حواران مع يوسف عبدلكي عن معرضه الأخير “رباعيات صلاح جاهين”
يوسف عبدلكي: الثورة السورية تأخرت كثيراً ولا يوجد فن بعيداً عن السياسة
محمد عبد الرحيم
مسيرة فنية طويلة أنجز خلالها الفنان السوري يوسف عبدلكي أسلوباً بصرياً مغايراً أصبح دالاً عليه ويخصه وحده، تجاوز من خلاله الأفق العربي الضيق، والمحكوم بأنظمة سياسية عقيمة، كان لها أكبر الأثر في تجربته الفكرية والفنية، حيث لا توجد لوحة إلا وتحمل همّاً سياسياً، وتحاول بدورها التعبير عما يعيشه المواطن العربي والسوري بشكل خاص. وبما أن العقلية الحاكمة واحدة، فقد تجاوبت مع أعمال عبدلكي قطاعات كثيرة من مختلف الدول العربية وخارجها، رغم ما تحمله هذه الأعمال من حِس تراجيدي لا يُنكر، فالأمر يتخطى اللعب أو اللهو، أو مجرد التجريب الفارغ، كما الكثير من الفنانين أو مُدّعي الفن والنضال بمعنى أدق.
وحالياً يقيم عبدلكي معرضه في غاليري (مشربية) في القاهرة، الذي استوحى أعماله من (رباعيات صلاح جاهين) وقد تحولت الرباعيات المنتقاة إلى لوحات تحمل جماليات ودلالات الفن التشكيلي، بمعنى التعبير عن حالة هذه الرباعيات عبر وسيط آخر، وقد أعاد إنتاجها الفنان من خلال رؤيته وإحساسه بما تحمله من مضامين فلسفية وجمالية، كما تحولت الحالات إلى كائنات تواجه الإنسان.. فالخوف على سبيل المثال يصبح فأراً مُرعباً ضخماً مقارنة بجسد الإنسان الضئيل في مواجهته، كذلك في رباعية المهرج الشهيرة.. «أنا قلبي كان شخشيخة أصبح جرس/جلجلت به صحيوا الخدم والحرس/أنا المهرج.. قمتو ليه خفتو ليه؟/لا فإيدي سيف ولا تحت منّي فرس». هنا أصبحت تواجه (المهرج/الفنان) مجموعة من الحيوانات التي تتمثل كل ما يُرهِب الإنسان العادي، الذي يظنونه رمزاً لتهديد وجودهم، فنرى النمر والتمساح والخنزير.. رجل السلطة المُمسِك بالقيود الحديدية والسلاح الناري، بينما المهرج هنا يُمسك بالجرس والعديد من فراشي الرسم. كذلك أهدى عبدلكي تحياته من خلال خمس رباعيات لشخصيات مؤثرة في روحه وفكره، وهم.. محمود مختار، هوكوساي، محمود سعيد، مارسيل دوشامب، والشيخ إمام.
وبمناسبة هذا المعرض كان الحوار الآتي..
□ بداية… لماذا محاولة استلهام رباعيات صلاح جاهين الآن؟
■ من وقت سماعي للرباعيات ثم قراءتها وأنا أفكر بالاشتغال عليها، وهذا لم يكن حديث العهد، بل ما يزيد على الربع قرن، حوالي 26 سنة. ثم بدأت منذ أربعة أعوام العمل على الرباعيات، واخترت منها ما أثارني ذهنياً، كان عملاً بطيئاً، لكنه دؤوب ومستمر، حتى إنني انتهيت من إنجاز 45 رباعية، اخترت منها 35، وقمت بطباعتها. ويبدو أن كل ذلك الوقت كنت أقلب هذه الرباعيات في رأسي بحثاً عن قالب بصري يناسبها، ويتم معالجتها من خلاله، خاصة أنها خلاصة مسيرة طويلة من الشعر المصري المحكي (شعر العامية) أذكر هنا بيرم التونسي وفؤاد حداد، وكانت ذات تأثير في جيل آخر استكمل المسيرة، كأحمد فؤاد نجم. هذه العبارات المشحونة بالمعنى والدلالة بقدر ما تعمل على الاستمتاع بها، بقدر ما تعمل على التحريض الذهني. فهناك تزاوج بين التحريض الذهني البحت، وجمال وخفة الأداء ومتعته. أعود مرّة أخرى لـ (المعادل البصري) للرباعيات، ومن أي زاوية يمكن تناولها فنياً، خاصة وهي تمتاز بعدة خصائص.. ففيها المنحى الفلسفي الواضح، ثم العراك مع الحياة، كحالة درامية لا تنتهي، وأخيراً خفة الدم الواضحة، والركائز الثلاث هذه هي صُلب الرباعيات، فكان لا بد من أن يأتي المعادل البصري معتمداً على رصانة الفكرة وخِفة أداء الصياغة. أما معيار النجاح أو الفشل فمتروك للمتلقي.
□ وهل تعود الروح الساخرة للمعالجة البصرية للرباعيات كاستمرار لمرحلة الكاريكاتير؟
■ أظن أن الكاريكاتير ليس له وجود في هذا العمل، لكن شغلي على الكاريكاتير الذي بدأ في نهايات الستينيات أكسبني بطريقة لاشعورية خبرات في الأداء الخطي، فأصبحت لديّ إمكانية التحكم في التكوين أو الحركة في التكوين. لكن موضوع الرباعيات هذا كنت أفكر فيه من خلال خلق قطعة رصينة بصرياً، وألا تكون، في الوقت نفسه، ثقيلة على القلب والبصر. ومن الممكن أن يكون هذا سبب التفكير في أسلوب الكاركاتير في المعالجة البصرية، لكن في الحقيقة لا توجد علاقة به في عملي على الرباعيات.
□ في حوار سابق تطرقت إلى فكرة الرسام العقلاني والملون العاطفي، هل ممكن توضيح هذه الفكرة أكثر؟
■ أقصد أن الفنانين الذي يعملون على سطح اللوحة ينقسموا إلى فئتين.. (الخط) والأبيض والأسود، أو (اللون) وتناقضات الألوان الحارة والباردة. وعادة وليس دائما الرسام أكثر عقلانية من الملون، بينما الأخير أكثر عاطفية. هذا بالطبع كلام فيه بعض من المجازفة، بمعنى أن كل الملونين يشتغلون أعمالاً خطية، وأن الرسامين يشتغلون أعمالاً ملونة. بيكاسو مثلاً كان يعمل من خلال الألوان، لكن صلب البناء في لوحته خطي وليس لونيا، بينما مونييه وهو أحد كبار الملونين، حتى لو اشتغل من خلال الأبيض والأسود، فإن بنية لوحاته لونية، لكن الحدود في الحقيقة ضيقة جداً ومتداخلة للغاية، ورغم ذلك فهو تقسيم موجود، وربما يبدو على شيء من التعسف في بعض الأحيان، فالحدود متداخلة بينهما.
□ كان مشرع التخرج عن أيلول الأسود وهي لوحة تشبه جرنيكا بيكاسو، فهل من البداية كانت هناك أفكار واضحة أو موقف سياسي محدد؟
■ تربيت في بيت يتنفس السياسة، ووالدي دخل السجن لأسباب سياسية 12 مرّة في حياته، حتى أنه في عدة مرّات كاد أن يموت بالفعل تحت وطأة التعذيب. فالأمر بدأ من مناخ البيت، دون اختيار منّي. كذلك أرجع هذا الموقف من جملة المطالعات والقراءات السائدة في الستينيات والسبعينيات، خاصة الحوار والجدل أو الصراع حول ماهية الفن.. هل الفن للشعب أم الفن للفن؟ دون نسيان المناخ العالمي العام وقتها، مناخ الحرب الباردة، تماشياً مع نهوض المشروع القومي في البلاد العربية ومصر خاصة، وقد خلّف ذلك كتابات لا تعد ولا تحصى في الفن، وكانت هذه الكتب مصرية بالأساس، أذكر منها مؤلفات بدر الدين أبو غازي، محمود بسيوني، رمسيس يونان وحسن سليمان. ورغم عدم توافقهم في الرؤية والمنهج، إلا أنهم صنعوا لي رؤية وتوجهاً بأن يكون عملي متداخلاً مع المجتمع، وكنت أرى أن ما أقوم به في عملي لا يستطيع الابتعاد عن السياسة، فهو من طبيعة الأشياء، فكل تاريخ الفن سنجد السياسة حاضرة فيه، والأمثلة كثيرة.. رامبرانت، غويا وبيكاسو وغيرهم. والأهم هنا من كونك تعمل وتعبّر من خلال السياسة أم لا، هو الأداء، هل هو متين وحقيقي، أم سطحي فج؟ الأمر نفسه ينطبق على المنظر الطبيعي أو أي حقل أو موضوع، فهو في ذاته ليس مدانا أو مُمَجدا، المهم سويّة المعالجة، الحساسية والرهافة والموهبة والجمال، هل موضوع محكم يستطيع التواصل مع الآخرين أم لا، بخلاف ذلك فهو موضوع ساقط فنياً، فالتحدي يكمن في كيفية صياغة اللوحة، بغض النظر عن طبيعة موضوعها.
□ وماذا عن تجربتي السجن، خاصة التجربة الأخيرة بعد الثورة السورية؟
■ أرى أن الثورة السورية ربما تأخرت كثيراً، وقد جاءت احتجاجاً على نظام يمارس قمعا ونهبا للثروة الوطنية، فطبيعي أن يثور الناس. لكن ما حدث بعدها من تدخل الأمريكيين ودول الخليج في الأمر، سرق الثورة من أصحابها، وقام صراع على الأرض السورية وانتهى الأمر، ليصبح صراعاً إقليمياً ودولياً لأهداف غير سورية بالمرّة، أي دخلنا في حرب أهلية أنهكت المجتمع والاقتصاد وحتى الدولة. لكن.. هذا الحدث الهائل الثورة لم أعمل عليه، فقط اشتغلت على جزء بسيط أظنه أعمق، وهو (أمهات الشهداء). أتخيل أنه لا يوجد ألم يوازي ألم أم ترى ابنها في عُمر الـ18 أو الـ 20 يخرج في مظاهرة ينادي بالحرية، فيعود إليها جثة بعد ساعة أو أقل. بعد سنتين عدتُ إلى موضوعات الطبيعة الصامتة، وقد رأيت البلد كله يذهب إلى كارثة ويغرق فيها كل يوم أكثر وأكثر. فالعنف الذي مارسته السلطة الأمنية منذ 2011 يدل على صلف وجلافة وتعنت، دون أدنى إحساس إنساني أو وطني. وبعد الأشهر الأولى للثورة دخلنا في حقبة سوداء، فانطويت على نفسي وابتعدتُ عائداً إلى موضوعاتي السابقة.
□ وماذا عن تجربة الموديلات العارية؟
■ الموديلات بعد هزيمة الثورة وما لحق بالشعب السوري، رأيت نفسي بعيداً عن المجزرة البشعة، فكان الملاذ هو البحث عن الجمال، أو اللجوء كملجأ بديل عن الغرق في متابعة الوحشية والكارثة التي ضربت كل المجتمع السوري.
□ وهل هناك تشابه بين هذه التجربة ولوحة (يوحنا فم الذهب)؟
■ لوحة (مار يوحنا فم الذهب مُسجى بجامع الحسن في دمشق) وهو سُمّي بذلك لكونه خطيباً مفوهاً ومؤثراً كانت لشخص ينتقد الدولة الرومانية، فحاربوه ونفوه ومات منفياً في مكان آخر لا علاقة له بدمشق بالطبع، لكنه كان رمزاً للمعارضة، فجعلته في اللوحة مستلقياً أخيراً بعد موته في جامع الحسن، وهو مكان معلوم خرجت منه عشرات المظاهرات، إضافة إلى أن (حي الميدان) شاهد على النضال السوري ضد الاحتلال الفرنسي. من ناحية أخرى كنت أريد توضيح أن الكلام الساقط الذي تقوله السلطات الرسمية، من حيث أن للثورة طابعا طائفيا، غير صحيح بالمرّة. فالدمج بين رمز مسيحي وإسلامي نقيض الادعاء الطائفي الذي تمارسة السلطات. ولا أظن العلاقة بينه وبين الموديلات، سوى مشهد الجسد العاري الإنساني.
□ وماذا عن دلالة الرموز والتشيؤ في أعمال الطبيعة الصامتة؟
■ منذ 35 عاما أو يزيد، وأنا أعمل على موضوع الطبيعة الصامتة، وهو لا يمت للطبيعة الصامتة الأوروبية التي بدأت منذ ثلاثة قرون، فمواضيع الطبيعة الصامتة في أوروبا مواضيع جميلة وديعة تزينيّة، أما موضوعاتي فلا يهمها ذلك. عناصر اللوحة بالطبع تنتمي للطبيعة الصامتة، لكنها مختلفة الأدء والدلالة تماماً. فعناصر اللوحة حمّالة دلالات وليست حيادية، وبالتالي لها قوة تعبيرية، وأداء أكثر قسوة وعنفا، بعيداً عن وداعة الطبيعة الصامتة الاعتيادية.. أسماك مقطوعة الرأس، عصفور ميت، جماجم، زهور تخترقها السكين. بهذا المعنى فالعناصر التي أشتغل عليها لا تخبئ علاقتها بمصادرها الإنسانية، وبهذا المعنى أيضاً الموضوع السياسي حاضر، ولو بشكل أقرب للمواربة، أو ربما بشكل جمالي.
□ وكيف ترى التعامل مع الفراغ والكتلة؟
■ موضوع الفراغ والكتلة ليس بالجديد، فهو قديم قِدم الفن نفسه، فالفراغ عنصر أساسي مثله مثل العنصر المرسوم، فاللوحة حوار مستمر بين الكتلة والفراغ، وتأخذ الأشكال معانيها المختلفة من خلال كيفية وضعها وترتيبها في فراغات مختلفة بدورها. الأمر يتوقف على موْضَعَة الأشكال، سواء في فراغات واسعة جداً أو ضيقة، ومن خلال دراستي للغرافيك أوليتُ عناية كبيرة لمسألة الفراغ وطريقة وضع الأشياء وترتيبها. وأرى أن الأساس هو كيفية خلق حوار جمالي بين الشكل وخلفيته لا أقل فراغا وبالتالي قدرته في ترك تاثيراً غير مُدرَك للمشاهد وهو يرى اللوحة.
□ وفي الأخير.. كيف ترى الحركة التشكيلية العربية الآن؟
■ أعتقد أن الحركة التشكيلية في كل البلاد العربية ومصر، دون مبالغة، رائدة في ذلك، بداية من تأسيس مدرسة الفنون في 1908، بينما كانت بعد عدّة عقود في بلاد أخرى.. اليوم تواجه الحركة التشكيلية تحدياً غير مسبوق. فنحن مررنا بفترة تكاد تقارب النصف قرن، حيث كان الفنان مهووس بالقبض على تقنيات اللوحة والمثال الموجود في الغرب، إذ من المعروف أنه لا توجد تقاليد قديمة للوحة الحامل عربياً، فكان بحثاً شاقاً عن تقنيات وأصول اللوحة الغربية. وتأتي المرحلة الثانية، والمتمثلة في سؤال الهوية.. مَن نحن تجاه هذا المُنجَز؟ فجاءت تيارات كثيرة، تشمل الفن الشعبي والأساطير الشعبية والفن القديم والزخرفة والخط العربي. وكلها محاولات لإجابات متنوعة حول مسألة الهوية. وأظننا اليوم وقد تجاوزنا هاتين المرحلتين. وأخيراً دخلنا في حقبة أخرى أكثر صعوبة، وهي (سطوة السوق). وأعتقد دون مبالغة أن هذا له أكبر الأثر على الفنانين العرب حالياً ومستقبلاً. فالأسئلة الكبرى والهواجس السياسية والفكرية والجمالية استطاع من خلالها الفنان صياغة تجاربه الفنية في إطار الإجابات على هذه الأسئلة، أما الآن فربما لا يصمد الكثير أمام سطوة السوق، مع العلم أن هذا التحدي موجود في الغرب منذ سنوات طويلة، وكما يوجد فنان خضع لهذه السطوة، سيوجد آخرون يقاومونها.. بالأمس كانت المواجهة مع السلطة هي البوصلة، أما الآن فالمواجهة مع السوق أشد صعوبة.
القدس العربي
———————————
حوار آخر مع يوسف عبدلكي تناول معرضه الأخير عن رباعيات صلاح جاهين
يوسف عبدلكي.. إقامة مفتوحة في رباعيات صلاح جاهين
مصطفى الأعصر
يقدم الفنان التشكيلي السوري يوسف عبدلكي مجموعة فنية جديدة تضم 35 لوحة كمعادل بصري لـ35 رباعية شعرية من رباعيات الشاعر المصري الراحل صلاح جاهين، التي كُتب أغلبها في الفترة من 1959 حتى 1962، من خلال معرض فني يستضيفه غاليري المشربية بوسط مدينة القاهرة في الفترة من 30 مارس/ آذار حتى 28 أبريل/ نيسان 2022.
رسم عبدلكي هذه اللوحات في الفترة من 2015 وحتى 2019 وهي تضم 5 تحيات إلى خمسة أشخاص: النحات المصري محمود مختار، والتشكيلي المصري محمود سعيد، والمغني المصري الشيخ إمام عيسى، والمعلم والرسام الياباني هوكوساي، والفنان الدادائي الفرنسي مارسيل دوشامب.
يوسف عبدلكي أحد أهم الفنانين التشكيليين العرب المعاصرين. تأثر بهموم وطنه والمنطقة العربية فانخرط في الشأن السياسي منذ وقت مبكر
يعتبر يوسف عبدلكي أحد أهم الفنانين التشكيليين العرب المعاصرين غزيري الإنتاج الفني، فضلًا عن تأثره بهموم وطنه والمنطقة العربية وانخراطه في الشأن السياسي منذ وقت مبكر، الأمر الذي دفع ثمنه سنوات طويلة من الغربة خارج سوريا، وما عرضه للاعتقال أكثر من مرة. وُلد في مدينة القامشلي، التابعة إداريًا لمحافظة الحسكة، شمال شرق سوريا، على الحدود مع تركيا في عام 1951، انتقل إلى دمشق وحصل على إجازة من كلية الفنون الجميلة عام 1976، قبل أن يتعرض إلى الاعتقال لقرابة عامين من 1978 حتى 1980، ليسافر إلى فرنسا بغرض الدراسة ويحصل على الدكتوراة في الفنون التشكيلية من باريس عام 1989. أقام عبدلكي عشرات المعارض الفنية الفردية والمشتركة مع فنانين آخرين في العديد من البلدان العربية والأجنبية، كما له دراسات أكاديمية عن تاريخ الكاريكاتير، واقتنت بعض المتاحف بعضًا من أعماله الفنية مثل المتحف البريطاني ومتحف الكويت ومتحف عمان للفن الحديث وغيرها.
تقابلنا مع عبدلكي في معرضه الأخير بغاليري المشربية، وعقدنا معه حديثًا شيقًا انقسم إلى شقين أساسيين، أولهما يخص المعرض ولوحاته، والشق الآخر نتحدث عن حياة عبدلكي وتاريخه ورحلته الطويلة في دروب الفن.
عن صلاح جاهين
هل يوجد رابط بين لوحات صلاح جاهين وإقامة المعرض بمصر؟ ولماذا غاليري المشربية تحديدًا؟
لدي قرار مسبق بالعمل على الرباعيات منذ أكثر من 25 عامًا، وعرضها بالقاهرة ليس لأن صلاح جاهين مصريًا، صلاح جاهين شاعر مهم ومبدع بكل معنى الكلمة. أقمت المعرض ذاته بسوريا منذ ثمانية أشهر تقريبًا، فمن الممكن أن يكون العمل عن شاعر آخر تونسي أو عراقي أو من أي جنسية ويتم عرض الأعمال بمصر.. فما المانع؟ النقطة المهمة التي يجب ذكرها أن الرباعيات لها وقع كبير لدى الناس والمثقفين والإعلاميين، وهناك درجة من الاهتمام الكبير بها وهو اهتمام مستحق.
أما من ناحية عرض الأعمال بغاليري المشربية، فقد نفذت بمصر 5 معارض سابقة بداية من عام 1987، عرضت بأتيلية القاهرة وأتيلية الإسكندرية ومجمع الفنون بالزمالك، إلى جانب معرضين بالمشربية غاليري في تسعينات القرن الماضي وأوائل الألفية الجديدة، فعلاقتي بالمشربية علاقة قديمة، فعندما فكرت بإقامة المعرض كان من البديهي التفكير بالمشربية وليس بمكان آخر.
لماذا نفذت فكرة الرباعيات الآن رغم حضورها معك منذ أكثر من 25 كما تقول؟ من أين بدأت وكيف تطورت؟
لدي الكثير من المشروعات المؤجلة، بحاجة إلى عمرين أو ثلاثة أعمار فوق عمري، وهناك عدد من الشعراء أريد العمل عليهم منذ 40 عامًا وليس 25 عامًا فقط، مثل محمد الماغوط ونزيه أبو عفش. بحثت بذهني في السنوات الماضية عن معادل بصري للنص المكتوب، ولم يكن التحدي هينًا لأن الرباعيات بها رؤية على شيء كبير من الرسوخ، وبنفس الوقت هي لغة على قدر كبير من الجمال والخفة، والجمع بين الخفة والرسوخ أمر مبهر، فربما كان التأخير كل هذه السنوات لذلك السبب.
ما هي طريقة انتقائك للرباعيات التي قررت العمل عليها؟
اشتغلت في البداية على 45 رباعية، ولكن طبعت 35 فقط. بكل بساطة، رسمت الرباعيات التي أحببتها أكثر من غيرها، لا يوجد سبب آخر. ربما لو أتى رسام آخر سيختار 35 رباعية أخرى، ولو أتى رسام ثالث سيختار غيرهم، وهكذا. واحدة من نقاط القوة بالرباعيات أنها حمّالة دلالات كبيرة وعلى قدر متنوع من الرصد الذي به نظرة فلسفية واضحة ومتابعة لمجريات الحياة ونفس ساخر، فكل شخص يرى الرباعيات التي تمسه أكثر من غيرها، لكن ليس لأنها أكثر قيمة من بقية الرباعيات، القصة كلها مزاج الشخص يميل إلى أية رباعية.
هل يمكن أن تختار رباعية واحدة هي الأقرب لقلب يوسف عبدلكي؟
هناك أكثر من رباعية، ولكن من بينها : “أنا اللي بالأمر المحال اغتوى/ شفت القمر نطيت لفوق في الهوا/ طلته ماطلتوش – ايه أنا يهمني؟/ وليه ما دام بالنشوى قلبي ارتوى/ عجبي!”.
لماذا؟
لأن هذه الرباعية بها رد اعتبار لأحلام الشباب ولقيمتها في حياة البشر. الناس في فترة الشباب لديهم آمال هائلة ورغبة في تغيير العالم، ثم صعوبات الحياة وقسوتها وتصلبها تتسبب لهم في خيبات كبيرة وقنوط ويأس. هذه الرباعية تسير عكس ما يحدث مع أغلب الناس، فهي تقول طالما حدثت النشوى بلحظة الأمل أو الكفاح أو الأحلام، فهذا يكفي، فلا ضير من ألا يحقق الشخص كل التصورات والأحلام.
لماذا التحيات الخمس موجهة لهؤلاء الأشخاص تحديدًا؟ وكيف اخترت كل رباعية لكل شخص؟
دون الخوض في تفاصيل، من حيث المبدأ لم أختر قبل بداية الرسم أن هذه الرباعية سأرسمها كي تكون تحية لفلان، سياق الرباعية هو ما أوحى لي أن أذهب بهذا الاتجاه. بمعنى آخر، الرباعية هي ما حمّلتني مهمة الإهداء وليس العكس. الرباعيات حمّالة طاقة هائلة، فهي ما أخذتني من يدي وأخبرتني أن أهدي هذه إلى فلان وتلك إلى علان، لم تكن قرارات مسبقة أبدًا إنما أتت في سياق العمل.
هناك 3 تحيات إلى فنانين مصريين وتحية لفرنسي وتحية لياباني، وكان هذا الأمر طبيعيًا في سياق العمل. والسبب هو حضور الثقافة المصرية بقوة في فترة مراهقتي وأول شبابي (أواخر الستينيات والسبعينيات) بسبب كثافة الكتب عن الفن وتاريخه وعلم الجمال والنقد الفني أو المجلات المصرية الشهرية التي كانت تأتي على سوريا مثل الطليعة والفكر المعاصر، بهذا المعنى فالثقافة المصرية وأسماء المثقفين والفنانين المصريين موجودين معي منذ المراهقة، فكان الطبيعي التفكير في أسماء مصرية أثناء العمل على الرباعيات أكثر من التفكير بفنانين من بلدان أخرى ربما لست على صلة مع ثقافتها أو إنتاجها الإبداعي.
لا يوجد فنان “نسيج ذاته”
فلننتقل من الحديث عن المعرض إلى الحديث عن حياة يوسف عبدلكي .. أخبرنا عن بدايات الدهشة، متى أدركت موهبتك في الرسم والفن التشكيلي؟
أرجو ألا أكون مبالغًا إذا أخبرتك أني لا أعلم. بدأت الرسم من الصف الأول الابتدائي، وأتذكر في الصف الثاني الابتدائي بدأت أخصص لنفسي دفتر من ورق أبيض وآخذ على عاتقي أن أرسمه بالكامل خلال سنة، فصرت أنظم تدريباتي على الرسم دون إدراك مني بذلك.. أتسلى مثل أي طفل.
لم يكن هناك أساتذة متخصصين في الرسم بمدينة القامشلي، وبالتالي ذهبت حصص الرسم إلى مدرسين مواد أخرى، يأتي المدرس ويسأل التلامذة من يستطيع الرسم؟ فيخبره زملاء الدراسة: يوسف.. يوسف، فيخبرني أن أرسم شيئًا على السبورة لينقله الطلاب. حكاية الرسم مبكرة جدًا، لا يوجد لدي توقيت محدد ولا حادث معين أخذني إلى هذا الدرب، الموضوع بمثابة لعبة ككل ألعاب الطفولة. في القامشلي لا يوجد فنانون ولا معارض رسم (غاليري) ولا يوجد كتب فنية، الحياة فقيرة بكل معاني الكلمة، فيظهر نبت شيطاني لا أعلم من أين.
متى بدأت التفرغ للفن ومتى قررت احترافه؟
انتقلنا من القامشلي إلى دمشق عندما كان عمري 15 سنة، وكنت أرسم بشكل مستمر، وبعد أشهر قليلة انتسبت إلى مركز الفنون التطبيقية، تعلمنا الملصق الجداري والخط العربي، وهناك اكتشفت لأول مرة أن الرسم ليس فقط مهارة إنما تنظيم للمساحة البيضاء على الورق وهذا الأمر كان غائبًا عني، الدراسة في هذه المركز قام بنقلة في وعيي عن ماهية العمل الفني. النقلة الثانية عندما انتسبت إلى كلية الفنون الجميلة وتخصصت بالحفر، ولم أعانِ بكلية الفنون أثناء الدراسة أو بفترة الامتحانات بسبب وجود معرفة مسبقة لدي بأغلب المناهج الدراسية، فقد قرأتهم من قبل.
لوحة عبدلكي
هل واجهت أي معوقات أو صعوبات تجاه احترافك للفن؟
طبعًا، والدي مثل كل الآباء يريد من ابنه أن يصير طبيبًا أو مهندسًا، ثم وأنا عمري 17 عامًا بدأت في نشر بعض الرسوم الكاريكاتيرية وأتربح منها، فأقتنع والدي أن لا خوف من احترافي الفن، فتوقف عن الامتعاض.
هل الرسم موهبة بالكامل؟
لا يوجد فنان بالعالم بعيد عن الثقافة، لا يوجد فنان جاهل، ربما بعض الفنانين جهلة وغير مثقفين، لكن إنتاجهم بالضرورة سيصبح ضعيفًا وغير مقنع، وهؤلاء كثيرون. ثقافة الرسامين ووعيهم بالعالم من حولهم ولتاريخ بلدانهم أو المنطقة التي ينتمون لها ولتاريخ الفن والمعضلات الجمالية المحيقة بالعملية الفنية، كل هذه الأمور تمنحهم طاقة كبيرة من أجل عمل قطعة مهمة لها معنى.. لكن هذا لا يعوّض الموهبة، تستطيع بذل مجهود إرادي لتحصيل الثقافة، لكن الموهبة لا يمكن تحصيلها.
عبدلكي: لدي قرار مسبق بالعمل على الرباعيات منذ أكثر من 25 عامًا، وعرضها بالقاهرة ليس لأن صلاح جاهين مصريًا، صلاح جاهين شاعر مهم ومبدع بكل معنى الكلمة
كل عمل فني هو حصيلة إجبارية لثقافة الرسامين وموهبتهم، إضافة إلى إرادتهم في صناعة لوحة في عالم لا يريد لوحات، عالم يبحث عن الكسب ولعبة الخبز وينخرط في عمليات الفساد، فإرادة الفنانين كي يكونوا منتجين ومبدعين في عالم نقيض ذلك، هو الأمر الذي يجعلنا نرى اليوم مجموعة كبيرة من الرسامين والفنانين ممن يتمتعوا بموهبة وثقافة عالية وقدرة على الصراع ولديهم نفس فروسي في العمل الفني يجعل أعمالهم تتجلي أكثر ويجعلهم يصلوا إلى الناس، وتقيم أعمالهم حوار مع عين وعقل ووجدان المشاهد.
هل يوجد فنان مفضل ليوسف عبدلكي؟
تأثرت بسلسلة كبيرة من الفنانين على مدى سنوات طويلة سواء عرب أو أجانب، ولا يوجد أي فنان غير حصيلة لمجموعة فنانين سابقين، لا يوجد فنان “نسيج ذاته” كما يقول بعض الكتّاب والصحفيين، إنما هناك حصيلة تجارب هائلة في تاريخ الفن، الفنانون هم أبناء كل الحضارات والتجارب الفنية التي سبقتهم. هناك مجموعة كبيرة تأثرت بها من ثقافات مختلفة كالثقافة المصرية والثقافة الآشورية وأعمال فنانين عصر النهضة وأعمال فنانين كبار مثل فرانسيسكو جويا وآلبريخت دورير وديفيد ليفين وغيرهم، كلهم تركوا بصمة في وجداني وعقلي وأحاسيسي.
لا يوجد فنان إلا ونتاج مجموعة كبيرة من الفنانين السابقين، بيكاسو مثلًا اعتاد مساعدة والده المهتم بتصوير الطيور، فأنتج لوحات كأنها كلاسيكية وعمره 15 أو 16 عامًا، بعد ذلك تأثر بالفنان تولوز لوترك فأنتج لوحات تشبه لوحات لوترك، لا يوجد فنان يخرج من لا شيء، كل الفنانين نتاج فنانين آخرين، المهم بعد أن يهضم الفنان تجارب سابقيه، من الضروري الخروج من عباءتهم لإنتاج بصمته الخاصة.
هل تنتمي لمدرسة فنية معينة؟
أعتقد أن قصة المدارس الفنية صارت متراجعة بشكل كبير منذ منتصف القرن العشرين، رأينا مدارس كثيرة انطباعية وواقعية وسيريالية ودادائية، لكن هذه المدارس عباءة كبيرة ترى تحتها أشياء عديدة ومتنوعة، مثلًا سلفادور دالي وخوان ميرو ينتميان للمدرسة السيريالة ولا يوجد أي صلة أو شبه بين لوحاتهم، بل أعمالهم على النقيض من بعضها، حتى عندما ترى فنانين ينتمون لنفس المدرسة تجدهم مختلفين اختلافًا كبيرًا. أتصور مع الأيام، أصبح حيز التجارب الفردية أوسع بكثير من التجارب التي لها صيغة جماعية، ترى في جميع العالم قصة المجموعات الفنية متراجعة كثيرًا لصالح الفردانية والعمل الذاتي.
تلاحظ في أعمالي نزعة واقعية واضحة ونزعة تعبيرية واضحة ونزعة سيريالية واضحة، هناك اهتمام بالمنظور الغربي، هناك اهتمام بالمنظور الشرقي، كلها نواحٍ موجودة بأعمالي دون أن أسميها تنتمي للمدرسة الفلانية، لكن الوقائع البصرية والشدة التعبيرية لها دور كبير في أعمالي.
لماذا لا يلقى الفن التشكيلي الاهتمام المناسب في بلداننا العربية؟
هذا السؤال به القليل من الإجحاف، لأن كل الأعمال الفنية والأدبية والثقافية عمومًا بعيدة عن الاهتمام الأساسي لجموع الناس في كل العالم، ما المانع أن يطبع أحد كبار الكتاب 10 آلاف نسخة فقط، أو أن بعض الكتاب يطبعون 200 نسخة فقط؟ ما معنى أن يطبع شاعر أو روائي شهير 10 آلاف نسخة في منطقة بها 300 مليون شخص؟ الثقافة دائمًا ليست الثقافة الجماهيرية، لا يوجد معرض فني يذهب إليه عشرات الآلاف من الأشخاص، ولا يوجد ديوان شعر أو مسرحية يذهب إليها عشرات الآلاف من الأشخاص. فالعمل الفني عمل حدوده ضيقة قليلًا ويخاطب أو يتفاعل أو يتحاور مع قلة قياسًا مع عدد السكان الواسع، لكن العمل الفني سواء كان شعرًا أو نحتًا او رسمًا أو تصوير فوتوغرافي أو مسرح هو عمل غير واسع لكنه عميق، بمعنى أنه يؤثر على وجدان الناس ونظرتهم للحياة على المدى الطويل ويحفر أخاديد عميقة في نفوس كل شخص.
عندما تقرأ غوغول أو نجيب محفوظ أو المتنبي أو محمود درويش يترك -سواء بإرادة أو دون إرادة منك- في نفسك أخاديد كبيرة جدًا تظهر في نظرتك للحياة وفي سلوكك وممارساتك وفي عشرات الأمور التي تصادفها في حياتك، العمل الثقافي ليس عملًا عريضًا لكنه عملًا عميقًا ويؤثر على الناس بمراحل زمنية طويلة جدًا بعكس العمل السياسي الذي هو عمل مباشر ومؤقت وقصير الأجل.
هل تعرضت في حياتك إلى لحظات إخفاق؟
الكاتب أو الموسيقي أو المسرحي دومًا في حالة صراع مستمر، مع المجتمع والمثقفين الآخرين ومع نفسه، لا أسميها إخفاقًا لكن أسميها حالة صيروة وصراع دائمين، كل الرسامين يتعرضوا للحظات نشوى ولحظات سوداوية ولكن ليس إخفاقًا، الإخفاق كلمة ثقيلة.
هل فكرت التوقف عن الرسم؟
لا أبدًا، ولن يحدث، لدي مشاريع لا تعد ولا تحصى، ولدى آمال لا تعد ولا تحصى، في الدنيا وفي المجتمع والسياسة والثقافة والفن، ولو منحتني ربعمائة سنة سأظل أرسم.
عبدلكي يتحدث عن اعتقاله
حدثنا عن أسباب اعتقالك وبقائك خارج سوريا لأكثر من 20 عامًا؟
أنا منخرط في العمل السياسي السوري من وقت مبكر، فكان اعتقالي أمرًا متوقعًا، اعتقلت عام 1978 لمدة عامين، وسافرت إلى فرنسا بعد خروجي لغرض الدراسة، وبعد عامين توقفوا عن تجديد جواز سفري ووضعوا اسمي على الحدود، وبالتالي لم أستطع العودة إلى سوريا لمدة 24 عامًا، فكنت مجبرًا على البقاء في فرنسا لأن عودتي ستأول إلى السجن.
عبدلكي: الكاتب أو الموسيقي أو المسرحي دومًا في حالة صراع مستمر، مع المجتمع والمثقفين الآخرين ومع نفسه، لا أسميها إخفاقًا لكن أسميها حالة صيروة وصراع دائمين
حدثنا عن اعتقالك مرة أخرى في 2013؟
اعتقلت لمدة شهر وأسبوع تقريبًا لسبب لا أعلمه حتى الآن، لم يسألوني أية أسئلة ولم يطلبوا مني أية معلومة ولم يعترضوا على أي فعل قمت به، أخذوني مع اثنين أصدقاء بدون أي تبرير واضح. كان اعتقالًا كجميع الاعتقالات السياسية سخيفًا وتعسفيًا، وهذا ليس غريبًا على نظام من الاستبداد والعسف السياسي القائم في البلد منذ 50 عامًا، هناك مئات الآلاف من المواطنين السوريين تم اعتقالهم لأسباب ليس لها علاقة بأي تهم إجرامية، كلها تهم مفبركة أو قائمة على ظنون أو قائمة على أسباب تعتبرها الجهات الأمنية مهمة لكن في الحقيقة هي أسباب سيريالية تمامًا، كأن يعتقلوا أحد الأشخاص لخمس سنوات أو 10 سنوات بتهمة محاربة أو مقاومة الإنجازات الإشتراكية، والبلد بالأساس تابع وتافه، لكن يعتبرونه بلدًا اشتراكيًا ويحاكمونك باعتبارك تقاوم التحول الاشتراكي، أو يتهموا أحد الأشخاص بنشر الأخبار الكاذبة، وفي الحقيقة الأخبار الكاذبة لا نراها في سوريا إلا في الإذاعة والتلفزيون السوري، هذا هو المكان الوحيد الذي به أخبارًا كاذبة. التهم سياسية سيريالية لها علاقة بالميل الموجود عند الأجهزة للبطش بالناس وتخويف البشر، فاعتقالي أو اعتقال كاتب أو شاعر يعتبر من ضمن الممارسات المعتادة لأي نظام مثل هذا النظام الاستبدادي.
هل حدث أي تعدٍ أو معاملة سيئة خلال فترات اعتقالك؟
تعرضت أثناء اعتقالي في المرة الأولى لعملية تعذيب حقيقية، أما بالمرة الثانية لم يحدث أي تعذيب، حققوا معي مرتين دون استخدام عنف، أودعت لمدة شهر في سجن تابع للأمن الداخلي بمدينة طرطوس ثم أسبوع آخر في دمشق قبل أن يطلق سراحي.