مشاهدات رحّالة بريطاني مجهول في حلب عام 1841
(1/ 2)
تيسير خلف
تُعدّ الرحلة المسمّاة “السوريون المعاصرون”، التي ترجمها خالد الجبيلي وصدرت قبل أربعة أعوام عن “دار نينوى” في دمشق، واحدة من أهمّ الرحلات التي رصدت أحوال مدن سورية العثمانية بُعيد خروج قوّات إبراهيم باشا منها، خلال الأعوام 1841 و1842 و1843، وسببُ الأهمية أنّ صاحب الرحلة مجهول الاسم، الذي وصفته دار النشر البريطانية حين نشرت الكتاب عام 1844 بأنه “طالب دراسات شرقية” فحسب، دوَّن ملاحظاته حول المجتمع المحلّي بعين باحث يعرف تماماً ما يريده من رحلته هذه.
نستعرض في مقالنا هذا وصفه لمدينة حلب التي كانت تعيش واحدة من أدقّ مراحلها وأخطرها، والتي أدّت بعد سنوات قليلة إلى حرب أهلية مؤسفة بين المسلمين والمسيحيّين.
من المدن الميتة إلى الشهباء
يصلُ الرحّالة المجهول إلى حلب قادماً إليها من أنطاكية فيعبر المدن الميتة في محافظة إدلب الحالية التي يصفها بقوله: “على طول الطريق شاهدنا آثار مدن رومانية، وقرى وطرقاً معبّدة، وهي في حالة أفضل بكثير من حالة المدن التي يشاهدها المرء في الأقاليم الإيطالية التي يُعطي بعضها فكرة حقيقية عن الهندسة المعمارية المحلّية للقدماء، مثل شوارع بومبي التي تمّ الكشف عنها، تلك المدن الموميائية وبعض هذه المدن في حالة يُرثى لها، وهي تُظهر أنّ نِعم الحضارة مكّنت تلك المدن من العيش في المناطق القاحلة بعد أن اختلّت موازين الطبيعة، وزالت منها الأراضي الخصبة”.
ويُضيف: “لقد وصلنا أخيراً إلى حلب الشهباء، التي وجدنا أنّ من أطلق عليها هذا الاسم قد أصاب في ذلك، وذلك لأنّ اليوم الغائم جعل اللون الرمادي أقرب إلى لونها أكثر من أي لون آخر. وخلال جولاتي الأولى في أيّ مدينة شرقية كبيرة، كنت أشعر كما لو أنني كنت أدخل عالماً مختلفاً. إلّا أنّي لم أكد أعبر بعض الشوارع في مدينة حلب، حتّى أدركت أنني في المدينة ذات الأبنية الأكثر قوّة وصلابة في سورية كلّها. وهُنا تجد عاصمة عربية تتجلّى فيها المباني الرائعة والمتينة والجيّدة الزخرفة. ومن الأشياء التي تمنح عين الهاوي مشهداً طبيعيّاً رائعاً، عندما ترى الجِمال والبِغال المحمَّلة وهي تملأ باحات الحانات المربّعة الأضلاع، وذات التهوية الجيّدة من خلال الغسق عبر الممرّات الطويلة والمقوّسة. وبعد فترة توقّفنا عند بوّابة عربية مرتفعة، ونزلنا في بيت صديقي الفاضل، ورفيق دربي، السيّد ر. الذي يجمع بين نزاهة التاجر البريطاني، ودماثة الطبيعة البشرية”.
معتادون على الأوروبيّين
ويلفت طالب الدراسات الشرقية النظر إلى أنه بعد أن حلقَ لحيته، وارتدى ثياب الأفندي، تشكّل لديه انطباع بأن المسلمين في حلب، بخلاف المسلمين في دمشق، معتادون منذ زمن بعيد على الفرنجة، وأنّ اللباس الأوروبي لم يُشكّل عائقاً في علاقته بهم. ويتابع: “كما علمت أنّ بعض الأعيان يُبدون الكثير من التهذيب تجاه الغرباء الذين يرتدون ثيابهم أكثر ممّا يُبدونه للذين يرتدون الزيّ المحلّي. وهكذا فقد أقمتُ في حيّ الجديدة؛ وهو حيّ يقع شمال المدينة، وتقطنه في الغالب العائلات المسيحيّة العربيّة الهامّة، ممّا جعلني أتنقّل بحرّية وسهولة؛ لأطّلع على أحوال المسلمين والأوروبيين على النّحو الذي كنت أراه ملائماً”.
ويصف رحّالتنا البيوت في هذا الحي فيقول إنها “أصغر حجماً، لكنّها أفضل من البيوت في المدينة أو في وسط المدينة. وهو يبعد مسيرة عشر دقائق سيراً على الأقدام من حيّ الكتّاب الذي يقطنه الأوروبيّون. فقد كان جميع الأوروبيين، يقطنون بيوتاً في وسط المدينة قبل الزلزال، لكن عندما ضرب هذا الزلزال المخيف حلب، هربوا إلى البساتين في الضواحي، وشيّدوا بيوتاً خشبية مؤقّتة فيها، تمّ إصلاح بعضها فيما بعد، وجُدّد بعضها الآخر، وبُنيت من الحجارة، وهكذا أصبحت الكتّاب حيّ الفرنجة”.
أجمل أحياء حلب
ويمتدح حي الجديدة ويرى أنه أفضل حيّ في حلب من حيث البناء، وطرقاته معبّدة مثل المدن الأوروبية، وهو أمر نادر في الشرق، بحسب تعبيره. وفي وصفه لبيت حلبي من الداخل يقول: “البيت من الداخل رباعي الأضلاع، توجد فيه نافورة، لا تتدفّق دائماً كما هو الحال في دمشق، لكنّها تُملأ مرّة واحدة في اليوم وتُفرغ في الليل. ولا تجد إلّا قدراً قليلاً من الرخام، لكن الباحة مرصوفة جيّداً، والحيطان مبنية بأحجار مصقولة شديدة النعومة، وأطراف النوافذ مزخرفة ومنحوتة بشكل رائع. ولمّا كنّا في الشتاء، ومناخ حلب قارس وبارد، فإنّ اللوح الزجاجي في القبّة في الطرف العلوي من الباحة يساعد في التقليل من حدّة البرد، وهي تشكّل غرفة الطعام. وفي القاعة، أو الغرفة الرئيسيّة في الطابق الأول، توجد أريكة عليها وسائد من المخمل. أمّا غرفة الجلوس فكانت في الطابق الأرضي، وفيها أريكة طويلة يكسوها قماش قطني وسجّادة: وتوجد في هذه الغرفة خزانة زجاجية تضمّ صحوناً شرقية، أي صواني فضّية للحلويات، وحامل فناجين قهوة، وأوعية لحرق البخور، ورؤوس نرجيلة. كلّ شيء مريح وجميل ومتين. وهي نقيض تلك الأكشاك التي تُسمّى منازل في داخل تركيّا”.
ذكريات الزلزال
ويثمّن رحّالتنا عالياً رُقيّ مضيفيه في التعامل معه، مؤكّداً أن سلوكهم سلوك أوروبي راقٍ. ويسأل طالب الدراسات الشرقية مضيفيه في إحدى السهرات الحاضرين عن بعض تفاصيل الزلزال الكبير الذي ضرب المدينة في عام 1822، فراح كلّ واحد يتحدّث عن حالته، ويصف مشاعره عن ذلك الحدث الرهيب، وقد نقل لنا الآراء كما يأتي: “صاحب البيت: لم تكن معاناة الجديدة بسبب الزلزال بنفس درجة معاناة حيّ بحسيتا، الحيّ الذي يُقيم فيه اليهود. كنتُ ليلتها قد أويت إلى فراشي عندما حدثت الهزّة الهائلة. خرجت راكضاً ورأيت أنّ الماء في الحوض في صحن الدار قد جفّ. ثمّ أنزلت جميع أطفالي إلى القبو تحت البيت، وانتظرت حتّى الصباح. وظنّ البعض أنّنا كُنّا بذلك نعرّض أنفسنا لخطر أكبر. إلّا أنّ مسحاً للمدينة بعد الزلزال أظهر أنّه لم يتهدّم سوى عدد قليل جداً من الأقبية الضخمة، وأن البيوت الأكثر خطورة هي البيوت المتوسطة القوّة. لذلك كانت أفضل فرصة للنّجاة الاحتماء في الأقبية المقنطرة المتينة، أو في البيوت الخشبيّة الضعيفة… شاب يرتدي عمامة بُنيّة قال: كنتُ نائماً في الشرفة، واستيقظت في وسط حيطان تتحطّم وتتهاوى بشكل مخيف. وكان أخي آنذاك خارج البيت متأخّراً، ورحتُ أبحث عن الدَّرج لأهبط وأرى إن كان قد عاد إلى البيت. صعد أخي، وقال: الحمد لله! إنّك سليم. قلت له: إنّي كنت على وشك أن أهبط الدرج لأبحث عنك، فقال أخي: أيّ درج؟ إنّك واقف على مستوى الشارع، تطلّعتُ حولي، ورأيت أنّ الجدران قد انهارت، وانهار السقف الذي كنت أنام تحته على شكل كتل على الأرض… رجل يعتمر قبّعة من الفِراء، قال: كان مشهداً رهيباً، فقد ظنّ أهل نصف المدينة أنّ يوم القيامة قد جاء”.
غيرة المسيحيّين وتطليق مسلمة
ويشير رحّالتنا إلى أن مسيحيّي حلب يغارون على زوجاتهم أكثر من مسيحيّي دمشق، ويقول إن أحد محدّثيه ارتأى “أن يكون له الشرف في إبداء لهجة متشدِّدة عن الأخلاق، بالاحتفاظ بالمذهب الشرقي في عزل النساء المسيحيات، والخطيئة في السماح لمسلم أن يرى وجه امرأة مسيحية. فأجبت بدون تحفّظ، وبشيء من الحرارة: إنّ هذا لا يمتُّ إلى مذهب المسيح، بل إلى مذهب المسلمين. غير أنّ ذلك أثار حفيظته، فاعتذرتُ لوقاحتي، ولم أحاول بعد ذلك أبداً أن أخالف هذا التعصّب الراسخ”.
ويستطرد طالب الدراسات الشرقية في وصف قلعة حلب الشهيرة، ويبدي ملاحظات حول عظمتها من الخارج، بينما لا تقدّم في الداخل “سوى مشهد بلدة خربة لا يوجد فيها سوى بيتين صالحين للسُّكنى، أحدهما: يشغله آغا الإنكشاريّة، والآخر يقطنه القائد”. ويضيف: “ثمّ نزلنا إلى المدينة، وزرنا السراي القديمة، التي كان معظمها في حالة خرِبة. ولا بدّ أنّها كانت واسعة جداً، ويمكن الحُكم على روعتها من مدخلها الذي لا تزال توجد عليه زخرفة مصنوعة بحِرفيّة رائعة. وكان القوس يتكوّن من كتل من الرخام الأبيض والأسود المصقول، تلتقي بشكل متموّج بمهارة عظيمة، وتُحيط به زخرفة عربية”.
وينقل رحّالتنا وقائع حادثة رآها في مقرّ مفتي المدينة حين زاره لتقديم الشكر له ولم يجده، إذ تقدّمت امرأة، قالت إنّها لم تسمع شيئاً عن زوجها منذ ثلاث سنوات، وهي لا تملك أسباب العيش، وترغب في الزواج ثانية. وسألها نائب المفتي عن الشهود، الذين تقدّموا وقالوا: إنّهم سمعوا زوجها يُقسم عليها الطلاق بالثلاثة. ثمّ قال النائب: إن الفتوى، أو الوثيقة القانونية التي سيستند إليها القاضي في اتخاذ قراره ستصدر قريباً. وعندما سئل عن الرسوم المطلوبة، قال: قرشين، (أربعة بنسات ونصف البنس)”. ويقول رحّالتنا “إنّ تكاليف الطلاق في سورية أرخص من إنكلترا”.
جامع العادلية
ويرى هذا الطالب البريطاني أنّ جامع العادليّة أجمل مسجد على الإطلاق في حلب. ويقول: “إنّي أعترف بتفوّق الهندسة المعمارية لمسجد عمر في القدس على جميع المباني من هذا النوع في سورية، لكنّي أقول بصدق وثِقة إنّ ‘جامع العادلية’ يُعدّ أجمل مسجد من الخارج من أيّ جامع في دمشق أو حلب أو الولايات الأخرى في هذه البلاد. ومن خلال صديقي حصلت على إذن لزيارة كلّ جزء فيه، وهي خدمة نادراً ما تُمنح لأوروبي… وبعد أن اجتزنا ممرّاً طويلاً مقنطراً معتماً، وجدنا أنفسنا في الباحة. وشاهدت المسجد عن كثب، الذي جَذَب بهاؤه الأخّاذ عينيّ وأنا أستعرض مشهد المدينة البانورامي من نقاط أُخرى. مبنى ضخم عريض، مربّع الشّكل، مرتفع، يتمتّع ببساطة مثاليّة تعلوه قبّة ضخمة، شديدة الانحدار، تستند قاعدتها إلى الأجزاء المركزيّة لجدران المسجد الأربعة. ولكي تحقّق للعين مبدأ الهرم، انتصبت مئذنة مرتفعة ومدبّبة برشاقة في السماء… وكان رُواق المسجد متداعياً بشكل يدعو إلى الحزن، ذكرى مُحزنة من ذكريات الزلزال. أمّا بالنسبة إلى الزخارف التي تزيّن البوّابة الضخمة، فقال مؤذّن الجامع إنّه ما من بنّاء أو مهندس معماري يستطيع حاليّاً أن يُشيّد مبنىً بهذا الأسلوب. وكان الجامع من الداخل أقلّ بهجة بالنّسبة لي؛ فقد حلّ الطلاء المبهرج محلّ بهاء الرخام وعظمته الدائمة. واكتست أرضية الجامع بالسجّاد، وتدلّت من السقف مصابيح عديدة”.
ويصف لنا المشهد من مئذنة المسجد بقوله: “كُنّا نُطلّ على مشهد خلّاب من كلّ الأطراف. ففي حين كان المنظر من القلعة أقلّ جمالاً؛ لأنّك ما كنت تستطيع أن ترى شيئاً رائعاً مثل مسجد العادلية نفسه، كان المنظر الذي تطلّ عليه من الجامع أكثر روعة؛ لأنّك تستطيع رؤية القلعة من أجمل نقطة. وكان اللون الذهبي الذي يشعّ برِقّة فوق السور يخفّ تدريجيّاً مع اقتراب الليل البارد المظلم والكئيب، البارز من الجزء الأوطأ من المدينة. وكنت أتمنّى أن أبقى في هذا المكان فترة أطول، لكن نداءً هامساً من أسفل الدرج الحلزوني ذكّرني بأنّ موعد أذان صلاة المغرب قد حان، فهبطتُ الدرج مُسرعاً، وما إن وصلت إلى الشارع حتّى كان نداء الله أكبر يدوّي من مئذنة إلى أُخرى، وأخذ المؤمنون يهرعون لأداء الصلاة”.
مكتبة الأحمدية
ويلفتُ رحّالتنا النظر إلى وجود مكتبتين عامتين في حلب، واحدة مُلحقة بـ’جامع العثمانية’، والأُخرى تابعة إلى معهد يُدعى ‘الأحمديّة’، التي تُدعى أحياناً ‘مكتبة جلبي أفندي’ التي يمتدح بابها بأنه تحفة رائعة لهواة الزخرفة العربية على الخشب، ويقول: “هذه المكتبة هي أفضل مكتبة في سورية كلّها: وقد تكدّست الكتب من غير ترتيب على رفوف كبيرة كانت مُعلّقة على جدران غرفة حجمها عادي. وقد كتبت العناوين بالحبر على حافّات المخطوطات بأحرف كبيرة. وكانت توجد في زاوية الغرفة كُرتان جغرافيّتان إنكليزيتان قديمتان، تحملان بطاقتين تذكّران أنّهما بيعتا من ‘مكتبة أطلس وهرقل’ في بولتري بلندن. وعندما سألت مرافقي عن مكان غرفة المطالعة، أشار إلى الأروقة الرباعيّة الأضلاع التي مررنا عبرها. ثمّ سألته إن كان هُناك عدد كبير من القرّاء، كان الجواب أنّه ليس لدى الحلبيين ذوق كبير للأدب. وقال إنّه تُطلب منهم بعض الكتب في أسابيع مُحدّدة، وفي أسابيع أُخرى لا يمسّ أحد الكتب المركونة على الرّفوف. وقد وعدوني بإعطائي فهرساً بالكتب الموجودة في هذه المكتبة وعرضت تقديم مكافأة للناسخ، إلّا أنّني، رغم تكرار طلبي هذا مرّات عديدة، لم أحصل عليها أبداً”.
إهمال للتعليم
ويعلّق على حال التعليم في حلب فيقول: “بشكل عام فإنّ التعليم العام مُهمل في حلب. وقد أغلقت ‘مدرسة النظام المصريّة’. وكم يتناقض الوضع الحالي لسورية مع تلك الفترة التي كان فيها العرب ورثة الإغريق في العلم الرفيع. ولم أرَ في أيدي السكّان المحلّيين أيّ عمل يقرؤونه، باستثناء ‘ألف ليلة وليلة’ بطبعته المصرية، وكُتُب بعض الشعراء الشعبيين. ويُعدّ الشيخ عقيل أوّل وأهمّ عالِم عربي في حلب، وهو شيخ الجامع الكبير، الذي أعطاني دروساً؛ لأنّ دخله كمُدرّس في الجامع لم يكن يكفيه لإعالة نفسه، وكان يزيد دخله بالعمل قليلاً في التجارة. وكان قد قدم مؤخّراً من مكّة المكرّمة، وجلب معه مجموعة من الخرز المرجاني، وأسوار خزفيّة ترتديها النساء من الطبقة الفقيرة في كواحلهنّ”.
ويردف قائلاً: “المسيحيّون غارقون في الظلام ذاته. إذ لم تُحدِث الأعمال الرئيسية التي أصدرتها ‘المطبعة العربيّة’ في مالطا عن الجغرافيا والتاريخ وغيرها، تأثيراً كبيراً في السكّان. إلّا أنّه رغم خلوّها من التلميحات إلى علم اللّاهوت، لم يكن توزيع هذه الكتب يُشجّع بين المسيحيّين المحلّيين، إذ كان رجال الدين يخشون أن يقوم أشخاص ذوو طبيعة دنيوية أدنى بقراءة هذه الكتب”.
ويخبرنا أنه تعرّف إلى المفتي جابر أفندي، الذي كان رجلاً محترماً ومثاليّاً وعلى اطّلاع واسع، في الخامسة والستين من عمره، وأنه دار بينهما نقاش عن الدين وعرفه إلى القاضي، وهو تركي من إسطنبول، كان يجلس في غرفة استقبال عاديّة الحجم، مؤثّثة بأريكة، عليها أدوات الكتابة، ولفائف من الورق.
——————————-
(2/ 2)
نتابع في هذا المقال وصف مدينة حلب خلال أعوام 1841 و1842 و1843، في الرحلة المسمّاة “السوريون المعاصرون”، والتي ترجمها خالد الجبيلي وصدرت قبل أربعة أعوام عن “دار نينوى” في دمشق. وصاحبُ الرحلة مجهول الاسم، وصفته دار النشر البريطانية التي أصدرت كتابه عام 1844 بأنه “طالب دراسات شرقية”.
وفي هذا الجزء من رحلته، يتحدّث عن الصراع السياسي الذي كان قائماً بين الإنكشارية والأشراف، ويستعرض هشاشة السلطة العثمانية في ذلك الوقت، بعد خروج قوّات إبراهيم باشا، ونبذاً عن أحوال الأوروبيين واحتفالاتهم في المدينة، وأخباراً عن المسيحيين الوطنيين.
الإنكشاريون والأشراف
يقول صاحب الرحلة إنّ مدينة حلب لم تكن في الآونة الأخيرة مسرحاً لأحداث مهمّة، وإنّ وضعها السياسي يدخل في اهتمام الأوروبيين؛ بسبب مكانتها الرفيعة بين مدن الدولة العثمانية في آسيا. ويشير إلى فترة تاريخية عصيبة عاشتها هذه المدينة الهامّة؛ وهي فترة انقسامها منذ فترة بعيدة إلى حزبين أو فئتين عنيفتين، وهما: الأشراف، أو ذوو العمامات الخضر المنحدرون من سلالة الرسول، والإنكشاريون، أو الفئة العسكرية.
ويقول: “لكي نفهم وضع الفئتين في العاصمة السوريّة الشماليّة جيّداً خلال فترة زيارتي، يجب أن أعود بقرّائي إلى بداية القرن الحالي، وهي الفترة التي لم تكن تحظى فيها فئة الأشراف بالاحترام والتقدير، وكان الإنكشاريّون يتمتّعون خلالها بكامل قوّتهم. وكما كان الحال مع المماليك في مصر قبل الاحتلال الفرنسي، كانت سلطة باشا السلطان الذي كان يمهر جميع القوانين والوثائق الرسميّة بختمه اسميّة، فيما كانت القوّة الحقيقية تكمن في أيدي البكوات والأبوات، الذين كان لكلّ واحد منهم شخص يوفّر له الحماية لدى الباب العالي”.
ويحدّثنا عن تفاصيل المعركة الشهيرة بين الأشراف والإنكشارية عام 1815، ويقول إن سببها هو تعرّض قافلة كبيرة متوجّهة إلى إسطنبول إلى النهب والسلب، وعرف عن تورّط اثنين من كبار الإنكشاريين في حلب في هذه القضية، فأصرّ شعبان أوغلو والي المدينة على استرجاع الممتلكات أو التعويض عنها.
تفاصيل المذبحة
يروي طالب الدراسات الشرقية تفاصيل المذبحة التي ارتكبها الوالي بحقّ زعماء الإنكشارية فيقول: “كان معظم زعماء الإنكشاريّة الآخرون يرغبون في أن يظلّ الباشا بعيداً عن التدخّل في شؤونهم. وكان ذلك سبباً وجيهاً لأن يتداعى البكوات والأبوات لعقد اجتماع لهم، وتوجّهوا إلى القصر في حيّ أبي بكر في ضواحي حلب. وبما أنّهم لم يساورهم أيّ شكّ في إمكانية حدوث شيء، فلم يرافقهم سوى حفنة قليلة من المرافقين. وقد استقبلهم الباشا استقبالاً حسناً، وبعد انتهاء بعض المناقشات، خرج من الغرفة ودخل الجنود المختبئون في الغرف المجاورة، وقتلوا جميع الزعماء المجتمعين البالغ عددهم ثلاثين شخصاً بدم بارد. وكذا فعل الباب العالي في التخلّص من جميع أعضاء الإنكشاريّة الأشدّ بأساً”.
ونتيجة لذلك، قوي مركز الأشراف على حساب الإنكشارية الذين كانوا يسيطرون على ضواحي المدينة وكان مركزهم في بانقوسا حيث “قهوة الأغا”، المقهى الذي يلتقي فيه آغوات الإنكشاريّة، ولكن هاتين الفئتين اتحدتا من جديد بعد أن فرض خورشيد باشا ضريبة جديدة في العام 1819، وقُتل عدد من ضبّاط الباب العالي، فحاصر الباشا وقوّاته المدينة مدّة أربعة أشهر، وألحق بهم هزيمة في نهاية الأمر.
صعود عبد الله بابلسي
يضيف: “كانت مشاعر الفئتين قد أصيبت بالشلل التام بسبب زلزال عام 1822، وقُضي عليها قضاء تاماً بعد الاحتلال المصري”. ولكن ولأسباب موضوعية قام إبراهيم باشا المصري بتعيين عبد الله بابلسي، وهو من المحسوبين على الإنكشارية وكان يتمتّع بنفوذ كبير بينهم رغم أصوله الوضيعة، متسلّماً للمدينة، “وشريطة أن يتمكّن عبد الله من السيطرة على غوغاء الإنكشارية، غضّ المصريّون الطرف عنه، وعن أساليبه، وأُعفي رجاله من التجنيد”.
وبعد خروج المصريين، تحالف الوالي أسعد باشا المعيَّن من السلطان مع الإنكشارية من أجل حفظ النظام. فاستغلّ قوّة عبد الله بابلسي، الذي أصبح الآن عبد الله بك. ويقول: “باختصار، لم يتمكّن المفتي من التعايش مع المتسلّم؛ لأنّ أساليبه التي تخلو من أيّ ضمير، والأكثر وقاحة وفظاظة، تتناقض مع مكانته كرجل دين ومُفتٍ، وتتعارض مع دماثته. كما أنّ فئة الأشراف التي ينتمي إليها تضمّ في معظمها التجّار والمشتغلين في التجارة، ممّن ينحون نحو السلم أكثر من الإنكشاريين”.
ويلاحظ صاحب الرحلة الفروقات الكبيرة بين الدمشقيّين والحلبيّين، حيث يقول: “إنّ الحسد والكراهية شائعان لدى الحلبيّين. ورغم أنّه لا يفصل دمشق عن حلب سوى مئتي ميل، فإنّ هاتين المدينتين مختلفتان كاختلاف فيينا وبرلين. إذ يُمكن اعتبار دمشق فيينا السورية، حيث تجد أنّ جمال الضواحي، وروعة الحياة الماديّة فيها يجعلان السكّان ينصرفون إلى المتعة والملذات، ويُضفي ذلك طبعاً جيّداً على الناس. أمّا حلب، فعلى العكس من ذلك، يُمكن اعتبارها برلين شرقيّة، فجدب الطبيعة الخارجية يشحذ ذكاء السكّان، لكن للأسف، يزيد من أنانيتهم”.
قهوة الآغا وحي بانقوسا
ويبدو أن الأخبار الكثيرة التي سمعها عن “قهوة الآغا” حرّضته على زيارة ضاحية بانقوسا برفقة دليله السياحي الخدوم كما يقول، ويضيف: “انطلقنا من الجديدة، وسِرنا في جادة المدينة، وكان الخندق الذي يبلغ عرضه قرابة خمسين خطوة، جافّاً جيّداً، ومغطّىً بالأشجار والشجيرات الملتفّة الكثيفة. وكان السور في الجادّة مزيجاً رائعاً من الهندسة المعماريّة المحلّية الحديثة، والقلاعيّة القديمة؛ إذ كنت ترى هنا وهناك نوافذ مشربيّة تبرز من بين الأسوار السميكة التي تعود إلى أيّام تيمورلنك أو سليم. ونظراً لقصر المسافة التي تفصل المدينة عن الضاحية، فإنّ التناقض بينهما مميّز ومثير للاهتمام. وقد كنت قد لمحت إلى المظهر الحضري للمدينة ذاتها، لكن ضاحية بانقوسا مثل أيّ بلدة عريقة ريفية. ففي المدينة ترى بيوتاً عالية، وأسواقاً طويلة مقوّسة، كلّ سوق منها مخصّص لتجارة مُعيّنة، حيث يُمكنك أن ترى أحد الأفنديّة يرتدي ثياباً جميلة، ويمتطي حصاناً، ويهزّ برأسه يميناً ويساراً، وهو ينظر إلى أصدقائه المغمورين، ويبتسم صاحب المحلّ مسروراً، وتُعقد الصفقة، ويُنزل اللوح الخشبي لباب الدكّان، ويعيد التحيّة”.
ويستطرد في وصف حي بانقوسا: “حي بنقوسا مفعم بالحيويّة والنشاط. والبيوت فيه إمّا بيوت ريفيّة، أو من بيوت الضواحي. والسوق ليس مقنطراً، بل عبارة عن عواميد عارية، قلّما تكسوه الحصر التي تقي من شمس الصّيف، ومطر الشتاء. والدكاكين ليست مجمّعة في أسواق متخصّصة، إذ يمكنك أن تجد أنّ محلّ الجزّار ومحلّ العطّار متجاوران، بحيث تسبق رائحة ماء الورد رائحة أحشاء الذبيحة.. وها هو البدوي الذي يبيع منتجات ألبانه وسط النفايات في سوق الضواحي الكبير. وأخيراً (إيّاك أن تبوح بشيء). ها هو يساوم على بيع مواد من القافلة المسروقة مؤخّراً. لكن انظر إلى أعلى الطريق، حيث يسير المعتّر أو الأزعر. وتتأكّد من أنّه إنكشاري: فملابسه رثّة، لكن مسدّساته وخنجره في حالة لا بأس بها، ولا يُبدي احتراماً لأيّ أفندي، لكنّه يُلقي التحيّة على رفاقه الخارجين على القانون من قرلق حتى باب النصر”.
وبعد أن يصل إلى القهوة يصفها بالقول: “حسناً، هُنا نحن أخيراً قد وصلنا إلى قهوة الآغا الشهيرة، قال صديقي. أين هي؟ سألته واستدرت بلهفة، ورحت أُحدّق لعلّي أرى هذا المقهى السياسي المشهور، الذي رحت أقارنه بمكان التقاء المتآمرين في القصر الملكي القديم. وتتبّعت بعيني الاتجاه الذي يؤشّر إليه بإصبعه، ورأيت مكاناً يُشبه مبنى خارجيّاً لمصنع جعة، يجلس أمامه عشرة رجال أو اثنا عشر رجلاً يُشبهون بعضهم من حيث المظهر، ويُدخّنون النارجيلة. هل هذا هو المقهى الذي جئنا لرؤيته؟ قلت مشدوهاً، فقال: نعم، أنا متأكّد. هل ظننت أنّك كنت ذاهباً إلى باب السلام في دمشق؟ فقلت: كفانا من رؤية المقاهي السياسية في حلب”.
فرنجة حلب
يخبرنا طالب الدراسات الشرقية أن السيد “ويري” سمح له بأن يبحث في سجلّات القنصليّة البريطانيّة خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر. ويمتدح أبنية حلب التي حافظت على هذه الوثائق، كونها مبنية بطريقة متينة تقيها من الحرائق. ويشير إلى أن تجارة الشركة البريطانيّة كانت في أوجها خلال فترة الكومنولث، وخلال عهد تشارلز الثاني، كان هناك أكثر من خمسين بيتاً بريطانيّاً في هذه المدينة. وكان يوجد كذلك في حلب، التي كانت مركز التجارة الهنديّة، كما يقول، شركات هولنديّة وفرنسيّة ومن البندقيّة، التي كانت تُشكّل كلُّها مجموعة أوروبيّة كبيرة في وسط السكّان المسلمين.
ويعلّق قائلاً: “لا يزال الحلبيّون المتقدّمون في السنّ يتذكّرون بعض أطوار السّلوك الغريبة التي كان يمارسها بعض أفراد الشّركة البريطانيّة. فذات يوم، وخلال فترة الكرنفال، كان الفرنسيّون في نزهة إلى البستان، وكانوا يضعون جميعُهم أقنعة، وكان القنصل، ذلك الشّخص المهمّ الوقور، يتقلّد سيفاً خشبيّاً، ويرتدي قبّعة سوداء، وسترة متعدّدة الألوان، يرتديها المهرّجون عادة! وفيما كان هذا الضجيج يعلو بالقرب من الخانات، كان السيد فيرتون، أحد أقرباء الأدميرال فيرتون، يُخطّط للقيام بمزحة عمليّة، أحدثت الكثير من البهجة والضحك لفترة طويلة بعد ذلك… فبما أنّه كان قد تعرّف إلى الباشا، استعار بدلته، وتنكّر أفراد الشّركة ليظهروا بمظهر حاشيته، بالإضافة إلى القوّاصين والجنود غير النظاميّين، وساروا في موكبه باتجاه البستان. وكان الفرنسيّون في غمرة متعتهم وبهجتهم (الكيف)، وشيئاً فشيئاً بدأت تتسلّل أصوات قرع الطّبول الصّغيرة إلى آذانهم. وظنّوا أنّ الموكب، الذي كانت تحجبه الأشجار، موكب قوّات غير نظاميّة متوجّهة إلى القُرى. وفيما كان المهرّج يقف على أطراف أصابعه، ويلوّح بسيفه عالياً بيد واحدة، ويرفع كأس شمبانيا باليد الأخرى محيياً إحدى السيّدات، دخل ترجمان الباشا بالابتسامة الرسميّة التي تجمع بين التملّق والغرور، وأعلن أنّ سعادة الباشا، الذي كان يشعر بالتعب بسبب رحلته، يطلب إذناً من القنصل لزيارة خيمته؛ ليمكث بضع دقائق للاستراحة، ويحتسي معه فنجاناً من القهوة”.
وحدثت مواقف مضحكة استرسل رحّالتنا بذكرها، وطرافتها تقوم على انتهاك بعض التقاليد التي تخص طبقات ومراتب الشخصيات الأوروبية، وهو ما كان يدعو للضحك في ذلك الوقت.
مستعربون
وفي تعليقه على حياة الأوروبيين الذين اتخذوا حلب مستقراً لهم يقول: “إنّ الفرنجة في حلب مشرقيّون أكثر ممّا هُم في أيّ جزء آخر من تركيّا. وفي الواقع، فإنّ الفرنجة الذين وُلدوا في هذا البلد يمتلكون صفات العرب في شخصيتهم أكثر بكثير ممّا يمتلكون من صفات الأوروبيين. وعندما بدأت تجارة حلب في الانحدار في حوالي نهاية القرن الماضي، غادر جميع الإنكليز المدينة. أمّا الجاليتان الفرنسيّة والإيطاليّة فكانتا عبارة عن مستعمرات أكثر من كونهما شركات تجاريّة؛ وذلك لأنّ أفراد هاتين الجاليتين يعيشون في مناخ يشبه مناخ بلادهم، فقد اشتروا بيوتاً وبساتين، واستمرّوا في ممارسة عملهم في التجارة المحليّة، معتمدين على المصادر المتبقيّة في المدينة. وحتّى الآن، ففي الوقت الذي تبنّت فيه السيدات اليونانيّات والأرمنيّات في تركيّا أبّهة المجتمع الأوروبي، فإنّ الشّابّات الإفرنجيّات في حلب لا يزلن يحتفظن بعظمة الزي السوري القديم الرائع. ويتكلّمن اللغة العربيّة، وتكون أحياناً لغتهنّ الوحيدة التي يتكلّمنها. ولا شيء يُمكن أن يتجاوز كرم ولطف هؤلاء الناس؛ إذ إنّ بعض أجمل ساعات حياتي، وأكثرها سعادة هي تلك التي أمضيتها في ربوع حيّ الكتّاب في حلب”.
حفل على شرف السفير الإنكليزي
يحدثنا طالب الدراسات الشرقية عن حفل أقامه الإنكليز للفرنجة الموجودين في حلب، مؤكّداً أنّه حفل شرقي الطابع بعكس الحفلات التي تُقام في إزمير أو الإسكندرية، والتي تشبه إلى درجة كبيرة أي حفلة تُقام في إحدى مدن الموانئ الإيطاليّة.
ويقول: “لكي أذهب إلى الحفلة كان عليّ أن أمرّ عبر الأسواق، التي كان يُخيّم عليها في هذه الساعة من اليوم سكونٌ مطبِق، وتخلو من أيّ إنسان، وكان ينيرها عدد من المشاعل، وبدَونا مثل فريق من الرحّالة يستكشفون تجويف كهف واسعا تحت الأرض. وعندما دخلت الصالة حيث تُقام الحفلة، تكوّن لديّ انطباع بعد اجتيازنا هذه المحنة المتجهّمة كالتجربة التي يتعرّض لها الهواة ممّن يبهرهم ألق بول فيرونيس بعد أن يحدّقوا طويلاً في الظلام الدامس الفظيع الذي يغمر لوحة ليليّة بريشة رامبرانت. فقد كان يغمر هذا المكان النور والجمال. إذ كانت السيدات يرتدين أثواباً جميلة أنيقة مصنوعة من الساتان الحلبي الموشّى بالذهب، التي يؤكّد لنا المؤرّخون القدماء أنّها من بقايا الصناعات التي خلّفها الإغريق. وكنت قد سمعت في دمشق قصصاً غير سارّة عن تأثير المناخ وآثار حبّة حلب (اللشمانيا) على جمال الحلبيين الوسيمين. لكنّنا في هذه المناسبة، وبعيداً عن رؤية أيّ شيء لتأكيد ذلك، أُصبنا جميعنا بالدهشة أمام هذا الاستعراض الرائع للجمال الأنثوي. وكان سقف القاعة في شكل قبّة، ولم تكن هناك أرضيّة للرقص، بل أرض مزخرفة بالفسيفساء باهظ الثمن. وبين الرقصة التي يتّخذ فيها الرّاقصون شكل مربّع، ورقصة الفالس، قُدّمت رقصات عربيّة بأسلوب سكّان اللاذقيّة الأكثر رشاقة في سورية”.
ويشير رحالتنا إلى أن أحوال المسيحيين في ذلك الوقت باتت أفضل حالاً ممّا كانوا عليه في عهد المصريين، ولم يعودوا يتعرّضون إلى عمليّات الابتزاز كما كان يحدث في أثناء فترة النظام القديم في تركيّا. ويقول: “وقبل وصولي إلى المدينة، كانت قد جرت حالات عديدة اعتنق فيها مسيحيّون الدين الإسلامي. وبشكل عام فقد انخفض عدد الأشخاص الذين اعتنقوا الإسلام أكثر ممّا كان في السابق. ويُعزى أحد أسباب ذلك إلى تدنّي القدرات السياسيّة للسلطنة العثمانيّة، بالإضافة إلى استقلال اليونان، وضغط روسيا، ونظام محمّد علي، التي ساعدت جميعها في عدم التشجيع على تغيير الدين”.
العربي الجديد