الناس

ما حقيقة اختيار سكان الجولان السوري للجنسية الإسرائيلية؟/ عاصم الزعبي

تقرير لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، نُشر يوم السبت الماضي، تحدثت -الصحيفة- عما وصفته بـ”التحول الهادئ”، لأهالي الجولان السوري المحتل، اتجاه “عرض الحصول على الجنسية الإسرائيلية”.

وجاء في التقرير، أنه و”بعد سنوات من تجنب العروض، يتقدم عدد قياسي من الدروز في الجولان بهدوء ليصبحوا إسرائيليين، بدافع ليس من الصهيونية الجديدة، ولكن بدافع الراحة والابتعاد عن دمشق”.

وخلال العقود التي تلت احتلال إسرائيل لهضبة الجولان، لم يحدث أي فرق بين تحسن الوضع الاقتصادي للسكان الدروز، ولا مغريات الجانب الإسرائيلي المتعاقبة لقطع هذه الروابط.

ومع ذلك، تضيف الصحيفة: “حدث تحول هادئ في السنوات الأخيرة. بعد سنوات من الرفض شبه الشامل لعروض المواطنة الإسرائيلية، بدأ عدد دروز الجولان المتقدمين ليصبحوا مواطنين إسرائيليين في الارتفاع”.

ما حقيقة هذا التحول؟

الصحيفة الإسرائيلية، تظهر أرقاما رسمية، تشير إلى أنه على مدى السنوات الخمس الماضية، قفز عدد طلبات الجنسية التي قدمها سكان مرتفعات الجولان الدروز، تدريجياً من 75 طلباً، في 2017 إلى 239 في 2021.

جنود إسرائيليون في الجولان السوري “وكالات”

ومن المرجح أن يكون رقم 2022 أعلى من ذلك، حيث شهد النصف الأول من العام وحده تقديم 206 طلبات، بحسب الصحيفة.

    الناشط السياسي، هاني زهوة، من الجولان السوري، يقول خلال حديثه لـ”الحل نت”، ” إن حقيقة هذا التحوّل للحصول على الجنسية الإسرائيلية، يأتي من ضعف وانقسام داخلي أدى بنا الى نتائج كارثية، حيث فُقدت المصداقية بشكل كبير، وفُقد التأثير المجتمعي في الحالة العامة، وبالتالي ظهر خطاب شعبوي لسلطة الاحتلال عبر وكلائها، وبدأ ينشط على الساحة الجولانية دون أي رادع”.

من جهته، يرى الصحفي السوري، وليد النوفل، أن وعلى الرغم من أن الأرقام بالنسبة للراغبين بالحصول على الجنسية الإسرائيلية من أبناء الجولان، قد تضاعف 3 مرات على الأقل مقارنة بالعام 2010، إلا أن الأرقام التي نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية، لا تزال خجولة (250) طلب، وهذا بالمقارنة بعدد السوريين الذين يعيشون في الجولان المحتل، وغالبيتهم من الموحدين الدروز، والذين يقدر عددهم بنحو 20 ألف سوري.

وأضاف النوفل، ربما هناك رغبة بالحصول على الجنسية الإسرائيلية، لكن النظرة المجتمعية تلعب دورا في الحد من تصاعد توجه دروز الجولان نحو هذه الجنسية.

أسباب التحول نحو الجنسية الإسرائيلية

الصحيفة الإسرائيلية، اعتبرت أن الأسباب وعلى ما يبدو “مرتبطة بالحرب الأهلية السورية، مما جعل الروابط مع دمشق أكثر صعوبة في الحفاظ على المواقف وتغيير المواقف تجاه النظام في دمشق”، بحسب تعبير الصحيفة.

كما أن التحولات الجيلية، قد تلعب دورا أيضا، حيث أن العديد من دروز الجولان قد بلغوا سن الرشد اليوم، وهؤلاء مرتبطون بسورية فقط من خلال القصص.

وحول الأسباب يوضح هاني زهوة، بشكل متدرج الأسباب التي أدت لهذا التحول قائلا: ” مما لا شك فيه أن انعكاس الثورة السورية وما تبعها من رد إجرامي من قِبل نظام الأسد، وتحوّل سوريا إلى بركان منفجر يتدفق منه الدمار والدماء المسكوبة، قد أثّرت بشكل عميق جدا على الحالة العامة، والمناخ العام للسكان السوريين في الجولان المحتل، حيث قبل عشرة أعوام كانت العيون تصب شرقا نحو الوطن الأم سوريا، ومتابعة الأحداث بقلق شديد وبحذر تام مما يجري من فظائع إنسانية”.

وأردف زهوة،” في ظل هذه الأوضاع العصيبة، انقسم الشارع الجولاني الوطني الى شطرين كما الحال كان في سوريا، حيث تفرّق الصف الوطني الى ضفتين، الموالاة، والمعارضة لسلطة الأسد في سوريا، ولم يكن هذا الاختلاف بوجهات النظر وديا أو حضاريا، وعلى العكس تماما، فقد سادت الأجواء المشحونة، والاتهام بالعمالة لسلطة الاحتلال الإسرائيلي، حيث كان هذا الانقسام حادا، وتُرجم في عدة مناسبات الى اشتباكات بالأيدي والتعدي، كما تُرجم في فرض مقاطعات دينية واجتماعية في المناسبات العامة، كما شُغل الطرفان في الدعم، والمساندة المعنوية والشعبية مع الفئة التي تمثله سياسيا، ووطنيا في ذلك الوقت.

وتابع زهوة، موضحا الدور الإسرائيلي في هذه الظروف، ” في ظل هذا الشرخ الوطني دخلت سلطات الاحتلال على أرض خصبة لبث سياسات (الأسرلة)، والأدلجة للجيل الشاب في الجولان، كالتنظيمات الشبابية مثل الكشاف الدرزي، والشباب العاملة والمتعلمة، وفرض انتخابات للمجالس المحلية مؤخرا، كنوع من إضفاء شرعية لوجودها في أرض الجولان مع السكان السوريين، وهذا كله لاستقطاب الشباب للخطاب الصهيوني، وخلق حالة عامة ومناخ جديد يُناسب سياساتها الاستيطانية، وخلق هوية تخدم مصالحها.

أما وليد النوفل، فيرى، أن ” جزءا كبير من دروز الجولان، لاسيما الجيل الثاني والثالث، يدركون حقيقة حكومة دمشق، وقد خرجت التظاهرات المؤيدة للثورة السورية، وحتى في الشهر الأول للثورة السورية كان هناك بيان لفعاليات درزية في قرية مجدل شمس، في الجولان المحتل تؤيد هذه الثورة.

وبالتالين فإن هذه الحال إضافة إلى طول أمد الحرب في سوريا، وما نتج عنها مشاكل على الأصعدة كافة، وغياب وجود حل سياسي في الأفق، قد يدفع أو يجبر البعض لمثل هذا التوجه، بحسب النوفل.

تبعات الحصول على الجنسية الإسرائيلية

الصحيفة نقلت في تقريرها عن يسري حزران،” مؤرخ ومحاضر في كلية شاليم في القدس” قوله، إنه “وفي غضون 20 عاماً، سيحصل نصف السكان الدروز في مرتفعات الجولان على الجنسية الإسرائيلية”.

وأضاف حزران، إن “الحرب الأهلية السورية حطمت فكرة الأمة السورية، وقطعت العديد من الروابط بين الجولان الدروز، ودمشق بما في ذلك المبيعات عبر الحدود للمنتجات، والحضور الجامعي”.

وبحسب حزران، فإن انهيار الدولة السورية والدمار هناك أجبر دروز الجولان، على اختيار الخيار العقلاني، الاندماج في المجال الإسرائيلي، ملخصا ما يجري بأربع كلمات “الاعتراف بالواقع وليس الصهيونية”.

    هاني زهوة، يؤكد أن تبعات هذا التحول كارثية، إذ يقول: ” إن انعكاس هذا التحوّل على الجولان، هو انعكاس مأساوي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، حيث سيفقد الجولان جميع ميزاته، الاجتماعية والوطنية والتعليمية والرفاهية، لأن هناك سياسة واضحة في دخول أبنائنا في صفوف جيش الاحتلال، وهذا سيؤثر جذريا على التركيبة الاجتماعية في جميع أصعدتها، وأيضا مما لا شك فيه أنه سيقطع صلة الرحم بيننا، وبين الوطن السوري”.

خطط استيطانية

بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، فإن الحكومة الإسرائيلية، تسعى إلى تنفيذ خطط استيطانية ضخمة في الجولان، من خلال تعزيز أعداد المستوطنات وزيادة عدد السكان الإسرائيليين في المنطقة.

ويتوزع المستوطنون الموجودون حاليا في الجولان على 32 مستوطنة صغيرة تحمل اسم “مجلس إقليم الجولان”، ويبلغ عددهم نحو 22 ألف مستوطن.

رفض لأبناء الجولان لأحد المشاريع الإسرائيلية “وكالات”

وفي أواخر العام الماضي ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أنه “تم التصديق على خطة ضخمة” تهدف إلى مضاعفة عدد المستوطنين في الجولان السوري المحتل، وتحويله إلى “مركز تكنولوجي”.

ويقود الخطة حسب ما قالت صحيفة “يسرائيل هيوم”، حينها، رئيس الحكومة السابق، نفتالي بينت، ووزير العدل جدعون ساعر، وتستهدف تحويل الجولان إلى “عاصمة تكنولوجيا الطاقة المتجددة”، من خلال استثمارات بمليارات الشواكل.

تهدف الخطة إلى تحويل هضبة الجولان السورية المحتلة، لمركز لتكنولوجيا المناخ والطاقة المتجددة، عبر توسيع نطاق استثمارات شركة “إيمباكت”، والربط بين مستوطنة كريات شمونة الحدودية، وباقي مستوطنات الجولان.

من الواضح أن السلطات الإسرائيلية مهتمة بمنح الجنسية الإسرائيلية للدروز السوريين في الجولان السوري، وإن كانت هذه العملية تسير بشكل هادئ، فهي تدرك أن انخراط أبنائهم في صفوف الجيش الإسرائيلي أحد أهم المكاسب على المدى البعيد، بالإضافة إلى ذلك فإن دخولهم في الجنسية سيمكّنها من السعي للحصول على اعترافات بأن الجولان أرض إسرائيلية، وليست سورية

الحل نت

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button