منوعات

عن علاقة البيجاما بجودة التعليم في الجامعات السورية/ كارمن كريم

وسط الفوضى السوريّة، تخرج عن حكومة النظام قرارات أقل ما يقال فيها إنها مثيرة للسخرية، وكأنّ مهرجاً يضعها، لا مسؤولون ووزراء ومدراء. فما قصة البيجاما والجامعات؟

سيسمح للطالب بارتداء “البيجاما” من اليوم فصاعداً داخل السكن الجامعي في اللاذقية، لكن لن يسمح له بذلك خارج السكن لسببٍ غير معروف، قد يكون بهدف تحسين جودة التعليم!

لكن الجامعات السورية تحتل، بالفعل، ذيل قائمة التقييم العالمي للجامعات، ولو فكّرنا قليلاً، لن يكون للبيجامة أو لباس الطالب علاقةٌ جديّة بجودة التعليم.

بين البيجاما والتعليم

وسط الفوضى السوريّة، تخرج عن حكومة النظام قرارات أقل ما يقال فيها إنها مثيرة للسخرية، وكأنّ مهرجاً يضعها، لا مسؤولون ووزراء ومدراء. قد يغدو تقديم بعضها منطقياً لو امتلكنا بالفعل جامعات بمستوى أكاديمي عالٍ، لكن ما يحدث هو مجرد فوضى.

صدر قرار في 20 شباط \ فبراير الماضي عن حزب البعث وموقّع من أمين فرع جامعة “تشرين” في اللاذقية، ينص على السماح بارتداء البيجاما في السكن الجامعي، كما منح الطلاب الإذن بدخول السكن الجامعي بالبيجاما فقط من بعد الثالثة عصراً وحتى الثامنة مساء من أبوابٍ محددة وحتى الساعة الحادية عشر مساءً من باب آخر. لا تفسير واضحاً لهذا القرار ولماذا يركّز حزب البعث على البيجاما أو طريقة لباس الطلاب؟ أمّا التتمة الصادمة للقرار فهو منع ضرب الطالب تحت أي ظرف!

وهذا يعني أن الضرب كان متاحاً للعناصر المسؤولين عن الأمن داخل حرم السكن الجامعي والجامعة، وهذا أمر مرعب في حد ذاته. أمّا لماذا سُمِحَ بالخروج بالبيجاما في أوقات محددة؟ يبدو أن القرار راعى أولئك الطلاب الذين يذهبون إلى النوادي الرياضية، أو يخرجون لممارسة رياضة المشي.

التدخل المباشر بثياب الطلاب ليس بجديدٍ، كانت جامعة دمشق أصدرت قراراً بمنع ارتداء أنواع محددة من اللباس، مثل (النقاب، شورت، جلابيه، لباس رياضي) متذرعة بأنها لا تليق بطلاب الجامعات. وأوعزت إلى عناصر الحراسة الجامعية بمنع دخول الطلاب الذين لا يلتزمون بهذه المعايير.

الكثير من القرارات والقليل من التعليم الجيد

تأتي هذه القرارات من دون أي تحسين في جودة التعليم، إذ هاجر مئات المدرسين الجامعيين وتركو العديد من المقررات من دون اختصاصيين لتدريسها، ناهيك عن الفساد المستشري وتسريب أسئلة الإمتحانات أو شرائها وعلى الرغم من ذلك تستمر محاولات سطحية لتحسين جودة التعليم ومنع الغش، فيمنع اصطحاب الطلاب للجوالات داخل قاعات الامتحان لمنع الغش وهو قرار غريب ويمكن إيجاد حلول بديلة له، فمن غير المعقول حرمان الطالب من حمل هاتفه وسط بلد منهارة أمنياً، قد يتعرض الإنسان فيه للخطر في أيّة لحظة ويحتاج التواصل بشكل ملح! ولا فائدة حقيقية من ذلك بينما يتم تسريب الأسئلة في العديد من المقررات التعليمية سواء من قبل اللجنة المسؤولة عن طباعتها أو من قبل مدرّس المادة الذي يتلقى مبالغ كبيرة مقابل ذلك.

تمكنت ريم (اسم مستعار) من النجاح في العديد من المقررات عن طريق شراء الأسئلة قبل ساعات من الامتحان، ولتخفيف السعر المرتفع تتشارك ريم الأسئلة مع العديد من الطلاب الآخرين، وهكذا كانت تصل الأسئلة لبعض الطلاب بسعر زهيد للغاية! تخرجت ريم من قسم الأدب الفرنسي العام الماضي. أمّا راما (اسم مستعار) وهي متزوجة وتقيم في الإمارات، توقّف تخرجها على النجاح في مادة أخيرة. ذهبتُ برفقة راما إلى ساحة المواساة منذ حوالى ثلاث سنوات، حيث حدد مدرّس المادة المكان، حملت راما 75 ألف ليرة سورية ثمناً للأسئلة، بينما وقفتُ جانباً لأن الأستاذ لم يعجبه أن يرافقها أحدٌ، فانزوى بها خلف بعض الشجيرات ورفض منحها كلّ الأسئلة واكتفى ببعضها، لكنه وعدها بأنها ستنجح، تمكنت راما بالفعل من النجاح والتخرج.

الطلاب محاصرون والأساتذة يتحرشون بالطالبات

يُمنع شبان وشابات سوريا من السفر بعد تخرجهم ويجبرون على الالتحاق بالخدمة العسكرية، لذلك يلتحق المئات منهم بالدراسات العليا بهدف تأجيل خدمتهم العسكرية ريثما يجدون فرصة للسفر، لكن الحكومة تقف لهم بالمرصاد، إذ صدر قرار يمنع سفر طلاب الماجستير من دون موافقة خطيّة من عميد الكلية أو المعهد التابعين له. وهكذا، إما أن يرضخ الشباب ويؤدون الخدمة على أمل أن يبدأوا حياتهم في يوم ما، أو يقبعون في منازلهم من دون أن يجرؤوا على الخروج، خوفاً من اعتقالهم وسوقهم إلى الخدمة الإجبارية.

من جهة أخرى صدر قرار آخر يمنع الحصول على الشهادة الجامعية إلّا بعد تقديم ورقة من وزارة الخارجية تظهر حركة دخول وخروج الطالب من القطر، أما تعليل القرار فهو لأن العديد من الطلاب خارج القطر منذ سنوات، بينما يقدم آخرون الامتحانات نيابة عنهم مقابل مبالغ مالية.

لحصار الطالبات شكل آخر، إذ يتقصد العديد من المدرسين وضع علامة الرسوب للطالبات مقابل ابتزازهن جنسياً، كما تتعرض العديد من الطالبات إلى التحرش وقليلة هي القصص التي تظهر على السطح. مؤخراً انتشرت تسجيلات للدكتور محمد مرهف القاسمي نائب عميد كلية الهندسة البيتروكيمائية في جامعة الفرات في دير الزور، وهو يخاطب إحدى الطالبات بعبارات جنسية مقابل منحها أسئلة الامتحانات.

ويعاني الطلاب السوريون من تبعات الحصار عليهم أيضاً. فهم غير قادرين، بفعل قانون قيصر، على الدخول إلى المكتبات العالمية ومحركات البحث الأكاديمية لعجزهم عن الدفع الإلكتروني بسبب العقوبات، كما أُغلقت تطبيقات كانت تساعد الطلاب في التعليم مثل  coursera و Duolingo والوصول إليها يحتاج تطبيقات لكسر الحجب، بالإضافة إلى عجزهم عن تقديم امتحانات اللغة كاللغة الألمانية أو الإنكليزية وغيرها، مما يُضطر الطالب إلى السفر إلى لبنان أو الأردن أو مصر وبعض البلدان الأخرى متحملاً تكاليف باهظة، فقط لتقديم امتحان اللغة.

يمنع اعتراض الطلاب على الفساد

كل هذا والطلاب لا يستطيعون حتى الاعتراض على ما يعانون، اعتراضهم يعني تعرضهم للمساءلة والفصل التعسفي وعقوبات الفصل المؤقت.

اعتقلت قوات النظام السوري طالباً في كلية الحقوق في دمشق لإدارته صفحة واسعة الانتشار تتحدث عن الفساد المستشري في الجامعات السورية والحياة الجامعية السيئة في البلاد وأعلنت وزارة الداخلية السورية عن اعتقال الطالب معاذ زنجي بتهمة التشهير بأشخاص من بينهم أساتذة جامعيون، ونشر معلومات “كاذبة” حول الحياة الجامعية في سوريا كما هدد النظام الطلاب بالعقاب لمجرد التعامل مع زنجي.

مجرد التعليق على سلوك أستاذ أو الإشارة إلى فساد مهما كان شكله يعني محاسبة الطالب. في عام 2019 أحيلت الطالبتان سونيا البطاح الحصيني وريتا حسان حمودة من كلية الاقتصاد إلى لجنة الانضباط بسبب نشر سونيا أخباراً عن أحد المدرسين الجامعيين، تكشف فيها أنّ المدرّس سرب الأسئلة. فصلت سونيا على إثرها مدة شهرين من الجامعة كما هدد القرار كل من ضغط زر الإعجاب على منشورها.

درج

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى