كذبة أن اللاجئين السوريين يتقاضون الدولار من درب اللبنانيين!/ كارن الزّعتري
يعتقد كُثُر أن اللاجئين السوريين يتلقون المساعدات بالدولار، إنما بحسب ليزا أبو خالد، مسؤولة الشؤون الإعلامية في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين UNHCR، فإن المساعدات تصلهم بالليرة اللبنانية، إذ يحصل كل فرد على 500 ألف ليرة بالشهر، وتختلف المساعدات بين نقدية أو مواد الإغاثة الأساسية أو الصحية.
“اللحمة ما بنجيبها، الدجاج ما منجيبه، كتير شغلات مستغنيين عنها”، تقول نجوى الحسين (47 سنة) شارحة الوضع الصعب الذي تعيشه وأسرتها في لبنان. نجوى أتت الى لبنان هرباً من الحرب السورية عام 2011، وتنقلت مع أمها وابنتها بين مخيمات شمال لبنان، لتستقر حالياً في منطقة جبيل.
تعمل نجوى في الزراعة، في ظروف صعبة لتأمين ربطة الخبز لأسرتها، “مناكل وجبة وحدة بالنهار، بس الظهر”، وهذا كل ما تستطيع تأمينه. في ظلّ الأوضاع الاقتصادية المتردية، كثّفت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين جهودها لمساعدة اللبنانيين واللاجئين على حدٍّ سواء بعيداً من الاتهامات التي تزعم أن الموارد التي يجب أن يحصل عليها اللبنانيون، تذهب إلى السوريين. إنما على العكس، تستفيد الدولة المضيفة، من 40 في المئة من المساعدات التي تصل إلى اللاجئين.
أرخت الأزمة الاقتصادية في لبنان بثقلها على السوريين كما اللبنانيين، ويعتقد كُثُر أن اللاجئين السوريين يتلقون المساعدات بالدولار، إنما بحسب ليزا أبو خالد، مسؤولة الشؤون الإعلامية في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين UNHCR، فإن المساعدات تصلهم بالليرة اللبنانية، إذ يحصل كل فرد على 500 ألف ليرة بالشهر، وتختلف المساعدات بين نقدية أو مواد الإغاثة الأساسية أو الصحية.
يوضح المستشار في التنمية ومكافحة الفقر أديب نعمة لـ”درج”، أنه “لا توجد منافسة، ولا توجد موارد يُفترض أن تذهب إلى اللبنانيين لكها تذهب الى السوريين، ومن يظلم اللبنانيين هو نفسه يظلم السوريين والفلسطينيين”. يحاول نعمة توصيف الواقع الحقيقي في ما يتعلّق بالمساعدات، نافياً الأقاويل التي تزعم أن اللاجئين يحصلون على مساعدات “من درب” اللبنانيين.
يقدّر عدد السوريين في لبنان مليون ونصف المليون لاجئ، 825081 منهم فقط مسجّلون في المفوضية. وذلك بناءً على قرار الحكومة اللبنانية الصادر في 2015 بتعليق تسجيل اللاجئين السوريين في لبنان. تحت وطأة هذا القرار، يعيش قسم كبير من اللاجئين أوضاعاً مزرية، لنجد جزءاً منهم لا يتلقى المساعدات، التي أصلاً بالكاد تكفي لإعالة متلقيها.
يوضح المستشار في التنمية ومكافحة الفقر أديب نعمة لـ”درج”، أنه “لا توجد منافسة، ولا توجد موارد يُفترض أن تذهب إلى اللبنانيين لكها تذهب الى السوريين، ومن يظلم اللبنانيين هو نفسه يظلم السوريين والفلسطينيين”. يحاول نعمة توصيف الواقع الحقيقي في ما يتعلّق بالمساعدات، نافياً الأقاويل التي تزعم أن اللاجئين يحصلون على مساعدات “من درب” اللبنانيين.
تؤثر هذه الأزمة في الأمن الغذائي للأسر الفقيرة، ففي دراسة حديثة لبرنامج الأغذية العالمي، ارتفع سعر أصغر سلة غذائية أكثر من 1700 في المئة، وبأصغر سلّة نعني أنها تحتوي على الأغذية الأساسية التي تكفي الأسرة لشهرٍ واحد. هل حقّاً معونات المفوضية تكفي ليعيش اللاجئون حياةً كريمة؟ في أثناء ارتفاع الأسعار الجنوني، بات الأمن الغذائي مصدر قلق للبنانيين واللاجئين، فأصبحت الأسر تلجأ إلى أساليب تكيّف ضارّة تجعلهم يقلّلون الإنفاق على الرعاية الصحية والتعليم، ويرسلون الأطفال إلى العمل.
المبالغة بالأرقام هي واحدة من الأساليب التي تعتمدها السلطات اللبنانية لتضخيم الأمور، إذ يُذكر دائماً وجود 2.8 مليون لاجئ في لبنان، يقول أديب نعمة “هذا الرقم خاطئ، والدولة اللبنانية تعلم”. التوظيف السياسي لهذه المشكلات والتهويل المتعمّد يهدفان إلى تجاهل الأوضاع المأساوية وعدم التطرّق إلى هذه المواضيع لحلّها.
وجود السوريين في لبنان لم يكن يوماً سبباً للأزمات المعيشية التّي تتالت على لبنان، بالطبع كان لوجودهم آثار سلبية وإيجابية “ولكن الآثار الإيجابية أكثر، إنما آثار الحرب السورية على لبنان كانت فظيعة”، يعلّق نعمة.
حاولت نجوى التواصل مع الأمم من أجل الحصول على مساعدة لسداد إيجار السّكن، ولكن أحداً لم يستجب. بحسب تقرير لـ”البنك الدولي”، فإنّ هذه الأزمة هي الأسوأ في بين ثلاث أزمات في العالم منذ القرن التاسع عشر، إذ كشف التقرير عن هشاشة نموذج تقديم الخدمات في لبنان للاجئين.
المبالغة بالأرقام هي واحدة من الأساليب التي تعتمدها السلطات اللبنانية لتضخيم الأمور، إذ يُذكر دائماً وجود 2.8 مليون لاجئ في لبنان، يقول أديب نعمة “هذا الرقم خاطئ، والدولة اللبنانية تعلم”. التوظيف السياسي لهذه المشكلات والتهويل المتعمّد يهدفان إلى تجاهل الأوضاع المأساوية وعدم التطرّق إلى هذه المواضيع لحلّها.
“من يرفع شعارات ضدّ اللاجئين في لبنان هي السلطة وتحديداً التيار الوطني الحر”، يؤكد نعمة، علماً أن هذه المحاولات لجرّ الأمور إلى منحى آخر كانت تفشل دائماً. حمل رئيس التيار “الوطني الحر” النائب جبران باسيل هذه المضايقات إلى البرلمان وقدّم اقتراح قانون في بداية العام 2022 يقضي بـ”تغريم أي عامل سوري يحمل بطاقة لاجئ”، مدعّماً اقتراحه بحجج واهية عبر “تويتر“: “يلي بيعود لبلده مرّة واحدة ما بيعتبر نازح”.
في المقابل، تم توثيق “66 حالة اعتقال للاجئين تعرّضوا للتعذيب عند عودتهم إلى وطنهم”، بحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية في أيلول/ سبتمبر 2021. فخطابات عودة اللاجئين “الآمنة” إلى سوريا، تخفي في طياتها حقائق الاعتقالات والتعذيب، والاختفاء القسري على يد النظام السوري. تسهّل السلطات اللبنانية عودة اللاجئين السوريين على رغم إدراكها للانتهاكات والاضطهادات التي تطاول اللاجئين في وطنهم. بينما ترتفع وتيرة الخطابات العنصرية تجاه السوريين وتنتشر الأكاذيب عن حصولهم على مساعدات كافية، يتحدث المسؤولون عن عودة اللاجئين “الطوعية”، إلاّ أنّ الظروف الصعبة التي يعيشونها تجعلنا نشكّك بمدى موافقهم الحرّة.
يعيش اللاجئون السوريون في فقرٍ مدقع، وعلى عكس ما يشاع، لا تكفي المساعدات لتأمين أبسط حاجات الحياة الأساسية. كما يجب التمييز بين آثار الحرب السورية على لبنان، وقضية اللاجئين العالقين بين الويلات الحياتية في لبنان وبين عودة غير آمنة في سوريا. هذا فيما يلاحق خطاب الكراهية والعنصرية اللاجئين في مختلف البلدان، خصوصاً في تركيا، حيث يتعرّضون للمضايقة المستمرّة.
درج