دوافع وكواليس الاتفاق بين "قسد" وأحمد الشرعسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

واقع وكواليس الاتفاق بين “قسد” وحكومة الجمهورية العربية السورية مقالات وتحليلات تتحدث يوميا  تحديث 29 أذار 2025

———————–

لمتابعة تفاصيل هذا الملف اتبع الرابط التالي

دوافع وكواليس الاتفاق بين “قسد” وأحمد الشرع

—————————-

مكاسب دمج “قسد”: ثروات نفطية وزراعية ومعابر ومطار/ عدنان عبد الرزاق

29 مارس 2025

كاد إقرار الإعلان الدستوري في سورية، الذي وقّع عليه الرئيس أحمد الشرع في 13 الشهر الجاري، أن ينسف الاتفاق بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والحكومة السورية، لما رأته “قسد” من إخلال بالاتفاق وشعورها بالإقصاء، مما هدّد الدمج بالمؤسسات السورية وعدم عودة الثروات (النفط والغاز) والمطار والمعابر الحدودية لسلطة دمشق. إلا أن تطورًا جديدًا حدث قبل أيام، بعد اجتماع قائد “قسد” مظلوم عبدي مع اللجنة التفاوضية التي شكّلها الشرع لاستكمال الاتفاق، مما أعاد آمال السوريين باقتسام ثروتهم الضائعة منذ نحو تسع سنوات وتحسين الواقع الخدمي والمعيشي للسوريين، إذ لا يزال أكثر من 90% منهم يقبعون تحت خط الفقر، ويعانون من ندرة المحروقات والانقطاع الطويل للتيار الكهربائي.

وبحسب مصادر خاصة لـ”العربي الجديد” من القامشلي، شمال شرقي سورية، فقد جرى التوافق بعد لحظ تحفّظات “قسد”، حول الإعلان الدستوري وعدم إقصاء أي مكون سوري من مستقبل البلاد.

بل وتكشف المصادر عن وعود من دمشق بتمثيل “قسد” في الحكومة السورية المنتظر إعلانها في غضون أيام، ومنحها “كوتا” في ما يتعلق بالتعيين والثروة والمواقع الرسمية في محافظتي الحسكة ودير الزور. وتؤكد المصادر الخاصة أن الجانبين اتفقا على إطلاق عمل اللجنة المتخصصة مطلع نيسان/ إبريل المقبل، لتبدأ تنفيذ الاتفاق. وتقول المصادر من القامشلي إن “التسليم ليس بالأمر اليسير”، إذ هناك شركات “تعمل وتدير وهي من خارج سورية”، لكن وعود “قسد” بحل الأمور وتنفيذ الاتفاق قد تحتاج إلى نهاية العام الجاري.

صعوبات أمام تطبيق الاتفاق مع قسد

ويشكك الاقتصادي أحمد العبود، من محافظة دير الزور، في “سهولة وزمن تنفيذ الاتفاق”، لأن الواقع في مناطق شمال شرق سورية “أعقد من أن يُحل بلجان”، إذ ثمة شركات واستثمارات تدير معظم الثروات والأعمال، وربما لا تملك “قسد” القدرة على تنحيتها بسهولة.

وعن التغيير المحتمل في الواقع الاقتصادي السوري في حال عادت ثروات شمال شرقي سورية، يضيف العبود خلال تصريحه لـ”العربي الجديد”: “سيتغير الواقع، وإن على مراحل وفترة ليست بطويلة، فإنتاج المنطقة من البترول وحتى الغاز يمكن أن يسد حاجة الاستهلاك المحلي خلال عامين، كما يمكن التفكير بالتصدير بعد أعوام تالية، وعودة عائدات تصدير أكثر من 150 ألف برميل نفط لخزينة الدولة.

وذلك ينسحب أيضاً على الإنتاج الزراعي، مما يُغني عن استيراد القمح والشعير والثروة الحيوانية، إذ يُقدر إنتاج القمح في مناطق “قسد” بأكثر من 1.5 مليون طن”. وتسيطر “قوات سوريا الديمقراطية” على نحو 90% من مرافق إنتاج النفط في سورية، ويتراوح إنتاج الآبار الواقعة تحت سيطرتها بين 90 و120 ألف برميل يومياً. كما تعد مناطق شمال شرق سورية خزان سورية الغذائي والمائي.

وتسيطر “قسد” على معبر اليعربية مع العراق، ومعبر نصيبين-القامشلي مع تركيا، إضافة إلى مطار القامشلي، وهو ثالث أهم مطارات البلاد بعد مطاري دمشق وحلب. لكن، تلك الثروات تعاني من التهالك وتراجع الإنتاج، خاصة آبار النفط، مما يعني أن الحلم بعودة إنتاج نحو 380 ألف برميل كما كان عام 2011، أو إنتاج الكهرباء، أمر ليس بالسهل ولن يتحقق قريبًا، بحسب مصدر خاص من “قسد” لـ”العربي الجديد”.

ويكشف المصدر أن “شركة الجزيرة” هي من تشرف حالياً على إنتاج النفط، وتتبع عملياً لحزب العمال الكردستاني، ويُشرف عليها كادر تركي يديره علي شير، كما يُشرف على حقول الرميلان كادر تركي آخر يديره شخص يدعى أزاد. ويضيف المصدر الخاص أن القطاع الزراعي أيضاً تُدير بعضه شركات غير سورية، ولا علاقة للإدارة الذاتية به، لكنه يستدرك بأن تلك العقبات ليست عصية على الحل، خاصة بعد بيان عبد الله أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستاني، في 27 الشهر الماضي، ودعوته لحل الحزب وإلقاء السلاح، وتحمله المسؤولية التاريخية عن هذه الدعوة، مما يعني إمكانية إبعاد الأجانب، وربما يتم تسليم المعبر والمطار والخط الحدودي خلال المراحل الأولى لتنفيذ الاتفاق، إضافة إلى البترول، الذي يتصدر المطالب والتفاهمات.

ويقول عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، الدكتور علي كنعان، في تصريحات نشرتها جريدة “الثورة” السورية، إن تنفيذ الاتفاق يشجّع على تخفيض تكاليف الإنتاج لكل الفعاليات الاقتصادية، ومنها تأمين الكهرباء بأسعار تكلفة متدنية، وتأمين خزان الغذاء السوري الذي يأتي من الحبوب والبقوليات أو المواد الغذائية الأخرى، وكذلك الأمر بالنسبة للحوم.

ويؤكد عميد كلية الاقتصاد بدمشق أن دمج “قسد” في مؤسسات الدولة سيعيد هندسة الاقتصاد السوري من جديد، وإعادة التموضع الذي يجعل منه قاعدة انطلاق، على عكس ما كان عليه أيام الحكم البائد، حيث كان في حالة سكون، أما الآن، فهو يبدأ بالانطلاق نحو صناعة وزراعة وتجارة جديدة، فضلاً عن عدد القوى العاملة الموجودة في الجزيرة السورية، التي ستندمج في الاقتصاد الوطني السوري.

العربي الجديد

—————————-

أكراد سوريا والعراق.. اتفاق واختلاف تحت سقفٍ واحد/ ناصر زيدان

السبت 2025/03/29

بدأت مرحلة جديدة في شمال شرق سوريا وفي قضاء سنجار العراقي؛ مع إعلان القائد التاريخي لحزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، إنهاء الصراع المسلح في 27 شباط/فبراير الماضي، وبعد الاتفاق الذي حصل بين الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع وزعيم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي في 10 آذار/مارس 2025. لكن التحولين الكبيرين في مسار القضية الكردية، ما زالا غير مُكتملين، ويمكن اعتبار ما حصل حتى الآن؛ بمثابة تنظيم للخلاف، أكثر مما هو حلّ نهائي للمشكلات القائمة.

بطبيعة الحال؛ يختلف ما يحصل في شمال غرب العراق، وتحديداً في قضاء سنجار – معقل الأقلية الأيزيدية – عمّا يحصل في شمال شرق سوريا، لكن تقاطعات إقليمية ودولية ومحلية تربط بين الملفين. واستلام قوات الجيش العراقي النظامية لأمن مدينة سنجار منذ مطلع أيار/مايو 2022، ما زال دون اكتمال، والتعايش مع الأمر الواقع بين هذا الجيش والمليشيات المحسوبة على حزب العمال الكردستاني والمتعاونة مع مجموعات من الحشد الشعبي؛ ما زال قائماً، بما يشبه المُساكنة المفروضة بين قوات هذا الجيش وفصائل الحشد الشعبي في مناطق عراقية مختلفة، بحيث أن سيادة الجيش مُنبسطة فوق الأرض، بينما مصالح المجموعات مؤمنة تحتها.

المصادر المتعددة، تتحدث عن استمرار نفوذ الفصائل الكردية المحسوبة على حزب العمال في قضاء سنجار، وهي تتعاون على قدمٍ وساق مع فصائل من الحشد الشعبي، ولديها أنفاق خيالية تحت الأرض في الجبال، يمكن لها أن تتحرَّك بداخلها بكل سهولة، وتمارس عبرها كل أنواع أعمال التهريب التجاري، وربما تمرير الممنوعات، وتصل هذه الأنفاق الى الأراضي السورية، وهي تؤمن جزء من وظيفة البنى التحتية الخفية التي كانت قائمة في المناطق الجبلية التي تفصل لبنان عن سوريا قبل سقوط نظام الأسد. ووزير خارجية العراق الكردي فؤاد حسين؛ كان واضحاً في اشارته الى ضرورة بسط سيادة الدولة كاملةً على كل أراضي العراق، ومنع كل اشكال التهريب عبر الحدود، في غمزٍ واضح من قناة المجموعات المدعومة من ايران. والجيش العراقي يراعي “التفلُّت” في الوقت الحاضر، تجنباً لعمليات تفجير وقتل وفوضى قد تُقدم عليها هذه العناصر.

أما فيما يتعلَّق بشمال شرق سوريا؛ فيبدو أن الاتفاق الذي حصل بضغط أميركي وبمساعدة من الزعيم الكردي العراقي مسعود البرزاني، بين الرئيس الشرع وعبدي بدمشق؛ لم ينفذ حتى الآن بكامل مُندرجاته، وحقول النفط السورية التي تقع تحت سيطرة “قسد” لم تُسلَّم للحكومة الانتقالية وفق الآجندة التي تم التوافق عليها، وقد أُعلن عن تأجيل موعد الاستلام أكثر من مرَّة، بينما الإختناق الاقتصادي في سوريا يتفاقم، بسبب النقص الحاد في المواد النفطية التي تحتاجها السوق الاستهلاكية، لاسيما في مجال النقل، ولتوليد الكهرباء. واندماج الفصائل المسلحة لقوات سوريا الديمقراطية بقوات الجيش والأمن النظامية المركزية؛ لم يحصل كما بعد.

من الأفضل عدم التسرُّع بإعلان فشل التسويات التي حصلت في هذه المناطق الاستراتيجية الحساسة، ذلك أن قوة الدفع الأميركية، والقبول التركي؛ ما زالا أقوى من عناصر العرقلة، وواشنطن واضحة في هذا السياق، بحيث أنها تعتبر أي فوضى او اقتتال في سوريا، كما أي محاولة تقسيم للبلاد، سيعطي فرصة لإيران للعودة على حصانٍ أسود. فطهران تمتلك مهارة فائقة في استثمار الفوضى، وهي تدرك أن تقسيم سوريا، سيفتح أمامها أبواب العودة لبسط نفوذها على الساحل، لأن التركيبة الديمغرافية في غالبية مُدنه وقُراه تسمح لها بذلك.

أنتجت الاتفاقات التي حصلت في أيار 2022 في العراق، وفي آذار 2025 في سوريا؛ مجموعة كبيرة من التسويات الاستراتيجية، وخصوصاً الوصول الى قناعة دامغة بأن قيام دولة كردية صافية في شمال العراق وشمال سوريا؛ صعبة المنال، وأكراد سوريا الذين قدموا بمعظمهم من ديار بكر التركية، بسبب الاضطهادات التي تعرضوا لها عبر التاريخ؛ تأكدوا أن انفصالهم عن الحكومة المركزية في دمشق، سيُنتج لهم مشكلات داخلية لا تنتهي، لاسيما أن أكثر من 50 بالمئة من سكان مناطقهم الأساسية في الحسكة والقامشلي ومنبِج من العرب، وهؤلاء لن يُسلموا بقيادة كردية دائمة عليهم، ولا بالإنفصال عن الوطن الأم سوريا.

بإنتظار نجاح تسليم “قسد” لحقول النفط للحكومة السورية الجديدة، وبإنتظار عودة كامل النازحين الأيزيديين الى مدينة سنجار العراقية؛ يمكن اعتبار ما حصل في شمال غرب العراق، وفي شمال شرق سوريا، خطوات توحيدية وسيادية هامة، لكن هذه التسويات لم تنتج حلاً نهائياً للمُعظلات القائمة في تلك المناطق حتى الآن.

المدن

—————————

التصادم التركي الإسرائيلي في سوريا معقول نظرياً.. مستبعد عملياً/ علي أسمر

2025.03.28

لطالما تميزت العلاقات التركية الإسرائيلية بحالة من الشد والجذب، حيث تتداخل المصالح الاستراتيجية والاقتصادية بين البلدين مع التوترات السياسية الناجمة عن الموقف التركي الحازم تجاه القضية الفلسطينية.

وفي السنوات الأخيرة، تصاعدت هذه التوترات على خلفية الأوضاع في سوريا، حيث باتت أنقرة وتل أبيب أمام مشهد معقد قد يقود إلى صدام عسكري محتمل، في تقديري فإن هذا الوضع يستدعي قراءة متأنية لمعادلة القوى الإقليمية وما قد يترتب على ذلك من تداعيات.

منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، تشهد سوريا إعادة تشكل في خارطتها السياسية والعسكرية، وأحد أبرز المتغيرات يتمثل في توغل إسرائيل إلى ما وراء مرتفعات الجولان المحتلة، وأعتقد أن هذا التحرك الإسرائيلي يهدف إلى إقامة منطقة عازلة جديدة في جنوبي سوريا لحماية مصالحها الأمنية.

على الجهة المقابلة، تحاول تركيا توسيع نفوذها في سوريا بعد سقوط الأسد لأن أنقرة ترى أن الأمن القومي التركي من الأمن القومي السوري بسبب الموقع الجغرافي الواحد، وتسعى للحفاظ على تواجدها العسكري في سوريا، كما أن تراجع الدور الإيراني والروسي يمنح أنقرة مساحة أكبر للتحرك في إطار رؤيتها الخاصة للحل في سوريا.

في تقديري، فإن التصادم بين تركيا وإسرائيل بات احتمالاً معقولاً نظرياً ولكنه احتمال غير معقول عملياً، فإسرائيل تنظر إلى سوريا كفرصة لتعزيز سيطرتها الإقليمية، خصوصاً من خلال دعم بعض الأقليات مثل الدروز والأكراد لإنشاء كيان وكيل موالٍ لها داخل سوريا، وأرجح أن هذا النهج سيؤدي إلى زيادة الاحتكاكات مع تركيا التي تعتبر أي تحرك يهدد وحدة الأراضي السورية أو يعزز النزعات الانفصالية بمثابة خط أحمر، ومع ذلك، أعتقد أن التصادم العسكري المباشر بين تركيا وإسرائيل لن يحدث، وذلك لأن تركيا عضو في حلف الناتو مما يجعل أي مواجهة مباشرة مع إسرائيل أمراً معقداً سياسياً وعسكرياً، فحلف الناتو يُلزم الدول الأعضاء بالدفاع المشترك وهو ما قد يردع إسرائيل عن الدخول في صدام مباشر مع تركيا.

لطالما اعتبرت الولايات المتحدة كلاً من إسرائيل وتركيا شريكين استراتيجيين في المنطقة، لكن المصالح المتباينة للجانبين في سوريا تشكل مصدر قلق حقيقي، في رأيي، فإن واشنطن قد تحاول لعب دور الوسيط لمنع التصعيد، لكنها قد تتجنب التدخل المباشر، خاصة إذا رأت أن المواجهة بين الطرفين لا تؤثر بشكل مباشر على مصالحها الحيوية.

في المقابل، يبدو أن الإدارة الأميركية السابقة لم تكن متحمسة للتدخل في الشأن السوري بعد سقوط الأسد، حيث لم تُبدِ اهتماماً بإقامة علاقات مع الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، مفضلة ترك الملف بيد تركيا التي يُنظر إليها على أنها مفتاح المستقبل في سوريا، أعتقد أن هذا الحياد الأميركي قد يترك المجال مفتوحاً أمام مزيد من الاحتكاكات التركية الإسرائيلية.

ضمن هذا المشهد، تحاول إسرائيل تسويق تدخلها العسكري في سوريا تحت ذريعة حماية الأقليات، حيث شددت مؤخراً على ضرورة نزع سلاح قوات الإدارة السورية الجديدة في محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء، مؤكدة أنها لن تسمح بتهديد الطائفة الدرزية، لكن هذه التصريحات قوبلت باحتجاجات في المناطق الدرزية التي ترفع العلم السوري الجديد وتطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي السورية.

في المقابل، وجّهت تركيا تحذيرات صريحة لكل الأطراف التي تحاول استغلال حالة الفراغ في سوريا، مشددة على أنها لن تسمح بتقسيم سوريا وفق التصورات الإسرائيلية، كما أن أنقرة تعتبر أن الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها هو جزء من استراتيجيتها الأمنية الإقليمية، وهي تعمل على دعم الحكومة الجديدة بقيادة أحمد الشرع من خلال تشجيع المجتمع الدولي على رفع العقوبات ودعم مشاريع إعادة الإعمار.

رغم إعلان إسرائيل أنها لا تسعى لمواجهة مع سوريا بعد سقوط الأسد، إلا أن تحركاتها على الأرض تعكس غير ذلك، فقد شنت غارات جوية مكثفة استهدفت خلالها منشآت عسكرية سورية، بما في ذلك مخازن الأسلحة والصواريخ، كما بدأت تل أبيب عمليتها البرية لإنشاء منطقة عازلة خارج خط وقف إطلاق النار لعام 1974 في الجولان، وأعتقد أن هذه العمليات تزيد من احتمالية التصعيد، خاصة إذا استمرت إسرائيل في تحدي تركيا عبر التوسع في الأراضي السورية.

في ظل هذه التوترات، وردت تقارير تفيد بأن أذربيجان تحاول لعب دور الوسيط لمنع التصادم بين إسرائيل وتركيا في سوريا، وبالتوازي، تحدثت بعض المصادر عن وساطة أميركية غير معلنة بين أنقرة وتل أبيب بهدف احتواء الأزمة ومنع أي تصعيد عسكري، لكن في رأيي، فإن نجاح هذه الجهود يعتمد على مدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات حقيقية، وهو أمر غير مضمون حتى الآن.

في تقديري، تبدو احتمالية الصدام التركي الإسرائيلي في سوريا أكثر واقعية من الناحية النظرية، أما من الناحية العملية فالأمر مستبعد، لأن الصدام المباشر بين تركيا وإسرائيل سيحرج الإدارة الأميركية الجديدة التي تعتمد على هاتين الدولتين في الشرق الأوسط، والتصادم سيكون محرجاً لحلف الناتو أيضاً، لذلك أعتقد أن قرار التصادم المباشر هو أمر معقد وخطير ولا تستطيع الولايات المتحدة ولا الغرب تحمل نتائجه السلبية الإقليمية والدولية أيضاً.

تلفزيون سوريا

———————

أردوغان يبحث مع بوتين دمج “قسد” في الحكومة السورية

أجرى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، محادثة هاتفية مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تناولا فيها مستقبل سوريا، وسبل التعاون بين البلدين بشأن القضية السورية.

وأكد أردوغان اليوم، الجمعة 28 من آذار، أن تركيا تولي أهمية للتعاون مع روسيا بشأن القضية السورية، وأنه من المهم لتركيا وروسيا العمل معًا لضمان تحقيق السلام والاستقرار الدائمين في سوريا على أساس وحدة أراضيها، وفق “الرئاسة التركية“.

وأضاف أردوغان أن أنقرة تدعم دمج ما يسمى “قوات سوريا الديمقراطية” داخل الإدارة المركزية السورية، وأن من الأهمية الحيوية لاستقرار سوريا ألا تصبح بعد الآن منطقة مناسبة للمنظمات الإرهابية.

وأشار الرئيس التركي إلى أن تركيا وروسيا يمكنهما العمل معًا للقضاء على الجهود الرامية إلى تعطيل وحدة سوريا وتأجيج التمييز العرقي والطائفي، ورفع العقوبات عن سوريا بشكل كامل.

وشدد على أن موارد سوريا يجب أن تُترك للإدارة السورية.

وبحسب تصريحات أنقرة، فإن المحادثة جرت بمبادرة من تركيا، في حين لم يعلق الكرملين على المحادثة حتى الآن.

كانت الرئاسة السورية توصلت، في 10 من آذار الحالي، إلى اتفاق يفضي إلى دمج “قوات سوريا الديمقراطية” في المؤسسات المدنية والعسكرية للدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية وحقول النفط والغاز.

وقال مسؤول عسكري في “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، الأربعاء 12 من آذار، إن ثماني لجان تبحث كامل القضايا المتعلقة باتفاق دمج “قسد” في مؤسسات الدولة السورية.

وقال الناطق الرسمي باسم “قوات الشمال الديمقراطي” التابعة لـ”قسد”، محمود حبيب، لقناة “المملكة” الأردنية، إن اللجان ستبحث كل القضايا الأمنية والعسكرية والإدارية والحكومية، مشيرًا إلى أنها ستصل إلى “نهاية تسعد الجميع. ولا يجب أن يكون في سوريا غالب ومغلوب”.

وأوضح حبيب أن “قوات الشمال الديمقراطي” ستكون جزءًا من وزارة الدفاع السورية، وأن هذه القوات تسيطر على قرابة ثلث الأراضي السورية وبها معتقلات لأفراد من تنظيم “الدولة” ومخيمات عوائل التنظيم.

سبق أن طالب وزير الخارجية التركية، هاكان فيدان، “وحدات حماية الشعب” بترك سلاحها فورًا، واندماج بقية مكونات “قسد” في وزارة الدفاع السورية، وهو مطلب لا يزال قائمًا حتى بعد اتفاق عبدي- الشرع، وإبداء تركيا تأييدها للاتفاق.

وفي 15 من آذار، دعا الوزير، وفق ما نقلته وكالة “الأناضول” التركية، إلى استبعاد جميع “العناصر المسلحة المتورطة في أنشطة إرهابية من المعادلة في سوريا”.

في المقابل، تواصل “قسد” نهجها المعادي إلى تركيا، وقالت في بيان، الخميس 27 من آذار، إن الجيش التركي لا يزال يُصعّد من هجماته على مناطق شمال وشرق سوريا، إلى جانب محاولاته في التوسع وبناء قواعد عسكرية جديدة على الأراضي السورية.

وقالت “قسد” إنه في مناطق جنوب وشرق مدينة منبج، وفي محيط كوباني، ينقل الجيش التركي ليلًا وبشكل سري آليات ومستلزمات عسكرية لبناء قواعد جديدة في تلة قره قوزاق، وكذلك على الضفة الغربية لنهر الفرات وقرية “حسن آغا” جنوب شرق مدينة منبج.

ومن خلال التصريحات التركية، على مر السنوات الماضية، تحاكم أنقرة “قسد” على أنها “وحدات حماية الشعب” فقط، وهي الجناح العسكري لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي” الكردي، بينما تتجاهل الحكومة التركية بقية المكونات العسكرية في الفصيل المتمركز شمال شرقي سوريا.

وتضم “قسد” فصائل العسكرية التي كانت تنتمي لـ”الجيش السوري الحر” سابقًا، إلى جانب عدد من المجالس العسكرية في “المقاطعات”، وفق التقسيمة الإدارية في المنطقة، لكن تبقى “وحدات حماية الشعب” عمادها الرئيس.

——————————-

وحدات الحماية”.. نقاط خلافية بين دمشق و”قسد”/ خالد الجرعتلي

تحديث 29 أذار 2025

منذ الاتفاق الذي جمع قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، ورئيس الحكومة السورية المؤقتة، أحمد الشرع، صارت اللحظة التي سيُعلن فيها عن التوصل لاتفاق يدمج “قسد” بوزارة الدفاع السورية، من اللحظات المنتظرة على الساحة السياسية السورية.

وفي وقت اتفق فيه الطرفان، في 10 من آذار الحالي، على دمج المؤسسات العسكرية بـ”قسد”، والمدنية (الإدارة الذاتية) بالوزارات السورية، لا تزال تركيا معترضة على وجود بعض الفصائل المدرجة على “لوائح الإرهاب” في “قسد”، وتطالب بحلّها.

وسبق أن طالب وزير الخارجية التركية، هاكان فيدان، “وحدات حماية الشعب” بترك سلاحها فورًا، واندماج بقية مكونات “قسد” في وزارة الدفاع السورية، وهو مطلب لا يزال قائمًا حتى بعد اتفاق عبدي- الشرع، وإبداء تركيا تأييدها للاتفاق.

وفي 15 من آذار الحالي، دعا فيدان، وفق ما نقلته وكالة “الأناضول” التركية، إلى استبعاد جميع “العناصر المسلحة المتورطة في أنشطة إرهابية من المعادلة في سوريا”.

ومن خلال التصريحات التركية، على مر السنوات الماضية، تحاكم أنقرة “قسد” على أنها “وحدات حماية الشعب” فقط، وهي الجناح العسكري لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي” الكردي، بينما تتجاهل الحكومة التركية بقية المكونات العسكرية في الفصيل المتمركز شمال شرقي سوريا.

وتضم “قسد” فصائل العسكرية التي كانت تنتمي لـ”الجيش السوري الحر” سابقًا، إلى جانب عدد من المجالس العسكرية في “المقاطعات”، وفق التقسيمة الإدارية في المنطقة، لكن تبقى “وحدات حماية الشعب” عمادها الرئيس.

“قسد” و”مسد” و”الإدارة الذاتية”

تسيطر “قسد” على ما يقرب من 25% من مساحة سوريا، وهي المنطقة الغنية بثروات الطاقة والزراعة، وتنقسم آلية السيطرة إلى ثلاثة صعد، الأول عسكري ويتمثل بـ”قوات سوريا الديمقراطية” التي تأسست عام 2015، وتشكل “وحدات حماية الشعب” حجر الأساس فيها، إلى جانب فصائل أخرى.

وعلى الصعيد الإداري والخدمي، تعتبر “الإدارة الذاتية” بمثابة الحكومة في المنطقة، وينبثق عنها هيئات تحل محل الوزارات في الحكومات الاعتيادية، وتشكل حتى القطاع السيادي من أي حكومة، مثل “هيئة الدفاع” و”هيئة العلاقات الخارجية“، و”هيئة الداخلية“.

ويوجد كيان ثالث في المنطقة يشمل مظلة سياسية لكل من “قسد” و”الإدارة الذاتية”، وهو “مجلس سوريا الديمقراطية” الذي يشار له اختصارًا بـ”مسد”.

ويعرّف “مسد” نفسه عبر موقعه الرسمي بأنه “إطار وطني ديمقراطي سوري يتكون من القوى الاجتماعية والسياسية والأفراد المستقلين الذين يصادقون على وثائقه”.

وأضاف، “يُعدّ مجلس سوريا الديمقراطية المظلة السياسية والجامع للإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا وقوات سوريا الديمقراطية، وهو القوة الدافعة لأي عملية تفاوضية، انطلاقًا من قناعته بأن خيار الحل السياسي عبر المفاوضات هو السبيل الوحيد لإنقاذ البلاد”.

“وحدات حماية الشعب”.. نقطة إشكالية

شكّلت العسكرة في شمال شرقي سوريا نقاط إشكالية بالنسبة للحكومة السورية الجديدة، خصوصًا في إطار علاقتها مع تركيا التي لا تزال تطالب بحل “وحدات حماية الشعب” وهي أكبر كيانات “قسد”، في وقت لم تعترض فيه على بقاء بقية تيارات “قسد” العسكرية ضمن وزارة الدفاع السورية.

وتتكون “قسد” من كتلتين عسكريتين رئيسيتين هما “وحدات حماية الشعب” (YPG) و”وحدات حماية المرأة” (YPJ)، وهما فصيلان عسكريان كرديان ظهرا مع بداية ظهور الفصائل العسكرية بمختلف توجهاتها في سوريا عقب عام 2012.

“الوحدات” تشكّل العمود الفقري لـ”قسد”، وهي النقطة الإشكالية في اندماج “قسد” بوزارة الدفاع السورية، إذ تعتبر المهيمنة على القرار العسكري في الفصيل، كما يشكل قادتها حجر الأساس في مراكز صنع القرار بـ”قسد”.

أنشئت “الوحدات” عام 2004، وتقول في موقعها الرسمي، إنها “الجيش الرسمي لاتحاد روج آفا- شمال سوريا”.

“الوحدات” قالت في فقرة “من نحن” بموقعها الإلكتروني، إنها أُنشأت بعد “هجمات نظام البعث السوري عام 2004” في إشارة إلى قمع نظام “البعث” للانتفاضة الكردية حينها.

وبدأت “الوحدات” بمجموعات صغيرة بتنظيم ضيق يهدف لحماية مناطق انتشار الكرد من الهجمات.

وبعد نجاحها في تنظيم نفسها في جميع مدن شمال شرقي سوريا، واكتسابها خبرة قتالية، تأسست “وحدات حماية الشعب” رسميًا عام 2011، وفق موقع “الوحدات” الرسمي.

وتنشط “الوحدات” حاليًا في عفرين، وعين العرب/ كوباني، والحسكة، وحي الشيخ مقصود بحلب.

وتنسب “الوحدات” لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي” كجناح عسكري، رغم أنها تقدم نفسها على أنها تيار عسكري منفصل لا ينتمي لأي حزب سياسي.

وفي حديث سابق لعنب بلدي، أرجع الباحث في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، أسامة شيخ علي، استمرار المعارك شرقي حلب رغم وجود اتفاق يقضي بالتهدئة، إلى أن مناطق شرق نهر الفرات هي مناطق نفوذ الولايات المتحدة، بينما يعتبر غربها خارج هذا النفوذ، وتعتبر المنطقة تحت سيطرة “وحدات حماية الشعب” المدرجة على لوائح “الإرهاب” في أنقرة.

وأضاف أن هذا الانتشار على جانبي الفرات تحاول تركيا إفراغه من “الوحدات”.

واعتبر الباحث حينها أن حالة عدم اليقين تلعب دورًا باستمرار المعارك، إذ لا يوجد تصديق كامل على أن “قسد” ستنخرط في اتفاق نهائي، وهو ما يمكن اعتباره حالة “اللاسلم ولا حرب”.

“وحدات حماية المرأة”.. فصيل عقائدي

ينطبق الموقف التركي، وموقف الإدارة السورية الجديدة، من “وحدات حماية الشعب” على “وحدات حماية المرأة أيضًا، إذ يُنظر لـ”وحدات المرأة” على أنها انبثقت عن “وحدات الشعب”.

وتقول “وحدات حماية المرأة” في موقعها الرسمي، إنها تأسست من أجل “تحقيق التغيير المطلوب في النسيج الاجتماعي بمنطقة روج- آفا شمال سوريا، لدى اندلاع شرارة الثورة فيها”.

وتضيف أن تأسيسها جاء لأهداف وغايات متعددة منها “الدفاع عن الحقوق الوطنية، وحقوق المرأة، وكذلك تحقيق العدالة الأجتماعية بين كافة مكونات المنطقة”.

وتعتبر “وحدات المرأة” أن “الإدارة الذاتية” هي مرجعيتها السياسية، وتنضم كل عضو في الفصيل على أساس طوعي، “بهدف حماية المصالح الوطنية وتوعيّة المرأة وكسر قيود العبودية والتخلف المفروض عليها والوقوف بوجه كل حالات الاغتصاب الجنسي، الثقافي والأخلاقي الذي يُمارَس بحقها في غرب كردستان وسوريا”.

وشاركت “وحدات حماية المرأة” في معظم العمليات العسكرية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى جانب الحملات الأمنية والعسكرية في عموم شمال شرقي سوريا، والمعارك التي خاضتها “قسد” ضد تركيا في شمالي سوريا.

وظهرت عضو القيادة العامة لـ”وحدات حماية المرأة”، روهلات عفرين، ضمن أحدث اجتماع بين “قسد” وإدارة دمشق، إلى جانب مظلوم عبدي، وعلى الجانب الآخر حضر رئيس اللجنة من جانب الحكومة السورية، حسين سلامة، وهو محافظ دير الزور السابق.

المجالس العسكرية

وفق دراسة لـ”مركز عمران للدراسات الاستراتيجية” نشرت عام 2017، تدار “قسد” عبر هيكلية تنظيمية محكمة يقودها المجلس العسكري، الذي يعد السلطة العسكرية الأعلى ضمن القوات.

يضم المجلس ممثلين عن كافة الفصائل والتشكيلات العسكرية، ويتولى اتخاذ القرارات الاستراتيجية بشأن الحرب والسلم انتخاب القائد العام، وتحديد أهداف القوات وفقًا للظروف الميدانية.

ووفق النظام الداخلي لـ”قسد” الذي وفرته عبر موقعها الرسمي، تتألف القيادة العامة فيها من القائد العام ومساعديه وممثلين عن المكونات الأساسية وهي “وحدات حماية الشعب، وحدات حماية المرأة، المجلس العسكري السرياني، قوات الصناديد، جيش الثوار، لواء الشمال الديمقراطي، وجبهة الأكراد”.

إضافة إلى ممثلين اثنين عن المجالس العسكرية الأخرى يعينون خلال الاجتماع السنوي للمجالس العسكرية.

ويرتبط بالقيادة العامة أيضًا المكتب االستشاري الذي ينسق علاقاته مع مؤسسات “الإدارة الذاتية”، والتنظيمات السياسية والاجتماعية، وكذلك يربط به مركز التنسيق والعمليات العسكرية الذي ينسق العمل مع القوات الصديقة (التحالف الدولي).

وتضم “قسد” أيضًا في الترتيبات السياسية التي تشغل حيزًا أبد عن مركز القيادة، مجالس عسكرية ذات طابع مناطقي أخرى مثل “مجلس دير الزور العسكري”، “مجلس منبج”، و”مجلس الرقة”، وتتركز مهام هذه المجالس على حماية مناطقها فقط.

وفي حديث سابق لعنب بلدي قال الباحث المتخصص في شؤون شمال شرقي سوريا، سامر الأحمد، إن السيطرة الفعلية على القرارات العسكرية والأمنية داخل “قسد” تعود لقيادات من “حزب العمال الكردستاني” (PKK)، الذين يشغلون مناصب حساسة في جهاز الاستخبارات، وقوات “HAT” (القوات الخاصة)، و”وحدات حماية الشعب”.

وأضاف أن هؤلاء القادة غالبًا ليسوا سوريين، بل ينتمون إلى جنسيات أخرى مثل التركية أو الإيرانية.

أيضًا ذكر مدير مركز “رامان للدراسات”، بدر مُلا رشيد، أن “قسد” اعتمدت بعد انتهاء معاركها الرئيسية ضد تنظيم “الدولة” في عام 2019 سياسة توزيع مقاتليها على مجموعات صغيرة، بدلًا من التحرك ضمن تشكيلات كبيرة.

وأوضح أن هذه السياسة ليست جديدة، بل تستخدم منذ فترة طويلة، حيث تقوم القوات بنشر هذه المجموعات الصغيرة على مساحات واسعة، وتمكينها من السيطرة على الجبهات العسكرية، وفق ما قاله سابقًا لعنب بلدي.

“الوحدات”.. نقاط خلافية

لا يمثّل وجود “وحدات حماية الشعب” و”وحدات حماية المرأة” نقاطًا إشكالية بالنسبة لأنقرة فحسب، إنما يعتبر مشكلة تحتاج حل من وجهة نظر دمشق، وهي مشكلة لم تصل الأطراف لاتفاق حولها، وفق ما يراه الباحث المتخصص في شؤون شمال شرقي سوريا في مركز “جسور للدراسات” أنس شواخ.

شواخ قال لعنب بلدي إنه من الصعب الوصول لاتفاق ينهي وجود “الوحدات” في “قسد” قبل اندماجها بوزارة الدفاع السورية، خصوصًا أنها تشكل عمودًا فقريًا لـ”قسد”، ويمكن النظر لـ”قسد” في الجانب العملي على أنها عبارة عن “الوحدات”.

وأضاف أن حضور القيادية في “وحدات حماية المرأة”، روهلات عفرين، لاجتماع “قسد”- دمشق، مؤخرًا، يوحي بعدم استعداد قيادتها للتفاوض على وجود “الوحدات” العسكري.

ولفت الباحث إلى أن “قسد” تحاول الإبقاء على نفسها، بقوامهما العسكري المكون من “الوحدات”، ككتلة عسكرية ضمن وزارة الدفاع، لكن هذه المحاولات ستصطدم برؤية دمشق، وممانعة من تركيا بطبيعة الحال.

عنب بلدي

————————————-

مصير أردوغان في يد الأكراد والإدارة السورية في يده… عن تركيا والحليف العربي/ موسى جرادات

السبت 29 مارس 2025

أحدث اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، صدعاً في المؤسسة التركية الحاكمة. فهذا الاعتقال والخلفية التي شرعنته، أثبتا بوضوح أنّ التجربة الديمقراطية في تركيا، لا تزال هشّةً وتسودها علامات استفهام كثيرة.

الاعتقال والتهم المنسوبة إلى أوغلو، جاءا في سياق أشمل وأكبر وأعمّ مما نُسب إلى هذا الرجل، حيث برز رأيان في الداخل التركي؛ الأوّل يقول إنّ هذه الاعتقالات جاءت على خلفية سياسية، مردّها إلى أنّ الرجل هو المرشح الرئيس للمعارضة التركية للانتخابات الرئاسية القادمة التي ستُجرى في العام 2028، وأن تبكير السلطة في هذا الإجراء، هو لضمان التخلّص من تبعات وجود معارضة فاعلة، وقادرة على هزيمة حزب “العدالة والتنمية”.

فيما ذهب رأي آخر إلى القول إنّ الإجراء قضائي، وليس للسلطات الحاكمة دور في هذه الحادثة.

هل تفقد تركيا “ديمقراطيتها”؟

بغضّ النظر عن مدى وجود مقاربة فعلية لحادثة الاعتقال، إلا أنّ هناك حديثاً دائماً من قبل المعارضة، عن تغوّل السلطات التركية وإحكامها السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها، وتالياً فإنّ المؤسسة القضائية التركية، تخضع بشكل فعليّ للسلطات الحاكمة، ولها مسار واضح في التدخّل فيها، منذ حادثة الانقلاب التي وقعت في تركيا صيف 2016، حيث ضاقت حدود التجربة الديمقراطية إلى أبعد حد.

تقول الباحثة في علم الاجتماع السياسي والمتخصصة في الشأن التركي والإقليمي الدكتورة هدى رزق، في حديثها إلى رصيف22: “الاعتقالات الأخيرة جاءت وفق ظروف ومناخات داخلية وخارجية، الأولى تتعلّق بالحلول التي تعدّها الدولة للمسألة الكردية، والثانية بالاستعدادات المبكرة للانتخابات الرئاسية”. فكما هو معلوم، مصير التجربة الديمقراطية التركية بزعامة حزب “العدالة والتنمية”، ذي الميول الإسلامية، على المحكّ، خاصةً أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، استنفد فترتَين رئاسيتَين.

وتشير رزق، إلى “وجود مسعى للسلطات الحاكمة إلى تغيير الدستور للسماح للرئيس بولاية ثالثة، وهذا التغيير بحاجة إلى النوّاب الكرد في البرلمان، وربما محاولة إمام أوغلو، تعطيل التقارب والاتفاق بين السلطة والأكراد، هي السبب الفعلي وراء اعتقاله”.

تستبعد رزق، أن تكون هناك تأثيرات مباشرة للحدث التركي على العالم العربي، ولا سيّما أنّ السلطة في تركيا “لديها تصوّراتها الخارجية التي تحظى بالدعم الأمريكي والأوروبي في ما يتعلّق بالملف السوري”.

سوريا في مركز الحدث التركي

ويرى الصحافي والإعلامي السوري أنيس المهنا، المقيم في دمشق، في تصريح لرصيف22، أنّ العلاقات التركية العربية “مركزها اليوم في سوريا، خاصةً أنّ تركيا هي الراعي الأول لتجربة الحكم الجديد فيها”.

لكنه يشير إلى تخوّفات محددة من الحدث التركي، تتعلق بـ”انعكاس ما يحدث في تركيا على الصعيد السوري، حيث يمكن للتجربة الجديدة في دمشق أن تستفرد بالحكم، مستفيدةً من مسار التجربة التركية”.

وتشير رزق، إلى أنّ “الدول العربية التي تتفق مع تركيا أو تختلف، لا توجد فيها حكومات ديمقراطية، والمسألة المهمة في هذا السياق، هي رأي الشارع العربي في تجربة الحكم في تركيا”. وقد مرّ هذا الرأي بمحطات تاريخية متعددة بحسب قولها. تقول: “الترقّب في أول التجربة، والإعجاب ثانياً بمنجزاتها، والحذر منها في المحطة الثالثة، خاصةً بعد فشل انقلاب 2016، وما تلاه من تراجع ونكوص في مسار التجربة الديمقراطية، إذ لم تعد هذه التجربة المثال الحيّ والفعلي للشارع العربي”.

ويلفت مهنا، إلى “وجود دولة حقيقية في تركيا، مكتملة المعالم والمؤسسات، الأمر الذي نفتقده في سوريا والكثير من البلاد العربية، لهذا من الصعب علينا فهم المسار السياسي التركي والصراع بين حزب السلطة والمعارضة، داخل فضاء الدولة ومؤسساتها، فكثرٌ منّا عندما يشاهدون المظاهرات في أغلب المدن التركية، يتبادر إلى أذهانهم مباشرةً أنّ النظام التركي في خطر، وأنّ تركيا ذاهبة إلى العنف، لكن عندما ننظر إلى المسألة من زاوية أخرى، نجد أنّ الصراع السياسي التركي الداخلي مرتبط بالتجربة التركية، ولا يمكن تعميمه”.

هل ينقذ الأكراد أردوغان؟ 

الصحافي والكاتب السوري الكردي المقيم في ألمانيا، شيروان إبراهيم، يشير إلى وجود تداخل فعلي وحقيقي في ما يجري على الساحة التركية من أحداث، على صعيد الملف السوري عموماً، والكردي على وجه الخصوص. يقول لرصيف22: “الأحداث الكبرى في تركيا تؤثر بشكل مباشر على شكل علاقتها وتعاملها مع سوريا عموماً، والملف الكردي خصوصاً، بسبب الارتباط الحيوي والمعقّد في ملفات كثيرة لها امتداد في البلدين. فالتظاهرات الحالية ليست عاديةً بل هي حدث كبير له تأثير مباشر على الوضع الكردي في تركيا بالدرجة الأولى، وهذا الأمر قد يتطوّر إلى سباق بين السلطة والمعارضة لكسب كل منهما الشارع الكردي إلى جانبه، باعتبار أنّ التظاهرات حتى الآن تتركّز في مدن ثقل حزب الشعب الجمهوري بالدرجة الأولى، وليس في عموم تركيا”.

ويلفت إبراهيم، إلى أنّ “أردوغان حسب حسابه بشكل محكم قبل الإقدام على خطوة إزاحة إمام أوغلو، ومقرّبيه، من طريقه قبل الانتخابات الرئاسية القادمة، إلا في حالة واحدة، وهي خروج التظاهرات عن سيطرة الجميع. حتى الآن الاحتمال ليس كبيراً، ولأنّ غاية خطوات أردوغان الداخلية تصبّ في تمديد رئاسته، فهذا يعني أنه بحاجة إلى كسب كردي، وهو ما فعله كثيراً في جولات مفصلية سابقة منذ مجيئه إلى سدّة الحكم قبل 24 عاماً، وحتى الآن”.

يضيف: “بسبب ارتباط نقاط كثيرة وأساسية حالياً بين الوضع السياسي الكردي في تركيا وسوريا، فإنّ مفتاح محاولة أردوغان -إن حدثت- لكسب الشارع الكردي في تركيا، أو على الأقلّ لضمان عدم انضمامه إلى تحرّكات المعارضة، يكمن في تقديم بعض التنازلات للأكراد في سوريا أيضاً، والحصول على ضمانات من الشارع الكردي لكسبه في مسألة تمديد رئاسته، فبيضة القبّان في هذا الحسم الشارع الكردي في تركيا، لكن ما زال غير واضح ما إذا كانت هناك تغييرات إزاء هذا الملف”.

ويرى أنّ المخاض والصراع السياسيين اللذين يحدثان في تركيا سيصبّان في مصلحة الحالة الكردية؛ سواء في تركيا، أو في سوريا، فـ”أردوغان العاشق للحكم، سيفعل كل شيء للحفاظ عليه، وهو يدرك تماماً أنّ أحد شروط البقاء في الحكم مرتبط بإرضاء الأكراد”.

مصير التحالفات وتقسيم النفوذ

وحتى تنتهي هذه الجولة من الصراع السياسي الداخلي، يبقى المشهد السياسي التركي عموماً، أسير جملة من العوامل الداخلية والخارجية، فيما يبدو أنّ المعارضة التركية هي الحلقة الأضعف في هذا الصراع حتى الآن، في ظلّ توافق دولي إقليمي على أدوار كبرى لحكومة “العدالة والتنمية”، في ملفات إقليمية. فمن سيلتفت إلى هذا الصراع الداخلي، إذا كانت الحكومة التركية قد أعدّت نفسها سلفاً للعب أدوار تتقاسم فيها النفوذ مع الدول الكبرى؟

ومع هذا، فإنّ تجربة حزب “العدالة والتنمية” في الحكم، بعد أكثر من ربع قرن، مرشّحة هي الأخرى إلى خاتمة واضحة، خاصةً أنّ هذه التجربة استنفدت مراحلها، وقد تركت بصمةً واضحةً في حياة الدولة التركية ومجتمعها، وذلك من خلال نهضة تركيا الداخلية، وتحالفاتها الإقليمية، خاصةً مع قطر وسوريا وليبيا والصومال، وصولاً إلى الإمساك ببعض خيوط الملف الفلسطيني.

إنما، ومع أيّ تحوّل في السلطة لصالح المعارضة في تركيا، فإنّ تلك التحالفات ستعاد صياغتها من جديد، فرؤية حزب الشعب الجمهوري العلماني، مختلفة عن رؤية العدالة والتنمية ذي الميول الإسلامية، مع أنّ الدولة العميقة في تركيا تبقى الحارس للمصالح العليا للدولة، وتستثمر في التوجّه الإسلامي والعلماني على حدّ سواء، طالما أنّ المصالح القومية تبقى نافذةً.

علاقة تركيا بالعالم العربي، وبالتحديد بالدول المتحالفة معها، هي علاقة مصلحة تفرضها الظروف المرحلية، وقد فتحت لتركيا بوابة الدخول إلى العالم العربي وامتلاك نفوذ فيه، بعد أن عجزت عن الدخول من بوابة الاتحاد الأوروبي. فمع أردوغان، نما النفوذ التركي، ومعه سيبقى، فيما غيابه عن المشهد السياسي سيعزز العلاقات التركية العربية وفق قواعد جديدة تقوم على الاحترام المتبادل بين تلك الدول. لكن هذا الغياب سيقوّض بالتأكيد التجربة السورية السلطوية الجديدة، بحرمانها من الرعاية التركية المهيمنة.

رصيف 22

——————————-

===================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى