صفحات الحوار

حوار غير منشور سابقًا مع الأب باولو دالوليو: نبهت إلى حدوث حرب أهليّة منذ حزيران 2011

وسيم حسن

تحلّ اليوم الذكرى التاسعة لاختطاف الأب باولو دالوليو من قبل تنظيم الدولة الإسلاميّة (داعش) (2013)، وذلك بعد أكثر من سنة على نفي النظام السوري له (2012) من سوريا التي عاش فيها لثلاثين سنة، وأسّس فيها دير مار موسى الحبشي بالقرب من النبك في وسط سوريا. إلى اليوم، ما زال مصير الأب باولو مجهولًا.

عُرف الأب باولو، وهو الكاهن في الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة، بنشاطه الإنساني ونضاله اللاعنفي من أجل السلام، وعُرف بجولاته وحواراته ولقاءاته واجتماعاته الكثيرة في بدايات الثورة السوريّة، بهدف تقريب الآراء والتوسط بين الفرقاء ومساعدة الثورة التي انطلقت في البلاد للوصول إلى مبتغاها في الحرية والكرامة والانتقال الديمقراطي السلمي.

في نهايات العام 2012 التقى وسيم حسن بالأب باولو على هامش أحد مؤتمرات المعارضة وسجّل معه حوارًا صحفيًا لم يعرف طريقه إلى النشر كاملًا حتى اليوم، علمًا إنّ بعض أجزائه نُشرت مكتوبة سابقًا. اليوم ننشر الحوار كاملًا بعد أن عملنا على تقسيمه إلى مقاطع، كلّ مقطع هو إجابة من إجابات الأب باولو دالوليو على أحد الأسئلة المتعلقة بسوريا، وفي نهاية كلّ مقطع ننشر الإجابة مسجّلة بصوت الأب باولو، لتكون بذلك وثيقة لرؤية أحد أهم المناضلين اللاعنفيين في سوريا خلال الخمسين سنة الأخيرة.

عن اختياره للعيش في سوريا

بالدرجة الأولى نذكّر أنّ سوريا جزء لا يتجزأ من الأرض المقدّسة، فبالنسبّة إليّ، فإنّ شرق المتوسط هو كلّه مسرح حياة الربّ يسوع وبداية حياة الكنيسة وانتشارها، فلا أشعر إذا كنتُ في سوريا أنّني لستُ في أرض مقدسة البتة. ثمّ سوريا لها جانب روحي صوفي خاص بها. هي تنظر إلى القدس بتقوى وفي نفس الوقت تشهد في كلّ أرضها بقيمة الإنسان والحضارة وماذا يستطيع الإنسان الروحي والمثقّف أن يصنعه من حضارة. لذلك اعتبرت سوريا هي المحور الجغرافي التاريخي الثقافي والديني ما بين المتوسط وآسيا، وما بين الشمال والجنوب، ما بين المسيحيّة والإسلام. اللهم حتى مع أهميّة حضور يهودي مهم، يحتاج يومًا ما إلى سلم ومصالحة وعودة إلى الحق والعدل، وبنفس الوقت استرداد هذا الأخ تحت خيمة إبراهيم. لذلك أعتبر سوريا هي سوريّة إبراهيم، هي سوريّة الأنبياء، وكتير مرتاح فيها يعني اليوم صاروا تلاتين سنة وسوريا بحياتي.

عن التنوع الطائفي والإثني في سوريا

التنوع والتباين والتعدّد، هذا نصيب العالم كلّه. ما في بلد بده يكون متطور، بلد حديث، بلد منفتح، بلد ناجح، إلّا ويكون فيه تعدديّة وفيه ألوان وأشكال ووفاق بين ناس من تقاليد مختلفة. هذا نصيب الحضارة والحداثة، وبهذا المعنى فسوريا هي سوريا حضارة وحداثة منذ ثلاثة آلاف سنة. يعني سوريا تعدديّة منذ ما قبل المسيح. سوريا اللقاء الثقافي والتخالط، اللهم من بعد التجارة والسفر والقرب والجوار. بهذا المعنى فسوريا هي السبّاقة. فمن يفكر بسوريا أحاديّة اللون خائن للوطن مئة بالمئة.

في الحديث عن سوريا والغرب

أنا صرلي يمكن عشرين سنة، أقله، أقول إنّ الطمع وعدم الموقف الأخلاقي من قبل الأنظمة الرأسماليّة الغريبة، كلّ هذا يجعلها تتعاطى مع الأنظمة الديكتاتوريّة بطريقة مصلحجيّة واستخفاف بحق الشعوب في الحريّة والديمقراطيّة والنضج السياسي. والتحجج مافي أسهل منه. أنا كنت قول عيب عليكم تتآمروا مع هؤلاء في استغلال شعوبهم وهؤلاء يشربون دم شعوبهم ويراجعونه في البنوك تبعكم. فحتى المساعدات الدوليّة والتنمية وغيرها في معظم الأحيان تنتهي في جيب المسؤولين الذين يعيدوتها إلى بنوك الغرب. هذا منطق أخّرنا واستفادت الأنظمة الديكتاتوريّة من التآمر الرأسمالي لتوطّد وتقوّي سيطرتها على الشعوب. البرهان على ذلك هو التأخر غير المعقول في حصول الشعب السوري على حريّته. يعني قديش استطاع هذا النظام بكلّ الوسائل أن يخلق قلعة منيعة ضدّ حقوق شعبه! هذا كلّه قوي بالتآمر الدولي، وليس هو التآمر المضحك الذي يحكي عنه بشار الأسد، بل التآمر الحقيقي المصلحجي بين النظام وكلّ من دخل معه في شراكة استغلاليّة.

عن العنف والدفاع عن النفس

هو مأزق وتناقض أليم جدًا، وهنالك من وجّه لي أشدّ الاتهامات في أكثر من مجلس، وفي دول عدّة. ولكن إذا نظرنا جيدًا إلى الأمر فليس هناك تناقض بين الركيزة على ضرورة المبادرات المبنيّة على نظريّة اللاعنف التي أؤمن بها، والمبادرات الديبلوماسيّة التي لا تتشنج كما تشنجت الهيئة الديبلوماسيّة فيما يخص سوريا في الأشهر الماضية، والمبادرات الإنسانيّة التي تحاول أن تخفف من النتائج الوخيمة للحراك والنزاع الحالي، وهذا لا ينفي حق شعب في أن يدافع عن نفسه. الشعب السوري اجتاز مراحل لا رجوع لها في الطلب، الديمقراطيّة والكرامة، هذا قرار شعب، ومن حقه أن يدافع عن نفسه. هذا شيء تعترف به الشرائع السماويّة والفلسفة والعلم والفهم والمنطق، لأنّه لو لم يكن هكذا، فإنّنا نضع الاستسلام للطاغية كقاعدة عالميّة، وهذا لا يجوز. يعني حتى غاندي لا يقبل بهذا. فالشعب يدافع عن نفسه وعليه أن ينضبط أخلاقيًا، لأنّنا لا نستطيع أن نتبع نفس أساليب النظام، لا يحق لنا أن نعذّب الناس، لا يحق لنا أن نقتل على الهويّة، لا يحق لنا أن نخطف الناس، يعني حرب الحقوق غير حرب القمع، فنحن نطالب منذ الآن، وهذا جزء من الثورة، بتشكيل لجان حكم ضدّ جرائم الحرب وضدّ الجرائم ضدّ الإنسانيّة.

عن الحرب الأهليّة

أنا نبهت عن الحرب الأهليّة منذ حزيران 2011. نبهت الديبلوماسيين، وكنت متوقعًا إياها من قبل. لأنّ النظام نظّم نفسه استنادًا على نوع من الرقابة على الأقليات عن طريق تخويف الأقليات، وإنّ أيّ بديل هو بديل إسلامي متعصب وصولي وتكفيري، وبالتالي لا يبقى من بديل للأقليات إلّا النظام. وهذا اللي صار. يعني الناس صاروا رهائن النظام، وإلى الآن، وببطء شديد يتخلصون بأيّ طريقة، ومعظمهم بالهجرة. إذا نظرنا إلى المسيحيين فعن طريق الهجرة والعلويين فالهجرة أصعب لهم لعدم وجود ارتباطات خارجيّة لديهم، فيعودون إلى جبالهم، لكن إلى متى؟

يعني بيحطوا أهاليهم بالقرى وبيضلوا يحاربوا محاربة النفس الأخير، فهذا ما صنعه الأسد، وهو مسؤول أمام التاريخ.

النظام استند إلى التضامن بين الأهالي والقرى العلويّة، كحلقة مصغرة لصناعة القرار وتسخير الوطن. هذا لا يعني فقط وجود علويين في الحكم، معروف إنه كان فيه سنة ومسيحيّة ودروز ومن الجميع، لكن حلقة التضامن بين الأقليات كانت خاصة ثمّ حلقة التجارة والتآمر في المصالح مع فئات وأهالي من السنة واضح جدًا.

إجا وقت كانت الهيكلية الاستبداديّة ماشية على معظم السوريين، معظم السوريين كانوا بطريقة أو بأخرى مضطرين أن يقبلوا بها، لكن إجا وقت الحريّة إجا وقت الثورة إجا وقت التخلّص.. إجا وقت حريّة السوريين، ودفعنا حقها أكثر بكثير من غيرنا، أمرنا لله.. شو بدنا نعمل؟!

هلق إخواتنا العلوية عم يعيشوا تمزّق رهيب. السيد الأخ العلوي الشريف اللي بقي بالحبس، واللي هُمِش من الحكومة ومن النظام لأنّه مانه موافق على هالتصرفات ووو بيشوف حاله بين ناريين: من جهة هو مكروه بكونه جزء لا يتجزأ، وغصبًا عن رأسه.. عائليًا، من جماعة تعتبر مارست العدوان ضدّ الشعب السوري، ومن جهة أخرى هو معارض ضدّ هذا النظام. من هنا ضبط الذات من قبل الثورة مطلوب، ومساعدة العرب للثورة مطلوبة، ومساعدة المجتمع الدولي مطلوبة. لا بدّ من أن يكون المجتمع الدولي غاب عن مسؤولياته. المجتمع العربي غاب عن مسؤولياته، روسيا وإيران مارسا عدوانًا ضدّ الشعب السوري، عوضًا عن أن يساعدوا العلوي أن يقبل بتطور معقول ضمن برنامج معقول في أجندة معقولة لكي نصل إلى تسليم السلطة للسوريين مع الحفاظ على الخصوصيات الجغرافيّة. شو المشكلة إذا كانت مثلًا محافظتي اللاذقية وطرطوس تحافظ على لون من ألوان الإدارة المحليّة يسوده الحضور العلوي؟ إذا محافظة الحسكة فيها لون كردي؟ إذا محافظة دير الزور فيها لون بدوي؟ إذا محافظة السويداء فيها لون درزي؟ وين المشكلة؟ يعني كل الدول المتقدمة والناجحة (تتبنى) الفيدراليّة.

عن التنافس الإسلامي الإسلامي

نحن اليوم نشاهد شرخ وتنافس، اللهم حراك سياسي ما، بين المسلمين أنفسهم. المشروع الإسلامي يختلف فيما بينه، هناك مشروع أردوغان ومشروع مرسي ومشروع ليبيا ومشروع تونس ومشروع الجزائر ومشروع مالي ومشروع الخرطوم وحماس.. الخ. وكلهم مسلمون. فلسطينيّة فتح مسلمون لكن مفهومهم للإسلام والدولة مختلف عن مفهوم إخواتنا في حماس. أنا أومن إنه، وضمن النظام الديمقراطي التعدّدي، هناك فرصة عظيمة للتيارات الإسلاميّة المختلفة لكي تعمل تجاربها، تجرّب وتطبق على الأرض ما لديها من مشاريع ومتطلبات وأمنيات ورغبات، وهناك تقييم. الانتخابات كلّ أربع خمس سنوات هي تقييم شعبي، يقول هذا التفسير للقرآن الكريم يناسبنا، وهذا سينجح والحمد الله، وآخر يقول لأ هذا المفهوم للمصادر الشرعيّة لا يناسب العصر، ولا يناسب تطلباتنا وتطلعاتنا نحن نميل إلى تفسير آخر. أي إذا استطعنا توطيد الديمقراطيّة يصير النقاش بين المسلمين بغير السيف. ما بدنا نرجع لمعركة الجمل. بكلّ مرة عم نختلف على حرف بدنا نقتل بعضنا يعني؟ إي بيكفي. يعني صارت السياقات فتاكة والنتائج وخيمة. مو إنّه هيك حاربنا بعض تلت أربع أيام ثم نتفق. اي مو هيك.

عن المسيحيين

مثلًا في منطقة حمص، المسيحيون عايشيين، منهم مع السنة، ومنهم مع العلوي، منهم في جوار البدو… يعني المسيحيين موزعين على كلّ محيط. وقت اللي بيصير تشنج طائفي سني شيعي أو سني علوي، لازم المسيحي يكون هو مهندس الوفاق ومهندس التآخي، همزة الوصل، هو اللي كان لازم يشتغل هالشغل، بلا ما اصطفينا، دون صف، وقتها شو عملنا؟ مع الأسف لم نستطع في العراق ولم نستطع في إيران ولا في لبنان، ممكن لأنّه الحراك صعب جدًا ويفوقنا وما عندنا الثقافة لحتى نقوم بهذا. في الواقع إنّه معظم المسيحين عم يهاجروا سوريا. اليوم الحراك كان طويل أكثر من المعقول والخسائر أكبر من المعقول. فكل هذا يسبب هجرة المسيحيين بكثرة.

عن دوره في الحراك

أنا بلعب دور فكري ودور حراكي. بيهمني السلم الأهلي كثيرًا، مستعد أخدم السلم الأهلي. مستعد روح عالعاصي وفوت بالمي وأبقى جوا، يا بغرق يا بتطلعوني وقت اللي بتتفقوا. يعني ما عندي مشكلة. أنا بالنسبة لي العلوي غالي على قلبي متل الدرزي متل الولاد اللي بيحاربوا مع بن لادن. أنا بالنسبة لي هدول ولادي، أنا بيهموني. بدنا نطلعهم من نار العنف، من بوتقة العنف إلى جنة الوئام والتفاهم. أنا كرست حياتي لهذا الشيء. أنا ما بيختلف الوفاق بين المسيحيين بالنسبة إلى أولوياتي عن الوفاق بين المسلمين أنفسهم.

التحابب بين الناس ما ممكن نميز، حتى المصالحة بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية تخصني. لو استطعت أروح أصالح الكوريين بين بعض بس مافينا نكون بكلّ مكان. فهل هذا موقف سياسي أو موقف ديني؟ أنا بالنسبة لي هذا هو الدين بذاته.

عن الاشتراكية والديمقراطية والمافيا

مظاهر الاحتقان الطائفي.. إجا وقت كانت الطائفة العلويّة هي الضمان العسكري حول رئاسة حافظ الأسد، مع هيكليّة مذهبيّة لم تزل لها من الطموح الاجتماعي الاشتراكي المذهبي. كان فيه مشروع لمجتمع يتطور من خلال الاشتراكيّة. نوعًا ما لم يكن له شيء من القيمة المذهبيّة. هذا انتهى. مع سقوط جدار برلين كان يجب أن نمشي تجاه الحقوق الديمقراطيّة دون أن نخسر ما كسبناه بالاشتراكيّة، بينما خسرنا الاشتراكيّة وما كسبنا الديمقراطيّة وصرنا بالمافيات. على أساس أنّه هذا حريّة ليبراليّة، بس هي مانها حريّة ليبراليّة، هذا اسمه من باب السيطرة عسكرية بتجيك السيطرة الرأسماليّة على البلد، باسم التحالف بين الرئاسة والجهات المستفيدة. وصار اسمه البلد مافيا. هذا نظام المافيا. رأسمال وقوة عسكريّة.

عن العروبة

لم أزل أضع ثقتي في السوريين، في عمق حضارتهم، في مفهومهم للدين الإسلامي ومفهومهم للدين المسيحي ومفهومهم للحضارة العربيّة كحضارة وفاق. أنا بالنسبة لي العروبة سقف، العروبة خيمة. ما بحسن حط العروبة ضدّ الكرد أو ضدّ البربر أو ضدّ مين ما كان. العروبة بحقي الموقف الجامعي المرتبط بالقرآن الكريم. يعني العروبة ما بتتعارض مع الشخصيّات الحضاريّة الثقافيّة المحليّة. هذا ما سمح بتوسيع حلقة العروبة من المحيط للخليج. لأنّها ما بتنفي، ما بتنكر، ما بتخرب النسيج المحلي بقيمه. نفس الحالة بالنسبة للأكراد اللي كانوا دائمًا عنصرًا من عناصر المجتمع الإسلامي الناضج. لهذا أنا كلّي ثقة إنّه سوريا بتلم حالها وبتكون سوريا الديمقراطيّة التعدديّة الناضجة اللي هي بداية. يعني السوريين ضحوا ضحوا ضحوا.. تضحية ما معقول تنفعهم هني وحدهم، بدهم يرفعوا المنطقة ككلّ، العراق حتى ما تتفتت نهائيًا، إيران تصير مصالحة شيعيّة سنيّة، الخليج من خلال المصالحة، لبنان حتى ما تتجزأ أكتر من هيك، فلسطين حتى نصل إلى العدالة والوئام والتفاهم لهذه المنطقة ككلّ.

أظن أنّ لدينا الزخم الحضاري والروحي.

عمّا ينتظر سوريا

كلّ العقبات تنتظر سوريا. لأنّه المجتمع الغربي لم يرد أن يفاوض بجديّة روسيا وإيران لإيجاد حل معقول لأنّه إيران لم تزل شديدة في المطالبة بالحصة. لأنّه الإخوة الأكراد لهم رغبة في أن يستفيدوا من الفرصة، لأنّ اسرائيل غير متفرجة ولها مصلحة في التجزيء، لأنّه الإخوة الإسلام السني على ركب موجة يبدو وكأنه فرصة طيبة لتحقيق طموح قديم. فكلّ واحد بده ياكل كلّ الكاتو، يا أخي الكاتو طيب لما بيكون كاتو الوئام والصداقة والتحابب ونقول هابي بيرذاي يا سوريا ورجعتي للحياة.

عن شكل وآليات المصالحة

شكل واحد ما بيكفي بده مية شكل، يعني نحن بحاجة في بعض الأماكن إلى نحمي الضحايا من أنفسهم حتى ما ينطلقوا في أخذ الثأر، واللي بعدين بيرجع عليهم بجرح أخلاقي لا يوصف. ولا بدّ من المحاكم الدوليّة والمحاكم المحليّة ضدّ الإجرام، لا بدّ منها لأنّه اللي خسر لا يستطيع أن يسلّم للظلم. من بعده بدنا نوصل لشي من المسامحة بالنسبة للذين كانوا عبيد مأمورين، بس المسؤول يجب أن يُحاكم والخسران لازم يعوض، فإذن في لجان تعويض أرامل، يتامى، بيوت خربانة، نهب. هذا كلّه بحاجة لشغل. لا بدّ من العمل نحتاج إلى جهات مختصة لمعالجة ضحايا العنف الذين تعذبوا والذين فقدوا عقولهم والأولاد الذين ضاعوا والأرامل والمغتصبات. هذا شعب كلّه ضحيّة، وسوريا لازم تكون مستشفى رحوم لشفاء هذا البلد، لشفاء الناس. مافي حدا مانه مريض اليوم بسوريا، وبدنا نطبب بعضنا البعض.

عن دور العلويين في سوريا بعد سقوط النظام

أنا كلّي رغبة، وأنا أتمنالهم إنّه يقلبوا عالأسد هلق بقراهم، وينضموا إلى الثورة ويقولوا للباقي مرحبا. هلق وقفوا عندكم. بنبلش بالمحاكم، أظهروا الملفات، المجرم نحنا بنسلمكم ياه. وقتها بيقولوا نحن نطالب بالإدارة غير المركزيّة حتى نحس إنّنا في قرانا، إنّنا الكيان المعترف فيه. سوريا بتكون لكلّ السوريين إذا كانت لكلّ السوريين في كلّ بقعة من هذا الوطن. يعني نحنا عندنا بشمال شرق سوريا مصغرة على مسألة تقدير الأكراد، عندنا مدينة حلب اللي بتجمع كلّ أشكال السوريين، عندنا مدينة دمشق اللي بتجمع كلّ أشكال السوريين، هذا في كلّ بقعة من بقاع سوريا لا بدّ من أن نوطد السلم الأهلي والتعدديّة والديمقراطيّة، مو بالطريقة اللبنانيّة تبع أنت ماروني أو سني أو شيعي أو درزي في كلّ ما تقول به إن شاء الله كرة قدم. لا. نحن نريد ديمغرافيّة توافقيّة. صيغة الديمغرافيّة التوافقيّة هي التي تناسبنا.

عن خوف المسيحيين في سوريا

السوريون المسيحيون يشعرون بالخطر، وبرهانًا على ذلك عم يهربوا. في بعض الأماكن بخطر، إذا فيه قصف جوي مانه خطر؟ إذا فيه قصف مدفعي مانه خطر؟ إذا فيه حرب شوارع مانه خطر؟ يعني بده ينقذ الشخص حاله هو وولاده. هو يشعر إنه هذا نزاع بين سوريين إسلام فما بيخصه فبيقول شو بدي منه.

الفاتيكان من خلال السفير الباباوي في دمشق وضح إنّه لا يعتبر إنّه هذا النزاع هو نزاع اضطهاد المسيحيين. لكن يلاحظ إنّه المسيحيين بيتعرضوا لظروف مافي حدا بيستحملها.

عن المساعدات

أرجو وأطلب وأطالب إنه الغرب هذه المرة لا يعاملنا معاملة عراقيّة. بدنا معاملة مع سوريا قائمة على التضامن والمحبة، أوروبا بتعيش بمشكلة اقتصاديّة كبيرة، فما لازم ننتظر مساعدات ماديّة كبيرة من برا. إن شاء الله السوريين اللي بالخارج اللي عندهم رأسمال بيجوا وبيساعدونا لأنّه كيف بدنا مساعدة ماليّة من كلّ صديق عربي ومن كلّ صديق سوري الله وفقه اقتصاديًا ومن كلّ إنسان له ضمير ووجدان.

من دون الأمن الديمقراطي المستتب للجميع، صعب.

مدوّن سابق وأحد مؤسسي موقع حكاية ما انحكت. مبرمج كمبيوتر ومهندس شبكات.

في نهايات العام 2012 التقى وسيم حسن بالأب باولو على هامش أحد مؤتمرات المعارضة وسجّل معه حوارًا صحفيًا لم يعرف طريقه إلى النشر كاملًا حتى اليوم، علمًا إنّ بعض أجزائه نُشرت مكتوبة سابقًا. اليوم ننشر الحوار كاملًا بعد أن عملنا على تقسيمه إلى مقاطع، كلّ مقطع هو إجابة من إجابات الأب باولو دالوليو على أحد الأسئلة المتعلقة بسوريا، وفي نهاية كلّ مقطع ننشر الإجابة مسجّلة بصوت الأب باولو، لتكون بذلك وثيقة تاريخيّة لرؤية أحد أهم المناضلين اللاعنفيين في سوريا خلال الخمسين سنة الأخيرة. حكاية ما انحكت

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button