تحقيقات

مسارات الكبتاغون من سوريا إلى العالم…/ عاصم الزعبي

تُعدّ تجارة المخدرات وتصنيعها، وخاصةً حبوب “الكبتاغون”، من أبرز الموارد الاقتصادية التي يعتمد عليها النظام السوري وحلفاؤه من الميليشيات الإيرانية وحزب الله اللبناني. فبعد العقوبات الغربية التي فُرضت على النظام السوري وإيران، انحسرت الموارد الاقتصادية بشكل لافت لديهما، ما دفعهم إلى البحث عن بدائل ولكنها بدائل غير قانونية، ولكن تدرّ أموالاً طائلةً، وقد نجحوا في استخدامها بشكل كبير في تمويل العمليات العسكرية والأمنية في سوريا، وحتى في لبنان.

كشف تقرير صدر مؤخراً عن معهد “نيو لاينز” الأمريكي، أن قيمة تجارة حبوب الكبتاغون في الشرق الأوسط، تجاوزت خمسة مليارات دولار خلال العام 2021، مشيراً إلى تورط أفراد من عائلة الرئيس السوري بشار الأسد، وكبار أركان نظامه وحزب الله اللبناني في تصنيع الكبتاغون وتهريبه، وأن هذه التجارة باتت تشكل اقتصاداً غير مشروع ومتسارع النمو في الشرق الأوسط ومنطقة البحر المتوسط.

الأرقام مضللة

وبحسب التقرير، فقد تم احتساب القيمة المذكورة من خلال كمّيات حبوب تم ضبطها، إذ تُقدَّر القيمة المحتملة لتجارة التجزئة بأكثر من 5.7 مليارات دولار، بينما كان الرقم في العام 2020، نحو 3.5 مليارات دولار، والحبوب التي تمت مصادرتها خلال العام 2021، تُقدَّر بنحو 420 مليون حبة كبتاغون. وتُعدّ سوريا المنتج الرئيسي لها، بينما تُصنَّف السعودية على أنها المستهلك الرئيسي لها، ولكن الكمية الفعلية التي تم ضبطها هي أعلى بكثير، وهي جزء مما يتم إنتاجه.

يقول كرم شعار، مدير الأبحاث في مركز السياسات وبحوث العمليات، لرصيف22: “يتم دائماً تكرار فكرة قيمة تجارة الكبتاغون، ولكن هذا الرقم ليس مفيداً كثيراً لمعرفة حجم هذا السوق، أو على الأقل فهو رقم يُساء تفسيره، لأن الرقم المذكور عادةً هو رقم القيمة السوقية، أي قيمة الشارع، أي الكمية التي تباع في البلدان المستهدفة، بلدان الواجهة، وليس بلدان التصنيع، أي سوريا ولبنان”.

يوضح شعار، أن “هناك جزءاً كبيراً من شحنات الكبتاغون تتم مصادرتها، وتالياً فالقيمة التي تتحدث عنها التقارير هي قيمة لا تعود بالكامل إلى الأطراف المنتجة، فهناك أجزاء كبيرة، خاصةً في مجال تجارة المخدرات، تذهب إلى الموزعين في بلدان الوجهة، فالموزع في هذه البلدان لا يقبل بربح قيمته أقل من ضعف قيمة هذه المخدرات، بسبب المخاطرة الكبيرة في تداولها، أي أن موضوع مقارنة الأرقام موضوع إشكالي بشكل كبير”.

الكبتاغون، تسمية تجارية لعقار طبي تم تصنيعه في ألمانيا في أوائل ستينيات القرن الماضي، ويتألف من أحد أنواع الإمفيتامينات المحفزة ويدعى “فينيثلين”، وهو مخصص لعلاج اضطرابَي نقص الانتباه والأرق من بين حالات أخرى.

وفي وقت لاحق، تم حظر استخدام هذا العقار في ألمانيا وأوروبا، ليتحول بعد ذلك إلى مخدر يتم إنتاجه واستهلاكه بشكل شبه حصري في منطقة الشرق الأوسط.

اقتصاد الحرب

يُعرف اقتصاد الحرب اصطلاحاً بأنه “مجموعة التدابير التي تتخذها الدولة خلال الحروب أو عند اندلاع الأزمات والنزاعات الداخلية كي يصمد اقتصادها خلال هذه الظروف الاستثنائية، وذلك عبر اعتماد نظام إنتاجي يعمل على توفير الموارد الاقتصادية لضمان استمرارية التماسك على المستوى الداخلي المدني وكسب المواجهة العسكرية”.

وتُعدّ الإجراءات الاقتصادية خلال الحروب إجراءات طارئةً واضطراريةً، تقوم بها الدولة وخاصةً مؤسساتها العسكرية من خلال الإشراف على الاقتصاد بمبدأ التوجيه الإداري للموارد والسلع وإخضاع الإنتاج والاستهلاك المدنيين للأغراض الحربية، ومثال ذلك، تقنين بعض المواد الأساسية، وإجبار أصحاب المؤسسات على تغيير إنتاجهم من الإنتاج المدني إلى العسكري، وإدارة المؤسسات وتشغيلها من قبل أفراد القوات المسلحة بإشراف أصحابها.

في سوريا، اتخذ مفهوم اقتصاد الحرب اتجاهاً مختلفاً، فالحرب هي حرب داخلية بدأت بين النظام والمعارضة، لكنها تشعبت لاحقاً من خلال دخول فصائل مختلفة، وخاصةً المتطرفين من أتباع القاعدة وإيران على حد سواء، ونتيجةً لهذه التشعبات تراجع الاقتصاد السوري من جهة، وتقلّص دعم المعارضة من جهة أخرى، كما فُرضت عقوبات على النظام، مع وجود عقوبات مفروضة أصلاً على إيران وميليشياتها، فكان لا بد من بديل أو بدائل اقتصادية لإيجاد تمويل ذاتي للعمليات العسكرية والأمنية من جهة، وللالتفاف على العقوبات المفروضة من جهة أخرى.

وقد برع النظام والميليشيات في إيجاد هذه البدائل، من خلال تصنيع المخدرات والاتّجار بها، والتنقيب عن الآثار، وإنشاء الشركات الوهمية “شركات الواجهة”، والصفقات التجارية المشبوهة، وتبييض الأموال، وغير ذلك. يقول شعار: “يجب التركيز على أن إنتاج الكبتاغون أصبح أحد أعمدة الاقتصاد السوري، وأحد أهم مصادر الدخل للنظام، ولكن محاولة تقدير القيمة، أو مقارنتها بأنماط أخرى للدخل أو بالموازنة مثلاً، أمران مستحيلان”.

درعا نموذجاً

فتح اتفاق التسوية في محافظة درعا عام 2018، الباب أمام النظام والميليشيات الإيرانية لاستغلال المحافظة لتكون إحدى أهم مناطق تصنيع حبوب الكبتاغون والحشيش، بالإضافة إلى كونها المعبر الرئيسي لتهريب هذه المواد إلى الأردن وإلى السعودية ودول الخليج العربي.

وتُعدّ درعا من الناحية الجغرافيا مهمةً جداً لهذه التجارة، وذلك لمجاورتها الحدود الأردنية، وهذا ما يوفر عمليات النقل من لبنان والتي تُعدّ مكلفةً للغاية ومحفوفةً بالمخاطر، لذلك وفي العام 2019 بدأ حزب الله وبرعاية النظام السوري بإنشاء معامل صغيرة، “مكابس”، لإنتاج حبوب الكبتاغون، ومعامل لكبس الحشيش. وساعد انتشار الفساد بين القادة والعناصر المحليين ممن انتسبوا إلى الفرقة الرابعة في ترويج تجارة المخدرات وحماية الطرق التي تسلكها شحنات التهريب، وصولاً إلى الحدود الأردنية.

يقول أيمن أبو محمود، الناطق باسم تجمع أحرار حوران، لرصيف22: “هناك ثلاثة مسارات لدخول المخدرات وأهمها مادة الكبتاغون وخروجها عبر حزب الله من الجنوب السوري وإليه، وهذه المسارات قادمة من لبنان، إذ يبدأ المسار الأول من نقطة المصنع، المنفذ السوري اللبناني الرسمي، وتقوم مجموعات تابعة لحزب الله بنقل الكبتاغون من بلدة عيتا الفخار في لبنان عبر طرق ترابية بجانب نقطة المصنع وصولاً إلى بلدة جديدة يابوس داخل الأراضي السورية، ليتم نقلها إلى نادي الرماية والفروسية في بلدة الديماس التابع للفرقة الرابعة والحرس الجمهوري، ثم إلى الصبورة ثم سعسع ثم خان أرنبة في القنيطرة ثم إلى ريف درعا الغربي حتى تل شهاب وخراب الشحم”.

أما المسار الثاني، فهو من مدينة القصير في ريف حمص، أكبر قواعد حزب الله في سوريا، ليصل إلى الساحل السوري، بينما ينقسم المسار الثالث إلى طريقين يبدآن من سهل البقاع شرق لبنان، يتفرّع بعدها عند نقطة فليطة إلى عسال الورد-رنكوس-عدرا العمالية-الضمير-حران العواميد-المطلة-المسمية-قاعدة كريم الشمالي في منطقة اللجاة، أو من فليطة باتجاه يبرود-جيرود-الرحيبة-الضمير-حران العواميد-المطلة-دير علي-قاعدة تل الحارّة في درعا الغربي-نوى-المزيريب-خراب الشحم.

يضيف أبو محمود، أن هناك طريقاً آخر يمر عبر البادية السورية حيث يبدأ من الحدود العراقية ويصل إلى منطقة اللجاة شمال شرق درعا، حيث لا تتعرض السيارات المحملة بالمخدرات للتفتيش بالرغم من مرورها بحواجز عسكرية تابعة للنظام السوري وكثيرٌ منها محسوبة على إيران.

وبحسب معلومات حصل عليها رصيف22، فإن هذه الطرق، “المسارات”، مخصصة لنقل الحبوب المصنعة الجاهزة للتهريب، بالإضافة إلى مواد أولية للمعامل التي تم إنشاؤها في المحافظة، والتي تأتي عن طريق حزب الله من لبنان، فيما يتم استخدام طريق البادية لنقل مادة الكريستال والتي تأتي حصراً من إيران عبر العراق وصولاً إلى معبر البوكمال ومنها يتم نقلها إلى الحدود الأردنية لتهريبها، بالإضافة إلى عملية نقل معاكسة لحبوب الكبتاغون المصنعة في سوريا ولبنان إلى العراق.

صناعة الكبتاغون

لجأ حزب الله اللبناني في العام 2019، إلى فتح معامل لصناعة حبوب الكبتاغون في محافظة درعا، وذلك لتقليل كلفة الصناعة والنقل من لبنان، وتتوزع ستة معامل، “مكابس”، رئيسية في المحافظة، في مناطق مختلفة، أبرزها معملين في بلدة خراب الشحم في ريف درعا الغربي، والمحاذية للحدود الأردنية، ويشرف على عمليات التصنيع فيها قادة محليون تابعون للفرقة الرابعة.

وبالإضافة إلى هذه المعامل، هناك معامل يدوية أو بدائية تنتج كميات قليلةً من الحبوب، كما أن هناك معامل لصناعة “كفوف الحشيش”، وهي معامل سهلة التصنيع، ولا تحتاج إلى تقنيات عالية، كما هو حال مكابس الكبتاغون وخاصة الآلية منها.

يتم تخزين الحبوب المصنعة في مناطق مختلفة، خاصةً في اللجاة في مستودع تابع لقيادي محلي تابع لحزب الله اللبناني يُدعى “م. ر”، ويتكفل مع مجموعته بحماية الشحنات في أثناء نقلها إلى الحدود الأردنية أو للتوزيع في درعا والسويداء. كما يتم التخزين في مزراع بالقرب من بلدة نصيب الحدودية، وقرب بلدة خراب الشحم، حيث يتم تقسيم الحبوب بين ما هو مُعدّ للتهريب خارج سوريا، وما هو مُعدّ للتوزيع داخلياً.

طرق التهريب

يعتمد حزب الله والنظام السوري على مجموعة من الطرق الرئيسية لتهريب المخدرات إلى الأردن، ومنها إلى السعودية ودول الخليج العربي، ويقع على عاتق الفرقة الرابعة ومجموعات محلية تابعة لها ولحزب الله حماية الشحنات ومراقبة الطرق بشكل مستمر، واستطاع رصيف22 الوصول إلى إفادات بعض من يعملون على هذه الطرق المتعددة.

ويُعدّ الطريق المنطلق من اللجاة شمال شرق درعا، إلى طريق كوع حدر قرب قرية المتونة في ريف السويداء من الطرق الرئيسية، ويتفرع عنه طريقان، الأول نحو البادية السورية، والثاني يمر بالقرب من مخيم الركبان، وتُعدّ المتونة إحدى نقاط تجميع المخدرات، كما أن هناك طرقاً أخرى تمر من مناطق شنيرة في ريف السويداء وصولاً إلى بلدة خربة عواد على الحدود السورية الأردنية، وفي هذه الطرق تتم عمليات التهريب عن طريق مهربين محليين مهنتهم الأساسية التهريب، ويقومون بعمليات التهريب مقابل أجور مادية تصل إلى نحو عشرة آلاف دولار في حال كانت الشحنة كبيرةً.

أما المواد المصنعة في درعا، فيتم نقلها وتهريبها عبر نقاط في منطقة حوض اليرموك، أبرزها بلدة كويا المطلة على الحدود الأردنية، بالإضافة إلى عدد من المخافر الحدودية التي يتخذها حزب الله منطلقاً للتهريب، بالإضافة إلى التهريب عبر معبر نصيب-جابر الحدودي.

بالنسبة إلى الآليات المتبعة في التهريب، فتتم بوسائل مختلفة، ففي مناطق بادية السويداء يتم التهريب بواسطة سيارات تويوتا معروفة محلياً بـ”الشاص”، وغالباً ما تعبر السيارة مرّةً واحدةً من دون عودة، مع العلم أنه في هذه الحالة يتم نقل شحنات كبيرة، ويتم استغلال العواصف الغبارية التي تهب بكثرة في المنطقة.

في معبر نصيب، يتم التهريب بإخفاء الحبوب المخدرة بوسائل مختلفة في السيارات عينها، أو في بعض المنتجات المعدة للاستهلاك البشري، وقد تمكنت الجمارك وفرق مكافحة المخدرات الأردنية من العثور على حبوب الكبتاغون مخبأةً في هياكل سيارات، وحتى في منتجات زراعية كالرمّان.

أما في ريف درعا الغربي، فيتم التهريب عبر وادي اليرموك باستخدام بعض الحيوانات التي يتم تدريبها لعبور مسالك الوادي، كما يتم التهريب باستخدام الطائرات المسيرة “الدرون”، وخاصةً في عمليات تهريب مادتي الكريستال والهيرويين لارتفاع سعرهما، وقد استُخدمت هذه الطائرات في ريف درعا الغربي، وفي بادية السويداء، وقد تمكن الجيش الأردني في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2021، من إسقاط إحداها وهي محملة بالمواد المخدرة.

التسعيرات المختلفة

تختلف تسعيرات المواد المخدرة، باختلاف البلدان، وهي بحسابات بسيطة تُظهر أنها تدرّ الكثير من الربح على المصنّعين والتجار، خاصةً السوق الخليجية، إذ يبلغ الفارق في بعض الأحيان بين بيع المخدر في سوريا والخليج العربي تحديداً على سبيل المثال، أكثر من 25 ضعفاً، خاصةً في ما يتعلّق بحبة الكبتاغون.

يلخص مصدر يتعامل مباشرة مع تجار المخدرات في سوريا، لرصيف22، تسعير الأنواع المنتجة على اختلافها وهي كالتالي:

سعر حبة الكبتاغون في درعا 500 ليرة سورية، وفي الأردن دينار واحد، وفي السعودية 20 ريالاً سعودياً. أما الحشيش فيتم بيعه بالكيلو، ويبلغ سعره في درعا 80 دولاراً للكيلو الواحد، بينما يصل سعره في الخارج إلى نحو 1،500 دولار.

وبالنسبة إلى مادة الكريستال، فيباع الغرام في درعا بنحو 70 ألف ليرة، وفي الخارج بمئة دولار. أما الهيرويين، فيباع الغرام في درعا بنحو 90 دولاراً، وفي الخارج يصل إلى نحو 200 دولار.

أما في ما يخص كمية الإنتاج، فيؤكد المصدر أن هناك ستة معامل رئيسية لتصنيع حبوب الكبتاغون، ويعمل كل منها لمدة ست ساعات يومياً، ويشير إلى أن المعمل ينتج في الساعة 3،600 حبة كبتاغون، أي ينتج في اليوم 21.600 حبة، أي أن المعامل الستة تنتج في اليوم نحو 130 ألف حبة كبتاغون وهو رقم كبير جداً، في حال أُضيف إليه ما يتم نقله من لبنان عبر حزب الله.

وكان مدير الإعلام العسكري في الجيش الأردني، العقيد مصطفى الحياري، قد وجّه في شباط/ فبراير الماضي، اتهامات علنيةً إلى جهات رسمية سورية، قائلاً إن القوات المسلحة “تمتلك صوراً وإثباتات تؤكد تورط بعض المخافر السورية على الحدود ومعها ميليشيات منظمة بتسهيل مهام مهربي السلاح والمخدرات”، مضيفاً أن الأردن ” يخوض حرباً غير معلنة مع المهربين ومن يقف خلفهم”.

وأعلن الجيش الأردني في وقت سابق، أنه أحبط 361 محاولة تسلل وتهريب مخدرات من سوريا إلى الأردن خلال عام 2021، وضبط قرابة 15.5 مليون حبة مخدرة من أنواع مختلفة بما في ذلك الكبتاغون والترامادول، وأكثر من 16 ألف عبوة حشيش مخدر تزن 760 كيلوغراماً، و2 كيلوغرام من مادة الهيرويين.

صعوبة التتبع

هناك نوعان من الصعوبات في مواجهة انتشار حبوب الكبتاغون، الأولى تتعلق بتتبع أنماط صناعتها وتهريبها واستهلاكها وتكمن في تحديد المركب الطليعي، إذ يعمل القائمون على صناعته على تعديل تركيبته الكيميائية باستمرار.

أما الصعوبة الثانية، بحسب شعار، فتكمن في أن الكبتاغون سهل التصنيع بطبيعته، وهذا الأمر خلق شبكات عدة في سوريا، وتتم إدارتها بشكل لا مركزي، وبموافقة من رأس النظام السوري، لكن هذه الشبكات مشتتة وتتضارب مصالحها أحياناً ما يؤدي إلى صدامات واشتباكات عسكرية بين الأطراف المسؤولة عن التصنيع، وهذه اللا مركزية في تصنيع الكبتاغون تجعل ضبط إنتاجه أو إيقافه في حال كانت هناك نية لذلك لدى السلطات صعباً جداً.

يقول شعار: “في حال التفكير في الحد من انتشار الكبتاغون، لا بد من العمل على سلاسل الإنتاج والتوريد كاملةً، وليس على مرحلة واحدة فقط، فمن غير المجدي أن يتم التعامل مع نقاط التصنيع فقط، لأن هذه الشبكة اللا مركزية متفرعة جداً، وتالياً يمكنها أن تعمل حتى من أي منطقة ويمكن أن تجد أي نقطة للتهريب”.

وعليه، فالمطلوب أن تكون هناك تحركات منسقة بين الأطراف الفاعلة، سواء داخل سوريا وخارجها، لمكافحة السلسلة كاملةً من مرحلة التصنيع وصولاً إلى مرحلة الاستهلاك، وهنا لا بد من الاصطدام بالحقيقة، وهي أن النظام السوري مستفيد من هذه التجارة، وهي إحدى أهم مصادر الدخل لديه، وتالياً هو العقبة الحقيقية في وجه الحد من هذه التجارة، بالإضافة طبعاً إلى حزب الله.

لا يمكن للنظام السوري أن يقوم بإيقاف تصنيع المخدرات والاتّجار بها، وخاصةً حبوب الكبتاغون، فهي وسيلة اقتصادية اتخذها مع حلفائه من الإيرانيين وحزب الله اللبناني، كطريق تمويل بديل في ظل العقوبات الغربية المفروضة عليهم، إذ غدت هذه التجارة مشكلةً مزمنةً يصعب التخلص منها في ظل انشغال المجتمع الدولي عما يجري في سوريا، وتركها مستباحةً للنظام والميليشيات.

رصيف 22

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button