مقتطفات من الشعر العالمي: خذوا حذركم يا حاملي الندوب!
ترجمة وتقديم: سعيد بن الهاني
لا تروم هذه المقدمة إضاءة نصوص هذه المقتطفات، بقدر الإضاءة على جماليّة نصوص شعرية وشذرات تجعل من كل الحروف مكاناً ينبجسُ منه الشعر في عالم مهدّد بفقدان البهاء والمعنى. تفصح هذه المنتخبات عن قلق شعري، وأمل في أن يظل العالم وفيّاً لجذوره الممتدة في عمق الأرض. أرض هذا الشعر هي الضّامن لانسجامِ وتماسُك العالم. شعراء وشاعرات من حساسيات مختلفة، ومن قارات شعرية مشدودة إلى الشجرة الأم التي تتشابك في أغصانها، إيقاعات حيوية من حيوات متوهّجة الألوان تعانق رحابة الروحِ بخيالٍ شعريٍّ يشدُّها نحو التجدّد والمُغايرة والانفتاح. لا شك في أنّ الأرضَ الخصيبة لهذه النصوص مشاتل روحية، تعد القارئ بواسطة فعل ترجمي قمت به لولوج أرضها ومحاورة متخيّلها القائم بين برزخ لغتين أو أكثر. لقد حاولت الإنصات بحبّ وشهْوة اكتشافٍ لنُصوصٍ شعرية قويّة بشسوع سماواتها الرحيبة، ووعود مياه الكتابة التي تمسكُ بلهب طراوة اللحظة الشّعرية، وهي تتخلّق في جذوة قد تعد بها «خيانة» تقوم بها عن عشق «ذات المترجم»، وهي تعيش انزياحاً في هذه الإقامة البينية بين لغات لها أكثر من تجلٍّ شعري، لهُ أن يحتفظ بكلّ أسراره، في مسار كلّ شاعر من خلال الإنصاتِ لتحوّلات الكتابة لديه. عنوان الكتاب مجاز شعري يُوسّع الرؤية إلى الشّعر كمعنى قريب من الإنسان يحملُ كلمةَ حقٍّ هي أرضُ الشّعر ومنبعُهُ. في ظل الحِصَار الكبير الذي يعانيه الشّعر في العقودِ الأخِيرةِ. النُّدُوبُ في هذا العمل درس شعري ينتصر لفكرة أنّ الشعر يولدُ بالفعل من تهريب أراض، تسمحُ للشّاعر والإنسان بامتلاك الحرّية، والكتابة في أشكالٍ يبدِعُها من دون توقّف. النُّدوبُ الشّعرية تحمي الجوهر الإنساني الوفيّ لأقاليم العشق وهي تعثر على حبّها في كلّ كلمة تحتفي باللّانهائي والصّمت
————————–
روبرتو خواروث: شذرة عمودية
اليوم لم أعملْ شيئاً لكن في المقابل أُنْجزَت بداخلي أشياء كثيرة. طيُور فاقدة للوجود وجدَت عُشّها.
وظلالٌ ربّما قد تحقّق وجودها قد التقت أجسادها.
كلامٌ حقّقَ وجوده قد استعاد صمته.
عندما لا يكون لديك أي شيْءٍ تعمله سينقذ ذلك أحياناً توازنَ العالم، ويتِمّ الحصول على شيء له وزنه على الموقع الفارغِ للأرجوحة.
—————————-
إدمون جابِس: أغنية الغريب
أنا في طور البحث الآن عن إنسان لا أعرفه،
لم يكن أبداً بهذا القدر سوى أنا بنفسي
منذ أن شرعت في البحث عنه، هل يملك عيني، ويديَّ، وكلّ هذه الأفكار المتشابهة،
في حطام هذا الزّمن؟
هو فصل ألف حطام السّفن الغارقة،
توقّف البحرُ عن أن يكون بحراً،
وقد أصبح الماء المثلّج للقبورِ
لكن بعيداً أكثر، من يعرف ما هو أبعد؟
فتاة صغيرة تغنّي وهي تتراجع بخطواتها إلى الوراء، ويبسطُ اللّيلُ سطوته على الأشجار.
راعية وسط غنم.
اِنْتَزِع العطشَ بحُبَيبَة مِلْح
يستحيل أن يرويه أي مشروب،
مع الأحجار، ينخر العالم نفسه،
ككائن مثلي، في مكان ما.
—————————-
أتيلَّا جوزيف: الأرض التي توبِّخُ
لستُ أنا من يصرخ، إنّها الأرض التي توبِّخُ.
احذرْ، احذر، لقد أصبح الشيطان مجنوناً!
انْطو على نفسك في قعر الينابيع،
ضع نفسك لصق الزّجاج،
اختبئ وراء نيران مجوهرات الماس،
تحت الأحجار، مع الحشرات،
آه! اختبئ في الخبز وقد خرج للتوّ من الفرن،
يا أنت، الفقير،
فلتنفذ إلى الأرض بزخة شتاء طريّةٍ
لا جدوى من الغوص بوجهك فيكَ
لا يمكنك أن تنظّفه إلا إذا حَمَّمْتَه في وجهٍ آخر.
كنْ ضلعاً صغيراً لِعشبةٍ ما،
وستكون أكبر منْ محور هذا العالمِ.
يا للآلات، الطيورِ، نموّ تعريشة أوراق الأشجار، النّجوم،
أمّنا العقيمة، بتوسّلها تطلبُ الأطفال.
هكذا، أنت، أيّها الفقيرُ،
سواءٌ كان الأمر مرعباً، أو رائعاً،
لست أنا من يصرخ، إنّها الأرض التي توبّخ.
—————————-
هنري ميشو: الشيخوخة
مساءات! مساءات! كم من مساءات من أجل صباح واحد!
جزيرات متناثرة، جسد ذائب، قشرات!
تمتدّ بعدد الألف في سريره، اختلال محتوم!
شيخوخة، مصباح ليلي، ذكريات، ساحات حرب للاكتئاب!
مُعدّات لا جدوى منها، رَفْعٌ بالسقَّالات بطيءٌ!
هكذا، سابقاً تمّ فصْلنا!
مدفوعين! ننطلق مدفوعين!
رصاص الهبوط، والوراء ضباب…
يتعقّبنا شحوب عدم القدرة على معرفة ذلك.
—————————–
إيميلي ديكنسُن: شيءٌ مجنّح يقفز داخل الرّوحِ
الأملُ هو الشّيءُ المجنّح
يقفز داخل الرّوحِ
يغنّي أُنْشُودته بلا كلمات
بلا كللٍ في العاصفة يبدو غناؤها أكثر عذوبة
العاصفة الرّعدية ستكون رديئة جدّاً
بإمكانها أن ترهبَ العصفور الصّغير
طالما أدفأ الكثير من النّاسِ
سمعته في البلدان الأكثر برودة
في البحار الأكثر غرابة
وحتى في أقصى اللّحظات المستحيلة،
ومع ذلك لم يطلب منّي الفتات.
——————————
فينوس خوري غاتا: مقطعان
عندما تبكي الشّجرة نسغَها كلّه وتضرب بنفسها خشب النّسغ تعبيراً عن ألمها
تركع على ركبتيها حول لحائها فيجب أن نتحدث معها لغة نيسان
أن نقول لها بأنّ الخريف ليس سوى اختراع.
■ ■ ■
فلتبكِ كما لو أَنّ النّهرَ قد وَلَجَكَ
يقولونَ شعْبَ الماءِ
اتْرك صوتَكَ وراءك لتنصتَ جيِّداً لزمن الشّتاءِ
شَعْبَ الماء له شفراته المأخوذة عند أوَّلِ صفصافة
يتحدَّثونَ بفم مليءٍ بالنّحْلِ
تُعْلنُ الحجرةُ البيضاء على اللِّسانِ السّلْمَ
شعبُ الماءِ في شيخوختهِ الشّائخة
يمنحون أنفسهم لصعود البراعم الصّغيرة
سينطَلِقُ الطّريق دونهم
ستكبُرُ نارهم وحيدةً
وهم جالسون على رمادِ الجَمَراتِ
شيوخُ الشّيْخوخةِ ينفخون على السّحُبِ الغريبةِ
من تهوي على أقدامهم تنادي الضّباب العطوف.
—————————
أنطونان أرتو: شاعر أسود
شاعر أسود،
ثدي عذراء تطاردك،
شاعر ساخط، الحياة في طرفها الأقصى
والمدينة تحترق،
والسّماء تنحسر في المطر،
ريشَتُكَ تصعد في قلب الحياة.
في الغابة، الغابة، العيون تنملُ
على مسننات مضاعفة؛
شَعْرٌ من عاصفة رعدية، الشّعراء
يمتطون خيولاً، كلاباً.
العيون في حنق، الألسنة تدور
السّماء تتدفّق في الخياشيم
مثل حليب مغذّي وأزرق؛
أنا معلّق في فمكم
نساء، قلوب من الخَلِّ الصّلبِ.
—————————-
أندريه شديد: حاملو النّدوب
الأمواتُ بوجوه مكسورة
تنتصبُ لغة المنبوذين تنتفخ
قاس هو المدّ المرتفع للضّحايا
لكن خذوا حذركم يا حاملي النّدوب!
أطفئوا براكين الحقد في أجسادكم
ادهسوا المهماز
وابصقوا السمّ الذي سيربطكم يوماً ما بالجلادين
اخنقوا هذه الأبواق، هذه الرنّات الذي تجبر التشابه، وتقود إلى الانتقام
اسألوا أحشاءكم
اثقبوا أقنعتكم
كونوا آخرين
—————————
أرثور شنيتزلر: شذرات
• أحياناً، لا يعرفُ النّاسُ بعضهم البعض جيّداً. أحدهم أحبّ عطر الورود، فحسب نفسه عالم نبات، والآخر يعَدّدُ السَّداة (العضو الذكري في النبتة) فحسب نفسه شاعراً.
• يلجأ البعض إلى الحمق كما يلجأ آخرون إلى الموت؛ في الحالتين، يمكن أن يكون ذلك من قبيل الشّجاعة كما الجُبْن.
• تكفي ربّما ثلاث أحدوثات مميّزة لحياة فرد ما لتتحدَّد طبيعته بدقّة،كما تكفي ثلاث نقط ثابتة كي تحدّد بواسطة سمة معيّنة مساحة المثلث.
• أن تخسر وهماً، يعني أن تكسب ثراء حقيقة معيّنة. لكن من يتأسّف على هذه الخسارة ليس جديراً بالرّبح.
• لا أثق بصحّة حكمتك، إلا إذا كان منبعها القلب، ولا بطيبوبتك إلا إذا كان مصدرها حُكْمُكَ.
• هل تعتقد بأنّك نادمٌ؟ إنّك لم تفعل سوى أن تضرب صدركَ…
• التحدّي هو القوّة الوحيدة للضّعيف ــ والضعف زيادة على ذلك…
• لا يوجد في هذا العالم أفقر شخص سوى هذا الثري الذي لا يعرف كيف يبذر أمواله…
• يعطي الشّهيد بالتّأكيد مظهراً أكثر نبلاً من الخائن. ما يبقى هو معرفة ما إذا لم يكن أحياناً مجرد ممثل كوميدي أكثر استجابة لفعل التضحية…
• لك الحقّ أن تشعر بعزلتك فقط إذا كنت في وسط من هم على شاكلتك…
• يجب أن تكون فرداً بجودة معينة، كيلا تخلط رغبة الحرّية بالرّغبة في التخلّص من كلّ مسؤولية.
• — هل تنخرطون في حزب معيّن؟ — لا، أحتفظ بحق القدرة على احتقار كل المهرجين، وخاصّة أولئك الذين يشاطرونني وجهة نظري.
• تكمن غائية كل ثقافة في أن تجعل ما ننعته بـ «السياسة» شيئاً زائداً، ولكن ضرورياً لإنسانية العلوم والفنون.
• يمكننا أن نتجاوز مفهوم الله، ولكن للأسف لا يمكن فعل ذلك بالنّسبة للكلمة.
• هل نكتفي بهذه الحقيقة التي تريد أن تقول بأن المتوازيات لا تلتقي إلا فيما هو لا نهائي، ولا نتعب دماغنا لنعرف. ما سيحدث لها فيما بعد، بمجرّد ما يتمّ تجاوز نقطة الالتقاء. يبدأ الاحتضار فقط بالنّسبة للشّخص الذي فهم تماماً بأنّها مميتة.
• قل لي أيّها الشّاعرُ، ما مصدر هذه الرّغبة في أن نحكي للعالم اليقظ لذاذات عزلتك؟ ألا يجب أن تكون في العمق طبيعة اجتماعية للغاية،مع شيء ما من التبجّح؟
—————————-
بول فاليري: شذرات
• يجب أن تكون خفيفاً كطائر، وليس مثل ريشة.
• أعداؤنا الحقيقيون صامتون.
• كلّ ما يرتبط بالعنف في الأدب له صلة بالنوع الكوميدي. أمّا الهجو (السبّ) فأكثر الغنائيات سهولة، وأكثرها تقليدية.
• بعد كلّ شيء، لا تستحقّ هذه الحياة البئيسة أن نضحّي بالكائن لفائدة المظهر، عندما نعرف لفائدة من، ولأجل أي عيون يجب أن نبرز فعل الظهور.
• كلّ ما يقال عنّا خاطئ، ولكن ليس أقل خطئاً ممّا نفكّر فيه قطعاً – لكن هو خطأ آخر.
• لا نعرف أبداً مع من ننام سويّاً.
• يؤدّي الصدق المطلوب إلى التأمّل الذي يؤدي بدوره إلى الشكّ الذي بدوره يؤدّي إلى لا شيء.
• الحدس دون ذكاء هو حادثة.
• الوضع الخطير للغاية: معناه الاعتقاد بأنّك فهمْتَ.
• يستند الإنسان إلى موته مثلما يتكئُ المحاور الكثير الكلام إلى المدفأة.
• يقوم الرّجل بالسّحب العشوائي لكل قراراته. لم تصبه الشرور بقدر ما أصابت المتأملين الآخرين.
• الإنسان حيوان مسجون، خارج قفصه. إنّه يتحرّكُ «خارج ذاته».
• يكمن مصدر المرارة الدائمة تقريباً في عدم الحصول ولو على القليل في مقابل الكثير الذي تمّ بذله.
• هنا تكمن مرارة الشعور بأنّ هذا العمل ليس بالصفقة الجيّدة.
• أغلبية الجرائم كانت عبارة عن أفعال مسرنمة، تقتضي الأخلاق إيقاظ هذا النّائم الفظيع في الوقت المناسب.
• ما كان يتمّ تصديقه من طرف الجميع، هو دائماً وفي كلّ مكان، يملك كافة حظوظه في أن يكون خطأً.
• لا يختلف الملاك عن الشّيطان إلا بواسطة تأمّل لم يتقدّم إليه بعد.
——————————
ماريا ثامبرانو: شذرات
• لو كنّا قد ولدنا في كنف الحبّ، وعشنا في رحابه، لن يتحصّل لدينا الوعي به.
• يكفي فقط أن أراني عند الآخر، حينذاك أرى نفسي حقيقة.
• ليس من عادة الحقائق الكبرى أن تُقال بالكلام.
• أن تكتشف السرّ وتقوم بتوصيله، هما الإبرتان اللتان تحرّكان الكاتب.
• لن ينكشف السرّ للكاتب إلا في اللحظة التي يكتب فيها.
• إنّنا مشاكل حيّة.
• القلق هو الرغبة في أن تكون في كلّ مكان.
• كُلّ ما يسبّب السجن يفرض مطلب الحريّة.
• حيثما تبدأ الحياة، تبدأ كذلك الحيل، المحاكاة الصورية، والقناع.
• رعب الموت هو الموازي الضروري للحظة رعب الولادة.
• الإنسان كائن محشور في ذاته نفسها.
• حقيقتي تتعلّق بالآخر.
• هل نحن حقّاً وحيدون أحياناً؟
• يكمن الشغف الناقص، في إنسان لم يعش زمناً مع أشجار الزّيتون، بعيد عن الجميع، ودون ظلّ..
• الوجه الإنساني هو المكان الذي تخرج فيه الطبيعة، والكون بأكمله من هِرْمِسِيَّتِه.
• الواقع هو دائماً يحيط بنا، ومع ذلك يجب البحث عنه.
• الحقيقة دائماً يتمّ اقتسامُها.
——————————
أمبروز. بييرس: شذريات
• السّنَة: حقبة زمنية تتكوّن من ثلاثمائة وست وخمسين 365خيبة.
• الدِّرْع: هو نوع من اللّباس يرتديه إنسان، ويقوم بخياطته حدّاد.
• الشّجاعة: إحدى أكثر الميزات البديهية للإنسان الآمن.
• الرَّفاهُ: هو حالة عقلية يحدِثُها التأمّل في متاعب الآخرين.
• الشّعور: حالة هبوط في القوى الحيوية (وهن)، سببه تأثير قبضة القلب على الرّأس، يصاحبه أحيانا تفريغ غزير لكلوريد الصوديوم وهو يَتَمَيَّهُ في الأعين.
• الحدود: يعتبر في الجغرافيا السياسية هو الحدّ المتصوّر الفاصل بين بلدين، يفصل الحقوق المتخيّلة لأحدهما عن الحقوق المتخيلة للآخر…
• النّحو: نظام من الفخاخ يتم نصبها عن عمد لوضعها في طريق المتعلّم ذاتياً ليقع في شركها، وهو يقطع مساره الطويل الذي يبحث فيه عن التميّز.
• العادة: قيْد للحرّية.
• طول الأمد في الحياة: أشواط إضافية غير مريحة من المرض والموت.
• الزّواج: حالة أو تكييف لجماعة تضمّ سيّداً وسيّدة وعبْدَيْن، بينما المجموع لا يشكله سوى شخصين.
• العدمية: روسي يرفض وجود كلّ شيء خارج تولستوي. مؤسس الحركة هو تولستوي نفسه.
• الفرص السّانحة: مناسبة لمواعيد لإدراك الخيبة.
• السّروال: لباس منخفض أدنى للذّكر، الرّاشد المتحضّر. اللّباس أنبوبي ومجرّد من نقط فواصل للانثناء. تمّ إبداعه، على الأرجح، من طرف فكاهي.
• القرد: حيوان ساكن في الأشجار، يشعر هو أيضاً بغاية الارتياح في الأشجار الجينيالوجية.
————————–
جورج برنارد شو: شذريات
• احذروا الإنسان حيث الإله في السّماء.
• أيّ شخص هو ملاك في الجنَّةِ.
• لا أقاوم أبداً الإغواء لأنّني اكتشفت أنّ ما هو أسوأ بالنّسبة إليّ لا يغريني.
• هل من المألوف أنّ كلّ أهواء ولذائذ الحياة تقف إلى جانب الشيطان؟
• لا وجود لأسرار محروسة بشكل جيّد من تلك التي يخمّنها كلّ النّاس.
• كل ما يريد النّاس معرفته بأي ثمن، لا يهمّهم عموماً في شيء.
• أمّا بالنّسبة للإساءة لما هو قادم، فمن الأفضل ألا تفعلها إلا نصفيّاً.
• أسوأ الجماعات الضاغطة لا تتكوّن إلا من رجل واحدٍ.
• طريقتي في التفكّه هي قول الحقيقة. إنّها المزحة الأكثر هزلاً في العالم.
• توجد مأساتان في الحياة: إحداها هي ألا ترغب أبداً في قلب، والأخرى هي الوصول إليه.
• في القاعدة العامّة لا يوجد سوى شخص واحد بالأحرى تكرهه الفتاة الشابّة الإنكليزية غير أختها الكبرى، هي أمّها.
• لا أحد بمقدوره أن يكون متخصّصاً خالصاً، دون أن يكون بالمعنى الدقيق للمصطلح غبيّاً.
• أسوأ مُجْهِض هو من يحاول تشكيل مزاج طفل.
• الإنسان المثقف هو أخطر إزعاج كبير من نقيضه.
• هيجل كان له الحق في اعتبار أنّ النّاس يتعلّمون التاريخ الذي بدوره لا يتعلّم منه شيئاً هؤلاء النّاس…
• المثقف هو تجسيد حقّاً، بإمكانكم الإنصات إلى عقله وهو يشتغل.
• الجريدة: وسيلة تواصل عاجزة عن إقامة التمييز بين حادثة دراجة هوائية وانهيار حضارة.
• يعتقد الإنكليزي أنّه يحمل روحاً نشطة من المشاعر الأخلاقية عندما يشعر بعدم الارتياح.
——————————–
بيار باولو بازوليني: طفولة
يا لطفولتنا!
وُلِدْتُ
ولِدْتُ! يا لطفولتنا
في رائحة يُخرجها المطَرُ من البراري
أعشاباً حيَّةً
وُلدْت
في مرآةِ القناةِ.
في مرآة كاسارسا –
– مثل براري النّدى–
كل الأزمنة ترتجف.
هناك حيث الورع
به عشتُ
طفلاً أبعد ما يكون عن الخطيئة،
في ضحكة لا عزاء لها،
يا لطفولتنا، المساءُ
يصبغ الظلّ الهادئ
على الجدران القديمة: في السّماءِ
يُبهِرُ الضَّوْءُ.
—————————
روني شار: أحسنت صنيعاً عندما رحلْتَ
(رسالة إلى أرثور رامبو)
أحسنت صنيعاً عندما رحلْتَ! سنواتك الثماني عشرة المتمرّدة للصّداقة، للضّغينة، وحماقة شعراء باريس وبلاهتهم، فضلاً عن طنين النّحلة العقيمة لأسرتك الأردينية (إقليم فرنسي) السّخيفة بعض الشّيء. أحسنت صنعاً عندما ذَرَّيْتَها في الرِّياحِ البحرية، ورميتها تحت مدِيّةِ المقصلة قبل الأوان. كنت على حقّ في التخلّي عن شارع الكسالى، والحانات الصّغيرة للشُّعراء الرديئين، من أجل جهنم الحيوانات، من أجل التّجارة، وسلام البساطة…
هذا هو الزخم من الاندفاع للجسد والرّوح، إنّ هذه القذيفة المدفعية التي أصابت هدفها، عندما فجّرتهُ، نعم، هذه هي حياة الإنسان! ليس بوسعنا، عندما نغادر الطّفولة، أن نخنق أخانا الإنسان إلى ما لانهاية. إذا كانت البراكين لا تبدّل مواقعها إلا نادراً، فإنّ حِممها البُركانية تجوبُ الفراغَ الكبيرَ للعالمِ، وتجلُبُ له فضائل تغنّي وتنشد في جروحه.
أحسنت صنيعاً أنّك رحلت، أرثور رامبو! نحن ذاك الشخص الذي يؤمن دون دليل بالسّعادة الممكنة معك أنتَ.
——————————–
قسطنطين كفافيس: النوافذ
في عتمةِ هذهِ الغرف، حيث أغرق
أيّام منهكة، كنت أذرعها بخطواتي جيئة وذهاباً
كي أعثرَ على النَّوافذِ،
لو فُتِحت إحدى النّوافذ
يا له من عزاء سيكون!
لكن لا وجود لنوافذ
أو أنا الذي لا أستطيع العثور عليها
ربّما من الأفضل ألا أعثر عليها
فربّما يكون الضّوء هو السّبب في عذاب جديد
ومن يدري كم من أشياء جديدة سيكتشفها.
———————–
يوسانو أكيكو: قصيدة
مجَرَّةُ التبَانة
معهُ في السَّرِيرِ،
أَفْتَحُ السِّتَارَ
وأَرَى كيف أنّ نجْمَتينِ
تَنْفصلانِ عن بعضِهما البعض.
بيار رونسار: لا أملك سوى العظام
لا أملك سوى عظام، أبدو هيكلاً عظمياً
هزيلاً، منزوع العضلات، الأعصابِ، واللّبابِ،
قسمات الموت تضربُ دوت رحمة،
لا أجرؤ رؤية ذراعي ولا أرتعش سوى من خوف
أبولون وابنه، سيّدان كبيران معاً
لن يشفياني، مهنتهما خدعتني،
وداعاً، الشّمس اللّذيذة، عيني معتمة،
سيذهب جسدي للهبوط
حيث كلّ شيء سيتفكّك
أيّ صديق سيراني في هذه النّقطة المجرّدة من كلّ شيء
سيحمل إلى مأواه عيناً حزينة ومبلّلةً،
يواسيني في السّرير ويقبِّلُ وجهي،
يمسحُ دموع عيني بموت نائم؟
وداعاً، رفاقي الأعزاء، وداعاً، أعز أصدقائي،
أنا أوّل من سأغادر كي يهيّئ لكم المكان.
(*) مقتطفات من كتاب بالعنوان نفسه صدر حديثاً عن «دار خطوط وظِلال» (عَمَّان/ الأردن).
ملحق كلمات