منوعات

تايوان.. كيف تحولت جزيرة صينية إلى عدو لدود لبكين؟/ محمد العربي

في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي 2021، وفي الذكرى السنوية للثورة التي أطاحت بآخر سلالة إمبراطورية حكمت الصين طيلة ثلاثة قرون حتى سقوطها عام 1911، وقف الرئيس الصيني “شي جين بينغ” أمام قادة الحزب الشيوعي الحاكم ومسؤولي الدولة، وأعلن بعبارات لا تقبل التشكيك أن توحيد الصين مع تايوان حتمية تاريخية. لم يكن ذلك الخطاب ولا التهديدات المبطنة التي أرسلتها الصين سوى إشارة مُوجهة بوضوح إلى الولايات المتحدة الأميركية بعد تصريحات رسمية تعهَّدت فيها بالدفاع عن جزيرة تايوان ضد أي تهديد يستهدفها، ولو تطلَّب ذلك تحريك الأسطول الأميركي السابع الرابض في مياه المحيط الهادي، ما دفع بكين إلى الرد بالمثل والإعلان أنها لن تتراجع عن مسيرة استعادة حقوقها التاريخية.

وبعيدا عن تصريحات الحرب الباردة بين بكين وواشنطن، تتلخص أزمة الصراع في تعريف تايوان لنفسها أمام العالم بأنها الممثل الشرعي لـ”جمهورية الصين” (التي أسقطها الشيوعيون عام 1949 بسيطرتهم على كامل التراب الصيني، ما اضطر أنصارها إلى اللجوء إلى جزيرة تايوان وتأسيس دولتهم هناك). من جانبها، ترفض الصين تلك التسمية، وتعتبر نفسها الممثل الوحيد للصين التاريخية بما في ذلك البر الرئيسي (Mainland) والجزيرة التايوانية، حيث يُصِرُّ الحزب الشيوعي الحاكم على سياسة “الصين الواحدة”، ويرفض ويعارض أي دولة تعترف بتايوان كيانا مستقلا عنه أو تكرس وضعية الانفصال التايواني.

تايوان.. الخاصرة الموجعة للصين

يُنظر إلى تايوان التي تحتضن قرابة 23 مليون نسمة على أنها بلد شديد الأهمية للعالم الغربي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، كونها أحد مراكز القوة الاقتصادية في آسيا، لا سيما مع استحواذها على نصيب كبير من الصناعة العالمية لأشباه الموصلات (التي تُستخدم في صناعة الإلكترونيات)، إلى جانب أنها تُمثِّل للغرب جزيرة استطاعت توطيد حكم ديمقراطي بجوار عملاق شيوعي يحكم بالنهج الاستبدادي، وهي فرصة وجدت فيها الولايات المتحدة موطئ قدم لمحاصرة التمدد الصيني في جنوب وشرق آسيا.

على الجانب المقابل، يرى الصينيون أن تايوان هي الخاصرة الموجعة التي يتحتَّم على القيادة الشيوعية الصينية معالجتها حتى تطوي ملف العار الذي لحق بها آخر قرنين من الزمان، وتحديدا في الفترة بين 1830-1949، حين تعرضت الصين للإذلال على المستوى الدولي نتيجة العديد من الحروب والتدخلات الخارجية التي أفقدت بكين هيبتها وقوتها. وقد اضطرت الصين لتوقيع عدة معاهدات غير متكافئة في تلك الفترة للتنازل عن ثلاثة أقاليم هي “تايوان، وهونغ كونغ، وماكاو”، إلى جانب تلقيها هزائم أخرى على يد فرنسا واليابان قبل أن يأتي الغزو الروسي للشرق الصيني.

ارتبط التاريخ الحديث لتايوان إذن بحقبة الهزيمة والإذلال كما يسميها الحزب الشيوعي الصيني الحاكم، فالجزيرة التي تبعد عن البر الرئيسي 160 كم، وتقارب مساحتها مساحة سويسرا، رزحت في القرن السابع عشر تحت الحكم الاستعماري الهولندي، ثم خسرتها الصين بعد معركة مع اليابان عام 1895، فتنازلت عن الجزيرة، وصارت تايوان (جزيرة “فورموزا” آنذاك) مستعمرة يابانية، وبقيت تحت سيطرتها لمدة 50 عاما حتى نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945. وفي تلك الأثناء، وقعت أجزاء أخرى من الصين تحت وطأة الاستعمار مثل هونغ كونغ تحت الاحتلال البريطاني، وقبلها جزيرة ماكاو بوصفها مستعمرة برتغالية.

بنهاية الحرب العالمية الثانية، أُجبِرَت اليابان المهزومة على التخلي عن جزيرة تايوان، وتمكنت الصين باعتبارها حليفا للمنتصرين في الحرب من استعادة تايوان بموافقة حلفائها في واشنطن ولندن. وبسبب طبيعة الدور الصيني الذي خطَّه آنذاك رئيس حزب “الكومينتانغ”، الحزب الصيني الوطني الحاكم وقتها، أصبحت بكين من الدول المؤسسة للأمم المتحدة. بيد أن ظهور الشيوعية هدَّد بقاء الحزب الذي أسقط الملكية في الصين، فانخرط الطرفان في حرب أهلية طاحنة عام 1949، انتهت بإعلان الزعيم الشيوعي الصيني “ماو زيدونغ” إنشاء جمهورية الصين الشعبية التي بدأت عهدها بقطيعة دبلوماسية مع الولايات المتحدة وأوروبا، وهو تطور أتى في صالح الاتحاد السوفيتي الذي اعترف بالشيوعيين في خضم الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي.

بعد قيام جمهورية الصين الشعبية عام 1949، ظلت ثلاث جزر كبيرة خارج سيادتها، وهي “هونغ كونغ” الخاضعة للاستعمار البريطاني حتى عام 1997، و”ماكاو” الخاضعة للبرتغال حتى عام 1999، و”فورموزا” المستقلة (اتخذت لاحقا اسم تايوان)، التي فرَّ إليها القوميون بقيادة حزب “الكومينتانغ” مع بقية الجيش التابع له، وكذلك بعض الموظفين الحكوميين ورجال الأعمال والتجار قُدِّر عددهم بنحو مليون شخص. وقد أعلنت نخبة الحزب بعد سيطرتها على الجزيرة بدعم أميركي أنها حكومة الصين الشرعية، فيما لم تعترف الصين بالوضع الجديد، واعتبرت تايوان مقاطعة منشقة ليس إلا. ورغم أن صعود الحزب الشيوعي الحاكم إلى سدة الحكم قاد البلاد لاستعادة أراضيها ومكانتها في المجتمع الدولي، لا تزال قضية تايوان مُعلَّقة إلى اليوم.

تايوان وسياسة الصين الواحدة.. مصالح متضاربة

أدى الجموح الشيوعي المتصاعد إلى تحركات مناهضة للصين في الغرب، بدأت باعتبار جزيرة تايوان (التي سكنها بضعة ملايين من الصينيين في ذلك الوقت) هي الصين الشرعية، ومن ثمَّ مُنحت مقعد الصين الدائم في مجلس الأمن. وعلى النقيض لم تنل الصين الشيوعية اعترافا دوليا بها طيلة عقدين من الزمان، وهي التي يقطنها مئات الملايين وتمتد على مساحة شاسعة تناظر مساحة الولايات المتحدة. وقد نسجت الحرب الباردة شبكة تحالفات جمعت اليابان وتايوان والولايات المتحدة، إذ تعهدت الأخيرة بالدفاع عنهما في أي صراع مستعينة بقواتها المتمركزة إلى اليوم في الأراضي التايوانية.

بالتزامن، عندما اعتلى أول رئيس للحزب الشيوعي الصيني “ماو زيدونغ” السلطة عام 1949، أعلن عن انتهاء قرن العار الصيني، وتعهد بأن تصبح الدولة الصينية قطبا في المجتمع الدولي. ومن ثمَّ بدأ مسار بكين لاستعادة كل الأراضي المنزوعة عنها؛ فتوصَّلت مع بريطانيا إلى اتفاق استعادت به هونغ كونغ عام 1997، ثم استعادت ماكاو من البرتغال بعد عامين، في حين بقيت تايوان خارج السيادة الصينية في وقت تدفقت فيه المساعدات الأميركية على الجزيرة، لا سيما العسكرية لصد غزو صيني محتمل.

في ذلك الوقت، بدأ النظام الشيوعي الصينى يفكَّر بطريقة مختلفة دفعته لتنحية قضية استعادة تايوان جانبا إلى حين، فرغم سعيه للوحدة السياسية للأراضي الصينية، فإن تحركاته هدفت إلى التركيز على الإصلاح الاقتصادي وتحويل الصين من اقتصاد زراعي إلى مجتمع صناعي يتمتع بقدرة أكبر على التنافس مع الدول الكبرى. ولكن بدلا من النهوض باقتصاد البلاد، نتج عن خطة الحزب الشيوعي انكماش حاد، وغرقت البلاد في مجاعة حصدت أرواح ما بين 30-45 شخصا. وفي الوقت نفسه، حققت تايوان نموا اقتصاديا بفضل حكومتها الإصلاحية والمعونة الأميركية السنوية وقيمتها مليار ونصف المليار دولار.

سرعان ما عصفت تغيُّرات جديدة بموازين الحرب الباردة، فانقسم المعسكر الشرقي نتيجة خلافات بين الصينيين والسوفييت، وهي خلافات أيديولوجية في جانب منها تعلَّقت بتفسيراتهم المتناقضة للماركسية والشيوعية، وجغرافية سياسية في جانيها الآخر بسبب اعتراض الصين على دعم موسكو للهند سياسيا وعسكريا. وقد استغلت واشنطن هذا الشقاق وقرَّرت الانفتاح على الصين لتعزيز الجبهة الغربية ضد الاتحاد السوفيتي في نهاية ستينيات القرن الماضي، مما أفضى إلى تقارب أميركي-صيني تُوِّج بزيارة الرئيس الأميركي “ريتشارد نيسكون” إلى بكين عام 1972. وتلا ذلك سحب أميركا اعترافها بأن تايوان ممثلة “الصين” في النظام الدولي، واعترافها بالصين الشيوعية، مع تبوُّء الأخيرة مقعدها الدائم في مجلس الأمن. بيد أن واشنطن ظلَّت على دعمها لتايوان اقتصاديا وعسكريا وسياسيا عبر قانون أقره الكونغرس واصل ضبط العلاقات وتقديم المساعدات إلى الجزيرة دون اعتراف رسمي، حفاظا على التوازن في مضيق تايوان.

الجزيرة الصينية ضد الصين

تُعَدُّ المسألة التايوانية اليوم ورقة ضغط أميركية تجاه الصين، فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، واختفاء الخصم اللدود للقوة الأميركية، نظرت الإستراتيجية الأميركية إلى الصين بوصفها خصما محتملا بعد الحرب الباردة، وتعززت تلك النظرة عقب القفزات الاقتصادية والسياسية والعسكرية التي حققتها بكين، ومن ثمَّ خشيت الولايات المتحدة من منافسة الصين لها على رأس النظام العالمي.

وقد ارتأت الولايات المتحدة في البداية احتواء الصين داخل المنظومة الاقتصادية العالمية، فرحَّبت بانضمامها إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001، بينما ازدهرت الصين وصارت “مصنع العالم” في غضون بضعة عقود. وفي عام 2013، بعد أن باتت ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وفي ظل الحديث عن تراجع الدور الأميركي في عدد من المناطق، طرحت بكين مبادرة الحزام والطريق، الساعية لتدشين مشاريع ضخمة للبنية التحتية بطول آسيا وأفريقيا، وبكلفة إجمالية تبلغ تريليون دولار، وذلك لربط أكثر من 70 دولة، وهي خطة تنافس بصورة غير مسبوقة صدارة الولايات المتحدة لمشهد دعم التنمية على مستوى العالم.

في الوقت نفسه، تحافظ واشنطن على سياسة الغموض الإستراتيجي، فتعترف بمبدأ الصين الواحدة بينما تحافظ على تحالفها مع تايوان التي تتمتع بحكم ذاتي رسميا، دون إقامة علاقات دبلوماسية مع الدول الأخرى أو حيازة الاعتراف بها دولة مستقلة. وتعارض الولايات المتحدة مطالب بكين بضم تايوان، لا سيما إن تمَّ ذلك باللجوء إلى القوة العسكرية. علاوة على ذلك، ثمَّة قانون أقره الكونغرس عام 1979 يُلزم الولايات المتحدة ببيع الإمدادات العسكرية إلى تايوان لضمان دفاعها عن نفسها ضد أي تهديدات عسكرية محتملة، في إشارة صريحة بالطبع إلى الجيش الصيني الأكبر عددا وعتادا في آسيا.

من جهتها، تقول الصين إن من حقها استعادة تايوان، وتقول الوثيقة التي نشرتها الصين أواخر العام الماضي باسم “الورقة البيضاء” إنها لن تتوانى عن استخدام القوة في حال فشلت إعادة التوحيد السلمي مع تايوان، عارضة في الوقت ذاته مزايا وحقوق إدارية واقتصادية واسعة للجزيرة وسكانها. والأهم في تلك الوثيقة أنها رسخت سياسة الوضوح الإستراتيجي للصين، فهي تضع الخيار العسكري على الطاولة، وهو ما يدفع السياسة الأميركية إلى تجاوز سياسة الغموض الإستراتيجي الخاص بها وتبني موقف واضح من إعادة توحيد الجزيرة مع الصين مع إمكانية إبرام صفقة أميركية-صينية في هذا الصدد. هذا ونجحت تلك السياسة سابقا في استعادة هونغ كونغ وماكاو إلى نطاق السيادة الصينية عبر اتفاقات مع الدولتين المحتلتين لهما، بحيث ضمنت لهما قدرا من الحكم الذاتي فيما يعرف اليوم بترتيب “دولة واحدة ونظامين”.

لماذا تأجل خيار الحرب؟

بينما تخلت نخبة تايوان بالطبع عن حلم استعادة البر الصيني الواقع حاليا تحت سيطرة الحزب الشيوعي، واكتفت باعتبار تايوان دولة مستقلة بذاتها، فإن الحزب الشيوعي في الصين لم يتخلَّ بعد عن حلم استعادة تايوان إلى سيادة الوطن الأم. وفيما يواصل دستور تايوان الذي صاغه حزب الكومينتانغ الاعتراف بالصين ومنغوليا وتايوان والتبت وبحر الصين الجنوبي جزءا من جمهورية الصين، فإن مياها جديدة جرت على السطح بعد وصول رئيسة تايوان الحالية “تساي إنغ وَن” إلى السلطة منذ عام 2016، إذ إن الحزب التقدمي الديمقراطي الذي تنتمي إليه يتحدى مبدأ الصين الواحدة، ويقول إن تايوان دولة مستقلة، على عكس الرئيس السابق لتايوان “ما يِنغ جيو”، الذي كان أكثر ودا تجاه بكين، والتقى نظيره الصيني في سنغافورة عام 2015، لأول مرة في تاريخ النزاع بين البلدين.

على طول تاريخ النزاع، لم تنجرف الصين لصراع مُسلح لانتزاع جزيرة تايوان حتى في أحلك الأوقات، كما أنها تغاضت عن تحالف تايوان مع واشنطن أثناء الحرب ضد الصين في كوريا عام 1950، وحتى بعدما انتخبت الجزيرة أول رئيس لها في تسعينيات القرن الماضي، اكتفت بكين بإطلاق صواريخ قرب السواحل التايوانية، ولم تشتبك مع الولايات المتحدة التي حرَّكت أسطولها بالمحيط الهادي قرب تايوان ردا على القصف الصيني الاستعراضي، وهي أزمات تاريخية ربما تفوق حدتها الوضع الحالي، مما يُمهِّد الطريق لاستنتاجات مفادها أن الحزب الشيوعي لن يدخل في صراع عسكري لاستعادة تايوان، وإن كان يستعد له فعليا على الأرض.

على المستوى الشعبي، بينما يُظهر الإعلام الصيني تأييدا شعبيا عارما من الصينيين لحكومتهم في ضم تايوان، فإنهم يتباينون بين استخدام القوة أو الطرق السلمية، وعلى النقيض ينقسم التايوانيون على مستوى الأجيال والأحزاب، ويؤيد غالبيتهم الحفاظ على الوضع الراهن، مع رفضهم نموذج “دولة واحدة ونظامين”، وهو شعور نما مع قمع بكين للحريات في هونغ كونغ، التي يُنظر إليها الآن بوصفها دليلا على إمكانية تبخُّر الحُكم الذاتي تحت السيادة الصينية في أي لحظة. ويشير استطلاع أجرته جامعة “تشنغتشي” الوطنية أن أكثر من 62% من سكان الجزيرة اعتبروا أنفسهم تايوانيين حصرا، في حين يتخوَّف الحزب الحالي من أن يلعب هذا الانقسام المجتمعي دورا ضارا بالقضية، وخاصة أن الصين يمكنها أن تسعى لاختراق بعض الشرائح الاجتماعية، وفي قلبها الجيش، بهدف تشكيل تيار مُتنامٍ مؤيد للوحدة على حساب النظام التايواني.

يدرك التايوانيون إذن أن مسار الانفصال عن الصين شائك ومُتخم بالتعقيدات. وفي حين يمكن للجزيرة الرهان على دعم الولايات المتحدة لها في مراكمة أسلحة متطورة لن تجعل الغزو الصيني لها سهل المنال، فإن اقتصادها في المقابل لا يزال رهينة التجارة مع الصين، وهي الشريك التجاري الأكبر للجزيرة، ومن ثمَّ تظل الجزيرة حتى الآن حبيسة المواءمات بين التحالف الأميركي والشراكة التجارية الصينية، والرغبة في الحفاظ على نظامها السياسي. يرغب شتى الأطراف إذن في أشياء مختلفة ومتناقضة، بيد أن الشيء الوحيد الذي لا يريده الجميع هو ضمّ الجزيرة بالقوة لما له من كلفة عسكرية وبشرية واقتصادية، وآثار سيئة على استقرار خليج تايوان. والسنوات القادمة وحدها ستكشف ما إن كانت “مسألة تايوان” ستُحَل حلا يُرضي الجميع، دون اللجوء إلى الحرب التي تتفاداها بكين وإن لوَّحت بها حتى اللحظة.

المصدر : الجزيرة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى