أبحاث

آلية دولية للكشف عن مصير المفقودين في سوريا: مرحلة الانتقال من الأقوال إلى الأفعال؟/  أليثيا مدينا

يجد أحمد حلمي نفسه مديناً لأمه “الحديدية”، صاحبة الفضل في إنهاء مأساة اعتقاله التي استمرت لثلاث سنوات، بين عامي 2012 و2015، في تسعة سجون سورية، فيما قُتل معظم أصدقائه، الذين اعتقلوا على خلفية انخراطهم في الحراك ضد نظام الأسد في الأيام الأولى للثورة السورية، داخل المعتقل.

“من دون أمي الحديدية، كنت سأكون في عداد الموتى. خرجت بسببها” قال حلمي لـ”سوريا على طول”، إذ عندما كان معتقلاً، فتشت والدته عن وسيلة للدخول إلى منظومة سجون الأسد ودفع رشى لهم، إلى أن نجحت مساعيها في الإفراج عنه وإزالة اسمه من قائمة المعتقلين السوريين، الذين يزيد عددهم عن 130 ألف معتقل ومختفٍ قسرياً.

في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، اعتقلت المخابرات العسكرية الشاب أيهم غزول، طالب طب أسنان في جامعة دمشق، الذي توفي بعد خمسة أيام إثر إصابته بنزيف داخلي نتيجة تعرضه للتعذيب، وظلت أمه غير متيقنة مما حدث لابنها لسنوات.

بعد اعتقال أيهم بثلاثة أشهر، أبلغ أحد المُفرج عنهم السيدة مريم الحلاق، والدة أيهم، بوفاة ابنها في المعتقل، غير أن معتقلاً سابقاً آخر أخبرها بأن ابنها ما زال على قيد الحياة، وبذلك “عاد إليّ الأمل وتوقعت أنه ربما هناك خطأٌ ما، واستأنفت البحث عنه يومياً لمدة سنة وخمس أشهر، كنت أريد معرفة ما إذا كان حياً أو ميتاً”، كما قالت الحلاق لـ”سوريا على طول”. 

زارت الحلاق عدداً من الأفرع الأمنية وبحثت عن أي معلومة تنبئها بمصير ابنها، لكنها توقفت عن البحث، في أيار/ مايو 2014، بعد أن تلقت شهادة وفاته من مستشفى تشرين العسكري في دمشق، كما عثرت على صورته ضمن صور قيصر التي سربها ضابطٌ عسكري منشق التقطها لدى عمله في التوثيق. وما تزال الحلاق، التي تعيش حالياً في ألمانيا، تبحث عن رفات ابنها.

منذ أكثر من عقد يناضل حلمي والحلاق مع آلاف الناجين من السجون السورية وذوي المفقودين والمختفين في سوريا من أجل معرفة مصير ذويهم وأحبائهم. في عام 2018، أسست الحلاق رابطة عائلات قيصر، وهي ترأسها الآن، فيما أسس حلمي، الذي حصل على لجوء في هولندا، مبادرة تعافي، وهي منظمة تعنى بالناجين وتنصبّ جهودها على دعم المعتقلين السابقين.

في عام 2021 دعت المنظمتان بالاشتراك مع “مسار إلى الحقيقة والعدالة“، التي تجمع أسر المُغيبات والمُغيبين على يد تنظيم الدولة، وجمعية “عائلات من أجل الحرية”، ورابطة “معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا” إلى إنشاء آلية دولية لتوحيد الجهود المبذولة للكشف عن مصير آلاف المفقودين والمختفين قسرياً في سوريا، ومن شأن هذه الآلية أن تشكل أول خطوة عالمية منسقة للبحث الحثيث عن المفقودين في سوريا.

استجابة لهم، نشرت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا دراسةً، في حزيران/ يونيو الماضي، وضعت فيها الأسس الأولية لمشروع هذه الألية. كما أعدّ الأمين العام للأمم المتحدة ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (OHCHR)، بناءً على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة، دراسة جدوى حول “كيفية تكثيف الجهود للكشف عن مصير المفقودين”، وكان من المزمع نشر الدراسة بداية الشهر الماضي، غير أنها تحصل حتى الآن على الموافقات اللازمة للنشر.

إذا أوصت دراسة الأمم المتحدة بإنشاء آلية موحدة، فإن الخطوة التالية “تتمثل باستمالة الدول والضغط عليها للأخذ بتلك التوصيات وتمرير قرار [الجمعية العامة] لإنشاء الآلية، كما أوضح حلمي، مشيراً إلى أن المناصرين لهذه القضية أمثاله “يطالبون دول أمريكا اللاتينية أن تترأس هذه الآلية، لأنهم يملكون النفوذ، ولديهم تاريخ طويل من الكفاح في سبيل الكشف عن المفقودين”.

ما هي الخطوات الملموسة التي تتطلبها آلية كهذه؟

يبدو الكشف عن مصير المفقودين والمخفين قسرياً وأماكن وجودهم، وتحديد أماكن من لا يزالون قيد الاحتجاز، ومعرفة هوية رفات القتلى حتى يتسنى لذويهم دفنهم بكرامة، مهمة مهولة، لاسيما أن الحكومة السورية ما تزال في السلطة، إضافة إلى أنها تحتفظ مع بعض الجماعات غير الحكومية المسؤولة عن عمليات الإخفاء بالسيطرة في أجزاء من البلاد.

حتى لو لم تكن مثل هذه الآلية قادرة على العمل داخل سوريا، ما يزال بوسعها اتخاذ بعض الخطوات الهامة، وحفظ المعلومات المتوفرة من قبيل: شهادات المعتقلين السابقين، وصونها من الضياع.

“كنا في المعتقل نؤلّف أغاني بأسماء وأرقام هواتف كل شخصٍ في الزنزانة”، قال حلمي. وحينما يُفرج عن أحدهم يستذكر الأرقام ويتصل بأهاليهم ليعلمهم أنّ أحباءهم مازالوا على قيد الحياة، مضيفاً: “عندما أطلق سراحي، كان في ذهني كل المعلومات. أما الآن، غاب عن ذاكرتي الكثير من الأسماء”.

بعد الإفراج عن مئات المعتقلين بموجب مرسوم العفو العام الذي أصدره بشار الأسد “اتجهت العائلات إلى الإنترنت لسؤال الناجين إذا كانوا قد رأوا أحباءهم”، وفقاً لحلمي، محذراً من أن “عدم وجود جهة واحدة يلجأ إليها الناجون لتقديم ما بحوزتهم من معلومات عن الذين ما زالوا على قيد الحياة أو رحلوا عنها، من شأنه أن يؤدي إلى تلاشي المعلومات”.

وكما أرقام الهواتف في أغنية حلمي، تضيع كثير من المعلومات المهمة من دون استثمارها لأنّه يتم التركيز من منظور الملاحقة الجنائية وليس بقصد البحث عن المفقودين”، بحسب قوله.

في هذا العام، أدلى “حفار القبور” سوري مجهول الهوية بشهادته عن الفظائع الوحشية التي شهدها خلال الحرب في سوريا، أمام مجلس الشيوخ الأميركي ومحكمة ألمانية، وكانت محاور الأسئلة في كلا الحالتين، تهدف إلى “المساءلة الجنائية”، بحسب حلمي، مستدركاً “لكن لو سُئل عن معلومات الطب الشرعي، مثل حجم المقابر الجماعية، واتجاه الجثث، إذا كان وجهها للأعلى أو للأسفل”، كان من الممكن أن تكون آلية لجمع معلومات تشريح الجثة، التي تعتبر أساسية للبحث عن المفقودين.

ويرى النشطاء وذوو الضحايا، أن وجود آلية موحدة يسهّل مراجعة أدلة الصور والفيديو لتحديد هوية المفقودين. ففي مجزرة التضامن على سبيل المثال، “اضطر الناس للتمحيص في الفيديو ليروا فيما إذا كانت وجوه أحبائهم موجودة ضمن الوجوه المصوّرة”، بحسب حلمي، وكذلك عندما انتشرت صور قيصر، في عام 2014، “أخذت العائلات على عاتقها عبء البحث في تلك الصور، محاولة العثور على ذويها”، مشدداً على ضرورة أن تتولى جهة ما هذه المهمة “ولا يجدر أن يُلقى هذا العبء على الأهالي”.

مريم الحلاق في مظاهرة برلين تحمل بيدها اليمين صورة ابنها أيهم غزول، وبيدها اليسرى صورة الناشط باسل خرطبيل، الذي قُتل في سجون النظام أثناء اعتقاله، 07/ 05 /2022 (ياسمين مشعان/ رابطة عائلات قيصر)

وتحاجج المنظمات السورية الخمسة آنفة الذكر أنّ “العمل غير المترابط أو المجزأ، وغياب التنسيق الكافي وفقدان المعلومات المركزية يجعل من إيجاد آلية للعثور على المفقودين أمراً ملحاً”.

على مدى السنوات الإحدى عشرة الماضية، عملت هيئات مثل الآلية الدولية المحايدة والمستقلة المعنية بسوريا (IIIM) ولجنة التحقيق الدولية بشأن سوريا (COI) ومركز توثيق الانتهاكات في سوريا (VDC) والشبكة السورية لحقوق الإنسان (SNHR) والأرشيف السوري على جمع بيانات عن الانتهاكات، وهي في منتهى الأهمية في مسألة البحث عن المفقودين، خاصة إذا تمكنت آلية دولية من توحيد كل تلك البيانات.

في حزيران/ يونيو، أوصت لجنة التحقيق الدولية بضرورة أن تبدأ الخطوات الأولى لإنشاء آلية موحدة بتنسيق ودمج المعلومات والادعاءات الموجودة أصلاً في سجلات عدد كبيرٍ من الكيانات والهيئات، وإنشاء قاعدة بيانات موّحدة وتأمين “قاعدة بيانات مركزية شاملة” بحيث يتسنى للعائلات تقديم طلبات للكشف عن مصير ذويهم وتعقّب آثارهم.

ويجدر بالآلية أيضاُ أن “تيّسر سبل التقصي والرصد المشترك لمواقع دفن الرفات، حتى إن تم ذلك عن بعد من خلال الأقمار الصناعية التي تغطي تلك المناطق في سوريا، في ظل عدم إمكانية دخولها مبدئياً”، وفق ما جاء في دراسة للجنة.

كيف يجب أن تبدو الآلية؟

تعمل روابط وجمعيات العائلات السورية بجهود حثيثة من أجل إيجاد آلية تحت مظلة الأمم المتحدة، غير أن الصين وروسيا تحجبان تلك الفرصة باستخدامهما حق النقض (الفيتو)، وفقاً لحلمي والحلاق، لذلك يعلقان آمالهما في إنشاء الآلية على الجمعية العامة. “إذا تم إيجادها في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة، ستتجلى فيها الإرادة السياسية لتحقيق تقدمٍ في هذه القضية وستكون مستدامة” بحسب حلمي.

ينبغي أن تتمحور هذه الآلية حول العائلات والناجين، كما قال حلاق، مشيرة إلى “إننا ذوو الضحايا والمختفين نعمل جاهدين ليكون لنا دور في تأسيس الآلية، قراراتها وبرنامجها”.

مثل هذه الآلية يجب أن تتخذ منحى إنسانياً وليس قضائياً، كما يرى الناجون والمناصرون لحقوق الإنسان، لأن “تفويض الآلية بالكشف عن مصير وأماكن [المعتقلين والمختفين]، دون تخويلها بالمساءلة، ربما يفضي ذلك إلى تعاون النظام السوري وجهات أخرى”، وفقاً لحلمي، فيما يُترك لكيانات أخرى التركيز على المساءلة الجنائية، من قبيل: الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، ولجنة التحقيق الدولية.

التركيز على البعد الإنساني للاختفاء القسري “لا يعني أننا نغفل المحاسبة، وهي أساسية، لكن لابدّ من التركيز على المعتقلين وما زالوا على قيد الحياة من أجل الإفراج عنهم”، وفقاً للحلاق، وهي من الذين تقدموا بدعاوى قضائية في عام 2017 ضد جميل الحسن، رئيس شعبة المخابرات الجوية السورية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، كما أنها أدلت بشهادتها في كل من محكمة كوبلنز الألمانية، والمحاكمة الجارية في ألمانيا لعلاء موسى، الطبيب السوري المتهم بارتكاب أعمال تعذيب.

يفرّق “ميثاق الحقيقة والعدالة” الذي أطلقته المنظمات السورية الخمس المعنية بقضايا الإخفاء القسري والاعتقال التعسفي بين تحقيق العدالة على المدى القصير أو الكشف عن مصير المعتقلين، والعدالة على المدى الطويل، التي تتمثل بالمساءلة على نطاق أوسع. 

أشارت لجنة التحقيق الدولية بشأن سوريا إلى أنّ “الآليات التي لم تملك تفويضاً ظاهراً بإحقاق العدالة الجنائية [خلال النزاعات السابقة]، وكان لها أهداف إنسانية أكبر تتمحور حول حق المعرفة حققت نجاحاً أكبر”.

إلى ذلك، يُمكن للمنظمات الدولية مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) واللجنة الدولية لشؤون المفقودين (ICMP) أن تؤدي دوراً جوهرياً في هذه الآلية، وقد أبدت كلاهما استعداداً للمشاركة في الجهود المبذولة لمثل هذه الآلية.

حتى هذا التاريخ، تلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أكثر من 13 ألف طلب للبحث عن المفقودين في سوريا. “وإلى الآن، ما تزال معظم الحالات يكتنفها الغموض وما يزال البحث عنها مستمراً، وفي كل يومٍ تأتينا طلبات جديدة”. كما قال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا عدنان حزام لـ”سوريا على طول”، مشيراً إلى أن فريقهم العامل في دمشق يجري زيارات دورية للسجون، وأسهم في “تبادل 23 ألف رسالة بين المعتقلين وذويهم” في إطار برنامجها لإعادة اتصال المعتقلين بعائلاتهم.

اللجنة الدولية لشؤون المفقودين هي المنظمة الدولية الوحيدة المخوّلة بالعمل على قضية المفقودين، وكانت قد تأسست في عام 1996، بعد الحرب في يوغوسلافيا، وتمكنت في أعقاب الإبادة الجماعية في البوسنة، عام 1995، من التعرف على هوية 70٪ من المفقودين في البوسنة من خلال قاعدة بيانات تعتمد على الحمض النووي.

وفي سوريا، جمعت اللجنة بيانات 22 ألف سجل للمفقودين و65 ألف سجل لعائلات المفقودين، بما في ذلك عينات مرجعية جينية لاختبار الحمض النووي ومطابقته، كما أوضحت لينا الحسيني، رئيسة برنامج سوريا / الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع للجنة الدولية.

وتعمل اللجنة الدولية لشؤون المفقودين مع “معتقلين سابقين لجمع بيانات عن أولئك الذين ربما رأوهم في السجون”، وفقاً للحسيني، كما تقوم على “رسم خرائط لمراكز الاعتقال المختلفة”. 

بما أنّ الصراع لم ينته في سوريا، وكون الجهات المسؤولة عن الإخفاء القسري ما تزال في السلطة لم تتمكن اللجنة الدولية البدء في التنقيب عن المقابر الجماعية في سوريا كما فعلت في العراق، لذلك يركز فريقها في الوقت الراهن على تدريب متخصصين لصون المقابر الجماعية والتعرف على الأدلة وحفظها بطريقة آمنة، بحسب الحسيني، معتبرة أن “هذا دليل جنائي لمستقبلٍ يحكمه القانون”، ومن المهم جداً التأكد من عدم اتخاذ أي إجراء من شأنه أن “يشكك بموثوقية الأدلة”.

كذلك، أشرفت اللجنة على تدريب المستجيبين الأوائل، والعناصر المكلفين في إنفاذ القانون، وعائلات المفقودين، والمحامين والقضاة تدريباً ميدانياً في شمال شرق سوريا، وافتراضياً في شمالها الغربي، ويتمثل هدفها “بالعمل في أنحاء كل سوريا حالما يتسنى لهم ذلك”، قالت الحسيني.

“لا أملك ترف التخلي”

في العقد الماضي، التقى ناجون سوريون وذوو ضحايا بنشطاء عانوا الأمرّين للكشف عن مصير أحبائهم، من عدة دول، مثل:  البوسنة، والأرجنتين، وغواتيمالا، وكولومبيا.

“تعلمنا دروساً من أمريكا اللاتينية، مفادها أنّه ما دامت العائلات تتقفى أثرهم، فلابدّ أن يصلوا إلى نتيجة” بحسب حلمي، “لاشك أنّ الموضوع صعب، لكنه ليس مستحيلاً”، كما قال.

على مدى عقودٍ طويلة، ظلت عائلات في أمريكا اللاتينية تبحث عن ذويها الذين اختفوا بعهد الديكتاتوريات العسكرية اليمينية الأرجنتينية (1976- 1983) والحرب الأهلية في غواتيمالا (1960- 1996)، وكذلك أولئك الذين فقدوا في الصراع المسلح بين الدولة والعصابات في كولومبيا الذي دام نحو ستة قرون.

عمل ذوو المعتقلين والمفقودين في حالة كولومبيا من أجل “المساءلة الجنائية بالتوازي مع بحثهم للكشف عن مصير ذويهم وتحديد أماكن وجودهم”، بحسب ما ذكر حلمي، مشيراً إلى أنّ الأرقام العالية لمن تم التعرف عليهم من المفقودين في البوسنة تجعل منها نموذجا يبعث الأمل، “وإن كان ذلك في سياق مختلف كلياً [عما هو عليه في سوريا] إذ كان هناك إرادة سياسية عظيمة في البلقان”.

كذلك “قامت غواتيمالا بإنجاز جيد بخصوص المقابر الجماعية، وتمكنت بعد سنوات طويلة من جمع الرفات ودفنها بطريقة إنسانية”، وفقاً للحلاق، التي تعلمت من أمهات بلازا دي مايو في الأرجنتين، اللاتي كنّ يتظاهرن أسبوعياً منذ عام 1977 للمطالبة بحقهن في معرفة مصير أحبائهنّ المختفين خلال “الحرب القذرة” في عهد الديكتاتورية الأرجنتينية، وثمّنت الحلاق “صبرهنّ وإصرارهنّ طيلة تلك السنوات الطويلة لإبقاء ملف المفقودين حياً”.

قد يتأخر تفعيل الآلية المنشودة في سوريا، لذلك من المهم المثابرة ومواصلة الطريق، بحسب حلمي، معتبراً أن “القضية تستغرق زمناً طويلاً: نحن لا نتحدث عن أسابيع أو أشهر، نحن نتحدث عن خطوة استراتيجية في مسار الكشف عن مصير المختفين”.

تنتظر عائلات الضحايا والمختفين “منذ عشرة سنوات ما يثلج صدورهم”، بحسب الحلاق، لذلك “حتى إن استغرق إنشاء الآلية سنة أو سنتين، فإن الأمر يستحق الانتظار طالما سيثمر في النهاية”.

تتعدى قضية المفقودين حق العائلات في معرفة مصير أحبائهم، إذ إن “الإخفاء القسري سبب جذري للصراع، ومن دون تقديم إجابات للعائلات لن تكون هناك عدالة”، وفقاً لحلمي، كذلك “من دون العدالة لن يكون هناك سلام دائم”، مستدلاً على ذلك بحالة عدم الاستقرار في غواتيمالا وكولومبيا والسلفادور.

تستمدّ الحلاق قوتها في مواصلتها الكفاح من رغبتها الدفينة في العثور على رفات ابنها، ومن شعورها في أنها تحمل “صوت الأمهات اللاتي يخشين التحدث علناً”.

وبدوره، يرى حلمي، الذي نجا من التعذيب، أن “الكفاح من أجل التأكد أن ما حدث لك لن يحدث لشخص آخر يعطي معنى لما تقوم به”.

تم نشر هذا التقرير أصلاً باللغة الإنجليزية وترجمته إلى العربية سلام الأمين

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button