شعر

الخسارات كلّها مستدامة/ لويز غليك

اسم الشاعرة بالانجليزية: Louise Glück

ولدت لويز غليك في مدينة نيويورك عام 1943 وترعرعت في لونغ آيلاند. التحقت بكلية سارة لورانس وجامعة كولومبيا. تعتبر غليك من أكثر الشعراء المعاصرين موهبة في أميركا، وتشتهر بدقتها الفنية وحساسيتها ونظرتها الثاقبة إلى العزلة والعلاقات الأسرية والطلاق والموت. وصفها الشاعر روبرت هاس بأنها “واحدة من أنقى الشعراء الغنائيين الذين يكتبون الآن وأغزرهم إنجازًا”. في عام 2020، حصلت على جائزة نوبل للآداب “لصوتها الشعري الذي لا لبس فيه والذي يجعل الوجود الفردي عالميًا بجماله الصارم”. هنا ترجمة لبعض قصائدها:

(ترجمة: نجيب مبارك)

الأطفال الغرقى

كما ترى، لا حكمَ لهم.

لذلك من الطبيعي أن يغرقوا.

أوّلًا، يسحبهم الجليد

وفيما بعد، طيلة الشتاء، تطفو

شالاتهم الصوفية بجانبهم

بينما يغوصون إلى القاع

حتى يصمتوا في النهاية.

ثم يرفعهم المدّ بأذرعه السوداء المتعددة.

ولكن الموت يجب أن يباغتهم بطريقة أخرى.

قريبًا جدًا من البداية.

كما لو كانوا دائمًا

عميانًا وبلا وزن. وأيضًا

هل كانت البقية حلمًا؟ المصباح،

ومفرش المائدة الأبيض الجميل الذي كان يغطي المائدة،

وأجسادَهم.

ومع ذلك فهم يصغون إلى الأسماء المعتادَة

مثل طُعم خادعٍ ينزلق على المدّ:

ماذا تنتظر

تعال، تعال إلى المنزل، تائهًا

في المياه، أزرق ودائمًا.

***

الحديقة

1.    الخوف من الولادة

صوتٌ ما. ثمّ صفير وشخير

تعود البيوت إلى أماكنها.

والريح

وهي تتصفّح أجساد الحيوانات-

بينما جسدي لا يمكن أن يشبع

من الصحّة- لماذا

بقفزة واحدة تنضمُّ إلى صفقةِ توهّجِ الشمس؟

سيحدث الشيء نفسه مرّة أخرى.

هذا الخوف، هذا الكائن بالداخل،

لدرجة يدفعني إلى الحقل

بدون مناعة

إلى أصغر شجيرة تخطو

بعد أن صعدت بقسوة من الأرض

ساحبةً من جذورها توقيعًا ملتويًا،

وحتى إلى زهرة توليب، دفيئة حمراء.

ثمّ الخسارات،

الواحدة تلو الأخرى،

كلُّها مستدامة.

2.    الحديقة

الحديقة معجبة بك.

من أجلك تسربلَت بوشاح أخضر،

بورودٍ حمراء منتشية،

لتأتين إليها مع عشّاقك.

والصفصاف-

انظُري كيف ضرب للصمت

خيامه الخضر. لكن

يلزمك شيء آخر،

جسدك شديد النعومة، حيويٌّ جدًّا، بين حيوانات الصّخر.

اعترِفي أن من الفظيع أن تكوني مثلهم،

لا تشعرين بمزيد من الألم.

 3.    الخوف من الحب

هذا الجسد المستلقي بجانبي مثل حجر مُطيع-

ما أن بدأت عيناه تتفتّحان،

حتى صار بإمكاننا أن نتحدّث.

في تلك الفترة، كان الشتاء قد بدأ.

تصعد الشمس، في النهار، بخوذة النار،

وفي اللّيل أيضًا، بمرآة القمر.

يمرّ علينا نورها حرًّا

كأننا حين نستلقي على السرير

لا نترك ظلًّا،

سوى هذين الثّقبين الطفيفين في الثلج.

والماضي، مرّة أخرى، يمتدُّ أمامنا

هادئًا، معقدًا وغير قابل للاختراق.

هل مكثنا مستلقين هناك طويلًا،

بينما أذرعنا تتعانق، تحت أغطية الريش،

والآلهة تنزل

من الجبل الذي بنيناه لها؟

 4.    الأصول

كما لو قال صوت

يجب أن تكون نائمًا الآن-

لكن لم يكن هناك أحد. ولم

يُظلم الهواء،

رغم أن القمر كان هنا

مفعمًا بالرخام.

كما لو قال صوت، في حديقة

تعجّ بالزهور، كم هو مملّ

هذا الذهب،

الرنّان جدًّا، المتكرّر مرارًا،

ثمّ أغمضت عينيك،

مستلقيا أمامه،

ورغم اللّهب المتلعثم

لم تستطع النوم،

أيّها الجسد المسكين،

ما زالت الأرض

متمسّكةً بك.

5.    الخوف من الدفن

في الحقل الفارغ، صباحًا

ينتظر الجسد من يطالب به.

تجلس الروح بالقرب منه، على صخرة صغيرة-

لا شيء يأتي ليمنحها شكلًا.

فكِّر في عزلة الجسد.

يتجوّل اللّيل في حقل محشوش

بينما يعانق المشتل ظلّه المجعد.

يا له من سفر طويل.

وفعلًا، ترتعش أضواء القرية، من بعيد

مستكشفةً الصفوف دون أن تتوقّف عنده.

كم تبدو بعيدة

الأبواب الخشبية، الخبز والحليب،

مثل أوزانٍ على الطاولة.

 المترجم: نجيب مبارك

ضفة ثالثة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى