سياسة

عن تصريحات ” مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية: غير بيدرسون ” الوقحة والأخيرة وردود فعل المعارضة السورية – مجموعة مقالات مختارة-

الأمم المتحدة في سورية: الخطوات بعد السلال/ سميرة المسالمة

يظنّ مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، غير بيدرسون، أنّه يقترح مصطلحاً جديداً في مسار حلّ القضية السورية، أو الصراع السوري، اختصرها بجملة “خطوة مقابل خطوة”، في حين أنّه يكرّر ما فعله سابقه ستيفان دي ميستورا، صاحب مشروع “السلال الأربع” الذي رحل مع رحيل صاحبه، أو مع فشله.

وفي الواقع، عمل بيدرسون فقط على تغيير الجملة، كأنّه يخترع جديداً، في حين أنّه يتقصد الإمعان في تجاهل، أو تجهيل، طبيعة الصراع الدامي والمدمر والمعقد، الدائر في سورية منذ أكثر من عشرة أعوام، والتعامل بسذاجة مع مختلف تحوّلاته وتعقيداته ومداخلاته الخارجية، وبشكل خاص بعد انتقاله إلى صراع على سورية. ويكرر بيدرسون، في ذلك الطرح، ما حاوله سابقه، معتقداً أنه سيؤدي إلى نتائج مغايرة، من دون أن ينظر إلى عبثية المساواة غير المتكافئة بين الطرفين المتصارعين محلياً على السلطة، سواء لجهة القدرة على الفعل أو التزامه، فحيث يمتلك النظام وحده مفاتيح زنازين المعتقلات المعروفة أو السرّية، وأزرار الصواريخ التي تقصف، والقوة الغاشمة التي تقتلع الناس من بيوتهم، فإنّ المعارضة التي يفاوضها المبعوث في جنيف، وهي مرتهنة لمجموع إرادات الدول الداعمة لها ولمصالحها من تركيا إلى أميركا، لا تملك حتى قرار التجوّل في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، فما الذي تعنيه أطروحة المبعوث، ومَن المستهدف بها؟

من جهة أخرى، كان الأولى ببيدرسون أن يدرس مرحلة سابقه، ستيفان دي ميستورا، صاحب فكرة السلال الأربع، بل أن يدرس معها “خطة المناطق الأربع منخفضة التصعيد” التابعة لثلاثي آستانة، فضلاً عن دراسة الجولات التفاوضية في جنيف، ومآلات اللجنة الدستورية، بل لا بدّ أنّه درسها بتمعّن قبل أخذه منصبه، وكلها مشاريع أو مقترحات أدّت إلى فشل مريع، بسبب مواقف النظام، وبسبب لا مسؤولية المجتمع الدولي، وتراخي كيانات المعارضة.

والفكرة هنا أنّ المبعوثين الدوليين يشتغلون كأنّهم مبعوثون من السماء، لا صلة لهم بالواقع، ولا بحقائق الصراع، كأنّ كلّ ما يعنيهم زيادة رصيدَيهم، المادي والمعنوي، في حين أنّ القضية التي يشتغلون عليها لا يقدّمون فيها شيئاً، وأقل ما يفترض منهم في قضية مأساوية أن يقدّموا موقفاً إنسانياً، على نحو ما فعل كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي اللذان فضّلا الاعتزال على المشاركة في تغطية المقتلة الجارية في سورية، أو تغطية تخاذل الموقف الدولي مما يجري.

هكذا استمر دي ميستورا في موقعه خمسة أعوام من دون أن يملأ ولو ربع سلةٍ من سلاله، وها هو بيدرسون الذي يدخل عامه الرابع، من دون أن يزحزح حجراً واحداً، يطلع علينا بمقترح خطوة مقابل خطوة، بدل أن يضع النقاط على الحروف في تحديد طبيعة الصراع السوري، وبدل أن يضع المسؤولية على الأطراف المعنية (الدولية والإقليمية). وكان بإمكانه ذلك، وثمّة ترسانة من القرارات الأممية، التي يمكن أن يعضد بها موقفه هذا، وضمن ذلك بيان جنيف وقرارا مجلس الأمن 2118 (لعام 2013) و2354 (لعام 2015).

الفكرة اللافتة في الحديث الذي أدلى به المبعوث الأممي لصحيفة الشرق الأوسط (29/ 1/2022) أنّه أكد عدم وجود خلافات استراتيجية بين المتحاورين الرئيسين في سورية (الولايات المتحدة الأميركية وروسيا)، وأنّ هناك مصالح مشتركة بمحاربة الإرهاب، متجاهلاً أنّ موقع الدولتين على ضفتي نقيض، على الرغم من كلّ التصريحات التي تصب في خانة المشتركات، وكذلك العمل الثنائي والأممي من بيان جنيف 1 حتى القرار 2254، وما يعني ذلك من توافقاتهما حول الملف السوري منذ عام 2012، على الرغم من التفسيرات المختلفة لكليهما حولهما، واصطفافات الدولتين المتعاكستين بين دعم روسيا النظام ومساندة أميركا معارضته، وأنّ الإدارات الأميركية المتعاقبة تفرض العقوبات على كلّ من النظام وروسيا في آن واحد، بينما تتوغل روسيا في سياسة خلط الأوراق وإدخال العالم في متاهات الحروب المحتملة، العسكرية والاقتصادية. وضمن ذلك مساندة روسيا تصنيف النظام المعارضة السورية مجموعات إرهابية، ومن بينها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تقف الولايات المتحدة خلفها ومعها في سيطرتها على مساحات واسعة من سورية، وفي حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). فهل تجربة عشر سنوات من العمل المتجابه بينهما لا تكفي المبعوث الأممي ليكون أكثر دقّة في تحديد معنى التوافقات الاستراتيجية، أو الاختلافات بين سياستي دولتين تهيمنان فعلياً على الصراع في سورية وعليها، وتترك خلفها الأطراف الإقليمية والحدودية، ومنها إيران وتركيا، تتحاصص على الفائض منهما؟

ذكر مفردات بند بناء الثقة في القرار 2254 من موضوع المعتقلين إلى العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين، وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وغيرها من العبارات والمفردات التي عوّل عليها دي ميستورا في ترويج سلاله التي ضاعت في أروقة جنيف سابقاً، لن تعزّز مبادرة بيدرسون، بل كان حرياً به أن يبحث عمّا يحمي خطواته التي ستتوه أيضاً بين مطارات دمشق وجنيف وتركيا وغيرها، بينما يتابع النظام خطواته السريعة في استعادة ما بقي من أراضٍ خارج سيطرته تحت عنوان محاربة الإرهاب، أو إجراء تسوية مع قوات “قسد” يستعيد من خلالها نفوذه في مناطقها. وقبل ذلك، لا أظن أنّ بيدرسون يستطيع إقناع وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، بالتراجع عن موقفه في رفض “خطوة مقابل خطوة” أو التساهل معها.

ستكسب المبادرة الجديدة التأييد الدولي من الأصدقاء الأعداء (روسيا – أميركا)، لأنّها تحقق مصلحة استراتيجية حقيقية، وهي إضفاء الشرعية على تضييع الوقت، ليتسنّى لهم معرفة موطئ قدمهم في الملف الأهم، أوكرانيا، حيث تحشد روسيا قواتها على الحدود مع أوكرانيا، بينما تحشد أميركا تصريحاتها وتهديداتها، وقد تكون هذه نقطة اللقاء الاستراتيجية الوحيدة والقديمة التي أسهمت في تأزيم الواقع السوري وتعميق مأساة شعبه؟

“خطوة مقابل خطوة” تعني للنظام الاستسلام من الشعب والمعارضة لهيمنته واستبداده، وتعني للمعارضة قبول النظام بها شريكة في بقايا دولةٍ أكلها الفساد ومزقتها الفتن!

العربي الجديد

————————-

غير بيدرسون في اجتماع للأمم المتحدة حول سورية

سيد “بيدرسن”، التزم بولايتك ونفّذ مهمتك!/ يحيى العريضي

بالأمس، وقف المبعوث الدولي للقضية السورية “غير بيدرسن” على باب قادة ميليشيات إيران وحرسها الثوري العابثين في سوريا، والأمل يحدوه بأن طهران ستساعده في مهمته للحصول على موافقة لزيارة فيصل مقداد في دمشق؛ علّ “نظام الأسد يرضى” بمشروع (الخطوة بخطوة) لإيجاد حل للقضية السورية المستعصية.

ويبدو أنه لم يبق أمام “بيدرسن” إلا “حسن نصر الله”، ليزجّ به طرفاً في مهمته! فها هو يقلّد إدخال روسيا لإيران كـ “ضامن” لما سُمي “خفض التصعيد” كبديل لـ “وقف شامل لإطلاق النار في سوريا” حسب القرار الدولي، عندما يزج بإيران كوسيط في الحل الدولي. وليس خفياً أن الرجل على درجة من “الذكاء الخبيث” ليعرف أن إيران بالنسبة للحل السياسي أكثر عرقلةً من منظومة الاستبداد في دمشق. ولكن -ضمن عُزلة إيران كدولة مارقة تسيطر على أربع عواصم عربية بمخططاتها الخبيثة الإجرامية- رأى ربما بدء مشروعه في “الخطوة بخطوة” من إيران؛ فيقدِّم لها رشوة واهتماماً خاصاً من الأمم المتحدة، كمبعوث لها، ويدخلها في قضية ذات اهتمام وقيمة عالمية!

رحلته القادمة ربما تكون إلى تل أبيب ليطلب من قادتها، الذين أسهموا في الحريق السوري أكثر من أي جهة أخرى؛ تسهيل مهمته. وغداً سنراه ربما يلتقي مع مصنعي “الكبتاغون” ومروجيه في سوريا الأسد ومصدريه للعالم، كي يتدخلوا لدى ماهر الأسد، كي يضغط قليلاً على أخيه، للسماح له بزيارة جديدة واللقاء مع “نساء سوريا” كداعم مُسرٍ لجهوده.

في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن، يبشرنا السيد “غير” بأن المعاناة السورية لا تزال على أشدها والعنف في كل مكان: ضربات جوية، عبوات، قصف، حوادث أمنية، عداء، مخدرات، داعش، فقر، خراب… إلخ. ولكن كل ذلك يطرحه بصيغة “المبني للمجهول”؛ تماماً كما في إحاطاته السابقة بخصوص المفاوضات، “الفاعل مجهول”؛ أي مَن يعرقل، غير محدد. وهنا يسعف نفسه بالقول إنه مجرد “ميسّر”، دون أن يكون ناطقاً بالحق لجهة مَن يعرقل ويرفض بالاسم؛ وبالطبع كل ذلك تحت يافطة الكياسة والدبلوماسية، كي لا يُجَفِّل “النظام”؛ وتخرب مهمته كمبعوث.

يعرف السيد المبعوث كم يعني إعادة إحياء شبح (داعش) للنظام وإيران وروسيا وقسد؛ كي تستمر الأسطوانة الأساسية في “محاربة الإرهاب”، كذريعة لاستمرار المأساة السورية. ونعذره ها هنا إذا لم يبح بعلاقات داعش العضوية بالاطراف المذكورة أعلاه. ولكن الحديث عن هذا الشبح يحتل نسبة لا بأس بها من إحاطته “الإرعابية” لأعضاء المجلس. وغايته أن يعرفوا في أي بيئة خطيرة يعمل؛ وكم هو ضروري ومهم استمراره في حقل الألغام هذا!

في النقطة الثالثة من إحاطته، يورد السيد المبعوث إحصاءات سورية بالملايين للنازحين، والفقراء، والخيام، والمعتقلين، والمفقودين، والمغيبين؛ ويأتي على ذكر العمليات الإجرامية، و”الكبتاغون”، وتمزيق البلد، وطالبي الخروج من ذاك الجحيم؛ ولكنه لا يذكر كلمة حول الفاعل والمتسبب بكل هذه الكوارث؛ وكأنه يراها أقداراً تقع.

كانت الفقرات 8 و9 و10 هي الأخطر في إحاطة السيد بيدرسن الأخيرة، حيث قدّم ملامح مشروعه “الخطوة بخطوة” أمام مجلس الأمن، آملاً إضفاء الصفة الرسمية أو “القانونية” أو “الشرعية” عليه. وأتى ذلك باستخدام عبارة جذابة سمّاها “إجراءات بناء ثقة”، أي أن يتم تقديم الأطراف لبعضها البعض ما هو مفيد وجذّاب، كي يكون هناك حل أو ممر تمهيدي لحل سياسي. ولـ “حسن نيته” و”إخلاصه” لمهمته المقدسة كمبعوث لأشرف قضية في عصرنا الحديث، لم يذكر تلك الأطراف بالتحديد؛ ولكن هناك “طرف” واضح وهو “نظام الأسد وحلفاؤه”، وما يجب أن يُقدَّم لهم فرادى ومجتمعين؛ وما يمكن أن يقدموه -وخاصة “النظام”- لبقية العالم، وللكثير من الأطراف؛ حيث أضحت علاقتهم مع العالم وليس مع أهل سوريا ومعارضتهم، المكلف السيد “بيدرسن” بإيجاد حل لقضيتهم.

تحدث بيدرسن عن “العطاءات” المتوقعة من النظام دون أن يسميه: المعتقلين -البيئة الآمنة لعودة اللاجئين- وبعض الدبلوماسية؛ ومقابل ذلك يحصل من العالم على: مساعدات اقتصادية- رفع مقاطعة- تعافٍ مبكر- واستعادة سوريا لوحدة أراضيها وسيادتها فقط. وذكر في مقابلة له أنه ما من خلافات استراتيجية بين أميركا وروسيا حول سوريا.

في الظاهر، مَنْ ذاك الذي لا يريد هذه الخطوات والأهداف النبيلة كإطلاق سراح المعتقلين، أو وقف القتل والدمار، أو عودة اللاجئين، أو الأمان والخلاص من العقوبات، أو استعادة سوريا لسيادتها ووحدة أراضيها؟ ولكن إذا بعد كل هذه السنين، وهذه المحاولات لتحقيق أيٍ من هذه الأهداف النبيلة؛ لم يتحقق أي شيء مِن هذا، ولم يُقْدِم النظام على أي منها؛ بل حرص على اشتعالها المستمر؛ فأي هدف لـ بيدرسن من طرحها إلا إعادة لتأهيل منظومة الاستبداد، ومسح جرائمها، والدعس على قرارات الأمم المتحدة، التي تنص على اعتبار معظمها أموراً مسلماً بها، أو فوق تفاوضية؟

أليس هذا ذراً للرماد في العيون من قبل مَن هو مؤتمن ومكلف بولاية تتضمن التطبيق الحرفي للقرار الدولي 2254 دون لف أو دوران؟ من جانب آخر، أشكُّ جداً بالتفاهم الروسي- الأميركي الذي يتحدث عنه في مقابلته؛ فالمؤشرات لا تشي بذلك.

أخجل من التذكير بسخف قيام الرجل بزفِّ “خبر سعيد” للمجلس بأنه على موعد مع ما سمّاه “المجلس الاستشاري لنساء سوريا”؛ وكأن بوابة سماء الحل في سوريا قد فتحت. وليعلم السيد بيدرسن أن نساء سوريا لسنَ “بلطجيات النظام”. سيد “بيدرسن”؛ إنهن مَن أخذت سوريا اسمها منهنَّ، إنهن نساء المخيمات، وأمهات الشهداء، ومن يحملن عائلات قتل الأسد شبابها؛ إنهن ضحايا مَن تُستَخدَم كأداة لإعادة تعويمه؛ هنَّ الشور والمشورة وبذرة عودة سوريا إلى الحياة.

سيد “بيدرسن” لا تزال توصّف مشروعك الجديد بـ “العصف الذهني”؛ وتقول إنك ستسعى لإقناع فيصل المقداد به؛ ولكن عليك أن تعلم، ورسمياً بأن صوت ملايين السوريين يقول لك: توقف سيد “غير بيدرسن” عن الهروب من العجز والفشل. نذكّرك بأن جوهر مهمة المبعوث الدولي حماية قرارات ومقاصد الأمم المتحدة، وليس إيجاد المخارج للمجرمين وحُماتهم للتخلص من أعباء التزاماتهم في تنفيذ قرارات مجلس الأمن. لا تسهم بمسح الجريمة! لا تشترك بتضييع حق السوريين! نَفّذْ مهمتك حسب الولاية التي مُنحَت لك! اسأل مجلس الأمن الذي تقدم إحاطتك أمامه: هل تريدون تطبيق القرار 2254  حرفياً، وبكل بنوده؟ وإن كان جوابهم بالإيجاب، تقدم بخطة تنفيذية للتطبيق. عندها فقط، تدخل التاريخ كمساهم بحل أعقد وأشرف قضية؛ وإلا دخولك سيكون إلى مكان آخر.

تلفزيون سوريا

————————–

خطوات بيدرسن المنحازة.. التطبيع مع الأسد بحجة تغير المواقف الدولية وتغيير سلوكه

إسطنبول – عبدالله الموسى

ينحو المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن في مقاربته لحل الأزمة السورية “خطوة بخطوة” نحو تفسيرات النظام السوري للعملية السياسية، في التفاف على قرار مجلس الأمن للانتقال السياسي في سوريا 2254، لترسيخ أسس شرعية للتطبيع مع الأسد من بوابة “تغيير السلوك وتغيّر المواقف الدولية تجاه النظام”.

أنهى تصريح الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أمس الأحد الجدل بشأن عودة سوريا للجامعة العربية، بل قال إن “وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم التشاوري أمس الأحد في الكويت لم يطرحوا موضوع عودة سوريا إلى شغل مقعدها في الجامعة العربية على الإطلاق”.

سبقت تصريحَ أبو الغيظ مباحثاتٌ عربية غير معلنة بين تيار تطبيعي مع الأسد تقوده الأردن والجزائر ومصر والعراق ولبنان، وآخر بقيادة قطر والسعودية.

لم يكن حسم المباحثات العربية لصالح رفض عودة النظام للجامعة العربية بعيداً عن قراءة هذه الدول لمواقف الدول الغربية وبالتحديد أوروبا وواشنطن، ما يؤكد مجدداً على الموقف الدولي الرافض قطعاً للتطبيع مع النظام، وبالتالي ينسف ادعاءات بيدرسن بأن واشنطن لا تريد “تغيير النظام” بل “تغيير سلوكه”، بحسب ما قاله في لقاء مع صحيفة الشرق الأوسط.

الآن ارتاح السوريون من كابوس عودة النظام للجامعة العربية، لكن يبدو أن شراً أكبر يحوم حولهم في مقاربة الأمم المتحدة ومبعوثها بيدرسن لحل الأزمة السورية، وتقزيم الحدود الدنيا من تطلعات الشعب السوري الواردة في القرار 2254 إلى “خطوات” “من شأنها أن تساهم في تغيير ديناميكيات النزاع، وبناء بعض الثقة بين السوريين والشركاء الدوليين”، بحسب ما قاله بيدرسن في إحاطته لمجلس الأمن يوم الخميس الفائت.

وللتذكير، يؤكد قرار مجلس الأمن 2254

في بنده الأول أنه “ما من حل دائم للأزمة الراهنة في سوريا إلا من خلال عملية سياسية جامعة بقيادة سورية تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري، بهدف التنفيذ الكامل لبيان جنيف المؤرخ 30 حزيران  2012، الذي أيده القرار 2118 (2013)، وذلك بسبل منها إنشاء هيئة حكم انتقالية جامعة تخول سلطات تنفيذية كاملة”.

وفي نص القرار أيضاً كما ورد في موقع الأمم المتحدة، “يثني على التزام الفريق الدولي، على النحو الوارد في بياني فيينا، بكفالة الانتقال السياسي تحت قيادة سورية وفي ظل عملية يمتلك السوريون زمامها، على أساس مجمل ما جاء في بيان جنيف، وإذ يشدد على الحاجة الملحة لأن تعمل جميع الأطراف في سوريا بشكل حثيث وبناء في سبيل تحقيق هذا الهدف، وإذ بحث جميع الأطراف في العملية السياسية التي تتولى الأمم المتحدة تيسيرها”.

بيدرسن يغرد خارج نص القرار الذي يمكن توصيفه بأنه القاعدة الصلبة للحل السياسي في سوريا بحكم أن موسكو حينها لم تطلق عليه رصاصة الفيتو. فالرجل “المخضرم” لن يسير على خطا خلفائه الثلاثة، وارتأى أن الاستعصاء السوري يلزمه قراءة دقيقة للمواقف الدولية التي تغيرت عما هي عليه منذ السنوات الأولى لـ “الصراع” والأخذ بعين الاعتبار الواقعية الميدانية والأوضاع الإنسانية في سوريا.

هل تمهد للحل السياسي أم لإغلاق الصراع؟.. ما جديد خطة بيدرسون؟

لكن مقاربة بيدرسن ضمن استراتيجية “خطوة بخطوة” لم تعد تركز على “الانتقال السياسي”، فأكمل ما فعله سابقه ديمستورا من خربطة أولويات نص القرار، وجعل من صياغة الدستور بداية -لم تخط للآن خطوة واحدة- على حساب “تشكيل هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة”، وشد الرحال في جولة مكوكية للدول المعنية لـ “تعزيز الثقة”.

ولا ينفك بيدرسن بالتأكيد في كل لقاء وتصريح وإحاطة على أن “الخطوات” تهدف للوصول إلى تطبيق للقرار 2254، لكن التحركات العملية تشي بعكس ذلك، وتثير مخاوف محقة بأن هذه المقاربة لن توصل إلا إلى فتح بوابات تطبيع مع النظام لكن هذه المرة مشرعنة بمظلة الأمم المتحدة. وأن الحائط الذي ضُرب بعرضه قرارات مجلس الأمن عشرات المرات سيتلقى ضربة أخرى.

كيف يعزز بيدرسن الثقة؟ وما هي مقاربة “خطوة مقابل خطوة”؟

أوضح بيدرسن أنها “خطوات تدريجية، ومتبادلة، وواقعية، ومحددة بدقة، وقابلة للتحقق، تُطبق بالتوازي. ثم، مهم جداً، إنه عندما نقوم بذلك، أن نكون قادرين على الوصول إلى بيئة محايدة وهادئة للمضي قدماً في العملية الدستورية ثم انتخابات وفق القرار الدولي 2254”.

وقال بيدرسن لصحيفة لشرق الأوسط: “لا أزال في مرحلة العصف الفكري، لكنها قد تشمل المعتقلين والمختطفين والمفقودين، والمساعدات الإنسانية والتعافي المبكر والبناء على التقدم المحرز من خلال اعتماد قرار مجلس الأمن 2585، وشروط العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين، وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي انهارت بعد أكثر من عقد من الحرب والنزاع، والفساد، وسوء الإدارة، والأزمة المالية في لبنان، وجائحة «كوفيد – 19»، وترسيخ الهدوء في عموم سوريا وتحقيق الاستقرار، وهو بالتأكيد أمر أساسي، وفي الوقت ذاته التعاون في مكافحة الإرهاب، ثم يلي ذلك ما أطلق عليه القضايا الدبلوماسية”.

بيدرسن يكشف عن تفاصيل استراتيجيته “خطوة بخطوة” ورأي الأطراف الدولية بها

ما ذكره بيدرسن هو تماماً معنى تغيير سلوك النظام، بوقف حملاته العسكرية وقتل المدنيين وإطلاق سراح المعتقلين، وتسهيل وصول المساعدات إلى مستحقيها، ومكافحة الفساد، والسماح بعودة اللاجئين.

ولا بد من توضيح أن النظام أساساً لا يقبل حتى الآن هذه المقاربة، فسقف التعاطي مع العملية السياسية أقل من طموحات بيدرسن، فالنظام عبّر مراراً أن الانتقال السياسي لا يعدو صياغة دستور جديد، بل إنه بعد أن شاهد هذا التراخي الأممي راح إلى تعديل دستور 2012، وعرقل العملية الدستورية أكثر.

في زيارة بيدرسن للعاصمة القطرية الدوحة التقى برئيس هيئة التفاوض السورية أنس العبدة، والأخير طالب بيدرسن بالتمسك بالانتقال السياسي الشامل، وتوضيح التصريحات التي نسبها إليه الإعلام الإيراني في زيارته لطهران بأن الدول مقتنعة بـ “تغيير سلوك النظام السوري وليس إسقاطه”.

العبدة تجهم بوجه بيدرسن، والأخير لم يرد على التصريحات المنسوبة إليه من طهران، ولم يرد مكتبه على طلب موقع تلفزيون سوريا لمزيد من التوضيحات بشأن ذلك.

تلويث الأسس الواضحة للحل السياسي في سوريا، بدأ قبل بيدرسن، وانغمست فيه أيادي المعارضة السورية المشاركة في تشظيات مسارات الحل السياسي، ولم تعد هذه المعارضة بعد الكثير من المحاباة والتدليس غير المبرر ضماناً للسوريين بوضع حد لما يحصل، ما يستلزم صوتاً سورياً موحداً لصون الثوابت والحفاظ عليها ومنع تليينها بطرقات المقاربات وتغير المواقف والواقعية السياسية.

تلفزيون سوريا

—————————

الانقلاب الدولي على المعارضة السورية”خطوة خطوة”..لمصلحة خيار الأسد/ مصطفى محمد

يتصاعد قلق المعارضة السورية من مقاربة “خطوة مقابل خطوة” التي يروج لها المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، وسط اعتقاد بأن المقاربة التي تحدث بيدرسن قبل أيام عن حصوله على دعم دولي صلب لها، ويقصد الولايات المتحدة وروسيا، ستكون في خدمة النظام السوري.

وفي آخر تصريحات صحافية له، أكد بيدرسن أن ممثلي روسيا وأميركا أبلغوه بأنهم مستعدون للانخراط في هذه المقاربة، التي ترى المعارضة أن لا مبرر لها، في ظل حالة من انعدام الثقة بأداء المبعوث الأممي.

وتعتقد المعارضة أن بيدرسن يناور للبحث عن طريق سالك بدلاً من مسار اللجنة الدستورية المتعثر بعراقيل وتعنت النظام، فالأخير برأيهم ليس على استعداد لتقديم أي تنازل حقيقي مطلوب منه دولياً دون الضغط بالقدر الكافي.

ويسود اعتقاد، بأن مقاربة “خطوة مقابل خطوة” دخلت حيز التطبيق بعد اتفاق واشنطن وموسكو على مبادئ عديدة في الملف السوري، وذلك في إشارة إلى ما جرى مؤخراً من تخفيف حدة العقوبات على النظام السوري، عبر السماح لدول إقليمية بعقد اتفاقيات اقتصادية كان النظام طرفاً فيها.

ويقول الدبلوماسي السوري السابق في واشنطن بسام بربندي إن “خطوة مقابل خطوة” هي استراتيجية تنفيذية ولدت بعض اتفاق الولايات المتحدة وروسيا على جملة من المبادئ، منها تجنب فشل “الدولة” السورية وانهيار مؤسساتها بما في ذلك “الجيش”، والانتهاء من وجود الإرهاب، وكذلك احترام مناطق النفوذ ومصالح الدول الموجودة في سوريا (روسيا، تركيا، إيران).

ومن المبادئ المُتفق عليها أميركياً وروسياً، حسب حديث بربندي ل”المدن”، هو فشل المعارضة السياسية وعدم قدرتها على إيجاد بديل عن النظام السوري، وأخيراً هناك اتفاق على أن الحل السياسي في جنيف ضمن المبادئ هذه.

وبذلك، يكون النظام السوري أكبر المستفيدين من المقاربة (خطوة مقابل خطوة)، لكن الخطورة لا تمكن في هذه المقاربة، كما يؤكد بربندي، وإنما في النتائج التي ستؤدي إليها، موضحاً أن “هدف روسيا منها هو منع انهيار النظام اقتصادياً، بعد الإمساك بالملفين السياسي والعسكري”.

وفي المبدأ العام، تقوم مقاربة “خطوة مقابل خطوة” على تخفيف وطأة العقوبات دولياً على النظام السوري، مقابل تنازلات من جانب الأخير تتعلق باللجنة الدستورية (ضمن المبادئ المتفق عليها أميركياً وروسياً)، وملف المعتقلين، وغيرها من الملفات الإنسانية.

وفي ظل حالة الشك بتجاوب النظام، يحذّر رئيس “التحالف الأميركي من أجل سوريا” الدكتور محمود برازي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من اعتماد هذه المقاربة، والبدء باتخاذ خطوات في إطار تخفيف العقوبات، قبل أن يبادر النظام باتخاذ خطوات “إيجابية”.

ويضيف ل”المدن”، أنه “عندما تقدم الإدارة الأميركية على خطوات كهذه، فهي تضع الكرة في ملعب النظام، مع تيقنها المسبق باستحالة تجاوبه”، معتبراً أن “من شبه المستحيل أن يغير النظام سلوكه”.

خطوات وشيكة للمقاربة

ولن تقف نتائج مقاربة “خطوة مقابل خطوة” عند الاستثناء الذي منحته واشنطن للحكومة اللبنانية من عقوبات “قيصر” في قضية استجرار الطاقة من الأردن ومصر عبر سوريا، ومن المتوقع من وجهة نظر بسام بربندي، نظراً لأن المقاربة هي بالأساس أميركية-روسية، تسهيل وصول المساعدات بشكل أكبر لمنظمات المجتمع المدني، والمنظمات الدولية التي تعنى بموضوع إعادة الإعمار المبكر (ترميم مدارس، ترميم محطات كهرباء ومياه، صيانة بنى تحتية) في مناطق سيطرة النظام. وإلى جانب ذلك، ليس من المستبعد، أن تدخل منظمات ممولة أوروبياً إلى مناطق النظام.

غير أن ما يستدعي الانتباه، برغم كل ما سبق، مواصلة الإدارة الأميركية التأكيد على رفضها التطبيع مع النظام السوري، وهو ما عبّر عنه حديث منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بريت ماكغورك، قبل أيام، عن رفض بلاده التطبيع مع النظام السوري، سراً أو علانية، رغم موافقتها على رفع العقوبات عنه تدريجياً.

وفي هذا الإطار، يقول بربندي: “لا يوجد جواب حقيقي لذلك، لكن يبدو فعلاً أن هناك مخاوف من سقوط اقتصادي للنظام، يؤدي إلى قيام دولة مليشيات، ولذلك يأتي هذا التخفيف الاقتصادي في إطار سعي واشنطن إلى إحداث درجة من التوازن”. لكنه يستدرك قائلاً: “لكن الخطوات الأميركية الاقتصادية نحو النظام، لن تصل إلى تغيير جذري، لأن واشنطن غير مستعدة لإعطاء موسكو كل ما تريده”.

ضغط شعبي

ولا يبدو أن المعارضة التي تضعها تصريحات بيدرسن عن المقاربة الجديدة، أمام مأزق جديد، بصدد اتخاذ مواقف صلبة، حيث لا زالت ردود أفعالها تتراوح بين توجيه الانتقادات للمبعوث الأممي، وبين مطالبته بعدم الخروج عن مهمته.

ورغم تلويح رئيس الهيئة العليا للمفاوضات السورية، أنس العبدة قبل أيام بأن تعليق عمل اللجنة الدستورية هو واحد من الخيارات المطروحة، إلا أن بربندي يستبعد ذلك، لأسباب متعلقة بطريقة تفكير المعارضة السياسية وحرصها على المكتسبات الشخصية. ولذلك يرى أنه من الضروري مقاطعة بيدرسن شعبياً، ويقول: “الحل هو إيجاد ضغط شعبي ثوري إعلامي مقاطع لعمل بيدرسن”.

يذكر أن الرئيس المشترك للجنة الدستورية السورية هادي البحرة قد اعتبر أن الطريق إلى السلام في سوريا لا يحتاج إلى خطوة مقابل خطوة، ولا خطوة بخطوة، مضيفاً في رد على تصريحات بيدرسن، أن كل ما يحتاجه الحل في سوريا هو خطوة واحدة فقط، وهي التنفيذ الكامل والصارم والملزم لقرار مجلس الأمن رقم 2254 الصادر في العام 2015.

المدن

—————————–

في “الحملة” على بيدرسون.. ومقاربة “خطوة مقابل خطوة”/  إياد الجعفري

أثارت التصريحات الأخيرة لـ غير بيدرسون، حفيظة منظّرين في ضفة المعارضة السورية، ودفعتهم لشن حملة انتقادات متزامنة تجاه المبعوث الدولي الخاص بسوريا.

وكان من أبرز النقاط التي تسببت بهذا الكم من الاستياء، توصيف بيدرسون في حديثه لصحيفة “الشرق الأوسط”، أنه لا خلافات استراتيجية بين أمريكا وروسيا في سوريا؛ فأمريكا تخلت نهائياً عن سياسة “تغيير النظام”، وتريد فقط “تغيير سلوكه”.

منتقدون سوريون لـ بيدرسون، استخدموا تصريح أمين عام جامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بأن لا عودة قريبة لـ “سوريا” إلى الجامعة، بوصفه دليلاً “ينسف” ادعاءات بيدرسون بأن واشنطن لا تريد “تغيير النظام”، بل تريد “تغيير سلوكه”. وحسب هؤلاء، فإن قرار الدول العربية برفض عودة النظام إلى الجامعة، هو نتيجة مواقف الغرب الذي رفض التطبيع مع النظام.

لكن هذا الانتقاد لـ بيدرسون يتجاهل أن واشنطن أعلنت – على الملأ، أكثر من مرة، ومنذ عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعلى لسان مبعوث خارجيته المعني بالملف السوري، جيمس جيفري – أنَّ واشنطن لا تريد تغيير نظام الأسد، بل تريد تغيير سلوكه.

وبخصوص “قطار التطبيع العربي” مع نظام الأسد، والذي يبدو أنه توقف الآن، الأمر الذي فسّره منتقدو بيدرسون أنه نتاج “فيتو” أمريكي، لم يكن لهذا “القطار” أن ينطلق أساساً، لولا شيء من التساهل الأمريكي حياله. ويمكن إيجاد ما يكفي من التصريحات والتسريبات خلال الأشهر القليلة الفائتة، التي تؤكد أن المحطة الأولى التي انطلق منها هذا “القطار” كانت بتسهيل أمريكي، وأن المشكلة الأساسية التي كانت لدى واشنطن هي في “سرعة هذا القطار”، وليس في حركته بالأساس؛ فالمطلوب أمريكياً، هو ألا يكون “التطبيع” مع الأسد، مجانياً. وهو ما دفع واشنطن لاحقاً للعمل على تخفيف “سرعة قطار التطبيع” العربي، ولجم اندفاعه. دون أن ننسى أن الدول الرئيسية المطبّعة مع الأسد لم تكن بحاجة لضغط أمريكي كبير، كي تخفف من اندفاعها نحو التطبيع. فها هي الأردن، تتعرض لغزوات متفاقمة من مهربي المخدرات عبر حدودها، منذ زيادة جرعة انفتاحها على الأسد؛ أي أن هذا الانفتاح جلب لها نتائج عكسية في أحد أبرز الملفات الأمنية التي تشغل صانع القرار الأردني. أما الإمارات، فتعرضت لقصف “حوثي”، بضوء أخضر إيراني، دون أن يجرؤ نظام الأسد حتى على مجرد الإدانة، الأمر الذي لا بد أنه أثار استياء صانع القرار الإماراتي الذي كان سخياً في انفتاحه الدبلوماسي على الأسد.

أما ثاني النقاط التي تسببت باستياء منظّرين معارضين من بيدرسون، ما وُصف بأنه “مقاربة” جديدة له، حيال العُقدة السورية، بعنوان “خطوة مقابل خطوة”. ومن الصادم أن يصف البعض تلك “المقاربة” بأنها خاصة بـ بيدرسون، أو أن الرجل قرر انتهاجها بصورة مفاجئة. فمقاربة “خطوة مقابل خطوة”، هي مقاربة أمريكية، اعتمدتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيال نظام الأسد وحليفه الروسي، منذ آذار/مارس الفائت على الأقل، وهي تقوم بتنفيذها بالفعل منذ ذلك التاريخ، عبر سلسلة من إعفاءات العقوبات التي أصدرتها واشنطن لصالح نظام الأسد، بالتوازي مع عدم إصدار أية حزمة جديدة من عقوبات “قيصر”.

أما الانتقادات لـ بيدرسون، بكونه تجاوز صلاحياته بوصفه “ميسّراً” أممياً، لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي ينص على تحقيق “انتقال سياسي” في سوريا، عبر إنشاء هيئة حكم انتقالية تتمتع بسلطات تنفيذية كاملة.. فهذه الانتقادات تتناسى تماماً، أن الرجل مجرد “ميسّرٍ” فعلاً. إذ ما كان لـ بيدرسون أن يذهب بأي اتجاه، لو لم تكن الدول الكبرى، التي تمسك قرار مجلس الأمن بقبضتها -وفي مقدمتها أمريكا- قد أوحت له بذلك. حال بيدرسون في ذلك، كحال “أبو الغيط”، أمين عام جامعة الدول العربية، الذي عُرف بمصافحته الحميمة لوزير الخارجية الراحل وليد المعلم داخل أروقة الأمم المتحدة، قبل عامين.

الرجل ذاته قال مؤخراً: إنّ عودة النظام إلى الجامعة غير متاحٍ الآن. لأنه ببساطة ينفّذ، ولا يتخذ القرار. ولو كان القرار بيده، أو له هامش حقيقي في صناعته، لكان على الأغلب من المؤثرين بشدة نحو التطبيع مع الأسد.

في الختام، تبدو انتقادات نشطاء معارضين لـ بيدرسون، الوجه الآخر لانتقادات النظام، للرجل نفسه. فالطرفان يعتبرانه منحازاً للآخر. بينما يجب على منتقدي بيدرسون، عدم المبالغة في حجم الرجل وتأثيره، والتركيز على ما يمكن فعله للتأثير في صنّاع القرار الحقيقيين في المواقف الدولية حيال الصراع بسوريا، والذين يحركون بيدرسون. أبرز صنّاع القرار هؤلاء، هم في واشنطن، تلك التي يجب العمل على تعزيز قناعتها بعبثية الرهان على تغيير سلوك الأسد. إلى جانب العمل للتأثير على صنّاع القرار في العواصم العربية الفاعلة، في الاتجاه نفسه.

———————————

غير بيدرسن: الهروب من السياسة والدوران في الفراغ/ بهية مارديني

حضر المبعوث الخاص، غير بيدرسن، إلى قاعة مجلس الأمن في نيويورك الأسبوع الماضي واستمع الأعضاء منه إلى آخر التطورات في سوريا، لا سيّما في ظل الاهتمام بالأحداث الأخيرة في الحسكة شمال شرقي سوريا، بالإضافة إلى التطورات على صعيد مشاوراته خلال الفترة الماضية.

كان من الواضح أن بيدرسن يتناول الأوضاع الإنسانية هربا من الاستحقاقات السياسية التي يجب عليه، بسبب موقعه، فرضها على اللاعبين الخارجيين والداخليين في سوريا، والغريب أنه أهمل بالمقابل الشعب السوري ومطالبه رغم أنه يتحدث عنه.

وعلى أهمية كلام بيدرسون وقوله إن مأساة الشعب السوري تتعمق مع احتياجات 14 مليون مدني إلى المساعدة الإنسانية. وإن أكثر من 12 مليون شخص في عداد النازحين، يواجهون ظروف الشتاء القارس. وعشرات الآلاف محتجزون أو مختطفون أو مفقودون، وإن التعليم يشهد تدهورا شديدا وما تزال البلاد منقسمة بحكم الأمر الواقع، والمجتمع ممزق بشدة.

على أهمية كل هذا الكلام ولكن المهمة التي أرسل من أجلها المبعوث لا تختصرها كلمته، حيث لا يرى السوريون أي تقدم ملموس نحو حل سياسي جاد، والعالم كله بات يعلم ما يمرون به من ظروف سيئة، ولكن ماذا يفعل بيدرسن لحلها؟ رغم اعترافه بأننا أمام حالة من الجمود الاستراتيجي.

لا أريد أن أكرر تصريحات بيدرسن، ولكن أين ملامح العمل الجدية في مهمته الأساسية؟ وجميعنا بتنا نعرف وكذلك أعضاء مجلس الأمن أنه لا توجد جهة فاعلة أو مجموعة جهات فاعلة قادرة على تحديد مسار الصراع أو حسم نتائجه، وأن الحل العسكري ضربٌ من الخيال، فلماذا يكرر الكلام العام نفسه ولا يبحث في دقائق الأمور والتفاصيل؟

كل ما يريده وما يمكن اختصاره من كلام بيدرسن أنه يطالب النظام والمعارضة على حد سواء بتقديم تنازلات للوصول إلى نجاح، وهو ما لا ينعكس على الوضع في سوريا على الأرض، فقد رأى أنه لا يزال عمل اللجنة الدستورية مخيّباً للآمال. وأن التحدي الحالي كما يراه هو التأكد من أن الوفود لا تقدم نصوصا دستورية فحسب، بل إنها “على استعداد أيضا لتعديلها في ضوء المناقشات، لمحاولة إيجاد أرضية مشتركة، أو على الأقل تضييق مساحة الاختلافات”، ليدور بيدرسن في المطالب المبهمة ذاتها في موضوع الخطوة بخطوة، ثم يلتف عليه ليقول إن هذا الموضوع في إطار 2254.

والغريب أيضا أن يفتح بيدرسن الباب أمام مقاربات جديدة وأن يذكرها الآن حين يعلن عن ترحيبه بأي أفكار جديدة في ملف الموقوفين والمختطفين والمفقودين، والمساعدات الإنسانية.. أي أفكار جديدة في ملف يجب أن يكون لها الأولوية بعيدا عن أي ضغط.

عموما تغلب على تصريحات بيدرسن وكلماته نظرة التفاؤل في التقدم لتطبيق القرارات الأممية، إلا أنه سرعان ما يعود بعدها ليسحب إيجابيات كلامه ويصطدم بالفشل الذي لا يعترف به لكنه يلامس حدوده باستمرار، وهو يحاول ألا يطرح مجددا أن النظام رفض القيام بأي خطوات من شأنها بناء الثقة، مثل إطلاق سراح عشرات آلاف المعتقلين في سجونه، ولم يكشف النظام مصير المغيبين، على مدى أحد عشر عاما.

ورغم أن هذا الملف من أهم الملفات خلال العملية السياسية، واعتبارها فوق تفاوضية، لكن يستخدم النظام هذه القضايا الإنسانية أوراق ضغط سياسي فبيدرسن يبحث له عن أفكار جديدة.

لقد نسفت التراتبية في القرار الدولي 2254 المستند إلى بيان جنيف1 الصادر في منتصف عام 2012، من خلال التفاوض في المسألة الدستورية، قبل تحقيق انتقال سياسي تقوم به هيئة حكم كاملة الصلاحيات كما تنص القرارات الدولية، على استعداد لعقد الدورة السابعة للجنة الدستورية في جنيف حالما يتم التوصل إلى تفاهمات كما يقول، وعمل جاد ليثير في هذا التعبير كثيرا من التساؤلات وخاصة وسط تأكيداته في أكثر من مكان عن مساعيه لإعادة عقد اللجنة من دون أطر زمنية أو محددات..

ليعود بيدرسن وبعد أن أدخلنا في دوامة العدالة التصالحية، كما يراها، إلى إقحامنا في جولة مكوكية جديدة من دون أن يقدم لنا خريطة منطقية أو حلولا واضحة ناجعة.

————–

اللجنة الدستورية “خط منحرف” في العملية السياسية.. ما علاقة بيدرسن وروسيا؟/ مالك الرفاعي

يزداد اللغط حول سياسة “الخطوة مقابل خطوة“، التي أعلن عنها المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، في وقت يستعصي فيها مسار “اللجنة الدستورية السورية”، ما يشي أن العملية السياسية ستبقى مُجمدة في سوريا إلى أجل غير معلوم، حيث يكون ذلك مرهونا بعدة عوامل سياسية إقليمية ودولية، مع ضرورة إشراك كل المكونات والتيارات السورية السياسية منها وحتى المدنية في عملية الحل بسوريا.

وفي آخر التصريحات الصادرة حول “اللجنة الدستورية” من قبل بعض أطراف المعارضة، أعلن المعارض السوري معاذ الخطيب، استمرار مقاطعته لأنشطة اللجنة الدستورية السورية، وذلك احتجاجا على أداء المبعوث الأممي غير بيدرسن، كما وصف اللجنة بـ“الخط المنحرف“ في العملية السياسية.

معارضة بليدة؟

وقال الخطيب في منشور عبر صفحته الشخصية في موقع “فيسبوك”، يوم أمس السبت، “بيدرسن الخائب يتعامل مع معارضة بليدة لا علاقة لها بالثورة، واللجنة الدستورية التي يزداد منذ تأسيسها خطها المنحرف عن شعبنا، والتي همش وأقصى كل الأحرار بها“.

واعتبر الخطيب أن أي مسار للحل السياسي في سوريا، لا يحب الحديث عنه “قبل إطلاق سراح المعتقلين من السجون السورية“، وأضاف: “أي عمل يتجاوزهم فلا يمكن وصف نذالته وانحطاطه بل إجرامه بحق شعبنا“.

ويؤكد المحلل السياسي طه عبد الواحد أن المسار المطروح من قبل بيدرسن غير قابل للتطبيق، مشيرا إلى أنه “ليس هناك وضوح حتى الآن، بما قد يقدمه الروس أو النظام، فيما يتعلق بالخطوات التدريجية“.

ويقول عبد الواحد في حديثه لـ“الحل نت“: “نحن هنا أمام طرف واحد سيكون مطالب بالإقدام أو الموافقة على مبدأ خطوة بخطوة. لا أعتقد أن النظام سيقوم بأي خطوة من المطلوب، وواضح من كلام بيدرسن أنه لا يعرف تماما عن أي خطوات يتحدث عنها، ويشير إلى موضوع المعتقلين والتعافي المبكر والمفقودين، وفي هذه الملفات إذا قدم النظام أي خطوات فهو يقدم إدانة لنفسه بنفسه، سيفضح نفسه ويكشف عن جرائمه بنفسه“.

وحول تأكيد بيدرسن على التوافق الروسي الأميركي بشأن سياسة “خطوة بخطوة” يوضح عبد الواحد قائلا: “لن ينتج عن التفاهم الروسي الأميركي أي شيء، طالما روسيا لا تمارس الضغط الحقيقي على النظام، كي يقوم من جانبه بخطوات فعلية مؤثرة تتمتع بمصداقية“.

ويضيف: “ربما في التصريحات هناك توافق لكن الآن ومع صعود التوتر حول أوكرانيا والذي يكشف أن روسيا بحاجة إلى إعادة بناء شامل لهيكلية الأمن الدولي، فإن سوريا هنا ستكون خط مواجهة بين الأميركان والروس. سيكون لمسارات التفاوض بين روسيا وأميركا حول عدة قضايا دولية تأثير مباشر على الوضع في سوريا“.

هذا وقد فشلت كافة جولات التفاوض التي قادتها “الأمم المتحدة” في جنيف خلال السنوات الماضية، آخرها كان عبر مسار “اللجنة الدستورية” في تحقيق أي تقدم بخصوص الحل السياسي في سوريا، ما يضيق الخيارات على المعارضة.

ما هي سياسة الـ “خطوة بخطوة“؟

وحول سياسة “الخطوة بخطوة” تؤكد مصادر في المعارضة السورية أن هذه السياسة تعني تقديم تنازلات أو خطوات متبادلة بين دمشق والمجتمع الدولي، فيما يشبه الأخذ والرد، بحسب تعبير بيدرسن وفق رأي المصادر.

كذلك فإن: “السياسة تعني أن المجتمع الدولي يقدم خطوة لدمشق، مقابل تقديم الأخير خطوة أخرى. مثلا المجتمع الدولي يرفع بعض العقوبات على النظام، مقابل تقديم خطوة باتجاه المعابر أو توزيع المساعدات الإنسانية، في منطقة ما“، بحسب ما أفادت به المصادر.

إجهاض العملية السياسية في سوريا؟

ووصف المعارض السياسي السوري، إبراهيم الجباوي، مشروع بيدرسن الذي يحمل اسم “خطوة مقابل خطوة” بـ” المشروع الاستسلامي بالنسبة للمعارضة السوري“.

وقال الجباوي في حديث سابق لـ“الحل نت“: “هو مشروع استسلام ومحاولة إجهاض القرارات الدولية التي صدرت عن الأمم المتحدة، ماذا يمكن أن تقدم المعارضة للنظام بمشروع خطوة بخطوة، هو صرح أنه سيبدأ بملف المعتقلين. مثلا إذا أخرج مجموعة من المعتقلات النساء ماذا يمكن أن تقدم المعارضة مقابلها، هل نقدم له مجموعة أخرى لكي يعتقلها“.

الحل نت

—————-

خطوات بيدرسن في سوريا.. الانزلاق نحو الهاوية؟/ مالك الرفاعي

تسببت سياسة “الخطوة بخطوة” الذي أعلن عنها المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، في إطار الحل السياسي في سوريا، إلى استنكار المعارضة لتصرفات بيدرسن، إذ تعتبره الأخير منحاز إلى جانب دمشق ما جعلها تفكر في الانسحاب من العملية السياسية بالكامل.

بيدرسن أكد السبت أنه حصل على موافقة واشنطن وموسكو للانخراط في مقاربة “خطوة مقابل خطوة”، في إطار الوصول إلى الحل السياسي في سوريا.

وأشار بيدرسن في تصريحات لصحيفة “الشرق الأوسط” إلى “عدم وجود خلافات استراتيجية بين أميركا وروسيا في سوريا” حسب قوله.

مؤكدا أنه “حصل على دعم صلب من مجلس الأمن الدولي للمضي قدما في مقاربته الجديدة (خطوة مقابل خطوة) بين الأطراف المعنية، لتحديد خطوات تدريجية، ومتبادلة وواقعية، ومحددة بدقة، وقابلة للتحقق منها، تُطبق بالتوازي بين الأطراف المعنية بالأزمة السورية، وصولا إلى تطبيق القرار الدولي 2254”.

محاولة لإجهاض العملية السياسية

ويصف المعارض السياسي السوري الدكتور إبراهيم الجباوي مشروع بيدرسن الذي يحمل اسم “خطوة مقابل خطوة” بـ”المشروع الاستسلامي بالنسبة للمعارضة السوري”.

ويقول الجباوي في حديثه لـ”الحل نت”: “هو مشروع استسلام ومحاولة إجهاض القرارات الدولية التي صدرت عن الأمم المتحدة، ماذا يمكن أن تقدم المعارضة للنظام بمشروع خطوة بخطوة؟، هو صرح أنه سيبدأ بملف المعتقلين، مثلا إذا أخرج مجموعة من المعتقلات النساء ماذا يمكن أن تقدم المعارضة مقابلها! هل نقدم له مجموعة أخرى لكي يعتقلها!”.

واتهم المعارض السوري بيدرسن بالتماهي مع رؤية دمشق للحل في سوريا، لا سيما مع الفشل في تحقيق أي تقدم في اللجنة الدستورية، وأضاف: “هذه المنهجية هي محاولة لإجهاض الثورة السورية برمتها، لا سيما وأن الولايات المتحدة تراجعت عن مسألة إسقاط النظام إلى تغيير سلوكه، وموسكو معروف موقفها هي التي ما زال النظام موجود في مكانته بفضلها إلى جانب إيران”.

الحل لا يمكن أن يكون سوري!

ويرى الجباوي أن الحل في سوريا لا يمكن أن يكون عبر الحوار بين الأطراف السورية، وحول ذلك يضيف: “لا يمكن أن يكون الحل إلا بمؤتمر دولي يُفرض على السوريين فرضا من كلا الطرفين تحت الفصل السابق، وإلا لن يكون حل وهو ما رأيناه في اللجنة الدستورية، إذ لم يتمكن المشاركون بالتوافق على مادة دستورية واحدة”.

وتدفع الخيارات السياسية المحدودة أمام المعارضة السورية بفعل الأخطاء المرتكبة خلال السنوات الماضية وعدم مواكبة أداء المعارضة لتطورات الأوضاع، إلى تفكير بعض أقطابها للانسحاب بشكل نهائي من العملية السياسية والمفاوضات برعاية الأمم المتحدة، التي لم تحقق حتى الآن أيا من أهدافها المتعلقة بالحل السياسي في سوريا.

فشل جميع مسارات التفاوض

وجاء الحديث عن انسحاب المعارضة من العملية السياسية، في ظل فشل كافة جولات التفاوض التي قادتها “الأمم المتحدة” في جنيف خلال السنوات الماضية، آخرها كان عبر مسار “اللجنة الدستورية” في تحقيق أي تقدم بخصوص الحل السياسي في سوريا، ما يضيق الخيارات على المعارضة.

وتشير المعطيات إلى أن المشكلة في الوقت الراهن ليست بانسحاب المعارضة من المفاوضات والعملية السياسية، وإنما فيما قد يعقب الانسحاب من الاستحقاقات الدولية، لأن ذلك قد يمنح الحكومة السورية وداعميها فرصة للادعاء بأن المعارضة ليست جادة في التفاوض حسبما يؤكد محللون في الشأن السوري.

ما هي سياسة الـ “خطوة بخطوة”؟

وحول سياسة “الخطوة بخطوة” يوضح المحلل السياسي السوري فراس علاوي، أن السياسة تعني تقديم تنازلات أو خطوات متبادلة بين دمشق والمجتمع الدولي، فيما يشبه الأخذ والرد، بحسب تعبيره.

ويقول علاوي في حديث سابق لـ“الحل نت“: السياسة تعني أن المجتمع الدولي يقدم خطوة لدمشق، مقابل تقديم الأخير خطوة أخرى. “مثلا المجتمع الدولي يرفع بعض العقوبات على النظام، مقابل تقديم خطوة باتجاه المعابر أو توزيع المساعدات الإنسانية، في منطقة ما”.

ويعتقد علاوي أن فرص نجاح هذه السياسة في تقدم العملية السياسية ضئيلة. وذلك إلا في حال “حديث المجتمع الدولي عن إخراج المعتقلين بشكل واضح وحقيقي وليس وهمي كما حصل سابقا”.

——————————

روسيا..وتقسيم سوريا “الواقعي”/ بسام مقداد

في استعراضه لنتائج العملية العسكرية الروسية في سوريا بعد 5 سنوات على إنطلاقها، تساءل موقع إعلامي روسي إقليمي في حينها ما إن كان “التدخل في سوريا” مبرراً أم لا. وكتب آنذاك أن الحرب قد أُعلن رسميا بأنها إنتهت، لكن العسكريين الروس لا زالوا في سوريا، والسؤال يبقى عن الفائدة التي تنتظرها منها روسيا. فالعملية في سوريا أتاحت لروسيا إمكانية التباهي بنفسها على المسرح العالمي، والقول بأن العملية الأولى للجيش الروسي خارج روسيا لم تكلفها سوى القليل من الخسائر البشرية. الحرب الإعلامية قضت بأن تقدم العملية للروس كما قدم الأميركيون عملية “عاصفة في الصحراء”. بعد الإعلان عن نهاية الحرب، حتى الأعداء الجيوسياسيون اعترفوا ب بوتين منتصراً، لكن هذا الرأي ليس مسلماً به في كل العالم، كما كان في ربيع العام 1945(الإنتصار على النازية الألمانبة).

في نهاية العام 2021 تحدثت أيضاً مواقع إعلامية روسية عن حصاد سوريا الروسي خلال السنة المنصرمة. وتحت عنوان “الجبهة مستقرة: نتائج السنة المنصرمة في سوريا” كتب موقع topwar التابع لوزارة الدفاع الروسية نهاية الشهر الأخير من السنة نصاً استعرض فيه التطورات السوربة خلال السنة. ويقول بعد  سنوات من المعارك العسكرية استقر خط الجبهة، ويحافظ في الفترة الأخيرة على معالمه الأساسية على الأرض. تسيطر دمشق على القسم الأساسي من البلاد، وتتحكم التشكيلات الموالية لتركيا بالجزء الرئيسي من إدلب، في حين تسيطر التشكيلات الكردية على الشمال وشمال شرق البلاد باستثناء منطقة وجود القوات التركية.

يرسم الموقع خريطة توزع القوى الداخلية والخارجية ومناطق نفوذها، ويقول بأن إسرائيل متورطة بشدة في الصراع، ويشن طيرانها الحربي من أراضيها باستمرار غارات على أهداف في سوريا. ويتحدث عن تعرض المواقع العسكرية الروسية لهجمات منتظمة من المقاتلين. ويرى أن الهجمات بمدافع الهاون والطائرات المسيّرة على قاعدة حميميم لم تعد تلحق عملياً اضراراً بها، وذلك لفعالية أنظمة الدفاع الجوي حولها.

ويخلص إلى القول بان نتائج العام المنصرم في سوريا يمكن تلخيصها بعبارة واحدة: الجبهة مستقرة والحرب مستمرة. لكن أهم ما أمكن بلوغه ليس القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، بل الحؤول دون تجدد قوة الإرهابيين، والتي هي مسألة وقت فقط كما تشير التجربة الأفغانية.

موقع News.ru الروسي نشر آخر يوم في السنة المنصرمة نصاً بعنوان “روسيا في الشرق الأوسط في العام 2021 ـــــــــ الإستقرار وسط الإضطرابات”، قال فيه بأن العام الماضي لم يحمل لروسيا نجاحاً باهراً، لكنها تمكنت من الحفاظ على موقعها على خلفية الإضطرابات المستمرة في المنطقة.

يرى الموقع أنه لم تجر في سوريا خلال العام 2021 حملات عسكرية، بل اقتصرت العمليات الحربية على قصف جوي لقواعد الجهاديين في إدلب. ولا تزال توجد في هذه المنطقة بؤرة للإرهاب، لكن سكانها حصلوا على فترة إستراحة من العمليات العسكرية السنوية، والتي كانت تترافق مع نزوح حاشد لسكان المناطق المحاذية للجبهة وضحايا في صفوف المدنيين. وأظهرت القوات التركية المتمركزة في إدلب قدرتها على صد نشاط الراديكاليين من هيئة تحرير الشام المسيطرة على قسم كبير من المنطقة، ومنعتهم من الإنتقال إلى عمليات نشطة صد القوات النظامية.

يعتبر الموقع أن هذه السنة كانت السنة الأولى التي كانت فيها إدلب منسجمة مع نص وروح تلك الإتفاقات التي حددتها قبل أربع سنوات على أنها “منطقة خفض التوتر”، وليست منطقة العمليات العسكرية المتواصلة على مستوى الجيوش.

ويرى الموقع أنه من غير المتوقع ان يشهد العام 2022 هجوماً لقوات النظام على إدلب إذا لم تطرأ تغيرات نوعية في مقاربات اللاعبين الخارجيين للأحداث في سوريا. روسيا ليست معنية بمواجهة مفتوحة مع القوات التركية الموجودة في سوريا. وهي ستواصل، كما في السابق، الضربات الجوية لقواعد الإرهابيين في منطقة إدلب، وكذلك البحث عن حلول توافقية مع أنقرة بشأن حل مشكلة إدلب والطرق الملائمة للطرفين في إجتثاث الإرهابيين المتمترسين في المنطقة. وعلى هذه الطرق ألا تؤدي إلى النزوح الجماعي لسكان المنطقة إلى تركيا نتيجة لعمليات حربية. وكانت المقترحات ذات الصلة، والتي تنص على جهود مشتركة بين روسيا وتركيا لمكافحة الإرهاب، قد سلمت بالفعل للجانب التركي للنظر فيها خلال محادثات كانون الأول /ديسمبر الماضي في نور سلطان في إطار منصة أستانا.

من جانب آخر، يسجل للدبلوماسية الروسية، برأي الموقع، نجاحها في إقناع أنقرة التخلي عن العملية العسكرية ضد قسد و”وحدات الدفاع الذاتي الشعبية” في شمال شرق سوريا. ولم تساهم في عملية “الإقناع” هذه فقط المشاورات بين العسكريين والدبلوماسيين الروس والأتراك، بل ساهم أيضاً تمركز القوات الروسية في المنطقة المفترضة للعمليات وظهور الطيران الحربي الروسي في سماء شمال شرق سويا. ومن المهم الإشارة إلى أنه، وبين أمور أخرى، لعب دوراً في ذلك الحوار الروسي الأميركي. ففي السابق كان جزءاً كبيراً من المجال الجوي فوق شمال شرق سوريا تسيطر عليه القوات الجوية الأميركية، وأصبح مفتوحاً الآن أمام نشاط القوات الجوية الروسية. وقد يشير هذا إلى أن الولايات المتحدة، وفي سياق بحثها عن إمكانيات ومواعيد إنسحابها من سوريا، مستعدة أن تلقي تدريجياً المسؤولية عن مصير الشمال الشرقي السوري على عاتق الجانب الروسي. لهذا قد يشهد العام 2022 عودة إندماج قسد والهياكل الكردية الأخرى في الشمال الشرقي في الجمهورية العربية السورية.

ويخلص الموقع من ذلك إلى الإستنتاج بأنه ينبغي على الأغلب أن نتوقع عمليات التقدم اللاحقة في استعادة الأراضي السورية إلى سلطة دمشق من الشمال الشرقي وليس من إدلب. وفي السياق عينه يجب ألا نستبعد أن يصبح الملف السوري نفسه الذراع الذي سيستعيد العلاقات الأميركية الروسية، ويمنحها دينامية إيجابية على بعض الإتجاهات.

موقع المجلس الروسي للعلاقات الدولية نشر للخبير فيه كيريل سيميونوف أواسط الشهر الأخير من السنة نصاً بعنوان “سوريا: أول سنة بدون حرب كبيرة”. فال الكاتب بأن السنة المنصرمة قد تصبح حاسمة بالنسبة لسوريا في أمور عديدة، حيث أن الإتجاهات التي ظهرت خلالها قد تحدد تطور البلاد في المدى القصير وحتى المتوسط. في العام 2021، ولأول مرة منذ اندلاع الحرب الأهلية، تجنبت سوريا الأعمال الحربية الواسعة التي تشارك فيها تشكيلات عسكرية كبيرة وبشارك الطيران. ويكتسب هذا أهمية خاصة على خلفية أنه لم تجر حملات عسكرية كبيرة بعد أن وقع الرئيسان الروسي والتركي في آذار/مارس 2020 بروتوكولات إضافية للمذكرة بشأن إدلب.

العمليات التي جرت خلال هذه الفترة للقضاء على خلايا الإرهابيين، لم تؤد إلى تغيير خط التماس بين المتصارعين ولا تغيير واقع النفوذ في المناطق. الوضع العسكري في سوريا استقر نهائيا في العام 2021، وذك حصرياً بسبب الوجود العسكري الخارجي الذي قد يرسخ تقسيم الدولة إلى مناطق نفوذ لسنوات طويلة قادمة. هذا الوضع الذي تتحاشى فيه القوى الصدام المباشر في ما بينها، قد يستمر طويلاً ويعرقل  عوامل سلبية بوسعها ان تؤدي إلى دورات عنف جديدة.

في طليعة هذه العوامل السلبية يأتي غياب خريطة طريق واضحة للتسوية السياسية، حيث أن القرار 2254 لم تعد مندرجاته قابلة للتطبيق عملياً. ثاني هذه العوامل هو عدم قدرة الحكومة والمعارضة على الإتفاق على حلول توافقية، وفشل لجنة الدستور في عملها يؤكد هذه الحقيقة.

المدن

——————————

بيدرسن: لا خلافات استراتيجية بين أميركا وروسيا في سوريا… ودعم دولي لـ«خطوة ـ خطوة»

المبعوث الأممي قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن مرحلة العمليات العسكرية انتهت

 إبراهيم حميدي

قال المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، إن «لا خلافات استراتيجية» بين أميركا وروسيا في سوريا، وإنه حصل على «دعم صلب» من مجلس الأمن الدولي للمضي قدماً في مقاربته الجديدة «خطوة مقابل خطوة» بين الأطراف المعنية، لـ«تحديد خطوات تدريجية، ومتبادلة، وواقعية، ومحددة بدقة، وقابلة للتحقق منها، تُطبق بالتوازي» بين الأطراف المعنية بالأزمة السورية وصولاً إلى تطبيق القرار الدولي 2254.

وأضاف بيدرسن، أن ممثلي روسيا وأميركا أبلغوه أنهم «مستعدون للانخراط» في هذه المقاربة، لافتاً إلى وجود «جمود استراتيجي استمر لنحو سنتين، حيث لم تتغير الخطوط» في سوريا. وزاد «الأطراف الأساسية، أبلغوني أن مرحلة العمليات العسكرية انتهت، وأن لا طرف سيحتكر الخاتمة. وهناك شعور بضرورة اختبار شيء جديد». ووافق على القول، إن أميركا تخلت عن سياسة «تغيير النظام» وتسعى إلى «تغيير سلوك النظام».

وسئل عن إعلان وزير الخارجية السوري فيصل المقداد رفضه الاقتراح الجديد، فأجاب بيدرسن، بأنه سيكون «سعيداً كي أشرح بتفاصيل أكثر لدمشق، الخلفية الحقيقية لـخطوة مقابل خطوة، على أمل أن ننخرط أيضا بطريقة مناسبة، أيضاً مع هيئة التفاوض» المعارضة.

وقال المبعوث الأممي، إن «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي تسيطر على ثلث سوريا ومعظم ثرواتها بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركا، ليست جزءاً من مسار جنيف؛ لأن هذه العملية تقوم بموجب القرار 2254 الذي «شمل مجموعات معارضة محددة، لكنها (مسد – قسد) لم تعدّ جزءاً من ذلك. ولا يزال هذا هو الواقع».

وأشار بيدرسن إلى أنه يجري مناقشات مع دمشق و«هيئة التفاوض» لترتيب عقد جولة جديدة لاجتماعات اللجنة الدستورية الشهر المقبل تعقبها جلسات في كل شهر، وأن أي تقدم في المسار الدستوري، سينعكس إيجاباً على خطة «خطوة مقابل خطوة» وردم عدم الثقة بين الأطراف المعنية.

وهنا نص الحديث الذي أجرته «الشرق الأوسط» عبر الهاتف إلى نيويورك مساء أول من أمس:

> قمت بجولة إقليمية ثم بروكسل ونيويورك لتقديم مقترحك «خطوة مقابل خطوة»، هل حصلت على دعم لمجلس الأمن لمقاربتك الجديدة؟

– أعتقد، هناك دعم قوي لمقاربتي «خطوة مقابل خطوة». كما تعرف، أجريت مشاورات في جنيف بدءاً من الروس ثم ممثلي دول أخرى في مجلس الأمن. من العدل، القول إنه من وجهة النظر في مجلس الأمن، هناك دعم لمبادرتي، أيضاً من اللاعبين الرئيسيين الآخرين، العرب والأوروبيون. يوم الاثنين، التقيت وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وهناك إجماع على دعم مقاربتي. التوقيت مناسب للمضي قدماً في هذه المقاربة، وما زال في مرحلة العصف الفكري حول الفكرة وسأعقد جولات إضافية من المشاورات.

> كيف تشرح المسار السياسي، للسوريين الذين يعانون منذ 11 سنة؟

– شرحت لمجلس الأمن بوضوح، الحالة الصعبة في سوريا: ضربات جوية، تبادل قصف، غياب الأمان، الألغام، الهجمات الإسرائيلية على اللاذقية. هناك موضوع سجن الحسكة وهجوم عناصر تابعين لـ«داعش». هناك أيضاً، الأزمة الاقتصادية وتعمقها حيث بات 14 مليون مدني يحتاجون إلى مساعدات إنسانية و12 مليون نازح نصفهم خارج البلاد.

يضاف إلى كل ذلك، هناك جمود استراتيجي استمر لنحو سنتين، لم تتغير الخطوط. والمحاورون الأساسيون أبلغوني أن مرحلة العمليات العسكرية انتهت، وأن لا طرف سيحتكر الخاتمة. وهناك شعور بضرورة تجربة شيء جديد.

وأمضيت وقتاً طويلاً لشرح هذا الموضوع مع دمشق والمعارضة والمنطقة والمحاورين الدوليين الرئيسين، وأشعر أن الوقت حان لاختبار مقاربة «خطوة مقابل خطوة».

> ما هو؟ هل ممكن شرح عناصره؟

– البدء بتحديد خطوات تدريجية، ومتبادلة، وواقعية، ومحددة بدقة، وقابلة للتحقق، تُطبق بالتوازي. ثم، مهم جداً، إنه عندما نقوم بذلك، أن نكون قادرين على الوصول إلى بيئة محايدة وهادئة للمضي قدماً في العملية الدستورية ثم انتخابات وفق القرار الدولي 2254.

> ما هي المجالات التي يمكن البدء بها؟

– لا أزال في مرحلة العصف الفكري، لكنها قد تشمل المعتقلين والمختطفين والمفقودين، المساعدات الإنسانية والتعافي المبكر والبناء على التقدم المحرز من خلال اعتماد قرار مجلس الأمن 2585، شروط العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين، تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي انهارت بعد أكثر من عقد من الحرب والنزاع، والفساد، وسوء الإدارة، والأزمة المالية في لبنان، وجائحة «كوفيد – 19»، ترسيخ الهدوء في عموم سوريا وتحقيق الاستقرار، وهو بالتأكيد أمر أساسي، وفي الوقت ذاته التعاون في مكافحة الإرهاب، ثم يلي ذلك ما أطلق عليه القضايا الدبلوماسية. وموضوع سجن الحسكة، تذكير بضرورة التعاطي مع عملية ضد الإرهاب.

هناك سلة من الأمور، وفي حال تحركنا فيها، سينعكس ذلك على حياة السوريين. والأمل، أن نقيم بعض الثقة للعمل على تنفيذ القرار 2254.

> التقيت الروس والأميركيين في جنيف. ماذا قالوا؟ هل يدعمون فعلاً «خطوة مقابل خطوة»؟

– الأمر المهم، أنهم مستعدون للانخراط واختبار ومناقشة لتحديد ما إذا كان ممكناً تقديم بعض الأفكار للتحرك بشكل جماعي وموازٍ في بعض الخطوات.

> مثل ماذا؟

– في هذه المرحلة، سيكون من الخطأ التحدث علناً لأننا لا نزال في مرحلة العصف الفكري وسأقوم بجولات إضافية من المشاورات، وسأتابع المناقشات مع دمشق و«هيئة التفاوض» المعارضة.

> هل روسيا وأميركا مستعدتان للانخراط؟

– نعم، حقاً.

> في بروكسل التقيت الوزراء الأوروبيين، لكن علناً، هم قالوا إنهم مستعدون للانخراط تحت سقف الشروط الثلاثة (لا للمساهمة بالإعمار، لا لرفع العقوبات، لا للتطبيع قبل تحقيق تقدم سياسي). كيف يمكن لهم الانخراط بمقاربتك ضمن هذه الشروط؟

– حددت لك الفكرة وراء مقاربة «خطوة مقابل خطوة». في هذه المرحلة، هناك عدم ثقة عميق بين الأطراف الفاعلة، بين الأطراف السورية. لكن فقط عبر التحرك ببطء لتحديد الخطوات التي يمكن القيام بها ومعالجة المسائل التي ذكرتها لي. كل القضايا يجب أن يتم التعاطي معها في مرحلة ما. من الضروري التأكيد، استمرار الوضع ليس خياراً، ولا يمكن الاستمرار بهذا الوضع.

> لا يمكن تجاهل الأزمة الكبرى حالياً الخاصة بأوكرانيا. هناك توتر بين الروس من جهة والأميركيين والأوروبيين من جهة أخرى. هل يمكن التحرك بمقاربتك في سوريا في هذه الأجواء المتوترة حول أوكرانيا؟

– سأواصل مهمتي التسهيلية. كلامك صحيح، في حال لم تحل الأزمة في أوروبا دبلوماسياً، ستترك أثراً بمعنى أو آخر ليس فقط بالملف السوري، بل ملفات أخرى. أعتقد، أنها ستعقّد الأمور التي أعمل عليها. لكن دعني أضيف، أنه في الوقت نفسه يجب أن نذكّر أنفسنا، أن ما يخص سوريا، ليس هناك اختلافات استراتيجية بين أميركا وروسيا. هناك مصالح مشتركة بمحاربة الإرهاب، تحقيق الاستقرار. ولتحقيق الاستقرار، نحتاج إلى عملية سلام. آمل أن نصل إلى حل دبلوماسي للأزمة في أوروبا، بحيث يكون هناك أثر إيجابي في سوريا.

> وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، قال علناً إن الحكومة السورية ضد مقاربة «خطوة مقابل خطوة». هل هذا ما سمعت في الجلسات المغلقة أم سمعت شيئاً مختلفاً؟

– أجريت جولات عدة من المناقشات مع الحكومة السورية، وسأواصل المناقشات معها حول هذا الأمر. أعرف أن لديهم أسئلة عديدة، لكن أعرف أيضاً أن «هيئة التفاوض» المعارضة لديها أسئلة حول المقاربة الجديدة. سأكون سعيداً كي أشرح بتفاصيل أكثر لدمشق، الخلفية الحقيقة لـ«خطوة مقابل خطوة»، على أمل أن ننخرط أيضاً بطريقة مناسبة، أيضاً مع «هيئة التفاوض».

> بعض المحللين والمراقبين قالوا إن «خطوة مقابل خطوة»، ليست جزءاً من مهمتك لتطبيق 2254، وإنك تطرح أموراً خارج صلاحياتك. ما قولك؟

– هذا سوء فهم جدي. الأمور المطروحة هي جزء من القرار 2254. القضايا التي ذكرتها هي جزء أساسي من القرار. أيضاً، بناء الثقة للمضي قدماً أمر ضروري. لذلك؛ إنني سعيد جداً أننا حصلنا على دعم صلب من مجلس الأمن الذي أقر 2254. لا أحد يرى أي تناقض بين هذه المقاربة والقرار 2254، بل بالعكس، هي ستساعدني للمضي قدماً في مهمتنا لتنفيذ 2254.

> ماذا تقول للسوريين النازحين واللاجئين والفقراء الذي يعانون؟ كثيرون فقدوا أي أمل أو إيمان بأي عملية سياسية، كيف تقول لهم إن هذه المبادرة الجديدة مختلفة عما حصل في جنيف خلال 11 سنة؟

– دعني أقول، كما قلت لمجلس الأمن، إن معاناة الشعب عميقة إلى حد صعب فهمه أو تقديره. هناك سوريون يعيشون في ظروف صعبة جداً وسط الثلوج في خيم وظروف صعبة. هذا يفطر القلوب. أفهم أنه بعد أكثر من عشر سنوات، هناك الكثير من الشكوك إزاء العملية السلمية وقدرتها على تقديم شيء ملموس للشعب السوري. ما أستطيع قوله، أن قناعتي وتصميمي، أن نتحرك بثبات وجدية للأمام لتحسين وضع الشعب السوري.

> ماذا عن ملف المفقودين والسجناء والمخطوفين؟

– هذا أحد أولوياتي من اليوم الأول لتسلم مهمتي. للأسف، لم نر اختراقات عميقة في هذا الملف أيضاً. كانت لدينا مناقشات مع أطراف عملية آستانة في نور سلطان، وهناك بعض الأفكار على الطاولة ونأمل التحرك في هذا الملف الذي يخص الكثير من العائلات السورية. طالبت بإطلاق سراح الأطفال والنساء والقصر والكهول، وسأواصل جهودي للتحرك إزاء عائلات المفقودين.

> ماذا عن اللجنة الدستورية؟ هل توفرت ظروف عقد جولة جديدة؟

– نحن في حوار مع دمشق وطرحنا بعض الأفكار، وسأتواصل مع الرئيس المشتركة في «هيئة التفاوض». آمل، أنه في الأسبوعين المقبلين سيكون لدينا تفاهم مشترك بحيث نعقد جولة صوغ الدستور في فبراير (شباط)، ثم بناءً عليه أن تحصل اجتماعات أخرى في الأشهر المقبلة، مارس (آذار)، أبريل (نيسان)، مايو (أيار)، يونيو (حزيران) لتحقيق تقديم حقيقي.

> هل ستكون مختلفة عن الجولات السابقة؟

– هذا أملي، أن نرى تبادلاً جدياً لوجهات النظر، بحيث يكونون مستعدين لمراجعة النصوص التي يقدمونها ويتجاوبون مع ما يسمعون من الطرف الأخرى. الوفود لا تقدم نصوصاً دستورية فحسب، بل إنها على استعداد أيضاً لتعديلها في ضوء المناقشات، لمحاولة إيجاد أرضية مشتركة، أو على الأقل تضييق مساحة الاختلافات. فنحن في حاجة إلى عملية صياغة مثمرة وفقاً لولاية اللجنة. وذكرت أمام مجلس الأمن، أن اللجنة يجب أن تعمل، كما تحدد المعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية، «على وجه السرعة وباستمرار لتحقيق النتائج والتقدم المستمر».

> «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، يسيطرون على ثلث مساحة سوريا ومعظم ثرواتها ومدعومون من التحالف الدولي ضد «داعش» بقيادة أميركا، لكنهم ليسوا جزءاً من عملية جنيف؟ ماذا تقول لهم؟

– هذه عملية نوقشت وقررت في قرار مجلس الأمن 2254، الذي هدّد مهمتي بتضمين مجموعات معارضة محددة، لكن «مجلس سوريا الديمقراطية»، «قوات سوريا الديمقراطية»، لم تعدّ جزءاً من ذلك. ولا يزال هذا هو الواقع.

> بعض المحللين يقولون، كيف يمكن إحداث اختراق في «خطوة مقابل خطوة» الذي يتضمن قضايا كبرى ومعقدة، بعد عدم النجاح في تحقيق تقدم في اللجنة الدستورية، السهلة؟

– لا أعتقد أن «خطوة مقابل خطوة» أكثر تعقيداً. صحيح، ستكون هناك تحديات، والتحدي الرئيسي، هو فقدان الثقة. أعتقد، أننا سنكون قادرين للمضي قدماً بتقديم بعض الأفكار التي تخص فقدان الثقة. بناءً على هذا يمكن المضي ببطء إلى الأمام. بعد ذلك، أملي أنه مع تحقيق بعض التقدم في عمل اللجنة الدستورية. هذا سيكون له تأثير إيجابي في «خطوة مقابل خطوة». دعنا نكون صريحين، الأمر يتطلب الكثير من الجهود السوريين والأطراف الدولية للمضي قدماً. ما أستطيع قوله، إنه بعد المشاورات التي أجريتها، هذا ممكن وقابل للتحقيق.

> هناك من يقول، إن بعض الأسباب التي سمحت بالقيام بالمبادرة الجديدة، هو أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قالت بوضوح إنها لا تريد «تغيير النظام» السوري، بل «تغيير سلوك النظام»، وهذا ما تريد روسيا. هل هذا صحيح؟

– هذا ما أسمعه أيضاً. إنني أسمع الشيء نفسه حقاً.

الشرق الأوسط

——————————

———————–

بيدرسن وديمستورا.. فشل مستمر وتخريب للعملية السياسية في سوريا؟/ عاصم الزعبي

أكد المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، في تصريحات قبل أيام، أنه ماض في مقاربته للحل في سوريا والتي أطلق عليها اسم ” خطوة مقابل خطوة”، وذلك من أجل التقريب بين أطراف الصراع السوري، مشيرا إلى استعداد واشنطن وموسكو للانخراط فيها. وأوضح بيدرسن، أن الموافقة الأميريكية – الروسية للانضمام للمبادرة الجديدة جاءت بعد جمود سماه بـ” الاستراتيجي” في مسار الحل السوري لمدة سنتين، لم تتغير فيه خطوط الحل.

هل تشكل المقاربة بداية للحل في سوريا؟

يؤكد المبعوث الأممي بيدرسن أنه حصل على دعم كبير من مجلس الأمن الدولي للمضي في مقاربته لحل الأزمة السورية، وتتضمن المقاربة ” تحديد خطوات تدريجية ومتبادلة، وواقعية، ومحددة، وقابلة للتحقق، ويتم تطبيقها بالتوازي” بين الأطراف المعنية في الأزمة السورية، وصولا لتطبيق القرار 2254. إلا أن دمشق في وقت سابق، وعلى لسان وزير خارجيتها فيصل المقداد رفضت هذه المقاربة، دون أن تعلم تفاصيلها حسب بيدرسن الذي أوضح أنه يرغب بشرح المقاربة بشكل حقيقي لدمشق للانخراط فيها مع “هيئة التفاوض” التابعة للمعارضة.

يقول المحامي والكاتب السياسي حسان الأسود، لموقع ” الحل نت”، “لقد وصل الوضع في سوريا إلى مرحلة من الاستعصاء الواضح، فمن جهة يتعنت رأس النظام والمنظومة المستفيدة منه والمحيطة به، ومن جهة ثانية عدم كفاءة أشخاص وقيادات المعارضة التي تصدرت المشهد، بالإضافة لذلك فقد تم تدويل القضية السورية بشكل مبكر، حولت الساحة السورية لما يشبه صندوق بريد لتبادل الرسائل بين الأطراف الدولية والإقليمية، وسط تراجع واضح في اهتمام المجتمع الدولي بهذه القضية التي لم تتضح لها ملامح للحل حتى الآن”.

وأضاف الأسود، إنه وبصرف النظر عن كون هذه المقاربة ستحقق المطالب التي خرج من أجلها قسم كبير من السوريين، وبصرف النظر عن المأساة التي يعيشها السوريون حاليا، والخسائر التي نتجت عن حرب امتدت لنحو 10 سنوات، فإن الحل لا يمكن أن يتم إلا بأخذ مصلح جميع الأطراف المتنازعة، وهذا ما يجعل من هذه المقاربة مدخلا لحل للأزمة السورية لكنه لا يزال غير واضح المعالم.

ومن جهة أخرى، لم يتطرق بيدرسن خلال حديثه عن المقاربة، إلى الدور المهم الذي تلعبه بعض القوى الإقليمية على الساحة السورية، وخاصة إيران وتركيا وإسرائيل، والتي بات لها مصالح مختلفة في سوريا، وهي قوى فاعلة ومؤثرة في أي حل، إضافة لاستعداد حكومة دمشق للعمل على تعطيل أي حل يؤدي لخروجها من السلطة. ولكن بحسب الأسود، فإنه يمكن التقليل من دور هذه القوى الإقليمية ودور دمشق، فيما لو حصل توافق أميركي روسي حقيقي للوصول إلى حل حسب القرار 2254، والذي كان واضحا بمشاركة طرفي الصراع في سوريا لحل الأزمة برعاية أممية.

استثناءات المقاربة

المبعوث الأممي بيدرسن، استبعد أن تكون “الإدارة الذاتية” في شمال شرق سوريا جزءا من مقاربته، فهذه المقاربة تتم وفق القرار الأممي 2254، والذي شمل مجموعات معارضة محددة حسب تعبيره.

الكاتب والصحفي الكردي، محمد إبراهيم، قال لموقع ” الحل نت “، إنه في حال تم إشراك القوى الكردية في أية مفاوضات، فلن يتم ذلك إلا بقرار سياسي أميركي، مع تقارب في الوقت نفسه مع موسكو ودمشق، مشيرا إلى حالة الإنقسام الأميركية – الروسية فيما يتعلق بـ “قوات سوريا الديمقراطية” و”الإدارة الذاتية”، فروسيا تريد منهم تقديم تنازلات، والولايات المتحدة لا ترغب بوجود تقارب بينهم وبين دمشق، بحسب تعبيره، مضيفا أن هذه القوى تدفع ثمن هذا الإنقسام ببقائها خارج أي حل حتى الآن.

إلا أنه، وحسب إبراهيم، سيتم إشراك هذه القوى الكردية في أي حل في مرحلة ما في المستقبل وذلك لأهمية وجودها، فهي تسيطر على ثلث الأراضي السورية، ومعظم الثروات الهامة، كما تمتلك قوات عسكرية كبيرة ومهمة.

هل تشبه مقاربة بيدرسن سلال ديمستورا؟

تعددت المبادرات للمبعوثين الأممين لحل الأزمة السورية خلال السنوات الماضية، فقد سبق وأن أعلن المبعوث الأممي السابق ستيفان ديمستورا عن مبادرة السلال الأربع لحل الأزمة السورية، والتي تناولت القضايا الخاصة بإنشاء حكم غير طائفي يضم جميع السوريين، والقضايا المتعلقة بوضع جدول زمني لمسودة دستور جديد، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة بإشراف أممي بعد وضع الدستور، ووضع استراتيجية لمكافحة الإرهاب والحوكمة الأمنية وبناء إجراءات ثقة متوسطة الأمد بين الأطراف. ولكن ديمستورا فشل في كل السلال عدا سلة صياغة الدستور، والذي انبثقت عنها اللجنة الدستورية التي عقدت عدة اجتماعات لم تتمكن من خلالها من التوصل لأي اتفاق حول دستور جديد.

ويعتقد الكاتب السياسي حسان الأسود، أن مقاربة بيدرسن تتشابه مع سلال ديمستورا، من حيث محاولتها تفتيت القضية السورية وحلحلة خيوط التشابك المعقدة، مشيرا إلى أن هذه المقاربة وسلال ديمستورا ليسا سبب تراجع اهتمام المجتمع الدولي بالأزمة السورية، بل كانتا نتيجة له، من خلال ترك الساحة السورية لحكومة دمشق وحليفها الروسي، وهذا ما سبب الاستعصاء الرئيسي للحل في سوريا، بالإضافة إلى عشرات الخطوط الحمراء التي تم تجاوزها ما أدى لتشكل عقبات عديدة في وجه حل عادل للأزمة.

ما يزيد عن عشر سنوات من الحرب والصراع في سوريا حولها لأزمة مزمنة، تتشابك فيها الكثير من الخيوط الدولية والإقليمية، تحولت فيها سوريا إلى ساحة لتصفية العديد من الحسابات، مع وجود تعنت كبير وخوف لدى دمشق وحلفائها بخاصة الإيرانيين للتوصل إلى حل وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2254، والذي يمكن أن يسبب تغيير النظام الحالي أو حتى تحجيمه، لتبقى كل المبادرات الأممية حتى الآن بمثابة أمنيات وتطلعات سياسية، لم ينتج عنها أي حل لأزمة يدفع السوريون فقط ثمن استمرارها.

————————————

مقاصد “بيدرسون” وفرص نجاح مقاربة “خطوة بخطوة” في سوريا/ ديانا رحيمة

عنب بلدي – ديانا رحيمة

يسعى المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، لطرح مقاربته الجديدة “خطوة بخطوة” بشكل متكرر، وكأنها آخر الحلول في الملف السوري، بعد وصول محادثات اللجنة الدستورية إلى طريق مسدود، وتعرضه للعديد من خيبات الأمل المتلاحقة، إثر عدم توصل جهتي التفاوض من النظام والمعارضة إلى حل سياسي.

ويصوّر بيدرسون المقاربة التي يتحدث عنها، والتي تتجلى بوجود تقارب أمريكي- روسي بالملف السوري وهو حجر الأساس في مقاربته، بأنها لا تزال في مرحلة العصف الفكري، وأن هنالك جولات إضافية من المشاورات، ولكن خطوات التقارب بين الدولتين لم تبدأ الآن.

منذ صفقة الجنوب

تحقق جزء من التقارب بين الدولتين العظميين (روسيا وأمريكا) في سوريا فيما يسمى “صفقة الجنوب”، عندما تخلّت واشنطن عن المعارضة السورية في درعا، لتتمركز فيها الشرطة الروسية.

كانت واشنطن تدعم المعارضة في سوريا، سواء بشكل علني عبر تدريب المقاتلين لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” في قاعدة “التنف” الأمريكية، أو عبر تدريب وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) لمقاتلي المعارضة في درعا بشكل سري، لحماية حلفاء واشنطن الإقليميين في المنطقة (إسرائيل والأردن)، ولكن مشاركة إيران في محادثات “أستانة” عام 2017، قلبت الموازين وأُجريت الصفقة مع روسيا.

في 28 من حزيران 2018، رفعت الولايات المتحدة الأمريكية يدها عن فصائل “الجيش الحر” في درعا، بالتزامن مع مشاركة الطيران الروسي في معركة قوات النظام على المنطقة.

وحصلت عنب بلدي على رسالة وجهتها أمريكا للفصائل قبيل تخليها عنها، جاء فيها، “نحن في حكومة الولايات المتحدة نتفهم الظروف الصعبة التي تواجهونها الآن، ولا نزال ننصح الروس والنظام السوري بعدم القيام بأي عمل عسكري يخرق منطقة تخفيف التوتر في جنوب غربي سوريا”.

وأوضحت أمريكا موقفها، “نفهم أن عليكم اتخاذ قراركم حسب مصالحكم ومصالح أهاليكم وفصيلكم كما ترونها، وينبغي ألا تسندوا قراركم إلى افتراض أو توقع بتدخل عسكري من قبلنا”.

وقالت، “يجب أن تتخذوا قراركم على أساس تقديركم لمصالحكم ومصالح أهاليكم، وهذا التقدير وهذا القرار في يدكم فحسب”. وتعتبر الرسالة انسحابًا من قبل أمريكا من ملف الجنوب السوري ومن دعم الفصائل العسكرية.

في 27 من حزيران 2018، نقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصادر عربية مطّلعة، أن أمريكا عرضت على روسيا إطلاق المحور الأمريكي- الخليجي- الإسرائيلي في فلسطين، مقابل نفوذ خالص لموسكو في سوريا.

ووصفت المصادر العرض الأمريكي بـ“السخي”، كونه يتضمّن اعتراف واشنطن بالمصالح الروسية في دمشق، واعتبارها منطقة نفوذ روسية خالصة، مقابل تحجيم روسيا دور إيران أولًا، وتسهيل “صفقة القرن” ثانيًا.

صفقات غير معلَنة

لم تعترض روسيا كما اعتادت أن تفعل خلال السنوات الماضية على قرار مجلس الأمن الدولي بتمديد التفويض الخاص بإيصال المساعدات عبر الحدود إلى سوريا لمدة ستة أشهر أخرى، وذلك دون تصويت جديد في المجلس.

ونشر الباحث في معهد “الشرق الأوسط” تشارلز ليستر، عبر “تويتر”، تغريدة قال فيها، إن ثلاثة مصادر دبلوماسية أخبرته بشكل موثوق أن روسيا حاولت إفشال قرار التمديد، إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أعطت تسهيلات للمنظمات غير الحكومية الدولية للعمل مع النظام السوري.

وتابع أن المقايضة هي منح المنظمات الدولية غير الحكومية صلاحيات للعمل مع نظام الأسد، والأمر الثاني السماح بعمل مساعدات الأمم المتحدة في “التعافي المبكر” في سوريا، والثالث هو دعم المزيد من المساعدات عبر الخطوط من دمشق، إضافة إلى تسهيل أشياء أخرى، مثل صفقة الغاز والكهرباء المارّة من سوريا إلى لبنان.

وكانت وزارة الخزانة الأمريكية أعلنت عن دراسة تعديل العقوبات المفروضة على النظام السوري، لتستثني منظمات غير حكومية في سوريا.

وجاء في بيان  صادر عن الخزانة، في 24 من تشرين الثاني 2021، أن تعديل العقوبات المفروضة على النظام سيكون لتوسيع التفويض الحالي المتعلق بأنشطة معيّنة لمنظمات غير حكومية في سوريا.

وتساند منظمات غير حكومية النظام السوري، أبرزها “الأمانة السورية للتنمية”، المرتبطة بأسماء الأسد، وتحظى بتشبيك واسع مع منظمات محلية، إلى جانب “الهلال الأحمر السوري”، الذي يشرف على مشاريع متعلقة بالمساعدات، ويُتهم بالفساد وخدمة النظام السوري سياسيًا.

تغيير النظام أم سلوكه؟

في تشرين الأول 2021، كشفت صحيفة “الشرق الأوسط” مضمون ما أسمته “وثيقة سرية” مُقترحة من الأردن تعطي مقاربة جديدة للتعامل مع دمشق.

وتضمّنت الوثيقة خطوات لـ”تغيير متدرّج لسلوك النظام، وانسحاب جميع القوات الأجنبية التي دخلت إلى سوريا بعد العام 2011، مع الاعتراف بالمصالح الشرعية لروسيا في سوريا”.

وصرّح مسؤول غربي رفيع المستوى اطلع على الوثيقة (لم تُفصح عنه الصحيفة)، أن الوثيقة نوقشت في الفترة الماضية بين قادة عرب بينهم العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، والرئيسان، الأمريكي، جو بايدن، والروسي، فلاديمير بوتين، عام 2021.

وتتقارب مضامين الوثيقة مع اقتراح بيدرسون في مقاربة “خطوة بخطوة”، الذي اقترحه مجددًا كمحاولة لتحقيق المقاربة بين الموقفين الروسي والأمريكي في الملف السوري.

نقلت وزارة الخارجية الإيرانية تصريحًا قالت إن بيدرسون أدلى به في أثناء زيارته إلى طهران، في 16 من كانون الثاني الماضي.

ونقلت الوزارة حينها، على لسان بيدرسون بعد لقائه بوزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، قوله، “الوضع في سوريا مستقر”، مؤكدًا أنه في ظل الظروف الحالية “لا يتحدث أي طرف عن تغيير النظام في البلاد”.

وللتأكد من حقيقة هذا التصريح، تواصلت عنب بلدي مع مكتب التواصل الخاص بالمبعوث الأممي إلى سوريا، دون أن تتلقى أي رد حول هذا الموضوع حتى ساعة إعداد التقرير.

وتضمّن أحد مقترحات الوثيقة السرية، أن يؤدي الأردن “انخراطًا اختباريًا” مع النظام، قبل أن توسع الاتصالات مع كبار الموظفين القائمين على الوثيقة، لصوغ خريطة تنفيذية لمقاربة “خطوة بخطوة”، متضمنة ملفات كتغيير سلوك النظام إزاء العملية الدستورية، ودور إيران، وعودة اللاجئين، واستثناءات من العقوبات، وإعادة الإعمار.

أين تقف المعارضة من “تغيير سلوك النظام”

من جهته، قال رئيس اللجنة المشتركة لوفد المعارضة في أعمال اللجنة الدستورية، هادي البحرة، لعنب بلدي، إن قرار مجلس الأمن “2254” والقرار السابق “2118” الذي تبنّى بيان “جنيف”، في 30 من حزيران 2012، أوضح أن هدف العملية السياسية هو تحقيق الانتقال السياسي الجذري والشامل، وهو الحل الوحيد القابل لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام، وليس تغيير سلوك النظام.

ويرى البحرة أن الإصلاحات التجميلية لن تؤدي إلا إلى إطالة أمد معاناة الشعب السوري، واستمرار تدهور الحالة الاقتصادية، وتعريض الدولة السورية للمزيد من التفكك.

وأضاف أن استمرار إهمال المجتمع الدولي لهذه الحقائق، سيؤدي إلى عواقب وخيمة، وضياع مستقبل أجيال من السوريين، وتعزيز التطرف.

وتابع أن الحقيقة التي يعرفها المجتمع الدولي حق المعرفة، هي أنه “لا وجود لحل إنساني للأزمات الإنسانية”، لأن الأسباب الجذرية لهذه المأساة الإنسانية هي سياسية وحلها سياسي.

إن الحل الجاد والحقيقي يتعامل مع الأسباب الجذرية التي أدت إلى ثورة الشعب السوري، نتيجة لسياسات القمع والاستبداد والفساد والجرائم التي ارتُكبت بحقه، وبالتالي لا يمكن توقع أي حل مستدام يتعاطى مع الأعراض ويهمل مظلومية الشعب السوري وتطلّعاته للحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية.

لذلك فإن أي طرح لخطط ومبادرات تقوم على مقايضة تنفيذ القضايا الإنسانية بتنازلات سياسية ودبلوماسية، لمصلحة إعادة تدوير نظام أمعن بالإجرام بحق شعبه، ودمّر بنى الوطن، يعتبر انتهاكًا واضحًا لكل القوانين والأعراف الدولية وانتهاكًا لأسس العدالة.

وأضاف البحرة أن أي جهد أو مبادرات لا تؤدي إلى التنفيذ الكامل والصارم لقرارات مجلس الأمن “2254” و”2118″ متضمنة بيان “جنيف”، تعتبر التفافًا على هذه القرارات، وانتهاكًا للحقوق المشروعة للشعب السوري.

من جهتها، قالت الباحثة والأكاديمية وعضو اللجنة الدستورية سميرة مبيض، إنه في ظل غياب أدوات فاعلة لتنفيذ هذه المقاربة، وعدم وجود تغيير جذري في آلية التفاوض السياسي التي أدت إلى فشل على جميع الأصعدة خلال العقد الماضي، فإن فرص نجاح هذه المقاربة لا تبدو كبيرة بحكم أنها تكرار للمكرر وفق ما تقدمت به، حيث تحتاج أي مقاربة إلى أدوات تنفيذية، وخطة عمل، وفترة زمنية، وتعريف واضح للهدف، وترى أن هذه العوامل لم تتوضح بعد في خطة المبعوث الدولي.

وتحدثت مبيض لعنب بلدي عن أن من أبرز معوقات المقاربة، أنها تعتمد على نفس الأطر السابقة المتمترسة في حالة استقطاب عسكري وتمسّك بالسلطة الناتجة عن الصراع المسلح، واستمرارية هذه الأطر تتطلب استمرارية الصراع، فهي لن تسعى لبناء السلام أو للتفاوض البنّاء، لأن ذلك ينهي مسببات وجودها.

ولا ترى المبيض، في ظل المعطيات التي قدمها المبعوث الدولي، أي منجز محتمل لهذه المقاربة إلا إطالة عمر قوى الأمر الواقع، وإطالة عمر معاناة السوريين.

لا حل سياسيًا دون تقارب سوري- سوري

فيما يخص الموقف الروسي، قال الدبلوماسي السابق، والمستشار لدى الخارجية الروسية، رامي الشاعر، لعنب بلدي، إن روسيا تؤيد مقاربة المبعوث الأممي، التي لا تسعى إلى أي هدف دون إيجاد حل سياسي.

ويرى أن السوريين طوال السنوات العشر الماضية لم يتخذوا سوى سياسة خطوة ضد خطوة تجاه بعضهم، سواء من جهة “القيادة في دمشق” أو المعارضة السورية، إذ إنهم لم يتوصلوا إلى نتيجة أساسية، أو فهم أن المشكلة الأساسية التي تعرقل أي تقدم لحل الأزمة السورية وتخفيف معاناة الشعب السوري تكمن فيهم أنفسهم.

وخص الشاعر بالذكر “الرئيس بشار الأسد”، والفريق الذي حوله والقيادات في المعارضة السورية، كـ”الائتلاف” وممثلي الطرفين في اللجنة الدستورية الصغرى.

كما يرى أن تغيير السلوك يجب أن يتم عند جميع السوريين، وعند “القيادة في دمشق” بالدرجة الأولى، وأن أي طرح كالذي لجأ إليه بعض السياسيين في المعارضة، على أنه يجب تغيير النظام في دمشق، لا يخدم في التوصل إلى حل للأزمة السورية، بل على السوريين أن يلتزموا بأي خطوة تقدم من الأمم المتحدة.

ولا يمكن أن يحدث تغيير في سوريا دون توافق سوري- سوري، بحسب الشاعر.

ويعتقد بعض المقربين من “الرئيس الأسد” أن دول الخليج بدأت تتراجع وستنقذهم في الخروج من الأزمة، ولكن المطلوب فعلًا، هو أن يلتف الجميع حول الجهود التي تقوم بها الجزائر، وأن يفهم الجميع أن الهدف من هذه الجهود ليس تعويم النظام على وضعه الحالي، كما هو الآن في دمشق، بل لإنقاذ الشعب السوري بالدرجة الأولى، بحسب الشاعر.

————————-

بيدرسن والعصف الذهني.. خطوة عائمة ودليل فشل مركب!/ بشار الحاج علي

طرح المبعوث الأممي إلى سوريا السيد غير بيدرسن مبادرة جديدة تحت عنوان خطوة بخطوة لمواجهة الجمود السائد في الحل السياسي من خلال القرارات الأممية ولاسيما ٢١١٨ و٢٢٥٤ بعد توقف التفاوض على ما عرف بالسلال الأربعة التي عرفت أيضاً بسلال ديمستورا نسبة للمبعوث الأممي السابق ستيفان ديمستورا حيث قام من خلال إدارته للملف بتقسيم التفاوض بين قوى الثورة والمعارضة إلى أربعة ملفات – سلال

السلة الأولى: إنشاء حكم غير طائفي يضم الجميع، والاتفاق على ذلك خلال ستة أشهر.

السلة الثانية: وضع مسودة دستور جديد، في مدة لا تتجاوز ستة أشهر.

السلة الثالثة: إجراء انتخابات حرة ونزيهة بعد وضع دستور، وذلك خلال 18 شهرا، تحت إشراف الأمم المتحدة، وتشمل السوريين خارج بلادهم.

السلة الرابعة: استراتيجية مكافحة الإرهاب والحوكمة الأمنية، وبناء الثقة.

وبطبيعة الحال لم تنتج هذه السياسة أي تقدم يذكر ولم تعدُ سوى عنوان إعلامي لمعاناة السوريين في جنيف.

وبعد استقالة السيد ديمستورا ومجيء السيد بيدرسن خلفاً له بدأ من حيث انتهى بتشكيل اللجنة الدستورية كما يعلم الجميع على صيغة المثالثة؛ ثلث من قوى الثورة والمعارضة وثلث للمجتمع المدني وثلث للنظام.

وبعد ست جولات لاجتماع اللجنة المصغرة المكلفة بالنقاشات للوصول لصياغة مواد دستورية، وأكثر من سنتين ولا نتيجة وربما لن تأتي هذه الجولات بنتيجة دون ضغط حقيقي فالنظام يدعمه الروسي ويروج لانتصارات ويرى أنه من غير الوارد أن يعطي الطرف المقابل أي شيء، وتطرح روسيا فهمًا خاصاً لتطبيق القرار ٢٢٥٤ وهو بطريقة وبأخرى بقاء هذه المنظومة مع حكومة تشبه حكومات النظام السابقة مع مشاركة حزب البعث أحزاب الجبهة الوطنية.. الفارق هو أن تشارك أسماء شخصيات محسوبة على قوى الثورة والمعارضة تحت عنوان حكومة وحدة وطنية مع تقليص بعض صلاحيات الرئيس.

وفي ظل عدم وضوح طرح السيد بيدرسن حول خطواته من واجب السوريين طرح تخوفاتهم من تسويات بين القوى الإقليمية والدولية على شكل خطوات تعيد إنتاج خليط فاسد غير واضح، يزيد في معاناتهم في الداخل والخارج في ظل ظروف معيشية أمنية واقتصادية بائسة، ويعيد هيمنة أجهزة أمنية صادرت كل سبل الحياة العامة الطبيعية وحولت سوريا إلى وكالة أمنية دولية ومجموع جغرافي مقطع لدول النفوذ ورهن مقدراتها.

وهنا يجب على الفاعلين -مؤسسات وأفراداً وهيئات- دعوة السيد بيدرسن للعمل أولا على الخطوات الإنسانية والتي هي من المفترض أنها نفذت دون تفاوض وهي المعتقلون والمغيبون قسرياً، وعودة المهجرين والنازحين إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها، وإيصال المساعدات الإنسانية لجميع السوريين بعيدًا عن سلطات النظام الذي سخرها في تنفيذ سياساته ومنعها عن مستحقيها.

بمعنى واضح كل المطالب الإنسانية هي ليست خطوات تقابلها خطوات سياسية، بل تنفيذها مقدمة ضرورية وملزمة للبدء لاحقاً بخطوات سياسية.

وفي السياق ذاته لا يمكن أن تتم الخطوات بعيداً عن تطبيق القرارات الأممية التي تحقق الحد الأدنى من مطالب وحقوق السوريين المشروعة، ولا يمكن القبول بخطوات بين السلطة الحاكمة والدول الفاعلة وفقًا لمصالحها!

فالخطوات هي في إطار الحل السياسي السوري، وتليه لاحقا تخفيف العقوبات ومن ثمة إزالتها مع تشكيل حكم ذي مصداقية يشمل الجميع.

وفي ظل تطبيق العدالة الانتقالية التي تسهم في إعادة بناء الهوية الوطنية والسلم الأهلي بعد أن ينال كل من أجرم بحق السوريين جزاء ما فعل.

وما يجب علينا البحث فيه والعمل عليه إنسانيًا وسياسيًا لمواجهة هذا الطرح هو تحديد المرجعية سياسياً وقانونيًا لهذه الخطوات أولًا وهذا يعني أن تكون هناك خطوات في تطبيق القرارات الأممية ذات الصلة وفق تراتبية منتجة وفاعلة.

وثانياً استنادًا لمرجعية جنيف أي تحت قبة الأمم المتحدة بعيداً عن خطر المسارات الموازية والتي غالباً ما تكون صفقات ومساومات على حساب الشعب صاحب المصلحة بالحل العادل.

وثالثًا التزام دولي بخروج كل القوى الخارجية والحفاظ على سوريا وسيادتها ودعم حقيقي لإعادة الإعمار في كل المجالات.

إن الفشل في الوصول إلى حل سياسي قابل للاستمرار على أعتاب العقد الثاني للثورة السورية يدل على عمق التناقضات الدولية، وعلى تراجع دور وقدرة الأمم المتحدة في تطبيق مبادئها التي أسست عليها بسبب النظام غير العادل الذي يقوم عليه مجلس الأمن وخاصة حق الفيتو، والتعطيل لمصلحة قوى كبرى لم تكن على قدر المسؤولية في قيادة العالم نحو السلام، بالإضافة إلى فشل منظومة الأمن القومي العربي في الحفاظ على أمنها وتحقيق مصالحها، وتقدم قوى إقليمية أخرى لملء هذا الفراغ.

ولابد من القول إن أي حل بخطوات أو سلال أو حل شامل، من دون إشراك المنظومة العربية وعلى أساس حق الشعب السوري في التغيير سيبقى حلاً منقوصاً وغير دائم.

وفي الختام على السوريين مناقشة هذا الطرح ووضع تصور يحاكي الثوابت والحقوق التي يجب التمسك بها، وعدم ترك الآخرين يقومون بذاك فسواء تم القبول بها أم تم رفضها لابد من نقاشها والتحضير لها، فربما تجد صدى لدى الأطراف الفاعلة دوليًا وربما تحمل ثغره في ظلام الجمود.

تلفزيون سوريا

————————

هيئة التفاوض” ترفض مقترح بيدرسون “خطوة بخطوة”: حوافز للنظام

أصدرت “هيئة التفاوض السورية” المعارضة بياناً رفضت فيه المقترح الذي طرحه المبعوث الأممي إلى سورية، جير بيدرسون، المعروف بـ “خطوة مقابل خطوة”.

وقالت الهيئة في بيانها الصادر، اليوم الأربعاء، إنها درست الطرح الذي قدمه بيدرسون استناداً إلى معطيات عدة، وبالتالي ترفض آلية “خطوة بخطوة” كما ترفض أي مبادرات أو آليات لا تؤدي بشكل عملي وواضح إلى التنفيذ الكامل والصارم للقرار “2254”، تمهيدًا للوصول إلى الانتقال السياسي في سورية.

وجاء في البيان أنه “لا يمكن القبول بإعطاء حوافز مادية أو سياسية أو دبلوماسية للنظام مقابل تنفيذ بنود إنسانية كان هو المتسبب الأساسي فيها، فضلًا عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات المستمرة لحقوق الانسان التي ارتكبها ومازال يرتكبها هذا النظام”.

وأضاف أن أي جهود أممية يجب أن تكون في إطار تنفيذ قرار مجلس الأمن “2254”، وهدفه الرئيس هو تحقيق الانتقال السياسي “الجذري والشامل”.

وتابع: “إعطاء النظام حوافز بعد إثبات تعطيله ورفضه للعملية السياسية في جنيف، سيدفعه إلى المزيد من التعنت، وإعاقة تنفيذ القرارات الدولية، لأن النظام سيعتبر سياسة التعطيل وضرب القرارات الأممية بعرض الحائط بمثابة وسيلة يستخدمها تكرارًا لجني المزيد من التنازلات والالتفاف على القوانين الدولية وإعاقة تحقيق العدالة التي ينشدها الشعب السوري”.

وكان بيدرسون قد تحدث خلال لقائه الأخير مع المقداد في دمشق، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عن تطبيق مقاربة “خطوة بخطوة” مع نظام الأسد، وهي سياسة تأمل دول غربية على رأسها الولايات المتحدة في أن تُحدث خرقاً في مسار الحل السياسي المتعثر.

وسياسية “خطوة مقابل خطوة” تتلخص في أن تُقدم واشنطن مع حلفائها على رفع أو تخفيف بعض العقوبات عن النظام، مقابل دفع موسكو للأخير للتقدم خطوات في مسار عملية الحل السياسي المتعثرة.

لكن وزير خارجية النظام اعتبر هذه السياسة التي يتحدث عنها بيدرسون “غير مقبولة”، وذلك خلال حوار صحفي في “مؤسسة الوحدة للصحافة والنشر”، بتاريخ 17 كانون الثاني/ يناير الحالي.

وقال المقداد: “يبدو أن بيدرسون ومن خلفه الدول الغربية، أصبحوا يدركون بشكل واضح، أن مسار لجنة مناقشة الدستور هو مسار صعب بالنسبة لهم”.

ويحاول بيدرسون البحث عن عقد جولة سابعة لـ”اللجنة الدستورية”، رغم عدم إحراز تقدم في الجولات السابقة.

——————–

هيئة التفاوض السورية ترفض مبادرة بيدرسن “خطوة مقابل خطوة

أكدت “هيئة التفاوض السورية” رفضها لآلية مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، “خطوة مقابل خطوة”، مشددة على أن الجهود الأممية يجب أن تنحصر في التنفيذ الصارم للقرار 2254.

وفي بيان لها، اليوم الأربعاء، قالت الهيئة إنها “في إطار متابعتها الدقيقة لجهود الأمم المتحدة في إطار دفع العملية السياسية قدماً، درست الهيئة الطرح الذي قدمه المبعوث الأممي إلى سوريا، والذي سُمي بالخطوة بخطوة وخطوة مقابل خطوة”.

وأوضحت أنها “خلصت إلى أن هدف العملية السياسية الذي يعمل وفقه فريق الأمم المتحدة ينحصر في التنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن 2254 للعام 2015، والمبني على القرارات السابقة، خصوصاً القرار 2118 للعام 2013، وملحقه الثاني بيان جنيف في العام 2012”.

وأضاف بيان الهيئة أن “أي جهود أممية ينبغي أن تكون في إطار تنفيذ قرارات مجلس الأمن المذكورة فحسب”، مشددة على أن “جوهر قرارات مجلس الأمن بخصوص سوريا، وهدفها الرئيس هو تحقيق الانتقال السياسي الجذري والشامل”.

وقال البيان إنه “لا ينبغي أن تخرج أي مقترحات أو جهود أممية عن سياق التفويض الممنوح لها بتفعيل المفاوضات وإنجاز تقدم ذي قيمة، وغير قابل للعكس بخصوص باقي السلال في القرار 2254”.

ووفق “هيئة التفاوض السورية”، فإنه “لا يمكن القبول بإعطاء حوافز مادية أو سياسية أو دبلوماسية للنظام مقابل تنفيذ بنود إنسانية كان هو المتسبب الأساسي فيها، فضلاً عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان التي ارتكبها، ومازال يرتكبها”.

وشددت على أن “القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي، يقتضيان مساءلة ومحاسبة المتسببين بتلك الجرائم والانتهاكات، لا السماح لهم باستخدامها كوسيلة ابتزاز للمجتمع الدولي من أجل إغفالها وجني المكاسب منها”، مشيرة إلى أنه “سيكون بمثابة موافقة على تكرار واستمرار هذه الجرائم والانتهاكات التي تعمق معاناة الشعب السوري”.

واعتبرت “هيئة التفاوض السورية” أن “إعطاء النظام حوافز بعد إثبات تعطيله ورفضه للعملية السياسية في جنيف، سيدفعه إلى مزيد من التعنت، وإعاقة تنفيذ القرارات الدولية، لأن النظام سيعتبر سياسة التعطيل وضرب القرارات الأممية بعرض الحائط بمثابة وسيلة يستخدمها، تكراراً لجني مزيد من التنازلات والالتفاف على القوانين الدولية، وإعاقة تحديد العدالة التي ينشدها الشعب السوري”.

وشدد البيان على رفض الهيئة “أي مبادرات أو آليات لا تؤدي بشكل عملي وواضح إلى التنفيذ الكامل والصارم للقرار 2254، تمهيداً للوصول إلى الهدف الأساسي له، وهو تحقيق الانتقال السياسي”.

وفي لقاء سابق أجراه “تلفزيون سوريا” مع رئيس “هيئة التفاوض السورية”، أنس العبدة، أكد على رفض آلية “خطوة مقابل خطوة” التي طرحها بيدرسن، مشيراً إلى أنها “ستدمر العملية السياسية، ولن توصل المعارضة السورية إلى حل سياسي، وستعطي شرعنة لنظام الأسد تحت غطاء الأمم المتحدة”.

وقال العبدة إن “خطوة مقابل خطوة” هي “منهجية غير محددة تخدم النظام وحلفاءه”، موضحاً أن الأمم المتحدة “ليست وظيفتها أن تعيد التفاوض حول القرارات، وإنما تنفيذها”.

وكان مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، تحدث عن دعم قوي تلقاه من قبل الأطراف الفاعلة في الملف السوري، من أجل المضي بمقاربته الخاصة “خطوة مقابل خطوة”، مشيراً إلى أنه “حان الوقت لاختبار الاستراتيجية، وأن المحاورين الأساسيين في سوريا أبلغوني أن مرحلة العمليات العسكرية انتهت، وأنه لا طرف سيحتكر الخاتمة”.

وبحسب وسائل إعلامية، فإن “خطوة مقابل خطوة” تقوم على تخفيف العقوبات الأميركية على نظام الأسد، مقابل تعهد روسيا بالضغط عليه للانخراط في مسار عملية الحل السياسي المتعثرة، ومنع التصعيد عسكرياً.

———————-

أنس العبدة لـ” نداء بوست“: قمنا بإبلاغ بيدرسون رفضنا لخطّته مباشرةً.. و”ندوة الدوحة” كانت فرصة للقاء مكونات الهيئة

“ندوة الدوحة” كانت فرصة للقاء مكونات الهيئةلقاء هيئة التفاوض السورية مع غير بيدرسون في اسطنبول أمس الثلاثاء

”نداء بوست“ ـ حوارات سياسية – إبراهيم الجبين

يطرح المبعوث الدولي للملف السوري غير بيدرسون ومن دون مقدمات، خطة لمسار المفاوضات ما بين النظام السوري وقوى الثورة والمعارضة السورية، خارج قرارات مجلس الأمن، وضع لها اسماً استفز السوريين. وعَبْر إستراتيجية ”خُطوة بخُطوة“ التي يبشّر بها بيدرسون يأمل كما يقول بالحصول على “أخبار إيجابية في المستقبل القريب”، بعد فشل أحدث جلسات الهيئة المصغرة للجنة الدستورية.

بيدرسون خرج بخطته هذه بعد لقائه وزير خارجية الأسد فيصل المقداد، وأضاف قوله: “سافرت كثيراً بين بعض الدول العربية، وعقدت نقاشات عميقة مع الأمريكيين والأوروبيين، وأعتقد أن هناك إمكانية الآن لبدء استكشاف ما أسميه مقاربة (خُطوة بخُطوة)“.

وكان الرأي العامّ السوري قد رفض ما اعتبره خزعبلات سياسية يأتي بها بيدرسون للالتفاف على قرارات مجلس الأمن، ولفتح مسارات جانبية، بيدرسون بدوره قال: “رسالتي أن هناك إمكانية أخرى للبدء في استكشاف السبل الممكنة، وللبدء في المضي قدماً في هذه العملية“.

هيئة التفاوض السورية أصدرت بياناً شديد اللهجة، اليوم الأربعاء، طالبت فيه المبعوث الدولي بعدم الخروج عن التفويض الممنوح له من الأمين العام للأمم المتحدة، وطرح أفكار لم تنص عليها القرارات الأممية.

رئيس الهيئة أنس العبدة، يبين لـ”نداء بوست“ الأسباب الموجبة لرفض الهيئة لخطة بيدرسون، والإجراءات التي يمكن أن تقدم عليها الهيئة لاحقاً، علاوة على علاقات الهيئة بدول الإقليم والمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى العديد من الملفات التي تطرق إليها الحوار.

نداء بوست: هل وصلكم رد فعل من المبعوث الدولي، وكيف ستتعاملون معه فيما لو رَفَضَ رَفْضكم هذا لسياسته المُعلنة؟

العبدة: في البداية، شكراً لـكم ولـ “نداء بوست” على المبادرة، إن هذا البيان جاء نتيجة عمل مكثف قامت به هيئة التفاوض السورية، خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، حيث تم جمع كل ما له علاقة بهذا المقترح، وتم التواصل مع الدول التي تم التشاور معها من قِبل بيدرسون، وكذلك عُقدت لقاءات مع المبعوث الدولي كالمعتاد، وكان هذا البند دائماً جزءاً أساسياً من النقاش.

بهذا السياق من العمل المكثف لهيئة التفاوض أصبحت لدينا مجموعة حقائق ووثائق درسناها بشكل دقيق، وتم أخذ هذا القرار نهاية الشهر الماضي، وفي الأمس كان لدينا لقاء مع المبعوث الدولي في إسطنبول، وكان البند المتعلق بـ “خُطوة مقابل خُطوة” أساسياً في هذا اللقاء. أبلغناه قرارنا، وشرحنا له بشكل موضوعي وواضح سبب اتخاذنا لهذا القرار بشكل رسمي.

هذا هو موقفنا، وبالنهاية هذا ما نملكه في قوى الثورة والمعارضة في العملية السياسية، ولم نخضع لأية ضغوطات من هنا أو هناك، وكنا واضحين مع أهلنا وشعبنا، ووضحنا موقفنا في مؤتمر صحفي عُقد في 20 من الشهر الماضي، وفي حوار مع “تلفزيون سورية” أعلنا فيه القرار الذي اتخذته هيئة التفاوض، ومن ثَمّ أصدرنا البيان الرسمي، ووضحنا فيه الأسباب الموجبة لهذا القرار، وشاركناها مع أهلنا وشعبنا أولاً، ومن ثَم مع حلفائنا والمجتمع الدولي والأمم المتحدة، وهذا ما يجب أن يتوقعه شعبنا منا تجاه هذا الأمر، لما له من خطورة على العملية السياسية بشكل عامّ والعملية التفاوضية بشكل خاصّ.

إجراءات تصعيدية

نداء بوست: ما هي الإجراءات اللاحقة التي ينتظرها منكم السوريون، والتي أكد بعض أعضاء الهيئة أنكم ستقومون باتخاذها، إضافة إلى إصدار البيان للتعبير عن رفض هذا النهج الذي بدر عن المبعوث الدولي؟

العبدة: عندما التقينا المبعوث الدولي بالأمس وأبلغناه القرار، قدمنا له البدائل في الوقت ذاته، وقلنا له إذا أردنا التقدم في العملية السياسية والقرار 2254، فالمطلوب من المبعوث الدولي أن يعلن عن مشاورات أو يبحث في خيار الإعلان عن مشاورات حول فتح بقية السلال “المسارات التفاوضية”، أو أن يعلن على الأقل عن تشاوُر بخصوص واحد من هذه المسارات، أو حول الطريق الأمثل لتطبيق القرار 2254 والتحديات التي ستواجه هذا التطبيق، وكيف يمكن تخطيها.

طرحنا على بيدرسون إمكانية البدء بالمشاورات مع الأطراف السورية وغير السورية حول بعض القضايا المتعلقة بإجراءات بناء الثقة، كموضوع ملف المعتقلين الذي نعتبره الأولوية رقم 1، هذا الملف الموجود بشكل واضح في القرار 2254، ولكن الأمم المتحدة لم تحقق أي إنجاز فيه حتى الآن.

أما الموضوع الثاني فهو موضوع وقف إطلاق النار، واستهداف أهلنا في المناطق المحررة، وهذا ما يستحق العمل الأساسي عليه في الواقع، وهو جزء من 2254، وأكدنا على أننا نؤمن بأن تفويض الأمم المتحدة جاء نصاً بالقرار 2254، وهذا النص يقول: إن الأمين العامّ والمبعوث الخاصّ يجب أن يرعيا مفاوضات من أجل الانتقال السياسي، والذي لن يحدث إلا بالتطبيق الكامل للقرار، والتطبيق الكامل هو بالضرورة فتح جميع المسارات، فلماذا الذهاب باتجاه آليات أخرى، وعدم التركيز على المسار الأساسي للعملية السياسية؟ بالإضافة إلى ذلك سنقوم بالتواصل مع الدول المعنية بالملف السوري، وبالفعل بدأت هذه الدول بالاستفسار منا عن أسباب قرارنا هذا، وهم مدركون للأسباب الموضوعية التي دعتنا إليه، وخاصة الدول التي دخلت في عملية المشاورات مع بيدرسون حول هذه الآلية.

كيف يفكّر بيدرسون؟

 نداء بوست: ما تفسيرك شخصياً لما دفع المبعوث الأممي لطرح مثل هذه الخطة، والتي تنم كما عبرتم في بيانكم أنها خروج عن التفويض الممنوح له، من قِبل الأمم المتحدة لتطبيق قرارات مجلس الأمن، ما الذي دفعه لذلك، وهل تلقى ضوءاً أخضر من إحدى الدول المحورية في هذا الشأن، وهل تتوقعون سيناريو ما في ذهنه؟

العبدة: في الحقيقة، إن المبعوث الدولي ومن خلال الإحاطات التي يقدمها منذ أكثر من سنة، كان يذكر هذه الفكرة دوماً، وعندما تسأله الدول ونسأله نحن عن المقصود بهذه الآلية، يجيب بأنها فكرة معروفة بالفن التفاوضي، وربما تكون مهمة للأطراف لكي يفكروا بها، واستمر هذا الشيء فترة من الزمن. وربما يكون أحد أسباب هذا الطرح هو أن بيدرسون بات يدرك أن مسار اللجنة الدستورية لم يصل إلى نتائج كما هو متوخى أو مطلوب بحسب القواعد الإجرائية، وبحسب ما هو متوقع من اللجنة، فتعنت النظام بأن يشعر المبعوث الدولي بالقلق، وبدل أن يذهب باتجاه فتح مسار إضافي مثل مسار هيئة الحكم الانتقالي، وجدناه بات يفكر أكثر بآلية “خُطوة بخُطوة”.

لا اعتقد أن الأمم المتحدة لديها مانع من فتح باقي المسارات، لكنها محصورة بهذا الإطار من خلال الدول المؤثرة في الملف، من طرف الولايات المتحدة ومن طرف روسيا، والصين تلعب دوراً لقربها من توجهات روسيا في مجلس الأمن، لذلك هو بدأ يفكر بشيء آخر، وهي فكرة ليست مؤطرة أو محددة، وبطرحها أثار مشكلة، فمن جهة أعطى انطباعاً بأن هنالك مجالاً للمناورة، خاصة في ما يتعلق بالضغوط الأساسية على النظام لكي يقبل ويقدم شيئاً بالعملية السياسية، وأيضاً بما يتعلق بالتطبيع، وابتكر هذه الآلية لكي يبحث عن مساحة للتحرك في سياق آخر غير اللجنة الدستورية، ونحن أيدناه في البحث عن مسارات أخرى، ولكننا طلبنا منه فتح بقية المسارات المغلقة في العملية السياسية. فمسار اللجنة الدستورية بطيء جداً ولا يوجد اتفاق على عبارة في الدستور الجديد. وهو بدلاً من الذهاب باتجاه بقية المسارات، اتجه إلى آلية الـ “خُطوة بخُطوة“، ولعل تجاوُزه للمسارات الأخرى جاء بضغوط من الدول الحليفة للنظام، على الرغم من تأييد الدول القريبة منا كالدول العربية والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية لفكرة فتح بقية المسارات لأنها الشيء الطبيعي، ولكن الروس مصرون على عدم فتح بقية المسارات، وأن تتركز المسـالة حول اللجنة الدستورية.

بيدرسون قدم طرحاً غير واضح، ويريد منا توقيع شيك على بياض، وهذا غير ممكن في العملية السياسية، ولست مفوضاً بهذا الموضوع، وينبغي توضيح هذه الآلية وتفسير الخطوات والإجراءات حتى يصبح بإمكاننا تقييم المسألة بشكل جيد، فتقديمه للطرح بهذا الشكل وبدون وضوح أثار لدينا قلقاً وخشيةً بأننا ماضون بطريق مجهول، على الأغلب لن يوصلنا لأي نتيجة، وسينتج عنه تمييع القرار الدولي والخروج عن التفويض وتجاوُز موضوع الانتقال السياسي.

الأمر الآخر حول مبادرة بيرسون هو أنه ذكر ستة أمثلة للخطوات، وهذه الأمثلة هي إما قضايا إنسانية أو إجراءات بناء ثقة، ونحن بدورنا نسأل المبعوث الدولي السؤال المنطقي، أنه في حال طلبك من النظام خطوة إنسانية، ماذا تريد أن تقدم له مقابل هذه الخطوة؟ أنت تطلب منه الإفراج عن المعتقلين كإجراء بناء ثقة، ماذا ستعطيه بالمقابل؟

نحن كقوى ثورة ومعارضة، لدينا ثلاث نقاط قوى أساسية، النقطة الأولى: هي مسألة التطبيع مع النظام، حيث أن معظم الدول لا تعترف بشرعية هذا النظام، ولا تتعامل معه ولا تعيد فتح السفارات.

والنقطة الثانية، هي العقوبات، فهناك عقوبات أمريكية وأوروبية ضد النظام مثل قانون قيصر، وهذا كله يسهم في الضغط على النظام من أجل الجلوس على طاولة المفاوضات وتقديم ما من شأنه أن يساهم في الحل السياسي والانتقال السياسي.

النقطة الثالثة هي الأموال المطلوبة لإعادة الإعمار، وهي تأتي من الدول القريبة منا (الدول الخليجية، الأوروبية، كندا، الولايات المتحدة) وهذه النقاط والتي هي نقاط ضغط أساسية، إذا تخلينا عنها مقابل خطوات متعلقة بخطوات إنسانية وخطوات بناء إجراءات الثقة، فلن نجد ما نفاوض عليه سياسياً، وبالتالي يأخذ النظام أكثر ما يحتاجه، دون تقديم أي شيء في الحل الأساسي، وهذه إشكاليتنا الحقيقية مع الموضوع، فالأمم المتحدة بهذه الحالة ستأخذ منا بهذه الإستراتيجية جميع نقاط القوة، مقابل أن يقدم النظام خطوات مفروضة عليه.

لدي تخوُّف حقيقي بوجود محاولات لتجاوُز الهدف الأساسي من العملية الانتقالية وهو الانتقال السياسي، وهذا يعني أنه يتم تجاوُز 2254، وأن يكون هناك تطبيق كامل للقرار، وهذه ما تحاوله بعض الدول وتضغط باتجاهه، وهذا من مصلحة النظام وهو ما تسعى إليه روسيا (حل سياسي على مقاس النظام) وهذا مستحيل أن نقبل به. وأنا قلت لبيدرسون في الدوحة: إذا لم يُفضِ عملنا إلى الانتقال السياسي فلن نستمر بهذه العملية، ومن المستحيل تبرير وجودنا بهذه العملية دون الانتقال السياسي، وهذا هو التفويض الممنوح لنا كهيئة تفاوُض ولا تعمل من دون مرجعية، فبيان الرياض 1 وبيان الرياض 2 والقرار 2254 يحدد لنا حدود التفويض الممنوح لهيئة التفاوض في عملها، والهيئة السياسية حسب تعريفها الرسمي ضِمن النظام الداخلي هي هيئة سياسية تدير العملية التفاوضية من أجل الوصول إلى انتقال سياسي بحسب القرارات الدولية ذات الصلة وعلى رأسها 2254. التفويض الممنوح لنا واضح ونحن بناء على هذا التفويض نقول: إن أي شيء يخرج عن إطار 2254، غير مفوضين أن نكون جزءاً منه، وسنحارب من أجل الانتقال السياسي, وهذا ما قام السوريون لأجله، والسوريون هم مَن يحق لهم اختيار رئيس الجمهورية ومجلس النواب ومجالسهم المحلية، وهذا حق لهم وبدون انتقال سياسي لا نصل لهذا الحق، والسوريون قدموا لذلك تضحيات غير مسبوقة، وهذه أمانة في أعناقنا، حتى الوصول إلى هذا الحق.

وأود ذكر نقاط العلام الأساسية للوصول إلى هذا البيان:

 أول نقطة هي أننا بدأنا بجمع المعلومات المتعلقة بآلية “خُطوة مقابل خُطوة” وهي جهد مكثف لمدة أربعة شهور، والنقطة الثانية هي دعوتنا من قِبل المبعوث الدولي ببداية الشهر 12، من أجل المشاورات حول “خُطوة مقابل خُطوة” وأنا أرسلتها بدوري إلى جميع المكونات لدراستها، والنقطة الثالثة، هي التصريحات الروسية في نهاية العام الماضي، وكان واضحاً محاولتها تفريغ القواعد الإجرائية في اللجنة الدستورية والقرار 2254 من محتواه، ونقطة العلام الرابعة هي الاجتماع الذي عقدناه نهاية الشهر الماضي، وجمعنا من خلاله معلومات بناء على لقاءات مكثفة مع الدول التي تتشاور بهذا السياق، وفي ذلك الاجتماع اتخذنا القرار وتم التواصل مع المكونات لهذا الشأن، وناقشناه من خلال مؤتمر صحفي في 20 من الشهر الماضي، تحدثت فيه بشكل موسع حول لقاء الدوحة مع بيدرسون، وعن كلامه حول التغيير في سورية، وأوضحت القضية بشكل شفاف لشعبنا، ونقطة العلام الخامسة كانت اللقاء مع بيدرسون يوم أمس وإبلاغه بالقرار، وشرحنا له الأسباب. أما نقطة العلام الأخيرة فهي إصدار البيان الذي يختصر سياق العمل خلال الأربعة أشهر الماضية حول موضوع “الخُطوة مقابل خُطوة“، وهذا السياق باعتقادي مهم لكي يعرف الناس أن البيان لم يكن ارتجالياِ إنما نتيجة عمل ممنهج وجمع معلومات والمناقشة مع جميع الأطراف ذات الصلة.

مستقبل الصراعات داخل الهيئة

نداء بوست: يتعلق هذا السؤال بمكونات هيئة التفاوض، وما إذا كانت ”ندوة الدوحة“ التي رعاها رئيس الوزراء المنشق د. رياض حجاب قد أسهمت في حلحلة بعض الإشكالات، على اعتبار أن اللقاء تم وجهاً لوجه بينكم وبين تلك المكونات التي أنتم على خلاف معها. هل تم نقاش أي موضوع بشكل جانبي، وهل ترى كونك رئيساً للهيئة أنكم على وشك تجاوُز هذه العقبات؟

العبدة: أود التأكيد على أن التواصل مع كافة مكونات الهيئة لم يتوقف، من اليوم الأول الذي ترأست فيه الهيئة، ولدي علاقات ممتازة مع كل المكونات التي أحترم ممثليها، وأنا على مسافة واحدة منهم، بما فيها مكون الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وعلى الرغم من الإشكالية التنظيمية التي سبقت قدومي للهيئة، والتي عانيت منها شخصياً وعانت منها الهيئة وربما العملية السياسية أيضاً، فقد حاولنا بذل جهدنا كي لا تؤثر على عملنا كهيئة تفاوض، وكذلك على عمل اللجنة الدستورية. وكل المكونات تعاملت بإيجابية مع هذا الموضوع، فكما هو معلوم تضم الهيئة سبعة مكونات؛ الائتلاف الوطني، هيئة التنسيق الوطنية، الفصائل، المستقلين، منصة موسكو، منصة القاهرة، والمجلس الوطني الكردي. ولكل هذه المكونات عدد محدد من الممثلين في الهيئة البالغ عددهم 37 ممثلاً. وقد حاولنا ونحاول تجنيب عمل الهيئة منعكسات أية مشاكل تنظيمية، وهذا كان واضحاً في عمل اللجنة الدستورية، ولم تحدث أي إشكالية بهذا الموضوع، فطريقة عملنا التي نسعى أن تكون احترافية لم تسمح لأي جهة باستغلال تلك الإشكالات وتوظيفها بشكل سلبي، سواء لدى الأمم المتحدة أو الدول الحليفة للنظام.

وبالتوازي مع اللجنة الدستورية، فإن هيئة التفاوض تجتمع بشكل دوري، وهناك حضور دائم لخمسة مكونات، ونأمل حضور المكونين الباقيين لاجتماعاتنا، مع أن عدم حضورهم لا يعني غياب التنسيق معهم، ومثال ذلك التنسيق في القرار الأخير، وإشراك المكونات الأخرى في اتخاذه، فعندما أرسل بيدرسون دعوة للقاء التشاوري حول آلية “الخطوة بخطوة”، قمنا بإحالتها إلى المكونات السبعة وطلبنا دراستها، وأخذت جميعها الوقت اللازم لذلك، وجرت نقاشات حول الموضوع، بيني وبين كل مكون على انفراد، أو من خلال الاجتماعات التي تتم بين أعضاء هيئة التفاوض، وكذلك أسهمت الندوة الأخيرة في الدوحة باللقاء مع زملاء أعزاء لنا، كأعضاء من هيئة التنسيق ومنصة موسكو، وكان لنا من فترة قريبة لقاء مع ممثل هيئة التنسيق الأستاذ أحمد العسراوي في إسطنبول، عندما حضر ورشة للجنة الدستورية، والتقينا قبل ذلك مع وفد لهيئة التنسيق زار الائتلاف برئاسة الأستاذ حسن عبد العظيم.

بشكل عامّ، نحن نسعى إلى أن تستمر الهيئة بأداء عملها دون تعطيل، وبالتنسيق الكامل مع المكونات بالحد الممكن. هذا لا يعني أن المشاكل التنظيمية قد حُلت، وفي الوقت الذي نتمنى نحن من جانبنا أن نتمكن من حلها، لا توجد مؤشرات واضحة على تجاوُزها حالياً.

وهناك أفكار وتواصلات بهذا الشأن، ولكن ما زالت المسألة معقدة، وبالرغم من هذا التعقيد إلا أن الهيئة غير مُعطلة في عملها.

وبخصوص اللجنة الدستورية، لنا لقاءات مع الدول الداعمة لموقفنا السياسي، بالإضافة إلى العديد من الندوات والفعاليات التي نعقدها من خلال مكتبنا في جنيف، ويحضرها ممثلو دول فاعلة في المجتمع الدولي، ونحضّر حالياً لفعالية تحت عنوان “آرايا” بمجلس الأمن بخصوص ملف المعتقلين، وخصوصاً النساء والأطفال، تقوم هيئة التفاوض بعملها المعتاد، وتوجد لجنة خاصة بالمعتقلين ولجنة خاصة بالعدالة الانتقالية والمحاسبة والمساءلة ولجنة انتخابات ولجان أخرى نعمل عليها جميعها، لكن هذا لا يعني أن الوضع طبيعي بالكامل، فهو لن يكون سوياً إلا في حال عودة الإخوة الأعزاء في هيئة التنسيق ومنصة موسكو.

الدور العربي في الملف السوري

نداء بوست: ماذا لديكم من خطط لترميم العلاقة مع المملكة العربية السعودية، وهو سؤال يُطرح بشكل دائم من قِبل المتابعين؟

العبدة: العلاقة مع الإخوة في المملكة علاقة مهمة وأساسية لنا كقوى ثورة ومعارضة، ونحن دوماً نتذكر أنه لولا المملكة ودورها الرائد في دعم الشعب السوري وتطلعاته منذ بداية الثورة وحتى الآن، لما حصلت الكثير من الأمور على مستوى الجامعة العربية والأمم المتحدة، ولم يكن ممكناً طرد النظام من الجامعة العربية لولا الدور السعودي، ولم يكن ممكناً صدور الكثير من القرارات الأممية لصالح الثورة السورية لولا هذا الضغط السعودي.

بالنسبة لنا السعودية هي الحامل الأساسي لبُعدنا العربي في هذه القضية، والشعب السوري عندما ثار على النظام كان ينتظر دعماً حقيقياً من الدول العربية، وهذا ما حدث سواء من السعودية أو قطر أو الإمارات أو مصر أو الأردن، والدعم الذي قُدّم للسوريين منهم كان كبيراً، والفتور الذي شابَ علاقة الهيئة بالمملكة خارج ما نتمناه وخارج ما هو مطلوب، ونحن حريصون أن تعود العلاقة لأفضل ما يمكن، وبذلنا الجهود الممكنة، ونتفهم موقف المملكة بشكل عامّ سواء بالملفات المتعلقة بهيئة التفاوض، أو القضايا الأخرى ذات العلاقة بالملف السوري، حيث إنه وفي فترة من الفترات كان هناك استقطاب إقليمي حادّ، تحديداً بين تركيا والسعودية وبين تركيا والإمارات، وبين قطر والسعودية، وهذا أثر على مسارنا بشكل كبير، وكنا نطالب دائماً أن نكون خارج الاستقطابات، ولكن السياسة الحقيقية على الأرض يبدو أن الاستقطابات تؤثر على القضايا ذات الاهتمام المشترك، ونحن حريصون على بُعدنا العربي، وأن تعود العلاقات مع المملكة على أفضل ما هو ممكن. كذلك الحال مع بقية الدول العربية، فعلاقتنا مع دولة قطر علاقة إيجابية، وقطر تلعب دوراً مهماً في الملف السوري، ولكن لا يوجد بديل لمقام المملكة العربية السعودية، ونحن حريصون عليه كحرصنا على العلاقة مع مصر، فالركنان الأساسيان في العالم العربي هما مصر والسعودية، وقضيتنا لن تشهد أي تقدُّم دون حامل عربي. أرسلنا رسائل كثيرة للإخوة في المملكة معبرين عن امتناننا وشكرنا لدعمهم بالفترة الأخيرة، وعندما تحدّث السفير السعودي عبد الله المعلمي في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ترك هذا الحديث انطباعاً إيجابياً لشعب سورية الثائر، ورأى السوريون في كلام المعلمي ما يمثلهم على المستوى الدولي، في المحصلة؛ العلاقة مع المملكة لا نقيمها من خلال بعض الإشكاليات، إنما من خلال السياق العامّ، وهو سياق تعاوُن واحترام متبادل وتقدير للموقف ولما قدمته المملكة على كل الأصعدة، في دعم الشعب السوري وتطلعاته، ونأمل أن تعود العلاقة لسابق عهدها، لأن ذلك مهم جداً لنا كسوريين وكقوى ثورة ومعارضة، ونأمل حدوث ذلك قريباً.

نداء بوست

———————

الانقلاب الدولي على المعارضة السورية:”خطوة خطوة”نحو الأسد/ مصطفى محمد

يتصاعد قلق المعارضة السورية من مقاربة “خطوة مقابل خطوة” التي يروج لها المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، وسط اعتقاد بأن المقاربة التي تحدث بيدرسن قبل أيام عن حصوله على دعم دولي صلب لها، ويقصد الولايات المتحدة وروسيا، ستكون في خدمة النظام السوري.

وفي آخر تصريحات صحافية له، أكد بيدرسن أن ممثلي روسيا وأميركا أبلغوه بأنهم مستعدون للانخراط في هذه المقاربة، التي ترى المعارضة أن لا مبرر لها، في ظل حالة من انعدام الثقة بأداء المبعوث الأممي.

وتعتقد المعارضة أن بيدرسن يناور للبحث عن طريق سالك بدلاً من مسار اللجنة الدستورية المتعثر بعراقيل وتعنت النظام، فالأخير برأيهم ليس على استعداد لتقديم أي تنازل حقيقي مطلوب منه دولياً دون الضغط بالقدر الكافي.

ويسود اعتقاد، بأن مقاربة “خطوة مقابل خطوة” دخلت حيز التطبيق بعد اتفاق واشنطن وموسكو على مبادئ عديدة في الملف السوري، وذلك في إشارة إلى ما جرى مؤخراً من تخفيف حدة العقوبات على النظام السوري، عبر السماح لدول إقليمية بعقد اتفاقيات اقتصادية كان النظام طرفاً فيها.

ويقول الدبلوماسي السوري السابق في واشنطن بسام بربندي إن “خطوة مقابل خطوة” هي استراتيجية تنفيذية ولدت بعض اتفاق الولايات المتحدة وروسيا على جملة من المبادئ، منها تجنب فشل “الدولة” السورية وانهيار مؤسساتها بما في ذلك “الجيش”، والانتهاء من وجود الإرهاب، وكذلك احترام مناطق النفوذ ومصالح الدول الموجودة في سوريا (روسيا، تركيا، إيران).

ومن المبادئ المُتفق عليها أميركياً وروسياً، حسب حديث بربندي ل”المدن”، هو فشل المعارضة السياسية وعدم قدرتها على إيجاد بديل عن النظام السوري، وأخيراً هناك اتفاق على أن الحل السياسي في جنيف ضمن المبادئ هذه.

وبذلك، يكون النظام السوري أكبر المستفيدين من المقاربة (خطوة مقابل خطوة)، لكن الخطورة لا تمكن في هذه المقاربة، كما يؤكد بربندي، وإنما في النتائج التي ستؤدي إليها، موضحاً أن “هدف روسيا منها هو منع انهيار النظام اقتصادياً، بعد الإمساك بالملفين السياسي والعسكري”.

وفي المبدأ العام، تقوم مقاربة “خطوة مقابل خطوة” على تخفيف وطأة العقوبات دولياً على النظام السوري، مقابل تنازلات من جانب الأخير تتعلق باللجنة الدستورية (ضمن المبادئ المتفق عليها أميركياً وروسياً)، وملف المعتقلين، وغيرها من الملفات الإنسانية.

وفي ظل حالة الشك بتجاوب النظام، يحذّر رئيس “التحالف الأميركي من أجل سوريا” الدكتور محمود برازي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من اعتماد هذه المقاربة، والبدء باتخاذ خطوات في إطار تخفيف العقوبات، قبل أن يبادر النظام باتخاذ خطوات “إيجابية”.

ويضيف ل”المدن”، أنه “عندما تقدم الإدارة الأميركية على خطوات كهذه، فهي تضع الكرة في ملعب النظام، مع تيقنها المسبق باستحالة تجاوبه”، معتبراً أن “من شبه المستحيل أن يغير النظام سلوكه”.

خطوات وشيكة للمقاربة

ولن تقف نتائج مقاربة “خطوة مقابل خطوة” عند الاستثناء الذي منحته واشنطن للحكومة اللبنانية من عقوبات “قيصر” في قضية استجرار الطاقة من الأردن ومصر عبر سوريا، ومن المتوقع من وجهة نظر بسام بربندي، نظراً لأن المقاربة هي بالأساس أميركية-روسية، تسهيل وصول المساعدات بشكل أكبر لمنظمات المجتمع المدني، والمنظمات الدولية التي تعنى بموضوع إعادة الإعمار المبكر (ترميم مدارس، ترميم محطات كهرباء ومياه، صيانة بنى تحتية) في مناطق سيطرة النظام. وإلى جانب ذلك، ليس من المستبعد، أن تدخل منظمات ممولة أوروبياً إلى مناطق النظام.

غير أن ما يستدعي الانتباه، برغم كل ما سبق، مواصلة الإدارة الأميركية التأكيد على رفضها التطبيع مع النظام السوري، وهو ما عبّر عنه حديث منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بريت ماكغورك، قبل أيام، عن رفض بلاده التطبيع مع النظام السوري، سراً أو علانية، رغم موافقتها على رفع العقوبات عنه تدريجياً.

وفي هذا الإطار، يقول بربندي: “لا يوجد جواب حقيقي لذلك، لكن يبدو فعلاً أن هناك مخاوف من سقوط اقتصادي للنظام، يؤدي إلى قيام دولة مليشيات، ولذلك يأتي هذا التخفيف الاقتصادي في إطار سعي واشنطن إلى إحداث درجة من التوازن”. لكنه يستدرك قائلاً: “لكن الخطوات الأميركية الاقتصادية نحو النظام، لن تصل إلى تغيير جذري، لأن واشنطن غير مستعدة لإعطاء موسكو كل ما تريده”.

ضغط شعبي

ولا يبدو أن المعارضة التي تضعها تصريحات بيدرسن عن المقاربة الجديدة، أمام مأزق جديد، بصدد اتخاذ مواقف صلبة، حيث لا زالت ردود أفعالها تتراوح بين توجيه الانتقادات للمبعوث الأممي، وبين مطالبته بعدم الخروج عن مهمته.

ورغم تلويح رئيس الهيئة العليا للمفاوضات السورية، أنس العبدة قبل أيام بأن تعليق عمل اللجنة الدستورية هو واحد من الخيارات المطروحة، إلا أن بربندي يستبعد ذلك، لأسباب متعلقة بطريقة تفكير المعارضة السياسية وحرصها على المكتسبات الشخصية. ولذلك يرى أنه من الضروري مقاطعة بيدرسن شعبياً، ويقول: “الحل هو إيجاد ضغط شعبي ثوري إعلامي مقاطع لعمل بيدرسن”، حتى يعيد الاهتمام بمطالب الشعب السوري.

يذكر أن الرئيس المشترك للجنة الدستورية السورية هادي البحرة قد اعتبر أن الطريق إلى السلام في سوريا لا يحتاج إلى خطوة مقابل خطوة، ولا خطوة بخطوة، مضيفاً في رد على تصريحات بيدرسن، أن كل ما يحتاجه الحل في سوريا هو خطوة واحدة فقط، وهي التنفيذ الكامل والصارم والملزم لقرار مجلس الأمن رقم 2254 الصادر في العام 2015.

—————————–

تأكيداً على تمسكه بسياسة “خطوة بخطوة”.. غير بيدرسن إلى دمشق

يتجه المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، إلى دمشق غداً الثلاثاء في محاولة لإحياء عمل اللجنة الدستورية في جنيف، وتفعيل خطّته “خطوة مقابل خطوة” المثيرة للجدل.

ويحاول بيدرسن في زيارته تحديد موعد جديد لاجتماع اللجنة الدستورية التي فشل أعضاؤها في تحديد موعد جولتها القادمة خلال آخر اجتماع لهم. وبحسب مصادر أممية، فإن مبعوث الأمين العام يرغب في أن يكون الموعد في أقرب وقت ممكن.

وسيلتقي بيدرسن في دمشق وزير الخارجية فيصل المقداد، بالإضافة إلى رئيس وفد النظام السوري في اللجنة الدستورية أحمد الكزبري.

بيدرسن يكشف عن تفاصيل استراتيجيته “خطوة بخطوة” ورأي الأطراف الدولية بها

يذكر أن الجولة الـ 6 لأعمال الدستورية السورية التي اختتمت أعمالها في الـ 22 من تشرين الأول الماضي “لم تحرز أي توافق حول المبادئ الدستورية الأربعة” بحسب ما أدلى به المبعوث الأممي في المؤتمر الصحفي الختامي.

وقال بيدرسن في المؤتمر إن “الاجتماع الأخير كان عبارة عن خيبة أمل. لم نحقق ما أردنا إنجازه، وافتقرنا إلى فهم سليم لطريقة دفع هذا المسار إلى الأمام”. وأوضح أن الجولة لم تفض إلى أي تفاهمات أو أرضية مشتركة، كما لم يتم التوافق على موعد الجولة المقبلة.

وكان بيدرسن قد طرح ما سمّاها مقاربة الـ “خطوة مقابل خطوة”، إلا أنها قوبلت بالرفض من قبل المعارضة السورية وهيئة التفاوض فيها، التي شددت في بيان لها على “رفض أي مبادرات أو آليات لا تؤدي بشكل عملي وواضح إلى التنفيذ الكامل والصارم للقرار 2254، تمهيداً للوصول إلى الهدف الأساسي له، وهو تحقيق الانتقال السياسي”.

———————-

من أوسلو إلى “خطوة مقابل خطوة”: بيدرسن يهندس خطة إجهاض الحلم السوري/ بسام يوسف

في العام 1993م، كان “بيدرسن” عضواً فاعلاً في الفريق النرويجي الذي أدار مفاوضات أوسلو السريّة، والتي أفضت كما هو معروف إلى توقيع اتفاق “أوسلو” بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبغض النظر عن رأينا بهذا الاتفاق، فإن أهم تجليات هذا الاتفاق بعد ما يقرب من ثلاثين عاماً على توقيعه، يظهر جلياً في الحال الذي وصلت إليه القضية الفلسطينية.

رغم اختلاف طبيعة الصراع، وطبيعة أطرافه، إلا أننا يمكننا أن نتلمس كيف يحاول “بيدرسن” في مهمته كوسيط دولي في الملف السوري، أن ينجز حلاً يشبه إلى حد كبير اتفاق أوسلو بنتائجه وتداعياته.

منذ أشهر يحاول بيدرسن تسويق فكرة رئيسية، وهي أن مطلب رحيل عائلة الأسد عن رأس السلطة في سوريا يجب تجاوزه، مبرراً ذلك بادعاء خفوت الأصوات السورية المطالبة به، ومستنداً في توجهه هذا إلى ضغوط كل من روسيا وإيران والصين، وإلى تراجع اهتمام أوروبا وأميركا بالملف السوري، متجاهلاً عن عمد طبيعة الصراع السوري الذي هو في جوهره صراع بين شعب وطغمة فاسدة، فاشية تحكمه منذ ما يزيد على نصف قرن، ومتجاهلاً عن عمد أيضاً، حقيقة أن أي حل يُبقي على النظام السابق سيزج سوريا في دوامة من العنف مجدداً، وسيغلق في وجهها كل بوابات الانتقال إلى دولة قابلة للحياة وللتطور.

ماذا يعني عدم حدوث انتقال سياسي حقيقي في سوريا، وماذا يعني بقاء عائلة الأسد على رأس الطغمة الحاكمة في سوريا؟

إن كان هذا السؤال في ذمة “بيدرسن” وغيره من جهات دولية متدخلة في الملف السوري، فإنه أولاً وأساساً في ذمة السوريين كلّهم، مهما تكن تصنيفاتهم ومواقفهم السياسية.

في محاولة قراءة نتائج السيناريو الذي يحاول “بيدرسن” تمريره، تظهر احتمالات هي الأكثر حظاً في الحصول، إن لم تكن هي الاحتمالات الوحيدة:

    إذا لم يتم انتقال سياسي حقيقي في سوريا وبقيت عائلة الأسد تحكم سوريا، فإن سوريا يراد لها عمدا أن تظل دولة فاشلة وعاجزة ومنهوبة، وتديرها عصابات ومافيات لها ارتباطاتها الخارجية، والأخطر هو أن الدولة التي ستكون أكثر قدرة على إدارة هذه الدولة ستكون إيران، مع ما يعنيه هذا من تبعات يمكننا رؤيتها بوضوح في المثال العراقي، لنقرأ فقط ماذا فعلت إيران بالعراق.

    إذا لم يتم انتقال سياسي حقيقي في سوريا، فإن كل الجرائم التي ارتكبت بحق السوريين ستطوى صفحتها، أو ستنتهي إلى مسرحية هزيلة يدفع فيها بعض الأشخاص “الكومبارس” ثمن هذه الجرائم، بينما يبقى المجرمون الحقيقيون في مواقعهم ليواصلوا جريمتهم، ولتبقَ الوقائع المرسخة بالقوة على الأرض كما هي.

    إذا لم يتم انتقال سياسي حقيقي، فإن العصابات، والمرتزقة، والميليشيات الطائفية ستتصدر المشهد في سوريا لفترة طويلة، وستصبح هي القوى الفاعلة في سوريا، وستصبح الدولة السورية مجرد واجهة لشبكة مافيات متعددة الأطراف، وإن كان السوريون قد خَبروا ماذا يعني أن تكون الدولة هي واجهة لحكم عصابة واحدة “عصابة آل الأسد”، فهم قادرون أن يتخيلوا كيف سيكون الأمر عندما تتعدد العصابات ويصبح رأسها المدبر في إيران.

    إذا لم يتم انتقال سياسي حقيقي في سوريا، فإن السوريين سيخوضون مرة أخرى حرباً أخرى، وستنفجر سوريا مجدداً في حرب ستقود إلى تقسيم سوريا، وبالتالي ستكون النهاية التي تتمناها أطراف دولية عدة، وتصب في السيناريو الذي يهدف لاستبدال الصراع العربي الاسرائيلي بالصراع السني الشيعي، مع ما يعنيه هذا الاستبدال من زج لشعوب هذه المنطقة في صراع طويل يرغمها على تفويت فرص تحولها إلى دول حديثة، ويستنزف كل إمكاناتها، ويجبرها على التبعية والارتهان لأطراف خارجية.

من الجلي والواضح جداً، ولا يحتاج لعناء كثير أن يدرك السوريون كيف ستكون سوريا لو بقيت عائلة الأسد في موقع الحكم، فأمامهم نصف قرن من الشواهد، والأرقام، والمعطيات، والوقائع، والأدلة..الخ، وكلها بلا استثناء تقول بلغة واضحة أن من عمل طوال نصف قرن على تدمير سوريا، ونهبها، وإفساد الدولة فيها، وتحويلها إلى دولة فاشلة، وكان يفعل هذا عندما كانت سوريا قوية وقادرة ولديها اقتصادها وجيشها، سيقوم ببيع سوريا علنا بعد أن أوصلها لهذه الحالة من الضعف.

ليس أمام السوريين خيار آخر، فإمّا انتقال سياسي حقيقي يستعيد فيه السوريون قرارهم الوطني، ليعيدوا بناء دولتهم، وإما الذهاب إلى استنقاع مأساتهم، وتلاشي كل إمكانات إعادة بناء وطنهم ودولتهم، وأي حديث عن انتقال سياسي بوجود العصابة التي تقودها عائلة الأسد هو حديث بلا أي قيمة، وهو ليس أكثر من تخدير مؤقت لألم فظيع يعيش السوريون فيه اليوم.

إذا كان بيدرسن يحلم بأن يضيف لسجله السياسي صورة أخرى، كتلك التي يتم تداولها عندما تصافح في 13 سبتمبر 1993م رئيس الوزراء الإسرائيلي “إسحاق رابين” و”ياسر عرفات” رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، فوق عشب البيت الأبيض أمام أعين الرأي العام العالمي، فإن ما دفع السوريون لأجله مليون شهيد من أجمل أبنائهم، هو أكبر بكثير من صورة للذكرى، فهناك أطفال بلا مستقبل يريد السوريون أن يكون لهم مستقبلهم الآمن، وهناك وطن مهدد بالزوال يريد السوريون له أن يكون وطنا يفخرون به، وهناك ملايين السوريين يريدون مغادرة خيامهم وغربتهم ليعودوا إلى بيوتهم حتى لو كانت مدمرة، وهناك … وهناك.

سيد بيدرسن:

من قال لك أن السوريين سيعودون مرة أخرى لتحكمهم عائلة الأسد، أو أنهم سيقبلون بحكمها مرة أخرى، كان كاذباً، وإن كنت لا تصدقني فهناك ملايين السوريين الذي يرتجفون برداً، ويتضورون جوعاً في خيامهم وشتاتهم، وهم يفضلون البقاء في ظروفهم اللاإنسانية والبالغة القسوة على حكم عائلة الأسد، اسألهم ستعرف حينها ماذا يريد السوريون.

————————-

===================

تحديث 18 شباط 2022

—————————-

بايدن والفهم الخاطئ لـ “خطوة مقابل خطوة”/ نبراس إبراهيم

بدأت فكرة “خطوة مقابل خطوة” حين أصدر “مركز كارتر” الأميركي ورقة سياسات تضمنت اقتراح خطوات تبادلية بين “المطلوب” من موسكو وحلفائها، و”المعروض” من واشنطن وحلفائها، فيما يخص الشأن السوري، وفي قطاعات محددة، بينها إعفاء جهود محاربة وباء كورونا من العقوبات، وتسهيل إعمار البنى التحتية كالمستشفيات والمدارس، وتخفيف تدريجي للعقوبات الأميركية والأوروبية، في المقابل، أن تقوم روسيا بإقناع النظام السوري بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتأمين العودة الآمنة للاجئين، وضمانها لوصول المساعدات من دون أي عوائق إلى كل المناطق، والتخلّص مما تبقى من الأسلحة الكيماوية بموجب اتفاق عام 2013، وتنفيذ الإصلاحات السياسية والأمنية، والموافقة على المضي قدماً بالمسار السياسي الذي حدده القرار الأممي 2254 برعاية الأمم المتحدة.

بدوره، راهن المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسن، على تفعيل مقاربة “خطوة مقابل خطوة”، وطالب وزراء خارجية الدول الغربية الكبرى بتحديد الخطوات المطلوبة من دمشق مقابل تلبية خطوات تطلبها دمشق، وأن نقطة البداية، هي الشروع في مناقشات حول حزمة من “الخطوات الصغيرة الملموسة”، تكون متبادلة ومتوازية، وهو ما لم يتحمس له وزراء الخارجية، الذين شددوا على أنهم لن يقوموا بخطوات في إعادة الإعمار أو التطبيع أو رفع العقوبات، مقابل خطوات هامشية يقوم بها النظام السوري ويمكن له التراجع عنها، أي أن هذه الدول بقيادة أميركا، يمكن أن تقبل بعض الخطوات الصغيرة، مثل عدم فرض عقوبات جديدة، وإعطاء استثناءات من العقوبات لأمور إنسانية، والإقدام على خطوات تطبيعية جزئية، مقابل خطوات جوهرية واضحة تساهم في الوصول إلى الحل السياسي وفق القرار 2254 وليس أقل من ذلك.

بعد اجتماع الرئيسين الأميركي والروسي في يونيو 2021، وإعلانهما عن نيّتهما التعاون بما يخص سوريا، واستعدادهما للتراخي كل طرف مع الآخر بهذا الشأن، ومن بعدها بشهر عدم استخدام روسيا الفيتو في مجلس الأمن ضد قرار يجدد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال سوريا عبر معبر باب الهوى على الحدود السورية – التركية، بدا واضحاً أن الإدارة الأميركية فتحت بازار “خطوة مقابل خطوة” مع روسيا، ودخلت القضية السورية متاهة جديدة لم ولن تتضح أبعادها إلا بمرور وقت ليس بقليل.

منذ ذلك الوقت، تتالت المؤشرات التي تؤكد أن إدارة بايدن اتّخذت قرارها بالسير بالملف السوري بشكل مختلف عن مسار السياسة الأميركية المُعلنة خلال السنوات الأخيرة، فقد وافقت إدارة بايدن على توقيع الأردن ومصر اتفاقية مع النظام السوري لمدّ لبنان بالغاز والكهرباء عبر الأراضي السورية، في مخالفة صريحة لقانون العقوبات “قيصر”، وغضّت الطرف أيضاً عن لقاءات بين وزراء تلك الدول ونظيرهم في حكومة النظام السوري على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وصمتت عن إعادة تفعيل عضوية النظام السوري في منظمة “الأنتربول”، ولوّحت بنيّة الولايات المتحدة الانسحاب من سوريا، ووقفت على الحياد من عدم منع مسؤولين عرب من دول حليفة للولايات المتحدة من التطبيع مع النظام السوري، واستبدلت بـ”رفض التطبيع” “عدم تشجيع التطبيع”، وأوقفت تمديد عمل شركة “دلتا كريست” في التنقيب واستخراج النفط من الآبار الموجودة في شرق سوريا، ولم تقم بتعيين مبعوث خاص لسوريا خلافاً لما كانت تعمل عليه الإدارة السابقة، وصدرت تصريحات علنية من أميركا (مبعوث مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك) تقول بتخليها عن “تغيير النظام” في سوريا، وصارت هذه الفكرة ركناً أساسياً من سياسة إدارة بايدن، وتقلّصت أهداف إدارة بايدن إلى هزيمة “داعش”، وأخيراً، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية إعفاءات تتعلّق ببعض الأنشطة والمعاملات مع سوريا بموجب “قانون قيصر”، ووسّعت نطاق التفويض للمنظمات غير الحكومية العاملة في سوريا، وسمحت لها بالقيام ببعض المعاملات مع النظام السوري، تحت غطاء الدعم الإنساني (تمويل المؤسسات الأممية لمشاريع “التعافي المبكر” في قطاعات التعليم والصحة والمياه).

إذاً، فقد عدّلت إدارة بايدن قانون العقوبات المفروض على سوريا دون العودة إلى مجلس النواب أو مجلس الشيوخ، ويُخشى أن تسير بسياسة جديدة مختلفة في سوريا، قوامها “الخطوات مقابل لا شيء”، “خطوات” تعرضها الولايات المتحدة، مقابل “ولا خطوة” يقدّمها النظام السوري، وصارت هناك قناعة لدى المعارضة السورية بأن سياسة بايدن ستقود في نهايتها إلى السير بمشروع موسكو لدعم النظام السوري والعودة إلى ما قبل 2011، والاكتفاء بحل سياسي إصلاحي شكلي لتنفيذ القرار 2254.

المشكلة الأساس أن الرئيس بايدن تبنّى اقتراح “مركز كارتر” بشكل منقوص، فأساس هذا الاقتراح أن تُطبّق كل خطوة بعد التفاوض عليها، ويتم التحقق من تنفيذها كاملة بشكل ملموس، قبل الانتقال إلى الخطوة التالية، لكن إدارة بايدن تقفز إلى الخطوات التالية وهي تعرف أن ما سبقها من خطوات لم يُنفّذ أو يتحقق، ما رسّخ قناعة لدى كثيرين بأن مقاربة كهذه تعني بداية التطبيع مع النظام السوري ورفع العقوبات عنه، وبداية طريق الإعمار من دون تنازلات من الأسد، وتأهيل النظام السوري من جديد ليحكم سوريا بغض النظر عن مسؤوليته عن سقوط مليون من الضحايا، ومسؤوليته عن تحويل سوريا إلى دولة شبه فاشلة.

حاولت الإدارات الأميركية المتعاقبة قبل بايدن، عبر حوارات ثنائية وتفاهمات بين واشنطن وموسكو، انتهاج سياسة “العصا والجزرة” مع النظام السوري عبر حليفه الروسي، لكن تلك السياسات لم تُحقق اختراقات ذات معنى، بل أضعفت المعارضة السورية، السياسية والعسكرية، وقلّصت الدعم الإنساني للمناطق خارج سيطرة النظام، وأعاقت أي تقدّم في عمل اللجنة الدستورية، وسمحت للنظام السوري بالتمادي، كما سمحت لإيران بالتمدد في عمق المجتمع والاقتصاد السوري.

تمتلك واشنطن أوراق قوة وضغط في سوريا، لكنها لم تعد تستخدمها في عهد بايدن، منها قواعدها العسكرية في شرق سوريا، وقانون “قيصر” الذي يمنع كل دول العالم من التعامل مع النظام السوري، و”فيتو” رفض إعادة الإعمار الذي لم تجرؤ أي دولة على تجاوزه، ثم القرار الأممي 2254 الذي يُعطي الولايات المتحدة حجة إضافية لتضغط على دول العالم لاحترامه.

السلبية وعدم الاكتراث التي وُصفت بها سياسة أوباما، وبعد ترامب، في تعاملهما مع الملف السوري، ليست سلبية مقارنة بما توصف به سياسة بايدن، لأنها، فضلاً عن أنها غير مكترثة، هي أكثر خطراً على السوريين، لأنها تريد تقديم المكافآت للنظام السوري بخطوات متابعة، وقدّمت بعضها بالفعل، دون أن تحصل على أي مقابل من النظام السوري أو روسيا، ما يدعو للاعتقاد بأن بايدن فهم سياسة “الخطوة بعد خطوة” بأنها ليست “خطوة روسية” مقابل “خطوة أميركية”، وإنما اقتراب موقف الولايات المتحدة من موقف روسيا خطوة بعد خطوة، ليتماهى الموقف الأميركي مع الموقف الروسي ويذوب به، ما سيقود إلى مشكلات لا تُحمد عقباها في الشرق الأوسط كلّه.

تلفزيون سوريا

—————————

خطوة مقابل كبوة/ حسن النيفي

لم تكن مواجهة السوريين لنظام الأسد وحلفائه بمعزل عن مواجهات أخرى مع أطراف كان من المفترض أن تتّسم بالحياد على الأقل، إن لم نقل بوجوب انحيازها إلى قواعد العدالة والقانون اللذين ينطويان – حكماً – على بعدٍ أخلاقي رادعٍ لأي انزلاق نحو التواطؤ مع سطوة القوة والتوحّش، ولكن يبدو أن ثمة انزياحات في المرجعيات الدولية قد أنتجت مساراً آخر من العدوان على الحق السوري، وإنْ بأشكال مختلفة تحاول التواري بلبوس الدبلوماسية الخادعة. ولعل الانزياح الأكثر خطورة يتمثل بانعطاف صوت الحق والقانون إلى مخدع الجريمة، ليس بهدف تقويض أركانها أو ردعها من الاستمرار أو محاكمتها، بل لشرعنة بشاعتها وتبرير منهجها القائم على استمرار الإبادة والاستئصال. ولعل هذا ما يفسّر مسعى المبعوث الأممي (غير بيدرسون) نحو التسويق لمشروع ما يُدعى (خطوة مقابل خطوة) الذي استلهم جزءاً من مفرداته من مبادرة ملك الأردن أثناء لقائه ببوتين خلال شهر آب من العام الماضي، كما استلهم أيضاً محفّزاته من هشاشة الموقف الدولي، وعلى وجه الخصوص موقف الولايات المتحدة الأميركية الذي اتّسم بمزيد من البراغماتية التي وصلت إلى درجة التنصّل من المسؤولية الأخلاقية حيال نظام الإبادة الأسدي.

على أية حال، لم تكن مبادرة بيدرسون (خطوة بخطوة) بدعةً جديدة ينتجها التعاطي الدولي مع القضية السورية، وكذلك لم تكن اجتهاداً متفرّداً يسجل من خلاله بيدرسون سبْقاً إبداعياً يوجب ترقينه في سجل الكشوفات الإبداعية بعالم السياسة، بل لا يعدو أن يكون مسعاه طوراً ثانياً من أطوار المسعى الروسي للالتفاف على القرارات الدولية، بغية إفراغها من مضامينها الجوهرية، ومن ثم العودة إلى إدارة الصراع وفقاً لموازين القوى التي يظهر فيها الروس متفوقين عما سواهم من الأطراف الأخرى. لقد سبق وأنْ أفلح المبعوث الدولي السابق (ستيفان ديمستورا) بإنجاز شطر مهم من المسعى الروسي، وأعني قدرته على إقناع هيئة التفاوض في المعارضة السورية بفكرة تقسيم، بل تجزيء مضمون قرار جنيف 1 إلى سلال أربع، كان ذلك في اللقاء الرابع من مسار جنيف يوم الثالث والعشرين من شباط عام 2017، وقد أفلح ديمستورا أيضاً – آنذاك – وبوعد شفهي لا ينطوي على أي جانب إلزامي، بإيهام مفاوضي المعارضة بأن الغاية من فكرة التقسيم هي مسألة إجرائية لا أكثر، وأن تقديم سلة الدستور على غيرها لا يعني التنكّر أو الإهمال للسلال الأخرى، وذلك عبر مقولة (الاتفاق على كل شيء، أو لا شيء)، في حين تؤكّد المعطيات والنتائج الراهنة أنه حتى المسار الدستوري بات موضع التفاف ومخادعة من جانب الأسد والأوصياء الروس.

ما هو مؤكّد أن الاستعصاء الذي يواجهه بيدرسون في مسار لجانه الدستورية قاده إلى التفكير في تغيير وجهة التفاوض، وهذا لن يتحقق إلّا بالتوجه نحو الجانب الأضعف الذي يمكن أن يقبل بإيجاد ثغرات أخرى تتيح للاعب الدولي أن يناور مجدداً من خلالها، وبناء عليه، ربما يغدو التعبير الأكثر إفصاحاً عن مسعى بيدرسون هو (خطوة من النظام مقابل كبوة من المعارضة). هل يمكن لبيدرسون التوجه نحو هذا المسعى بدوافع ذاتية ذات صلة بمصلحته الشخصية؟ ربما كان شيءٌ من هذا، وهل يمكن لبيدرسون إطلاق هذه المبادرة دون التنسيق مع الجانب الروسي باعتباره اليد التي تمسك بقوة رقبة بشار الأسد؟ يذهب الكثيرون إلى استحالة ذلك دون إيحاء روسي، علماً أن الكثيرين أيضاً يرون في رفض نظام الأسد لتلك المبادرة ترجيحاً لكونها غير منبثقة عن تنسيق بين المبعوث الدولي وموسكو. وأيّاً كان الشأن، فإن الخطوات التي يسعى بيدرسون لإدراجها كمسار مواز للحلول المستعصية لم تترك انطباعاً ينبئ بعدم قبولها فحسب، بل رأى فيها الكثيرون استفزازاً يحمل درجة عالية من الوقاحة، إذ هل تجب مكافأة نظام الأسد على إمعانه في الإجرام، أم على مخادعته وعدم قبوله الامتثال للقرارات الدولية، ولعل هذا ما دفع هيئة التفاوض إلى رفض تلك المبادرة من خلال بيان أصدرته يوم التاسع من شباط الجاري، علماً أن بيان هيئة التفاوض لا يملك القدرة على طمأنة الشارع السوري، ليس لأسباب تتعلق بمضمونه، بل لقناعة الكثيرين بأن هذا الرفض الذي تضمنه البيان ربما لا يملك الاستمرار أو الثبات إذا ما تعرّض لضغوطات إقليمية أو دولية، وخاصة أن تلك الجهات هي ما كان، وما يزال يمسك بخرائط التفاوض ويعمل على رسمها وتحديد مساراتها.

لعله من السذاجة التفكير بمبادرة (خطوة مقابل خطوة) من خلال حصرها بنوازع المبعوث الدولي أو تمادي نظام الأسد وحلفائه في استمرار عدوانهم على السوريين فحسب، دون النظر إلى الطابع (المُركّب) للمأساة السورية التي لم تعد تتمثل بوجود نظام دموي لا يرى سبيلاً إلى بقائه في السلطة إلّا من خلال استمراره بفعل الإبادة وحسب، بل تتمثل أيضاً في كون ممارسة الإبادة – كعمل إجرامي وفقاً لجميع الشرائع الإنسانية – قد انزاحت من كونها فعلاً استثنائياً خارقاً لما هو إنساني، إلى فعل اعتيادي وربما مألوف، ينظر العالم أجمع إلى تداعياته اليومية دون أية ردّة فعل ذات قيمة، كما يتجسّد الجانب الأكثر تعقيداً من المشكلة حين تصبح الدول العظمى التي تدعي وصايتها على قيم الكرامة والأمن والاستقرار والديمقراطية وسيادة القانون أكثر ليناً ومهادنةً وتزلّفاً حيال المجرم كلّما ازداد إمعاناً في إجرامه، أليست المواقف الأميركية وسواها التي نادت مراراً بضرورة محاسبة الأسد على جرائم الكيمياوي وقتل المعتقلين وحرق جثثهم في السجون والتهجير القسري لمئات الآلاف من المواطنين تصبح فاقدة القيمة نتيجة هشاشة موقفها الراهن من مسألة إعادة تعويم الأسد وعودته التدريجية إلى المحيط العربي والدولي؟ أليس تجاهل المجتمع الدولي لطغمة لم تعد الجغرافيا كابحة لشناعتها، يجسّد قبولاً بإهانة كبيرة وامتهان فظيع لكل ما يركن في الضمير الإنساني من قيم؟

لعله من الضروري أن يدرك السوريون أن الطغمة الأسدية حين كانت في أضعف حالاتها عسكرياً وسياسياً (2012 – 2015) لم تتخلَّ عن ذرة من صلفها وتمسّكها بكل أدوات القذارة والإبادة، فهل يتوهم عاقل بأن تفارق تلك الطغمة ماهيتها الآن بعد أن مكّنها حلفاؤها الروس والإيرانيون من التقاط أنفاسها واستعادتها السيطرة على مجمل ما كانت قد فقدته؟ وبالتالي ألا يستدعي ذلك من المشهد السياسي المعارض إعادة جذرية للتفكير في عملية التفاوض برمتها، وكذلك التفكير في استراتيجيات جديدة للمواجهة، تنبثق من معاينتهم الحقيقة لطبيعة الخصم وليس من انطباعات وتعريفات الآخرين؟

—————————

جمود مستمر بالملف السوري/ محمد شيخ يوسف

مع تصاعد الأحداث بين روسيا وأوكرانيا وقرع طبول الحرب بين البلدين وما يرافق ذلك من مواقف دولية وانقسام بين دول داعمة لروسيا ومعسكر غربي يدعم أوكرانيا، وعلى رأسهم أميركا وحلف الناتو والاتحاد الأوروبي، وتعقيدات تطول الملف النووي الإيراني، يغيب الاهتمام بالمشهد والوضع السوري بشكل واضح لا يترك مجالا للشك ويضع التطورات الحاصلة في آخر الأجندة، وبدلا من ذلك ربما تشهد الساحة السورية تطورات أخرى للتأثير على سير ما يحصل في الأزمة بين البلدين، خاصة أن الساحة السورية باتت في العرف الدولي وخاصة الروسي، ساحة لتصفية الحسابات مع الدول الغربية، وفي حالة الحرب الروسية مع الغرب ومن دون أدنى شك، ستعمل روسيا على استخدام كافة الأدوات والوسائل المتوفرة بين يديها، لأنها قد تكون مسألة حرب لها تبعاتها المستقبلية في حال فرض عقوبات كبيرة قد تصل إلى حالة العزل المالي لها، ولهذا ليس من المستغرب أن تلجأ روسيا إلى سلاح الطاقة، وسلاح النازحين، وسلاح القوة وخاصة على الساحة السورية.

وتتعامل روسيا خلال سنوات سابقة بمسألة النازحين واللاجئين السوريين في ابتزاز الغرب وتركيا عبر مستويين، الأول عبر الضغط باتجاه تركيا وأوروبا من خلال التصعيد والقصف الذي يستهدف المدنيين في مناطق التماس والعمق، في منطقة خفض التصعيد التي تضم إدلب وريفها وريف حلب، والثاني عبر ادعائه المستمر بعرقلة الدول الغربية عودة النازحين واللاجئين إلى قراهم وبلداتهم، رغم أن السوريين يرفضون العودة إلى مناطق تسيطر عليها قوات النظام بسبب عدم ثقتهم بأي عهود ووعود سواء من روسيا أو من قبل أي طرف داعم للنظام، ويرافق التوتر شبه غياب أي سياسة دولية أو حراك دولي يتعلق بإيجاد الحل السياسي، والحراك الذي يجريه المبعوث الأممي غير بيدرسون وحديثه عن سياسة الخطوة بخطوة واللجنة الدستورية وبظل التطورات الدولية، لا يمكن التعويل على هذه المساعي الأممية شيئا سوى الظهور بالمشهد الذي يحاول تحريك المياه الراكدة.

سياسة الخطوة بخطوة التي يتحدث عنها بيدرسون هي مجرد محاولة من أجل تحريك الجمود الحاصل في الملف السوري نتيجة التطورات الحاصلة، فالأزمة الأوكرانية التي تسيطر على العالم، ويرافقها تطورات الملف النووي الإيراني، هي ملفات مهمة ومؤثرة بشكل مباشر في تطورات الملف السوري، فإيران أيضا غير مستعدة لتقديم أي شيء يساهم في حل الموضوع السوري باعتبار أنها أحد أسباب الأزمة، والقصف الإسرائيلي المستمر للمواقع والقواعد الإيرانية يؤدي إلى مزيد من السيطرة الروسية والتعقيد، ونظرا لأن قواعد اللعبة بين روسيا والغرب قد تتغير فإن الورقة السورية ستكون حاضرة، وبناء على ذلك فسياسة خطوة بخطوة غير الواضحة والمتبلورة والتي تؤدي إلى تعويم النظام لن تكون سوى ملء للأجندة الدولية، بأن ثمة جهود أممية تسعى للحل السوري وهذا ما يظهر بوضوح جمود الملف وعدم قابلية حدوث انفراجة يتوق لها السوريون.

أما موضوع اللجنة الدستورية فهو أيضا مسار لتضييع الوقت ليس إلا فإذا ما كان مسار أستانا الذي ولد اللجنة الدستورية عاجزا عن التقدم إلى الأمام، وتقديم أي جديد بالملفات المختلفة ومنها الملفات الإنسانية والسياسية البديهية، فكيف يمكن للجنة الدستورية أن تسير قدما إلى الأمام، خاصة أن هناك كثيرا من التفاصيل التي يجب الاتفاق عليها وأهمها المنهجية التي تؤدي لإجبار النظام للتوافق على النقاط المشتركة، وبالتالي مسار اللجنة الدستورية هو مسار طويل والنظام وداعموه غير مستعدين للدفع بهذا المسار رغم إيران وروسيا ومن الدول الضامنة لمسار أستانا، وبسبب معرفة بيدرسون الجيدة بأن مسار اللجنة الدستورية لن يؤدي إلى نتيجة في القريب العاجل ورغم حديثه عن إمكانية حصول جولة جديدة الشهر المقبل من مفاوضات اللجنة الدستورية، ورغم حديثه عن توافقات جزئية في الأجندة لن تؤدي للحصول على أي نتيجة، ولإدراكه بهذا الوضع، فإنه يعمل على تسويق مبدأ خطوة بخطوة ويدعي أن الدول المعنية وعلى رأسها الولايات المتحدة مستعدة لهذا الأمر والتطبيع فقط لإعطاء الانطباع بأن ثمة حراك يحصل.

وسواء فيما يتعلق بسياسة خطوة بخطوة أو مسار اللجنة الدستورية أو جمود الملفات جميعها، فإن مواقف الدول الفاعلة ستكون مؤثرة وخاصة التي تقف إلى جانب الشعب السوري وتدعم المعارضة من مثل تركيا والدول الأوروبية وأميركا، فالواقع وإن ظهر أنه بقيادة دول عربية  كالإمارات والأردن ثمة حراك عربي ودولي يسعى لتعويم النظام، إلا أن عدم تمكن هذه الدول من الدفع باتجاه عودة النظام للجامعة العربية فقط، يدل على وجود خطوط حمراء في هذا الإطار، إضافة لما سبق فإن الموقف التركي ما يزال متشددا حيال حصول أي تقارب مع النظام وتؤكد دائما موقفها من الحل وهو انتقال سياسي حقيقي في البلاد يؤدي إلى كتابة دستور جديد يذهب بسوريا إلى انتخابات نزيهة ديمقراطية حقيقية وظهور نظام حكم جديد في البلاد يساهم في عودة اللاجئين وإعادة الإعمار وبالتالي إعادة التطبيع لاحقا، وهذه النظرة ما زالت تركيا ودول أخرى معنية وخاصة بملف إعادة الإعمار تدفع باتجاهها وهذا أيضا يعتبر من العوامل التي تساهم بعدم تقدم المسارات الموازية التي يعمل عليها المبعوث الأممي.

وفي ظل الجمود الحاصل على الصعيد السياسي ثمة خشية من ممارسات قد تلجأ روسيا لها من أجل لفت الأنظار في إدلب عبر استفزازات قد تقوم بها من خلال عمليات القصف والتصعيد وهذه الخشية لها ما يعززها من خلال زيارة وزير الدفاع سيرغي شويغو الأخيرة إلى دمشق، ووصول قاذفات فرط الصوت إلى قاعدة حميميم وكأن روسيا ترسل رسالتها للغرب بأنها قادرة على تحريك أكثر من ورقة ردا على تهديدات الغرب بخيارات عديدة، ولهذا قد تلجأ روسيا إلى تصعيد ممنهج ضد المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في محاولة لفرض حالة من النزوح باتجاه الحدود التركية، فمن جهة سيكون هناك ضغط على تركيا التي من الواضح في حالة الحرب ستقف إلى جانب أوكرانيا، وبالتالي التأثير عليها وإزعاجها، ومن ناحية ثانية إعادة مسألة تحريك ملف اللاجئين عبر تركيا والمتوسط إلى أوروبا مجددا، طبعا إضافة إلى ملفات الضغط الأخرى المتمثلة بالغاز والطاقة.

وكل ما سبق لا يعني بالضرورة حصول تقدم ميداني باتجاه إدلب لأن هذا غير ممكن عسكريا بسبب الانتشار العسكري التركي المكثف بالمنطقة واستعدادات المعارضة والتصعيد سيكون محصورا بالقصف الجوي والمدفعي، وستكون الزيارة المرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تركيا ولقاء نظيره التركي رجب طيب أردوغان من المحطات الهامة في إطار توضيح المسار المقبل، فإذا ما انخفضت حدة التوتر بين الغرب وروسيا على الساحة الأوكرانية، فإنه قد تنعكس على الأوضاع بشكل إيجابي على الملفات الثانية ومنها الموضوع السوري، وعندها يمكن الحديث عن عودة تحريك المسار، ولكن أشد المتفائلين لا يتوقع حصول ذلك في الفترة القريبة.

————————–

———————-

بيدرسون يواصل مباحثاته في دمشق حول “الدستورية” و”الخطوة خطوة”/ عدنان أحمد

يواصل المبعوث الدولي إلى سورية غير بيدرسون مشاوراته في العاصمة السورية دمشق بهدف الإعداد لتفاصيل الجولة المقبلة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية.

ويلتقي بيدرسون، اليوم الخميس، مع أعضاء لجنة مناقشة تعديل الدستور المصغرة عن وفد المجتمع المدني، بعدما التقى أمس رئيس وفد النظام السوري إلى محادثات اللجنة الدستورية أحمد الكزبري، والسفير الروسي في دمشق والممثل الخاص للرئيس الروسي ألكسندر يفيموف، وذلك في إطار مساعيه لعقد الجولة السابعة من لجنة صياغة الدستور، والترويج لمبادرته “خطوة بخطوة”.

وذكرت صحيفة “الوطن” الموالية للنظام أن بيدرسون بحث مع يفيموف إمكانية تحديد موعد انعقاد الجولة السابعة من مفاوضات لجنة صياغة الدستور، مشيرة إلى أنه اقترح أن تصل إلى جنيف الوفود المشاركة في مفاوضات لجنة صياغة الدستور في 19 من الشهر المقبل، وفي اليوم التالي تبدأ اللقاءات الثنائية على أن تنطلق المباحثات في الحادي والعشرين من مارس/ آذار ولمدة خمسة أيام.

ونادراً ما تظهر للدبلوماسي الروسي يفيموف نشاطات سياسية في سورية، على الرغم من تعيينه ممثلا للرئيس بوتين منذ مايو/ أيار 2020 إضافة لمنصبه كسفير لروسيا بدمشق، ما يعطي الإعلان عن لقائه مع بيدرسون بعض الأهمية.

واجتمع بيدرسون أمس أيضاً، في دمشق، مع وزير خارجية النظام فيصل المقداد، وقال بعد الاجتماع إن المباحثات تناولت تفاصيل مسار اللجنة الدستورية، وضرورة إحراز تقدم، وأضاف: “بعد محادثاتي مع الوزير المقداد يمكنني أن أقول إنني أكثر تفاؤلاً بأنه ستكون هناك جولة سابعة من المحادثات لإنجاز مسودة دستور في وقت ما في مارس/ آذار المقبل”.

وشرح بيدرسون المناقشات التي أجراها حول القضايا العالقة، وقال: “كما تعلمون، فإن القضية المعلقة هي الاتفاق على كيفية المضي قدماً في اليوم الخامس من اجتماع اللجنة الدستورية. لدينا اتفاق حول كيفية التعامل مع الأيام الأربعة الأولى، وأنا الآن متفائل بالوصول إلى اتفاق بشأن اليوم الخامس”.

وأشار بيدرسون إلى أن الموضوع الثاني الذي ناقشه مع المقداد هو المشاورات التي بدأها في جنيف حول فكرة “خطوة مقابل خطوة”، مبيناً أنه قضى بعض الوقت في شرح الفكرة من وراء هذا المفهوم، والمشاورات التي أجراها حتى الآن مع الروس والأوروبيين والأميركيين، والعديد من الدول الأخرى، واهتمامه بمواصلة هذا النقاش مع الحكومة السورية وأيضاً مع المعارضة.

وفي سياق متصل، أعلنت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سيلتقي مع بيدرسون يوم 23 من الشهر الجاري في موسكو، ليناقش معه “مجموعة من القضايا المتعلقة بالتسوية السورية”، بحسب وكالة “سبوتنيك” الروسية.

وأضافت زاخاروفا أنه من المقرر أن “تجري محادثات في موسكو يوم 21 من الشهر الجاري، بين وزير الخارجية الروسي ووزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، غير أن الباحث في مركز جسور للدراسات وائل علوان، أعرب في حديث مع “العربي الجديد”، عن اعتقاده بأن خطة “خطوة مقابل خطوة” التي يحاول بيدرسون تمريرها “سوف تصل إلى طريق مسدود، حيث إن النظام السوري وحتى إذا صدقت الضغوط الروسية، غير قادر على تغيير شيء من سلوكه أو التقدم بشكل جاد في العملية السياسية”.

وكانت “هيئة التفاوض السورية” قد أعلنت في 9 من الشهر الجاري عن رفضها لمقاربة “خطوة بخطوة”، التي طرحها بيدرسون، كما تم رفضها من جانب النظام السوري، فيما يقول بيدرسون إن أفكاره تحظى بدعم ومباركة دولية واسعة، بما في ذلك دعم روسي وأميركي وأوروبي.

العربي الجديد

————————-

روسيا تغازل “الإدارة الذاتية” بورقة الدستور: مشاركة الكرد ضرورية

اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف أن مشاركة “ممثلي الأكراد” بعملية الإصلاح الدستوري السورية “أمر ضروري”، في موقف رحبّت به “الإدارة الذاتية” التي تسيطر على أجواء في مناطق شمال وشرق سورية.

وقال بوغدانوف لقناة “روسيا اليوم”، اليوم الجمعة، “إذا كنا نتحدث عن الإصلاح الدستوري، فنحن ندعم مشاركة ممثلي السكان الأكراد أيضاً في العملية، وذلك سيحول دون أي اتهامات بالانفصال”.

وأضاف: “لذا ندعم أن يجد السوريون، بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية أو العرقية، حلولاً وسطى في علاقاتهم، استناداً إلى مبادئ الحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية”.

ورداً على ذلك نشرت “الإدارة الذاتية” بياناً وصفت فيه تصريحات المسؤول الروسي بأنها “إيجابية ومشجعة”.

وجاء في البيان: “نجدد موقفنا في استعدادنا التام لأية جهود يضمن تحقيق الحل والتوافق السوري”.

وقالت “الإدارة الذاتية” إن “لروسيا دور مهم في هذا الإطار، ونرحب بدورها الضامن لكل الجهود السورية التي تفضي إلى الاستقرار، وأية جهود أخرى لكل من يريد المساهمة في هذا المجال”.

    دائرة العلاقات الخارجية في #الإدارة_الذاتية لشمال وشرق سوريا.. “نؤكَّد ونرحب بدور #روسيا المهم كضامن لكل الجهود السورية التي تفضي إلى الاستقرار.. مع تأكيدنا التام كمكونات شمال وشرق سوريا على أننا لسنا مع أي مساس بالوحدة #السورية, لا الجغرافية pic.twitter.com/KObCCL32yT

    — الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا (@NES___1) February 18, 2022

ويأتي ما سبق في الوقت الذي يحاول فيه المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون عقد جولة سابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية.

وعلى مدى الجولات الست الماضية لم يتوصل المجتمعون إلى أية نتائج، بينما لم تسجل أي مشاركة من جانب المسؤولين السياسيين الممثلين عن مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية”.

ومنذ عام 2019 كانت روسيا قد توسعت عسكرياً في مناطق شمال وشرق سورية، الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية”.

وبالتزامن مع ذلك اتجهت لتسهيل عمليات الحوار بين مسؤولي “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) من جهة، والمسؤولين في نظام الأسد من جهة أخرى.

وحتى الآن لم يحسم مصير مناطق شمال وشرق سورية، سواء من الناحية العسكرية أو السياسية، خاصة أن سلسلة المفاوضات بين “مسد” والنظام لم تفض إلى أي نتيجة ملموسة.

وتعتبر اللامركزية الإدارية الطموح والهدف الذي يريده “مسد” ويركز عليه حالياً، بعد الرؤية التي تبناها سابقاً من النظام الفيدرالي، والذي قسم مناطق “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) إلى ثلاث مقاطعات.

وسبق وأن عقد “مجلس سوريا الديمقراطية” لقاءات مع مسؤولين روس، ودول غربية أبرزها الولايات المتحدة، كما وقع مذكرة تفاهم مع “حزب الإرادة الشعبية”، الذي يترأسه قدري جميل رئيس منصة موسكو.

—————————-

بوغدانوف:السوريون توافقوا على “الإصلاح الدستوري

أكد نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف ليل الخميس أن “هناك وثيقة شاملة لحل جميع القضايا التي تشكّل الأزمة في سوريا وهي قرار مجلس الأمن 2254 الذي تم إقراره بالإجماع نتيجة عمل صيغة فيينا”، معتبراً أن “هناك مبادئ تم الاتفاق عليها مثل وحدة الأراضي السورية وسيادة سوريا”.

وأضاف بوغدانوف، في حديث لقناة “روسيا اليوم”، أن الوثيقة تمّت “بمشاركة الأتراك والإيرانيين والعرب، وبتوافق دولي”، مشيراً إلى عدم اعتراض أحد الأطراف الدولية على الوثيقة.

وبشأن الموقف السوري من الوثيقة، قال بوغدانوف إن سوريا لم تشارك في وضع الوثيقة “لأن ليس هناك جانب واحد في سوريا”. وتابع: “التوافق بين السوريين يكون عبر المحادثات بين الحكومة المشروعة في دمشق والمعارضة السورية والمجتمع المدني. وعلى أساس هذه المقاربة، تأسست اللجنة الدستورية التي تضم هذه الأطراف الثلاثة”.

وقال بوغدانوف إن السوريين وافقوا على قيام جميع المكونات السورية بالعمل نفسه في اللجنة الدستورية، وهو “الإصلاح الدستوري”. وأضاف “هذا العمل صعب ويتطلب وقتاً لكي يؤدي بالسوريين أنفسهم إلى التوافق والمقام المشترك”.

واعتبر بوغدانوف أن “الأزمة قد طالت وأُريقت دماء كثيرة وهناك مهاجرون كثر والبلد تدّمر وهناك وجود أجنبي كما مشاكل أمنية… وهذا يتطلب تضافر الجهود بين السوريين والمجتمع الدولي لأن الخطر عالمي وهذا تحدٍّ للمجتمع الدولي لذا ننطلق من ضرورة تنسيق هذه المقاربات لكي تكون جهودنا فعّالة أكثر”.

وأضاف أن عودة المهاجرين الشباب خطوة ضرورية لتطوير البلاد لأنهم “المستقبل”، وهذا يرتبط بإيجاد حل مشترك للأزمة السورية.

وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، قد أكد الأربعاء، عقب لقاء مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، أنه متفائل في انعقاد جولة سابعة من محادثات اللجنة الدستورية السورية في آذار/مارس، بعدما انتهت الجولة السادسة في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2021، من دون التوصل إلى أي صيغة مشتركة بين الوفود.

ويقوم بيدرسن حالياً بتسويق حل عبر خطة “خطوة بخطوة” التي تعترض عليها المعارضة وتعتبر أنها تخدم أجندة النظام السوري.

وحول مشاركة الأكراد في الحل السوري، شدد بوغدانوف على “ضرورة مشاركة ممثلي الأكراد في عملية الإصلاح الدستوري بسوريا”. وقال: “إذا كنا نتحدث عن الإصلاح الدستوري، فنحن ندعم مشاركة ممثلي السكان الأكراد أيضاً في العملية، وذلك سيحول دون أي اتهامات بالانفصال”. وأضاف “لذا ندعم أن يجد السوريون، بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية أو العرقية، حلولاً وسطاً في علاقاتهم، استناداً إلى مبادئ الحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية”.

وصرّح أن “بعض التشكيلات الكردية، مثل مجلس سوريا الديمقراطية، تسيطر على مناطق شاسعة جداً شرق الفرات بالاعتماد على الوجود الأميركي، وذلك يثير قلقنا لأننا ندعم دائما سيادة ووحدة سوريا وسلامة أراضيها”.

————————

حكم فيدرالي في سوريا برعاية روسيّة.. ما علاقة السويداء؟

    بوساطة : مالك الرفاعي تم النشر : 4:24 م, الخميس, 17 فبراير 2022 آخر تعديل : 1:45 ص, الجمعة, 18 فبراير 2022

أستمع للمادة

مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات في السويداء خلال الأيام الماضية، بدأت تتعدد الآراء المنادية بمطالب مختلفة عن التي بدأ فيها أهالي السويداء، والتي كانت تتمحور بالدرجة الأولى حول الإصلاح الاقتصادي، وتحسين الوضع المعيشي.

وضع خاص للدروز؟

الزعيم الروحي للطائفة الدرزية، موفق طريف، دعا إلى إدراج “وضع خاص” للدروز في الدستور السوري، وذلك خلال لقاء جمعه في روسيا مع مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، وكذلك المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية ألكسندر لافرنتييف.

طريف شدد خلال الاجتماع في موسكو على ضرورة ترسيخ مكانة وموقع الدروز في الدستور السوري، وذلك من خلال التسوية الجارية حاليا في سوريا تحت رعاية دولية، كما اقترح أن يتم فتح معبر بين الأردن وسوريا لإنعاش منطقة “الجبل” (محافظة السويداء) اقتصاديا وتوفير المعيشة اللائقة، كما تحدث أيضا عن الملاحقات الأمنية والاعتقالات وضرورة وقفها.

وبحسب ما أعلنت صفحة طريف، فإن مطلب الأخير جاء بعد “أن عرض تسلسلا للأحداث الأخيرة في السويداء بدءا من الأزمة الاقتصادية، وصولا للاحتجاجات التي خرجت إلى الشوارع، مطالبا بتحديد آلية مساعدات خاصة لأبناء الطائفة الدرزية في الجبل، وإنشاء مشاريع اقتصادية واجتماعية في جبل الدروز“، بحسب البيان.

إقرأ:بعد إيقاف مؤقت لاحتجاجات السويداء.. هل يحل التدويل استعصاء الوضع؟

ويرى الصحفي السوري نورس عزيز، أن طلب الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في الوقت الراهن “غير وارد“، وهو يخالف لما يتطلع إليه المحتجين في السويداء الذي يطالبون بحل شامل وإصلاحات اقتصادية.

حكم ذاتي في السويداء؟

ويقول عزيز في حديثه لـ“الحل نت“: “هذا غير وارد حاليا، لانه عمليا قبل حتى حكم الأسد لم يكن هناك أي مشاكل على الدروز ولا على باقي الأقليات في سوريا كأقليات، معظم أهل السويداء يرفضون رفضا قاطعا الحديث عن حكم ذاتي أو إدارة ذاتية بمعزل عن باقي السوريين“.

ويضيف: “الحل السوري هو فعلا ما يطلبه أهل السويداء، ويعني حل سوري شامل يحقق العدل للجميع، ويحقق مطالب أهالي السويداء“.

وحول إمكانية تطبيق الفيدرالية في سوريا يقول عزيز: ” الفيدرالية ليست كلمة بسيطة، يجب أن ترى إمكانية كل منطقة وماذا لديها من مقومات لتستمر، إضافة إلى إمكانية دعم الفيدراليات لبعضها. أخيرا السويداء جزء لا يتجزأ من سوريا والحل في السويداء يجب أن يكون حل سوري أولا وأخيرا، هذا هو رأي معظم المحتجين في شوارع السويداء“.

ورغم تعليق الاحتجاجات مؤقتا في السويداء خشية من حدوث صدامات مع الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة دمشق، لا يبدو أن الأخيرة تسعى لتقديم أي تنازلات للمحتجين، أو السير في اتجاه تنفيذ مطالبهم التي تركزت بشكل أساسي على الإصلاح الاقتصادي.

وأعلن الحراك الاحتجاجي في السويداء، عن استئناف الاحتجاجات في السويداء ليكون يوم الجمعة القادم، بعد تعليق احتجاجات استمرت لعدة أيام، على خلفية قرار الحكومة السورية إلغاء الدعم.

ويرى ناشطون من أبناء المحافظة أن تجدد الاحتجاجات سيؤدي لاستمرارها خلال المرحلة المقبلة، ولن تتوقف حتى تتم الاستجابة للمطالب كما نادى بها المحتجون منذ البداية، وسط تخوف من حدوث صدام مع الأجهزة الأمنية.

إلا أن آخرين يرون أن زيارة الوفد الروسي الأسبوع الماضي للسويداء، واجتماعه مع محافظها نمير مخلوف، كان لإيصال رسالة للسلطات في المحافظة بعدم الصدام مع المحتجين، وعدم استخدام القوة ضدهم.

—————————

====================

تحديث 21 شباط 2022

——————-

بيدرسن والقضية السورية/ عبسي سميسم

يبدو من خلال الجولات المكوكية التي يقوم بها المبعوث الدولي إلى سورية غير بيدرسن، إلى عواصم الدول الفاعلة في القضية السورية، وطرحه مقترح خطوة بخطوة، الذي يمثل خروجاً عن المسار الأممي للحل، وعن دوره نفسه ميسراً للتفاوض بين النظام والمعارضة، وكأن ثمة دوراً مشبوهاً يقوم به المبعوث الأممي ينحاز إلى مواقف النظام وحلفائه في القضية السورية.

ومن شأن ذلك أن يفضي بالنهاية إلى إعادة تأهيل النظام سياسياً، وفرضه ليس كطرف رئيسي في الحل وحسب، وإنما إعادة تأهيله ليكون هو الحل، مع بعض الترقيعات البسيطة في هيكلة بعض مؤسساته، وتطعيمها بعناصر من المعارضة ممن يقبلون بالرؤية الروسية للحلّ.

بيدرسن تجاهل رفض المعارضة الصريح لمبدأ خطوة بخطوة “الذي يقوم على إعطاء محفزات للنظام، مقابل إحراز تقدم في العملية السياسية”.

كما تجاهل اعتراضها على محور عمله في مسار اللجنة الدستورية، التي لم يعد يعترف بها النظام أصلاً، ويتعامل معها على أنها لجنة لبحث تعديلات على دستور 2012 الذي أقر من قبله، ويمضي في مساعيه لإقناع النظام وحلفائه بخطة خطوة مقابل خطوة.

علماً أنّ هذه الخطة ليست من مهام المبعوث الأممي. وهي مقاربة تُعدّ سابقة في عمل الأمم المتحدة، تقوم على تحفيز المتهم بجرائم من قبل لجانها وهيئاتها، من أجل القبول بتحقيق تقدم في مسار سياسي يقوم على قرار لمجلس الأمن، في الوقت الذي ما زال النظام يرفضه علناً.

وقد جعل هذا الأمر من تحركات المبعوث الأممي، ومواقفه المعلنة من العملية السياسية تبدو كأنّها محاباة للنظام، على حساب إفشال مسار الحل السياسي الواضح، واستبداله بمسار آخر غير معروف النتائج. وهو على الأقل يساعد النظام في تحقيق أحد أهم أهدافه، وهو كسب المزيد من الوقت.

إلا أن طبيعة عمل بيدرسن كمبعوث أممي، لا تعكس في الواقع موقفه من القضية السورية، بقدر ما تعكس محصلة الواقع الدولي تجاهها.

وبالتالي فإن تحركات ومواقف بيدرسن إنما تعبر عن عدم توفر إرادة دولية حتى اللحظة، لإيجاد حلّ سياسي عادل للقضية السورية. وتعكس تسليم الدول الفاعلة فيها مجمل الملف السوري لروسيا، التي تأخذ الحلّ باتجاه إعادة إنتاج النظام.

——————

روسيا تطالب بإدخال الأكراد في العملية الدستورية.. ماذا تريد موسكو؟/ رامز الحمصي

بعد أن أكد المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، الأربعاء الفائت، إمكانية عقد جولة جديدة من محادثات اللجنة الدستورية السورية في شهر آذار/ مارس المقبل. طالب نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، على ضرورة مشاركة ممثلي الأكراد في عملية الإصلاح الدستوري بسوريا.

هذه التصريحات، التي بينت فيها روسيا على أنها تدعم مشاركة ممثلي الأكراد في العملية السياسية، وأنه سيحول دون أي اتهامات بالانفصال، لا توضح حقيقة المطلب الروسي وما مدى جديته. وإذا ما كان يندرج تحت إطار إضاعة الوقت الذي تتمتع به موسكو.

مراوغة روسية

أوضح المحلل في الشأن الروسي، ديمتري بريجع، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن روسيا لا تضيع الوقت بل تكسب الجميع من  دون تقديم أي تنازلات، لأنه في مفاهيم الروس السياسية واللغوية لو بحثت لن يكون هناك مرادف أو ترجمة لكلمة تنازلات.

    بوغدانوف لـRT: ندعو إلى وحدة الأراضي السورية واحترام دستورها ومشاركة ممثلي الأكراد بالمباحثات بشأن الإصلاحات الدستورية #اسأل_أكثر

    — RT غرفة الأخبار (@RTArNewsRoom) February 18, 2022

وبيّن بريجع، أن تصريحات بوغدانوف هي لمصلحة الحكومة السورية، والذهاب بالأمر بأكراد سورية إلى حالة إقليم كردستان العراق، حيث أنه من الأقاليم المستقلة، ولكنه يخضع للسلطة المركزية ببغداد. كما كذلك الحالة بروسيا حيث أقاليم القوقاز “الشيشان، داغستان، شراكس”، وهي مستقلة ولها برلمان ورئيس ولكنها تحت سيطرة “الكرملين”.

ويعتقد المحلل الروسي، أن أي كلام يطرحه نائب وزير الخارجية الروسي “ليس بأمر جدّي أبدا”، بل إنه وبحسب بريجع، يرسل رسائل لحكومة دمشق ليستطيعوا الضغط عليها والسيطرة الكاملة على القرار، وليظهروا أنهم مسيطرين أيضا على قرار الأكراد بعدما استطاعوا كسب الطائفة الدرزية في جنوب سوريا.

وفي السياق ذاته، يعتقد المحلل السياسي، بسام القوتلي، أن روسيا لا تدعم العملية الدستورية إلا شكليا. ووجود أي أفراد أو مجموعات فيها، لا يضيف ولا ينقص في هذه العملية الفاشلة أصلا. حسب تعبيره.

ويشير القوتلي، خلال حديثه لـ”الحل نت”، إلى أن الحديث الروسي عن مشاركة الأكراد في هذه العملية، هو مجرد محاولة لخلط الأوراق من جديد، والاستمرار في التأجيل. مضيفا، “وهذا لا يعني طبعا أنه ليس من حق الجميع المشاركة. وإنما أن هذه المشاركات تستغل من أجل المزيد من التأجيل. وبالنهاية عدم رغبة الروس بالتوصل إلى دستور يكون مقدمة لعملية انتقالية”.

للقراءة أو الاستماع: قاعدة “حميميم“.. أداة روسية لخلق التوتر الدولي؟

ترحيب بالمبادرة الجديدة

أشادت “الإدارة الذاتية” بكلمات نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، التي حث فيها الأكراد على الانضمام إلى اللجنة الدستورية السورية، كما اعتبرت أنها “تعكس حقيقة الحاجة السورية في هذه المرحلة”.

    وقال نائب الرئاسة المشتركة بدائرة العلاقات الخارجية فنر الكعيط، إن تصريحات بوغدانوف تعبر عن حقيقة الحاجة السورية حول ضرورة مشاركة كل السوريين بكافة مكوناتهم في عملية الحل والحوار السوري واللجنة الدستورية، لصياغة دستور يعبر عن حاجة السوريين ويضمن لهم مستقبلاً عادلاً ومتساوياً.

    — الشرق للأخبار – سوريا (@AsharqNewsSYR) February 19, 2022

وصرحت الإدارة على صفحتها الرسيمة، أن “تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي، حول موضوع اللجنة الدستورية في سوريا، وتطرقه إلى ضرورة مشاركة مناطق الإدارة الذاتية فيها، تعبر عن حقيقة الحاجة السورية لها في هذه المرحلة كما كانت في المراحل السابقة”.

وأضافت في بيانها الذي اطلع عليه “الحل نت”، أن “هذه التصريحات تتماشى مع رؤية الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا حول ضرورة رؤية الواقع السوري كما هو. مع ضرورة مشاركة جميع السوريين بكافة مكوناتهم في الحل السوري وعملية الحوار. والمشاركة في لجنة صياغة دستور يعبر عن احتياجات السوريين ويضمن لهم مستقبلا عادلا ومتكافئا”.

وفي بيانها، اعتبرت “الإدارة”، أن روسيا تلعب دورا مهما في هذا السياق. مشيدة بما وصفته بـ “ضمان كل الجهود السورية التي تؤدي إلى الاستقرار. وكذلك أي جهود إضافية لأي شخص يريد المساعدة في هذا المجال.

وكان بوغدانوف، قد أضاف في تصريحاته، اليوم السبت، “ندعم أن يجد السوريون، بغض النظر عن انتماءاتهم الطائفية أو العرقية، حلولا وسطى في علاقاتهم، استنادا إلى مبادئ الحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية”.

بيدرسن إلى موسكو

وبعد زيارته لدمشق، وانطلاقه الأسبوع المقبل إلى موسكو، حمل المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن في جعبته ملفين أساسيين ضمن نشاطه المتعلق بتحريك العملية السياسية في سوريا. الملف الأول يتمثل بإعادة تسويق سياسته المسماة “خطوة مقابل خطوة”. والملف الثاني يتعلق بتحديد موعد مؤكد للجولة السابعة من اللجنة الدستورية السورية.

زيارة بيدرسن بحسب ما أفادت مصادر خاصة لـ”الحل نت” استمرت لمدة يومين، التقى خلالها الأخير كل من وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، والرئيس المشترك للجنة الدستورية، أحمد الكزبري. كما من المقرر بعدها أن يذهب إلى موسكو، من أجل إعادة تسويق سياسته “خطوة مقابل خطوة”.

وتأتي زيارة بيدرسن إلى دمشق، بعدما أجرى آخر زيارة له، في منتصف كانون الأول/ديسمبر الماضي. وحينها تطرق إلى سياسته الخاصة في سوريا.

والجدير ذكره، أنه بعد ما يزيد عن عشر سنوات من الحرب والصراع في سوريا تحولت البلاد لأزمة مزمنة. تتشابك فيها الكثير من الخيوط الدولية والإقليمية، وتحولت فيها سوريا إلى ساحة لتصفية العديد من الحسابات.

وتزامن ذلك، مع وجود تعنت كبير وخوف لدى دمشق وحلفائها بخاصة الإيرانيين للتوصل إلى حل وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2254، والذي يمكن أن يسبب تغيير النظام الحالي أو حتى تحجيمه، لتبقى كل المبادرات الأممية حتى الآن بمثابة أمنيات وتطلعات سياسية، لم ينتج عنها أي حل لأزمة يدفع السوريون فقط ثمن استمرارها.

————————–

العريضي لـ”نداء بوست“: نطالب بيدرسن بـ ”ردّ خطّي“ على موقفنا الرافض لـ ”خُطوة بخُطوة“ قبل الحديث عن أي جولة جديدة

وجّه غير بيدرسن المبعوث الدولي إلى الملف السوري الدعوات للمشاركة في الجولة الجديدة من أعمال اللجنة الدستورية التي يُفترض عقدها في جنيف في النصف الثاني من آذار/ مارس المقبل.

فيما قال المتحدث الرسمي باسم هيئة التفاوض د. يحيى العريضي في تصريحات خاصة لـ “نداء بوست“: إن وفداً من الهيئة غادر إسطنبول إلى سويسرا والتقى ممثلي الدول الأوروبية خلال يومَي الخميس والجمعة الماضييْنِ، وأضاف أن مهمة الوفد كانت ”إيضاح موقف الهيئة الرافض لمنهجية (خُطوة بخُطوة) التي طرحها المبعوث الدولي، والأسباب المبررة لذلك وتعارُض تلك المنهجية مع القرارات الدولية وإهدارها للحق السوري ما من شأنه أن يترك نظام الأسد متفلتاً بإجرامه دون حساب“.

وأوضح العريضي أن وفد الهيئة التقى أيضاً مجموعة (IIIM) وهي آلية دولية محايدة ومستقلة تقوم بجمع الوثائق والأدلة الدامغة على الجرائم الأشد خطورة التي ارتكبها نظام الأسد، والتي بلغ عددها حتى اليوم قُرابة مليونَيْ وثيقة وتسجيل، جميعها في حوزة الآلية التي تم تشكيلها في 21 كانون الأول/ ديسمبر 2016، بعد أن اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 71/248، الذي نصَّ على إنشاء آلية دولية محايدة مستقلة للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة وفق تصنيف القانون الدولي المرتكبة في الجمهورية العربية السورية منذ آذار/ مارس 2011.

وتقوم ولاية الآلية، كما تنص الفقرة الرابعة من القرار 71/248، على “جمع وتوثيق وحفظ وتحليل الأدلة المتعلقة بالانتهاكات للقانون الدولي الإنساني والانتهاكات والتجاوزات في مجال حقوق الإنسان وإعداد الملفات من أجل تيسير الإجراءات الجنائية العادلة والمستقلة والتعجيل فيها، بما يتوافق مع معايير القانون الدولي، في المحاكم أو الهيئات القضائية الوطنية أو الإقليمية أو الدولية التي لديها اختصاص في هذه الجرائم أو قد يكون لديها اختصاص في هذا المجال مستقبلاً، بما يتوافق مع القانون الدولي”.

وبيَّن المتحدث الرسمي باسم هيئة التفاوض في تصريحاته لـ ”نداء بوست“ أن الهيئة ”تنتظر من المبعوث الدولي الإجابة خطياً على بيانها الرسمي الذي سلّمته إياه بخصوص موقفها الرافض لمنهجيته المقترحة والتي أسماها (خُطوة بخُطوة)، قبل الحديث عن أي جولة جديدة من جولات اللجنة الدستورية“.

مصادر “نداء بوست” أكدت أن هيئة التفاوض خاطبت بيدرسن بالفعل لافتة نظره إلى ضرورة الرد “أصولاً” على كتابها الرسمي الذي سلّمته نسخة منه في اجتماع رئيسها معه في إسطنبول مؤخراً وأعلنت فيه رفضها لخطته، مذكّرة إياه بعدم الخروج عن التفويض الممنوح له من الأمم المتحدة. وقالت الهيئة في بيان لها، الأربعاء 9 من شباط/ فبراير الجاري: إنها ترفض آلية “خطوة بخطوة” وأي آليات لا تؤدي بشكل عملي وواضح إلى تنفيذ القرار الأممي “2254”، تمهيدًا للوصول إلى الهدف الأساس له، الذي يتمثل بتحقيق الانتقال السياسي.

وأوضح رئيس هيئة التفاوض أنس العبدة في حوار سابق مع “نداء بوست” الموجبات التي دعت الهيئة لرفض الإستراتيجية بعد إجراء عدة مشاورات، وقال: إن بيدرسن قدّم طرحاً غير واضح، وأنه “يريد منا توقيع شيك على بياض، وهذا غير ممكن في العملية السياسية، ولست مفوضاً بهذا الموضوع، وينبغي توضيح هذه الآلية وتفسير الخطوات والإجراءات حتى يصبح بإمكاننا تقييم المسألة بشكل جيد، فتقديمه للطرح بهذا الشكل وبدون وضوح أثار لدينا قلقاً وخشيةً بأننا ماضون بطريق مجهول، على الأغلب لن يوصلنا لأي نتيجة، وسينتج عنه تمييع القرار الدولي والخروج عن التفويض وتجاوُز موضوع الانتقال السياسي“.

———————————-

مسودة دستور سوري في آذار.. ما حقيقة ذلك؟/ شيلان شيخ موسى

وصل المبعوث الأممي ، غير بيدرسن، إلى العاصمة السورية دمشق قبل أيام، و التقى وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، وبحثا سويا الملفات المتعلقة بتحريك العملية السياسية في سوريا. وإثر تلك المحادثات، يبدو أنه توصل إلى تحديد موعد لانعقاد جولة جديدة ل “اللجنة الدستورية”، مشيرا إلى أنه متفائل بشأن تلك الجولة.

ترقب جولة سابعة في آذار المقبل

وقال المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، نهاية الأسبوع الماضي، إنه يأمل في انعقاد الجولة السابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في شهر آذار/مارس، وأضاف بيدرسن في تصريحات للصحافيين بعد اللقاء الذي جمعه ووزير الخارجية السورية، أنه كان لدينا لقاء طويل ناقشنا خلاله كافة الجوانب المتعلقة بالأزمة السورية وكذلك تطبيق قرار 2254، مؤكدا على  أنه “كان من المهم أن أسمع أن سوريا لا تزال ملتزمة بهذا القرار”، بالإضافة إلى التركيز على الحاجة لجهة إنجاز تقدم في ما يتعلق بمسار اللجنة الدستورية.

    “After my discussions today, I am more optimistic that it will be possible to convene the seventh round of the drafting body of the constitutional committee, hopefully sometime in March,” @GeirOPedersen said. #syria https://t.co/FnbUyHV6pW

    — Jenifer Vaughan (Fenton) (@jeniferfenton) February 16, 2022

وتابع بيدرسن: “بعد محادثاتي يمكنني أن أقول إنني أكثر تفاؤلا الآن، وأنه  الجولة السابعة من المحادثات سيكون لإنجاز مسودة دستور في وقت ما في آذار/مارس المقبل”، كما أشار إلى أنه شرح للمقداد سياسة “خطوة بخطوة” التي اعتمدها سابقا وما مدى جدواها، فضلا عن نتائج المحادثات التي تم إجراؤها، حتى الآن، مع روسيا والولايات المتحدة ودول عدة.

وبخصوص توقع المبعوث الأممي بيدرسن إنجاز مسودة دستور سوري في شهر آذار/مارس المقبل، يقول المحامي حسن الحريري وعضو اللجنة الدستورية، إن زيارة بيدرسن الأخيرة لدمشق نتج عنها حصوله على وعد بشأن عقد جولة سابعة خاصة تتصل بإنتاج مسودة دستور، على أن تكون موعد الجولة في شهر آذار/مارس القادم، كما تم الاتفاق على مواعيد الجولات خلال العام الجاري.

وألمح الحريري في حديثه مع “الحل نت”، إلى أنه بخصوص ترجيح أن المسودة ستنجز خلال الشهر المقبل، فهذا غير صحيح؛ لأن المقصود هو إنجاز الجولة السابعة وليس انجاز مسودة الدستور، مع الوضع في الاعتبار أن الجولة كانت مقررة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر2021، إلا أن عدم الاتفاق على منهجية العمل في اليوم الخامس من الجولة والذي من خلاله تتضح قيمة الجولة وعما إذا كانت ناجحة أم لا.

ومن جهته، يقول الدبلوماسي السابق، وعضو اللجنة الدستورية، بشار الحاج علي: أعتقد ثمة تفاؤل بعقد جلسة سابعة في شهر آذار/مارس المقبل وليس إنجاز مسودة دستور سوري جديد، لكنني لا أقف على نفس الدرجة من التفاؤل في حقيقة الأمر، حيث لم يتم إنجاز منهجية للاتفاق على المبادئ المطروحة في كل جولة، ولم يتم طرح زيادة عدد الجولات ولا حتى عدد أيام الجولة الواحدة، إذن لا يخرج التفاؤل عن سياق احتمال انعقاد الجولة في الشهر القادم وأعتقد ربما تم الاتفاق على انعقاد الجولة في منتصفه”.

حكومة دمشق تحاول تمرير الوقت لصالحها!

وكان قد أشار بيدرسن خلال تصريحات صحفية، إلى أن “هناك اتفاقا حول جدول أعمال الأيام الأربعة الأولى من الجولة السابعة، وبقي أمامنا مناقشة جدول أعمال اليوم الخامس فقط”.

وبالعودة إلى عضو اللجنة الدستورية، بشار الحاج علي، خلال حديثه مع “الحل نت”، في ما يتصل بمدى الاحتمالات المؤدية إلى إنجاز دستور سوري خلال وقت قصير، وعلى ماذا يستند بيدرسن، يجيب: “أعتقد بدون تحديد جدول زمني وبدون الاتفاق على آلية فعالة لن يكون هناك جدوى ونتيجة عملية، وربما تحاول الحكومة السورية وداعميها كسب الوقت لصالحها من خلال سياسة “خطوة بخطوة” دون أن يؤدي ذلك إلى أي تقدم سياسي وإنما فقط تقدم شكلي ودون أي فائدة”.

وختم الحاج علي قوله بأن “الشعب السوري جميعه بحاجة إلى خطوات جدية وقابلة للتطبيق، حيث اليوم السوريين يتطلعون إلى دور المبعوث الدولي لتفعيل المسار السياسي كافة وليس فقط اللجنة الدستورية وإشراك جميع السوريين في المسار”.

واعتبر المقداد، من جانبه، خلال لقائه مع بيدرسن، أن استمرار وجود “الاحتلالين” الأميركي والتركي في أجزاء من الأراضي السورية “ينتهك السيادة السورية ويخالف القانون الدولي وكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.

وأضاف المقداد أن “الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على البلاد هي السبب الأساس في معاناة السوريين”، وأعلنت السفارة السورية في روسيا، أنا المقداد سيزور موسكو الاثنين المقبل، بحسب وكالة “سانا” المحلية.

———————————

غولدريتش يحذر الجامعة العربية:الحل في سوريا ليس سهلاً

أكد نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى إيثان غولدريتش على الأهداف الأميركية في سوريا وعلى رأسها استمرار دخول المساعدات الإنسانية، والضغط على “داعش، والمحافظة على وقف إطلاق النار ومحاسبة النظام.

جاء ذلك في خلاصة غولدريتش لجولة أجراها مؤخراً في عدد من الدول العربية، وناقش خلالها السياسات المتعلقة بسوريا.

ولخّص غولدريتش أهداف السياسة الأميركية في سوريا باستمرار دخول المساعدات الإنسانية، مواصلة الضغط على تنظيم “داعش” من خلال الوجود العسكري الأميركي في سوريا، المحافظة على وقف إطلاق النار والمحافظة على مبدأ مساءلة النظام السوري حتى إشعار آخر.

وأكد دعم واشنطن للحل السياسي في سوريا على أساس القرار الأممي 2254، معتبراً أن الوصول إلى هذا الحل ليس بالأمر السهل. وشدد على أن بلاده تدعم وتشجع الأطراف المختلفة كالأمم المتحدة وحلفاء وشركاء واشنطن على الوصول إلى حل سياسي.

وأوضح المسؤول الأميركي أن الولايات المتحدة تدعم القرار 2254 على الأصعدة كافة، بما في ذلك إجراء انتخابات، وتشكيل دستور جديد تحت إشراف الأمم المتحدة، وإطلاق سراح المعتقلين، والعودة الآمنة لجميع اللاجئين بشكل طوعي، واستمرار وقف إطلاق النار، ودعم جهود المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن.

وقال: “هدفنا الأساسي هو إنهاء النزاع في سوريا الذي طال أكثر من عشر سنوات، ولذلك أجرينا جولة لمقابلة العديد من الشركاء لنرى كيف نستطيع التقدم للوصول إلى هذا الهدف”.

وأوضح غولدريتش أنه ناقش في مصر الأمور المتعلقة بسوريا مع مسؤولين في كل من الجامعة العربية ووزارة الخارجية المصرية، خاصة مسألة إعادة سوريا إلى الجامعة العربية. وأضاف أنه أكد للمسؤولين في الجامعة العربية أن السماح بعودة النظام السوري إلى الجامعة سيكون بمنزلة رسالة خاطئة للنظام، “لأننا لم نرَ أي تطور في ما يتعلق بتغيّر أساليبه وممارساته”.

واعتبر أن الوصول إلى حل سياسي من غير مشاركة جدّية من قبل النظام السوري في العملية السياسية، تعد أبرز العقبات التي تواجه أي محاولات للتقدم في هذا المجال. وقال إن النظام السوري يحاول دائماً أن يتفادى قدر المستطاع المشاركة بأي عملية سياسية، مؤكداً أن الوصول إلى حل سلمي يتناسب مع جميع الأطراف يتطلّب مشاركة النظام.

وقال غولدريتش إن واشنطن تعي أن الأزمة السورية أخذت فترة زمنية طويلة وسط عدم مشاركة النظام السوري في أي عملية سياسية، لذلك يتم التركيز على نقاط أخرى لمساعدة الشعب السوري وتحسين الوضع الإنساني.

كما أشار إلى أن بلاده تواصل تطبيق العقوبات المفروضة على النظام السوري، لضمان استمرار وضع النظام تحت المساءلة، وذلك من خلال المنظمات المختلفة والقرارات المأخوذة من المحاكم المحلية أو الأوروبية.

وأوضح غولدريتش أن الولايات المتحدة تعمل مع الحلفاء والشركاء على طريق تطبيق الحل السياسي، وأضاف أن هذا الطريق سيكون طويلاً ومعقداً بعض الشيء، بسبب عدم وجود مشاركة في العملية السياسية من النظام السوري. وقال إنه “وفي حال استمر النظام بالتهرب من المشاركة الجدّية بالعملية السياسية، سيجد نفسه في عزلة، ولن يكون هناك وجود عادي لهذا النظام الذي لطالما حاول الابتعاد عن أي حل سياسي”.

——————————-

====================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى