سياسة

ندوة “سورية إلى أين” تبحث الملفات السورية في الدوحة -مقالات وتحليلات مختارة-

ندوة الدوحة ومشكلات المعارضة السورية/ عمار ديوب

كان الاتجاه العام لتطور النظام السوري، اقتصادياً يقود نحو مزيد من العلاقات مع العالم، والانفتاح الاقتصادي والليبرالي، وهذا ما عُبِّر عنه قبل 2011 بمجموعة كبيرة من المراسيم والقوانين، هدفت إلى شطب المراسيم والقوانين السابقة التي كانت الهيمنة فيها للقطاع العام. مشكلة هذا النظام في استبداديته والسيطرة الأمنية، وفي ضعف البنية الاقتصادية، وهناك النهب والفساد، الذي من خلالهما تمّ نقل الثروة من الدولة إلى أبرز شخصيات السلطة، ما فرض ضرورة الانفتاح واللبرلة، وكان الممثل الأساسي لها رامي مخلوف، قبل أن يُجتثّ، وأُتيَ بمن هو أكثر طاعة منه. القضية مع رامي كانت حول حصص النهب، وفي الخضوع الكامل، وهذا باعد بين تلك الشخصيات. مع الثورة، بدا أن النظام مستعدّ لكل أشكال التبعية مقابل البقاء في السلطة. وعلى الرغم من العجلة في الاستنتاج، نقول: إن استمرارية النظام أصبحت، ومنذ 2011، مرتبطة بمصالح إيران وروسيا، ومن دون ذلك لسقط منذ 2012.

يقول هذا التحليل بغياب أيّة رؤية وطنية لدى النظام للمشكلات السورية، وتسليم البلاد بأكملها للخارج، والارتهان الكامل للأخير. حالة السلطة هذه أوجدت صورتها لدى المعارضة، الأخيرة تشبه الأولى في فسادها ونهبها وخضوعها وتبعيتها، وغياب الرؤية الوطنية لمجمل مشكلات سورية، وليست صحيحة السردية التي تقول: لدى المعارضة برامج ممتازة، ولكن الظروف الموضوعية لم تسمح لها بتحقيقها. الأدق عكس ذلك، كانت الظروف الموضوعية تنتظر تلك البرامج، وأكثر من عشر سنوات، ولكن المعارضة لم تمتلك إلّا طبخة بحصٍ.

سيهتم هذا المقال بأوضاع المعارضة وحالة الشعب، حيث هناك مبادراتٌ عديدةٌ من أجل إعادة الحياة “للميت”؛ المعارضة، وهناك الحالة المأساوية التي أصبح عليها الشعب، داخلياً أو في المخيمات، أو في الدول المجاورة لسورية. جديد هذه المبادرات ما رشح للإعلام عن عقد ندوةٍ في الدوحة، تبدأ اليوم السبت، 5 فبراير/ شباط 2022، وتكتمل غدا الأحد. وبغض النظر عن التفاصيل الدقيقة للسيناريو المعدّ لها أو القضايا المُناقشة، أو الدول الداعمة لها، وأسباب ذلك، فالقضية الأهم هي أحوال تلك المعارضة، وما أصبحت عليه، قياساً على الأوضاع العامة للسوريين، مع انشغال هذه القراءة بأوضاع المناطق الخارجة عن سيطرة النظام. وهي مناطق تابعة إمّا للأميركيين أو لتركيا أو لهيئة تحرير الشام وبالتعاون الكامل مع تركيا. المناطق الثلاث تعاني، كما مناطق النظام من كل أشكال المظلومية الاقتصادية والاجتماعية، وغياب الحريات. وبالطبع، هناك أكاذيب كثيرة عن حق التعبير أو الاحتجاج في مناطق قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ومناطق الفصائل مشغولةٌ بنهب الناس والاحتراب فيما بينها، وممارسة التمييز ضد الأكراد في عفرين، بينما تزداد مناطق هيئة تحرير الشام استبداداً وشمولية، وتندُر لديها حالات الاحتجاج المستقلة، ومعتقلاتها تماثل معتقلات النظام؛ إنكاراً لوجود المعتقلين وتعذيباً، وقتلاً فيها. الإفقار يتسع هناك، وتغيب فرص العمل. وتشبه هذه الحالة كثيراً أوضاع مناطق سيطرة النظام. الآن، ماذا فعلت المعارضة في السنوات السابقة لتعزّز وجودها، ولنتجاهل مناطق “قسد”، حيث نأت بنفسها عن المعارضة والثورة، فأين المعارضة في بقية المناطق؟

اتجاه نقدي

يؤكد اتجاه نقدي ضرورة التمييز بين المعارضة والثورة، وبين برامج الأولى والثانية. وضمن هذا الاتجاه، هناك تأكيد جادّ بأن ممارسات المعارضة تدفع إلى القول بضرورة إسقاطها كما النظام، حيث لم تنشغل بالثورة، ومنذ أن شَكلت مؤسساتها في 2011، بل استغلتها من أجل تأمين مصالحها، وانشغلت بكيفية استجلاب التدخل الخارجي والارتهان له، كما النظام، وإذا نجح الأخير بمساعيه “غير الحميدة”، فإن المعارضة فشلت بشكل كامل، وكان التدخل من أجل قضايا وظيفية ومحدّدة، كمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وبشكلٍ أدّى إلى تفكيك سورية، وتسييس الانقسامات الأهلية التي ارتفعت حدّتها بعد مواجهة النظام الثورة عسكرياً وتطييفياً، واستجلاب إيران ومليشياتها. الممارسات السابقة عزّزت الأسلمة والعسكرة والفوضى في أعمال الثورة، وسيطر الخارج على كل أشكال الدعم للمناطق الثائرة، وجرى توظيف الدعم الخارجي من أجل تفكيك وحدة الثورة والشعب السوريين، وتطييفه، والعسكرة الكاملة على الثورة، وصارت الفصائل غبّ الطلب، وبذلك انتهت الثورة الشعبية، وراحت الفصائل تعمل لصالح مموّليها، وتعزّزت الاتجاهات السلفية والجهادية، وأصبحت سُلطاً شمولية.

السؤال بكل بساطة: أين المعارضة، ولماذا كل هذا الفشل، وهل بمقدورها تجاوز الفشل الذي وصلت، وأوصلتنا إليه، وهناك دورها في هزيمة الثورة السلمية منذ 2011.

قضايا أساسية

أولاً، كان الصراع بين النظام والثورة في 2011، ثم دخلت المعارضة على الثورة وسيطرت عليها. كان لدينا طرفان للصراع في سورية. وبالطبع، بدأت إيران وروسيا بدعم النظام. طُرحت حينها مشاريع كثيرة للإبقاء على الثورة سلميةً، ولإصلاح النظام، وجاءت بعض مبادرات يتيمة من النظام ذاته، والتي شطبها هو نفسه فوراً، كمبادرة فاروق الشرع، ولم تستطع المعارضة طي انقساماتها التاريخية، وتجلى ذلك عبر أهم شخصيتين، حسن عبد العظيم ورياض الترك، وساعد التنازع بينهما على تشكيل هيئتين للمعارضة، وصار الانقسام الأخطر في المعارضة، لكل منهما استراتيجيته وبرامجه ومواقفه، ولم تتمكّن المعارضة في يوليو/ تموز 2012 في مؤتمر القاهرة للمعارضة من تجاوزه. وأدّى هذا الانقسام إلى “تطرّف” الجهتين، إحداهما نحو السلمية، وأقصد هيئة التنسيق الوطنية، والثانية، وأقصد المجلس الوطني، نحو العمل من أجل التدخل الخارجي، والعسكرة، والأسلمة، ورهن كل نشاطات المعارضة، والفئات الملحقة بها من الثورة بالخارج. لم تجد هيئة التنسيق سنداً شعبياً، وتعمّق ضعفها مع انتهاج السلطة الخيار الأمني العسكري خيارا وحيدا للتعامل مع الثورة، وخيارات الثورة نحو العسكرة والتطييف والتبعية للخارج. وتعزّزت هذه الوضعية في 2012. وعلى الرغم من الضعف الشديد للنظام، وخروج مدن ومناطق واسعة عن سيطرته، ووجود رغبة شعبية عارمة، وصلابة في النضال، أصرَّ المجلس الوطني السوري على طلب التدخل الخارجي، وفَتحَ المجال واسعاً للأسلمة؛ أي لم ينشغل بقضايا الثورة والعمل على تجاوزها داخلياً. كانت هذه الفكرة كارثيةً بحق الثورة، فقد أدّت إلى دخول الجماعات الجهادية، واستقبال القادة الجهاديين من معتقلات النظام، وعدم تحييدهم نهائياً عن الثورة، كما طالب حينها الكاتب الفلسطيني سلامة كيلة، وسادت أجواء مرحّبة من قوى المجلس الوطني، وفي مقدمتها “الإخوان المسلمين” وحزب الشعب الديمقراطي بالسلفيين والجهاديين؛ لنتذكر الترحيب الحار بجبهة النصرة من جورج صبرا ومعاذ الخطيب وميشيل كيلو، وآخرين، واستثنوا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) فقط.

ثانياً، وبعد سيطرة الجهادية والسلفية والإخوان المسلمين على الإغاثة والمال والسلاح، بل وبعض الإعلام، أشاحت الدول الغربية أنظارها عن المسألة السورية أكثر فأكثر، أصبحت قضية مفتوحة لتمرير الوقت، وتفكيك سورية، وإيقاف الروح الثورية العربية في هذا البلد. بمعنى آخر، انتهت الثورة الشعبية، وتهالك النظام، وصار اعتماده الأساسي على المليشيات التي شكلها أو استقدمها من إيران، وكذلك سيطرت الجهادية والسلفية. هنا، أعلنت الدول الغربية، بوضوح، أنه لا انتصار عسكرياً لأحد الطرفين. وفعلاً استمر الأمر كذلك، وسيطر “داعش” القادم من العراق على المدن الشرقية، واجتثت السلفية الجيوش الحرة في الغوطة، وبقية المناطق، وفعلت الجهادية ذلك في إدلب، وفي درعا، صارت الفصائل تابعة للدعم الأميركي. وأصبحت القضية السورية إقليمية ودولية، وغير قابلة للحل، وذهبت سورية نحو التفكّك والتعفن.

ثالثاً، شهدنا تعاظم قوة مسلحي “داعش” ومن ثم قوات حزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي)، ودخول التحالف الدولي لمحاربة “داعش” 2014، وفي 2015، دخلت روسيا، وشكلت فيما بعد تحالفاً مع تركيا وإيران، وهذا أعطى دليلاً جديداً أن لا حلّ عسكرياً، وإن إحدى أهم الدول الداعمة للمعارضة والثورة، تركيا، أصبحت تنتظر حصتها من الكعكة السورية، وليس إسقاط النظام، وانشغلت بمواجهة “الإدارة الذاتية الكردية” وكيفية تهميشها، والإجهاز عليها. السؤال هنا: ماذا بقي من الثورة بعد أن سيطرت “قسد” وهيئة تحرير الشام ودخول تركيا عسكرياً، ونتائج تحالف روسيا مع تركيا وإيران، ولا سيما بعد الاتفاق على تسليم مناطق خفض التصعيد مع أميركا وتركيا؟ ما هي مواقف المعارضة في هذه الأثناء؟ ماذا فعلت لتجدّد روح الثورة؟ لتتخلص من الهيمنة المتزايدة للدول في شأن الثورة وسورية؟ لن نتوسّع بالقول إن النظام باع سورية لروسيا وإيران شريطة بقائه في السلطة، ومنذ 2011. هو إذاً خارج معادلة الاستراتيجية الوطنية لإنقاذ سورية مما جرى لها؛ تبعية للخارج، تفكّك مجتمعي، سياسات عنصرية وجهادية وسلفية، إفقار متصاعد، تدمير للاقتصاد، نزوح الملايين، طائفية متصاعدة، وهكذا.

الفساد في المعارضة

تذهب تحليلات كثيرة إلى أن المعارضة لم تعِِ خطورة ما صارت تتطوّر إليه الأوضاع في سورية، وهناك حديث التخوين بين كتل المعارضة، والأسوأ أن التقارير الصحافية الاستقصائية لم تستطع إجلاء الحقائق الدقيقة عن الخيانات والفساد والتبعية للخارج، وظل الحديث عنها هائماً. وهذا يعني أنه عومل كمواضيعٍ كيدية، من فلان ضد فلان، ومن هذه الجماعة ضد أخرى، بينما تتطلب الحقيقة متابعة دقيقة، وحثيثة، للوصول إليها. ساعد في غياب ذلك عدم تشكيل مؤسّسات قضائية مستقلة، أو مؤسّسات للرقابة، ولمتابعة كل أنشطة المؤسسات الممثلة للمعارضة، ولم نقرأ أية تقارير عن كشوفات مالية، ومصادر المساعدات وآلية التوزيع، ومن استفاد منها.

حديث الفساد كبير في أوساط المعارضة، ولكن المعلومات الدقيقة عنه غير متوفرة. مشكلة كبيرة هذه. والمقصد هنا، كان غياب المؤسسات الرقابية والقضائية عملاً ممنهجاً من القوى المسيطرة على المجلس الوطني، ولاحقاً لدى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وهذا سمح بممارسات وأعمال ونشاطات فوضوية، كانت كارثية على الثورة وعلى المعارضة؛ فلم تتشكّل قيادة مركزية للتمويل أو للإغاثة أو للسلاح أو للإعلام وللنازحين، واستُبعد القضاة والمنشقون العسكريون عن تشكيل مؤسسات لمراقبة أعمال المعارضة والثورة. سيادة هذا الوضع يعني أن القوى السياسية والعسكرية المعارضة أقامت صلاتها الخاصة مع الدول والمنظمات، وفقاً لأولوياتها ولخدمة سياساتها وعبر أفراد محدّدين، وليس عبر مؤسساتها هي أيضاً! وهذا، في أتون الصراع، أدّى إلى غياب الرؤية الوطنية الجامعة، بينما كان تحالف روسيا وإيران والنظام موحداً، وقاد معاركه ضد الفصائل بشكل مركزي، وعلى كامل الجغرافية السورية، وإقليمياً وعالمياً. وبالتالي، كان طبيعياً أن تفشل المناطق الثورية، ويستعيدها النظام وحلفه، وتسيطر الجماعات، المسيطرة حالياً في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وهي جميعها تابعة، ولا صلة لها بالثورة، ولا تمانع تسليم أية مناطق تسيطر عليها، شريطة بقائها في سلطاتها، هنا وهناك؛ هذا ما فعلته بشكل خاص هيئة تحرير الشام في إدلب، وكذلك “قسد”، وكذلك الفصائل، وقبل الجميع. هذا ما فعله جيش الإسلام في الغوطة، وقد كان في 2014 قادراً على اجتياح العاصمة، وتوقف عن ذلك بسبب رفض الدول الممولة له ذلك، ومن ورائها الدول الغربية، وتحديداً أميركا.. وتمّ طرده من الغوطة في 2018، ولو رغبنا بالسؤال هنا، وماذا فعل هذا الجيش طوال السنوات الأربع تلك ومنذ تشكله؟ لقد بنى سلطته على مأساة الشعب هناك، وقاتل جبهة النصرة وفيلق الرحمن، وقُتِل في تلك المعارك أكثر من ألف شاب معارض للنظام، وكان الفساد عظيماً وكان الإفقار عظيماً، وضبطَ حدود سلطته بالسلاح، وبذلك أكمل ما كان يفعله النظام من حصارٍ للغوطة من الخارج.

أولوية النقاش

من الخطأ تكفير ندوة الدوحة سلفاً؛ يمكن التحفظ، يمكن المناقشة، الاختلاف، التناقض. الأفضل أن تكون فرصة للنقاش الدقيق في مشكلات المعارضة، ومشكلات سورية، ومشكلات النظام. سوى ذلك، لا ينتج شيئاً، فقط ينشر الكراهية، وروح الانتقام، والتباعد السياسي والمجتمعي. وفي الحصيلة، تضيع الفرصة الثمينة لتحديد المشكلات، والمسؤوليات، بل والعمل من أجل إطاحة قادة المعارضة الحالية، وذلك عبر كشف أزماتها الحقيقية، وضرورة تغيير قيادتها وسياساتها ومواقفها وسواها. وإذا صحّ ما قيل، إن أحد أهداف الندوة هو التخلي عن هدف إسقاط النظام، واستبداله بتغيير النظام، أي عبر الحوار معه، فإن نقاش أوضاع المعارضة السورية، ومهما كان النقاش، هو العمل الوحيد المفيد، للخروج من أزمة المعارضة، وتلمّس البديل الثوري، وليس البقاء في دائرة أزمة البديل. وبالتالي، تُحقّق المعارضة الحالية مشروعها الجديد. وهذا يتجاوز ندوة الدوحة بالتأكيد؛ والكلام عن ذلك سابق لها، وسيكون ضمن ممارسات “الائتلاف الوطني” اللاحقة بالضرورة، وسواء عُقدت الندوة أم لم تعقد. في الأيام السابقة، هناك نقاش كبير في تغيير “الائتلاف” سياساته من الإسقاط إلى التغيير، فالحوار ومن ثم المشاركة “بحكومة وطنية في دمشق”. والآن، يعود السؤال الثوري بامتياز: ما العمل؟ التوسع بتحليل أوضاع المعارضة سيقود إلى تلمس كيفية الخروج من الأزمة الراهنة؛ أزمة المعارضة والبديل عنها.

خلافات المعارضة و”قسد”

إضافة إلى ما حاولت السطور أعلاه التطرّق إليه، هناك قطيعة كاملة بين “قسد” و”الائتلاف الوطني”. وإذا كانت “قسد” أَخرجت نفسها من “الائتلاف” ومن “هيئة التنسيق”، فإنها أصبحت سلطة حقيقية، وبدعمٍ أميركي كامل، ولم يعد لها علاقة من قريب أو بعيد بالمعارضة، ولكنها بالتأكيد قوة سياسية فاعلة، ومسيطرة على الأرض. ويستوجب وضعها هذا النقاش معها، وعدم تجاهلها أو معاداتها بسبب عدائها مع تركيا مثلاً، أو بسبب علاقاتها المفتوحة مع النظام وروسيا، أو ارتهانها لحزب العمال الكردستاني الذي يقيم علاقات تاريخية قوية مع النظام السوري وإيران.

تناسلت من “الائتلاف” هيئات ولجان، أهمها الوفد المنخرط في لقاء أستانة، والذي تابع تسليم مناطق خفض التصعيد منذ 2017 وشرعنته. ولا يزال العمل جارياً به، وهو لقاء تقوده روسيا وتركيا خصوصاً. وميدانياً، أدّى إلى تسليم المناطق، ورسم الحدود بين مناطق سيطرة تركيا، وروسيا، وإيران، والنظام، ويمكن تعديلها وتبديلها، وفقاً لمقتضيات تناقض المصالح بين روسيا وتركيا خاصة، مع ضرورة الإشارة إلى أن روسيا هي المتحكّم الأكبر بكل مسار أستانة، وسوتشي من بعده، واللجنة الدستورية.

في ضرورة تفكيك مؤسسات المعارضة

هناك لجنة التفاوض، العاملة ضمن اللجنة الدستورية، وانتفت الحاجة إليها، بعد أن تخلّت عملياً، عن قرار مجلس 2254، والذي ينطلق من ضرورة تشكيل هيئة حكم انتقالي، كاملة الصلاحيات، وبعدها يتم نقاش القضايا كافة، الدستور، والإرهاب، والسيادة الوطنية، وسواها. لم يتحقق ذلك كله، واخُتصرت أعمالها بوفد اللجنة الدستورية، وتُناقش فقط قضية الدستور. الطريف أن النظام لا يعترف بالوفد الذي يرسله! وبالتالي، كان الهدف منها شطب القرارات الدولية، التي تؤكّد ضرورة تشكيل هيئة حكم انتقالي أولاً، وضرورة المحاسبة، والعدالة الانتقالية. أيضاً هناك الحكومة المؤقتة، وهناك لجان أخرى، وأيضاً لم يعد أحد يهتم بها، ولم تستطع أن تقوم بأية أعمال ذات أهمية في مناطق سيطرة الفصائل التابعة لتركيا. وبالتأكيد، ليس في مناطق هيئة تحرير الشام، وكذلك لم تهتم المعارضة بالمناطق التي كانت تحت سيطرتها قبل 2017، وسُلمت لاحقاً للنظام من دون حرب تقريباً.

أصبح الائتلاف الوطني ووفوده نافلي الغرض لدى أغلبية الشعب المعارض. وهناك انتقادات كثيرة له من أطياف المعارضة والشعب، ولم يعد هناك مبرّر واحد يسمح بضرورة وجوده؛ فلا مناطق يسيطر عليها، خارج سيطرة تركيا وأميركا وهيئة تحرير الشام، فملايين النازحين، تتدبر شؤونهم الدول الخارجية، وسكان المخيمات متروكون للمنظمات المدنية، والفصائل ليست تابعة لـ “الائتلاف” بل لتركيا. وبالتالي، ما هي مبررات ائتلاف كهذا ومؤسساته؟ نعم، تتطلب أوضاعه نقاشاً وندوات كثيرة. وهنا، نحث المراكز التي ستتقدّم بأبحاثٍ عن أوضاع المعارضة وكل ما يخص الوضع السوري على ضرورة النقد ودون حدودٍ أو شروط أو مسبقات ما. يخطئ القائمون على ندوة الدوحة في دعوة شخصياتٍ كانت في رئاسة المجلس الوطني السوري، أو الائتلاف الوطني؛ فهي مسؤولة عما حدث، ولم تتقدّم بأية مراجعات لدورها ذاك في السنوات السابقة. وبالتالي، لن تُناقِش أوراقها شيئاً مفيداً، وستكرّر لازمة أن النظام وحده المسؤول عن كل أحداث سورية. وبالتالي، ستدفع تلك الأوراق النقاش نحو نقطة الصفر من جديد، وليس نحو قراءة الأوضاع الراهنة، وتحميل النظام والمعارضة المسؤولية وفقاً لإمكانات كل منهما، وهناك مسؤولية الخارج والفصائل والفساد والتبعية وسوى ذلك. من دون فهم الوضع الراهن وتحديد المسؤوليات، ليس من أفكارٍ جديدة تُبنى عليها استراتيجية وطنية للسوريين، معارضين أو لدى النظام.

هناك إجماعٌ كبير بين المعارضين، على ضرورة حلِّ كل مؤسسات المعارضة، واعتبار سورية ونظامها ومعارضاتها فاشلة، والانسحاب من كل اللقاءات الدولية، وفي مقدمتها اللجنة الدستورية ولقاء أستانة، وتسليم سورية لمنظمات هيئة الأمم المتحدة، مع حثها على تطبيق القرارات الدولية التي صدرت بإجماع الدول العظمى، ومنها روسيا، مداخل لحل المشكلة السورية، واختيار هيئة حكم انتقالي، من شخصيات وطنية وازنة، وتشكيل مؤسسات جديدة، لإدارة المرحلة الانتقالية، ريثما تخطو سورية نحو الانتقال الديمقراطي. وطبعاً لا يجوز تسليم البلاد لمجلس عسكري، كما يقول بعضهم، بل يجب أن يخضع هذا المجلس لهيئة الحكم الانتقالي؛ تجربة السودان تؤكد هذه الفكرة بقوّةٍ. هل هذه الخلاصة قضية صعبة التطبيق، وغير قابلة للتحقق. وإذا كان الأمر كذلك، ما هو السبب؟ الإجماع الشعبي يقول: لم يعد هناك من مبرّرات لوجود “الائتلاف” ومؤسساته ووفوده، ولم يعد للاعتراف الدولي فيه أدنى اعتبار.

لا يمكن تفسير رفض حلِّ مؤسسات المعارضة إلا بسبب رفض الدول التي تشرف عليها، ومن أجل تمرير مزيدٍ من السياسات الروسية، حيث عملت الأخيرة من أجل تأجيل الحل السياسي منذ 2011، ولفرض إعادة تأهيل النظام عالمياً، وإقليمياً. وبالطبع، لا قيمة لدى روسيا للمعارضة السورية، ووظفت وفودها من أجل شرعنة دورها في سورية وشرعنة النظام؛ لكل هذه الأسباب يجب حل كل مؤسسات المعارضة.

هل من بديلٍ ثوري؟

ليس هناك أيّة ملامح لبديل ثوري في سورية، واللقاءات التي تتم في هذه العاصمة أو تلك بين أفراد معارضين أو أحزاب أو .. أو ..، ومنذ سنوات لم تستطع وضع الأساس الأوّلي له؛ وربما بسبب غياب الروح الثورية لدى تلك الفئات. ضمن ذلك، لا يمتلك الاتجاه النقدي الذي يُكفر كل تيارات المعارضة ومواقفها، ويزعم تمثيل الثورة، أو يحاول تمثل أفكارها ورؤاها، استراتيجية ناضجة لمجمل المشكلات التي أصبحت عليها سورية. إن الانطلاق من مجريات الثورة، كما في 2011، و2012، وضرورة الالتزام بأهدافها، والقطيعة عما سبقها من استراتيجيات وبرامج وأفكار، تخطتها تطورات الثورة ذاتها أولاً، وثانياً، ما أصبحت عليه أوضاع سورية من تعقيدات كبرى، وتستلزم، كما قلت تسليم سورية إلى هيئة الأمم المتحدة، وبالتالي، ضرورة تجاوز الوضع السوري والثورة، والمعارضة والبديل الهامشي. وبالطبع، لا تمتلك الدول المتدخلة حلاً، بل هي من ترفض الوصول إلى صفقة سياسية للوضع السوري منذ سنوات.

من العقلانية بمكان عقد ندوات ونقاشات واسعة ومستفيضة ومستمرّة، وممنهجة للوضع السوري. ويُفترض أن تقود تلك الندوات شخصيات وطنية، ترتفع عن منظورات أية قوى سياسية محدّدة، بل أن تستقيل منها من أجل تلك النقاشات، وتعميم الخلاصات الفكرية والسياسية والبرنامجية، وتشكيل لجان متابعة لمجريات تلك النقاشات. من الخطأ تكفير ومصادرة حق الجماعات التي تبادر للنقاش، في هذه الدولة أو تلك. والأصح، الحث على أوسع نقاشات ممكنة، وأن تكون بإشراف منظمات الأمم المتحدة؛ فهي المكان الأفضل لإتاحة النقاش الحر، وبعيداً عن ارتهانات الدول أو التمويل وسواها.

العربي.الجديد

—————————–

رياض حجاب

ندوة رياض حجاب في الدوحة.. ماذا ستناقش وبأي نتائجٍ ستخرج؟/ اسامة اغي

تنعقد في الدوحة عاصمة الدولة القطرية ندوة حول الوضع العام للقضية السورية، حيث تنتظم هذه الندوة على مدى يومي 23 و24 يناير عام 2022.

هذه الندوة دعا إلى عقدها والتحضير لها الدكتور رياض حجاب، وهو رئيس حكومة سورية انشقّ عن النظام عام 2013، والذي تسنّم منصب رئيس هيئة المفاوضات السورية المعارضة بعد مؤتمر الرياض1.

ستناقش الندوة التحولات في مواقف الدول العربية والإقليمية إزاء القضية السورية، ومواقف حلفاء النظام ودبلوماسية الدول الضامنة إضافة إلى المواقف الغربية والدولية وآفاق الوساطة الأممية.

كذلك ستناقش الندوة الأداء السياسي والدبلوماسي لمؤسسات قوى الثورة والمعارضة الرسمية وغير الرسمية، وإدارة الحكم في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد، وستضع تصورات وسيناريوهات متوقعة للمشهد السوري في عام 2022.

انعقاد هذه الندوة بهذه المحاور، والجهات المدعوة لحضورها، والتوقيت لها، ليس مجرد ندوة عادية، وإنما تنعقد في ظل ظروف ذاتية وموضوعية سنناقشها في هذا المقال.

حول الظروف الذاتية، يمكن القول إن الأفق بات مسدوداً أمام طرفي الصراع في سوريا، (قوى الثورة والمعارضة من جهة، والنظام الاستبدادي الأسدي من جهة ثانية). هذا الانسداد مردّه إلى تكوين بنى الطرفين، وفهمهما لطبيعة الصراع بينهما في ظلّ توازنات دولية في حالة تبدل مستمر.

فقوى الثورة ومنذ البداية لم تضع في استراتيجيتها قيمة الأطراف الإقليمية والدولية في ميزان قوى صراعها مع النظام، وهذا جعلها قيد مواجهات أوسع وأعقد من مواجهة مع النظام بمفرده. إضافة إلى أنها برّرت لنفسها الانخراط بمواجهات عسكرية وحالة حرب مع النظام، انطلاقاً مما أسمته الدفاع عن النفس.

وقوى الثورة والمعارضة التي وصلت إلى وضعها الحالي، وهو وضع عدم استقلالية قرارها الوطني، لم تفكّر باتباع طرق أخرى تواجه بها النظام وحلفه الإيراني/الروسي، ولهذا، كانت تقبل بتقديم تنازلات حيال تنفيذ القرار الدولي 2254، إذ اكتفت مؤخراً بالموافقة على التفاوض عبر اللجنة الدستورية حول صياغة مشروع دستور سوري جديد بإشراف الأمم المتحدة، وبذلك لم يعد بمقدورها، وفق بنيتها وتكوينها السياسي الحالي، تغيير ميزان القوى، لفرض التفاوض على النظام، حيث أن أغلب مكوناتها ترتبط بمشاريع أجندات إقليمية ودولية، لا تصبّ في المحصلة في مصلحة التغيير السياسي العام في البلاد.

كذلك وقع النظام بخطأ جسيم، أفقده قدرة السيطرة الحقيقية على مسار الصراع مع قوى الثورة، التي تطالبه بتغييرات عميقة في بنية الدولة والنظام الاستبدادي المفروض بالقوة على السوريين، فالنظام الذي استعان بقوى طائفية مثل حزب الله الشيعي اللبناني، وفصائل عسكرية طائفية من العراق وغيره، واستدراجه للحرس الثوري الإيراني ثم للجيش الروسي، إنما كان يقدّم تنازلات سيادية لهذه القوى مقابل دعم بقائه في السلطة.

إن ملف الصراع السوري في المرحلة الحالية وقبل ذلك بمسافة أكثر من خمس سنوات لم يبق ملف صراعٍ داخلي، بل تداخلت فيه أجندات مصالح الدول المنخرطة به، مثل روسيا وإيران والغرب بقيادة الأمريكيين وتركيا، ولهذا انتقل محور الصراع إلى الخارج، وأصبح السوريون فيه مجرد متابعين لما يُرسم لبلادهم من قبل هذا الخارج ومحصلة موازين قواه على الساحة السورية.

إن ندوة الدوحة لا ينبغي أن تكون مجرد ندوة سياسية عادية، بل هي دعوة لأوسع طيف سياسي وفكري وإعلامي، هذه الندوة ليست لمجرد تبادل الأفكار، بل هي لوضع القضية السورية تحت الضوء والشفافية والصراحة وهذه مهمتها.

إن ندوة الدوحة ليس مطلوبٌ منها تشكيل جسم بديل عن أطر المعارضة السورية الرسمية، مثل ائتلاف قوى الثورة والمعارضة، وهيئة المفاوضات السورية، وفريق المعارضة في اللجنة الدستورية، بل المطلوب منها وضع أسس فعّالة لتوسيع هذه الأطر، وتحويلها من وضعها الحالي المتكئ على جهود مجتمع دولي غير مكترث بصورة حقيقية بوضع الشعب السوري، الذي يطحنه اللجوء والنزوح الداخلي وحالة الفقر المدقع، الذي يواجهه بسبب استمرار النظام في السلطة بحماية روسية إيرانية.

إن انعقاد ندوة الدوحة ربما يساعد في الدعوة لعقد مؤتمر وطني سوري شامل لكل المكونات السورية السياسية منها، ومنظمات المجتمع المدني، وكذلك الشخصيات والنخب الفكرية والثقافية والاجتماعية السورية، فمثل هكذا مؤتمر سيشكل رافعة حقيقية على طريق استعادة القرار الوطني السوري من القوى المتدخلة بالصراع.

إن نشر أعمال الندوة بصورة شفافة، وترويج مخرجاتها على أوسع نطاق، سيضع حجر أساس لإعادة إنتاج الممارسة السياسية لقوى الثورة والمعارضة بعيداً عن التجاذبات، التي لا تزال تؤثّر فيها، وكلما نقُص التأثير الإيديولوجي في المسارات السياسية الوطنية، كلما استطاعت قوى الثورة العودة بالصراع إلى سكته الحقيقية، من أجل فرض التغيير السياسي الشامل لنظام الحكم في سوريا.

إن ندوة الدوحة محتاجة إلى طرح رؤية صريحة في نقد ممارسة قوى الثورة والمعارضة، ولا ينبغي عليها إيجاد صيغ تسوية تخدم وتبّرر عجز الأطر القائمة عن أداء مهامها السياسية بصورة فعّالة، وهذه الندوة تستطيع حرث التربة الوطنية وتمهيدها سياسياً من أجل خلق مرجعية وطنية شاملة عبر التوافقات على قاعدة تغيير النظام الاستبدادي، واستبداله بنظام دولة مؤسسات، تبني نظاماً سياسياً مدنياً تعددياً، يحترم كل مكوناته ويزجها في تنمية سورية شاملة.

إن تعميق نقاشات ندوة الدوحة، يجب أن يتوج بمخرجات على صورة توصيات ضرورية وحاسمة، من أجل إخراج القضية السورية من مأزق انسداد حلّها السياسي وفق قرارات الشرعية الدولية، التي لا تزال روسيا تعمل على تفريغها من مضمونها بما يكفل لها إعادة انتاج نظام الأسد بصورة مزركشة وبتغافل علني عن كل الجرائم التي ارتكبها بحق السوريين والدول المجاورة.

لهذا نجد في ندوة الدوحة بارقة أمل من أجل إعادة إنتاج وعي قوى الثورة والمعارضة بطريق وطنية فعّالة لا تتكئ على مساندات خارجية.فهل نشهد هذه البارقة في ندوة الدوحة وهي تتسع، لتصبح طريقاً يضيء حقوق السوريين بوطن جديد متصالح مع وطنيته

————

نينار برس

——————————-

رياض حجاب يفتتح ندوة المعارضة في الدوحة: “سورية إلى أين؟

أسامة سعد الدين

افتتح رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب، اليوم السبت، فعاليات ندوة “سورية إلى أين؟” التي تستضيفها العاصمة القطرية الدوحة وتستمر يومين، بمشاركة نحو 80 شخصية تمثل مؤسسات قوى الثورة والمعارضة السورية والمجتمع المدني ومراكز أبحاث ودراسات.

وأكد رئيس الوزراء السوري المنشق في كلمته الإصرار على تحقيق المطالب العادلة للشعب السوري، وتعزيز هويته الوطنية الجامعة، والتوصل إلى عملية انتقالية لا مكان فيها لبشار الأسد ونظامه، لافتاً إلى ضرورة توحيد الكلمة في سبيل محاسبة الجناة وتحقيق العدالة بحقهم وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.

وقال حجاب: “نجتمع في هذه الندوة، لتقييم عملنا، وتصحيح الأخطاء التي وقعنا فيها خلال مسيرتنا الشاقة لتحقيق دولة ديمقراطية حرة موحدة، تقوم على أساس سيادة القانون وحق الجميع في التعبير، والتمتع بحقوق المواطنة المتساوية، وواجباتها دون تمييز”

وأشار إلى أن الادعاء بأن رأس النظام بشار الأسد قد انتصر على الشعب السوري “أبعد ما يكون عن الحقيقة”، مستشهداً بالخسائر الفادحة على شتى الصعد، وأن محاولات التطبيع تتعثر أمام تفشي الفساد، وسوء الإدارة، والتدهور الأمني والاقتصادي، وفقدان القيم الأخلاقية، ومعتبراً أن داعمي بشار الأسد “يخوضون معركة دبلوماسية يائسة لإعادة تعويم نظام فقد شرعيته”.

وتهدف الندوة إلى تقييم الوضع الحالي السوري والبحث عن آليات لتخفيف معاناة الشعب السوري والنهوض بأداء المعارضة، بالإضافة إلى استحداث آليات جديدة لإخراج عملية الانتقال السياسي من حالة الاحتباس التي تعاني منها سورية.

عصف ذهني

وحول مشاركته في الندوة، قال المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي، حسن عبد العظيم، في حديث مع “العربي الجديد”: “نحضر بناء على دعوة وجهها رئيس الوزراء السوري المنشق، رياض حجاب، إلى هيئة التنسيق، ولاحظنا أن الدعوة موجهة لكل قوى الثورة والمعارضة، ومراكز البحث والدراسات، ومنظمات المجتمع المدني”.

واعتبر الندوة الجامعة خطوة في مرحلة تتعثر فيها قضية الحل السياسي بسبب ممارسة النظام تعطيل دور اللجنة الدستورية في جولات التفاوض، وقال: “هذا جهد تشكر عليه دولة قطر التي سهّلت انعقاد هذه الندوة في الدوحة، لنلتقي جميعاً تحت عنوان سورية إلى أين؟”.

وأضاف عبد العظيم أنه “سؤال مهم والجواب عليه مهم، إذ يجب أن نعمل عصفاً ذهنياً بين كل القوى السياسية والهيئة التفاوضية وقوى المجتمع المدني للبحث في هذه النقطة المهمة جداً، ويكون الموقف موحداً”.

وأشار إلى أن هيئة التنسيق عقدت المؤتمر التأسيسي للجبهة الوطنية الديموقراطية “جود” في قلب العاصمة دمشق قبل نحو سبعة أشهر، ولمّا منع النظام عقد مؤتمرها التأسيسي الفيزيائي عقدت مؤتمرها الإلكتروني، لافتاً إلى أنها تواصل عملها حالياً من دمشق وفي المحافظات السورية الخاضعة للنظام، معتبراً ذلك “تكاملاً مع جهود رياض حجاب”.

وحول ما يأمله من ندوة الدوحة يقول عبد العظيم: “المأمول توحيد الجهود لإنقاذ الشعب السوري من الأوضاع الكارثية”.

ولفت إلى أن “الجهود إذا تكاملت ستشكل بديلاً ديمقراطياً للنظام، ولا أحد يستطيع أن يقول إن المعارضة مشتتة ومقسمة ومفتتة، فكل القوى الديموقراطية أصبحت تحت مظلة واحدة من أجل إنقاذ الشعب السوري، ودعم عملية الانتقال السياسي من الوضع القائم إلى نظام جديد يعبّر عن تطلعات الشعب السوري، ويشكل ضغطاً على الدور الإيراني والدور الروسي ويشكل أيضاً قناعة للقوى الدولية الفاعلة أن المعارضة استطاعت أن تتجاوز العقبات وتوحد رؤيتها المشتركة وجهودها في كيان سياسي واحد”.

إعادة هيكلة المعارضة

وعن أهمية ندوة الدوحة، يرى مدير المركز السوري للدراسات الاستراتيجية، وعضو الأمانة العامة في الهيئة الوطنية السورية، القاضي حسين حمادة، أن المعارضة بشكلها الحالي “تعاني من إشكالات كبيرة جداً، وتحتاج إلى إعادة هيكلة جذرية في أشكالها حتى تتمكن من القيام بواجبها بما يتطلب وتحقيق أهداف الثورة”.

وحول إمكانية أن يكون من مخرجات الندوة تكتل أو لجنة، يقول حمادة في حديث مع “العربي الجديد”، إن الحراك السوري على مستوى الثورة، “تحكمه آليات ليست صحيحة، بمعنى تكون كل المؤتمرات بذات الإيقاع وذات الأهداف ولا تؤدي إلى نتائج، آملاً من ندوة الدوحة أن تكون أكثر دقة، ومؤكداً أن المعارضة “ليست بحاجة إلى قيادات جديدة، وهذا لا يعني الحفاظ على الكيانات القائمة”، ومطالباً بإعادة هيكلتها لتكون معبرة بشخصياتها وبنيتها التنظيمية عن الواقع اللاوهمي.

وفسّر حديثه بالقول: “الدفع نحو عمليات ترقيعية هذا لا يخدم الواقع بشيء، نحتاج إلى إعادة بناء الائتلاف وفق أربعة محاور، أن تقوم على بنائه شخصيات سياسية ودبلوماسية واجتماعية وقانونية وعسكرية، ووجود هيئة رقابية، وانتقال مقر الائتلاف إلى جنيف حيث الحراك السياسي، إن لم يكن في الدول العربية”.

وتابع “سنحاول رفع الصوت عالياً للمطالبة بتوصيات منطقية واقعية بإعادة النظر في الائتلاف من زاوية تنظيمية وزاوية سياسية، وإعادة النظر في تشكيل هيئة التفاوض”.

ولفت قائلاً: “اعتبر اللجنة الدستورية بحيثياتها الحقوقية والدستورية والواقعية “كارثة” بكل أبعادها، أما الحكومة المؤقتة فهي لجنة إدارية بل مكتب إعلامي، ثمة مشاكل لدى قوى المعارضة تحتاج مواجهة بلغة علمية حقوقية سياسية وليست إنشائية مطلبية ومن هنا تبدأ عملية الإصلاح، بحسب حمادة.

وتختتم الندوة فعالياتها غداً الأحد، وتتضمن ثماني جلسات حوارية، معظمها مغلقة وغير متاحة للإعلام، تركز على تقييم المشهد السوري الحالي واستشراف التحديات والسيناريوهات المتوقعة واقتراح آليات التعامل معها، بالإضافة إلى اعتماد توصيات تسهم في تقديم رؤية شاملة لعمل المعارضة السورية، للخروج من الأزمات السياسية والإنسانية والاقتصادية التي يعاني منها السوريون.

العربي الجديد

———————–

بعض الحضور في ندوة |سورية إلى أين”

“سوريا إلى أين؟”: المعارضة السورية في قطر.. ندوة لـ”توليد أفكار” فقط

انطلقت اليوم، السبت 5 من شباط، في العاصمة القطرية الدوحة، ندوة بعنوان “سوريا إلى أين”، كان قد دعا إليها رئيس الوزراء السوري الأسبق، رياض حجاب.

تستمر الندوة لمدة يومين، وتُقام بمشاركة ممثلين عن مختلف مؤسسات المعارضة السورية، ومراكز الفكر، ومنظمات المجتمع المدني، وعدد من الشخصيات السورية المستقلة، بالإضافة إلى ممثلين عن الجالية السورية (لم تُذكر أسماؤهم)، بحسب بيان للجنة التنظيمية للندوة نُشر عبر صفحتها الرسمية في “فيس بوك”.

ووفقًا للبيان، تهدف اللجنة إلى “تقييم الوضع” الذي وصلت سوريا إليه اليوم، ومحاولة إيجاد آليات تعمل على “تخفيف معاناة الشعب السوري”، فضلًا عن النهوض بأداء المعارضة، ومناقشة آليات “إخراج” عملية الانتقال السياسي من حالة الاحتباس التي تعانيه.

وتوقّع البيان أن تنتج عن هذه الندوة “جملة من التوصيات” التي من الممكن أن تسهم في تقديم “رؤية شاملة” لعمل المعارضة السورية، بهدف “الخروج” من الأزمات السياسية والإنسانية والاقتصادية التي يعانيها السوريون.

“ساحة للحوار”.. تتلوها دراسة توصيات

رئيس “هيئة التفاوض السورية”، أنس العبدة، صرح في معرض ردّه على سؤال طرحته عنب بلدي، خلال مؤتمر صحفي عقده نهاية كانون الثاني الماضي، حول طبيعة هذه الندوة وما ستحمله من جديد من الممكن أن يلمسه السوريون.

وأوضح العبدة أن الهدف الأساسي من الندوة أن تكون “منتدى” أو “ساحة” للحوار والنقاش حول المستجدات الأخيرة في الهموم السورية، بوجود ثلاثة مكونات رئيسة، أولها أشخاص موجودون في أماكن صنع القرار بالمعارضة وعدد من الناشطين السوريين، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمات المجتمع المدني، وعدد من مراكز الأبحاث المهتمة بالشأن السوري لتقديم ما لديها من دراسات وتوصيات.

وأضاف العبدة أن مؤسسات اتخاذ القرار المعارضة ستعمل بعد ذلك على دراسة مقترحات وتوصيات مراكز الأبحاث، وتنفيذ “ما تراه مناسبًا لها، من خلال سياستها العامة”.

ويأتي عقد هذه الندوة، بحسب ما قاله العبدة، من رؤية لدى رئيس الوزراء الأسبق، رياض حجاب، تفيد بوجود فجوة تتطلب إشراك المزيد من السوريين وتحديدًا مراكز الأبحاث، لأن طبيعة عملها تعتمد على المنهجية في قراءة الواقع، والمستجدات الحالية، والمستقبل، الأمر الذي يغني عمل صنّاع القرار، على حد قوله.

ونفى العبدة ما يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن يكون الهدف من الندوة هو إنتاج جسم سياسي جديد في المعارضة، قال البعض إنه قد يكون بديلًا عن “الائتلاف السوري”.

“ليس أكثر” من جلسة نقاش

من جهته، أوضح الكاتب والباحث السياسي زكريا ملاحفجي، أن ندوة اليوم جاءت بدعوة من رياض حجاب، ومن خلفه “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” الذي يديره المفكر الفلسطيني عزمي بشارة، بهدف “توليد أفكار في الملف السوري، في ظل انعدام آفاق الحلول فيه اليوم”، عبر نقاش تقدم فيه مراكز الأبحاث خلاصات دراساتها، وستقدم مؤسسات المعارضة بدورها تصورها لهذه التوصيات.

وأكد ملاحفجي، في حديث إلى عنب بلدي، أنه لن ينتج عن هذه الندوة أي بدائل جديدة “إطلاقًا”، مضيفًا أنه لن ينبثق عنها أي “لجنة متابعة” حتى، ما يشير إلى أنها جلسة نقاش لا أكثر.

ويرى ملاحفجي أن هذه الندوة هي لقاء لـ”التفكير الجماعي” ليس أكثر، وهي حاجة “ضرورية” في ظل الاستعصاء الذي يعانيه الملف السوري اليوم، من أجل التعاطي والتعامل مع الظرف الحالي، لتوليد أفكار قد “تُلهم” مؤسسات المعارضة للعمل حولها.

———————–

“سورية إلى أين”

“سورية إلى أين؟”.. ندوة تجمع المعارضة السورية في الدوحة لبحث الملفات السورية

تنطلق فعاليات ندوة “سورية إلى أين؟” يوم غد السبت في العاصمة القطرية الدوحة، بمشاركة ممثلين عن مؤسسات قوى الثورة والمعارضة السورية، ومراكز الفكر، ومنظمات المجتمع المدني، وممثلي الجاليات السورية، والإعلام السوري، وعدد من الشخصيات المستقلة.

وقالت اللجنة التنظيمية للندوة التي يرأسها رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب في بيان، إن قائمة الحضور تضمنت “مختلف ألوان الطيف السوري المعارض”.

وتهدف الندوة إلى “تقييم الوضع الذي آلت إليه البلاد، والتداول حول آليات تخفيف معاناة الشعب السوري، والنهوض بأداء المعارضة، ومناقشة آليات إخراج عملية الانتقال السياسي من حالة الاحتباس التي تعاني منها”، بحسب البيان.

وتتضمن الندوة التي تستمر ليومين (5 و 6 شباط) ثماني جلسات حوارية، و”تتناول تقييم المشهد السوري الحالي، واستشراف التحديات والسيناريوهات المتوقعة، واقتراح آليات التعامل معها”.

    ندوة “سورية الى أين” تبدأ أعمالها صباح يوم السبت، 5 شباط/فبراير 2022 pic.twitter.com/vw5AWGXQWZ

    — سورية إلى أين ؟ (@whithersyria) February 3, 2022

وستقر الندوة جملة من التوصيات “التي تسهم في تقديم رؤية شاملة لعمل المعارضة، بهدف الخروج من الأزمات السياسية والإنسانية والاقتصادية التي يعاني منها السوريون”.

وأشارت اللجنة التنظيمية إلى أن هذه الفعالية تأتي “بالتزامن مع الجهود الحثيثة التي يبذلها النظام وحلفاؤه لإعادة تعويم بشار الأسد، ما يدفع لتدارس سبل معالجة الوضع الذي آلت إليه البلاد، وكيفية إنفاذ القرارات الأممية ذات الصلة”.

عناوين الجلسات الحوارية

قال الباحث عبدالله النجار من مكتب الدكتور رياض حجاب في الدوحة إن الهدف الأساسي من الندوة “هو إيصال رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي بأن الثورة السورية ما زالت مستمرة وأن بشار الأسد وحلفاءه لم ينتصروا، وهي محاولة جمع السوريين على كلمة واحدة والارتقاء بعمل المعارضة وتسليط الضوء على معاناتهم”.

وأوضح النجار في حديث لموقع تلفزيون سوريا أن الجلسات الثماني تجيب عن سؤال الندوة الرئيسي “سورية إلى أين؟”، وستتضمن فعاليات اليوم الأول 4 جلسات مفتوحة وبحضور وسائل الإعلام بعناوين:

    تحولات المواقف الإقليمية والدولية

    تقييم أداء النظام وسياساته

    واقع قوى الثورة والمعارضة

    استطلاع المشهد السوري مطلع عام 2022 والسيناريوهات المتوقعة

أما فعاليات اليوم الثاني فستكون مغلقة تختتم بجلسة مناقشة وإقرار التوصيات ويسبقها 3 جلسات حوارية بعناوين:

    ترتيب البيت الداخلي

    مساحات العمل الوطني المشترك

    رؤية مشتركة للانتقال السياسي

ويشارك في الندوة 12 مركزاً من مراكز الدراسات السورية النشطة والعاملة حاليا على الساحة السورية، بحسب النجار، وقدم اعتذاره للمراكز البحثية التي لم يتم التمكن من الوصول إليها لدعوتها للمشاركة في الندوة، على أمل مشاركتهم في فعاليات قادمة.

وتستعرض كل جلسة 3 أوراق بحثية تعمل عليها مراكز الدراسات السورية المشاركة منذ نحو 3 أشهر، يقدمها الباحثون خلال 30 دقيقة، ثم يفتح باب التعقيب للحضور لإثراء النقاش.

وأعدت مراكز الدراسات المشاركة توصياتها للندوة.

وأكد النجار أن المؤسسات السورية المعارضة مشاركة في الندوة بصفتها الرسمية وليس الشخصية.

وقال المقدم عبد الله النجار : “نحن في مكتب الدكتور حجاب في الدوحة نخطط لأن تكون مثل هذه الندوات دورية، ولكنها مرتبطة بتطورات جائحة كورونا التي أخرت من انعقاد الندوة، وحالت دون مشاركة باحثين اثنين.

ويخطط مكتب الدكتور رياض حجاب لمزيد من الفعاليات القادمة، بحيث تعقد الندوة الثانية في مدينة إسطنبول “لقربها من الداخل السوري لإشراك أكبر قدر ممكن من الداخل فيها”.

وأضاف النجار: “نفتخر بأعمال مراكز الدراسات السورية التي تدل على مستوى عال من الإمكانات البحثية سنراها في الندوة، ونعتقد أن خطوة إشراك مراكز الدراسات خطوة ناجحة نتمنى أن تتكرر في كل ندوات المعارضة وأن تشارك المراكز في النقاشات القادمة”.

—————————–

رياض حجاب

حجاب في افتتاح ندوة الدوحة:المعارضة السورية رقم صعب

حجاب في افتتاح ندوة الدوحة:المعارضة السورية رقم صعب رياض حجاب: داعمو بشار الأسد يخوضون معركة دبلوماسية يائسة لإعادة تعويمه

قال رئيس الوزراء السوري المنشق عن النظام رياض حجاب إن قوى الثورة السورية هي “رقم صعب في المشهد الإقليمي والدولي”، مضيفاً أن “حلفاء نظام بشار الأسد فشلوا في تعويمه”، مشيراً إلى أن “تفكيك العقدة السورية يبدأ من مواجهة مشروع التوسع الإيراني في المنطقة”.

جاء ذلك في افتتاح فعاليات ندوة “سوريا إلى أين؟” التي انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة صباح السبت وتستمر يومين، بمشاركة ممثلين عن مؤسسات قوى الثورة والمعارضة السورية، ومراكز بحثية ومنظمات المجتمع المدني، وممثلي الجاليات السورية، والإعلام السوري، وعدد من الشخصيات المستقلة.

وأشار حجاب إلى أن “الندوة تعقد بالتزامن مع ما تشهده الساحة السورية من عنف النظام وإجرامه، الذي حوّل الساحة السورية من احتجاجات شعبية ذات طابع سلمي إلى حالة مستعصية من الاستقطاب الدولي”.

وأضاف حجاب أن “الادعاء بأن نظام الأسد انتصر على الشعب السوري أبعد ما يكون عن الحقيقة”، متابعاً أن داعمي بشار الأسد “يخوضون معركة دبلوماسية يائسة لإعادة تعويم نظام فقد شرعيته”.

وأردف أنه “يتعين علينا التحلي بالمسؤولية لإعلاء المصلحة الوطنية ورص الصفوف وجمع الكلمة، وتدشين مرحلة جديدة ينتزع فيها السوريون كافة حقوقهم المشروعة من النظام الآيل للسقوط”.

وقال إنه يجب على المعارضة السورية “تجديد العهد للسوريين بأن نجعل قضيتهم بوصلتنا”، مشدداً على أن المعارضة “أشد إصراراً من أي وقت مضى على تحقيق المطالب المحقة والعادلة لشعبنا، وتعزيز هويتنا الوطنية الجامعة، والتوصل إلى عملية انتقالية لا مكان فيها لبشار الأسد ونظامه”.

وتهدف ندوة “سوريا إلى أين؟” إلى “تقييم الوضع الذي آلت إليه البلاد، والتداول حول آليات تخفيف معاناة الشعب السوري، والنهوض بأداء المعارضة، ومناقشة آليات إخراج عملية الانتقال السياسي من حالة الاحتباس التي تعاني منها”، حسب ما ذكر بيان للجنة التنظيمية.

وأضافت اللجنة في البيان: “تتضمن الندوة ثماني جلسات حوارية وتتناول تقييم المشهد السوري الحالي، واستشراف التحديات والسيناريوهات المتوقعة، واقتراح آليات التعامل معها”.

وستُقر الندوة جملة من التوصيات “التي تسهم في تقديم رؤية شاملة لعمل المعارضة بهدف الخروج من الأزمات السياسية والإنسانية والاقتصادية التي يعاني منها السوريون”.

وأشارت اللجنة التنظيمية إلى أن هذه الفعالية تأتي “بالتزامن مع الجهود الحثيثة التي يبذلها النظام وحلفاؤه لإعادة تعويم بشار الأسد، ما يدفع لتدارس سبل معالجة الوضع الذي آلت إليه البلاد، وكيفية إنفاذ القرارات الأممية ذات الصلة”.

وكان رئيس “هيئة التفاوض السورية” أنس العبدة قال خلال مؤتمر صحافي عقده نهاية كانون الثاني/يناير حول طبيعة هذه الندوة، أن الهدف الأساسي منها أن تكون ساحة للحوار والنقاش حول المستجدات الأخيرة في الهموم السورية.

وأضاف العبدة أن الندوة التي جاءت بدعوة من رياض حجاب، تفيد بوجود فجوة تتطلب إشراك المزيد من السوريين وتحديداً مراكز الأبحاث لأن طبيعة عملها تعتمد على المنهجية في قراءة الواقع والمستجدات الحالية والمستقبل، الأمر الذي يغني عمل صناع القرار.

ونفى العبدة أن يكون الهدف من الندوة هو إنتاج جسم سياسي جديد في المعارضة كبديل عن “الائتلاف السوري”.

وفي 17 كانون الثاني، قال رئيس “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” سالم المسلط خلال لقائه حجاب والرئيس الأسبق لـ”الائتلاف الوطني السوري” معاذ الخطيب في الدوحة، إنه “من الضروري توحيد الرؤى لمواجهة التحديات الراهنة وتخليص الشعب السوري من النظام المجرم”.

وفي ختام زيارته الى قطر، أكد المسلط أنه “لا يوجد أي نية لتأسيس جسم جديد للمعارضة”، إلا أن “هناك حرصاً كبيراً على تفعيل المؤسسات السياسية الثورية”، بالإضافة إلى “إقامة ندوات حوارية وتشاورية والحديث عن قواسم مشتركة ورؤية واحدة تبدأ في سوريا من دون نظام الأسد”.

———————

جانب من ندوة “سورية إلى أين”

ندوة سورية جديدة بأجساد معارضة قديمة وبرعاية ثالوث الدوحة، أنقرة، موسكو

مرصد مينا – هيئة التحرير

لايهم التسمية، فالتسميات تتراوح ما بين “ندوة علمية”، و “لقاء الدوحة الثلاثي”، وقد تطرأ أسماء جديدة لصيغة قديمة، تتصل بالمسألة السورية والعثور على مخارج من استعصائها، دون نسيان أن من هم مرشحون لإخراج الحالة من الاستعصاء، هم جزء ممن قادورا سوريا إلى توطيد استعصاء أي حل جدي لها.أدخلوا سوريا في استعصاء الحلول بالشراكة مع النظام.

وفق الأخبار الواردة من الدوحة فإن لقاء تستضيفه الدوحة يجمع مدعوين سوريين أبرزهم رياض حجاب الذي سيكون إمامها، مضافًا إليه ممثلون عن مراكز بحثية سورية سيقومون بأداء دور تقني وعلمي في تقديم أوراق عمل عن كافة الشؤون السورية، والهدف من ذلك الاستناد على تلك الأوراق والدراسات في تنفيذ الحوار بشكل منهجي وعلمي.

أجندة  الندوة حسب المعلن ستُناقش وتُقيّم كافة تطورات الملف السوري السياسي والعسكري والإنساني والحقوقي والقانوني، إلى جانب مواقف الدول الفاعلة والمؤثرة، وأداء نظام قوات بشار الأسد، وسلوك المعارضة السورية بشكلٍ مُفصّلٍ ودقيق.

شخصيات مقربة من رياض حجاب، نقلت عن حجاب بأن الندوة ، تطمح لبلورة طروحات متكاملة ومشاريع جديدة وبرامج سيتم العمل عليها وتدويرها ومناقشتها مع صناع القرار والأطراف المعنية في الملف السوري، دون التعرض إلى ما يمكن تسميته بإعادة هيكلة المعارضة السورية ولو جزئيًا أو العمل على استيلاد جسد معارض سوري جديد، وذلك لغياب توافقات دوليّة منخرطة في مسارات تشترك فيها أطراف محليّة سورية معارضة، وبالتالي لا يوجد تكهن واضح في نتائج الندوة العلميّة المقرّرة سواء بما يتعلّق في انبثاق أجسام سياسية جديدة معارضة، وحتى إعادة هيكلة للمعارضة الحالية، ذلك أن كلا الأمرين مرهونان لمن يتبنّى نتائج الندوة  ويُحوّلها إلى وقائع وهو العامل الغائب حتى اللحظة دون نسيان أن الرعاية القطرية لهذه الندوة ستصطدم بالكثير من الاعتراضات تبعًا للمواقف المختلفة مع السياسات القطرية التي لابد وتكرّس جماعة الاخوان المسلمين في محاولة لإحياء دورهم في الساحة السورية بعد الانتكاسات التي واجهتها جماعات الاخوان في كل من مصر وليبيا، مع ملاحظة الشراكة التركية في رعاية هذه الندوة وهي الشراكة التي تعني فيما تعنيه تشكيل رافعة لجماعة الاخوان لاستعادة الضائع منهم، وبات من المعروف أن حكومة رجب الطيب أردوغان تعمل على تعويم رياض حجاب بالشراكة مع الحكومة القطرية، تحت مقولة  لم يتثبت منها احد، وهي أن حجاب  شخصية مُجمع عليها من قبل غالبية شرائح المجتمع السوري، لذلك يُعامل دائماً أينما حل في عواصم عربية أو أوروبية كرجل دولة، وهناك تعويل عليه حتى الآن لقيادة مرحلة جديدة في سوريا.

في خلفية الخبر ثمة تمهيد بل وترويج لهذه الندوة ربما كانت أهم مرتكزاته قد وقعت في 12 مارس/ آذار الماضي 2021 حين ظهر رياض حجاب في لقاءٍ مع قناة الجزيرة، وقال: إنَّ سوريا مُقبلة على تغييرٍ كبيرٍ، وأنّ ما يجري في العاصمة القطرية الدوحة هدفه خلقَ مسارٍ جديد يحمل بصمات عربية، وذلك دون أن يحدد ماهي هذه البصمات ومن هي الدول العربية الداعمة له أو للتغيرات الجديدة لتي يتحدث عنها، سوى أنها  تصريحات كانت مصحوبة بموجة تفاؤل ناجمة عن لقاءاتٍ ثلاثيّة حدثت على صعيد وزاري لقطر وتركيا وروسيا. ومن خلال البيان الختامي عن ذلك الاجتماع تمّ الاتفاق على استكمال اللقاءات في أنقرة ومن بعدها موسكو، لكن لم يحدث ذلك قط، بسبب مراوغة موسكو التي كانت تهدف من وراء وجودها في الدوحة -لأول مرة-لجس نبض ومحاولة نزع تنازلات تركية قطرية لتخفيف الضائقة الاقتصادية على حليفها في دمشق، إلى جانب فرض شرطها الأساسي في إعادة تعويمه داخل الجامعة العربية عبر صفقة يقول مطلعون أنها تعني منح جماعة الاخوان حصتهم في “سوريا الجديدة”، مقابل فك الحصار عن بشار الأسد. وهو ما اشتغلت عليه قطر بدءًا من 2011 في ذروة انطلاقة الثورة السورية دون أن تحصد أية نتائج من مساعيها.

في التمهيد لهذه الندوة، كان رياض حجاب التقى خلال الشهرين الفائتين أكثر من مرة مع وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو” الأمر الذي رفع سقف التوقعات عند بعض المراقبين عن احتمالية حدوث متغيرات جديدة داخل بنية المعارضة السورية سيقودها حجاب في مطلع هذا العام لكن ليس بالضرورة أن تكون تغييرات جذرية بما فيها انبثاق كيان سياسي جديد، بل البداية ستكون بندوة علمية وصولاً إلى نتائج سيتم دراستها بهدف البناء عليها مستقبلاً، وهو الامر الذي مهدت اليه لقاءات وزراء خارجية كل من روسيا / تركيا / قطر، وكان وزراء الخارجية الثلاث قد صدروا بيانًا  أعلنوا فيه عن إطلاق عملية تشاورية جديدة بين دولهم بشأن التسوية السورية، معربين عن “اقتناعهم بغياب أي حل عسكري للنزاع السوري، كما أكدوا عزمهم على المساعدة في تقديم عملية سياسية تحت إشراف الأمم المتحدة من أجل مساعدة أطراف الأزمة في التوصل إلى حل سياسي وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.

كما سبق الاجتماع مشاورات مطولة بين الأطراف الثلاثة بدأت مطلع العام 2021 من أجل التوصل إلى صيغة جدية تساعد على الخروج من الدائرة المفرغة التي راوح فيها مسار أستانة، ينطلق من خطورة الوضع الانساني المتدهور في سوريا.

مواقع معارضة كشفت  أن الروس “وعدوا خلال التحضيرات للقاء الدوحة بتقديم مقترحات تتعلق بالسير قدماً في تطبيق القرار 2245 ، وفي مقدمتها العمل على إنشاء هيئة حكم انتقالي، بالتوازي مع استمرار عمل اللجنة الدستورية، وكذلك البحث في ملف المعتقلين كإجراءات لبناء الثقة بين المعارضة والنظام، مقابل مساعدة الدول الداعمة للمعارضة بتخفيف العقوبات المفروضة على دمشق، والمساهمة في المساعدات الانسانية المخصصة لمناطق سيطرة النظام ، والعمل على إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية.

في ردود الفعل المعلنة، أصدر الائتلاف الوطني السوري المعارض بياناً رحب فيه “بجميع الجهود الرامية إلى دعم الشعب السوري ومساعدته في مواجهة الكارثة التي جرّها عليه نظام الأسد”، مشيراً إلى أنه “رغم إدراك طبيعة الدور الروسي الهدّام والمعطل على كل مسارات الحل، ورغم إصرار الكرملين على دعم النظام ومشاركته القتل والتهجير؛ فإننا على ثقة بالأشقاء في تركيا وقطر وقدرتهم على تنسيق جهودهم والمساهمة في هذا الملف بطريقة تلتقي مع المصالح الحقيقية للشعب السوري، وبما يحول دون استغلاله من قبل النظام وحلفائه أو توظيفه للإضرار بالمدنيين”.

وأضاف البيان أن “رؤيتنا للحل كانت وما تزال مرتكزة إلى الشرعية الدولية، وعلى أي مبادرة دولية أو مسعى لإنقاذ الشعب السوري أن ينطلق من تنفيذ القرارات الدولية، بالتوازي مع العمل من أجل الانتقال إلى نظام سياسي مدني وفق مقتضيات بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2254”.

————————

من هم المدعوون لمؤتمر الدوحة؟/ كمال اللبواني

في الوثيقة المرفقة أسماء جميع المدعوين للمؤتمر وصفاتهم كما كتبها مكتب رياض حجاب ومركز حرمون للدراسات الذي يرأسه د. سمير سعيفان، وبالتنسيق مع مصطفى الصباغ.

الأسماء الأولى هي أسماء القيادات الراهنة لمؤسسات المعارضة التي يتناوب عليها عشرة أشخاص لا غير منذ سنوات، ويليها بعض أسماء شغلت سابقاً مناصب قيادية، يليها مراكز بحثية لا علاقة لها بالبحث أو الدراسات، هم مجرد باحثين عن تمويل سياسي، وهي منصّات إعلامية تخدم توجه تركيا وقطر والإخوان، لم تقدم أي بحث ليس مأخوذاً عن الإنترنت، ولا يساوي ثمن الورق الذي كتب عليه. إخراج فني متطور ومحتوى تافه.

بعض من أسماء الحضور في ندوة “سورية إلى أين”

يليهم إعلاميون يتمولون من قطر، ثم مجموعة شخصيات إخوانية أو تخدم مشروع الإخوان أو يريد الإخوان استخدامها لاحقاً، مستغلين حب هؤلاء للظهور والبروز كمناضلين في أماكن نضال سياحية، بعد أن انتهى عصر النضال في الشوارع والسجون والجبهات وتحول لردهات الفنادق وقاعات الاجتماعات مع المسؤولين، باسم الشعب السوري ومأساته، وهؤلاء كثر، لدرجة تستطيع أن تدعو 5 ملايين منهم لو امتلكت التمويل.

بعض من أسماء الحضور في ندوة “سورية إلى أين”

الملاحظات:

-لا يوجد ثوري حقيقي واحد بين كل هؤلاء، ولا يوجد سياسي واحد ذو خبرة، موظفو الدولة المنشقون المدعوون كانوا من حصة حزب البعث، وليسوا تكنوقراط.

-كل القياديين أخذوا فرصتهم عدة مرات، وكان أداؤهم يساوي الصفر، إذا لم يضروا بثورة الشعب، وهم المسؤولون عن خراب مؤسسات الثورة.

-كلهم ليس لديهم ذمم مالية شفافة حتى لا نقول شريفة ولم يلوثها الفساد.

-لا يملكون قرارهم المستقل أو مرجعية سياسية تحاسبهم. 

-لا يمكنهم التوافق على أي قضية، فالكل يريد منصباً، والمناصب محجوزة سلفاً لرياض حجاب ومن يعينه هو.

-لا يمكنهم التحول لجسد سياسي، لأنهم مجموعة ديوك متنافسة تتشاجر مباشرة بعد أن تدخل معاً في قفص المؤسسة.

-لا يمكنهم تمرير أي طرح يتنازل عن ثوابت الثورة لأن أغلبهم انتهازي ويحب المزاودة.

-قسم من هؤلاء سيشارك على الإنترنت.

النتيجة: هو اجتماع بروظة، والهدف القول نحن هنا. سيموت الاجتماع بعد انعقاده إذا لم تظهر انقسامات داخله وبعده مباشرة. تكرار واجترار لتفاهة المعارضة وسخفها وانتهازيتها.

ليفانت – د. كمال اللبواني

بعض من أسماء الحضور في ندوة “سورية إلى أين”

—————————

الدكتور محمود الحمزة من “ندوة سورية إلى أين؟”: حان الوقت لكي نقول لقادة المعارضة الرسمية: إلى هنا يكفي

اعتبر الدكتور محمود الحمزة، الباحث في الشأن الروسي، أن الوقت قد حان للقول للمعارضة السورية الرسمية، بأن تتنحى جانباً وتفسح المجال للشباب الثائر.

جاء ذلك في كلمة ألقاها الحمزة اليوم السبت، في ندوة “سورية إلى أين؟”، نيابة عن بسمة قضماني، وفيما يلي نص الكلمة:

شكراً للدكتور رياض حجاب واللجنة المنظمة وكل مَن ساهم في إعداد هذا اللقاء، وإنْ كان لدي رأي شخصي حول دعوة بعض الشخصيات التي جربت إمكانياتها وفشلت في قيادة المعارضة وأصبحت عاملاً سلبياً وشاهد زُور على تراجُع الثورة وتدهور قواها السياسي والمسلحة، وهي ما زالت مصرة على قيادتها لمركب الثورة بالرغم من أنه يغرق والحقيقة فهم في وادٍ والشعب السوري في وادٍ آخر.

روسيا:

قبل كل شيء أشير إلى سِمَة خاصة للمواقف السياسية الخارجية الروسية التي طُبقت جزئياً في سورية:

فهي دائماً تسعى لإيجاد علاقات وتواصل مع أطراف النزاع.

وتستخدم الدبلوماسية الناعمة والجهود غير الرسمية السياسية والإنسانية والعسكرية وهي تصرح شكليا بأنها على الحياد ومع الشرعية وسيادة الدول والقانون الدولي ووحدة الأراضي وأن الشعب يقرر مصيره بنفسه ولكنها عملياً تمارس سياسة مختلفة (في ليبيا- في سورية: التدخل العسكري لدعم نظام مجرم قاتل- فكرة الفيدرالية- مسودة دستور- التدخل العسكري- اللجنة الدستورية- حماية النظام في مجلس الأمن بشكل سافر- دعم إعلامي وسياسي غير محدود وسائل الإعلام الروسية أغلبها يروج لنظام الأسد ويلمع صورته) باختصار فإنها قدمت دعماً شاملاً للأسد (عسكري- أمني- اقتصادي – دبلوماسي- إعلامي-…).

التدخل العسكري الروسي 2015/9/30 والتمهيد للتوسع الإيراني والدخول التركي.

سقوط شرقي حلب بيد النظام وإيران كان نقطة تحول كبيرة في مسار الثورة السورية في جانبها المسلح وحتى السياسي.

بدأ العدّ التنازلي من اجتماعات ممثلي وزارة الدفاع الروسية مع فصائل المعارضة المسلحة في أنقرة في نهاية عام 2016 كان بداية العد العكسي في أداء الفصائل مما أدى لتقدم النظام ميدانياً بشكل كبير طبعاً بدعم روسي وإيراني.

من بداية التدخل العسكري سلمت موسكو ملف سورية لوزارة الدفاع الروسية (ألكسندر لافرينتيف المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين).

هناك عدد من المكلفين بالملف الروسي: بوغدانوف- كينشاك- يفيموف – لافرينتيف.

التدخل العسكري الروسي في سورية قضية إستراتيجية وجيوسياسية كبيرة تتعلق بالصراع بين روسيا والولايات المتحدة والناتو عموماً. ولكن يجب أن ندرك هنا بأن الدورين الروسي والأمريكي يتقاطعان كثيراً في سورية (الأمثلة كثيرة) ، وروسيا ترى في سورية موضع قدم وقاعدة للانطلاق إلى الشرق الأوسط وإفريقيا.

الدبلوماسية الروسية التي تجسدت في مفاوضات أستانا التي بدأت في يناير 2017 ومن أهم نتائجها الكارثية اتفاقيات مناطق خفض التصعيد وما أدت إليه.

مؤتمر سوتشي يناير 2018 وما نتج عنه فكرة تشكيل لجنة للإصلاح الدستوري بموافقة أممية وبضوء أخضر أمريكي (موقف المعارضة كان انتقل من رفض سوتشي واللجنة الدستورية إلى الحماس للعمل فيها).

بتقديري فإن الموقف الروسي في سورية هو في مأزق حقيقي فهم يبدون متورطين. انتصرت روسيا عسكرياً وهذا لا يعتبر شيئاً خارقاً لدولة عظمى كروسيا ولكنها عاجزة عن دعم النظام في مرحلة البناء السلمي ومعها إيران طبعاً.

تركيا:

نكنّ كل التقدير والشكر لتركيا على كل ما قدمته للسوريين على أراضيها فهذا موقف إنساني يحسب لها.

أعتقد أن الضغوطات الهائلة التي تعرضت لها تركيا (من سحب صواريخ باتريوت من تركيا- رفض المقترح التركي بمنطقة آمنة- الانقلاب الفاشل 2016- ضرب الاقتصاد التركي- قتل السفير الروسي وقبلها إسقاط طائرة حربية روسية وما نتج عنه، وحتى مقتل الصحفي جمال خاشقجي) فأصبح الهمّ التركي هو الأمن القومي التركي وكانت موسكو الجهة المناسبة للتوجه التركي بعد كل المشاكل مع الغرب ومع الاتحاد الأوروبي وبعد ازدياد نشاطات القوى الإرهابية الممثلة بقسد التابعة لحزب العمال الكردستاني ومشاريعه الانفصالية.

في مفاوضات أستانا: روسيا وتركيا وإيران يقررون ويصدرون بيانات ووفدَا المعارضة والنظام لا فاعلية لهم أبداً بل يتلقون التعليمات والقرارات أي شهود زُور).

وهنا أتساءل: لماذا لا تساعد تركيا في التخلص من جبهة النصرة الإرهابية والتي تسيطر على محافظة إدلب التي يتجمع فيها ملايين السوريين والأَنْكَى من ذلك أنها تسمى محررة ولا يتجرأ معارض سوري على دخولها بحرية وأمان. ولماذا لا تساعد تركيا السوريين في المناطق المحررة شمال شرقي سورية لبناء نموذج متقدم وحضاري والتي يعبث بها مسلحون أصبحوا أمراء حرب ولا يمتّون للثورة بصلة.

إيران:

نظام الملالي كما تعلمون يستخدم الشعارات الشيعية كغطاء لإعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية وهم يريدون الثأر من العرب ومن المسلمين. والدور الإيراني بمجمله يخدم مشروع الشرق الأوسط الجديد (الإسرائيلي الأمريكي) وهناك غض نظر وتسهيلات غربية للتوسع الإيراني وبميليشياتها الطائفية التي تلعب دوراً مزعزعاً للاستقرار في المنطقة وتنشر الفوضى الخلّاقة.

طبعاً المجرم بشار لكي يثبت نفسه في السلطة باع سورية لكل حثالات العالم من ميليشيات طائفية إرهابية وطلع بشار أسوأ من أبيه.

إيران تغلغلت بالواقع السوري وتجذرت سياسياً واقتصادياً وأمنياً وعسكرياً ودينياً واجتماعياً وبين الشباب والنساء وفي التعليم واستفادوا من الدور العسكري والدبلوماسي الروسي.

العامل الإقليمي الأخطر في المشهد السوري والذي أصبح عاملاً داخلياً هو إيران كونها تلعب دوراً في تفتيت المجتمع السوري وتشويهه ونشر التشيع وتجنيد الأطفال وهي تركز على التعليم والثقافة. وتؤسس الميليشيات الإرهابية تحت شعارات طائفية (كما هو الحال في العراق ولبنان واليمن).

وتبقى قضية إخراج إيران من سورية من أهم التحديات أمام الشعب السوري والدول العربية التي لديها شعور وموقف عربي صادق.

ومن خلال متابعة الأحداث بدقة نشير إلى الأمور التالية:

ثلاثي أستانا (الدول الضامنة) كان لعبة روسية خبيثة للالتفاف حول قرارات مجلس الأمن 2118 و2254 وتمييع القضية السورية وتحويلها من قضية سياسية عادلة تتعلق بتغيير النظام الاستبدادي الفاسد إلى نظام ديمقراطي وطني، أصبحت كل الجهود الدولية تتمحور حول اللجنة الدستورية وكلكم يعرف قصتها التي هي باختصار بيع وَهْم للسوريين وكسب الوقت من قِبل النظام وحلفائه، وللأسف ممثلو المعارضة في اللجنة الدستورية يساهمون بخداع الشعب السوري ويوهمونه بأن هذه اللجنة المزعومة التي أسستها الدول ستقدم حلاً لسورية من خلال صياغة دستور وهذا مثل حلم إبليس بالجنة…..

توصل أغلب السوريين إلى قناعة بأن القرار الأساسي في حل الأزمة السورية هو بيد الأمريكان وإسرائيل ومن بعدهم روسيا وتركيا وإيران ودول الخليج.

وأنا أدعوكم للتركيز على التحالف السياسي الثلاثي (القطري التركي الروسي) الذي أُعلن عنه في الدوحة في آذار/ مارس 2021 خلال زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى الخليج، والذي أصدر بياناً حول سورية يمكن البناء عليه ودعوة المملكة العربية السعودية للانضمام خاصة بعد التحولات الإيجابية في علاقات تركيا بالخليج، وبعدها يتم الحديث مع الأمريكان والأوروبيين.

هذه المجموعة الدولية الإقليمية يمكن أن تصل إلى صيغة معقولة للحل في سورية وتفرضه من خلال مجلس الأمن على النظام (على ضوء القرار 2254 الذي وقعت عليه الولايات المتحدة وروسيا).

وأضيف بأنه علينا البحث عن طريقة نستفيد فيها من المواقف الدولية أي أن نعمل سياسة ولكن دون التنازل ودون الارتهان وتنفيذ أجندات الغير. لو أعدنا النظر في وضع المعارضة الرسمية التي تعاني من أمراض كثيرة تذكرنا ببعض أمراض النظام ولو كان لدينا جسم سياسي وطني ثوري حقيقي مستقل لاستطعنا أن نرسم إستراتيجية تعمل على كل المحاور الداخلية والإقليمية والخارجية السياسية والإعلامية والإنسانية.

أيتها الأخوات أيها الإخوة

يا أبناء سورية الجريحة:

في اجتماعنا هذا المتنوع والذي قد يُعتبر تاريخياً أدعوكم لتحكيم الضمير ووضع اليد على القلب وتذكر دماء السوريين الطاهرة ومعاناة الملايين من النساء والأطفال والشيوخ في الداخل السوري المعذب وفي أماكن النزوح والتهجير القسري في المخيمات والبراري . تعالوا نتنازل عن كل أمورنا الشخصية ونضع سورية فوق كل اعتبار والإنسان السوري الذي قدم كل شيء من أجل الحرية والكرامة ولكننا كمعارضة لم نقف إلى جانبه بشكل حقيقي ومثمر.

لم نأتِ إلى هنا من آلاف الكيلومترات في هذه الظروف الصعبة من جائحة وغيرها ومن وضع كارثي تعيشه بلادنا، ولم نأتِ لنلقي محاضرات على بعضنا ولا نبحث عن رؤية سياسية فهذا كله متوفر بأطنان الأوراق. ما يلزمنا اليوم هو أن نضع إصبعنا على الجرح مباشرة وبكل شفافية ونبحث عن المعوقات الذاتية قبل الخارجية ونعالجها بكل روح وطنية تضع سورية فوق الجميع لا أن نتشبث بالكراسي ونبدلها فيما بيننا وأن نعمل بشكل صادق على تغيير حالتنا فكيف ننادي بدولة ديمقراطية ونحن أبعد ما نكون عن الديمقراطية في ممارساتنا؟ وكيف ننادي بالوطنية وبعضنا يمارس الخطاب الطائفي أو الحزبي الضيق أو القومي؟ وكيف ننادي بالأمن والأمان لشعبنا مثلا في المناطق التي تسمى محررة ونحن نشهد كل أنواع الانتهاكات والفساد باسم الثورة وعلى مرأى من قيادات المعارضة العتيدة؟

حان الوقت لكي نقول لقادة المعارضة الرسمية: يعطيكم العافية.

إلى هنا يكفي واسمحوا للشباب الثائر والوطني المستقلّ الذي قدم دمه على مذبح الحرية في سورية وليس في الفنادق “5 نجوم” وبدون أن يتلقى مرتبات بآلاف الدولارات وفي وقت لا يشبع السوري حتى من الخبز ولا يجد ملجأ يأويه ويموت من البرد والغرق والتشرد والتعذيب على يد النظام.

دماء الشهداء الطاهرة أمانة في أعناقكم وستُحاسبون عليها أمام الله. وكما قال الطفل السوري: “راح أحكيله عن كل شيء”.

———————————

د. ريم البزم في ندوة “سورية إلى أين؟” يجب إصلاح الائتلاف جذرياً وتجميد اللجنة الدستورية

تطرقت الدكتورة ريم البزم عضو إدارة المجلس المدني السوري الأمريكي، أثناء كلمتها في ندوة “سورية إلى أين” في الدوحة، إلى أربعة نقاط رئيسية.

جاء على رأس تلك النقاط، مطلب “إصلاح الائتلاف من الجذور”, من خلال تغيير نظامه الداخلي، وعدم الإبقاء على العضو لمدة تجاوزت الأربع سنوات.

وقالت البزم في هذا السياق: “نحن لا نريد أن نعيد تاريخ الأسد للأبد، ويجب أن تفسح المعارضة الرسمية المجال أمام دم جديد وكفاءات جديدة”

وفي النقطة الثانية، دعت البزم إلى ضرورة “تجميد اللجنة الدستورية فوراً”, وقالت: إن استمرار عمل اللجنة يعطي انطباعاً خاطئاً بأن هناك عملية سياسية تحت قيد التطبيق، مضيفةً “نحن نعلن أن اللجنة الدستورية لم ينتج عنها شيء على مدى سنتين”

واقترحت البزم في المحور الثالث، أن يتم الاتفاق على تعيين “مجلس حكم انتقالي” يتم تسميته لاحقاً، ويضم ثلاثة أو خمسة أشخاص يتمتعون بالكاريزما والكفاءة والوطنية والإخلاص.

وأخيراً، طالبت البزم بعدم التعامي عن المطالب الشعبية لصالح أجندات الدول، ووصفت ذلك بأنه “هدر لدماء وتضحيات السوريين”، وأضافت أن ” التاريخ لن يرحم أياً كان”.

————————————

جورج صبرا من ندوة “سورية إلى أين؟” حالة الاغتراب بين السياسي والعسكري كانت العطب الأكبر في فضاء الثورة

أكّد الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري، جورج صبرا، أن حالة الاغتراب بين السياسيين والعسكريين كانت العطب الأكبر في فضاء الثورة السورية.جاء ذلك في كلمة لصبرا قرأها حسين السيد بالنيابة عنه، خلال ندوة سورية إلى أين انطلقت أعمالها صباح اليوم السبت في العاصمة القطرية الدوحة، وفيما يلي نص الكلمة:

 منذ انطلاقتها بدت الثورة السورية بوطنيتها البازغة واستقلاليتها التي لا تحتاج إلى دليل. لذلك لم تستطع أي جماعة سياسية أو حزب أو منظمة من كل الاتجاهات وفي جميع المناطق السورية الادعاء بأبوة الثورة أو بدور مميز فيها، فقد كانت سورية شعبية خالصة. ويمكن للباحث أن يرى دلالة ذلك بوضوح في تسمية الجمع والهتافات الأولى في المظاهرات، ومشاركة جميع مكونات الشعب فيها. إذ حملت علم البلاد تأكيداً لوطنيتها، وعكست صوت الشارع السوري وإرادته في تغيير حقيقي في حياة البلاد وانتقال سلمي إلى دولة ديمقراطية تعددية، توفر الحياة الدستورية وسيادة القانون، والحرية والكرامة والمساواة لجميع أبناء الشعب.

برزت اللجان والتنسيقيات في المدن والقرى، وخاضت غمار التعاون والتشبيك والوحدة، فنشأت منظمات الثورة الشبابية. لجان التنسيق المحلية، ثم الهيئة العامة للثورة، وبعدها المجلس الأعلى لقيادة الثورة. فشلت جميع محاولات النظام الاستيعابية في تهدئة الوضع، عبر استقبالات الوفود في القصر الجمهوري والسماح بعقد لقاءات ومؤتمرات سياسية لتغطية العنف العاري بمواجهة الشعب. وكان حمل السلاح والتطرف الديني من المخاطر الكامنة والمنصوبة لشباب الثورة، عاينت بنفسي في نيسان 2011 – ومن باحة سجن عدرا المركزي التي غصت بالمعتقلين – وعي شباب الثورة لخطورة الوقوع فيها. 

نشأ المجلس الوطني السوري في 2 / 10 / 2011 وتزود بدعم الثورة وحق تمثيلها من تظاهرات جمعة ” المجلس الوطني يمثلني ” 7 / 10 /2011.

كما كانت معظم منظمات الثورة الشبابية من مكونات المجلس ولها ممثلين في جميع هيئاته. وجاء الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة 11 / 11 / 2012 كمشروع دولي بمشاركة بعض السوريين لإنهاء المجلس ودوره، واستيعاب الثورة والتدخل في شؤونها وتوجيه مسارها. وبسبب الاحتضان الدولي الكبير ، كانت البصمات السورية في تشكيله وبنائه أقل حضوراً وتأثيراً. فتراجع فيه صوت الثورة ومنظماتها لصالح صوت الفصائل وداعميها. ودخل الساحة الدولية سياسياً ودبلوماسياً دون أن يتمتع بالمؤهلات اللازمة والخبرات المطلوبة. والحكومة المؤقتة وهيئة تنسيق الدعم من هيئات الائتلاف ومنظماته السياسية والإنسانية، تشاركه جهات أخرى خارجية في إدارتها وصياغة مهامها والعمل فيها.

هبطت الهيئة العليا للمفاوضات كمنظمة وظيفية بمظلة اجتماعي فيينا الدوليين وقرار مجلس الأمن 2254 عقب الاحتلال الروسي للبلاد 2015، وولدت عبر مؤتمر الرياض 1 تحت عنوان المفاوضات في مسار جنيف الأممي. وجاءت أوسع تمثيلاً من المؤسسات السابقة، إذ ضمت ممثلين عن هيئة التنسيق الوطنية وعن الفصائل وعن المستقلين أيضاً. وهي المؤسسة الأولى التي كسرت حصرية تمثيل الثورة بالائتلاف.

ولأسباب ذاتية وموضوعية، بقي عمل جميع هذه المؤسسات وأدائها روتينياً قائماً على المتابعة وردود الأفعال بعيداً عن الخطط والمهام والمراجعة والتقييم، وأسير وهم التغيير السريع، ثم وعود الدول وتصريحات ممثليها. وبقيت العلاقات الداخلية والصراعات البينية بين مكوناتها تتصدر عملها ونشاطاتها، وكأن ذلك أولى من تنظيم العلاقة وتسديدها وتصويبها مع الداخل الوطني وكذلك مع المجتمع الدولي. وظل القرار الوطني المستقل هو الغائب الأكبر تدريجياً حتى الغياب الكلي. فكيف نفسر رفض الائتلاف المشاركة في مؤتمر سوتشي، ثم التزامه مباشرةً بتنفيذ مخرجاته والانخراط في اللجنة الدستوربة بحماس بالغ.

 أما عمل المكاتب التخصصية فبقي روتينياً وكيفياً بعيداً عن الأداء المطلوب ودون إنجازات تذكر . فالمكاتب القانونية كانت في المجلس الوطني والائتلاف والهيئة العليا للمفاوضات، وصرفت عليها مبالغ طائلة. لكن مساهمتها في الملف القانوني للثورة وقضايا حقوق الإنسان لا تكاد تذكر مقارنة بمساهمات أفراد سوريين ومنظمات مجتمع مدني متخصصة. أعطي مثالاً عليها ” الشبكة السورية لحقوق الإنسان “، والتي صار الائتلاف ينشر تقاريرها، ويعتمد الأرقام والمعلومات الصادرة عنها مثل كل المتلقين.

وعلى الصعيد الإعلامي لم تحقق أي من مؤسسات قوى الثورة والمعارضة إنجازاً إعلامياً واحداً يستحق التنويه، أو يتسم بالديمومة والثبات كمنبر، يتولى المهمة الإعلامية للثورة كما يليق وينبغي.

وبشأن التمويل بقي التفكير والتصرف به استهلاكياً، يعتمد كلياً على التمويل الخارجي من الدول الداعمة. ولم يتم البحث الجدي في المصادر الخاصة الإنتاجية والخدمية للتمويل، أو تشكيل صندوق وطني للعمل وتمويل الفعاليات يحقق مشاركة السوريين في التغذية ومراقبة الصرف، في وقت كان لدينا من السيولة ما يكفي لتنفيذ ذلك. وعلى عكس المفترض كانت النفقات والمصاريف خارج المراقبة العامة وبعيداً عن التدقيق والمحاسبة، وبقيت رهناً بإرادة رئيس الائتلاف وأمينه العام وتحت تصرفهما.

ومن المظاهر السلبية التي وقع فيها الائتلاف ويعرفها الجميع، استفحال النزعات الخاصة الفردية والعصبوية والمال السياسي والكتل الوهمية المشاركة في التمثيل. وكانت جولة المفاوضات التي خاضها عام 2014 فقرة في احتفالية أممية محسوبة المجريات والنتائج. وبعد الإعلان المتكرر عن مشاريع الإصلاح وفشلها، تعرض الائتلاف  لنزيف مستمر ، خسر نتيجته العديد من الوجوه الثقافية والسياسية الفاعلة، ونخبة من نشطاء الثورة وشبابها.

قد يرى البعض أن هذه القضايا جزئية وفنية وهامشية. لكنني أراها جوهرية وسياسية بامتياز ، بل تؤثر بعمق على دور المؤسسة وسمعتها ووحدتها، وعلى الأداء السياسي ومخرجاته ونتائجه، وتؤثر عليها بوضوح أيضاً. فكيف نضمن استقلالية القرار الوطني في ظل تابعية التمويل وديمومته على هذا الحال ؟ 

ويبقى العجب العجاب في عدم الالتزام بالرؤية السياسية المحددة بالوثائق، وسهولة خرق القرارات التي تتخذها الهيئات المعنية، أو إرسال الرسائل والوثائق لجهات خارجية دون علم الهيئات المعنية والمسؤولة عن هذا الأمر. حدث ذلك في جميع المؤسسات. ويمكن الإشارة إلى أبرزها عندما اتخذ المجلس الوطني قراره بعدم المشاركة في مفاوضات جنيف 2014، وكان القرار بإجماع المكونات وأعضاء الأمانة العامة صاحبة القرار . لكن عدداً كبيراً من أعضاء المكتب التنفيذي والأمانة العامة سابقوا الجميع إلى جنيف متجاوزين قرار مؤسستهم، ومتناسين تواقيعهم والتزاماتهم. وفي الائتلاف حصلت وقائع عديدة من هذا القبيل، حين تجاوز البعض قرارات الائتلاف بمشاركتهم في مسار أستانا، أو انضمامهم للمنصات الأخرى دون مساءلة.

وفي الحديث عن سفراء الائتلاف وسفاراته حدِّث ولا حرج. إذ كان هذا العمل صورياً ومعلباً، دون مهام محددة أو نتائج ملموسة أو ظلال حقيقية على الأرض. لا باتجاه الدول المعنية ومؤسساتها ومجتمعاتها، ولا باتجاه الجاليات السورية ونشطاء الثورة المتواجدين فيها. بل كان حضور معظم هذه السفارات بين السوريين معدوماً، ولم تحظ منهم بالتعاون والاحترام. 

غير أن العطب الأكبر كان في حالة الاغتراب بين السياسي والعسكري في فضاء الثورة، وبقاء البندقية أسيرة قرار الداعمين وتوجهاتهم، بعيداً عن المؤسسات التمثيلية وخارج السياسة والمظلة السياسية للثورة، وأحياناً خارج الثورة وأهدافها. ولذلك أسباب عديدة ذاتية وموضوعية، رافقتها وحددت  تحركها في جميع المراحل من النشوء إلى التمدد إلى الانهيار والتلاشي. وكان التأخر في اتخاذ موقف من التطرف والإرهاب من أخطاء المؤسسات والفصائل في تلك المرحلة. 

حاول المجلس الوطني بجدية تصحيح هذا الوضع من بدايته، لكنه لم ينجح. رغم الزيارات العديدة لمخيم الضباط في الريحانية، والجولات في الداخل المحرر ، واللقاءات المتكررة في إسطنبول مع رموز الجيش الحر والفاعلين فيه، التي بقيت دون جدوى. ويبقى السؤال المشروع: هل بذلنا ما يكفي من الجهود لتصويب الوضع، وجعل الثورة بجناحيها السياسي والعسكري في مصنع واحد للقرار ؟

وفي الائتلاف صار للبندقية ممثلون ومهام مختلفة ومأجورة ( بندقية الأركان وبندقية الفصائل )، يتم الاستقواء بهم في الانتخابات الداخلية والصراع بين المكونات. ووصل أخيراً حد استثمار الوجود والدعم والابتزاز أيضاً. بينما كانت العلاقة مع الشعب في الداخل عموماً وفي المحرر منه على وجه الخصوص في حالة ترد مستمر . بدأت بالتأييد والدعم، وصارت تتناقص باستمرار حتى وصلت إلى التشهير والرفض والعداء، كما تبدت بوضوح في الأعوام الأخيرة. وهو ما أنتج خفة وزن الائتلاف ومنظماته، واستجر قلة الاعتبار والاهتمام بها من المنظمات العربية والدولية، ومن الدول المعنية بالشأن السوري أيضاً .

جاء الاحتلال الروسي للبلاد في أيلول 2015 آخر عملية إنقاذ للنظام، وحافزاً لازدحام جهود دولية لبحث القضية السورية. حيث عقدت اجتماعات فيينا الدولية في تشرين الثاني، ومؤتمر الرياض 1 للمعارضة السورية وتشكيل الهيئة العليا للمفاوضات في كانون الأول، وصدور القرار 2254 قرب نهاية العام. 

خاضت الهيئة العليا ووفدها المفاوضات في سبع جولات خلال عامي 2016 و2017 برفقة فريق كبير من المستشارين والإعلاميين والفنيين، بلغ عدد أعضاء البعثة في جنيف أحياناً ثمانين عضواً في ما يشبه الكرنفال، نتيجة ازدحام الرغبات والمآرب والأيدي، التي تؤمن حضورها بأشكال متعددة.

ليس لما جرى تحت عنوان المفاوضات في جنيف من ” المفاوضات ” غير الاسم. فما قمنا به ليس أكثر من محادثات مع الوسيط الأممي وفريقه، حققت بعض التقدم على الصعيد الإنساني، ولم تحقق أي تقدم على الصعيد السياسي. رغم أننا قدمنا 32 وثيقة مقابل ورقة يتيمة من ثماني نقاط قدمها النظام.فأية مفاوضات هذه لا تتواجه فيها الأطراف، وليس لها جدول أعمال مشترك، ولا مواضيع محددة للبحث والنقاش؟ إنها محصلة لانعدام التوافق والإرادة الدوليين في تنفيذ القرارات الأممية والتقدم باتجاه الحل وفق الأصول.

وعلى الرغم من حرص الهيئة على ضبط عملها تنظيمياً عبر لائحة داخلية، وسياسياً عبر الإطار التنفيذي للحل السياسي الذي أعلنته من لندن عام 2016، غير أن التصرفات الفردية كانت حاضرة (قصة الصورة مع منصتي موسكو والقاهرة التي ابتدعها ديمستورا في الجولة الرابعة، ونفذها نائب رئيس الهيئة مع رئيس الوفد). وأصابع التدخلات والخلافات والوشوشات الدولية لم تغب عن عمل الوفد عام 2017، حين شكل ممثلو الفصائل نصف أعضاء الوفد (محاولة إحراج الهيئة والتطاول عليها في إعلان تعليق المفاوضات بالجولة السادسة ثم الانصياع ). ولم تخل الهيئة ووفدها من أمراض المؤسسات الأخرى، غير أنها بقيت متماسكة، ومتمسكة في عملها بمحددات مؤتمر الرياض 1 وبيانه، وبيان جنيف والقرارات الأممية.

لا حاجة للكلام مطولاً عن مجريات مؤتمر الرياض 2 ونتائجه، حيث تم تقزيم أهداف الثورة بعد العملية الانقلابية على الهيئة العليا للمفاوضات. فالانسحابات والتناقضات برزت خلال انعقاده، والخلافات أعلنت مع إعلان نتائجه. والتراشق بالبيانات والبيانات المضادة بين المنصات المشاركة يعرفه الجميع. وها هي هيئة التفاوض السورية، لا زالت تنعم بعطالتها منذ نشأتها عام 2017. واللجنة الدستورية، تتمتع برفض السوريين لها، وانعدام دورها وجدواها بعد ثلاثة أعوام وست جولات من اللقاءات العبثية. مع استمرار عملية المخادعة للشعب بادعاء استمرار العملية السياسية عبرها، وبث الآمال الكاذبة من نتائج عملها.

أما مسار أستانا – سوتشي فهو بدعة روسية بهدف التطاول على العملية السياسية وحرفها عن مسارها، ومحاولة لتثمير الاحتلال الروسي سياسياً. وتأتي مشاركة الدول الأخرى ضمن إطار تكتيكاتها الإقليمية ومصالحها. وليس للسوريين والقضية السورية أي منفعة فيها. وخلال سبع عشرة جولة لم يكن لحضورهم أي مهمة أو دور ، أكثر من حضور شكلي وتكميلي للصورة، يخدم أجندات الآخرين ومصالحهم . 

حمل هذا المسار منذ بدايته استهانة بالشعب السوري، عندما وضع الروس على الطاولة دستوراً جاهزاً معداً لسورية والسوريين. وتم استكمال ذلك بالطريقة التي تشكلت فيها اللجنة الدستورية والمهمة المنوطة بها، وطريقة العمل التي تنتهجها. والتي لا تنفع غير النظام وداعميه ودعاته في كسب الوقت، وتقزيم العملية السياسية إلى شكل من أشكال المصالحة مع النظام، ونشر ظلال من التبدد والإحباط وانعدام الجدوى بين السوريين بمساعدة أجواء إقليمية ودولية تعزز ذلك. غير أن الأذية الكبرى لهذا المسار تأتي من حالة الانقسام التي سببها داخل المؤسسات وبين السوريين وفي ساحة قوى الثورة والمعارضة على وجه التحديد. 

وتحت عناوين الواقعية والمرونة وبراعة التكتيك، توهم أصحاب نهج التهاون والتفريط في هذه المؤسسات، أنهم بالاستجابة الكلية للإرادة الدولية والدخول في مسارات لا تخدم الثورة وأهدافها، يحققون متانة في العلاقات مع الدول، ويوفرون من خلال ذلك الدعم اللازم للقضية. فكان من الطبيعي أن ينقلب السحر على الساحر ، ويواجه هؤلاء أشخاصاً ومؤسسات نقص الاهتمام الدولي، بل الاهمال وتراجع الثقة بهم والتعامل الإيجابي معهم. وهذا أمر طبيعي ومتوقع. فمن يخسر ثقة شعبه وتأييده، لن يلقى من الآخرين الاحترام وحسن العلاقة والاهتمام. وها هي الدول إقليمياً وعلى امتداد االعالم، تبدل أولوياتها ومسارات عملها في قضايا المنطقة، وتقفز بسياساتها وإجراءاتها من النقيض إلى النقيض، سعياً وراء مصالحها المتطورة والمتغيرة. ولا يبقى وراء القضية إلا أصحابها بالذات، فهل نعقل؟

وفي ملف التطبيع مع النظام، الذي انتقل من الوشوشة والاتصالات السرية إلى العلن والزيارات الرسمية والإجراءات. فقد تم ذلك تحت غطاء السياسات الدولية المترددة والمتباينة حيال قضايا المنطقة، وارتباك السياسة الأمريكية بشأن إيران وملفها النووي، وترددها بين سياسة الصبر الاستراتيجي التي تستغلها إيران، وبين الضغط الاسرائيلي باتجاه الحسم معها. ونتيجة للتهتك العربي المريع وانكشاف عورات الدول، آثر معظمها النجاة بجلده والسعي وراء الأمن والأمان من إسرائيل وتركيا وإيران تجاوزاً لجميع الاعتبارات السياسية السابقة والمواقف المعهودة. لكن رغم الضجيج الإعلامي فالباب ليس مفتوحاً أمام التطبيع، حيث لم يعد هناك دولة ولا نظام في دمشق. ولن يعدم الشعب السوري من يتضامن معه من إخوته العرب ( السعودية وقطر ) . ودولياً، ما زال طريق التطبيع محكوماً بالإرادة الأمريكية وعقوباتها، ولم تعط فيه إشارة المرور .

غير أننا كسوريين – داخل المؤسسات التمثيلية وخارجها – ليس لنا أن نتبرأ من مسؤوليتنا عن هذا الوضع وتحولاته، وما وصل إليه. فحالة التبدد الوطني التي نعيشها، وغياب القضية السورية عن طاولات البحث، وانعدام وجود حاملها السياسي الوطني في دوائر الفعل، ساهم في وضعها على قوائم الانتظار، وسهَّل على الدول التخلي عن تعهداتها والتزاماتها، وتحولها إلى اتجاهات أخرى ومواضع اهتمام بديلة. وقبل أن نعتب على الآخرين فيما فعلوا، لنحمل مسؤوليتنا بشجاعة فيما لم نفعله حتى الآن، وهو الأساس.

————————–

جسور للدراسات” يستعرض خلال ندوة “سورية إلى أين؟” تحوّلات المواقف العربية والإقليمية إزاء سورية

استعرض “مركز جسور للدراسات”، خلال مشاركته في ندوة “سورية إلى أين؟”، التي انطلقت صباح اليوم السبت، في العاصمة القطرية الدوحة تحوُّلات المواقف العربية والإقليمية إزاء سورية.

وجاء في كلمة المركز، التي ألقاها الباحث عباس شريفة، أنه لم تَعُدِ المواقف الدولية والإقليمية إزاء القضية السورية ثابتة بالمقارنة مع عام 2011، فلا الجامعة العربية باتت حاضرة في التسوية السياسية، ولا تركيا اكتفت بالتدخّل عَبْر الدبلوماسية، ولا إسرائيل بقيت تترقب الانهيار الأمني في الإقليم.

وساهمت العديد من القضايا في تغيير المواقف الدولية تجاه النزاع في سورية، وفقاً للمركز، أبرزها ظهور تنظيم داعش والتدخل الروسي في سورية وأزمة اللاجئين، بالإضافة إلى أسباب أخرى تتعلّق بالسياسات الداخلية لتلك الدول.

كما استعرض المركز أبرز التغيرات في المواقف العربية والدولية تجاه القضية السورية خلال السنوات العشر الماضية، وتحليل دوافع هذه التغيرات، وجاءت على الشكل التالي:

أولاً: المواقف العربية تِجاه سورية

الموقف من العزلة الدولية

حينما أصدرت الجامعة العربية في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، قرار تعليق عضوية سورية لديها؛ نتيجة عدم التزام النظام بالمبادرة العربية، كانت كل من الجزائر واليمن ولبنان قد تحفظوا على ما جاء فيه.

وعلى اعتبار أنّ القرار لم يُلزِم الأعضاء بسحب السفراء من دمشق فقد حافظ العديد من الدول على العلاقات القنصلية مثل الجزائر ولبنان والعراق وموريتانيا والبحرين وسلطنة عمان.

عملياً، أدّى القرار إلى فرض عزلة على النظام السوري بمنع وفوده حضور اجتماعات الجامعة العربية وجميع الأجهزة والمنظمات التابعة لها، إضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية وسياسية؛ عَبْر منع السفر، وتجميد الأرصدة، ووقف التعامل مع المصرف المركزي، ووقف التعاملات المالية مع البنك التجاري السوري والحكومة، ووقف تمويل المبادلات التجارية، ومراقبة الحوالات المصرفية والاعتمادات التجارية، وتجميد تمويل المشاريع، وتخفيض الرحلات الجوية بمعدل 40%، وحظر توريد جميع أنواع الأسلحة إلى سورية، وغير ذلك.

ومع ذلك، لم تلتزم بعض الدول بالعقوبات التي تم فرضها، حيث سمحت الإمارات أو لم تعترض على تأسيس شركات لرجال أعمال إماراتيين في سورية منذ عام 2013 مثل عبد الله البلوكي، وكذلك لم تمنع الأنشطة التجارية على أراضيها لبعض الأشخاص المدرجين على قوائم العقوبات مثل رامي مخلوف ونزار الأسعد وغيرهما. عدا الاشتباه بمساهمة الإمارات في تزويد القوات الجوية التابعة للنظام بالوقود عام 2014، عَبْر شركة النفط Pangates International Corporation Limited، والتي أدرجتها وزارة الخزانة الأمريكية على القائمة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات.

كذلك، بالنسبة للبنان الذي حافظ على التبادلات التجارية مع سورية بل حتى أنّ مصارفه قدّمت تسهيلات كثيرة بما فيها الائتمانية للتجار السوريين من أجل استيراد البضائع إلى سوقهم المحلي، حتى بات القطاع المصرفي في لبنان بوابة اقتصاد النظام السوري إلى العالم.

وبالرغم من أنّ العديد من الدول العربية مثل مصر والأردن وتونس والجزائر والعراق ولبنان بدأت منذ عام 2015 تنادي بإعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع النظام السوري، إلّا أنّ أوّل خطوة في هذا الصدد لم تتحقق حتى نهاية أيلول/ سبتمبر 2018؛ عندما أعاد الأردن فتح معبر “نصيب – جابر” الحدودي بالتنسيق مع النظام تمهيداً لبَدْء حركة النقل والتجارة، ومن ثَمّ قيام الإمارات بإعادة افتتاح سفارتها في دمشق أواخر عام 2018.

تباعاً، تحوّلت دعوات إعادة تطبيع العلاقات مع النظام إلى خطوات ملموسة؛ حيث تم استئناف العلاقات القنصلية من قِبل الإمارات وسلطنة عمان والأردن لتنضم إلى دول أخرى لم تقطع علاقاتها أصلاً، مثل البحرين والجزائر والعراق ولبنان.

ومع أنّ إعادة تطبيع العلاقات القنصلية مع النظام لا تتعارض أصلاً مع قرار الجامعة العربية لعام 2011، إلا أنّها تهدف إلى فك العزلة تدريجياً عنه عَبْر تطبيع العلاقات الاقتصادية والأمنية والسياسية، وبالفعل بدأ ذلك.

اقتصادياً؛ بدأ الأردن والإمارات التمهيد لتفعيل مجلس التعاون الاقتصادي المشترك، إضافة للاتفاق بين مصر والأردن ولبنان والنظام في 8 أيلول/ سبتمبر 2021 على إيصال الغاز العربي إلى لبنان عَبْر الأردن وسورية.

وأمنياً؛ استقبل الأردن وزير دفاع النظام علي أيوب في 20 أيلول/ سبتمبر 2021، حيث التقى خلالها رئيس هيئة الأركان الأردني يوسف الحنيطي. كما شارك مدير إدارة المخابرات العامة السوري حسام لوقا في أعمال الدورة الأولى من المنتدى العربي الاستخباراتي الذي عُقد في القاهرة في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، رغم أنّه مُدرَج على قوائم العقوبات الأمريكية.

وسياسياً؛ أجرى ولي عهد أبو ظبي اتصالاً هاتفياً ببشار الأسد في 2020، ليعاود الطرفان مجدداً نهاية 2021 الاتصال ببعضهما.

إضافة إلى قيام وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد بزيارة دمشق لأول مرة منذ انقطاع العلاقات السياسية والدبلوماسية في نهاية عام 2021، كما قام ملك الأردن عبد الله الثاني بن الحسين بإجراء اتصال مع بشار الأسد في ذات التوقيت أيضاً.

على أيّ حال، وبغض النظر عن الدوافع الفعلية للدول العربية من أجل فكّ العزلة عن النظام والتي تتراوح بين العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية، من الواضح، أنّ هناك محاولة لربط تلك القرارات بدواعي أو ضرورة التنسيق المشترك بالقضايا الإنسانية والتنموية والأمنية وهي ذرائع سبق أن لجأت إليها بعض الدول لتفسير سبب إعادة تفعيل بعثاتها الدبلوماسية في سورية بعد انقطاع دام 10 سنوات تقريباً.

الموقف من العملية السياسية

منذ اندلاع الثورة أطلقت جامعة الدول العربية عدداً من المبادرات للحل مثلما هو موضَّح أدناه:

المبادرة العربية لحل الأزمة في 27 آب/ أغسطس 2011، والتي كانت تهدف إلى وقف إطلاق النار وتحييد الجيش عن الحياة السياسية في البلاد وتشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية.

خطة العمل العربية في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، التي تتضمن وقف كافة أعمال العنف، والإفراج عن المعتقلين، وإخلاء المدن والأحياء السكنية من المظاهر المسلّحة، وفتح المجال أمام منظمات الجامعة العربية للاطلاع على حقيقة الأوضاع في البلاد.

الخطة العربية لحل الأزمة في 22 كانون الثاني/ يناير 2012، وتنص على وقف إطلاق النار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتفويض نائب الرئيس بصلاحيات كاملة في المرحلة الانتقالية، وإجراء انتخابات لجمعية تأسيسية برقابة عربية ودولية.

لم تنجح جهود الجامعة العربية المستقلّة لتسوية النزاع في سورية والتي كانت تهدف إلى الحيلولة دون التدخل الأجنبي ومنع مزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة. وعليه، جاء طلب دعم الخطة العربية من مجلس الأمن بما في ذلك تشكيل قوة سلام عربية أممية في سورية وذلك في 12 شباط/ فبراير 2012.

وبالفعل، وافق مجلس الأمن على دعم المبادرة العربية وعيّن مبعوثاً خاصاً مشتركاً مع الجامعة العربية إلى سورية في 24 شباط/ فبراير 2012، والذي قدّم خطة سلام مكونة من 6 نقاط بعد الاسترشاد بقرارات الجامعة ذات الأرقام (7436) و(7444) و(7446)، لكنه سرعان ما تخلّى عن مهمته في 2 آب/ أغسطس من نفس العام بسبب عدم التزام النظام السوري بالخطة وغياب الدعم الدولي الكافي.

يبدو أنّ الجامعة العربية كانت تعوّل على تحصيل دعم لموقفها من الدول الغربية لا سيما بعد تشكيل مجموعة اتصال دولية موسّعة في 25 شباط/ فبراير 2012، تحت مسمّى مجموعة أصدقاء سورية.

شاركت الجامعة العربية في إطلاق مسار مباحثات جنيف بحضور ممثل عنها في الجولة الأولى التي عُقدت في 30 حزيران/ يونيو 2012، وتم الاتفاق على مبادئ مرحلة انتقالية مستمدة من قرارات ومبادرات الجامعة بشأن سورية.

كذلك، دعمت الجامعة العربية تعيين مبعوث دولي مشترك جديد إلى سورية، وعليه باشر الأخضر الإبراهيمي مهمته في 17 آب/ أغسطس 2012 كموفد مشترك للجامعة العربية والأمم المتحدة، والذي رعى الجولة الثانية من مباحثات جنيف في 10 شباط/ فبراير 2014، ليعلن بعدها استقالته في 13 أيار/ مايو بعدما وصل المسار إلى طريق مسدود.

ومنذ ذلك، تخلّت الجامعة العربية عن دورها في العملية السياسية والذي كان قد بدأ في الرعاية المستقلة، ومن ثَمّ المشاركة فيها مع الأمم المتحدة، لتتحول بعد ذلك إلى مجرّد مراقب بالمعنى غير الرسمي.

وقد بدَا هذا التراجع أكثر وضوحاً بعد محادثات فيينا للسلام في سورية أواخر عام 2015، والتي شارك فيها كل من قطر والسعودية والإمارات والأردن ولبنان وسلطنة عمان ومصر بصفة مستقلة بينما غاب تمثيل الجامعة العربية، ليتم بعدها منح السعودية مسؤولية رعاية وتشكيل هيئة التفاوض السورية؛ كاستجابة لتوصيات المجموعة الدولية لدعم سورية ISSG، وهي خطوة جاءت على حساب دور الجامعة العربية.

ورغم التوافق الذي حصل بين بعض الدول العربية على تمثيل المعارضة السورية في المباحثات السياسية إلّا أنّ ذلك لم يمنع وقوع خلاف لاحقاً انعكس على الموقف من العملية السياسية؛ حيث تمت إعادة تشكيل وفد المعارضة للمفاوضات في مؤتمر الرياض (2) والذي أبدى مرونة أكبر في التجاوب مع إشراك الدول الضامنة لمسار “أستانا” في رعاية العملية السياسية إلى جانب الأمم المتحدة وذلك بعد اختصارها في إطار الإصلاح الدستوري.

الموقف من المعارضة السورية

في 22 كانون الثاني/ يناير 2012، وكنتيجة لعدم التزام النظام السوري بالمبادرة العربية أصدرت الجامعة العربية قراراً غير مسبوق يحمل الرقم (7445) وينصّ لأوّل مرّة على فتح قنوات اتصال مع المعارضة السورية وتوفير كافة أشكال الدعم السياسي والمادي لها ودعوتها لتوحيد صفوفها والدخول في حوار جادّ يحافظ على تماسكها وفعاليتها.

لاحقاً، وكنتيجة لعدم التزام النظام السوري بخطة السلام “العربية – الأممية” التي رعاها كوفي عنان أصدرت الجامعة العربية رقم (7595) في 6 آذار/ مارس 2013، والذي يقر بشكل غير مسبوق بأنّ الائتلاف الوطني السوري هو الممثل الوحيد للشعب السوري والمحاور الأساسي مع جامعة الدول العربية.

لكن مع تراجُع الدور العربي في رعاية العملية السياسية انخفض الاهتمام من دعم المعارضة السورية في المباحثات إلى توحيد صفوفها والذي تمثّل في مؤتمر الرياض (1)، ومن ثَم محاولة تقليص عدد الدول المؤثرة عليها كما حصل في مؤتمر الرياض (2).

الموقف من الوجود الأجنبي

عندما أطلقت جامعة الدول العربية المبادرة العربية لحل الأزمة في سورية (2011)، كان من بين الأهداف التي تم تحديدها الحرص على تفادي أي نوع من التدخّل الأجنبي المباشر وغير المباشر في سورية، ليتم تأكيد هذا الموقف لاحقاً في خطة العمل العربية (2011) وفي الخطة العربية لحل الأزمة (2012).

ويبدو أنّ الموقف العربي إزاء التدخّل الأجنبي في سورية كان نتيجة إعادة تقييم لموقف الجامعة في ليبيا بعدما طلبت من مجلس الأمن في 12 آذار/ مارس 2011، التدخّل لفرض منطقة حظر جوي، وهو ما مهّد لتدخُّل حلف “الناتو” في 19 من الشهر نفسه. بمعنى أنّ الدول العربية وجدت التدخّل الأجنبي في ليبيا سبباً لمزيد من الفوضى الأمنية بدل أن يكون مساهماً في فرض الاستقرار.

وفي أيلول/ سبتمبر 2015، شكّلت الجامعة العربية لجنة رباعية معنية بمتابعة تدخُّل إيران في شؤون الدول العربية. ومع ذلك، تجنّبت الجامعة العربية في البيانات الرسمية إدانة التدخل في سورية على وجه الخصوص.

كذلك، عندما تدخّلت روسيا في سورية أواخر عام 2015 لم تصدر الجامعة العربية أي موقف رسمي، باستثناء المواقف المستقلة للأعضاء التي تراوحت بين تأييد مثل مصر والبحرين والعراق، وانتقاد مثل قطر والسعودية  وصمت دولٍ مثل الإمارات والأردن. لكن لاحقاً باتت مواقف معظم الدول العربية أكثر قبولاً لتدخُّل روسيا في سورية عدا التنسيق معها.

من جانب آخر، كانت بيانات الجامعة العربية تؤكد على ضرورة مكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة في سورية، لا سيما أنّ عدداً من الأعضاء انخرط في التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” منذ تأسيسه وشارك في الغارات الجوية على معاقله أو تمويل العمليات ضده في سورية مثل الإمارات والأردن والسعودية.

وبالنسبة لتدخّل تركيا في سورية، فقد أصدرت جامعة الدول العربية بياناً في 13 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2019، يُندد بعملية “نبع السلام”، جاء ذلك رغم استدراك عدد من الأعضاء لمواقفها الرسمية الرافضة للقرار مثل المغرب وليبيا وقطر والصومال، وهذا التباين مرتبط بالضرورة بطبيعة العلاقة مع تركيا.

لاحقاً، عندما بدأت خطوات التطبيع العربي مع النظام السوري بشكل جدي أواخر عام 2018، أرجأت العديد من الدول موقفها إلى إنهاء التدخل الأجنبي باستثناء الروسي. يُمكن ملاحظة ذلك بشكل واضح في نص المبادرة التي قدّمها العاهل الأردني للولايات المتحدة حول تسوية النزاع في سورية.

ثانياً: موقف تركيا تِجاه النزاع في سورية

في 24 تموز/ يوليو 2015، شنّت تركيا لأوّل مرة غارات جوية في سورية؛ بناءً على التفويض الذي منحه البرلمان للقوات المسلّحة في 2 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2014، والذي يسمح لها بالتدخّل في سورية والعراق ضد تنظيم “داعش” و”حزب العمال الكردستاني”.

وعليه، أطلقت تركيا تباعاً 4 عمليات عسكرية خاطفة في سورية وهي “درع الفرات” في 24 آب/ أغسطس 2016، و”غصن الزيتون” في 20 نيسان/ إبريل 2018، و”نبع السلام” في 8 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2019، و”درع الربيع” في 27 شباط/ فبراير 2020.

بموجب التدخّل العسكري في سورية استطاعت تركيا اختبار وتطوير القدرات الحربية والصناعات الدفاعية ودعم مشتريات القطاع العسكري بشكل غير مسبوق لا سيما الطائرات المسيّرة وأنظمة التشويش. كما أنّها أسّست منطقة آمنة جنوب حدودها بمساحة تقارب 16 ألف كم مربّع، والتي ساهمت في تحقيق عدد من الأهداف مثلما هو موضَّح أدناه:

– الحدّ من المخاطر التي تهدّد المناطق الحدودية سواءً بما يخصّ تقليص حجم تدفّق اللاجئين، أو تقويض عمليات التهريب أو مراقبة ومكافحة تسلل التنظيمات والميليشيات الإرهابية والراديكالية.

– توفير بيئة آمنة نسبيّاً لانخراط العديد من الشركات التركية بمشاريع التعافي المبكّر، في قطاعات الكهرباء والاتصالات والصناعة والإنشاءات وغيرها.

– تقويض أنشطة حزب العمال الكردستاني، وتقليص مساحة سيطرته. لكن هذا التدخّل على أهميته لم يؤدِّ بعد إلى تفكيك ذراعه السوري المتمثّل بحزب الاتحاد الديمقراطي وأجهزته، وقد لا يكفي لمنع تشكيل “ممر إرهابي”، على طول الشريط الحدودي ما لم يتم شنّ عملية عسكرية تفتح طريقاً بين “تل أبيض” و”جرابلس” على أقل تقدير.

لكن قبل التدخّل العسكري في سورية كانت تركيا قد ركّزت على الجهود الدبلوماسية لتسوية النزاع حيث زار وزير الخارجية ورئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو دمشق عدّة مرات عام 2011 دون التوصّل لنتائج مجدية، وعندما فقدت تركيا الأمل بإمكانية استجابة النظام السوري للإصلاح أغلقت سفارتها في دمشق في 26 أيار/ مايو 2012.

ولم تفوّت فرصة المشاركة في تشكيل أصدقاء سورية في 25 شباط/ فبراير 2012، بما في ذلك استضافة الاجتماع الثاني لها في 20 نيسان/ إبريل 2013، والذي كان يهدف لدعم المعارضة السورية، وهو ما تحقّق فعلاً عَبْر برنامج الدعم الأمريكي Timber Sycamore Syria الذي أشرفت عليه وكالة الاستخبارات CİA وتم فيه تسليح فصائل المعارضة عَبْر غرفتين في عمّان وأنقرة. لتشرف تركيا بذلك على غرفة Müşterek Operasyon Merkezi (MOM) قبل أن يتم إغلاق البرنامج وهذه الأخيرة عام 2017.

في الواقع، منذ تدخُّل تركيا عسكرياً في سورية عام 2017 أصبح الدعم الدولي الذي يصل للمعارضة السورية المسلّحة يقتصر شيئاً فشيئاً عليها إلى جانب التمويل الذي تُقدّمه قطر لكن عَبْر قنواتها أيضاً.

في عام 2016، بذلت تركيا جهوداً للحيلولة دون سقوط مدينة حلب الإستراتيجية عَبْر دعم فصائل المعارضة المسلّحة، لكنّها أيضاً كانت حريصة على عدم الدخول في صدام مع روسيا؛ حيث سارعت إلى التنسيق معها والانخراط في مجموعة اتصال ثلاثية بشأن سورية تضم إيران إلى جانب كل منهما، والتي باتت تُعرف باسم منصة أستانا.

أصبحت تركيا بموجب منصة أستانا تؤدي دور الوسيط أو الضامن للمعارضة السورية في العملية السياسية ونظام وقف إطلاق النار. منذ ذلك الحين، باتت أنقرة تركّز بشكل كبير على قضايا الأمن القومي وأمن الحدود، وهو ما ترجمته بإطلاق 5 عمليات عسكرية شمال سورية ضد تنظيم “داعش” وحزب العمال الكردستاني والنظام.

لكنّ ذلك؛ أي التركيز على قضايا الأمن القومي لا يعني أنّ تركيا أبدت مرونة أو قبولاً لتسوية للنزاع في سورية بإهمال أو إغفال أو تخفيض مشاركة المعارضة في الحكم، الذي تحرص على أن يكون هناك تغيير فيه وعدم العودة لما قبل عام 2011 بما في ذلك اتفاق “أضنة” (1998).

ثالثاً: موقف إسرائيل تجاه النزاع في سورية

كان 30 كانون الثاني/ يناير 2013، تاريخ أوّل تدخُّل عسكري لإسرائيل في سورية بعد عام 2011، وحتى نهاية عام 2021. وقد تنوَّع شكل التدخّل العسكري بين الغارات الجوية وعمليات التسلّل والقصف الصاروخي والمدفعي وغيرها.

على أقلّ تقدير كانت إسرائيل تشنّ 20 غارة جوية في العام الواحد، ونفّذت خلال عامَيْ 2020 و2021 ما لا يقلّ عن 50 ضربة على مخازن أسلحة ومستودعات وعربات عسكرية وجنود وطرق إمداد وقواعد وموانئ وغيرها.

شكّلت إسرائيل موقفها تجاه النزاع في سورية تباعاً بناءً على عدد من الخطوط الحمراء التي تهدف إلى ما يلي:

– تقويض نفوذ إيران عَبْر منعها من إنشاء بنية تحتية عسكرية متطورة، ومن إنشاء خط اتصال أو إمداد عسكري مباشر، ومن إقامة مراكز عمليات على الشريط الحدودي مع إسرائيل أو على مقربة من منطقة الفصل، وعَبْر تعطيل مساعيها في تشكيل وحدة عسكرية تابعة لها في سورية على غرار “حزب الله” في لبنان والحشد الشعبي في العراق.

– منع النظام السوري من امتلاك قدرات دفاع جوي متطورة واستخدامها، وضمان الحفاظ على منطقة الفصل بين سورية وإسرائيل.

– منع انتقال الأسلحة والمواد والتقنيات الخاصة بتصنيع الأسلحة الكيميائية إلى وكلاء إيران وعلى رأسهم “حزب الله”، بالإضافة لمنع وصولها إلى المعارضة السورية أو التنظيمات الجهادية، مثل “داعش” و”القاعدة”.

ولأجل ضمان تنفيذ العمليات العسكرية في سورية قامت إسرائيل بإنشاء مركز تنسيق مشترك مع روسيا أواخر عام 2015، لمنع الاشتباك بين الطرفين، ولتعزيز مستوى التعاون الأمني والاستخباراتي حول سورية، لكنه لم يَحُلْ دون تجاوُز التنسيق في بعض الأحيان، والذي أدّى في شباط/ فبراير 2018، إلى إسقاط مقاتلة حربية من طراز F16، وكاد أن يتسبب في توتُّر غير مسبوق قبل أن يتم احتواؤه.

– إضافة إلى رفع مستوى التنسيق والتعاون الأمني مع الولايات المتحدة في إطار مذكرة التفاهم الموقَّعة بين الطرفين في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 1981، ومحاولة إيجاد آلية ثلاثية للتنسيق الأمني حول سورية، تضم إلى جانب إسرائيل كلاً من الولايات المتّحدة وروسيا، ومثال ذلك اجتماع القدس منتصف عام 2019.

ومع ذلك، لا يبدو أنّ لدى إسرائيل خطة واضحة للتعامل مع التهديد الذي يُشكّله توسُّع انتشار إيران في سورية، والذي بات بمثابة قاعدة عمليات متقدّمة ضد مصالحها. فيما يبدو أنّ إسرائيل ما تزال تواجه صعوبة في وضع حدّ فاصل بين الوقاية المطلوبة والتصعيد غير المرغوب مع إيران في سورية.

خُلاصة

كان دخول روسيا إلى سورية عام 2015 نقطة التحوُّل الرئيسية في المواقف العربية والإقليمية تجاه القضية السورية، إذ لم تَعُدْ سورية منذ ذلك الحين مساحة مفتوحة لتحرُّك الفاعلين الإقليميين والدوليين، وبعد ذلك جاء التدخل التركي المباشر وخسارة الجنوب السوري، والذي أوقف أيَّ مجال للتدخل الخارجي في ملف المعارضة السورية، وحصره بالبوابة التركية.

ولدى المقارنة بين عامَيْ 2011 و2021، يظهر بشكل واضح تراجُع الدور العربي وانخفاض فاعليته في تسوية النزاع بسورية أو حتى ضمان مصالح الدول العربية سواءً المستقلة أو المشتركة، وبينما كان هذا الدور يعتمد على الدبلوماسية، فإنّ رغبة بعض الدول بإعادة تفعيل دورها أو الجامعة العربية لا تحمل معها أي مؤشرات أو دلائل تضمن من خلالها تحقيق أهدافها، لا سيما أنّ الدبلوماسية لم تَعُدْ كافية بعد 10 سنوات من النزاع.

وبالنسبة لإسرائيل من الملاحظ أنّها لم تُغيِّر من أدوات تدخُّلها في سورية منذ عام 2013، باستثناء وتيرة القصف أو وسائط القوة النارية، ولا يعني استمرار التنسيق الأمني والعسكري مع روسيا والولايات تذليل المخاطر المتزايدة التي باتت تواجه أمن إسرائيل مقارنة مع حجم تدخُّلها في سورية، ومع ذلك، لا يوجد ما يدعو للاعتقاد بأنّ إسرائيل مستعدة لرفع مستوى التدخّل في هذه الأخيرة.

أمّا تركيا فقد رفعت مستوى تدخُّلها بشكل كبير في سورية، بعدما كان يقتصر على الأدوات الدبلوماسية، ليشمل الأدوات العسكرية والأمنية والاقتصادية، وتحوّلت من فاعل سلبي إلى فاعل إيجابي رئيسي في الملف السوري.

ويُلاحَظ أن تحوُّلات المواقف الإقليمية تجاه الملف السوري ترتبط بشكل أكبر بالتحولات في المواقف الدولية، وخاصة في موقف الولايات المتحدة، والتي ما زالت الفاعل الأكثر تأثيراً في المنطقة، فالموقف الأمريكي يحدّ من قدرة روسيا وإيران على تنفيذ رغبتها في إعادة تعويم النظام عربياً ودولياً.

وعلى العموم، فإنّه يمكن القول بأن التحول العربي والإقليمي الرئيسي في الملف السوري كان تحوُّلاً سلبياً، أي أن عدداً أكبر من الفاعلين تحوَّل نحو الموقف السلبي نظراً لتقاسُم الأدوار بين الفاعلين الرئيسيين في الملف، روسيا ومعها إيران، والولايات المتحدة، وتركيا، وبالتالي فإنّ التحولات لم تصبَّ في صالح النظام، وربما صبَّت بشكل أو بآخر في مصلحة المعارضة.

—————————

انتهاء ندوة “سورية إلى أين” يوم الأحد 06 شباط 2022

==================

تحديث 06 شباط 2022

———————-

رسالة “سوريا إلى أين”.. الثورة مستمرة والأسد وحلفاؤه لم ينتصروا

تتواصل فعاليات ندوة “سوريا إلى أين؟” لليوم الثاني على التوالي في الدوحة بهدف تقييم الوضع الحالي السوري والبحث عن آليات لتخفيف معاناة الشعب والنهوض بأداء المعارضة، بالإضافة إلى استحداث آليات جديدة لإخراج عملية الانتقال السياسي من حالة الاحتباس التي تعاني منها سوريا.

وكان الدكتور رياض حجاب رئيس الوزراء السوري الأسبق دعا خلال افتتاح الندوة أمس السبت إلى بذل المزيد من الجهود لضمان تمثيل السوريين كأصحاب حق يدافعون عن أرضهم ويصونون هويتهم.

الندوة التي تختتم اليوم الأحد تتضمن ثماني جلسات حوارية شارك فيها ممثلون عن مؤسسات قوى الثورة والمعارضة السورية، ومراكز الفكر، والإعلام السوري، وتسلط الضوء على المشهد السوري الراهن في محاولة لوضع سيناريوهات متوقعة بالتزامن مع اقتراح طرائق للتعامل مع تلك السيناريوهات.

ومن المتوقع أن تشهد أعمال الندوة في الختام إقرار توصيات تسهم في تقديم رؤية شاملة لعمل المعارضة السورية كرسالة واضحة إلى المجتمع الدولي بأن الثورة السورية ما زالت مستمرة وأن نظام الأسد وحلفاءه لم ينجحوا في وأدها.

وكان “حجاب” قد أكد في افتتاح الندوة أنه “على الرغم مما آلت إليه أوضاع السوريين اليوم، إلا أننا أشد إصرارا، من أي وقت مضى، على تحقيق المطالب العادلة لشعبنا، وتعزيز هويتنا الوطنية الجامعة، والتوصل إلى عملية انتقالية لا مكان فيها لبشار الأسد ونظامه، وعلى توحيد كلمتنا في سبيل محاسبة الجناة وتحقيق العدالة بحقهم، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.”

من جانبه دعا مدير المركز السوري للدراسات الاستراتيجية، وعضو الأمانة العامة في الهيئة الوطنية السورية، القاضي “حسين حمادة” إلى إعادة هيكلة المعارضة بشكلها الحالي لأنها “تعاني من إشكالات كبيرة جداً، وتحتاج إلى إعادة هيكلة جذرية في أشكالها حتى تتمكن من القيام بواجبها بما يتطلب وتحقيق أهداف الثورة”.

واعتبر “حمادة” أن اللجنة الدستورية بحيثياتها الحقوقية والدستورية والواقعية “كارثة” بكل أبعادها.

ونقلت “العربي الجديد” عن “حمادة قوله إن المعارضة “ليست بحاجة إلى قيادات جديدة، وهذا لا يعني الحفاظ على الكيانات القائمة”، مطالباً بإعادة هيكلتها لتكون معبرة بشخصياتها وبنيتها التنظيمية عن الواقع اللاوهمي”.

وفسّر حديثه بالقول: “الدفع نحو عمليات ترقيعية هذا لا يخدم الواقع بشيء، نحتاج إلى إعادة بناء الائتلاف وفق أربعة محاور، أن تقوم على بنائه شخصيات سياسية ودبلوماسية واجتماعية وقانونية وعسكرية، ووجود هيئة رقابية، وانتقال مقر الائتلاف إلى جنيف حيث الحراك السياسي، إن لم يكن في الدول العربية”.

———————–

من ندوة “سوريا إلى أين؟”.. “الخارجية الأميركية”: لن نطبّع مع نظام الأسد

الدوحة – ناصر عدنان

قال نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى إيثان غولدريتش، إن بلاده لن تطبّع العلاقات مع نظام الأسد في سوريا.

جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال فعاليات اليوم الثاني من ندوة “سورية إلى أين؟”، التي تستضيفها العاصمة القطرية الدوحة، وتُختتم اليوم.

وأضاف “غولدريتش” إن بلاده ستلتزم بمواجهة تنظيم الدولة (داعش) وتعزيز المساءلة لانتهاكات حقوق الإنسان واستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا.

وأشار “غولدريتش” إلى أنّ “الولايات المتحدة تبذل جهوداً لتحسين الظروف الأمنية وزيادة الاستقرار في سوريا، وحل الأزمة السياسية والإنسانية المتصاعدة، وتأمين حياة تتسم بالرفاه للشعب السوري”.

وتابع: “سيكون ذلك بالاستناد إلى قرار مجلس الأمن الدولي (2254)، بوصفه الخريطة الوحيدة لإنهاء النزاع في السنة الحادية عشرة له”.

“سوريا إلى أين؟”.. تركيز على المواقف الدولية من الملف السوري وتوحيد المعارضة

واتهم “غولدريتش” نظام الأسد بإعاقة العملية السياسية في سوريا، مؤكداً أنهم شاركوا في مسار اللجنة الدستورية السورية وذهبوا إلى جنيف للاطلاع على العملية وتشجيع الأطراف للمضي قدماً، إلا أن “تعنت نظام بشار الأسد عرقل مسار اللجنة”، مردفاً: “الولايات المتحدة أصيبت بخيبة أمل (في إشارة إلى سلوك وفد النظام في أثناء الاجتماعات)”.

وشدّد المسؤول الأميركي في ختام كلمته على التأكيد بأنّ واشنطن لن تُشجع التطبيع مع نظام الأسد، وأنهم “متمسكون للغاية بالقرار الأممي 2254، ويعملون مع الشركاء الأوروبيين والعرب لتطبيق القرار”، لافتاً إلى أنه سيزور قريباً عدة دول عربية لبحث “الأزمة السوريّة”، وفق قوله.

وكانت ندوة “سورية إلى أين؟” قد انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة، صباح السبت الفائت، بمشاركة ممثلين عن مؤسسات قوى الثورة والمعارضة السورية، ومراكز الفكر، ومنظمات المجتمع المدني، وممثلي الجاليات السورية، والإعلام السوري، وعدد من الشخصيات المستقلة، وستُختتم اليوم الأحد.

أهم ما جاء في تصريحات نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية إيثان جولدريتش خلال ندوة “سوريا إلى أين” المنعقدة في الدوحة

🌍 لن نطبع العلاقات مع نظام الأسد وسنعزز المساءلة لانتهاكات حقوق الإنسان واستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا

🌍 حل الأزمة السياسية والإنسانية المتصاعدة في سوريا يكون بالاستناد إلى قرار مجلس الأمن الدولي 2254

🌍 لقرار 2254 يعد الخريطة الوحيدة لإنهاء النزاع في سوريا وتأمين حياة تتسم بالرفاه للشعب

🌍 نظام بشار الأسد يقوم بإعاقة العملية السياسية في سوريا

—————————–

نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى إيثان غولدريتش في نجوة “سورية إلى أين”

مراكز أبحاث ومؤسسات مدنية تناقش في الدوحة “سورية إلى أين؟”

تُعقد في العاصمة القطرية الدوحة، يوم غد السبت ولمدة يومين، ندوة تحت عنوان “سورية إلى أين؟”، ويشارك فيها ممثلين عن مراكز أبحاث ومؤسسات مدنية سورية، بالإضافة إلى شخصيات فاعلة في قوى المعارضة.

ونشر منظمو الندوة بياناً، اليوم الجمعة، قالوا فيه إن الندوة تهدف إلى تقييم الوضع الذي آلت إليه البلاد، والتداول حول آليات تخفيف معاناة الشعب السوري، و”النهوض بأداء المعارضة”.

كما تهدف إلى “مناقشة آليات إخراج عملية الانتقال السياسي من حالة الاحتباس التي تعاني منها”.

وتتضمن الندوة ثماني جلسات حوارية، تتناول تقييد المشهد السوري الحالي، واستشراف التحديات والسيناريوهات المتوقعة، واقتراح آليات التعامل معها.

وجاء في البيان الذي وصل لفريق “السورية.نت” نسخة منه، أن ندوة “سورية إلى أين؟”، تهدف إلى إقرار جملة من التوصيات في تقديم رؤية شاملة لعمل المعارضة السورية، بهدف الخروج من الأزمات السياسية والإنسانية والاقتصادية، التي يعاني منها السوريون.

وتأتي هذه الفعالية التي تنظّم بمبادرة من رئيس الوزراء السوري الأسبق المنشق عن النظام، رياض حجاب، بالتزامن مع التحركات التي يبديها النظام السوري وحلفاؤه، في مسعى لإعادة تعويم الأسد، بعد عشر سنوات من انطلاقة الثورة السورية ضده.

وأشار البيان إلى أن ذلك يدفع “لتدارس سبل معالجة الوضع الذي آلت إليه البلاد، وكيفية اتخاذ القرارات الأممية ذات الصلة”.

وكانت مصادر إعلامية قد تحدثت في وقت سابق لـ”السورية.نت”، أن عقد الندوة يندرج في إطار مناقشات حالة الاستعصاء في الملف السوري، وتشرذم المعارضة السورية.

ودخل الملف السوري في حالة جمود سياسي، منذ أكثر من عامين، في وقت حاولت فيه دول عربية إعادة شرعنة نظام الأسد، من خلال إعادة تطبيع العلاقات معه.

وفي الوقت الذي تؤكد فيه دول غربية والأمم المتحدة على أن الحل في سورية لا يمكن أن يخرج عن إطار القرار الأممي 2254، لم يقدم نظام الأسد وحلفاؤه الروس والإيرانيين أي بادرة للمضي في هذا المسار.

—————————

======================

تحديث 07 شباط 2022

—————————–

توصيات ندوة: “سورية إلى أين؟

عُقدت ندوة “سورية إلى أين؟” بمدينة الدوحة يومي السبت والأحد، 5و6 شباط/فبراير 2022، بحضور ممثلين عن مؤسسات قوى الثورة والمعارضة السورية، ومراكز الفكر، ومنظمات المجتمع المدني، وممثلي الجاليات السورية، والإعلام السوري، وعدد من الشخصيات المستقلة.

وتم استعراض التحولات التي تشهدها البلاد، وكيفية تحقيق الانتقال السياسي، والنهوض بأداء المعارضة، في جو من الجدية والصراحة، وتم الاتفاق على التوصيات التالية:

أولاً: التوافق على جملة من المبادئ التي تعمل جميع أطراف قوى الثورة والمعارضة تحت مظلتها، وعلى رأسها؛

– المحافظة على وحدة الأراضي السورية وسيادة الدولة واستقلالها، ورفض كافة دعوات التقسيم.

– التمسك بالهوية السورية الوطنية الجامعة.

– تأسيس نظام ديمقراطي يقوم على قيم: المواطنة المتساوية والتعددية، وعلى تداول السلطة في مناخ من الحريات العامة، واحترام حقوق الإنسان، والفصل بين السلطات.

– اعتماد نظام اللامركزية الإدارية وفق سياسات وطنية تحقق التنمية المستدامة.

ثانياً: إعادة هيكلة مؤسسات قوى الثورة والمعارضة، والارتقاء بأدائها فيما يُمكنّها من تحقيق مطالب الشعب السوري المحقة والمشروعة وتمثيلها بكفاءة واحتراف، ويضمن استقلالية قرارها الوطني، ويؤهلها لتكون الحامل السياسي الذي يحظى بثقة الشعب وتأييده، ويثبّت دورها في الإطارين الإقليمي والدولي، عبر إستراتيجية وطنية شاملة للتعاطي مع العملية السياسية، ورفض أي انحراف عنها، وتعزيز العمل المؤسسي على كافة المستويات السياسية والدبلوماسية والتنموية.

ثالثاً: تنمية وتوظيف كافة الخبرات المتاحة في الداخل السوري وخارجه، والاستفادة من الاستشارات التي تقدمها مراكز الفكر الوطنية، ودعم الأدوار المحورية التي تقوم بها الجاليات السورية في بلدان اللجوء والمهجر، إلى جانب بقية منظمات المجتمع المدني السوري، لدفع حكومات الدول على تبني مقاربات تدفع بالوصول إلى عملية انتقال سياسي، وتحقيق الفاعلية في المشهد الإقليمي والدولي.

رابعاً: تعزيز دور المرأة والشباب في العمل الوطني وضمان تمثيلهم في سائر مجالات الشأن العام، بما في ذلك مؤسسات قوى الثورة والمعارضة.

خامساً: إيلاء الاهتمام الكافي لدور الثقافة والفكر في حياة السوريين وتشجيع المبادرات الخلاقة في هذا المجال.

سادساً: العمل على صياغة خطاب وطني جامع، ودعم الجهود التي تبذلها مؤسسات الإعلام السورية فيما يسهم في محاربة خطاب الكراهية والتمييز، ويُعرّف بالقضية السورية، وتعزيز العلاقة الشبكية بين كافة القوى السياسية والعسكرية والاقتصادية والمجتمعية، وحشد الطاقات الوطنية، وتعزيز الحوار المجتمعي، وتوسيع دائرة التحالفات الإقليمية والدولية بما يخدم القضية السورية.

سابعاً: تعزيز التواصل بين مختلف قوى الثورة والمعارضة بهدف تبني خطة عمل شاملة تواكب تحولات المرحلة وتُعالج التحديات الناتجة عنها، وتقدم الحلول الناجعة للتخفيف من معاناة السوريين، ووقف الانتهاكات الممنهجة بحقهم، وتطالب بالإفراج عن المعتقلين، وتعويضهم، والإفصاح عن المختفين قسرياً ومعرفة مصيرهم.

ثامناً: تكثيف جهود التوعية بالانتهاكات والجرائم التي يرتكبها نظام الأسد، وبمخاطر إفلاته من العقاب وغياب سيادة القانون، وتأكيد فقدانه الشرعية والأهلية لحكم البلاد، والدعوة إلى تعميق عزلته وتوضيح العواقب الإنسانية والأخلاقية لمحاولات إعادة تعويمه بما في ذلك إعادته الجامعة العربية، وما يمكن أن تتسبب به تلك السياسات من أذى للشعب السوري ولسائر شعوب المنطقة، ورفع القضايا في المحاكم الدولية ومتابعة اختصاص الولاية القضائية العالمية في الدول التي تسمح بها.

تاسعاً: التأكيد على قضية الشعب السوري ومطالبه المحقة والمشروعة، وسعيه لنيل حريته وكرامته وحقه في الانتقال السياسي والتداول السلمي للسلطة واحترام كافة مكوناته الإثنية من عرب وكرد وتركمان وكلدوآشور، وضمان حقوقها وخصوصيتها ضمن الإطار الوطني، بما يضمن الاستقرار  في المنطقة والتعاون مع كافة الشعوب تحت مظلة الأمم المتحدة والتمسك بالقيم الإنسانية والأخلاقية لتحقيق الأمن والسلم الدوليين والتعاون البنّاء في التنمية والازدهار.

عاشراً: توحيد الجهود لتحقيق الانتقال السياسي وفق القرارات الأممية، فيما يُنهي نظام الفساد والاستبداد الذي يحكم سورية بصورة غير شرعية، والتأكيد على أن بقاءه يعني: استمرار معاناة السوريين، وتعزيز حالة انعدام الاستقرار في المنطقة، وخلق المزيد من الاضطراب داخل المجتمع السوري، بما يؤثر سلباً على الأمن والسلم الدوليين، واستمرار وجود تنظيم “داعش” وغيره من الجماعات الإرهابية والطائفية والانفصالية العابرة للحدود كتنظيم حزب العمال الكردستاني، وتعاظم مخاطر تقسيم البلاد، وزيادة تهديدات مشروع التغلغل الإيراني.

حادي عشر: الالتزام بالعملية السياسية عبر مسار جنيف، والتمسك بمرجعية القرارات الأممية ذات الصلة، بما فيها بيان جنيف (1)، والقرار (2118) وملحقه الثاني، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ابتداءً من القرار (262/67) وما تبعه من قرارات تخص حالة حقوق الإنسان في سورية، وقرار مجلس الأمن (2254)، والقرارات اللاحقة التي تدعو لتحقيق مطالب الشعب السوري واحترام رغبته في الانتقال السياسي، كعملية سياسية شاملة وغير مُجتزأة، ومطالبة المجتمع الدولي بالعمل الجدي الفعّال للتوصل إلى حل سياسي من خلال هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية، ورفض مشروع التطبيع وأية محاولات أخرى تعيد تأهيل النظام رغم جرائمه، وعدم السماح للمسارات الجانبية في عرقلة تنفيذ تلك القرارات.

ثاني عشر: نبذ الإرهاب والتطرف، سواء أرتبط بالدول أم المنظمات أم الأفراد، ورفض استعمال محاربته كذريعة للنيل من تطلعات الشعب السوري للحرية والاستقلال.

ثالث عشر: العمل على ضمان وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وعدم تسييسها، ورفض المحاولات التي يبذلها نظام الأسد وداعموه لاحتكار إيصال المساعدات، وحشد الجهود الدولية لتحسين أوضاع اللاجئين والنازحين، وتحقيق حل سياسي يضمن العودة الآمنة والطوعية والكريمة إلى بيوتهم وتوفير شروط هذه العودة، بما في ذلك وقف عبث النظام وحلفائه بالتكوين الديمغرافي السوري.

رابع عشر: تكثيف الجهود المبذولة لتنمية مناطق سيطرة قوى الثورة والمعارضة، مرحلياً، ولحين استعادة سائر الأراضي السورية وتحريرها من الاستبداد، وتحقيق الانتقال السياسي في سورية الموحدة، ووضع خارطة طريق للنهوض بها على الصعد الاقتصادية والإدارية، وتحقيق الاستقرار فيها بما يزيد من الاعتماد الذاتي في تلك المناطق، ويوفر فرص العمل فيها، ويُفعّل المؤسسات التنفيذية للحكومة المؤقتة، ويعزز مفاهيم الشفافية والحوكمة، وتعزيز القيم الأخلاقية والتنمية الوطنية.

خامس عشر: التحذير من المحاولات التي يبذلها النظام وحلفاؤه لتوظيف معاناة السوريين بهدف جلب الأموال الخارجية تحت شعار “إعادة الإعمار” و”التعافي المبكر”، والتي تهدف في حقيقتها إلى: اقتسام ثروات البلاد من قبل بعض القوى الطامعة، وتقسيمها إلى مناطق نفوذ فيما بينها، وفي تمويل مؤسسات القمع وعمليات التغيير الديمغرافي، وإثراء تجار الحرب ورموز الفساد، والتأكيد على ضرورة ربط إعادة الإعمار بتحقيق حل سياسي عادل وفق القرارات الأممية ذات الصلة، وبما يصون حقوق الشعب السوري.

سادس عشر: عقد المزيد من الندوات التشاورية بين مختلف قوى الثورة والمعارضة السورية بهدف تعزيز التواصل بين مختلف الجهات المشاركة، وتحقيق التعاون والتنسيق، وفتح المجال لانضمام سائر الجهات التي لم يتسنَّ لها مجال حضور هذه الندوة، فيما يضمن تحقيق التوازن وتمثيل مختلف التيارات والقوى الفاعلة في الشأن السوري.

سابع عشر: توجيه الشكر إلى دولة قطر على مواقفها المبدئية الثابتة، ودعمها الجهود الدولية لإنفاذ القرارات الأممية، وعلى دعوتها لمحاسبة من ارتكبوا انتهاكات بحق الشعب السوري، وعلى استضافتها هذه الندوة، وإسداء التحية والتقدير لجميع الدول الشقيقة والصديقة التي تساند قضية الشعب السوري وتستضيف الملايين من أبنائه المهجرين، وتوفر الأمن الذي افتقدوه في بلدهم، ودعوتها إلى الاستمرار في مواقفها المؤيدة للشعب السوري وقضيته العادلة.

الأحد 6 شباط/فبراير 2022

توصيات ندوة: “سورية إلى أين؟” -1-

توصيات ندوة: “سورية إلى أين؟” -2-

توصيات ندوة: “سورية إلى أين؟” -3-

توصيات ندوة: “سورية إلى أين؟” -4-

————————————-

كيف حولت تركيا مؤتمر رياض حجاب إلى ندوة؟/ رامز الحمصي

منذ اليوم الأول الذي تسربت في أنباء عن عقد رئيس الوزراء الأسبق، رياض حجاب، لمؤتمر في العاصمة القطرية الدوحة مؤتمرا للمعارضة السورية، تضاربت الأنباء حول جدية المؤتمر ومآلاته، حيث كانت من المقرر أن يخرج جسم جديد للمعارضة السورية، في حين أكد معارضون أن تدخلات خارجية حالت دون ذلك.

أنقرة عطلت المؤتمر

أكدت شخصيات من المعارضة السورية والتي حضرت الندوة التي أقامها حجاب في الدوحة، أمس السبت، واستمرت حتى اليوم الأحد، أن تركيا عطلت فحوى المؤتمر منذ اليوم الأول من تسريب عقده. وشددت على ذلك بعد تخوف أبداه أعضاء من “الائتلاف الوطني السوري” لجهاز الاستخبارات التركي.

وقالت المصادر، لـ”الحل نت”، إن تركيا ضغطت على شخصيات سياسية قطرية من أجل عدم إنجاح تحول المؤتمر الذي يعقده حجاب إلى جسم سياسي سوري معارض. والذي قد يهدد أجسام المعارضة السابقة كالائتلاف والهيئة السورية للتفاوض.

وكشفت المصادر، أن السبب الرئيس الذي عرضته أنقره لتعطيل الجسم المعارض الجديد، هو أن حجاب شخصية لا تتفق مع الرؤية الروسية. كما أن لدى رئيس الوزراء السوري السابق تصريحات معادية لموسكو في العديد من المحافل الدولية.

وأوضحت المصادر، أن تركيا نقلت مخاوف تأزم الحل السياسي الذي تقوده مع موسكو عبر مسار أستانا في حال ترأس حجاب لجسم سوري معارض. لأنه وفق رؤيتها سيحظى بدعم دولي غربي ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي. كما أن حجاب لديه قبول شعبي في مناطق المعارضة السورية.

للقراءة أو الاستماع: مخاوف إقليمية من انهيار الائتلاف السوري المعارض.. ما علاقة رياض حجاب؟

ما جدوى توصيات الندوة؟

يقول المحلل السياسي، بسام القوتلي، لـ”الحل نت”، إن الكثيرون ممن حضروا الندوة، “هم جزء من الاستعصاء السياسي الذي نعيشه”. والخروج بحلول يتطلب نظرة من خارج الأطر التقليدية ويتطلب خبراء بمجالات مختلفة.

ويرى القوتلي، أن المشكلة الأكبر هي عدم قدرة الأطر الحالية للمعارضة على تنفيذ أي توصيات وهنالك الكثير منها. فهي مهتمة باستمرارها واستمرار شخصيات معينة فيها أكثر من أي تغيير فعلي.

    مشاركة شخصية وطنية ثورية رفيعة في ندوة إعادة الملف السوري للواجهة

    حيث يترأس اللجنة التنظيمية رئيس وزارء سورية المنشق (د.رياض حجاب)

    الرئيس حجاب صرّح خلال كلمته أن تفكيك العقدة السورية يبدأ بمواجهة المشروع الإيراني pic.twitter.com/lto7x1tTmT

    — مسارات للحوار والتنمية السياسية (@masaratpd) February 6, 2022

وعلى العكس من ذلك، يعتقد الباحث في مركز “جسور للدراسات”، وائل علوان، أن أهمية هذه الندوة أنها وللمرة الأولى تجمع جهود المراكز البحثية مراكز الدراسات السورية مجتمعة. إذ عادة ما كانت مراكز الدراسات تقدم أوراق للمعارضة وللمؤسسات المعارضة وللرأي لكن بشكل منفرد.

ويضيف علوان، أن هذه الندوة تجمع مؤسسات ومراكز الدراسات كاملة وعبر أشهر من التحضير. من أجل تكامل هذه الأوراق البحثية برؤية كاملة وشاملة. ونقاشها سياسيين مع النشطاء وباحثين مستقلين وجمع كل أطياف المعارضة السورية بنخبها من أجل نقاش مواد موضوعية ومنهجية علمية كاملة.

وبخصوص التوصيات، فأشار علوان، أنها مبنية على منهجية بحثية وهي توائم ما بين الممكن والمطلوب وما بين الفرص. ولذلك هي ستكون بين يدي المعارضة كما بين يدي الرأي العام. كما نوه إلى أنها أفكار تستفيد منها المعارضة وفي الوقت ذاته لن تكون ملزمة.

للقراءة أو الاستماع: “تغيير النظام أم إسقاطه“.. ماذا يجري في كواليس الائتلاف السوري المُعارض؟

https://www.youtube.com/watch?v=IBknS1SboX0&feature=emb_logo&ab_channel=MESBAR%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A8%D8%B1

ندوة لـ”توليد أفكار” فقط

وانطلقت أمس السبت، في الدوحة، ندوة بعنوان “سوريا إلى أين”، كان قد دعا إليها رئيس الوزراء السوري الأسبق، رياض حجاب. حيث استمرت الندوة لمدة يومين، بمشاركة نحو 80 شخصية ممثلين عن بعض مؤسسات المعارضة السورية. ومراكز الفكر، ومنظمات المجتمع المدني، كما ضمت عدد من الشخصيات السورية المستقلة. بالإضافة إلى ممثلين عن الجالية السورية.

وخلال كلمة ألقاها، جدد حجاب التزامه بتحقيق مطالب الشعب السوري العادلة. وتعزيز الهوية الوطنية الموحدة للبلاد، وتحقيق عملية انتقالية لا مكان فيها للرئيس السوري، بشار الأسد ونظامه. مشدداً على ضرورة توحيد العالم لمحاسبة الجناة، وتحقيق العدالة وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.

كما وقال حجاب: “نجتمع في هذه الندوة، لتقييم عملنا. وتصحيح الأخطاء التي وقعنا فيها خلال مسيرتنا الشاقة لتحقيق دولة ديمقراطية حرة موحدة. تقوم على أساس سيادة القانون وحق الجميع في التعبير، والتمتع بحقوق المواطنة المتساوية، وواجباتها دون تمييز”

وكانت مصادر خاصة في المعارضة السورية لـ”الحل نت”، في كانون الثاني/يناير الفائت، إن دولا إقليمية رفضت عقد المؤتمر الذي سيحضره رئيس “هيئة التفاوض” المعارضة الأسبق، رياض حجاب. بسبب مخاوفها من أن يؤدي هذا المؤتمر إلى انهيار “الائتلاف” المعارض.

المصادر الخاصة والتي تشرف حاليا على عمل الندوة، أكدت لـ”الحل نت” إحجام كل من تركيا وقطر عن دعم هذا المؤتمر في بداية الأمر. حيث استمر الرفض لفترة تجاوزت الـ3 أشهر. قبل أن تقبل الدوحة بعد إصرار حجاب وسوريين آخرين في مراكز بحثية سورية متواجدة في عدة عواصم، أن تستضيف عددا محدودا جدا من السوريين على أراضيها خلال فترة إقامة المؤتمر.

فيما اكتفت تركيا بقبول عقده في قطر مع اهتمامها على ألا يؤدي هذا المؤتمر إلى أي حالة تصدع داخل “الائتلاف”. وأضافت المصادر “كنا سنذهب إلى عقده في ألمانيا فيما لو لم يكن هناك موافقة من قطر في اللحظات الأخيرة. ليس هناك أي خطط لدى منظمي المؤتمر على سبيل الاتهامات التي يسوق لها البعض. بأن هذا المؤتمر يأتي ليكون خطة جديدة لتطويع المعارضة. وأنه أنه أيضا خطة جديدة لتمرير حكومة وحدة وطنية مع النظام. هذا الكلام مرفوض ولا أساس له من الصحة”.

———————————

بعض الذين حضروا ندوة: “سورية إلى أين؟”

اختتام فعاليات ندوة “سورية إلى أين؟” بجملة من التوصيات

اختتمت، يوم الأحد 6 شباط/ فبراير 2022، فعاليات ندوة “سورية إلى أين؟“، في العاصمة القطرية الدوحة، بمشاركة ممثلين عن قوى الثورة والمعارضة السورية، وعدد من الشخصيات المستقلة، ومراكز الفكر والأبحاث، ومنظمات المجتمع المدني.

واستعرضت الندوة في جلساتها التي عقدت على مدى يومين (السبت والأحد 5 و6 شباط 2022)، التحولات التي تشهدها سورية، إضافة إلى مناقشة كيفية تحقيق الانتقال السياسي والنهوض بأداء المعارضة السورية.

وتم الاتفاق على جملة من المبادئ والتوصيات تنص على: إعادة هيكلة مؤسسات قوى الثورة والمعارضة، والارتقاء في أدائها بما يمكنها من تحقيق مطالب الشعب السوري المحقة، واعتماد نظام اللامركزية الإدارية وفق سياسات وطنية تحقق التنمية المستدامة، والعمل على صيغة خطاب وطني جامع، وتعزيز التواصل بين مختلف قوى الثورة والمعارضة بهدف تبني خطة عمل شاملة، وتكثيف جهود التوعية بالانتهاكات والجرائم التي يرتكبها نظام الأسد، وتوحيد الجهود لتحقيق الانتقال السياسي، والالتزام بالعملية السياسية عبر مسار جنيف والتمسك بمرجعية القرارات الأممية ذات الصلة.

وتضمنت الندوة ثماني جلسات حوارية، تناولت مسائل عدة، أهمّها تقييم المشهد السوري الحالي، واستشراف التحديات والسيناريوهات المتوقعة، واقتراح آليات التعامل معها.

تأتي هذه الندوة بالتزامن مع الجهود الحثيثة التي يبذلها النظام وحلفاؤه لإعادة تعويم رأس النظام السوري “بشار الأسد”، ما يدفع إلى تدارس سبل معالجة الوضع الذي آلت إليه سورية، وكيفية إنفاذ القرارات الأممية ذات الصلة.

——————————–

المعارضة السورية المتخيلة..خارج ندوة الدوحة/ ساطع نور الدين

هي أكبر من هزيمة تلك التي تعيشها الثورة السورية هذه الايام، مع إقتراب الذكرى الحادية عشرة على انطلاقتها. نصف الشعب السوري المهجر او المهاجر، لم ينهزم، أو بالاحرى لم يسلّم ولم يصالح ولم يهادن. أما النصف الاخر، الباقي في حضن النظام ، فهو أيضا لم ينكسر، لم يتراجع، ولم يلق السلاح.

هو نوع جديد من الهزائم، من الانقسام الشعبي، الذي يفتح مسارين للافتراق التام والنهائي، بين جمهور في الداخل يستطيع ان يكمل حياته بطريقة أفضل وأسلم من دون المهجرين والمهاجرين، وبين جمهور في الخارج يشق طريقه بلا عناء شديد، نحو حياة أفضل وخيارات أرحب من هوية تبتعد يوما بعد يوم، وتصبح ذاكرة للحفظ، وصوراً للحنين، وتفسح المجال للتكيف والاندماج السهل والبعيد المدى مع المجتمعات المضيفة.

وبخلاف ما كان يروج في الاعوام الاولى من الثورة، عن معارضة الخارج ومعارضة الداخل، صار إسم المعارضة نفسه يحتاج الى إدلة وبراهين، بسيطة جدا، تتجاوز الصلات الاجتماعية والاغاثية المعقودة بين المشردين في مختلف أنحاء العالم، وبين الاهل والاقارب العالقين في حضن النظام. البؤس قاسم مشترك، لكنه ليس قوياً الى درجة البحث عن بدائل لما هو قائم في الداخل ولما هو سائد في الخارج.

الضربة كانت ساحقة، بالفعل، والنظام كان ولا يزال يبطش بقوة. والتحرك الشعبي في الداخل، حتى في حدوده الضيقة، شبه مستحيل، بوجود قوتي إحتلال تدعمان مؤسسات عسكرية وأمنية أجادت القمع وأتقنته. أما المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في الشمال السوري، فهي مجرد محطة مؤقتة بين هجرتين غير مكتملتين، تضع سكانها رهائن بين حديّ النيران الآتية من قوات النظام، من جهة، أو من القوى الاسلامية الخارجة على الثورة والمعارضة التي يعرف لها سوى برنامجها الضريبي على حركة عبور الافراد والسلع والافكار.

الاستنتاج قاس لكنه جائز الى حد بعيد: لم يعد هناك وجود لمعارضة في الداخل، إلا في بعض البقع والزوايا المتفرقة والمتباعدة من الجغرافيا السورية. القطيعة السياسية شبه كاملة مع الخارج. ليس هناك أحزاب أو تنظيمات او هيئات او حتى جمعيات تتصل بالخارج إلا عبر وسيط او محاور دولي. وهي نتيجة طبيعية لواحدة من أقسى الحملات العسكرية والامنية التي تعرض لها السوريون في تاريخهم الحديث.

الاعتراف بالهزيمة ضروري، يتبعه التسليم  بأن الداخل السوري خرج نهائياً من نطاق الثورة ووعيها وحتى جدول أعمالها، وبات النظام أبدياً بالفعل لا بالقول، لن يتزحزح إلا إذا إزيح الحكم في روسيا والنظام في ايران، و تغيرت معادلات الحملة الدولية التي هدفت طوال السنوات العشر الماضية الى الحفاظ على بشار الاسد رئيساً ، والتي تهدف الآن الى تطبيع العلاقات معه وإعادته الى حضن النظام العربي الذي رعاه.

وعليه يفترض ان ينتقل السؤال الى المهجر السوري، الذي كان خضوعه لمنطق الهزيمة وشروطها القاسية مفاجئاً فعلا، بل مدمراً لكل ما حملته الثورة من وعود وآمال وبرامج،  ولم تكن أمينة حتى الآن إلا على حفظ الذاكرة السورية، وخوض معارك الدفاع عنها أمام الرأي العام العالمي، وليس العربي الذي بات مغلقاً على النقاش في القضية السورية.

ربما كانت الصدفة وحدها هي التي جمعت ندوة الدوحة”سوريا الى أين؟” على مقربة من الذكرى ال11 للثورة، وعلى مبعدة من مواجهة تلك الحقائق القاسية التي يواجهها السوريون جميعا، لكي تجادل وتسترجع بديهيات ماضية، وتقدم صورة محزنة عن ذلك الشرخ العميق بين المعارضة التقليدية الهرمة، وبين جمهورها المفترض، الذي لا تستطيع أن تناديه الى تظاهرة أو مسيرة في اي من عواصم اللجوء، والاسوأ من ذلك أنها لا ترى في ذلك الجمهور مؤهلين لقيادة المسيرة..من الخارج طبعاً، وبالحدود الدنيا التي لا تتطلب إعلان حرب تحرير سورية ولا تشكيل مجلس خلاص وطني سوري.

لم تردم ندوة الدوحة زاوية من تلك الهوة السورية السحيقة، بل لعلها عمّقتها، ومهدت لاحياء الذكرى ال11 للثورة، بصدع جديد في الذاكرة، التي لم تكن تترقب حساباً سياسياً لإخلال النظام بالعهود والمواثيق وتنكره لشروط التفاوض في عملية سياسية وهمية، لا تسهم إلا في شلل الوعي السوري وإنفصاله التام عن الواقع..وتمنع تقدم الشتات السوري نحو سد الفراغ الرهيب، الناجم عن هزيمة مؤلمة، لكنها ليست أبدية.  

المدن

—————————-

بعض الذين حضروا ندوة: “سورية إلى أين؟”

التجربة الفاشلة لتحالف الديمقراطيين والإسلاميين في المعارضة السورية/ محمد سيد رصاص

 بعد شهر من انتصار الثورة الإيرانية بقيادة آية الله الخميني، كتبت جريدة “نضال الشعب” (العدد 206، آذار 1979) الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) الكلمات التالية: “إذا كان الدين قد لعب في إيران دوره المطلوب، مع الشعب ضد المستبدين به… فما الذي يمنعه أن يسهم في معركة كهذه في العالم العربي المنكود بأمثال الشاه؟”.

هنا، كانت الثورة الإيرانية بقيادة رجل دين أصولي شيعي وبجانبه على اليمين كان الليبرالي كريم سنجابي زعيم تنظيم “الجبهة الوطنية” وعلى يساره زعيم “حزب توده” الشيوعي نورالدين كيانوري، وهناك أيضاً على اليسار مسعود رجوي زعيم منظمة “مجاهدي خلق” وأيضاً على اليسار عبد الرحمن قاسملو زعيم “الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني”.

وبالتأكيد كانت قيادة الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) تفكر وهي تكتب وتصادق على تلك السطور بشيء شبيه بما حصل في إيران. وفعلاً، بعد اندلاع المواجهة المسلحة بين السلطة السورية وجماعة الإخوان المسلمين إثر مجزرة مدرسة المدفعية في حلب بيوم 16 حزيران 1979، فإن الحزب الشيوعي (المكتب السياسي) أخذ موقف الصمت عن عنف الإسلاميين وقام بتحميل السلطة مسؤولية الأزمة العامة في البلد. وداعياً إلى التغيير الديمقراطي الجذري، وقد استند الحزب في هذا الموقف على أن التناقض الرئيسي هو مع السلطة وليس مع الإسلاميين، ولكن إذا أراد المرء الدقة في تحليل البعد الباطني لهذا الموقف فإن الموضوع يتعلق بمراهنة على إمكانية تكرار التجربة الإيرانية ضد الشاه حيث كان التحالف بين الإسلاميين والديمقراطيين بتنوعاتهم الليبرالية واليسارية بكل ألوان اليسار من شيوعية وكردية وذلك المزيج بين الماركسية والإسلام الذي حاولته منظمة “مجاهدي خلق”.

في هذا الصدد لم يستطع الحزب الشيوعي (المكتب السياسي) أن يأخذ (التجمع الوطني الديمقراطي)، عند تشكيله بالشهر الأخير من عام 1979 وهو الذي ضم مع (المكتب السياسي) كلاً من حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب العمال الثوري وحركة الاشتراكيين العرب وحزب البعث 23شباط، إلى فكرة “الجبهة العريضة” التي طرحها الحزب بما تعنيه من توسيع بيكار التحالف ليضم الإسلاميين، وهو لهذا ظل يمد الخيوط باتجاههم، كما بان هذا من خلال  زيارة عضو اللجنة المركزية أحمد محفل لبغداد أواخر آذار 1980 وحضوره مؤتمراً لمعارضين سوريين ضم قوميين عروبيين والمراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين، التنظيم العام عدنان سعد الدين، كما أن الحزب ظل طوال فترة الثمانينيات مصراً على مد تلك الخيوط، إلى أن حسمت قيادة الحزب هذا الأمر باتجاه الاكتفاء بالتحالف الذي يمثله (التجمع) كإطار للعمل في فترة التسعينيات.

عادت فكرة “الجبهة العريضة” للظهور ثانية عند الحزب الشيوعي (المكتب السياسي) مع بداية العهد الجديد إثر وفاة الرئيس حافظ الأسد في يوم 10 حزيران2000، وكان الرأي بأن (التجمع الوطني الديمقراطي) لم يعد صالحاً وأن متطلبات المرحلة الجديدة تتطلب تحالفاً عريضاً يضم القوى الديمقراطية والإسلامية والقومية الكردية من أجل الوصول إلى معارضة قوية تستطيع تحقيق برنامج التغيير.

كان حضور مؤتمر لندن للمعارضة السورية في عام 2002 الخطوة الأولى على هذا الطريق وهو مؤتمر ضم قوى يسارية ماركسية وعروبية وضم إسلاميين وأحزاباً كردية وشخصيات مستقلة. وبعد أن توزع الحزب الشيوعي (المكتب السياسي) باتجاهات عدة بعد تأسيس الأستاذ رياض الترك لحزب الشعب الديمقراطي عبر المؤتمر المنعقد في أواخر نيسان 2005، حيث ظل هناك كوادر وأعضاء من الحزب تحت اسم الحزب الشيوعي (المكتب السياسي) لعدم قناعتهم بالتخلي عن الماركسية والاتجاه نحو الليبرالية ولمخالفتهم للأستاذ الترك في سياسته التحالفية وفي رؤيته للمشروع الأميركي للمنطقة بعد احتلال العراق عام 2003، فإن الأستاذ الترك من خلال لقائه المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين علي صدر الدين البيانوني في لندن بشهر تموز 2005 قد استطاع إنجاز فكرة “الجبهة العريضة” من خلال تأسيس “إعلان دمشق” الذي ولد بيوم 16 تشرين الأول 2005 وضم أحزاباً ليبرالية وعروبية وكردية ثم انضم بعد أيام له حزب ماركسي هو حزب العمل الشيوعي.

لم يستطع “إعلان دمشق” الاستمرار بحمولة عام 2005 حيث خرج منه بالشهر الأخير من عام 2007 عروبيي حزب الاتحاد الاشتراكي وماركسيي حزب العمل الشيوعي. وقد كان “المجلس الوطني” الذي أعلن قيامه في اسطنبول بيوم 2 تشرين الأول 2011 نسخة جديدة عن التحالف بين الديمقراطيين الليبراليين والإسلاميين، أي (حزب الشعب الديمقراطي) و(الإخوان المسلمين)، مع تنوعات إضافية، وهو ما كرر بعد عام من خلال تشكيل “الائتلاف”في الدوحة.

هنا، كانت المحادثات الفاشلة في الأسبوع الأول من شهر أيلول 2011، بين “إعلان دمشق” و”الإخوان المسلمين” و”هيئة التنسيق”، من أجل تشكيل كيان تحالفي عريض، والمحادثات الفاشلة في القاهرة بالشهر الأخير من عام 2011 والتي أنتجت ورقة 30 كانون الأول 2011 الميتة بين “المجلس الوطني” و”هيئة التنسيق الوطنية” التي ضمت قوى عروبية وماركسية وحزب الاتحاد الديمقراطي-  pyd، أدلة إضافية على عدم إمكانية التحالف بين الديمقراطيين والإسلاميين، وفي هذا الصدد فإن مسيرة العشر سنوات الماضية تثبت ذلك.

كتكثيف: الخميني في السلطة كان غيره في الثورة وقد قتل حلفائه السابقين، مثل كيانوري وقاسملو، ولاحق رجوي، وأبعد سنجابي. محمد مرسي أدار ظهره لليبرالي محمد البرادعي والناصري حمدين صباحي بعد أن جعلوه فائزاً في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية ضد الفريق أحمد شفيق.

تجربة المعارضة السورية هي دليل ثالث على فشل التحالف بين الديمقراطيين والإسلاميين.

——————————–

واشنطن:الأسد يعيق العملية الدستورية..ولا تطبيع معه

قال نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى إيثان غولدريتش إن بلاده لن تطبّع العلاقات مع نظام الأسد في سوريا.

وأضاف غولدريتش في كلمة ألقاها خلال فعاليات اليوم الثاني من ندوة “سوريا إلى أين؟”، التي تستضيفها العاصمة القطرية الدوحة، أن بلاده ستلتزم بمواجهة تنظيم “داعش” وتعزيز المساءلة لانتهاكات حقوق الإنسان واستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا.

وأشار غولدريتش إلى أن “الولايات المتحدة تبذل جهوداً لتحسين الظروف الأمنية وزيادة الاستقرار في سوريا، وحل الأزمة السياسية والإنسانية المتصاعدة، وتأمين حياة تتسم بالرفاه للشعب السوري”. وتابع: “سيكون ذلك بالاستناد إلى قرار مجلس الأمن الدولي (2254)، بوصفه الخريطة الوحيدة لإنهاء النزاع في السنة الحادية عشرة له”.

واتهم غولدريتش نظام الأسد بإعاقة العملية السياسية في سوريا، مؤكداً أنهم شاركوا في مسار اللجنة الدستورية السورية وذهبوا إلى جنيف للاطلاع على العملية وتشجيع الأطراف للمضي قدماً، إلا أن “تعنت نظام بشار الأسد عرقل مسار اللجنة”، مضيفاً أن “الولايات المتحدة أصيبت بخيبة أمل”، في إشارة إلى سلوك وفد النظام في أثناء الاجتماعات).

وأكد المسؤول الأميركي أن واشنطن لن تُشجع التطبيع مع نظام الأسد، وأنهم “متمسكون للغاية بالقرار الأممي 2254، ويعملون مع الشركاء الأوروبيين والعرب لتطبيق القرار”، لافتاً إلى أنه سيزور قريباً دولاً عربية لبحث “الأزمة السوريّة”.

وكانت ندوة “سورية إلى أين؟” قد انطلقت في الدوحة صباح السبت، بمشاركة ممثلين عن مؤسسات قوى الثورة والمعارضة السورية، ومراكز الفكر، ومنظمات المجتمع المدني، وممثلي الجاليات السورية، والإعلام السوري، وعدد من الشخصيات المستقلة، واختُتمت الأحد.

وقال رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب، الذي دعا إلى الندوة، إن قوى الثورة السورية هي “رقم صعب في المشهد الإقليمي والدولي”، مضيفاً أن “حلفاء نظام بشار الأسد فشلوا في تعويمه”، مشيراً إلى أن “تفكيك العقدة السورية يبدأ من مواجهة مشروع التوسع الإيراني في المنطقة”.

وأشار حجاب في افتتاح الندوة، إلى أن “الادعاء بأن نظام الأسد انتصر على الشعب السوري أبعد ما يكون عن الحقيقة”، متابعاً أن داعمي بشار الأسد “يخوضون معركة دبلوماسية يائسة لإعادة تعويم نظام فقد شرعيته”.

—————————–

“ندوة سوريا إلى أين؟”:توصيات “سرية”..لتصحيح مسار المعارضة

اختُتمت في العاصمة القطرية الدوحة الأحد، ندوة “سوريا إلى أين؟”، التي دعا إليها رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب، بمشاركة ممثلين عن مؤسسات قوى الثورة والمعارضة السورية، ومراكز الدراسات، ومنظمات المجتمع المدني، وممثلي الجاليات السورية، والإعلام، وعدد من الشخصيات المستقلة، وسط حضور دبلوماسي قطري وتركي وأميركي.

وخرجت الندوة التي تهدف إلى “إصلاح الأخطاء” و”بناء معارضة أقوى”، بتوصيات عديدة، في مقدمتها التأكيد على وحدة الأراضي السورية وسيادة الدولة واستقلالها والحفاظ على مؤسسات الدولة، واعتماد نظام اللامركزية الإدارية وفق سياسات وطنية تحقق التنمية المستدامة.

كذلك أوصت الندوة بإعادة هيكلية مؤسسات قوى الثورة والمعارضة والارتقاء بأدائها وتمكينها من تحقيق مطالب الشعب السوري المحقة والمشروعة بكفاءة واحتراف، فضلاً عن تنمية وتوظيف كافة الخبرات المتاحة في الداخل السوري والخارج، والاستفادة من الخبرات التي تقدمها مراكز الفكر الوطنية.

    توصيات ندوة “سورية إلى أين؟” pic.twitter.com/I6nGXLM1Vq

    — سورية إلى أين ؟ (@whithersyria) February 6, 2022

وحثّت على صياغة خطاب وطني جامع، ودعم الجهود التي تبذلها مؤسسات الإعلام السورية في ما يسهم في محاربة خطاب الكراهية والتمييز، وتعزيز التواصل بين مختلف قوى الثورة والمعارضة بهدف تبني خطة عمل شاملة تواكب تحوُّلات المرحلة وتعالج التحديات الناتجة عنها، وتقدم الحلول الناجعة للتخفيف من معاناة السوريين.

وطالبت بتكثيف جهود التوعية بالانتهاكات والجرائم التي يرتكبها نظام الأسد، وبمخاطر إفلاته من العقاب وغياب سيادة القانون، وأكدت على قضية الشعب السوري ومطالبه المحقّة والمشروعة، وسعيه لنَيْل حريته وكرامته وحقه في الانتقال السياسي والتداول السلمي للسلطة واحترام كافة مكوناته الإثنية من عرب وكرد وتركمان وكلدان وآشور.

ومن التوصيات التي خرجت بها الندوة، التنويه إلى توحيد الجهود لتحقيق الانتقال السياسي وفق القرارات الأممية، في ما ينهي نظام الفساد والاستبداد الذي يحكم سوريا بصورة غير شرعية، والالتزام بالعملية السياسية عبر مسار جنيف، والتمسك بمرجعية القرارات الأممية ذات الصلة، واحترام رغبة الانتقال السياسي.

كذلك، أكدت ضرورة تكثيف الجهود المبذولة لتنمية مناطق سيطرة قُوَى الثورة والمعارضة، مرحلياً، محذرة من المحاولات التي يبذلها النظام وحلفاؤه لتوظيف معاناة السوريين بهدف جلب الأموال الخارجية تحت شعار “إعادة الإعمار” و”التعافي المبكر”.

وكما كان متوقعاً، خلت التوصيات من الطروحات الجديدة، وجاءت اعتيادية، والأهم أنها لم تتطرق إلى مسألة استمرار المشاركة في مباحثات اللجنة الدستورية، ومسار أستانة، والواضح أن اللجنة المنظمة للمؤتمر تجاهلت بشكل متعمد الإشارة إلى ذلك.

توصيات “خاصة”

في المقابل، أبلغت مصادر من الدوحة “المدن” بخروج الندوة بتوصيات غير معلنة، إلى جانب

التوصيات العامة التي أعلن عنها في البيان الختامي. وأوضحت أن التوصيات التي خرجت عن الندوة على مستويين، الأول توصيات عامة (غير ملزمة)، وتوصيات خاصة تتولى “لجنة متابعة” تسليمها لمؤسسات المعارضة (الائتلاف، هيئة التفاوض) خلال اجتماعات لاحقة.

وبيّنت أنه رغم أن التوصيات “الخاصة” غير ملزمة كذلك، إلا أن ما يجعلها أقرب إلى صفة الإلزام، هو أن الندوة القادمة التي ستُعقد بعد ستة شهور على أبعد تقدير، ستناقش مدى تعاطي وتجاوب المؤسسات معها، موضحة أن “التوصيات متعلقة بإصلاح الائتلاف، والمسارات التفاوضية”.

أهداف الندوة

الندوة التي بدأ التحضير لها قبل نحو شهرين، كانت مثار نقاش واسع، إذ بدا للوهلة الأولى أن الهدف منها إنتاج جسم جديد للمعارضة السورية، وهو ما أجّج مخاوف الائتلاف السوري “غير المبررة”، نظراً لعدم وجود أي توجه ودعم إقليمي أو دولي لتشكيل جسم جديد للمعارضة.

ووسط ذلك، يطرح السؤال التالي نفسه: ما الهدف الحقيقي لهذه الندوة؟، تجيب مصادر “المدن” أن “الهدف يتألف من شقين، الأول متعلق بإيجاد آلية للضغط ومحاسبة المعارضة السياسية (الائتلاف، هيئة التفاوض) لتصحيح المسار، وهو ما يتضح من خلال التوافق على انعقاد دوري للندوة كل نصف عام”.

وأراد حجاب تطمين الائتلاف من خلال إعطاء رئاسة جلسات في الندوة لرئيس الائتلاف سالم المسلط، ورئيس هيئة التفاوض أنس العبدة، والرئيس المشترك للجنة الدستورية هادي البحرة، رغم أن مشاركة الائتلاف بالندوة لم تحظ بأصداء إيجابية لدى الأوساط المعارضة التي اعتبرت أن الندوة كانت بمشاركة الوجوه ذاتها (المعارضة التقليدية).

أما الشق الثاني، وعلى حد تأكيد المصادر ذاتها، فيتعلق بحسابات حجاب البراغماتية، موضحة أن “حجاب أراد  أن يؤكد أنه لا يزال الرقم الأصعب في المعارضة، وأنه القادر على جمع كل أطياف المعارضة السورية، وهذا ما حصل فعلاً، حيث حظيت الندوة بمشاركة كثيفة من جهات مختلفة، وكذلك حظيت باهتمام إعلامي ضخم”.

ومن الأهداف الأخرى للندوة، التأكيد على أن المعارضة لا زالت تحظى بدعم من أطراف إقليمية ودولية، في الوقت الذي  انخرطت فيه أطراف عربية في مسار التطبيع مع النظام السوري.

ويرى الدكتور أحمد قربي الباحث في مركز “الحوار السوري” المشارك في الندوة، أن ما يميز الندوة هو التواصل بين مراكز الفكر والدراسات والقوى السياسية وقوى الثورة والمعارضة، إلى جانب مشاركة واسعة من منظمات المجتمع المدني. ويضيف ل”المدن” أن القوى السياسية كانت بصدد الاستماع للمقترحات والأفكار التي قدمتها مراكز الدراسات والشخصيات المستقلة، بدلاً من تقديم رؤى.

من جهة ثانية، أشار قربي إلى تزامن انعقاد الندوة مع الظروف الاستثنائية التي يعيشها الملف السوري. وأوضح أن “هناك زيادة في محاولات تعويم النظام، وكذلك بدأ الحديث عن مقاربات دولية جديدة (خطوة مقابل خطوة)، وتخفيف العقوبات أميركياً على النظام”.

المشاركة الأميركية

وأعطت مشاركة نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ايثان غولدريتش مؤشراً على دعم أميركي لأعمال الندوة. واستغل غولدريتش مشاركته ليعيد التذكير بموقف بلاده من التطبيع مع النظام السوري، قائلاً: “لا نؤيد جهود الدول التي تطبع مع نظام الأسد، ولن تطبع الولايات المتحدة مع النظام، كما أننا لا نؤيد عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية”.

وعن الرسائل الأميركية من المشاركة في الندوة، يقول الإعلامي السوري أيمن عبد النور من الدوحة، ل”المدن”، إن المشاركة تؤكد دعم واشنطن للمعارضة السورية، وهي تندرج تحت تأييد أي مؤتمر أو نشاط للمعارضة باتجاه تحسين الأداء.

تدرك المعارضة السورية أن الخروج من حالة الجمود السياسي تتطلب دعماً دولياً غائباً، وتخشى من رضوخ المجتمع الدولي للأمر الواقع الذي فرضته روسيا بدعمها للنظام السوري، وهذا ما ينسحب على هذه الندوة تماماً.

المدن

——————————

ندوة الدوحة إلى أين؟/ العقيد عبد الجبار عكيدي

انتهت مساء الأحد الفائت الندوة الحوارية التي دعا إليها رئيس الوزراء المنشق الدكتور رياض حجاب في العاصمة القطرية الدوحة، وحملت عنوان “سوريا إلى أين؟”، بمشاركة ممثلين عن مؤسسات الثورة والمعارضة السورية وبعض مراكز الدراسات ومنظمات المجتمع المدني، وعدد من الشخصيات المستقلة، لكن نتائجها كانت مخيبة لآمال السوريين، إلى درجة أن كثيرين منهم تحدثوا عن أن مخرجات الندوة أسقطت من الحسابات مَن كانوا حتى الأمس القريب يُعوّل عليهم كقادة للمرحلة المقبلة.

نجحت مساعي الائتلاف الوطني في تفريغ دعوة الدكتور رياض حجاب من مضمونها بعد أن طلبت بعض الدول تحويل المبادرة من مؤتمر يضم جميع أطياف المعارضة، وقد ينتج عنه جسم سياسي منافس أو بديل، إلى ندوة بحثية غير مؤثرة، وهذا ما جعل بعض الشخصيات المعارضة التي تحظى بقبول واحترام لدى الشارع السوري تعتذر عن عدم الحضور.

كما أن بعض القوى السياسية مثل منصة القاهرة وجبهة الحرية والسلام فضلوا عدم المشاركة، في حين إن منصة موسكو غير المقبولة من قبل جمهور الثورة، والتي يُظهر الكثيرون ممن حضر الندوة بما فيهم صاحب الدعوة موقفاً سلبياً منها على اعتبار أنها أقرب للنظام وروسيا منها للمعارضة، فرضت شروطها المسبقة للحضور، بعدم تطرق الندوة لمسألة إسقاط النظام والحديث عن مصير بشار الأسد، ولا حتى هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية، وكذلك رفض أي إشارة للجيش السوري الحر، أو حضور أي ضابط منشق، وهذا ما حصل بالفعل.

بعد يومين من النقاشات وورشات العمل، وبينما كان السوريون ينتظرون مخرجات عن كيفية إصلاح مؤسسات المعارضة الرسمية، وموقف حاسم وصريح من اللجنة الدستورية ومسار أستانا، ورفض قاطع لما يطرحه المبعوث الدولي غير بيدرسن من مسار جديد خارج القرارات الدولية “خطوة مقابل خطوة”؛ خرجت الندوة بتوصيات هزيلة، من يقرأها للوهلة الأولى يظن أنها إحدى بيانات جولات أستانا، إذ يتصدرها البند الذي يتحدث عن وحدة الأراضي السورية وسيادتها.!

ومن يكمل قراءتها يدرك أنها توصيات عائمة تحاول الابتعاد عن مكامن الخلل والأزمة الحقيقية التي تواجه المعارضة والقضية السورية بشكل عام، ولعل السيد حجاب كان حريصا على أن تكون تلك التوصيات مقبولة لدى جميع الأطراف الإقليمية والدولية، في حين باتت القضية السورية جرحاً نازفاً لا يحتمل المزيد من المهادنة.

كانت توصيات ندوة الدوحة أشبه بتوصيات المؤتمرات الإقليمية واللقاءات الدولية التي تتحدث عن القضية السورية بعبارات عائمة وفضفاضة، لم يقبل القائمون عليها حتى بتشكيل لجنة متابعة لها، متعللين ذلك بالظروف الإقليمية والدولية، لذلك وأمام كل هذه الإرهاصات والظروف لم يكن ممكناً الخروج بما هو أفضل مما خرجت به الندوة التي اقتصرت توصياتها على:

– التأكيد على وحدة الأراضي السورية وسيادة الدولة واستقلالها والحفاظ على مؤسسات الدولة، واعتماد نظام اللامركزية الإدارية وفق سياسات وطنية تحقق التنمية المستدامة.

– إعادة هيكلة مؤسسات قوى الثورة والمعارضة والارتقاء بأدائها وتمكينها من تحقيق مطالب الشعب السوري المحقة والمشروعة بكفاءة واحتراف، فضلا عن تنمية وتوظيف الخبرات التي تقدمها مراكز الفكر الوطنية.

– صياغة خطاب وطني جامع ودعم الجهود التي تبذلها مؤسسات الإعلام السوري بما يسهم في محاربة خطاب الكراهية والتمييز وتعزيز التواصل بين مختلف قوى الثورة والمعارضة.

– التأكيد على قضية الشعب السوري ومطالبه المحقة والمشروعة وسعيه لنيل حريته وكرامته وحقه في الانتقال السياسي والتداول السلمي للسلطة واحترام كل مكوناته الإثنية من عرب وكرد وتركمان وكلدان وآشور.

– الالتزام بالعملية السياسية عبر مسار جنيف والتمسك بمرجعية القرارات الأممية ذات الصلة واحترام رغبة الانتقال السياسي.

– تعزيز دور المرأة والشباب في العمل الوطني وضمان تمثيلهم في سائر مجالات الشأن العام.

– إيلاء الاهتمام الكافي لدور الثقافة والفكر في حياة السوريين وتشجيع المبادرات الخلاقة.

تندرج هذه الندوة تحت بند لطالما تم الحديث عنه في كل الندوات وورشات العمل على مدار السنوات العشر التي خلت، وهو توحيد كيانات المعارضة، دون أن يكون هناك رؤية لمشروع سياسي موحد.

فالمجتمعون لديهم أكثر من مشروع، أحدها مشروع القوى المنخرطة في العملية التفاوضية والسياسية والمشاركة في اللجنة الدستورية ومسار أستانا، وهناك أصوات وتجمعات تدعو إلى الالتزام بالانتقال السياسي وترفض الآلية الدستورية التي تمت بمعزل عن الانتقال السياسي والقفز عليه، وبالتالي فإن هذا اللقاء بدلالة التوصيات التي خرجت منه، لا يضعنا أمام محاولات جدية للوصول إلى توافق قوى الثورة والمعارضة التي شاركت في هذه الندوة على اجتراح رؤية سياسية متفق عليها، بل إنه خرج خالي الوفاض من أي إنجاز ينتقل بنا من طور المراجعة والنقد إلى طور تحديد الرؤية والمهام المطلوبة لمواجهة الاستحقاقات التي تعيشها القضية السورية.

المفارقة إن التيار الذي كان يدعو للانتقال السياسي وعلى رأسه السيد حجاب لم يستطع استقطاب أطراف المعارضة الرسمية للعمل على برنامج سياسي وتنظيمي يشكل حاملا حقيقيا لإعادة بناء مؤسسات الثورة والمعارضة، وتحديد توجهاتها بما يقطع مع المسارات السياسية والتفاوضية القائمة، فلا قرار بوقف المشاركة في العملية الدستورية التي يقر الجميع بكارثيتها وعدم جدواها، أو على الأقل تغيير صيغتها وشروط عملها، ولا قرار بوقف المشاركة بمسار أستانا، مع أن هذين البندين هما الامتحان لمدى استجابة ندوة الدوحة للمطالب الشعبية السورية الواسعة بوقف مسلسل التفاوض العبثي كما عليه الحال.

إذا كان ثمة مستفيد من هذه الندوة فهي كيانات المعارضة الرسمية التي أرادت أن تثبت أنها لم تعد وحدها كسيحة أو عاجزة، بل أظهرت عجز الآخرين أيضا وعدم قدرتهم على تجاوز هذه الكيانات، فربما أدرك السيد حجاب أن هناك فيتو لا يسمح بتشكيل أي كيان سياسي منافس لما هو موجود، إلى حد أن هناك من رأى أنه أراد من خلال هذه الندوة إبقاء اسمه في المشهد السياسي السوري، مع أن السوريين كان يحذوهم الأمل بأن تكون هذه المبادرة قادرة على إنتاج عمل ما على أرض الواقع، لكنها ظلت إعلامية لا أكثر.

إن حرص السيد حجاب على دعوة المشتغلين بكيانات المعارضة الرسمية (ائتلاف، هيئة تفاوض، لجنة دستورية، أستانا) إما أنه يبرهن على أنه هو الآخر يؤمن بأن معاول الخراب يمكن أن تصلح كأدوات للبناء، أو أن أفقه السياسي وما يمتلك من أدوات إجرائية على أرض الواقع لم يستطع تجاوز هذه الكيانات!.

———————————-

مخرجات مهرجان الدوحة/ كمال اللبواني

لم يختلف مهرجان الخطابات في مدرج جامعة دمشق، عن مهرجان الخطابات في بهو فنادق الدوحة، كلاهما ألقى كلمات رنانة على الشعب المصفق المتروك في الشوارع يرقص من الخوف أو البرد، وكلاهما جمع عدداً من المنتفعين والمتاجرين ووكلاء الدول الاستعمارية أو المحتلة، التي يخدمها سراً، بينما يدّعي مقاومتها علناً، فالمشكلة دوماً كانت أن ما يُرفع من شعار هو معاكس تماماً لما يجرى من أفعال، حتى قام نظام المقاومة بقتل شعبه وتهجيره، بينما سلمت المعارضة ثورة الشعب للمحتل والغازي.

من يدّعي أنه صوت الشعب وصاحب قرار مستقل هو ذاته يتحرّك ويعمل بالمال والدعم الخارجي، أما كومبارس الحضور الذي تُلقى عليه الكلمات فهو منتفع من عظام الموائد، يحصل على شهادة معارض فندقي، ترفعه لمستوى يعوض عن شعوره بالذل والقهر ويرضي طموحه التعويضي عن كبته المزمن.

التوصيات التي خرجت ليس أكثر من شعارات تشبه شعارات المقاومة والعمال والفلاحين، بينما يصاب كل من يرفع اسمه على شعار بنكبة ماحقة، فالذي جرى هو إعادة تذخير وشحن الهيئات الراهنة وتفعيل قدراتها على الاستمرار في سكة الخيانة التي بدأت بحرمان الثورة من قياداتها الحقيقية واستبدالها بقيادات فندقية تعمل بالمال السياسي والنفوذ الإقليمي، واستمر بتسليم المناطق تباعاً للنظام عبر مسار سوتشي، المتزامن مع مسار جنيف، الذي يستكمل الهزيمة العسكرية بهزيمة سياسية.

لم يتطرق البيان، الذي صدر كتوصية لا نعرف لمن، لأي آلية لتحقيق توصياته بدءاً بتمثيل الشعب، مروراً بإعادة إنتاج وتفعيل مؤسسات المعارضة، وصولاً لاستراتجياتها. فذلك سيستمر كما هو وضمن ذات السياق وبذات الشخوص، والذي يخدم راعي المؤتمر الخطابي، أقصد الدوحة وأنقرة وطهران وموسكو، في إفراغ محتوى القرار ٢٢٥٤ وتنفيذه بطريقة خرقاء، تنتهي بإعادة شرعنة الأسد والقفز فوق المحاسبة  وقضية المعتقلين والمشردين والمنهوبين، وترسيخ النفوذ والاحتلال الروسي الإيراني التركي، وضم المعارضة الإخوانية برعاية إيرانية تركية للنظام الذي ترعاه روسيا، لتحتال على القرار وعلى المجتمع الدولي، وعلى ثورة الشعب وحقوق الضحايا، ولتكرس نظام الاستبداد والفساد والإجرام، وتدعم أركانه المتهاوية بشريك جديد هو التعصب الديني والاستبداد المقدس، ليكون الشكل الذي سيكرس تقاسم سوريا بين تركيا وروسيا وايران، من دون أن يسمى احتلالاً.

لم يقارب المجتمعون أياً من القضايا الحساسة المتعلقة بمسار سوتشي أو جنيف أو الدستورية أو خطوات بيدرسون، ولا بالعدالة وشكلها، ولا بالوفود وطريقة تسميتها، ولا بما يجري من رعاية ودعم لنظام الإجرام أو عصابات التطرف والإرهاب، وما تقوم به من مجازر في عموم أراضي سوريا وبحق شعبها. لقد اختار المجتمعون أن يكذبوا ويخادعوا، وكانوا مطية سهلة لمشروع إيران وروسيا وتركيا في جعل الحل السياسي هو تقاسم السلطة وتشاركها بين الإخوان والبعث، بعد أن عمت عيونهم “طماشة” المال والإضاءة عن رؤية الحقائق.

أليست عشر سنوات من التجربة كافية للحكم على هكذا شخوص وهكذا وسائل؟ هل يمثل الشعب السوري بفندق في الدوحة أم بمخيم للمشردين؟

————————-

هل قطع مشروع رياض حجاب الطريق على ”أوسلو“ السوري؟/ إبراهيم الجبين

لم يكن المشاركون في ندوة ”سورية إلى أين؟“ التي رعاها رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب في العاصمة القطرية الدوحة خلال الأيام الماضية ينتظرون أن يعلن الرجل خرقاً غير متوقع في المشهد السوري الراكد، لكنهم قبلوا دعوته المحمولة على أكتاف جملة من المراكز البحثية مثل مركز جسور وحرمون وعمران وغيره والتي عنيت بتنظيم ما يشبه الورشة الفكرية حيث تليت أوراق بحثية وتم التعقيب عليها ومناقشتها من قبل الجميع. وكان الضيوف القادمون من المهاجر والمنافي السورية يحملون معهم تصورات ورؤى حول إصلاح مؤسسات المعارضة وحول العلاقات الدولية وحول عدد غير قليل من القضايا.

سؤال واحد كان يشغل ذهني شخصياً طوال الوقت، قبل الندوة بشهور وآناءَها؛ هل هناك أوسلو سوري يجري طبخه على نار هادئة في مكان ما؟ باعتبار أن عناصر ذلك الاتفاق الذي أُريدَ له أن يُبرَم خارج قرارات مجلس الأمن الخاصة بالقضية الفلسطينية، قد تكاملت هي الأخرى في القضية السورية، حتى إن مهندس أوسلو، كما هو معلوم، غير بيدرسون، هو ذاته اليوم المسؤول عن الملف السوري مبعوثاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة، إضافة إلى وجود أدوات تعمل بالإيقاع ذاته، مع حصار مطبق على السوريين من كل الجهات توّجته خطة طرحها المهندس المحنّك إياه سمّاها ”خطوة بخطوة“ معلناً أن أحداً من اللاعبين الكبار لم يعد يرغب في تغيير النظام بدمشق وإنما فقط تعديل سلوكه.

صحيح أن قطار التطبيع مع الأسد متعثر، لكنه ماضٍ دون ممانعة جادة، تقول الولايات المتحدة إنها لن تدعم ذلك التطبيع، لكنها لا تفعل شيئاً لوقفه. والأوضاع آيلة إلى مزيد من التدهور على ضفة المعارضة التي أصيبت مؤسساتها بالشلل شبه التام، مؤسسات لا تمويل يُذكر لها ولا آفاق دولية مفتوحة أمامها، سوى أنها باتت أشبه بمزارات يطوف عليها السفراء لإعداد تقاريرهم آخر النهار ورفعها للإدارات العليا التي ما تزال تنتظر قبل تخليص السوريين من آلامهم ساعةً لايعلم مُرساها إلا الله.

حافظ حجاب على مواقفه منذ انشقاقه وحتى اللحظة، دون أن ينجرف خلف أزمة حادة عصفت بالمنطقة العربية مثلتها القطيعة الخليجية الخليجية والتي دفع كثيرون ثمناً باهظاً لها وللاستقطاب الحاد الذي خلّفته. تمكّن من عبور الممرّ الصعب، وتزامناً معه كان قد استجاب لضغوط دولية بالابتعاد عن المشهد مع فريقه ممن عرفوا بالصقور، لصالح الحمائم في أوساط المعارضة السورية والذين قادوا المرحلة الماضية من المفاوضات إلى حيث وصلت من طريق مسدودة.

في مشروعه الحالي، يطرح حجاب عجلة من التأثير مختلفة عمّا شهده الملف السوري، على الأقل في المشرق، ففي أوروبا والولايات المتحدة كثيراً ما رعت مراكز الأبحاث ورش التفكير السياسي المتصلة بالشأن السوري، لكنها كانت في البعيد، أما على تخوم سوريا فكان الوضع مختلفاً وساد بدلاً من التفكير صوت المعارضة، والصراعات السياسية والشعارات عوضاً عن التحليل، باستثناء المرحلة المبكرة من الربيع العربي، حين شهدت الدوحة ذاتها لقاءات سياسية رعتها الحالة الفكرية، لكنها أخفقت في الوصول إلى مبتغاها، كان الوقت ما يزال مبكراً، وكانت الثمار لم تنضج بعد والرؤوس حامية ورفضُ الآخر كان أسرع الخيارات وأهونها  على السوريين أنفسهم. لكن اليوم، تغيّرت الحال وتغيّرت معها أمزجة هؤلاء جميعاً.

الهدف الأول الذي تطلعت إليه ندوة ”سورية إلى أين؟“ كان القول ”نحن هنا“، فلا تختزلونا بالصورة النمطية التي بدت عليها الثورة والمعارضة السورية من ترهّل وفوضى، بل يمكن للسوريين أن يقدّموا مشاريعهم وتصوراتهم عن المستقبل بغير النبرة التي اعتدتم عليها خلال الأعوام الماضية. فلتصغوا إليهم. دعونا نرى هل فقد هؤلاء بالفعل إصرارهم على التغيير والتحول الديمقراطي الذي بذلت كل أسرة من أسرهم من أجله الغالي والنفيس، وفنيت أملاكهم وتم تهجيرهم إلى أصقاع الأرض، وخسروا خيرة شبابهم في المعتقلات والسجون والحروب؟ هل هم مستعدون حقاً للتطبيع مع الأسد وطي الصفحة وكأن شيئاً لم يكن؟ وهل يعرفون بالضبط في أي إحداثيات هم الآن ومعهم قضيتهم التي تركها العالم ورقة على طاولة قمار يقايض بها ملفات أخرى هنا أو هناك، من أوكرانيا إلى اليمن، ومن النووي الإيراني إلى عقدة تركيا والناتو، ومن الحرب على الإرهاب إلى ما تبقى من الصراع العربي الإسرائيلي؟

الهدف الثاني من ندوة ”سورية إلى أين؟“ إعادة ترتيب أوراق المعارضة السورية التي تبعثرت على المستوى الدولي، وأغلقت في وجهها الأبواب، وتمزقت علاقاتها مع محيطها، ومن أجل محاولة الاستفادة من أجواء المصالحة العربية التي لم تتوقف منذ إعلان العلا من الخليج إلى مصر، غير أن غيمة المصالحة السخية تلك لم تمطر فوق السوريين حتى الآن، في حين أصبحت حماس، وهي التي كان حاكمت السلطة في مصر جماعة الإخوان المسلمين بتهمة التخابر معها، ضيفاً مزمناً على القاهرة، تعقد فيها مؤتمراتها وتتخذها حليفاً في الهدنة الهشة بينها وبين الإسرائيليين، ومصر رحّبت بهذا، فهي الأخرى بحاجة للنفس خارج قضاياها المحلية والعودة إلى دورها الإقليمي كأكبر دولة عربية ذات ثقل وتأثير.

لم يبق للسوريين مع الإحجام السعودي عن مواصلة دعم هيئة التفاوض أي دولة عربية قادرة على دعم ثورتهم، فحتى الأردن ركض نحو التطبيع مع الأسد رغم ما يجلبه عليه ذلك من تهديد إيراني كان مليكه هو أول من حذّر من نشوء هلاله الشيعي ذات يوم. وقطر كانت منشغلة بترتيب علاقاتها مع أشقائها القريبين، لبنان في المهب الإيراني، والمغرب العربي كله تقريباً يعد الأيام والليالي لإعادة نظام الأسد إلى كرسيه في الجامعة العربية. وعلى مستوى دول الإقليم لم يعد هناك سوى تركيا التي تستضيف الائتلاف السوري المعارض والحكومة المؤقتة ومعهما بضعة ملايين لاجئ سوري في ظروف صعبة ووسط تهديدات قد تلعب بها رياح التقلبات الانتخابية في أي لحظة.

كان يمكن لاتفاق أوسلو الذي يرتبه بيدرسون أن يمرّ، وأن يجد له درباً ممهدة في ما لو كان السوريون في حالة من الانكفاء واليأس تسمح بذلك، حالة تشبه الحالة الفلسطينية التي سبقت ولادة أوسلو، عزلة تامة لمنظمة التحرير الفلسطينية، بوصلة ضالة تجعل القيادة تتخذ قرارات أبعد ما تكون عن الحكمة، مثل تأييد غزو الكويت. لكن الوضع السوري يختلف عن نظيره الفلسطيني في مفاصل مهمة، لكنها غير محسومة بعد، فالثورة الفلسطينية تمتعت بقيادة قادرة على المناورة في كل وقت، في حين يعاني السوريون من غياب القيادة المعترف بها شعبياً، وإن كان حجاب ما يزال يتوافر على قبول كبير بين السوريين. كما حظيت الثورة الفلسطينية بمظلة جامعة مثلتها منظمة التحرير، بينما عجز الائتلاف عن القيام بذلك مع السوريين. الحرب الباردة ساعدت الفلسطينيين على استثمار الاستقطاب الدولي، في حين وجد السوريون أنفسهم في ظل تفاهم أميركي روسي عجز التاريخ عن الإتيان بمثيله إلا في الحالة السورية.

حتى لغة بيدرسون في إحاطاته أمام مجلس الأمن منذ شتاء العام 2020، لم تخل من إشارات تذكّر بأوسلو، ومن ذلك استخدامه لمصطلح ”العدالة التصالحية“ الذي استوقف السوريين حينئذ. على أن كل تلك الفوارق التي كانت بالنسبة لمهندس أوسلو ”عقبات“ في الحالة الفلسطينية، هي اليوم غير موجودة في الحالة السورية، فلماذا لا نبتكر إذاً أوسلو سورياً ينهي الأزمة ونسجّل نصرين تاريخيين على مشكلتين عالميتين مستعصيتين؟ حتى وإن كانت نتائج أوسلو الأولى تمزيق القضية الفلسطينية إلى غزة والضفة ومن ثم حماس والسلطة، ولماذا لا يكون إيقاف الحرب وفرض مذكرة تفاهم محشوة بالخرائط تلو الخرائط هو الهدف بدلاً من التفكير في مستقبل سوريا بعد مثل اتفاق كهذا؟

وإذا كانت توصيات ندوة حجاب قد بدت في نظر بعضهم أقل مما يطمحون إليه، فإن هذا الحد الأدنى هو ما يحتاج إليه السوريون اليوم، فالمعروض عليهم أقل منه بكثير، وكان لافتاً أن سبب التحول في هيئة المفاوضات قبل أعوام، وإبعاد رئيسها وفريقه عنها، هو اعتراضه على دخول منصات موسكو والقاهرة بما تمثله وتحمله من أفكار وتوجهات الدول التي ترعاها، لم يعد قائماً اليوم، فها هي المنصتان تشاركان في ندوة الدوحة وتوافقان على المبادئ ذاتها التي رفضتها طويلا ورفضتها العاصمتان الداعمتان لهما من قبل، وهو تحوّل نوعي لم يتوقف عنده كثير من قراء ما جرى في الدوحة.

الهدف الثالث والأخير للمشروع هو “إطلاق آلية” تقوم بالتأثير في المحيط من تلقاء ذاتها، محدثة التغيير المطلوب، الحد الأدنى منه أيضاً يكفي في هذه المرحلة، والأهم من ذلك أنه غير مرتبط بشخص حجاب نفسه، فقد كان هو الحركة الأولى التي دفعت بالموجة. بوسعه مواصلتها ورعايتها وربما قيادتها بالطبع، إلا أنها انطلقت وانتهى الأمر، وبدأت أولى تأثيراتها بالتحقق من خلال المناخ العام الذي أشاعته سورياً وعربياً وإقليمياً ودولياً. رغم أن رئيس الوزراء الذي لم ينس له السوريون موقفه حين غادر منصبه في أكبر انشقاق عن نظام الأسد، لم يطرح أي جسم بديل عن المؤسسات القائمة التي بات عمرها سنوات ولديها اليوم من الإرث، أبيضه وأسوده، ما يكفي كي تنهض في أي وقت مجددة ذاتها بشخوص جدد وبأدوات جديدة.

ولا أحد، ممن هم وراء السوريين، تبعاً لذلك يرغب بخسارة أوراق قوة على رقعة الشطرنج الممتدة فوق سورية وحولها، جامعة العديد من الملفات الحارة، صراعات النفوذ الامبراطوري والصعود القومي المحيط والقوى الانفصالية والحركات الدينية وخطوط الغاز وحروب المياه وسواها. وفي وضع كهذا ليس الوقت وقت مناكفات سياسية قصيرة النظر بين السوريين، وتنافساً على الحضور والغياب ولعبة الكراسي والكواليس.

للمرة الأولى يمكن للملف السوري أن يكون عاملاً مؤثراً لإعادة ترتيب العلاقات في المنطقة، تقريب الحلفاء والخصوم إلى نقاط متوسطة التباعد تحفظ مصالح الجميع، بعد أن انهارت قاعدة أن لا مصلحة لأحد في تغيير أي شيء في المشهد السوري الجامد الدامي.

تلفزيون سوريا

——————-

ولادة ناجحة لوليد ميّت/ حسن النيفي

لقد انتهى لقاء الدوحة عشية السادس من شهر شباط الجاري بنجاح، بل ربما فاق هذا النجاح مجمل التوقعات السابقة، سواء من حيث التنظيم والإدارة، أو من حيث تناول المضامين النقاشية وسيرورة الحوار، وكذلك من جهة المخرجات التي تمثلت بالتوصيات النهائية، هذا ما أكّده بكل زهو وافتخار، القائمون على ندوة الدوحة، وعلى وجه الخصوص المراكز البحثية التي ساهمت بإنجاز اللقاء، وما يمكن إضافته في هذا السياق، هو أن جميع مقومات النجاح كانت مضمونة سلفاً قبل انعقاد اللقاء المذكور، وذلك نظراً للصيغة التي أُعلِنَ فيها عن اللقاء، وكذلك طبيعة الأشخاص المدعوين، فضلاً عن عناوين الموضوعات المطروحة للحوار في الندوة:

1 – فما جرى في الدوحة هو ( ندوة بحثية )، وبالتالي فإن المعنيين بتلك الندوة هم أصحاب الاختصاص والخبرة، وليس بالضرورة أن يكونوا من عموم السوريين، ثم إن ما ستفضي إليه تلك الندوة لن يكون مُلزِماً لأحد، باعتباره مُخرجاً بحثياً حوارياً لشرائح من المعارضة السورية، وليس نتاجاً لمؤتمر وطني جامع مُلزِم التنفيذ.

2 – الغاية من اللقاء هي التقييم والمراجعة واستشراف المستقبل، وما حصل بالفعل لم يتجاوز ذلك.

3 – لعل الندوات البحثية والحوارية التي أُقيمت منذ عام 2011 وحتى الآن بخصوص الشأن العام السوري يتجاوز عددها الآلاف، وجميعها انتهت وليس ثمة من يُلزمها بتنفيذ أيٍّ من مخرجاتها، وبالتالي ما الفرق بين ما جرى في ندوة الدوحة وما كان يجري في سالفاتها؟

4 – ولئن كانت العبرة في الخواتيم، فإن ما اختتم به لقاء الدوحة أعماله لا يجانب ما يطالب به عموم السوريين، ذلك أن التوصيات الختامية تضمنت التأكيد على ثوابت الثورة والتمسك بالقرارات الأممية وعدم التفريط بالحقوق.

5 – ثم ألم يجسّد لقاء الدوحة رسالة إلى نظام الأسد وحلفائه، وللمجتمع الدولي عموماً، بأن المعارضة السورية ما تزال رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه؟

وبهذا يكون المؤتمرون قد أنجزوا كلّ مقوّمات النجاح للقائهم، بل قطعوا السبيل أمام أي تطاول أو أي اتهام بالتقصير أو الانحراف، بل ربما نظروا إلى أي كلام آخر، خارج هذه المُحدّدات، أو أيّ انتقاد من عامة جمهور الثورة، على أنه ضرب من الشوشرة أو وضْع العصي في العجلات، وليس ببعيد أن يكون دسيسة تنطوي على خيانة وطنية وخدمة لأعداء الثورة، وفقاً لأصحاب هذا المنظور.

ربما أقنعت المُحدِّدات السابقة أصحابها بنجاعة ما أقدموا عليه أو تباهوا بإنجازه، وربما أيضاً عزّزت لديهم الثقة بجواز إسكات جميع الألسنة التي اعتادت الثرثرة، أو أدمنت الانتقاد لأجل الانتقاد فحسب،  كيف لا وهي التي لا يعجبها العجب، تستسهل كيل التهم ولكنها عاجزة عن الإنجاز، أما آن لهذه النزعة ( العدمية) أن تنتهي؟ ولعله من غير المُستغرب أن يتجرأ بعضهم بالقول للعامة: الندوة شأن خاص بالجهة أو الجهات الداعية والمدعوين، فلمَ تحشرون أنوفكم فيما لا يعنيكم؟

ولكن ما هو مؤكّد أن جميع تلك التحوّطات والتحصينات المسبقة التي اتخذها أصحاب ندوة الدوحة لم تكن رادعة لكثيرٍ من السوريين من أن يتحدثوا ويتطاولوا ويحشروا قلوبهم وعقولهم وليس أنوفهم فحسب، ولعل السبب في ذلك ببساطة يعود إلى أن أصحاب القضية، أية قضية، لا يملكون التعاطي مع قضيتهم بنزعة براغماتية مجرّدة، ولا يتعاطون كذلك مع الأحداث وفقاً لمبدأ سدّ الذرائع، بل يتفاعلون مع قضيتهم بعقولهم ومشاعرهم وأحاسيسهم، فهم أصحاب معاناة، بل إن عِظَمَ مأساتهم جعلتهم يتابعون ويترقبون بلهفة لا تخفى، مجريات لقاء الدوحة، ليس بالضرورة لقناعتهم بفحوى اللقاء، بقدر ما هو بؤس الواقع المعاش سواء في مخيمات النزوح أو بلدان اللجوء أو أي بقعة من الجغرافيا السورية، هؤلاء لا يؤمنون بوصاية جماعة أو جماعات محدّدة على الشأن العام السوري، ولا تفوتهم البراعة الهندسية لمراكز البحوث في تكتيكاتها وقدرتها على التلميع والترويج، لعله من الصحيح أنهم يندفعون بفعل تراكم الوجع ويستشعرون بحدس الثائر، ولكنهم لا يعدمون عقل السياسي أيضاً، ولهذا – ربما – لا يرون في معايير النجاح التي يلوّح بها مؤتمرو الدوحة سوى علائم خذلان وإخفاق لهم، فلئن كانت الغاية هي المراجعة والتقييم، فإن نجاح هذه العملية مشروط بالقدرة على التجاوز واتخاذ القرار، ولئن كان تكرار سرديات الفشل والأخطاء هي سمة من تتهمونهم بـ ( العدمية) فأولى بكم أنتم أصحاب الصدارة والقرار أن تتجاوزوا ذلك نحو الحالة الإيجابية المتمثلة باتخاذ القرار.

ربما توقع كثير من السوريين أن تكون ندوة الدوحة امتحاناً أخلاقياً لأجسام المعارضة الرسمية بكل تفريعاتها، ومناسبة جادّة للوقوف أمام الذات بكل مسؤولية وشجاعة، ولكن يبدو أن ما دار من سجالات ومكاشفات بين بعض الشخصيات لم يتجاوز – بمجمله – إفراغ شحنات الاحتقان، أي حالة من (التنفيس وتصفير درجة التوتر) والاحتواء، يتشابه مفعولها مع ما كانت تفعله مسرحيات دريد لحام ودراميات ياسر العظمة في انتقاد الفساد، وربما أسرف بعضهم بالتفاؤل حين ظن أن ذلك اللقاء سيكون تحدياً أيضاً للإرادات الدولية، من خلال شروع المعارضة بإحداث إصلاح نوعي في أجسامها، من شأنه أن يعيد للقضية السورية بعض اعتبارها، علماً أن الجميع يدرك أن حضور الائتلاف وهيئة تفاوضه ودستوريته ما كانوا ليحضروا لولا حصولهم على ضمان بعدم المساس بهياكلهم التنظيمية وأدوارهم الوظيفية، ولكن قدر الظمآن يبقى محكوماً في التعلّق بقطرة ماء.

خروج ندوة الدوحة بتوصيات، مهما بلغت أهميتها، من دون أن تكون مقرونة بأيّ محدّد زمني أو خالية من قرائن إجرائية، فضلاً عن عموميتها وسيولة تأويلاتها، لهي خطوة مكرورة و مسبوقةٌ ولاحقة لأي لقاء يجري بين الناشطين السوريين في أي قرية أو مدينة أو بلدة، وحتى على وسائل التواصل منذ العام 2011 وحتى الآن، ولئن حُقَّ لمن ائتمروا في الدوحة أن يفرحوا بالولادة الناجحة، فقد حُقّ أيضاً لكثير من السوريين أن يحزنوا على وليد ميّت.

——————————

أسمع جعجعة ولا أرى طحناً.. مؤتمرات المعارضة نموذجاً/ فؤاد عليكو

لا يخفى على أحد واقع المعارضة السورية غير السليم منذ عشر سنوات وحتى اليوم، من حيث التخبّط في الأداء السياسي وضياع البوصلة، إضافة إلى جلد الذات، لذلك نراها تنتقل من مؤتمر إلى آخر ومن ندوة إلى أخرى ومن ورشة لورشة ومن مركز بحث لآخر، عدا عن النقاشات اليومية في وسائل التواصل الاجتماعي بين أطيافها مترافقاً بكيل سيل من الاتهامات لهذا الفريق أو ذاك، إضافة إلى تشكيل العشرات بل المئات من الكتل والكيانات والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني  والنسوي والحقوقي، التي من الصعب على أي باحث حصرها اليوم.

ومعظم هذه الندوات تمارس على قاعدة النفي/ النفي للآخر، وبأن ما تقدمه من وجهة نظر تعتبر الأفضل للشأن السوري، بينما في الواقع  والجوهر لا تقدم شيئاً جديداً وعملياً يفضي إلى تغيير اللوحة السياسية القائمة من خلال الكيانات المعترفة بها (الائتلاف وهيئة التفاوض)، كما لم يتمكنوا أيضاً من إثبات فشل هذه الكتل في أدائها السياسي وفي إدارة اللعبة السياسية من خلال عصبة الأمم المتحدة والقرارات الدولية المعنية بالأزمة السورية، حيث هناك شبه إجماع بين هذه الكتل والمؤتمرات التي تعقد هنا وهناك، من أن الحل يكمن بالتفاوض مع النظام من خلال الارتكاز على القرارات الدولية المعنية بالأزمة السورية، وخاصة القرار 2254، علماً، حتى الآن وبعد سلسلة طويلة من الجلسات وعلى مدار ٨ سنوات وتناوب أربعة ممثلين للأمم المتحدة (حيث كانت الجولة الأولى في ٢٠١٤)، لم يتم أي حوار جدي حول الدخول في جوهر بنود القرارات الدولية، بسبب رفض أو تعنت النظام مناقشة هذه القرارات وفق التسلسل الهرمي لبنودها، وممارسته باستمرار سياسة التسويف والمماطلة المتعمدة، على الرغم من مسايرة السيد ديمستورا، المبعوث الثالث للأمم المتحدة، للنظام السوري بحصر النقاش في السلة الدستورية.

مع ذلك لم يتقدم التفاوض حول ذلك أيضاً قيد أنملة، كما أن المبعوث الحالي السيد “غير بيدرسون” لم يغير من المعادلة شيئاً، وما زال يسير على خطا ديمستورا الفاشلة، ورغم ذلك بقيت محصلة التفاوض صفراً، وواضح من كل ذلك أنه لا توجد إرادة وتوافق دولي لمعالجة الأزمة السورية، ومع ذلك نمارس سياسة جلد الذات في مؤتمراتنا وتحميل المسؤولية للقائمين الحاليين على التفاوض، وكأن لسان حالهم يقول، صراحة أو مواربة، بأننا الأفضل في تبوّأ هذه المواقع، علماً أن البعض منهم لم يكونوا بعيدين عن أطر المعارضة الرسمية، إن جاز التعبير، ناسين أو متناسين بأن الأزمة السورية تجاوزت أطر المعارضة والنظام معاً، ودخلت في صلب الصراع الدولي والإقليمي على سوريا، وما نشهده اليوم من تواجد قوات عسكرية من عدة دول مختلفة التوجه والأداء على الساحة السورية يؤكد ما ذهبنا إليه، ويبقى الحل الأمثل للمعارضة، حسب وجهة نظري، وبدلاً من ضياع الجهد والوقت والمال في عقد هذه المؤتمرات والورشات التي تفرق وتشتت المعارضة أكثر مما هي مشتتة، البحث عن أدوات لتفعيل آليات المعارضة القائمة والمساهمة في تقوية دورها داخلياً وخارجياً، كما يتطلب من المعارضة القائمة الخروج من الحالة السكونية والدوران داخل قوقعتها، بالبحث عن آليات عملية لتوحيد طاقات السوريين جميعاً وتجديد فعاليتها من خلال التشريع لنظام داخلي عملي وجامع، وذلك بعقد مؤتمر شامل لكل أطياف المعارضة سنوياً لتقييم أدائها وانتخاب قيادة جديدة مؤهلة، لقيادة المرحلة، تحظى برضى الشارع السوري، كما يشعر كل معارض بأنه يساهم، ولو باليسير، في حمل أعباء الثورة السورية، ومن الممكن أن يقوم الائتلاف بهذا الدور إذا ما تحلى قليلاً بنكران الذات، وتقديم مصلحة الشعب السوري على المصلحة الشخصية.

ما دعاني إلى الكتابة هو ما يحصل هذا الشهر فقط من عقد ندوة في قطر برئاسة الدكتور رياض حجاب ومؤتمر للمعارضة في إسطنبول، علماً أن قطر وتركيا على علاقة جيدة مع بعضهما البعض، وكذلك مع المعارضة السورية في آن واحد، كما أن مقر الائتلاف في إسطنبول. والسؤال: ماذا سيقدم هذان المحفلان من جديد، كقيمة مضافة لما هو قائم حالياً؟ هل سيتجاوزان القرارات الدولية برفض الحوار مع النظام بشكل قطعي ونهائي وإيجاد آليات جديدة مبتكرة لعمل المعارضة والثورة السورية بعيداً عن السياق الدولي الممارس حتى الآن، أم سيكونان تكراراً مملاً لما هو قائم، وعلى مبدأ (خالف تعرف)، وما في حدا أحسن من حدا؟

فؤادعليكو

ليفانت – فؤادعليكو

——————————

==================================

تحديث 14 شباط 2022

——————————–

“الائتلاف” في ندوة “سورية إلى أين”/ عمار ديوب

انعقدت ندوة “سورية إلى أين” في 5 و6 فبراير/ شباط الجاري في الدوحة، بعد انتقادات واسعة، شملت ممارسات الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، ورفض شعبي واسع لاستمراره في الانخراط في اللجنة الدستورية وهيئة التفاوض ومسار أستانة، وكلام كثير عن تغيير في الموقف السياسي له من إسقاط النظام في سورية إلى الحوار معه. كان المأمول شعبياً إعلان الانسحاب الكامل من هذه التشكيلات، وجاءت التوصيات في نهاية الندوة مخيبة لآمال السوريين. وجود ممثلي الائتلاف في الندوة، بشخص سالم المسلط، وأنس العبدة، وهادي البحرة، ورفضهم ذلك الانسحاب، وضد أغلبية الموجودين هناك، يوضح أنّ هناك سياسات، يسير عليها هذا “الائتلاف”، ولا تخرج عن مسار أستانة، واللجنة الدستورية، وبالتالي، خضوع قراره بشكل كامل للدول الداعمة لتلك المسارات، وهي بالتحديد تركيا وروسيا وإيران.

كان الحضور الأميركي، والموقف الذي أعلنه نائب وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، إيثان غولدريتش، مانعاً للمسارات الروسية، والمؤدّية إلى التطبيع مع النظام، وموقفه هذا يعبّر عن الاتحاد الأوروبي، وبالتالي لم تتضمن التوصيات رفضاً قاطعاً للاستمرار بالمسارات الروسية، ولكن أيضاً لم تنطلق منها خياراً نهائياً لـ”الائتلاف”، وتُرك القرار له! وتشي التوصيات بأنّ وظيفة الندوة تحدّدت، وقبل البدء بها، بالنقاش العام، عن شؤون المعارضة والثورة وسورية، وليس من أجل إعلان تغييرٍ كبير في سياسات “الائتلاف”، وإيقاف انخراطه في المسارات الروسية.

رفض السياسة الأميركية والأوروبية التطبيع مع النظام، والتمسّك بالقرارات الدولية، التي صدرت، ومنذ 2011، وبموافقة كلّ من روسيا والصين، والتي ذُكِرت واحدة من توصيات ندوة الدوحة، ورفض ممثلي “الائتلاف” في تلك اللجان، ورئيسه، الانسحاب من المسارات الروسية، يعني أن لا قيمة لهذه التوصية بشكل حقيقي، وأنّ تدوينها جاء من أجل الالتفاف عليها، إذ لا يستطيع “الائتلاف” إدارة الظهر علانية للقرارات الدولية. في هذا علينا ذِكر أنّ الموقف الروسي أخيراً، كان واضحاً، أنّ كلّ النقاش في إطار اللجنة الدستورية لن يفضي إلى هيئة انتقالية كاملة الصلاحيات، ووظيفته فقط الوصول إلى حكومة “وطنية” بقيادة الرئيس الحالي. ضمن هذا الإطار، ما قيمة التوصية الخاصة بضرورة مناقشة قيادة “الائتلاف” الاستمرار في اللجنة الدستورية أو مسار أستانة؟

تفترض الاستنتاجات أعلاه مسؤوليةً كبيرةً على من ذهبوا إلى الدوحة، من غير جماعة “الائتلاف”، وتكمن في كشف مجريات ما حصل هناك، ووضع استنتاجاتٍ جادّة، والتبرؤ من تلك الجماعة، التي أصبحت معزولة شعبياً وسياسياً. إحدى التوصيات أنّ هناك اجتماعات أخرى، وباعتبار أنّ هناك مراكز أبحاث تمثلت في الندوة، وشخصيات راغبة في مسار آخر، فإنّ المسؤولية تقتضي العمل على ندواتٍ افتراضية، من أجل تفكيك “الائتلاف” ولجانه، وتشكيل جسم سياسي جديد، يتوافق مع مصالح الشعب السوري. والخلاصة الحقيقية لندوة الدوحة ليست في التوصيات، بل في الاستنتاج الذي تناقله مدعوون كثيرون، أنّه لم يعد لـ”الائتلاف” علاقة بمصلحة السوريين، وهو ينفذ أجنداتٍ إقليمية، تابعة للحلف التركي الروسي الإيراني. وفي هذا الأمر، وباعتبار قادة “الائتلاف” رفضوا الفرصة الثمينة التي عرضت عليهم في الدوحة، وأقصد إجراء نقاشٍ دقيقٍ لأحوال المعارضة، والفساد فيها، وارتهانها لتركيا، والجدوى من الاستمرار في المسارات المذكورة، التي تعني التفريط بالقرارات الأممية، والتعارض مع الموقف الأميركي الأوروبي، فإنّ العمل من أجل إطاحة “الائتلاف” سيكون المدخل نحو إعادة تجديد الروح للمعارضة، وللوضع السوري. أقول للوضع السوري، فقد أصبح بيد الدول الإقليمية والعظمى، وإذا سَلّم النظام أمره لروسيا وإيران، فقد فعلت المعارضة الشيء ذاته بتسليم شؤونها لتركيا خصوصاً، لكنّ مشكلتها أنّ الأخيرة متوافقة مع الروس في المسارات أعلاه، وفي تهميش القرارات الأممية، وتسعيان من أجل صفقةٍ تقتسمان فيها سورية مستقبلاً.

لم ينتبه قادة “الائتلاف” إلى فشل التطبيع العربي مع النظام، إذ بدأ الأردن يشعر بأن لا إمكانية للقيام بتطبيعٍ حقيقي مع دمشق، وكذلك انقطع تقريباً الطريق الجديد الذي اختطته الإمارات، فقد حاولت التطبيع مع دمشق، ومع تركيا؛ فقد دفنت ذلك عمليات الحوثي على الأرض الإماراتية. وإذا أضفنا الموقف الأميركي والأوروبي، فإنّ خيارات قادة “الائتلاف” تصبح قصيرة النظر، وتكرّس عزلتها عن الشعب السوري. يضعهم تمسّكهم بتلك المسارات خارج الانشغال بقضايا السوريين.

أخطأت اللجنة المنظمة لندوة الدوحة بدعوة قادة “الائتلاف”؛ فالمنطقي أنّها ندوة للنقاش الدقيق في أحوال المعارضة، بينما هؤلاء القادة سياسيون، ولديهم أجندات واضحة، ويتحرّكون بأفقها. وجودهم هناك، هَمّشَ النقاش، وأربك مضمون التوصيات، وحوّل القادة إلى مناقشين بدورهم، وكأنهم ليسوا سياسيين، هم قادرون على الفعل، بينما الآخرون يمتلكون ألسنتهم فقط.

صحيحٌ أنّ الواقع السوري يشير إلى هزيمة الثورة، وانتصار النظام وحلفه والإسلاميين و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وفصائل تابعة لتركيا، ويبدو أنّ “الائتلاف” ينطلق من ذلك في مواقفه! لكنّ النظام لم يستطع التصدّي لأيّة أزمة داخلية، ولا التصالح مع المناطق المستعادة بدورها، وهناك خلافات كبيرة بين روسيا وإيران، وروسيا وتركيا، وهناك الخلافات مع الدول الراغبة في التطبيع معه. أيضاً لم تُولَ الأزمة الاقتصادية أهمية كبيرة. والآن، تنفجر مدينة السويداء بشكل كبير، وهناك تذمّر واسع في مدن الساحل. المقصد أنّ قضايا الواقع السوري الحقيقية لم تُناقش قَطّ؛ قضية الاحتلالات، والأزمة الاقتصادية العنيفة وآثارها الاجتماعية، والمواقف الدولية الجديدة، وقوة القرارات الدولية. هذه مداخل جادّة للخروج من الاستعصاء بأوضاع المعارضة. أدّى خطأ التنظيم في تلك الندوة إلى ما ذكرت. الآن، هناك إمكانية إلى لقاءات كثيرة، هنا وهناك، ويفترض بالسوريين العمل على ذلك.

لقد أعطت الندوة في الدوحة شرعية للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية “الميت”؛ فقد وضعت بين يديه الحق بقبول التوصيات أو رفضها، وسيرفضها بالتأكيد، وقد كُتبت بلغة دبلوماسية، وأقرب إلى الاستجدائية، بأن يلتفت إليها قادة “الائتلاف”. هذا خطأ كبير، سيستمرّ “الائتلاف” في مساراته، وهي مساراتٌ روسية بالأصل، وبالتالي هناك ضرورة لشطبه نهائياً، وهذا وحده المدخل نحو استعادة الإرادة والسياسة الثورية والرؤية الوطنية، وحقوق السوريين، وعبر معارضة جديدة، تجيد قراءة الوضعين، الدولي والإقليمي، وتنطلق من حقوق السوريين، وما وصل إليه الواقع السوري من تأزّم شديد.

العربي الجديد

—————————–

“ندوة سورية إلى أين؟”.. بين أمل السوريين وضباب المشهد الدولي/ أسامة آغي

انعقاد ندوة الدوحة في الخامس والسادس من شهر شباط/ فبراير 2022، والتي حملت عنواناً: “سورية إلى أين؟”، وعمل على تنظيمها الدكتور رياض حجاب رئيس الوزراء السوري المنشقّ عن نظام الأسد، لم تكن مجرد تبادُل وجهات نظر فكرية وسياسية فحسْبُ، بل إن هذه الندوة التي قِيل فيها وحولها الكثير من الآراء، انعقدت في ظلّ شروط سورية وإقليمية ودولية، لم تسمح لها أن تكون عَتَبَة تغيير سوري، بل جعلت منها منصّةً لطرح توصيات، ولهذا لم تكن منصّةً سورية جامعة، تُعيد إنتاج رؤية قُوَى الثورة والمعارضة، وتعمل على إعادة توسيع وتعميق بنى مؤسساتها، التي عجزت حتى اللحظة عن فرض رؤية السوريين بالتغيير السياسي في بلادهم على قُوى التدخل الإقليمية والدولية في ملفّ الصراع السوري.

لهذا كان من المتوقع، ألا تُحدث هذه الندوة أي اختراق عملي ملموس بشأن القضية السورية، واختراق بشأن وضع مؤسسات قُوى الثورة والمعارضة المصابة بالعجز، وذلك نتيجة لوقوع قضية الصراع في سورية بقبضة تجاذُبات ذات طابع إقليمي ودولي.

إن الإجابة على السؤال الرئيس لندوة الدوحة (سورية إلى أين؟)، يحتاج بالضرورة إلى تسليط ضوء حقيقي على الصراع السوري بأبعاده الثلاثة، الداخلي، والإقليمي، والدولي.

وهذا يتطلب رؤية مختلفة لهذا الصراع وأدواته وأساليبه، باعتبار أن البنى السياسية، التي قادت مؤسسات قوى الثورة والمعارضة، لم تكن قادرة على تحديد المسار الأفضل والأكثر استقلالية، بل ركنت نفسها إلى توازُنات متغيرة في ميزان قوى الأطراف الخارجية المنخرطة بالصراع السوري.

إن الإجابة على سؤال الندوة، يتطلَّب توفُّر إمكانية إحداث مراجعة شاملة وحقيقية، حول الشروط الموضوعية والذاتية، التي تحيط بحقيقة وضع الصراع السوري، هذه المراجعة لا قيمة لها ما لم تجد وسيلة فعّالة لفرض بِنية جديدة لأُطُر قُوى الثورة والمعارضة، بنًى تنتج من مؤتمر وطني سوري جامع لكل قوى ومكونات السوريين السياسية، والاجتماعية، والاثنية.

إن الدكتور رياض حجاب منظِّم الندوة لم يكن دَيْدَنُه عَقْد ندوة تخرج بتوصيات، بل كان يريد تغيير واقع عمل وبنى قوى الثورة والمعارضة، من خلال اجتماع موسَّع لهذه القوى، يخرج بنتائج تُغيّر واقع العجز الذي تعيشه هذه القوى، وانسداد الأُفُق أمامها.

إن مبادرة المبعوث الأممي إلى الملف السوري السيد “غير بيدرسون”، المسماة خُطوة بخُطوة، كانت تُوحي للمعارضة بضرورة تقديم تنازُلات في جوهر القرار الدولي 2254، والقبول بتجزئة المفاوضات إلى أجزاء جديدة، تتمثل بخطوات متقابلة، لن تؤدي البتة إلى انتقال سياسي، وكان ديميستورا قد قام بتجزئة القرار المذكور إلى سِلال ثلاث أولاً ثم ألحقت بها ما سُمي حينها سلة مكافحة الإرهاب.

لهذا فاجتماع الدوحة لم يكن منصّةً لتقديم تنازُلات تتعلق بضرورة انتقال سياسي حقيقي، وهو اجتماع ربما أغلق الباب على “أوسلو سورية” وَفْق تعبير الكاتب السوري إبراهيم الجبين، وأحرج قوى داخل قوى الثورة من محاولة التقاطع مع مبادرة بيدرسون المعادية للسوريين، ولم يكن اجتماع الدوحة أيضاً ممراً لتغيير وضع بنى المعارضة القائمة عَبْر مؤسساتها الحالية، بل تمّ اختصاره إلى منصّة توصيات عامة، لن تُغيّر من واقع حال قوى الثورة والمعارضة، أو من واقع حال السوريين، الذين ينتظرون فتح ثغرة في جدار الإحباط الذي يحيط بهم، نتيجة ارتباط قضيتهم الوطنية التحررية ببؤر توتُّر أخرى، يجري الصراع فيها بين الغرب من جهة، والروس والصينيين وحلفهم من جهة أخرى.

ولكن يمكن القول: إن توصيات ندوة الدوحة، التي اندرجت في سبعة عشر بنداً هي توصيات جيدة، لأنها وضعت حدوداً يصعب القفز فوقها، مع أنها لم تأتِ بجديد، فهي توصيات لم تُلامِس عمق الصراع السوري، ولأنها لم تذهب إلى اجْتِرَاح آليات عمل ملموسة، للخروج من الطريق المسدودة أمام الحل السياسي، وَفْق القرارات الدولية ذات الصلة بهذا الصراع.

الندوة لم تحدّد البُعْد البِنْيَويّ لعجز مؤسسات قُوى الثورة والمعارضة، وهو أمرٌ يحتاج إلى إضاءة شديدة ومراجعة نقدية، تقود إلى تغيير جوهري في البنى القائمة، بحيث يُعاد إنتاج هذه البنى على قاعدة استقلالية القرار الوطني السوري، وهذا أمر غير ممكن في الصيغة البِنْيوية الحالية، التي تقوم عليها مؤسسات قوى الثورة والمعارضة، حيث إن هذه الصيغة تعيد إنتاج نفسها وأدواتها، نتيجة انغلاقها على بِنيتها الأولى التي تَشكَّلت لإنجاز حلٍ سياسي لم تكن آفاقه وملامحه عام 2012 قد تَبيَّنت.

كذلك، الندوة لم تحاول بيان الطريقة الممكنة، التي تؤدي إلى تفكيك بِنْية نظام الاستبداد في دمشق، خارج الوسائل والسُّبل المرتكزة على مفهوم مُشوَّش وغامض عنوانه: “تنفيذ القرار 2254”.

وهذا يتطلب الولوج إلى بِنية “حاضنة النظام” من باب أزمتها العميقة أمنياً، ومعيشياً، واقتصادياً، ومن أجل تعميق الشرخ بين النظام الأسدي وفساده العلني وبين حاضنته، التي دفعت أغلى الأثمان من أجل خرافة في ذهنها سوّقها النظام منذ انفجار الثورة السورية عام 2011، والتي تقول: “إن الأسد باقٍ إلى الأبد”.

إن ولوج بِنية حاضنة النظام يتطلب تغييراً عميقاً وجوهرياً في بِنْية الخطاب السياسي الثوري المُعارِض، والخطاب الإعلامي المُعارِض، والعودة بهما إلى مربع الثورة الأول، مربع زمن تفجُّر المظاهرات السلمية، هذا الولوج يتطلب بيان برنامج عمل وطني تغييري شامل، يمسّ كل المكونات السورية، لا كما ترتَئِيها قيادات المعارضة الحالية، بل كما تتلمسها تمثيلات المكونات السورية السياسية والاجتماعية، عَبْر مؤتمر وطني جامع لها يشكّل مرجعيتها الحاسمة، وهذا أمر قارَبَتْهُ ندوة الدوحة دون التعمق بأهميته وضرورته الشاملة.

إن تمسُّك الندوة بضرورة تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بسورية، وتحديداً القرار 2254، هو أمر حسن، ولكنه في الوقت ذاته، أمر ينطوي على تجاهُل للكيفية التي يتمّ من خلالها تنفيذ هذه القرارات، فالندوة لم تناقش في العمق الكيفية التي يتمّ من خلالها تغيير ميزان قوى الصراع بين قوى الثورة والمعارضة من جهة، وبين النظام الأسدي من جهة أخرى.

إن تغيير ميزان القوى على الأرض يأتي من خلال تغيير إستراتيجية الصراع مع النظام السوري، فهذه الإستراتيجية القائمة حالياً، أوصلت السوريين في طرفَي المعادلة إلى طريق مسدودة، وهذا يدفع نحو نقد الطريق السابقة، والبحث في اشتقاق إستراتيجية جديدة مختلفة، تعتمد على إيجاد القاسم المشترك الوطني السوري، المُستنِد على الانتقال السياسي من نظام الاستبداد الأسدي إلى نظام دولة المواطنة والمؤسسات المنتخَبة، نظام تداوُل السلطة عَبْر انتخابات شفّافة.

إن بنود التوصيات السبعة عشر التي خرجت بها ندوة الدوحة، تحتاج بالضرورة إلى حامل سياسي قادر على حملها، وتحويلها إلى برنامج عمل، وليس إلى مقولات يتم تَرْدادها في المناسبات والورشات والخطب، ويمكن اعتبار ندوة الدوحة وَفْق نتائجها وتوصياتها أنها “بروفة أُولى” نحو توحيد المعارضة في إطار سياسي واحد يقود إلى تغيير نظام الاستبداد الأسدي، وبناء سورية الجديدة التي تساءلت ندوة الدوحة عن مآلها.

——————————–

مؤتمر الدوحة للمعارضة السورية… “فات الميعاد”؟/ محمد السكري

أنهت المعارضة السورية ندوة استثنائية من نوعها بدعوة من رئيس الوزراء السوري المنشق “رياض حجاب” التي عقدتها في العاصمة القطرية الدوحة بعنوان سوريا إلى أين؟ وذلك في 2 و3 شباط/ فبراير 2020 واستمرت لمدة يومين بحضور مختلف الشخصيات السياسية والمدنية وبعض مراكز الأبحاث والمؤسسات الرسمية التقليدية التي كانت خُلاصة عشرة أعوام من الحراك السياسي في سوريا بما في ذلك؛ الائتلاف الوطني، وهيئة التفاوض، واللجنة الدستورية.

تأتي هذه الندوة البحث عن آفاق للخروج من مأزق الاستعصاء السياسي الذي تعيشه العملية السياسية السورية بكل حيثياتها وقراراتها الدولية من بيان جنيف 1 والقرارات ذات الصلة. إذ لم تستطع المعارضة أن تبلور مشروعاً سياسياً يقوم على خطوات تنفيذية واضحة المعالم، كذلك عدم القدرة على إنهاء حالة التنافس البيني على صعيد الأفراد والمجموعات والمؤسسات أو حتى الاختصاصات بين السياسية والعسكرية، ما عزز من ضبابية المشهد السوري المعارض.

وفرض التوافق التركي-الروسي حول مناطق آمنة تحت الإشراف التركي معطيات جديدة تتعاطى معها المعارضة، فأهملت الجانب السياسي مقابل التركيز على الجانب التنفيذي الحكومي في منطقة لا تتجاوز مساحتها من سوريا 7 إلى 9% بعدما سلّمت المعارضة باستحالة التغيير السياسي على الأقل في الوقت الراهن.

وأثار مسار اللجنة الدستورية بجولاتها الست وصولاً إلى طرح المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون مساراً سياسياً جديداً بعنوان “خطوة بخطوة”، الكثير من التحفظات لدى السوريين حول هذه التنازلات المستمرة. ما استدعى جمع أوصال كل الفئات السورية من جديد على طاولة واحدة للبحث عن مخرج سوري يعيد حضور المعارضة وثقلها والملف السوري إلى أولويات الملفات الدولية.

قبل بدء الندوة التي تأجلت من كانون الثاني/يناير إلى شباط/فبراير (2022) كان هناك تبايناً في القراءات والتسريبات حول أهداف الندوة بين من اعتقد بإمكانية أن تبرز منصة جديدة للمعارضة السورية ربما تكون الأشمل منذ مؤتمر الرياض 2 (2017)، وآخرون أكدوا أنّها مجرد ندوة حوارية للوقوف عند الواقع الجديد والعمل على صياغة ترتيبات للمرحلة المقبلة.

تباين بين الاستبدال والإصلاح

قُسمت الندوة على عدة مراحل من بينها جلسات مصورة ومنقولة ببث مباشر عبر الصفحة الرسمية “سوريا إلى أين” وقد تضمنت عرض أوراق بحثية مختلفة عن الملف السوري والفاعلين الدوليين وواقع المناطق التي تسطير عليها المعارضة، وأخرى مغلقة تناولت وركزت بشكل كبير على دور وسلوك المعارضة السورية السياسي، وقد تلقت شخصيات المعارضة اتهامات مختلفة من بينها التمسك والهيمنة على دور المعارضة السياسية عبر أجسام الائتلاف واللجنة الدستورية وهيئة التفاوض وتفاوتت المطالب بين من أراد إصلاح هذه المؤسسات من خلال الاستبدال، وفئة أخرى اعتقدت باستحالة ذلك ورجحت عرض خطة تنفيذية واضحة المعالم تؤدي لولادة معارضة جديدة واسعة التمثيل تهدف في المقام الأول إلى تطبيق القرارات الدولية.

يقول حسين حمادة عضو الأمانة العامة في الهيئة الوطنية السورية لرصيف22: “لقد قدمنا خطة عمل تنفيذية واضحة المعالم للجنة المنظمة للمؤتمر وعرضناها على القائمين والمسؤولين خلال الجلسات وكانت على رأسها إنهاء العمل بالائتلاف الوطني كمؤسسة وطنية واستبدالها بمؤسسة سورية أخرى لأنّ الائتلاف فقد الحاضنة الشعبية وأصبح مؤسسة ضعيفة ويحتاج للاستبدال أو في أسوأ الأحوال الإنعاش أي الإصلاح بشكل جذري من خلال انتقاء شخصيات معيارية تنتمي إلى الثورة السورية على اختلاف الشرائح من السياسيين والحقوقيين والدبلوماسيين والاجتماعيين والضباط والاقتصاديين، وذلك لمدة زمنية محددة لا تتجاوز 4 سنوات وبتمثيل عادل للفئات كالشباب والمرأة”.

وينوّه إلى أن “المعارضة السورية خسرت المعركة السياسية والعسكرية وبقيت المعارضة الحقوقية بالتالي التركيز على هذا الملف قد يعيد الآمال بعملية الانتقال السياسي وتفعيل مسار المساءلة والمحاسبة بدلاً من الاستمرار بمسار اللجنة الدستورية وآثاره الكارثية”، وختم حمادة بقوله: “لقد كانت هذه الجلسة بمثابة محاكمة لشخصيات المعارضة السورية وعسى أن يعقبها جلسة نطق بالحكم في أقرب وقت”.

تعكس المطالب الإصلاحية، مطالب الحاضنة الشعبية للثورة السورية في إطار الدفع تجاه تبني المعارضة لأدوات سياسية أكثر فعالية مع توفر شخصيات اختصاصية “تكنوقراطية” معيارية ووجود سبل لصياغة طريق واضح المعالم نحو المستقبل عنوانه اغتنام اللحظة الدولية المناسبة وإحداث تقاطع بين أهداف الدول المنخرطة في الصراع السوري وبين توجه المعارضة العام أي تحويل الفرصة إلى إنجاز وطني، فيما يبقى السؤال الأهم يتمحور حول إن كان هناك رغبة حقيقة في الإصلاح لدى مؤسسات وشخصيات مهيمنة على القرار العام.

مخرجات عامة ونتائج ضعيفة

تضمنت مخرجات الندوة بعد يومين من الاجتماعات 17 بنداً حيث تضمنت البنود الخمس الأولى المحافظة على وحدة الأراضي السورية وسيادة الدولة واستقلالها ورفض التقسيم، وتأسيس نظام ديمقراطي، وإعادة هيكلة المعارضة السورية، تعزيز دور الشباب والمرأة وضمان تمثيلهم. في حين شملت البنود الأخرى ضرورة صياغة خطاب وطني جامع، وتعزيز التواصل بين مختلف الشرائح السورية، والتأكيد على أحقية الشعب السوري بالحرية والكرامة، والالتزام بالعملية السياسية عبر مسار جنيف والقرارات ذات الصلة، ونبذ الإرهاب والتطرف، التركيز على تنمية مناطق المعارضة السورية، والتأكيد على اللامركزية الإدارية للنظام السياسي ومحاربة التنظيمات الإرهابية وعقد ندوات مماثلة بشكل مستمر.

ولم تأتِ المخرجات بشيء جديد، إذ ما زالت المعارضة تنطلق من ذات الخطاب المُعتاد وما جاء في البيان لا يختلف في المضمون على ما تتناوله عادةً معظم البيانات الدولية من حيث ضرورة الانتقال السياسي والحفاظ على السيادة السورية والمشاركة السياسية الواسعة لكل فئات وشرائح الشعب السوري كما التأكيد على محاربة الإرهاب ودعم مسار الإصلاح للمؤسسات، ربما الاختلاف الطفيف في التركيز على مسار الإصلاح وتوسيع مشاركة الشباب وتبني شكل اللامركزية الإدارية كنظام حكم مستقبلي على أمل أن يعزز الطرح استقطاب شرائح واسعة من أطياف الشعب السوري ولا سيما في إطار بروز مطالب اللامركزية خلال الفترة المنصرمة في درعا والسويداء وشرق سوريا.

واعتذر عدد من مؤسسات المعارضة السورية مثل منصة القاهرة عن الحضور مع فرض منصات أخرى شروط للحضور كمنصة موسكو -المحسوبة على روسيا- من بينها عدم تناول مصير رئيس النظام السوري والتطرق للجيش ومؤسسات الدولة وهذا ما سبب انتقادات لاذعة عن أسباب حضور تلك الشخصيات.

كذلك، اعتذرت شخصيات بارزة في المعارضة السورية عن الحضور مثل معاذ الخطيب أول رئيس للائتلاف الوطني ويقول لرصيف22: “لن يكون هناك جسم جديد للمعارضة السورية بسبب التنبيهات الدولية والإقليمية الواضحة في هذا الشأن ولن يحل الائتلاف”، مضيفاً، “لقد اعتذرت عن الحضور وأعلنت على الملأ منذ ما يزيد عن خمسة أشهر رفضي لحضور أي نشاط تشارك به اللجنة الدستورية”.

في نهاية المطاف، لا يمكن التعويل على تحقيق تقدم في ملف اصلاح البيت الداخلي في المعارضة السورية من خلال هذه الندوة القصيرة وبهذا الوقت المحدود، فمسار الإصلاح شاق ومرهق ويحتاج لعمل طويل، ولكن مع ذلك من الوجيه أن يُطرح السؤال: هل الوقت لصالح المعارضة أم قد فاتها؟ ثمّة اعتقاد بأنَّ صعوبات المعارضة ربما يمكن تجاوزها ولكن استحالة إنتاج النظام هي المعادلة التي تنطلق منها قوى المعارضة السورية في الدفع تجاه تبني مسار جديد قد تأتي لحظته في أيّ مناسبة قادمة في حال حدوث توافق دولي.

رصيف 22

————————-

ملخص أعمال ندوة : “سورية إلى أين؟” ( الدوحة 5-6 فبراير 2022 )

عقدت ندوة بعنوان : ” سورية إلى أين ؟ ” ، يومي السبت والأحد ( 5-6 فبراير 2022 ) ، في العاصمة القطرية ، الدوحة ، بحضور ممثلين عن مؤسسات قوى الثورة والمعارضة السورية ، ومراكز الفكر ، ومنظمات المجتمع المدني ، وممثلي الجاليات السورية ، والإعلام السوري ، وعدد من الشخصيات المستقلة ، فيما تضمنت قائمة الحضور مختلف ألوان الطيف السوري المعارض .

وتمثل الهدف الرئيس للندوة في : جمع مختلف ممثلي قوى الثورة والمعارضة لتقييم الوضع الذي آلت إليه البلاد ، وتحديد المخاطر والفرص الكامنة ، وسبل تخفيف معاناة الشعب السوري ، والنهوض بأداء المعارضة ، ومناقشة آليات إخراج عملية التحول السياسي من حالة الاحتباس التي تعاني منها ، نتيجة تعثر الوساطة الأممية ، ومراجعة الحسابات في ظل التحولات العميقة التي تشهدها المنطقة على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وتضمنت الندوة جلسة افتتاح ، وجلسة ختامية ، وسبع جلسات حوارية ، تناول فيها الحاضرون ثلاثة محاور رئيسة ، هي :

استعراض مسار الثورة السورية ، وتقييم المشهد السوري الحالي بما في ذلك : وضع النظام ، والمعارضة ، ومواقف القوى الإقليمية والدولية .

استشراف التحديات والسيناريوهات المستقبلية المتوقعة ، وآليات التعامل معها .

إقرار توصيات ، تقدم رؤية شاملة لعمل المعارضة في المرحلة المقبلة ، بهدف الخروج من الأزمات السياسية والإنسانية والاقتصادية التي يعاني منها السوريون .

وتضمنت الكلمات المقدمة ، في اليوم الأول ، جلسة الافتتاح التي دعا فيها الدكتور رياض حجاب إلى : ” معالجة الأخطاء التي وقعت فيها مؤسسات الثورة ، وتصويب مسارها ، والارتقاء بأدائها ، وتعزيز فاعليها ،وضمان تمثيل أهلنا كأصحاب حق : ينافحون عن قضيتهم ، ويدافعون عن أرضهم ، ويصونون هويتهم ، ويستحوذون على زمام المبادرة ” . وحدد د . حجاب أهداف الندوة في : ” جمع النخب السورية الفاعلة ، وتمتين أواصر التنسيق والتعاون فيما بينها ، وتوفير أجواء الحوار الودي بين مختلف أطرافها ، والتشاور بشأن آليات التعامل مع المستجدات ” ، مؤكداً أن : ” الأيدي ممدودة لجميع الجهات التي لم يتسن لها حضور هذه الندوة في فعاليات مستقبلية نقترح تنسيقها فيما يعزز التواصل الإيجابي بين مختلف السوريين خارج إطار الوصاية الخارجية ومحاولات الفرز والاستقطاب الإقليمي ” . وتناولت الجلسات الأربع التالية عدة مواضيع ، أبرزها : تحولات المواقف العربية والإقليمية إزاء القضية السورية ، وموقف حلفاء النظام ودبلوماسية ” القوى الضامنة ” ، والمواقف الغربية والدولية وأفاق الوساطة الأممية ، وتحليل أداء النظام ، وتقييم الواقع السوري في مناطق سيطرة النظام ، وتقييم قدرة النظام على الصمود في ظل العقوبات الدولية ، وفرص نجاح إعادة تعويمه ، والأداء السياسي والدبلوماسي لمؤسسات قوى الثورة والمعارضة ، وإشكاليات التشكل البنيوي وعوائق الاستجابة لتحولات المرحلة ، واستعراض أداء الإدارة والحكم في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام ، والسيناريوهات المتوقعة والتحديات التي ستواجه قوى الثورة والمعارضة ، والتحولات الأمنية والعسكرية وانعكاساتها على العملية السياسية ، وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية وتأثيراتها المحتملة . وبدأت الندوة أعمالها ، في اليوم الثاني ، بمداخلة قدمها نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي إيثان غولدريتش ، بين فيها موقف الولايات المتحدة إزاء تطورات المشهد السوري ، وعقب خروجه من القاعة ، تناولت الجلسة الصباحية المغلقة جملة من المواضيع المتعلقة بإعادة ترتيب البيت الداخلي ، هي : آليات تحقيق استقلال القرار لدى المعارضة ، وأزمة التمثيل السياسي ، والتعددية وإدارة التنوع ، القواسم المشتركة وسبل توظيفها في الصالح العام ، وسبل تحسين الأداء ، ومراجعة الأولويات ، والأدوار المهمة التي يضطلع بها السوريون في الخارج ، ومناقشة إستراتيجية المعارضة إزاء عملية الانتقال السياسي ، وآليات عمل المعارضة لإنفاذ القرارات الأممية ، وتعزيز الاحترافية عبر إشراك منظمات المجتمع المدني واستيعاب القوى المجتمعية الصاعدة . واختتمت الندوة أعمالها في تمام الساعة التاسعة من مساء يوم الأحد ( 6 فبراير 2022 ) ، بعد تلاوة التوصيات وإقرارها بالإجماع ، وتضمنت سبعة عشر بندأ ، هي:

أولاً : التوافق على جملة من المبادئ التي تعمل جميع أطراف قوى الثورة والمعارضة تحت مظلتها ، وعلى رأسها :

المحافظة على وحدة الأراضي السورية وسيادة الدولة واستقلالها ، ورفض كافة دعوات التقسيم .

التمسك بالهوية السورية الوطنية الجامعة .

تأسيس نظام ديمقراطي يقوم على قيم : المواطنة المتساوية والتعددية ، وعلى تداول السلطة في مناخ من الحريات العامة ، واحترام حقوق الإنسان ، والفصل بين السلطات . اعتماد نظام اللامركزية الإدارية وفق سياسات وطنية تحقق التنمية المستدامة .

ثانياً : إعادة هيكلة مؤسسات قوى الثورة والمعارضة ، والارتقاء بأدائها فيما يمكنها من تحقيق مطالب الشعب السوري المحقة والمشروعة وتمثيلها بكفاءة واحتراف ، ويضمن استقلالية قرارها الوطني ، ويؤهلها لتكون الحامل السياسي الذي يحظى بثقة الشعب وتأييده ، ويثبت دورها في الإطارين الإقليمي والدولي ، عبر إستراتيجية وطنية شاملة للتعاطي مع العملية السياسية ، ورفض أي انحراف عنها ، وتعزيز العمل المؤسسي على كافة المستويات السياسية والدبلوماسية والتنموية .

ثالثاً : تنمية وتوظيف كافة الخبرات المتاحة في الداخل السوري وخارجه ، والاستفادة من الاستشارات التي تقدمها مراكز الفكر الوطنية ، ودعم الأدوار المحورية التي تقوم بها الجاليات السورية في بلدان اللجوء والمهجر ، إلى جانب بقية منظمات المجتمع المدني السوري ، لدفع حكومات الدول على تبني مقاربات تدفع بالوصول إلى عملية انتقال سياسي ، وتحقيق الفاعلية في المشهد الإقليمي والدولي .

رابعاً : تعزيز دور المرأة والشباب في العمل الوطني وضمان تمثيلهم في سائر مجالات الشأن العام ، بما في ذلك مؤسسات قوى الثورة والمعارضة .

خامساً : إيلاء الاهتمام الكافي لدور الثقافة والفكر في حياة السوريين وتشجيع المبادرات الخلاقة في هذا المجال .

سادساً : العمل على صياغة خطاب وطني جامع ، ودعم الجهود التي تبذلها مؤسسات الإعلام السورية فيما يسهم في محاربة خطاب الكراهية والتمييز ، ويعرف بالقضية السورية ، وتعزيز العلاقة الشبكية بين كافة القوى السياسية والعسكرية والاقتصادية والمجتمعية ، وحشد الطاقات الوطنية ، وتعزيز الحوار المجتمعي ، وتوسيع دائرة التحالفات الإقليمية والدولية بما يخدم القضية السورية.

سابعاً : تعزيز التواصل بين مختلف قوى الثورة والمعارضة بهدف تبني خطة عمل شاملة تواكب تحولات المرحلة وتعالج التحديات الناتجة عنها ، وتقدم الحلول الناجعة للتخفيف من معاناة السوريين ، ووقف الانتهاكات الممنهجة بحقهم ، وتطالب بالإفراج عن المعتقلين ، وتعويضهم ، والإفصاح عن المختفين قسرياً ومعرفة مصيرهم .

ثامناً : تكثيف جهود التوعية بالانتهاكات والجرائم التي يرتكبها نظام الأسد ، وبمخاطر إفلاته من العقاب وغياب سيادة القانون ، وتأكيد فقدانه الشرعية والأهلية لحكم البلاد ، والدعوة إلى تعميق عزلته وتوضيح العواقب الإنسانية والأخلاقية لمحاولات إعادة تعويمه بما في ذلك إعادته الجامعة العربية ، وما يمكن أن تتسبب به تلك السياسات من أذى للشعب السوري ولسائر شعوب المنطقة ، ورفع القضايا في المحاكم الدولية ومتابعة اختصاص الولاية القضائية العالمية في الدول التي تسمح بها .

تاسعاً : التأكيد على قضية الشعب السوري ومطالبه المحقة والمشروعة ، وسعيه لنيل حريته وكرامته وحقه في الانتقال السياسي والتداول السلمي للسلطة واحترام كافة مكوناته الإثنية من عرب وكرد وتركمان وكلدوآشور ، وضمان حقوقها وخصوصيتها ضمن الإطار الوطني ، بما يضمن الاستقرار في المنطقة والتعاون مع كافة الشعوب تحت مظلة الأمم المتحدة والتمسك بالقيم الإنسانية والأخلاقية لتحقيق الأمن والسلم الدوليين والتعاون البناء في التنمية والازدهار .

عاشراً : توحيد الجهود لتحقيق الانتقال السياسي وفق القرارات الأممية ، فيما ينهي نظام الفساد والاستبداد الذي يحكم سورية بصورة غير شرعية ، والتأكيد على أن بقاءه يعني : استمرار معاناةالسوريين ، وتعزيز حالة انعدام الاستقرار في المنطقة ، وخلق المزيد من الاضطراب داخل المجتمع السوري ، بما يؤثر سلباً على الأمن والسلم الدوليين ، واستمرار وجود تنظيم ” داعش ” وغيره من الجماعات الإرهابية والطائفية والانفصالية العابرة للحدود كتنظيم حزب العمال الكردستاني ، وتعاظم مخاطر تقسيم البلاد ، وزيادة تهديدات مشروع التغلغل الإيراني .

حادي عشر : الالتزام بالعملية السياسية عبر مسار جنيف ، والتمسك بمرجعية القرارات الأممية ذات الصلة ، بما فيها بيان جنيف ( 1 ) ، والقرار ( 2118 ) وملحقه الثاني ، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ابتداء من القرار ( 67/262 ) وما تبعه من قرارات تخص حالة حقوق الإنسان في سورية ، وقرار مجلس الأمن ( 2254 ) ، والقرارات اللاحقة التي تدعو لتحقيق مطالب الشعب السوري واحترام رغبته في الانتقال السياسي ، كعملية سياسية شاملة وغير مجتزأة ، ومطالبة المجتمع الدولي بالعمل الجدي الفعال للتوصل إلى حل سياسي من خلال هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية ، ورفض مشروع التطبيع وأية محاولات أخرى تعيد تأهيل النظام رغم جرائمه ، وعدم السماح للمسارات الجانبية في عرقلة تنفيذ تلك القرارات .

ثاني عشر : نبذ الإرهاب والتطرف ، سواء أرتبط بالدول أم المنظمات أم الأفراد ، ورفض استعمال محاربته كذريعة للنيل من تطلعات الشعب السوري للحرية والاستقلال .

ثالث عشر : العمل على ضمان وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود ، وعدم تسييسها ، ورفض المحاولات التي يبذلها نظام الأسد وداعموه لاحتكار إيصال المساعدات ، وحشد الجهود الدولية لتحسين أوضاع اللاجئين والنازحين ، وتحقيق حل سياسي يضمن العودة الآمنة والطوعية والكريمة إلى بيوتهم وتوفير شروط هذه العودة ، بما في ذلك وقف عبث النظام وحلفائه بالتكوين الديمغرافي السوري .

رابع عشر : تكثيف الجهود المبذولة لتنمية مناطق سيطرة قوى الثورة والمعارضة ، مرحلياً ، ولحين استعادة سائر الأراضي السورية وتحريرها من الاستبداد ، وتحقيق الانتقال السياسي في سورية الموحدة ، ووضع خارطة طريق للنهوض بها على الصعد الاقتصادية والإدارية ، وتحقيق الاستقرار فيها بما يزيد من الاعتماد الذاتي في تلك المناطق ، ويوفر فرص العمل فيها ، ويفعل المؤسسات التنفيذية للحكومة المؤقتة ، ويعزز مفاهيم الشفافية والحوكمة ، وتعزيز القيم الأخلاقية والتنمية الوطنية .

خامس عشر : التحذير من المحاولات التي يبذلها النظام وحلفاؤه لتوظيف معاناة السوريين بهدف جلب الأموال الخارجية تحت شعار ” إعادة الإعمار ” و ” التعافي المبكر ” ، والتي تهدف في حقيقتها إلى : اقتسام ثروات البلاد من قبل بعض القوى الطامعة ، وتقسيمها إلى مناطق نفوذ فيما بينها ، وفي تمويل مؤسسات القمع وعمليات التغيير الديمغرافي ، وإثراء تجار الحرب ورموز الفساد ، والتأكيد على ضرورة ربط إعادة الإعمار بتحقيق حل سياسي عادل وفق القرارات الأممية ذات الصلة ، وبما يصون حقوق الشعب السوري .

سادس عشر : عقد المزيد من الندوات التشاورية بين مختلف قوى الثورة والمعارضة السورية بهدف تعزيز التواصل بين مختلف الجهات المشاركة ، وتحقيق التعاون والتنسيق ، وفتح المجال لانضمام سائر الجهات التي لم يتسن لها مجال حضور هذه الندوة ، فيما يضمن تحقيق التوازن وتمثيل مختلف التيارات والقوى الفاعلة في الشأن السوري .

سابع عشر : توجيه الشكر إلى دولة قطر على مواقفها المبدئية الثابتة ، ودعمها الجهود الدولية لإنفاذ القرارات الأممية ، وعلى دعوتها لمحاسبة من ارتكبوا انتهاكات بحق الشعب السوري ، وعلى استضافتها هذه الندوة ، وإسداء التحية والتقدير لجميع الدول الشقيقة والصديقة التي تساند قضية الشعب السوري وتستضيف الملايين من أبنائه المهجرين ، وتوفر الأمن الذي افتقدوه في بلدهم ، ودعوتها إلى الاستمرار في مواقفها المؤيدة للشعب السوري وقضيته العادلة .

اللجنة التنظيمية

الأربعاء ، 9 فبراير 2022

——————————

ندوة “سورية إلى أين”.. ضياع البوصلة/ علي العبدالله

مرّت ندوة “سورية إلى أين” في الدوحة، يومي الخامس والسادس من شهر فبراير/ شباط الجاري، من دون أن تثير نقاشاتٍ وردود أفعال سياسية وإعلامية واسعة، وبمستوى الأهداف التي أعلنتها اللجنة المنظمة: تقييم الوضع السوري، إيجاد آليات تعمل على تخفيف معاناة الشعب السوري، النهوض بأداء المعارضة، مناقشة آليات إخراج عملية الانتقال السياسي من حالة الاحتباس الذي تعانيه. حتى التغطية الإعلامية لجلساتها ومناقشاتها لم تكن في مستوى لائق، حيث جاءت عامة ومبتسرة وفي وسائل إعلام محدودة.

لم يكن وضع الملف السوري يستدعي عقد ندوة تناقش الموقف في سورية وسبل الخروج من حالة الاستعصاء القائمة، فالملف السوري ليس موضوعاً على نار ساخنة، إنّه على الضدّ من ذلك في ثلاجة. هذا ما عكسه الاتفاق الأميركي الروسي على تقليص عدد الجلسات المخصّصة لمناقشة الملف السوري في مجلس الأمن، وليس ثمّة عرض داهم لمخرج واعد يحظى بفرص نجاح، كي تعقد ندوة للمعارضة تقول كلمتها وتبعث رسالةً لملاقاة تحرك كهذا، وتدفع بشروطها ومطالبها للتأثير في مجرياته، عبر تحديد المطالب والخطوط الأساسية للحل أو المخرج المقبول. اقتراح المبعوث الأممي، غير بيدرسون، للسير في الحل على أساس خطوة مقابل خطوة، والذي سبق أن طرحته عمّان، لم يحظ بالقبول لا سورياً ولا إقليمياً ولا دولياً. وقد زاد الموقف إرباكاً أنّ تعليقات معارضين مشاركين في الندوة عكست غياب اتفاق عام حول هدف الندوة، فقد جاءت التعليقات متباينة إلى درجة كبيرة. إنّها منتدى للحوار، ومؤسسات اتخاذ القرار المعارضة ستعمل بعد ذلك على دراسة مقترحات مراكز الأبحاث وتوصياتها، وتنفيذ “ما تراه مناسبًا لها” من خلال سياستها العامة، وفق رئيس هيئة التفاوض، أنس العبدة. وعصف ذهني لتوحيد الجهود وتوحيد المعارضة لتشكّل بديلاً ديمقراطياً للنظام، وفق المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي، حسن عبد العظيم. ولقاء لـ “التفكير الجماعي” ليس أكثر، في ظل الاستعصاء الذي يعانيه الملف السوري اليوم، من أجل التعاطي والتعامل مع الظرف الحالي، لتوليد أفكار قد “تُلهم” مؤسسات المعارضة للعمل بها، وفق عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، زكريا ملاحفجي. وإعادة هيكلة جذرية للمعارضة، يقصد الائتلاف، من زاوية تنظيمية وزاوية سياسية، وإعادة النظر في تشكيل هيئة التفاوض، وفق مدير المركز السوري للدراسات الاستراتيجية، وعضو الأمانة العامة في الهيئة الوطنية السورية، القاضي حسين حمادة.

لم تقف المفارقة عند غياب تفاهم بشأن طبيعة الندوة وهدفها من أجل تركيز الجهد عليه للخروج برؤية موحدة، بل امتدّت إلى تقدير الذات والدور في المشهد السياسي الراهن وتوازن القوى على أرض الواقع، فقد تضمنت كلمة صاحب فكرة الندوة، رياض حجاب، في افتتاح الندوة مبالغة صادمة بقوله “إن قوى الثورة السورية هي رقم صعب في المشهد الإقليمي والدولي”. قول لا يمتّ للواقع بصلة، فقوى الثورة الفعلية سُحقت تحت وابل الرصاص والقنابل والقتل تحت التعذيب والإخفاء القسري؛ وما بقي مُزق وشتات ضعيف ليس له وزن يمنحه دوراً فاعلاً؛ ومؤسّسات المعارضة القائمة غدت ألعوبة بأيدي حلفائها وورقة للاستخدام في المقايضات والمساومات الإقليمية والدولية. وهو ما أكّده حجاب، بطريقة غير مباشرة، في قوله في كلمته “تفكيك العقدة السورية يبدأ من مواجهة مشروع التوسع الإيراني في المنطقة”. في حين يقول الواقع إنّ الدور الروسي، وليس الإيراني، على عدوانيته وأهدافه الخبيثة، هو المتحكّم بالعمليتين العسكرية والسياسية على خلفية رفض روسيا حصول تغيير ديمقراطي في سورية؛ وقول حجاب يشي بوجود مانعٍ للصدع بهذه الحقيقة، لأنّها لا تتفق مع موقف دول ترعى حجاب وأخرى يسعى لاسترضائها.

لم يكتفِ حجاب بتضخيم أهمية المعارضة ومكانتها بل ذهب بعيداً، حين قال: “إنّ المعارضة أشد إصراراً من أيّ وقت مضى على تحقيق المطالب المحقة والعادلة لشعبنا، وتعزيز هويتنا الوطنية الجامعة، والتوصل إلى عملية انتقالية لا مكان فيها لبشار الأسد ونظامه”. وهذا لا يتسق مع دعوته، في الكلمة ذاتها، إلى التحلي بالمسؤولية لإعلاء المصلحة الوطنية ورصّ الصفوف وجمع الكلمة، وتدشين مرحلة جديدة ينتزع فيها السوريون كل حقوقهم المشروعة، ومطالبته المعارضة بـ “تجديد العهد للسوريين بأن نجعل قضيتهم بوصلتنا”، فهذه أقوال تؤشر إلى حالة المعارضة البائسة وانزياحها عن الممارسة الصحيحة؛ ما يعني أنّ حديثه عن إصرارها ليس أكثر من كلام إنشائي وتهويل. وقد بالغ في إنكار التغييرات على مسرح الصراع بقوله: “إنّ داعمي بشار الأسد يخوضون معركة دبلوماسية يائسة لإعادة تعويم نظام فقد شرعيته” فداعمو بشار سجلوا نقاطاً لصالحه على أكثر من صعيد، ومعركتهم ليست يائسة، بل تشير إلى احتمالات خطيرة يجب التحسّب لها.

وقد جاءت التوصيات التي خرجت بها الندوة (17 توصية) لتكمل حالة ضياع البوصلة التي تعيشها المعارضة السورية، بعدما كشف انفجار ثورة الحرية والكرامة ضعفها وعدم أهليتها لمواجهة تبعات عملية تغيير كانت تدعو إليها. بشّر بيان المنظمين بصدور توصيات “تسهم في تقديم رؤية شاملة لعمل المعارضة بهدف الخروج من الأزمات السياسية والإنسانية والاقتصادية التي يعاني منها السوريون”. توصيات تسهم في (…) بهدف الخروج من الأزمات السياسية والإنسانية والاقتصادية التي يعاني منها السوريون، في حين أنّ واقع الحال يقول إنّ المعارضة بحاجة إلى النجاح في الخروج من المستنقع الذي غاصت فيه، كي تكون قادرة على التحرّك لخدمة أهداف الشعب السوري في الحرية والكرامة. وهذا هو أسّ المشكلة التي تستدعي التركيز عليها وإنجازها قبل التحدّث عن رؤى وخطط وبرامج.

من التوصيات “تبنّي خطة عمل شاملة تواكب تحوُّلات المرحلة وتعالج التحدّيات الناتجة عنها، وتقدّم الحلول الناجعة للتخفيف من معاناة السوريين”، و “توحيد الجهود لتحقيق الانتقال السياسي وفق القرارات الأممية”. مهمات لا تتناسب مع واقع المعارضة، أكبر من قدراتها فيما لو كانت تفكّر في تحقيقها أصلاً. وتحدثت، التوصيات، عن “ضرورة تكثيف الجهود المبذولة لتنمية مناطق سيطرة قُوَى الثورة والمعارضة”. وهو قولٌ مستغرب، أين هي مناطق سيطرة قوى الثورة والمعارضة (؟!)، إنّ ما تعتبره التوصيات مناطق سيطرة قوى الثورة والمعارضة هي مناطق تسيطر عليها تركيا وتستخدم فصائل سورية مسلحة لحراستها تحقيقا لأهدافها هي، فصائل لا تملك قرارها ولا التصرّف بأبسط شؤونها في ضوء أنها تتقاضى رواتب عناصرها وتسليحها من تركيا، من دون أن ننسى انتشار قوات تركية مباشر في معظمها.

كانت وسائل إعلام قد روّجت أنّ توصيات غير معلنة ستطرحها اللجنة المنظمة على مؤسسات المعارضة، ما يثير أسئلة عن مدى صحة هذه الرواية؛ وهل هي حقيقية أم أنها (الرواية) جاءت لتغطية هزال نتائج الندوة. كما كان لافتا قول وسيلة إعلام إن من أهداف الندوة التأكيد على أن المعارضة لا زالت تحظى بدعم من أطراف إقليمية ودولية، في حين أنّ الواقع يقول إنّ دولاً تستخدم المعارضة في صراعاتها مع خصومها ومنافسيها. وجاءت المشاركة الأميركية في سياق معركة عضّ أصابع محتدمة مع روسيا، ما دفعها إلى استخدام الندوة منصّة لإرسال رسالة إلى روسيا تقول إنها قادرة على عرقلة تحرّكها في الملف السوري عبر دعم المعارضة السورية وتفعيلها. وقالت، في سياق حديثها، عن أهداف الندوة، بالاستناد إلى مصادر لم تسمّها، إنّ لها هدفين، الأول متعلق بإيجاد آلية للضغط ومحاسبة المعارضة السياسية (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية) لتصحيح المسار، وهو ما يتضح من خلال التوافق على انعقاد دوري للندوة كل نصف عام”. والثاني أنّ “حجاب أراد أن يؤكد أنّه لا يزال الرقم الأصعب في المعارضة، وأنه القادر على جمع كلّ أطياف المعارضة السورية”. واستطردت، المصادر، أنّ “هذا ما حصل فعلاً، فقد حظيت الندوة بمشاركة كثيفة (؟!) من جهات مختلفة، وكذلك حظيت باهتمام إعلامي ضخم”. ما ورد في الهدف الثاني فيه كثير من المبالغة، فالسيد رياض حجاب لا يمتلك حيثية حقيقية تؤهله للعب دور مميز في المعارضة .. لذا من غير المنطقي توقع أن تُخرج الندوة الزير من البير، وتكون رافعة لانطلاقة جديدة لقوى المعارضة تكفّر فيها عن ذنوبها بحق الشعب السوري عموماً، وحواضن الثورة خصوصاً.

العربي الجديد

————————-

إخفاق المعارضة السورية!/ اكرم البني

يدرك الكثيرون أن المحاولات التي تتواتر منذ بعض الوقت لتجديد صورة المعارضة السورية لن تجديها نفعاً في تجاوز ضعفها وقصورها المزمن عن تحمل مسؤولياتها، كان أوضحها الندوة التي عقدت مؤخراً في الدوحة تحت عنوان “سوريا إلى أين؟” وخلصت إلى توصيات “بإعادة هيكلة مؤسسات الثورة والمعارضة والارتقاء بأدائها فيما يمكنها من تحقيق مطالب الشعب السوري المحقة والمشروعة وتمثيلها بكفاءة واحتراف ويؤهلها لتكون الحامل السياسي الذي يحظى بثقة الشعب وتأييده”، ليس فقط لأن من يتصدر هذه المحاولات هي رموز وشخصيات احتلت مواقع قيادية في صفوف المعارضة نفسها، وشكلت في غالبيتها عنواناً للعجز واستمراراً للتشتت والفرقة وأحياناً للفساد وعدم الصدقية، وإنما أيضاً لأنها ما تزال تلامس قشور المعضلة وتفتقر إلى الوضوح والجدية في كشف الأسباب العميقة والحقيقية التي أوصلت المعارضة السياسية السورية إلى هذا الدرك من الفشل والاخفاق.

أولاً، البنية التكوينية للمعارضة السياسية التي تعتمل داخلها حزمة من الأمراض خلفتها عقود طويلة من جور السلطة وظلمها، ما أضعف فرصتها في توحيد صفوفها أو الظهور كقدوة ومثلاً يحتذى في السلوك الديموقراطي والمثابرة والتضحية، وأشاع صورة لقادتها تضج بخلافاتهم الشخصية وبتنافس مرضي على المناصب، تفوح منه رائحة الأساليب المتخلفة والمصالح الحزبية الضيقة وظواهر الأنانية والاستئثار، زاد تلك الصورة سوءاً عجز زعماء الفكر المعارض عن تقديم رؤية موضوعية لمسار الصراع وللآليات السياسية التي تضع في اعتبارها خصوصية المجتمع السوري بتعدديته القومية والدينية والمذهبية وحساسية ارتباطاته الإقليمية والدولية.

ثانياً، التخلي عن النهج السلمي واستسلام المعارضة المبكر للتحولات التي جرت نحو العسكرة ثم حماسها الطفولي “للانتصارات” التي حققها اللجوء إلى السلاح، الأمر الذي أدى إلى الوقوع في الفخ الذي نصبته السلطة ضد الحراك السلمي وإخضاع الصراع السياسي لقواعد العنف التي يتقنها النظام جيداً ويسعى من خلالها الى عزل الثورة عن دوائر التعاطف وتسويغ كل أنواع القهر والتنكيل ضدها، زاد الطين بلة وعزز تنحية الحقل السياسي وتهميش المجتمع المدني، سلوك الفصائل العسكرية التي لم تعر أي اهتمام للمرجعيات والحسابات السياسية ولم تتأن في اختيار معاركها، بل خاضتها في أماكن مكتظة مدنياً، ما أدى إلى ردود أفعال سلبية من حاضنة شعبية صارت عنواناً للحصار والقصف العشوائي، وتالياً خسارة قطاعات اجتماعية ترفض منطق السلاح ويصعب عليها إشهار تأييدها لثورة لا تستمد شرعيتها من ممارسات سلمية وحضارية تنسجم مع شعارات الحرية والعدل والكرامة التي تبنتها.

ثالثاً، تبسيط غالبية أطراف المعارضة السورية لقوة النظام السوري وقدراته الأمنية والعسكرية على المواجهة والبقاء، والرهان على سرعة اقتراب زمن سقوطه، مما جرّها الى بناء مواقف وتكتيكات مغامرة وأحياناً متهورة، غيّبت عن قصد أو دون قصد، الخصوصية السورية وتعقيداتها، إن لجهة تأثرها بحسابات الجوار الإسرائيلي، وإن لجهة بنية النظام القمعية ولحمته الطائفية وارتباطه بمحور نفوذ في المنطقة يمده بكل أنواع المساندة والدعم، وإن لجهة ما أظهرته النيات الغربية من ميل الى استثمار استمرار الصراع السوري كمستنقع استنزاف لخصومها بدءاً بروسيا، فإيران وحلفائها، إلى تركيا والمتطرفين الاسلامويين، بما في ذلك تضخيم الرهان على دور العامل الخارجي وخيار تدخله العسكري تأثراً بما حصل في ليبيا، ما أدى إلى قصور وتراجع اهتمام المعارضة بالتطورات والحاجات الداخلية وبأولوية مواكبة حراك الناس وهمومهم، من دون أن تقدر خطورة هذا القصور والتراجع في ثورة كالثورة السورية، جاءت مفاجئة وعفوية، وعطشى لقوى سياسية تتواصل معها مباشرة وتقودها ميدانياً.

رابعاً، تمدد جماعات الإسلام السياسي في الجسم المعارض وبشكل خاص الاخوان المسلمين، واستيلاؤهم على أهم مؤسساته ورهنها لإملاءات لا تمت الى المصلحة الوطنية بصلة، والأهم عدم اتخاذ موقف واضح وحاسم من تنامي الجماعات الاسلاموية المتطرفة بما في ذلك الاستخفاف بوزنها وتغطية أدوارها الغامضة إلى أن تمكنت من مصادرة روح الثورة وقيمها. فماذا يمكن أن نفسر حماس قادة المعارضة لهذه الجماعات ودفاع بعضهم وبشكل صريح عن “جبهة النصرة” بعد أن أدرجت دولياً في قائمة الإرهاب؟ أو حين شجع آخرون نشوء تشكيلات عسكرية تدعو الى دولة الخلافة وتغاضوا عن شعاراتها الدينية وعن ردود أفعالها الطائفية بحجة أولوية مواجهة السلطة؟ أو حين قلل آخرون من أهمية ما أوردته تقارير حقوقية عن انتهاكات وتجاوزات قامت بها الفصائل الاسلاموية في أماكن سيطرتها على أنها لا تشكل نقطة في بحر عنف النظام؟!، والأسوأ حين صمتوا عما قام به الاسلامويين من تهجير واعتقالات بحق الناشطين المدنيين والسياسيين، بما في ذلك تصفيتهم جسدياً، والأمثلة تبدأ برزان زيتونة ورفاقها، ولا تنتهي بإعلاميي كفر نبل، رائد فارس وحمود جنيد، والحبل على الجرار!. كل ذلك أفضى إلى تشويه دور المعارضة وأيضاً معاني الثورة وأفقد حملة مشروع التغيير الديموقراطي فئات متعاطفة معه، كانت مترددة ومحجمة بسبب غموض البديل المنشود، لتغدو متخوفة من تمدد سلطة الميليشيات الاسلاموية التي لم تختلف في ممارساتها عن أعتى الديكتاتوريات، ولا يغيّر هذه الحقيقة وضع المسؤولية الأساس في أسلمة الثورة على عاتق السلطة التي تقصدت تسعير الاستفزازات المذهبية وإطلاق قادة وكوادر الجهاديين الاسلامويين من سجونها، بل يؤكدها انزلاق قطاعات واسعة من المعارضة نحو خطاب عنفي تصعيدي، بدأ بالإلحاح على استجرار سلاح نوعي والمطالبة بتدخل عسكري خارجي، ويؤكدها أيضاً سلوك بعض قادة المعارضة اليوم، الذين لا يجدون ضيراً من استيلاء “جبهة فتح الشام” على آخر معقل مناهض للنظام في مدينة إدلب وأريافها، واصطفوا كالعميان وراء سياسة تركيا التوسعية والمهادنة مع النفوذين الإيراني والروسي، ثم انصاعوا لمؤتمراتهم في سوتشي والآستانة، بينما شكلت جماعاتهم المسلحة، رأس حربة لحكومة أنقرة، للتدخل عسكرياً لتطهير الشريط الحدودي، وخاصة مدينة عفرين، من أبناء شعبهم الأكراد!.

واستدراكاً، على الرغم من آلام الانكسار والفشل، وفداحة التضحيات التي تكبدها الشعب السوري، قتلاً واعتقالاً وتشريداً، ليس من خيبة أعظم من خيبة أمل السوريين بمعارضة سياسية كان يفترض أن توجههم وتقودهم، معارضة عجزت مراراً عن معالجة أزماتها ومشكلاتها المزمنة، وكانت عنواناً للعجز والفساد والارتهان والاخفاق، ولن يغيّر هذه الحقيقة استمرار الاعتراف الدولي والعربي ببعض جماعاتها، أو الدور الذي لا تزال تمارسه في حقلي الاعلام والتفاوض.

———————————-

واقع هيئات المعارضة الرسمية السورية راهناً/ عبد الباسط سيدا

يعاني الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، منذ بدايات نشوئه، من أزمة بنيوية عميقة غير قابلة للإصلاح، فهو قد تشكل أساساً بناء على إرادات دولية تغيرت أولوياتها، ولوظيفةٍ لم تعد موجودة، وأُعطي من الوعود التي لم تنفذ على أرض الواقع. وقد تحول، مع الوقت، إلى مجموعة منغلقة على ذاتها، يتحكّم فيها أشخاص يتبادلون المواقع والامتيازات، ومن دون أيّ اكتراثٍ بالانهيارت التي كانت وما زالت.

وقد اعتدنا مع بداية عهد كلّ رئيس جديد لـ”لائتلاف” أن تكون هناك جملة وعود بالإصلاح، فتُعقد الاجتماعات، وتُقدّم التوصيات، وفي نهاية المطاف لا نجد أنفسنا إلّا ونحن نسير نحو الأسوأ. وقد بُذلت محاولات عدة لعقد اجتماعات موسّعة بهدف تقديم البديل، أو حتى الإعداد لمؤتمر وطني سوري عام، ولكن سرعان ما تظهر الخلافات، وتتناقض التوجهات، لنعود مجدّداً إلى المربع الأول.

الوضع الذي تعيشه المعارضة السورية الرسمية راهناً مسدود الآفاق؛ فهي قد تحولت، بكل أسف، إلى امتدادات للمشاريع والحسابات الإقليمية والدولية. وقد أُعطيت من الفرص من السوريين، ما يكفي لتراجع نفسها، وتعترف بأخطائها لتتجاوزها، وتعمل على اتخاذ خطوات جادّة في طريق الإصلاح؛ خطوات تسترجع بموجبها ثقة السوريين، عبر تأكيد الالتزام بأولوياتهم؛ وتفرض احترامها على المجتمع الدولي، من خلال إثبات قدرتها على تقديم البديل المقنع المقبول، إلا أن تلك الجهود لم تؤدِّ إلى نتائج ترتقي إلى المستوى المطلوب؛ بل استمر التراجع في “الائتلاف”، وتركه كثيرون، وتراجع الاهتمام الدولي به، وفقد رصيده الشعبي، بل تعرّض، ويتعرّض، لحملات نقدٍ قاسية.

ولم يقتصر الأمر في هذا على “الائتلاف” وحده، بل شمل هيئة المفاوضات، واللجنة الدستورية. أما المنصّات، فينظر إليها على أنها مشاريع خاصة حزبية أو شللية الطابع، تتحرّك ضمن مسارات الدول التي تستمد منها اسمها.

هذا هو واقع الحال، بعيداً عن الرتوش التزيينية، والجمل الإنشائية المنمّقة التي عادة ما تدور حول المسائل من دون أن تشخّصها بدقة. والمصيبة الأكبر أنه لا توجد مؤشرات توحي بإمكانية تحسّن هذا الوضع، وذلك إذا ما استمرّت الأمور في مساراتها الراهنة. ولعل طريقة تبادل المواقع والوظائف التي سادت “الائتلاف” والهيئات الأخرى تلقي الضوء الساطع على مدى عمق الأزمة التي تعاني منها هذه الجهات التي أدمنت صيغةً من التحالفات البينية الشللية التي تكون بين بعض الأشخاص الذين هم في المشهد منذ سنوات طويلة، ومن دون أي إنجازات فعلية ملموسة على أرض الواقع، ومن دون بذل أي جهد لتجاوز الانسداد الحاصل ضمن هيئات “المعارضة الرسمية” المفروض أنها تمثل كل السوريين المناهضين لحكم الاستبداد والفساد.

لا يبشّر الوضع الحالي بأي تقدّم، وهو يساهم في تراجع الاهتمام الدولي بالموضوع السوري، فالدول تعرف خلفية جميع الأشخاص، ودرجة تأثيرهم ومقدار شعبيتهم؛ كما أنها على درايةٍ كاملةٍ بحجم الخلافات والتباينات والتداخلات بين من هم في المشهد وغالبية السوريين.

قُدّمت مقترحات كثيرة من أجل إصلاح “الائتلاف”، سواء من خلال إعادة اختيار أعضائه وفق معايير جديدة تأخذ بعين الاعتبار التمثيل، أو التحقّق من الوجود الفعلي لبعض الجهات أو الكيانات التي دخل باسمها أشخاص كثيرون إلى الائتلاف؛ لكنّها لم تؤخذ بعين الاعتبار. وهناك أسئلة مشروعة يطرحها السوريون بشأن مشروعية بقاء بعض الأفراد ضمن “الائتلاف” سنوات، ومن دون أي تجديد أو شرعنة عبر الانتخابات، أو بناء على معايير واضحة مقنعة، ويتم التوافق عليها، وتنال ثقة السوريين.

ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة إلى هيئة المفاوضات واللجنة الدستورية، وهما الهيئتان اللتان تشكلتا بفعل عمليات القص واللصق وفق حسابات الدول وتدخلاتها. هذا بغضّ النظر عن الآراء المختلفة بشأن مشروعية اللجنة الدستورية نفسها، وجدواها، فهذه مسألة أخرى نوقشت كثيراً وقيل فيها الكثير. والأمر الجدير بالإشارة إليه في هذا السياق أنّ الهيئتين فنيتان في الأساس، ومن المفروض أنّهما تتبعان مرجعيةً سياسيةً معروفة تمتلك الشرعية من الأوساط الشعبية التي تتحدّث باسمها، مرجعية تحدّد استراتيجية عملهما، وتضع لهما الأهداف، وتتابع ما توصلتا إليه للبناء عليه، أو تعديل الخطط؛ وتقوم هذه المرجعية بمهام المساءلة والمحاسبة إذا ما لزم الأمر. كما تجري التغييرات والتعديلات ضمنهما، بناء على الحاجة والإنجازات والعثرات. ولكن الهيئين المعنيتن هنا تتصرّفان كهيئتين مستقلتين، بل لا يقتصر الأمر في ذلك عليهما فحسب، بل هناك من الأعضاء، سواء في “الائتلاف” أو في الهيئتين المذكورتين، من يتواصلون مع الدول، ويشاركون في الاجتماعات المعلنة أو غير المعلنة، ومن دون العودة إلى الهيئات التي هم أعضاء فيها، أو من دون أخذ موافقة المرجعية السياسية المفترض أنهم يستمدّون منها اصلا المشروعية.

لا نود أن نذهب كثيراً في التحليل، وطرح التساؤلات، فالأمور، باختصار، لا تجري كما ينبغي، وكل ذلك ألحق، ويلحق، أفدح الأضرار بالعمل السوري المعارض. وفي موازاة ذلك كله، هناك جهود بذلها، ويبذلها، السوريون في الداخل والخارج من أجل تشكيل أحزاب وتيارات سياسية، من شأنها أن تجمع بين من يتوافق حول مبادئ وقواسم مشتركة، وذلك استناداً إلى الخبرات التي تراكمت خلال العقد الأخير، والمفاهيم التي تغيرت وتطوّرت. لكنّ هذه التجارب تحتاج مزيدا من الوقت كي تصبح أكثر استقراراً ونضوجاً، وتغدو أكثر قدرة على التأثير الفاعل في المجتمع السوري.

ما هو المطلوب الممكن العملي في الواقع الحالي؟ الخطوة الأكثر واقعية وإمكانية، وذلك في ظل تعذّر إجراء الانتخابات أو استحالته، وعدم جدوى اعتماد صيغة المحاصصة التي تؤدّي، غالباً، إلى التعطيل، ربما تتمثل بترك الهيئات الموجودة حالياً على حالها، وتشجيعها على أن تقوم بعمليات إصلاح داخلية، هذا مع الإقرار بشبه استحالة تحقق ذلك. لكن ما نحتاج إليه اليوم، أكثر من أي شيء آخر، هو وجود هيئة أو لجنة محدودة العدد، تتكوّن من شخصياتٍ معروفة لدى السوريين، مناصرين للثورة، ممن ما زالوا يمتلكون المصداقية لدى أوساط واسعة من شعبنا؛ وممن لم ترتبط أسماؤهم بملفات الفساد والتشدّد والتعصّب بأي شكل، سواء الديني أم المذهبي أم القومي وحتى الأيديولوجي. أشخاص ينتمون إلى مختلف المكونات السورية، وأثبتوا باستمرار نزوعهم الوطني، وحرصهم على وحدة سورية أرضاً وشعباً على قاعدة احترام سائر الخصوصيات والاعتراف بالحقوق العادلة، ولديهم القدرة على التواصل مع جميع المكونات السورية من دون أي استثناء. كما يمتلكون إمكانية إجراء الاتصالات مع مختلف التيارات والأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية السورية المناهضة لسلطة الاستبداد والفساد.

مهمة هذه اللجنة أن تدافع عن القضية السورية بمختلف الوسائل وعلى جميع المستويات وفي سائر المحافل السياسية والدبلوماسية. تتواصل مع أهلنا في المخيمات، ومع الجاليات، ومراكز الأبحاث القريبة من أصحاب القرار، يشارك أعضاؤها في الحملات الإعلامية الداعمة للقضية السورية. وتدعو هذه اللجنة، بالتعاون مع مراكز الأبحاث والدراسات السورية، الملتزمة بأهداف الثورة السورية، والمشروع السوري الذي يطمئن الجميع، إلى ندوات ومؤتمرات بحثية تتمحور حول القضية السورية وسبل معالجتها. كما تنظم هذه اللجنة بصورة دورية لقاءات تشاورية بين مختلف الهيئات والقوى السياسية والمجتمعية السورية، يشارك فيها المفكرون والمثقفون والإعلاميون والفنانون السوريون، بغية تقييم ما جرى، والعمل على تجاوز الثغرات والأخطاء، والتوافق على خطط جديدة للتحرّك، والعمل المستمر من أجل تحقيق تكامل الجهود. وأولويات هذه اللجنة هي أولويات السوريين التي لا تتعارض مع مبادئ تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، والحرص المستمر على التفاعل الحضاري بين مختلف شعوب المنطقة، وبما يضمن المصالح المشتركة التي تفتح الآفاق أمام مزيد من فرص التعليم والعمل أمام الشباب والأجيال المقبلة.

ليس من السهل التوافق على فكرة تشكيل هذه المجموعة، كما أنّ ليس من السهل اختيار أعضائها، بل ستواجه هذه الفكرة الانتقادات والهجمات من المستفيدين من الوضعية الراهنة للمعارضات والانقسامات الحالية، وهي وضعيةٌ لا تبشر بأيّ خير، بل بمزيد من الانقسامات والانهيارات. مع ذلك، يبقى السعي الهادف من أجل تشكيل اللجنة المقترحة الخطوة الأهم في الطريق الصحيح، وذلك إذا درسنا الظروف التي تحيط بنا والتحدّيات التي نواجهها بصورة جيدة، واستوعبنا النتائج الكارثية التي سيواجهها شعبنا وبلدنا إذا ما استمرّت الأوضاع الحالية على منوالها.

وإذا أمعنّا النظر في السلبيات التي تراكمت، وستتراكم، نتيجة الاستمرار في ما نحن عليه، سنصل، انطلاقاً من مسؤولياتنا الوطنية، بضرورة تحمّل المسؤولية، واتخاذ الإجراءات الكفيلة ببلورة هذه الفكرة، وتطويرها من خلال المناقشات والمقترحات، لننتقل بعد ذلك إلى مرحلة التنفيذ، مع العلم أنّنا كلّما تأخرنا في ذلك أضعنا إمكاناتٍ كثيرة، وأصبحت قابلية الوصول إلى الهدف أصعب.

(من ورقة قدّمت إلى ندوة “سورية إلى أين؟” في الدوحة، 5-6 فبراير/ شباط 2022)

العربي الجديد

———————

==================================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى