجاه التجربة المدنية كخيار أفضل للمجتمع المحلي في البلدين، كونه يضّم مختلف الأعراق والإثنيات، إضافة إلى فشل حركات الإسلام السياسي، خاصة بعد الانقلاب العسكري في مصر، ووصول الكثير لقناعة أن المشاريع الإسلامية لن يسمح لها بالحكم مهما كان نوعها وتوجهها.
أما ثالث العوامل التي منعت عودة مشروع التنظيم السياسي، هو طبيعة السكان في مناطق وجوده، فبعد هزيمته وسيطرة الأطراف المعادية له على مناطق وجوده السابقة، اضطر السكان المحليون المرتبطون بالتنظيم بعلاقات مباشرة من خلال التواجد في صفوفه، أو علاقات غير مباشرة عبر تبني أفكاره العقدية وإيمانهم بها، إلى مغادرة تلك المناطق إلى دول الجوار أو مناطق سيطرة أطراف أخرى كما في شمال سوريا، “مناطق درع الفرات، نبع السلام، غصن الزيتون” وإدلب، أو حتى الخضوع لعمليات تسوية مع الحكومات القائمة في تلك البلدان والعودة للعيش تحت كنفها، ما جعل التنظيم بعيداً عن حاضنته الشعبية، وصعّب من عمليات استقطابه لعناصر جديدة لرفد صفوفه الناشئة بمقاتلين جدد، كما باتت تحركاته مكشوفة، لأن معظم السكان في مناطق وجوده الحالية باتوا من الموالين للسلطات القائمة.
العامل الرابع والأخير الذي ساهم في منع عودة التنظيم كمشروع سياسي، هو تراجع حالة الانتشار الواسع للسلاح، وخسارة التنظيم للكثير من مصادر التمويل التي كانت تصب في خزانته، فعدم توفر السلاح بالشكل الجيد من حيث الكمية والنوعية، سوف يُجبر التنظيم على البقاء ضمن حالة عسكرية تتناسب مع تلك الإمكانيات وهي حرب العصابات وحروب الاستنزاف، وهذا النموذج من التكتيكات العسكرية يساهم في بقائه كمنظمة هدفها الإزعاج لا الإنجاز، أما عودته ضمن مشروع سياسي فتحتاج لكميات كبيرة من الأسلحة كالتي حازها بعد سيطرته على الموصل والتي ساهمت في تواجده كمشروع بين عامي 2014 وحتى سقوط الباغوز في 2019.
بالرغم من غياب الظروف الموضوعية التي من شأنها تسهيل عودة تنظيم “داعش” كمشروع سياسي (خلافة) في دول المركز للمرة الثانية خلال الفترة الحالية، إلا ان التنظيم من خلال حالته التنظيمية يصرّ على سلوك طريق العودة إلى المشروع السياسي من خلال السعي لاستنزاف الأطراف المعادية له في حروب العصابات والحروب الأمنية، وهذا ما يفعله خلال الفترة الحالية في سوريا والعراق، بانتظار اكتمال الظروف الموضوعية لاستكمال بقية الخطوات وهي إدارة التوحش للمنطقة بعد ضعف السلطة الحاكمة، والتي يطمح عبرها للوصول إلى مرحلة قيام المشروع السياسي، “دولة الخلافة”.
خلاصة القول، أن التنظيم احتاج 7 سنوات بعد القضاء عليه في العراق عام 2007 حتى تمكن من العودة إلى الواجهة عام 2014، ويمكن أن يحتاج للمدة ذاتها للعودة ما بعد هزيمة 2019 في سوريا والعراق، خاصة أن جميع المعطيات على الأرض تؤكد استمرار حالة الصراع الطائفي القائمة في البلدين إضافة لحالة الانهيار الاقتصادي.
المدن
————————
سوريا.. تقدم بطيء للقوات الكردية في قتالها ضد تنظيم الدولة بالحسكة وقلق أممي على المدنيين
تحاول القوات الكردية المدعومة من واشنطن استعادة السيطرة على سجن الصناعة (غويران) بالحسكة شمال شرق سوريا، وذلك بعد 5 أيام من شن تنظيم الدولة الإسلامية هجوما لتحرير الآلاف من عناصره المعتقلين، بينما أبدت الأمم المتحدة قلقها على سلامة المدنيين.
ولا تزال قوات سوريا الديمقراطية -التي يعدّ الأكراد أبرز مكوناتها- وقوات الأمن الكردية (الأسايش) تحاولان استعادة السيطرة الكاملة على المنطقة، وبدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وأفادت قوات سوريا الديمقراطية في بيان اليوم الثلاثاء بأن 250 عنصرا جديدا من التنظيم استسلموا بعد “عمليات مداهمة دقيقة” لبناء تحصنوا فيه داخل السجن، ما يرفع العدد الإجمالي للعناصر الذين سلموا أنفسهم إلى 550.
ورغم حديث قوات سوريا الديمقراطية عن اقتراب إحكام قبضتها على السجن، فإن تنظيم الدولة يقول إنه أسر وقتل العشرات من خصومه، ومستمر في القتال حتى النهاية.
ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، أوقعت الاشتباكات المستمرة منذ الخميس الماضي 114 قتيلا من عناصر التنظيم و45 من قوات سوريا الديمقراطية، إضافة الى 70 مدنيا، بينما اضطر نحو 45 ألف شخص للفرار من منازلهم في الحسكة، وفق الأمم المتحدة.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي أمس الاثنين أن القوات الأميركية شاركت في القتال عبر “سلسلة غارات… لضمان دقة استهداف مقاتلي” التنظيم، كما قدمت دعما “محدودا” على الأرض للمساعدة في “إنشاء مناطق آمنة”.
وتؤكد مصادر مطلعة للجزيرة نت من الحسكة أن أغلب السجناء من القادة البارزين للتنظيم الذين كانوا يمتلكون مناصب ذات طابع إداري أو عسكري إبان سيطرة التنظيم على مناطق بسوريا، ومن أصحاب الخبرات القتالية والعلمية، كما يقدر عدد المحتجزين في سجن غويران بـ5 آلاف سجين؛ معظمهم من جنسيات عربية وأجنبية.
وتجري مفاوضات بين الجانب الكردي والتنظيم من أجل التوصل الى اتفاق ينصّ على توفير الطبابة لجرحى التنظيم، مقابل إفراج الأخير عن رهائن يحتجزهم من حراس السجن.
قلق أممي
من جهة أخرى، قالت متحدثة مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان رافينا شامداساني -خلال مؤتمر صحفي في جنيف- إن “وضع المدنيين بمدينة الحسكة مقلق للغاية”.
وانتقدت شامداساني قوات سوريا الديمقراطية بدون ذكر اسمها، معربة عن قلقها إزاء أمن وسلامة مئات الأطفال المحتجزين في السجن.
ولا يزال الغموض يلف طريقة تسلل عناصر التنظيم إلى الحسكة وتحضيرهم للهجوم على السجن، الذي بدأ الخميس الماضي بتفجير عربتين مفخختين في محيطه، وسط حديث عن هروب المئات من المعتقلين، وفق رواية وكالة أعماق التابعة لتنظيم الدولة، ثم تواصلت بعد ذلك المعارك من داخل السجن ومحيطه.
المصدر : الجزيرة + وكالات
——————-
معركة غويران لم تنته: 166 قتيلاً..و600 سلموا أنفسهم
ارتفعت حصيلة القتلى نتيجة هجوم تنظيم “داعش” على سجن الصناعة في حي غويران إلى 166 قتيلاً، فيما استمرت اشتباكات متقطعة بين عناصر “داعش” وقوات سورية الديمقراطية (قسد) حتى صباح الثلاثاء.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان الثلاثاء، عن مقتل 7 من عناصر داعش برصاص عناصر قسد وقوى الأمن الداخلي ليل الاثنين، خلال عمليات التمشيط التي تقوم بها القوات العسكرية في محيط سجن غويران ضمن مدينة الحسكة، لترتفع الحصيلة الإجمالية للقتلى منذ بدء عملية سجن غويران مساء الخميس إلى 166 قتيلاً هم: 114 من تنظيم داعش و45 من الأسايش وحراس السجن وقوات مكافحة الإرهاب وقسد، و7 مدنيين.
ويسود هدوء حذر سجن غويران ومحيطه ضمن الحسكة صباح الثلاثاء، بالتزامن مع استمرار تحليق طيران التحالف الدولي في الأجواء.
وأشار المرصد السوري إلى أن عدد السجناء التابعين لداعش الذين سلموا أنفسهم إلى القوات العسكرية ارتفع إلى نحو 600، فيما يرفض عناصر داعش المتمركزين والمتحصنين ضمن أحد أقسام سجن غويران الاستسلام.
#HASSAKAH #NESYRIA :
Dozens of #ISIS militants surrender to the Syrian Democratic Forces#SDF in #al_Sina’a prison in #al_Hassaka pic.twitter.com/ql0ixSvO9b
— MOHAMMED HASSAN (@MHJournalist) January 24, 2022
وتجري اشتباكات بين الحين والآخر بين عناصر داعش والقوات العسكرية المتواجدة في محيط القسم الذي يتحصّن بداخله عناصر داعش، بالإضافة إلى اشتباكات مع عناصر التنظيم في جيوب أخرى في محيط السجن، وسط تحليق مستمر لطيران التحالف في الأجواء.
وتستمر قسد في فرض حظر تجوال كامل في مدينة الحسكة تزامناً مع تنفيذ عمليات تفتيش وتمشيط في أقسام أخرى في السجن والاحياء المحيطة في السجن بحثاً عن فارين من عناصر التنظيم.
ونقلت قسد المساجين الفارين الذين اعتقلتهم إلى مناطق أخرى أكثر آمناً منها مدينة الشدادي. وأشار المرصد السوري إلى أن “تعداد المساجين الذين جرى نقلهم عبر الباصات حتى هذه اللحظة بعد إنهاء عصيانهم وصل إلى نحو 400 سجين”.
وكانت قسد قد نقلت قسماً من أطفال ما يسمى ب”أشبال الخلافة” عبر الحافلات التي أجلت عناصر داعش من دون معرفة الوجهة الأخيرة التي نقلوا إليها. وذكر المرصد السوري أن مفاوضات تجري للإفراج عن رهائن وأسرى من قسد مقابل معالجة الجرحى من عناصر التنظيم داخل سجن غويران.
ومع استمرار الاشتباكات بين الطرفين، جابت مدرعات أميركية منطقة المواجهات ترافقها مجموعات عسكرية من قسد، بحسب ما نشرت وكالة “نورث برس” المُقربة من “الإدارة الذاتية”.
وفي السياق، أعلنت قسد أنها جرّدت مقاتلين ينتمون لها من هوياتهم العسكرية وحولتهم إلى القضاء المختص ل”إخلالهم بمبادئها” خلال إلقاء القبض على عناصر من تنظيم داعش في الحسكة.
وذكرت وكالة “هاوار” المُقربة من “الإدارة الذاتية” الثلاثاء أن قرار قيادة قسد جاء على خلفية انتشار صور وصفتها ب”الصادمة” أثناء اعتقال قواتها لعناصر من التنظيم.
وبينما لم يُشر بيان قسد إلى الصور “الصادمة”، من المرجح أن تكون هذه الصور تتضمن تجريد مقاتلي التنظيم من لباسهم أثناء عملية الاعتقال التي ظهرت فيها جثث لقتلى من التنظيم، إضافة إلى تسجيل مصور تداوله ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي يظهر عنصراً من قسد يتجول بين جثث لمقاتلين من تنظيم داعش في الحسكة.
وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن “ما يصل إلى 45 ألف شخص نزحوا من منازلهم إلى أحياء أخرى من مدينة الحسكة”، منذ بدء هجوم التنظيم على سجن غويران.
المدن
————————-
“قسد” تتوسع داخل سجن “غويران”.. “استسلام” ومفاوضات جارية
تواصل “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) تمشيط سجن الصناعة في حي غويران بالحسكة، معلنة سيطرتها على مهاجع جديدة داخل السجن، وسط أنباء عن مفاوضات جارية مع تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وقال المركز الإعلامي لـ “قسد”، اليوم الثلاثاء، إن قواته سيطرت على كتلة من الأبنية داخل سجن الصناعة، تتألف من 8 مهاجع للسجناء، ضمن حملة التمشيط التي أُعلن عنها، أمس الاثنين، داخل السجن.
وأضاف المركز في بيان له أن 250 عنصراً من تنظيم “الدولة” استسلموا وخرجوا من السجن دون أسلحتهم، ليرتفع عدد المستسلمين إلى 550 حتى اليوم الثلاثاء، بحسب البيان، فيما لا يزال عدد من عناصر التنظيم يتحصنون في أحد أبنية السجن.
ولم يعلق التنظيم عبر وكالة الأنباء التابعة له، على بيان “قسد” حول التوسع في سجن “غويران” واستسلام عناصره.
إلى جانب ذلك، أعلنت “قوات سوريا الديمقراطية” عن تحرير 9 أسرى تابعين لها من الموظفين في سجن “غويران”، كان عناصر التنظيم قد احتجزوهم أثناء اقتحام السجن.
وكانت وكالة “أعماق” التابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية” قد نشرت، قبل أيام، ما قالت إنها تفاصيل اقتحام سجن الصناعة (غويران) بالحسكة، إلى جانب تسجيلات مصورة تُظهر مجموعة من مقاتلي التنظيم، أثناء احتجازهم عناصر من “قسد”.
وما تزال “قوات سوريا الديمقراطية” تحاصر سجن الصناعة في حي غويران، والذي يشهد استعصاء داخلياً منذ خمسة أيام.
مفاوضات لتسليم أسرى
من جانبها، ذكرت وكالة “فرانس 24” أن المفاوضات جارية بين الجانبين من أجل تحرير رهائن “قسد” مقابل السماح لعناصر التنظيم بالخروج نحو البادية.
وأضافت نقلاً عن مصادر مطلعة أن التنظيم طالب “قسد” بتوفير الطبابة لجرحاه، مقابل الإفراج عن الرهائن، الذين يصل عددهم إلى 27، فيما لا يزال مصير 40 آخرين مجهولاً حتى اليوم.
ولم يعلن الجانبان رسمياً عن وجود مفاوضات للإفراج عن الرهائن حتى اللحظة.
كما سبق وقلنا: هناك أنباء من داخل الحسكة عن مفاوضات بين دا.عش وقسد في #سجن_غويران، طلب التنظ.يم فيها انسحاب السجناء للبادية السورية مقابل إطلاق سراح أفراد قسد المحتجزين
هناك هدنة مؤقتة وستتجدد الاشتباك، ولا زال #للقصة_بقية#على_الماشي
— Ahmed soltan (@Ahmed_Soltan_) January 25, 2022
ووصل عدد القتلى جراء الهجوم على سجن غويران، الذي بدأ تنفيذه الخميس الماضي، إلى 114 قتيلاً من تنظيم “الدولة” و45 من “قسد”، إلى جانب 7 مدنيين، حسبما وثق “المرصد السوري لحقوق الإنسان”.
ويضم سجن غويران الآلاف من معتقلي التنظيم وعائلاتهم، ويعتبر من أضخم سجون “قسد” في مناطق شرق سورية.
ويقع السجن بالقرب من الأحياء السكنية لمدينة الحسكة، وعلى منطقة مفتوحة، من شأنها أن تتيح لعناصر التنظيم الهروب، حال تمكنهم من العبور خارج الأسوار.
وعلى الرغم من حديث “قسد” أن من نفذ الهجوم من خارج الأسوار هي “خلايا نائمة للتنظيم”، إلا أن ذلك يطرح شكوكاً حول كيفية دخول هؤلاء الأفراد إلى منطقة تعتبر من أبرز البقع المحصنة أمنياً، سواء من جانب القوات المحلية أو قوات “التحالف الدولي”، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية
—————————
من المسؤول وماذا بعد اشتباكات سجن غويران في الحسكة – سوريا..؟
—————————
الشارع السوري يتابع بقلق تداعيات هجوم الحسكة/ مصطفى رستم
والمنطقة في حال استنفار اشتباكات سجن الصناعة طرحت التساؤلات حول مصير 12 ألف عنصر من “داعش” محتجزين في سوريا
لا يزال الشارع السوري يترقب تداعيات وارتدادات الهجوم الأقوى من نوعه لتنظيم “داعش“، ويتابع بقلق بالغ تطورات مشهد اقتحام سجن الغويران في الحسكة، شمال شرقي البلاد يوم الخميس 20 يناير (كانون الثاني) وسط مخاوف من عودة ظهور خلايا الجماعة المتشددة، واستماتته لفك أسر عناصر التنظيم داخل ثانوية تسمى (الصناعة)، تحولت إلى معتقل يستوعب عدداً كبيراً يبلغ نحو 3500 معتقل من ضمنهم قياديون في التنظيم الإرهابي.
ليلة التسلل إلى السجن
بحسب بعض المتابعين، فإن “داعش” العائد من جديد، تمكن وبـ”غزوة” هي الأكبر منذ سقوطه وعبر تخطيط طال ستة أشهر، مستفيداً من سوء الأحوال الجوية والباردة التي تعم البلاد، من إثارة غبار المعارك كما كان يفعل في سيناريوهات عملياته القتالية قبل اندحاره. وكان لافتاً تزامن الهجوم الذي شُن بواسطة نحو 200 مقاتل تسللوا وسط سجن يقع في حي سكني، مع استعصاء داخلي من قبل السجناء بغرض بث الفوضى.
وفي هذه الأثناء تضرب القوات الكردية طوقاً أمنياً منيعاً حول الحي لشن عمليات مداهمة وتفتيش بحثاً عن مهاجمين أو فارين. وتؤكد المعلومات الواردة صدور أوامر تقضي بمنع التجول في أوقات المساء في عموم المناطق التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية الكردية، وذلك بعد أيام دامية وقتال شرس في محيط السجن بغية الاستيلاء عليه، ما استدعى تدخل طيران التحالف لشن ضربات صارمة في أماكن عدة بالحسكة كان المهاجمون يتحصنون فيها، بالتوازي مع قتال عنيف بين القوات الكردية وأفراد التنظيم من المهاجمين والفارين من السجن على حد سواء على الأرض، مع الإعلان عن إغلاق المعابر المؤدية إلى حيي (شيخ مقصود والأشرفية) في مدينة حلب ذات الغالبية من المكون الكردي.
هذا الهجوم الذي يعد الأكبر على أكثر السجون خطورة في البلاد، أدى إلى تشريد ما يقارب أربعة آلاف نازح من سكان الحي، ومصرع 175 شخصاً في الأقل من عناصر “داعش”، بينهم 15 معتقلاً حاولوا الفرار فسقطوا بالاشتباكات التي اندلعت فور تصدي حراس السجن من قوات سوريا الديمقراطية للهجوم. لكن هذه الأرقام ليست نهائية، إذ لا تزال المعركة مستعرة على الرغم من الهدوء النسبي الذي تعيشه المنطقة التي تلقت ضربات جوية عنيفة، علماً بأنه تم تشديد الحراسة على بقية سجون أفراد التنظيم، على الرغم من أن الغويران يعد أكبر السجون الذي يضم إرهابيين من جنسيات مختلفة.
سيناريوهات العودة
فكما كان متوقعاً، انفجرت القنبلة الموقوتة في شمال شرقي سوريا، فلم يكن السوريون يستبعدون حصول ذلك، خصوصاً مع قبوع ما بين عشرة و12 ألف عنصر من “داعش” داخل سجون ومعتقلات عدة منذ ثلاث سنوات عقب سقوطهم في مارس (آذار) 2019، واستقرار عائلاتهم ويفوق عددهم 70 ألف شخص من نساء وأطفال في مخيمات أكبرها مخيم (الهول).
ولم تلقَ نداءات المنظمات الدولية من جهة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) أية استجابة في المحافل والأوساط الدولية، مطالبين بمحاكمة هذا العدد الكبير من أفراد التنظيم، لا سيما بوجود ما يقارب 2000 مقاتل أجنبي مع عائلاتهم وأطفالهم في المنطقة، ما تطلب نقلهم إلى دولهم خصوصاً النساء والأطفال وسط مناشدات إنسانية، آخرها دعوة منظمة “اليونيسف” إلى إطلاق سراح الأطفال المحتجزين ووضعهم في إطار العدالة الإصلاحية. وذكر بيان صادر يوم 23 يناير الحالي عن ممثل “اليونيسف” في سوريا، بو فيكتور نيلوند عن كون اشتداد العنف في هجوم سجن غويران يعرّض سلامة 850 طفلاً وهم رهن الاحتجاز، للخطر الجسيم.
ويرى مراقبون أن قضية الأسرى (الدواعش) كانت الأكثر جدلاً في السنوات المنصرمة عقب دحر التنظيم في قرية الباغوز، شرق دير الزور آخر معاقله، حيث ألقي على عاتق قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية حماية سجون تعج بالإرهابيين المدربين، وكل عنصر إرهابي منهم يُعد قنبلة موقوتة قابلة للانفجار حين تسنح له الفرصة. وعلاوة على الأعداد الكبيرة في هذه المعتقلات، مثّلت الهجمات الجديدة منذ بداية العام الماضي للتنظيم المدحور، وعودته في البادية، إشارة خطر تنذر بأمر كارثي قد يحصل، على الرغم من محاولات متكررة عام 2020. ولا يستبعد متابعون اشتعال اضطرابات في سجون ومخيمات الهول على سبيل المثال، كرد فعل أو كتخطيط مسبق.
وعلى جهة ثانية، تنخفض ترجيحات وقوع أي سيناريو مماثل لسجن غويران، لأسباب تتعلق بمدى جهوزية التنظيم وقدرته على توزيع عناصر. فالمخيمات المترامية الأطراف يمكن ضبطها وإحكام السيطرة عليها عسكرياً في حال تنفيذ أي مخطط هجومي، بينما يقع سجن الصناعة في حي سكني ما صعّب الحسم عسكرياً حفاظاً على أرواح المدنيين، وهذا الأمر أعطى للمهاجمين المتطرفين فرصة الاحتماء بالأبنية. الهجوم كان سبقه الدفع بعربة مفخخة وانفجار صهاريج مازوت وحرائق مفتعلة نفذها الأسرى داخل السجن.
تجاذبات الحادثة
في غضون ذلك، تبدو الولايات المتحدة راضية عن التدخل الذي وصفته بـ”السريع” لقوات “قسد” في صد المعركة وتطويق الهجوم وامتصاصه، واستقدام قوى إضافية لمداهمة وتطويق الموقع والتفتيش عن مخابئ في محيط السجن مع انتهاء حالة الفوضى. وعلّق المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس قائلاً “تمكنت قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف من إحباط هجمات عدة خلال هذه الفترة، ونجحت في الحد من خطورة الهجوم الحالي”.
ويعد الفريق الموالي للنظام السوري ما حدث أقرب إلى “مسرحية” هدفها إحكام الأحزاب الكردية وعلى رأسها الإدارة الذاتية، قبضتها على أحياء سكنية ذات غالبية من العشائر العربية وتغيير ديمغرافيتها، وإيجاد ذرائع لقوى التحالف بالبقاء في سوريا تحت مسمى “عودة داعش مجدداً إلى سوريا”، واستنزاف قدرات القوات النظامية التي تتجهز لشن حملة نحو شرق البلاد للسيطرة عليها، والانقضاض على الفصائل الإيرانية التي يتنامى حضورها في البادية وعلى الحدود العراقية.
في المقابل، جددت واشنطن يوم 23 يناير الحالي التزامها بالوقوف إلى جانب شركائها في المنطقة لملاحقة بقايا “داعش” وهزيمة التنظيم عالمياً. وذكر بيان صادر عن الخارجية الأميركية أن “هجوم داعش يؤكد أهمية دعم قوات التحالف من أجل زيادة تأمين مراكز الاحتجاز”.
ومع ذلك يقلل مراقبون بالشأن الكردي من احتمالية السيناريو الذي تروج له الموالاة، لأسباب تتعلق بنفوذ الإدارة الذاتية التي تسيطر على الأرض، وفي حال تعاظم حضور وانتشار العناصر المتطرفة فهذا سيقوض من سيطرتها وحلمها في إقامة كيان مستقل لها. في حين ذهب فريق من الأحزاب الكردية أبعد من ذلك، مرجحين الوصول إلى نقطة مماثلة للسيناريو العراقي، كدولة كردستان، إلى جانب سعي النظام العائد من جديد بدعم موسكو، لاستعادة السيطرة على الشمال السوري بشقيه الغربي والشرقي.
اندبندنت عربية
—————————-
هل يُشكّل هجوم “داعش” على سجن في الحسكة مؤشراً إلى عودته؟
شكّل الهجوم الأخير لتنظيم “داعش” على سجن في مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا العملية العسكرية الأكبر لمقاتليه /منذ إسقاط “دولة الخلافة” التي أقامها، وأثار مخاوف من بروزه مجدداً واستعادته قدراته وحضوره الميداني.
ويطرح استمرار المعارك منذ الخميس ونجاح عدد من السجناء في الفرار تساؤلات عما إذا كان هجوم التنظيم على سجن غويران الخاضع لسلطة الإدارة الذاتية الكردية يمثّل نقطة تحوّل تؤشّر إلى عودة التنظيم إلى سابق عهده.
إلى أي درجة كان الهجوم “متقن الإعداد”؟
تبنّى التنظيم المتطرف الهجوم عبر وكالة “أعماق”، ذراعه الدعائية، على تطبيق تلغرام، واصفاً إياه بأنه “واسع ومنسّق”، شارحاً كيف بدأ (مساء الخميس) بانطلاق انتحاريين اثنين بشاحنتين مفخختين فجراهما عند بوابة السجن وأسواره.
ونشرت الوكالة أنّ “مفارز الانغماسيين انطلقت فور وقوع التفجيرين على أربعة محاور”، فهاجمت أهدافاً عدة بينها أبراج السجن ومديرية المحروقات الحكومية القريبة منه ومقر فوج قريب تابع للقوات الكردية.
وتزامنت “تحركات داخل السجن”، وفق المصدر ذاته، مع “الاشتباكات العنيفة” على أسواره وفي محيطه “تكللت بالسيطرة على مخزن سلاح وقتل وأسر العديد من حراس وأفراد السجن، ومن ثم اقتحام المقاتلين للسجن بعد هدم وإحراق أجزاء منه”.
وأكد التنظيم أنّ 800 سجين “كسروا القيد خلال الهجوم”، من دون ان يتسنى التحقّق من صحّة الرقم من مصادر أخرى.
وشارك أكثر من مئة عنصر من التنظيم، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، في الهجوم الذي أدى إلى اندلاع اشتباكات لا تزال متواصلة وإن تراجعت حدتها.
وقُتل أكثر من 154 شخصاً في الاشتباكات، معظمهم من مقاتلي التنظيم، وبينهم أيضاً العشرات من القوات الكردية، بحسب المرصد. بينما قالت الأمم المتحدة إن المعارك تسببت بنزوح قرابة 45 ألف شخص.
وواصلت قوات سوريا الديموقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد وتدعمها قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، الإثنين عملياتها الهادفة إلى استعادة السيطرة الكاملة على السجن.
ووصف الخبير في شؤون التنظيم أيمن جواد التميمي الهجوم بأنه “العملية الأكثر اتقاناً من حيث الإعداد” لمجموعاته منذ إعلان إسقاط “دولة الخلافة” التي أقامها قبل ثلاث سنوات، بعدما تمّ دحر آخر مقاتلي التنظيم الجهادي من بلدة الباغوز، معقله الأخير في شرق سوريا.
ما هدف الهجوم؟
يمكن للتنظيم، وفق التميمي، أن “يعزّز قدراته لتنفيذ عمليات أكثر اتقاناً وأوسع نطاقاً”، بالنظر إلى عدد مقاتليه الذين تجاوزوا الطوق الأمني المفروض من القوات الكردية.
إلا أنّه أكد في الوقت ذاته أن لا مجال إطلاقاً للمقارنة بين هذه القدرات وتلك التي كان التنظيم يتمتع بها عام 2014، عندما تمكن من السيطرة على مساحات واسعة من سوريا والعراق المجاور.
وقال التميمي: “ثمة طريق طويل قبل الوصول إلى درجة قريبة من هذا الوضع والسيطرة مجدداً على هذا القدر من المساحات الجغرافية”.
إلاّ أن الباحث في معهد “نيولاينز” نيكولاس هيراس رأى أن الهجوم “يمثّل خطوة في هذا الاتجاه”، معتبراً أن التنظيم “يحتاج إلى إخراج جيشه من السجن”.
وتوقع “المزيد من هذا النوع من العمليات مستقبلاً، خصوصاً أن قوات سوريا الديمقراطية تفتقر إلى الإمكانات الكافية لحماية السجون التي يُعتقل فيها عناصر التنظيم”.
وقدّر تقرير للأمم المتحدة العام المنصرم بنحو عشرة آلاف عدد مقاتلي التنظيم الذين لا يزالون ناشطين في العراق وسوريا، ويوجد قسم منهم في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد.
وتضم السجون الواقعة في المناطق الواسعة التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا نحو 12 ألف جهادي من نحو 50 جنسية، وفق السلطات الكردية.
أما زوجات مقاتلي التنظيم وأطفالهم فيعيشون في مخيمات مكتظة في المنطقة، يحذّر خبراء بانتظام من أنها أصبحت أكثر فأكثر بيئة حاضنة للتطرف.
هل من خطوات مقبلة؟
لا يستبعد المؤرخ والخبير في الشؤون السورية بيتر فان أوستاين أن “يتوارى مقاتلو التنظيم الناجون مجدداً في الصحراء” بالقرب من الحدود مع العراق بعد هجوم السجن.
وقال” “لا أرى أي خطر فوري في أن يحتلوا مجدداً مساحات واسعة من الأراضي”.
أما التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ويتولى محاربة التنظيم، فتوقع أن يؤدي هجوم سجن غويران إلى إضعاف التنظيم نظراً إلى الخسائر الكبيرة التي تكبدها.
واعتبر التحالف، في بيان أمس، أن التنظيم “لا يزال يشكّل تهديدا لكن الواضح أنه لم يعد يتمتّع بقوته الغابرة”.
ولاحظ الخبير في شؤون التنظيم تشارلي وينتر أن هجوم الحسكة كان “ضخماً جداً من منظور رمزي، مع أنه قد لا يؤدي إلى تأثير فوري على الأرض”.
وقال وينتر الذي يرصد الحسابات الجهادية على شبكات التواصل الاجتماعي إنه لم يشهد “منذ سنوات مثل هذه الحماسة لدى مناصري” الجهاديين على الإنترنت.
وأعاد “هذا النوع من القدرة على تنشيط المناصرين تحريك الكثير” من الجماعات المؤيدة للتنظيم، لا سيما في سوريا، وإن كانت الإجراءات الأمنية ستمنع معظم الجهاديين والسجناء من الخروج من محافظة الحسكة.
وشدّد وينتر على أن “ما يضفيه هذا الهجوم من رمزية يمكن أن يكون له انعكاسه الملموس الخاص”، إذ هو “استعراض لقدرته ولعزمه على التحدي”.
المصدر: أ ف ب/النهار العربي
——————————–
=====================
تحديث 27 كانون الثاني 2022
————————————
أحداث سجن الحسكة ودعشنة العرب/ سليمان الطعان
لم يعد أمراً جديداً أن تلصق تهمة الإرهاب والدعشنة بالعرب، ولاسيما من قبل الكتاب الذين تحركهم توجهات باتت معروفة، فقد غدا الأمر من باب “ضربة لازم” في عرف الكثير من الكتاب الذين ينخرطون في هذا المسار الذي تدفعهم إليه عوامل شتى، تنوس بين دوافع قومية يقع اهتمامها خارج حدود سوريا، وأخرى مذهبية ضيقة معروفة بانغلاقها تسوغ بها مشاركتها في الحرب على المجتمع السوري.
وفي وسط هذا الزحام الإعلامي، لا تبقى لدى المرء الرغبة في الرد على كثير مما يرد من اتهامات في المقالات التي يدبجها أصحابها، انطلاقا من الهاجس الذي ذكرناه أعلاه، غير أن بعض المقالات تستوقف القارئ لكثرة ما تحمله من مغالطات، ولما تشي به سطورها من رغبات لا تفلح الكلمات المنمقة في إخفائها، وكيلا تمر تلك الاتهامات والتخرصات في كل مرة دون أن يسجل أحد ما اعتراضا عليها، بحيث تصبح نسقا مستقرا في أذهان الجيل السوري الذي لم يعاين أحداث السنوات الماضية بسبب صغر سنه.
في إطار هذا السياق المشار إليه، سياق دعشنة العرب، فاجأنا تلفزيون سوريا يوم 24/01/2022م بمقالة معنونة بـ “أحداث سجن الصناعة بالحسكة والانهيار المجتمعي”، يكيل فيها الكاتب الاتهام لعرب الحسكة، ويحملهم مسؤولية الأحداث التي جرت مؤخرا في سجن الصناعة، حيث سيطر مئات الدواعش على السجن في عملية ماتزال غامضة حتى الآن، وربما لن نتمكن من معرفة تفاصيلها كأغلب العمليات الأمنية التي جرت في سوريا في العقد الماضي.
ومع أن المقالة تبدأ بالقول إن تنظيم داعش “يستوعب كل الأجناس”، فإن الكاتب سرعان ما ينقض هذا القول الذي يعمي من خلاله عن رؤيته الحقيقة، وهي أن هذا التنظيم الإرهابي يجد ملجأ “ضمن شرائح مجتمعية”، وهذه الشرائح ليست إلا “النخب السورية، وعلى وجه الدقة النُخب العربية في محافظة الحسكة”. وليت الأمر توقف عند هذه التهمة وحدها، ذلك أن السطور تقول شيئا آخر، تقول ما يريد الكاتب إخفاءه، أي: الرغبة الدفينة بأن تتحول مناطق العرب في الحسكة إلى حواضن لداعش، الأمر الذي “سيعني تدميرا جزئيا أو أكثر للبنى التحتية لتلك الأحياء، وسحق حيواتهم”. هكذا تتلبس الرغبة لبوس الخوف والشفقة على الناس الذين خيبوا ظن الكاتب ولم يسمحوا لهذا التنظيم الإرهابي بالتغلغل في صفوفهم.
والحقيقة أن المقالة لا تقول شيئا آخر غير هذا الذي ذكرته، فباستثناء الحديث عن تحميل العرب في الحسكة مسؤولية أحداث السجن، لا نعثر في المقالة إلا على عبارات غامضة تطالب السلطة الحاكمة هناك أن تكون أكثر شراسة في تعاملها مع “القاعدة التي بدأ منها العنف- الفساد”، فليس لهذه “الحاضنة” من حل عند الكاتب إلا “النفي”. وهؤلاء الذين يطالب الكتاب بنفيهم ليسوا سوى عرب الحسكة.
وعلى الرغم من أن متابعة وسائل التواصل للوصول إلى نسبة حقيقية في تأييد هذا الطرف أو ذاك أمر لا يمكن التثبت منه إلا من خلال أهواء الكاتب ورؤاه الإيديولوجية، التي تريه ما يريد رؤيته لا ما هو واقعي أو حقيقي، في دلالة صارخة على زيف الوعي الذي تنتجه الإيديولوجيا التي يتبناها- على الرغم من ذلك يذكر الكاتب أنه “منذ ليلة الخميس 20/1/2021م، ومع عملية الاقتحام والاستعصاء في “سجن الصناعة”، تشهد وسائل التواصل الاجتماعي كثافة في مصطلحات التشفي والعنف على اختلاف المسميات والدرجات والأشكال”.
وأظن أنني تابعت الكثير من الصفحات الإعلامية التي كانت تنقل الأحداث من منطلق الحرص على أبناء الحسكة أنفسهم، وأظن أن أغلبها كان يقف في جانب قسد، لا حبا بقسد نفسها، بل كرها بالدواعش وبما يمكن أن تحمله سيطرتهم من خراب وتدمير وعودة إلى مربع العنف ودوائره الجهنمية. وهو أمر أظن أنه لا يخفى على عرب الحسكة أنفسهم الذين سيكونون أول من يتعرض للقصف والتدمير. أما الوسائل الإعلامية التي كانت تتحدث عن عملية تهجير لعرب حي غويران، فأظن أنها وسائل لا تستحق الرد عليها، فليس لهذه العملية من وجود إلا في أذهان المرضى بداء الشوفينية من العرب والكرد على حد سواء.
خلاصات الكاتب وتوجهاته الإلغائية تختلف عما هو موجود على أرض الواقع، فالمقاتلون الذين يشاركون في إعادة السيطرة على سجن الحسكة أغلبهم من العرب، وأغلب الذين ذهبوا ضحية المعارك هم من العرب أيضا. ولهذا كان على المقالة بدلا من الحديث عن “الهويات المخترقة” أن تتجه إلى الكلام على “العناصر والقيادات المخترقة” التي كانت وراء الخلل الأمني، الذي أدى إلى هروب مئات الدواعش من السجن الذي اكتشفنا أنه موجود في حي سكني، على الرغم من أنه يضم بين جدرانه مجموعة كبيرة من الإرهابيين الذين ينتمون لدول عديدة. فالعرب الذين يحملهم الكاتب وزر هروب سجناء داعش فوجئوا كغيرهم بهروب أعداد كثيرة من السجن الذي يبدو أن عملية الاستيلاء عليه جرت من خلال فساد قيادات في “قسد” ليس فيها أحد من العرب، وبخاصة مع اقتصار القيادات على كوادر حزب العمل الكردستاني القادمة من جبال قنديل، والتي همشت السوريين الكرد أنفسهم. إن ما جرى في سجن الحسكة ربما كان محاولة للتغطية على هروب مئات العناصر الإرهابية من السجن، والتي تسربت الأنباء بأنها كانت تدفع آلاف الدولارات كي تتمكن من الهرب والعودة إلى بلدانها.
يعرف السوريون الكرد قبل غيرهم من أبناء المناطق السورية الأخرى أن أبناء الجزيرة هم أبعد الناس عن التطرف، وأن عرب الجزيرة هم أكثر الناس شعورا بما عاناه الكرد في ظل الحكم البعثي الذي أصبح –وياللمفارقة- بعد عام 2011م الأقرب سياسيا لدى مناصري حزب العمال الكردستاني بمشروعه العابر للحدود السورية، في دلالة على تخادم الطرفين. لقد تعرض عرب الجزيرة والفرات للتهميش مثلهم في ذلك مثل الكرد، ومازلت مؤمنا أن أهل عين العرب والقامشلي ورأس العين من الكرد هم أقرب إلى عرب الجزيرة والفرات من أبناء حلب وحماة وحمص، لا بفعل القرب الجغرافي، وإنما بفعل دهر من التعايش المشترك والإحساس بالقهر والظلم الذي تعرضنا له معا منذ نشأة الدولة السورية، ولكن السياسات التي تنتهجها سلطات الأمر الواقع حاليا هي بطريقة ما استمرار لسياسات الأسدية نفسها التي كانت تنظر بدونية إلى المنطقة ككل، أما الآن فيجري التمييز بين العرب والكرد من خلال تفضيل مناصري حزب العمال الكردستاني في التعيينات والإدارات. ليست “قسد” أو “مسد” أو الإدارة الذاتية هي التنظيم الأمثل الذي يريده السوريون في منطقة الجزيرة والفرات، فالإدارة الحالية إدارة ينخرها الفساد، وإن كان الإنصاف يقتضي القول إنها أكثر المناطق الخارجة على سلطة النظام السوري من ناحية الخدمات، وهذا نابع أولا من حجم الموارد الهائل الذي تتوفر عليه المنطقة، والحضور الأميركي الذي يمنع تحول سلطة الأمر الواقع إلى سلطة شبيهة بمثيلتها الأسدية.
أجل، لقد قامت خرافة الخلافة الداعشية في مناطق الفرات والجزيرة الفراتية، ولكن انتشار داعش في تلك المناطق لم يكن لأنها كانت حاضنة لهذا التنظيم الإرهابي، فأهل الفرات والجزيرة هم أكثر السوريين زهدا بالتنظيمات الدينية، وأقلهم التزاما بالنواهي والأوامر الدينية.
إن السبب وراء انتشار داعش في تلك المنطقة عائد إلى أن تلك المنطقة كانت هشة من الناحية السياسية، ومسالمة من الناحية الاجتماعية، وهو أمر استغله النظام السوري من قبل كما تستغله “قسد” الآن. إن ضعف العشائر العربية في المنطقة نابع من طيبتهم الفطرية التي استقوها من قيم البداوة والحياة ما قبل الصناعية والتجارية الحديثة التي لم تعرفها مناطقهم، وهم في هذا يشبهون الكرد السوريين، باستثناء أن الكرد لديهم تنظيمات سياسية. لقد انتهت دولة “داعش” المزعومة دون أن تخلف وراءها مؤمنا بها أو مدافعا عنها، اللهم إلا باستثناء عناصر معزولة لا يمكن أن تشكل نسبة مئوية، ولم تكن حتى في ظل حكم داعش وسطوتها ظاهرة مجتمعية يعتد بها.
أخيرا، من الغريب جدا أن تسمح وسيلة إعلامية سورية، يفترض بها الدفاع عن الهوية الوطنية السورية، لأشخاص ذوي توجهات عنصرية، أن يبثوا أفكارهم المسمومة من منبر ينبغي أن يكون محرابا لكل من يؤمن بقيم الثورة السورية، ووحدة الأرض والشعب السوريين، بعيدا من الدعوات الشوفينية التي تريد بناء أوطان متخيلة على حساب الوطن السوري.
تلفزيون سوريا
——————————–
“جسور للدراسات”: هجوم داعش على سجن غويران ينبئ بمرحلة جديدة من نشاط التنظيم في سورية والعراق
نداء بوست – أخبار سورية – إسطنبول
أصدر مركز جسور للدراسات تقدير موقف تحت عنوان “اختبار داعش لخطة هدم الأسوار الهجوم على سجن الحسكة نموذجاً”، حول الهجوم الذي شنه التنظيم على سجن الصناعة الذي يضم الآلاف من عناصره المحتجزين لدى قسد.
وقال المركز إن قسد واجهت في 20 كانون الثاني/ يناير 2022، هجوماً هو الأضخم لتنظيم “داعش” بعد سقوطه عسكرياً في معركة “الباغوز” ربيع عام 2019، حيث استهدف سجن “الصناعة” في مدينة الحسكة.
واستعرض التقرير تفاصيل ومجريات الهجوم ودوافع وأهداف التنظيم منه في هذه المرحلة، والآثار والنتائج المتوقَّعة له، إضافةً للتطرُّق إلى أبرز مواقف الفاعلين الدوليين والمحليين منه، ومحاولة استشراف مصير السجون التي يُحتجز فيها عناصر “داعش” لدى “قسد” على ضوء قُدُرات وواقع وأهداف الأطراف المُشارِكة في الهجوم.
وأشار المركز إلى أن تقريره يهدف إلى تقديم إحاطة بخلفيّة هذا الهجوم وأهميّته بالنسبة للتنظيم خلال هذه المرحلة من عمره ممّا يساعد المهتمين بمتابعة نشاط التنظيم على استشراف إستراتيجيّته في المرحلة القادمة ومحدِّدات نشاطه وطبيعته.
لقراءة التقرير كاملاً كما ورد في موقع المركز (اضغط هنا)
—————————-
«قسد» تسيطر بشكل كامل على سجن الصناعة في الحسكة
«الشرق الأوسط» ترصد الوضع الميداني بعد استسلام عناصر «داعش»
الحسكة: كمال شيخو
أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المدعومة من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، السيطرة بشكل كامل على سجن الصناعة الذي شهد تمرداً مسلحاً على مدار الأسبوع الماضي.
وقال القائد العام للقوات، مظلوم عبدي، إن «قواتنا أعادت التاريخ وألحقت هزيمة جديدة وأحبطت خطط تنظيم (داعش) وداعميه والمستفيدين منه في معركة سجن الحسكة»، في وقت قال مسؤول عسكري إنهم أفرجوا عن جميع رهائن «قسد»، واستسلم أكثر من 1500 مقاتل شاركوا في العصيان المسلح.
ومن أمام بوابة سجن الصناعة بالجهة الشمالية، استسلم أكثر من 1500 مقاتل ومسلح شاركوا في التمرد المسلح وأعمال العنف التي شهدها هذا السجن الذي يضم 5 آلاف متطرف على مدار أيام الأسبوع الفائت، وشاركت دورية مشتركة أميركية بريطانية وفرضت رقابة أمنية صارمة وتمركزت عربات البرادلي القتالية أمام البوابة مع تحليق للطيران الحربي وطائرات «F16» بسماء السجن، وخرجت العناصر من داخل مهاجع وزنازين السجن وأقسام تقع في الجهة الشمالية والغربية، بعضهم كان يمشي على عكاز، وآخرون مضمدون بجروحهم، وكثير منهم أخفوا وجوههم، وسط تشديد أمني كبير من قوى الأمن الداخلي وقوات مكافحة الإرهاب وتعزيزات عسكرية كبيرة لقوات «قسد».
وأعلن فرهاد شامي الناطق الرسمي للقوات انتهاء العمليات العسكرية بعد 8 أيام من المعارك العنيفة، وقال في مؤتمر صحافي عقده أمام بوابة السجن: «توجت حملة (مطرقة الشعوب) العسكرية والأمنية بالسيطرة الكاملة على سجن الصناعة بالحسكة من قبل قواتنا واستسلام جميع عناصر (داعش) المشاركين في الاستعصاء»، مشيراً إلى أن العمليات النوعية التي قادها المقاتلون فرضت الاستسلام على الذين تمسكوا بحمل السلاح حتى النهاية، وأضاف: «جميع مرتزقة (داعش) ممن شاركوا في عمليات الاستعصاء والهجوم على سجن الصناعة، اضطروا إلى الاستسلام لقواتنا، وذلك خلال عمليات مداهمة دقيقة؛ حيث استهدفت مهاجع كان يتحصنون فيها».
وتقول القوات إن عدد قتلى مسلحي التنظيم وصل إلى نحو 200 سجين، فيما ارتفع عدد الذين فقدوا حياتهم من القوات خلال الحملة إلى 27، بينما استسلم أكثر من 1500 عنصر شارك في التمرد المسلح.
وذكر سيامند العلي، القيادي البارز في صفوف «قسد»، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن القوات سيطرت بشكل كامل على سجن الصناعة وأفرجوا عن جميع الرهائن الذين كانوا مختطفين في قبضة مسلحي التنظيم داخل مبنى السجن، «هم بحالة صحية جيدة ونقلوا لمكان آمن، فالأولوية خلال العمليات كانت لتحرير الموظفين العالقين والأسرى لدى عناصر التنظيم، قمنا بتحريرهم جميعاً، البالغ عددهم 23 شخصاً» في عملية نوعية لإحدى الوحدات العسكرية. وأشار إلى أن عمليات التمشيط مستمرة في الأحياء المحيطة بالسجن، وفتحوا ممرات آمنة لخروج بقية المدنيين المحاصرين الذين كانت خلايا التنظيم تتخذهم دروعاً بشرية. وأشار إلى أن العائق الثاني الذي استدعى دقة وحساسية في تأخر العمليات وحسمها هو وجود أطفال عناصر التنظيم، ويقدر عددهم بنحو 850 فتى، بعضهم دون سن 12 عاماً، ليزيد: «كان منفذو الاستعصاء يستخدمون أطفالهم كدروع بشرية في معركتهم، ونحن رفضنا قتالهم، واستدعى الأمر إلى تدخل القوات الخاصة وقوات الكوماندوز التابعة لـ(قسد)».
وداخل حيّي الغويران والزهور المحيطين بسجن الصناعة بدت ثقوب الطلقات والقذائف الصاروخية وفوارغ الرصاص وحدها طاغية على شوارعها وشاهدة على شراسة المعارك المحتدمة، في حين لا توجد أي علامات لوجود مدنيين أو حياة داخل هذه المنطقة حيث دارت اشتباكات عنيفة بين قوات «قسد» ومسلحي «داعش» المتحصنين في السجن، إلا أن الجرافات شقّت طريقها ولوحظ وجود عسكريين من «قوات قسد» تابعوا حملات التمشيط ومتناوبين على حراستها، أما الأصوات الوحيدة التي كانت تُسمَع فهي هدير الطيران الحربي التابع للتحالف الدولي، وأصوات انفجار عبوات ناسفة وأحزمة متفجرة تفككها فرق خاصة بإزالة الألغام.
وسجن الصناعة في حي غويران من بين أكبر مراكز الاحتجاز التي تشرف عليها قوات «قسد»، وكان يضم قبل المعركة نحو 5 آلاف مقاتل حاربوا في صفوف التنظيم سابقاً، بينهم نحو 850 فتى، يعرفون باسم «أشبال الخلافة»، غالبيتهم ألقي القبض عليهم أو استسلموا خلال آخر معركة ضد التنظيم في بلدة الباغوز شرق دير الزور، التي خاضتها قوات «قسد» وقضت على سيطرة التنظيم العسكرية والجغرافية ربيع عام 2019.
وبدأ الهجوم الخميس الماضي 20 يناير (كانون الثاني) الحالي بانفجار صهريج كبير بالقرب من مدخل بوابة السجن الشمالية، تلاه انفجار سيارة مفخخة ثانية على بعد أمتار قريبة، ثم انفجرت في نفس الوقت سيارة ثالثة في محطة محروقات (سادكوب) لتوزيع المواد البترولية الواقعة بالجهة المقابلة للسجن، لينفجر بعدها كثير من خزانات الوقود والسيارات المركونة في المحطة وتصاعدت سحب الدخان وألسنة النار وغطت سماء المنطقة، ولم تتمكن طائرات التحالف الحربي من رصد الإحداثيات أو التدخل جوياً.
وهذه الانفجارات الثلاثة كانت ساعة الصفر لتمرد وعصيان مسلح لعناصر التنظيم المحتجزين في سجن الصناعة ويعد الأكبر والأعنف من نوعه منذ سجن هؤلاء ربيع 2019. وأظهرت كاميرات المراقبة من برج الحراسة التابعة للسجن كيف خرج مئات من المحتجزين من داخل المهاجع، وأضرموا النيران بالقرب من البوابة الرئيسية وهاجموا عناصر الحراسة وقوى الأمن، وقاموا بحرق الأغطية والعلب البلاستيكية لإحداث الفوضى، وسيطروا على أجزاء من السجن الجديد وكتلة الأبنية القديمة وتمكنوا من اقتحام قسم الحراسة وسرقوا جميع الأسلحة والذخيرة، وقاموا بتصفية بعض المقاتلين، كان من بينهم مدير السجن، ويدعى جمال كوباني، وأسر آخرين، يقدر عددهم بنحو 23 رهينة، خرجوا بعد انتهاء العمليات
————————————
مصدر عسكري: “قسد” لم تسيطر على كامل سجن الصناعة والاشتباكات مستمرة في الأحياء
أكد مصدر عسكري، اليوم الخميس، أن “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) لم تسيطر على سجن الصناعة بالكامل حتى الآن، رغم إعلانها يوم أمس السيطرة الكاملة، مشيراً إلى أن الأحياء المحيطة بالسجن تشهد اشتباكات متقطعة وإطلاق رصاص.
وقال المصدر العسكري لموقع تلفزيون سوريا، إن “أكثر من 100 عنصر من تنظيم “الدولة” لم يسلموا أنفسهم بعد واختاروا الاستمرار في القتال حيث ما يزالون يتحصنون في بعض أبنية سجن الصناعة”.
وأضاف أن “قسد” والقوات الأميركية مستمرة بتمشيط أبنية السجن وتعمل على تضييق الخناق على المجموعة المتبقية داخل أحد الأبنية، موضحاً أن “قسد” تراهن على عامل الوقت ونفاد الذخيرة والغذاء والماء لدى عناصر التنظيم المحاصرين وتسليم أنفسهم.
ووفقاً للمصدر، فإن ثلاثة عناصر من تنظيم “الدولة” هاجموا، صباح اليوم، عناصر “قسد” والقوات الأميركية المتمركزة في دوار غويران، خلال مرافقتهم لعدد من الصحفيين، ما أدى إلى مقتل عنصر من “قسد” وإصابة اثنين آخرين، في حين تمكنت “قسد” من قتل اثنين من المهاجمين وأسر آخر.
وما تزال عمليات التمشيط مستمرة في أحياء غويران والزهور وسط اشتباكات متقطعة بين “قسد” وخلايا التنظيم داخل هذه الأحياء، وتشهد المنطقة كذلك تحليقاً لطيران التحالف على علو منخفض دون توجيه أي ضربات، بحسب المصدر.
وأفاد المصدر بأن “قسد” تواصل يومياً اعتقال عناصر من التنظيم ضمن أحياء مدينة الحسكة ممن تمكنوا من الفرار من السجن.
وما تزال “قسد” تفرض طوقا أمنيا في محيط السجن وأحياء غويران والزهور وتمنع الدخول والخروج من الحي لغاية انتهاء عمليات التمشيط.
00.jpg
“قسد” تواصل عمليات التمشيط بعد مهاجمة دورية تابعة لها في الحسكة
وفي وقت سابق من اليوم، قالت “قسد”، في بيان، إنه خلال عملية التمشيط وجمع المعلومات، كشفت قواتها عن جيوب للتنظيم مموهة ضمن المهاجع الشمالية للسجن.
ولفت البيان إلى أن ما بين 60 و 90 من عناصر التنظيم يتحصنون ضمن المهاجع الشمالية ويحاولون الحفاظ على مسافة للاشتباك.
وذكر البيان أن نحو 3500 من عناصر التنظيم المعتقلين الذين شاركوا في الهجوم والاستعصاء في سجن الصناعة، سلموا أنفسهم لـ”قسد” منذ هجوم الخميس الماضي وحتى يوم أمس الأربعاء.
وكانت خلايا “تنظيم الدولة” نفّذت هجوماً واسعاً، مساء الخميس الماضي، على سجن الصناعة، بدأ باستهداف أسوار السجن، الذي يحوي مئات من عناصر التنظيم، بسيارتين ملغّمتين، تبعته اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
وحينئذٍ، خرج عشرات السجناء من مهاجعهم وفرضوا سيطرتهم الكاملة على السجن داخلياً، كما انتشروا في عدة أحياء مع مجموعة من عناصر التنظيم كانت تنتظرهم في الخارج.
—————————
قسد وداعش في لعبة تبادل الأدوار والمصائر/ إبراهيم الجبين
بدلا من الاستسلام لرواية عودة داعش من عالم الموتى الأجدر التفكير في المستفيدين من تلك العودة وما الذي سيترتب عليه قلب الطاولة على ديمقراطية أسستها قسد بالسجون ومقايضة المعتقلين مع حكوماتهم.
ترددت خلال الأيام القليلة الماضية صيغ كثيرة لوصف ما يجري في مدينة الحسكة مركز محافظة الجزيرة السورية والتي تشهد صدامات عنيفة بين قوات قسد التي يهيمن عليها حزب العمال الكردستاني التركي، وسجناء قيل إنهم إرهابيون دواعش، على أن أبلغ تلك التعبيرات كان اشتقاق “بعث داعش” للإشارة إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي كان قد بدأ يعتقد أنه صفحة طويت، إنما يعاد إلى الحياة اليوم بقدرة قادر، لا من تلقاء ذاته.
الدور الوظيفي الذي دعمته الولايات المتحدة وحلفاؤها للفرع السوري لحزب العمال الكردستاني الذي رفع صورة عبدالله أوجلان في كل شبر من المناطق التي سيطر عليها، تركّز في القضاء على داعش وفلوله أينما وجدت. وهي مهمة اعتقد الجميع أنها نفّذت على “طاقين”؛ المرة الأولى في الحرب على داعش الحقيقية، والمرة الثانية في اتهام كل من تمرّد على ما صارت تُعرف بقوات سوريا الديمقراطية بالانتماء إلى داعش، ودعشنة العرب السنة الذين يشكلون غالبية سكانية تتجاوز 90 في المئة مقابل 10 في المئة فقط تشمل الآشوريين والسريان والشيشان والأرمن والتركمان والأكراد في المحافظات الثلاث الرقة ودير الزور والحسكة.
فماذا حدث ليستيقظ التنظيم الإرهابي الدموي من تابوته المُحكم؟ وتحت أعين الحرّاس على الأرض وطيران الولايات المتحدة من السماء؟
اللعبة كلها تبدو غير محترفة، تنقصها الأدوات المقنعة التي سمحت أساسا لبضعة متطرفين دمويين باحتلال قواعد عسكرية كبرى غرب العراق، ثم بالسيطرة على العاصمة الثانية في ذلك البلد؛ الموصل، قبل التوسع وكسر الحدود السورية – العراقية وإقامة محافظات في مساحات هائلة من سوريا. ثم بعد ذلك ترك دولة ذات عملة ووزراء و”خليفة” تنمو وتخلق خطابها الإعلامي والأيديولوجي حتى لم يعد ينقصها سوى الاعتراف الرسمي من دول الجوار وبعض دول العالم، وبعض من هذا حدث تحت الطاولات.
بدلا من الاستسلام لرواية عودة داعش من عالم الموتى، الأجدر التفكير في المستفيدين من تلك العودة، ولماذا الآن؟ وما الذي سيترتب عليه قلب الطاولة
تلت تلك المرحلة مرحلة تحشيد غير مسبوق، تأسس على إثره في العراق حشد شعبي طائفي يقابله في سوريا حشد قومي عنصري كردي، وكان ضحايا هذين الحشدين من الأبرياء والمدنيين والحواضر العربية السنية أكثر بكثير من قتلى داعش وخسائره. وكان الهدف الإجهاز على العرب السنة في البلدين حتى آخر حجر في آخر قرية يمكن تجريفها ونقلها بالكامل مع نسائها وأطفالها إلى معسكرات اعتقال بتهمة أن بعض سكان القرية كانوا من الدواعش.
جرى ذلك بغطاء من التنظير المدفوع مسبقا، اتهم عرب العراق وسوريا بتهمة لم يسمع عنها التاريخ الحديث منذ انهيار الرايخ الثالث في ألمانيا وزوال الأفكار النازية التي تقسّم البشر حسب جيناتهم، فنظّر بعض من استحضرتهم “قسد” لزيارة المناطق التي تحتلها متهمين المجتمع العربي هناك بأنه يعاني مما سموه “النطفة البعثية الداعشية”. ذلك التعبير الذي وصم عرب غرب العراق وشرق سوريا بالقابلية لاعتناق أفكار البعث وداعش والذي نشرته صحيفة “الحياة” السعودية في مواد عديدة كتبها الباحث اللبناني حازم الأمين دون وجل.
تزامن ذلك مع مسح إيراني للطبقات الشعبية الأكثر فقرا وتطبيق برامج التشييع الإجباري وإقامة الحسينيات في قرى صغيرة لم يكد يحفظ أحدٌ من سكان بعضها أكثر من سورة الفاتحة في الماضي، بسبب التجهيل المبرمج والطويل الذي طبقه عليها النظام السوري بحقبتيه، عهد الأب وعهد الابن.
وكلما كان داعش يمعن في دمويته، كان الخطاب العنصري والطائفي يتعالى أكثر، والتركيب الدولي لجيش من أكثر من سبعين دولة يتعاظم. إلى أن تم إعلان القضاء على داعش وقتل زعيمه البغدادي لاحقا، وإقامة الاحتفالات بالانتصار على أنقاض الموصل والرقة ودير الزور.
ومن يرصد الأخبار القادمة من تلك المناطق خلال الشهور الماضية، سيلاحظ خطا بيانيا متناميا يؤشر إلى عمليات تشنها ما سمّيت بـ”خلايا داعش” في البادية، أولى تلك العمليات كان قد قيل إنها نفّذت ضد عناصر الجيش السوري، بين قتل مباشر أو اختطاف.
ماذا حدث ليستيقظ التنظيم الإرهابي الدموي من تابوته المُحكم؟ وتحت أعين الحرّاس على الأرض وطيران الولايات المتحدة من السماء؟
وبمثل ما فوجئ رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي بتحرّك داعش قبل أعوام، فوجئ الأكراد في قسد بتمرّد سجن الصناعة، الذي يضم حسبما أعلنت قسد أكثر من خمسة آلاف معتقل تقول قسد إنهم دواعش. ويضم كما تقول قسد عناصر وقادة، معظمهم من جنسيات عربية وأجنبية، كانت اعتقلتهم خلال الأعوام الماضية.
هذا السجن جزء من منظومة سجون تديرها قسد في المنطقة، مثل سجن “كامب البلغار” في الشدادي، وسجن “الشدادية”، وسجن “ديريك” في بلدة المالكية، وسجن “نافكر”، وسجن “رميلان” في القامشلي، وسجن “الكسرة” في ريف دير الزور، وسجن “الرقة المركزي” في محافظة الرقة، تلك السجون تضم نحو 12 ألف رجل وطفل يشتبه في انتمائهم لتنظيم الدولة الإسلامية، وقرابة 4 آلاف أجنبي من 50 دولة. هذا عدا عن مخيم الهول الرهيب الذي أصبح مسرحا لعمليات بيع وشراء معلنة ومكتومة للمعتقلين تقايضهم قسد بمبالغ مالية مع ذويهم وأعيان وشيوخ القبائل التي ينتمون إليها.
وبدلا من الاستسلام لرواية عودة داعش من عالم الموتى، الأجدر التفكير في المستفيدين من تلك العودة، ولماذا الآن؟ وما الذي سيترتب عليه قلب الطاولة على ديمقراطية كانت قسد تؤسسها بالسجون ومقايضة معتقلي تلك الدول الـ50 مع حكوماتهم، إضافة إلى الصفقات المعقودة بينها وبين نظام الأسد من جهة، وجبل قنديل والإيرانيين من جهة ثانية، وكل ذلك برعاية ودعم أميركي خارج حتى على قوانين ووزارات خارجية ودفاع وخزانة الولايات المتحدة ذاتها التي تصنف حزب العمال الكردستاني تنظيما إرهابيا، ولكن تحت معادلة ضرب الإرهاب بالإرهاب، كان كل شيء مباحا.
قبل أسابيع فقط بث المكتب الإعلامي في قسد اعترافات لمعتقل قيل إنه قيادي في داعش، كشف فيها أن عناصر التنظيم يستعدون لاقتحام سجن الصناعة في الحسكة، وسط جدل كبير يدور في واشنطن حول جدوى بقاء القوات الأميركية في سوريا، وحالة ذعر كردي من انسحاب الجيش الأميركي من سوريا، ما يترك قوات قسد لقمة سائغة بين يدي الأتراك من جهة، والنظام السوري من جهة أخرى، حيث يرفض الأسد أي تفاهم مع الأكراد يتيح لهم الاحتفاظ بكيان عسكري كردي داخل الجيش السوري.
يضاف إلى ذلك ما سوف يترتب على البرهنة على فشل قسد في السيطرة على الأوضاع في المحافظات السورية الثلاث، وفشلها في تأسيس علاقات مدنية مع بقية المكونات فيها، لاسيما الغالبية العربية من السكان، وفشلها في إدارة ملف داعش وإغلاقه تماما، كل ذلك سيكون له استثماره في الأيام القادمة، وبداية ذلك هو سحق كل حالة مدنية ممكنة في المنطقة وإلحاق الحسكة بشقيقاتها من المدن المدمّرة، تدمير بدأه الطيران الأميركي قبل خمسة أيام بدك جامعة المدينة وكلية الاقتصاد ومدرجات الهندسة المدنية ومعهد المراقبين الفنيين فيها وتسويتها بالأرض في طريق الحرب على داعش، ما أدى إلى نزوح أكثر من 3500 أسرة تركت منازلها هربا من كثافة النيران التي تصبها قوات قسد وقوات داعش التي باتت تملك بين ليلة وضحاها ترسانة تستحق مواجهتها كل تلك القوة النارية من الأرض والسماء.
كاتب سوري
العرب
——————–
غويران:قسد تطارد الدواعش..داخل السجن وخارجه
لا تزال قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تلاحق العشرات من الإرهابيين المتحصنين داخل سجن الصناعة في الحسكة، بينما تقوم بتمشيطه غداة استعادتها السيطرة عليه من مجموعة تابعة لتنظيم “داعش” هاجمته قبل نحو اسبوع.
وأدت عملية اقتحام السجن الواقع والاشتباكات التي تلته إلى وقوع أكثر من 200 قتيل. وشكّل هذا الهجوم “أكبر وأعنف” عملية ل”داعش” منذ أن سقطت قبل نحو ثلاث سنوات “دولة الخلافة” التي أقامها وفقدانه مساحات واسعة كان يسيطر عليها في سوريا.
وأعلنت قسد أنها استعادت الأربعاء “السيطرة الكاملة” على سجن الصناعة في حي غويران منهية معارك استمرت ستة أيام تحولت خلالها كبرى مدن شمال شرق سوريا إلى ساحة حرب.
لكنّ عمليات التفتيش عن متوارين أظهرت أن “ما بين 60 و90 من المرتزقة يتحصنون” في قسم من مبنى السجن، بحسب “قسد” التي أكدت في بيان، أن نحو 3500 من المهاجمين والسجناء التابعين للتنظيم استسلموا لها حتى الآن. وأضاف البيان “قواتنا وجهت نداء الاستسلام الآمن لهؤلاء، حيث ستتعامل معهم بكل حزم في حال عدم الاستجابة”.
وشهدت الحسكة في الغضون حظر تجوّل لليوم الرابع توالياً، وأقفلت القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة كل منافذ المدينة بهدف الحؤول دون خروج عناصر التنظيم منها وانتقالهم إلى مناطق أخرى.
ودفعت الاشتباكات نحو 45 ألف شخص الى الفرار من منازلهم في مدينة الحسكة، وفق الأمم المتحدة، ولجأ عدد كبير منهم إلى مساجد أو صالات أفراح في المدينة.
وتجمع عدد من السكان الخميس أمام حاجز عند مدخل حي غويران حيث تقع بيوتهم، يحاولون إقناع قوات الأمن بالسماح لهم بدخوله، بحسب وكالة “فرانس برس”.
وقال أحد المواطنين الذي كان ينتظر وسط الصقيع مع أطفاله الخمسة: “جئنا لنتفقد بيوتنا”. وأضاف “لكنهم ابلغونا أن الوضع غير جيد، وقالوا لنا: عودوا أدراجكم الآن، وعندما يهدأ الوضع تعالوا”.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن “عملية تمشيط السجن (التي تنفذها القوات الكردية) تجري بحذر شديد خوفاً من وجود انتحاريين أو ألغام وضعها عناصر التنظيم”.
وأوقعت الاشتباكات منذ بدئها الأسبوع الفائت نحو 156 قتيلاً من عناصر التنظيم و55 من القوات الكردية، إضافة الى سبعة مدنيين، بحسب حصيلة جديدة أعلنها المرصد.
ورغم إصرار السلطات الكردية على أن أي سجين لم يفرّ من السجن، أشار المرصد إلى هروب عدد كبير من السجناء بعد الهجوم.
أزمة أوسع
وكان سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة يضم نحو 3500 معتقل منتمين إلى التنظيم، بينهم نحو 700 من القصّر، قبل تعرّضه لهجوم التنظيم الذي بدأ بتفجير شاحنتين مفخختين يقودهما انتحاريان.
وحذرت منظمة هيومن رايتس ووتش من أن “استعادة القوات التي يقودها الأكراد السجن تنهي المحنة القاتلة الحالية، لكنّ الأزمة الأوسع التي تتعلق بهؤلاء السجناء لم تنته بعد”.
وأضافت في بيان، أن “على التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والأطراف الأخرى المعنية التأكد سريعاً من أن جميع السجناء بأمان، وخصوصاً الجرحى والمرضى والأطفال، ومن أنهم يحصلون على الطعام والماء والرعاية الطبية”.
وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية أن السجناء يُنقلون “الى مكان آمن”، فيما عملياتها في سجن غويران ومحيطه “مستمرة وستستمر”.
ومنذ إعلان القضاء على التنظيم، تطالب الإدارة الذاتية ذات الإمكانات المحدودة، الدول المعنية باستعادة مواطنيها المحتجزين في سجون ومخيمات أو إنشاء محكمة دولية لمحاكمة السلفيين في سوريا. لكن مناشداتها لا تلقى آذاناً صاغية. واكتفت فرنسا وبضع دول أوروبية باستعادة عدد محدود من الأطفال اليتامى.
ودأبت السلطات الكردية على التحذير من أنها لا تتمتع بالقدرة الكافية على احتجاز الآلاف من مقاتلي التنظيم، ناهيك بمحاكمتهم.
وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا غير بيدرسن الخميس أمام مجلس الأمن، رداً على سؤال عن الهجوم: “أعتقد أننا يفترض ألا نكون فوجئنا، فنحن نحذر من هذا الأمر منذ مدة طويلة”.
ورأى مسؤول هيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية عبد الكريم عمر أن على المجتمع الدولي محاكمة عناصر التنظيم الأجانب أو إعادتهم إلى دولهم. وقال ل”فرانس برس”: “هذه القضية مشكلة دولية وليس بإمكاننا مواجهتها لوحدنا. هي أشبه بكرة نار تكبر وتزداد خطورة”.
المدن
—————————
عودة “داعش”: هل تجد بيئة حاضنة مجدداً في العراق؟/ منتظر الخارسان
استراتيجية تنظيم “داعش” في الوقت الحاضر اختلفت عن السابق إذ لا يبدو أن التنظيم قادر على الإمساك بالأرض او السيطرة على المدن، بل هو يعمل على تصعيد العمليات العسكرية ضد القوات الأمنية والقرى والأرياف.
زادت في الفترة الأخيرة هجمات تنظيم “داعش” في مناطق شمال وشمال شرقي العراق، وهي مناطق لم تشهد استقراراً أمنياً منذ معارك التحرير، إذ يتخذ التنظيم الإرهابي من تلك المناطق الجبلية والوعرة والمفتوحة، مكاناً للانطلاق نحو أهدافه المحددة. وتستخدم القوات الأمنية العراقية، لغرض مطاردة عناصره، الغطاء الجوي، وعادة ما يتم استخدام عنصر المباغتة عبر معلومة استخبارية يتم الحصول عليها من خلال الاعترافات التي تنتزع من بعض القيادات او الأشخاص المتعاونين مع التنظيم.
هذه المعارك المتقطعة بدأت تشكل انعكاساً سلبياً على قاطني مناطق العظيم وغيرها القريبة من جبال حمرين وحتى الحدودية مع إيران والقريبة من سنجار وتلعفر، إذ يصفها الاهالي بـ”المكان العسكري غير المشجع على الاستقرار والعودة إلى الحياة الطبيعية”.
استيقظ عبد الله داود الخفاجي فجراً على نبأ مقتل ابنه الوحيد في منطقة العظيم، بعدما كان يحدثه قبل ساعات قليلة شاكياً له ضعف بصره وحاجته إليه، إلا ان عبد الله، الجندي في الجيش العراقي، كان يشعر على ما يبدو بدنو أجله، خصوصاً مع وجوده في منطقة يعرف خطرها جيداً. يقول والده انه سمع في صوته شيئاً من اليأس ومن التنبؤ بقرب الأجل. عبدالله الخفاجي كان واحداً من بين 11 جندياً قتلهم عناصر “داعش” في هجوم حاولوا صده لساعتين، ولم يحصلوا على أي دعم بري او جوي.
يبدو الخوف واضحاً على وجوه المواطنين في المناطق القريبة من مكان الهجوم، وقد عادت إلى الأذهان صور احتلال التنظيم ثلاث محافظات عام 2014، ما اضطر آلاف العراقيين إلى النزوح نحو أماكن يجدونها أكثر أماناً.
زادت في الفترة الأخيرة هجمات تنظيم “داعش” في مناطق شمال وشمال شرقي العراق، وهي مناطق لم تشهد استقراراً أمنياً منذ معارك التحرير.
محمد عبد الله من سكان العظيم يرى أن المنطقة ومحيطها لم يشهدا أي نوع من الاستقرار منذ هزيمة “داعش”، وأصبح المكان أشبه بساحة معركة دائمة، مع حدوث هجمات متكررة ضد الجيش أو استهداف القرى وقتل سكانها ما دفع بالأهالي إلى حمل السلاح والتناوب على حراسة بيوتهم وبساتينهم وقراهم. لكن العبدالله سوف يشدّ الرحال إلى النزوح إذا استمر الأمر على ما هو عليه.
عبد الله سلمان يرى أن القوات الأمنية الموجودة في المنطقة غير كافية من حيث العدد فضلاً عن عدم قيام عناصرها بدوريات تمشيط للمنطقة بشكل مستمر، وهو أمر لا يطمئن سكان المناطق التي تشهد تعرض القوى الأمنية للاستهداف، فيما تعجز عن الردّ او الردع.
أستاذ العلوم السياسية نجم طارش يشير إلى أن استراتيجية تنظيم “داعش” في الوقت الحاضر اختلفت عن السابق إذ لا يبدو أن التنظيم قادر على الإمساك بالأرض او السيطرة على المدن، بل هو يعمل على تصعيد العمليات العسكرية ضد القوات الأمنية والقرى والأرياف، حيث يعتاش الأهالي من الزراعة وتربية المواشي، وهذه الهجمات كافية لإشعار الجميع بالخوف وعدم الاستقرار.
يرجّح طارش أن يعود سيناريو 2014 أي مشاهد النزوح إذا لم تجد القوى الأمنية حلولاً فعلية لهجمات التنظيم، وكذلك “محاربة الشائعات التي بدأت تسيطر على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تحاول إثارة النعرات الطائفية أو خلخلة الوضع الأمني”. ويحمل طارش الخسائر إلى الفساد الذي ينخر القطاعات العسكرية، من خلال “بيع” بعض المناصب أو منح إجازات استراحة للجنود مقابل الأموال، ووصل الأمر ببعض القطاعات بحسب الطارش إلى بيع كميات الوقود والاطعمة الشحيحة المخصصة للجنود، الذين يعانون الأمرّين في مناطق الاشتباك مع “داعش”.
رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي دعا في تغريدة إلى تسليح العشائر وسكان المناطق وتدريبهم، لصد هجمات “داعش” وملاحقة عناصره الفارين.
في المقابل، يجد الباحث نجم القصاب أن عودة سيناريو 2014 صعب جداً، نتيجة ما عاناه أبناء المناطق المحتلة من التنظيم وتجاربهم القاسية مع فترة حكمه المتشدد، وبالتالي لن يكون هناك بيئة آمنة للتنظيم في هذه المناطق، ويضع الهجمات الأخيرة في خانة “الخروق الأمنية التي قد تحدث حتى في أكثر الدول المستقرة أمنياً”.
رئيس “مركز بغداد للدراسات” مناف الموسوي يرى أن هذه الخروق تخدم سردية بعض الفصائل المسلحة التي تستخدمها للقول بضرورة وجودها لردع “داعش”، وذلك لتعويض الخسائر التي منيت بها في الانتخابات، فيما يدفع المواطن وحده الفاتورة.
الخبير الأمني فاضل أبو رغيف يلفت إلى أن أحداث محافظة ديالى تشتدعي إعادة النظر بالخطط الأمنية والاستخبارية والميدانية فضلاً عن نصب كاميرات حرارية، مشيراً إلى أن الهجمات التي شنها “داعش” ما بين عبوة ناسفة وسيارة مفخخة تجاوز عددها الـ1000 خلال العام الماضي 2021.
تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع صوتية لأشخاص يدعون أنهم حصلوا على معلومات مؤكدة حول عودة قوة التنظيم بشكل أكبر وأنه سيشن هجمات أخرى على مناطق القيروان وسنجار والعظيم وغيرها من القرى.
هذه الصوتيات التي تم تناقلها أثارت الهلع في صفوف القوات الأمنية والمواطنين، واضطرت وزير الدفاع العراقي جمعة عناد إلى الخروج بكلمة صوتية تفند المعلومات المتناقلة، واصفاً إياها بـ”الحرب النفسية”، مؤكداً أن قدرات تنظيم “داعش” الحالية لا تقارن بعام 2014، عازياً حادثة العظيم إلى تقصير أمني سيتم العمل على علاجه.
أكد عناد في بيانه الصوتي أن الخلايا النائمة لتنظيم “داعش” قليلة ومن دون تسليح وما يملكونه حقاً لا يتجاوز بندقية الرشاش والقناص وأن الحدود العراقية مع سوريا ممسوكة من قبل القوات الامنية.
———————
معركة سجن الحسكة.. مصير مجهول لـ700 طفل من “أشبال الخلافة“
منذ أن تم احتجازهم قبل أكثر من ثلاث سنوات، يقبع حوالى 700 فتى تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاما، من أبناء داعش، داخل سجن في شمال شرق سوريا، وذلك بعد معارك قادتها مليشيات كردية والتحالف الدولي من أجل التصدي لمقاتلي التنظيم الإرهابي، بحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”.
والأربعاء، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) عن استعادتها السيطرة على سجن الصناعة (غويران) في مدينة الحسكة (شمالي شرق البلاد) بالكامل واستسلام جميع عناصر “داعش” المتواجدين فيه، بعدما تمكنوا من اقتحامه والتمركز داخله لستة أيام.
وشارك أكثر من مئة من مقاتلي التنظيم الموجودين داخل السجن وخارجه، في هجوم منسّق بدأ مساء الخميس على المرفق الذي تشرف عليه الإدارة الذاتية الكردية في مدينة الحسكة، في عملية تعد “الأكبر والأعنف” منذ إعلان القضاء على التنظيم في سوريا قبل ثلاث سنوات.
لكن مصير مئات الأولاد الذين أخذهم داعش رهائن واستخدموا كدروع بشرية لا يزال مجهولا، وفقا للتقرير.
وهؤلاء الأولاد من بين عشرات الآلاف من الأطفال المحتجزين في السجون ومعسكرات الاعتقال في شمال شرق سوريا، لأن ذويهم ينتمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية.
وتقول قوات سوريا الديمقراطية، التي تدير السجن، إن علاقات الأطفال بالدولة الإسلامية تجعلهم خطرين.
كما انتقدت الحكومات الأجنبية لرفضها إعادة مواطنيها المحتجزين في المعسكرات والسجون، بمن فيهم الأطفال. لكن عمال الإغاثة والمدافعين عن حقوق الإنسان يقولون إن احتجاز الأطفال يمكن أن يغذي التطرف الذي تقول السلطات التي تحتجزهم إنها تريد منعه.
بدوره، يؤكد فيكتور نيلوند، ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في سوريا، أنه “بموجب القانون الدولي، يجب أن يكون احتجاز الأطفال هو الملاذ الأخير، فهم ضحايا لظروفهم”
في المقابل، يقر فرهاد شامي، متحدث باسم قوات قسد، بأن الطوابق العليا من هذا المبنى هي عنبر الأطفال الذي يصل عددهم إلى 700، ولكنه لا يعلم إذا أدت المعارك الأخيرة لسقوط قتلى بينهم.
من جهتها، نقلت ليتا تايلر، مديرة إقليمية في منظمة “هيومن رايتس ووتش” عن رجلين وصبي داخل السجن، قولهم إنهم رأوا العديد من القتلى والجرحى من الأولاد.
وأوقعت الاشتباكات المستمرة منذ الخميس داخل السجن وفي محيطه 181 قتيلا، وفق آخر حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان، 124 منهم من عناصر التنظيم و50 من القوات الكردية، إضافة إلى سبعة مدنيين.
تزايد هجمات داعش في سوريا والعراق خلال الأسابيع الأخيرة
“يغير حسابات المعركة”.. جيل جديد “أصغر سنا” من مقاتلي داعش
بعد الهجوم اللافت لداعش على سجن غويران في الحسكة، وسلسلة ضربات ضد الجيش العراقي، وشريط فيديو مروّع يظهر ذبح ضابط شرطة عراقي، تتزايد الدلائل على عودة ظهور التنظيم في سوريا والعراق يومًا بعد يوم، بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من خسارته لآخر رقعة من أراضي ما يسمى ب”الخلافة”.
وأفادت تايلر عن نفاذ الطعام والماء بشكل كامل داخل السجن.
وتعود جذور أزمة الاعتقال في شمال شرق سوريا إلى انهيار ما يسمى بخلافة الدولة الإسلامية، والتي امتدت إلى سوريا والعراق.
ويعيش عشرات الآلاف من الأطفال، معظمهم من السوريين والعراقيين، في معسكرين رئيسيين في المنطقة، إلى جانب آلاف الأطفال من جنسيات أخرى، بحسب ما قاله أرديان شاكوفتشي، مدير المعهد الأميركي للاستهداف والقدرة على الصمود لمكافحة الإرهاب، الذي بحث في هذه القضية.
وأضاف شاكوفتشي أن “هناك حوالي 700 طفل في سجن الحسكة ونحو 35 في سجن آخر في مدينة القامشلي، ومعظمهم من السوريين والعراقيين، لكن هناك 150 من الأجانب”.
ويطلق على جميع الأولاد في السجن اسم “أشبال الخلافة” ، وهو الاسم الذي استخدمه داعش للأطفال المدربين على القتال، بحسب شامي.
واعترف نيلوند من اليونيسف أن بعض الأولاد كان بإمكانهم لعب أدوار في القتال، لكنه قال إنه كان من الصعب تحديد خلفية كل طفل وأن بعضهم كانوا أصغر من أن يقاتلوا.
وحذر نيلوند من أن “هؤلاء الأطفال معرضون لخطر شديد بالسقوط كأهداف في مرمى النيران وربما إعادة تجنيدهم أو تجنيدهم لأول مرة وينتهي بهم الأمر في أيدي داعش”.
وتواصل قوات سوريا الديقراطية وقوات الأمن الكردية (الأساييش)، الأربعاء، وفق المرصد، “عمليات التمشيط والتفتيش ضمن مهاجع في السجن” ومحيطه.
وجددت الإدارة الذاتية الكردية مطالبتها المجتمع الدولي بالتدخل سريعا لتقديم الدعم من أجل الحؤول دون إعادة تنظيم الجهاديين لصفوفهم.
وقال مسؤول هيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية، عبد الكريم عمر، لفرانس برس، الأربعاء، إن “هذه القضية مشكلة دولية وليس بإمكاننا مواجهتها لوحدنا”.
وطالب المجتمع الدولي بـ”دعم الإدارة الذاتية لتحسين الظروف الأمنية والإنسانية للمحتجزين في مراكز الاعتقال والموجودين في المخيمات المكتظة”.
الحرة / وكالات – دبي
————————-
تعقيدات تطفو على السطح بعد إنهاء “قسد” هجوم غويران
أعلنت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) سيطرتها على سجن غويران جنوبي الحسكة، أمس الأربعاء، لتنهي بذلك العملية المباغتة التي نفذها تنظيم “الدولة الإسلامية”، والتي أثارت تساؤلات كثيرة حيال العملية وكيفية تنفيذها ونتائجها.
وطرح هجوم التنظيم على محيط السجن في 20 كانون الثاني/ يناير الحالي، والتنسيق مع السجناء داخله، وما تبعه من استعصاء على مدى الأيام الست الماضية، تساؤلاً حول أعداد الفارين من السجن، ومدى خطورتهم والأماكن التي كانوا يشغلونها في التنظيم.
إعلان “قسد” السيطرة على السجن تبعه إعلان آخر باكتشاف ما بين 60 إلى 90 من عناصر التنظيم في جيوب مموهة ضمن المهاجع الشمالية للسجن، إضافة إلى اشتباكات في أحياء الزهور والفيلات الحمر جنوبي الحسكة.
من فر وإلى أين؟
وشكلت حالة التخبط الأمني في اليوم الأول من هجوم التنظيم، فرصة لفرار بعض عناصره، الذين استطاعوا التسلل إلى خارج السجن مبكراً.
ونقلت صحيفة “القدس العربي” عن مصادر لم تسمها، أن أبرز الشخصيات التي استطاعت الفرار خارج الحسكة، هي الشرعي “أبو دجانة”، الذي كان أحد القياديين في تنظيم “القاعدة” قبل توليه مهاماً في تنظيم “الدولة” بمحافظة الرقة شمالي سورية.
كما فر القيادي العسكري في ريف حلب الشرقي سابقاً “أبو حمزة شرقية”، وهو أحد المعتقلين في معركة الباغوز عام 2019.
وحسب الصحيفة استطاع عدد من القياديين الوصول إلى حي الزهور، حيث كانت تنتظرهم سيارة، وجرى تأمين طريق لهم خارج مناطق سيطرة “قسد”.
والمجموعة الفارة، حسب مصادر الصحيفة، فيها عناصر من جنسيات عراقية وسورية، ويصل عددهم إلى 35 سجيناً، تمكنوا سابقاً من تهريب هاتف محمول بالتعاون مع أحد الحراس.
فيما اتجه سجناء آخرون إلى البادية، حيث تنتشر خلايا التنظيم، وتعد منطلقاً لعملياته ضد “قسد” وجيش النظام.
ونقلت الصحيفة عن مصدر عسكري تابع لـ”قسد” أن مفاوضات جرت بين “قسد” والتنظيم وتم الاتفاق على “إطلاق سراح نحو 200 من عناصر التنظيم تم تسريبهم إلى البادية، مقابل الإفراج عن 23 عنصراً من قسد”.
كما تحدثت مصادر أخرى عن وصول عناصر فارين إلى ريفي الرقة ودير الزور.
ويضم سجن غويران الآلاف من معتقلي التنظيم وعائلاتهم، ويعتبر من أضخم سجون “قسد” في مناطق شرق سورية، ويقع بالقرب من الأحياء السكنية لمدينة الحسكة، قرب منطقة مفتوحة.
وقتل خلال الأيام الماضية حوالي 200 عنصر من التنظيم، و30 من عناصر “قسد” وحراس السجن.
العراق متخوف ويعد خططاً جديدة
وتتمركز خلايا التنظيم بعد سقوط بلدة الباغوز آخر معاقله في آذار 2019، في البادية السورية امتداداً إلى الأراضي العراقية.
ويشترك العراق مع سورية بطول حدود يصل إلى حوالي 610 كيلو متراً، عمل العراق خلال الأعوام الأربع الماضية على تحصينها لمنع تسلل عناصر التنظيم.
ودفعت أحداث سجن الصناعة إلى مخاوف عراقية لتسلل عناصر من التنظيم إلى العراق، ما دفع برئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، إلى زيارة الحدود، وتوجيهه القوات الحدودية بتشديد الاحتياطات.
كما قال المتحدث باسم الحكومة العراقية، حسن ناظم، الثلاثاء الماضي، إن مجلس الوزراء وافق على تمويل وزارة الداخلية للشروع ببناء حاجز خرساني على الحدود السورية، لكن لم يوضح أي تفاصيل عن موعد وآلية التشييد.
——————————
الحسكة.. استمرار معاناة نازحي “غويران” و”الزهور” بعد انتهاء معركة سجن “الصناعة“
استمرت حركة نزوح أهالي حيي “الزهور” و”غويران” جنوب الحسكة لليوم السادس على التوالي حتى قبيل انتهاء المعارك وإعلان “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) استعادة السيطرة على سجن “الصناعة” مع استمرار العمليات الأمنية في الحيين، حيث تفرض القوات المدعومة من التحالف الدولي قيودا أمنية مشددة.
يقول “مروان العايد” “شاهدنا عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” في اليوم الأول، وهم يتجولون في حي “غويران”، حيث قتلوا أحد عناصر “قسد” نحرا وأطلقوا النار في الهواء، ليتراجعوا بعد ساعة، قبل أن تداهم ميليشيات “قسد” الحي لتنفيذ حملة تمشيط للمنازل بحثا عن عناصر التنظيم الفارين من السجن.
يضيف العايد: “أجبرنا على الخروج من منزلنا بطلب من عناصر قسد للتفتيش رغم مرض والدتي”، مضيفا “كان يجب على المنظمات الإنسانية والمنظمات الدولية الدخول للحي وإجلاء الحالات الإنسانية”.
وأشار إلى أن الأهالي في المنطقة القريبة من دوار “غويران شرقي” كانوا محاصرين في منازلهم نتيجة احتدام الاشتباكات ووجود حالات قنص بين الطرفين في الأيام الأولى وبسبب عمليات التمشيط بعد تراجع حدة المواجهات رغم وجود ممر إنساني، وذلك بسبب القرب من سجن “الصناعة” مركز الحدث.
*قسد منعت دخول النازحين
يقول “سليمان الأحمد”، أحد النازحين، إنه غامر بالخروج مع زوجته في وقت كان القناصون يستهدفون أي حركة وقد شاهد بعض الجثث مرمية على الطرقات أثناء المغادرة.
ويستدرك: “لكن فضلت الخروج خشية توسع المعركة ووصول القصف إلى المنزل”.
ونوه إلى منع حواجز “قسد” عند جسر “البيروتي” على نهر الخابور خلال اليوم الثاني من المواجهات مئات العوائل من الدخول إلى الأحياء الشمالية بحجة الخوف من تسلل عناصر التنظيم، قبل أن تسمح فقط للنساء والأطفال وكبار السن والمرضى بعد تدخل فرع الهلال الأحمر تعهده بنقل المحتجزين إلى الصالات الخاصة (عالبال وباب الحارة) وسط المدينة، والمساجد وبعض المدارس)، التي تحولت لمراكز إيواء لنحو 3900 عائلة 6 منها مراكز رسمية، حسب بيانات حكومة النظام.
ويواجه العالقين في حيي “غويران” و”الزهور” أزمة شح المواد الغذائية والمياه في ظل استمرار فرض حظر التجوال وتدمير عدد كبير من الأبنية والمنازل السكنية بالقصف الجوي للتحالف، ولهذا استمرت حركة النزوح في اليوم السادس نحو الأحياء الشمالية من المدينة حتى محاصرة عناصر التنظيم مجددا داخل السجن، ثم إعلان السيطرة عليه عقب تسليم السجناء أنفسهم لمسلحي “قسد”.
بدوره، “أيمن” أحد النازحين من حي “الزهور”، يقول: “أنا وعائلتي نزحنا منذ اليوم الأول للهجوم إلى وسط المدينة، ولم نجد مأوى لنا، لهذا اضطررنا للمبيت في أحد الأبنية المهجورة، بينما باتت بعض العائلات في العبارات (قساطل مياه كبيرة) بسبب البرد القارس بسبب ضعف استجابة الجمعيات والمنظمات مقارنة بموجة النزوح الكبيرة”.
وأضاف الرجل: “في اليوم التالي بدأت مبادرات لأهل الخير بفتح صالات الأفراح والأقبية والمساجد للنازحين وتقديم المساعدة لهم”.
ويسود القلق والخوف أوساط سكان مدينة الحسكة، من تجدد المواجهات في أي وقت وبأي بقعة من المدينة نظرا لفرار أعداد كبيرة من عناصر التنظيم الذين قد ينفذون عمليات وتفجيرات ضد “قسد” في الأحياء الأخرى.
*45 ألف نازح
أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، قبل يومين أن “ما يصل إلى 45 ألف شخص نزحوا من منازلهم إلى أحياء أخرى من مدينة الحسكة، منذ بدء هجوم التنظيم على سجن “غويران” في الحسكة مساء الخميس.
وفي هذا السياق، قال “كريستوف مارتن”، رئيس بعثة اللجنة الدولية في سورية: “مع انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في شمال شرق سورية، إنهم يشعرون بقلق بالغ إزاء وضع الأشخاص الذين اضطروا إلى الفرار من ديارهم والذين يحتاجون إلى المأوى والغذاء والمياه والخدمات الصحية، وقبل كل شيء إلى بيئة آمنة تحتضنهم”.
ويدير الهلال الأحمر السوري بدعم من اللجنة الدولية خدمات الإسعاف وساعد في إجلاء العديد من العائلات وإيوائها في مجتمعات مُضيفة أو ملاجئ مؤقتة، وجرى توزيع المياه ومئات المستلزمات المنزلية الأساسية في مناطق تجمّع النازحين.
كما تبرعت اللجنة الدولية بإمدادات طبية لعيادة متنقلة لدعم العائلات النازحة.
وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أن “ما يصل إلى 45 ألف شخص نزحوا من منازلهم إلى أحياء أخرى من مدينة الحسكة، منذ بدء هجوم التنظيم على سجن “غويران” في الحسكة مساء الخميس.
—————————-
انتهاء الهجوم الميداني لعناصر داعش في الحسكة/ عمار جلو
مضى الهجوم الميداني لعناصر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” على سجن غويران في الحسكة، ليحلّ محله هجوم إعلامي وسياسي حول المستفيد والمخطط الخفي للعملية، في ظل الإنكار المستمرّ لوجود التنظيم واقعياً وخروجه عن دائرة التصنيع المخابراتي، رغم اختراق الأخير للتنظيم.
من حركة التوحيد والجهاد إلى الدولة الإسلامية في العراق والشام، خطى التنظيم المتحوّر خطوات سريعة ومتّئدة في صعوده وتربعه على عرش الجهاد العالمي، مستفيداً من الغزو الأمريكي للعراق بدايةً لوضع الخطوات الأولى في بلاد الرافدين، ومن الخطى التكتيكية لدول الجوار العراقي الراغبة في رفع أثمان الغزو لتحصين نفسها من المصير ذاته، ولاحقاً من ممارسات الساسة العراقيين في الحكم.
عزّزت الطبقة السياسية العراقية تأكيد الهوية التي تبنّاها التنظيم (الهوية السنية) من خلال ممارساتها الطائفية، ما منح التنظيم خزان الإمداد البشري والمالي/ اللوجستي، والتي لم يحلم التنظيم بالوصول لهما لولا ممارسات الساسة العراقيين، إذ وصل عديده قرابة 22000 عنصر عام 2006-2007، تضاءل لقرابة الألفي عنصر عام 2010 بعد محاربته من قبل ما سمي بـ”الصحوات”. ومع انطلاق الثورة السورية وخروج مناطق عدة عن سيطرة النظام الأسدي، انتعش التنظيم وعادت له فرصة الحياة مجدداً، فدخل الساحة السورية تحت مظلة النصرة لأهل الشام، ورفد العفو الذي أصدره رأس النظام السوري خريف 2011 وربيع 2012، التنظيم وأشباهه من التنظيمات “الجهادية” بالعديد من القادة التي شكلوا فيما بعد فصائل محسوبة على الثورة، إلا أنها تدور في فلك “الجهاد العالمي والمحلي” على الأرض السورية، وجاء العفو الأسدي ضمن مساعي النظام الأسدي بإلصاق التطرف والطائفية بالثورة السورية لقطف ثمارها، وتم له ذلك عام 2015، مع تشكيل التحالف الدولي لمحاربة داعش وتحول الاهتمام الدولي من دعم الثورة إلى محاربة التطرّف، لا سيما مع امتناع العديد من الفصائل المحسوبة على الثورة في التأطر كقوات رديفة على الأرض للتحالف المذكور، فيما انخرطت قوات حماية الشعب الكردية ضمنه ونالها ما نالها من عطائه، إضافة لتصنيفها كحليف موثوق لدى واشنطن.
سقطت “الخلافة المزعومة” في الباغوز، إلا أنّ التنظيم لم ولن يسقط، في ظلّ الإنكار المستمر لحقيقة ولادته بيننا ومصاهرات جمعتنا بأشخاصه دون أن نعلم عنهم سوى ألقابهم، بالإضافة للجذر الأساسي لظهور التنظيم القائم على تيار ديني يسعى للي عنق النصوص وراء مكاسب سياسية أو دنيوية/سلطوية في منطقة شلّتها المظلومية الطائفية من حكم أقلوي أو حكم طائفي في دول لم تبلغ فيها الهوية الوطنية حد التصلب. ومنذ سقوط “الخلافة المزعومة” عام 2019، حتى الآن، ما يزال التنظيم ينحى المنحى التصاعدي لعملياتيه في البادية السورية، دون النظر لها كمؤشر لعودة التنظيم بعد انتكاسته، فيما أشارت تصريحات غربية، ومنها وزيرة الدفاع الفرنسي، إلى عودة مرجحة للتنظيم، وهي تصريحات قد يستخدمها أنصار المؤامرة لتعزيز رؤيتهم بدل قراءتها في سياقها الطبيعي لقراءة المعطيات والنتائج.
في عملية يمكن وصفها بالنوعية، قام التنظيم بالهجوم على سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة، من خلال مجموعة من عناصره، وبعد عملية تخطيط صاحبها اختراق أمني لقوات “قسد”، والتي يقع السجن والمنطقة تحت سلطتها، واستمرّت المعركة عدة أيام، استطاعت قوات “قسد” بالتعاون مع قوات التحالف الدولي من كسبها وإعادة السيطرة على السجن، دون معلومات دقيقة عمن فرّ من الآلاف الخمسة لعناصر داعش المتواجدين فيه، فيما تشير بعض الأخبار عن تهريب 800 عنصر خلال العملية، إلا أن المثير في الأمر قبل صمت الرصاص، أزيز الآراء والأقلام بتحميل هذا الطرف أو ذاك مسؤولية الحدث، في حياكة لفسيفساء المؤامرة في منطقة متخمة بأحاديث المؤامرة تبرّؤاً لذاتها أو تسطيحاً لمشاكلها.
لا يغيب عن نظر الناظر ما مثّلته أحداث غويران من فشل أمني لدى قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، غير أن الفشل والاختراق والقصور موجودة لدى الدول، فحتى الولايات المتحدة الأمريكية كان بأدراج أحد المسؤولين الأمنيين فيها ما يشير لقيام القاعدة باستهدافهم، في أيلول/ سبتمبر عام 2001، كما ورد بكتاب البروج المشيدة، دون القيام بأي فعل لمنعه، ضمن مسار الصراعات الموجودة في مجتمع الاستخبارات الأمريكية، وما يفرضه من عدم تنازل البعض للبعض في الصلاحيات أو التزويد وإتمام بالمعلومات. وهو ما تعانيه “قسد” في ظل الانقسام البيني لجناحي قنديل وسوريا في صفوفها. إن الفشل الأكبر الذي مُنيت به قوات “قسد” لا يتأتى من الاختراق الأمني بقدر ما يتأتى من عجزها عن استيعاب المكونات القومية والإثنية للمجتمع المحلي، وهو ما يجعلها قوة غير مستقرة، وخاضعة للعديد من الهزّات والاختراقات بحكم صراعاتها البينية وعدم استيعابها لمحيطها الديمغرافي.
تتقاذف أطراف حكومية وغير حكومية الاتهامات المتبادلة فيما بينها بالوقوف خلف العملية، يضمها البعض للامتياز الإيراني، ويحيلها الآخر إلى جهود النظام وروسيا لغايات لا تخفى على أحد، وتلقي “قسد” بها على عدوها التاريخي، فيما ترجح أنقرة إفادة “قسد” من العملية، ولو وقفنا وراء التهم المتبادلة لكان لها جميعها من الحجج ما يؤيدها، ولكن لا تسعنا ظروف الحال والمقال لتفنيدها ونقضها، ولكن ما يجب ذكره هو ما تناساه الجميع أو أنكروه من استقلالية “داعش” ومهارته في التلاعب على تناقض المصالح الفئوية والدولية في منطقة ترقد على براميل من بارود الشحن الطائفي والمصالح الضيقة والمتصادمة مع الآخرين جميعاً، ما كرّس لديها نظرية التحالف مع الشيطان كأحد الأدوات السياسية لدول الإقليم والدول القادمة إليه. وهو متنفس “داعش” وهامش الحرية والنشاط لعملياتها وصعودها، بما أتقنه في هذا المضمار منذ النشأة الأولى وفرض آراء الزرقاوي على بن لادن نتيجة إدراك الأول لحسابات المصالح وأثرها.
يمكن أن تستفيد عدة جهات من عملية اقتحام سجن غويران، إلا أنّ ذلك لا يعني أنها وراءه، فلا حاجة لقوات قسد بتمثيلية تُظهر نفسها فيها كطرف مخترق حتى تستجر الدعم المتوفر أصلاً، ولا عودة عن حكومة عراقية خارجة ولو قليلاً عن العباءة الإيرانية مهما افتعلت طهران، إضافة لأن الفائدة الأمريكية تضاهي الإفادة الإيرانية، من خلال العودة لمهامها العسكرية في العراق قلب مهمة قواتها مرغمة للصفة الاستشارية، وهو ما شهدته أحداث 2014 من فصائل رفعت شعار إخراج أمريكا من العراق سارعت بطلب مساعدتها لقتال “داعش”، لذا فبدلاً من السياسة النعامية بالتعامي عن المشاكل وتسطيحها، يجب علينا الغوص في آلية مكافحة التنظيم الذي لن يستثني أحداً في حال عودته، مع التوجه لمعالجة أسباب ظهوره وبقائه، سواء على الصعيد الداخلي أو الدولي، من خلال حل القضية السياسية في العراق وسوريا.
————————-
“قسد” تعلن انتهاء “غزوة” غويران..هكذا انهار داعش
انتهت المعارك في سجن الصناعة في حي غويران في القسم الجنوبي لمدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، بين تنظيم “داعش” وقوات سوريا الديموقراطية (قسد) بعد سيطرة الأخيرة على آخر المباني التي كان يتحصن فيها التنظيم.
وأعلن المركز الإعلامي التابع لقسد السيطرة الكاملة على سجن الصناعة واستسلام جميع عناصر داعش المتحصنين داخل السجن. وقال إن العملية أتت في إطار حملة “مطرقة الشعوب”، في حين نقلت مواقع إعلامية مقربة من “قسد” عن زعيمها مظلوم عبدي قوله إن “قواته أعادت تاريخ النصر الأول على داعش في كوباني بإلحاق هزيمة جديدة بداعش في الحسكة”.
وقال مصدر محلي في الحسكة ل”المدن”، إن “المفاوضات بين التنظيم وقسد انتهت ظهر الأربعاء، وبدأ عناصر التنظيم المتحصنين في آخر مباني السجن بتسليم أنفسهم لقسد والتحالف الدولي منذ الساعة 2 ظهراً، ومن المفترض أن تستمر العملية حتى ساعة متأخرة من مساء الأربعاء”.
وأضاف المصدر أن “انهيار التنظيم في سجن الصناعة في غويران بدأ بعد منتصف ليل الثلاثاء/الأربعاء، والذي شهد هدنة مؤقتة بالتزامن مع المفاوضات بين الجانبين، والتي نتج عنها في المرحلة الأولى أطلاق سراح عدد من الرهائن يزيد عددهم عن 23 رهينة، كان يحتجزهم عناصر التنظيم وذلك مقابل دخول فريق طبي لعلاج المصابين من السجناء ومن مسلحي التنظيم داخل السجن”.
وأوضح المصدر أن “إعلان قسد السيطرة على السجن هو الرابع منذ بداية أحداث سجن الصناعة، وهذه المرة استسلم سجناء التنظيم بالفعل بعد أن نفدت ذخيرتهم، وليس واضحاً إلى الان هل استسلم عناصر التنظيم بشكل كامل، أم أن هناك مجموعات ترفض وستقاتل حتى الموت”.
وأوضح أن “هناك أعداداً كبيرة من الجرحى في صفوف سجناء التنظيم بعد 6 أيام من العمليات القتالية، بالإضافة الى أعداد كبيرة من قتلى التنظيم ما تزال جثثهم داخل السجن وتحت أنقاض مبانيه المهدمة التي قصفها التحالف خلال العمليات العسكرية في الأيام القليلة الماضية”.
وأضاف أنه “يجري تحليق مكثف للطيران المروحي التابع للتحالف في سماء الأحياء الجنوبية بالحسكة، وهناك قوات خاصة أميركية وبريطانية متواجدة على الأرض تتابع عن قرب عمليات إخلاء واستسلام عناصر داعش داخل السجن. أعداد الخارجين خلال ساعات تجاوزت 900 سجين، من بينهم قاصرون وأطفال كانت تحتجزهم قسد في سجن الصناعة”.
وانتهت أيضاً عمليات تمشيط أحياء غويران والزهور وباقي الأحياء المحيطة بسجن الصناعة في القسم الجنوبي من مدينة الحسكة بعد أن ألقت “قسد” ودوريات التحالف القبض على عدد كبير من عناصر التنظيم الفارين من السجن، وخلاياه التي قاتلت خارجه، وطاولت عمليات الاعتقال أعداداً كبيرة من أهالي الأحياء بتهمة مساعدة عناصر التنظيم والتعاطف معهم. وتناقلت شبكات محلية معلومات حول تفجير “قسد” لعدد من المنازل في غويران والزهور انتقاماً من أصحابها الذي تتهمهم بمساعدة عناصر “داعش”.
المدن
———————————–
ما أراد الهاشمي من مقامرة غويران.. وما جنى!/ عبدالناصر العايد
ما أراد الهاشمي من مقامرة غويران.. وما جنى! مقاتل من “قسد” أمام سجن غويران الذي هاجمه “داعش” في الحسكة، شمال شرقي سوريا (غيتي)
ترى ما الأهداف التي كان يتوخى تحقيقها مَن أطلق عملية سجن غويران؟ وماذا حقق من تلك الأهداف؟ هنا سنحاول قراءة أفكار أمير سعود المولى، أو “الهاشمي”، الزعيم الحالي لتنظيم “داعش”، الذي لا يمكن أن تشن مثل هذه العملية بلا قرار منه.
أول ما يمكن تخمينه من أهداف زعيم جديد لم يسجل إنجازه الخاص بعد، هو أن المولى أراد أن يبدأ عهده بعمل مجلجل، يثبته في مكانه ومكانته، خصوصاً أمام عتاولة التنظيم القابعين في سجون قوات سوريا الديموقراطية، والذين سيبدو أمامهم بصورة البطل المخلص، وقد فشل في تحقيق هذا الهدف الذاتي على نحو ذريع، عندما انقلب الخلاص إلى مقتلة للمئات من عناصر التنظيم ومقاتليه.
ثاني الأهداف التي يمكن توقعها، هو رفد قوة التنظيم بنحو خمسة آلاف عنصر على الأقل، من خلال المقامرة بمصير ما نقدره بالمئات من العناصر الطلقاء الذين زجوا في المعركة، إلا أن ما حدث هو خسارة المعتقلين والطلقاء معاً، وهؤلاء الأخيرون لا بد أنهم القوة الضاربة المتبقية لدى التنظيم.
الهدف الثالث ولا بد، هو بسط السيطرة على رقعة ما، واستئناف حالة “الدولة”، بما يعنيه ذلك من زخم وتأثير بالغ، خصوصاً إذا تضمن وضع اليد على موارد اقتصادية وسكان يمكن تجنيدهم للقتال.
رابع الأهداف، إعلامي، يدور حول جعل التنظيم مجدداً محور اهتمام دولي، بعدما خفت نجمه، ولم يعد يسمع به أحد، وقد تحقق هذا الهدف بالتأكيد خلال أيام العملية، رغم التغطية الإعلامية الدولية الفاترة للحدث، والتركيز على بُعده البوليسي المثير، بعيداً من أي إضافات إيديولوجية، تحقق للتنظيم أي “تغذية راجعة” محتملة.
خامس الأهداف، هو استعادة التنظيم لمصداقيته وهيبته، وشدّ عصب مؤيديه، بعد الهزائم المتتابعة التي مُني بها، والويلات التي جرها على مجتمعات وقعت تحت سيطرته، من خلال تنفيذ هجوم جريء ومخطط له. لكن سحق المهاجمين وإفشال العملية، جعلا هذا الهدف متحققاً جزئياً فقط.
أما أسباب الفشل فيمكن ردها، بالدرجة الأولى، إلى لا واقعية المخطط، الذي اعتمد على عنصرين وحسب، أي المباغتة والانتحاريين، وأهمل جوانب أساسية يفترض أن تؤخذ في الاعتبار في عملية بهذا الحجم الكبير وفي العمق الاستراتيجي للخصم. على سبيل المثال، لم نشهد أي محور تشتيت أو إشغال أو استنزاف، ولا جماعة تأمين أو تغطية لمجموعة الاقتحام. ولا يبدو أن المخطط فكّر في المكان الذي سيلجأ إليه السجناء الخمسة آلاف فيما لو تم تحريرهم فعلاً، فالمنطقة مطوقة بالكامل بمقرات عسكرية وأمنية، وإذا انحدروا جنوباً أو شرقاً سيكونون في صحراء شاسعة يسهل اصطيادهم فيها. ثم أنه، وعلى فرض نجاحهم في بلوغ منطقة عمرانية ما وفرض سيطرتهم عليها، هل هم فعلاً قادرون على التمسك بها؟ أم أنهم كانوا يعتقدون حقاً أن طيران التحالف الدولي سيقف مكتوف الأيدي؟!
تقودنا النقطة الأخيرة إلى تقييم أوّلي لأوضاع تنظيم داعش الحالية، منظوراً إليها من خلال مجريات هذه الموقعة، وهي تشير إلى أنه يفتقد للقيادة الاستراتيجية المقتدرة التي كان يتمتع بها، وجلّها من عسكريين وخبراء أمنيين محترفين من حقبة صدام حسين، أو أنه فقد القوة البشرية بالفعل، سواء على صعيد العدد أو الكفاءة، أو حتى على صعيد التماسك التنظيمي بين أعضائه، بحيث لم يستطع حشد قواه في لحظة حاسمة كهذه.
أما في ما يخص قوات سوريا الديموقراطية، وبغض النظر عن الملاحظات الكثيرة التي يسوقها خصومها في معرض اتهامها بالقصور، أو التقصير، أو حتى التآمر مع “داعش” للتضييق على العرب في المنطقة، فقد ربحت هذه الجولة، كما لو أنها صُمّمت بالفعل لتخرجها من حال إلى حال أفضل. أجهضت “قسد” العملية، واستعادت التعاون الوثيق مع قوات التحالف الدولي، ولفتت نظر العالم أجمع، من خلال إطالة أمد العمليات، سواء كان مقصوداً أم لا، إلى وجودها ودورها ووظيفتها، وأيضاً إلى مظلوميتها من حيث أنها لا تتلقى الدعم الكافي. كما صبت العملية في النهاية في خانة القضية الكرديّة، التي ذكرتها عناوين السياسة في الأخبار الدولية كافة، حين عنونت أن “القوات الكرديّة” صدت هجوماً إرهابياً لتنظيم إسلامي متطرف.
قلنا في مقال سابق، إن الغرب يغادر مواقعه في الحرب على الإرهاب، ويصنفها في خانة الحروب اللا-منتهية التي لا يمكن الفوز بها، أو المخاوف الأمنية التي يمكن التعايش معها، شأنها شأن الجريمة المنظّمة وتجارة المخدرات والهجرة وتجارة السلاح والاستبداد والتغير المناخي. وشأنها شأن تنظيمات تدمر البلاد والمجتمعات التي تنشأ بين ظهرانيها، مثل نظام الأسد أو الولي الفقيه أو طالبان أو حزب الله، لكنها تشكل خطراً هامشياً على القوى الكبرى، والتي يمكنها “كفحها” كلما أطلت برأسها بالأدوات فائقة التطور، كما حدث في معركة سجن غويران، التي وضعت قوات خاصة أميركية حداً لها في غضون ساعات، ومن دون إظهار الفزع أو التحدي أو الاستفزاز الذي طالما غذى التنظيمات الجهادية بوصفها تخوض معركة كبرى ضد القوى العالمية.
المدن
———————————-
هجمات تنظيم “الدولة” الأعنف منذ سنوات في سوريا والعراق.. رسائل ودلالات
في عمليتين متزامنتين، هاجم تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” سجنا يضم عناصر له في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا وقاعدة للجيش العراقي في محافظة الأنبار، لتثار مخاوف من عودة ظهور التنظيم بعد تأكيدات على دحره في العراق وانحساره في سوريا.
فالعشرات من عناصر داعش المسلحين بأسلحة رشاشة ثقيلة وعربات مفخخة هاجموا سجن الصناعة في حي غويران، بهدف تهريب سجناء تابعين للتنظيم ورفع معنويات مقاتليه والمتعاطفين معهم في سوريا والعراق.
فسجن الصناعة في الحسكة، هو الأكبر من بين عشرات المنشآت التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ويضم بضعة آلاف من السجناء، من بينهم قادة تنظيم الدولة “داعش” البارزون وشخصيات متطرفة أخرى.
وعلى الرغم من عدم وجود ما يشير إلى أن هذه الهجمات كانت منسقة، يرى محللون أن داعش يحاول من خلالها تعزيز صفوفه وترسانته في محاولة لإعادة التنظيم في كلا البلدين.
ووصف الهجوم على سجن الصناعة بأنه أكبر هجمات التنظيم منذ الإعلان عن هزيمة ما تسمى بـ”دولة الخلافة” قبل نحو ثلاث سنوات.
بينما كان هجوم العراق، الذي شهدته ناحية العظيم بمحافظة ديالى وأسفر عن مقتل 11 جنديا، الأكثر دموية لتنظيم “داعش” في البلاد هذا العام.
واحتاجت قوات سوريا الديمقراطية نحو أسبوع ودعما عسكريا من طائرات التحالف حتى تمكنت من استعادة السيطرة الكاملة على الحي ومطاردة سجناء داعش الذين تمكنوا من الفرار بعد مهاجمة السجن.
ويوجه مراقبون أسهم الانتقاد لدول الغرب ويلقون عليها باللائمة فيما حدث في الحسكة، مشيرين إلى أن “الغرب تجاهل سجون الجهاديين، لكن لا يمكنه تجاهل هجوم الحسكة”.
وتقول صحيفة التايمز البريطانية: “لا أحد يستطيع أن يقول إنه لم يكن على دراية بالأمر، فتلك السجون كانت مكتظة وكانت تضم آلاف المقاتلين، وكانت فضيحة منذ لحظة هزيمة تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية”.
وتضيف: “لا يزال أكثر من 12 ألف أسير في عهدة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، 2000 منهم على الأقل من الأجانب. بالإضافة إلى ذلك، هناك 70 ألف من النساء والأطفال في مخيمات للنازحين تحت الحراسة”.
واعتبرت الصحيفة أن بريطانيا ودولا أوروبية أخرى” أدارت ظهرها ورفضت السماح للمتشددين أو زوجاتهم وأراملهم بالعودة إلى ديارهم حتى لمواجهة المحاكمة”.
وحملت الصحيفة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب جزءا كبيرا من المسؤولية، قائلة إنه “قدم إسهاما كبيرا في أواخر عام 2019، عندما سحب نصف القوات البرية الأمريكية القليلة التي يبلغ عددها 2000 والتي تساعد في حراسة منطقة سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في شرقي سوريا”.
وطالت سهام الانتقاد أنقرة وموسكو أيضا، حيث أكدت الصحيفة أنه “لا ينبغي لأحد أن ينسى إسهام الأتراك في الاستمرار في مهاجمة الأراضي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، بناء على شكواهم الخاصة من الأكراد، ولا الروس، لإفقار شرقي سوريا من خلال استخدام حق النقض ضد مساعدات الأمم المتحدة عبر الحدود”.
ويقول خبراء إن الزج بفلول مثل هذه التنظيمات الإرهابية في زنازين مكدسة وتجميعهم لسنوات فيها دون الاكتراث بتحولها إلى ما يشبه المستنقعات، يجعل هؤلاء بمثابة نواة لتهديد خطير، مستشهدين بما فعلته الولايات المتحدة في العراق بعد غزو عام 2003.
وعبرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، عن قلقها حيال تقاريرعن تسجيل وفيات بين الأطفال في سجن غويران، ودعت المديرة التنفيذية للمنظمة هنرييتا فور، جميع الأطراف في سوريا، إلى “الالتزام بمسؤولياتها في حماية المدنيين وأولئك الذين لا يقاتلون، وإعطاء الأولوية لسلامة جميع الأطفال داخل سجن غويران”.
وأعربت، في بيان، عن “القلق العميق إزاء التقارير التي تفيد بأن الأطفال المحاصرين داخل السجن قد يجبرون على لعب دور نشط في الاشتباكات الجارية بين المعتقلين وقوات الأمن”، مشددة على ضرورة أن “تضمن جميع الأطراف في شمال شرق سوريا الحماية الجسدية والرفاهية للأطفال الموجودين في مرفق الاحتجاز”.
وأوضحت اليونيسف، أن ما يقرب من 850 طفلا، بعضهم لا تزيد أعمارهم عن 12 عاما، محتجزون حاليا في شمال شرق سوريا، معظمهم محتجزون في سجن غويران، وهم من السوريين والعراقيين، والبقية من 20 جنسية أخرى.
ويخشى الخبراء من أن تكون معركة سجن غويران مؤشرا على أن تنظيم داعش في طور إعادة التأهيل وأن يشكل قريبا تهديدا خطيرا في سوريا والعراق من جديد.
ودفع الهجوم الذي استهدف مقرا للجيش العراقي، رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، إلى القيام بجولة تفقدية للشريط الحدودي العراقي السوري، والاجتماع مع قيادات عسكرية وأمنية في رسالة “للتأكيد على حضور الدولة القوي، وجاهزية قواتنا المسلحة للتصدي لأي محاولة تستهدف العبث بأمن بلدنا واستقراره”.
وشدد الكاظمي على التصدي “لحماقات إرهابيي الخارج والداخل، الساعين إلى تكريس الفوضى، وتقويض مؤسسات الدولة، لمصالحهم الشخصية”.
وخاطب الكاظمي مسلحي داعش، قائلا: “لا تجربونا فقد حاولتم كثيرا وفشلتم، وستحاولون كثيرا وستفشلون. تعلمون جيدا أننا نلاحقكم، داخل العراق وخارجه، وتعلمون جيدا أن دم العراقيّين بالنسبة لنا غال جدا وستدفعون ثمن كل حماقة ارتكبتموها وأنتم مجموعة عصابات لا مكان لكم بيننا، هذا قرارنا وقرار كل عراقي شريف قبل أن يكون قرار الدولة والحكومة والمؤسسة الأمنية، لن نقبل إلا بالقضاء عليكم، وحماية أرضنا وأعراضنا”.
(د ب أ)
القدس العربي
——————————-
الجريمة المتواصلة بحق أطفال الدواعش/ ياسر أبو هلالة
يحتل طفل أميركي عناوين الأخبار إن اختطفته عصابة أو فقده ذووه في أثناء نزهة على الشاطئ. في المقابل، مئات الأطفال عديمي الجنسية تخلت عنهم دولهم بلا ذنب اقترفوه مختطفون رهائن منذ أسبوع في سجن الحسكة في سورية، معرّضون للموت في أي لحظة، إن هاجمت القوات الأميركية وعملاؤها من جماعة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) سجن الحسكة المؤقت (غوانتنامو مؤقت منذ عقدين) لتحرير السجن من قبضة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). لا صور للأطفال، ولا الأمهات، ولا يحتلون عناوين الأخبار. القصة هي عودة “داعش”، وكيفية مواجهة خطره الداهم.
شكّل هجوم “داعش” فرصة للتذكير بكارثة أسر الدواعش، بحسب “نيويورك تايمز”، أول من أمس الثلاثاء، “ما يقدر بنحو 3500 محتجز في السجن المكتظ. وهناك ما يصل إلى 700 قاصر، حوالي 150 منهم من مواطني دول أخرى وصلوا إلى سورية أطفالا صغارا مع ذويهم الذين انضمّوا لدولة الخلافة”. وبحسب الصحيفة الأميركية، “سلط حصار السجن الضوء على محنة آلاف الأطفال الأجانب المحتجزين منذ ثلاث سنوات في المعسكرات والسجون في المنطقة الذين هجرتهم بلدانهم”. وتكشف أن من النزلاء صِبية لا تتجاوز أعمارهم 12 سنة. نُقل بعضهم إلى السجن، بعد أن اعتبروا أكبر من أن يبقوا في معسكرات الاعتقال التي احتجزت عائلاتٍ يشتبه في أن أفرادهها من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية. وتوضح “عندما يصبح الأولاد في المعسكرات مراهقين، يتم نقلهم عادة إلى زنازين مكتظة، الغذاء والرعاية الطبية وحتى ضوء الشمس فيها شحيحان”. و”تزداد محنتهم صعوبة عندما يبلغون 18 عامًا. على الرغم من عدم توجيه أي تهمةٍ لأي من الشباب الأجانب بارتكاب جريمة، إلا أنهم وضعوا مع عموم السجناء، حيث ينام مقاتلو داعش كل ثلاثة على سرير”.
تقيّد الجريمة ضد مجهول. دول عربية وغربية تنكر مواطنيها، مقاتلين مذنبين كانوا أم أسرا بريئة تُعاقب بجريرة الآباء. والعالم يتفرّج على الجريمة البشعة المرتكبة يوميا وبرعاية أميركية. وهو ما يساهم في صناعة نسخة جدّية من “داعش”، سواء داخل المعتقلات أم من ذويهم خارج المعتقلات، والذين يرون كل هذا الظلم بلا أفق. تنقل “نيويورك تايمز” عن مدير المعهد الأميركي لمكافحة الإرهاب أرديان شاكوفسكي قوله إن المسلحين الذين تم اعتقالهم في هجمات منذ فقدت المجموعة آخر أراضيها قبل ثلاث سنوات يبدو أنهم أصغر سناً، ومن عائلات ذات أعضاء أكبر سناً مرتبطة بداعش، “إذا كان الأمر كذلك، فهذا جيل جديد من مجنّدي داعش، يغيّر حسابات التفاضل والتكامل والتهديدات بعدة طرق”.
المحزن والمخجل أن العالم أخذ قرارا يشبه قرار القيادة النازية بالحل النهائي، أي التخلص من اليهود، فالعالم الحر وغير الحر قرّر التخلص بصمتٍ من أسر مقاتلي “داعش”، نساء وأطفالا. ويبدأ هذا الحل بنزع الإنسانية عنهم بحرمانهم من الجنسية والشخصية القانونية، يعيشون بالسجن المؤبد في معسكرات اعتقالٍ بلا محاكمة، في ظروفٍ تفتقر لشروط الحياة الإنسانية.
وكانت “هيومان رايتس ووتش” قد اتهمت، في 2019، السلطات العراقية وسلطات إقليم كردستان بأنها تعتقل وتلاحق غالبا الأطفال الذين ليست لهم أي صلات مزعومة بداعش، وتعذّبهم لانتزاع الاعترافات، وتحكم عليهم بالسجن بعد محاكمات سريعة وغير عادلة. وقدّرت المنظمة عدد المحتجزين بنحو 1500 طفل لشبهة الانتماء إلى التنظيم، ودانت مئات الأطفال، بينهم 185 أجنبيا على الأقل، بتهم متصلة بالإرهاب.
سواء انتهت مأساة سجن الحسكة بالتفاوض أم بمجزرة، الجريمة مستمرّة، ولا أحد يريد أن يعرف بوجود آلاف الأطفال الأبرياء في السجن، ولا دولة تريد أن تستقبلهم، سواء دولهم أم الدول الغربية التي تستقبل لاجئين. المطلوب التخلص منهم بصمت. ربما يكتب بعضهم مذكّراته، وتجد من ينتجها فيلما سينمائيا، ساعتها سيُصعق المشاهدون ويستغربون كيف سُمح بتعذيب هؤلاء الأطفال بلا ذنب؟ المؤكد أننا نشاهد دراما على الهواء، تخيّل أزيز الرصاص والانفجارات وتحليق الطيران فوق رؤوس الأطفال ولا يجدون من يلوذون به. مجرّد أرقام بعد نهاية العملية “نجحت قوات سورية الديموقراطية، بدعم أميركي، في تحرير سجن الحسكة من مقاتلي داعش، وقتل في العملية 89 مقاتلا و34 قاصرا و10 نساء”، من نجوا من الموت يتمنّون لو كانوا في عداد الموتى حتى لا يذهبوا إلى معسكر الاعتقال.
العربي الجديد
————————
“قسد” تتبرأ من احتجاز “أشبال الخلافة”: إجراء مؤقت
تبرأت “ٌقوات سوريا الديموقراطية” المعروفة بـ”قسد” من تهمة احتجاز اطفال المقاتلين في تنظيم “داعش”، بعد إعراب منظمة “اليونيسف” عن قلقها حيال التقارير التي تتحدث عن وفيات بين الأطفال في سجن “غويران” العسكري، إضافة إلى إجبار الأطفال المحاصرين داخل السجن على لعب دور نشط في الاشتباكات الجارية بين المعتقلين وقوات الأمن.
وقالت “قسد” في بيان إعلامي إنها “اضطرت لاحتجاز هؤلاء الأطفال كخيار مؤقت لا بد منه حفاظًا على سلامتهم وسلامة المجتمع منهم في الوقت ذاته، وهي إجراءات مؤقتة لحين إيجاد الحلول المناسبة للتعامل مع هذه القضية”. وأشارت الى أن “الأطفال فُصلوا عن البالغين من مقاتلي تنظيم داعش، وخُصصت لهم مهاجع خاصة بناءً على توصيات من الأمم المتحدة”.
وأرسلت “قسد” جداول بقواعد البيانات التفصيلية للأطفال المحتجزين. وبناءً على هذه التوصيات أيضاً، أتاحت الفرصة لجميع الجهات والمنظمات الإنسانية التي من شأنها تقديم الدعم للأطفال إمكانية الوصول إليهم ووضع برامج إعادة التأهيل والحصول على إجراءات العدالة الإصلاحية.
وكانت “اليونيسف” جددت دعواتها للحفاظ على سلامة الأطفال المحتجزين في سجن غويران العسكري بالحسكة. وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة هنرييتا فور، في بيان يوم الثلاثاء، إن على جميع الأطراف في سوريا، ومن لهم نفوذ عليها، الالتزام بمسؤولياتها في حماية المدنيين، وأولئك الذين لا يقاتلون، وإعطاء الأولوية لسلامة جميع الأطفال داخل سجن غويران ومدينة الحسكة.
وأعربت المسؤولة الأممية عن قلقها حيال التقارير التي تتحدث عن وفيات بين الأطفال في السجن العسكري، إضافة إلى إجبار الأطفال المحاصرين داخل السجن على لعب دور نشط في الاشتباكات الجارية بين المعتقلين وقوات الأمن، وفق ما ذكره البيان.
وبلغ عدد الأطفال المحتجزين حاليًا في شمال شرقي سوريا 850 طفلًا، بعضهم لا تزيد أعمارهم على 12 عاماً، معظمهم محتجز في سجن غويران.
———————————–
========================
تحديث 28 كانون الثاني 2022
——————————
عودة داعش والسياق السياسي/ بشير البكر
تشكّل عودة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سورية والعراق خرقا أمنيا، يتّسع مداه تدريجيا، حتى صرنا نشهد عملياتٍ كبيرة، وتبقى “غزوة” سجن غويران في مدينة الحسكة، جديرة بالاهتمام منذ القضاء على التنظيم في العراق 2017 وسورية 2019، لأنها تصبّ في محاولة “داعش” استعادة المبادرة بقوة، بعد أن قام، خلال الأشهر الأخيرة، بعدة هجمات تخريبية في البادية السورية ومناطق متفرّقة من العراق. وفي سورية، تتحمّل قوات سورية الديمقراطية (قسد) مسؤولية الخلل الأمني، كونها لقيت تدريبا جيدا، ودعما من التحالف الدولي، عسكريا ولوجستيا، وإسنادا عسكريا أميركيا مباشرا، يتمركز في عدة قواعد في رميلان والشدادي وحقل العمر. ولذا بقيت مدينة الحسكة خاليةً من أي وجود للتنظيم في داخلها، وليس هناك سوى بضعة آلاف من سجناء “داعش” الأجانب، من الدرجة الثالثة الذين رفضت بلدانهم استعادتهم. وباعتبار أن السجن محروسٌ جيدا من “قسد”، فإن الروايات عن العملية التي تعرّض لها ليلة الخميس في العشرين من شهر يناير/ كانون الثاني الحالي، تبقى حافلةً بالغموض، وتحيل، إلى حد ما، إلى رواية سقوط الموصل بيد “داعش” في 2014، حيث تمكّن مئات من المقاتلين من السيطرة على المدينة التي كانت ترابط فيها عدة ألوية من الجيش العراقي.
ما جرى في مدينتي الحسكة السورية وديالى العراقية من هجمات لـ”داعش” في وقت متقارب ليس بلا سياق سياسي، غير بعيد عن عدم نجاح “قسد” في إدارة منطقة الجزيرة السورية سياسيا وأمنيا واجتماعيا، حتى أنها لا تحظى بتأييد تام من المكوّن الكردي، والأمر ذاته ينسحب على الحشد الشعبي في العراق الذي تأسس لمحاربة “داعش”، وأصبح بلا عمل ولا دور بعد معركة الموصل. وبعيدا عن فشل مشروع “قسد” أو نجاحه في الجزيرة السورية، فإن دورها الوظيفي لقطع طريق عودة “داعش” يبقى قائما، على الرغم من أنه محفوف بالمخاوف من أن ينتهي القتال، في حارات الأحياء العربية وشوارعها في الحسكة، إلى وصم هذا القسم من المدينة بالدعشنة. وسيواجه، في هذه الحال، مصير الموصل والرّقة من تدمير وتهجير. ثم إن توقيت هجمات “داعش” في العراق في هذا الظرف يشكل هدية ثمينة لإيران وأنصارها الذين خسروا مواقعهم عن طريق صناديق الاقتراع. ويجري اليوم توظيف عودة “داعش” لخلط الأوراق، وقطع الطريق على توجهات مقتدى الصدر الذي حاز تياره على المرتبة الأولى في مجلس النواب، وهو يحاول تشكيل حكومةٍ غير خاضعة للنفوذ الإيراني، ومن شأن التلويح ب”داعش” والاستنفار من أجل المجهود الحربي أن يهمّش مساعيه السياسية.
منذ إعلان الولايات المتحدة إنهاء “داعش” في العراق في ديسمبر/ كانون الأول 2017 ، وفي سورية في مارس/ آذار 2019، لم تجر أي محاولة سياسية جادّة في البلدين. وكان في وسع أميركا بوصفها القوة الكونية الكبرى التي أخذت على عاتقها مهمة التصدّي لمشروع “داعش” الارهابي، ألا تقف عند حدود القضاء على الجسم العسكري في معركتي الموصل والرّقة، وهي التي تعرف أن فلول هذا التنظيم لا تزال موجودة في الصحارى والمرتفعات الجبلية، وتدرك أن تفريخ نسخٍ من هذا الوحش في المخابر الإيرانية والروسية، وتلك التابعة للنظام السوري، أمرٌ في منتهى السهولة، في وقتٍ لا تزال الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تسبّبت ببروز التنظيم موجودة. وبالتالي، بقيت الحاجة قائمة لمقاربات ثقافية واجتماعية وسياسية واقتصادية للقضاء على الفكر المتطرّف. وعدا عن عدم معالجة الآثار السياسية التي ترتّبت على معركتي الرّقة والموصل، فإن واشنطن لم تجرف الرّكام، أو تعمّر بيتا واحدا من بين ملايين المنازل التي تهدّمت، وتركت ملايين العراقيين يعيشون بين الرّكام، وفي مخيماتٍ لا تقي من حرّ الصيف وبرد الشتاء، والأمر ذاته في محافظة الرّقة، الأمر الذي يتطلب مراجعةً جادّة بعيدا عن الأسلحة.
العربي الجديد
—————————
بعد هجومه على السجن الكردي في سوريا.. تنظيم “الدولة” حي يرزق
مر أسبوع تقريباً على اقتحام قوات تنظيم الدولة “داعش” سجن الصناعة في مدينة الحسكة شمالي سوريا، وأطلقت سراح مئات السجناء، ونجحوا في السيطرة على السجن ووقف أعمال الشغب وإعادة النظام إلى ما كان عليه. حوالي 180 شخصاً، من بينهم 50 كردياً و120 مقاتلاً من “داعش” و7 مواطنين قتلوا في الهجوم الذي اعتبر العملية الأكبر لـ”داعش” في سوريا منذ 2019. سيارتان مفخختان انفجرتا قرب السجن، وعشرات مقاتلي “داعش” اقتحموا ودخلوا وأطلقوا النار على الحراس الأكراد وبدأوا يطلقون سراح السجناء. حسب عدة تقارير، استخدم “داعش” نفقاً حفروه للوصول إلى السجن، وتم من خلاله إدخال السلاح والمقاتلين. موثوقية التقرير غير واضحة، لكن يبدو أن المهاجمين استندوا إلى معلومات داخلية ومساعدة من جانب سكان المنطقة، ونسقوا الهجوم حسب الحالة الجوية العاصفة.
بالنسبة للأكراد والقوات الأمريكية التي قدمت لهم مظلة جوية ومساعدة بسيارات مصفحة، أوضح الهجوم أن “داعش” ما زال حياً يرزق، وأنه رغم الإعلانات عن اجتثاثه وانتهاء المعركة ضده، إلا أنه ما زال يستطيع، ليس فقط تنفيذ كمائن متفرقة، بل أيضاً تنفيذ هجوم منسق ومدهش.
في السنوات الثلاث الأخيرة، نفذ “داعش” عشرات الهجمات في العراق، وقتل مئات الجنود والمدنيين والمقاتلين، وأوجد لنفسه منطقة جغرافية جديدة في مدينة ديالي وصلاح الدين وكركوك، التي فيها يركز فيها وحداته ومنها يطلق الهجمات. لا تشابه بين المساحة الجغرافية التي احتلها “داعش” في 2014 عندما سيطر على المحافظات الشرقية والجنوبية في العراق وعلى شمال سوريا. ولكن حقيقة نجاحه في العمل عسكرياً بدون أي رد عراقي، يمكن أن تشير إلى طموحاته الاستراتيجية التي ظهرت. الحادثة التي جرت الأسبوع الماضي في محافظة ديالي في شرق بغداد أوضحت أيضاً أن الجيش العراقي الذي أعيد تأهيله والذي انسحب بذعر من المعركة ضد “داعش” في 2014، إنما هو خدعة كبيرة. الحكومة العراقية نفسها قالت إن الهجوم في ديالي الذي قتل فيه 11 جندياً انتهى بهذه النتيجة المخيفة بسبب إهمال وتقصير من القوات التي أخفقت في الرد بإطلاق النار على المهاجمين.
كان يجب أن يكون في القاعدة العسكرية التي هوجمت 70 جندياً حسب المعايير. ولكن فعلياً كان هناك 12 جندياً فقط. وحسب أقوال أعضاء البرلمان في بغداد، فهذا دليل واضح على عمق الفساد في الجيش وفي وزارة الدفاع المسؤولة عنه. يبدو أن ظاهرة “الجنود الأشباح” لم تجتثّ بعد حتى الآن. هؤلاء جنود مسجلون ضمن القوة البشرية لوحداتهم، بل ويتلقون الرواتب. ولكنهم في الحقيقة غير موجودين. كل تسجيلهم استهدف كسب المزيد من الميزانيات التي تنتقل لجيوب قادتهم. وتتحدث تقارير أخرى عن صيانة معيبة في قواعد الجيش وأضواء لم تعمل، وأجهزة اتصال معطوبة، وبالأساس غياب التنسيق بين الجيش العراقي والقوات الكردية القريبة من المدينة، التي كان يمكنها مساعدة الجنود.
بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق في نهاية كانون الأول مخلفة وراءها مدربين ومرشدين، وعلى خلفية تصريحات متفائلة تم دحضها على الأرض، والتي بحسبها الجيش العراقي وقوات الأمن الأخرى مؤهلة وقادرة على مجابهة التهديدات الداخلية، من بينها “داعش”، فإن في واشنطن وبغداد تزداد مخاوف من أن الولايات المتحدة قد تجد نفسها متورطة مرة أخرى في المعركة العسكرية في الدولة التي انسحبت منها. ولكن ربما يكون التدخل في هذه المرة معقداً أكثر إزاء الظروف السياسية والإقليمية.
ليس العراق وحده هو الذي يكتنفه الضباب السياسي الخطير الذي يمنع تشكيل حكومة جديدة بعد أربعة أشهر على الانتخابات، فالمحادثات النووية مع إيران والإشارات التي حول استعداد النظام الإيراني لإجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، ستجبر واشنطن على إظهار المزيد من الحذر إزاء كل ما يتعلق بالتدخل العسكري في العراق. إيران تعتبر الجارة مجالاً حصرياً للهيمنة، وتعتبر نفسها شريكة في تأسيس نظامها السياسي.
مخاوف اردوغان
وفي أوساط شركاء الولايات المتحدة الأكراد في الحرب ضد “داعش” في سوريا، يجري صراع ومواجهات داخلية حول مستقبلهم. هؤلاء منقسمون إلى معسكرين: الأول يعلق آماله على واشنطن، والثاني يميل إلى تعزيز العلاقات مع روسيا والتصالح مع نظام بشار الأسد. “داعش” عدو مشترك للمعسكرين، ولكن إذا استطاع الأمريكيون الاعتماد على جبهة كردية موحدة، فمن الصعب تقدير مستوى الاستعداد لدى الطرفين للتعاون لشن معركة ناجعة.
في 2015 شكلت الولايات المتحدة “القوات السورية الديمقراطية” (اس.دي.اف)، وهي ميليشيا كردية يشارك فيها مقاتلون من أصل عربي وتركماني. ودمجهم استهدف التغطية على الهوية العرقية للميليشيا وعرضها وكأن هدفها العمل ضد “داعش”، مع إزالة مخاوف تركيا من وجود قوة عسكرية كردية نقية. أثناء الحرب ضد “داعش”، أظهرت المليشيا وشركاؤها نجاعة وشجاعة كبيرة وتحولت إلى القوة الأكثر نجاعة في المعركة.
لكن تركيا لم تقتنع بهذا التمويه. وحتى الآن تعتبر القوات الكردية تهديداً لأمنها القومي، خصوصاً بسبب أن اعتبرت مقاتلين من حزب العمال الكردستاني (بي.كا.كا) شركاء كاملين فيها. تطورت على هذه الخلفية مواجهة سياسية بين تركيا وأمريكا، التي يعتبرها الرئيس رجب طيب اردوغان مؤيدة للإرهابيين الذين تحاربهم أنقرة منذ أربعين سنة تقريباً. أحد شروط تركيا الأساسية لترميم العلاقات مع الولايات المتحدة هو وقف تقديم الدعم للأكراد. ولكن تركيا بدأت ترى أن روسيا أيضاً تدعم الأكراد وتعتبرهم عنصراً حيوياً في عملية المصالحة الوطنية التي تحاول، بدون نجاح حتى الآن، الترويج لها في سوريا. عندما أعلن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، عن قرار سحب القوات من سوريا، رأت أنقرة في ذلك فرصة للسيطرة على مناطق واسعة في شمال سوريا وطرد الأكراد من منطقة الحدود. ولكن الضغط العام والسياسي في الولايات المتحدة ضد قرار ترامب دفعه لتأجيل تنفيذه. المساعدات العسكرية وتمويل الأكراد لم تتوقف، بل ازدادت. وسمح البيت الأبيض لشركة النفط الأمريكية “دلتا كريسنت” بتطوير وتسويق النفط في المناطق الكردية، وبالتالي خلق مصدر دخل جيد للأكراد، رغم أن النفط يعود بشكل رسمي للحكومة السورية. وبيع النفط الكردي لسوريا خرق العقوبات التي فرضتها الادارة الأمريكية على الأسد.
بعد ذلك، قررت إدارة بايدن إلغاء الإعفاء من العقوبات الذي أعطاه ترامب لشركة النفط. ولكن الأكراد الذين يسيطرون على معظم حقول النفط في شمال سوريا يواصلون بيع النفط لنظام الأسد بشروط ممتازة. وترى أنقرة في هذا العمل إثباتات كافية على خيانة الولايات المتحدة لمصالح تركيا. ولكن الأكراد الذين اعتبروا موقف أمريكا دليلاً على التحالف الاستراتيجي مع واشنطن، لم يتوقفوا عن سؤال حول: هل ومتى ستقرر واشنطن إدارة ظهرها لهم وتفضل تركيا عليهم.
خارطة الطرق الكردية
تطورت الخلافات الداخلية الكردية على خلفية ما يعتبر سياسة انفصال لبايدن عن الشرق الأوسط، التي وجدت التعبير في الانسحاب من أفغانستان والعراق. يخاف الأكراد أن تؤدي هذه السياسة إلى انسحاب 700 جندي أمريكي من سوريا. عدم اليقين هذا أثار مؤخراً، خلافات بين المنظمات الأعضاء في “بي.كا.كا” التي تسمى قوة “قنديل”، على اسم جبال قنديل في العراق، التي توجد فيها بؤرة نشاطهم، وبين القوات الكردية السورية الأخرى.
حزب العمال الكردي يدفع نحو المصالحة مع نظام الأسد وصياغة خارطة طرق تضمن حقوق الأكراد ومكانتهم في الحكومة التي ستشكل في أعقابه. بهذا فإنهم يستندون إلى التحالف التقليدي بين الأسد وزعيمهم عبد الله أوجلان، المسجون في تركيا منذ 1999. الجناح الكردي الآخر بقيادة مظلوم عبدي، القائد الأعلى لـ اس.دي.اف يسعى إلى تعميق العلاقة مع الولايات المتحدة ويعتبرها درعاً حيوياً للبقاء العسكري والسياسي لقواته وللمحافظات الكردية ذات الحكم الذاتي، وأيضاً ركيزة ضرورية للصراع الذي يشنه الأكراد ضد تركيا.
الخلافات السياسية خلقت صراعات شخصية بين عبدي والممثل الأعلى لـ”بي.كا.كا”، الدار خليل، على السيطرة على المحافظات الكردية وعلى إملاء الخط السياسي. يمكن للمرء أيضاً أن يجد في هذا المرجل أصابع إيرانية تدعم حزب العمال الكردي وجهوده للمصالحة مع نظام الأسد. بهذا، فهي تريد أن تحقق الهدوء في المحافظات الكردية في الغرب. والنتيجة أنه حسب خارطة تقسيم الولاءات الكردية بين روسيا وسوريا وإيران من جهة، وبين الولايات المتحدة من جهة أخرى، يصعب العثور على المسار الذهبي الذي يمكن بواسطته بناء مصالحة كردية أو التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سوريا.
هذه الشروخ بين الحركات والقوات التي يجب عليها إظهار التضامن الاستراتيجي والفكري، هي شروخ يبحث عنها “داعش” من أجل العمل وزيادة قوته. وقد وجدها في سوريا في 2011 عندما منحته الحرب الأهلية والانقسام الداخلي بين مليشيات المتمردين السوريين مجال واسع للعمل. وقد عثر عليها في العراق أيضاً في المواجهات بين الحكومة الشيعية والأقلية السنية التي تمت ملاحقتها واضطهادها من قبل النظام. وهو يحاول زيادة قوته في أفغانستان وفي مناطق التماس بين قوات طالبان. وهكذا فعل في شبه جزيرة سيناء عندما نجح في تجنيد عدد من القبائل البدوية التي عانت من قبضة القاهرة الحديدية.
تعتبر هجمات “داعش” في سوريا والعراق باهتة مقابل حملة الاحتلالات التي قام بها التنظيم سابقاً. ولكن في الفترة التي يبدو فيها نشاط منظمات إرهابية إسلامية، مثل “داعش” والقاعدة بفروعها، منضبطاً أو بعيداً عن الحماسة والتصميم من العقد السابق، يجدر أن نتذكر الرؤية التي تتجاهل وتستخف، والتي ميزت الدول العربية والغرب تجاه هذه التنظيمات في البداية، وبالمفاجأة والصدمة التي نجحت في إحداثها عندما كان يبدو أنه لن تقوم لها قائمة.
بقلم: تسفي برئيل
هآرتس 28/1/2022
القدس العربي
———————————–
أزمة سجن الصناعة في الحسكة مستمرة/ أمين العاصي
انتقل ما يجري في مدينة الحسكة في أقصى الشمال الشرقي من سورية إلى أروقة مجلس الأمن الدولي، مع جذب الهجوم على أكبر السجون التي تضم مقاتلين وقياديين من تنظيم “داعش” انتباه المجتمع الدولي إلى المخاطر الناجمة عن التساهل مع هذا الملف.
ويبدو أن القلق الإقليمي والدولي جراء ما حدث في الحسكة، دفع “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) للمسارعة إلى الإعلان عن سيطرتها على السجن وإنهاء الاستعصاء فيه مساء أول من أمس الأربعاء، على الرغم من وجود خلايا مستعصية للتنظيم داخل السجن.
ودحضت الاشتباكات التي لا تزال دائرة في سجن الصناعة في حي غويران بالحسكة، رواية “قسد” عن انتهاء الأزمة داخل السجن.
وكان قائد هذه القوات مظلوم عبدي، قد أعلن على حسابه على “تويتر”، مساء الأربعاء، إلحاق “هزيمة جديدة” بتنظيم “داعش” في مدينة الحسكة، و”إحباط خططه والمستفيدين منه”.
“قسد” تؤكد سيطرتها على سجن الصناعة
وفي السياق، ذكر المتحدث باسم “قسد”، فرهاد الشامي، في تغريدة على “تويتر”، أن “قوات سورية الديمقراطية” استعادت السيطرة بالكامل على سجن الصناعة، مؤكداً أن جميع مقاتلي تنظيم “داعش” الباقين الذين كانوا يتحصنون في مهاجع السور الشمالي للسجن استسلموا.
في المقابل، شككت شبكات إخبارية محلية منها “الخابور” بهذه المعلومات، مشيرة إلى أن صباح أمس الخميس، شهد إطلاق نار كثيف في حي غويران، مؤكدة أن الاشتباكات تزامنت مع تحليق طيران التحالف الدولي في سماء مدينة الحسكة.
كما أكدت الشبكة أن الوحدات الكردية شنّت أمس، حملة مداهمات في حي الزهور في مدينة الحسكة وفي بلدتي مركدة والشدادي في ريفها الجنوبي.
وأفادت مصادر محلية “العربي الجديد” بأنه سُمع أمس، إطلاق نار عند دوار الغزل في حي الصالحية بالحسكة، ناجم على الأرجح عن اشتباكات بين “قسد” وعناصر من “داعش”، فيما استهدف السجن نفسه بالقصف المباشر عبر ثلاث غارات جوية أحدثت دماراً واسعاً بأقسام كبيرة من السجن، مع تحليق للطيران الاستطلاعي والحربي والمروحي في سماء المنطقة.
وكشفت أن نحو 15 في المائة من السجن، ما زال تحت سيطرة “داعش”، ويتحصن في هذه البقعة أكثر من مائة عنصر من التنظيم.
وأوضحت أن المهاجع التي كان يستعصي فيها مسلحو “داعش” في القسم الشمالي من السجن، لم يتم تفتيشها بعد.
ولا تزال الأحياء المحيطة بالسجن غير مؤمنة بشكل كامل، وهي مناطق قد يكون لجأ إليها عناصر التنظيم بسبب خلوّها من السكان.
بدوره، أكد المركز الإعلامي لـ”قوات سورية الديمقراطية”، أمس، استسلام “حوالي 3500 من المرتزقة المعتقلين الذين شاركوا في الاستعصاء الأخير، وانضمام المئات منهم إلى المرتزقة الذين هاجموا السجن من الخارج”.
وأوضح أنه “بدأت قواتنا حملة تمشيط دقيقة ومسح أمني وعسكري في مهاجع السجن التي تحصن فيها المرتزقة، الذين نفّذوا عمليات إرهابية ضد قواتنا”، مشيراً إلى أنه “خلال عملية التمشيط وجمع المعلومات، كشفت قواتنا عن جيوب إرهابية مموهة ضمن المهاجع الشمالية للسجن، يتحصّن فيه ما بين 60 و90 مرتزقاً ويحاولون الحفاظ على مسافة للاشتباك”.
وأكد المركز أن “قوات سورية الديمقراطية” تلاحق “خلايا إرهابية نائمة لداعش في الريف الغربي الجنوبي على أطراف مدينة الحسكة”.
وفي حديث مع “العربي الجديد”، قال قيادي في “قوات سورية الديمقراطية” محمود حبيب، إن التنظيم “نقض اتفاقاً يتضمن مبادلة الأسرى لديه في السجن بعلاج جرحاه”، مشيراً إلى أن “عدد الذين انقلبوا على الاتفاق مع قوات قسد يتراوح بين 60 و90 عنصراً”.
وأضاف: “يتم التعامل معهم بكل حزم”، مشدّداً على أنه “لن يكون لهذه الحركة من قبل هؤلاء أي تأثير على نتائج العملية”.
وأوضح أن “قواتنا تطبق معايير عالية الدقة تجمع بين التقليل من الخسائر والإصرار على إنهاء الاستعصاء”.
ورأى أن “ما حققناه أمر بالغ الأهمية ويُحسب انتصاراً جديداً، لأننا نتعامل مع أخطر تشكيل اجرامي”، مشيراً إلى أن هذه القوات “امتصت الصدمة الأولى وردت بعد وقت قصير، ما دفع المهاجمين لأخذ وضعية الدفاع ثم الاستسلام”.
وأعرب عن اعتقاده بأن أحداث الحسكة “نبهت المجتمع الدولي إلى خطورة الوضع”، مرجحاً أن يتخذ هذا المجتمع “خطوات فعّالة لحل الأزمة”.
وتابع بالقول: تكاتف أبناء شرق الفرات وصمودهم وتوحدهم خلف الإدارة (الإدارة الذاتية التابعة لقسد) والقوات العسكرية والأمنية، قطع الطريق على أي محاولة اختراق، مما يشير إلى حالة مجتمعية صحيحة في المنطقة.
أسئلة برسم “قسد” بشأن سجن الصناعة
وحتى الآن لم تجب “قسد” على الكثير من الأسئلة، تحديداً لجهة عدد القتلى من المهاجمين ومن الأسرى وعدد الذين تمكنوا من الهروب إلى خارج مدينة الحسكة، في ظلّ كشف مصادر محلية أن نحو 400 أسير من “داعش” باتوا خارج أسوار السجن.
ومن الواضح أن “قسد” لا تنوي الإبقاء على سجن الصناعة كمكان احتجاز لعناصر التنظيم “داعش”.
وتملك هذه القوات أكثر من 10 مراكز احتجاز لأسرى التنظيم، منتشرة خصوصاً في ريف محافظة الحسكة.
وأفادت مصادر مطلعة “العربي الجديد” بأنه جرى نقل أسرى التنظيم إلى سجون في القامشلي والمالكية والرميلان.
إلى ذلك، تحاول روسيا الحصول على مكاسب للنظام السوري من وراء أحداث الحسكة، بعد دعوة موسكو إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي لبحث التطورات الأخيرة.
وفي السياق، قال النائب الأول لمندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي، في تصريح للصحافيين: “نشعر بقلق عميق إزاء التقارير المتعلقة عن هجمات “داعش” الأخيرة في شمال شرق سورية والوضع العام في ذلك الجزء من البلاد”.
من جانبه، ساوى مندوب النظام السوري الدائم في الأمم المتحدة بسام صباغ بين تنظيم “داعش” وقوات “قسد” والقوات الأميركية التي وصفها بـ “المحتلة”.
ونقلت صحيفة “الوطن” الموالية للنظام عنه قوله خلال جلسة لمجلس الأمن، مساء أول من أمس الأربعاء، اطلع من خلالها على إحاطة من المندوب الأممي إلى سورية غير بيدرسن عن اللجنة الدستورية، أن على حكومات بعض الدول “تحمّل مسؤولياتها في استعادة مواطنيها من المقاتلين الإرهابيين الأجانب وعائلاتهم المحتجزين في مخيمات ومراكز اعتقال في شمال شرق سورية، ومحاكمتهم وإعادة تأهيلهم على أراضيها، بما يضع وبشكلٍ نهائي حداً لوجودهم على الأراضي السورية”.
بدوره، علق بيدرسن على أحداث الحسكة بالقول إن هجوم التنظيم على السجن رسالة واضحة عن أهمية الاتحاد لمكافحة تهديد الجماعات الإرهابية الدولية، ولحل الصراع الأوسع الذي يزدهر فيه الإرهاب لا محالة.
وفي السياق، تحدث محافظ الحسكة المعيّن من قبل النظام اللواء غسان خليل عن وجود “صفقة” بين التنظيم والجانب الأميركي لإنهاء الأزمة في سجن الحسكة، مدّعياً أنه تم إخراج عناصر من التنظيم إلى البادية السورية ومنطقة التنف، التي تضم قاعدة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
———————–
«قسد» تلاحق «خلايا داعش» في محيط سجن الحسكة
دمشق تلوح بـ«ملاحقة المتعاونين» مع «الاحتلال الأميركي» شرق سوريا
الحسكة: كمال شيخو
كثفت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) ملاحقة «خلايا )داعش(» في الحسكة، غداة إعادة سيطرتها على سجن الصناعة بحي الغويران، قبل السماح بعودة المدنيين من سكان الأحياء المجاورة للسجن التي لا تزال تشهد اشتباكات متقطعة، في وقت كشفت القوات أن عدد المسلحين الذين شاركوا في التمرد المسلح والعصيان الأسبوع الماضي، واستسلموا، ارتفع إلى 3500 عنصراً، وأكدت «قسد» أنها تتعامل مع ما يسمى «أشبال الخلافة» بصفتهم ضحايا حرب بالدرجة الأولى، في حين أعلنت النيابة العسكرية العامة في دمشق عزمها تحريك دعاوى قضائية لملاحقة مَن وصفتهم بـالمتورطين مع الجيش الأميركي المنتشر شرق سوريا.
وبدأت «قسد» بعملية تمشيط واسعة لمهاجع وزنازين سجن الصناعة بالجهة الشمالية والغربية، وكثفت حملتها الأمنية في الأحياء المحيطة بالسجن جنوب مدينة الحسكة، بحثاً عن مسلحين وخلايا موالية للتنظيم متوارين، قبل السماح بعودة سكان أحياء الغويران والزهور والحارة العسكرية المتاخمة للسجن. وقدرت الأمم المتحدة نزوح نحو 45 ألفاً، وأسفرت المعارك التي دامت 6 أيام عن سقوط أكثر من 200 قتيل من مسلحي التنظيم، و27 مقاتلاً في صفوف «قسد» و7 مدنيين، وقامت القوات بنقل السجناء إلى محتجزات أكثر آمناً، في حين تستمر عملياتها العسكرية في سجن غويران ومحيطه.
وأشاد القائد العام للقوات مظلوم عبدي بوحدات قواته وكيف أبدت استجابة سريعة وفعالة في صد هجوم خلايا «داعش»، وذكر في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي بموقع «تويتر»: «بفضل تضحيات وحدات (قسد) والأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب المقاتلة، ودعم ومساندة من شركائنا في التحالف الدولي وتغطية جوية، تمت السيطرة على المتمردين واستعادة الأمن والأمان في أحياء مدينة الحسكة».
بدورها، كشفت العضو في القيادة العامة للقوات، نوروز أحمد، أنهم اتبعوا تكتيكات حرب الشوارع في معركة استعادة السيطرة على سجن الصناعة: «فرضت قواتنا الحصار كخطوة أولى لمواجهة الهجوم، ثم بدأت تدريجياً بتضييق الخناق على الخلايا وحصارهم داخل أسوار السجن، وأعلنا الهجوم الواسع وحملة دقيقة لصد التمرد وإنهاء حالة العصيان المسلح»، وشددت على أن الذين اشتبكوا مع مقاتلي القوات من داخل السجن تم القضاء عليهم جميعاً: «في حين الذين لم يشتبكوا وسلموا أنفسهم نقلوا لمراكز أخرى، ويتم الآن التجهيز والتحضير لمراكز احتجاز آمنة لكافة المحتجزين»، وذكرت بأن 10 آلاف مقاتل ومقاتلة من قواتهم شاركوا في هذه الحملة، ولفتت إلى أن «أهالي أحياء غويران والزهور ساندوا قواتنا كما باقي المناطق لتحقيق النصر ضد (داعش) وخلاياه المتمردة».
وأعلنت قوات «قسد» المدعومة من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، الأربعاء الماضي، استعادة «السيطرة الكاملة» على سجن «غويران» جنوب مدينة الحسكة الذي يضم 5 آلاف متطرف، وصدت هجوماً واسعاً شنه موالون وخلايا تابعة لتنظيم «داعش»، ويُعدّ «الأكبر والأعنف» له منذ احتجازهم هناك قبل 3 سنوات. ولليوم السابع على التوالي، لا تزال محافظة الحسكة والمدن والبلدات التابعة لها مغلقة أمام حركة مرور وتنقل المدنيين، وتقتصر إمكانية دخول المدينة في الوقت الحالي على المقاتلين والآليات العسكرية فقط فيما يمنع المدنيون من ذلك، وعند نقطة جسر البيروتي الفاصلة بين الحارة العسكرية وحي الغويران جنوب الحسكة، منعت وحدات تابعة للأمن الداخلي التابعة للإدارة وقوات عسكرية السماح لمجموعة مدنيين من نساء وأطفال ورجال توافدوا في ساعات الصباع بالدخول للاطمئنان على منازلهم وممتلكاتهم التي قالوا إنها قريبة، وبررت قوات الأمن عدم السماح لهم بـاستمرار الإجراءات الأمنية وعمليات التمشيط.
إلى ذلك، قال فرهاد شامي مدير المركز الإعلامي للقوات إنهم وبناءً على توصيات الأمم المتحدة ومنظمة «اليونيسيف» الخاصة بالطفولة «قمنا بفصل الأطفال القصر عن البالغين من مقاتلي التنظيم، وخصصنا مهاجع خاصة لهم، وأرسلنا جداول بقواعد البيانات التفصيلية المتعلقة بهم للأمم المتحدة»، مشيراً إلى اضطررهم لاحتجاز هؤلاء الأطفال الذين يُسمون بـ«أشبال الخلافة» كخيار مؤقت: «لا بد منه لحين إيجاد الحلول المناسبة وحفاظاً على سلامتهم وسلامة المجتمع».
وأكد تعاملهم مع الأطفال بصفتهم «ضحايا حرب» بالدرجة الأولى، وشدد على التزامهم بجميع المواثيق والمعاهدات الخاصة بحماية الأطفال «على الرغم من انخراط هؤلاء الأطفال في الأعمال العسكرية المباشرة، وتلقي تدريبات عسكرية وآيديولوجية متطرفة في صفوف تنظيم (داعش) سابقاً»، وجدد القيادي العسكري شامي مطالبات «قسد» والإدارة الذاتية شرق الفرات دعوتها للأمم المتحدة على حث الدول والحكومات التي لديها رعايا معتقلون على خلفية ارتباطهم بتنظيم «داعش» الإرهابي «إلى الإسراع في إعادتهم إلى بلدانهم، وضرورة الإسراع في ترحيل الأطفال والنساء بشكل خاص».
من جهة ثانية، أعلنت النيابة العسكرية العامة في دمشق عزمها ملاحقة من وصفتهم بـ«المتورطين» مع القوات الأميركية المنتشرة شرق سوريا، على خلفية الأحداث التي تشهدها الحسكة، سواء كانوا سوريين أو أجانب عبر بيان رسمي نشرته وسائل الإعلام الرسمية أمس (الخميس)، وقالت النيابة في بيانها إن الوجود الأميركي «بعيد كل البعد عن مسوغ القانون الدولي، وليس له مسمى سوى الاحتلال، واتهمت النيابة العسكرية واشنطن بتمكين قوات (قسد) من إنشاء كيانات سياسية بديلاً لمؤسسات الدولة السورية صاحبة الشرعية»، على حد تعبير البيان، وأن قانون العقوبات السوري «سيفسح المجال واسعاً أمام الملاحقات القضائية للمتورطين بما يقوم به الاحتلال الأميركي سواء كانوا سوريين أو أجانب».
الشرق الأوسط
—————————
عودة الاشتباكات إلى “الحسكة” بعد الإعلان عن انتهائها.. ومقاتلو “قسد” يلاحقون عناصر داعش بالشوارع
عربي بوست
قالت صحيفة New York Times الأمريكية في تقرير نشرته يوم الخميس 27 يناير/كانون الثاني 2022 قوات “قسد” التابعة للأكراد تبادلت من جديد إطلاق النار من فوق أسطح المنازل مع عشرات من مقاتلي تنظيم الدولة الذين ما زالوا يتحصَّنون في سجن محاصر في شمال شرق سوريا، وذلك رغم مزاعم الفصائل المدعومة من أمريكا أنها استعادت سيطرتها الكاملة على المجمع بأكمله.
كان فرهاد الشامي المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية المعروفة باسم ” قسد” قال في تغريدة على تويتر يوم الأربعاء 26 يناير/كانون الثاني 2022 إن القوات التي يقودها الأكراد استعادت بالكامل السيطرة على سجن الصناعة في مدينة الحسكة شمال شرق سوريا الأربعاء، وإن جميع مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الباقين استسلموا.
مقتل العشرات في سجن الحسكة
في حين قال مسؤولون إن 200 على الأقل من نزلاء السجن والمتشددين و30 من أفراد قوات الأمن لاقوا حتفهم منذ هاجم مقاتلو الدولة الإسلامية السجن يوم الخميس، في مسعى لإطلاق سراح أعضاء التنظيم.
لكن الصحيفة الأمريكية قالت في تقريرها إن مراسليها، رغم تأكيدات بانتهاء القتال في السجن، وصلوا إلى المنطقة فوجدوا أن القتال بين قوات قسد وداعش ما زال مستمراً.
اشتباكات بين القوات الكردية وعناصر داعش بمحيط سجن الحسكة، شمال شرق سوريا/ تويتر
حيث أطلقت القوات التي يقودها الأكراد قذائف صاروخية على مجمع السجن المدمر جزئياً، وسمع صوت مدافع مضادة للطائرات محمولة على شاحنات أثناء مواجهتهم لما يصل إلى 90 من مقاتلي داعش الذين ما زالوا يقاتلون من الداخل.
سجناء ينضمون الى داعش
من جانبه، قال مسؤول في إحدى الجماعات شبه العسكرية الكردية السورية التي تقاتل داعش، إن معظم المعاقل كانوا من بين الذين اقتحموا السجن، لكن بعضهم كانوا سجناء انضموا إليهم.
في حين يعتبر هجوم السجن أقوى دليل حتى الآن على عودة ظهور داعش عبر أجزاء من سوريا والعراق، بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من فقد التنظيم السيطرة على ما يسمى الخلافة، وهي مساحة شاسعة من الأراضي في كلا البلدين. كما شن المتطرفون سلسلة من الهجمات على القوات العسكرية في العراق المجاور في الأشهر الأخيرة.
من ناحية أخرى فقد دفعت عملية اقتحام السجن، الجيش الأمريكي إلى المعركة لدعم قوات سوريا الديمقراطية، حيث قامت بضربات جوية واستخبارات وعربات مصفحة لتطويق السجن. كانت أكبر مواجهة بين القوات الأمريكية وداعش منذ ثلاث سنوات كما اندلع القتال يوم الخميس في المناطق المحيطة بمجمع السجون.
حصار الصحفيين
كذلك وفي حلقة مرور قريبة في وسط الحسكة، اختبأ فريق من نيويورك تايمز مع صحفيين محليين ومدنيين حوصروا في المنتصف، بينما تتبادل قوات سوريا الديمقراطية النيران مع مسلحي داعش حيث اندلع تبادل إطلاق النار بالقرب من قاعدة عسكرية أمريكية صغيرة تضم حوالي 700 جندي أمريكي في شمال شرق سوريا.
من جانبها، قالت قوات سوريا الديمقراطية إن اثنين من مقاتلي داعش قُتِلا في الاشتباك بالقرب من الدوار، لكن لم ترد تقارير عن إصابة مدنيين في ذلك الاشتباك.
محيط سجن الصناعة في مدينة الحسكة شمال شرق سوريا حيث تستمر الاشتباكات بين داعش والقوات الكردية، تويتر
فيما لم يرد مسؤولو قوات سوريا الديمقراطية على استفسارات بشأن تأكيدهم يوم الأربعاء أن القوة استعادت السجن بالكامل. قال مسؤول يوم الخميس إن مقاتلي داعش المتبقين تحصنوا في أقسام مختلفة من أحد مباني السجن الثلاثة.
البحث عن الفارين من داعش
كذلك وفي حي قريب، انتشر المئات من القوات الخاصة الكردية، متوجهين من منزل إلى منزل للبحث عن السجناء الفارين ومقاتلي داعش المختبئين.
ففي أسفل زقاق، أوقف عناصر من القوات الخاصة شباناً من بعض المنازل بالقرب من الجدار أثناء فحصهم لوثائقهم. وأمروا السكان بالخروج من منازلهم وقالوا عبر مكبرات الصوت اتركوا الأبواب مفتوحة، وإلا فسيستخدمون القوة لفتحها.
من جانبها، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن القتال أجبر 45 ألف شخص في هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة على الفرار من منازلهم معظمهم من النساء والأطفال. ذهب البعض للإقامة مع أقاربهم، بينما انتهى الأمر بالآخرين في ملاجئ بالمدينة.
ففي أحد البيوت، ظهرت أم شابة مع ولدين، بعيون واسعة ومذعورة. قالت نسرين، التي طلبت الكشف عن اسمها الأول فقط خوفاً على أمنها، إنها كانت تحاول إبقاءهم دافئين من خلال استعارة الوقود من الجار. وقالت إن المياه انقطعت خلال الأيام العشرة الماضية.
سجن الصناعة في الحسكة شمال شرق سوريا الذي يتواجد به آلاف السجناء من تنظيم داعش، تويتر
كذلك وعندما سُئلت عن سبب بقائها في المنزل بعد أن غادر معظم جيرانها، أجابت: “ليس لدينا مكان آخر نذهب إليه”.
جثث قتلى داعش
بجانب مجمع السجون، خرجت جرافة من أنقاض مركز ثقافي بجوار مجمع السجون وهي تحمل جثة مقاتلة من داعش متصدعة قبل أن تلقيها في صندوق شاحنة صغيرة. على الجانب الآخر من الشارع، كانت أربع ناقلات نفط سوداء على الأقل ملقاة على جوانبها، وأصيبت بما وصفته قوات سوريا الديمقراطية بأنه غارة جوية على المباني القريبة من قبل التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة ضد داعش. كان أحدها لا يزال يحترق.
كذلك وفي مبنى آخر خلف المركز الثقافي، تعرض لغارة جوية، انتشل مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية بقايا مقاتلين آخرين من داعش من المعدن الملتوي والأنقاض.
————————————
“أشبال الخلافة”.. قصة الأطفال المعتقلين في سجن الحسكة ولماذا لم يسأل عنهم أحد؟
عربي بوست
بعد عدة أيام من القتل، لا تزال أحداث سجن “غويران” أو “الصناعة” في مدينة الحسكة شمال شرق سوريا مستمرة، وذلك بعدما هاجم عناصر مسلحون من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” السجن يوم الخميس 20 يناير/كانون الثاني 2022، وفر المئات من سجناء التنظيم.
وأعلنت “قوات سوريا الديمقراطية” الكردية أنها تمكنت من حسم المشهد والسيطرة على السجن، لكن بعض الأخبار تقول عكس ذلك وإن حالات الكر والفر وإطلاق النار مع عناصر تابعة للتنظيم الجهادي ما زالت مستمرة.
وبعيداً عن مسلحي داعش المعتقلين، فهناك المئات من الأطفال المحتجزين داخل السجن فيما تعرض بعضهم لإطلاق النار في هذه الأحداث لكن الغريب هؤلاء الأطفال لا يسأل عنهم أحد ولا يريد أحد إطلاق سراحهم فمن هم ولماذا هم هناك؟
سلطت سلسلة من الرسائل الصوتية المؤلمة التي أرسلها مراهقٌ أسترالي مُصاب من سجن الحسكة، الضوء على محنة آلاف الصبية المنسيين الذين لا يزالون عالقين في مراكز اعتقال مُكتظَّة في سوريا والعراق.
يُعتقد أن مئات القُصَّر مُحتَجَزون في سجن غويران، الذين كانوا في القلب من مواجهةٍ عنيفة بدأت قبل أسبوع بين مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية والمقاتلين الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة.
اشتباكات بين القوات الكردية وعناصر داعش بمحيط سجن الحسكة، شمال شرق سوريا/ تويتر
قالت القوات التي يقودها الأكراد يوم الأربعاء، 26 يناير/كانون الثاني، إنها سيطرت على القسم الأخير من السجن الذي يسيطر عليه تنظيم الدولة الإسلامية، وأطلقت سراح عددٍ من الصبية المحتجزين الذين قالت إنهم استُخدِموا كدروعٍ بشرية. وقد أنهى ذلك هجوماً استمر أسبوعاً من قِبَلِ المتطرِّفين على أحد أكبر مراكز الاعتقال في سوريا، لكن مصير مئات الصبية ظلَّ مجهولاً، بحسب تقرير لوكالة Associated Press الأمريكية.
قالت جولييت توما، المتحدثة الإقليمية باسم وكالة الأطفال التابعة للأمم المتحدة: “نحن نتحدث عما يقرب من 800 صبي هم على الأرجح من أكثر الصبية استضعافاً في العالم في الوقت الحالي”. وأضافت: “العنف الأخير في السجن جعل الأمور بالنسبة لهم أسوأ بكثير”.
ويبدو أن القتال أسفر عن مقتل أو إصابة العديد من الصبية المُحتَجَزين، على الرغم من عدم معرفة الأعداد.
وتلقَّت منظمة هيومان رايتس ووتش ووكالة Associated Press الأمريكية سلسلةً من الرسائل الصوتية التي أرسلها الشاب الأسترالي البالغ من العمر 17 عاماً من داخل السجن والتي طَلَبَ فيها المساعدة، قائلاً إنه أصيب في رأسه وكان ينزف. وقال إن أصدقاءه قُتلوا ورأى جثث أطفال تتراوح أعمارهم بين 8 و12 عاماً.
“أشبال الخلافة”
كان بعض الصبية أطفالاً عندما انتزعهم آباؤهم من بلادهم بعد أن قرروا الانضمام إلى ما يسمى بالخلافة الإسلامية التي أُعلنت في عام 2014 على أجزاء من سوريا والعراق. ووُلِدَ آخرون هناك، والتحق العديد منهم بمدارس يديرها تنظيم الدولة، حيث دُرِّبوا على القتال.
وبينما ارتكب تنظيم الدولة الإسلامية مذابح بحق السكان واستعبد العديد من النساء والفتيات، سعى أيضاً إلى إعادة تعليم الصبية الصغار وحاولوا تحويلهم إلى مقاتلين جهاديين. قاموا بتجنيد المراهقين والأطفال باستخدام الهدايا والتهديدات وغسيل الأدمغة، وتحوَّلَ الأولاد إلى قتلة وانتحاريين. وأظهرت مقاطع فيديو لداعش أطفالاً يقطعون رؤوس أشخاصٍ ويطلقون النار على أسرى بدمٍ بارد، بحسب الوكالة الأمريكية.
داعش سوريا بريطانيا
مستقبل مجهول ينتظر الأطفال الأوروبيين المحتجزين مع سجناء “داعش” بسوريا، معسكر الهول، أرشيفية/ رويترز
كان كلُّ ذلك جزءاً من جهد منسق لبناء جيل جديد من المقاتلين، أطلقوا عليهم اسم “أشبال الخلافة”.
أُلقِيَ القبض على معظمهم في وقتٍ لاحق من قبل القوات التي يقودها الأكراد خلال الحملة المدعومة من الولايات المتحدة والتي أسقطت تنظيم الدولة الإسلامية قبل ثلاث سنوات، وأُلقِيَ بهم في مراكز اعتقال مزرية ومُكتظَّة حيث ما زالوا يعانون.
وُضع آخرون في مخيماتٍ بائسة في شماليّ شرق سوريا تحتجز عائلات مقاتلي داعش المُشتَبَه بهم، حيث يتعرَّضون للعنف والاستغلال وسوء المعاملة. وبمجرد أن يصبحوا مراهقين يُعتبرون أكبر سناً بما يكفي للانفصال عن أمهاتهم، ويُنقَلون إلى أحد مراكز الاعتقال حيث ينضمون إلى المقاتلين. ليست قواعد الفصل الزمني واضحةً تماماً، وبحسب ما ورد كان البعض لا يتجاوز 12 عاماً في سجن غويران.
تقدِّر ليتا تايلر من هيومان ريتس ووتش أن 600 صبي قاصر، نصفهم تقريباً من العراقيين وغيرهم من غير السوريين، كانوا نزلاء في السجن. وقالت تايلر إن معظمهم تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاماً، على الرغم من أن بعضهم لا تزيد أعمارهم عن 12 عاماً. ليس من الواضح عدد الأولاد في السجن الذين درَّبَهم تنظيم داعش أو ما إذا كان أيٌّ منهم قد ارتكب أيَّ جرائم.
لماذا لا يزالون هناك؟
في الغالب لأن حكوماتهم رفضت إعادتهم إلى أوطانهم.
طلبت السلطات الكردية من الدول إعادة رعاياها، قائلةً إن الاحتفاظ بآلاف المعتقلين في منشآت ضيقة يضغط على قواتها ويخلق جيلاً جديداً من المسلَّحين.
وقالت تيلر: “لم يُعرَض أيٌّ منهم على قاضٍ لتحديد ما إذا كان ينبغي احتجازهم. هؤلاء الأطفال ما كان ينبغي أن يُزَج بهم في هذا السجن المزري، حيث من الواضح أن حياتهم مُعرَّضةٌ للخطر منذ البداية. كان ينبغي على بلدانهم إعادتهم إلى الوطن منذ فترةٍ طويلة لمساعدتهم في إعادة بناء حياتهم”.
لكن الحكومات المحلية غالباً ما ترى الأطفال على أنهم يشكلون خطراً وليس أنهم بحاجةٍ إلى الإنقاذ.
نساء داعش
هل تتحرك الحكومات الغربية لاستعادتهن قبل فوات الأوان / أرشيفية
سمحت بعض دول الكتلة السوفيتية السابقة لبعض مواطنيها بالعودة، لكن الدول العربية والأوروبية والإفريقية الأخرى أعادت عدداً ضئيلاً فقط أو رفضت.
تدير السلطات الكردية أكثر من عشرين مركز اعتقال منتشرة في جميع أنحاء شماليّ شرق سوريا تضم حوالي 10 آلاف مقاتل من داعش. ومن بين المعتقلين نحو ألفي أجنبي بينهم نحو 800 أوروبي.
بالإضافة إلى ذلك، هناك حوالي 27,500 طفل من 60 جنسية مختلفة مُعتَقَلين في مخيَّم الهول مترامي الأطراف، والذي يأوي عائلات أعضاء داعش، معظمهم من العراقيين، يليهم السوريون.
—————————————
نيويورك تايمز: قسد ما تزال تقاتل في سجن الصناعة شمال شرقي بسوريا
نيويورك تايمز – ترجمة: ربى خدام الجامع
فوق أسطح البيوت، تبادلت قوات سوريا الديمقراطية “قسد “إطلاق النار مع العشرات من عناصر تنظيم الدولة الذين تمترسوا في سجن الصناعة المحاصر شمال شرقي سوريا يوم الخميس، بالرغم من أن “قسد” المدعومة أميركياً زعمت قبل يوم على ذلك أنها استعادت كامل السيطرة على المبنى.
إذ أعلنت قوات سوريا الديمقراطية يوم الأربعاء الماضي أنها استعادت السيطرة على سجن الصناعة في مدينة الحسكة بعد استعصاء آلاف ممن كانوا فيما مضى مقاتلين لدى التنظيم، بعد مرور أسبوع تقريباً على قيام زملائهم المقاتلين بشن هجوم على السجن في محاولة لإطلاق سراحهم.
ولكن عندما وصل صحفيون من صحيفة نيويورك تايمز إلى ذلك الموقع يوم الخميس، ليكونوا بذلك أوائل الصحفيين الأجانب الذين يغطون ما يجري في ذلك الموقع، كان القتال ما يزال دائراً.
إذ أطلقت “قسد” قذائف صاروخية على مبنى السجن الذي دُمر قسم منه، كما سمع هدير رشاشات مضادة للطائرات التي ركبت على شاحنات وهي تقوم بمواجهات مع نحو 90 عنصرا من تنظيم الدولة مايزالون يقاتلون من داخل السجن.
وذكر أحد المسؤولين لدى “قسد” أن معظم من صمدوا من المقاتلين كانوا من بين هؤلاء الذين اقتحموا السجن، إلا أن البعض منهم كانوا سجناء انضموا إليهم.
تنظيم الدولة.. عاد من جديد
يعتبر الهجوم على ذلك السجن أبلغ دليل حتى الآن على عودة تنظيم الدولة إلى مناطق في سوريا والعراق، بعد مرور ثلاث سنوات تقريباً على خسارته لمساحات شاسعة في كلا البلدين كانت تحت سيطرة دولة الخلافة المزعومة، كما صعّد المتطرفون من سلسلة هجماتهم على القوات العسكرية في دولة العراق الجارة خلال الأشهر القليلة الماضية.
بيد أن هذا الهجوم على السجن قام بجر الجيش الأميركي إلى النزاع دعماً لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، حيث شن الجيش الأميركي غارات جوية، وزودهم بمعلومات استخباراتية، ومركبات مصفحة لتطويق السجن، فكانت تلك أكبر مواجهة بين القوات الأميركية وتنظيم الدولة جرت خلال السنوات الثلاث الماضية.
وقد اندلع القتال يوم الخميس أيضاً في المناطق المحيطة بمبنى السجن. وبالقرب من دوار يقع في مركز مدينة الحسكة، التجأ فريق “نيويورك تايمز” بصحبة صحفيين محليين ومدنيين وجدوا أنفسهم في خضم تبادل النيران بين “قسد” ومسلحي التنظيم. حيث اندلعت تلك المواجهة النارية بالقرب من قاعدة صغيرة للجيش الأميركي تؤوي نحو 700 مجند في شمال شرقي سوريا.
وصرحت قسد بأن مقاتلَين تابعَين للتنظيم قتلا في الاشتباك الذي وقع بالقرب من الدوار، ولكن لا وجود لأية تقارير حول إصابة مدنيين خلال تلك المواجهة.
بيد أن مسؤولين لدى قسد لم يجيبوا على الأسئلة التي تتصل بتأكيداتهم التي صدرت يوم الأربعاء والتي تدور حول استعادة قواتهم للسجن بالكامل. في حين تحدث مسؤول لديهم يوم الخميس وقال إن من تبقى من عناصر تنظيم الدولة تمترسوا في أجزاء مختلفة من أحد أبنية السجن الثلاثة.
تمشيط للأحياء والبيوت
في أحد الأحياء القريبة انتشرت مئات العناصر من القوات الخاصة التابعة لـ “قسد” وأخذوا ينتقلون من بيت إلى بيت بحثاً عن السجناء الهاربين وعن عناصر تنظيم الدولة المختبئين.
وفي أحد الأزقة، قام قادة القوات الخاصة بصف رتل يضم عدداً من الشبان الذين أخذوهم من بعض البيوت القريبة من أحد الجدران وأخذوا يفتشون وثائقهم الثبوتية. كما طلبوا من الأهالي عبر مكبرات الصوت الخروج من بيوتهم، وترك أبوابها مفتوحة، أو قاموا بإجبارهم على فتحها بالقوة. وهكذا خلا معظم الحي من سكانه.
نزوح بالجملة
أما منظمة اليونيسيف للأطفال التابعة للأمم المتحدة فقد ذكرت أن القتال أجبر 45 ألفاً من أهالي تلك المدينة المؤلفة من مليون نسمة على النزوح من بيوتهم، ومعظمهم من النساء والأطفال. بعضهم توجه ليقيم مع أقاربه، بينما تقطعت السبل بالآخرين الذين انتقلوا إلى أماكن أخرى في تلك المدينة.
ومن أحد البيوت خرجت أم شابة مع طفليها مذهولة وخائفة، حيث ذكرت نسرين التي طلبت الإشارة إليها عبر اسمها الأول فقط خوفاً على سلامتها وأمنها، أنها كانت تحاول أن تدفئ طفليها عبر اقتراض الوقود من جارتها إلا أن الماء قطعت طوال الأيام العشرة الماضية.
وعندما سئلت عن سبب بقائها في بيتها في الوقت الذي رحل فيه معظم جيرانها، أجابت: “ليس لدينا مكان آخر بوسعنا أن نمضي إليه”.
وإلى جانب مبنى السجن، خرجت جرافة من بين أطلال مركز ثقافي مجاور لمبنى السجن وهي تحمل كومة لجثة تعود لأحد مقاتلي تنظيم الدولة وذلك قبل أن تقوم برميها في الجزء الخلفي لشاحنة بيك آب صغيرة.
وعلى الطرف المقابل من الشارع، تمددت خزانات وقود لطخها السواد على أحد جوانبها، وكانت إحداها ما تزال في طور الاحتراق، وذلك بعدما استُهدفت بما وصفته قوات قسد بغارة جوية أصابت الأبنية المجاورة شنتها قوات التحالف العسكري الذي تترأسه الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة.
وبالقرب من بناء آخر يقع خلف المركز الثقافي الذي استهدفته الغارة الجوية، قام مقاتلو قسد بسحب بقايا عنصرين من مقاتلي تنظيم الدولة من بين الركام وما تبقى من المعادن المنصهرة.
حصيلة القتلى ومأساة الأطفال المجندين
في وقت سابق ذكر الناطق الرسمي باسم “قسد” يوم الأربعاء الماضي أن ما لا يقل عن 30 من مقاتلي “قسد” وما يربو على 100 مقاتل لقوا حتفهم في ذلك الهجوم، إلا أنه يعتقد بأن الحصيلة النهائية المتوقعة لعدد القتلى أكبر من ذلك بكثير.
كما لم يتضح بعد مصير قرابة 700 فتى ذكرت “قسد” أنهم استخدموا كدروع بشرية على يد من شنوا الهجوم من تنظيم الدولة، وتتراوح أعمار هؤلاء الصبية ما بين 10-18 عاماً، وقد ظلوا محتجزين طوال ثلاث سنوات في ذلك السجن نظراً لانضمام أهاليهم إلى تنظيم الدولة، كما أن بعضهم قد جند على يد التنظيم ليتحول إلى مقاتل طفل لدى تنظيم الدولة.
إلا أن أحد المسؤولين الرفيعين لدى “قسد”، والذي تحدث بشرط التكتم على اسمه، قال إن هؤلاء الأطفال قد تم وضعهم في مبنى منفصل، لكنهم اختلطوا مع السجناء الراشدين خلال فترة الحصار، والبعض منهم حمل سلاحاً وتم دفعه للمشاركة في تلك الاشتباكات.
وهؤلاء الصبية الذين تعرضوا للاعتقال مرة أخرى أو استسلموا قد تم فصلهم من جديد عن السجناء البالغين، بحسب ما ذكره ذلك المسؤول.
مجرد تقديرات !
في حين يقول سياميند علي رئيس القسم الإعلامي لدى وحدات حماية الشعب ، وهي إحدى الفصائل التابعة لقسد، إنه لم يسمع بمقتل أي طفل من الرهائن في الاشتباكات وإن كل المعلومات حول ما جرى لكل السجناء ما تزال مجرد تقديرات.
وذكر أن أكثر من ثلاثة آلاف معتقل قد استسلم معظمهم وتم نقلهم إلى مقر احتجاز جديد بناه التحالف الدولي. وما يزال بعض عناصر تنظيم الدولة داخل السجن، وهؤلاء من المقاتلين الأجانب على الأرجح بحسب زعمه، ثم أضاف: “لقد أدى الهجوم على السجن إلى تنشيط الخلايا النائمة في مناطق أخرى”.
“ستعودون إن أصغيتم إليّ!”
يذكر أن أهالي الأحياء المجاورة للسجن فروا أو أجبروا على ترك بيوتهم على يد قوات الأمن بعد هجوم تنظيم الدولة على السجن يوم الخميس الماضي بواسطة انتحاريين ومسلحين. وبعد مرور أسبوع على الهجوم، تجمع عشرات من العائلات عند نقطة تفتيش تبعد عن بيوتهم مسافة تقل عن كيلومترين، إلا أن قوات الأمن منعتهم من العودة نظراً لأن الخطر الذي هربوا منه ما يزال قائماً.
“ستعودون إن أصغيتم إلي!” هذا ما قالته ضابطة استخبارات ترتدي الزي العسكري وتضع شريطة رأس زهرية اللون وهي تصرخ أمام مجموعة من النساء أخذن يطلبن منها الإذن للعودة إلى البيت.
كما أخذت طائرات عسكرية تحلق فوق الرؤوس عندما افترشت تلك العائلات الرصيف الإسمنتي على أمل أن يفتح الطريق، بعضهم حمل معه أكياساً بلاستيكية فيها أرغفة من الخبز، ذلك العنصر الأساسي الذي بات من الصعب تحصيله في تلك المناطق، على أمل أن يحملوا خبزهم معهم عند العودة إلى بيوتهم.
تخبرنا فطمة ناصر، 25 عاماً، أنها بقيت هي وأطفالها الصغار الثلاثة عند أقاربها وأنها تتحرق شوقاً للعودة إلى بيتها.
أما ابنتها ماريا فقد أمسكت بدميتها البلاستيكية الرخيصة التي ترتدي ثوباً أسود حيك في البيت بخيوط صفراء خشنة، وقد تدلت يدها خارج جسدها.
في حين تقول فطيم عواد الجميل وهي امرأة أكبر سناً لديها تجاعيد عميقة ووشم يشير إلى قبيلتها على وجهها: “إنني أموت”، كما ذكرت أنها لا تعرف عمرها، وترتدي هذه المرأة وشاحاً بلون قرمزي داكن لفته بدبابيس لتضمن عدم انزياحه، وتقول لنا إنها سارت من أحد الأحياء الواقعة على تخوم المدينة برفقة بناتها وأحفادها على أمل أن تعود إلى بيتها، وتعلق على ذلك قائلة: “لقد غادرنا لأننا شعرنا بالخوف، إذ كنا نياماً عندما دخل تنظيم الدولة إلى الحي”.
كما شهدت أن مقاتلي تنظيم الدولة قاموا بقطع رأسي اثنين من جيرانها بينهم ضابط في الشرطة وذلك بعد سيطرة التنظيم على السجن، وقد أكدت “قسد: قيام عناصر تنظيم الدولة بقطع رأسي شخصين في تلك المنطقة.
وتتابع فطيم فتخبرنا أن مقاتلي تنظيم الدولة غرباء عن المنطقة، وتقول: “لم يأتنا أحد من الأشخاص الموجودين داخل السجن، لأن هؤلاء ضعفاء، بل إن من أتونا أشخاص جاؤوا من البادية”.
المصدر: نيويورك تايمز
——————————-
التنظيم يكشف تفاصيل هجوم “غويران”.. ويتحدث عن “فرار مجموعات”
كشف تنظيم “الدولة الإسلامية” تفاصيل الهجوم الذي شنه قبل أسبوع على سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة.
وجاء ذلك في تقرير مطول نشرته صحيفة “النبأ” الناطقة باسمه، اليوم الجمعة.
وذكرت الصحيفة نقلاً عن مصدر أمني لم تسمه أن الهجوم بدأ بتفجير شاحنتين مفخختين، يقودها شخصان أجنبيان لا سوريان.
وأضافت أنه وعقب التفجير نفذ 12 عنصراً مقسمين على 4 مجموعات هجوماً على أسوار سجن الصناعة الخارجية، نافية المعلومات التي تحدثت عن هجوم نفذه المئات من عناصر التنظيم.
#Thread #IS #HASKAH #JAILBREAK
New information were published by Daesh IS official newspaper called “AlNabaa” about the last operation on AlSina jail, Some points to highlight:
1. The two members who carried out the suicide attacks by bombing cars were foreigners not Syrians. pic.twitter.com/tgH9xl3x3c
— Hussam Hammoud (@HussamHamoud) January 28, 2022
وكانت “قسد” قد أعلنت قبل يومين أنها سيطرت بالكامل على السجن من الداخل والخارج.
لكن مصادر إعلامية من شرق سورية أشارت أمس الخميس إلى أن الاشتباكات ما تزال متواصلة في عدة مناطق بحي غويران.
ولم تكشف “قسد” حتى اللحظة التفاصيل الأساسية للهجوم الذي نفذته “خلايا نائمة تتبع للتنظيم” بحسب روايتها.
في المقابل زعمت صحيفة “نبأ” أن الاشتباكات التي شهدتها الأيام الماضية دارت على 3 جبهات: السجن، حي الزهور، حي غويران، مشيرةً إلى “فرار مجموعات” إلى ما وصفتها بالمناطق “الآمنة”.
ولم يتضح عدد الفارين من سجن الصناعة، وعما إذا كان الأمر صحيحاً.
وبحسب الصحيفة الناطقة باسم التنظيم خسرت “قوات سوريا الديمقراطية”، جراء الهجوم 260 مقاتلاً، بينما تدمرت لهم 26 آلية عسكرية.
ويوم أمس الخميس نقلت صحيفة “القدس العربي” عن مصادر لم تسمها، أن أبرز الشخصيات التي استطاعت الفرار خارج الحسكة، هي الشرعي “أبو دجانة”، الذي كان أحد القياديين في تنظيم “القاعدة” قبل توليه مهاماً في تنظيم “الدولة” بمحافظة الرقة شمالي سورية.
كما فر القيادي العسكري في ريف حلب الشرقي سابقاً “أبو حمزة شرقية”، وهو أحد المعتقلين في معركة الباغوز عام 2019.
وحسب الصحيفة استطاع عدد من القياديين الوصول إلى حي الزهور، حيث كانت تنتظرهم سيارة، وجرى تأمين طريق لهم خارج مناطق سيطرة “قسد”.
والمجموعة الفارة، حسب مصادر الصحيفة، فيها عناصر من جنسيات عراقية وسورية، ويصل عددهم إلى 35 سجيناً، تمكنوا سابقاً من تهريب هاتف محمول بالتعاون مع أحد الحراس.
فيما اتجه سجناء آخرون إلى البادية، حيث تنتشر خلايا التنظيم، وتعد منطلقاً لعملياته ضد “قسد” وجيش النظام.
—————————
استئناف القتال في سجن الدولة الإسلامية في سوريا
أعلن تحالف الميليشيات الذي يقوده الأكراد في سوريا قبل الأوان أن أكبر سجن في المنطقة يحتجز محتجزي تنظيم الدولة الإسلامية مؤمن يوم الأربعاء بعد هروب كبير من السجن والمعركة التي تلت ذلك الأسبوع الماضي.
واستمر القتال الخميس ، حيث قالت قوات سوريا الديمقراطية إن عناصرها اكتشفوا أنصارًا آخرين لداعش لم يستسلموا في جناح واحد من مجمع السجون.
وقالت قوات سوريا الديمقراطية في بيان “بعد استعادة السيطرة على سجن الصناعة وفرض الاستسلام على نحو 3500 معتقل متورط في التمرد ، بدأ تركيزنا عمليات كاسحة … في مهاجع السجون حيث تحصن الإرهابيون”. واضافت “خلال هذه العمليات كشفت قواتنا مخبأة عن مخابئ الارهابيين في المهاجع الشمالية للسجن”.
واستطرد قائلاً: “لقد دعت قواتنا إلى الاستسلام الآمن لهؤلاء الإرهابيين ، وإذا لم يردوا ، فسنتعامل معهم بحزم”.
على مدار الأسبوع الماضي ، كانت سيناء ، المعروفة أيضًا باسم سجن غروان ، في مدينة الحسكة شمال شرق سوريا مسرحًا لأشد أعمال عنف دموية في المنطقة منذ هزيمة الجماعة الجهادية في ساحة المعركة قبل ما يقرب من ثلاث سنوات.
قالت تقييمات أولية لقوات سوريا الديمقراطية إن المعركة خلفت حوالي 200 قتيل ، يعتقد في الغالب أنهم من مقاتلي داعش والهاربين ، وما لا يقل عن 30 من أفراد قوات الأمن المحلية متعددة الأعراق. لا يزال من غير الواضح عدد سجناء داعش الذين فروا.
وبدعم من الضربات الجوية والمراقبة والدروع الأمريكية ، شكلت قوات سوريا الديمقراطية محيطًا حول السجن ثم دخلت المنشأة ليلة الاثنين.
لا يزال مصير عدة مئات من الأولاد المحتجزين في القسم الشمالي من السجن ، وبعضهم لا يتجاوز سنه 12 عامًا ، غير واضح.
استجابت قوات سوريا الديمقراطية ، اليوم ، لتصريحات اليونيسف والجماعات الحقوقية بشأن القلق الشديد على رعاية الأولاد ، ودعت إلى إجلائهم ، مؤكدة التزامها بالاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الأطفال.
وبدعم من تحالف متعدد الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة ، استولى التحالف الذي يقوده الأكراد على جميع الأراضي السورية تقريبًا شرق نهر الفرات من داعش بين 2015-2019 في حرب برية عنيفة.
تم أسر غالبية السجناء المحتجزين في سيناء ، والذين يتراوح عددهم بين 4 و 5 آلاف ، في ساحة المعركة في الباغوز ، وهي قرية صغيرة تقع على ضفاف النهر على الحدود الشرقية لسوريا مع العراق ، حيث وقف التنظيم الجهادي معركته الأخيرة في آذار / مارس 2019.
لا يزال ما لا يقل عن 50 إلى 60 ألفًا من أفراد عائلة داعش والمقاتلين الأسرى في سجون مؤقتة ومعسكرات اعتقال تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في جميع أنحاء شمال شرق سوريا حتى يومنا هذا.
دعا المسؤولون في شمال شرق سوريا المجتمع الدولي مرارًا وتكرارًا إلى إعادة مواطنيهم المحتجزين إلى الوطن وإلى دعم أكبر في تمويل المواقع وتأمينها.
قال التحالف في السنوات الأخيرة إن خفض مستوى القوات الأمريكية في شمال شرق سوريا حد من قدرته على مراقبة مواقع الاحتجاز بشكل مباشر.
—————————————–
هل تتمّ إعادة تأهيل تنظيم داعش في العراق وسوريا
القاهرة – في عمليتين متزامنتين، هاجم تنظيم داعش سجنا يضم عناصر له في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا وقاعدة للجيش العراقي في محافظة الأنبار، لتثار مخاوف من عودة ظهور التنظيم بعد تأكيدات على دحره في العراق وانحساره في سوريا.
فالعشرات من عناصر داعش المسلحين بأسلحة رشاشة ثقيلة وعربات مفخخة هاجموا سجن الصناعة في حي غويران، بهدف تهريب سجناء تابعين للتنظيم ورفع معنويات مقاتليه والمتعاطفين معهم في سوريا والعراق.
فسجن الصناعة بالحسكة، هو الأكبر من بين عشرات المنشآت التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ويضم بضعة آلاف من السجناء، من بينهم قادة داعش البارزون وشخصيات متطرفة أخرى.
وعلى الرغم من عدم وجود ما يشير إلى أن هذه الهجمات كانت منسقة، يرى محللون أن داعش يحاول من خلالها تعزيز صفوفه وترسانته في محاولة لإعادة التنظيم في كلا البلدين.
ووصف الهجوم على سجن الصناعة بأنه أكبر هجمات التنظيم منذ الإعلان عن هزيمة ما تسمى بـ”دولة الخلافة” قبل نحو ثلاث سنوات.
بينما كان هجوم العراق، الذي شهدته ناحية العظيم بمحافظة ديالى وأسفر عن مقتل 11 جنديا، الأكثر دموية لداعش في البلاد هذا العام
واحتاجت قوات سوريا الديمقراطية نحو أسبوع ودعما عسكريا من طائرات التحالف حتى تمكنت من استعادة السيطرة الكاملة على الحي ومطاردة سجناء داعش الذين تمكنوا من الفرار بعد مهاجمة السجن.
ويوجه مراقبون أسهم الانتقاد لدول الغرب ويلقون عليها باللائمة فيما حدث في الحسكة، مشيرين إلى أن “الغرب تجاهل سجون الجهاديين، لكن لا يمكنه تجاهل هجوم الحسكة”.
وتقول صحيفة التايمز البريطانية: “لا أحد يستطيع أن يقول إنه لم يكن على دراية بالأمر، فتلك السجون كانت مكتظة وكانت تضم آلاف الجهاديين، وكانت فضيحة منذ لحظة هزيمة تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية”.
وتضيف: “لا يزال أكثر من 12 ألف أسير في عهدة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، 2000 منهم على الأقل من الأجانب. بالإضافة إلى ذلك، هناك 70 ألف من النساء والأطفال في مخيمات للنازحين تحت الحراسة”.
واعتبرت الصحيفة أن بريطانيا ودولا أوروبية أخرى” أدارت ظهرها ورفضت السماح للمتشددين أو زوجاتهم وأراملهم بالعودة إلى ديارهم حتى لمواجهة المحاكمة”.
وحملت الصحيفة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب جزءا كبيرا من المسؤولية، قائلة إنه “قدم إسهاما كبيرا في أواخر عام 2019، عندما سحب نصف القوات البرية الأميركية القليلة التي يبلغ عددها 2000 والتي تساعد في حراسة منطقة سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في شرقي سوريا”.
وطالت سهام الانتقاد أنقرة وموسكو أيضا، حيث أكدت الصحيفة أنه “لا ينبغي لأحد أن ينسى إسهام الأتراك في الاستمرار في مهاجمة الأراضي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، بناء على شكواهم الخاصة من الأكراد، ولا الروس، لإفقار شرقي سوريا من خلال استخدام حق النقض ضد مساعدات الأمم المتحدة عبر الحدود”.
ويقول خبراء إن الزج بفلول مثل هذه التنظيمات الإرهابية في زنازين مكدسة وتجميعهم لسنوات فيها دون الاكتراث بتحولها إلى ما يشبه المستنقعات، يجعل هؤلاء بمثابة نواة لتهديد خطير، مستشهدين بما فعلته الولايات المتحدة في العراق بعد غزو عام 2003.
وعبرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، عن قلقها حيال تقارير عن تسجيل وفيات بين الأطفال في سجن غويران، ودعت المديرة التنفيذية للمنظمة هنرييتا فور، جميع الأطراف في سوريا، إلى “الالتزام بمسؤولياتها في حماية المدنيين وأولئك الذين لا يقاتلون، وإعطاء الأولوية لسلامة جميع الأطفال داخل سجن غويران”.
وأعربت، في بيان، عن “القلق العميق إزاء التقارير التي تفيد بأن الأطفال المحاصرين داخل السجن قد يجبرون على لعب دور نشط في الاشتباكات الجارية بين المعتقلين وقوات الأمن”، مشددة على ضرورة أن “تضمن جميع الأطراف في شمال شرق سوريا الحماية الجسدية والرفاهية للأطفال الموجودين في مرفق الاحتجاز”.
وأوضحت اليونيسف، أن ما يقرب من 850 طفلا، بعضهم لا تزيد أعمارهم عن 12 عاما، محتجزون حاليا في شمال شرق سوريا، معظمهم محتجزون في سجن غويران، وهم من السوريين والعراقيين، والبقية من 20 جنسية أخرى.
ويخشى الخبراء من أن تكون معركة سجن غويران مؤشرا على أن تنظيم داعش في طور إعادة التأهيل وأن يشكل قريبا تهديدا خطيرا في سوريا والعراق من جديد.
ودفع الهجوم الذي استهدف مقرا للجيش العراقي، رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، إلى القيام بجولة تفقدية للشريط الحدودي العراقي السوري، والاجتماع مع قيادات عسكرية وأمنية في رسالة “للتأكيد على حضور الدولة القوي، وجاهزية قواتنا المسلحة للتصدي لأي محاولة تستهدف العبث بأمن بلدنا واستقراره”.
وشدد الكاظمي على التصدي “لحماقات إرهابيي الخارج والداخل، الساعين إلى تكريس الفوضى، وتقويض مؤسسات الدولة، لمصالحهم الشخصية”.
وخاطب الكاظمي مسلحي داعش، قائلا: “لا تجربونا فقد حاولتم كثيرا وفشلتم، وستحاولون كثيرا وستفشلون. تعلمون جيدا أننا نلاحقكم، داخل العراق وخارجه، وتعلمون جيدا أن دم العراقيّين بالنسبة لنا غال جدا وستدفعون ثمن كل حماقة ارتكبتموها وأنتم مجموعة عصابات لا مكان لكم بيننا، هذا قرارنا وقرار كل عراقي شريف قبل أن يكون قرار الدولة والحكومة والمؤسسة الأمنية، لن نقبل إلا بالقضاء عليكم، وحماية أرضنا وأعراضنا”.
————————————
==============================
===================
تحديث 29 كانون الثاني 2022
————————
انتهت غزوة غويران ولم تنتهِ ملحمة غويران/ عمر قدور
استخدم بعض مناصري داعش تعبير “ملحمة غويران” كتسمية للعملية الشهيرة التي نفّذها التنظيم لتحرير أعضائه من سجن غويران، إلا أن ما وراء التسمية كان أوسع انتشاراً، فالتأييد العلني والضمني للتنظيم تجاوز أنصاره الدائمين. ينبغي عدم ممارسة التقية التي أبداها بعض المبتهجين بهجوم داعش، والقول بصراحة أن نسبة معتبرة من معارضي الأسد كانت من ضمنهم. الطريف أن البعض من ممارسي التقية لامَ مَن فضحته فرحته، لأنه لم يُدارِها على سبيل إبداء الحنكة ليس إلا.
لإيجاد الأعذار المخفِّفة للموجة الداعشية هذه، قد يُقال أنها تعبير عن الشماتة بالإدارة الذاتية الكردية وبقوات قسد، أكثر مما تعبّر عن الانتماء إلى داعش أو عن القناعة بأفكاره. وإذ نسوق التبرير إلى مداه، كانت فرحة هؤلاء ستكبر لو تمكن التنظيم من تحقيق أعلى سقف للهجوم بتحرير الألوف من أعضائه، ومن بينهم أطفال “أشبال الخلافة”، ليعاود هؤلاء سيرتهم الجهادية التي لا يمكن التنبؤ بها، ويستحيل الجزم بأن التنظيم سيختار لاحقاً أهدافاً على مزاج مشجعيه ضد قسد.
ولتبرير العداء لقسد الذي يعلو على ما عداه، تُستحضر المظلومية العربية المستجدة وكأننا أمام استنتاج حتمي، تعبّر فيه المظلومية عن نفسها بالنكاية، هذا في أحسن الأحوال. أما في قراءة سائدة فإن داعش نفسه هو الاسم الرمزي للمظلومية العربية السنية، وهي قراءة “في شقّها المحابي” تربط الوجود غير المحبَّذ للتنظيم بانتهاء المظلومية. مَن يتحدث عن المظلومية، في سياق تبرير الفرحة، هو غالباً المثقف العربي السني الذي يقدّم نفسه حيادياً وموضوعياً، وواعياً للمظلومية من دون أن ينخرط فيها، لأن موقعه النخبوي أعلى منها.
الجمهور العربي السني، وفق هذا التحليل، غير مطالب برد فعل سوى رد الفعل الميكانيكي الذي يترجِم المظلومية إلى إرهاب. على الآخرين ألا ينتظروا منه سوى ذلك، وأن يتعظوا من الدرس، وإلا عاد المثقف ذاته لتذكيرهم به بعد غزوة أخرى. لا يهم ما إذا كانت الغزوة-الملحمة السابقة قد نجحت أو فشلت، المهم أنها أوجعت العدو، وأمام إيلامه تهون التضحيات مهما عظمت، ومن المعتاد الرسو على تضحيات فادحة لأصحاب المظلومية وللتنظيم المعبِّر عنها، إلا أن استرداداً زائفاً لكرامة “زائفة على الأرجح” يأتي دائماً من القناعة بأن خسائر العدو باهظة مهما قلّت، بينما خسائر أصحاب المظلومية تهون مهما عظمت، وهي ثقافة موروثة منذ كان مجرد مهاجمة إسرائيل نصراً مهما أتت العواقب.
ليس مهماً في هذا السياق التذكير بأن المثقف نفسه، الذي يعتبر داعش تعبيراً عن مظلومية، ينفي الاتهامات الموجّهة لأهل المظلومية بأنهم بيئة حاضنة للتنظيم. الأهم أن هذا المثقف لا يجد نفسه معنياً بأمرين، باقتراح بدائل سياسية حقيقية للتعبير عن المظلومية، بحيث لا تُترجم إلى الأبد بعدمية سياسية كالتي شهدناها في عموم المنطقة خلال عقود. الأمر الآخر الذي لا يقوم به المثقف، ضمن ادّعائه عدم الانخراط في المظلومية، هو تقديم نقد لها، ولآلياتها التي تعيد إنتاج ما سبق وأثبت فشله، أي أنها تعيد إنتاج الهزيمة مع وهم الحصول على نتائج مغايرة بالأدوات ذاتها.
في مثال ساخن كغزوة غويران، رأينا ما يشبه التبرير للعملية المحكومة أصلاً بالتحول إلى مجزرة، فالسجن موجود وسط حي مدني، وهو مكتظ بمعتقلي داعش وحرّاسهم، والجميع ضمن مساحة ضيقة مع حجم ضخم من الأسلحة والذخائر. أن لا تكون قسد قد راعت حماية المدنيين كما ينبغي، الاتهام الذي راج فوراً، فهذا من وجهة نظر متهميها ينبغي أن يكون منتظَراً، وبما أنها أصلاً متهمة بالتنكيل بالعنصر العربي السني فلا يجب لداعش أن يتسبب بعمليات انتقام من ذلك العنصر بسبب هجومه على السجن الواقع ضمن حيّ تغلب عليه هذه الصبغة.
رأينا أيضاً تهليلاً يحتفي أصحابه بما كشفه الهجوم عن عجز قسد عن مواجهة التنظيم استخباراتياً، ويأملون بناء على ذلك بأن تتراجع واشنطن عن اعتمادها كحليف محلي في الحرب على داعش. والأمل بأن تعود واشنطن إلى “رشدها”، فتعتمد بديلاً عربياً سنياً هو الأقدر على مواجهة داعش في “بيئته”، يستند إلى تجربة الصحوات في العراق، التجربة التي لم تُستنسخ في العراق نفسه مع ظهور داعش. لكن بالنظر إلى البدائل المحلية، كان داعش قد اكتسح مناطق واسعة تحت سيطرة “الجيش الحر” قبل سنوات، واكتسح أيضاً مناطق تحت سيطرة وحدات الحماية الكردية، أي أن المظلة العسكرية الأمريكية صنعت الفرق فيما يخص الحرب على التنظيم. كانت واشنطن قد حاولت الاعتماد حينذاك على مقاتلين عرب قامت بتدريبهم ومنيت التجربة بالفشل، ولم تكن وقتها “الفصائل المعتدلة” قد خسرت نهائياً لصالح الفصائل الإسلامية التي تسيطر الآن على مناطق النفوذ التركي.
ثمة حلم يُروَّج بين الحين والآخر، وقد وجد أصحابه فرصة للتحدث عنه مع “ملحمة غويران”، هو أن واشنطن ستعود في ميزان مصالحها للاتفاق مع أنقرة في صفقة تتخلى بموجبها عن قسد والإدارة الذاتية الكردية. هذا الحلم يتضمن سيطرة أنقرة على المناطق الحالية لقسد بالفصائل التابعة لتركيا، وهي فصائل يمكن معرفة ما يحفّز واشنطن على التسليم لها من خلال سلوكها في عفرين ومناطق درع الفرات، إذا استثنينا إدلب التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام واكتفينا بالعمشات والحمزات وأشباههما.
لا ينسى الشامتون بقسد مع كل مناسبة التلويح بفرضية انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، من دون المضي في هذا التصور إلى نهايته، ومن دون معرفة ما يطالبون قسد به بناء على هذا المصير المنتظر. لا يود الشامتون الوصول إلى النقطة التي يعلنون فيها تفضيلهم دخول قوات الأسد إلى مناطق قسد على بقاء الأخيرة، رغم أن هذا هو السيناريو الوحيد المطروح في حال الانسحاب الأمريكي. بالجمع بين هذا التفكير المعتمد على النكاية والابتهاج بـ”ملحمة غويران”، تقبع قسد في أسفل السلم، إذ يفضّل أعداؤها عليها داعش والأسد إذا تعذّرت أحلامهم التركية.
من المؤكد أن في سجل قسد الكثير مما تسبب بالنقمة عليها، حتى ضمن أوساط كردية مناوئة لهيمنتها، لكن النقمة والشماتة والنكاية ليست ما يصنع السياسة، أو من المفترض ألا يكون التفكير السياسي بدافع منها، وألا يتمدد داعش على هذا التفكير مع تراجعه عسكرياً. لقد انتهت غزوة غويران، أما ملحمة غويران فيتكفل باستمرارها المهلّلون للهجوم، المصرّون على الإمساك بمسدس داعش بقصد الانتحار.
المدن
——————————–
عودة “داعش” في ذكرى رحيله/ منير أديب
أيام قليلة ونحتفل بذكرى سقوط دولة “داعش”، تلك التي سبق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد) في الإعلان عن زوالها في 22 آذار (مارس) من عام 2019. مرت ثلاث سنوات ولا يزال التنظيم موجوداً ربما بصورة تبدو أخطر من تلك التي كان عليها، إذ تحولت الدولة التي أنشأها خلايا منفردة ومتفردة بعد “الزوال”، بعضها كان نشطاً والبعض الآخر كان خاملاً، كل هذه الخلايا مثلت خطورة على الأمن، ليس فقط في الأماكن التي كان يحتل التنظيم أراضي فيها، بل على أمن العالم بأكمله.
هذا العالم تساهل كثيراً مع التنظيم قبل إعلان دولته في 29 حزيران (يونيو) من عام 2014 وعندما أقام دولته أيضاً، إذ استمر التحالف الذي تم تشكيله من أكثر من ثمانين دولة يواجه “دولة التنظيم” خمس سنوات كاملة! كانت مواجهة منقوصة حيث واجه التحالف الذي قادته واشنطن “تنظيم الدولة” من خلال السموات المفتوحة فقط، بينما لا عمليات فعلية على الأرض وهي الأهم، وهو ما أنتج لنا وضعاً أمنياً في منتهى الخطورة في العراق وسوريا؛ تنظيم يبدو أنه غير موجود بالعين المجردة، ولكنه موجود بالفعل من خلال عملياته العسكرية.
كنّا دائماً نردد عبارة “هل ذهب داعش” حتى نتحدث عن عودته من جديد، عندما كان يوجَّه لنا سؤال عن إمكان عودة التنظيم الأكثر تطرفاً بعد سقوط مملكته، كنّا نحاول أن نصوّر من خلال هذه المقولة في النقاشات المفتوحة أن التنظيم لا يزال موجوداً ويمثل خطراً كبيراً على الأمن والسلم، كنّا نريد أن نقول إن معدل خطر “داعش” يزداد وفق الإحصاء التحليلي والمعلوماتي، كنّا ندق ناقوس الخطر، ولكن رفضت معظم دول العالم التزام تعهداتها في مواجهة التنظيم ولم ينصت لنا أحد.
من الأدوار التي كان يجب على دول العالم القيام بها هو استقبال هؤلاء المتطرفين الذين باتوا أسرى السجون الكردية؛ كان يجب على هذه الدول استقبال متطرفيها والتعامل معهم وفق ما يمثلونه من خطورة، فكل دولة أولى بما أنتجته، بخاصة أن “قوات سوريا الديموقراطية” ليست لديها القدرة الأمنية والعسكرية لحماية هذه السجون، فضلاً عن خطورة هؤلاء السجناء، فكيف يتم تجميعهم بهذه الصورة في مكان واحد! ويقف عليه بعض الجنود بأسلحة وخبرات تبدو محدودة ومتواضعة.
لك أن تتخيل عزيزي القارئ أن سجن الصناعة في مدينة الحسكة السورية يحوي قرابة 3500 سجين من “داعش”، وهو أكبر سجن يحوي هذا العدد من المتطرفين في العالم، الشديدي الخطورة. نجحت خلايا “داعش” الخاملة في تنفيذ عمل عسكري ضد السجن بالاتفاق مع السجناء في داخله، وهو ما أسفر عن قتلى بالعشرات من قوات الأمن الداخلي و”داعش”، فضلاً عن هروب عدد غير محدود من هؤلاء السجناء وسيطرة عدد آخر على مباني السجن الأخطر في العالم.
كمحاولة لتقريب الصورة، فإن ثمة تشابهاً بين سجن ننغرهار في أفغانستان، وسجن الصناعة في حي غويران في الحسكة، فكل منهما تم اقتحامة من “داعش” بالطريقة نفسها، الأول عام 2020، بينما تم اقتحام الثاني عام 2022؛ وهذا يأتي ضمن استراتيجية أوصى بها خليفة التنظيم “المقتول” أبو بكر البغدادي، وشدد عليها الخليفة “القائم” أبو إبراهيم القرشي.
ترك العالم “قوات سوريا الديموقراطية” بمفردها في معركتها مع “داعش”؛ فلا هي لديها جهاز استخبارات قوي نجح في رصد الخلايا “الخاملة” أو “النشطة” للتنظيم في الخارج، ولا هي قادرة على حماية سجن غويران الأكبر من نوعه، وبالتالي بات العالم أكثر تهديداً بعد عملية الاقتحام التي تبدو “نوعية”، والأكبر بين مثيلاتها من العمليات التي قام بها التنظيم منذ سقوط دولته.
لا يمكن أن نتحدث عن عدد القتلى ولا عن عدد الذين فروا على وجه الدقة من سجن الصناعة، ولا عن خطورة هؤلاء في ظل شح الأخبار التي تأتينا من شمال شرقي سوريا أو عدم دقتها على وجه التحديد، فالأمر يحتاج إلى معلومات دقيقة تقودنا إلى رؤية للمواجهة حتى لا يتكرر الاقتحام مرة ثانية لسجون أخرى تحوي قرابة 19 ألف داعشي، ولا بد للمجتمع الدولي من النظر إلى وضع هؤلاء السجناء بصورة مختلفة، فهم كانوا وما زالوا بمثابة قنبلة موقوتة، وقد انفجرت ووصلت شظاياها إلى كل دول العالم. لا يزال طنين القنبلة يدوّي في الآذان، ولا تزال شظاياها تجرح الأبدان. على العالم أن يبحث عن نزع الفتيل قبل أن تنفجر باقي القنابل الموقوتة في المكان الموبوء من العالم.
نوعية العملية العسكرية الأخيرة لـ”داعش” بدت بوضوح في التفاصيل، فالأمر لم يقتصر على تفجير بعض صهاريج الوقود في الخارج أمام بوابة السجن، والتي أتاحت عملية الاقتحام بالأسلحة الخفيفة والثقيلة، ولكنها وصلت إلى عملية التنسيق والترتيب مع السجناء في الداخل، حيث بدأوا عصياناً مفتوحاً وسيطروا على الذخائر والأسلحة الموجودة داخل السجن؛ فتزامنت تحركات “داعش” في الخارج مع تحركات أخرى في الداخل حتى تمت العملية بهذه الصورة، وهو ما يعني ضعفاً في أجهزة الأمن الكردية، فضلاً عن قوة خلايا “داعش”، فمن الخطأ وصف هذه الخلايا بغير حقيقتها، فهي لا تزال قوية وقادرة على تنفيذ العمليات المسلحة بالطريقة نفسها التي كانت عليها عندما سيطرت على الرقة والموصل.
المجتمع الدولي والولايات المتحدة متورطان في ما حدث في سجن الصناعة، فهما لم يسعيا الى القضاء على “داعش” بالكامل، ولم يستمعا إلى النصائح الخاصة باستمرار المواجهة وتفكيك السجون الموجودة في شمال شرقي سوريا، فقوات “قسد” والإدارة الذاتية تُعانيان من ضعف الإمكانات العسكرية، كما يتم مواجهتهما من جانب تركيا بين الوقت والآخر باجتياحات قد أنهكتهما، ونحن هنا لسنا إزاء الحديث عن مشروعية ذلك من عدمه، ولا عن حق تركيا من عدمه أيضاً في هذه الممارسات، ولكننا إزاء واقع يعيشه الشمال السوري، والذي أصر المجتمع الدولي على أن يجعله حارساً على سجن يحوي أخطر من مارسوا العنف في العصر الحديث، ليس هذا فحسب، ولكن في مناخ قلة الإمكانات، وهنا لا نقصد بالإمكانات بعض الأسلحة والذخائر، ولكن الخبرة التي تدفع لمواجهة تنظيم يمتلك الخبرة في فنون القتال والتمويه.
أخطأت الولايات المتحدة في مواجهة “داعش” مرتين؛ إحداهما عندما واجهت التنظيم مع بداية تشكله عام 2014، حيث بدت مواجهتها هزيلة، ولم تواجه التنظيم بما ينبغي أن يكون، حتى صار التنظيم أقوى من أميركا وحلفائها، وهو ما بدا في هجومه الأخير، فهو لم يكن مجرد هجوم، ولكنه رسالة حضور قوي ورسالة للأميركيين بأن التنظيم لم يُهزم، ربما اختاروا توقيتها صحيحاً في ذكرى رحيل دولة التنظيم، ولكن هذه الرسالة بمثابة جرس إنذار لما هو أخطر. أميركا قللت من حجم قواتها في مواجهة التنظيم، فسمحت للتنظيم بالظهور من جديد.
التعامل مع حدث سجن الصناعة على أنه اختراق “داعشي” يمكن تجاوزه أمر في منتهى الخطورة، لا بد من قراءة الرسالة قراءة صحيحة والتعامل معها بالصورة نفسها، فالتنظيم لا يزال موجوداً بصورة تدعو الى القلق، وهنا لا بد من بحث آليات المواجهة الأخطر لبقايا التنظيم، مع بحث آلية تفكيك سجون “داعش” في شمال شرقي سوريا، واستقبال هؤلاء المتطرفين من دولهم، ومعاقبتهم على الجرائم التي ارتكبوها.
الولايات المتحدة تفكر جدياً في غلق سجن غونتاناموا بعد عشرين عاماً من فتحه، ولكنها لا بد من أن تنظر جدياً الى قادة “داعش” وسجنائه الذين لا يقلون في خطورتهم عن سجناء سجن غونتاناموا، فربما يكون سجناء “داعش” أكثر خطراً من سجناء “القاعدة”؛ قد تكون الشبهة هي التي حرّكت أميركا لإلقاء القبض على بعض رواد هذا السجن، ولكن سجناء “داعش” تورطوا في أنهار من الدماء. برك الدماء زكمت الأنوف واعترف أصحابها بها، وهنا وجبت المواجهة.
“داعش” عاد من جديد ولكن أقوى مما كان عليه. عاد ولكنه مستفيد مما حدث له قبل ثلاث سنوات. عودة التنظيم في هذا التوقيت لم تكن عفوية، ولا يمكن فهمها في هذا السياق إذا أردنا أن نلملم جراحنا في مواجهة أكبر وأكثر تأثيراً لهذا التنظيم، وعلى واشنطن أن تحدد أهدافها جيداً، وتعلم أن كل طلقة يطلقها “داعش” في مناطق نفوذه في الشرق الأوسط سوف تصل إليها، فالخطر يطال الجميع، وعلى الجميع أن يواجه التنظيمات المتطرفة و”داعش”، بحيث تتحول ذكرى الرحيل الثالث إلى رحيل حقيقي وليست عودة للتنظيم.
النهار العربي
————————————
الاسطوانات المشروخة في تفسير هجوم سجن الحسكة/ وائل عصام
مع بداية أحداث سجن الحسكة، بدأت الادعاءات المؤامراتية تغرقنا بسيول من الاسطوانات المشروخة، عقول تفكر بقالب واحد مع أي حدث، وهذا القالب الذهني يحمل خصائص الإسمنت؛ إذا يشكل بداية لا يمكن تعديلها لاحقا إلا بالكسر.
كما الكثير من العرب السنة المعادين لتنظيم “الدولة” الذين اقتنعوا بأن هجوم سجن الحسكة هو مجرد “خطة إيرانية”، فإن المقربين لإيران من عناصر الحشد الشعبي وبعض القوى الشيعية، اعتبروه “خطة أمريكية ـ خليجية” تهدف لتهديد مناطق الشيعة، أما الاكراد فقد أعلنوا رسميا أن عملية الحسكة مؤامرة دبرتها تركيا.
الناس في منطقتنا تربوا في ظل أنظمة شمولية، طبعت عقول رعاياها بفكرة ربط أعدائها “شموليا”، وإحالة أي معارضة لها لـ”المؤامرة الخفية” و”العدو الغادر”، ومجرد النظر في الروايات المختلفة، تجدها غالبا مرتبطة بالانتماء العرقي والطائفي، فالسني الذي يمقت سياسات طهران وحلفائها الشيعة، ربط تنظيم “الدولة” بها، والشيعي الذي يتحسس من تدخلات دول الخليج السنية وحلفائهم الأمريكيين ربطهم جميعا مع تنظيم “الدولة”، وأسفر ذلك عن تهيئات لغزو مقبل من سوريا على المناطق الشيعية، مرة من خلال عناصر التنظيم الهاربين من سجن الحسكة، ومرة من خلال فزاعة انتشرت كالنار في الهشيم عن مجموعة مدعومة من الإمارات في الأنبار اسمها “أشباح الصحراء”، تبين لاحقا أنهم مجرد “أضغاث أشباح”. أما الأكراد، فخصمهم اللدود التركي حاضر في كل حادث، لذلك أعلنت القوى الكردية، أن العملية التي أحبطت في سجن الحسكة كانت بتخطيط تركي، وبالطبع لا بد من تأسيس الوعي المزيف على معلومات مزيفة فسمعنا الروايات التالية: تركيا دعمت هذه العملية بـ15 مليون دولار، وأنهم كانوا على علم مسبق بالعملية منذ ستة أشهر، عبر عناصر للتنظيم تم إلقاء القبض عليهم، كما قال الناطق باسم وحدات حماية الشعب نوري محمود، وأن هناك نفقا يمتد لـ75 كيلومترا بين سجن الحسكة ورأس العين الخاضعة لسيطرة تركيا. ولا يحتاج المرء في مجتمعاتنا إلى أن يفكر ويحلل كثيرا لفهم حدث ما، فمجرد أن يكون جزءا من جماعة ما، سيكون محاطا ببيئة تقدم له إجابات جاهزة سيجدها منطقية جدا رغم تهافتها، بناء على مسطرة التفكير المنحازة والمعلومات المزيفة التي أسس عليها قوالب ذهنه الرغبوية منذ النشأة الأولى، آفة الرأي الهوى.
أما السردية التقليدية الشائعة فهي الأخرى مغرمة بالربط والتربيط، ربط زيارة لافرنتيف مبعوث بوتين إلى الرياض ثم دمشق، بالعلاقة بين “قسد” والسعودية، والربط بين الاستعصاء في تشكيل الحكومة العراقية والخطط الإيرانية لإحياء خطر شيعي يوحدهم بعد تفرق، على نمط تسليم المالكي الموصل لتنظيم “الدولة”، والربط بين طريقة جلوس أردوغان، مع تعابير وجه بوتين على هجوم إدلب، ومعلبات من الأفكار المخللة، وخلطة من الأعشاب التي قد تمنح متناولها شيئا من النشوة، ودائما تكون هذه “الربطات” ويا للعجب، متناسبة مع ميول الفرد السياسية والمذهبية، من دون أي وقائع محددة تدعمها. وأكثر التحليلات التي تربط حدثا ما بآخر، تتجاهل السياق، فعندما يقول أحدهم ما هو السر وراء هجوم التنظيم “في هذا التوقيت بالذات”، فهو لا يريد ان يفهم أن “هذا التوقيت بالذات” هو دائما سيترافق مع أحداث سياسية أخرى، لا علاقة تربطها بها، ولا يريد أن يفهم أن التنظيم يشن عشرات الهجمات شهريا في مناطق “قسد” شرق سوريا منذ نحو العامين، بل إنه يجمع الزكاة بالواتس آب في دير الزور، وينفذ الاغتيالات والكمائن على نقاط وأرتال قسد والنظام في الجزيرة والشامية بمعدل ثابت شهريا، وبلغ عدد تلك الهجمات اكثر من ألف هجوم في الأشهر الخمسة عشر الأخيرة، وهجوم الحسكة مجرد حلقة تطور في سلسلة من الحلقات المستمرة في أسلوب حرب العصابات نفسه، منذ خسارة التنظيم لآخر معاقله في الباغوز، ويمكن مقارنة هجوم الحسكة بالهجوم على سجن أبو غريب عام 2013، وهي علامات مبكرة قبل عام أو عامين لهبة أخرى للتنظيم. أحد مؤشرات وعي المجتمع هي قدرته على فهم الأحداث ومسبباتها، قديما كانت الأقوام البشرية تعزو أحداث الطبيعة التي تشاهدها للغيب وللآلهة، وحتى اليوم لا تزال الإحالة إلى “مدبر ما” تهيمن على المخيال، وإن اختلف المدبر حسب الحدث، فإن كان خيرا فهو من آلهة المطر والخصب والشمس، وإن كان شرا فهو مثل سيث المصري ومورانا السلافية تعزى له العواصف الرملية والأمراض، اما اليوم فالطب يفسر الأمراض ويشخصها ثم يعالجها، فكيف إذا كانت مجتمعاتنا لليوم غير قادرة على فهم ما تراه، وتفسير ما يدور حولها من أحداث، فكيف إذن ستعالجها بعيدا عن إحالتها لآلهة شر مؤامراتية جديدة.
القدس العربي
—————————–
سجن الصناعة انتصار لـ”قسد” أم إنجاز لـ”داعش”؟/ عبدالله سليمان علي
استعجلت “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد) إعلان السيطرة الكاملة على سجن الصناعة في الحسكة منساقة – على ما يبدو – وراء إغواء التاريخ في تسجيل نصرها الجديد في اليوم نفسه الذي حققت به نصر عين العرب/كوباني قبل سبعة أعوام. وقد يكون إعلان النصر المستعجل مجرد وسيلة لكسب الوقت لتدارك معالم الفضيحة الأمنية التي كادت تتكشف خيوطها في ظل عجزها عن صد هجوم تنظيم “داعش” على أحد أكثر سجونها تحصيناً وحراسةً.
ولا تزال “قسد” تتخبط في بياناتها المتناقضة حول “غزوة سجن الصناعة” محاولة التلاعب على وتر المخاوف التي طرقت أبواب عواصم العالم وهي ترى عناصر “داعش” الذين يحمل بعضهم جنسيات أجنبية يتسربون من خلف اسوار سجنهم ليختفوا في متاهات الصحراء الواسعة. وبعد إعلان النصر والاحتفال به عبر إطلاق الألعاب النارية في شوارع الحسكة، عادت “قسد” للحديث عن بقاء ما يقارب 90 عنصراً من “داعش” في بؤرٍ مموهة من المهاجع الشمالية التي تعد الأكثر تحصيناً بين مهاجع السجن الأخرى.
لكن الأخطر من كل ذلك هو صمت “قسد” إزاء أعداد معتقلي “داعش” الذين تمكنوا من الفرار من السجن والخروج من طوق الحصار الذي فرضته قواتها حول المنطقة، مكتفية بدغدغة الآمال عبر التركيز على أعداد المعتقلين الذين استسلموا من دون أن يكون من الواضح ما إذا كان جميع هؤلاء من عناصر “داعش” المعتقلين أم أن بعضهم – إن لم يكن جلّهم – من المعتقلين لأسباب سياسية وجنائية لا علاقة لها بتهمة الارهاب.
وخلافاً لإعلان السيطرة الكاملة على السجن واصلت طائرات التحالف الدولي استهداف نقاط محددة من السجن وبعض النقاط في محيطه القريب محاولة استهداف خلايا تنظيم “داعش” الذين رفضوا الاستسلام وانتقلوا في مهمتهم من “هدم الأسوار” إلى “الاستنزاف” كما ذكرت صحيفة “النبأ” في عددها الأخير الرقم 323 في تقرير موسع عن غزوة السجن.
وكان “النهار العربي” أكد في تقرير سابق أن “داعش” استنسخ في الهجوم على سجن الصناعة خطة هجومه على سجن ننغرهار في أفغانستان قبل عام وثمانية أشهر، اذ شارك في تنفيذ الهجوم آنذاك 11 مقاتلاً من التنظيم فقط تم توزيعهم على محاور عدة لاستكمال الخطة. وكشفت صحيفة “النبأ” أن عدد مقاتلي التنظيم الذين نفذوا الهجوم على سجن الصناعة هم 12 مقاتلاً فقط توزعوا على مجموعات، وذلك في نفي واضح للتهويل الإعلامي الذي رافق الهجوم حيث راح البعض يتحدث عن مشاركة مئات المقاتلين من “داعش” في تنفيذه من دون أن يوضح أحد كيف يمكن لمثل هذه الأعداد أن تجتاز مسافات طويلة تبلغ مئات الكيلومترات من دون أن ترصدها قوات التحالف الدولي أو قوات “قسد”؟.
وقد تكون مشاهد استسلام المئات من عناصر “داعش” لـ”قوات سوريا الديموقراطية” من المشاهد التي غزت وسائل الإعلام المحلية والعالمية لما تتضمنه من دلائل واضحة على هزيمة التنظيم وعدم قدرته على تنفيذ خطته في تهريب معتقليه، وهو الهدف الرئيسي من هجومه، لكن ثمة مشاهد أخرى لم تلتقطها كاميرات الإعلام كان يمكن لتصويرها وتوثيقها أن يقلب صورة المشهد رأساً على عقب. وبالرغم من سعي “قسد” إلى احتكار التغطية الإعلامية لنقل الصورة التي تريدها عن الحدث، فقد تسربت معلومات كثيرة من شأنها أن تضع رواية “قسد” في موضع الشكوك وترسم حولها الكثير من علامات الاستفهام.
وفي هذا السياق تحدث نشطاء إعلاميون في المنطقة الشرقية عن حصيلة مختلفة لغزوة سجن الصناعة مؤكدين نجاح المهاجمين في تهريب عدد من قيادات “داعش” التي كانت معتقلة في السجن منذ عام 2019، وتداول النشطاء اسم القيادي أبو علي بيكسي الذي سبق أن قال أثناء التحقيق معه لدى “قسد” “سنخرج”، وكذلك اسم القيادي الشرعي القديم الذي اكتفى النشطاء بذكر الأحرف الأولى من اسمه (د. ج.) باعتبارهما نموذجين لهروب بعض قيادات “داعش” من السجن. وتناقلت بعض المواقع الإعلامية السورية المعارضة معلومات عن تمكن ما يقارب من 200 عنصر من الخروج من مناطق سيطرة “قسد” حيث توزعوا في اتجاهين: قسم ذهب باتجاه البادية السورية والقسم الآخر نحو الحدود مع العراق.
وكان “المرصد السوري لحقوق الانسان” قد أشار في تقارير سابقة خلال تغطيته لهجوم السجن إلى مفاوضات بين قوات التحالف الدولي ومقاتلي “داعش”، مشدداً على اشتراط الأخيرين فتح طريق لهم نحو البادية السورية لإنهاء الاستعصاء في السجن. ولا يزال من غير المعروف حتى الآن ما إذا كان وصول من وصل من مقاتلي “داعش” إلى البادية أو إلى الحدود العراقية قد جاء نتيجة المفاوضات أم بجهود خاصة من هؤلاء. ولعل استمرار الاستعصاء في السجن حيث لا يزال العشرات من مقاتلي “داعش” يتمركزون في المهاجع الشمالية يشكل دليلاً على فشل مسار التفاوض، وهو ما يرجح أن يكون الهروب جاء نتيجة خلل أمني وعسكري رافق إجراءات “قسد” والتحالف الدولي للتصدي على هجوم “داعش”.
وفي ظل غياب أي رواية رسمية لما حصل، تبرز رواية تنظيم “داعش” الذي تحدث عن “خروج مجموعات عدة من المنطقة بسلام وتم نقلهم إلى مناطق آمنة”. وامتنع المصدر العسكري الذي نقلت عنه صحيفة “النبأ” هذه المعلومات عن الإدلاء بأي تفاصيل أخرى حول عدد محدد أو تفاصيل أخرى تتعلق بذلك، مكتفياً بالقول إنه تم تأمين الكثير من الأسرى. ومن شأن ذلك أن يدق جرس الإنذار لدى كل من موسكو ودمشق وبغداد لأنه يعني أن قيادات “داعش” الهاربة والعشرات من مقاتليه ذوي الخبرة قد اصبحوا في مناطق سيطرة هذه العواصم.
وأشار تقرير “النبأ” إلى اضطرار “قسد” للعودة إلى التفاوض بعد فشل الجولة الأولى، مشدداً على أن الأخيرة وافقت على شروط مقاتلي “داعش” من دون أن يذكر التقرير هذه الشروط، وبناء عليه قام مقاتلو “داعش” بإطلاق سراح اسرى “قسد” لديهم وعددهم نحو 25، ليبقى السؤال الذي يحتاج إلى إجابة ملحة ما هي الشروط التي وافقت عليها “قسد” وأبقاها “داعش” طي الكتمان؟.
وفي نهاية التقرير أكد “داعش” أن “تفاصيل كثيرة ستبقى طي الكتمان بناء على توصيات قادة المجاهدين”، مشيراً إلى أن “فصول المعركة لم تنتهِ بعد حيث لا تزال مفارز عديدة منتشرة في محيط المنطقة وتشن هجمات ضد المرتدين (قسد)”.
النهار العربي
———————–
بعد هجومه على السجن الكردي في سوريا.. تنظيم “الدولة” حي يرزق
مر أسبوع تقريباً على اقتحام قوات تنظيم الدولة “داعش” سجن الصناعة في مدينة الحسكة شمالي سوريا، وأطلق سراح مئات السجناء، ونجحوا في السيطرة على السجن ووقف أعمال الشغب وإعادة النظام إلى ما كان عليه. حوالي 180 شخصاً، من بينهم 50 كردياً و120 مقاتلاً من “داعش” و7 مواطنين قتلوا في الهجوم الذي اعتبر العملية الأكبر لـ”داعش” في سوريا منذ 2019. سيارتان مفخختان انفجرتا قرب السجن، وعشرات مقاتلي “داعش” اقتحموا ودخلوا وأطلقوا النار على الحراس الأكراد وبدأوا يطلقون سراح السجناء. حسب عدة تقارير، استخدم “داعش” نفقاً حفروه للوصول إلى السجن، وتم من خلاله إدخال السلاح والمقاتلين. موثوقية التقرير غير واضحة، لكن يبدو أن المهاجمين استندوا إلى معلومات داخلية ومساعدة من جانب سكان المنطقة، ونسقوا الهجوم حسب الحالة الجوية العاصفة.
بالنسبة للأكراد والقوات الأمريكية التي قدمت لهم مظلة جوية ومساعدة بسيارات مصفحة، أوضح الهجوم أن “داعش” ما زال حياً يرزق، وأنه رغم الإعلانات عن اجتثاثه وانتهاء المعركة ضده، إلا أنه ما زال يستطيع، ليس فقط تنفيذ كمائن متفرقة، بل أيضاً تنفيذ هجوم منسق ومدهش.
في السنوات الثلاث الأخيرة، نفذ “داعش” عشرات الهجمات في العراق، وقتل مئات الجنود والمدنيين والمقاتلين، وأوجد لنفسه منطقة جغرافية جديدة في مدينة ديالي وصلاح الدين وكركوك، التي فيها يركز فيها وحداته ومنها يطلق الهجمات. لا تشابه بين المساحة الجغرافية التي احتلها “داعش” في 2014 عندما سيطر على المحافظات الشرقية والجنوبية في العراق وعلى شمال سوريا. ولكن حقيقة نجاحه في العمل عسكرياً بدون أي رد عراقي، يمكن أن تشير إلى طموحاته الاستراتيجية التي ظهرت. الحادثة التي جرت الأسبوع الماضي في محافظة ديالي في شرق بغداد أوضحت أيضاً أن الجيش العراقي الذي أعيد تأهيله والذي انسحب بذعر من المعركة ضد “داعش” في 2014، إنما هو خدعة كبيرة. الحكومة العراقية نفسها قالت إن الهجوم في ديالي الذي قتل فيه 11 جندياً انتهى بهذه النتيجة المخيفة بسبب إهمال وتقصير من القوات التي أخفقت في الرد بإطلاق النار على المهاجمين.
كان يجب أن يكون في القاعدة العسكرية التي هوجمت 70 جندياً حسب المعايير. ولكن فعلياً كان هناك 12 جندياً فقط. وحسب أقوال أعضاء البرلمان في بغداد، فهذا دليل واضح على عمق الفساد في الجيش وفي وزارة الدفاع المسؤولة عنه. يبدو أن ظاهرة “الجنود الأشباح” لم تجتثّ بعد حتى الآن. هؤلاء جنود مسجلون ضمن القوة البشرية لوحداتهم، بل ويتلقون الرواتب. ولكنهم في الحقيقة غير موجودين. كل تسجيلهم استهدف كسب المزيد من الميزانيات التي تنتقل لجيوب قادتهم. وتتحدث تقارير أخرى عن صيانة معيبة في قواعد الجيش وأضواء لم تعمل، وأجهزة اتصال معطوبة، وبالأساس غياب التنسيق بين الجيش العراقي والقوات الكردية القريبة من المدينة، التي كان يمكنها مساعدة الجنود.
بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق في نهاية كانون الأول مخلفة وراءها مدربين ومرشدين، وعلى خلفية تصريحات متفائلة تم دحضها على الأرض، والتي بحسبها الجيش العراقي وقوات الأمن الأخرى مؤهلة وقادرة على مجابهة التهديدات الداخلية، من بينها “داعش”، فإن في واشنطن وبغداد تزداد مخاوف من أن الولايات المتحدة قد تجد نفسها متورطة مرة أخرى في المعركة العسكرية في الدولة التي انسحبت منها. ولكن ربما يكون التدخل في هذه المرة معقداً أكثر إزاء الظروف السياسية والإقليمية.
ليس العراق وحده هو الذي يكتنفه الضباب السياسي الخطير الذي يمنع تشكيل حكومة جديدة بعد أربعة أشهر على الانتخابات، فالمحادثات النووية مع إيران والإشارات التي حول استعداد النظام الإيراني لإجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، ستجبر واشنطن على إظهار المزيد من الحذر إزاء كل ما يتعلق بالتدخل العسكري في العراق. إيران تعتبر الجارة مجالاً حصرياً للهيمنة، وتعتبر نفسها شريكة في تأسيس نظامها السياسي.
مخاوف اردوغان
وفي أوساط شركاء الولايات المتحدة الأكراد في الحرب ضد “داعش” في سوريا، يجري صراع ومواجهات داخلية حول مستقبلهم. هؤلاء منقسمون إلى معسكرين: الأول يعلق آماله على واشنطن، والثاني يميل إلى تعزيز العلاقات مع روسيا والتصالح مع نظام بشار الأسد. “داعش” عدو مشترك للمعسكرين، ولكن إذا استطاع الأمريكيون الاعتماد على جبهة كردية موحدة، فمن الصعب تقدير مستوى الاستعداد لدى الطرفين للتعاون لشن معركة ناجعة.
في 2015 شكلت الولايات المتحدة “القوات السورية الديمقراطية” (اس.دي.اف)، وهي ميليشيا كردية يشارك فيها مقاتلون من أصل عربي وتركماني. ودمجهم استهدف التغطية على الهوية العرقية للميليشيا وعرضها وكأن هدفها العمل ضد “داعش”، مع إزالة مخاوف تركيا من وجود قوة عسكرية كردية نقية. أثناء الحرب ضد “داعش”، أظهرت المليشيا وشركاؤها نجاعة وشجاعة كبيرة وتحولت إلى القوة الأكثر نجاعة في المعركة.
لكن تركيا لم تقتنع بهذا التمويه. وحتى الآن تعتبر القوات الكردية تهديداً لأمنها القومي، خصوصاً بسبب أن اعتبرت مقاتلين من حزب العمال الكردستاني (بي.كا.كا) شركاء كاملين فيها. تطورت على هذه الخلفية مواجهة سياسية بين تركيا وأمريكا، التي يعتبرها الرئيس رجب طيب اردوغان مؤيدة للإرهابيين الذين تحاربهم أنقرة منذ أربعين سنة تقريباً. أحد شروط تركيا الأساسية لترميم العلاقات مع الولايات المتحدة هو وقف تقديم الدعم للأكراد. ولكن تركيا بدأت ترى أن روسيا أيضاً تدعم الأكراد وتعتبرهم عنصراً حيوياً في عملية المصالحة الوطنية التي تحاول، بدون نجاح حتى الآن، الترويج لها في سوريا. عندما أعلن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، عن قرار سحب القوات من سوريا، رأت أنقرة في ذلك فرصة للسيطرة على مناطق واسعة في شمال سوريا وطرد الأكراد من منطقة الحدود. ولكن الضغط العام والسياسي في الولايات المتحدة ضد قرار ترامب دفعه لتأجيل تنفيذه. المساعدات العسكرية وتمويل الأكراد لم تتوقف، بل ازدادت. وسمح البيت الأبيض لشركة النفط الأمريكية “دلتا كريسنت” بتطوير وتسويق النفط في المناطق الكردية، وبالتالي خلق مصدر دخل جيد للأكراد، رغم أن النفط يعود بشكل رسمي للحكومة السورية. وبيع النفط الكردي لسوريا خرق العقوبات التي فرضتها الادارة الأمريكية على الأسد.
بعد ذلك، قررت إدارة بايدن إلغاء الإعفاء من العقوبات الذي أعطاه ترامب لشركة النفط. ولكن الأكراد الذين يسيطرون على معظم حقول النفط في شمال سوريا يواصلون بيع النفط لنظام الأسد بشروط ممتازة. وترى أنقرة في هذا العمل إثباتات كافية على خيانة الولايات المتحدة لمصالح تركيا. ولكن الأكراد الذين اعتبروا موقف أمريكا دليلاً على التحالف الاستراتيجي مع واشنطن، لم يتوقفوا عن سؤال حول: هل ومتى ستقرر واشنطن إدارة ظهرها لهم وتفضل تركيا عليهم.
خارطة الطرق الكردية
تطورت الخلافات الداخلية الكردية على خلفية ما يعتبر سياسة انفصال لبايدن عن الشرق الأوسط، التي وجدت التعبير في الانسحاب من أفغانستان والعراق. يخاف الأكراد أن تؤدي هذه السياسة إلى انسحاب 700 جندي أمريكي من سوريا. عدم اليقين هذا أثار مؤخراً، خلافات بين المنظمات الأعضاء في “بي.كا.كا” التي تسمى قوة “قنديل”، على اسم جبال قنديل في العراق، التي توجد فيها بؤرة نشاطهم، وبين القوات الكردية السورية الأخرى.
حزب العمال الكردي يدفع نحو المصالحة مع نظام الأسد وصياغة خارطة طرق تضمن حقوق الأكراد ومكانتهم في الحكومة التي ستشكل في أعقابه. بهذا فإنهم يستندون إلى التحالف التقليدي بين الأسد وزعيمهم عبد الله أوجلان، المسجون في تركيا منذ 1999. الجناح الكردي الآخر بقيادة مظلوم عبدي، القائد الأعلى لـ اس.دي.اف يسعى إلى تعميق العلاقة مع الولايات المتحدة ويعتبرها درعاً حيوياً للبقاء العسكري والسياسي لقواته وللمحافظات الكردية ذات الحكم الذاتي، وأيضاً ركيزة ضرورية للصراع الذي يشنه الأكراد ضد تركيا.
الخلافات السياسية خلقت صراعات شخصية بين عبدي والممثل الأعلى لـ”بي.كا.كا”، الدار خليل، على السيطرة على المحافظات الكردية وعلى إملاء الخط السياسي. يمكن للمرء أيضاً أن يجد في هذا المرجل أصابع إيرانية تدعم حزب العمال الكردي وجهوده للمصالحة مع نظام الأسد. بهذا، فهي تريد أن تحقق الهدوء في المحافظات الكردية في الغرب. والنتيجة أنه حسب خارطة تقسيم الولاءات الكردية بين روسيا وسوريا وإيران من جهة، وبين الولايات المتحدة من جهة أخرى، يصعب العثور على المسار الذهبي الذي يمكن بواسطته بناء مصالحة كردية أو التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سوريا.
هذه الشروخ بين الحركات والقوات التي يجب عليها إظهار التضامن الاستراتيجي والفكري، هي شروخ يبحث عنها “داعش” من أجل العمل وزيادة قوته. وقد وجدها في سوريا في 2011 عندما منحته الحرب الأهلية والانقسام الداخلي بين مليشيات المتمردين السوريين مجال واسع للعمل. وقد عثر عليها في العراق أيضاً في المواجهات بين الحكومة الشيعية والأقلية السنية التي تمت ملاحقتها واضطهادها من قبل النظام. وهو يحاول زيادة قوته في أفغانستان وفي مناطق التماس بين قوات طالبان. وهكذا فعل في شبه جزيرة سيناء عندما نجح في تجنيد عدد من القبائل البدوية التي عانت من قبضة القاهرة الحديدية.
تعتبر هجمات “داعش” في سوريا والعراق باهتة مقابل حملة الاحتلالات التي قام بها التنظيم سابقاً. ولكن في الفترة التي يبدو فيها نشاط منظمات إرهابية إسلامية، مثل “داعش” والقاعدة بفروعها، منضبطاً أو بعيداً عن الحماسة والتصميم من العقد السابق، يجدر أن نتذكر الرؤية التي تتجاهل وتستخف، والتي ميزت الدول العربية والغرب تجاه هذه التنظيمات في البداية، وبالمفاجأة والصدمة التي نجحت في إحداثها عندما كان يبدو أنه لن تقوم لها قائمة.
بقلم: تسفي برئيل
هآرتس 28/1/2022
القدس العربي
————————-
سورية: عناصر “داعش” المتحصنون داخل سجن غويران يطالبون بنقلهم إلى البادية/ عدنان أحمد
تراجعت حدة الاشتباكات في مدينة الحسكة شمالي شرق سورية، بينما لا يزال العديد من عناصر تنظيم “داعش” يتحصنون داخل سجن غويران (الثانوية الصناعية)، فيما تواصل “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) عمليات الاعتقال التي طاولت عشرات الشبان في الحسكة والرقة ودير الزور.
وذكر مراسل “العربي الجديد” أن سجن غويران، الذي شهد خلال الأيام الماضية أحداثا ساخنة، تسوده مع الأحياء المحيطة به، حالة من الهدوء الحذر بالتزامن مع عمليات مداهمة وتمشيط تقوم بها “قسد” في حيي غويران والزهور، إضافة إلى تشديد حصارها على السجن، الذي ما زال يتحصن داخله العشرات من عناصر “داعش”، ويرفضون الاستسلام.
وأضاف المراسل أن ما بين 70 و90 من عناصر “داعش” ما زالوا متحصنين داخل السجن ويرفضون الاستسلام، مبيناً أن عناصر التنظيم لديهم رهائن، ويطالبون بأن يتم السماح لهم بالخروج الآمن من السجن والوصول إلى البادية السورية، دون أن يتضح ما إذا كان الرهائن هم من حراس السجن والعاملين فيه، أم من الأطفال الموجودين بالسجن، من أبناء عناصر التنظيم.
وكان تسجيل مصور أظهر، الأربعاء الماضي، عددا من الأطفال يوجهون نداء استغاثة من داخل السجن لإنقاذ حياتهم.
من جهتها، قالت “قسد” إن حوالي 60 مقاتلاً من تنظيم “داعش” كانوا يختبئون دون أن يتم اكتشافهم، في قبو بأحد المباني في مجمع السجون المؤقت.
ووفق ما نقل موقع “الحرّة”، قال المدير الإعلامي لـ”وحدات حماية الشعب” العمود الفقري لقوات “قسد” أمس الجمعة: “أعطيناهم مهلة زمنية: إذا لم يستسلموا، فسنستخدم أساليب عسكرية”، موضحاً أن “قسد” خيرت عناصر التنظيم بين الاستسلام أو الموت، دون أن يحدد الموعد النهائي للاستسلام. ورجّح أن مقاتلي “داعش” المتحصنين في الداخل كانوا ممن شاركوا في الهجوم على السجن من الخارج، وليسوا ممن كانوا محتجزين داخله.
وذكرت شبكات محلية أنه تم اكتشاف عشرات الجثث داخل أقبية بعض مباني السجن تعود لسجناء قتلوا خلال الاشتباكات التي جرت في الأيام الماضية، ما يرفع عدد القتلى من السجناء الذين قتلوا داخل السجن إلى أكثر من 300 شخص، فيما ذكرت شبكة “الخابور” أن قائد قوات الكوماندوس التابعة لقسد، أزاد كوباني، أصيب أمس جراء الاشتباكات في محيط سجن غويران، إضافة إلى مقتل عدد من عناصر “قسد”.
كما ذكرت شبكة “فرات بوست” المحلية أن الشرطة العسكرية التابعة لـ”قسد” اعتقلت في مدينة الحسكة غالبية عناصر الدفاع الذاتي (التجنيد الإجباري) والمكلفين بحماية سجن غويران، الذين هربوا في أول يوم للهجوم للتحقيق معهم، فيما لا يزال عدد من عناصر الدفاع الذاتي في عداد المفقودين.
حملات اعتقال
إلى ذلك، كثفت “قسد” عمليات المداهمة للمنازل واعتقال المطلوبين في أحياء الحسكة ومناطق المحافظة، ولاسيما الشدادي والهول بدعم مباشر من طائرات التحالف الدولي، حيث وثق الناشطون اعتقال العشرات بتهم التعامل مع تنظيم “داعش” في المنطقة.
وذكرت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” أن “وحدات من قسد مدعومة بقوات التحالف الدولي والطيران المروحي شنت، صباح اليوم، حملة مداهمات واعتقالات في بلدتي معيزيلة والصور بريف دير الزور بحثاً فارين من سجن غويران بالحسكة، مشيرة إلى اعتقال نحو 30 شخصا خلال الـ 24 ساعة الماضية في أرجاء مختلفة من محافظة دير الزور.
“تسويات دعائية” للنظام
إلى ذلك، ذكرت وكالة “سانا” التابعة للنظام أن عملية التسوية تواصلت في مركز قصر الحوريات وسط مدينة درعا لليوم الثالث على التوالي. وكان النظام مدد أمس الأول فترة إجراء التسوية لمدة يومين إضافيين نظراً لما سماه “الإقبال الكبير” من جانب السكان على التسوية، فيما ذكر الناشط محمد المسالمة، في حديث مع “العربي الجديد” أن الإقبال كان محدودا، وشمل أساسا أشخاصا غير مطلوبين ولا تنطبق عليهم شروط التسوية.
واعتبر المسالمة أن “للنظام أهدافا دعائية في الدرجة الأولى من إعادة فتح باب التسوية”، معتبرا أن هذه التسويات “لا قيمة لها على أرض الواقع، حيث تنعدم الثقة في النظام ووعوده وتسوياته” من جانب معظم السكان.
ورأى أن تسليط الضوء على التسويات هدفه إبراز أن النظام يحقق إنجازات في محافظة درعا، بغية التغطية على تقصيره تجاه المحافظة من ناحية تأمين الخدمات الأساسية، فضلا عن تواصل الفوضى الأمنية في المحافظة.
كما أعلنت “سانا” تواصل عمليات التسوية لليوم السابع عشر على التوالي في محافظة الرقة شرقي البلاد، والتي تشمل “تسوية أوضاع المدنيين المطلوبين والعسكريين الفارين والمتخلفين عن الخدمتين الإلزامية والاحتياطية” في مركز التسوية ببلدة السبخة بريف الرقة الشرقي.
وأضافت الوكالة أن التسويات تتواصل برغم العراقيل التي تضعها “قسد” أمام الراغبين في الانضمام إليها. وكانت المحافظة شهدت في الأيام الأخيرة مظاهرات واعتصامات رافضة للتسوية مع النظام ومطالبة بخروج قواته من المحافظة.
العربي الجديد
—————————-
المرصد: داعش يحتجز رهائن بالتزامن مع عودة الاشتباكات في محيط سجن الحسكة
قال المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض، السبت، إن مجموعة تابعة لتنظيم داعش تحتجز مدنيين بينهم مسؤول محلي، رهائن في مدينة الحسكة السورية بالتزامن عودة الاشتباكات في محيط سجن غويران.
وذكر المرصد في بيان نشر على موقعه الإلكتروني أن “خلية تابعة للتنظيم مؤلفة من أربعة انتحاريين على الأقل، تحتجز رئيس حي كومين في شارع الأغوات ضمن حي غويران بمدينة الحسكة، برفقة ثلاثة مدنيين كرهائن في أحد الأبنية السكنية”.
وأشار إلى أن قوات مكافحة الارهاب الكردية تحاصر المجموعة من كافة الجوانب.
وأفاد مصور لوكالة فرانس برس عن انتشار قوات أميركية برفقة قوات سوريا الديموقراطية وقوات الأمن الكردية في الحي ومحاصرتها للمبنى، وسط وجود قناصة على أسطح الأبنية المجاورة، لافتا الى سماع دوي إطلاق رصاص بين الحين والآخر.
بالمقابل أفاد المرصد بأن الاشتباكات بين عناصر تنظيم داعش من جهة وقوات الأمن الكردية “الأسايش” وعناصر قسد من جهة ثانية عادت إلى مناطق في محيط سجن غويران ضمن مدينة الحسكة.
وتأتي الاشتباكات بعد ساعات من “الهدوء الحذر” في المنطقة، حيث كانت القوات العسكرية تجري عمليات تفتيش للأحياء المحيطة بالسجن، وفقا لمصادر المرصد السوري.
وأكد المرصد أن “سجن غويران يشهد هدوءا حذرا، بالتزامن مع استمرار تحصن ما تبقى من عناصر التنظيم في مبنى يقع شمالي السجن، في حين تحاصرهم القوى العسكرية من كافة الجوانب”.
وتابع أنه “إلى الآن لم تنفذ أي عملية عسكرية لصعوبة ذلك بسبب تحصينات الأقبية التي يتواجد فيها التنظيم، وسط معلومات عن وجود أطفال من أشبال الخلافة معهم”.
ورغم إعلان قوات سوريا الديموقراطية، الأربعاء، استعادة السيطرة على السجن، وأن نحو 3500 من المهاجمين والسجناء التابعين للتنظيم استسلموا لها، إلا أن العشرات من مقاتلي التنظيم ما زالوا يتحصنون، وفق المرصد، داخل أقبية “يصعب استهدافها جوا أو اقتحامها برا”.
وتتراوح التقديرات بشأن عددهم بين ستين وتسعين مقاتلا، وفق مسؤولين أكراد. وتوجه القوات الكردية نداءات متكررة لهم للاستسلام.
وقال مسؤول المكتب الإعلامي في قوات سوريا الديموقراطية فرهاد شامي لفرانس برس السبت “لم تستخدم قواتنا القوة معهم حتى الآن” بعدما كانت قد منحتهم الجمعة مهلة لم تحدد توقيت انتهائها.
ومنذ بدء الهجوم، الذي شكّل “أكبر وأعنف” عملية للتنظيم منذ خسارته كل مناطق سيطرته في سوريا قبل نحو ثلاث سنوات، تمنع القوات الكردية الصحافيين من التجول داخل حي غويران أو الاقتراب من محيط السجن.
وأوقع الهجوم والاشتباكات التي تلته داخل السجن وخارجه أكثر من 260 قتيلا، 180 منهم على الأقل من التنظيم المتطرف مقابل 73 من قوات الأمن الكردية وقوات سوريا الديموقراطية، إضافة إلى سبعة مدنيين، وفق آخر بيانات المرصد، الذي يرجح ارتفاع الحصيلة النهائية مع وجود جثث ومفقودين وعشرات الجرحى في حالات خطرة.
الحرة – واشنطن
————————————-
“الاستسلام أو الموت”.. اكتشاف 60 مقاتلا من داعش في قبو سجن الحسكة
الحرة / ترجمات – واشنطن
وضعت قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، الجمعة، مقاتلين لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، متحصنين في سجن، أمام خيار “الاستسلام أو الموت”، وفق ما نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
وقالت الصحيفة إن قوات “قسد” وجهت لعشرات من مقاتلي التنظيم إنذارا بالاستسلام أو الموت، وهددتهم بهجوم عسكري شامل في حال لم يستسلموا.
وكان أكثر من مئة عنصر من تنظيم داعش، موجودين داخل سجن الصناعة وخارجه، قد شاركوا في هجوم منسّق بدأ مساء الخميس على المرفق الذي يشرف عليه الأكراد في مدينة الحسكة، في عملية تعتبر “الأكبر والأعنف” منذ إعلان القضاء على التنظيم في سوريا قبل ثلاث سنوات. ولا تزال قوات سوريا الديموقراطية، التي يعدّ الأكراد أبرز مكوناتها، تعمل على استعادة السيطرة الكاملة على المنطقة.
والأربعاء، أعلنت “قسد” أنها استعادت السيطرة الكاملة على مجمع السجن بعد ستة أيام من القتال. لكن المعارك احتدمت مجددا الخميس، لطرد المقاتلين الذين ما زالوا متحصنين في السجن.
وقال سياميند علي، المدير الإعلامي لوحدات حماية الشعب، الجمعة، إن حوالي 60 مقاتلا من داعش كانوا يختبئون دون أن يتم اكتشافهم في قبو في أحد المباني في مجمع السجون المؤقت.
وأضاف علي: “أعطيناهم مهلة زمنية: إذا لم يستسلموا، فسنستخدم أساليب عسكرية”. وقال إنهم سيقتلون إذا لم يستسلموا.
ولم يذكر علي الموعد النهائي للاستسلام. وقال إن قوات قسد كانت ترسل رسائل إلى المقاتلين عبر مكبرات الصوت، لكن المقاتلين لم يردوا.
ونقلت الصحيفة عن علي قوله إنه يعتقد أن مقاتلي داعش المتحصنين في الداخل كانوا ممن شاركوا في الهجوم على السجن من الخارج وليسوا ممن كانوا محتجزين داخله.
وأوقعت الاشتباكات المستمرة منذ الخميس، وفق آخر حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان، 114 قتيلا من عناصر التنظيم و45 من القوات الكردية، إضافة الى سبعة مدنيين.
ومنذ إعلان القضاء على التنظيم، تطالب الإدارة الذاتية، ذات الإمكانات المحدودة، الدول المعنية باستعادة مواطنيها المحتجزين في سجون ومخيمات أو إنشاء محكمة دولية لمحاكمة الجهاديين في سوريا. لكن مناشداتها لا تلقى آذانا صاغية. واكتفت فرنسا وبضع دول أوروبية باستعادة عدد محدود من أطفال عناصر التنظيم، اليتامى.
———————————-
عودة الاشتباكات بين القوات الكردية وعناصر داعش في غويران
العربية.نت
اندلعت اليوم السبت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة بين قوى الأمن الداخلي الكردية “الأسايش” وعناصر تابعين لتنظيم داعش في حي غويران بمحافظة الحسكة (شمال شرقي سوريا).
وأفادت وكالة أنباء “هاوار” الكردية بأن الاشتباكات اندلعت أثناء تمشيط قوى “الأسايش” وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” لبعض الشوارع في الحي واكتشافها عناصر من داعش مختبئة في أحد المنازل.
ونقلت الوكالة عن قوى “الأسايش” قولها إن أحد الدواعش المختبئين، وعددهم خمسة، لقي حتفه في الاشتباكات.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أفاد أمس الجمعة بمقتل عنصر من قوات سوريا الديمقراطية برصاص أحد عناصر تنظيم داعش وأشار إلى ارتفاع قتلى أحداث سجن غويران بالحسكة إلى 262.
وقال المرصد إن عنصر داعش المشار إليه قُتل بدوره “بعد تدمير مبنى كان يتحصن به”، مشيراً إلى استمرار عمليات تمشيط الأبنية في محيط سجن الصناعة بمنطقة غويران.
ووفقاً للمرصد، فقد ارتفع العدد الإجمالي للقتلى منذ بدء محاولة داعش السيطرة على السجن نهاية الأسبوع الماضي حتى أمس الجمعة إلى 262، بينهم 181 من داعش و74 من “الأسايش” وحراس السجن وقوات مكافحة الإرهاب و”قسد”. وأضاف المرصد أن سبعة مدنيين قتلوا في هذه الأحداث، إضافة لعشرات المصابين بحالات خطرة.
هذا وعثرت “قسد” وقوات الأمن الكردية الجمعة على جثث نحو 20 من عناصرها، ممن قتلوا على يد تنظيم داعش داخل السجن.
وتواصل القوات الكردية وحلفاؤها عملية تمشيط أقسام السجن وتفتيشها، بحثاً عن عناصر متوارية من التنظيم المتطرف، بعد يومين من إعلانها استعادة “السيطرة الكاملة” على سجن الصناعة في مدينة الحسكة، منهية اشتباكات بدأت في العشرين من الشهر الحالي بهجوم منسّق على السجن شنه مقاتلون من التنظيم من الخارج وسجناء من الداخل.
وشكّل هذا الهجوم “أكبر وأعنف” عمليّة للتنظيم منذ خسارته كل مناطق سيطرته في سوريا قبل نحو ثلاث سنوات في مواجهة قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل الأكراد عمودها الفقري.
ورغم إعلان قوات سوريا الديمقراطية، الأربعاء، استعادة السيطرة على السجن، وأن نحو 3500 من المهاجمين والسجناء التابعين للتنظيم استسلموا لها، فإن العشرات من مقاتلي التنظيم ما زالوا يتحصنون، وفق المرصد، داخل أقبية “يصعب استهدافها جواً أو اقتحامها براً”.
وأوضح مصدر عسكري في قوات سوريا الديمقراطية لوكالة “فرانس برس” أن “نحو 60 مقاتلاً من التنظيم يتحصنون في قبو وفي طابق يعلوه”، موضحاً “نعتقد أنه لا قصّر بينهم”.
وأضاف: “نوجه لهم نداءات للاستسلام، وقد أمهلناهم مدة من الوقت” لم يحددها لافتاً إلى أنه “ما لم يسلموا أنفسهم، فسيتم التعامل معهم بالطرق العسكرية”.
ودفعت هذه الاشتباكات نحو 45 ألف شخص إلى الفرار من منازلهم في مدينة الحسكة، وفق الأمم المتحدة، ولجأ عدد كبير منهم إلى منازل أقربائهم، بينما وجد المئات ملجأ لهم في مساجد وصالات أفراح في المدينة.
———————————–
“داعش” تحتجز مسؤولاً سورياً داخل مبنى سكني قرب سجن الحسكة! قسد والقوات الأمريكية تحاصرهم بالقناصة
عربي بوست
تدور اشتباكات متقطّعة السبت 29 يناير/كانون الثاني 2022 بين القوات الكردية المدعومة أمريكياً المعروفة باسم قوات “قسد” وعناصر متوارية من تنظيم الدولة الإسلامية المعروفة بـ” داعش”، في محيط سجن في شمال شرق سوريا، فيما لا يزال عشرات الجهاديين يتحصّنون داخله، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان ونقلته وكالة فرانس برس.
فبعد ثلاثة أيام من إعلان قوات سوريا الديمقراطية استعادة “السيطرة الكاملة” على سجن الصناعة في حي غويران في مدينة الحسكة، منهية اشتباكات بدأت في العشرين من شهر يناير/كانون الثاني 2022 بهجوم منسّق على السجن شنّه مقاتلون من التنظيم من الخارج وسجناء من الداخل، لا يزال عشرات الجهاديين يتحصنون داخل قبو في السجن ويرفضون الاستسلام.
في حين أشار المرصد السبت إلى “اشتباكات في محيط السجن بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات الأمن الكردية من جهة، وعناصر من التنظيم متوارين في المنطقة، من جهة ثانية”.
من ناحية أخرى فقد قال المرصد إن أربعة عناصر من التنظيم يحتجزون مسؤولاً محلياً في حي غويران برفقة ثلاثة مدنيين داخل أحد الأبنية السكنية.
فيما أفاد مصور لوكالة فرانس برس بانتشار قوات أمريكية برفقة قوات سوريا الديمقراطية وقوات الأمن الكردية في الحي ومحاصرتها للمبنى، وسط وجود قناصة على أسطح الأبنية المجاورة، لافتاً إلى سماع دوي إطلاق رصاص بين الحين والآخر.
في السياق ذاته ورغم إعلان قوات سوريا الديمقراطية الأربعاء استعادة السيطرة على السجن، وأن نحو 3500 من المهاجمين والسجناء التابعين للتنظيم استسلموا لها، إلا أن العشرات من مقاتلي التنظيم ما زالوا يتحصَّنون، وفق المرصد، داخل أقبية “يصعب استهدافها جواً أو اقتحامها براً”.
الحسكة
عشرات المقاتلين
فيما تتراوح التقديرات بشأن عددهم بين ستين وتسعين مقاتلاً، وفق مسؤولين أكراد. وتوجّه القوات الكردية نداءات متكررة لهم للاستسلام.
كذلك فقد قال مسؤول المكتب الإعلامي في قوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي لفرانس برس السبت: “لم تستخدم قواتنا القوة معهم حتى الآن” بعدما كانت قد منحتهم الجمعة مهلة لم تحدد توقيت انتهائها.
يذكر أنه ومنذ بدء الهجوم، الذي شكّل “أكبر وأعنف” عمليّة للتنظيم منذ خسارته كل مناطق سيطرته في سوريا قبل نحو ثلاث سنوات، تمنع القوات الكردية الصحافيين من التجول داخل حي غويران أو الاقتراب من محيط السجن.
فيما أوقع الهجوم والاشتباكات التي تلته داخل السجن وخارجه أكثر من 260 قتيلاً، 180 منهم على الأقل من التنظيم المتطرف مقابل 73 من قوات الأمن الكردية وقوات سوريا الديمقراطية، إضافة إلى سبعة مدنيين، وفق آخر بيانات المرصد، الذي يرجح ارتفاع الحصيلة النهائية مع وجود جثث ومفقودين وعشرات الجرحى في حالات خطرة.
اشتباكات بين القوات الكردية وعناصر داعش بمحيط سجن الحسكة، شمال شرق سوريا/ تويتر
كذلك فقد دفعت الاشتباكات نحو 45 ألف شخص إلى الفرار من منازلهم في مدينة الحسكة، وفق الأمم المتحدة، ولجأ عدد كبير منهم إلى منازل أقربائهم، بينما وجد المئات ملجأ لهم في مساجد وصالات أفراح في المدينة.
—————————–
===================
تحديث 30 كانون الثاني 2022
———————-
سجن الحسكة والاستثمار في الرعب… من النظام إلى “قسد”/ بشير البكر
يبعد سجن الحسكة المركزي عن بيتنا، أقل من كيلومتر واحد، كنا نسمع الغناء في الليالي يأتي من أحد العنابر التي تطلّ على الوادي الفاصل بين حيّنا وبين السجن، الذي يقع على تلة صغيرة، هي آخر الحدود الغربية لحي غويران الكبير نسبياً.
وكان يصل عدد سكان حي غويران في أوائل سبعينيات القرن الماضي، إلى حوالي ألفي عائلة. سكنت الحي في المدينة التي تشكلت في الثلاثينيات حول ضفتي نهر الخابور، وكانت البيوت الأولى فيها تعود إلى عائلات مسيحية قدمت من ماردين بعد إلحاقها بتركيا بموجب اتفاق فرنسي تركي، وإلى بعض شيوخ العشائر الأغنياء، مثل عبد العزيز المسلط وحمود العلي الخليف وحمود العليوي.
عرفنا لاحقاً، أن صاحب الصوت الشجي شاب من ريف الحسكة، سجين محكوم بالمؤبد بسبب جريمة قتل.
وحين أخذتنا المدرسة الإعدادية في زيارة للسجن من أجل القيام بنشاطات لمساعدة السجناء، التقينا ذلك الشاب الذي كان قد مضى على وجوده خلف القضبان عدة أعوام، وكان لديه أمل بصدور عفو بعد أن يمضي محكومية الحق العام، وتحصل مصالحة عشائرية مع أهل الضحية، ليخرج ويتزوج ابنة عمه التي تنتظره، وهذا ما حصل.
جرت عدة تحركات أهلية تطالب بنقل السجن إلى خارج المدينة
تتشكل مدينة الحسكة من غالبية عربية من أصول ريفية فلاحية تنتمي إلى قبائل الجبور والبكارة وأولاد الشيخ عيسى وزبيد وشمر وطي، ومكونات أخرى من الأكراد والطوائف المسيحية من السريان والأرمن والآشوريين.
وتطورت المدينة بسرعة بالاعتماد على مواردها، المتمثلة بزراعة الحبوب والقطن، فضلاً عن النفط الذي بدأ استثماره في نهاية الستينيات.
وبفضل نسيجها الاجتماعي المتنوع، وازدهار حركة التعليم، كانت بعيدة عن التطرف، واقتصرت الحركات السياسية فيها على البعث والشيوعيين والناصريين.
سجن غويران في الحسكة
وعلى الرغم من أن حي غويران مفتوح من ناحية الشرق على بر المدينة وغير مكتظ بالسكان، فإن فكرة وجود السجن هناك ظلّت تشكل حالة عدم ارتياح، وجرت عدة تحركات أهلية تطالب بنقله إلى خارج المدينة، وتحويل البناء إلى جامعة لمنطقة الجزيرة التي تفتقر إلى مرفق تعليمي من هذا القبيل.
وكونه السجن الوحيد في عموم المحافظة التي تزيد مساحتها (23 ألف كيلومتر مربع) على ضعفي مساحة لبنان، فقد اعتبره النظام أحد الإنجازات التي حصلت خلال الوحدة السورية المصرية، واحتفظ به كما هو من دون أن يقوم بتوسيعه ليواكب النمو السكاني للمدينة.
ولم يُعرف أن السجن استقبل معتقلين سياسيين حتى في أوج حملات الاعتقالات التي شهدتها سورية في الثمانينيات من القرن الماضي، خلال المواجهات بين النظام والإخوان المسلمين، وكانت المدينة بعيدة عنها.
وكي يسهل على النظام نهب منطقة الجزيرة اقتصادياً، بالتوازي مع عدم الاهتمام بتنميتها، فإنه أوجد تهمة جاهزة لكل من يصعب تصنيفه سياسياً، وهي الانتماء إلى حزب البعث الجناح العراقي.
وبذلك، وظّف النظام التقاطعات الاجتماعية والثقافية بين تلك المناطق والعراق سياسياً، واستعملها كسلاح ترهيب، وخصوصاً خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، التي ساند فيها إيران ضد العراق إلى حد تزويدها بالسلاح.
بقي سجن الحسكة المركزي رمزاً للخوف، وليس مصادفة اختيار مكان البناء فوق تل يطل على المدينة. وهو عبارة عن ثلاثة طوابق بخمسة اتجاهات، تضم كل زنزانة من زنازينه 39 سريراً، كل ثلاثة منها مكدسة فوق بعضها، ومزوّد بكاميرات للمراقبة.
كان أول استخدام سياسي لسجن الحسكة على نحو واسع، هو لاحتجاز المعتقلين الأكراد في التسعينيات
وعلى الرغم من أن النظام لم يستخدمه لاحتجاز الخطرين من أعدائه الذين كان ينقلهم إلى دمشق، فإنه جعله يحتفظ بحضوره الرمزي، فهو أول بناء حديث يتكوّن من طوابق في المدينة، ويفوق الثكنة العسكرية حجماً وتجهيزاً.
ويتجاوز عدد عناصر الأمن المرابطين في السجن، عدد قوات الجيش المكلفة بحراسة المدينة، التي تشكل مثلث الحدود السورية العراقية التركية، ولا تبعد عن الحدود السورية التركية أكثر من 60 كيلومتراً.
وكان أول استخدام سياسي لسجن الحسكة على نحو واسع، هو لاحتجاز المعتقلين الأكراد في التسعينيات، ومن ثمّ في الانتفاضة الكردية ضد النظام عام 2004.
انتقال السجن من النظام السوري إلى “قسد”
وانتزع الأكراد السجن من يد النظام في عام 2011، وسيطر عليه تنظيم “داعش” عام 2015، وبعدها انتزعته “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) في 2016، لتحوله إلى مقر احتجاز خاص بعناصر التنظيم.
وحين فاض عدد المعتقلين عن طاقته الاستيعابية، قامت “قسد” بإضافة المدرسة الصناعية القريبة، التي أصبح اسمها “فرع سجن الحسكة المركزي”، لتستخدمها اعتباراً من عام 2018، كمركز احتجاز لمعتقلي تنظيم “داعش” من السوريين، وقد قدمت الولايات المتحدة 750 ألف دولار لتجديده، ليضم ألف معتقل.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مأمور السجن، عدنان علي، في يوليو/ تموز 2018، قوله إنه لا يريد أن يكون سجن الحسكة “مدرسة للإرهابيين”.
ووعد بأنه سيعامل المساجين كـ”بشر”، على عكس سجون “داعش” والنظام السوري، وسيسمح لهم بارتداء الملابس العادية، وسيحصلون على الكتب وسيشاهدون التلفزيون، وبإمكان عائلات السجناء السوريين زيارتهم.
ولكن بعد توجيه الضربة القاضية لـ”داعش” في بلدة الباغوز، في مارس/آذار 2019، واستسلام الآلاف من مقاتلي التنظيم، تحوّل “سجن الصناعة” إلى واحد من عدة سجون أهلتها “قسد” بالتفاهم مع الولايات المتحدة لاستقبال مقاتلي “داعش”، وقد ضم حوالي 5 آلاف سجين، العدد الأكبر منهم من المقاتلين الأجانب من الدرجة الثالثة.
وسرعان ما برزت أهم مشكلة في هذا السجن، وهي عدم قدرة “قسد” على ضبط ومراقبة الوضع، في بناء مغلق الأبواب والممرات. وتكمن الخطورة في تجميع العشرات وأحياناً المئات من عناصر التنظيم داخل المهجع الواحد، ما يتيح لهم إعادة ترتيب أوضاعهم.
وتبيّن أن ضعف البنى التحتية للسجون في المنطقة عموماً، يشكّل خطراً لناحية كيفية السيطرة على عناصر التنظيم، كونهم محتجزين على شكل كتل كبيرة وضخمة، سواء في مخيم الهول أو في السجون التي هي بالأساس مدارس تم تحويلها إلى مراكز احتجاز.
استثمار “قسد” لملف معتقلي “داعش”
وبدت المشكلة مركبة في حينه؛ “قسد” تعمل على الاستثمار السياسي في ملف عناصر التنظيم المعتقلين لديها، وهم بالآلاف من السوريين والأجانب، بينما تتهرب معظم الدول، وبالأخص الأوروبية، من استرداد مواطنيها المحتجزين. وقد جرى طرح المحاكمة كحل، ولكنها استثنت الأجانب وتركزت على العناصر السوريين، المقدر عددهم في حينه بتسعة آلاف.
تكمن الخطورة في تجميع العشرات وأحياناً المئات من عناصر التنظيم داخل المهجع الواحد
وكان في وسع “قسد” فرض أحكام على هؤلاء، ومعالجة قضاياهم وفق القوانين السورية، وقوانين ما يسمى بالعقد الاجتماعي لـ”الإدارة الذاتية” الذي جرى النظر إليه كباب من أجل تقليل عدد المعتقلين لديها والتخلص من الاكتظاظ.
ومن أجل تخفيف الاحتقان الاجتماعي في المنطقة، قامت “قسد” بإطلاق سراح المئات من عناصر التنظيم من السوريين من محافظات شمال شرق سورية، بناءً على تدخل شخصيات عشائرية في أغلب الحالات.
أما بالنسبة لعناصر التنظيم الأجانب، والبالغ عددهم ما يقارب ثلاثة آلاف عنصر، فقد ظلّ من المستبعد محاكمتهم من طرف “الإدارة الذاتية”، لأسباب عدة، منها الإبقاء على وضعهم معلقاً للاستفادة منهم في أي عملية تسليم مستقبلية.
والاستفادة في أغلب الأحيان تتمثّل بشكل من أشكال الاعتراف بـ”الادارة الذاتية”، وقد تجلى هذا في الثناء الذي لاقته “قسد” بعد تصديها للتمرد الأخير في سجن الصناعة.
وعلى الرغم من وقوع عدد كبير من الضحايا في صفوف الطرفين، فإن قمع تحرك سجناء “داعش” هو الذي أخذته الولايات المتحدة ودول أوروبا بعين الاعتبار.
وساهم في إبقاء هؤلاء السجناء كورقة ضغط بيد “قسد”، تعذر محاكمتهم لأنهم مواطنو دول في أغلبها أوروبية. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، استفادت “قسد” من هذه الورقة حين فرّت مجموعات من هؤلاء من سجن تابع لها في منطقة “عين عيسى” خلال عملية “نبع السلام” التركية.
وإلى اليوم، لم تستعد سوى بضع دول بعض مواطنيها من مقاتلي التنظيم أو منتسبيه وعوائلهم، ومنها أوزبكستان وكازاخستان والولايات المتحدة الأميركية وروسيا وبلجيكا وفرنسا وهولندا.
في الأثناء، احتفظت “قسد” بالسرية حول سجونها، واكتفت بالترويج لاتباعها “المعايير الإنسانية” في مراكزها ومخيماتها، مشيرة إلى العبء الكبير الذي تمثله الأعداد الكبيرة للمحتجزين، التي باتت تتراوح ما بين 10 إلى 12 ألفاً، بينهم نحو ألفي سجين أجنبي من نحو 50 دولة مختلفة، وأربعة آلاف سجين عراقي، بينما أودعت عائلات التنظيم في عشرة مخيمات، ضمن أوضاع إنسانية متردية، أثارت انتقاد هيئات حقوقية وإنسانية عدة.
ومن هذه المخيمات، مخيم الهول في ريف الحسكة، الذي يضم الكتلة الأكبر من عوائل التنظيم، ويوجد فيه نحو 12 ألف شخص من نحو 50 دولة في العالم، يتوزعون بين ثمانية آلاف طفل يشكلون قنبلة موقوتة، وأربعة آلاف امرأة، وفق تصريحات سابقة لكمال عاكف، المتحدث الرسمي باسم مكتب العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية”، التي تدير شؤون المخيم.
وبلغ عدد الأطفال والنساء الذين سُلّموا إلى دولهم نسبة 3 في المائة من العدد الكلي للموجودين.
هناك وضع متفجر في غالبية السجون وأماكن الاحتجاز الواقعة تحت سيطرة “قسد”، وقد شهد سجن الحسكة في السابق تحركات تمردية عدة كانت أبرزها تلك التي جرت نهاية مارس 2020، والتي سبقتها ثلاث محاولات استعصاء في الشهر الذي سبقه.
ولكن الهبة الأخيرة في العشرين من الشهر الحالي، تظلّ الأخطر، لجهة النتائج المباشرة والتداعيات السياسية، خصوصاً مع وجود هذه السجون المكتظة بالإرهابيين في وسط أحياء سكانية ذات أغلبية عربية، تدفع الثمن كلما تحصل حركة تمرد.
وهو ما جرى خلال أسبوع الاشتباكات في الأحياء المحيطة بسجن الصناعة، ما ألحق دماراً كبيراً بالبيوت، ونزوح عدة آلاف وسقوط ضحايا بين المدنيين، وحصول تجاوزات من مقاتلي “قسد”.
العربي الجديد
————————-
سوريا: تنظيم «الدولة الإسلامية» يتحفظ على سر عملية سجن غويران/ منهل باريش
مع هجوم مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» على سجن غويران وما رافقه من عمليات في شرق سوريا، سجل التنظيم أعلى حصيلة هجمات له في سوريا منذ القضاء على آخر جيوبه في مخيم الباغوز شرق نهر الفرات على الحدود السورية العراقية، ربيع عام 2018. وبلغ عدد العمليات 31 عملية موزعة بين محافظات دير الزور والحسكة والرقة بمعدل 18و7 و6 على التوالي. وأعلن التنظيم عن مقتل وجرح 284 من جنود قوات النظام والميليشيات الإيرانية ومقاتلي «قوات سوريا الديمقراطية».
في السياق، احتفت صحيفة «النبأ» الإلكترونية الناطقة باسم التنظيم بمعركة غويران وخصصت جزءا لا بأس به من صفحاتها لتغطية «الملحمة» حسب تسميتها. واعتبرت «النبأ» في افتتاحية عددها الأخير أن المعركة أكثر ما تنفي هو القول بانتهاء التنظيم في «المعركة الأخيرة» في جيب الباغوز. وفي تحد مباشر، تباهت بان مقاتلي الباغوز أنفسهم صناعها.
وامتنع التنظيم عن الكشف عن تفاصيل المعركة، لكنه أوضح ان عدد المهاجمين لسجن «مدرسة الصناعة» في حي غويران هو فقط 12 مهاجما انغماسياً. وتفاخرت افتتاحية النبأ بالمعركة ووصفت من اعتبر المعركة «مؤامرة أو تمثيلة» بفاقدي اليقين. وتفاخرت «هل ترون دولة غير الدولة الإسلامية يعلن أعداؤها القضاء عليها كل عام مرة أو مرتين؟» واصفة عملية الهجوم على السجن بعملية «هدم الأسوار وحرب الاستنزاف التي أبر فيها أمراء الدولة الإسلامية بفكاك العاني». معتبرة ان المعركة رسالة لكل الأسرى المسلمين. وختمت الافتتاحية بالتذكير بخطاب الزعيم السابق لتنظيم الدولة، أبو بكر البغدادي بقوله «والله ما نسيناكم ولكم حق علينا ولن ندخر سبيلا لاستنقاذكم».
وفي تفاصيل المعركة حسب رواية التنظيم التي بدأت الخميس، قبل الماضي، بتفجير انتحاريين سيارتين مفخختين يقودهما مهاجران. ومن ثم بدأ الانغماسيون الآخرون بالهجوم والمشاغلة. وتوزع المهاجمون الـ 12 على أربعة محاور، ثلاثة في كل مجموعة، في المحور الشمالي هاجمت مجموعة أبراج السجن وأحرقت مستودعات المحروقات في سادكوب شمال غرب السجن للتعمية على الطيران الأمريكي. في حين هاجمت المجموعة الثانية إحد مقرات قوى الأمن الداخلي «أسايش» القريبة من السجن لإشغالها ومنعها من الوصول للسجن. فيما قطعت المجموعتان الثالثة والرابعة الطرق المؤدية للسجن ومنعت وصول المؤازرات وقامت بإطلاق النار على جدران السجن.
مع غياب التفاصيل الكاملة لأسباب متعلقة بسلامة خلاياه، يبدو ان التحرك الأكبر في عملية الهجوم كانت من داخله من خلال الاستعصاء وأسر الحراس والوصول إلى مشاجب الأسلحة في غرف الحراس. ويؤكد مصدر عسكري من التنظيم أن الهدف لم يكن فتح جبهة مع «قسد» وإنما تحرير السجناء. لكن سرعة سيطرة الأسرى على مخازن السلاح في السجن والفوضى الحاصلة في صفوف «قسد» ساعدت على ذلك. وهو ما دفع السجناء إلى فتح ثلاث جبهات في حي الزهور الواقع جنوب السجن وحي غويران شمالا إضافة إلى داخل السجن بهدف تحرير باقي عناصر التنظيم.
وأحصى المصدر العسكري في التنظيم مقتل وجرح 260 من «قسد» بينهم مدير السجن الذي قتله السجناء «بأيديهم» حسب تعبيره، ودمر المهاجمون والأسرى المحررون نحو 27 عربة لـ«قسد».
بالتوازي مع الهجوم على سجن «مدرسة الصناعة» سجلت خلايا التنظيم قرابة 16 عملية على مقرات تتبع لـ«قسد» في دير الزور، أدت لمقتل وجرح قرابة عشرة عناصر. فهاجم مقاتلو التنظيم مقرا لـ«قسد» في بلدة الكبر واستهدفوا الأكاديمية التابعة لها في نفس البلدة.
كما استهدفوا تجمعا لـ«قسد» في قرية حوايج ذياب قرب محيميدة، أثناء تجهزهم لمؤازرة المقرات التي تعرضت لهجمات التنظيم في الريف الغربي، وهاجمت خلايا «الدولة» ثلاثة حواجز بريف دير الزور الشمالي، هي الأشيطح الغربي ومعيجل والجاسمي، بعد أن اشتبكوا مع عناصرها بالأسلحة المتنوعة. واستهدفت كذلك آلية عسكرية تتبع لـ«قسد» على طريق دير الزور- الحسكة الجديد ـ المعروف باسم طريق الخرافي، حيث دمروا الآلية وقتلوا من فيها. وفي الوقت ذاته هاجموا مقرا عسكريا لـ«قسد» في بلدة ذيبان. وتكرر الهجوم على بلدة ذيبان خلال أسبوع القتال في غويران. كما هاجم مقاتلو التنظيم عدة مقرات في قرى وبلدات سويدان والجاسمي قرب بلدة الصور، وعادوا واستهدفوا الأكاديمية العسكرية التابعة لـ«قسد» في الكبر وهاجموا سيارة دفع رباعي في الشعفة، أسفر عن مقتل عنصر من ركابها التابعين لـ«قسد».
في محافظة الرقة، رصدت «القدس العربي» عدة هجمات لخلايا التنظيم، حيث هاجمت حاجزين في وسط المدينة قرب الحديقة البيضاء ودوار الدلة، ومقر للاستخبارات التابعة لـ«قسد» قرب بلدة الكرامة شرقي الرقة. كما فجروا عبوة ناسفة موجهة زرعوها داخل حاجز للشرطة في الرقة. وطعنوا أحد عناصر «قسد» في سيارته على الكورنيش الجنوبي في مدينة الرقة.
على صعيد آخر، فإن أسرى التنظيم الذين تحصنوا في أحد أقبية السجن الحديث الملاصق لسجن الصناعة ما زالوا مستمرين في عصيانهم، حيث أفاد مصدر مقرب من «قسد» لـ«القدس العربي» بوجود بين 20-30 سجينا مسلحا في أحد الأقبية، وقسد تفضل حصارهم حتى الاستسلام على مهاجمتهم تجنبا لوقوع قتلى إضافيين في صفوفها، ويساعدها في ذلك الخيار «عدم وجود طعام أو ذخيرة كافية لديهم». وتمشط قوات مكافحة الإرهاب التابعة لـ«قسد» حي الزهور والحارة القريبة من سادكوب بعد ان أنهت تمشيط حي غويران الذي شهد اشتباكات بسبب نجاح عدد من عناصر التنظيم في الوصول إليه. وتستمر قوى الأمن الداخلي «اسايش» والوحدات الكردية بملاحقة السجناء الذين نجحوا بالفرار والوصول إلى أطراف مدينة الحسكة.
الأهم من الصورة الظاهرة على وسائل الإعلام وتجنب إعلام تنظيم «الدولة» الحديث عنه، هو فرار عشرات القادة من السجن ويحتاج الأمر قليلا من الوقت قبل توضحه، فمن غير المتوقع أن تقوم «قسد» باكتشاف الفارين قبل استسلام من تبقى من المستعصين المذكورين. ونرجح ان يكون استمرار حصول الاستعصاء من أجل استمرار الفوضى وإشغال «قسد» داخل السجن وعدم إعطائها الفرصة لاكتشاف الأمر لحين تأمين «أمراء» التنظيم.
واتبع قادة «بيعة الموت» التي نشرتها وكالة أعماق الناطقة باسم التنظيم تكتيك شراء الوقت في مسألة التفاوض حول السجانين والحراس الذين أسروهم داخل السجن، فقد استمرت المفاوضات مدة يومين وأطلق سراحهم على دفعات مقابل إسعاف الجرحى وطبابتهم وتقديم الطعام والشراب لكل السجناء بمن فيهم المتمردون وحاملو السلاح.
في المقابل، لن تتأخر وكالة «أعماق» الناطقة باسم التنظيم من بث تسجيل مصور لأحد قادة التنظيم الفارين، لا ليشرح ما حصل أو يكشف المخطط المعقد لهروبه من السجن، فمن غير المستبعد تكراره، بل لبث كلمة يتوعد فيها «التحالف الدولي لمحاربة داعش» و«قسد» ويتوعد بإطلاق سراح زملائه القابعين في السجون.
القدس العربي
———————-
لغز داعش وسجن غويران والحسابات الوظيفية/ عبد الباسط سيدا
كان من الواضح منذ الأيام الأولى للثورة السورية أن استراتيجية النظام في مواجهة الثورة السورية السلمية تقوم على إدانتها من بوابة الإرهاب، عبر الترويج لوجود جماعات مسلحة إرهابية متطرفة تتحرك بأوامر متآمرين على السلطة السورية، وخطها «المقاوم الممانع». وقد كان ذلك لـ «تسويغ» إطلاق النار على المتظاهرين، واستخدام أبشع الأساليب الإرهابية لترويع الناس، بما في ذلك تعذيب الأطفال وقتلهم، واستهداف النشطاء، وارتكاب المجازر التي كانت تستهدف دفع البلاد نحو حرب داخلية طائفية مقيتة.
وفي سياق هذه الاستراتيجية أطلقت سلطة بشار الأسد سراح الكثيرين ممن كانوا اعتقلوا بناء على خلفيتهم الإسلاموية المتشددة، وكان من بينهم العديد ممن استخدمتهم السلطة ذاتها في خطتها المشتركة مع النظام الإيراني لزعزعة الاستقرار في العراق، ودفعه نحو الحرب المذهبية بعد سقوط حكم صدام حسين عام 2003. هذا بالإضافة إلى العديد من عناصر المخابرات والمخبرين ممن كلفوا بمهام من جانب السلطة المعنية للترويج للشعارات المتطرفة، والتغلغل ضمن صفوف الحركات المتطرفة التي خُطط لها أن تسيطر على المناطق التي انسحبت منها قوات السلطة وأجهزتها المخابراتية، وذلك بهدف التضييق على الثائرين السوريين من جميع المكونات السورية، وإتهام الغالبية السورية من العرب السنة بالتطرف والإرهاب؛ وذلك بالتوافق والتكامل مع المشروع الإيراني التوسعي الذي بدأ أصحابه منذ أوائل الثمانينات، وما زال، يعتمدون أسلوب استخدام المذهب لبلوغ أهدافهم السياسية التوسعية على حساب شعوب المنطقة وتطلعاتها.
أما في المناطق الكردية السورية فقد كان من غير الممكن استخدام ورقة «الإرهاب الإسلاموي»، فتم الاعتماد على «حزب العمال الكردستاني» ب. ك. ك.، عبر واجهته السورية «حزب الاتحاد الديمقراطي» ب. ي. د.، وهذه مسألة باتت معروفة للقاصي والداني، وقد أكدتها تصريحات عدة من جانب بشار نفسه، ومسؤولي سلطته، إلى جانب مسؤوليين في ب. ك. ك.؛ فضلاً عن ممارسات وسلوكيات ميدانية، بينت باستمرار وجود التنسيق الكامل على صعيد تبادل المهام والأدوار، وتقاسم المسؤوليات. وكان الأمر اللافت منذ اليوم الأول لدخول هذه القوات ادعاؤها بأنها قد جاءت لحماية الكرد من المتطرفين والإرهابيين، وذلك في الأشهر الأولى من الثورة في وقت لم تكن جبهة النصرة قد ظهرت بعد، ولم يكن هناك داعش أصلاً.
وأذكر في ها المجال بأننا في لقاء من لقاءات المجلس الوطني السوري مع المسؤولين الأمريكان في أواخر عام 2011 نبهنا إلى هذا الموضوع، وبينّا أن النظام معروف بقدرته على المراوغة وباتصالاته مع الجماعات المتطرفة، واستخدامه لها في تنفيذ خططه سواء في العراق أم في لبنان، وهو سوف يفعل الأمر ذاته في سوريا، ليضع العالم أمام بديلين سيئين: إما الاستبداد أو الإرهاب.
ومع الوقت، ونتيجة سلبية المجتمع الدولي، تمكن النظام بالتعاون مع الروس والإيرانيين من تسويق فزّاعة الإرهاب التي صنعها بنفسه، واستفاد من مواقف بعض الجهات في المعارضة السورية التي لم تتخذ الموقف المناسب في الوقت المناسب بكل أسف من جبهة النصرة وداعش، حتى أصبحت ورقة محاربة الإرهاب على رأس قائمة أولويات الدول، بما فيها تلك التي كانت تعلن عن دعمها ومساندتها للشعب السوري في مواجهة سلطة الاستبداد والفساد. وتجلى ذلك واضحاً حينما توافق الأمريكان مع الروس على تقسيم الميادين في ما بينهم، وأخذت الولايات المتحدة الأمريكية على عاتقها مهمة ترتيب الأوضاع في منطقة شرق الفرات المحاذية للعراق وتركيا والقريبة من الخليج حيث الاهتمام الأمريكي.
اعتمدت الولايات المتحدة بصورة علنية خطة القضاء على داعش في العراق وسوريا، وقد تعاونت في العراق مع القوات الحكومية العراقية، وقوات البيشمركة، وكان لافتاً حرص البيشمركة على عدم الدخول إلى الموصل منعاً لإثارة حساسيات قومية، هذا رغم أنها رسمياً قوات عراقية، وهناك وجود كردي لافت في الموصل.
أما في منطقة شرق الفرات، فقد اعتمدت الولايات المتحدة على قوات ب. ك. ك. بأسمائها المختلفة المتغيرة باستمرار، وهي تعرف اليوم بـ «قسد» لتكون قوة تأتمر بأمرها على الأرض في معركة مواجهة داعش في محافظات الحسكة ودير الزور والرقة، وهذه الأخيرة كانت تمثل، كما هو معروف، عاصمة التنظيم. هذه الخطوة الأمريكية جاءت بعد أن رفضت الفصائل العسكرية السورية المعارضة القيام بتلك المهمة التي كانت تقتصر على محاربة داعش وحده من دون سلطة بشار. لن ندخل في تفاصيل هذا الموضوع وخلفيات المعارك التي كانت مع داعش، والنتائج التي أسفرت عنها، فهي معروفة ويطول الحديث فيها.
ولكن الذي لا بد أن يؤخذ بعين الاعتبار هو أن الحزب المعني قد تصرف في الواقع كشركة أمنية، أخذ على عاتقه القيام بالدور المطلوب منه من دون أي مراعاة لحساسيات المنطقة، ومن دون إعطاء أي اعتبار لحجم الضحايا، خاصة من الكرد الذين استخدموا مقاتلين في تلك المعارك. قسم كبير منهم فرض عليهم التجنيد الاجباري من قبل حزب غير سوري، أقحم اقحاماً في الساحة السورية بناء على صفقة مع سلطة بشار الأسد؛ هذا إلى جانب قسم آخر انضموا إلى قوات الحزب نتيجة الحاجة المادية، في حين أن مجموعة ثالثة تأثرت بشعارات هذا الحزب المضللة. وما استفاد الحزب من هذه الصفقة هو الحصول على المال والسلاح، كما استطاع بضوء أخضر أمريكي فتح العلاقات مع الأوروبيين، وتمكّن في الوقت ذاته من التحكّم الكامل بمنطقة شرق الفرات حيث قمع الحريات، وهدّد واعتقل وغيّب المعارضين، وسيطر على مقدرات المنطقة الاقتصادية، خاصة النفط والحبوب والمعابر، وحصّل الضرائب وفرض الأتاوات؛ وأبعد جميع القوى السياسية عن دائرة التأثير، خاصة الأحزاب الكردية السورية.
ومع انتهاء المعارك ربيع عام 2019، وإعلان القضاء على داعش من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وإعلانه في الوقت ذاته عن قرار سحب القوات الأمريكية من المنطقة، واجه الحزب المعني ارتباكاً واضحاً، تجسد في تحركه في مختلف الاتجاهات، لا سيما نحو الروس والسلطة، وارتفعت وتيرة هذا الارتباك بعد سيطرة القوات التركية على منطقتي سري كانيي/ راس العين وتل أبيض، وبضوء أخضر أمريكي بطبيعة الحال، إلى أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية مجدداً أنها باقية في سوريا.
ثلاثة أعوام مرت، وعشرات الآلاف من عناصر داعش وزوجاتهم وأطفالهم ما زالوا في مخيم الهول وسجون الحسكة، من دون أن تكون هناك خطة واضحة لكيفية التعامل مع هذا العدد الضخم الذي هو أكبر من إمكانيات المنطقة. كما أن هذه المشكلة توظف باستمرار من قبل قوى محلية وأخرى إقليمية، وحتى دولية لإثارة مشاعر الحقد والكراهية بين العرب والكرد، وكأن «حزب العمال» يمثل الكرد، وأن داعش يمثل العرب السنة.
فحزب العمال لا يطرح مشروعاً قومياً كردياً، كما أن عدد العرب في قوات قسد والأجهزة الأمنية التابعة للحزب المعني تحت أسماء وواجهات مختلفة، لا يقل عن عدد الكرد، إن لم يكن أكبر. وذلك نتيجة الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها السوريون في مختلف المناطق، حتى تحول بعضهم بكل أسف إلى مرتزقة لصالح جهات إقليمية ودولية داخل سوريا وخارجها.
أما التمرد الأخير الذي حصل داخل سجن غويران، والحديث عن القاء القبض على الفارين بعد معارك تسببت في قتل العشرات من عناصر داعش، ومن قوات قسد، فإن كل ذلك يؤكد استمرارية المشكلة التي تظل قنبلة مؤقتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة، إذا ما بقيت من دون معالجة.
هناك روايات كثيرة، وتفسيرات متناقضة حول ما حصل ويحصل، منها أنها جاءت بالتزامن مع تحريك ورقة داعش مجدداً في العراق، وذلك بعد أن وصلت الأمور إلى مرحلة لا تستقيم مع الحسابات الإيرانية هناك، فالتهديد بورقة داعش يفرض على العراقيين فكرة التوافق السياسي، وهو كلام حق يراد به باطل، الغاية منه التجديد لأحزاب الميليشيات التي هي في الأساس جزء من المشروع الإيراني في العراق وسوريا.
كما أن سلطة حزب العمال في سوريا تستفيد هي الأخرى من ورقة داعش، لتعزيز هيمنتها على المنطقة، بعد ارتفاع الأصوات المندّدة بفسادها الذي أدى إلى أزمة معيشية خانقة يعاني منها سكان المنطقة على اختلاف انتماءاتهم، وظهور مجموعات من أثرياء الحرب من شركاء السلطة المعنية والمقربين منها. كما تسببت تلك السلطة في كوارث اقتصادية وبيئية.
فحزب العمال هو الذي يحكم المنطقة فعلياً ويتحكّم بها. أما الواجهات السورية بأسمائها التنظيمية أو الشخصية فهي مجرد أدوات للتغطية والتعمية. والطريف في الأمر أن الولايات المتحدة الأمريكية قد أعلنت جائزة كبرى لمن يساعدها بالقبض على ثلاثة عناصر أساسية في قيادة قنديل، ولكنها في الوقت ذاته تنسق مع القوات التي تسيّرها تلك القيادات، وتشيد بما حققته تلك القوات من «إنجازات» على صعيد إعادة ضبط الأوضاع في سجن الحسكة، ومن دون أي تفكير في كيفية معالجة هذه المصيبة التي باتت وبالاً على سكان المنطقة، وسكان الحسكة على وجه التخصيص. وهي مصيبة تسمم أجواء العلاقة بين العرب والكرد، خاصة مع حرص بعض الجهات الإعلامية المغرضة، أو تلك التي لا تشعر بأي مسؤولية وطنية، على وصف عمليات داعش أو قسد بأنها بطولات يُعتز بها، بينما هي في واقع الحال جزء من الخطط التي وضعت ونُفذت لإرهاب السوريين الذين ثاروا على استبداد وفساد وإفساد سلطة بشار الأسد.
*كاتب وأكاديمي سوري
القدس العربي
—————————–
ما بعد عملية غويران/ عبسي سميسم
رغم انتهاء عملية السيطرة على سجن غويران في الحسكة، كما أعلنت “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، أو قرب انتهاء السيطرة عليه كما تشير الأنباء الواردة من المنطقة، إلا أن عملية اقتحام سجن يعد من أخطر السجون في العالم، يضم آلاف الأسرى من تنظيم “داعش” بينهم قيادات، من شأنها أن تغير كل المعادلات في المنطقة، سواء لناحية السكان، أو لناحية القوى المتدخلة فيها.
بعد هذه العملية، لن يتمكن سكان المنطقة من التحرك والاعتراض على أداء “الإدارة الذاتية” كما في السابق، خصوصاً السكان العرب، لأن تهمة الانتماء لتنظيم “داعش” ستكون جاهزة، وكافية للجم أي اعتراض. كما أن تهمة التعامل أو العمل لصالح أعداء “قسد” جاهزة للمكون الكردي المعارض لسياسات “الإدارة الذاتية”، التي اتهمت كل أعدائها بتسهيل مهمة “داعش” باقتحام السجن.
ومقابل تضرر السكان المحليين من هذه العملية، تسعى كل الأطراف المحلية والدولية، بمن فيهم “الإدارة الذاتية”، لاستغلال هذه العملية لتحقيق مكاسب. النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيون بدأوا بتسويق العجز الأمني لـ”قسد” ومن خلفها الولايات المتحدة، وطرح بدائل تخدم مصالحهم.
كما قامت روسيا بتعزيز وجودها في منطقة شرق الفرات في المناطق التي تمتلك فيها قواعد عسكرية، فيما اتهم النظام “قسد” باختلاق هذه العملية من أجل تهريب قيادات “داعش” من السجن إلى البادية التي ينشط فيها التنظيم ضد النظام.
أما “الإدارة الذاتية” وذراعها العسكري “قسد”، فقد حاولت من خلال هذه العملية الالتفاف على الخرق الأمني غير المفهوم باقتحام السجن، وتذكير العالم بخطر تنظيم “داعش” الذي عاد للظهور من جديد، وبأنها القوة الوحيدة التي حققت نصراً حاسماً عليه، في محاولة لكسب المزيد من الدعم والحماية الدولية للاستمرار بالتصدي لهذا التنظيم.
ولعل المستفيد الأكبر من هذه العملية هو تنظيم “داعش”. فعلى الرغم من فشل عمليته، ونجاح “الإدارة الذاتية” في القضاء على الاستعصاء داخل السجن، إلا أن “داعش” تمكّن من تهريب عدد كبير من عناصره إلى خارج السجن، والالتحاق بخلايا التنظيم في البادية السورية والعراق. والأهم أن هذه العملية مكّنت التنظيم من الظهور مرة أخرى، ودحض رواية التحالف الدولي الذي أعلن القضاء على “داعش”، الذي ظهر كقوة لديها إمكانية الوصول حتى إلى المربعات الأمنية لـ”الإدارة الذاتية”.
العربي الجديد
—————————-
“قسد” تخوض معركة “الجيوب المقلقة” في محيط سجن غويران/ خالد الخطيب
كثفت قوات سوريا الديموقراطية (قسد) استنفارها العسكري والأمني في مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا، في مسعى للقضاء على عمليات خلايا تنظيم “داعش” المتحصنة في جيوب في الأحياء الجنوبية من حي غويران ومبان داخل سجن الصناعة، رغم إعلانها يوم الاربعاء الماضي السيطرة على السجن الواقع في القسم الجنوبي لمدينة الحسكة.
وتوزعت الاشتباكات بين “قسد” وبقايا التنظيم في أحياء غويران والزهور والأبنية الخدمية والسكنية المحيطة بسجن الصناعة، أهمها مدرسة “فاطمة الزهراء” التي اتخذتها مجموعة من عناصر التنظيم نقطة تجمع وسط منطقة العمليات، وقد وفّرت المدرسة للمجموعة اشرافاً على المنطقة المحيطة لأنها ترتفع عن باقي الكتل والأبنية المحيطة بها، وهو ما أخّر سقوطها بيد “قسد” والقوات الخاصة التابعة للتحالف الدولي.
وقالت مصادر محلية متطابقة في الحسكة لـ”المدن” إن “قسد تواجه مقاومة عنيفة أثناء عمليات التمشيط والبحث عما تبقى من عناصر خلايا “داعش” في ثلاثة أحياء رئيسية محيطة بسجن الصناعة، حيث عمد عناصر التنظيم، وبينهم سجناء فارون، إلى الانتشار والتخفي في عدد كبير من المنازل التي نزح عنها أصحابها خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، وخصوصاً تلك التي تقع في شارعي الستين والاغوات في حي غويران، واضطرت “قسد” في كثير من الأحيان إلى طلب المساعدة من طائرات التحالف الدولي التي استهدفت أكثر من منزل داخل الأحياء خلال اليومين الماضيين”.
وتحدثت المصادر عن أن “سجن الصناعة شهد أيضاَ اشتباكات متقطعة بين الطرفين، ليل السبت/الأحد، حيث لا تزال مجموعة من سجناء التنظيم تتحصن في ثلاثة مهاجع كبيرة في القسم الشمالي من السجن”، موضحة ان “هذه المجموعات رفضت الاستسلام رغم استسلام أحد قادتهم داخل السجن، والذي سلم نفسه لقسد في 28 كانون الثاني/يناير”، مضيفة أن القيادي “سبق أن ظهر متحدثاً في تسجيل مصوّر، باسم بيعة الموت، ونشره داعش في حساباته الالكترونية بعد يومين من انطلاق العملية”.
وقالت المصادر إن “قسد أمهلت السجناء المستعصين في المباني الأخيرة 24 ساعة لكي يسلموا أنفسهم”، نافية أن تكون هناك معلومات دقيقة حول أعداد السجناء المتحصنين”، بل “هناك معلومات تفيد بأن عددهم يزيد عن 70 عنصراً، وبدأت المهلة من عصر يوم 29 كانون الثاني، وفي حال لم يمتثلوا سيتم سحقهم داخل المباني التي يتحصنون بها”، ذلك ان “قسد تريد إنهاء العمليات في سجن الصناعة مهما كلفها الأمر، لأنه بات يشكل لها حرجاً كبيراً، ويربك خطتها الأمنية التي تريد تطبيقها لخنق خلايا التنظيم في عموم مناطق سيطرتها”.
وحول عمليات انتشال جثث القتلى داخل سجن الصناعة، أكدت المصادر أن “قسد انتشلت خلال يومي 28 و29 كانون الثاني قرابة 20 جثة لعناصر تابعين لها قتلوا داخل السجن، وانتشلت أكثر من 60 جثة لسجناء من التنظيم قتلوا خلال القصف والاشتباكات، وقد استدلت مجموعات قسد على مواقع الجثث التي غطت معظمها الأنقاض عن طريق الرائحة التي تنبعث من الجثث بعد 10 أيام من المعارك”.
عمليات بحث
على خلفية استمرار الاشتباكات ومقاومة عناصر خلايا التنظيم داخل أحياء الحسكة الجنوبية وفي السجن، زادت “قسد” من حدة عملياتها الأمنية والعسكرية المشتركة بحثاً عن عناصر داعش، والمتعاونين معهم، وأي شخص له علاقة بالأحداث الأخيرة، وشنت حملة اعتقالات واسعة في الأحياء التي استهدفت بعمليات التمشيط، أهمها الزهور وغويران، وباقي الأحياء وضواحي المدينة والقرى والبلدات في ريفها، وامتدت حملة الاعتقالات إلى محافظتي الرقة ودير الزور، وفي منبج بريف حلب الشمالي الشرقي.
وقال مصدر محلي في ريف دير الزور لـ”المدن” إن “حملة الاعتقالات التي تنفذها قسد تتصاعد بشكل مخيف بالتزامن مع التوتر الذي تعيشه الحسكة، وأيضاَ بسبب كثافة الهجمات التي ينفذها التنظيم في الآونة الأخيرة ضد مواقع عسكرية وأمنية تابعة لقسد في ريف دير الزور، وزاد عدد المعتقلين خلال ثلاثة أيام عن 40 شخصاً، بينهم طفل دون الـ14 عاماً، وبين المعتقلين كبار في السن، وأهم البلدات التي وصلتها حملة الاعتقالات، البصيرة وسويدان جزيرة وطيب الفال”.
وأضاف المصدر أن “حملة الاعتقالات التي تشنها قسد عشوائية، وتعتمد في كثير من عمليات الاعتقال على تقارير كيدية لمخبرين ومتعاونين معها”، مضيفة ان “الحال ذاته في حملة الاعتقالات التي تشهدها أحياء الحسكة، حيث يُعتقل الناس هناك أيضاً بطريقة عشوائية، وتستهدف الاعتقالات أيضاَ أبناء دير الزور المقيمين في الحسكة، بعضهم مقيم في الحسكة منذ 10 أعوام، وآخرين جرفت قسد منازلهم مؤخراً من دون مبررات منطقية لمثل هذه الأفعال”.
ويزيد عدد المنازل المدمرة في محيط سجن الصناعة والأحياء الجنوبية في مدينة الحسكة عن 50 منزلاً ومحلاً تجارياً، أكثر من نصفها دمر خلال العمليات العسكرية والقصف الجوي والبري لقسد وطائرات التحالف الدولي، والقسم الثاني من المنازل دمرته قسد بشكل مقصود بعد أن تحصن عناصر داعش داخلها، وهناك عدد من المنازل دمّرها عناصر “قسد” كفعل انتقامي بسبب مقتل رفاقهم أثناء العمليات العسكرية والأمنية ضد التنظيم.
وطاولت حملة الاعتقالات باقي المناطق التي تسيطر عليها “قسد” شرق الفرات، في مدينة الرقة وريفها وصولاً إلى مدينة منبج وريفها شرق حلب، واستهدفت حملة الاعتقالات غالبية من خرجوا في أوقاتٍ سابقة من مخيم الهول وسجون “قسد” بوساطات عشائرية.
وتستفيد القوات الأمنية التابعة لقسد خلال عمليات الدهم والاعتقالات من دعم الطيران المروحي التابع للتحالف، والذي يعمل أيضاَ على نقل المعتقلين إلى مراكز اعتقال بعيدة ومؤمنة في ريفي الحسكة والرقة، وحملة الاعتقالات تتزامن مع استمرار العمل بالحظر الكلي في بعض المناطق، والجزئي في مناطق أخرى، والذي من المفترض أن تقوم “قسد” بتمديده في حال تواصلت عملياتها في ملاحقة خلايا التنظيم.
المدن
——————————
لماذا تتكرر لعبة تهريب قادة «داعش» من سجون العراق وسوريا؟/ مصطفى العبيدي
أثار هجومان لتنظيم «داعش» في العراق وسوريا تساؤلات عن أهداف محاولات إعادة إحياء فزاعة «داعش» في هذا التوقيت بالتزامن مع أزمات داخلية وإقليمية ودولية في المنطقة العربية، أبرزها أزمة صراع القوى الشيعية على تشكيل الحكومة في العراق والمحادثات النووية بين إيران والغرب، وغيرها.
ورغم مرور أيام على هجوم تنظيم «داعش» على سجن الحسكة السوري بمئات الدواعش المدعومين بسيارات مفخخة يقودها انتحاريون، فالتداعيات وردود الأفعال ما تزال متواصلة، عبر محاولة انهاء احتجاز رهائن من قبل الدواعش في السجن إضافة إلى محاولة العثور على العشرات من القيادات الداعشية التي نجحت في الفرار أثناء مهاجمة السجن الذي تديره أحزاب كردية معارضة للنظام السوري ومتحالفة مع الولايات المتحدة.
وبالتزامن مع هذا الهجوم، نفذ عناصر «داعش» هجوما جديدا على ثكنة عسكرية في ديالى شمال بغداد، قتلوا خلاله 11 جنديا عراقيا ثم لاذوا بالفرار، وهو الهجوم الأكثر دموية وجرأة على القوات العراقية منذ أشهر ضمن تصاعد ملحوظ في هجمات التنظيم.
وقد ترافق الهجومان على سجن الحسكة وعلى الثكنة العسكرية العراقية، مع حملة واسعة من قوى سياسية عراقية لتهويل الحدثين والتبشير بقرب عودة تنظيم «داعش» إلى العراق الذي ظهر عام 2014 عقب عملية منظمة لتهريب مئات من قيادات تنظيم القاعدة من سجن ابي غريب في هجوم مماثل وقع عام 2013.
ومع اختلاف الأماكن، يبدو سيناريو تهريب قيادات تنظيم «داعش» من سجون العراق وسوريا، متشابها من حيث جهة التنفيذ وأسلوب الهجوم وأهدافه الأمنية والسياسية، إضافة إلى اتهامات بتواطؤ عناصر في الأجهزة الأمنية الحكومية في التهريب. وكان للفصائل الشيعية الولائية في العراق دور رئيسي في حملة التهويل من «داعش» حيث أعلن معظم قادتها ان عملية تهريب قادة الدواعش والهجوم على القوات العراقية، هي مقدمة لمؤامرة أمريكية لإعادة تنظيم «داعش» الذي أعلن العراق رسميا القضاء على دولته عام 2017 وسط اتهامات لقيادات سنية بالتواطؤ مع واشنطن في هذا المخطط للإبقاء على القوات الأمريكية في العراق. وقد استغلت بعض القوى الشيعية هذه الأجواء للضغط على الحكومة لتنفيذ أحكام الإعدام ضد المتهمين بالانتماء للتنظيم في السجون العراقية، رغم اعتراض العديد من منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية على تلك الأحكام كون أغلبها استند إلى اعترافات انتزعت بالإكراه والتعذيب وضد مكون معين.
وربط أغلب المراقبين والمحللين، حملة تهويل خطر «داعش» بالأزمة السياسية بين القوى الشيعية حول تقاسم السلطة، حيث ان الأحزاب والفصائل الخاسرة في الانتخابات تسعى للمبالغة في تصوير التهديد الداعشي وتستخدمه كورقة ضغط لعدم إقصائها. وهذه الحقيقة أدركها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي غرد عبر تويتر «يشيع العدو الإرهابي أنه قادم… المشكلة الأكبر هو ما يقوم به البعض من تضخيم الأمر ليشيع الخوف والرعب والطائفية في أواسط الشعب العراقي فيكون بنظرهم حامي الأرض والعرض». كما أضاف «نحن على أتم الاستعداد والتأهب جنبا إلى جنب مع القوات الأمنية لردع أي خطر محتمل».
ومن جانبها، حاولت الحكومة العراقية عقب الهجمات الإرهابية على سجن الحسكة والقوات العراقية، تهدئة مخاوف المواطنين عبر إجراءات حكومية أبرزها تطمين الرأي العام إلى عدم وجود مخاطر أمنية على العراق، مع تشديد الإجراءات الأمنية، وخاصة حماية الحدود مع سوريا أو المناطق التي تشهد نشاطا لداعش، إضافة إلى صدور توجيهات أمنية عليا لتشديد الحماية الأمنية على السجون التي يتواجد فيها قادة ومعتقلون من عناصر «داعش».
وقد وصل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، إلى منطقة الشريط الحدودي بين العراق وسوريا في محافظة نينوى، وأطلق تحذيرات لتنظيم «داعش» متوعدا بملاحقة عناصره داخل العراق وخارجه. فيما أكد وزير الدفاع العراقي جمعة عناد «أن الحدود العراقية السورية ممسوكة بشكل جيد، وتتم مراقبة الموقف ومتابعة أحداث سجن الحسكة» مؤكداً أن «الوضع تحت السيطرة حاليا».
وبالنسبة لهجوم «داعش» على الثكنة العراقية فقد تناولته روايات متعددة حول إهمال المقاتلين الإجراءات الأمنية لحماية موقعهم ووجود فساد في تسرب العدد الأكبر من المقاتلين المفروض تواجدهم في المعسكر، والتأخر في وصول قوة النجدة، إضافة للتخبط في الخطط الأمنية وتفشي الفساد المالي. كما أشار النائب عن ديالى محمد الدايني إلى ان: «ميليشيات ودوائر رسمية تحمي ملف داعش وملف المخدرات، ونحتاج إلى مراجعة أداء الأجهزة الأمنية».
وضمن الاهتمام الدولي بنتائج عملية سجن الحسكة، حذر المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، أمام مجلس الأمن الدولي من ان هروب الدواعش من سجن الحسكة «تعيد ذكريات مروعة عن عمليات الهروب من السجون التي غذت صعود داعش في عامي 2014 و 2015» داعيا إلى «الاتحاد لمكافحة تهديد الجماعات الإرهابية».
وعموما فالمحللون والتقارير الدولية يؤكدون ان خطر «داعش» ما زال تحت السيطرة وان التنظيم امكانياته محدودة ازاء قدرات الأجهزة الأمنية العراقية إلا ان استغلال بعض القوى والدول، للتنظيم لتحقيق أهداف سياسية، وارد جدا، لكون التنظيم الإرهابي مخترق من عدة جهات ودول.
ويضاف إلى ذلك ان تجارب العراقيين مع تصريحات الحكومة لا تطمئن كثيرا خاصة وان هذه التطمينات نفسها سبقت ظهور تنظيم «داعش» عام 2014 كما ان حقيقة بقاء خلايا التنظيم رغم مئات الحملات الأمنية لملاحقة بقاياه أثبت فشل الإجراءات الحكومية حيث عاد التنظيم مؤخرا قويا وعملياته منظمة ومؤثرة، وسط تساؤلات عن أسباب ازدياد الهجمات الإرهابية بالتزامن مع تعمق أزمة تشكيل الحكومة، دون استبعاد فرضية ان هجمات التنظيم في العراق وسوريا ليست بعيدة عن الهجوم على الإمارات وتطورات الحرب في اليمن، وكلها تمتد بخيوطها إلى المحادثات النووية الإيرانية الغربية.
——————————
سورية: استسلام متحصنين داخل سجن الصناعة وشكوك في هروب قادة بـ”داعش”/ عدنان أحمد
تشير التطورات في محافظة الحسكة، شمال شرقيّ سورية، إلى أنّ المواجهات بين “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) وعناصر تنظيم “داعش” تقترب من نهايتها، مع استسلام دفعة كبيرة من عناصر التنظيم الإرهابي المتحصنين داخل السجن، وسط شكوك في هروب كبار قادة التنظيم خلال الاستعصاء بالسجن.
ودعت “قسد” إلى مؤتمر صحافي ظهر اليوم الأحد، ومن المتوقع أن تعلن خلاله انتهاء العمليات العسكرية، وحصيلة المواجهات خلال الأيام العشرة الأخيرة، في أعقاب الأزمة التي اندلعت إثر الهجوم على سجن الصناعة في حيّ غويران بالحسكة، الذي يُعَدّ أكبر السجون التي تضمّ مقاتلين وقياديين من تنظيم “داعش”.
وذكرت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” أن قيادياً في “داعش” يدعى “أبو عبيدة” استسلم أمس مع نحو عشرين من عناصر التنظيم المتحصنين داخل سجن الصناعة، فيما قُتل 5 آخرون خلال مواجهات مع قوات خاصة من “قسد”.
وأضافت أنه اكتُشِف المزيد من الجثث داخل السجن، التي سقط أصحابها خلال الاشتباكات التي جرت في الأيام الأخيرة، معظمهم من عناصر “داعش”، وبعضهم من “قسد” أو العاملين في السجن، فيما لا يزال هناك أعداد من المدنيين في عداد المفقودين، إضافة إلى عناصر من “قسد”.
من جانبه، ذكر “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، أن عدد قتلى تنظيم “داعش” ارتفع خلال الأحداث الأخيرة إلى 260 شخصاً، مقابل مقتل 74 من عناصر “قسد”، و7 مدنيين.
في غضون ذلك، تتواصل الاشتباكات المتقطعة في بعض الأحياء المحيطة بالسجن بين “قسد” وعناصر من “داعش” ما زالوا متوارين في بعض المنازل التي هجرها سكانها في حيّ غويران، حيث قتل بعض عناصر التنظيم الذين اكتُشِف وجودهم في أحد المنازل، بينما استسلمت مجموعة أخرى من عناصر التنظيم كانوا مختبئين في حيّ المفتي بمدينة الحسكة.
كذلك حاصرت قوات من “قسد” مدرسة نظام الدين في عامودا بالحسكة للاشتباه بوجود عناصر من “داعش” داخلها.
هل فرّ قادة كبار من التنظيم؟
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، قد ذكرت أن نحو 200 شخص من المحتجزين في سجن الصناعة، فرّوا من السجن، إثر الهجوم الذي شنه التنظيم عليه قبل 10 أيام. ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي قوله إن الهدف المحتمل من العملية التي شنّها التنظيم “إطلاق سراح بعض القادة الإرهابيين من المستويات العليا والمتوسطة، والمسلحين ذوي المهارات الخاصة مثل صناعة القنابل”.
من جهتها، أوردت وكالة “سبوتنيك” الروسية، الجمعة، أن القوات الأميركية و”قسد” نقلت المئات من عناصر تنظيم “داعش” وقيادييه من سجن الصناعة، إلى بادية دير الزور. ونقلت الوكالة عن “مصادر خاصة” قولها إن القوات الأميركية “استغلت حالة الفوضى والاشتباكات الحاصلة في محيط سجن الصناعة وحيَّي غويران والزهور بمدينة الحسكة، ونقلت 750 إرهابياً من داعش”، مشيرة إلى أنّ عدداً كبيراً من الذين نُقلوا، من قياديي الصف الأول، ممن يحملون جنسيات أجنبية، دون أن يتسنى التحقق من ذلك من مصادر أخرى.
إلى ذلك، قالت “قسد” إنها وفرت بالتعاون مع قوات التحالف الدولي، أمس ممراً آمناً لنقل مساعدات إنسانية إلى الأحياء المحيطة بسجن الصناعة في حيّ غويران بالحسكة. وأوضحت أن 28 شاحنة تضم مساعدات إنسانية تابعة للأمم المتحدة وصلت أمس السبت إلى أحياء في مدينة الحسكة، بالتزامن مع عودة عائلات نازحة من حيّ غويران إلى منازلها.
في المقابل، ذكر موقع “الخابور” المحلي أن “قسد” جرفت مساء أمس السبت، عدداً من المنازل والمحال التجارية في حيّ غويران إثر اندلاع اشتباكات مع خلية تابعة لتنظيم “داعش” في شارع مدرسة فاطمة الزهراء وشارع السجاد، مشيراً إلى أن الاشتباكات ترافقت مع إقدام عناصر “قسد” على تجريف وتكسير عدد من المنازل والمحال التجارية في الحيّ، خوفاً من تحصّن عناصر التنظيم داخلها. ووثق الموقع أسماء بعض أصحاب المنازل والمحال التي جرى تجريفها.
تفجير في عفرين
وفي شمال غرب البلاد، انفجرت عبوة ناسفة داخل سيارة رئيس المجلس المحلي في ناحية راجو، بريف عفرين، ما أدى إلى إصابة ابنه بجروح.
وذكر مصدر محلي لـ”العربي الجديد” أن الانفجار استهدف سيارة خليل حاج أوسو، ما أدى إلى بتر ساق ابنه وإصابته بجروح مختلفة، فيما لم يُصَب رئيس المجلس بأي أذى.
ويأتي التفجير بعد يوم من تفكيك فرق الهندسة بريف حلب، عبوة ناسفة، مزروعة بأحد الجدران الخارجية في الجامعة الدولية للعلوم والنهضة، بمدينة إعزاز. وخلال الأيام الماضية قُتل طفل بتفجير أحد الأشخاص حزاماً ناسفاً في مدينة الباب بريف حلب، تبع ذلك تفجير شخص آخر نفسه في مدينة عفرين، قرب دوار كاوا، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى.
روسيا تعزز قواتها في الرقة
من جهة أخرى، ذكرت شبكة “عين الفرات” المحلية أن القوات الروسية استقدمت تعزيزات عسكرية جديدة إلى مدينة عين عيسى شماليّ محافظة الرقة. وأوضحت أن تلك القوات انطلقت من مدينة حلب وعبرت من مدينة منبج باتجاه مدرسة مدينة عين عيسى، مشيراً إلى أنها تتكون من 5 شاحنات محملة بالذخائر ومواد لوجستية، و5 عربات تنقل عناصر من الشرطة الروسية، و4 عربات عسكرية إضافية، وقد توقفت التعزيزات في قاعدة عين عيسى شمالي الرقة، وسط ترجيحات أن ينتقل جزء منها إلى صوامع العالية شمالي الحسكة.
ويواصل الروس محاولات التقرب من السكان في شرق الفرات عبر تقديم مساعدات إغاثية. وذكر “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، أن القوات الروسية دخلت القرى السبع الواقعة شرقيّ الفرات، وهي حطلة ومراط ومظلوم وخشام والطابية والصالحية والحسينية، وعمدت إلى توزيع الملابس والسلل الإغاثية على الأهالي، في إطار محاولة الروس الحد من التمدد الإيراني في تلك المناطق، وفق المرصد.
وفي ريف العاصمة دمشق، ذكرت وكالة “سانا” التابعة للنظام أن العشرات من أبناء بلدة زاكية بريف دمشق الجنوبي توافدوا اليوم الأحد على مركز التسوية في البلدة لتسوية أوضاعهم.
وكان النظام قد بدأ أمس عملية تسوية في منطقتي الكسوة وزاكية بريف دمشق الجنوبي تشمل المتخلفين عن الخدمة العسكرية والمنشقين عن قوات النظام.
العربي الجديد
—————————
“عمليات التمشيط والتفتيش” داخل المبنى مستمرة
سوريا: 332 قتيلاً في اشتباكات سجن هاجمه تنظيم الدولة الإسلامية
أ. ف. ب.
الحسكة (سوريا): ارتفع إلى 332 إجمالي القتلى منذ بدء الهجوم الذي شنه تنظيم الدولة الإسلامية على سجن في شمال شرق سوريا، بحسب حصيلة جديدة أعلنها المرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما تستمر “عمليات التمشيط والتفتيش” داخل المبنى وفي محيطه.
وكانت اشتباكات متقطّعة لا تزال تدور السبت في محيط سجن الصناعة في حي غويران، الذي هاجمه تنظيم الدولة الإسلامية في 20 كانون الثاني/يناير الجاري، بين القوات الكردية المدعومة أميركياً وعناصر متوارية من التنظيم بعد ثلاثة ايام من إعلان قوات سوريا الديموقراطية استعادة “السيطرة الكاملة” عليه.
وأشار المرصد في بيان صباح الأحد إلى أن الحصيلة الإجمالية للقتلى بلغت 332، بينهم 246 من التنظيم و79 من قوات الأمن الكردية وقوات سوريا الديموقراطية، وسبعة مدنيين.
ويعود استمرار الحصيلة في الارتفاع إلى عثور القوات الكردية على مزيد من الجثث خلال “عمليات التمشيط والتفتيش” التي تواصل إجراءها “في مباني (السجن) وأحياء محيطة به”، على ما أكد المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقراً ويستقي معلوماته من شبكة مصادر واسعة في سوريا.
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس أن “الجثث الجديدة التي عثر عليها كانت موجودة داخل السجن وخارجه”.
عشرات الجرحى
واعتبر المرصد أن هذه الحصيلة “قابلة للارتفاع نظر الى وجود عشرات الجرحى وأشخاص لايزال مصيرهم مجهولاً، ومعلومات عن قتلى” آخرين من الطرفين.
وأفاد المرصد بأن ثمة “معلومات مؤكدة عن وجود 22 جثة أخرى”، لكنّ عبد الرحمن أشار إلى أن “ثمة تضارباً في شأن الطرف الذي ينتمي إليه القتلى”.
وشاهد مراسل لفرانس برس السبت شاحنة تتكدّس فيها العديد من الجثث التي يرجح أنها جثث عناصر من التنظيم، لدى خروجها من محيط السجن، قبل أن تتوقف في موقع آخر في حي غويران، حيث قامت جرافة بتحمل مزيد من الجثث فيها، ثم أكملت سيرها نحو وجهة مجهولة.
ورداً على سؤال لفرانس برس، قال المكتب الإعلامي في قوات سوريا الديموقراطية فرهاد شامي إن الجثث “ستنقل إلى مدافن مخصصة لها” ضمن مناطق سيطرة الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا.
ورغم إعلان قوات سوريا الديموقراطية الأربعاء أن نحو 3500 من المهاجمين والسجناء التابعين للتنظيم استسلموا لها، إلا أن مسؤولين أكراداً قدّروا بما بين ستين وتسعين عدد مقاتلي التنظيم الذين لا يزالون يحتمون في أقبية داخل السجن. وتوجّه القوات الكردية نداءات متكررة لهم للاستسلام، فيما تحدث المرصد عن “استسلام” مجموعة تضم 20 جهادياً السبت.
وقال شامي لفرانس برس السبت “لم تستخدم قواتنا القوة معهم حتى الآن” بعدما كانت منحتهم الجمعة مهلة لم تحدد مدتها.
ودفعت الاشتباكات نحو 45 ألف شخص إلى الفرار من منازلهم في مدينة الحسكة، وفق الأمم المتحدة، ولجأ عدد كبير منهم إلى منازل أقربائهم، بينما وجد المئات ملجأ لهم في مساجد وصالات أفراح في المدينة.
————————–
أميركا تجدد دعمها لـ«قسد» ضد «داعش» بعد تمرد «غويران»
تجدد الاشتباكات في محيط سجن الحسكة… وطيران التحالف الدولي يشن ضربات
الحسكة: كمال شيخو
عقد مسؤولان أميركيان اجتماعاً افتراضياً مع قادة «قوات سوريا الديمقراطية» و«مجلس سوريا الديمقراطية»، بعد التمرد المسلح الذي شهده سجن الصناعة بحي غويران جنوبي مدينة الحسكة الشهر الحالي.
وبحث جون غودفري، القائم بأعمال مبعوث مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية، وإيثان غولدريتش، نائب مساعد وزير الخارجية، مع القيادة العامة لقوات «قسد» ومجلسها السياسي «مسد»، آخر التطورات بشأن العصيان المسلح الذي نفذه محتجزو «داعش» في سجون القوات ومشاركة خلايا نشطة موالية للتنظيم في التمرد، حيث أكدا «التزام الإدارة الأميركية بالشراكة مع (قسد) حتى إلحاق الهزيمة النهائية بالتنظيم والقضاء على الخلايا النشطة الموالية في سوريا».
وتجددت الاشتباكات في محيط سجن الصناعة وداخل أقبية وزنازين القسم الشمالي، وتواصل قوات «قسد» عمليات التمشيط والبحث الدقيق داخل مبنى السجن بعد 4 أيام من إعادة السيطرة عليه يوم الأربعاء الماضي، وشنّت قوى الأمن الداخلي وقوات مكافحة الإرهاب حملات أمنية واسعة وكثفت المسح الأمني والعسكري في مهاجع وزنازين السجن التي تحصنت فيها خلايا هاجمت السجن. ولوحظ انتشار مكثف لآليات ومصفحات عسكرية في ساحة الباسل المطلة على السجن والمدخل الجنوبي لمدينة الحسكة، إلى جانب استمرار عمليات تفتيش منازل المدنيين والمحال التجارية في حيي غويران والزهور، وعثرت قوى الأمن على كميات من الأسلحة من بينها رشاشات كلاشنكوف و«بي كي سي» وصناديق من الذخيرة وقنابل يدوية وأحزمة ناسفة ومتفجرات. وكشفت قوات «قسد» المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن عن وجود جيوب إرهابية محاصرة تتحصن فيها خلايا مسلحة موالية للتنظيم داخل سجن الصناعة، وقال مدير المركز الإعلامي فرهاد شامي: «لا يزال عدد من (الدواعش) يقدر عددهم بما بين 60 و90 شخصاً يتحصنون ويحاولون الحفاظ على مسافة للاشتباك، ضمن المهاجع الشمالية للسجن»، وأكد أن الحملات الأمنية لتمشيط جميع أجنحة ومهاجع السجن ومحيطها مستمرة، مضيفاً: «أطلقت قواتنا حملة تمشيط دقيقة ومسحاً أمنياً وعسكرياً في مهاجع السجن، التي يتحصن فيها مسلحو التنظيم الذين هاجموا السجن»، مشيراً إلى أنهم أطلقوا نداءات لهؤلاء المسلحين بغية الاستسلام ورمي أسلحتهم: «قواتنا وجهت نداء الاستسلام الآمن لهؤلاء إذ سنتعامل معهم بكل حزم في حال عدم الاستجابة».
ولليوم الثاني، شنّت طائرات حربية تابعة للتحالف الدولي ضربات جوية واستهدفت مبنى سجن الصناعة في حي غويران، وقصفت، يوم الجمعة الماضي، بغارتين جويتين مواقع محاصرة لا تزال يتحصن فيها مسلحو تنظيم «داعش» الإرهابي، فيما قصفت، أمس (السبت)، بضربة جوية مركزة السور الشمالي للسجن بعد تجدد الاشتباكات.
وأعلنت قوات «قسد» استعادة «السيطرة الكاملة» على سجن «غويران» جنوبي مدينة الحسكة الذي يضم 5 آلاف متطرف كانوا مسلحين في صفوف التنظيم، وسمحت قوى الأمن لسكان الحارة العسكرية وبعض أحياء شوارع غويران وحي الزهور بالعودة إلى منازلهم وممتلكاتهم، فيما منعت سكان باقي المناطق المحيطة بالسجن من العودة للاطمئنان على منازلهم بسبب استمرار الإجراءات الأمنية وعمليات التمشيط.
وقالت قوى الأمن أن عدداً من مسلحي التنظيم فجروا، أول من أمس (الجمعة)، سيارة ودراجة نارية مفخختين قرب سجن الصناعة، ما أدى إلى حدوث مواجهات بين حراس السجن والإرهابيين، وألقت القبض على مسلح مشتبه به موالٍ للتنظيم في حي الصالحية، وثلاثة متوارين من الخلايا النشطة في ساحة جودي التابعة لحي الكلاسة الواقعة غربي الحسكة.
إلى ذلك، طالبت 130 منظمة وجمعية مدنية تعمل وتنشط في مدن وبلدات شرق الفرات الخاضعة لنفوذ الإدارة الذاتية وقواتها العسكرية «قسد»، بالبدء بمساءلة عناصر التنظيم، وقالت، في بيان، إن الهجوم الأخير على سجن غويران مؤشر خطير إلى إمكانية إحياء وعودة تجميع خلايا التنظيم الإرهابي، وأكدت أن عدم محاسبة المتورطين من مسلحي التنظيم على الانتهاكات التي قام بها بحق السوريين، «هي جريمة مستمرة بحق الضحايا وعائلاتهم».
وقال بسام الأحمد مدير منظمة «سوريون من أجل الحقيقة والعدالة» التي وقعت وشاركت في البيان، بحديث لـ«الشرق الأوسط»، إنهم طالبوا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإنشاء فريق تحقيق خاص ومحدد الولاية زمنياً، «من أجل جمع وحفظ وتخزين الأدلة داخل سوريا وخارجها، حول الانتهاكات التي قام بها تنظيم (داعش) والتي ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية، وتحديد جميع الكيانات والأفراد المسؤولين عن تلك الجرائم»، وأشار إلى ضرورة توفير المناخ اللازم لبدء عمليات مساءلة فورية، «على جميع الجرائم والانتهاكات الموثقة، التي قام بها التنظيم أثناء وبعد فترة سيطرته على مناطق من سوريا خلال فترة خلافته المزعومة»، ولا بد من تعزيز أمن وحماية المرافق والسجون التي تحوي مسلحي التنظيم وفق المعايير الدولية، «إلى حين تقديمهم لمحاكمات عادلة، والضغط مجدداً على الدول لإعادة مواطنيها من مقاتلي التنظيم وعائلاتهم»، على تعبير الأحمد.
الشرق الأوسط
—————–
سوريا.. ارتفاع حصيلة اشتباكات سجن غويران إلى 332 قتيلا
فرانس برس
ارتفع إلى 332 إجمالي القتلى منذ بدء الهجوم الذي شنه تنظيم الدولة الإسلامية على سجن في شمال شرق سوريا، بحسب حصيلة جديدة أعلنها المرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما تستمر “عمليات التمشيط والتفتيش” داخل المبنى وفي محيطه.
وكانت اشتباكات متقطّعة لا تزال تدور السبت في محيط سجن الصناعة في حي غويران، الذي هاجمه تنظيم الدولة الإسلامية في 20 يناير الجاري، بين القوات الكردية المدعومة أميركياً وعناصر متوارية من التنظيم بعد ثلاثة ايام من إعلان قوات سوريا الديموقراطية استعادة “السيطرة الكاملة” عليه.
وأشار المرصد في بيان صباح الأحد، إلى أن الحصيلة الإجمالية للقتلى بلغت 332، بينهم 246 من التنظيم و79 من قوات الأمن الكردية وقوات سوريا الديموقراطية، وسبعة مدنيين.
ويعود استمرار الحصيلة في الارتفاع إلى عثور القوات الكردية على مزيد من الجثث خلال “عمليات التمشيط والتفتيش” التي تواصل إجراءها “في مباني (السجن) وأحياء محيطة به”، على ما أكد المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقراً ويستقي معلوماته من شبكة مصادر واسعة في سوريا.
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس أن “الجثث الجديدة التي عثر عليها كانت موجودة داخل السجن وخارجه”.
واعتبر المرصد أن هذه الحصيلة “قابلة للارتفاع نظر إلى وجود عشرات الجرحى وأشخاص لايزال مصيرهم مجهولاً، ومعلومات عن قتلى آخرين من الطرفين.
وأفاد المرصد بأن ثمة “معلومات مؤكدة عن وجود 22 جثة أخرى”، لكنّ عبد الرحمن أشار إلى أن “ثمة تضارباً في شأن الطرف الذي ينتمي إليه القتلى”.
وشاهد مراسل لفرانس برس السبت، شاحنة تتكدّس فيها العديد من الجثث التي يرجح أنها جثث عناصر من التنظيم، لدى خروجها من محيط السجن، قبل أن تتوقف في موقع آخر في حي غويران، حيث قامت جرافة بتحمل مزيد من الجثث فيها، ثم أكملت سيرها نحو وجهة مجهولة.
ورداً على سؤال لفرانس برس، قال المكتب الإعلامي في قوات سوريا الديموقراطية فرهاد شامي إن الجثث “ستنقل إلى مدافن مخصصة لها” ضمن مناطق سيطرة الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا.
ورغم إعلان قوات سوريا الديموقراطية الأربعاء أن نحو 3500 من المهاجمين والسجناء التابعين للتنظيم استسلموا لها، إلا أن مسؤولين أكراداً قدّروا بما بين ستين وتسعين عدد مقاتلي التنظيم الذين لا يزالون يحتمون في أقبية داخل السجن. وتوجّه القوات الكردية نداءات متكررة لهم للاستسلام، فيما تحدث المرصد عن “استسلام” مجموعة تضم 20 متطرفا السبت.
وقال شامي لفرانس برس السبت “لم تستخدم قواتنا القوة معهم حتى الآن” بعدما كانت منحتهم الجمعة مهلة لم تحدد مدتها.
ودفعت الاشتباكات نحو 45 ألف شخص إلى الفرار من منازلهم في مدينة الحسكة، وفق الأمم المتحدة، ولجأ عدد كبير منهم إلى منازل أقربائهم، بينما وجد المئات ملجأ لهم في مساجد وصالات أفراح في المدينة.
فرانس برس
————————–
قوات سوريا الديمقراطية تعلن استعادة سجن الحسكة بالكامل بعد أيام من سيطرة تنظيم الدولة عليه
————————-
===================
تحديث 31 كانون الثاني 2022
—————————-
عودة تنظيم الدولة.. ماذا وراء أحداث سجن الحسكة السوري؟/ ميرفت عوف
قبل أيام، أعادتنا الأحداث المرعبة في سجن “الصناعة” في حي غويران بالحسكة السورية إلى عام 2013، حين هوجم سجن أبو غريب سيئ السمعة في العراق من قِبَل عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وأُطلق سراح أكثر من 500 من أعضاء التنظيم. وقد تمخَّض عن ذلك الهجوم آنذاك الصعود الصاروخي للتنظيم بين عامَيْ 2013-2014، واستيلاؤه على الأراضي السورية والعراقية، وأخيرا، تأسيس “دولة الخلافة” فوق بقعة جغرافية شاسعة.
أثار الهروب الجديد من السجن السوري، الذي سقط فيه عشرات القتلى، التساؤل حول ما إذا كانت الجماعة مستعدة لشن عمليات مصيرية في البقعة الجغرافية التي يحكمها الأكراد المتمركزون في الشمال الشرقي لسوريا، كما سلَّط الحادث الضوء على جهود التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة التنظيم، وجهود الحليف المحلي المُتمثِّل بقوات سوريا الديمقراطية “قسد”. وبوضوح أكثر، كشفت عملية الهروب عن وجود تحديات جمة في عملية القضاء على فلول داعش الذين أظهروا قدرة فائقة على التكيُّف مع المتغيرات والظروف الأمنية في العراق وسوريا.
تتزايد إذن، يوما بعد يوم، احتمالية عودة ظهور داعش في سوريا والعراق، بعد أن أكَّدت أحداث سجن الصناعة أن التنظيم الذي اعتقدنا أن عناصره سيبقون خلف أسوار السجون المُحصَّنة قادر على شن هجمات منسقة، وأن خلاياه النائمة قد تعاود الظهور من جديد بوصفها تهديدا أخطر من ذي قبل.
عودة أحداث “داعش” الدموية
منذ فرَّ آلاف من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” عقب هزيمتهم عام 2019 إلى مناطق الظل النائية بين العراق وسوريا، تعهَّد التنظيم مرارا بتحرير أسراه من السجون التي وُضعوا فيها. ومن أجل ذلك نفَّذ التنظيم نحو 22 عملية استهدفت السجون التي تحوَّلت إلى مسرح للهجمات المميتة في سوريا، ومعظمها يقع في الجيب الجغرافي الذي يسيطر عليه مقاتلو “قسد”، وفق بيانات شركة الأبحاث “جهاد أناليتكس” المتخصصة في تحليل أنشطة الحركات المتطرفة.
هناك في شمال شرق سوريا، وبالتحديد على أطراف مدينة الحسكة، حوَّلت الميليشيات الكردية التي شاركت مع الولايات المتحدة ودول أخرى لمحاربة تنظيم الدولة مُجمَّعا خُصِّص سابقا ليكون معهدا تدريبيا إلى واحد من أخطر سجون سوريا، حيث زُجَّ فيه نحو 3500 من أعضاء داعش بالإضافة إلى مئات الأطفال، وقد أُطلق على هذا السجن الأكبر من بين 14 مركز احتجاز تقع تحت سلطة “قسد” اسم “سجن الصناعة”. ولم ييأس سجناء التنظيم طيلة السنوات الثلاث الماضية من محاولة الهروب، وأتت آخر محاولاتهم (الفاشلة) في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، غير أن قوات سوريا الديمقراطية أحبطت المحاولة التي اشتملت على تفجير سيارات مفخخة وتهريب أسلحة.
ثمَّ أتت المحاولة الأخطر للهروب من السجن في 20 يناير/كانون الثاني 2022، وحسبما أفادت وكالة “أعماق”، وهي منصة إخبارية تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، فقد هاجم نحو 100 عنصر من التنظيم محيط سجن الصناعة بعدما اخترقوا أربعة حواجز في المنطقة الأمنية والعسكرية التابعة لـ”قسد”، قُرب قواعد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، ثم فجَّروا جدار السجن بسيارة مفخخة واقتحموه. ولم يكتفِ عناصر داعش بذلك، بل توغَّلوا داخل مدينة الحسكة حيث امتد العنف إلى منطقتَيْ الغويران والزهور المجاورتين، ثمَّ اقتحموا منازل المدنيين وقتلوا بعضا منهم، وفي فظاعة تُذكِّرنا بحكم داعش السابق لتلك المنطقة، قطع أحد عناصر التنظيم رأس أحد المدنيين.
لكن بعد ستة أيام من المعارك الدامية، أعلن الأكراد استعادتهم السيطرة الكاملة على السجن، بعدما حاصروا المسلحين وأجبروهم على الاستسلام، ومن ثمَّ ظهر هؤلاء في طوابير طويلة منهكين في ساحة السجن بعد استسلامهم، كما لوحقت الخلايا النائمة للتنظيم في الأحياء المجاورة. ولم تكن عملية السيطرة لتتم دون مساعدة الأميركيين، إذ استخدمت في المعركة المدرعات والمروحيات الهجومية والغارات الجوية، علاوة على مشاركة 200 جندي أميركي في القتال.
يؤكِّد لنا الصحافي السوري “سامر الأحمد”، وهو من الحسكة، أن الهجوم أظهر أسلوبا جديدا مختلفا عن تكتيكات تنظيم الدولة القديمة القائمة على السيطرة العسكرية، التي انتهت فعليا مع هزيمة التنظيم في معركة الباغوز ربيع عام 2019. فمنذ عام لجأ التنظيم إلى إستراتيجية جديدة تُعرف باسم “الذئب المنفلت”، وهي تعتمد على الهجوم المباغت بهدف إيقاع الخسائر واغتنام الأسلحة لا السيطرة على الأرض.
أضاف الأحمد في حديثه لـ”ميدان” أن الهدف من حادثة سجن الحسكة كان تحرير قيادات التنظيم المعتقلين في السجن، فقد تم تحرير العشرات من قيادات وعناصر التنظيم ونقلهم إلى مكان آمن في البادية السورية: “حتى اليوم لا نستطيع أن نقول إن العملية انتهت، الحدث الأمني الخطير هو أن التنظيم غيَّر إستراتيجيته في التعامل مع مختلف قوى الصراع في سوريا، وهو أمر سيؤثر على إستراتيجيات شتى القوى الدولية الضالعة في المشهد السوري والعراقي ويؤدي إلى استنفارها”.
“داعش” يهز عرش القوة الكردية
مع استمرار المعركة حتى الآن، يلفت النظر مصير 850 طفلا لا تتجاوز أعمارهم 12 عاما كانوا محتجزين في سجن الصناعة، فقد حوصر هؤلاء مع مقاتلي تنظيم الدولة وقُتِل بعضهم وهرب آخرون، والأخطر أن داعش استخدمهم دروعا بشرية. ولم يكن التحدي الوحيد الذي واجه القوات الكردية هو احتمالية استخدام الأطفال دروعا فحسب، بل إن بعض هؤلاء الأطفال تلقَّوا تدريبا على شن هجمات انتحارية وعمليات تُمهِّد الطريق لمقاتلي داعش حتى يتسنَّى لهم التسلُّل بسهولة إلى المناطق المدنية.
في الأخير، أثبتت حادثة سجن الصناعة هشاشة النظم الأمنية لـ”قسد”، ويُرجع سامر الأحمد سبب تلك الهشاشة إلى عجز القوات الكردية عن تكوين جسر ثقة تام مع القوات الأميركية من جهة، ومع عشائر المنطقة وسكانها العرب من جهة أخرى، لا سيما في منطقة جنوب الحسكة وشرق دير الزور التي تنشط فيها خلايا التنظيم حاليا وكانت آخر معاقل داعش قبل سقوطه. وقال الأحمد إنه وجب التعامل مع هذه المنطقة بإستراتيجية مغايرة عبر إشراك أبنائها في إدارة منطقتهم وتحسين أوضاعهم الاقتصادية، مُضيفا: “إلى جانب أهمية التركيز على الجانب الأمني والعسكري، يجب التركيز على بناء جسر مع السكان من خلال سياسات إدارية واقتصادية وأمنية، منها تشكيل قوى أمنية من أبناء هذه المنطقة، ما يقطع الطريق على أي محاولة لاختراق المنطقة من جانب خلايا التنظيم”.
علاوة على ذلك، أخبرنا الباحث المختص بشؤون المنطقة الشرقية في سوريا “أنس شواخ” أن روسيا لديها رغبة في إشراك النظام السوري في عمليات محاربة تنظيم الدولة، سواء في إدارة السجون أو في العمليات الأمنية ضد التنظيم التي تعتمد فيها قوات التحالف اعتمادا كاملا على “قسد”، وهو ما أدَّى إلى تباين بين الإستراتيجية الروسية ونظيرتها الأميركية، فبعد الهجوم الأخير بدأ الجانب الروسي استغلال الخرق الأمني الذي تعرَّضت له قوات “قسد” والتحالف، حيث “تعتبر روسيا أن ’قسد‘ وقوات التحالف الدولي فشلوا في محاربة التنظيم ومنع هجومه الأخير، ومن المتوقَّع أن يستغل الجانب الروسي هذا الهجوم استغلالا أكبر في الأيام القادمة بتعزيز مواقعه”.
أحد أهم التحديات أمام “قسد” الآن هو تراجع ثقة المجتمع المحلي والمجتمع الدولي بها نتيجة الخرق الأمني الذي تعرَّضت له، مع إمكانية تكراره في حربها المستمرة مع التنظيم، لا سيما أن هذا الخرق أدَّى إلى حالة من انعدام الثقة داخل البنية التنظيمية لـ”قسد” نفسها بين العناصر من جهة والقيادة من جهة وفق ما أشار إليه “شواخ”، وهو ما يُضاف إلى حالة النقمة لدى نسبة كبيرة من السكان في مناطق سيطرتها نتيجة ممارساتها ضد السكان وعمليات التغيير الديمغرافي لصالح الأكراد والتجنيد الإجباري، وهو وضع يُشكِّل بيئة خصبة لداعش كي تقوم بعمليات الاختراق. هذا ويُحسَب لـ”قسد” أنها كانت سريعة الاستجابة العسكرية، إذ حشدت 10000 مقاتل في يومَيْ المعركة بالحسكة، واستعادت زخم الدعم الدولي الذي فقدته منذ عام 2019، لا سيما مع استمرار الضغط التركي من أجل التراجع عن دعمها.
واشنطن وإعادة الحسابات مع “داعش”
بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من خسارة “داعش” لآخر رقعة من أراضيها، جاءت حادثة سجن الصناعة لتُعيد تذكير العالم بقدرة التنظيم على تنفيذ أعمال عنف واسعة النطاق، فرغم أن واشنطن لا تزال تحتفظ بنحو 700 جندي في شمال شرق سوريا لمساعدة “قسد” في محاربة فلول داعش، فإن حادثة السجن كشفت المساحة الكبيرة التي منحها الانسحاب الأميركي في أكتوبر/تشرين الأول 2019 لعودة التنظيم إلى تجميع صفوفه. ففي المناطق التي تسيطر عليها “قسد”، لا سيما في دير الزور ذات الأغلبية العربية، يتقاسم عناصر داعش عائدات النفط المنتج في المصافي المؤقتة مع السكان، ويسرقون أغنامهم، ويبنون شبكة من المتعاونين لتسهيل أعمالهم.
لكن القوات الأميركية، التي أعلنت أن مهمتها بعد عام 2019 هي إضعاف داعش ومنع ظهوره من جديد، باتت اليوم ترى بأم أعينها حوادث مشابهة لحادثة سجن الصناعة وإن كانت أقل خطورة، فقد وثَّق مركز معلومات روجافا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وحده 14 هجوما أعلن داعش مسؤوليته عنه، وكان مخيم الهول الشهير الذي يؤوي نحو 10000 امرأة وطفل من داعش مسرحا لهجمات مميتة ضد القوات الكردية، فضلا عن عمليات التنظيم الأخيرة التي استهدفت الجنود داخل الأراضي العراقية.
وقد كشفت معركة السجن أن جهود التحالف بقيادة الولايات المتحدة، الذي قدَّم تمويلا بملايين الدولارات للمساعدة في تحسين الأمن في مراكز الاحتجاز وتدريب القوات الكردية، لم تعالج الكثير من المشكلات الإنسانية والأمنية في المنطقة، فمنذ زج الأكراد بآلاف من عناصر داعش وعائلاتهم في السجون ومعسكرات الاعتقال التي كان من المفترض أن تكون مؤقتة، رفضت معظم الدول استعادة مواطنيها منهم، وبقي التطرف يترعرع في تلك السجون التي تحدَّثت تقارير حقوقية عديدة عن حالها المُزري بالنسبة لآلاف الرجال والفتيان المحتجزين فيها.
كانت تلك الحادثة بمنزلة جرس إنذار للمجتمع الدولي بأن داعش لم ينتهِ بعد، وأن عناصره قادرة على العودة للرد في الزمان والمكان الذي تختاره. ورغم أن من المُستبعَد أن يؤدي الهجوم في الوقت الحالي إلى تغيير جذري في إستراتيجية التحالف لمحاربة التنظيم، فإنه سيؤدي إلى مراجعات كما أوضح الباحث أنس شواخ، “منها إجراءات أمنية وعسكرية ولوجستية بغية حماية وتأمين قوات التحالف الدولي من خطر الهجمات، مثل تعزيز قوات التحالف الدولي في الفترة القادمة، والقيام بعمليات أمنية واسعة غالبا سيشارك فيها التحالف الدولي مع ’قسد‘”.
يتوقَّع شواخ في حديثه لـ”ميدان” أن يقوم التحالف بتجهيزات أمنية وعسكرية أشد لحماية مصالحه التي قد تكون هدفا لهجمات تنظيم داعش، مثل القواعد العسكرية التي تتمركز فيها قوات التحالف، ولا يستبعد أن تُفضي نتائج التحقيق في الظروف التي سمحت بحدوث هذا الهجوم إلى إعادة رسم قوات التحالف لإستراتيجيتها في محاربة التنظيم، وبالأخص ما يتعلَّق بقدرته على اختراق “قسد”، مُضيفا: “هذا الاختراق كافٍ ليُثبت قدرة التنظيم على القيام بعمليات أخرى، وهي عمليات لن تكون ضد السجون فقط بالضرورة، بل ستستهدف مصالح إستراتيجية أو مواقع مهمة لـ’قسد‘ أو حتى لقوات التحالف الدولي، ومن المتوقَّع أن نشهد عمليات أخرى للتنظيم قريبا، خاصة في المواقع التي وصلت إليها العناصر الفارة من السجن، وهي الرقة وريف دير الزور الشرقي وريف الحسكة الجنوبي”.
في نهاية المطاف، يمكن القول إننا ما زلنا بعيدين عن المقارنة بين ما يجري حاليا وما جرى بين عامَيْ 2013-2014 عندما بدأ داعش بالصعود، بيد أن ما حدث في الأيام الماضية لن يمر مرور الكرام، إذ إن عناصر تنظيم الدولة يُعيدون تجميع صفوفهم فيما يبدو، مما يُنذر بثورة دموية ستظل تُذكِّر الولايات المتحدة وحلفاءها بنقاط ضعفهم المستمرة منذ إعلان نصرها على التنظيم قبل ثلاث سنوات، وستظل تُذكِّرهم بأن ثمَّة أسئلة جوهرية فيما يتعلَّق بمحاربة الإرهاب وإحلال الاستقرار في سوريا والعراق لم يُجِب عنها أحد، أبرزها العلاقات بين العرب والأكراد.
المصدر : الجزيرة
—————————
نيويورك تايمز: تنظيم “الدولة” لا يزال تهديدا وسخر من أعدائه الذين قالوا “لقد عاد مرة أخرى!”
إبراهيم درويش
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا لمدير مكتبها في بيروت بن هبارد أشار فيه إلى عودة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”. وقال فيه إن انتعاشه في المناطق غير المستقرة يعني أنه لا يزال يمثل تهديدا. فالتنظيم الجهادي وإن لم يكن قادرا على التمكن من أراض كما فعل في الماضي إلا أنه أثبت قدرة على انتهاز الفرص والقيام بعمليات عسكرية.
وأضاف أن التنظيم نشر روايته بعد أسبوع من سيطرته على سجن في شمال- شرق سوريا حيث صمد مقاتلوه لعدة أيام رغم محاولات القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة استعادة السجن والمناطق المحيطة به. ففي المجلة الرسمية له سخر من المرات التي أعلن فيها أعداؤه نهايته. وأدى هجوم السجن من الأعداء مرة ثانية على “الصراخ بإحباط”: “لقد عادوا مرة ثانية”.
ويعلق بن هبارد قائلا “لم يكن الوصف غير صحيح بالكامل”. فمعركة السجن في مدينة الحسكة والتي قتل فيها المئات من الأشخاص وجرت القوات الأمريكية إليها قدمت تذكيرا قاتما وبعد ثلاثة أعوام من انهيار التنظيم أنه لا يزال قادرا على بذر الفوضى والعنف. فحتى يوم السبت كان 60 مقاتلا يسيطرون على أجزاء من السجن.
وفي العراق، قتل مقاتلو التنظيم 10 جنود عراقيين ونشروا فيديو ذبح ضابط شرطة. وفي سوريا قاموا باغتيال عدد من القادة المحليين وابتزوا أصحاب الأعمال حتى يمولوا عملياتهم. وفي أفغانستان، أدى خروج القوات الأمريكية من هناك لتحويل مسار المعركة إلى حرب مع حركة طالبان التي سيطرت على البلاد وبنتائج كارثية على المواطنين الذين وجدوا أنفسهم بالوسط.
ولم يعد تنظيم الدولة الذي سيطر على منطقة بحجم بريطانيا وغطت مساحات في العراق وسوريا، بنفس القوة التي كان عليها، إلا أن الخبراء يعتقدون أنه ينتظر ويراقب حتى تحين الفرصة في المناطق غير المستقرة والعودة. وقال كريغ وايتسايد، الأستاذ المشارك في كلية البحرية الأمريكية والذي تابع الجماعة “لا توجد نهاية للعبة الأمريكية في سوريا أو العراق، والسجن هو مثال واحد على فشل العمل باتجاه حل طويل الأمد” و”هي مسألة وقت قبل أن تحين الفرصة لتنظيم الدولة وكل ما عليهم عمله هو الانتظار لحين ذلك”.
ويعود تاريخ التنظيم إلى التمرد أثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 ووصل ذروته في عام 2015 عندما سيطر على عدة مدن في العراق وسوريا وجذب آلافا من المقاتلين الذين جاءوا من الصين وأستراليا وفرنسا وأدار شبكة دعائية متقدمة وجه من خلالها هجمات في باريس وسان بيرناندينو وبرلين.
وقادت الولايات المتحدة تحالفا لهزيمة التنظيم ودعمت مقاتلين أكراد حتى تم دحرهم من معقلهم الأخير في باغوز عام 2019. ومنذ ذلك الوقت تحولت المنظمة إلى تنظيم غير مركزي حسب خبراء الإرهاب. فالهجوم على السجن الأسبوع الماضي يشير إلى أن القيادة العليا في التنظيم أعطت “الضوء الأخضر” حسبما يقول وايتسايد، فقدرة التنظيم على تعبئة عشرات المقاتلين واقتحام السجن والذي شك الأمريكيون وقوات سوريا الديمقراطية ولوقت طويل أنه هدف، كان إنجازا كبيرا وانقلابا في الدعاية له مهما كانت نتيجة المعركة.
وقال مسؤول أمريكي طلب عدم الكشف عن اسمه إن الهدف المحتمل للعملية كان تحرير قادة بارزين ومن صف الوسط ومقاتلين يتمتعون بمهارات معينة مثل صنع المتفجرات. وقدر المسؤولون هروب حوالي 200 سجين. ولم تؤكد قوات سوريا الديمقراطية العدد وقالت إنها لا تزال تحاول تقييم الوضع.
وحاول التنظيم إعادة بناء نفسه، وحرمه مقتل أبو بكر البغدادي في عام 2019 من شخصية جامعة، ذلك أن خليفته أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، شخصية غير معروفة بشكل كبير. وحرم التنظيم من المقاتلين الأجانب بسبب القيود على الحدود وكذا من المدن الكبرى نتيجة للمداهمات التي يتعرض لها عناصره، وهو ما اضطره للانسحاب إلى الهوامش.
وفي العراق راكم التنظيم من هجماته في عامي 2019 و 2020 ولكن عملياته لم تكن ناجعة سواء من ناحية الكمية أو النوعية، وذلك حسب تحليل معمق قام بها مايكل نايتس وأليكس ألميديا نشر هذا الشهر. وجاء في التحليل “في الوقت الحالي، ومنذ بداية 2020 يعاني تنظيم الدولة الإسلامية في العراق من تراجع كبير وبعدد من الهجمات المسجلة ينافس أدنى عدد مسجل على الإطلاق”.
وأشارا إلى عدة عوامل لهذا التراجع، منها الوجود الأمني الواسع في المناطق الريفية والكاميرات الحرارية التي تكتشف حركة المتشددين في الليل والحملات الأمنية المتكررة والغارات الجوية المتكررة لاغتيال القادة. ولم يتحدث الكاتبان عن مستقبل التنظيم لكنهما اقترحا أنه قد وفر مصادره للفرصة التي تحين له ويتحرك.
وقبل هجوم الحسكة الأسبوع الماضي، هرب المقاتلون إلى المناطق الصحراوية في الشرق وغير المأهولة بشكل واسع من أجل التخطيط لهجمات ضد الأكراد والحكومة السورية. وفي الفترة ما بين 2018- 2021 زاد من عمليات اغتيال القادة المحليين والرموز العشائرية وقتل أكثر من 200 شخص، حسب دراسة “دير الزور24” وهي شبكة للناشطين.
وقام في الفترة الأخيرة بابتزاز رجال الأعمال المحليين من أجل المال ووزع المنشورات ضد قوات سوريا الديمقراطية والأمريكيين وقام بسلسلة من الهجمات ضد نقاط تفتيش معزولة والتي تخلى عنها لاحقا، حسب دارين خليفة من مجموعة الأزمات الدولية. وقالت “الواقع هو أن الأمر ساء في 2021، ليس بسبب الهجمات المتكررة ضد نقاط التفتيش ولكن للهجمات التي أدت لتخويف قوات الأمن وأبعدتها عن نقاط التفتيش”.
وأضافت عوامل أخرى منها فشل قوات سوريا الديمقراطية ببناء علاقة قوية مع السكان المحليين في المناطق التي يسكنها العرب وكذا الحدود المفتوحة والفقر الذي يسهل من عمل الجهاديين وتهريب الأسلحة والناس في المناطق التي تعاني من فوضى أمنية. وتابعت أن المشاكل المالية التي واجهت قوات سوريا المالية والإدارة التابعة لها والتوغل التركي عام 2019 والحديث عن سحب 700 جندي أمريكي أعطت الجهاديين مساحة للتحرك.
وقالت إن “تنظيم الدولة هو حركة تمرد محلي وربما لم تكن تهديدا عابرا للدول” و”لكن لو كان هناك فراغ من نوع ما في سوريا، فهو المكان الذي تنتعش به هذه الحركات، وعند هذه النقطة تتحول لتهديد خارجي”.
والشيء الوحيد الذي لم يكن تنظيم الدولة قادرا على عمله منذ 2019 هو السيطرة على المناطق، وعملية سجن الحسكة لا تغير من هذا الواقع.
ويرى وايتسايد “خلافا للرأي السائد، هذا لا يحرك الإبرة ولو قيد أنملة ولا يعطيهم القوة على تحقيق السيطرة على السكان”. وفي الأحياء القريبة من السجن قامت القوات الأمريكية بمساعدة الأكراد على تمشيط البيوت عن مقاتلي التنظيم. ويقول السكان إنهم قفزوا من فوق بيوتهم. ومع ذلك يظل هجوم السجن أكبر عملية للتنظيم منذ 2018 وهذا أمر ليس مفاجئا. فالسجن هو في الحقيقة معهد تدريب تم تعزيزه بأسلاك شائكة وليس المبنى الصالح لاحتجاز مقاتلين اعتمدوا على اقتحام السجون لزيادة صفوفهم وكان هدفا للتنظيم.
القدس العربي
——————-
معتقلات “داعش”… قنابل موقوتة في العراق/ صادق الطائي
مثّلت حادثة الهجوم على سجن “الصناعة” في مدينة الحسكة السورية، وما تبعها من تمرد في السجن، ومحاولة فرار مئات المقاتلين المعتقلين من تنظيم الدولة “داعش”، ناقوس خطر دق في المنطقة، وتحديدا في العراق وسوريا، الدولتين اللتين شهدتا التمدد الانفجاري للتنظيم الإرهابي في صيف 2014، كما أن تفاصيل الهجوم، وتكتيك العمليات ذّكر بحوادث سابقة مشابهة جرت في العراق، إبان هجوم التنظيم على سجون عراقية تبعها تحرير آلاف الجهاديين المتهمين بتهم الإرهاب، الذين التحقوا بالتنظيم قبيل تمدد التنظيم وسيطرته على مدن شمال وغرب العراق.
فماذا يعني ذلك في قراءة الأحداث السياسية في المنطقة؟ ولماذا لم تقدم دول التحالف الدولي العون في موضوع معتقلي “داعش” لقوات سوريا الديمقراطية الكردية (قسد) في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، والمعروفة بمنطقة الإدارة الذاتية في سوريا؟، وهل هناك تهديد جديد بعودة نشاط عصابات “داعش” في العراق بعد تسلل مقاتليه وعوائلهم إلى العراق؟ وما هو وضع معسكرات الإيواء التي تم احتجاز عوائل “داعش” فيها في مناطق شمال العراق؟ عبر كل هذه الأسئلة سنحاول تسليط الضوء على موضوع شديد الخطورة والأهمية في المشهد العراقي.
عشية 20 كانون الثاني/ يناير 2022 شن تنظيم الدولة “داعش” هجوما، عُد الأكبر منذ إعلان الانتصار على تنظيم الدولة، الهجوم استهدف سجن “الصناعة”، الواقع على أطراف حي غويران جنوب مدينة الحسكة شمال شرق سوريا. وهذه هي المرة الأولى التي تتعرّض فيها السجون التي تحوي مقاتلي التنظيم لهجوم خارجي، إذ اقتصرت الأزمات السابقة على حالات تمرد وعصيان داخل السجون، بلغ عددها في سجن “الصناعة” 11 مرة بين عام 2020 و2021 ، ما حصل في الهجوم الأخير أعاد إلى الأذهان الهجوم الذي حصل على السجون العراقية التي ضمت مقاتلي تنظيم الدولة “داعش” صيف 2014 .تعليقا على ما حصل نشر المكتب الإعلامي للنائبة الإيزيدية فيان دخيل بيانا حول ما حصل في الحسكة جاء فيه: “نتابع بقلق بالغ عملية هروب العشرات من عناصر تنظيم الدولة “داعش” الإرهابي من سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة السورية، ضمنهم نحو 20 قيادياً من التنظيم الإرهابي من الجنسيتين السورية والعراقية”. ووصف البيان عملية هروب السجناء بإعادة “سيناريوهات قديمة مشؤومة في العراق إبان هروب مجموعة كبيرة من الإرهابيين من سجن أبو غريب، والمآسي التي حصلت في سنجار وسبايكر، ونزوح ملايين العراقيين”. التقارير الرسمية لمنظمات وأجهزة الأمم المتحدة قدرت عدد مقاتلي تنظيم الدولة “داعش” النشيطين الان في سوريا والعراق بنحو عشرة آلاف، في حين تقول قوات سوريا الديمقراطية، إن السجون التي تقع تحت سيطرتها في مناطق نفوذها تضم نحو 12 ألف مقاتل من نحو 50 جنسية، بينما ما تزال عوائل مقاتلي “داعش” تعيش في مخيمات مكتظة في المنطقة، ومن أبرز هذه المعسكرات هو معسكر الهول الواقع شمال شرق سوريا والقريب من الحدود العراقية، الذي يشهد بين حين وآخر هروب عوائل الجهاديين وتسللهم عبر الحدود العراقية، لذلك حذر خبراء دوليين من أن تلك المخيمات قد تصبح بيئة حاضنة للتطرف. تصريحات قيادات التنظيم الارهابي اطلقت عام 2019 ما سمته خطة “الخلافة الثانية”، مع إطلاق مرحلة غزوات الاستئناف، وهي العمليات التي استخدمت تكتيك الكر والفر، واللجوء إلى المناطق الصحراوية النائية الممتدة بين سوريا والعراق، وصولا إلى مرتفعات حمرين شمال شرق العراق، وقد نفذ التنظيم بالتزامن مع أحداث الحسكة الاخيرة هجوما على مقر للجيش العراقي فجر يوم 21 كانون الثاني/يناير على أحد مقار الجيش العراقي في منطقة حاوي العظيم في محافظة ديالى شمال شرق العاصمة بغداد، الهجوم تسبب بمقتل 11 جنديا أحدهم ضابط برتبة ملازم. ورجحت السلطات العراقية استغلال مقاتلي التنظيم “وعورة المنطقة وانخفاض درجات الحرارة لتنفيذ الهجوم، ومن ثم الانسحاب إلى محافظة صلاح الدين”. فهل تعني هذه الهجمات المتزامنة أن هنالك حواضن في سوريا والعراق، ما تزال تتعاون مع مقاتلي التنظيم الإرهابي؟ هذا السؤال يحيلنا إلى الحديث عن معسكرات إيواء عوائل (الدواعش).
ملف معسكرات الاحتجاز التي تعيش فيها نساء وأطفال مقاتلي التنظيم الإرهابي تحولت بعد مرور أكثر من أربع سنوات على إعلان الانتصار على التنظيم، إلى بؤر لتفريخ جيل ثان من الإرهابيين، إذ لم تعمل حكومات العراق وسوريا والإدارة الذاتية في المنطقة الكردية في سوريا على إيجاد حلول حقيقية لهذه الكارثة، بل يمكننا القول إن الجهات الرسمية، وحتى العديد من الجهات الدولية تعمدت التغاضي عن الملف، والتعامل مع الأزمة بإهمال شديد، وتُرك الأمر لتصرفات بعض الأجهزة الامنية والعسكرية والقبلية لتمارس شتى أنواع التجاوز على مجموعات بشرية تضم الكثير من الأبرياء، أو ممن لم يرتكبوا جرما، لكنهم بالتأكيد كانوا قد تعرضوا لعمليات غسيل دماغ عنيفة، عندما عاشوا في ظل حكم “داعش” لسنوات، وبشكل خاص الأطفال الذين تربوا تحت ما سمي “نظام أشبال الخلافة” الذي كان يعدهم ليكونوا جيلا ثانيا من الإرهابيين، ومع كل هذا الخطر لم تبد المؤسسات الدولية تعاونا حقيقيا لحل هذه المعضلة.
تقارير منظمة “هيومن رايتس ووتش” سلطت الضوء على جانب من المشكلة، إذ ذكر تقرير المنظمة الصادر نهاية عام 2021 : إن”عشرات الرجال من العرب السنة، الذين قضوا عقوبة السجن، أو تمت تبرئتهم في إقليم كردستان العراق بسبب صلاتهم بتنظيم الدولة الإسلامية، يواجهون خطر الاعتقال مجددا أو الانتقام إذا حاولوا الالتحاق بعائلاتهم في المناطق التي تسيطر عليها بغداد. بعض الرجال كانوا صبية لا تتجاوز أعمارهم 14 عاما، عندما اعتقلتهم قوات الأمن الكردية”، وأضاف التقرير: “هؤلاء الرجال عالقون حاليا في مخيم في إقليم كردستان، بعد إطلاق سراحهم بين 2018 و2020. لا تسمح لهم قوات الأمن بمغادرة المخيم للعيش في مكان آخر في إقليم كردستان، ويخشون على حياتهم إن عادوا إلى ديارهم”. بينما طبقت أعراف قبلية في مناطق النزاع التي تم تحريرها من سيطرة التنظيم الإرهابي، فخضعت عوائل مقاتلي التنظيم الإرهابي لأحكام قبلية تحتم عليهم الجلاء عن قراهم، كما تم تهديم منازلهم، وتجريف أراضيهم الزراعية، لمنعهم من العودة، وبات من الصعوبة بمكان تحقيق مصالحة مجتمعية بين ما بات يعرف بعوائل (الدواعش) وعوائل ضحايا التنظيم الإرهابي الذين يطالبون بالقصاص من قتلة أولادهم، ولا يريدون التنازل عن حقوقهم والتعايش مع عوائل القتلة مرة أخرى. رغم سوداوية الموقف الحرج، الذي ما تزال تعيشه مناطق الصراع، إلا إن بعض المبادرات المبشرة بالأمل ظهرت هنا وهناك، مثال ذلك ما قام به الشيخ القبلي الشاب أحمد المهيري، الذي تحدث لوسائل الاعلام قائلا: “الأمر يتطلب شجاعة للحديث عما وقع، لأنه مؤلم للغاية، ومع ذلك، يجب أن نسامح وألا يؤثر الغضب في حياتنا”. وأحمد المهيري تعرض لنكبة كبيرة على يد إرهابيي “داعش” الذين قتلوا والده وأعمامه الأربعة، ودمروا منزلهم، وجرفوا أراضيهم في مدينة الحويجة التابعة لمحافظة كركوك شمال العاصمة بغداد، ومع ذلك، فقد تحلى هذا الشيخ الشاب بشجاعة التسماح والعفو عند المقدرة، ورحب بعائلات (الدواعش) في مجتمع قريته مرة أخرى، بل فتح لهم مضافته بعد ترميمها لإيواء أرامل وأطفال (الدواعش)، وطرح رأيا عقلانيا بالغ الصعوبة بقوله:” النساء والأطفال لا يشكلون أي خطر، وهم جزء من القبيلة، ولا يمكننا أن نسمح بقطع هذه الروابط. الجناة، بالطبع، هم من مسؤولية الشرطة”. وأضاف “إذا لم نفعل ذلك، البديل سيكون مروعاً”، ورأى إن المجتمع إذا لم يكن قادراً على ضم هذه العائلات، فإن خطر التطرف حتى بين الأقارب يصبح أمرا حتميا. لكن يبدو إننا إزاء حاجة لتحركات حكومية ودولية لوضع حلول منهجية لهذه الكارثة، وإن الحلول الفردية لن تداوي الجرح العميق والشرخ المجتمعي الذي حصل، وإن الحلول الترقيعية لن تجدي نفعا في مواجهة كارثة قد تتفجر مرة اخرى، وعندها لا يمكن التكهن بما ستجره علينا من مآس مرة أخرى.
*كاتب عراقي
القدس العربي
——————————
“أحداث غويران”.. ناقوس إحياء “داعش” أم عودة “القاعدة”؟/ يلماز سعيد
في أكبر عملية أمنية إرهابية منذ سقوط تنظيم “داعش” في “الباغوز” آخِر معاقله، يعود ملف التنظيمات الجهادية إلى الساحة من بوابة سجن “الصناعة” في حي “غويران” في مدينة الحسكة، الذي كان وما زال من أخطر وأكبر المعتقلات على مستوى العالم، وليس من باب المبالغة إن قلنا إنه يحوي ما يقارب أربعة آلاف عبوة ناسفة.
في صباح يوم الخميس 20 كانون الثاني/ يناير 2022 بدأ الهجوم المنظم من قِبل خلايا نائمة إرهابية على السجن بسيارتين مفخختين يقودهما مهاجمان، مهمة إحداهما إيصال الأسلحة وإدخالها للسجن نفسه.
بعدها وبفارق توقيت دقيق ومدروس بدأت مجموعة أخرى الهجوم على محطة محروقات “سادكوب” وإحراق مستودعاتها في شمال غرب السجن لتحييد طيران التحالف وتعتيم الرؤية كلياً أمام الطيران الحربي والاستطلاعي.
هذا بالتزامن مع هجوم مجموعة أخرى على مقر الأسايش في “غويران” لمنع مؤازرة السجن وكسب الوقت.
أما على الصعيد الداخلي للأسوار، فكان السجناء مسيطرين كلياً على جميع مهاجع وأقسام السجن وأسروا الحراس وسيطروا على مخازن الأسلحة وأدوا “ببيعة الموت” كما يسمونها، وبدؤوا بتنفيذ جوهر الخطة بتهريب مجموعة منهم إلى الخارج حيث التجؤوا إلى حي “غويران” شمال السجن و”حوش الباعر” جنوبه بهدف توسيع جبهة المواجهة والقتال وبالتالي تأمين طريق للسجناء للوصول إلى غايتهم حسب الخطة.
بالتوازي مع هذا الهجوم سُجلت أكثر من عشر عمليات هجومية من قِبل خلايا التنظيم على مقرات وحواجز تابعة لـ”قسد” في محافظتَيْ “دير الزور” و”الرقة”.
مَن يخطط لعملية من هذا النوع يعلم جيداً أنه لن يستطيع النفاذ أو الانتصار، لكن الهدف الأساسي كما أشرت هو تهريب مجموعة قيادية معينة وليس كما يروج له إعلامياً، لتحقيق هذا الهدف أطال عناصر التنظيم القتال بشكل مقصود، ورافق ذلك مفاوضات لتبادل الأسرى، كل هذا لكسب الوقت الكافي وتشتيت الانتباه والتركيز ريثما تصل المجموعة إلى مقصدها، ومن ثَم إعلان الاستسلام.
يتوقع أن تكون تلك المناطق التي قصدها عناصر التنظيم هي أراضٍ تسيطر عليها قوات النظام السوري، وأماكن أخرى في العراق، كون معظم القادة أصولهم عراقية.
وأعتقد أن الهدف الرئيسي من هذه العملية هو فرار القادة لتجميع قواهم مرة أخرى ودعوة العناصر الجهادية للبدء من جديد بعمليات إرهابية، لكن بإستراتيجية مختلفة باعتماد تكتيك حرب العصابات في سورية والعراق حيث الأجواء والأرض الخصبة لعمليات التنظيم بحلته وتكتيكه الجديد، وخاصة العراق الذي يشهد خلافات كبيرة بعد خسارة محور نظام ملالي إيران في الانتخابات الأخيرة.
أول مؤشرات الغضب الإيراني كانت عمليات قوية ودقيقة استهدفت الجيش العراقي وقوات البيشمركة ومقرات مسؤولين كبار كالكاظمي والحلبوسي.
إيران والقوى التابعة لها ستفعل المستحيل لأجل السلطة ولن تتخلى عن استثماراتها الكبيرة في الحشد والعراق، وبالطبع عَبْر أذرعها المختلفة. ستسهل عمل وتحركات هذه المجموعات الإرهابية التي فرت من سجن الصناعة وتعمل على جمع قواها وجذب الجهاديين من جديد، بحيث يتفقون معاً على محاربة القوات الأمريكية وطردها من العراق، لخلق الفوضى في البلاد وعرقلة تشكيل حكومة لا تتبع طهران، فمن هنا لا بد من التفكير قليلاً هل مَن خطّط ونفّذ هذه العملية هو تنظيم “داعش” الذي كان معظم قادته معتقلين، أم هو تنظيم “القاعدة” الذي يتبع الظواهري..؟!
——————————–
المرصد السوري: ارتفاع حصيلة قتلى اشتباكات سجن «غويران» إلى 332
ارتفع عدد القتلى نتيجة أعمال العنف التي استمرت لأكثر من أسبوع بين مقاتلي تنظيم «داعش» والقوات الكردية في سوريا إلى 332 قتيلاً، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الأحد.
وأعلن أكراد سوريا يوم الأربعاء أنهم تمكنوا، بدعم من الولايات المتحدة، من استعادة السيطرة على سجن «غويران» الكبير الذي هاجمه متطرفو «داعش» في 20 يناير (كانون الثاني) في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا.
وتسبب الهروب من السجن في اندلاع اشتباكات عنيفة بين الجانبين. وقال المرصد السوري – الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له – إن 332 شخصاً على الأقل قتلوا خلال أعمال العنف.
وقالت المرصد إن القتلى بينهم 246 من عناصر «داعش» و79 من القوات الكردية وسبعة مدنيين.
ومن المرجح أن يرتفع عدد القتلى بشكل أكبر وذلك بسبب إصابة العشرات بجروح خطيرة خلال الاشتباكات فيما لا يزال آخرون في عداد المفقودين. وقال رئيس المرصد رامي عبد الرحمن إن تمرد تنظيم «داعش» داخل السجن انتهى، لكن عمليات التمشيط داخل الموقع وخارجه مستمرة.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في بيان: «تشيد الولايات المتحدة بقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي استكملت، مع قوات التحالف، عملياتها لإعادة السيطرة الكاملة على سجن الحسكة في سوريا». وتابع: «بفضل شجاعة وعزم قوات قسد، التي قدمت الكثير من التضحيات العظيمة. فشل تنظيم (داعش) في جهوده لاختراق السجن بعملية واسعة النطاق من أجل إعادة تشكيل صفوفه».
وكان تنظيم «داعش» قد شن هجوماً على السجن، الذي تديره «قسد» التي يقودها الأكراد، في عملية جريئة تهدف إلى إطلاق سراح عناصره.
وقال المرصد إن الهجوم هو الأعنف الذي ينفذه تنظيم «داعش» في سوريا منذ نحو ثلاث سنوات.
وأثار الهجوم مخاوف من عودة التنظيم في سوريا التي مزقتها الحرب. وتقع الحسكة التي يسيطر عليها الأكراد في شمال شرقي سوريا.
ووفقاً لوسائل الإعلام الكردية، تم اعتقال نحو 5 آلاف من أنصار «داعش» في السجن في الآونة الأخيرة.
ورغم هزيمة التنظيم الإرهابي عسكرياً في سوريا، فإن خلاياه النائمة لا تزال تنشط وتشن هجمات عابرة.
————————-
البنتاغون: خطر تنظيم الدولة ما زال قائماً في سوريا والعراق
قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” جون كيربي إن التهديد الصادر عن تنظيم الدولة “داعش” ما زال قائماً في سوريا والعراق.
وذكر كيربي في مقابلة على قناة “فوكس نيوز”، اليوم الأحد أنه “لا نريد تمدد رقعة النزاع لكن هدفنا في البنتاغون يكمن في إبقاء التركيز على التهديد النابع من داعش في سوريا وفي العراق أيضا بصراحة القول”، وذلك بحسب ما نقله موقع “روسيا اليوم”.
تأتي تصريحات كيربي في وقت تنشط فيها هجمات تنظيم الدولة “داعش” في سوريا والعراق، حيث نفذت “خلايا التنظيم” هجوماً واسعاً، في 20 من كانون الثاني الجاري، على سجن الصناعة بمدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، بدأ باستهداف أسوار السجن، الذي يحوي مئات من عناصر التنظيم، بسيارتين ملغّمتين، تبعته اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة استمرت عدة أيام قبل أن يتم استعادة السيطرة عليه.
كما تبنى التنظيم استهداف جنود أميركيين في محافظة الحسكة، في محيط سجن الصناعة، بحسب بيانٍ نشرته وكالة “أعماق” المقربة من التنظيم.
وفي دير الزور، هاجمت خلايا تابعة لتنظيم الدولة “داعش” ، في الـ 29 من كانون الثاني الجاري، أحد الحواجز التابعة وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” في بلدة الشحيل، تدخل التحالف الدولي على إثره.
وفي العراق، شن تنظيم الدولة، في الـ 21 من كانون الثاني الجاري، هجوماً بوساطة أسلحة قنص ورشاشة على مقر للجيش بين قريتي الطالعة وأم الكرامي في ناحية العظيم في محافظة ديالى، أسفر عن مقتل 11 جندياً بينهم ضابط برتبة ملازم أول، بحسب تصريحات نقلتها وكالة الأناضول عن مصدر عسكري في الجيش العراقي.
—————————–
تقرير: الجيش الأميركي نقل قيادات “داعش” من سجن الحسكة. المصدر: النهار العربي
نقلت القوات الأميركية في سوريا عدداً من قياديي تنظيم “داعش”، معظمهم من جنسيات عربية وبلجيكية وهولندية، من سجن الصناعة في الحسكة باتجاه بادية دير الزور شرقي البلاد.
وأفادت وكالة “سبوتنيك” الروسية في تقرير، نقلاً عن مصادر، بأنّ القوات الأميركية “استغلت حالة الفوضى والاشتباكات الحاصلة في محيط السجن وحيي غويران والزهور، ونقلت 750 من أفراد داعش، بينهم عدد كبير من قياديي الصف الأول في التنظيم ممن يحملون جنسيات أجنبية”.
وقالت المصادر إنّ عدداً كبيراً من قياديي “داعش” فروا بشكل منسق من السجن خلال الساعات الأولى من استيلاء التنظيم عليه واندلاع الاشتباكات مع مسلحي قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في محيطه.
وأضافت أنه “تم تأمين وصول هؤلاء الفارين إلى عدد من المواقع في بادية البوكمال غرب الحدود السورية العراقية وإلى شرق جبل البشري في ريف دير الزور الجنوبي، حيث قامت طائرات استطلاع تابعة للتحالف الدولي بعمليات رصد وتوجيه على طرق فرعية التفافية، لتأمين وصولهم إلى وجهتهم”.
وأشارت المصادر إلى أنّ “عملية النقل تمت على دفعات، عبر سيارات دفع رباعي وباصات كانت تقلهم أثناء الاشتباكات التي شهدها السجن، وأوضحت أن مهمة “قسد” كانت “اختلاق الفوضى في السجن والمناطق المجاورة له، لإبعاد الأنظار عن وجهة السيارات والحافلات التي كانت تقل مسلحي التنظيم”.
ونقلت المصادر عن أوساط داخل “قسد”، تأكيدها “الانسحاب من 3 نقاط في محيط السجن لفتح ثغرة أمام هروب عدد من قياديي داعش باتجاه مواقع تم تحديدها لهم بدقة من قبل التحالف الدولي، تزامنا مع عملية إخراج مبرمجة لمعتقلين من السجن بزعم استسلامهم، ليتم تجميعهم في موقعين محددين في محيط مدينة الحسكة، ومن ثم نقلهم باتجاه بادية دير الزور تحت حماية وحراسة مشددة من مسلحي النخبة في قسد، وسط رصد مستمر لطائرات الاستطلاع التحالف الدولي”.
وقالت المصادر إنّ “إعادة إحياء تنظيم داعش يعد أولوية لبعض المستفيدين في الجيش الأميركي والتحالف الدولي لتحقيق جملة من الأهداف، من ضمنها استثمار الفلتان الأمني في المنطقة للإيحاء بضرورة البقاء شرقي سوريا، ما سيتيح لهؤلاء المستفيدين الاستمرار الهادئ بعمليات الاتجار بتصدير النفط السوري المنهوب من دون أي ضوابط”.
النهار العربي
————————-
=======================
تحديث 01 شباط 2022
——————
هجوم “داعش” على سجن “الصناعة”: اختراق “قسد” ليس نصراً/ محمد حسان
برغم دلالات هجوم التنظيم، إلا أنه حمل فشلاً ذريعاً وخيبة أمل لأنصاره وإن تغنوا بالانتصار لأيام.
انتهت حادثة سجن الصناعة في القسم الجنوبي من مدينة الحسكة، بعد أيام من العمليات العسكرية داخل السجن وفي محيطه الجغرافي القريب، قتل من قتل من كلا الطرفين واستسلم من كان في حالة استعصاء داخل أقبية السجن من مقاتلي التنظيم المتمردين، ولم يبقَ من هذه الحادثة إلا صور لجثث غص بها المكان، ودمار خلفته الاشتباكات وعمليات القصف الجوي الداعمة للقوى المعادية للتنظيم.
هجوم “داعش” على السجن لم يحمل أي تغيير في الاستراتيجية العسكرية، بل جاء بالشكل التقليدي الذي يعتمده التنظيم في عمليات من هذا النوع، سيارات مفخخة تضرب محيط المكان المستهدف، مجموعات انغماسية خاصة بالاقتحام، وحدات قتالية صغيرة متفرغة لقطع طرق الإمداد المؤدية إلى الهدف وإلهاء المستهدفين لمحاولة تشتيت قواتهم، والأهم من ذلك اختيار التوقيت الجيد لساعة الصفر، مع تنسيق عالٍ بين المهاجمين وعناصر التنظيم المحتجزين داخل السجن.
برغم من الأسلوب التقليدي العسكري، إلا أن الهجوم حمل معطيات جديدة في جانبه الزماني والمكاني والأمني، تتركز في نقاط عدة، أولها، المكان والهدف، فلم يسبق للتنظيم أن شَّن مثل هكذا عملية في عمق مناطق سيطرة “قوات سوريا الديموقراطية” ومناطق وجود حلفائها من قوات التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، والتي تعتبر أكثر المناطق تحصيناً عسكرياً وفيها القسم الأكبر من القوة العسكرية لـــ “قسد” ، حتى إن الإحصاءات التي تنشرها شبكات الإعلام المحلي بشكل مستمر حول نشاط خلايا تنظيم “داعش”، دائماً ما تكون متدنية في تلك المناطق، على حساب عمليات شبه يومية تنفذها خلايا التنظيم في أرياف محافظة دير الزور وبعض مناطق محافظة الرقة وريف الحسكة.
اختيار التنظيم هدفه غير المتوقع وفي منطقة تعتبر الأكثر تحصيناً عسكرياً وأمنياً، أعطاه ميزة المباغتة، التي أدخلت “قوات سوريا الديموقراطية” في حالة صدمة وارتباك، وهذا الأمر كان جلياً خلال اليومين الأول والثاني من الهجوم، إذ عجزت “قسد” عن تحقيق عملية تطويق لبؤرة القتال داخل السجن وعزلها عن المحيط الجغرافي المجاور لها، ما ساعد على هروب عدد من السجناء من داخل السجن وأعطى التنظيم القدرة على إطالة أمد المعركة، التي امتدت نحو 9 أيام متواصلة.
النقطة الثانية التي حملها هجوم التنظيم، كانت كمية الاختراق الأمني التي يملكها التنظيم داخل صفوف “قوات سوريا الديموقراطية”، ما ساعد التنظيم في نقل مقاتليه وأسلحته من مناطق متفرغة إلى محيط السجن برغم عشرات الحواجز في المنطقة، التي تعتبر المربع الأمني الأهم لقوات “قسد” في عموم محافظة الحسكة، إضافة إلى نسف عمل جهازها الأمني الذي يعتبر من أهم أدواتها الاستباقية لحماية أمنها وأمن مناطق سيطرتها، وهذه ما أكده لــ”درج” مصدر رفيع داخل “قوات سوريا الديموقراطية” رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية. يقول: “العملية جاءت بمساعدة عناصر من قسد، يعملون بشكل سري مع داعش، كان لهم دور كبير في تسهيل نقل المقاتلين والسلاح الخاص بهم إلى محيط السجن، مع تقديم معلومات مهمة عن حامية السجن والقوى الموجودة في منطقة الهجوم”.
الاختراق الأمني لصفوف “قوات سوريا الديموقراطية” ليس وليد عملية السجن، لكن الأخيرة كشفت أشكالاً جديدة له غير تقليدية، فالتنظيم بعد عودته إلى العمل الأمني ما بعد سقوط مخيم الباغوز عام 2019، سعى إلى الاستفادة من عناصره السابقين الذين انضموا إلى “قسد”، بهدف تجنب عمليات الملاحقة الأمنية ومحاولة حماية أنفسهم من المجتمعات المحلية الناقمة على التنظيم، عبر الإبقاء عليهم داخل تلك القوات ليكونوا أداة خرق تنقل المعلومات والتحركات العسكرية لقادة التنظيم وخلاياه المنتشرة في مناطق شرق الفرات، وهذا ما جنب التنظيم الكثير من عمليات الملاحقة وساهم في استمرار هجماته إلى يومنا هذا.
عملية السجن، كشفت تغير أساليب التنظيم في عمليات تجنيد المتعاونين معه داخل “قسد”، إذ بات التنظيم يعتمد على عناصر جدد لم يرتبطوا معه خلال فترة وجوده بين عامي 2014 و2019. هؤلاء العناصر يمثلون الجيل الثاني من المقاتلين الذين جندهم التنظيم بعد الهزيمة الجغرافية في سوريا، وقام بتدريبهم أمنياً ثم تركهم يدخلون صفوف “قسد” ومجالسها العسكرية، ما ساهم في إبعاد الشبهات منهم وسهل تدرجهم داخل تلك القوات والوصول للخدمة في أماكن حساسة عجز المتعاونون من عناصره السابقين والمنضوين الآن في “قسد” من الوصول لها، وهذا إن دل على شيء، فيدل على التطور الأمني للتنظيم مقابل تراجع استخباراتي لـ”قسد” والتحالف الدولي.
أما النقطة الرابعة التي أبرزها الهجوم، فهي حاجة التنظيم للعناصر البشرية، وهي معضلة حاول حلها عبر الهجوم على السجن وتحرير الآلاف من مقاتليه المحتجزين، ما سيرفده بعدد كبير من المقاتلين من ذوي الخبرة والباع في مختلف الاختصاصات، بخاصة أن التنظيم يعاني الآن من تراجع عمليات تجنيد مقاتلين جدد في مناطق وجوده في سوريا والعراق.
مسعى التنظيم لتحرير سجنائه، يعطي مؤشرات إلى أن قادته وزعماءه لديهم مخططات لمستقبل عمل التنظيم وتصور جديد لهذا المستقبل، لكن كل هذا يحتاج لقوى بشرية لن يكون من السهل الحصول عليها إلا بمثل هذه العمليات التي تستهدف أماكن اعتقال عناصره ومقاتليه، بعد عجزه عن تحقيق عمليات استقطاب كافية من خلال أساليبه التقليدية، التي تعتمد على الدين والإعلام والظروف السياسية والاقتصادية في المنطقة.
برغم دلالات هجوم التنظيم، إلا أنه حمل فشلاً ذريعاً وخيبة أمل لأنصاره وإن تغنوا بالانتصار لأيام، ويعود الفشل لأسباب كثيرة، منها، أولاً افتقار التنظيم للواقعية والاستراتيجية، إذ لم يتعامل بشكل جيد مع حجم العملية التي استهدفت العمق الاستراتيجي لأهم خصومه في المنطقة، أما السبب الثاني فهو افتقار المجموعات المهاجمة للسلاح النوعي والكميات الكافية لخوض مثل هذه المعركة، فالتنظيم حتى لو فرضنا أنه نجح في إطلاق سراح معتقليه، إلا أنه لا يملك السلاح الكافي لتزويدهم والاستفادة منهم في المعركة، بينما فرصة هربهم بهذه الأعداد سوف تكون ضرباً من المستحيل وهم في حيز جغرافي شاسع تُسيطر عليه “قوات سوريا الديموقراطية”. ثالثاً، زج “قسد” لأعداد كبيرة من مقاتليها و تدخل فرق من القوات الخاصة الأميركية مع سلاح الجو كان عاملاً مهماً في إفشال الهجوم.
“قسد”، بعيداً من خسائرها البشرية، فقد خرجت من المعركة بمكاسب كبيرة أولها، كسبها جولة أخرى على حساب التنظيم، ثانياً استعادة تعاونها مع التحالف الدولي ودعمه لها، ثالثاً لفت الأنظار لها إعلامياً كـقوة محلية تحارب الإرهاب.
درج
———————–
تجدد نشاط التنظيم.. حملات الخصوم لا تؤتي أُكلها، “الدّولة”.. باقية وتهدّد/ أمل رنتيسي، حسام المحمود، حسن إبراهيم و خالد الجرعتلي
مع بداية الثورة السورية عام 2011، وسّع تنظيم “الدولة” نشاطه ليشمل سوريا، في سبيل “مساندة الشعب السوري”، وفق رواية التنظيم التي قدمها في فيلم وثائقي باسم “النهاية والبداية”، في كانون الثاني 2021.
وبعد دخول التحالف الدولي بقيادة واشنطن إلى سوريا عام 2015، لمحاربة التنظيم الذي سيطر على مساحات واسعة من سوريا والعراق حينها، انحسر وجود “الدولة الإسلامية” على الأرض، وانكمشت مناطق نفوذها.
وانتقل التنظيم العسكري الذي ولد من رحم “القاعدة” و”الدولة الإسلامية في العراق”، من الحضور الجغرافي الواضح والمكشوف، إلى شنّ عملياته في جيوب جغرافية متفرقة تشكّل البادية السورية مسرحها الأبرز، وعقدة الحبل التي لم تحلها عمليات عسكرية وحملات أمنية تقودها مختلف الأطراف العسكرية في سوريا على مدار سنوات.
في 19 من كانون الثاني الحالي، فاجأ تنظيم “الدولة” العالم بعملية معقدة لفك رهائن من قياداته، خلال هجوم استهدف سجن “غويران” في الحسكة، الذي يقع تحت السيطرة الكاملة لـ”وحدات حماية الشعب” (الكردية) وبدعم من التحالف الدولي لمحاربة التنظيم.
تناقش عنب بلدي في هذا الملف مع خبراء وباحثين، ازدياد هجمات التنظيم في الآونة الأخيرة، مقابل مراوحة الجهود العسكرية لردّه وتطويق مخاطره مكانها، إلى جانب الأهمية التي تشكّلها البادية السورية للتنظيم، وجدوى التعامل العسكري الحالي في القضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية”.
البادية السورية ساحة عمليات
رغم عدم تحديد التنظيم توزع هجماته في أنحاء العالم التي بلغ عددها 2748 عملية، نُفذت أغلبيتها بالعبوات الناسفة والسيارات المفخخة والألغام، فإن سوريا حلّت في المرتبة الثالثة لكثافة الهجمات بـ368 عملية استهداف، أسفرت عن 736 قتيلًا، وفق إحصائية صادرة عن وكالة “أعماق” الخاصة بالتنظيم عبر “تلجرام”، في 9 من كانون الثاني الحالي.
وشملت الإحصائية عمليات الاستهداف في مختلف مناطق النفوذ على امتداد الجغرافيا السورية، دون تحديد توزعها الجغرافي.
اعتمد التنظيم بعد تراجع سيطرته في سوريا على مبدأ الاستهداف ثم الاختباء، مستغلًا جغرافيا البادية السورية ذات الطبيعة الصحراوية، وجاعلًا منها مسرحًا لخلاياه الأمنية التي تستهدف أرتالًا لقوات النظام و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
ولا تزال آلية تحرك وانتقال خلايا ومقاتلي التنظيم في البادية السورية غير واضحة، إذ يقتصر ظهور عناصره على لحظات الاستهداف، ويعودون للاختفاء مجددًا في صحراء البادية.
وتمتد البادية السورية من ريفي حماة وحمص الشرقيين إلى الحدود العراقية، ومن ريفي دير الزور والرقة شمالي سوريا إلى الحدود الأردنية- السورية، وتبلغ مساحتها أكثر من 75 ألف كيلومتر مربع من مساحة سوريا البالغة نحو 185 ألف كيلومتر مربع.
ومع بداية الأسبوع الأول من العام الحالي، نفّذ التنظيم العديد من العمليات الأمنية بمنطقة البادية، كان أحدثها في 6 من كانون الثاني الحالي، إذ قُتل ثلاثة عناصر وجُرح أربعة آخرون من قوات النظام السوري، بهجومين منفصلين في ريف الرقة.
ولم يتبنَّ التنظيم العملية، لكن العديد من الشبكات المحلية أشارت حينها إلى أن خلايا تابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية” تقف خلف الاستهداف.
وسبق هذه العملية بثلاثة أيام فقط مقتل خمسة عناصر من قوات النظام، إثر استهداف التنظيم مجموعة عسكرية في بادية حمص شرقي سوريا.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري لم تسمِّه، أن حافلة نقل عسكرية تعرضت لهجوم صاروخي من قبل تنظيم “الدولة” في منطقة تبعد 50 كيلومترًا شرق محطة “T3” لضخ النفط، مع الإشارة إلى أن الهجوم أسفر عن مقتل خمسة عسكريين وإصابة 20 آخرين بجروح متفاوتة.
وتعتبر محافظتا حمص ودير الزور من أكثر المناطق التي تشهد وجودًا للميليشيات الموالية لإيران في سوريا، بحسب دراسة أصدرها مركز “جسور للدراسات“، إذ احتوت محافظة دير الزور شرقي سوريا على 64 موقعًا عسكريًا، إضافة إلى 512 موقعًا معظمها يتبع لإيران.
الاغتيالات تخيّم على دير الزور
مع بداية عام 2021، ارتفعت وتيرة عمليات التنظيم الأمنية في محافظة دير الزور، وبدأتها خلايا التنظيم الأمنية بعملية استهداف لأحد وجهاء عشيرة “البكيّر” حسين شيخ الجميل، في منطقة العزبة شمالي دير الزور.
و”البكيّر” هي إحدى عشائر قبيلة “العكيدات”، التي اُستهدف بعض أعيانها مطلع عام 2021، وكان آخرهم الشيخ اطليوش الشتات اللافي، الذي قُتل في 12 من كانون الثاني 2021.
وتبعه مقتل القيادي في “الفوج الأول” التابع لـ”قسد” سليمان العبود اللطو، الملقب بـ”العقرب”، في ريف دير الزور منتصف حزيران 2021.
كما تبنّى التنظيم عبر بيان نشرته وكالة “أعماق“، في أيار 2021، استهداف مقاتليه أحد أعضاء ما يسمى بالمؤسسة الدينية التابعة لـ”الإدارة الذاتية” في قرية الجنينة برصاص مسدس ناري، ما أدى إلى مقتله.
وقُتل عشرة من موظفي حقل “الخراطة” النفطي بريف دير الزور الجنوبي الغربي، في 2 من كانون الأول 2021، بحسب ما ذكرته “سانا”.
وأسفر استهداف حافلة كانت تقل الموظفين من العمل في المنطقة عن مقتل عشرة منهم، وإصابة آخر بهجوم وصفته “سانا” بـ”الإرهابي”.
وفي 3 من كانون الأول 2021، قُتل عنصران من قوات النظام السوري بهجوم شنه تنظيم “الدولة” على مواقع عسكرية للنظام في بادية دير الزور.
وأكدت قوات “الدفاع الوطني” في دير الزور، وهي “ميليشيا” رديفة لقوات النظام، عبر صفحتها على “فيسبوك”، مقتل اثنين من عناصرها إثر هجوم لتنظيم “الدولة” في بادية المسرب بريف دير الزور الغربي.
واختتم التنظيم عملياته الأمنية في دير الزور بإعلان مسؤوليته، في 12 من كانون الأول 2021، عن قتل القيادي في “قسد” أدهم دبش العابس، الملقب بـ”أبو عبد الله الجرذي”، مع أحد مرافقيه في بلدة ذيبان شرقي دير الزور.
كما تبنى التنظيم في اليوم ذاته اختطاف عنصر تابع لـ”قسد” في بلدة هجين بريف دير الزور الشرقي، ثم تصفيته، ولم تُعرف هوية العنصر حتى تاريخ كتابة هذه المادة.
دير الزور “نموذج مصغّر للحرب السورية”
تشكّل المنطقة الشرقية من سوريا، لا سيما محافظة دير الزور، نموذجًا لشكل الصراع في عموم الجغرافيا السورية، بحسب دراسة أعدها مركز “حرمون للدراسات المعاصرة”.
وتوجد على أرضها جميع القوى المتداخلة بالشأن السوري، كالقوات الأمريكية والروسية والإيرانية، إضافة إلى قوى محلية أخرى، كميليشيات النظام السوري مثل “الدفاع الوطني”، والميليشيات العراقية، والإيرانية، والأفغانية، والباكستانية.
وتنتشر في المحافظة قوات تتبع لعشائر المنطقة، وترتبط حسب مكان وجودها بالقوى المسيطرة في كلا جانبي نهر “الفرات”، إضافة إلى “قسد” والميليشيات التي ترتبط بها.
وهناك أيضًا النفوذ التركي والسعودي في المحافظة التي تُدار صراعاتها عبر أطراف القوى فيها بمساحة لا تتجاوز 23 ألف كيلومتر مربع، هي مساحة المحافظة التقريبية ضمن البادية، بحسب الدراسة.
ويُعدّ النظام السوري “الطرف الأضعف” في التنافس على المكاسب المحققة نتيجة سيطرة تلك الأطراف، لكنه يبقى مع الميليشيات الموالية له لاعبًا له مكانه في لعبة التنافس الإيرانية- الروسية.
مقاتلو تنظيم “الدولة الإسلامية” في عرض عسكري في شوارع شمالي الرقة في سوريا ، 30 حزيران 2014(رويترز)
حرب وتمويل ذاتي..
استراتيجية التنظيم للنهوض
شهدت عمليات تنظيم “الدولة الإسلامية” تصاعدًا منذ بداية عام 2021، إذ ينتشر التنظيم ضمن جيوب البادية السورية، ورغم الحملات المتكررة لقوات النظام السوري المدعومة من روسيا، إضافة إلى عمليات “قسد”، التي تشكّل الجناح العسكري لـ”الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا”، بدعم التحالف الدولي، يواصل التنظيم شنّ ضربات وتنفيذ كمائن في البادية.
ورغم تبنّي التنظيم العديد من العمليات عبر “تلجرام”، فإن بعضها بقي “ضد مجهول”، خصوصًا في البادية الممتدة بين محافظتي حمص والرقة، مرورًا ببادية دير الزور، شرقي سوريا.
واعتمد التنظيم في عملياته على هجمات متفرقة طالت حواجز لنقاط عسكرية، أو استهداف أرتال على طرق البادية، عبر الهجوم المسلح أو العبوات الناسفة.
الباحث في الجماعات “الجهادية” عباس شريفة، يرى أن التنظيم لا يزال يعتمد على الكمائن والإغارة وحرب العصابات، ومحاولة حصر عملياته على الطرق الدولية وفي منطقة البادية، ويعتمد لتنفيذ تلك الاستراتيجية على مجموعات صغيرة قادرة على التحرك السريع والتنقل بشكل خفيف.
ويوضح شريفة أن السيطرة على الأرض بشكل مباشر وإدارتها، ليس من مصلحة أو أهداف التنظيم، إنما الاكتفاء بحرب النكاية والإنهاك ضد الخصوم.
من الأطراف إلى العمق
نشاط تنظيم “الدولة” أخذ منحى مختلفًا في عملية سجن “غويران”، إذ شهدت محافظة الحسكة، منذ مساء 19 من كانون الثاني الحالي، مواجهات عسكرية بين خلايا لتنظيم “الدولة” تسللت إلى محيط السجن، وهو أحد أكبر السجون التي تضم عناصر وقياديين في التنظيم.
تطورت المواجهات مع تمكّن العشرات من السجناء من تجاوز أسوار السجن والانضمام إلى الخلايا التي تمركزت في الأحياء المحيطة بالمنطقة مثل حي الزهور وحي المقابر، إذ استخدمت خلايا التنظيم مع بداية المواجهات سيارة مفخخة فجّرتها على البوابة الرئيسة للسجن.
المختلف في العملية أن سجن “غويران” يقع تحت السيطرة الكاملة المفترضة لـ”قسد” والتحالف الداعم لها بقيادة أمريكية، ويقع في أطراف حي غويران عند المدخل الجنوبي لمدينة الحسكة، وهو أحد السجون التي تحتجز فيها “قسد” آلاف المعتقلين الذين ينتمون لتنظيم “الدولة”، وبينهم قرابة أربعة آلاف أجنبي من حوالي 50 دولة.
ونقلت وكالة “أعماق” التابعة لتنظيم “الدولة” عن مصدر أمني، في 21 من كانون الثاني الحالي، أن مقاتلي التنظيم يشنون منذ 20 من الشهر نفسه، هجومًا واسعًا على السجن بهدف “تحرير الأسرى المحتجزين بداخله”، وأن الاشتباكات مستمرة في أماكن قريبة وفي أحياء أخرى، لكن القائد العام لـ”قسد”، مظلوم عبدي، أعلن، في 21 من كانون الثاني، ما وصفه بـ”نجاح” القوات الأمنية بمساعدة التحالف الدولي باعتقال جميع الهاربين من السجن، في حين تقاطعت الأنباء من مصادر محلية عن استمرار المواجهات بعد هذا التاريخ.
“الضربات لا تنهك التنظيم”
العمليات التي نفذها التنظيم، أعادت الحديث عن أسباب ظهوره، في الوقت الذي تحاربه قوات التحالف الدولي والنظام وروسيا و”قسد”.
وهناك عدة أطراف تدفع لإعادة ظهور تنظيم “الدولة”، فـ”قسد” تفرج عن المقاتلين والأسرى لديها، وتزج بهم في معارك البادية.
وتُتهم “قسد” المسؤولة عن السجون في شمال شرقي سوريا، بالإفراج عن سجناء ذوي صلة بتنظيم “الدولة” مقابل مبالغ تحت مسمى “مصالحة”، لكنها تنفي هذه الاتهامات.
وتعلن “قسد” بشكل متكرر الإفراج عمّن تسميهم “عناصر تنظيم (الدولة) الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين”، بوساطة عشائرية.
وذكرت دراسة لـ”معهد الشرق الأوسط” الأمريكي، نُشرت في 5 من أيار 2021، أن أسباب عودة نشاط التنظيم تتجلى في إطلاق سراح معتقلين من التنظيم، وفشل إدارة الملف الاقتصادي ونظام الحوكمة، إضافة إلى طريقة تعامل “الإدارة الذاتية” مع العشائر في المنطقة، خاصة العربية.
وأضاف شريفة أن عودة ظهور التنظيم، تعزز محاولة النظام استثماره للضغط على محافظة السويداء، إذ تعرضت المدينة الواقعة ضمن سيطرة النظام، لهجوم من تنظيم “الدولة” في تموز 2018، أسفر عن أكثر من 200 قتيل بين مدنيين ومقاتلين في المدينة، وفق تقرير صادر عن الأمم المتحدة في 31 من تموز 2018.
وأثار الهجوم استياء واستهجان أهالي السويداء الذين اتهموا النظام بتسهيل هجوم التنظيم على المدينة، لعدم التحاق أبناء السويداء في صفوف قواته للخدمة الإلزامية.
ويعتبر شريفة توقف أو قلة العمليات الدولية التي تستهدف التنظيم، مؤشرات لاستنتاج إمكانية عودة ظهوره، أو إعادة سيطرته على بعض المناطق رغم استبعاد ذلك في المدى المنظور.
ويدعم التحالف قوات “قسد” في عملياتها ضد التنظيم، لكن تلك العمليات ليست بنفس الوتيرة التي انتهجتها قوات التحالف في الأعوام السابقة.
تمويل وموارد قديمة
تعتمد التنظيمات العسكرية التي لا تتبع لسيطرة دولة أو حكومة على مصادر تمويل متفرقة لضمان استمرارها ومواصلة عملياتها، كالتمويل الذاتي أو تمويل جهات سياسية تتبع لدول، إلى جانب الاستفادة مما يمكن أن تغنمه خلال معاركها.
ويرى الباحث في الجماعات “الجهادية” عباس شريفة، أن التنظيم قادر على إعادة حشد وتجنيد عدد كبير من المقاتلين، وسط غياب الحل السياسي وعدم الاستقرار في سوريا والعراق، فرغم خسارته الجغرافية الكبيرة على الأرض، لم يتعرض لخسارة كبيرة في الجنود والموارد البشرية.
واعتمد التنظيم في تنفيذ هجماته على احتفاظه ببعض الأموال والموارد التي سيطر عليها سابقًا في المنطقة الشرقية، كآبار النفط وتجارتها، بحسب شريفة.
وكان تنظيم “الدولة” سيطر على العديد من حقول وآبار النفط شرقي سوريا، التي ينتج كل منها عشرات آلاف البراميل يوميًا، كما اشترط حينها دفع ثمن النفط بالدولار الأمريكي حصرًا.
ورغم الإضاءة الإعلامية على العمليات والهجمات التي نفذها التنظيم في البادية، لم يسجل سيطرة جديدة على الأرض، ولم يعتمد في سوريا على تنفيذ عمليات تنطوي على استخدام السيارات أو الآليات المفخخة التي اعتمدها في بداية ظهوره، في محاولة للحد من خسائره البشرية، وربما المالية، ويستهدف القوات المتحركة أو القواعد والنقاط العسكرية الثابتة، من خلال الهجمات والعبوات الناسفة.
وينفذ هذه العمليات بغرض الاغتنام وتأمين الموارد الذاتية والتسليح، وأهدافها أبعد من فرض نفسه على الساحة العسكرية، باعتبارها وسيلة تسليح ذاتي، بحسب الباحث شريفة.
اغتنام بعض الأسلحة من استهداف النقاط العسكرية المختلفة يساعد في تمويله بالأسلحة، وفق الباحث الذي يعتقد بأن هناك دعمًا خارجيًا للتنظيم، لكنه محدود وسط الحصار الذي يعاني منه.
استثمار روسي
دخلت روسيا على خط قتال تنظيم “الدولة الإسلامية” عام 2015، حين نفذت أولى ضرباتها الجوية ضده، وكان التدخل الروسي حينها لدعم النظام، يتطلب محاربة التنظيم الذي شكّل تهديدًا مصيريًا مباشرًا للنظام السوري والأطراف الأخرى على الأرض.
وتعتبر “مكافحة الإرهاب” المهمة الأساسية التي تدخلت روسيا بموجبها في سوريا، إذ جرى تركيز العمليات القتالية ضد التنظيم بعد ضمان تعطيل قدرة المعارضة السورية على شنّ هجمات ذات فعالية وتأثير عالٍ، من خلال حصارها وقطع طرق الإمداد الرئيسة عنها، وفق تقرير تحليلي صادر عن مركز “جسور للدراسات” في عام 2021 بعنوان “حصاد ست سنوات من التدخل في سوريا”.
وحشدت روسيا قواتها، إلى جانب قوات النظام المتمثلة بـ”الفيلق الخامس”، وميليشيا “لواء القدس” الفلسطيني، كما صعّدت من قصفها الجوي وعملياتها العسكرية البرية ضد خلايا “التنظيم”، وآخرها في البادية السورية.
ففي أواخر آب من عام 2020، أطلقت روسيا عملية “الصحراء البيضاء”، لملاحقة خلايا التنظيم الموجودة في منطقة البادية الممتدة بين مدينة البوكمال على الحدود السورية- العراقية ومدينة الميادين جنوب شرقي دير الزور والسخنة شرقي حمص.
وبحسب ورقة بحثية لمركز “جسور للدراسات”، شارك في الحملة العسكرية “الفيلق الخامس” و”لواء القدس” الفلسطيني، بقيادة مباشرة من ضباط الجيش الروسي، كما شاركت فيها مجموعتان من تشكيلات القوات الروسية، واحدة تتبع للقوات الخاصة الروسية بقوام 75 مقاتلًا، وأخرى تتبع لقوات “فاغنر” الرديفة بقوام 120 مقاتلًا.
وأُطلقت العملية بعد اغتيال التنظيم الجنرال الروسي فيتشلاف غلادكيخن، في 18 من آب 2020، ومهاجمة مرآب الآليات التابع للقوات الروسية في البادية.
موسكو “قلقة”
في 21 من كانون الأول 2021، عبّر مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، عن قلق الروس من زيادة نشاط ما وصفها بـ”التنظيمات الإرهابية في سوريا”، ومنها تنظيم “الدولة الإسلامية”، كما أعرب عن القلق من زيادة نشاط التنظيم، و”الأعمال الاستفزازية” التي ينفذها ضد قوات النظام السوري.
وأشار خلال مؤتمر صحفي في ختام الجولة السابعة لمحادثات “أستانة”، في 22 من كانون الثاني 2021، إلى تصاعد نشاط التنظيم قائلًا، “مع تقييمنا الإيجابي عمومًا لتطور الأوضاع في سوريا من حيث مدى استقرارها، لفتنا الانتباه إلى حقيقة أن الفترة الأخيرة شهدت تصاعدًا لنشاط خلايا نائمة تابعة لتنظيم (داعش) بالدرجة الأولى”.
وتابع، “في الأشهر الماضية تزايد هذا النشاط إلى نطاق لا يمكن قبوله، إذ تعرّض ممثلو الهيئات الأمنية والسلطات الشرعية، وكذلك المسلحون السابقون الذين تمت تسوية أوضاعهم، لعمليات إرهابية على أساس يومي تقريبًا”.
ورغم الاعتراف الروسي بازدياد نشاط التنظيم وخلاياه، التي تستهدف بشكل مستمر عناصر النظام السوري وقواته الرديفة، فإن روسيا ما زالت مستمرة بالترويج لقتاله، رغم عدم وجود نتائج مُرضية على الأرض.
وتحدث نائب وزير الخارجية الروسي، أوليغ سيرومولوتوف، لوكالة “سبوتنيك“، في 29 من كانون الأول 2021، عن أن التعاون بين القوات الروسية وقوات النظام خلال عام، عزّز النجاح في مواجهة تنظيم “الدولة”.
وقال، “ننظر بإيجابية إلى حقيقة أن القوات المسلحة الروسية في عام 2021، وبالتعاون الوثيق مع القوات المسلحة للجمهورية العربية السورية، واصلت تعزيز نجاحاتها في مواجهة أنشطة تنظيم (الدولة الإسلامية) على أراضي هذا البلد، نتيجة لذلك، تم إضعاف إمكانات هذا التنظيم بشكل كبير، وتم القضاء على قوته ووسائله المهمة، وتم تدمير الهيكل التنظيمي وتقليل الموارد”.
ويعتبر هذا الاستثمار الروسي لقتال التنظيم في سوريا، محاولة لإظهار موسكو قدرتها على أن تكون شريكًا موثوقًا في الحرب ضد الإرهاب، وتقديم نموذج مشجع لمواجهة التهديدات القادمة من التنظيمات الجهادية مثل تنظيم “الدولة”، مقابل نموذج التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لقتال التنظيم، بحسب ما ذكره مركز “جسور للدراسات” في قراءة تحليلية حول أبرز محطات تدخل روسيا في سوريا خلال ست سنوات.
ورغم اعتبار موسكو أن تدخلها في سوريا يهدف إلى القضاء على الإرهاب، فإنها هاجمت باستمرار الحملة التي شنّها التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد التنظيم، فرغم موافقتها على قرار مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة رقم “2170” حول مكافحة الإرهاب، تعتبر أن الجهود الدولية المبذولة تنتهك سيادة سوريا، إذ تشكّك في أهداف التحالف الدولي وشرعية الضربات التي يوجّهها ضد التنظيم في سوريا.
فشل روسي في البادية
يعاني التنظيم من صعوبة الوصول إلى المواد الأولية التي يمكن استخدامها لتنفيذ عملياته على الساحة السورية، ما دفعه لاعتماد العبوات الناسفة والعمليات المتفرقة، وفق ما جاء في قراءة تحليلية لنشاط التنظيم في سوريا والعراق خلال عام 2021، صادرة عن مركز “جسور للدراسات”، بالتعاون مع منصة “إنفورماجين” لتحليل البيانات، في 13 من كانون الثاني الحالي.
وفي سوريا، كانت النسبة الكبرى من التفجيرات تستهدف القوات الحكومية والميليشيات الموالية لها، خصوصًا على خطوط الإمداد بين العاصمة والخطوط المتقدمة في البادية السورية، حيث استهدفت معظم هذه التفجيرات حافلات نقل العسكريين والمقاتلين ضمن الميليشيات الموالية للنظام السوري.
وأطلقت روسيا وإيران، عبر ميليشياتها أو التشكيلات العسكرية النظامية، عدة عمليات ضد خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” المنتشرة في البادية السورية، منذ إخراجه من بلدة الباغوز آخر معاقله على الأراضي السورية، في 23 من آذار 2019.
ونشرت وكالات روسية عدّة عمليات ضد خلايا التنظيم عام 2021، والتكتيكات التي تتبعها، إذ تعتمد روسيا في عملياتها العسكرية الأخيرة ضد التنظيم، على الاستطلاع ثم توجيه ضربات جوية، مع تقدم القوات البرية للتمشيط.
ووصلت الغارات الجوية من قبل الطيران الحربي الروسي إلى 100 غارة في يوم واحد ضمن حملة “الصحراء البيضاء”، إضافة إلى تدمير مخابئ يتخذها التنظيم مخازن للأسلحة والعتاد والغذاء.
وفي أيلول 2021، نشر المراسل الحربي الروسي الذي يرافق القوات الروسية في سوريا أوليغ بلوخين، تسجيلًا مصوّرًا يظهر تنفيذ القوات الجوية الروسية ضربات على قواعد لقادة التنظيم في البادية، وذلك ردًا على اعتداءات طالت قوافل ودوريات عسكرية في البادية السورية.
موقع “topwar” الروسي ذكر، في حزيران 2021، أن القوات الجوية الروسية- السورية شنّت ضربات على مواقع للتنظيم شرقي حماة، دمرت أقسام الاتصالات لدى التنظيم ومخزنًا للأسلحة والذخيرة، إلا أن الموقع نفسه يرى تقدم قوات النظام والميليشيات الرديفة فشلًا في المنطقة، بسبب مهاجمة عناصر التنظيم حينها رتلًا لقوات النظام بالقرب من منطقة أثريا شرقي حماة، ما أدى إلى تدمير سيارة ومقتل جندي وإصابة أربعة آخرين.
ويظهر الفشل الواضح للعمليات التي تشنّها روسيا في البادية عبر استهدافات التنظيم المستمرة لعناصر قوات النظام والروس.
ويوضح التحليل المنشور لمركز “جسور للدراسات” ومنصة “إنفورماجين”، أن من المبكر القول إن تنظيم “الدولة الإسلامية” فقد قدرته على تنفيذ العمليات المختلفة، فمن الواضح استمرار قدرته على التحرك وتنفيذ مختلف أنواع العمليات، خاصة في المناطق المفتوحة كالبادية السورية، أو طرق الإمداد والتموين العسكري.
مقاتلو تنظيم “الدولة الإسلامية” في عرض عسكري في شوارع شمالي الرقة في سوريا ، 30 حزيران 2014(رويترز)
أرض غير سهلة للصراع
يؤكد رئيس وحدة المعلومات في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، الباحث نوار شعبان، في حديث إلى عنب بلدي، صعوبة العمليات العسكرية بأنواعها في البادية السورية، باعتبار أن ضبط البادية يتطلّب تكلفة لوجستية وعسكرية عالية، جراء طبيعتها الجغرافية، ما يعزز صعوبة السيطرة على المنطقة.
ويرى شعبان أن العمليات الروسية في البادية منذ عام 2017، بقيت محصورة في مناطق معيّنة ضمن البادية، فمرّة جنوب الرقة، وأخرى شمال شرقي حمص، أو ريف دير الزور.
وحين يشنّ الجانب الروسي عملًا عسكريًا، فإنه يستهدف بغاراته منطقة معيّنة، وفي حال وجود خلايا للتنظيم في المنطقة المُستهدفة، فمن السهل هروبها إلى منطقة أُخرى لا تطالها الغارات.
ويتفق مدير منصة “إنفورماجين” لتحليل البيانات، عبادة أحمد العبد الله، الذي أشرف على تحليل نُشر مؤخرًا حول نشاط التنظيم في سوريا والعراق لعام 2021، مع الباحث نوار شعبان، بعدم نجاح العمليات العسكرية الروسية في البادية، إذ قال لعنب بلدي، إن الفشل أو عدم نجاعة العمليات المشتركة بين روسيا والنظام السوري، يعود لأسباب أهمها عدم قدرة قوات النظام على تغطية مساحات شاسعة ضمن مناطق مفتوحة في البادية السورية، رغم الدعم الاستخباراتي والتغطية الجوية التي يوفرها الطيران الروسي أحيانًا للقوات على الأرض.
كما أن تكتيك القتال والتحرك الذي يتبعه التنظيم، يتوافق مع التطورات والتغيرات المختلفة لدى الأطراف المضادة، حسب العبد الله.
ويستغل التنظيم تنازع السيطرة وغياب التنسيق الفعلي بين مختلف الأطراف ضمن مسرح وجوده الجغرافي، إذ يمثّل غياب التنسيق والتفاهم بين القوات الروسية والإيرانية و”قسد” والتحالف الدولي، إلى جانب قوات النظام، هامشًا من الحركة وتوزيع الثقل بين مختلف مناطق سيطرة ونفوذ هذه الأطراف المختلفة.
ويستبعد العبد الله إحراز العمليات المشتركة بين القوات الروسية وقوات النظام السوري نتائج إيجابية بالنسبة إليهم، بالنظر إلى الأرقام والبيانات، فالتنظيم قادر بشكل مؤثر على استهداف قوات النظام السوري والقوات الموالية لها، وتكبيدها خسائر ملحوظة.
وارتفع عدد قتلى قوات النظام السوري من 18.8% إلى 21.2% بالمقارنة بأعداد القتلى بين عامي 2020 و2021، إضافة إلى ذلك، لا يمكن القول بوجود انخفاض في عدد العمليات التي ينفذها التنظيم ضد قوات النظام، خلال نفس العامين.
وكنتيجة لهذه الإحصائيات، فالعمليات المشتركة بين النظام السوري والقوات الروسية لم تفلح في إحراز نتيجة إيجابية، ولا يمكن الجزم بأن العمليات العسكرية المختلفة بين الأطراف ستضع حدًا للتنظيم، أو ستسهم في إنهائه، وفق ما يراه العبد الله، الذي استبعد في حديثه إلى عنب بلدي، العمل المشترك بين الأطراف الفاعلة في المنطقة ضد التنظيم، بسبب الخلافات الجوهرية بينهم.
الجهود العسكرية لا تفي بالغرض
إلى جانب العمليات الروسية والإيرانية، وعمليات التحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، خاضت “قسد” عملياتها الأمنية ضد التنظيم، بإيقاع منفرد من جهة، وبشكل مشترك مع قوات التحالف من جهة أخرى.
وقادت “قسد” مؤخرًا عملية أمنية منفردة ومشتركة ضد التنظيم، وفكّكت 93 “خلية إرهابية”، كما كشفت 16 “مخططًا إرهابيًا خطيرًا”، وفق ما جاء في بيان صادر عن “قسد”، في 3 من كانون الثاني الحالي، يتناول عملياتها ضد التنظيم خلال عام 2021.
وبحسب البيان، شنّت “قسد” حملة تمشيط إلى جانب “قوى الأمن الداخلي”، في آذار 2021، لتعقّب “الخلايا الإرهابية” في “مخيم الهول”، واعتقلت “العشرات من العناصر، وأحبطت الكثير من العمليات المحتملة في المخيم”.
كما اعتقلت 802 من الأفراد التابعين لخلايا التنظيم، وأشخاصًا مشتبهًا بهم، وآخرين متهمين بتقديم المساعدة لمقاتليه عام 2021.
وبلغ عدد قتلى خلايا التنظيم خلال عمليات “قسد” الأمنية ثمانية قتلى، إلى جانب 47 عملية أجهضتها القوات الأمنية “في مراحلها الأخيرة”، وفق البيان نفسه.
وفكّكت “قسد” 87 عبوة ناسفة وجسمًا متفجرًا، وأحبطت 16 محاولة للهجوم على سجن الحسكة الذي تديره “قسد” نفسها.
بيان “قسد” لفت أيضًا إلى محاولات قادة التنظيم وعناصره إعادة تنظيم صفوفهم، والاستفادة من الظروف الأمنية التي طرأت نتيجة انشغال “قسد” بصد هجمات “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا، والتي ترى “قسد” أنها جاءت بشكل متزامن.
وتتعرض مواقع “قسد” لهجمات مستمرة حتى اليوم من قبل التنظيم، لكنها مختلفة الشدة، وترتفع وتيرتها كل فترة.
ورغم إعلان مختلف اللاعبين العسكريين عن عمليات عسكرية وحملات أمنية ضد “التنظيم”، فإن الواقع يثبت ضآلة فاعليتها في الوقت الذي يواصل فيه التنظيم هجماته، دون القدرة على محاصرته، أو تطويق تأثيره، كونه يستفيد من جغرافيا البادية التي يتوارى بها، والتي لا تشكّل أرض معركة، مقدار ما تشكّل متاهة للصدامات العسكرية.
الباحث نوار شعبان، وحول الحديث عن جدوى تلك العمليات وإعادة تدويرها تحت أسماء جديدة، يؤكد أن مجرد الحديث عن عملية عسكرية جديدة، يعني أن العمليات العسكرية السابقة لم تحقق المطلوب منها.
ولم تنجح “قسد” في عملياتها ضد التنظيم، إذ لا تزال بعض مناطق دير الزور والرقة بيئة مضطربة بين “قسد” والسكان المحليين، وهو ما يستغله التنظيم.
وحول مستقبل التنظيم وإمكانية القضاء عليه بالمعنى العسكري والأمني، يوضح شعبان أن القضاء على التنظيم كجسم عابر للحدود ذي أهداف ومناطق سيطرة جرى بالفعل، لكنه يستبعد في الوقت نفسه القضاء على تنظيم “الدولة” بصيغته الحالية، رغم شنّ عمليات متكررة من مختلف الأطراف.
ويشير الباحث إلى أن التنظيم وإن تراجعت فرصه بإطلاق سيادة أو سلطة على منطقة ما، لكنه يحمل الجانب المظلم من الدول الحقيقية، كممارسة الأعمال غير المشروعة من تهريب وغيرها.
ما موقف التحالف؟
تواصلت عنب بلدي مع التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”، لفهم آلية استراتيجية التحالف في التعامل مع تنظيم “الدولة الإٍسلامية”، ومستقبل العملية العسكرية ضد قواته، لكنها لم تحصل على رد حتى ساعة إعداد هذا الملف.
وتحدث بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئاسة حكومة إقليم كردستان العراق، قالت شبكة “رووداو” إنها تلقت نسخة منه، عن تأكيد نائب القائد العام لقوات التحالف في العراق وسوريا، كارل هاريس، خلال لقائه رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، مسرور بارزاني، في 18 من كانون الثاني الحالي، دعم قوات التحالف لقوات “البيشمركة” في مواجهة “إرهابيي داعش”.
ولفت هاريس إلى أن تنظيم “الدولة الإسلامية” لا يزال يشكّل تهديدًا حقيقيًا لأمن واستقرار العراق وسوريا.
كما شدد بارزاني، وفق ما نقلته “رووداو”، على ضرورة تعزيز آليات التواصل بين الجيش العراقي وقوات “البيشمركة” للقضاء على تهديد “إرهابيي داعش”، عبر تفعيل مراكز التنسيق الأمني المشتركة بين الجانبين في المناطق الكردية خارج إدارة الإقليم.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، أكدت تنفيذ غارات جوية أمريكية لدعم “قسد”، خلال تصديها لمحاولة هروب مقاتلي “الدولة الإسلامية” من سجن “غويران” في الحسكة.
وقال المتحدث باسم “البنتاغون”، جون كيربي، في مؤتمر صحفي، “قدمنا بعض الضربات الجوية لدعم (قوات سوريا الديمقراطية) في أثناء تعاملها مع هذا الهروب من السجن بالتحديد”.
مقاتلو تنظيم “الدولة الإسلامية” في عرض عسكري في شوارع شمالي الرقة في سوريا ، 30 حزيران 2014(AP)
اذا كنت تعتقد أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل تصحيحًا
عنب بلدي
—————————-
حي غويران في الحسكة المكتظ بالنازحين يُراد وصمه بالإرهاب
إسطنبول – تيم الحاج
الساعة السابعة من مساء يوم الخميس الواقع في 20 من كانون الثاني 2022، كانت موعداً كي يصبح به اسم حي غويران يذكر على ألسنة معظم وسائل الإعلام العالمية والعربية والمحلية، وقتذاك، هز الحي انفجارات ضخمة وساد الرصاص المكان. أحيت هذه الأجواء مجددا ذكرى المعارك الصاخبة التي شهدتها محافظة الحسكة خلال السنوات الماضية، وهكذا صار الوضع بالفعل على مدار أسبوع كامل بعد هذا التاريخ.
حي غويران.. من يسكنه وما جغرافيته بالنسبة للحسكة؟
يُعد حي غويران من أقدم أحياء مدينة الحسكة، وفيه أقدم جالية -إن صح التعبير- من أبناء محافظة دير الزور، سكنوا الحي قبل عشرات السنين وقد زاد عددهم بعد عمليات النزوح بسبب المعارك التي شهدتها محافظتا دير الزور والحسكة خلال السنوات الماضية.
يقع الحي بالجهة الجنوبية الشرقية من مدينة الحسكة يقطنه بالكامل سكان من المكون العربي السني، يضم عدة شوارع صغيرة مثل (جوهرة، الأسفنج، المقابر)، تسيطر عليه “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) منذ بداية عام 2017، والحي يقع بالقرب من مناطق نفوذ النظام السوري بمدينة الحسكة وتحديدا من جهته الشمالية عند ما تسمى “الحارة العسكرية”.
ويتموضع حي غويران على الطريق المؤدية إلى مدنية الشدادي، ومن أبرز معالمه الثانوية الصناعية التي حولتها “قسد” إلى سجن بات يعرف فيما بعد بسجن الصناعة.
كما يوجد فيه مركز للحبوب، ومع بداية العام 2000 اهتم النظام بالمنطقة بين حوش الباعر وحي غويران وسماها حي الزهور وأنشأ بها عدة معاهد فنية وكليات والمصرف التجاري.
“قسد” تستخدم شماعة الإرهاب لتبرير واقع فاشل
حبس الكثير من متابعي هجوم تنظيم “الدولة” على سجن الصناعة في حي غويران بمحافظة الحسكة أنفاسهم على مدار أيام طويلة، انتظاراً إلى ما ستؤول إليه الأمور هناك، فالسجن يضم نحو 3500 مقاتل من التنظيم تحتجزهم “قسد”، وتعتبرهم الأخطر في العالم، وعلى الرغم من خطورتهم وفق تعبيرها، فإنها كانت تضعهم في منتصف حي غويران المكتظ بالسكان، ما فتح الباب سابقا أمام التساؤلات عن الغاية من ذلك.
وبعد نحو 10 أيام متواصلة من القتال، داخل السجن وفي أطراف حي غويران وفي شارع الستين، تعلن “قسد” أمس الإثنين في 31 من كانون الثاني، نتائج ماحصل، مشيرة إلى مقتل أكثر من 100 من مقاتليها، على يد التنظيم، لكنها قالت أيضا إنها قتلت أكثر من 300 عنصر من التنظيم.
كما انتشرت لـ “قسد” صور وهي تجر قسما من هذه الجثث بشاحنة مكشوفة في شوارع حي غويران ما وجده البعض انتهاكا للقانون الدولي
لكن أكثر ما كان لافتا في بيان “قسد” هو حديثها عن وجود أنفاق حُفرت
داخل بعض المنازل في أحياء غويران والزهور لتقديم الدعم للهجوم، وتتماشى هذه الرواية بشكل أو بآخر مع السردية التي ساقتها قناة “العربية” على وجه الخصوص وبعض الإعلاميين المقربين من “قسد” والتي تقول إن التنظيم كان متحصنا في الحي قبل الهجوم وإن سكانه يشكلون حاضنة لخلايا التنظيم.
هذا الاتهام الذي يأتي مع معلومات متواترة عن هدم وتجريف عشرات المنازل في حي غويران، وفق ما نقلته شبكات محلية بينها شبكة “الخابور”.
وكانت صور أيضا انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر ما وصفها مراقبون بإساءة عناصر “قسد” لسكان حي غويران بحجة البحث عن خلايا تنظيم “الدولة”، الصور أظهرت تجميع سكان الحي الذكور من كبار السن والأطفال والشباب في إحدى حدائق الحي،
ووفق مصادر مطلعة على ما جرى في سجن الصناعة وما تبعه وسيتبعه من أحداث، فإن هناك حالة من الصراع الداخلي تجري حاليا بين قيادات من “وحدات حماية الشعب” و”قسد” إذ يتقاذف هؤلاء المسؤولية وراء ما جرى، وقد رشحت معلومات من هذه الخلافات تشير إلى وجود تعاون على الأقل بين عناصر من حراسة السجن قاموا بإدخال قسم من عناصر التنظيم بسيارة الإطعام عندما اقتحموا السجن عقب التفجيرات التي جرت في الحي.
ووفق المصادر ذاتها فإن هذه المشكلات بين الطرفين باتت تنعكس على طريقة تعامل “قسد” مع أهالي غويران أو حتى مع ما تبقى من خلايا للتنظيم في الحي، حيث تحاول “قسد” الهروب للأمام بعد فشلها في ملف سجن “الصناعة”.
سجن الصناعة: تموضعه سهّل الدخول إليه
ما تزال حتى ساعة إعداد هذا التقرير الاشتباكات المتقطعة تجري في بعض من مناطق حي غويران، وتعكس بيانات التنظيم التي باتت تنشر تباعا أن هناك حربا ستطول بينه وبين “قسد” في هذه المنطقة من الحسكة، وقد تطور الأمر عند التنظيم إلى تبنيه استهداف جنود من الجيش الأميركي، هذا الأخير الذي أكد، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي، في أحدث تصريحاته أن التهديد الصادر عن تنظيم “الدولة” ما زال قائماً في سوريا والعراق، كما أكد ذلك مستشار الأمن الوطني الأميركي، جاك سوليفان، وقال في بيان
إن التنظيم لا يزال يشكل تهديدا عالميا.
أما بالنسبة لسجن الصناعة فهو يوجد جنوب شرقي حي غويران على طريق الشدادي، ويطل السجن على منطقة الجسر الجنوبي (منطقة غير مؤهولة) ومفتوحة على البادية السورية وتصل إلى منطقة الهول التي تضم مخيم “الهول” ومنها إلى الحدود العراقية- السورية.
وبالحديث عن الحدود لا بد من الإشارة إلى ما أفاد به أحد سكان الحي لموقع تلفزيون سوريا مساء اليوم الذي شهد الهجوم على السجن، إذ قال إن نحو 100 عنصر من التنظيم انتشروا في الحي مع بدء التفجيرات التي استهدفت السجن، مشيرا إلى أنه تحدث مع أحد العناصر وأخبره أنهم دخلوا من العراق عن طريق البادية، وأضاف المصدر أن عناصر التنظيم قاموا على عجل بتفتيش معظم منازل حي غويران القريبة من السجن، مع بدء الأهالي بالنزوح، كما أعدم التنظيم أحد سكان الحي بحجة أنه يعمل مع “قسد”.
وبالعودة إلى سردية “غويران حاضنة للتنظيم”، تحدث موقع تلفزيون سوريا مع عدة مصادر من سكان الحي، وقاطعنا ما تنشره وسائل إعلام مقربة من “قسد” مع حديث المصادر، حول علاقة سكان الحي بالهجوم الذي نفذه تنظيم “الدولة” على سجن الصناعة.
ووفق معلومات المصادر فإن السردية التي ساقتها قناة “العربية” على وجه الخصوص والتي تقول فيها إن التنظيم كان متحصناً في الحي قبل الهجوم وإن سكانه يشكلون حاضنة لخلايا التنظيم هي سردية غير صحيحة، لسبب وحيد وفق من تحدث لموقع تلفزيون سوريا، وهو أن هناك عيونا لـ “قسد” في كل منطقة تسيطر عليها شمال شرقي سوريا ومن بينها حي غويران ولو كانت الرواية هذه صحيحة لكانت “قسد” على دراية مسبقة بترتيبات التنظيم وتجهيزاته وأنفاقه، وبذلك تكون مشتركة بالهدف مع التنظيم مما حصل.
حي غويران.. تاريخ ثوري يرفض صبغة الإرهاب
يدافع ناشطون من محافظة الحسكة ضد الحملة التي يتم تسويقها عن أن الحي حاضنة للإرهاب، رافضين تلك الروايات ويقف في هذه الحملة ناشطون أكراد وعرب بينهم نائب رئيس رابطة المستقلين الكرد السوريين رديف مصطفى، والباحث في التاريخ الاجتماعي والسياسي السوري، والمهتم بالشأن الكردي مهند الكاطع.
كما صدر بيان إدانه عن “الهيئة السياسيّة لمحافظة الحسكة” حول مانشرته قناة “العربيّة” بحق سكان حيّي غويران والزهور.
ويرى الكاطع أن حي غويران من الأحياء الثورية بامتياز وأن النظام السوري وتنظيم “الدولة” فشلوا في اقتحامه، وأنه لم يرفع إلا أعلام الثورة، وأنه قدّم ولا يزال التضحيات، وتساءل “لماذ الآن يتم دعشنته”، متهما “قسد” بتجريف منازل مدنيين من الحي.
وكتب في حسابه على فيس بوك “سبق أن قامت هذه الميليشيات منذ عام 2014 بعمليات تجريف مشابهة لمنازل عوائل تم اتهام أحد أفرادها بالانتماء للجيش الحر أو المعارضة أو الجماعات المسلحة أو الإرهاب، حدث ذلك في رأس العين وفي قرية الاغيبش وفي ناحية تل براك وفي قرية الحسينية في ريف تل حميس وفي قرى من ناحية جزعة وفي قرية لزاقة وقرى أخرى في ناحية القحطانية”.
ووفق إحدى النازحات من الحي والتي عادت إليه أمس بعد أن سمحت “قسد” بذلك فإن عمليات سرقة واسعة جرت في الحي من قبل عناصر “قسد” أثناء عمليات التمشيط التي تقوم بها، وأكدت لموقع تلفزيون سوريا أن أجزاء واسعة من الحي دمرتها المعارك التي جرت فيه خلال الأسبوع الماضي.
ولفتت النازحة التي فضلت عدم ذكر اسمها إلى وجود تخوف من المرحلة القادمة، لجهة السياسة التي ستتبعها “قسد” مع قاطني الحي في حال سمحت لهم بالعودة، مشيرة إلى احتمالية فرض سياسة الكفيل التي تنتهجها “قسد” شمال شرقي سوريا، ما سيشكل عائقا أمام آلاف النازحين من محافظة دير الزور القاطنين منذ سنوات في الحي.
تلفزيون سوريا
————————–
الرابحون والخاسرون في “غزوة” غويران/ عدنان علي
شن تنظيم الدولة “داعش” في الثلث الأخير من الشهر الأول هذا العام، هجوما هو الأوسع منذ إعلان القضاء عليه قبل سنوات، استهدف سجن “الصناعة” في حي غويران بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، وهو ما يرشح التنظيم لمواصلة لعب دوره الوظيفي في خدمة أجندات مختلف الجهات والأطراف المحلية والإقليمية والدولية، والتي دأبت على محاولة استثمار وجوده، ومحاولة توجيهه، لتحقيق مصالحها، أو تعطيل مصالح خصومها.
وبعيدا عن أعداد من سقطوا قتلى وجرحى ومن فر ومن اعتقل، وبعيدا عن الأخبار الساخنة التي ضجت بها وسائل الإعلام على امتداد العالم كله، ومن نزحوا من بيوتهم وناموا في العراء أو في صالات الأفراح والمساجد، ومن تهدمت منازلهم على رؤوسهم، حيث هذا ليس في حسابات الأطراف المتصارعة ويدخل في باب الأضرار الهامشية، فهناك ولا شك أهداف أخرى متضاربة، لكل طرف في هذه المعادلة المعقدة والمركبة.
وإذا حاولنا تسليط الضوء على مكتسبات اللاعبين المحليين نجد أن “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والقوى الأمنية التابعة لها، حققت بعض المكاسب لجهة التمديد لدورها ووظيفتها المفترضة في تلك المنطقة في محاربة تنظيم داعش، حيث عامل الوقت مهم جدا في الصراعات الطويلة الأمد، فبعد الاستقرار النسبي والتقسيم الجغرافي للقوى المسيطرة على المساحة الجغرافية السورية بين أربع قوى رئيسية، وهي النظام مع داعميه الدوليين، ومناطق سيطرة قسد، ومناطق سيطرة الجيش الوطني السوري، ومناطق سيطرة هيئة تحرير الشام، ثمة صعوبة في إحداث أي تغيير عسكري جديد بهدف توسع طرف على حساب أي طرف آخر، وهو ما عبر عنه أكثر من مسؤول دولي مؤخرا، بقولهم إن هناك توافقا روسيا- أميركيا على أن زمن المعارك الكبيرة، وتغيير مناطق السيطرة، قد ولى، وستظل خريطة السيطرة الحالية على حالها إلى حين التوصل إلى حل سياسي. وهذا الاستقرار يفرض على الأرض استحقاقات، مثل إدارة هذه المناطق وإدارة الشؤون المدنية وتقديم الخدمات، وهو ما أخفقت فيه قسد، على غرار الأطراف الأخرى، الأمر الذي أثار ضدها احتجاجات شعبية، بمشاركة كل الشرائح المحلية، بمن فيهم المواطنون الكرد، وهذه التطورات الأخيرة ستمكنها من إعادة إحكام قبضتها الأمنية على المنطقة، والاستمرار بسياسة التجنيد الإلزامي، بحجة محاربة داعش.
كما حظيت “قسد” بتجديد الدعم لها من جانب المجتمع الدولي، وقوات التحالف بوصفها رأس حربة في محاربة التنظيم، مع تأكيد واشنطن على بقاء قواتها في المنطقة، وربما بزخم أكبر بعد تكهنات بقرب انسحابها. كما شكلت هذه التطورات رسالة للنظام السوري الذي أدرك مدى قوة دعم التحالف لقسد وأن أي محاولة من جانبه للتعرض لها سوف تعني الاحتكاك المباشر مع قوات التحالف. وكذلك الأمر بالنسبة لفصائل الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، بل وتركيا نفسها.
أضف إلى ذلك، وانطلاقا من مقولة “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة” ستتمكن “قسد” من فرض شروطها على الأصوات الكردية المعارضة، وخاصة “المجلس الوطني الكردي” الذي يطالبها بالشراكة الكاملة في إدارة شؤون تلك المنطقة.
من جهته، حاول نظام الأسد اللعب على هامش التطورات ونتائجها، وتقديم صورة عن نفسه وقوته في مسائل الحسم العسكري والتعامل مع مسائل مشابهة وإظهار عجز قسد وداعميها في الحفاظ على الأمن والاستقرار، بل وطلبت بعض وسائل إعلامه بتسليم سجناء داعش للنظام الأقدر على التعامل معهم، وفق تلك الوسائل. كما سعى النظام على مدار أيام الاشتباكات إلى إظهار اهتمامه بالنازحين والمدنيين، لكنه أخفق في ذلك بسبب الفساد المستشري في مؤسساته، حيث لم يتمكن من الاستمرار في تقديم نفسه كحامٍ للنازحين، فقام عبر المحافظ ومسؤوليه الآخرين بطرد النازحين واتهمهم بتعريض المدنيين للخطر وسرقة المعونات.
أما الحليف الروسي، فقد حاول الاستفادة بشكل أكبر ونقل المسألة إلى أروقة مجلس الأمن واتهم الأميركيين بالتواطؤ مع داعش وسرقة موارد البلاد.
وبطبيعة الحال، كشفت هذه الأحداث عن العديد من عورات قسد، وأهمها الخرق الأمني الذي مكّن داعش من الوصول إلى قلب سجن يفترض أنه محصن ويضم أخطر المطلوبين في العالم. كما سلط الضوء على متاجرة قسد بقضية هؤلاء، وعدم القيام طوال الفترة الماضية بأية حلول أو إجراءات لتخفيف الازدحام في هذا السجن من خلال فرض أحكام على هؤلاء، وخاصة السوريين منهم، ومعالجة قضاياهم وفق القوانين السورية، وقوانين “الإدارة الذاتية” من أجل تقليل عدد المعتقلين لديها والتخلص من الاكتظاظ، إضافة إلى الكشف عن وجود مئات الأطفال (أشبال الخلافة) الذين يسجنون مع البالغين من عناصر داعش. كما أظهرت التطورات ارتباك قسد طوال فترة الاشتباكات، ما جعل بياناتها متضاربة وغير شفافة.
وبالنسبة لتنظيم داعش نفسه، فقد غامر بهذه الغزوة التي لا تبدو أنها محسوبة جيدا على أمل إطلاق سراح قادة كبار من التنظيم، وآخرين متمرسين في المعارك، على أمل أن يسهم ذلك في إعادة بعث التنظيم من جديد بزخم أكبر، ومن غير المعروف مدى نجاحه في تحقيق ذلك، حيث لا يعرف تحديدا عدد الذين تمكنوا من الفرار والوصول إلى مناطق آمنة، وعدد من قتلوا أو بقوا في السجن.
تلفزيون سوريا
—————————-
كيف عادت داعش لتضرب بهذه القوة في مدينة الحسكة ؟/ محمود الماضي
-احتفل التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا، بهزيمة داعش في آخر معاقلها، ببلدة الباغوز على الفرات، في منتصف عام 2019
وغدت فلولها عبارة عن عناصر متخفية، في عمق الصحراء بين بادية دير الزور، وتدمر .
فجأة يصدم العالم بظهور داعش بعد عامين من هزيمتها، لتضرب داخل مدينة الحسكة بهذه القوة، وتحرر ألاف السجناء، وتخوض معركة حامية الوطيس، على مدى عشرة أيام، وهذا ماجعل المراقبين، والمهتمين يضعون ألف إشارة استفهام، على هذا الحدث غير المتوقع، ويخلق حالة من الذعر، والخوف لدى سكان المنطقة، وقلق، وترقب من قبل الأوساط الدولية !
نعم تحدث اختراقات أمنية في كل دول العالم، حتى القوية، والمتقدمة منها، لكن عادة مايكون الاختراق الأمني باغتيال شخصيات، أو إدخال عبوة ناسفة، وماشابه ذلك.
أما اختراق أمني بهذا الحجم الكبير، وهذه الخطورة رغم كثافة الحواجز، والتواجد الأمريكي، وقوة المراقبة، والحراسة المشددة، فتدخل داعش بمئات العناصر، وتقوم بتحرير آلاف السجناء، من داخل سجن الصناعة، في حي غويران، بمدينة الحسكة، وتخوض معركة مع ميليشيات قسد، على مدى عشرة أيام داخل الأحياء السكنية، فهذا مالايمكن تصديقه سيما وأن الأخبار الواردة من مدينة الحسكة، تؤكد قيام ميليشيا قسد، بإغلاق جميع الشوارع المؤدية الى السجن، قبل يومين من العملية المزعومة، وأحد مسؤولي قسد (قائد عسكري)يصرح أن لديهم اخبار قبل ثلاثة أشهر، باحتمال وقوع عملية من داعش، وهذا دليل على وجود تواطؤ، وتنسيق من قبل حرس السجن، وقيادات في صفوف قسد!
كان هناك تعتيم إعلامي، من قبل قسد حول الأحداث، وتصريحات متناقضة كل يوم،خلال المعارك،
لكن الأسئلة المتداولة، كيف دخلت المئات من عناصر داعش، إلى داخل مدينة الحسكة، ولم تكتشف ؟ وكيف حصلت على السلاح ؟ ومن أين هذه الكميات الكبيرة، من الذخيرة التي قاتلت بها لعشرة أيام، ولم تنفذ ؟
كل ذلك يضع قسد في خانة الاتهام، ولايبرئ أمريكا .
فقدت قسد على إثرها العشرات من عناصرها (وجلهم من المرتزقة العرب )وهناك الكثير من المفقودين، كما تم تجريف العشرات من المنازل بعد طرد أهلها وأعلنت قيادت من قسد، أنها اضطرت للتفاوض مع داعش، بغية إطلاق سبعة عشر أسيرا، من عناصرها لدى داعش، مقابل إطلاق سراح 90 سجينا من داعش، وهناك أنباء تتحدث عن مئتي سجين، وأخرى أفادت بإطلاق 800 سجين من داعش.
وهذه الاتهامات لقسد، لم تات عبثا، أو جزافا، فبعد كل هذا الاستغراب من دخول داعش، واستحالة تحرير الآلاف من السجناء، وهذه المعركة التي خاضتها، ماكان لها أن تحصل، لولا وجود تواطؤ من قبل قسد، هناك حقيقة يدركها العالم جميعا، وهي أن بقاء القوات الأمريكية في سورية، مرتبط بوجود داعش، وبقاء قسد، واستمرارها مرتبط ببقاء القوات الأمريكية، والمتوقع من هذه العملية عدة أهداف : أولها إطلاق سراح المئات من سجناء داعش، لاستخدامهم في أماكن أخرى، وثانيها قتل، وتصفية بعض العناصر، لقاء صفقات كبيرة من بعض الدول، وثالثها وهو الأهم، إرسال رسالة مفادها أن داعش أعادت تنظيم صفوفها، وغدت تشكل خطرا كبيرا على المنطقة برمتها، وهذا يتطلب بقاء القوات الأمريكية في المنطقة، إن في سورية، وإن في العراق، ومن ثم زيادة الدعم الدولي لميليشيا قسد .
هذا كما استغلت داعش هذه الحادثة، لتقوم بالانتقام من جميع معارضي وجودها في المنطقة، واتهامهم بأنهم حاضنة لداعش، لاعتقالهم، والتنكيل بهم، بغية إخضاعهم، واستسلامهم، سيما وان حي غويران من أوائل الأحياء في الحسكة التي ثارت بوجه النظام واستعصى على النظام لولا أن استخدم النظام صنيعته قسد وذلك بقصد تهجير سكانه وجميعهم من العرب والقبائل العربية تحديدا وهذا ماحصل بالفعل للحيين العربيين، غويران، وحوش الباعر الزهور، اللذين تعرضها للتهجير، واعتقال المئات منهم، وهدم، وتجريف عشرات المنازل في الحيين المذكورين .
وهكذا تستمر فزاعة داعش، وذريعتها لتنفيذ سياسات، ومشاريع بعض الميليشيات، والقوى الدولية في المنطقة، والضحية هم عرب المنطقة، ومستقبلهم .
رئيس الهيئة السياسية في محافظة الحسكة
—————————–
“قسد” تشيع قتلاها والنظام يواصل التسوية في ريف دمشق ويقصف إدلب/ جلال بكور
شيّعت “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، اليوم الثلاثاء، عناصرها الذين قتلوا في هجوم “داعش” على سجن الصناعة في حي غويران بالحسكة، شمال شرقي سورية، وبينما تستمر حملة ملاحقة عناصر التنظيم، شهدت خطوط التماس مع مناطق النفوذ التركي قصفاً متبادلاً على غرار قصف شهدته خطوط التماس بين المعارضة والنظام شمال غربي البلاد.
وذكرت مصادر مطلعة، لـ”العربي الجديد”، أن “قسد” نقلت جثث 12 من مقاتليها إلى مدينة عين العرب بهدف تشييعهم، لافتة إلى أن هؤلاء من المقرر تشييعهم، اليوم الثلاثاء، في المدينة.
وأشارت المصادر إياها إلى أن هناك أكثر من 50 جثة مجهولة الهوية في المستشفى الوطني بمدينة الحسكة.
وكانت القيادة العامة لـ”قسد” قد أعلنت في بيان، أمس الإثنين، أن حصيلة الهجوم على سجن الصناعة بلغت 121 قتيلاً، منهم 40 مقاتلاً من عناصرها، و77 من العاملين في السجن جرت تصفيتهم من قبل عناصر “داعش”.
تقارير عربية
“قسد” تعلن هزيمة “داعش” في سجن الصناعة وتستمر بملاحقة عناصره
ولفتت إلى أن الهجوم أسفر عن مقتل أربعة مدنيين، وقالت أيضاً: “عدد قتلى عناصر تنظيم داعش الإرهابي 374”.
وأوضحت المصادر أيضاً أن هناك عشرات الجرحى من عناصر “قسد” وعناصر التنظيم ومدنيين لم تذكرهم قيادة القوات الكردية في حصيلتها المعلنة بالبيان. وتقول المصادر إن هناك تشكيكاً في حقيقة الأرقام التي نشرتها “قسد”، وأن العدد الأكبر من قتلاها هم من الحسكة والقامشلي.
في غضون ذلك، واصلت مليشيات “قسد” حملات الاعتقال في ريف دير الزور بحجة البحث عن عناصر تنظيم “داعش”، واعتقلت ثلاثة أشخاص في مداهمة منزل وسط بلدة الجزرات بريف دير الزور الشمالي الغربي.
وقالت شبكة الخابور المحلية إن “قسد” اعتقلت، أمس، 50 شخصاً خلال حملة مداهمات طاولت عدداً من القرى شرق الرقة.
وبحسب مصادر “العربي الجديد”، فقد شنت “قسد”، صباح اليوم، حملة تمشيط ومداهمات، اعتقلت خلالها مجموعة من الأشخاص في حي خشمان بمدينة الحسكة.
جرحى مدنيون
وفي شمال غربي البلاد، حصل قصف متبادل بين المعارضة وقوات النظام على محور الفوج 46 بريف حلب الغربي، تزامن أيضاً مع قصف متبادل على محور قرية الدار الكبيرة بريف إدلب الجنوبي، فيما قصفت قوات النظام بالمدفعية مناطق متفرقة في جبل الزاوية، جنوبي إدلب.
وذكر الناشط مصطفى المحمد، لـ”العربي الجديد”، أن القصف أدى لتدمير آلية لقوات النظام على محور الدار الكبيرة، فيما لم تسجل إصابات بشرية في مناطق المعارضة.
وأضاف الناشط أنه سجلت أربع إصابات بين المدنيين في المناطق الخاضعة لـ”هيئة تحرير الشام” بجبل الزاوية، جنوبي إدلب، حيث انفجر مقذوف من مخلفات قصف النظام بهم في محيط بلدة البارة.
وفي محور “عين عيسى” بريف الرقة الشمالي، قتل عنصران من “قسد” جراء قصف من “الجيش الوطني السوري” طاول منصة إطلاق صواريخ على جبهة الطريق الدولي، جنوب ناحية تل أبيض.
وقالت مصادر، لـ”العربي الجديد”، إن قصفاً متبادلاً سجل صباح اليوم، الثلاثاء، بين الجيش التركي و”قسد”، حيث قصفت الأخيرة أطراف مدينة إعزاز، شمالي حلب، بينما قصف الجيش التركي مواقع لها في محوري مرعناز ومطار منغ العسكري. ولم يسجل وقوع خسائر بشرية جراء القصف من الطرفين.
استمرار التسوية
على صعيد منفصل، واصل النظام عملية التسوية في بلدة زاكية بريف دمشق الجنوبي. وقالت وكالة أنباء النظام “سانا” إن “الجهات المختصة قامت، اليوم، بفتح المجال أمام أبناء قرى المقيليبة والطيبة وعين البيضة وعين السودا والزريقية وأركيس والقلعة والدير خبية للانضمام إلى عملية التسوية إلى جانب أبناء بلدة زاكية في المركز الذي فتحته ضمن البلدة”.
وتجري التسوية، وفق الوكالة، لـ”المطلوبين المدنيين والعسكريين الفارين من الخدمة والمتخلفين عنها من أبناء البلدة إضافة لأبناء القرى المحيطة، وذلك في إطار استكمال اتفاقات التسوية التي طرحتها الدولة”.
وباشرت لجان التسوية التابعة للنظام، أول من أمس الأحد، العمل في بلدة زاكية على إجراء “مصالحات” شبيهة بتلك التي جرت في عدة مناطق سورية مع المنشقين عن قوات النظام أو المطلوبين للخدمة الإلزامية والاحتياطية والمطلوبين للأجهزة الأمنية على خلفية موقفهم من الثورة.
وجاء ذلك بعد فتح مركز للتسوية أيضاً في بلدة ببيلا، جنوب دمشق، وعمد النظام إلى استخدام مآذن الجوامع من أجل توجيه نداء للسكان مطالباً الشبان بالقدوم لإجراء التسوية.
وبحسب مصادر “العربي الجديد”، فإن من يسلم نفسه من الشبان للنظام في مركز التسوية يتم منحه مهلة مدتها شهر كامل للالتحاق بالتجنيد الإجباري.
وكان رئيس النظام بشار الأسد قد أصدر، قبل أيام، مرسوم “عفو” عن الفارين والمتخلفين عن التجنيد، لكن سريان العفو مشروط بتسليم المعني نفسه سواء كان داخل سورية أم خارجها.
العربي الجديد
———————
“قسد”: منفذو هجوم الحسكة جاءوا من داخل العراق
قالت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في مؤتمر صحفي، الاثنين، بعيد استعادتها السيطرة على سجن غويران في الحسكة من “داعش”، إن مسلحي التنظيم الذين “شنوا الهجوم على منطقتنا قدموا من داخل العراق”.
وأضافت “قسد” أن الهجوم يظهر أن تنظيم “داعش” لا يزال “يشكل خطرا ليس على منطقتنا فحسب بل على العالم أجمع”.
وتابعت أن “ما حدث في سجن الصناعة يدل على مساعدة دول إقليمية لتنظيم “داعش”، متهمة تركيا “بالمسؤولية عما تعرضت له المنطقة من هجمات إرهابية”.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية أعلنت، الأربعاء الماضي، أنها استعادت السيطرة على السجن إثر معارك عنيفة استمرت ستة أيام، لكن اشتباكات متقطعة دارت لاحقا بين عناصرها ومسلحي التنظيم داخل السجن.
وشكل هذا الهجوم “أكبر وأعنف” عملية لتنظيم “داعش” منذ أن سقطت قبل نحو ثلاث سنوات “دولة الخلافة” التي أقامها، وفقدانه مساحات واسعة كان يسيطر عليها في سوريا.
ويوم الأحد، أعلنت القوات انتهاء عمليات التمشيط في محيط السجن “وإنهاء الجيوب الأخيرة التي كان مرتزقة داعش يتحصّنون فيها في المهاجع الشمالية”.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، في بيان إنه “بفضل شجاعة وعزم عناصر قوات سوريا الديمقراطية الذين ضحى كثير منهم بأرواحهم، فشل تنظيم “داعش” في جهوده لتنفيذ عملية هروب كبيرة من السجن لإعادة تشكيل صفوفه”.
الحرة – واشنطن
———————–
سجن غويران.. واشنطن: على الدول استعادة رعاياها الدواعش
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنه “تم القبض أو قتل كبار قادة داعش أثناء محاولة تحرير أعضاء التنظيم المحتجزين في سجن غويران بمدينة الحسكة السورية”.
وقال المتحدث باسم الخارجية نيد برايس في بيان الاثنين إن “الولايات المتحدة تعتبر تكتيكات داعش البائسة والعنيفة تذكيراً خطيراً للعالم بأن المجموعة الإرهابية لا تزال تمثل تهديداً لنا ولا بد من دحره”.
كما شدد برايس على أنه يجب إعادة عناصر “داعش” المعتقلين في شمال شرقي سوريا إلى دولهم على وجه السرعة.
انتهاء المعارك
يشار إلى أنه بعد عودة الهدوء إلى مدينة الحسكة التي شهد حي غويران فيها اشتباكات عنيفة امتدت لأيام مع عناصر “داعش”، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية في وقت سابق الاثنين رسمياً انتهاء المعارك.
وأوضحت في مؤتمر صحافي عقد في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، بحسب ما أفاد مراسل “العربية/الحدث”، أن هجوم “داعش” على سجن غويران أو الصناعة شارك فيه مقاتلون من العراق ومناطق سيطرة تركيا.
من خارج الحدود
كما أكدت قوات سوريا الديمقراطية أن الهجوم الداعشي على سجن الحسكة خطط له من خارج الحدود.
إلى ذلك، أشارت إلى أن التنظيم الإرهابي كان يريد إعادة إطلاق مشروعه من الحسكة في سوريا.
وشددت على ضرورة إيجاد حلول لمشكلة عائلات داعش وتشكيل محكمة دولية لمحاسبة عناصر التنظيم.
121 قتيلاً
أما في ما يتعلق بعدد القتلى الذين سقطوا خلال الاشتباكات، فلفتت إلى وقوع 121 قتيلاً من قواتها وحراس السجن، فضلاً عن مدنيين من المدينة.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أفاد الأحد بأن عدد القتلى خلال تلك المعارك بلغ نحو 330، بينهم أكثر من 200 من صفوف التنظيم الذي هاجم السجن في 20 يناير محاولاً تحرير المئات من عناصره المتواجدين وراء القضبان منذ سنوات.
—————————-
قسد تؤكد: هجوم داعش على سجن الحسكة خطط له من الخارج
بعد عودة الهدوء إلى مدينة الحسكة التي شهد حي غويران فيها اشتباكات عنيفة امتدت لأيام مع عناصر داعش، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية اليوم الاثنين رسميا انتهاء المعارك.
وأوضحت في مؤتمر صحفي عقد اليوم في مدينة الحسكة شمال شرق سوريا، بحسب ما أفاد مراسل العربية/الحدث، أن هجوم داعش على سجن غويران أو الصناعة شارك فيه مقاتلون من العراق ومناطق سيطرة تركيا.
كما أكدت أن الهجوم الداعشي على سجن الحسكة خطط له من خارج الحدود.
إلى ذلك، أشارت إلى أن التنظيم الإرهابي كان يريد إعادة إطلاق مشروعه من الحسكة في سوريا.
وشددت على ضرورة إيجاد حلول لمشكلة عائلات داعش وتشكيل محكمة دولية لمحاسبة عناصر التنظيم.
أما في ما يتعلق بعدد القتلى الذين سقطوا خلال الاشتباكات، فلفتت إلى وقوع 121 قتيلا من قواتها وحراس السجن، فضلا عن مدنيين من المدينة.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أفاد أمس بأن عدد القتلى خلال تلك المعارك بلغ نحو 330، بينهم أكثر من 200 من صفوف التنظيم الذي هاجم السجن في 20 يناير الجاري محاولا تحرير المئات من عناصره المتواجدين وراء القضبان منذ سنوات.
“أكبر وأعنف” عمليّة لداعش
يذكر أن قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من أميركا، وذات الغالبية الكردية كانت أعلنت في وقت سابق اليوم الانتهاء من تمشيط محيط السجن، وعودة الهدوء.
وشكّل هذا الهجوم “أكبر وأعنف” عمليّة لداعش منذ أن سقطت قبل نحو ثلاث سنوات دولة الخلافة، التي أقامها وفقدانه مساحات واسعة كان يُسيطر عليها في سوريا.
فيما دفعت الاشتباكات التي امتدت لأيام، نحو 45 ألف شخص إلى الفرار من منازلهم في مدينة الحسكة، بحسب ما أكدت الأمم المتحدة، حيث لجأ عدد كبير منهم إلى منازل أقربائهم، بينما وجد المئات ملجأ لهم في مساجد وصالات أفراح في المدينة.
————————
داعش يطل برأسه من جديد.. عمليات في سوريا والجزائر وليبيا وما خفي قد يكون أسوأ
عربي بوست
شهدت الأسابيع القليلة الماضية هجمات لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في سوريا والعراق وليبيا والجزائر ودول أخرى، مما يثير تساؤلات بشأن احتمالات عودة التنظيم لتهديد الأمن في المنطقة بعد 3 سنوات من إعلان هزيمته نهائياً.
فبالتزامن مع الهجوم الضخم والمعقد على سجن غويران في الحسكة بسوريا، والذي قام به مئات وربما أكثر من مقاتلي داعش لتحرير الآلاف من زملائهم المسجونين، شهدت عدة دول أخرى كالعراق ودول شمال إفريقيا وأفغانستان هجمات متنوعة للتنظيم، في مؤشر خطير على تصاعد عمليات داعش وتنوعها.
وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد أعلن خلال عام 2019 هزيمة داعش بشكل نهائي في سوريا والعراق وانتهاء أمر التنظيم بلا رجعة، لكن تقارير الأمم المتحدة في فبراير/شباط 2021، أشارت إلى وجود ما لا يقل عن 10 آلاف مقاتل من “داعش” ينشطون في سوريا والعراق، إلى جانب أعداد أخرى تنتشر في إفريقيا وأفغانستان وليبيا والصومال وجنوب شرق آسيا.
ووفق مواقع مقربة من “داعش” فإن التنظيم نفَّذ خلال 2021 ما يزيد على 2748 عملية في جميع مناطق نشاطاته حول العالم أسفرت عن 8147 قتيلاً، بواقع 1065 عبوة ناسفة ونحو 855 اشتباكاً أو تعرضاً مسلحاً و203 كمائن، إضافة إلى عمليات أخرى منها 23 انتحارية، بحسب الأناضول.
وتوزعت العمليات على العراق بـ1127 عملية قتل جراءها 2083 شخصاً، ونحو 370 عملية في سوريا، و415 في نيجيريا، و372 في أفغانستان، وعمليات أخرى في باكستان ومصر وليبيا والصومال والفلبين وإندونيسيا ودول أخرى. وفي أفغانستان التي انسحبت منها القوات الأمريكية منتصف أغسطس/آب 2021، نفذ التنظيم ما يزيد على 370 عملية خلال 2021 تسببت بمقتل 2210 أشخاص كان أبرزها الهجوم الانتحاري قرب مطار كابل الذي قُتل فيه 13 جندياً أمريكياً ونحو 170 مدنياً أفغانياً.
اشتباكات في الجزائر وليبيا وعملية في تونس
وتمثل الاشتباكات التي وقعت بين الجيش الجزائري ومسلحين بأقصى الجنوب، بالتزامن مع مواجهات بين قوات الأمن الليبية وعناصر من “داعش”، وإعلان تونس إحباط هجوم إرهابي، مؤشراً على عودة محتملة لنشاط “داعش” بدول المغرب العربي.
ففي 26 يناير/كانون الثاني الجاري، هاجم عدد مجهول من “داعش” دورية تابعة لـ”كتيبة شهداء أم الأرانب”، وقتلوا 3 من أفرادها، قرب جبل عصيدة على بعد نحو 80 كلم غرب بلدة القطرون أقصى جنوب غرب ليبيا، غير بعيد عن الحدود مع الجزائر. وبحسب بيان لوزارة الداخلية لحكومة الوحدة الليبية، تمكنت الدوريات الأمنية من قتل 4 “دواعش” وتدمير آليتهم، وما زالت الجهود متواصلة لملاحقة البقية.
وبعد 24 ساعة من الاشتباكات في ليبيا، أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، مقتل جنديين والقضاء على إرهابيين اثنين، في اشتباك مع “مجموعة إرهابية” (لم تحدِد هويتها) بولاية عين قزام، الحدودية مع النيجر.
وتبعد عين قزام، بضع مئات من الكيلومترات عن موقع الاشتباك الأول في ليبيا، لكن لا تفصلهما سوى صحراء مفتوحة، ومن السهولة بمكان قطع هذه المسافة خلال 24 ساعة، إذا لم تكن هناك عوائق أمنية أو مناخية على الطريق. ولم توضح وزارة الدفاع الجزائرية ما إذا كانت المجموعة الإرهابية التي اشتبكت معها قواتها هي ذاتها التي نصبت كميناً للدورية الليبية.
مقاتلو تنظيم داعش الإرهابي شنوا هجوماً كبيراً على سجن الحسكة بشمال شرق سوريا/رويترز
واكتفت وزارة الدفاع الجزائرية بالإشارة إلى أن العملية أسفرت عن استرجاع رشاش ثقيل عيار “12.7 مليمتر”، وقطعتي سلاح “كلاشينكوف”، وسيارة رباعية الدفع، وكمية من الذخيرة من مختلف العيارات.
أما تونس التي تقع بعيداً عن منطقة الساحل في الجنوب، فأعلنت وزارة داخليتها، في 28 يناير/كانون الثاني، إحباطها عملية إرهابية كانت ستستهدف مناطق سياحية. وكشفت وزارة الداخلية عن القبض على فتاة تونسية (22 عاماً) قدِمت من سوريا بعد أن التحقت بأحد التنظيمات الإرهابية في 2020، وتلقت تدريبات هناك.
وتم توقيف المشتبه فيها بمطار قرطاج بالعاصمة تونس، حيث تواصلت خلال تواجدها بسوريا مع شخص تونسي الجنسية، الذي كان سيتولّى انتظار وصولها وتمكينها من حزام ناسف. وتبين فيما بعد أنه عنصر إرهابي تم إيداعه مؤخراً السجن بعد تورطه في التخطيط والإعداد لعمليات إرهابية كانت ستستهدف مسؤولين بارزين في الدولة نهاية 2021، بحسب بيان للداخلية التونسية.
هل يستعد داعش لعودة جديدة؟
بعد القضاء على إمارة داعش في سرت الليبية نهاية 2016، وصد القوات الأمنية التونسية محاولة إقامة إمارة للتنظيم في بن قردان في 2017، فضلاً عن وأد الجيش الجزائري لخلاياه في المهد نهاية 2014، لم يعد التنظيم يقوى على القيام بأي عملية إرهابية واسعة بالمنطقة المغاربية منذ نهاية 2019.
ولكن تزامن العمليات الإرهابية في ثلاث دول مغاربية في وقت واحد، يوحي بأن داعش ربما تمكن من جمع بعض شتاته، ويستعد لتوسيع دائرة نشاطه، خارج مناطق تمركزه في شمال شرق نيجيريا وبحيرة تشاد.
وليس من المستبعد أن تكون هذه العمليات المتزامنة في المنطقة المغاربية جاءت من جهة مركزية واحدة وفق مخطط دولي لزعيم “داعش” الجديد منذ مقتل أبو بكر البغدادي، خاصة أنها تزامنت أيضاً مع الهجوم الواسع للتنظيم على سجن غويران بمدينة الحسكة السورية (شمال شرق) في 19 يناير/كانون الثاني، واستمر لعدة أيام.
وفي 21 يناير/كانون الثاني، قُتل 11 عسكرياً عراقياً بينهم ضابط في هجوم لعناصر داعش بمحافظة ديالى (شرق)، في الوقت الذي كان القتال محتدماً في سجن غويران، الذي يضم نحو 5 آلاف عنصر معتقل من التنظيم.
فهذه العمليات التي انطلقت من سوريا والعراق ثم ليبيا والجزائر وتونس، تبدو مترابطة، بشكل يمكن القول، بأنها إنذار لبداية مرحلة جديدة لنشاط التنظيم في المنطقة العربية، بعدما تركز نشاطها في الفترة ما بين 2019 و2021 في إفريقيا وبدرجة أقل في أفغانستان.
ويمكن أن توصف العمليات الأخيرة في الدول المغاربية الثلاث بأنها جس نبض لإمكانية إعادة الانتشار في جنوب الصحراء الجزائرية والليبية، التي استخدمت في السنوات الأخيرة كنقاط عبور من العراق وسوريا نحو معقلهم الجديد في شمال شرق نيجيريا وبحيرة تشاد.
انكشاف نقاط العبور لأعضاء داعش
المناطق التي وقعت بها الاشتباكات في ليبيا والجزائر، تقع في نطاق طريق عبور عناصر داعش وقياداته من العراق وسوريا إلى ليبيا ثم إلى الجزائر ومالي النيجر ونيجيريا.
فبحسب معهد الدراسات الأمنية الإفريقي، الواقع في جنوب إفريقيا، فإن عناصر “داعش” وفرعه “ولاية غرب إفريقيا”، يفضلون استخدام طريق “ليبيا – الجزائر – مالي – النيجر – نيجيريا”، بدلاً من الممر المباشر (والأقرب) بين ليبيا والنيجر ونيجيريا.
وعادة لا تفضل الجماعات المسلحة القيام بعمليات إرهابية واسعة في مناطق العبور حتى لا يتم لفت انتباه القوات المحلية والقوى الإقليمية والدولية إليها، كي لا يتم قطع هذه الخطوط أو تشديد الرقابة الأمنية حولها.
لكن حجم الهجومين في ليبيا والجزائر لم يكن كبيراً حيث تم القضاء على ما مجموعه 6 عناصر إرهابية وتدمير عربتين مسلحتين، ويعكس ذلك أن هذه القوة كان هدفها استعراضياً بالدرجة الأولى، وأيضاً لجس نبض مدى استعداد القوى الأمنية خاصة في ليبيا للتعامل مع أي انتشار للتنظيم في الجنوب.
أما في الجزائر فليس من المستبعد أن يكون الاشتباك عرضياً أثناء فرار الجماعة الإرهابية نحو معاقلها في النيجر ونيجيريا بعد مطاردة الدوريات الأمنية الليبية لها قرب الحدود المشتركة مع الجزائر، التي عادة ما تعزز تواجدها العسكري على الحدود بعد أي حادث أمني لدى جارتها الشرقية.
والفرضية الأخرى أن يكون هجوم العناصر الإرهابية في عين قزام يهدف إلى تسهيل فرار عناصر داعش من ليبيا عبر مثلث الحدود مع الجزائر والنيجر.
ونقطة ضعف داعش الرئيسية فقدانه حواضن شعبية في الجزائر وليبيا وحتى في تونس، وتعرضه لنزيف شديد من حيث الأفراد خلال الفترة ما بين 2014 و2019، لكنه بالمقابل ما زال قادراً على التمدد والتجنيد في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء.
وإذا فشلت دول الساحل الخمس (مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا) بالإضافة إلى نيجيريا والكاميرون في تحجيم نشاط الجماعات الإرهابية على أراضيها، فإن دول خليج غينيا وحتى البلدان المغاربية ستجد نفسها وجهاً لوجه في مواجهة تنظيمي داعش والقاعدة.
الخلاصة هنا هي أن بقاء التنظيم بعد نحو 3 سنوات على خسارته في سوريا و5 سنوات على خسارته في العراق، يؤشر إلى حقيقة قدرته على ديمومة وجوده والتكيّف مع المتغيرات وإعادة بناء قدراته القتالية والمالية بخطوات بطيئة قد لا تظهر نتائجها في سنوات قليلة قادمة.
———————–
العثور على جثث قاصرين من بين الـ500 قتيل في سجن “غويران”
قالت صحيفة “نيويورك تايمز”، إنه عُثر على جثتي قاصرين على الأقل في شارع خلف سجن “غويران” (الصناعة) في الحسكة، وهي أول حالة وفاة مؤكدة بين ما يصل إلى 700 مراهق كانوا محتجزين هناك لأنهم من أبناء مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وبحسب تقرير نشرته الصحيفة، عُثر على جثتي المراهقين، الاثنين 31 من كانون الثاني، على طريق ترابي خلف السجن.
واعتبرت الصحيفة أن اكتشاف هذه الجثث أول تأكيد على مقتل ما لا يقل عن اثنين من بين 700 قاصر، كانوا محتجزين في السجن، من أبناء مقاتلي التنظيم، في القتال.
ونقلت الصحيفة عن القائد العام لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ذات الأغلبية الكردية، مظلوم عبدي (مظلوم كوباني)، قوله إن “عددًا قليلًا جدًا” من الفتية قُتلوا.
وأضاف عبدي في مقابلة هي الأولى له منذ بدء الاشتباكات، أنه بعد هروب بعضهم إما “أُعيد اعتقالهم وإما قُتلوا”. وكانت “قسد” قالت إن التنظيم استخدم بعض الأطفال داخل السجن كرهائن.
ويعيش عشرات الآلاف من الأطفال المحتجزين في السجون ومعسكرات الاعتقال في شمال شرقي سوريا، لأن والديهم ينتمون إلى التنظيم.
وبحسب عمال الإغاثة والمدافعين عن حقوق الإنسان، فإن احتجاز الأطفال يعاقبهم على خطايا آبائهم، ويمكن أن يغذي التطرف الذي تقول السلطات التي تحتجزهم إنها تريد منعه.
وقال ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في سوريا، بو فيكتور نيلوند، “بموجب القانون الدولي، يجب أن يكون احتجاز الأطفال هو الملاذ الأخير، لم يؤخذ في الاعتبار الجانب الكامل لهؤلاء الأطفال كضحايا لظروفهم”.
وسيّرت “قسد” آليتين محمّلتين بجثث قتلى يُعتقد أنهم ينتمون للتنظيم بشكل مكشوف في شوارع مدينة الحسكة، في أثناء عمليات نقل الجثث من سجن “غويران” ممن قُتلوا خلال المواجهات العسكرية الأخيرة.
وأفادت القوات بمقتل نحو 500 شخص، منهم 374 مرتبطون بالتنظيم، كما تضمنت حصيلة القتلى حوالي 40 مقاتلًا من أفرادها، و77 من حراس السجون، وأربعة مدنيين.
وظهرت في صورة نشرتها وكالة “فرانس برس”، في 29 من كانون الثاني الماضي، مجموعة من المدنيين بينهم أطفال يشاهدون عبور شاحنة محمّلة بالجثث.
كما نشرت الوكالة صورة ثانية تظهر مجموعة من الجثث مكوّمة فوق بعضها في أحد شوارع المدينة.
وكانت القيادة العامة لـ”قسد” أصدرت أمس، الاثنين، بيانًا، تحدثت فيه عن تفاصيل هجوم تنظيم “الدولة” على سجن “غويران” (الصناعة) بحي غويران في مدينة الحسكة، وتفاصيل تصدي قواتها لهذا الهجوم، وملاحقة فلول التنظيم تحت مسمى حملة “مطرقة الشعوب”.
—————————–
“قسد” تعلن تفاصيل “هجوم غويران”..وتنهي حظر الحسكة
كشفت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، روايتها حول تفاصيل الهجوم الذي نفذه تنظيم “الدولة الإسلامية” على سجن الصناعة في الحسكة، في وقت أنهت الحظر الكلي المفروض على المحافظة.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي لـ”قسد“، اليوم الاثنين، وجاء فيه أن “374 من عناصر التنظيم ممن شاركوا في الهجوم من داخل وخارج السجن قد قتلوا خلال الاشتباكات”.
وأضاف بيان المؤتمر، أن 223 من السجناء “مفقودين”، ويرجح أنهم ضمن إعداد القتلى لحين التأكد من هويتهم.
وعن تفاصيل الهجوم ذكرت نوروز أحمد، عضو القيادة العامة لـ”قسد”، أنه تم بتفجير سيارة مفخخة عند البوابة الرئيسية للسجن، تلاه هجوم من ثلاثة محاور.
وبعد ذلك “تم إدخال سيارة محملة بالأسلحة والذخائر إلى داخل السجن، في مسعى للسيطرة على السجن، تزامناً مع هجوم آخر داخل السجن على العاملين والموظفين”.
وأشارت المسؤولة إلى أن عمليات التمشيط مستمرة، في مناطق دير الزور والرقة، وفي نقاط محدّدة، وكذلك مستمرة على صعيد تلك المناطق بشكل أوسع، وذلك ضد بقايا التنظيم وخلاياه النائمة.
من جهتها أصدرت “الإدارة الذاتية” في شمال وشرق سورية بياناً، أعلنت فيه فك الحظر الكلي المفروض على محافظة الحسكة.
لكنها أبقت على الحظر الجزئي في كافة مناطق شمال وشرق سورية، ابتداءً من يوم غد الثلاثاء، دون تحديد موعد انتهائه، على أن يبدأ من الساعة السادسة مساءاً لغاية السادسة صباحاً.
وكانت “قسد” قد أعلنت قبل أيام، أنها سيطرت بالكامل على السجن من الداخل والخارج.
لكن مصادر إعلامية من شرق سورية، أشارت في اليومين الماضيين، إلى أن الاشتباكات ما تزال متواصلة في عدة مناطق بحي غويران.
وكانت صحيفة “نبأ” التابعة لتنظيم “الدولة” قد قالت الجمعة، إن الاشتباكات التي شهدتها الحسكة في الأيام الماضية، دارت على 3 جبهات: السجن، حي الزهور، حي غويران، مشيرةً إلى “فرار مجموعات” إلى ما وصفتها بالمناطق “الآمنة”.
ولم يتضح عدد الفارين من سجن الصناعة، وعما إذا كان الأمر صحيحاً.
وحسب الصحيفة الناطقة باسم التنظيم خسرت “قوات سوريا الديمقراطية”، جراء الهجوم 260 مقاتلاً، بينما تدمرت لهم 26 آلية عسكرية.
———————-
عودة خطر “داعش” في سورية: ترميم الصورة وتخلٍّ عن سياسة التمكين/ عبسي سميسم
يحيي تجدُّد نشاط تنظيم “داعش”، مع تزايد عدد عملياته بشكل كبير في سورية والعراق تحديداً، وتمدُّدها إلى المنطقة المغاربية، مخاوف من انبعاث التنظيم من جديد، وفق استراتيجية جديدة تصعّب استهدافه والقضاء على خلاياه المتفرقة.
وتطرح هذه العمليات المتلاحقة أكثر من سؤال، حول ما إذا كانت تشكل إنذاراً لبداية مرحلة جديدة من نشاط “داعش” بعد تراجعه والإعلان عن القضاء عليه إثر طرده من آخر معاقله في الباغوز السورية في مارس/آذار 2019، وأن يعود التنظيم لشن عمليات نوعية تهز المنطقة العربية.
كما تثير علامات استفهام حول قدرة القوات العراقية و”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) تحديداً، على مواجهة التنظيم، بعد الانسحاب الأميركي من العراق وتخفيف وجوده في سورية، وفي ظل الأزمات السياسية في العراق وما تشهده سورية من انقسام إلى أكثر من منطقة نفوذ.
هجمات متفرقة لـ”داعش”
كان من أخطر عمليات “داعش” أخيراً، الخرق الأمني في منطقة سيطرة “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) بهجومه على سجن غويران في الحسكة في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، والذي استمر لأيام قبل إنهائه.
وقالت “قسد” إن 40 من قواتها و77 من حراس السجن وأربعة مدنيين قتلوا، فضلاً عن 374 من المهاجمين أو المعتقلين من التنظيم، في الهجوم على السجن. وتزامن ذلك مع هجوم على قوات الجيش العراقي في ديالى أوقع 11 قتيلاً في صفوفها.
تلا ذلك عمليات لـ”داعش” في دول مغاربية. ففي 26 يناير الماضي، هاجم مسلحون من التنظيم دورية أمنية غرب بلدة القطرون أقصى الجنوب الغربي من ليبيا، وقتلوا 3 من أفرادها. بعدها بيوم واحد، أعلنت السلطات الجزائرية وقوع اشتباك مع “مجموعة إرهابية” في ولاية عين قزام، على الحدود مع النيجر، ما أدى إلى مقتل جنديين والقضاء على إرهابيين اثنين.
وفي 28 يناير، أعلنت وزارة الداخلية التونسية القبض على فتاة (22 سنة) كانت تنوي القيام بعملية إرهابية، “وذلك بعد رجوعها من سورية حيث كانت قد التحقت بأحد التنظيمات الإرهابية هناك وتلقّت تدريبات”. وأضافت الداخلية في بيان أن الفتاة كانت تحضّر للقيام بعملية انتحارية في إحدى المناطق السياحية التونسية.
ويبدو أن التنظيم أراد من خلال عملياته هذه، وخصوصاً هجومه على سجن غويران الذي يضم الآلاف من أسرى التنظيم، بينهم قيادات من الصف الأول، تحقيق مجموعة أهداف وتوجيه أكثر من رسالة، سواء لحاضنته من الخلايا النائمة، أو المقاتلين في صفوفه، أو المؤيدين لفكره، بالإضافة للقوى التي تحاربه. أبرز أهدافه كانت رفع معنويات عناصره، والقول إنه لا ينسى أسراه.
كما أراد أن يحيي صورة التنظيم من جديد أمام مؤيدي فكره، وربما بهدف استجلاب الدعم المالي، بالإضافة إلى إحياء خلايا التنظيم النائمة وتنشيطها. كما أن “داعش” أراد أن يظهر لخصومه أنه لا يزال موجوداً على الرغم من الإعلان عن القضاء عليه مراراً، وأنه يمتلك القدرة على الوصول حتى إلى المربعات الأمنية للقوى التي تحاربه.
استراتيجية جديدة في سورية والعراق
بعد دحر “داعش” في معركة الباغوز في مارس/آذار 2019، وإعلان التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب القضاء عليه، عمد التنظيم إلى تغيير استراتيجيته التي كانت تقوم على التمكين، “أي إقامة دولة مكانية، ضمن حدود معينة”.
واتّبع التنظيم سياسة الانتشار في كل من سورية والعراق، أي تشكيل مجموعات من المقاتلين تقوم بحرب استنزاف ضد الأطراف التي تحاربها، انطلاقاً من البادية السورية، من دون اتخاذ أماكن سيطرة فيها.
هذه الاستراتيجية اعتمدها التنظيم لمنع استهدافه، وتجنيد خلايا نائمة ضمن مناطق سيطرة أطراف الصراع في سورية، من أجل القيام بعمليات يحددها التنظيم، ومن أجل المساهمة في نشر فكره.
وبدأت تظهر معالم استراتيجية “داعش” الجديدة مع بداية عام 2020 الذي نفذ فيه ثلاث عمليات فقط، ليتزايد نشاطه خلال العام 2021 بمعدل 50 عملية خلال العام، معظمها استهدفت قوات النظام والمليشيات الإيرانية.
إلا أن خطر “داعش” تعاظم بشكل أكبر مع بداية العام الحالي، وبدا فيه أكثر قدرة، وبدأ بتنفيذ عمليات متزامنة، ما يشي بانتقاله إلى مرحلة متقدمة من التنظيم. وفي اليوم الأول من يناير/كانون الثاني من العام الحالي، نفذ تنظيم “داعش” هجوماً على حافلة تقل جنوداً للنظام السوري قتل خلالها خمسة وجرح عشرين. تبع ذلك في اليوم الثاني من الشهر نفسه إعلان التنظيم استهداف نقطة تفتيش لقوات “قسد”، قالت الأخيرة إنه لم يسفر عن ضحايا.
وفي 13 يناير، هزت انفجارات متزامنة أربع مدن من مناطق سيطرة المعارضة هي أعزاز، والباب، وعفرين، ورأس العين، تبنّاها جميعاً تنظيم “داعش”، وخلفت 8 قتلى وعشرات الجرحى. ثم جاء الهجوم على سجن غويران، بالتزامن مع عملية قام بها “داعش” في منطقة العظيم التابعة لمحافظة ديالى في العراق، وأدت إلى مقتل 11 جندياً عراقياً.
ويبدو أنه أراد من خلالها أن يوسع دائرة الاهتمام الإعلامي بعودة فعاليته من جديد، وأن يثبت لخصومه أنه لا يزال يمتلك مركزية في القرار، وقدرة على تنسيق عدد من العمليات، وفي أكثر من مكان من العالم. وتزامنت العملية التي نفذها التنظيم في العراق مع عمليات في عدد من دول المغرب العربي، في كل من ليبيا وتونس والجزائر.
ويستبعد معظم الباحثين في شؤون التنظيمات الإسلامية، أن يعود “داعش” بعد أن تم القضاء على “دولته” جغرافياً، لاتّباع سياسة التمكين. إلا أن التنظيم يبدو أنه يحاول أن يستعيد فعاليته في كل من سورية والعراق فكرياً وأمنياً، متّبعاً سياسة حرب العصابات والهجمات المباغتة التي تقلق الخصوم من دون التمركز في مكان محدد.
وساعدت البادية السورية الشاسعة المساحة، “داعش” على ترتيب صفوفه، وإعادة تنفيذ عمليات يستهدف من خلالها عبر الترويج الإعلامي استعادة جزء من مؤيديه.
ويستغل التنظيم مجموعة من الظروف في المنطقة ساعدته على زيادة فعاليته، أهمها تعدد مناطق السيطرة في سورية، وعدم وجود تنسيق أمني بين مناطق السيطرة المتصارعة أصلاً، الأمر الذي يتيح للتنظيم تحقيق اختراقات أمنية، في تلك المناطق.
وعلى مستوى مناطق سيطرة “قسد”، لا تزال مناطق دير الزور الشرقي مخترقة بشكل كبير من عناصر التنظيم، لدرجة أن السكان يتداولون مقولة “النهار لقسد والليل لداعش”. كما يستغل التنظيم الفساد المستشري في مناطق “قسد” لجذب مواطنين يتعرضون لمظلوميات.
يضاف إلى ذلك أن منطقة شرق الفرات شهدت عمليات إفراج عن المئات من عناصر التنظيم، سواء من خلال وساطات عشائرية، أو عمليات إخراج مساجين من “داعش” من السجون مقابل مبالغ مالية، وقد وثقت صحيفة “ذا غارديان” من خلال تحقيق أجرته بعضاً من هذه العمليات.
ولا يُعرف راهناً الكثير عن قيادة التنظيم، باستثناء اختيار أبو إبراهيم الهاشمي القرشي “خليفة” له بعد مقتل مؤسسه في أكتوبر/تشرين الأول 2019. وبخلاف القرشي، وهو عراقي احتجز سابقاً في سجن أميركي، لا يُعرف الكثير عن قيادة التنظيم. وتتباين التقديرات حول أعداد مقاتلي “داعش” راهناً.
وأشارت تقارير صدرت عن الأمم المتحدة في فبراير/ شباط 2021، إلى وجود ما لا يقل عن 10 آلاف مقاتل من “داعش” ينشطون في سورية والعراق، إلى جانب أعداد أخرى تنتشر في أفريقيا وأفغانستان وليبيا والصومال وجنوب شرق آسيا. فيما كان التحالف بقيادة الولايات المتحدة قد قال في منتصف 2019 بعد معركة الباغوز، إن التنظيم يحتفظ بما يتراوح بين 14 و18 ألف عضو، بينهم 3000 أجنبي.
وقال الباحث لدى معهد الشرق الأوسط في واشنطن، تشارلز ليستر، لوكالة “رويترز”: “هذا تنظيم يحتفظ بقوة بشرية كبيرة”. وأضاف: “في ما يتعلق بالخلايا النشطة حركياً، أتصور أننا نتحدث عن بضعة آلاف في البلدين معاً. لكن من المستحيل فعلياً تحديد ذلك”.
وقال ليستر “ما شاهدناه في الشهور الستة إلى الإثني عشر الماضية على جانبي الحدود السورية والعراقية هو أن خلايا داعش كانت أكثر استعدادا لشن هجمات أكثر جرأة”.
من جهته، رأى الباحث في شؤون التنظيمات الإسلامية، عباس شريفة، في حديث مع “العربي الجديد”، أن هناك “عودة انبعاث لداعش وزيادة في فعاليته”، مشيراً إلى أنه “خلال الشهر الذي سبق الهجوم على سجن غويران، تم رصد ثلاث عمليات للتنظيم في مناطق سيطرة الجيش الوطني المعارض، في كل من أعزاز، وعفرين، والباب، بالإضافة إلى عدد من العمليات في البادية التي استهدفت قوات النظام”.
وحول تزامن عمليات “داعش” بين سورية والعراق، وبين المناطق السورية نفسها، أوضح شريفة أن “التنظيم بعد سقوط الباغوز لم يعد يمتلك قيادة مركزية، إذ تحوّلت الولايات السياسية لداعش إلى ولايات أمنية منفصلة، تتمتع بمرونة في اتخاذ القرار، ولكن خلال العمليات الأخيرة بدا واضحاً أن التنظيم بدأ يجمع بين المرونة والمركزية في اتخاذ القرار، ولمسنا هذا الأمر من خلال تزامن عملياته”.
ورأى شريفة أن عملية سجن غويران تندرج في سياق استراتيجية اعتمدها التنظيم منذ عام 2013 تحت مسمى كسر الأسوار، وهي مجموعة عمليات من أجل تحرير سجنائه في المعتقلات، وسبق هذه العملية عمليات مشابهة مثل عملية سجن أبو غريب، وبوكا، التي تم خلالها إخراج العديد من المعتقلين.
وأوضح أن عملية غويران تندرج ضمن الاستراتيجية نفسها من أجل إعادة البناء والترميم، إذ يبدو أن “داعش” بحاجة للموارد البشرية، والسجون هي موارد بشرية جاهزة من أجل هذه العملية، خصوصاً أن سجن غويران يضم نحو 5000 مقاتل “داعشي”. وأضاف أن التنظيم يريد أن يعيد الثقة لعناصره واتباعه، بالإضافة إلى توجيه رسائل لخصومه بأنه يستطيع ضربهم في أي وقت وأي مكان.
رسائل “داعش” لتثبيت الوجود
أما الناشط الحقوقي أبو عمر البوكمالي، المقيم في دير الزور، فرأى في حديث مع “العربي الجديد”، أن “داعش من خلال عملية سجن غويران، لم يكن يهدف إلى تحقيق السيطرة على مكان جغرافي، وإنما إلى إيصال رسالة مفادها أنه كيان قائم، ومؤثر، ويستطيع الوصول من دون وجود مقرات له”.
ولفت إلى أن “هذه استراتيجية جديدة يتّبعها التنظيم وهي ناجحة حتى الآن في مناطق كثيرة من ريف دير الزور مثل السويدية وذبيان، إذ يستطيع فرض ما يشاء من دون أن يكون حاكماً فعلياً”. واعتبر أن “داعش أوصل رسالة بأنه قادر على الوصول لأي شخص، وأن كيانه موجود، وهو يأخذ حتى الآن إتاوات من الناس، ويفرض على البعض ترك قسد”.
من جهته، قال الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، المقرب من “قسد”، محمد حسن، في حديث مع “العربي الجديد”، إن أسباب زيادة نشاط “داعش” في منطقة الشرق الأوسط تتقاطع مع مصالح دول إقليمية لا تريد للمنطقة أن تستقر.
وأضاف أن سوء الأحوال الاقتصادية لسكان المنطقة، يدفع البعض لتسهيل مهام التنظيم لأسباب مادية، من دون أن يكونوا مقتنعين بفكره، بالإضافة إلى الفلتان الأمني الذي تشهده السجون التي تضم عناصر من “داعش”.
وحذر حسن من خطر مخيم الهول الذي تحوّل إلى ولاية لـ”داعش”، على حد قوله، داعياً لإعادة النظر في كل المنظومة الأمنية لـ”الإدارة الذاتية”، وبإدارة كل الأماكن التي تضم عناصر من “داعش”، أو عائلاتهم.
العربي الجديد
————————
=====================
تحديث 04 شباط 2022
———————-
سجن غويران..من تواطأ مع داعش؟/ العقيد عبد الجبار العكيدي
أعلنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، نهاية العمليات العسكرية التي دارت مع خلايا تنظيم داعش التي هاجمت سجن الصناعة في حي غويران في مدينة الحسكة، والقضاء على حالة التمرد والاستعصاء في السجن الذي يضم ما يقارب الخمسة آلاف معتقل من كافة الجنسيات، والانتهاء من حملة التمشيط فيه وإنهاء الجيوب الأخيرة التي كان يتحصن بها عناصر التنظيم، بعد مواجهات عنيفة دامت حوالي عشرة أيام شاركت فيها قوات التحالف الدولي.
ويقع سجن الصناعة في حي غويران الذي يعتبر المدخل الجنوبي لمدينة الحسكة في منطقة سهلية، ضمن المثلث الذي يصل دير الزور بالحسكة بالحدود العراقية وصولاً الى مدينة الموصل، هذا المثلث الذي يعتبر البيئة الملائمة لانتشار وتحركات خلايا التنظيم خاصة في المناطق الخالية من السكن –البادية- ومناطق أوتوستراد الخرافي ومنطقة ال47 وغيرها من المناطق التي تشهد هجمات متكررة للتنظيم على ميليشيا قسد والمتعاونين معها وخاصة ليلاً حيث السيطرة كاملة للتنظيم.
لم تأخذ قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي تهديدات التنظيم باقتحام السجن على محمل الجد، هذا إن افترضنا حسن النوايا وعدم وجود تنسيق بين الطرفين مشابه لوصول داعش إلى عين العرب عام 2014، رغم وقوع السجن في المنطقة الرخوة المفتوحة على البادية التي تمنح التنظيم فرصة أكبر للوصول اليه، ومحاولات الاستعصاء المتكررة فيه، ومعرفة قسد المسبقة بأن عين التنظيم على هذا السجن، واعترافات القيادي الخطير في التنظيم محمد عبد العواد الملقب ب”رشيد”، قبل حوالي الشهر عبر فيديو مصور نشرته قوات سوريا الديمقراطية أقر فيها بالتخطيط لعملية اقتحام سجن الصناعة، وتحدث عن تفاصيل مخطط هجوم يحاكي تماماً بتفاصيله الهجوم الذي حصل في 20 كانون الثاني/يناير 2022.
مع كل هذه المعطيات بقيت إجراءات الحماية متدنية، في غياب واضح لأي عناصر حماية محترفة أو على درجة عالية من التدريب والتأهيل، والاعتماد فقط على عناصر ممن جرتهم قسد للتجنيد الإلزامي بالقوة. وأظهرت وجوه القتلى والأسرى أن أغلبهم شبان صغار من السكان المحليين، وبالتالي وصول عناصر داعش ومفخخاتها إليه بهذه السهولة، وعدم اتخاذ الإدارة الذاتية الاحتياطات الأمنية اللازمة، من خطوط دفاعية أمنية وعسكرية ونقاط وأبراج مراقبة على محيط السجن يجعلنا أمام فرضيات أهمها:
أولاً، أن اغلب الموجودين في هذا السجن هم من القيادات المحلية غير المهمة، وكثيرون منهم متهمون من دون محاكمات ولا ينتمون للتنظيم.
ثانياً، القيادات الكبرى لتنظيم داعش والمؤثرة (الأجنبية) موجودة في أماكن أخرى، يعتقد أنها في سجن الشدادي أو سجون سرية واقعة تحت تصرف قوات التحالف، وهذا مؤشر هام على انعدام ثقة التحالف بقسد بما يخص ملف معتقلي داعش، الذين لطالما اتخذت منهم ورقة ضغط وابتزاز للأوربيين طوال الفترة الماضية، والتهديد بإطلاق سراح من يحملون الجنسية الأوروبية.
ثالثاً، من الناحية العملياتية ليس من السهل اقتحام السجن دون تسهيلات أو على الأقل تواطؤ جزئي من قبل قيادات في قسد أو اختراق التنظيم لها من خلال عناصره السابقين الذين جندتهم قسد ضمن صفوفها بعد سقوط التنظيم ربيع 2019، وهذا يدل على ضعف قسد من الناحية الأمنية والاستخباراتية.
رابعاً، تأتي أحداث سجن غويران في ظل أزمة اقتصادية ومعيشية خانقة قديمة ومتجددة بسبب إغلاق معبر سيمالكا، الذي يعتبر الشريان الوحيد لمنطقة الجزيرة السورية، ومؤشرات تواصل أميركي مع شخصيات اعتبارية وشيوخ عشائر عربية، وحديث يدور حول تشكيل قوة عشائرية لمواجهة الميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق، وتعثر المفاوضات بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، الذي اتخذ من هذه الأحداث الذريعة لإعادة شرعنة السلاح وتأجيل المطالب المعيشية والخدمية، وامتصاص النقمة الكبيرة عليه من جميع المكونات، والتهديد باتساع رقعة المواجهات مع التنظيم إلى القامشلي والشدادي للحصول على دعم مالي وعسكري من الولايات المتحدة.
خامساً، إذا اعتبرنا أن الموضوع ليس مسرحية وإنما فشل الإدارة الذاتية في إدارة المنطقة بكل ملفاتها السياسية والاقتصادية والإدارية والاجتماعية والأمنية، فهذا لا يعني انتفاء نظرية المؤامرة على المكون العربي، والاستمرار في سياسة التهجير والتغيير الديموغرافي التي انتهجتها قوات “بي واي دي”، وإرسال رسائل لواشنطن والتحالف الدولي بأن الاحياء المجاورة للسجن تمثل حواضن لداعش ولا يمكن الوثوق بالعشائر العربية، وتسويق أنفسهم على أنهم الحليف الرئيسي في محاربة الإرهاب، وما يؤكد هذه النظرية التقارير الإعلامية المشبوهة لبعض القنوات التي اتهمت سكان حيي غويران والزهور العربيين، بأنهما يمثلان الحاضنة الشعبية لتنظيم داعش.
سادساً، أخطر ما في هذا الاستعصاء، هو تمكن المقتحمين من الخارج من التواصل مع المتمردين داخل السجن وإيصال السلاح لهم، وتزامن العملية في وقت واحد في سوريا والعراق، ما يدل على أن هناك قراراً مركزياً على مستوى قيادة التنظيم، وهذا يعطي انطباعاً بأن التنظيم ما زال متماسكا بعد مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي وتولي أبو عبد الله الهاشمي الخلافة.
من الصعوبة بمكان وضع سلم المستفيدين من هذه العملية، فجميع الأطراف مستفيدة عدا جمهور الثورة والمدنيين الذين دائماً ما يدفعون الثمن قتلاً وتهجيراً واعتقالاً.
ففي ميزان الربح والخسارة تُعتبر قسد الرابح الأكبر فقد استطاعت توظيف الحدث سياسياً، والترويج إعلامياً لنشاطات التنظيم الذي يُعتبر العدو الضرورة، وربحت التعاطف والدعم الدولي، والتأكيد على استمرار اعتمادها كشريك أساسي أو ربما وحيد في محاربة الإرهاب، وهذا ما بدا جلياً في تصريحات المسؤولين الأميركيين والغربيين.
إيران ترغب من خلال فزاعة داعش بلعب أوراق في مواجهة أميركا، التي تعد العدة لها في سوريا وتعمل على تحييد حلفائها في العراق عبر الدفع باتجاه أغلبية سياسية وطنية بعيدة عن الأحزاب والتنظيمات الطائفية الموالية لها، وتحجيم دور حلفائها المحليين. تريد إيران استثمار هذه العملية لإعادة فتح قنوات التعاون والتنسيق الأمني مع قوات التحالف وواشنطن خاصة، وترسيخ نفسها كشريك في محاربة الإرهاب في العراق وسوريا، وتسويق ميليشيا الحشد الشعبي على أنه الذراع الأقوى في محاربة داعش في العراق.
تأخر التحالف الدولي بالتدخل السريع في الأيام الأولى لاقتحام السجن، ربما يُفسر على أنه رضى أميركي عن هروب بعض القيادات والعناصر غير الخطرة إلى مناطق تواجد النظام وحلفائه الروس والإيرانيين في البادية السورية.
نظام الأسد ومن ورائه روسيا استثمرا ايضاً الحدث لاتهام الإدارة الذاتية بالضعف والفشل، وعدم قدرتها على حماية السكان الرافضين أصلاً لقسد وداعش، واللعب على وتر الخطاب القومي المتطرف لقيادات قسد، مستغلين تردي الخدمات وانسداد الأفق لدى الشباب والحالة المعيشية السيئة التي تعد بيئة ملائمة يمكنه استخدامها لخلق فتنة عربية كردية، في محاولة يائسة لإعادة نفسه كشريك فاعل في إدارة المنطقة.
الصراع في سوريا لم يكن يوماً صراعاً بين المكونات المجتمعية، بل هو صراع بين فاعلين سياسيين لديهم أذرع عسكرية لكل منها حلفاء إقليميون ودوليون يستخدمونهم لتحقيق مصالحهم على الأراضي السورية، وبالتالي التحليل الذي يقرأ المشهد على أنه صراع بين قوميات وإثنيات هو تحليل مشوه بعيد عن حقيقة الصراع الذي يستخدم أطرافه الخطاب القومي والديني والإثني لحشد الشارع خلفه.
المدن
————————-
“القرشي”… هدية أردوغان بايدن/ حازم الأمين
يجب أن نغبط أنفسنا على نجاح عملية قتل القرشي وسلفه البغدادي، لكن الحدثين لم يقعا في سياق حرب الأخيار على الأشرار. وربما هنا تصح أيضاً مقولة “اللهم اضرب الأشرار بالأشرار”.
عبرت ذات يوم الحدود التركية متوجهاً إلى محافظة إدلب السورية عبر بلدة أطمة التي قتلت فيها قبل أيام قوة كوماندوس أميركي “خليفة” أبو بكر البغدادي، زعيم “داعش” أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، واسمه الحقيقي عبدالله قرداش، وهو عراقي تركماني من مدينة تلعفر في شمال العراق، وهو على ما يبدو مهندس عملية الإبادة التي تعرض لها الأيزديون في جبل سنجار عام 2014.
كنا في حينها ثلاثة صحافيين، عليا إبراهيم وفادي زيدان وأنا، وكنا في طريقنا إلى بلدة سراقب، وفي المرحلة التي بدأ فيها السلاح يتسرب إلى بؤر الاحتجاجات في سوريا. الرحلة تمت عبر مهرب تركي دفعنا له مئة دولار أميركي، وليس بعيداً من أعين حرس الحدود الأتراك. عبرنا في وضح النهار كروم زيتون ترتفع فوقها أبراج مراقبة يجلس فيها جنود أتراك، إلى أن وصلنا إلى بلدة أطمة. الرحلة لم تكن مرهقة على رغم ما كنا نحمله على ظهورنا من معدات تصوير وثياب. أما المهرب، فكان من أهل بلدة الريحانية التركية المحاذية، ولم يكن يبدِ قلقاً حين كنا نقترب من نقطة مراقبة للجيش التركي. وفي إحدى اللحظات انتظرنا حتى يشيح الجندي بوجهه عن النقطة التي سنعبرها، فطال انتظارنا وما كان من المهرب إلا أن طلب منا متابعة سيرنا وقال إن الجندي سيتجاهلنا من تلقائه!
قتل “خليفة” البغدادي ليس بعيداً من منطقة عبورنا. الجنود الأتراك ما زالوا إلى اليوم في مواقعهم، لا بل إنهم توغلوا في الأراضي السورية في غيابنا. فعلى الجانب الآخر من هذه الطريق ثمة طرق مفضية إلى بلدة عفرين التي تسيطر عليها تركيا بالكامل. القرشي قُتل على بعد 800 متر من الحدود، أي أننا توغلنا من تركيا إلى سوريا أكثر مما توغل هو. إنه هدية صغيرة قدمها رجب طيب أردوغان إلى جو بايدن! لا يمكن أن تغير طائرة أميركية هي جزء من منظومة حلف شمال الأطلسي على حدود دولة هي عضو في هذا الحلف من دون تنسيق. لكننا هنا أمام مشهد يتعدى التنسيق.
لكن أردوغان سبق أن أهدى صديقه، سلف بايدن، دونالد ترامب، هدية أثمن. فليس بعيداً من أطمة وفي محافظة إدلب نفسها أقدم دونالد ترامب على قتل أبو بكر البغدادي. والأرجح أن البغدادي كان اصطحب معه إلى إدلب مساعده وخليفته أبو إبراهيم الهاشمي القرشي الذي سماه أهله في غفلة من دولة الخلافة عبدالله قرداش! وأردوغان الذي خص الرئيس السابق بهدية أثمن بسبب ما يكن الرجلان لبعضهما بعضاً من ودٍ ومن تواطؤ على خلق الله، لم يخطئ حين بادر وأهدى الخلف ما أهداه، ذاك أن الأخير استقبل الهدية وزف البشرى للشعب الأميركي.
تردنا خطوات أردوغان، وديبلوماسية الهدايا إلى دور تركيا في ولادة “داعش” وفي تسميم الثورة السورية. فأمام أعيننا كان “المجاهدون” يتقاطرون من كل أصقاع العالم إلى المطارات التركية ومنها إلى تلك الحدود التي تحولت البلدات فيها إلى مضافات أين منها مضافات “القاعدة” في مدينة بيشاور الباكستانية على الحدود مع أفغانستان. وأردوغان اذ حول أمراء “داعش” إلى هدايا يوزعها تبعاً لمواقع الرؤساء الأميركيين ولرعايتهم مصالحه، لا يملك مفتاح “الخلافة” ولا يضبط حدودها. واللعب هنا أثمانه دماء دفعها السوريون بالدرجة الأولى، وبالدرجة الثانية الأتراك. وها هو أردوغان يواصل رقصه الدموي ويتيح للبغدادي ولخلفه الوصول إلى إدلب، هناك حيث يقيم اليوم أكثر من 4 ملايين سوري معظمهم لاجئون هاربون من جور نظام دمشق، فيعزز صورة إدلب بوصفها “بؤرة إرهاب” لا بأس بأن تستهدفها الطائرات الروسية.
بلدة أطمة التي استضاف فيها أردوغان “الخليفة” تضم مخيماً كبيراً للاجئين، ومستشفى ميدانياً. هذه الحقائق ليست جزءاً من حسابات السلطان، تماماً كما أنها ليست جزءاً من حساباته عمليات جرف زيتون عفرين من قبل فصائل سلحها وأرسلها لغزو البلدة. وها هو اليوم يباشر جرفاً من نوع آخر، فحكومته بصدد إعادة 300 لاجئ سوري في تركيا إلى سوريا، حيث ستستقبلهم سجون النظام ومسالخه!
جو بايدن بحاجة إلى هدية أردوغان في ظل تراجع مؤشراته الانتخابية الداخلية، والقول بأن العملية هي خطوة لاستيعاب استيقاظ التنظيم في سوريا والعراق ينطوي على مبالغة، ذاك أن بؤر الولادة الجديدة بعيدة من أطمة، وهي هناك في الصحراء التي تصل سوريا بالعراق.
يجب أن نغبط أنفسنا على نجاح عملية قتل القرشي وسلفه البغدادي، لكن الحدثين لم يقعا في سياق حرب الأخيار على الأشرار. وربما هنا تصح أيضاً مقولة “اللهم اضرب الأشرار بالأشرار”.
درج
—————————-
سوريا إذ تشهد ختام حقبة”داعش”العراقية/ ساطع نور الدين
هي من علامات التعجب، وحُسن الحظ في آن، أن يبدو مقتل زعيم تنظيم داعش على يد الاميركيين في بقعة سورية حدودية نائية، وكأنه حدثٌ يقع خارج أي سياق سوري، ويختتم جولة عنيفة من صراع قديم بين أمميتين، واحدة أميركية وأخرى إسلامية، وضعتهما الأقدار في سوريا، من دون علم او رضى مواطنيها، الموالين او المعارضين، أو حتى الاسلاميين الذين يشبهون داعش او يطمحون الى التشبه به.
إختيار بلدة أطمة السورية لإسدال الستار على الفصل الختامي من ذلك الصراع، كان بمثابة صدفة، أملتها ظروف هجرة داعش والاميركيين من العراق، بعد معارك طاحنة بين الجانبين بدأت عقب الغزو الاميركي للاراضي العراقية، وشهدت طرد التنظيم من الحواضر العراقية تباعاً، ثم من مقر خلافته المعلنة في الموصل في العام 2014، وإنتقاله الى سوريا، حيث أعاد إنتشاره في شرقها، في ما بدا يومها وكأنها عملية إبعاد أميركية للدواعش من الميدان العراقي الى الميدان السوري، على أمل أن يصوب “جهاده”، نحو الروس والايرانيين.
ولولا العمليات المتقطعة التي نفذها داعش ضد قوات النظام السوري وحلفائه الروس والايرانيين، لا سيما في منطقة البادية السورية، وبالتحديد بلدة تدمر، لكان بحكم المؤكد أن الدواعش والاميركيين كانوا يستكملون مواجهات عراقية، بقيادات وأدوات وأسلحة عراقية، وبأولويات ظلت طوال السنوات الثماني الماضية عراقية أيضا.. لا صلة مباشرة لها بأي جدول أعمال سوري، حتى تردد أكثر من مرة أن قيادة داعش التي ظلت على الدوام عراقية الهوية، منذ ما بعد مرحلة المؤسس أبو مصعب الزرقاوي، إنما يستخدمون الميدان السوري لتعبئة وتدريب وتحضير المقاتلين للعودة يوما ما الى بغداد وبقية المدن العراقية التي أخرجوا منها تباعاً. ولم تكن الحواضر السورية على جدول أهدافهم، ولا كانت المواجهة بين النظام السوري ومعارضيه تعنيهم، أو حتى تستميلهم، إلا من زاوية ما توفره لهم من مساحة فراغ في الجغرافيا السورية، تسمح لهم على الاقل بالاستراحة في بعض مخابئها، التي ثبت لكل من أبي بكر البغدادي في العام 2019، وخليفته أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، بالامس، أنها ليست آمنة، بل لعلها خائنة.
بلا أي مخاطرة يمكن الجزم في أن اصداء تصفية الهاشمي فجر الخميس في منطقة أطمة السورية الحدودية، ترددت في بغداد والمدن العراقية، أكثر بكثير مما سمعت في دمشق أو في إدلب.. اللتين تقاسمتا فرحاً مشتركاً، نادراً، بخروج قائد داعش من المشهد، ولو إختلفت الاسباب والدوافع لمثل هذا الشعور المتبادل، العابر لخطوط الجبهات بينهما..حتى ولو تبين أن ثمة تنظيماً إسلامياً سورياً تواطأ مع الاميركيين في عمليتهم الدقيقة.. التي يمكن ان تنسب في جانب منها أيضا، الى تداعيات الخروج الاميركي من أفغانستان لمصلحة حركة طالبان التي تعتبر “داعش”، أحد أكبر التهديدات لحكمها الحديث العهد في كابول.
وهذا لا ينفي حقيقة أن القرار الاميركي الخاطف بتصفية الهاشمي بسرعة، يعزى مباشرة الى غزوة داعش الأخيرة على سجن غويران في مدينة الحسكة السورية، والتي كانت واحدة من أكبر وأخطر وأطول غزوات التنظيم في تجربته السورية القصيرة نسبيا.. وإن كانت نتيجتها بائسة تماماً، بالنظر الى مئات القتلى الذين سقطوا خلالها، من الدواعش او من المقاتلين الاكراد، أو من قادة التنظيم الذي بات اليوم أمام تحدي البحث عن قيادة جديدة تخلف الهاشمي وتلم الأشتات الداعشية في سوريا والعراق، وتعدّها لفصول مقبلة من الصراع مع الأممية الاميركية.
الصراع مفتوح على علامات إستفهام حول ما إذا كانت الجولة الاخيرة من المواجهة بين الدواعش والاميركيين ستبرر تسريع الإنسحاب الأميركي من المشرق العربي، أم أنها ستؤجله الى حين..والاهم من ذلك: أي “داعش” جديد، سيخرج من رحم ذاك التنظيم الذي توالد طوال نصف قرن مضى، بشكل يخالف الطبيعة الانسانية.
المدن
—————————-
مقتل زعيم داعش:قرار أمني يحقق مكاسب سياسية لبايدن/ مصطفى محمد
الهجوم الكبير الذي شنه تنظيم “داعش” على سجن الصناعة بمدينة الحسكة والانطباع الذي خلفه هذا الخرق الأمني الكبير باستعادة التنظيم لقوته مجدداً، كان على ما يبدو عاملاً حاسماً في دفع الرئيس الأميركي جو بايدن لإعطاء الموافقة النهائية على اغتيال زعيم التنظيم أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، في ريف إدلب الشمالي، عبر إنزال جوي نفذه التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
عقب الإنزال، خرج بايدن ليعلن عن تصفية “قرداش”، كما فعل سلفه دونالد ترامب عندما أعلن في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2019 عن مقتل زعيم التنظيم السابق أبو بكر البغدادي، في إدلب أيضاً، لتؤكد واشنطن مجدداً أنها الطرف الأقدر على محاربة “الإرهاب” في سوريا والمنطقة عموماً.
وكشفت معطيات نشرتها صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية الخميس، نقلاً عن مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية أن العملية جرى التخطيط لها منذ شهور، وأن بايدن الذي أطلع عليها في كانون الأول/ديسمبر، أعطى الموافقة عليها الثلاثاء الماضي، خلال اجتماع مع وزير الدفاع لويد أوستن ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي، وأن توقيت تنفيذها تم اختياره بالبناء على حسابات عديدة، لا تقتصر فقط على المعلومات الأمنية والاستخباراتية عن مكان تواجد القرشي.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي الدكتور باسل المعراوي أنه رغم متابعة تحركات القرشي وغيره من قبل الولايات المتحدة واستخباراتها إلا أن قرار التصفية يُعد قراراً سياسياً بامتياز، وجاء على خلفية الخرق الكبير الذي مثله الهجوم على سجن “الصناعة” في حي غويران.
ويضيف ل”المدن” أن القرار بتنفيذ العملية بعد هجوم سجن غويران، للتغطية على الاختراق الأمني الذي جاء في أحد أهم معاقل الولايات المتحدة في سوريا (الحسكة)، أي على مقربة من أهم قواعدها في سوريا.
وما يدل على ذلك، إشارة بايدن خلال الإعلان عن مقتل القريشي إلى أن الأخير كان مسؤولاً عن العديد من الهجمات لا سيما هجوم سجن غويران.
بدوره، يؤكد الكاتب والمشرف العام في “المرصد الاستراتيجي” الدكتور بشير زين العابدين أن العملية أمنية بامتياز، وهو ما يحتم النظر إلى الأبعاد الأمنية للحدث بالدرجة الأولى، وخاصة من حيث التوقيت، وتقديم المعلومات، والتسهيلات، وتوفير الغطاء اللازم للفرقة المنفذة. ويضيف ل”المدن” أن العملية موجهة لتسجيل نصر معنوي له بعد “غويران”.
ومن المرجح أن أميركا تعمدت اختيار هذا التوقيت رداً على اتهامات روسيا لها بالفشل بمحاربة “الإرهاب” أثناء الهجوم الأخير على سجن غويران.
ويقول مركز “جسور للدراسات”: “يبدو أنّ الولايات المتحدة أرادت التأكيد على استمرار قدرتها على مراقبة ومتابعة أنشطة قيادة داعش وتقويضها في المناطق التي يعتقَد أن بإمكان خلاياه وقادته الاختباء بها”.
لكن الباحث في “المركز العربي” في واشنطن الدكتور رضوان زيادة يعتقد أن توقيت الهجوم لا يرتبط بظرف سياسي معين، وإنما بتوفر المعلومات عن المكان، ودراسة خطورة العملية، ويستدرك في حديثه ل”المدن” بقوله: “غير أن نجاح العملية يفتح المجال أمام بايدن للاستغلال السياسي، كما سيفعل بايدن لاحقاً، وكما فعل سلفه ترامب بعد مقتل البغدادي، وأيضاً كما فعل الرئيس السابق باراك أوباما، بعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن”.
وأرادت الإدارة الأميركية من خلال العملية، التأكيد على تفردها بتنفيذ عمليات خاطفة، في مناطق بعيدة نسبياً عن مناطق سيطرتها، وقريبة من النفوذ التركي والروسي.
وعن ذلك، يرى الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الدكتور سمير تقي أن العملية تثبت مجدداً قدرة الولايات المتحدة الفريدة على جمع مجموعة معقدة من الإمكانيات، من الاختراق البشري للمنظمات الإرهابية، إلى تأمين المعلومات الخاصة بالظروف والبنية التنظيمية، ومن ثم تأمين المتطلبات اللوجستية والميدانية والقتالية لتنفيذ عملية بهذا التعقيد.
ويضيف ل”المدن”، “لا بد أن يثير هذا الخبر شعوراً بالارتياح لدى كافة حلفاء الولايات المتحدة من جهة، ولكنه يحمل دلالات عميقة بخصوص جدية ما تدعيه كل من إيران وروسيا في مكافحة الإرهاب، فرغم وجود آلاف الجنود الروس، والقوات الموالية لإيران، على الأرض السورية، وبالطبع رغم وجود قوات النظام، لم تقم أو لم تتمكن أي منها من تحقيق هذه النجاحات المتتالية في محاربة الإرهاب”
———————-
أمريكا تقتل زعيم “داعش”… نهاية خليفة آخر خارج “أرض الخلافة”/ علي الدالاتي
قُتل زعيم تنظيم “داعش” أبو إبراهيم الهاشمي القرشي مع أكثر من عشرة أشخاص على يد قوات التحالف الدولي، إثر عملية نزال جوي استمر عدة ساعات في بلدة أطمة، شمال إدلب على الحدود السورية التركية، إذ أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن مقتل القرشي، المعروف باسم عبد الله قرداش، في عملية نفذتها قوات أمريكية خاصة في شمال غربي سوريا. وأضاف بايدن أن العملية “أزاحت زعيم داعش من ساحة المعركة”، مؤكداً أن هدف هذه العملية هو “حماية” الشعب الأمريكي وحلفاء الولايات المتحدة.
بدأت العملية حين نفذت مروحيات تابعة للتحالف الدولي إنزالاً جوياً في أطمة شمالي إدلب، بعيد منتصف ليل الخميس، وسط تحليقٍ مكثّف لطائرات ومسيّرات حربية أمريكية في سماء المنطقة. وبحسب ما قال مسؤول كبير في البيت الأبيض، فقد أقدم زعيم التنظيم عند بدء العملية على تفجير “قنبلة قتلته وأفراد عائلته وبينهم نساء وأطفال”.
وقال محمد أبو علي، وهو نازح مقيم بالقرب من البيت المستهدف: “في الساعة الواحدة من فجر يوم أمس الخميس، سمعنا صوت طيران مروحي لحوالي 40 دقيقة، قبل أن نسمع إطلاق نار وانفجارات، تصاعدت قوّتها واستمرت حوالي ثلاثة ساعات وتزامنت عملية الإنزال مع تحليق مكثف لطائرات ومسيّرات حربية في سماء المنطقة”.
وأضاف: “لقد حاصروا منزلاً قرب بلدة أطمة وأصدروا نداءات بلهجة عراقية عبر مكبرات الصوت يقولون فيها إنهم قوات من التحالف الدولي وإن هناك مطلوبين في هذا المنزل ونحن هنا لتخليصكم من الإرهابين وعلى الموجودين في الطابق الأول والثاني والثالث تسليم أنفسهم مع تهديدات بتدمير المنزل إن لم يخرجوا، ثم بدأت بالاشتباك مع الموجودين داخل الطابق الثاني والثالث من المنزل، بعد ان خرج سكان الطابق الأول (القبو) وسلّموا أنفسهم لقوات التحالف التي قامت بتفتيشهم ومن ثم استجوابهم، لتقوم بعدها بالإفراج عنهم كونهم لا علاقة لهم بمن يتحصنون في الطوابق الأخرى”.
الضيف المستهدف
يقع البناء المستهدف في الأراضي الزراعية التابعة لبلدة أطمة، وبجانبه أراضٍ تحتوي على أشجار الزيتون ويتكون من ثلاثة طوابق، وتعود ملكيته إلى شخص من البلدة يُدعى محمد الشيخ الذي وقال لرصيف22: “قمت بتأجير القبو لعائلة والطابق الثاني والملحق بها لعائلة ثانية قبل 11 شهراً ويعيش في المنزل هو وزوجته وثلاثة أطفال كما تعيش أخته الأرملة وابنتها في الطابق الملحق”.
وأكد أنه “لم يلاحظ أي شي غريب على الشخص الذي استأجر المنزل”، وهو لا يراه سوى عند قدومه لدفع الإيجار و”قامت زوجته وأخته الأرملة بزيارة منزلنا في وقت سابق وكان يعمل بنقل البضائع عبر سيارة يملكها”.
وبحسب جيران المنزل، فإنهم لا يعرفون عمن يقطن المنزل سوى أن لقبه أبو أحمد، وهو لم يكن يملك أي علاقات اجتماعية مع الجيران وكان فقط يقوم بإلقاء التحية عليهم أثناء دخوله أو خروجه من المنزل.
وترجح مصادر محلية أن أبو إبراهيم القرشي هو مجرد ضيف لدى قاطن المنزل، ولكن لم يعرف بعد متى قدم إليه ومن أين، والكثير من المعلومات لم تتكشف بعد، لكن يُعتقد أنه تواجد في المنزل لفترة ليست طويلة ويبدو أنه قدم من مناطق سيطرة قسد في شمال غرب سوريا.
وبحسب حسابات جهادية، على منصتي تويتر وتليغرام، فإن أبو أبراهيم الهاشمي القرشي اسمه أمير محمد سعيد عبد الرحمن المولى ويلقب عبد الله قرداش وهو من مواليد قضاء تلعفر غرب الموصل بمحافظة نينوى العراقية عام 1967، وانضم لتنظيم القاعدة في العراق بوقت مبكر ليتم إلقاء القبض عليه من قبل القوات الأمريكية، ويسجن في سجن بوكا حيث تعرف على أبو بكر البغدادي الخليفة السابق لتنظيم داعش.
وترقى القرشي في سلم قيادة التنظيم حيث كان مسؤولاً عن ديوان التفخيخ، وفي تلك الفترة أصيب بغارة جوية أدت إلى بتر قدمه، ليصل قبل مقتل البغدادي إلى منصب مسؤول اللجنة المفوضة حيث كان يدير حسب منصبه أغلب أمور التنظيم قبل أن يصبح أمير التنظيم الجديد بعد مقتل سلفه البغدادي.
ونفذت قوات أمريكية نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019، عملية عسكرية خاصة، أسفرت عن مقتل البغدادي في بلدة باريشا شمال إدلب، والتي تبعد عن بلدة أطمة، حوالي 20 كيلو متراً.
فاتورة الدماء
وسقط خلال عملية أطمة، العديد من القتلى والجرحى، غالبيتهم مجهولي الهوية إلى الآن، وكلّهم كانوا متواجدين في المنزل المُستهدف بالإضافة إلى رجلين كانا بالقرب من موقع الحادث، وكان داخل المنزل نساء وأطفال كما تقول المعلومات، وقد قُتل غالبيتهم.
وقال رائد الصالح، مدير الدفاع المدني السوري، إنهم تلقوا في حدود الساعة الواحدة بعد منتصف الليل بلاغاً بحدوث عملية إنزال جوي في منطقة أطمة، وأضاف: “توجهت فرق الدفاع إلى المكان، وتمكنت من الدخول إلى المبنى الذي جرت فيه عملية الإنزال، في تمام الساعة 3:15 دقيقة، بعد أن توقفت الاشتباكات ومغادرة المروحيات من المنطقة”.
وذكر صالح أنهم أسعفوا طفلة مصابة من ضمن الحصيلة الكلية، وقُتل جميع أفراد عائلتها في عملية الإنزال الجوي، و”شخصاً آخر أصيب بالاشتباك كان اقترب من مكان الإنزال لمشاهدة ما يحدث، كما انتشلت فرق الدفاع جثة 13 شخصاً قُتلوا بالقصف والاشتباكات خلال عملية الإنزال، وسلمت منهم جثتين للطبابة الشرعية في مدينة إدلب، وأمنت المكان لحماية المدنيين”.
وسبق أن سقط عدد من الضحايا المدنيين في عمليات للتحالف في شمال غرب سوريا، كان آخرها إصابة ستة أشخاص من عائلة واحدة بجروح في غارة جوية أمريكية استهدفت شخص في تنظيم القاعدة قرب مدينة إدلب نهاية عام 2021.
الأهداف والمآلات
من النادر تنفيذ القوات الأمريكية عمليات إنزال جوي في مناطق إدلب، إذ ركّزت هذه القوات، على استهداف الجهاديين في إدلب بإطلاق صواريخ ذكية سواء من الطائرات المسيّرة أو الحربية وغالباً ما يرتبط الانزال بهدف ذو قيمة كبيرة.
وبحسب وائل علوان، الباحث في مركز جسور للدارسات، فإن “الهدف الرئيسي من العملية هو الإنجاز السياسي للولايات المتحدة، فكُل رئيس جديد يحاول تحقيق إنجاز على مستوى الأمن القومي ومكافحة الإرهاب، فكما قُتل أسامة بن لادن أيام باراك أوباما، وتبع دونالد ترامب بقتل البغدادي، اليوم يخرج جو بايدن بنفسه ليعلن مقتل أمير داعش أبو إبراهيم القرشي”.
ولاحظ علوان أن الولايات المتحدة “ليست هي فقط من أعلنت، بل أيضاً انفردت بالتخطيط والتنفيذ لهذا العمل واكتفت بشكرها لحلفائها المحليين على مساعدتهم بالعملية، من نزول الكوماندوس في القاعدة الأمريكية في مدينة عين العرب /كوباني ثم الانطلاق منها لتنفيذ العملية”.
وأكد علوان أن “توقيت العملية مهم جداً، فهي تريد أن تثبت أنها ما زالت قادرة على المبادرة وإحباط عودة داعش، وذلك بعد أسبوعين من عملية الأخيرة في سجن الصناعة بالحسكة، وهي تأتي ضمن استراتيجية التنظيم التي تسمى كسر الأسوار التي هي أول عملية له على مستوى التنسيق المركزي والعالي بعد هزيمته في معركة الباغوز، في رسالة من داعش أنها قادرة على العودة من جديد ليأتي الرد الأمريكي بقتل رأس التنظيم”.
رصيف 22
————————-
الغارديان: زعيم آخر لتنظيم الدولة قتل لكن أتباعه يتربصون تحت أنقاض سوريا والعراق
إبراهيم درويش
علقت صحيفة “الغارديان” على مقتل زعيم الدولة الإسلامية المدعو أبو إبراهيم الهاشمي القرشي في عملية إنزال جوي بمنطقة شمال سوريا يوم الخميس بأن زعيما قتل لكن التنظيم لا يزال يتربص بين الأنقاض.
وجاء في التقرير الذي أعده مارتن شولوف، مراسل شؤون الشرق الأوسط “أن تكون زعيما للدولة الإسلامية ليس كما في السابق، فمقتل القائد الأعلى له، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي بعيدا عن معقل التنظيم الذي نشأ فيه وفي منزل متواضع من الكتل الخلفية في سوريا هو ضربة موجعة أخرى للمنظمة التي كانت تدير قبل خمسة أعوام مناطق واسعة في كلا البلدين وألقت بظلها على كل المنطقة”.
ومنذ خسارته مناطقه كانت عملية انهياره سريعة، فلم يكن قادرا على التمسك بأراضيه كما كان في أيام قوته، لكنه لا يزال يتربص من تحت أنقاض البلدين، حيث يحاول البحث عن فرصة للخروج. وبالنسبة للكثيرين ممن يدرسون تنظيم الدولة، فالهجوم على السجن في الحسكة الشهر الماضي كان علامة على الأمور القادمة.
فقد استطاع عدد من المتطرفين التخطيط في واحدة من كبرى المدن في شمال- شرق سوريا، وحرروا أكثر من 2.000 رجل داخله. واستغرقت المعركة لاستعادة السجن مدة ستة أيام، حيث استطاعت قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر على المنطقة استعادة السيطرة عليه. وكانت الفجوة بين النصر والكارثة ضيقة. وكان القتال هو الأول منذ هزيمة التنظيم في بلدة باغوز، شرقي سوريا قبل ثلاثة أعوام. وفاجأت قدرته على تنظيم عملية كهذه الكثيرين، ولكن ليس الأكراد الذين حذروا من هذا اليوم، ومنذ أن ورثوا مقاتلي فترة تنظيم الدولة في السجون وعشرات الآلاف من عائلاتهم وأطفالهم على الحدود السورية- العراقية.
وكشفت رحلة في العام الماضي بالمناطق التي كانت جزءا مما يعرف بالخلافة عن مجتمعات محطمة وفقيرة وغير متصالحة بعد عقد من الاضطرابات. وعلى الجانب العراقي من نهر الفرات بمنطقة الأنبار، فالمظالم تعود إلى مرحلة الغزو الأمريكي عام 2003 والإطاحة بصدام حسين. فالموضوع السائد في البلدين هو استثناء السنة من العملية السياسية والصعود الإقليمي للطائفة الشيعية الأصغر. وطالما ظل السنة مهمشين وغير قادرين على المساهمة في تشكيل مصير بلديهما، فرسالة تنظيم الدولة حول استعادة المجد الضائع ستظل قوية، تماما كما كانت عندما اجتاحت شاحنة التنظيم المنطقة في ذروة قوتها. وبالتالي فلا يزال ناشطا، ففي منطقة دير الزور ينفذ التحالف ضد تنظيم الدولة غارات شبه يومية.
وفي مناطق الأكراد في الشرق، فهم منشغلون بشكل دائم في عملية اقتلاع الخلايا النائمة، أو ما يمكن وصفه بتمرد على وتيرة منخفضة والتي استخدمتها الجماعة بشكل فعال ما بين 2004- 2011. بفارق أنه يستطيع اليوم تنفيذ هجمات على جانبي النهر. ولا تزال مخاطر التصعيد اعتمادا على أعداد من السجناء والمتعاطفين معهم في السجون عالية. ويحذر قادة الأكراد من مخاطر بقاء آلاف من عناصر التنظيم وعائلاتهم على أراضيهم وحثوا الولايات المتحدة وأوروبا البحث عن حل.
ويعلق الكاتب أن أشباح معسكر بوكا في مرحلة ما بعد الغزو الأمريكي للعراق لا تزال حية، فقد تحول المعسكر إلى أكاديمية لاختيار وتدريب وتخريج الجيل القادم من قادة تنظيم الدولة. وكان سلف القريشي، أبو بكر البغدادي، الذي قتل عام 2019 واحدا من خريجي السجن هذا، وكذا أبو حسن المهاجر والرجل الثاني سامي جاسم الذي اعتقل العام الماضي وسلم للسلطات العراقية. واختار القادة الأربعة إدلب مكانا للاختباء، حيث يتوفر عدد من الناس الذين يتحركون بدون رقابة وبين بيوت غير معلمة يمكن الاختباء بها، وهي نقطة صفر قريبة من تركيا مما أثار المخاوف. والأهم من هذا فعلينا ألا نتجاهل الخطر الذي يتجمع في الظلال بأماكن أخرى من سوريا.
————————
====================
تحديث 06 شباط 2022
———————–
ملاحظات على هامش مجزرة سجن الحسكة/ بشير البكر
أول ملاحظة توقف أمامها كل من تابع التطورات في الحسكة تتعلق بالأرقام التي أعلنها أكثر من مصدر عن عدد القتلى في عملية سجن الصناعة. لا يمكن وصفها بأقل من أنها صادمة بكل المقاييس. وبحسب أكثر من مصدر أدى أسبوع من المواجهات إلى سقوط أكثر من 600 قتيل، القسم الأكبر منهم من داعش في حدود 375، وتليها “قوات سوريا الديموقراطية” 117، وأكثر من 120 جثة مجهولة، ولم تصدر تقديرات عن أعداد الجرحى والخسائر الكبيرة بالماديات نتيجة للقتال، الذي دار في شوارع المناطق المحيطة بالسجن وهي آهلة بالمدنيين، بالإضافة إلى القصف بالأسلحة الثقيلة من مدفعية ودبابات وطيران مروحي وحربي. وتم تداول فيديوهات تكشف عن حجم الدمار الذي خلفته المواجهات بالأحياء المحيطة بالسجن.
وقوع عدد من الضحايا بين سكان الحي وتضرر المنازل يطرحان قضيتين. الأولى هي، ضرورة التعويض عن الأضرار بالأرواح والماديات. والثانية هي، إعادة النظر بالسجون الموجودة وسط الأحياء السكنية، وخاصة تلك التي تضم إرهابيين خطيرين من نمط الدواعش المحتجزين لدى “الإدارة الذاتية” في محافظات الحسكة ودير الوزر والرقة. ولا بد من تحرك أهلي سريع للضغط على الطرف الأميركي، من أجل إغلاق هذا الملف، عن طريق نقل هؤلاء بعيدا عن الأحياء السكنية.
وفي هذه المناسبة ثمة سؤال جوهري يطرح نفسه، وهو لماذا تم اختيار حي غويران العربي بالذات ليكون سجنا للدواعش؟ خاصة مع وجود مناطق أكثر أمنا وبعيدة عن مناطق سيطرة داعش سابقا، مثل المناطق ذات الأغلبية الكردية بشمال المحافظة، أو المناطق شبه الخالية من السكان في بادية المحافظات الثلاث.
والملاحظة الثانية تتعلق بحجم العملية ومدتها ومشاركة القوات الأميركية فيها. ومهما كانت قوة داعش، فإن ذلك يعبر عن ضعف لدى “قسد”، التي تقول أرقامها إنها تمتلك أكثر من 100 ألف مقاتل. وهذا عدد لا يكفي، فعليا، للانتشار على مساحة واسعة لثلاث محافظات تشكل ثلث مساحة سوريا، وباستثناء مدينة القامشلي وأجزاء من الحسكة لا يرتقي حضور “قسد” الأمني إلى مستوى المخاطر في بيئة رافضة لها بغض النظر عن وجود داعش من عدمه.
أما الملاحظة الثالثة فيه، إن العملية كشفت عن فشل “قسد” وعدم قدرتها على وضع مشروع بقواسم مشتركة، على أسس من المساواة بين مكونات المنطقة، وسقوط ذريعة داعش واتهام العرب الذين يمثلون النسبة المطلقة في المحافظات الثلاث على أنهم يشكلون حاضنة لداعش. وفي كل الأحوال هذان موضوعان منفصلان عن بعضهما البعض. فبالنسبة إلى مشروع “قسد” للمحافظات الثلاث وصل إلى طريق مسدود بعد أن تبين أنه لا مستقبل سياسيا له، وهذا أمر لم تقبل به الولايات المتحدة وروسيا، وبقي لدى “قسد” مهمة واحدة هي محاربة داعش ومنع عودتها.
وفي ما يختص بداعش والمكون العربي، ليس هناك حاضنة فعلية في المحافظات الثلاث، نظرا لانعدام بيئة تقوم على مظلومية سنية قوية، وتدين مسيس، وتنظيمات جهادية. وتؤكد المعلومات والمعطيات كافة أن هذا الجو غير متوافر في هذه المنطقة ذات الطبيعة الخاصة، ورغم أن المسألة تحتاج إلى دراسة موسعة، إلا أن محاولات داعش، خلال الأعوام الأخيرة، للتجذر في الرقة ودير الزور والحسكة لم تلق تجاوبا من العرب، بل مقاومة شرسة في بعض الأحيان، وإذا كان داعش قد تلقى ضربة كبيرة في هذه المحافظات، فإن ذلك لا يعود الفضل فيه إلى الحرب على الإرهاب فقط، بل بفضل عدم وجود حاضنة له في الوسط العربي، وهذه حقيقة أدركتها الولايات المتحدة من تجربتها في العراق، عندما وضع الجنرال ديفيد باتريوس استراتيجية عزل داعش من خلال تشكيل “الصحوات”.
والملاحظة الأخيرة هي أن إمكانية حصول حراك أهلي عربي في المحافظات الثلاث (الرقة، دير الزور، الحسكة) ضد قسد وداعش معطل في هذه الفترة بسبب شماعة داعش، ولكنه لن يبقى على هذه الحال لوقت طويل، فمواجهات سجن الحسكة كشفت عن عطل أساسي هو غياب تنظيم العرب لأنفسهم على نحو واضح، وبلورة خطاب سياسي يضع مشكلة المحافظات الثلاث في نصابها، بقدر ما أظهرت عن وصول مشروع “قسد” السياسي إلى طريق مسدود.
تلفزيون سوريا
—————————
الدّواعش وعقيدة اقتحام السّجون/ عمرو فاروق
شهدت الأيام الماضية معارك ضارية بين “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد)، ومقاتلين من تنظيم “داعش”، بهدف تهريب عناصره المحتجزين في سجن غويران في مدينة الحكسة في الشمال السوري، والذين يقدر عددهم بأكثر من 5000 تكفيري.
عملية اقتحام سجن غويران شهدت احتجاز مقاتلي التنظيم الداعشي عدداً من عناصر “قوات سوريا الديموقراطية”، وتحويلهم دروعاً بشرية في ظل تبادل إطلاق النيران، أسفر عن مقتل أكثر من 180 داعشياً (بينهم 150 من منفذي الهجوم)، ونحو 120 جندياً من قوات “قسد”، وفقاً لتقارير صادرة عن المرصد السوري لحقوق الإنسان.
تحركات تنظيم “داعش” في تهريب مقاتليه تنم عن تخطيط وتنفيذ دقيقين لعملية الهجوم على السجن، ما يشير إلى قوة التنظيم وخلاياه الكامنة في المناطق الصحراوية على الحدود السورية العراقية، وقدرته على المواجهة.
اعتماد تنظيم “داعش” فكرة اقتحام السجون يأتي من قبيل عقيدة راسخة تحت مسميات مختلفة، منها “استراتيجية هدم الأسوار”، أو “فك العاني” (تحرير الأسير)، وتدور جميعها حول طرق تهريب العناصر التكفيرية من داخل السجون، وفقاً لمرجعية شرعية صيغت منذ زمن بعيد على أيدي عدد من رموز تيارات السلفية الجهادية، والجماعة الإسلامية في مصر، وتنظيمات الجهاد، وتنظيم “القاعدة”، انتهاءً بتنظيم “داعش”.
وفي آب (أغسطس) 2020، قام تنظيم “ولاية خراسان” التابع للتنظيم الداعشي، بتنفيذ هجوم على السجن المركزي في مدينة جلال أباد في ولاية ننجرهار شرق أفغانستان، أدّى إلى مقتل قرابة 30 عنصراً من حراس السجن، وإصابة 50 عنصراً آخرين، باستخدام 30 عنصراً انغماسياً، وسيارة مفخخة بطن من المتفجرات، لنسف البوابة الأماميّة للسجن المحصّن وفقاً للإعلام الرسمي، وعلى إثرها تم تهريب أكثر من 300 تكفيري ممّن اعتقِلوا أواخر عام 2019.
يقبع في نطاق السجون السورية التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديموقراطية”، نحو 19 ألف داعشي، موزعين على سجون مناطق الحسكة ودير الزور والرقة، بينما يقبع في سجون المدن العراقية ما يزيد على 12 ألف داعشي، موزعين بين بغداد ونينوى وديالى وصلاح الدين، فضلاً عن المخيمات الممتلئة بعائلاتهم.
منذ سقوط “داعش” في آذار (مارس) 2019، تحوّل مخيم “الهول”، في محافظة الحكسة على الحدود السورية العراقية، بؤرة ساخنة ومرتكزاً للفكر التكفيري عن طريق نساء “داعش” المؤدلجات فكرياً، إذ يضم نحو 74 ألفاً من عوائل التنظيم عقب سقوط مناطق ارتكازاته الجغرافية ومقتل الكثير من قياداته الفاعلة والمؤثرة على يد قوات التحالف الدولي.
وتتمثل خطورة هذه المخيمات في كونها بمثابة “قنبلة موقوتة” في العمق السوري، نتيجة تحوّلها “ولايات داعشية” مصغرة، خاضعة تنظيمياً لرجال البغدادي، وممتلئة بنماذج نسائية تعمل على نشر الانحرافات الفقهية والشرعية بين قاطني المخيم، في ظل إرجاء وضعهن ضمن برامج تأهيلية على المستوى الفكري والسلوكي والمجتمعي، للتخلص من رواسب المنهجهية الداعشية في إطار المراجعة الفكرية.
الذين راهنوا على على نهاية التنظيم لم تكن تقديراتهم سليمة، إذ ثمة فروق جوهرية بين سقوط دولة “داعش” وتفككها في آذار (مارس) 2019، وخساراتها للجغرافية السياسية التي كانت تتمركز فيها، وبين انتهاء قصة الدواعش تماماً، في ظل بقاء الفكرة الأيديولوجية وتمددها، واستمرار وجود الخلايا الكامنة المتمركزة في الدروب الجبلية على الحدود السورية العراقية. فوفقاً لتقرير أممي صادر في شباط (فبراير) 2021، أشار إلى أن 10 آلاف مقاتل داعشي، تمكنوا من الفرار بعد هزائم التنظيم، واختبأوا في عمق المنطقة الحدوية بين سوريا والعراق.
في الغالب، لن يتمكن التنظيم الداعشي من إعادة تمركزه جغرافياً في سوريا والعراق تحديداً، لأسباب كثيرة ومتعددة، لكن عمليات الهجوم على السجون واقتحامها، تمثل مؤشراً خطيراً الى حالة الاستفاقة على مختلف المستويات في تنفيذ الهجمات المسلحة، لا سيما أن التنظيم يعتمد على استراتيجية “حروب العصابات”، و”الجهاد المنخفض التكاليف”، ومحاولة استنزاف خصومه عن طريق ذئابه المنفردة، وإعادة بلورة الصورة الذهنية التي توحي بقوته وقدرة نفوذه على الاستمرار والمواجهة، وفقاً لما يُعرف بـ”البروباغندا الإعلامية”.
كتابة السطور الأخيرة في رواية تنظيم “داعش” وفصائله تحتاج إلى المزيد من الخطوات والتدابير التنفيذية على أرض الواقع، مع ضرورة إعادة صوغ استراتيجيات الأمن القومي العربي وبنائها فكرياً وعسكرياً وأمنياً، وصناعة لوبي ضاغط بقوة لكسر تغلغل التنظيم التكفيري، ومحاصرة مخاطره، وقف المد الفكري للمعتقدات الداعشية في عمق المنطقة العربية.
تحركات “داعش” الأخيرة، وتمكنه من التخطيط للهجوم على المنشآت العسكرية في سوريا، تنذر بخطورة التنظيم وقدرته على التحرك، واختراقه الدوائر الأمنية في سوريا والعراق، فضلاً عن الأفرع المنتشرة في بعض الدول الآسيوية والأفريقية، وروافده في العمق الأوروبي، المنحصرة بين “خلايا التماسيح”، وخلايا “الذائب المنفردة”.
عقيدة “داعش” في مداهمة السجون وتهريب أتباعه، شُرعنت على أيدي الكثير من المرجعيات التكفيرية، لعل أشهرهم أبو جندل الأزدي، أو فارس بن أحمد آل شويل الزهراني، المنظّر الشرعي لتنظيم “القاعدة”، والذي نُفذ فيه حكم الإعدام في شباط 2016، في المملكة العربية السعودية.
أصدر فارس آل شويل العديد من الأبحاث والدراسات الداعمة لتنظيم “القاعدة” ومنحها الغطاء الفقهي، منها على سبيل المثال “الباحث عن حكم قتل أفراد وضباط المباحث”، وكتاب “تحريض المجاهدين الأبطال على إحياء سنّة الاغتيال”، وكتاب “وجوب استنقاذ المستضعفين من سجون الطواغيت والمرتدين”، ويعتبر الأخير المشرعن الفقهي للكثير من المحاولات التي استهدفت السجون.
استعان فارس آل شويل في دراسته الشرعية عن “اقتحام السجون” بمجموعة من الكتب التي تحدثت عن واقع السجون في أزمنة مختلفة، وفي ظل أنظمة سياسية متعددة، بهدف تأصيل الفكرة ومنحها غطاءً دينياً، منها على سبيل المثال، كتاب “البوابة السوداء”، للقيادي الإخواني أحمد رائف، و”الكتاب الأسود” لأيمن الظواهري، زعيم تنظيم “القاعدة”، وكتاب هبة الدباغ “تسع سنوات في سجون الأسد”، وكتاب “شاهد ومشهود”، للأردني محمد سليم حماد.
الخطاب الأيديولوجي للتنظيم الداعشي يرتكز مباشرةً على قضية تحرير مقاتليه من السجون، في نوع من التحدي والمواجهة الصريحة للقوات النظامية، لذلك نجد أن أبا بكر البغدادي، زعيم تنظيم “داعش”، نشر تسجيلاً صوتياً، قبل مقتله في تشرين الأول ( أكتوبر) 2019، دعا فيه إلى “إنقاذ” مقاتلي التنظيم وعائلاتهم المحتجزين في السجون والمخيمات، متوعداً بـ”الثأر” لهم، كما تحدث العدد 246 من جريدة “النبأ” الداعشية، باستفاضة في مقالين منفصلين عن مجريات تهريب سجناء سجن جلال أباد، بينما والى منهجية التنظيم في عمليات “هدم الأسوار”، وطرق تهريب مقاتليه وعناصره من داخل جدران السجون.
عقيدة “اقتحام السجون”، ممتدّة منذ بدء تأسيس أبو مصعب الزرقاوي جماعته في العراق، تحت مسمى “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، حيث كانت العملية الأولى بقيادة الأردني عمر يوسف جمعة، المكنّى بـ”أبو أنس الشامي”،خلال محاولته السيطرة على “سجن أبو غريب” وتهريب عدد من التكفيرين في أيلول (سبتمبر) 2004، مروراً بنجاح المحاولة الثانية عام 2013، إذ استطاع التنظيم اقتحام “سجن أبو غريب”، و”سجن التاجي”، وتهريب نحو 600 تكفيري، (كانوا النواة الأساسية التي شكلت الطبقة الحاكمة لتنظيم “داعش” في ما بعد)، مستعيناً بعناصر انتحارية وصواريخ و12 سيارة ملغومة، ما أدى إلى مقتل 120 من حراس السجن.
وفي أيار (مايو) 2011، نفذ نتظيم “داعش” عملية هجوم مكثف بالأسلحة الثقيلة على سجن القصور الرئاسية في البصرة جنوب العراق، استمر لمد 6 ساعات متصلة، لتهريب 250 من القيادات القاعدية التكفيرية، تمكنت خلالها قوات الأمن العراقية، من قتل 11 قيادياً من تنظيم “القاعدة” البارزين، بينهم حذيفة البطاوي المعروف بـ”والي بغداد”، المخطط الفعلي للهجوم، بعد سيطرتهم على أسلحة قوات الأمن داخل السجن.
وفي نيسان (أبريل) 2011، حاول عدد من قيادات تنظيم “القاعدة” الفرار من داخل سجن “تسفيرات الرصافة” في بغداد، من خلال حفر نفق بطول 52 متراً، لكن قوات السجن تمكنت من ضبطهم قبل محاولة الهروب، وسبقها في كانون الثاني (يناير) 2011، تنفيذ عملية هروب لعدد كبير من قيادات التنظيم من سجن البصرة، لم تتمكن التحقيقات الأمنية من كشف ملابساتها.
وقبل ذلك تمكن المسؤول العسكري في تنظيم “القاعدة”، علي عمار الرقيعي، المُكنى بـ”أبو الليث الليبي”، من تنفيذ عملية هروب من سجن “الرويس” في جدة، بصحبة اثنين من قيادات التنظيم عام 1998، بعدما ألقت السلطات السعودية القبض عليهم لتورطهم في تفجيرات الرياض عام 1995.
النهار العربي
—————————–
قتل الهاشمي كعلامة في مسار تنضيب داعش/ عبدالناصر العايد
ليس من الوارد أن تكشف الاستخبارات الأميركية، الحيثيات والوقائع التي قادتها إلى منزل أطمة، حيث كان يقطن زعيم تنظيم داعش الجديد، أبو إبراهيم الهاشمي. وستبقى الأحداث السابقة لقتله العلني، خليطاً من الفرضيات والتكهنات والمعلومات المضللة، وسيبقى التحليل أداة المراقبين الوحيدة المتاحة لاستنتاج الحقائق الممكنة. لكن النتائج كلها تشير، وفق تصورنا، إلى ضعف بالغ في قوة التنظيم، الذي سيعيش مرحلة من الترنح والاضطراب، تشبه من نواحٍ عديدة، المراحل الأخيرة من “الصَّداميّة”، ونقصد هنا التيار الايديولوجي والسياسي والعسكري الذي أرساه الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، بمكوناته الفكرية والبشرية، التي ورثتها سلسلة التنظيمات الجهادية العربية السنيّة في العراق وسوريا المجاورة.
أول الفرضيات التي أشرنا إليها، هي التي حاول البيت الأبيض توجيه التحليلات صوبها، وتقول إن متابعة استخباراتية متواصلة وحثيثة، أوصلت الاستخبارات الأميركية إلى مخبأ الهاشمي، واتُّخذ قرار تصفيته بُعيد عملية سجن غويران، لحرمان التنظيم من حصاد أي نتائج ذات قيمة لتلك العملية الفاشلة. ومع أنه من المتعارف عليه استخباراتياً، أن تُعطى معلومات غير صحيحة لحماية المصادر وعمليات أخرى محتملة، لكن إذا صح، فهذا فمعناه أن الاستخبارات الأميركية استكملت معلوماتها عن الشبكة المرتبطة بزعيم التنظيم، وأضحت في حالة انكشاف وتحت الرصد، وسيبقى كل المنتمين إليها تحت تهديد إطاحتهم تباعاً وما أن يطلوا برؤوسهم.
الفرضية الثانية، وهي التي نميل إليها، هي أن ثمّة خطأ بشرياً جسيماً من النوع الأمني، ارتُكب في مرحلة ما، وهو على الأغلب الاضطراب الذي رافق إدارة معركة غويران، وفي قطاع الاتصالات المرصودة جيداً من قبل الجانب الأميركي على وجه التحديد، أو ربما معطيات تتعلق بمن شاركوا في العملية، أو اعترافات أدلى بها بعض المقبوض عليهم. وهذا معناه ضعف شديد في الترتيبات الأمنية للعملية ولحماية رأس التنظيم ذاته، إذ ليس من المنطقي أن يدير عملية بهذه الضخامة، من مقره الدائم، أو أن يبقى في مكانه بعد وقوع مقاتلين وأجهزة اتصال، يمكنها أن تقود إليه، في إيدي الاستخبارات الأميركية بالغة التطور.
أما الفرضية الثالثة، فهي وشاية مقصودة في أحد أجنحة التنظيم غير الراضية عن الزعيم الجديد وسياساته، وربما نهجه الإيديولوجي، قرر التخلص منه بعد المذبحة التي تسببت بها عملية غويران. ويحوز هذا الاحتمال نسبة عالية من المصداقية، بالنظر إلى الانقسامات الهائلة بين نخب التنظيم في معركته الأخيرة في الباغوز، وحالات التمرد التي نشأت هناك، كما ذَكَر ذلك بالتفصيل عدد من معتقلي التنظيم في العراق.
وتبقى الصدفة البحتة فرضية واردة، لكن دلالاتها أيضاً تصب أيضاً في خانة تهالك قوى التنظيم الذي تعد السريّة وقوته الأمنية أهم ركائزه.
قلنا في مقالة سابقة، إن مجريات معركة غويران تفيد بأن داعش فاقد للقوة والقيادة الاستراتيجية، من ناحية التخطيط والتنظيم والقوة البشرية، ويعاني التفكك لدرجة العجز عن استنفار قواه لحماية ظهر المهاجمين والقائمين بها أو مساندتهم. وقد أكدت لنا مصادر قريبة من العملية، إن الخطة كانت تستهدف تأمين فرار نحو 800 عنصر من الكفاءات السياسية والإدارية والعسكرية، بأي ثمن. حتى أنهم أُمروا بعدم القتال أو انتظار ما تسفر عنه المعركة، ويبدو أن هؤلاء هم “دينامو” التنظيم، ممن تجمعوا في آخر معاقله بالباغوز العام 2019، ولم يتمكن الهاشمي وزملاؤه الطلقاء من تعويض مشاركتهم.
لقد أودت المعارك الطاحنة بمعظم الجيل الشاب من قوة التنظيم البشرية، فيما قتل أو اعتقل أعضاء الصف الأول الأكبر سناً، ونجمت عن ذلك فجوة جيلية في القيادات المؤهلة والقادرة على دفعه قدماً. وتؤكد هذه المعطيات ما أوردته صحيفة “النبأ” التي يصدرها داعش، بُعيد عملية الحسكة، إذ قالت إن عناصره شنوا في آسيا وإفريقيا 49 عملية، منها 18 في محافظة دير الزور السورية، أي نحو ثلث العمليات. وبتفحص هذه العمليات، نجد أنها عبارة عن اغتيالات لسكان محليين، من المدنيين المتعاونين مع “قوات سوريا الديموقراطية” غالباً، وهي سهلة ولا تقتضي سوى إمكانات متواضعة وقوة بشرية محدودة للغاية، عدداً وكفاءة. ووفق مصادر محلية، فإن منفذيها هم فتيان غير مؤهلين، من بقايا “أشبال الخلافة” الذين تلقوا تدريباً أوّلياً فحسب قبيل سقوط التنظيم.
من ناحية أخرى، يشير لجوء القائد الهاشمي إلى المنطقة التي قتل فيها سلفه البغدادي، ليس فقط إلى عدم القدرة على التعلم من الدروس، بل أيضاً إلى عدم وجود مناطق يسيطر عليها التنظيم فعلياً كما يشاع عادة عن هيمنته الفعلية في مناطق شاسعة، خصوصاً في صحراء الأنبار العراقية وباديتي الشام والروضة في شرق سوريا. ويمكننا أن نتخيل حيرة من تبقى من القادة والعناصر المتوارين عن الأنظار، عند تفكيرهم في ملاذ آمن يمكنهم اللجوء إليه لإعادة بناء قوتهم بهدوء، والاستعداد لانطلاقة جديدة.
لم يكن “الصَّداميون” أقل تطرفاً وشراسة من عناصر تنظيم داعش. تشهد على ذلك معاركهم مع القوات الأميركية في المراحل المبكرة من الحرب العام 2003. لكنهم فقدوا الروابط التنظيمية والمصداقية، فجيروا قوتهم لصالح الجهاديين، الذين يستمدون قوة دافعة من “المظلومية” السنيّة في العراق وسوريا. لكن عجز هذه التنظيمات عن حلّ المعضلة بالأساليب المقترحة، وتوجيه الشطر الأعظم من عنفها نحو الجماعة السنيّة بالذات، أدى إلى تراجع الدعم والتأييد الذي حازته ذات يوم. هي ستبقى في الميدان، كما بقي الصَّداميون، لكن علاوة عن ضعفها الشديد وتمزقها الداخلي، ستحرم أيضاً بالتدريج من الطاقة التي يولدها التوتر الكامن في المجتمعات السنيّة، والتي لم يعد أمامها من خيار سوى تصريف تلك الطاقة في مسرب آخر غير هذا المنزلق المدمر. ولربما يكون سبيل النضال السياسي شبه السلمي، بعد كل هذه التجارب العنيفة، هو السبيل الجديد الذي ستذهب فيه، وعلينا ألا نستغرب ذلك بالنظر إلى التحول السابق من الصَّدامية إلى الداعشية، أي من النهج القومي العلماني، إلى المنهج الديني المذهبي.
المدن
———————–
“يونيسيف” تزور سجن الحسكة وتطالب بالإفراج الفوري عن مئات الأطفال المحتجزين
دعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) يوم الأحد للإفراج الفوري عن الأطفال في سجن “غويران” وجميع مراكز الاحتجاز في الحسكة بعد زيارتها لسجن “الصناعة”.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة في بيان على موقعها إنها التقت بالأمس مع بعض الأطفال الذين ما زالوا محتجزين في مركز احتجاز “غويران” في الحسكة بعد نجاتهم من الهجوم الأخير على السجن بعضهم لا تتجاوز أعمارهم 12 سنة.
وذكرت “يونيسيف” إن الأطفال شهدوا أعمال عنف متصاعدة داخل السجن وحوله لمدة عشرة أيام بعد الهجوم في منتصف يناير / كانون الثاني، وعاش كثير منهم في ظروف مزرية في مركز احتجاز “غويران” لسنوات، مبينو أنه “على الرغم من وجود بعض الخدمات الأساسية، فإن وضع هؤلاء الأطفال محفوف بالمخاطر بشكل لا يصدق”.
وأردفت “لا ينبغي أبدًا احتجاز الأطفال بسبب ارتباطهم بجماعات مسلحة، و يجب دائمًا معاملة الأطفال المرتبطين بالجماعات المسلحة والمجندين من قبلهم كضحايا للنزاع”.
ودعت “الدول الأعضاء من الأطفال الأجانب إلى إعادة هؤلاء الأطفال على وجه السرعة ، بما يتفق مع مصالحهم الفضلى”، وفق المنظمة.
وأضافت “لا ينبغي أن يكون الأطفال هناك في المقام الأول”، مشيرة إلى أنها تعمل حاليًا على توفير السلامة والرعاية للأطفال على الفور بينما تواصل دعوة جميع أصحاب المصلحة لإيجاد حلول طويلة الأجل على وجه السرعة لصالح الأطفال.
وأشارت إلى أن “الدمار في المنطقة المحيطة كبير أيضًا. تم تدمير المنازل، مما أثر على ما يقدر بنحو 30000 شخص، فمن الضروري دعم كل الجهود لمساعدتهم.
ونوهت “يونيسيف” إلى أنها على استعداد لتسهيل العودة السريعة والمنهجية للأطفال الأجانب وإعادة دمج الأطفال في سوريا في مجتمعاتهم الأصلية.
وأكدت على أهمية كل يوم للعمل على إعادة “عشرات الآلاف من الأطفال الذين تقطعت بهم السبل في شمال شرق سوريا”، لأن الوتيرة الحالية لإعادة الأطفال العالقين وإعادة إدماجهم بطيئة للغاية، وهذا غير مقبول”.
وفي نهاية الشهر الماضي، أكدت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) احتجاز مئات الأطفال بعد بيان الصادر من منظمة اليونيسيف بتاريخ ال 25من كانون الثاني 2022 والمتعلق بوضع الأطفال من عائلات تنظيم “الدولة الإسلامية” وقالت: إنها تحتجزهم في مهاجع منفصلة.
———————
لماذا قتل الأمريكيون زعيم داعش بعد عملية سجن غويران؟ ولماذا تأخروا 48 ساعة للتدخل بغويران وكان تدخلهم فاتراً؟/ د. باسل معراوي
يرى أغلب المتابعين أن أي ظهور قوي لداعش لابد أن يكون وراءه أهداف تخدم السياسات أو الأجندات الإيرانية، إذ إن أغلبية التمدد الإيراني في المنطقة كان يسبقه ظهور لداعش، وكنت قد أشرت في مقال سابق بأن عملية الهجوم على سجن غويران وتحرير أسرى التنظيم كما جرى في عمليات هدم الأسوار بالعراق 2013 او إطلاق النظام السوري للمعتقلين الجهاديين من سجن صيدنايا بعد أشهر من انطلاقة الثورة السورية.
تعتبر حادثة قتل قرداش، أهم حدث بالمنطقة بعد (نجاح أو فشل) الهجوم على سجن الحسكة الشهير، الذي لا يبعد أكثر من 500 متر عن إحدى نقاط تمركز القوات الأمريكية وهو من المفترض بما يضم من معتقلين أهم نقطة أمنية حصينة في منطقة سيطرة ما يسمى قوات سورية الديمقراطية.
أهداف الإدارة الأمريكية من قتل “قرداش” الآن
لاشك أن داعش وزعيمها تحتل أهمية قصوى بالأمن القومي الأمريكي، وبهكذا تنظيمات أو ميليشيات تكون لشخصية وفكر القائد دور هام في نجاح التنظيم.
يعتبر قرداش من الجيل الأول بداعش وقد يكون آخر القادة من ذلك الجيل ولابد من انتقال القيادة للجيل الثاني، والذي قد يكون أشد عنفاً من الجيل الأول لأن جيل داعش الأول الذي خرج من أحضان القاعدة كان أعنف أو أشرس منها.
لا شك أن قرداش استلم قيادة التنظيم وهو في أسوأ حالاته، حيث أن هزيمة التنظيم بسورية والعراق التي كانت آخر فصولها معركة الباغوز في آذار 2019 وكان متوقعاً أن تكون ضربة قاضية يستمر بعدها التنظيم كظاهرة أو تيار فكري جهادي عنفي إلى جانب أعمال متفرقة فردية وغير منظمة لأعمال إرهابية هنا وهناك.
بعد إعلان النصر المؤزر على التنظيم من قبل رؤساء أقوى دولتين في العالم، بدأ قرداش بعد اختياره قائداً بالعمل بهدوء على اعادة التنظيم الى الحياة ولملمة أشلائه.
استطاع قرداش أن يعيد بشكل جيد بنية التنظيم في سورية والعراق وبأسلوب وخطط جديدة، وبات تصاعد عملياته وأسلوبها يوحي بعودة قوية، واستطاع التمدد في آسيا وأفغانستان على وجه الخصوص، وتمدد التنظيم في أفريقيا وخاصة في دول الساحل الغربي، وأصبح رقماً مهماً بمعادلات الآمن في المنطقة، وكان هذا التطور بقدرات وخطط وتوسع التنظيم تقلق الولايات المتحدة، ولا شك أن قرار قتله كان متخذاً وينتظر توفر المعلومة الأمنية وتوقيت القرار السياسي
مما لا شك فيه أن اغتيال قرداش يخدم أولاً وأخيراً الولايات المتحدة بشكل عام والإدارة الديمقراطية بشكل خاص من ناحيتين اثنتين:
1- إن تاريخ 15 شباط كمهلة أخيرة غير معلنة لإرغام إيران على توقيع اتفاق نووي في فيينا (أو ثنائي مع الولايات المتحدة) ومن المرجح الوصول لذلك، سيفيد الرئيس الأمريكي كثيراً في صراعه مع الحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفية للكونغرس التي ستجري في خريف هذا العام، إذ إن توقيع الرئيس بايدن على الاتفاق سيعقبه استغلال انتخابي للحزب الجمهوري بان بايدن رئيس ضعيف والاتفاق يفرط بأساسيات الامن القومي الأمريكي وتلك الحملة قد تطيح بخطط الرئيس لضمان فوز مرشحي حزبه الديمقراطي لذلك كان لابد أن يمتلك ورقة موازية ويقول بأنه قضى (كما قتل أوباما بن لادن وقتل ترامب البغدادي) إنه رئيس قوي ويستطيع ضمان أمن الولايات المتحدة القومي.
2- يعتقد كثيرون أن الولايات المتحدة لا تخف رغبتها بالانسحاب من المنطقة وترك الدول الحليفة لها تشكل منظومة أمن إقليمية تتولى مجابهة خطر التمدد الإيراني أو غيره من ملفات المنطقة، وهي منشغلة بأمن الاتحاد الأوربي وتنقل جهدها إلى أوربة لمواجهة روسيا والمحيط الهادي بمواجهة الصين، وهي تدعم اعتماد الحلفاء بالمنطقة على أنفسهم وقد بدا هذا عملياً يتجسد بالشرق الأوسط إذ إن التقارب العربي – التركي، والعربي – الإسرائيلي، والإسرائيلي – التركي، تحضيراً لانسحاب الولايات المتحدة لمواجه العربدة الإيرانية في العواصم العربية الأربعة وغزة، وإن قتل زعيم تنظيم داعش يكون مقدمة لهذا الانسحاب وأنها أدت ما يتوجب عليها.
لماذا تأخر التدخل الأمريكي 48 ساعة وكان بإمكانهم التدخل بعد 15 دقيقة من اقتحام السجن؟
لا شك أن التوقعات الأمريكية كانت باتجاه عمليات محدودة وفردية للتنظيم بعمق مناطق نفوذها أو بالهوامش الرخوة، إلا أن عملية بهذا الحجم فإنه يضر أولاً وأخيراً بسمعة الولايات المتحدة وعبثية إجراءاتها الأمنية وضعف معلوماته الاستخبارية، وكان لابد لها لاستعادة سمعتها من ضربة قوية للتنظيم تضعفه وتربكه وتظهرها بمظهرها التي تريد.
يرى بعض الخبراء أن تأخر الولايات المتحدة بالتدخل إلى ما بعد 48 ساعة وطبعاً كان بإمكانها التدخل بعد 15 دقيقة، وحتى طول فترة المعركة وعدم حسمها باكراً (وبإمكانهم فعل ذلك) استغله الأمريكان للإيقاع بقرداش، يبدو أنهم يعلمون مكانه في منطقة إدلب لكن مكان وجوده بالضبط قد يكون غير محدد لهم، وإنهم استغلوا تواصل التنظيم مع قيادته لأخذ أوامر وتوجيهات بمراقبة بعض السراة وحاملي الرسائل من الرجال (وهي آمن طريقة للمراسلات الهامة التي يتبعها التنظيم في مثل تلك الظروف)، تمكن الأمريكان عبر عملاء لهم على الأرض من تحديد مكان وجود قرداش بدقة، ولثقتهم بدقة معلوماتهم الطازجة لم يستعملوا أسلوب القصف الجوي أو الطائرات المسيرة بل إنزالاً جوياً، على أمل التمكن من إلقاء القبض على قرداش حياً وليس قتله.
ويجمع الجميع أن قرداش هو من فجر نفسه والمنزل وكانت المطالب الأمريكية تسليم نفسه.
استفادت الإدارة الديمقراطية كثيراً من عملية قتل قرداش في إشارة منها، كما تم قتل سليماني والمهندس والبغدادي، أن حقبة التخادم الإيراني – الأمريكي قد انتهت ولا يمكن إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء ولا مكان للتطرف الجهادي الشيعي أو السني في المنطقة.
————————
بعد انتهاء المعركة ضد “داعش”.. هل عاد أهالي غويران إلى منازلهم؟
غازي عنتاب – عبد العزيز الخليفة
أسفر هجوم عناصر تنظيم الدولة “داعش” على سجن الثانوية الصناعية، في حي غويران أكبر الأحياء العربية في الحسكة، عن مقتلة راح فيها المئات من عناصر التنظيم الذين انخرطوا في القتال، ومن عناصر قوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي خاضت معركة استمرت من 20 كانون الثاني إلى 29 من الشهر ذاته.
وبالرغم من تركيز العالم على الجانب الأمني من الحدث، إلا أنَّ للحدث تأثيرات أكبر من كونه خرقاً أمنياً تمَّت السيطرة عليه بمساعدة التحالف الدولي فيما بعد، فالحي العربي الأكبر والذي طالما عرف على أنه يمثل ثقل الثورة الرئيسي في الحسكة، ومنه انطلقت أكبر المظاهرات ضد النظام، دفع الثمن الأكبر من المعركة ونزح منه 45 ألف شخص حسب أرقام الأمم المتحدة.
وفتحت الحادثة باب الاعتقالات والتشديد الأمني والحصار على الحي، ما فاقم معاناة سكانه وجعلهم في قفص الاتهام بالنسبة لقوات “قسد” وعطّل عودة المئات منهم إلى منازلهم.
حواجز مضاعفة تعيق الحركة
زادت الحواجز الأمنية لقوات “قسد” على الطرق المؤدية إلى حي غويران بشكلٍ كبير، وتم نصب حواجز جديدة على طول طريق الـ 60 بين دوار الجندي المجهول والبانوراما عددها ثلاثة حواجز، إضافة إلى الحواجز القديمة؛ حيث يتموضع حاجز على جسر البيروتي، وآخر يعرف باسم حاجز بين الجسرين أو تل غويران الذي يفصل مناطق سيطرة “قسد” عن مناطق سيطرة النظام في الحسكة، بحسب مصادر تلفزيون سوريا.
كما نُصِبت حواجزُ جديدة في حي الآغاوات من الجهة الغربية للحي، وحاجزان قرب القاعدة الأميركية التي تتوسط المنطقة الفاصلة بين غويران وحي النشوة.
الأمر ذاته ينطبق على حي الزهور أو “حوش الإباعر” كما يُعرف محلياً، فالحي هو الآخر يتعرض لحصار خانق من قبل قوات “قسد”؛ فبعد نصب حواجز قرب القاعدة الأميركية أصبح الحي معزولاً وصار على أهالي الحي أن يسلكوا مسافة طويلة إذا أرادوا المرورَ من جانب مساكن الشرطة التي غيرت اسمها “الإدارة الذاتية” إلى مساكن عفرين بعد طرد أهلها منها في فترات سابقة، بحسب المصادر ذاتها.
الخيار الأصعب
كل هذه الحواجز، دفعت المئات من العائلات إلى اختيار الخيار الأصعب، وهو البقاء في مراكز الإيواء أو في منازل أقاربهم بالأحياء الأخرى؛ كالنشوة والكلاسة والناصرة وغيرها وبالقرى القريبة من المدينة، بحسب “أبو إسلام” وهو نازح من غويران ما زال يقيم بمركز إيواء في حي الناصرة.
يقول أبو إسلام لموقع تلفزيون سوريا، إنه ما يزال مقيماً مع عشرات العائلات في مسجد مصعب بن عمير في الناصرة، حيث يضم المسجد قبواً كبيراً تستخدمه العائلات النازحة إلى الآن، مشيراً إلى أنَّ معظم النازحين هنا تعرضت منازلهم للتدمير أو التخريب أو النهب، وبعضها تعرَّض للتجريف من قبل “قسد”، وهم يفضِّلون البقاء خارج الحي، خاصة أنَّ الحملات الأمنية لم تتوقف في الحي، و”قسد” تشن حملات اعتقال بشكل مستمر، فضلا عن المضايقات من عناصرها مع توجيه اتهامات بتأييد “داعش” لأهالي الحي.
ويضيف أبو إسلام، إنه اعتقِل لنحو أسبوع من قِبل قوات “قسد” عند ذهابه لتفقد منزله في غويران، حيث سُجن مع العشرات في مدرسة الزراعة بالحسكة، وتم نقلهم مع 50 آخرين إلى سجن آخر في بلدة تل براك شمال شرقي الحسكة، بعد “تصويرهم قرب جدار بالمدرسة ووجوههم على الحائط” على أنهم “دواعش” قبض عليهم، وأطلق سراحه قبل بضعة أيام.
ويورد نازح آخر يقيم في جامع عثمان بن عفان داخل حي المريدان الذي يسيطر عليه النظام، أنَّ أكثر من 500 عائلة من حيي غويران والزهور، ما زالوا في مراكز إيواء أو منازل أقاربهم، وأنه بالإضافة لمسجد عثمان بن عفان يوجد مركز آخر في مطعم على البال بالملعب البلدي.
قطع الخدمات الرئيسية
ويقول النازح الذي طلب عدم ذكر اسمه: بالإضافة إلى الحواجز والملاحقة الأمنية بتهم كاذبة، فإنّ الأحياء الجنوبية ما زالت بلا ماء ولا كهرباء ولا خبز منذ هجوم “داعش”، ولم تصل المياه إلى غويران إلا في يومٍ واحد فقط لبضع ساعات؛ ما يدفعنا إلى اختيار البقاء، خاصة أنّ الأهالي ليسوا قادرين كلّهم على دفع مبلغ 10 آلاف ليرة سورية مقابل “خمسة براميل مياه” والحركة لا تتم بسهولة، بين كل هذه الحواجز التي تتعامل مع الجميع كمشتبه بهم، لجلب ربطة خبز من خارج الحي.
ويتابع بحديثه لموقع تلفزيون سوريا: إنَّ طفلاً في الـ 14 من عمره وسيدة بالعقد الرابع، أُصِيبا بجروح من رصاص “قسد” يوم السبت الماضي، وذلك عندما كانا يتظاهران مع مجموعة من سكان حي الزهور للمطالبة بإزالة الحواجز وتسهيل دخول وخروج الأهالي من الحي.
تجريف المنازل وكليات جامعة الفرات
عبدالله الجشعم، وهو صحفي بموقع الخابور المحلي المهتم بأخبار منطقة شمال شرق سوريا، قال: إنَّ “قسد” بدأت في تجريف معهد المراقبين الفنيين وكلية الاقتصاد وكلية الهندسة التابعة لجامعة الفرات، ومنعت الامتحانات في كلية الزراعة التي سيطرت عليها وحولتها إلى مركز لتجميع المعتقلين من الحسكة، قبل توزيعهم على مراكز اعتقال رسمية.
ويضيف أنهم تمكنوا من توثيق نحو 20 عملية تجريف لمنازل ومحال تجارية في غويران من قبل “قسد”، موضحاً أنَّ ” المنازل التي جرفت كان يتحصن فيها بعض الدواعش وعوقب أصحابها على جريمة لم يقترفوها باعتبارهم كانوا نازحين خارج الحي كله”.
ويشير الجشعم في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، إلى أنَّ الحملات الأمنية التي تزعم ملاحقة خلايا “داعش”، أصبحت “سيفاً مسلتاً على رقاب أهالي الحي” وخاصة الأهالي من سكان الحي الذين ينحدرون من محافظات أخرى وبشكل أساسي دير الزور، “فالحملات الأمنية صارت تطالبهم بكفلاء وبطاقة وافد” وهي بطاقة تفرضها “إدارة قسد” على سكان الحسكة من المحافظات الأخرى.
ويختتم حديثه بالقول، إنَّه “لا يستبعد أبداً أن تكون كل هذه الإجراءات بهدف التغلغل في الأحياء الجنوبية وتعديل التوزع الديمغرافي فيه؛ فسابقاً استولت قسد على مساكن الشرطة بالمنطقة ذاتها وحولتها إلى مساكن عفرين، وسياساتها الحالية توحي أنّها تريد فعل شيء مشابه”.
تلفزيون سوريا
—————————
عن داعش وعرب الجزيرة السورية/ أحمد البرهو
ما الذي نريده من زيارة المريض؟
الجواب النمطي: مواساته، والتخفيف عنه.
في الحقيقة قد يكون جزء من هذا الجواب حقيقياً، من جهة أن الرغبة في التخفيف عن المريض هي نزوع عاطفي، يحتمل أن يكون صادقا، وقد يحتمل ألا يكون صادقاً أيضاً.
حين يكون السلوك عاطفياً، فإن المرء يتوسل إلى البرهنة عليه بواسطة المحسوسات، كتقديم باقة ورد، أو النطق بكلمات طيبة، ونحو ذلك. لكن ماذا لو وقف العائد (الزّائر) على رأس المريض، ليقول له: إنك مريض!
لعلّ هذا لو حدث فإنّه سيكون دليلاً مادياً على مشاعر متناقضة مع هدف الزيارة، بل ويجعلنا نراجع حتى البديهيّات للتأكد من هويّة الزائر، حتى لو بدا بهيئة طبيب، وكذلك مراجعة صحّة ما إذا كان المريض مريضاً أو غير مريض، إذ يصعب اعتبار ذلك السلوك اللّفظي تقصيّاً لحقيقة العلاقة بين المريض وبين المرض، بالقدر الذي يظهر سعياً لإثبات المرض على (المريض)، بغض النظر عن كل منطق!
أثناء خطاب بشار الأسد في نيسان 2014 ، أي بعد نحو ثلاث سنوات على انطلاقة الثورة السوريّة، وبعد أن تمكن الإرهاب العالمي من السيطرة على مساحة واسعة من مناطق الثورة، سقط بشار “الطبيب” بهذا الخلل المنطقي والأخلاقي حيث تنفّس بشار الأسد الصعداء، وأطنب في وصف الإرهاب، والربط بينه وبين السوريين (السوريين على وجه التحديد)، فيما بدت على وجهه ملامح الفرحة والبهجة والسرور، فقال: (هناك عشرات الآلاف من الإرهابيين “السوريين” خلف هؤلاء الإرهابيين هناك “حاضنة اجتماعيّة” عائلة، قريب، جار، صديق، هناك أشخاص آخرون، يعني نحن نتحدّث عن مئات الآلاف، وربّما الملايين من السوريين..) كان يُسهب في الكلام كمن يصف كنزاً قد عثر عليه!
وإن كان بشار أكثر المختلّين سقوطاً إلا أن الخلل ذاته يمكن أن يجري في سلوك كل فئة متكسّبة من توفر الألم، ويمكن ملاحظتها وهي تستمتع في وصف الألم، حتّى يكاد منطقها يُفصح عن علاقة حميمة بينها وبين توفّر الألم، وهذا قبحٌ جمالي وأخلاقي دون شك. لكن، أكثر ما يتّضح هذا القبح في الجانب المنطقي والحقوقي، حين لا تتورع، تلك الفئة، عن نسبة الألم إلى من يعاني منه، عندئذ لا يمكن اعتبار كلامها وصفاً سريرياً، غايته تتبع مصدر ألم، بل تُنبِؤ منطقها عن منهج كيدي، يسعى إلى الإيقاع بصاحب الألم.
لتقريب فكرة الفرق بين الوصفي والمعياري، لنلاحظ، على سبيل المثال، الصيغة التالية: (هؤلاء جرفهم التيار).
تبدو الصيغة، للوهلة الأولى، وصفاً لشخصٍ ما (رجل أو امرأة) جرفه سيل ماء قوي، فلم يتمكن ذلك الشخص من الثبات، ومقاومة قوّة التيار، وهذا معنى يدعو إلى الأسف. لكن سنحاول التأكّد من مصلحة قائل: (جرفهم التيار) إذ قد يحمل الوصف، نسقاً معياريّا، كيديّا كـمعنى: (انجرفوا مع التيار) أي نسبة فعل الانجراف إلى المفعول حقيقةً، ولعلّنا يمكن أن نسمّي ذلك: (هَوْيَنة) الضحيّة إذا جاز التعبير.
وهل تستطيع الأشجار بقوتها أن تصمد أمام تيار جارف!
إن الخطاب الذي يتكسّب من إثبات تهمة الانجراف على المنجرف، خطاب منحاز، يهمل عدم توفر القدرة على اتخاذ خيار (عدم الانجراف) أمام قوّة السيل، وهذا المنطق أشبه ما يكون بخطاب أيديولوجيّ حتميّ، يبحث عن النتيجة قبل دراسة أسبابها، بل قبل مباشرة أيّة قضيّة، لذلك لا يمكن الوثوق بمنطق كهذا.
ثمّة جملة أخرى قد تؤكد على الخلل وتبرر له: (الضحيّة ليست بريئة من دمها!)،
ولإثبات عدم براءة الضّحيّة قد يذهب بعضهم للقول: لولا ذنوب الضحيّة لما صارت ضحيّة…!
وقد يعود آخرون إلى الطبيعة ليبرهنوا على: أنّ ركض الفريسة أمام المفترس هو ما أثار في المفترس غريزة الافتراس!
لكن هل تُلام الغزالة إن حاولت الركض للإفلات من فكّي ضبع، فالضباع تفترس الحملان النائمة، كما تفترس الغزالة المصابة التي لم تتمكن من الركض أكثر، فغدت ضحيّة!.
ربّما يمكننا ملاحظة أن أصابع الاتهام كانت متجهة، منذ البدء، نحو الضحيّة، وقد يختلط البحث عن دليل الاتهام بالبحث عن مبرر للمجرم!
إنّ مثل هدا المنطق لا يتكفّل بإدانة من وقع في المشكلة فحسب، بل وبتبرئة مسبّبها كذلك، والتستّر على سببها، سواء أكانت المشكلة مرضاً، أو جريمة، أو إرهاباً، ويكاد يشي هذا المنطق بالمصلحة التي تكون، عادة، من ورائه، بل ولا غرابة في التشكيك بنزاهة ذلك (الطبيب)، أو (المحامي)، أو (السياسي)، إن كانت مصلحته في استمرار الألم، أو الجريمة، أو الإرهاب.
إنّ منطق “الضحيّة ليست بريئة من دمها” مقبول شرط أن تكون الكارثة، التي جعلت من الضحيّة ضحيّة، جاءت نتيجة خيار خاطئ ارتكبته الضحيّة، لا نتيجة عدم توفر حتى خيار الدفاع عن نفسها!
وقد يقول قائل: إنّ حياة البؤس التي يعاني منها الشعب السوري سببها المطالبة بالحريّة، وهذا خيار خاطئ! فيظهر المنطق المختل من جديد بلبوس طيّب ليدين الضّحيّة، ضمنا، بأن من طالب بالحريّة مشترك في جريمة فقدانها، وهذا يتجاوز الوعي البسيط، الذي يدرك أنّ الحريّة ليست خياراً، بل إنّها العتبة الوجوديّة الضامنة لتعدد الخيارات.
ربّما من الأجدر بالطبيب وبالمحامي وبالسياسي، بل وبصاحب النيّة الطيّبة أن يبحثوا عن دوافع أخرى وراء المشكلة، دوافع ملتصقة بطبيعة الفاعل، لا بطبيعة الضحيّة.
في ظل عدم تمّكن غالبيّة الشعب السوري من حريّة اختياره، فإنّ تصارع الأيديولوجيات فوق رؤوسهم، لا شكّ أنّه يزيد الطين بِلّة، ويفرز لغة تختزلهم ضمن هويات حتميّة جمعيّة تتستّر على كثير من أسباب ألمهم.
إنّ تركيباً من مثل (الحاضنة الشعبيّة أو المجتمعية)، يشبه منطق الحجر الصحي في العصور الوسطى، حيث كان على الصحيح والمريض أن يُحتَجزوا في مكان واحد مغلق، ما يمنح المرض فرصة للفتك بهم جميعاً. إن مثل هذه الصيغة قد تساهم في وسم أعدادٍ كبيرةٍ من الشعب السوري بأمراضٍ هم أصحاب المصلحة الحقيقيّة بزوالها!
وقد يتضاعف الخلل المنطقي والأخلاقي، ذلك الذي سنّه بشار الأسد، على لسان سلطة أمر واقع تتحّكم في رقاب أهلنا العرب في الجزيرة السوريّة، ثم تتهمهم، عبر مثقفيها وإعلاميّيها، بأنهم “الحاضنة الشعبيّة لـ داعش”، وكأنّ “داعش” ليس تنظيماً إرهابيّا، يفتك، أكثر ما يفتك، بهم، بل وكأنّ “داعش” أعضاء مجلس نوّاب منتخبون من قبل عرب الجزيرة!
أمّا صيغة “حاضنة مجتمعيّة للتنظيم” فهي صيغة أيديولوجيّة، معياريّة، عنصريّة أكثر قبحاً من سابقتها، إذ تحمل، ضمناً، اتّهاماً للعِرق وللثقافة معاً، وهي تعبّر عن رغبة سلطة الأمر الواقع، في انتهاز الفرصة لإجراء تغيير ديمغرافي، أكثر من اهتمام تلك السلطة بمعالجة ظاهرة الإرهاب، وفي هذه الصيغة يصح قول أمين معلوف: (أليست فضيلة القوميّة -الأيديولوجيا- الأولى أنها تجد لكل مشكلة مذنبا بدلا من حل)!
إنّ المنطق المدني لا يُجيز اتهام الجماعات، بصفات معياريّة، مالم يمتلك كل فرد من هذه الجماعات حقّه، في قبول أو رفض التهم الموجّهة إليه. إذ غالبا ما تكون الضحيّة بريئة من دمها المسفوك على أيدي المجرمين، أعداء حريتها، لأنّ الضحيّة، كلّ ضحيّة، لو امتلكت حريّة خياراتها؛ لما اختارت إلا الحياة.
————————————
بمناسبة معركة سجن الحسكة عن مفهوم النكاية/ موفق نيربية
تخافتت أصوات المعارك في مدينة الحسكة، من دون أن تختفي بعد، أو تتخافت أصداؤها هنا وهناك. وتناول تلك الأصداء بالتقييم لا ينتظر طويلاً، لأن آثاره سوف تزيد من الأذى الحاصل من قبل، في البنية السورية وفي هشاشتها أمام التحولات الطارئة بسبب صراعات الآخرين، العمياء أحياناً. فقد اندلعت معركة حامية بهجوم قوات تنظيم الدولة «داعش» على ما يُسمى بسجن الصناعة هناك، الذي يحوي عدداً كبيراً من سجناء ذلك التنظيم الجهنمي منذ انتهاء المعارك الطاحنة بينه وبين التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية من جهة أخرى، بانتهاء معركة الباغوز.
قامت تلك القوات (قسد) أساساً على نواة أكثر صلابة من مقاتلي الحزب الديمقراطي الكردي وأقرب حلفائه قبل أن تتوسع بالعديد من المقاتلين العرب والسريان، من دون المس بنفوذ الكرد الرئيس فيها، وقيادتها عملياً. وفي عيون البعض من عرب المنطقة وخارجها، لم يكن ما حدث انتصاراً للكرد على «داعش» وحدها، بل على العرب/السنة من خلال هيمنة صلبة تمددت بعيداً، خارج المناطق الكردية أو المختلف على نسبة تركيبها الإثنية.
قد يتجسد ذلك احتضاناً لـ»داعش» في بعض الحالات، أو تعاطفاً يعصف في وجه الكرد، يجرف في طريقه مسألة الإرهاب وخطره، ويرفض الاعتراف بها، ليرى فيها استهدافاً للعرب عموماً، أو للسنة العرب. وذلك ليس فعلاً وحيد الاتجاه، بل كان له ما يزيد من أواره من عصبية كردية مقابلة تزهو بالنصر والسلاح وقوة الحليف.
جاء العديد من التقارير الإعلامية والبيانات ومنشورات التواصل الاجتماعي، يركز على الجانب الكردي من الموضوع ويهمل الصراع الرئيس، بحجة أن أمامنا خطرين متعادلين، وإرهابين لا يقل أحدهما عن الآخر، يدفع به بقوة إصرار الحكومة التركية على إبراز الخطر الكردي ممثلاً بحزب العمال بطريقة تبدو وكأنها تهمش قليلاً من خطر «داعش» وأخواتها، وهي تساوي بينهما. كأن الهجوم على سجن الحسكة – المكتظ بمقاتلي «داعش» الأسرى هجوم كردي على الأمة العربية/التركية/السنية؛ وكأن دور التحالف الدولي هنا مجرد برهان على المؤامرة الكونية أيضاً!
في بعض جوانب العمل السياسي، يبدو الحديث السائد في أن «الأقربين أولى بالمعروف» مخطئاً، يخلي المكان لآخر يؤكد أنهم أولى بالشر والنكاية والإغاظة. ولطالما انقسمت قوى وتنظيمات سياسية، ليصبح ترصد إحداها للأخرى أساس حياتها السياسية وخبزها اليومي، بدلاً من الاهتمام أكثر بالخصم السياسي المقابل كما تقتضي البداهة والحس السليم، إضافة إلى المصلحة السياسية.
أذكر جيداً كيف كنا طلاباً جامعيين قادمين من طرفين في حزب واحد ينقسم بتسارع في مطلع السبعينيات في دمشق، وقد أصبح التفوق في الانتخابات على مرشح الجانب الآخر سابقاً على أهمية النجاح أو هزيمة الخصم بالمعنى السياسي الفعلي. كما تعايشنا كثيراً مع انقسامات المقاومة الفلسطينية وتنظيماتها أيضاً، وشهدنا كيف يتم – فعلياً أيضاً – نسيان اليسار واليمين، والراديكالي والرخو، أمام شقيق قد انشق حديثاً. حدث هذا مثلاً في انشقاقات الجبهة الشعبية المتكررة، على سبيل المثال. يُسجل هنا أن تلك الظاهرة كانت أكثر بروزاً في اليسار منها في اليمين. كانت تلك الظاهرة مصدر استدامة للضعف في حقل الاستراتيجية، فهماً وإدراكاً وبحثاً وممارسة. يتضاءل بوجودها الهدف الأهم والأكبر والرئيس، من أجل التركيز على الهدف المباشر، اليومي والعابر. وتلك مدرسة ربما ورثناها من قراءاتنا الساذجة في إرث لينين والحركة الثورية الروسية التي كانت نبع المعرفة والثقافة الفكرية – السياسية لدى كثيرين من جيلنا.
هي أيضاً ظاهرة بدائية، نتاج تأخر وفوات، وأعراض لحالة نفسية – عصبية لا تعود إلى العلم والقيم والمبادئ، بمقدار ما إلى حالة التناحر والتدافع على الصيد والغنيمة مع الأقربين إلينا. وربما كانت موروثة من أزمنة التوحش والبدائية، إذ تبدو أكثر تأصلاً من الجديد الناشئ عن العلم والمعرفة والمنطق وعلم الاجتماع والقانون… والحداثة. يمكن لذلك أيضاً أن يكون مدخلاً عريضاً إلى الانتهازية والدجل، لتحقيق الغلبة على أولئك الأقربين. يأتي من ثم التلفيق وهجر الصدق بعيون مفتوحة عن آخرها. ويمكن الجزم أن من يحبك تلك «الحقائق» يصدقها غالباً، ويقاتل بإيمانٍ عميق من يسعى إلى إثبات خطلها وضررها.
هنالك فاعلية كبيرة للنكاية في القصص الشعبي، وعلى ما يبدو في ممارستنا للسياسة. ذلك ما يرد على الذهن حين يرى المرء كيف يقوم بعض السوريين بالتمثيل ببعضهم الآخر، في كل حقل وميدان. ولم يصل بهم الأمر إلى ذلك المقدار إلا بعد استفحال ظاهرة الإسلاموية القصوى، المتطرفة – العنيفة – الانعزالية. هنا تداخَل «الثأر» مع»النكاية»… فكان أن رجع ذلك بالبلاد إلى الصحراء، وبأهلها إلى البداوة الأولى – الجاهلية؟ – بعد أن كانت مدناً- ممالك مدنية تملأ النظر والسمع.
وأوغل الجهاديون المعاصرون – وما هم بمعاصرين – في البحث بأشكال الجهاد وأنواعه، وفصل العديد منهم في «جهاد النكاية» و»إدارة التوحش» و»جهاد التمكين». فكان الأول هو مرحلة ممارسة الإرهاب وإغاظة العدو بالعمليات المنفردة الانتحارية أو الانغماسية أو التفجيرات، وهي تكون صغيرة قد تكبر حتى حجم «غزوة نيويورك» مثلاً. وعندما يؤدي جهاد النكاية إلى إضعاف السلطة في جغرافيا معينة تسود فيها الفوضى، تغدو «إدارة التوحش» ضرورية، مع ضرورة التمهيد للنصر اللاحق بخلق مواقع سلطة مستقرة ذات قواعد وفقه وقضاة. وذلك كله باتجاه» التمكين» وتأسيس الحكومة الشرعية، خلافةً كانت أم أمارة أم ولايات في المرحلة الأخيرة هذه يحتاج الأمر إلى شكل قتال وتسليح مختلف، وتمهيد كالذي تم تأمينه من خلال» فتح» الموصل سابقاً.
في ذلك عودة إلى الطبيعة تذكر بهوبس ورفاقه من بعده، وعودة بعلم الاجتماع إلى ما قبل ابن خلدون بزمن طويل، وبعلم النفس إلى أيام جداتنا. نبحث عما يساعد في وعي الظاهرة عموماً، وحين تتجسد نكايات تتوالد في حقل السياسة السوري، تتكاثر في زمن جهاد النكاية والتوحش والتمكين والمغاور المنعزلة، والذكورية القصوى إذ تستحيل إرهاباً لا حدود لدمويته.
في الحروب عموماً، والحروب التي تفسخت عواملها وأطرافها مع طولها خصوصاً، يصبح الممنوع والمكروه في الأحوال العادية نافلاً ومزعجاً، في حين تزداد شعبية الإقدام على أفعال وأقوال غريبة. تغدو أي دعوة للحوار والمكاشفة تخليصاً للخصم من أسلحته. تلك الأسلحة تكون آنذاك قد أصبحت طرفاً حليفاً أو داعماً أو ممولاً أو حتى مستثمراً أو موظفاً، أو مجرد عصبية فائتة كان ينبغي إطراحها أساساً. هنالك الكثير مما يمكن وينبغي أن يقال في نقد «قسد» و»مسد» وخصوصاً «الإدارة الذاتية» من دون هوادة، فيما ينعكس أخطاء على الأرض تزرع السلبية والرفض والتعارض ورد الفعل، لكن ذلك لا يستدعي ما يظهر وكأنه «إيديولوجيا النكاية» وقد تجسدت خطراً إضافياً على الأخطار المحدقة بمصير سوريا ذاتها. ومن كل الأخطار، احتلالات وتمزقاً وارتهانات وتشتتاً، يبقى الخطر الأكبر أن تغدو تلك البلاد مجرد دملة على الكوكب، يملؤها قيح «داعش» وأشكال قوى الإرهاب المتنوعة. تجليات تلك الإيديولوجيا لدى العرب السنة في الجزيرة السورية تختلف شدتها وألوانها بين المراكز والأطراف في جميع معانيها، الاجتماعية والجغرافية والثقافية. تزدهر أكثر بقليل في بعض الأوساط الطبيعية والفطرية، التي تستطيع بذاتها أن تكون أكثر تقدماً ورفضاً من غيرها، لكل أشكال التطرف، حين تغيب أو تضعف موجبات النكاية ومحرضاتها.
مع ملاحظة محلية أخرى، في أن معركة السجن ربما أنهت احتمال «التمكين» وعودة «دولة الخلافة» بعد هزيمة «داعش» المفترضة، بخاصة بعد قتل زعيمها قرداش حيث كان مختبئاً؛ وملاحظة دولية في أن ذلك الخطر – مع تركيزه على سوريا والسوريين – يمثل خطراً على العالم أيضا، وليست أخطار الحرب في أوكرانيا، أو أزمة إمدادات الغاز، بشيء أمامه. وتلك حقيقة أيضاً، لا تعني إدارة بايدن وحدها، بل تعنينا نحن السوريين أولاً!
أضاف الجنرال مظلوم عبدي قائد» قسد» مؤخراً مهمة جديدة لا يمكن إنجازها من دون الحل السياسي الشامل في سوريا – مثل إعادة الإعمار وعودة اللاجئين والانتخابات العامة – هي هزيمة «داعش» النهائية.
كاتب سوري
القدس العربي
——————-
لماذا لا تنتهي ظاهرة «داعش» وأمثاله؟/ أكرم البني
تتضافر ثلاثة أسباب لتفسير حالة العجز المزمن عن القضاء، بشكل حاسم ونهائي، على جماعات الإرهاب الإسلاموي، وشيوع إحساس بأن النيل من زعيم أو أكثر من زعماء تنظيم «داعش»، كقتل زعيمه «القرشي» مؤخراً، لن يبدل كثيراً من المشهد، ومن فرص إعادة إنتاج هذا النوع من الجماعات، حتى بأسماء ورايات جديدة.
السبب الأول يتعلق بطابع المعركة الدولية التي تكرست في مواجهة تنظيم «داعش» وأمثاله، واقتصرت على الخيار الأمني والعسكري، متجاهلة العوامل السياسية والمعرفية والاقتصادية المحرضة لنشوء التشدد الديني والإرهاب الإسلاموي، كالاستبداد والتخلف والجهل والفقر والتمييز والفساد، والتي من دون معالجتها لا يمكن هزيمة هذه الآفة جذرياً وتجفيف منابعها، مما يفسر الحصيلة المتواضعة لهذا الخيار بعد أكثر من عقدين من الزمن وبعد حربين واسعتين في أفغانستان والعراق.
النتائج تقول، إن الخيار الحربي، وبرغم نجاحه في النيل من أهم قادة التطرف الإسلاموي، لم يكن مجدياً وحده في التصدي لهذه الجماعات المتشددة واستئصال شأفة الإرهاب، بل ساهم في توسيع انتشارها وانتشار الإرهاب ذاته… والوقائع تقول، إن الأوضاع التنموية المزرية لمجتمعاتنا في ظل سلطات القمع والفساد خلقت تبايناً صارخاً بين ملّاك السلطة والثروة وجموع غفيرة يكويها القهر والحرمان، مما شكل تربة خصبة تمد «داعش» وأشباهه بأسباب النمو والتجدد… ودروس التاريخ تقول، إن السياسات الدولية الظالمة لحقوق المجتمعات العربية والتي غضت النظر عن شرور الاستبداد والاحتلال، وعن دعم قيم الحوار واحترام التعددية وحقوق الإنسان، شكلت بدورها حافزاً موضوعياً لاستمرار التشدد الإسلاموي واندفاعاته العنيفة.
صحيح أن الحرب على الإرهاب الإسلاموي ترافقت فيما مضى، بدعوات لدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان وتنمية المجتمعات المتخلفة كسبيل لسحب البساط من تحت أقدام التطرف الديني، وصحيح أن الأنظمة المستبدة سارعت لمحاربة هذه الدعوات، إما باستحضار نظرية المؤامرة والترويج لفكرة أن وراء التنمية الديمقراطية مصالح استعمارية لإذلال شعوب المنطقة والسيطرة على ثرواتها، وإما بدعم ما تيسر من جماعات إرهابية وتحريكها لإيقاع الأذى هنا وهناك، وإقناع العالم بأنه لا بديل عنها لحماية الأمن والاستقرار، لكن الصحيح أيضاً أن قلة الصبر والتراجع المبكر عن دعوات التمكين الديمقراطي لمصلحة دعم الاستقرار والاستبداد القائمين، ثم السلبية الدولية تجاه ظواهر الفتك والتنكيل السلطوية بحق مجتمعات الربيع العربي، والأسوأ تنامي حضور التيارات الشعبوية والعودة الراهنة عالمياً إلى منطق القوة والمكاسرة والغلبة، ساهمت جميعها في حفز الفكر «الجهادي» ومنحه المزيد من الفرص للترويج لحلمه القديم بإقامة ما يسميه «دولة الخلافة».
ثاني الأسباب يرتبط بالأنظمة الإسلاموية التي لا تزال تتوسل الصراعات الدينية والمذهبية لتعزيز تسلطها ونفوذها، وفي مقدمتها حكومة طهران ودورها في مد ظاهرة التطرف والإرهاب بعوامل البقاء والاستمرار، وربما لم يكن صدفة أن يتزامن نمو هذه الظاهرة وتطورها مع قيام الجمهورية الإسلاموية في إيران، ليس فقط لدور الأخيرة في إثارة النزاعات المذهبية وخلق ما بات يعرف بالمظلومية السنية، وتشجيع انحطاط الصراع السياسي في المنطقة نحو عنف طائفي ومذهبي بغيض، وإنما أيضاً لأن لطهران مصلحة في الإبقاء على هذا «البعبع»، وتوظيفه عند الحاجة، مرة أولى لتشويه وإضعاف فرص النهوض العربي وإجهاض مسارات التحديث والتنمية والقدرة على بناء مجتمعات أكثر معرفة وأشد حرصاً على حاجاتها وحقوقها، ومرة ثانية لإثارة الفوبيا الغربية من الإسلام السني وتشجيع القبول الدولي بها كأهون الشرور. والمشهد، اتساع الفئات المهمشة والمحتقنة مذهبياً وتعميق مشاعر القهر والظلم لدى المكون العربي السني وتكريس ردود فعله في إطار من الثأرية المذهبية، مما حرمه من حقه وفرصته الريادية في نصرة مجتمع الحرية والمواطنة وقيادة النضال لإزالة كل أسباب التخلف والتمييز والاضطهاد.
يتفق الكثيرون على وجود ترابط بين اندفاعات التطرف الإسلاموي وعتبة تقدم النفوذ الإيراني في المنطقة، ويدرجون تفجيرات سبتمبر (أيلول) 2001 مثالاً لكونها حضت واشنطن على اجتياح العراق وتدمير دولته والعبث بمكوناته، مما عزز حضور إيران ونفوذها في المنطقة، مذكرين بداية، بصمت حكام طهران وتواطئهم تجاه ذلك الاجتياح ثم تنسيقهم الفريد مع النظام السوري، لتمكين جماعات الإرهاب الإسلاموي من معاودة نشاطاتها لإجبار القوات الأميركية على الانسحاب من العراق وتركه لقمة سائغة لنفوذ «الحرس الثوري»، في الوقت الذي لم تتعرض فيه طهران لأي عملية إرهابية من قبل تلك الجماعات، بل على العكس كانت الملاذ الآمن الذي احتضن بقايا أمراء «القاعدة» وأسرهم بعد خروجهم من أفغانستان.
ثالث الأسباب يتعلق بواقع الفكر الديني في مجتمعاتنا الذي باتت تحكمه ظاهرة مزدوجة؛ وجهها الأول الإسلام السياسي، ووجهها الثاني قصور المشروع التنويري، حيث لا يخطئ من يعتقد بأن أحد أسباب نمو الفكر المتطرف هو الرهان الخاطئ على اعتدال جماعات الإسلام السياسي والغزل مع أهم تنظيماتها وعلى رأسها «الإخوان المسلمون»، من دون الأخذ في الحسبان أن هذه الجماعات كانت عموماً بمثابة الوعاء العقائدي والاجتماعي لنمو التعصب والتطرف الإسلاموي، ولنقل التربة الخصبة، آيديولوجياً وتنظيمياً، لتبلوره وترعرعه، فكلاهما ينهل من منهل واحد، وكلاهما يسعى إلى تطبيق ما يعتقد أنه الشريعة الإسلامية وحكم الله على الأرض، وإن اختلفا في الأشكال والأساليب، بل لم يتردد من يدعي السلمية منهما، والأمثلة كثيرة، في استخدام أكثر الوسائل استئثاراً وقمعاً وبربرية لحماية سلطانه وما يعتبره حقه المقدس، مثلما لا يخطئ أيضاً من يقرن تطور الفكر الإسلاموي المتشدد بفشل الإصلاح الديني وضعف حضور ومصداقية قوى الحداثة والديمقراطية، والأهم ضعف الجهود لبناء وتعميم خطاب صحي ينأى بالدين عن دنس السياسة ويعيد الاعتبار لجوهر القيم الدينية الأخلاقية والإنسانية، فليس من فرصة أفضل للفكر المتطرف كي ينمو ويتطور من غياب صوت العقل والمنطق، ومن العجز عن التأسيس لرؤية علمية جريئة للعلاقة بين الديني والدنيوي، كفاتحة للنهوض بمجتمعات أدمنت الجمود والتقليد وصارت في أمس الحاجة إلى نشر العقلانية في طرائق التفكير.
والحال، ما دامت الأسباب السابقة باقية، فالمناخ الملائم لاستمرار «داعش» وغيره من الجماعات الإرهابية باقٍ، مناخ يدفع الأغلبية المتضررة والمحاصرة دفعاً نحو الملاذ الديني، ويزيد تلقائياً من فرص نمو الفكر الإسلاموي المتشدد وخياره العنفي.
الشرق الأوسط
———————————
العالم إذ يراوغ نفسه في الشمال السوري/ حازم الأمين
أما وقد انتهت العملية التي نفذها “داعش” في سجن الصناعة في مدينة الحسكة شمال شرق سوريا، وقتل من قتل، وفشل من فشل، وانكشفت مواقع الضعف والخاصرة الرخوة لمرحلة ما بعد “الخلافة”، فلا بد من استعادة مشهد الشمال الشرقي لسوريا بوصفه بطناً ولادة لاحتمالات كثيرة.
مهاجمو السجن لم يخرجوا من تحت الأرض، فهم شقوا طريقهم بين صدوع خلفتها التجربة التي أعقبت المعركة الأخيرة في الباغوز. مشهد الشمال الشرقي لسوريا مذهل لجهة ما ينطوي من احتمالات، والعالم اذ قرر أن يشيح بوجهه عن المشهد هناك، تعامى عن حقائق مذهلة يمكن أن تولد بفعل تعاميه. وهذه الحقائق هي ما ساعد مقاتلي التنظيم على مهاجمة سجن الصناعة، وهي ما سيساعده مستقبلاً على عمليات مماثلة.
أحد الأصدقاء أجرى مسحاً للسجون في تلك المنطقة، وسجل أن سجن الصناعة أو سجن الحسكة المركزي، يضم قرابة 3500 سجين من عناصر تنظيم “داعش”، وأكثر من 700 طفل مما يعرف “بأشبال الخلافة”، وهو ليس الوحيد بل هناك ما لا يقل عن عشرين سجناً آخر، مثل سجن عايد في الطبقة الذي يضم نحو ألف معتقل، وسجن الأحداث في الرقة ويضم نحو 1500، وسجن علايا في القامشلي الذي يضم نحو 1500، والسجن الأسود أو سجن ديريك، الذي يضم أخطر المطلوبين، ويقبع فيه نحو 2000 سجين، وسجن الشدادي الذي يضم نحو 600 سجين، وعدد من السجون المحلية الأخرى.
لكن ليست السجون وحدها مؤشر الانفجار المقبل هناك، فمخيمات اللاجئين متفشية على نحو مذهل، ويعيش الناس فيها أحلك الظروف على كل المستويات، والبؤس والعنف يبلغان ذروتهما في مخيم الهول الذي يعيش فيه نحو 40 ألفاً معظمهم من عائلات عناصر تنظيم “داعش”.
والهول أقرب إلى سجن منه إلى مخيم. محاصر وممنوع على سكانه مغادرته، لكنه أيضاً مدينة سجنية، تتوزع الأحياء فيه تبعاً لخطورة السكان، ومثلما ممنوع على سكانه المغادرة ممنوع على عناصر “قسد” الدخول إلى الكثير من أحيائه.
من الصعب توقع شكل الانفجار الذي يمكن أن يولده هذا المشهد المحتقن، فعملية سجن الصناعة تبقى على ضخامتها موضعية، وجرى تطويقها على رغم الأثمان الفادحة التي نتجت عنها، والمرء إذ يرتعد أثناء عرضه عناصر الاضطراب الواضحة عليه أن لا يشيح بوجهه، على نحو ما يفعل العالم، عن وقائع موازية. فخطوط الاحتقان العربي الكردي في تلك المنطقة مؤشر أيضاً، وانتشار عشائر تصدعت بناها وتعاني اليوم من تذررٍ ومن فقدان لناصية الزعامة ومصادر العيش سيساعد أيضاً من يريد الاستثمار بهذه المآسي أن يفعل.
وهنا علينا أن لا ننسى أن العشيرة بعد أن فقدت بنيتها، تحولت إلى طاقة تتنافس على توظيفها قوى العنف. من هذه المعادلة ولدت معظم الجماعات المتطرفة في سوريا والعراق، سواء كانت سنية أم شيعية. سبق لإيران أن سعت لتشييع انشقاقات عشائرية سنية، وسبق لصدام حسين خلال حملته الإيمانية أن حول عشائر شيعية إلى سنية.
هذا المشهد ليس سورياً، فالمسؤولية عن مصائب الشمال الشرقي السوري يتوزعها العالم بأجمعه. في السجون مقاتلون من 52 جنسية، ونحو ثلث سكان مخيم الهول من العراق، وتعيش فيه عائلات أوروبية وأفريقية ومن معظم دول المنطقة.
والحرب على “داعش” خاضها العالم بأسره، وليس عادلاً أن تترك تبعات هذه الحرب على السوريين لوحدهم. علماً أن هذا ما يفعله العالم اليوم. كل العالم. دول كثيرة ترفض استعادة مواطنيها من هناك، وتكتفي بمساعدة الإدارة الكردية على إدارة السجون والمخيمات، فيما دول الجوار تتنازع على مصالحها في هذه المنطقة غير آخذة بعين الاعتبار احتمالات استيقاظ المسخ وانقضاضه على كل شيء!
نعم، من المذهل أن هذه الوقائع ما زالت خارج السياسة، إذا ما كانت الأخيرة إدارة للمصالح وللمستقبل. اقتصار المعالجة على بعض المساعدات، وعلى تدريب القوات الكردية على إدارة السجون، يعني أن الجميع قرر إبقاء المشهد على ما هو عليه، وهذا لا يعني إلا انتظار الكارثة. أطفال عناصر التنظيم في طريقهم لكي يصيروا الجيل الجديد من مقاتليه، والسجون مصنع هائل للعنف، ومنها ولد التنظيم أصلاً، والعشائر، في تخبطها وانهيار بناها، لطالما لبت الدعوات للعنف وللانقضاض.
كل الشروط متوفرة لكي نشهد حدثاً مشابهاً لحدث سجن الصناعة، وربما أكبر منه. العالم لم يتعظ، والدول تراوغ نفسها وتدفن رأسها بالرمال.
الحرة
————————
=======================