تشكيل الحكومة السورية الجديدةسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

الحكومة السورية الانتقالية: المهام، السير الذاتية للوزراء، مقالات وتحليلات تحديث 31 أذار 2025

لمتابعة مكونات الملف اتبع الرابط التالي

تشكيل الحكومة السورية الجديدة

—————————

الشرع يعلن تشكيلة الحكومة السورية الجديدة

قال الرئيس السوري أحمد الشرع إن الإعلان عن تشكيلة الحكومة السورية الجديدة هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة.

وأضاف الشرع -في كلمة خلال مراسم الإعلان عن الحكومة الجديدة في قصر الشعب بدمشق- مساء اليوم السبت أن سوريا تواجه تحديات كبيرة تتطلب التلاحم والوحدة.

وأكد الرئيس السوري أن أولوية الحكومة الجديدة هي محاربة الفساد، وقال “لن نسمح للفساد بالتسلل إلى مؤسساتنا”.

وأضاف أن هذه الحكومة ستسعى لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس المساءلة والشفافية، كما أنها ستسعى إلى فتح آفاق جديدة في التعليم والصحة.

ولفت إلى أن “خطتنا للمستقبل ستعتمد على محاور من بينها الحفاظ على الموارد البشرية وتنميتها”، وأكد أنه سيتم السعي لاستقطاب الموارد البشرية السورية من بلاد المهجر لتسريع التنمية.

كما أكد أن الحكومة الجديدة ستسعى لتأهيل الصناعة والعمل على حماية المنتج الوطني، وكذلك لإنشاء بيئة مشجعة للاستثمار في كل القطاعات.

وأشار إلى أن الحكومة المقبلة تسعى لإصلاح حالة النقد وتقوية العملة السورية ومنع التلاعب بها، وأيضا التركيز على حماية المواطنين وتعزيز الاستقرار.

ولفت الشرع إلى أنه تم إنشاء وزارة مختصة بالرياضة والشباب إيمانا بأهمية دور الشباب، كما تم إنشاء وزارة الطوارئ والكوارث لمواجهة أي تحديات وضمان الاستجابة لأي حادث.

وأكد الرئيس السوري على أولوية الحكومة بالعمل على بناء جيش وطني يحافظ على أمن سوريا.

تشكيلة الحكومة

وبعد كلمة الشرع تناوب أعضاء الحكومة الجديدة على إلقاء الكلمات وأداء القسم أمام رئيس الجمهورية وهم التالية أسماؤهم.

1- أسعد الشيباني وزيرا للخارجية

2- مرهف أبو قصرة وزيرا للدفاع

3- أنس خطاب وزيرا للداخلية

4-مظهر الويس وزيرا للعدل

5- محمد أبو الخير شكري وزيرا للأوقاف

6- مروان الحلبي وزيرا للتعليم العالي

7- هند قبوات وزيرة للشؤون الاجتماعية والعمل

8- محمد البشير وزيرا للطاقة

9- محمد يسر برنية وزيرا للمالية

10- نضال الشعار وزيرا للاقتصاد

11- مصعب نزال العلي وزيرا للصحة

12- محمد عنجراني وزيرا للإدارة المحلية

13- رائد الصالح وزيرا للطوارئ والكوارث

14- عبد السلام هيكل وزيرا للاتصالات وتقنية المعلومات

15- أمجد بدر وزيرا للزراعة

16- محمد عبد الرحمن تركو وزيرا للتربية والتعليم

17- مصطفى عبد الرزاق وزيرا للأشغال العامة والإسكان

18- محمد صالح وزيرا للثقافة

19- محمد سامح حامض وزيرا للرياضة والشباب

20- مازن الصالحاني وزيرا للسياحة

21- محمد اسكاف وزير للتنمية الإدارية

22- يعرب بدر وزيرا للنقل

23- حمزة مصطفى وزيرا للإعلام

المصدر : الجزيرة + وكالات

—————————–

كلمة رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع خلال مراسم الإعلان عن تشكيل الحكومة السورية

ألقى الرئيس السوري أحمد الشرع، السبت، كلمة الإعلان عن تشكيلة الحكومة السورية الجديدة في قصر الشعب بدمشق.

أعلن الرئيس الشرع، تشكيل حكومة جديدة أكد أنها لن تسمح للفساد بالتسلل إليها وقال: “في لحظة فارقة من تاريخ أمتنا تتطلب مننا التلاحم والوحدة أقف أمامكم اليوم متوجها إلى كل فرد منكم حاملا آمال كل واحد منكم ونحن نشهد ميلاد مرحلة جديدة”.

وأضاف: “نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة”.

وتابع: “هذه الحكومة ستسعى إلى فتح آفاق جديدة في التعليم والصحة، ولن نسمح للفساد بالتسلل إلى مؤسساتنا”.

ومضى قائلا: “أعدكم أن أكون معكم خطوة بخطوة لبناء المستقبل، وسنسعى جاهدين لبناء مؤسسات الدولة على أساس من الشفافية والمساءلة”.

ولفت إلى أن الخطة لمستقبل البلاد “ستعتمد على محاور، من بينها الحفاظ على الموارد البشرية وتنميتها، واستقطاب الموارد البشرية السورية من بلاد المهجر”.

وأضاف: “سنصلح قطاع الطاقة للحفاظ على الاستدامة وتوفير الكهرباء على مدار الساعة، وسنعمل على رعاية المزارعين بما يؤمن الإنتاج للحفاظ على الأمن الغذائي”.

وأردف: “سنسعى لتأهيل الصناعة، وسنعمل على حماية المنتج الوطني، وإنشاء بيئة مشجعة للاستثمار في كل القطاعات، وإصلاح حالة النقد وتقوية العملة السورية ومنع التلاعب بها”.

وكشف الشرع عن إنشاء وزارة مختصة بالرياضة والشباب، لافتا إلى أن ذلك يأتي “إيماناً منّا بأهمية دور الشباب”.

وأكد أنه “خلال هذه المرحلة العصيبة، ستكون الجهود مضاعفة لمواجهة كل حدث يتعرض له شعبنا”.

واستدرك: “لذلك أنشأنا وزارة الطوارئ والكوارث لمواجهة أي تحديات أو كوارث قد تواجه الوطن، وسنعمل على بناء نظام استجابة سريع وفعال لأي حالة طارئة، سواء كانت طبيعية أو إنسانية، لضمان حماية المواطنين وتوفير الإغاثة الفورية”.

وزاد: “سنولي اهتماما كبيرا لمواكبة التطور التكنولوجي وبرامج الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، وسنبدأ ببناء البنية التحتية اللازمة لذلك من تأهيل الكوادر واستقطاب الخبرات، ومراكز البحث والسوق المشجع لتحقيق هذا الهدف”.

كما أكد العمل لـ”بناء جيش وطني مهني، يضحي بالغالي والنفيس لأجل سيادة سوريا وسلامتها”.

كذلك، لفت إلى أن الحكومة الجديدة ستعمل على “الحفاظ على استقرار العلاقات الخارجية مما يؤمن المصالح المستدامة لسوريا وأصدقائها”.

ووصف الحكومة الجديدة بأنها “حكومة التغيير والبناء”، مشددا على أنها “تحمل على عاتقها تطلعات الشعب وآماله في مستقبل مشرق ومستدام”.

وفيما يأتي أبرز النقاط التي تطرق إليها الرئيس الشرع:

    الرئيس السوري أحمد الشرع: نحن أمام مرحلة جديدة تتطلب منا الوحدة والإرادة القوية

    الرئيس السوري أحمد الشرع: تشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة

    الرئيس السوري أحمد الشرع: هذه الحكومة ستسعى لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس المساءلة والشفافية

    الرئيس السوري أحمد الشرع: هذه الحكومة ستسعى إلى فتح آفاق جديدة في التعليم والصحة

    الرئيس السوري أحمد الشرع: لن نسمح للفساد بالتسلل إلى مؤسساتنا

    الرئيس السوري أحمد الشرع: خطتنا للمستقبل ستعتمد على محاور من بينها الحفاظ على الموارد البشرية وتنميتها

    الرئيس السوري أحمد الشرع: سنسعى لاستقطاب الموارد البشرية السورية من بلاد المهجر لتسريع التنمية

    الرئيس السوري أحمد الشرع: سنسعى لتأهيل الصناعة وسنعمل على حماية المنتج الوطني

    الرئيس السوري أحمد الشرع: سنسعى لإنشاء بيئة مشجعة للاستثمار في كل القطاعات

    الرئيس السوري أحمد الشرع: سنسعى لإصلاح حالة النقد وتقوية العملة السورية ومنع التلاعب بها

    الرئيس السوري أحمد الشرع: سنركز على حماية المواطنين وتعزيز الاستقرار

    الرئيس السوري أحمد الشرع: أنشأنا وزارة مختصة بالرياضة والشباب إيمانا منا بأهمية دور الشباب

    الرئيس السوري أحمد الشرع: أنشأنا وزارة الطوارئ والكوارث لمواجهة أي تحديات وضمان الاستجابة لأي حادث

    الرئيس السوري أحمد الشرع: نعمل على بناء جيش وطني يحافظ على أمننا

    الرئيس السوري أحمد الشرع: بدأنا مسيرتنا في مرحلة صعبة لكن لدينا الإرادة لتجاوز كل العقبات

——————————–

تعرّف إلى السير الذاتية لوزراء أول حكومة سورية بعد سقوط نظام الأسد

2025.03.30

في لحظة مفصلية من تاريخ سوريا الحديث، أُعلنت تشكيلة الحكومة السورية الجديدة، وسط آمال بقدرتها على قيادة البلاد نحو مرحلة أكثر استقراراً وفاعلية. وقد جاءت التشكيلة الجديدة متنوّعة من حيث الخلفيات العلمية والمهنية، وضمّت شخصيات بارزة من مشارب سياسية وأكاديمية ومجتمعية مختلفة.

يتكوّن الفريق الوزاري الجديد من وزراء يحملون شهادات عليا من جامعات محلية وعالمية، وخبرات متراكمة في قطاعات حيوية. ويستعرض هذا التقرير السير الذاتية لأعضاء الحكومة الجديدة، كاشفاً عن خلفياتهم العلمية، وتجاربهم العملية، والمسارات التي أوصلتهم إلى تولي مناصبهم الوزارية.

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني

وُلد أسعد حسن الشيباني في محافظة الحسكة عام 1987. أقام مع عائلته في دمشق، حيث أكمل دراسته الجامعية، وتخرّج في جامعة دمشق عام 2009 من كلية الآداب والعلوم الإنسانية، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها.

حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة صباح الدين زعيم في تركيا عام 2022، ثم على درجة الدكتوراه في التخصص ذاته عام 2024. ويدرس حالياً المرحلة الأخيرة من ماجستير إدارة الأعمال (MBA).

وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة

وُلد عام 1984 في مدينة حلفايا بريف حماة. حاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة الزراعية من جامعة دمشق. بعد اندلاع الثورة السورية، استخدم خبراته الهندسية لدعم فصائل المعارضة، مما أسهم في بروزه كقائد عسكري بارز.

لعب دوراً قيادياً في عملية “ردع العدوان” التي أسفرت عن سقوط نظام الأسد، وفي 21 كانون الأول 2024، تم تعيينه وزيراً للدفاع في الحكومة السورية.

وزير الداخلية السوري أنس خطاب

من مواليد 1987، ينحدر من بلدة جيرود في القلمون الشرقي، وكان يدرس الهندسة المعمارية في جامعة دمشق.

يُعرف عن خطاب أنه على درجة عالية من الثقافة ويتحدّث لغتين أجنبيتين، كما أنه درس الهندسة المعمارية في جامعة إدلب خلال فترة إقامته في المنطقة.

وفي 26 كانون الأول الماضي، جرى تعيينه رئيساً لجهاز الاستخبارات في سوريا، ليكون أول شخص يشغل هذا المنصب بعد سقوط نظام الأسد.

وزير العدل مظهر الويس

من مواليد عام 1980، ينحدر من بلدة العشارة بريف دير الزور، درس الطب البشري في جامعة دمشق، ثم التحق بمعهد “الفتح الإسلامي” في قسم الفقه المقارن.

تعرّض للاعتقال عام 2008 في فرع فلسطين، ثم نُقل إلى سجن صيدنايا وبقي فيه عدة سنوات، وكان من المشاركين في الاستعصاءات الثلاثة التي نفذها الإسلاميون في السجن.

خرج من السجن في نيسان عام 2013، والتحق بـ”جبهة النصرة”، وأصبح لاحقاً أحد الشرعيين البارزين في “هيئة تحرير الشام”، كما شغل مناصب ضمن وزارة العدل التابعة لحكومة الإنقاذ، منها رئيس المجلس الأعلى للقضاء.

وزير المالية محمد يسر برنية

من مواليد عام 1967، يحمل إجازة من كلية الاقتصاد في جامعة دمشق عام 1990. تابع دراساته العليا في الاقتصاد بجامعة ولاية كنساس الأميركية وجامعة ولاية أوكلاهوما خلال الفترة ما بين 1990 و1994، وتدرّب في البنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي في نيويورك عام 1996.

انضم برنية إلى صندوق النقد العربي كاقتصادي في عام 1996، وخلال الفترة ما بين 2004 و2007 أسهم في إنشاء هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية وسوق دمشق للأوراق المالية.

شغل برنية عدة مناصب في صندوق النقد العربي خلال الفترة من 2009 وحتى 2024، منها مدير دائرة السياسات الاقتصادية.

وزير الإدارة المحلية والبيئة محمد عنجراني

من مواليد عام 1992، يحمل إجازة من كلية الهندسة الميكانيكية. شارك في الثورة السورية منذ بداياتها، واعتُقل على يد النظام أواخر عام 2011. شغل منصب الأمين العام في وزارة الأوقاف في حكومة الإنقاذ، ورئيس الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش فيها.

تولى عنجراني منصب وزير الإدارة المحلية في حكومة الإنقاذ في آخر دورتين، كما كُلّف بتسيير أعمال وزارة الإدارة المحلية والبيئة عقب سقوط نظام الأسد.

وزير الصحة السوري مصعب نزال العلي

الدكتور مصعب نزال العلي، استشاري في جراحة الأعصاب، من مواليد عام 1985 في قرية الطيانة بريف دير الزور. يحمل الجنسية الألمانية، ويعمل في المشافي الألمانية منذ عام 2014.

تخرّج العلي في كلية الطب بجامعة حمص عام 2009، وبدأ اختصاصه في جراحة الأعصاب بجامعة حلب، قبل أن يُجبر على التوقف إثر اعتقاله داخل مشفى الجامعة عام 2011، مع بدايات الثورة السورية.

بعد خروجه من سوريا، تابع العلي دراسته في ألمانيا، حيث أكمل تخصصه في جراحة الدماغ والأعصاب، ونال لاحقاً لقب “استشاري”.

إلى جانب مسيرته الطبية، أسهم الدكتور العلي في تأسيس “التجمع السوري في ألمانيا”، إلى جانب نخبة من الأطباء والأكاديميين السوريين من مختلف التخصصات، بهدف تنفيذ مشاريع تنموية داخل سوريا، ونقل الخبرات الطبية والعلمية لدعم أبناء بلده.

وزير الطوارئ والكوارث رائد الصالح

رائد الصالح، المدير السابق لمنظمة الدفاع المدني السوري المعروفة بـ”الخوذ البيضاء”، ينحدر من مدينة جسر الشغور بريف إدلب. وُلد عام 1983.

قبل اندلاع الثورة السورية، كان يعمل في مجال التجارة، وشارك في تأسيس الدفاع المدني في إدلب عام 2013، حيث عُيّن مديراً للمنظمة في المحافظة، ثم انتُخب لاحقاً مديراً للدفاع المدني في سوريا.

يحمل بكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة ماردين آرتوكلو التركية، بعدما نال شهادة مماثلة عام 2017 من الأكاديمية العربية في الدنمارك. وتم اختياره ضمن قائمة أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم لعام 2017، الصادرة عن مجلة “تايم”.

وزير الإعلام حمزة المصطفى

من مواليد عام 1985، حاصل على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة دمشق عام 2007، ودرس الماجستير في تخصص العلاقات الدولية بجامعة دمشق قبل فصله منها عام 2012 بسبب مواقفه المؤيدة للثورة السورية. كما أنه حاصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، في تخصص السياسات المقارنة، من معهد الدوحة للدراسات العليا عام 2017، وحاصل على درجة الدكتوراه في العلوم الاجتماعية من جامعة إكستر في المملكة المتحدة.

عمل باحثاً في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، متخصصاً في الدراسات السورية، وسكرتيراً للتحرير في مجلة “سياسات عربية” بين عامي 2011 و2018.

كما عمل مشرفاً للتحرير في التلفزيون العربي في لندن بين عامي 2019 و2020، وشغل منصب المدير العام لشبكة تلفزيون سوريا من منتصف عام 2020 وحتى آذار 2025.

وزير الأوقاف محمد أبو الخير شكري

عُيّن محمد أبو الخير شكري وزيراً للأوقاف، وهو من الشخصيات الدينية والقانونية البارزة في سوريا، يجمع بين الدراسة الشرعية والأكاديمية القانونية، وله سجل علمي طويل يمتد لعقود.

وُلد شكري في 30 نيسان عام 1961 في مدينة دمشق، وينحدر من أسرة دمشقية عريقة تقطن في حي سوق ساروجة قرب جامع الورد. بدأ دراسته الشرعية في كلية الدعوة الإسلامية – فرع دمشق، وتخرج فيها عام 1987، ثم تابع دراسته الأكاديمية في كلية الحقوق بجامعة دمشق، ونال إجازته فيها عام 1991.

كما التحق بكلية الآداب في الجامعة اللبنانية ودرس فيها ثلاث سنوات، إلا أنه لم يُكمل تعليمه فيها. وفي عام 1994، حصل على لقب “أستاذ في المحاماة” من نقابة المحامين فرع دمشق، وكانت رسالته بعنوان: “النفقة في قانون الأحوال الشخصية السوري مقارنة بالفقه الإسلامي”.

واصل شكري دراسته العليا، فحصل على شهادة الماجستير في الدراسات الإسلامية من جامعة منهاج القرآن الإسلامية في لاهور – باكستان، وقدم رسالة بعنوان: “الإثبات بالشهادة بين الفقه والقانون”.

كما نال شهادة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية، شعبة الفقه وأصوله، من معهد الدعوة الجامعي للدراسات الإسلامية في بيروت – لبنان عام 2010، وقد تناولت رسالته موضوع “حقوق الطفولة بين الشريعة الإسلامية والتشريعات الدولية – دراسة مقارنة”.

وزير الثقافة محمد ياسين الصالح

من مواليد عام 1985، يحمل بكالوريوس في اللسانيات من جامعة لندن متروبوليتان البريطانية، وماجستير في الترجمة من جامعة ويستمنستر البريطانية.

عمل في الصحافة في قناة الجزيرة في قطر، وحاز المركز الأول في مسابقة “فصيح العرب” في دولة قطر عام 2016.

وزير التنمية الإدارية محمد حسان سكاف

من مواليد عام 1990، يحمل ماجستيراً مهنياً في الإدارة من جامعة إدلب بتقدير امتياز، وبكالوريوس في الرياضيات التطبيقية من جامعة إدلب.

شغل عدة مناصب في حكومة الإنقاذ، منها: عضو لجنة المتابعة الإدارية في الإدارة العامة، ورئيس لجنة الموازنات المالية العامة، ومدير إدارة الأصول الثابتة، والمدير العام للإدارة العامة للموارد البشرية، ورئيس لجنة الهياكل التنظيمية.

وزير السياحة مازن الصالحاني

من مواليد عام 1979، يحمل دبلوم الدراسات العليا في إدارة الأعمال من كلية البحيرات العظمى للعلوم والتكنولوجيا، أونتاريو – كندا، وماجستير علوم في إدارة المشاريع من جامعة ويست كليف – كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأميركية.

شغل منصب رئيس مجلس الإدارة، وشارك في تأسيس مجموعة من الشركات في قطر والسعودية وتركيا والجزائر وسوريا. ومن بين المشاريع الكبرى التي أدارها: منتجع سلوى، مول قطر، فندق بنتلي الفاخر، جزيرة جيوان، منتجع أنانتارا، فندق هيلتون، فندق ماريوت، فندق شيراتون، فندق ذا نيد، فندق النجادة، مستشفى ذا فيو، فندق الريان (فنادق ومنتجعات LXR)، ومترو قطر.

ومن المشاريع الدولية التي شارك فيها: فندق والدورف أستوريا في المالديف، مدينة القدية المائية في السعودية، ومجمع وفندق بالم فيليدج في سوريا.

وزير الأشغال العامة والإسكان مصطفى عبد الرزاق

من مواليد عام 1989، يحمل درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة حلب عام 2011، ودبلوماً تخصصياً في الإدارة العامة، وإدارة المشاريع والتطوير المؤسساتي.

عمل مديراً عاماً في المديرية العامة للأشغال والطرق في حكومة الإنقاذ بين عامي 2024 و2025، كما عمل في قسم المشاريع الهندسية في معبر باب الهوى بين عامي 2017 و2019، وأشرف على تنفيذ عشرات المشاريع في شمال غربي سوريا.

وزير الزراعة أمجد بدر

من مواليد السويداء عام 1969، تخرج في كلية الهندسة الزراعية، قسم الاقتصاد الزراعي، بجامعة دمشق عام 1993. حصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد الزراعي من جامعة حلب والمركز الدولي للبحوث العلمية الزراعية في المناطق الجافة (ICARDA).

عمل بدر في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، في مركز بحوث السويداء، وشارك في إنجاز العديد من البحوث الاقتصادية والاجتماعية في المجال الزراعي، وفي عدد من المشاريع الدولية والإقليمية.

وزير الاقتصاد محمد نضال الشعار

من مواليد حلب عام 1956، هو اقتصادي وسياسي بارز شغل منصب وزير الاقتصاد والتجارة في سوريا بين عامي 2011 و2012.

حصل الشعار على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة حلب عام 1980، ثم تابع دراساته العليا في الولايات المتحدة، حيث نال درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة جورج واشنطن.

شغل الشعار عدة مناصب أكاديمية ومهنية، منها التدريس في كلية الاقتصاد بجامعة حلب بين عامي 1996 و2001، كما عمل باحثاً في وزارة الإسكان الأميركية، ومستشاراً اقتصادياً في البنك الدولي، حيث قام بتقييم مالي لمؤسسات القطاع العام في أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

في عام 2002، تم تعيينه أميناً عاماً لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في البحرين، وهي منظمة دولية تُعنى بشؤون العمل المالي والمصرفي الإسلامي.

خلال مسيرته، شارك الشعار كمتحدث رئيسي في أكثر من مئة مؤتمر اقتصادي حول العالم، ودرب موظفي بورصات سنغافورة ودبي وأبو ظبي.

حصل على جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للتفوق المصرفي عام 2006، ورُشّح لجائزة نوبل في الاقتصاد عامي 2009 و2010 من قبل عدة مؤسسات عالمية.

وزير الرياضة والشباب محمد سامح حامض

من مواليد عام 1976، يحمل شهادة تحكيم درجة ثالثة ودرجة ثانية، وشهادة انتساب في تدريب كرة السلة.

عمل رئيساً للاتحاد الرياضي العام عام 2024، ونجح في قيادة المنتخب الوطني لكرة السلة للتأهل عبر النافذة الثانية إلى كأس آسيا في قطر.

تولى إدارة المديرية العامة للرياضة والشباب بين عامي 2021 و2024 في حكومة الإنقاذ، وأسهم في التخطيط والإشراف على إعادة تأهيل الملعب البلدي في إدلب، كما أسّس الاتحادات الرياضية للألعاب الجماعية والفردية، وألعاب القوة والقوى.

وزير الطاقة محمد البشير

ينحدر البشير من منطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، وهو من مواليد عام 1983، ويحمل إجازة في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، قسم الاتصالات، من جامعة حلب عام 2007. كما حصل على إجازة في الشريعة والحقوق من جامعة إدلب عام 2021.

كما يحمل البشير شهادة في إدارة المشاريع صادرة عن الأكاديمية الدولية للتدريب واللغات والاستشارات، وشهادة في مبادئ التخطيط والتنظيم الإداري. وخضع عام 2010 لدورة متقدمة في اللغة الإنجليزية.

قبل اندلاع الثورة السورية، عمل البشير رئيساً لقسم أجهزة الاتصال الدقيقة في معمل الغاز التابع للشركة السورية.

وخلال الثورة، عمل مديراً للتعليم الشرعي في وزارة الأوقاف والدعوة والإرشاد في حكومة الإنقاذ لمدة عامين ونصف، ثم نائباً لمدير شؤون الجمعيات في وزارة التنمية والشؤون الإنسانية، ومن ثم أصبح مديراً لشؤون الجمعيات.

ولاحقاً، شغل منصب وزير التنمية في حكومة الإنقاذ في دورتها الخامسة لعام 2022. وفي الدورة السادسة لحكومة الإنقاذ، جرى اختيار البشير رئيساً لها في 13 كانون الأول الماضي، خلفاً لعلي كدة، كما شغل منصب أول رئيس حكومة في سوريا بعد سقوط نظام الأسد.

وزير التعليم العالي مروان الحلبي

من مواليد القنيطرة عام 1964، وهو من الأسماء الأكاديمية والطبية في سوريا، ويحمل سجلاً علمياً في مجال التوليد وطب الإخصاب.

حصل الحلبي على شهادة الدكتوراه في الطب البشري (MD) من جامعة دمشق عام 1987، وتابع تخصصه في مجال التوليد وأمراض النساء، حيث نال شهادة البورد السوري من وزارة الصحة السورية عام 1990، ثم شهادة الدراسات العليا (MSD) في التخصص نفسه من جامعة دمشق عام 1991.

تابع الحلبي دراسته في فرنسا، حيث حصل على عدة شهادات متقدمة، منها دبلوم جامعي (DU) في تقنيات التوليد الحديثة من جامعة Franche-Comté عام 1996، ودبلوم عالٍ مشترك (DIU) في البيولوجيا التطبيقية للإخصاب من الجامعة ذاتها في العام نفسه. كما نال شهادة الاختصاص العالي المعمّق (AFSA) في التوليد وأمراض النساء من جامعة Claude Bernard عام 1997، ثم شهادة اختصاص مماثلة في طب الإخصاب من جامعة Franche-Comté عام 1998، إضافة إلى دبلوم جامعي مشترك (DIU) في الجراحة التنظيرية للعقم من جامعة Claude Bernard عام 1999.

نشر الدكتور الحلبي أكثر من 50 بحثاً علمياً محكّماً في مجال طب الإخصاب، وألّف خمسة كتب متخصصة (Textbooks) في علم الجنين الطبي وبيولوجيا الإخصاب. كما قدم أكثر من 100 ورقة علمية في مؤتمرات طبية على المستويات العالمية والإقليمية والمحلية.

أشرف على العديد من رسائل الدكتوراه والماجستير في كليات الطب البشري، والصيدلة، والعلوم بجامعة دمشق، ونال عدداً من الجوائز الطبية المحلية والإقليمية تقديراً لإنجازاته العلمية. ويُعد أول باحث ومحاضر سوري يشارك في مؤتمرات جمعيات الخصوبة العالمية، مثل IFFS، وESHRE الأوروبية، وASRM الأميركية، وMEFS الشرق أوسطية.

يشغل الدكتور الحلبي منصب أستاذ طب الإخصاب وعلم الجنين والوراثة في كلية الطب بجامعة دمشق، وهو أيضاً رئيس قسم التشريح والنسج والجنين في الكلية نفسها. كما يعمل مديراً طبياً ورئيساً لوحدة الإخصاب في مشفى الشرق بدمشق.

وترأس الدكتور الحلبي جمعية الشرق الأوسط للخصوبة (MEFS)، وهو رئيس الجمعية السورية للمولّدين والنسائيين، ونائب رئيس الجمعية السورية لأطباء طفل الأنبوب. كما يُعد عضواً فاعلاً في الجمعية العربية للجراحة التنظيرية، وعضواً شرفياً في جمعيات الخصوبة الأردنية والليبية والعراقية.

وزير الاتصالات السوري عبد السلام هيكل

وُلد في دمشق في 14 تموز 1978. شغل منصب رئيس مجلس إدارة مجموعة “هيكل”، التي تضم شركات متخصصة في التحول الرقمي وريادة الأعمال، ويُعدّ هيكل من أبرز رواد الأعمال في مجالي الإعلام والتكنولوجيا في سوريا.

يحمل شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية من الجامعة الأميركية في بيروت، ودرجة الماجستير في العلاقات الدولية من كلية الدراسات الشرقية والأفريقية (SOAS) بجامعة لندن.

شغل منصب رئيس مجلس إدارة مجموعة “هيكل”، التي تضم شركات متخصصة في التحول الرقمي وريادة الأعمال، ويُعدّ هيكل من أبرز رواد الأعمال في مجالي الإعلام والتكنولوجيا في سوريا.

في عام 2009، اختاره المنتدى الاقتصادي العالمي ضمن قائمة “القادة العالميين الشباب”، ليكون أول سوري ينال هذا اللقب، كما حصل في عام 2014 على “جائزة الإبداع الإعلامي” من مؤسسة الفكر العربي.

أسس شركة “هيكل ميديا”، التي تدير منصات إعلامية رقمية، من بينها النسخ العربية لمجلات عالمية مثل “هارفارد بزنس ريفيو”، و”إم آي تي تكنولوجي ريفيو”، و”بوبيولار ساينس”.

وزير التربية محمد عبد الرحمن تركو

من مواليد عام 1979، ينحدر من عفرين بريف حلب. يحمل إجازة في الحقوق من جامعة دمشق عام 2001، ودكتوراه من جامعة لايبزيغ الألمانية.

شغل منصب نائب رئيس جامعة دمشق للشؤون الإدارية وشؤون الطلاب، وقبل ذلك، كان عضواً في الهيئة التدريسية في الجامعة الافتراضية السورية وجامعة دمشق.

وزيرة الشؤون الاجتماعية هند قبوات

سياسية وباحثة وناشطة في المجتمع المدني السوري. شغلت منصب رئيسة منظمة “تستقل” النسوية، وكانت عضواً في اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري في شباط 2025.

درست قبوات التجارة والاقتصاد في جامعة دمشق، وحصلت على شهادة ماجستير في القانون والدبلوماسية من كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية في جامعة تافتس بالولايات المتحدة، بالإضافة إلى شهادة في القانون من الجامعة العربية في بيروت.

مع انطلاق الثورة السورية عام 2011، لعبت قبوات دوراً بارزاً في المعارضة السورية والمفاوضات السياسية، حيث شغلت مناصب في الهيئة العليا للمفاوضات بين عامي 2015 و2017، وكانت نائبة رئيس مكتب هيئة التفاوض في جنيف من عام 2017 حتى 2022.

في المجال الأكاديمي، عملت قبوات أستاذة مساعدة ومديرة لقسم حوار الأديان وحل النزاعات في معهد الأديان والدبلوماسية بجامعة جورج ماسون منذ عام 2013، وكانت زميلة زائرة في كلية الحقوق بجامعة هارفارد بين عامي 2017 و2019. كما أسست مركز الحوار والسلام والمصالحة السوري في تورونتو، وعملت مستشارة وعضواً في المجلس الاستشاري للبنك الدولي.

وزير النقل السوري يعرب بدر

مهندس وسياسي سوري ينحدر من محافظة اللاذقية، من مواليد عام 1959. شغل منصب وزير النقل في سوريا من 11 شباط 2006 حتى 14 نيسان 2011. حاصل على درجة الدكتوراه في علوم النقل من المدرسة الوطنية للجسور والطرق في باريس.

بعد عودته إلى سوريا عام 1992، عمل أستاذاً في كلية الهندسة المدنية بجامعة تشرين في اللاذقية، حيث درّس مواد متعلّقة بالنقل وسلامة المرور وطرق البحث العلمي.

شارك بدر في إعداد الفصل المتعلّق بقطاع النقل والمواصلات ضمن الخطة الخمسية العاشرة لسوريا (2006–2010)، وأسهم في أعمال المجلس الاستشاري لوزارة النقل.

بعد انتهاء فترة عمله كوزير، عاد للتدريس في كلية الهندسة المدنية في الجامعة العربية الدولية، وشارك في برنامج ماجستير إدارة السلامة المرورية في جامعة القديس يوسف في بيروت بدءاً من عام 2012.

ومنذ عام 2014، يعمل كمستشار إقليمي للنقل واللوجستيات في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا).

——————————

هل ترتق الحكومة الانتقالية ثوب سورية الممزّق؟/ سميرة المسالمة

31 مارس 2025

تخضع مناطق واسعة من سورية لسلطات وقوانين خاصة، مختلفة أو غير متوافقة مع القوانين المركزية في دمشق، ما يطرح تساؤلات بشأن آلية لمِّ شمل هذه “السوريات” المقسّمة على ثلاث حكومات، لإضافتها إلى حكومة دمشق الجامعة، واستعادة التماسك الجغرافي وقبله الديمغرافي بينها، وهل تتحمّل إمكانات الحكومة السورية غير المدعومة دولياً (حتى اللحظة) أعباء المهمّات الموكلة إليها، من توطيد الأمن، وإرساء السلم الأهلي، وتأمين البنية التحية اللازمة لشروط الحياة الطبيعية والاستثمارية على مختلف الأصعدة، من تعليم وصحة وصناعة واقتصاد وزراعة ودفاع؟

تحتاج عملية إعادة بناء سورية الموحّدة، ورتق خروقاتها وسد الفجوات العميقة بين مكوناتها، خطّةً حكومية مرنة، لا تقوم على اشتراطات مسبقة، بل تبنى على أساس الانفتاح على جميع الآراء ومحاورتها، لوقف الانهيار المجتمعي نحو صراعاتٍ داخليةٍ تزيده تمزّقاً، فالأولوية للسلم الأهلي ومدخله وحدة المجتمع السوري على حساب التنازلات السلطوية من كل الأطراف، لأنها العامل الحاسم في القفز فوق مستنقع الفوضى والإقصاء، إذ تشكّل التسويات المحلية العادلة حجر الأساس للاستتباب الأمني والاستقرار والتنمية، والمحفز الأساسي لإطلاق خطّة إعادة إعمار محلية، على غرار “خطة مارشال”، مع ملاحظة غياب حماسِ المجتمع الدولي لإزالة العقوبات الغربية عن سورية كاملةً وفوراً، أي أننا أمام ضرورات ملحّة لرؤية أو خطة سورية شاملة، تأخذ في الاعتبار أو بين سيناريوهات عملها، أنها تحت ضغط الحصار الاقتصادي عبر العقوبات الغربية، واستمرار انفلات الاعتداءات الإسرائيلية غير المُدانة دولياً، وهي أمام تركة ثقيلة من الدمار الذي خلفه نظام بشّار الأسد خلال حرب 14 عاماً على السوريين، في كل القطاعات الخدمية والإنتاجية والتجارية من جهة مقابلة.

وكما كانت التجربة في إدلب محدودة، ويعتبرها المشرفون ناجحة، وتعيش حالة استقرار اقتصادي نسبي، بسبب محدودية مساحتها، وسهولة السيطرة على أمنها الداخلي، فقد كانت كل مناطق نفوذ الأمر الواقع تتمتّع بتقييم أعلى من واقع حكومة النظام الأسدي المخلوع، ما يعني أن وضع خطط مركّزة ومجدولة، ووفق الإمكانية المتاحة، قد يعطي نتائج ملموسة أكثر من وعود فضفاضة، تسمح بتسريع حالة الإحباط عند طرفَي المعادلة؛ الفاعل والمتلقي. من هنا، يمكن القول، مرّة ثانية ومرة ثالثة، إن البناء على “لا مركزية التنمية” هو الجامع الحقيقي للمِّ الشمل السوري، إذ يتيح مزيداً من فرص التجارب الناجحة والمتنافسة على النمو في المناطق السورية، بينما يجب أن تتجه الجهود إلى توحيد مجتمعات السوريين، وتعزيز فكرة انتماءاتهم الجمعية للشعب السوري.

الطريق طويل ومكلف لإخراج الحكومات المتعددة السورية (الإنقاذ والمؤقتة والإدارة الذاتية) من عباءة تمويلها الحالي (الخارجي)، إلى تحت إطار موازنة الحكومة المركزية الجديدة، التي أُعلن عنها أول أمس السبت (29 مارس/ آذار الحالي)، ليس لأسباب سياسية، بل أيضاً لأسباب مجتمعية واقتصادية، وهدم الجدار بينها لا يتطلب معولاً، بقدر ما يحتاج تفاهمات تنظم هيكلية سورية وفقاً لمصالح الشعب السوري، وليس لشعاراتٍ أيديولوجية، فالأسباب السياسية بين الكيانات السورية يمكنها أن تتلاشى، مع ارتفاع نسبة التشاركية، مع كل من الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية وحكومته المؤقتة وهيئة التفاوض، التي قيل إنها تعمل على تسليم ملفّاتها إلى السلطة المركزية، بينما لم يعلن الائتلاف الوطني بعد قرار حلّ نفسه وحكومته، وكذلك الحال مع هيئة التفاوض. وبينما لا تحتاج حكومة الإنقاذ التي تتبع أصلاً إلى سلطة الرئيس أحمد الشرع إلا لقرار سيادي لتكون منطقة نفوذ تحت سلطة الحكومة الجديدة وبقوانينها، خاصة أن صلاحيات وزراء فيها تمدّدت إلى كامل المساحة السورية، ومع ذلك، فإنها أيضاً تحتاج لتمرين اندماج قانوني، وكذلك “تقشفي” مالي، إذ متوسّط الدخل لديها على تدنيه أعلى من مناطق الحكومة الموسعة بثلاثة أضعاف أو أكثر.

ورغم توقيع الرئيس السوري الاتفاق مع مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (10/3/2025) القاضي بضم كل المنطقة الواقعة تحت سيطرة هذه القوات للسلطة الجديدة، إلا أننا لا نزال بعيدين عن تنفيذه، بالنظر إلى خلافاتٍ أعقبت الإعلان الدستوري الذي ناقض بنود الاتفاق، مع تأكيد أن تنفيذ اتفاقٍ كهذا ضمن سياق طبيعي يحتاج فترة ليست قصيرة، لتتمكن أطرافه من اكتساب الثقة المتبادلة، وذلك لدمج المؤسّسات داخل ثوب الحكومة بقوانينها ومحدّداتها في الحياة الثقافية والاجتماعية والعسكرية، فكيف هو الحال، مع اعتبار بعض الأطراف السورية الفجوةَ تزايدت بعد تشكيل الحكومة الجديدة في غياب واضح للتوافق المطلوب وشعار التشاركية.

وكذلك، يؤكد استمرار الخلافات مع مناطق في حوران والسويداء وحمص والساحل ومناطق الكرد في الشمال والشرق أن الحاجة في كل وقت لتأكيد أهمية الحوارات الوطنية المستمرّة لتسهيل اندماج المجتمعات، أفراداً وتجمعات في صلب الدولة، وهذا لا يمكنه أن يكون قسرياً، فما لم تأخذ الحكومة بالاعتبار التمايزات والفروق والحاجة إلى الحريات الفردية والجمعية، لن تستطيع تشكيل الهوية السورية الجامعة من خلال أسماء حكومية متنوعة، سواء اعترفت فيها جماعاتها أو أنكرتها.

العربي الجديد

——————————–

الحكومة السورية… جملة تحديات تختبر الوعود والأهداف/ عماد كركص

31 مارس 2025

جاءت أسماء الوزراء في الحكومة السورية الجديدة التي تمّ الإعلان عنها مساء أول من أمس السبت في دمشق، والتي تضم 23 وزيراً، متوقعة في بعضها، مقابل أخرى مفاجئة، في التشكيلة التي يفترض أن تستمر طيلة الفترة الانتقالية الممتدة على مدار خمسة أعوام. وتواجه الحكومة السورية الجديدة التي أعلن عنها الرئيس أحمد الشرع، جملةً من التحديات، لا سيما المتعلقة بالوضعين الأمني والاقتصادي، إذ سيختبر معها السوريون وعود السلطة الجديدة وتحقيق أهداف الثورة في مرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد.

وكانت الإدارة الجديدة في دمشق أقرت منتصف شهر مارس/آذار الحالي، إعلاناً دستورياً للمرحلة الانتقالية، يُحدد مدتها بخمس سنوات يتولى خلالها الشرع السلطة التنفيذية في البلاد، علماً أنه بعد إطاحة نظام الأسد، أعلنت السلطات الجديدة حينها تعيين حكومة تصريف أعمال لإدارة البلاد لفترة تمتد ثلاثة أشهر برئاسة محمد البشير.

وأعلن مساء السبت، عن تشكيل الحكومة الانتقالية السورية، والتي احتفظ فيها عدد قليل من وزراء حكومة تصريف الأعمال بحقائبهم. ودمجت وزارات، وألغيت اثنتان، وأضيفت وزارتان كذلك. أما الأبرز في شكل الحكومة السورية الجديدة، فهو إلغاء منصب رئيس الوزراء، بعدما اعتمد الإعلان الدستوري النظام الرئاسي المحض، الذي يجعل من رئيس الدولة، رئيساً للحكومة. وتضم الحكومة السورية المعلن عنها، 23 وزيراً، علماً أن آخر حكومة للنظام السوري المخلوع، التي رأسها محمد غازي الجلالي، كانت تضم 27 وزيراً.

وأكد الشرع، مساء السبت، في كلمة له خلال مراسم الإعلان عن التشكيلة الحكومية، أن سورية “تواجه تحديات كبيرة تتطلب منا التلاحم والوحدة، ونشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية”. واعتبر أن “تشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة، وهذه الحكومة ستسعى إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس المساءلة والشفافية، وسوف تسعى إلى فتح آفاق جديدة في التعليم والصحة، ولن نسمح للفساد بالتسلل إلى مؤسساتنا”. وحثّ الشرع جميع السوريين على التعاون مع الحكومة الجديدة “التي تتطلب تعاون الجميع لبناء وطن قوي ومزدهر لبناء سورية قلب العروبة”. وأضاف: “خطتنا للمستقبل ستعتمد على محاور من بينها الحفاظ على الموارد البشرية وتنميتها، وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس من الشفافية، ومعالجة القضايا المعيشية، إضافة إلى مواصلة معالجة الوضع الأمني”.

وأوضح الرئيس السوري أن “خطة الحكومة المستقبلية تتمثل في الحفاظ على الموارد البشرية من خلال تطوير التعليم والجامعات وربط التوجهات مع حاجة السوق واستقطاب الموارد البشرية السورية في الخارج”، متطرقاً كذلك إلى أهداف “تنمية الزراعة ورعاية المزارع، وتأهيل الصناعة وحماية المنتج المحلي وتخفيف الضرائب”. وشرح أن دمج وزارتي النفط والثروة المعدنية، والكهرباء، بوزارة واحدة تحت مسمى وزارة الطاقة، يهدف إلى تسريع التعامل مع التحديات المختلفة، وإنشاء بيئة استثمارية لجذب الاستثمارات، وإصلاح النقد والحفاظ على العملة السورية، وإعادة النظر في السياسة الضريبية للتخفيف عن المواطن. كما أكد على أهمية استعادة الأمن في جميع المناطق السورية، وإنشاء وزارة مختصة بالرياضة والشباب.

وزراء الحكومة السورية الجديدة

من جهتهم، عرّف الوزراء عن مهماتهم بكلمات مقتضبة، من بينهم وزير الخارجية أسعد الشيباني، الذي احتفظ بمنصبه إلى جانب وزير الدفاع مرهف أبو قصرة. وتسّلم رئيس حكومة تصريف الأعمال محمد البشير، وزارة الطاقة، والذي أكد عزمه العمل على تحقيق شراكات عربية ودولية في مجال الطاقة، فيما شغل مظهر الويس حقيبة وزارة العدل، حيث أكد السبت على “العمل لترسيخ دولة القانون والتصدي بشجاعة للفساد، وتحقيق العدالة الانتقالية”.

وشدّد وزير الداخلية أنس خطاب، الذي عيّن رئيساً للاستخبارات بعد إطاحة نظام الأسد، في كلمته، أول من أمس، “على بناء مؤسسات تضم منظومة أمنية متكاملة وفق أحدث التقنيات، والعمل على تطوير الشؤون المدنية عبر بناء قاعدة بيانات وطنية”، مؤكداً أن “الأمن مسؤولية الجميع”.

وبالإضافة إلى هؤلاء، ضمّت الحكومة السورية محمد نضال الشعار (مواليد 1956 ـ حلب) وزيراً للاقتصاد، وسبق أن شغل منصب وزير الاقتصاد والتجارة في عامي 2011-2012. وأكد الشعار أول من أمس، أن سياسته “ستركز على إعادة الإعمار تحت عنوان الشفافية”. وتسلّم رائد الصالح وزارة الطوارئ والكوارث، علماً أنه كان يشغل منصب مدير منظمة الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) منذ تأسيسها في الشمال السوري عام 2013. وكلّف الشرع محمد يسر برنية بقيادة وزارة المالية، وهو رئيس الأسواق المالية في صندوق النقد العربي. وأوضح برنية في كلمته أن وزارته ستعمل على تعزيز شفافية كاملة في الإنفاق العام، ومراجعة منظومة الأجور والرواتب بما يؤمن حياة كريمة، ومراجعة الضرائب والرسوم بما يحد من التهرب الضريبي وتخفيف الأعباء عن المواطنين، إضافة إلى محاربة الفساد.

وتسلّمت السياسية والناشطة في المجتمع المدني هند قبوات وزارة الشؤون الاجتماعية، وأوكلت وزارة التعليم العالي لأستاذ طب الإخصاب وعلم الجنين والوراثة في كلية الطب بجامعة دمشق، مروان الحلبي، وهو من مواليد محافظة القنيطرة، كما كلّف عبد السلام هيكل بتولي منصب وزير الاتصالات، وهو رائد أعمال سوري في قطاعي التكنولوجيا والإنترنت مقيم في الإمارات منذ عام 2013.

من جهته، شدّد وزير الخارجية أسعد الشيباني (مواليد 1987 – الحسكة) في كلمته، على أن “أعظم انتصار لشعبنا هو في قدرتنا على بناء الوطن”، مشيراً إلى أن وزارته “عملت طوال الأشهر السابقة على استعادة دور سورية القوي في العالم”، وأن مهام الوزارة “ستركز على بناء علاقات دولية قائمة على الاحترام المتبادل”.

وتعهد وزير الدفاع مرهف أبو قصرة “الالتزام بحماية البلاد وأمنها واستقرارها، وسنعيد لسورية جيشها الذي تستحقه، جيشاً يتباهى السوريون بالانتساب إليه”.

وتقلد محمد أبو الخير شكري (مواليد دمشق 1961)، وهو أستاذ جامعي وخطيب، منصب وزير الأوقاف، ومصعب نزال العلي (مواليد دير الزور) منصب وزير الصحة. وكلّف بوزارة الإدارة المحلية محمد عنجراني، من مدينة حلب، وهو حامل إجازة في الهندسة الميكانيكية، والذي اعتقل في بداية الثورة من جانب نظام الأسد، كما شارك في حكومة الإنقاذ التي كانت تحكم في إدلب. وعيّن أمجد بدر وزيراً للزراعة، ومحمد عبد الرحمن تركو وزيراً للتربية والتعليم، وحمزة المصطفى وزيراً للإعلام، ومحمد صالح وزيراً للثقافة، وكان يعمل مذيعاً في قناة الجزيرة، ومحمد عبد الرزاق وزيراً للأشغال العامة والإسكان، ومازن الصالحاني وزيراً للسياحة، ويعرب سليمان بدر وزيراً للنقل، ومحمد حسان سكاف وزيراً للتنمية الإدارية. ومن أبرز الخارجين من حكومة تصريف الأعمال ماهر الشرع، شقيق الرئيس أحمد الشرع، الذي تولى منصب وزير الصحة بالوكالة. وكلّف علي كدّة بأمانة سر مجلس الوزراء بعدما شغل منصب وزير الداخلية بحكومة البشير السابقة.

ولقد دمجت وزارتا الكهرباء والنفط والثروة المعدنية، ضمن وزارة جديدة تحت مسمى وزارة الطاقة، وغابت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن المشهد. في المقابل، تم استحداث وزارة الشباب والرياضة، بعدما كانت المؤسسة التي تقود الشأن الرياضي في البلاد هي “الاتحاد الرياضي العام” التابع لحزب البعث. وأوكل محمد سامح حامض بقيادة هذه الوزارة، وأيضاً استُحدثت وزارة الكوارث والطوارئ التي لم تحضر في أي حكومة سورية.

رفع سقف التطلعات

من حيث الشكل، حقّقت حكومة الشرع التنوع الذي وعدت به الإدارة السورية الجديدة التي أطاح جناحها العسكري نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وجاءت مرضية للمناطق، لكن وزاراتها السيادية ذهبت إلى شخصيات من “هيئة تحرير الشام” التي كان يقودها الشرع، قبل أن تعلن عن حل نفسها. وخلافاً للاستحقاقين الهامين السابقين، مؤتمر الحوار الوطني (فبراير الماضي) والإعلان الدستوري المؤقت، اللذين أجريا على عجل، فإن تشكيل الحكومة السورية للمرحلة الانتقالية أخذ وقتاً كافياً قبل الإعلان عنها، لا سيما مع بعض العوائق التي كان في مقدمتها اعتذار أسماء مرشحة عن قبول وزارات.

السمة الرئيسية التي غلبت على إعلان الحكومة السورية ليل السبت، كان رفع سقف التطلعات وتصدير الوعود، بدءاً من الشرع، وصولاً إلى جميع الوزراء الذين أعلنوا عن أهداف وضعوها لقيادة وزاراتهم، حيث تجاوز عدد الوعود والأهداف بين الرئيس والوزراء حاجز الـ100 وعد وهدف، وهذا ما سيجعل الحكومة السورية أمام تحدي الوفاء بتعهداتها في ظل وضع استثنائي تعيشه البلاد بعد سقوط الأسد، الذي خلّف دولة منهارة ومنخورة بالفساد، عدا عن العطب الذي أصاب ويصيب السيادة السورية بفعل الحرب. فلا يزال جنود لجيوش أجنبية متمركزين في قواعد بمناطق متفرقة من الأرض السورية، في حين تتضح نيات إسرائيل ونهمها لقضم مزيد من الجغرافيا جنوبي سورية. التفاعل العام، والذي يمكن قراءته سريعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، كان إيجابياً مع إعلان الحكومة ووزرائها، وربط ذلك بتفاؤل حذر، مع ما قد يفرزه أداء الوزراء ومن ثم الحكم.

وقال وزير الصحة، مصعب نزال العلي، لـ”العربي الجديد”، إن البنى التحتية للقطاع الصحي استنزفت على مستويات عدة، لا سيما البنى التحتية الرئيسية والمستلزمات الطبية والعنصر البشري، مشيراً إلى أن العمل سيكون على ثلاث مراحل حالية ومتوسطة وبعيدة المدى، للنهوض بهذا الواقع، ومن ثم الانتقال للأفضل مما كان عليه. وأضاف: “من أحد أهدافنا إدخال التقنيات الحديثة للقطاع الصحي، وتدريب الكوادر الطبية على أفضل الممارسات الحديثة”، مشيراً إلى أن القطاعين الخاص والعام في المجال الصحي سيكونان حاضرين في البلاد، وكل في مهامه ودوره.

المدير السابق للدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، وزير الطوارئ والكوارث (محدثة) رائد الصالح، أشار في تصريح لـ”العربي الجديد”، إلى أن استحداث الوزارة “يدل على أن هناك رؤية لدى الحكومة بأنها لن تعمل فقط للاستجابة للطوارئ المستجدة، وإنما التخطيط السليم والصحيح لتجنب الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية”. وأضاف: “من أولوياتنا أن نعمل كفريق في الحكومة من كافة الوزارات على تخفيف معاناة سكان المخيمات، حتى نتمكن من إعادتهم إلى منازلهم”.

من جهته، رأى وزير الثقافة محمد صالح، أن “جميع الوزراء في الحكومة السورية الجديدة معنيون بأن يتركوا بصمة سريعة، ونقل البلاد إلى الخط الحر الذي من الطبيعي أن تعيشه”، مضيفاً لـ”العربي الجديد”: “نحن كنا نعيش بوضع احتلال في عهد النظام البائد، يعيقنا عن كل رفعة وعلوّ، والآن سنعمل على استعادة مكانة سورية والسوريين الطبيعية، ونحن حالياً نحتاج لضبط توقيتنا مع توقيت العالم، بعدما كانت سورية تمشي إلى الوراء لسنين طويلة”.

وحول إطلاق الكثير من الوعود والأهداف، سواء من قبل الرئيس أحمد الشرع أو الوزراء، ومدى تحقيقها في ظل الطروف الراهنة سياسياً وعلى مستوى البنية التحتية التي تعيشها البلاد، قال الأكاديمي أحمد جاسم الحسين لـ”العربي الجديد”، إن “المعلومات لدي تشير إلى أن رئيس الجمهورية طلب من المرشحين للوزارات قبل فترة أن يطلعوا على الوزارات المرشحين إليها، وأن يقدموا رؤية وخطة عمل استراتيجية كل لوزارته، وفي الغالب في الخطط النظرية يتم طرح أفكار عامة، ثم يتم اللجوء إلى مقايسة ما يتم تطبيقه على أرض الواقع، لأن أغلب الوزراء الجدد ليسوا على اطلاع على تفاصيل عمل الوزارات، وفي حالة مثل سورية، حيث الإنترنت والكهرباء في أضعف حالتهما، إضافة إلى ضعف النقل والبنى التحتية وتعامل العنصر البشري مع المتاح من كل ذلك، فإن الوعود تشير إلى رغبة بالعمل وتحسين هذا الواقع”.

وبحسب معلومات الحسين، فإن “الرئيس أعطى الوزراء مدة ستة أشهر لبذل أفضل ما يمكن ثم تقييم الأداء، وطبعاً الوزير في أي وزارة لا يملك كل المفاتيح، لأن الأمر لا يقتصر على العنصر البشري أو الإرادة، وإنما هناك عوامل عدة تساهم في مسألة النجاح والفشل، لا سيما البنى التحتية لكل وزارة، لكن الأهم، وإن تأخر تنفيذ الخطط والأهداف، هو وضع البلد على سكة واستراتيجية ما، نأمل أن تتحقق لاحقاً، فمن المهم حالياً أن تكون لدينا استراتيجية، وستظهر الصعوبات، ثم يأتي العمل على إزالتها”.

وفي حين برز غياب السياسة، والسياسة العامة للبلاد، لا سيما الخارجية، خلال الإعلان عن تشكيل الحكومة، وحول ما إذا كان ذلك يُفهم منه رسالة بأن الأولوية لبناء الداخل قبل الانطلاق للخارج، أشار الحسين إلى أن “وزير الخارجية مثلاً، تحدث عما أنجز سابقاً، ولم يتطرق بقوة لما سيتم العمل عليه لاحقاً، وبالتالي، يبدو أن التركيز أكبر على الوضع الداخلي حالياً، لا سيما أنه سبق ذلك، خلال الأشهر الثلاثة الماضية، انفتاح كبير لبناء السياسة الخارجية وانفتاح على الجميع، من خلال مشاركات وزيارات مكوكية لبناء علاقات مع الدول والمنظمات الدولية، والآن تكشف لدى الجميع أن الأمر معقد في تلك العلاقات، لا سيما المشاركة في نهضة البلاد من قبل الدول والمنظمات”. وبناء على ذلك، اعتبر الحسين مما تكشف أن “الحاجة ملحّة للتوجّه أكثر نحو الداخل، وقراءة حال البلد ووضع الخطط المناسبة وبناء الوزارات والهيئات والمؤسسات، والتي ستقدم خططها واحتياجاتها ليصار عندئذ وضعها أمام الشركاء والنظر للمجالات التي يمكن التعاون بها مع الدول”. وبرأيه، فإن “هذا يحتاج إلى وقت لا يقل عن عام، حتى تتكشف لدى كل وزارة أبرز احتياجاتها لا سيما من البنى التحتية، فالحكومة لا تحسد على هذه المرحلة التي تسلمت فيها بلداً شبه مدمر”.

وحول التحديات الهيكلية والإدارية، رأى خبير الإدارة والاقتصاد، عبد الناصر الجاسم، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “التحديات تتشكل من نقاط عدة، أولها اعتماد نظام الحكم الرئاسي، ما يعني أن الرئيس هو الرئيس التنفيذي للحكومة، وبالتالي هناك حاجة لصلة وصل بين الرئيس وحكومته بعد إلغاء منصب رئيس الحكومة، والتحدي الثاني هو تقليص الحقائب الوزارية والدمج بين الوزارات، ما يفرض تحديات هيكلية وإدارية كبيرة جداً، يحمل التعامل معها مخاطرة على حساب جوهر عمل الوزارات”. ولفت إلى أن “الأمر الثالث هو استحداث وزارات، ما يعني بناء هيكل جديد بتسلسل وتراتبية إدارية، أما التحدي الرابع، فيتمثل بطبيعة المرحلة والاحتياجات الحالية في سورية، وهو تحدٍّ يتطلب هياكل مرنة ورشيقة تتناسب مع احتياجات المرحلة”. وشرح أن “الشكل التقليدي والاستجابة العادية للوزارات، لا يتناسبان مع المرحلة الانتقالية الحرجة المحفوفة بالمخاطر، فيما التحدي الخامس وهو الأكبر، يكمن في أن الهياكل التنظيمية والأطر الناظمة تؤثر في عملية صنع القرار، وصنع القرار هو جوهر عملية الإدارة، فالوزير، في أي وزارة، إذا غرق في التفاصيل الروتينية والتنظيمية وانحرف عن جوهر عمله الأساسي وهي عملية صناعة القرار، فسيكون ذلك عائقاً في تحقيق رؤيته داخل وزارته”.

وبيّن الجاسم أن “هناك فرصاً مقابل هذه التحديات، لا سيما أن هناك 14 وزيراً من التشكيلة الوزارية من التكنوقراط، اطلعوا على تجارب في دول أجنبية ونظم إدارية متطورة، لكن تبقى التحديات أكبر، لا سيما أن المطلوب السرعة في الإنجاز، والحفاظ على جودته”. وختم بقوله إنه “إذا أردت أن أنصح الحكومة، فأطلب إعطاء دور كبير لوزارة التنمية الإدارية، وأن يكون داخل كل وزارة مكتب للتنمية الإدارية، من شأنه أن ينجز بسرعة تطوير الهياكل لها”.

العربي الجديد

————————————

قراءة في حكومة التوازنات السورية الصعبة

لأول مرة بتاريخ سوريا يتابع السوريون تنصيب وزرائهم

دمشق: سعاد جرَوس

30 مارس 2025 م

حمل مشهد مراسم إعلان تشكيل حكومة سورية جديدة إشارات ودلالات في مشهد بصري غير مسبوق، عكس الطريق الشاق الذي عبره التشكيل الوزاري ضمن خريطة التوازنات المعقدة، ليكون «إعلاناً للإرادة المشتركة في بناء دولة جديدة»، و«خطوة في بناء سوريا حرة مستقلة»، بحسب كلمة الرئيس السوري أحمد الشرع.

ورغم الارتياح الذي أشاعته ولادة حكومة جديدة في الشارع السوري، في ظل أوضاع أمنية ومعيشية هشة، فإن هناك من شكك بقدرة الحكومة الجديدة على تحقيق التغيير المنتظر، لتشهد منصات الواقع الافتراضي عاصفة جدل وانتقادات وتخويف، ظلت بعيدة عن الواقع في الداخل المترقب لأي بارقة أمل.

هناك من جمع انطباعاته من متابعة البث المباشر لوقائع تكليف الحكومة وعرض الرؤى، بحضور الرئيس وجمهور من مختلف الأطياف والمكونات السورية، في سابقة تعد الأولى في تاريخ سوريا، أجبرت السوريين على التسمّر أمام الشاشات.

وهناك من تابع التفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتداول السير الذاتية للوزراء الجدد، والمشاركة في نقاش عام داخل وخارج البلاد من دون قيد، عبّر عنها بشكل غير مألوف احتجاج شيخ عشيرة «الشنابلة» (إحدى عشائر البدو في السويداء) سعود نايف النمر، الذي كان حاضراً في الجلسة، وقوله لرئيس الجمهورية بعد انتهاء المراسم أمام الكاميرات بصوت غاضب: «على دور الأول (حكم الأسد) كنا مهمشين، وعلى دوركم بقينا مهمشين».

الموقف نكأ ذاكرة السوريين المريرة من عهد الأسد المخلوع حين كان الاقتراب من الرئيس في الأماكن العامة والتجمعات من دون إذن أمني، يُعرّض صاحبه للضرب، وقد يودي به إلى غياهب السجون، إلا أن الشرع أجاب الشيخ المحتج بهدوء: «وجودك هنا اليوم دليل على عدم التهميش»، مضيفاً: «وهناك وزير من محافظة السويداء» (يقصد وزير الزراعة في التشكيلة الجديدة).

إحباط… ونواة ضيقة

غير أن هناك من شعر بالإحباط لضعف تمثيل النساء، وغياب التمثيل لكامل المكونات السورية، أو احتفاظ النواة الضيقة للسلطة القادمة من داخل «هيئة تحرير الشام» المنحلة، بوزارات سيادية كوزارة الدفاع التي احتفظ بها مرهف أبو قصرة، والخارجية التي احتفظ بها أسعد الشيباني، والداخلية التي كُلف بها رئيس الاستخبارات أنس خطاب، وأخرى اقتصادية كوزارة الطاقة التي كُلف بها محمد البشير، والعدل التي ذهبت لمظهر الويس، والأوقاف التي كُلف بها محمد شكري.

في المقابل، هناك من تفاءل باختيار شخصيات من التكنوقراط المخضرمين ورواد الأعمال ذوي الخبرات الدولية، وهم الغالبية في الحكومة الجديدة. وهذا من المؤشرات «الإيجابية»، بحسب رأي ناشطة مدنية من الساحل ضمن مجموعة مغلقة في تطبيق «واتس آب»، قالت فيها: «التمثيل غير مهم، المهم أن تكون حكومة مهنية قادرة على إعادة الحياة الطبيعية للبلاد».

وتضمنت الحكومة الجديدة 23 وزيراً، بعد دمج وزارتَي الكهرباء والنفط ضمن وزارة الطاقة، ودمج وزارتَي الاقتصاد والصناعة بوزارة الاقتصاد التي كُلف بها نضال الشعار أستاذ الاقتصاد النقدي والدولي، وزير الاقتصاد والتجارة السابق، ورئيس المجلس الأعلى للاستثمار، ورئيس «الجمعية الأميركية – السورية لرجال الأعمال»، وغيرها من الشركات الأميركية.

والشعار من أبرز الوزراء التكنوقراط، وقد سبق له العمل الوزاري في العهد البائد، إلى جانب وزير النقل السابق والحالي يعرب بدر المتخصص في علوم النقل والطرق وسلامة المرور.

    رسالة “رائد الصالح” @RaedAlSaleh3 للسوريين بمناسبة عيد الفطر السعيد، و تشكيل الحكومة السورية الجديدة، التي يشغل فيها منصب وزير “الطوارئ والكوارث والبيئة” بعد أن استقال من الخوذ البيضاء التي قادها لسنوات وحمل هموم السوريين وآمالهم بثبات، متحدثاً باسمهم في المحافل الدولية، وموحداً… pic.twitter.com/VxDA6kzydA

    — الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) March 29, 2025

ومن التكنوقراط البارزين أيضاً وزير الاتصالات رائد الأعمال السوري في مجالَي التكنولوجيا والإعلام، عبد السلام هيكل، وكذلك وزير الطوارئ والكوارث رائد صالح رئيس الدفاع المدني السوري المعروف باسم «الخوذ البيضاء»، ووزير الصحة طبيب جراحة الأعصاب نزال العلي، والتعليم العالي مروان الحلبي، والتربية محمد تركو، والزراعة أمجد بدر الرئيس السابق لمركز البحوث العلمية الزراعية في السويداء، والإعلام حمزة مصطفى، والإدارة المحلية محمد عنجراني، والسياحة محمد صالحاني، والتنمية محمد سكاف، ووزير الأشغال العامة والإسكان مصطفى عبد الرزاق، والشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات التي تعد المرأة الوحيدة في الحكومة الجديدة، وهي أكاديمية متخصصة في حل النزاعات وبناء السلام في جامعة جورج ميسين بالولايات المتحدة.

وقد لاقى اختيار معظم تلك الأسماء ارتياحاً في أوساط السوريين، رغم التحفظات المتعلقة بضعف تمثيل المرأة، أو تحفظ البعض على حجم تمثيل المكونات السورية. وبدا واضحاً توجّه الرئيس أحمد الشرع في بناء توازنات الاختيار على قاعدة الخبرات كأفراد لا مكونات، لتحييد الخلافات.

شجاعة «الصفر»

الناشط في المجال الإغاثي مروان جابر، اعتبر الاعتماد على التكنوقراط «حلاً يستقطب الغالبية السورية»؛ لأن الغالبية تتطلع إلى فتح «نافذة في جدار الاستعصاء السوري»، واصفاً الحكومة الجديدة بـ«المغامرين الشجعان؛ لأنهم قبلوا التكليف بوزارات يتم إعادة بنائها من الصفر».

وفي كلمته بافتتاح جلسة مراسم تشكيل الحكومة، تعهد الرئيس أحمد الشرع بالسعي إلى «بناء مؤسسات الدولة على أساس من الشفافية والمساءلة»، وعدم «السماح للفساد بالتسلل إلى المؤسسات الحكومية»، وقال إن أهداف الحكومة الجديدة هي «ضمان حقوق الإنسان، وتطوير منظومة التعليم في سوريا، ورعاية المزارعين بما يؤمّن الإنتاج للحفاظ على الأمن الغذائي، وإصلاح قطاع الطاقة، وتحقيق التنمية الزراعية، وإعادة النظر بالسياسة الضريبية، ودعم العملة الوطنية ومنع التلاعب في أسعار الصرف»، مع إيلاء «اهتمام كبير بالتطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي»، والعمل على «فرض الأمن في مختلف المناطق السورية».

الشرق الأوسط

————————————-

عدالة انتقالية وقانون أحزاب.. ماذا يريد السوريون من حكومتهم الجديدة؟

2025.03.30

تفاوتت رغبات السوريين ومطالبهم الموجهة إلى الحكومة الانتقالية التي أعلن عنها مساء أمس السبت، ما بين المضي في تحقيق عدالة انتقالية تطمئن المجتمع الدولي وتساعد في رفع العقوبات عن سوريا، وإطلاق قانون أحزاب يكفل التشاركية السياسية في البلاد.  

الحقوقي والمحامي المختص بالقانون الدولي والإنساني، نعيم أقبيق، رأى أنه في ظل استمرار العقوبات على سوريا، فإن الحكومة الجديدة أمام جملة من الخطوات لرفعها، من خلال اللجوء إلى المحافل الدولية، والحوار مع الأطراف المعنية، وتحقيق العدالة الانتقالية.

وقال أقبيق في حديث لصحيفة “الوطن

” المحلية: “نحن أمام إجراءات فردية أحادية، لأن الجهة المخولة فرض العقوبات هي الأمم المتحدة (مجلس الأمن وفق المادة 41 من الفصل السابع، التي تندرج في الجزاءات أو التدابير)”. وأوضح أن الإدارة الأميركية “كان عليها أن تعري النظام المخلوع على جرائمه التي ارتكبها، لا أن تفرض عقوبات على الشعب السوري”.

وأضاف أقبيق: “على الحكومة الجديدة المنبثقة أن تعمل على المطالبة من خلال المحافل الدولية بأنه لم يعد هناك مبرر لتلك الإجراءات الأحادية، وكذلك العمل على التفاوض مع الاتحاد الأوروبي وأميركا، وفي حال تعثر ذلك يطلب عقد جلسة لمجلس الأمن لرفع تلك الجزاءات أو الإجراءات الأحادية، لأنها تعد انتهاكاً للقانون الدولي ولم يعد لها مبرر”.

وشدّد على ضرورة تحقيق العدالة الانتقالية بوصفها حلاً لتلك الإجراءات، قائلاً إنه “لا مبرر أيضاً لتلك العقوبات في ظل مفهوم العدالة الانتقالية”، مشيراً إلى أنه على الحكومة “التشاور مع الأشقاء العرب وخاصة المملكة العربية السعودية التي لها دور إقليمي ودولي كبير، بما يساعد في رفع العقوبات عن سوريا”.

الحريات السياسية وقانون الأحزاب

من جانبه، قال المتخصص في القانون الدولي رائق شعلان في تصريحات لنفس المصدر: “سوريا لم  تعرف ظاهرة التعددية السياسية الحقيقية خلال حكم حزب البعث للبلاد، والسبب الرئيس في ذلك انعدام الديمقراطية”.

وأضاف: “إن الشعب السوري اليوم يتطلع بكثير من الأمل والتفاؤل للمستقبل مع تشكيل أول حكومة جديدة التي يفترض أن تقود سوريا إلى بر الأمان وتحقق أماني وتطلعات الشعب السوري ولا سيما انخراطه في حياة سياسية حرة من خلال إيجاد بيئة ديمقراطية ملائمة تمكن السوريين من تشكيل أحزاب سياسية تعمل كتنظيمات وسيطة بين الشعب والحكومة بما تحمله من برامج تتضمن مطالب الشعب واحتياجاته”.

بدوره، اعتبر الأمين العام لـ “الجبهة الديمقراطية السورية” محمود مرعي، أن الحكومة الجديدة هي “بداية التشاركية” وأمامها مهام كثيرة، وخاصة إصدار قوانين تتعلق بالحريات وتنظيم الحياة السياسية كقانون الأحزاب، مشدداً على ضرورة أن تؤسس هذه الحكومة لعمل مؤسساتي سواء كان محليأ أم تشريعياً أو نقابياً.

وقال مرعي إن من أبرز مهام الحكومة الجديدة إجراء انتخابات تشريعية ومحلية وإعادة انتخاب النقابات، آخذاً بالاعتبار أن أغلبية هذه النقابات تم حلها مثل نقابات المحامين والمهندسين والأطباء وغرف التجارة والصناعة.

ضم جميع أراضي الدولة

ورأى مرعي أن من مهام الحكومة أيضاً، إجراء حوار يعكس التنوع السوري، ولاسيما مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وذراعها السياسية “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد).

وأشار بهذا السياق الى أن هناك مناطق ما زالت خارج سيطرة الدولة، حيث الموارد الأساسية في هذه المناطق وخاصة في شمال شرقي سوريا والتي “لا بد أن تكون ملكاً للشعب والدولة”، وفق ما نقل المصدر.

تلفزيون سوريا

—————————

وزراء سوريون فدائيون/ معن البياري

31 مارس 2025

أمران ليسا تفصيليَيْن، بشأن الحكومة السورية الانتقالية المُعلنة الليلة قبل الماضية. الأول: مراسِمُ إشهارها مبتكرَة، غيرُ مسبوقةٍ في أي بلد، لم نعرف مثلَها عربياً، لا مصحفَ ولا إنجيل يَحلف عليه الوزير المعيّن في قَسَمه أمام رئيس البلاد. الوزير يقدّم، بإيجازٍ شديد، أمام الحضور والمشاهدين والمستمعين، السوريين وغيرهم، ما يشبه برنامج عملٍ سيُنجزه. الثاني: ترقّبَ السوريون (وعربٌ كثيرون) متابعة هذه المراسِمَ على الهواء مباشرة، في وقتٍ متأخّر، ويعني هذا أنهم قطعوا تماماً مع الزمن الذي لم يكونوا يكترثون فيه بالمشاهد إيّاها لرئيس حكومة ووزراء يصافحون بشّار الأسد، أو أباه من قبله، مع تعيين أولئك في مناصبهم. كان السوريون، الليلة قبل الماضية، معنيين، في فائضٍ من الاهتمام والترقّب، بمَن سيتسلّم وزارة التعليم العالي ومَن زميلُه وزير الاتصالات، ليتداولوا، من ثمّ، ما إذا كان هذان وغيرُهما على كفاءة في مهمّاتهم. ويعني هذا، أيضاً، أن السوريين استردّوا بلدهم يوم 8 ديسمبر (2024) المجيد، وباتوا يشعُرون، حقيقةً، بأن سورية لهم، وليست لعائلةٍ اختطفتها خمسة عقود. … يعرفون أنهم لم يعبُروا إلى حكمٍ ديمقراطي، تنهض فيه حكومةٌ متعيّنةٌ وتمثيليّةٌ من برلمانٍ منتخَب، تكون تعبيراً عن تدافع أوزان قوى وأحزاب سياسية في بلدهم، لكنهم، في الوقت نفسه، يجهرون بأنّ على كل وزيرٍ، قال ما قاله الليلة الماضية، أن ينتظر رقابةً شعبيةً على أدائه، بل وعلى شخصه أيضاً، أثقلََ من أي برلمان. وقبل أن ينام الوزراء ليلتهم الأولى وزراء، كان سوريون بلا عددٍ يرمونهم بدرجات التقييم والتقويم والرضا وعدمه، وبمن كان أنسبَ من هذا وذاك ليتولّى المسؤولية الوزارية في هذا الشأن وغيره. وإذ بدت الشعبويّاتُ على أشدّها في مواضع غير قليلة في هذا كله، إلّا أن لكثيرٍ مما انكتب قيمتَه، في تحسّس المزاج السوري العام وانتظاراته وآمالِه وتطلّعاته، وقيمتُه تلك، من قبلُ ومن بعد، هي في التدليل على أن سوريةً أخرى تعلن قيامتَها، سورية المنتسبة إلى أهلها.

زاوية نظرٍ أخرى في المقطع المصوّر الليلة قبل الماضية، من المشهد السوري العريض، تدعونا إلى اعتبار وزراء الحكومة الانتقالية فدائيين، فجبالٌ من الملفّات العويصة تنتظرهم، سيّما وأن أكتافهم ستنوء بالتعهدات التي نثروها أمام الجمهور العام. ولقائلٍ أن يقول هنا إنهم لو أنجزوا نصف ما وعدوا به مواطنيهم، في فترتهم الانتقالية، فسيُحرزون نجاحاً ما بعده نجاح. وكم أشفقتُ على وزير النقل، يعرُب بدر، وهو يَعد بالارتقاء بخدمات النقل العام، وبتكامل بين أنماط النقل الخاص والعام، فحافلاتٌ (باصاتٌ) شاهدتُها في شوارع رئيسية في دمشق، وفيها ركّابها، لا أغالي أبداً لو قلتُ إنها تصلح لاستخدامها في مسلسلاتٍ تلفزيونيةٍ عن عهد الانتداب الفرنسي، من فرط عتاقتها وبؤسها الذي يصيبُك بالذهول، وبالإعجاب بقدرتها على الحركة، وبإبداع سائقها في التعامل معها. … وبالنظر إلى ترهّلٍ عظيمٍ في مؤسّسات الدولة، وتجذّر الفسادَيْن، الصغير والكبير، عقوداً في التعامل مع شؤون الناس، ومع شُحٍّ شديدٍ في الموارد المالية اللازمة لخطط الوزارات ومشاريعها، ومع توزّع جغرافياتٍ سوريةٍ لم تخضع كلياً بعد لسلطة الدولة الواحدة الموحّدة، ومع تحسّبٍ من توتراتٍ أمنية غير مستبعدة، ومع تخلّفٍ ظاهرٍ في طرائق الإدارة والتسيير الحكومي، فإن الذي سُمع من الوزراء المحترمين عن أهدافٍ سيعملون على إنجازها، ويلحّ عليها السوريون، ويستحقون إنجازها، يبدو كثيرٌ منه أحلاماً كبرى، ومن ذلك قول وزير التنمية الإدارية، محمد سكاف، إن وزارته “ستركّز على هيكلة الجهات العامة وفق الاتجاهات العالمية الحديثة”.

كل الاحترام للذين ذهبوا إلى أولوية السياسي، وقالوا إنه لزم تقديمُه على كل اعتبارٍ في تعيينات الوزراء، ولكن الإنجاز العملي الملموس، في القطاعات الخدمية والمعيشية، في الزراعة والصناعة والإسكان والتعليم والصحة و…، هو ما يستعجل السوريون معاينَتَه بعيونهم، ولن يرحموا وزيراً يتباطأ في السير على هذا الممشى. ولهذا، ولغير سببٍ وسبب، لنا أن نقول إنّ الفشل ممنوع، وإن نجاح الوزراء، وجميعُهم مشهودٌ لهم بوطنيّة انتمائهم إلى بلدهم، غير مستحيل، وهم أدرى بالصعوبات والمعيقات والتحدّيات أكثر منّا، نحن الذين نرتجل تعليقاتنا، في دعةٍ من أمرنا. وآخر القول هنا إنّ كل السوريين، ومعهم كل العرب، مدعوون إلى إسناد التجربة السورية الراهنة، بارتباكاتها، وبالذي يُرضينا فيها ولا يُرضينا، لأن كلفة الإخفاق فادحة، كما أن مفاعيل أي انتكاسةٍ إلى الوراء مروّعة، لا سمح الله.

العربي الجديد

—————————

سوريا: حكومة جديدة وتحديات هائلة!

رأي القدس

تحديث 31 أذار 2025

إضافة إلى الاهتمام العربي والأجنبي الذي ناله إعلان حكومة جديدة في دمشق، فقد حظيت المراسيم التي أحاطت بهذه الواقعة باهتمام شعبي كبير عبّر عنه حجم التعليقات الكبير في وسائل التواصل الاجتماعي، والنقاشات التي أثارها بيان الحكومة الذي تلاه أحمد الشرع، رئيس الجمهورية، وأسماء الوزراء، وخلفياتهم، ومدى تمثيلهم للمكونات السياسية والطائفية والإثنية السورية.

تحوّل إعلان الحكومة إلى حدث سياسيّ يتنازع حوله السوريون، فلاحقوه بالتعليق والنقاش العام المفتوح، وتابعها المهتمّون بالشأن السوري العرب والأجانب عبر التلفزيونات ووسائل التواصل الاجتماعي، في مشهد لم يكن له نظير، على الأغلب، في 54 عاما، هي عمر الحقبة الأسدية التي ناخت باستبدادها الفظيع على الجغرافيا السورية وما حولها.

أظهر الرئيس السوري أحمد الشرع، في الخطب القصيرة القليلة التي ألقاها منذ تولّيه السلطة، فارقا ملحوظا هائلا عن المطوّلات المتعالمة والفوقية المثيرة للسخرية التي كان يلقيها بشار الأسد، رئيس النظام السابق، وكان ذلك واضحا في بيان الحكومة الجديدة، التي سيرأسها بنفسه.

تحدث الشرع، عن «ميلاد مرحلة جديدة» ولكنها «عصيبة» مشيرا إلى أن الحكومة ستجسد «الإرادة المشتركة» للسوريين، وقدّم محاور عملية لخطته، ركّزت على ظروف هذه المرحلة العصيبة وحاجات السوريين، ومن ذلك الحديث عن إصلاح قطاع الطاقة، لـ«توفير الكهرباء على مدار الساعة» ورعاية المزارعين «للحفاظ على الأمن الغذائي» و«تأهيل الصناعة» و«إصلاح حالة النقد» وإنشاء وزارة جديدة للطوارئ والكوارث، وكلّها قضايا تستجيب للقضايا الأساسية التي تشغل السوريين.

الفارق الكبير لهذه الحكومة عن سابقاتها في العهد السابق، يمثّله الطابع الإسلامي العامّ، والذي عبّر عنه احتفاظ 4 من الحكومة الانتقالية السابقة التي شكّلت بعد سقوط نظام الأسد بمناصبهم، وهم من «الحلقة الأساسية» التي جاءت مع الشرع، وأن 8 من وزراء الحكومة سبق أن عملوا في «حكومة الإنقاذ» في إدلب.

أظهر التشكيل اهتماما بتحقيق مطالب دولية، بالتعبير عن المكوّنات الأخرى في سوريا، فدخلت الوزارة السيدة هند قبوات، من الطائفة المسيحية، كوزيرة للشؤون الاجتماعية، وأمجد بدر، من الموحدين (الدروز) كوزير للزراعة، ويعرب بدر، من الطائفة العلوية، كوزير للنقل، ومحمد عبد الرحمن تركو، الكردي، وزيرا للتربية والتعليم.

عني تشكيل الحكومة باستقطاب أصحاب الخبرات والشهادات العلمية، فضمت 7 من حاملي شهادات الدكتوراه، و5 من حملة الماجستير، و4 أطباء، و5 من حاملي شهادة البكالوريوس، وشغل 18 من الوزراء مناصب ضمن مجالات اختصاصاتهم.

قدم عدد من الوزراء إلى الحكومة من مجالات عملهم في بلدان الخليج العربي (مثل عبد السلام هيكل المعين وزيرا للاتصالات والتقانة) وتركيا (وزير الإعلام حمزة مصطفى) وهو ما يظهر اهتماما بإشارة الشرع، في بيانه، إلى «الحفاظ على استقرار العلاقات الخارجية مما يؤمن المصالح المستدامة لسوريا وأصدقائها» كما أن لعدد من الوزراء خبرات دولية (مثل نضال الشعار الذي عمل مستشارا اقتصاديا في البنك الدولي في أمريكا، ويعرب بدر، الذي شغل منصب المستشار الإقليمي للنقل واللوجستيات في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لغرب آسيا).

أظهر تشكيل الحكومة اهتماما بالشباب الذين شغلوا عددا من الوزارات، وانضافت وزارة لهم (الشباب والرياضة) وكانت هذه الروحية الشبابية واضحة في بعض بيانات الوزراء، مثل محمد صالح، المعيّن وزيرا للثقافة، والذي ألقى أبياتا شعرية، وعبد السلام هيكل الذي أشار، مازحا، لاضطراره لاستخدام تطبيق الذكاء الاصطناعي «تشات جي بي تي» لاختصار كلمته.

كان لافتا، أيضا، أن أحد الحضور، الشيخ العشائري سعود نايف النمر، قام بانتقاد الشرع علنا أمام الحضور، وقد أجاب الشرع على الانتقاد بهدوء، وهي حادثة لم يكن من الممكن تخيّل تداعياتها، أو مجرّد حدوثها، في سياق نظام الأسد السابق، وهو ما كان مجالا إضافيا للتفكر والتعليق لدى السوريين الذين تابعوا المراسم.

نشر حادث تشكيل الحكومة، رغم الظروف «العصيبة» المحيطة بها داخليا وخارجيا، آمالا لدى السوريين بالتغيير والبناء اللذين وعد بهما بيانها، والكلمات الحماسية التي ألقاها الوزراء، ولكنّه رفع مستوى التوقعات المدعومة بإحساس بالأهلية على المحاسبة التي تدرّب السوريون عليها خلال سنوات الثورة العاصفة الطويلة، وهو ما يضع الحكومة الجديدة أمام مسؤوليات كبيرة لتحقيق وعودها.

القدس العربي

—————————

الثقافة السورية والوزير الغنائي/ صبحي حديدي

تحديث 31 أذار 2025

محمد صالح، وزير الثقافة في الحكومة التي أدّت اليمين أمام الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع مساء أمس الأوّل، استدرّ (إذا لم يكن قد استدرج) تصفيقاً إضافياً، واستحساناً جلياً لاح حتى على وجوه الصفوف الأولى من كبار الحضور؛ حين افتتح كلمته ببيتَيْن من شعره (هو «العبد الفقير» كما قال):

لقد صُمْنا عن الأفراح دهراً/ وأفطرنا على طبق الكرامة

فسجّلْ يا زمان النصر سجّلْ/ دمشقُ لنا إلى يوم القيامة

لكنه استدرك فأوضح التالي: «حين نقول دمشق لنا، فنحن نعني أنّ سوريا لنا، وهذه استعاضة بالبعض عن الكلّ. وحين نقول لنا فنحن نعني أنها للجميع، عرقاً وديناً ولوناً ومبتدأ ومنتهى»؛ فاستدرّ موجة ثانية من تصفيق الاستحسان.

ذاك كان استدراك الحدّ الأدنى، المطلوب والعاجل أياً كانت المقاصد الأمّ من البيت الثاني، وإشكالية «دمشق لنا» التي لم يكن لها أن تخفى لولا مسارعة الإعلامي/ الشاعر/ الوزير إلى توصيف نطاقاتها الدلالية الأوسع؛ بحيث تستبعد معنى استئثار فريق سياسي وعقائدي وعسكري بالعاصمة/ سوريا، إلى أن تقوم الساعة. ولو أنّ صالح لم يسارع إلى «ضبط» المعاني بما يُخرجها عن حيازة الفريق الواحد، لتشمل «الجميع»؛ فإنّ استقبال ذكاءً أم خطلاً، كان سيُبقي بوّابات التأويل مفتوحة على مصاريعها، ولا تثريب على السامع والمتلقي في الذهاب حيث يشاء استقراؤه.

ليس واضحاً، في يقين هذه السطور على الأقلّ، أنّ صالح كان مطلوباً منه أن يمثّل «وجه السحّارة»، كما نقول في تعبير سوري ومشرقي عريق، المتكفلّ بتجميل طقس غير مألوف، وفريد استثنائي ربما، في أداء حكومة جديدة القسم؛ وذاك كان حفلاً لم تغبْ عنه عناصر إخراج مسرحي، استوجب أيضاً انكشاف ردود فعل الحضور المتباينة، بين إقبال أو فضول أو رتابة. لكنّ صالح شاء انتهاج خيار شاعري وغنائي، وفيّ والحقّ يُقال لتكوينه الثقافي والإنساني، ولعله بذلك منح السوريات والسوريين فرصة المقارنة مع عثرات كثيرة طبعت خطابات عدد غير قليل من زملائه الوزراء، والسيدة الوزيرة الوحيدة بالطبع.

من جانب آخر، وحين انتقل الشاعر إلى مسؤولية الوزير هذه المرّة، فقد أعلن التالي: «إذا أردتُ أن أتحدث عن الثقافة باختصار شديد، فأقول هي أن نفتت ونبتعد عن كلّ المنظومة الثقافية التي كان يتبناها الوضيع البائد الهارب الذي كان يحتلّ هذا القصر»؛ وهذه استدرت موجة تصفيق ثالثة، يسهل إدراك بواعثها. كان في وسع صالح، بل توجّب عليه، أن يميّز على الفور بين ثقافة السلطة ونظام «الحركة التصحيحية» والسلطات والأنظمة عموماً، وبين ثقافة سوريا الشعب والبلد ليس في مستويات إنتاج المادّة الثقافية وحدها، بل بمصطلح الثقافة البشري والاجتماعي الأعمّ والأشمل كما تقرّ به العلوم الإنسانية. هذه لا تُفتّت مع تغيير السلطات أو الوزراء أو التدابير البيروقراطية إجمالاً بادئ ذي بدء، وفي بلد مثل سوريا تالياً ومن حيث الجوهر أيضاً.

ففي سوريا خلال عهود الأسدَين الأب والوريث، عمل موظفون في وزارة الثقافة أمثال المفكر أنطون مقدسي (1914ـ2005)، أحد شركاء أكرم الحوراني في تأسيس «الحزب الاشتراكي العربي»؛ ومن موقعه في مديرية التأليف والنشر أتاح ظهور عشرات الأعمال الرفيعة بين مؤلفات وطنية وترجمات عالمية. المقدسي هو، أيضاً، صاحب الرسالة الشهيرة إلى الأسد الابن، التي تقول بعض سطورها: «الشعب غائب يا سيدي منذ زمن طويل. إرادته مشلولة تقوم اليوم على تحقيق هدفين: (الأول) أن يعمل ليلاً ونهاراً كي يضمن قوت أولاده، (والثاني) أن يتبنى السلوك الذي يطلب منه (مسيرات، هتافات…). إن الذي يعصم هذا الشعب من الدمار هو أنه يتعايش مع هذا الوضع المتردي تعايش المريض مع مرض مزمن»، مطالباً في الختام أن يتحوّل الشعب «من وضع الرعية إلى وضع المواطنة».

وإذا كانت «ثقافة» السلطة قد فرضت أمثال علي عقلة عرسان وصابر فلحوط وكوليت خوري وحسين جمعة، فإنّ الثقافة السورية واصلت تقديم أسماء لامعة من طراز زكريا تامر وعلي الجندي وممدوح عدوان وهاني الراهب وعلي كنعان وعبد الله عبد. ولعلّ من خير الثقافة السورية أن يتذكر الوزير الجديد بعض ألمع سابقيه من شاغلي هذه الحقيبة الوزارية في تاريخ سوريا الحديث والمعاصر، ابتداءً من فتحي رضوان وثروت عكاشة وصلاح البيطار في زمن الوحدة، وعزت النص وأحمد السمان وشبلي العيسمي وعبد السلام العجيلي، أسوة بنقائض وزراء آل الأسد، أمثال مها قنوت ومحمود السيد ولبانة مشوّح ومحمد الأحمد.

جدير بالتذكير، إلى هذا، أنّ وزارة الثقافة في سوريا تشرف على أكثر من 20 مديرية (بين أبرزها: المراكز الثقافية، الفنون الجميلة، المسارح والموسيقى، حماية حقوق المؤلف، ثقافة الطفل…)، وتتبع لها الجهات التالية: الهيئة العامة للكتاب، المؤسسة العامة للسينما، المديرية العامة للآثار والمتاحف، المعهد العالي للفنون المسرحية، المعهد العالي للموسيقا، دار أوبرا دمشق. مهامّ صالح في خدمة الثقافة السورية تقتضي استطراداً ما هو أبعد، بكثير عميق بنيوي وجذري في الواقع، من مجرّد رغبة غنائية في تفتيت «ثقافة الهارب»؛ خاصة أنّ الشعب السوري عبر 61 سنة من انحياز مثقفيه إلى الحقّ والخير والجمال والتغيير الجوهري، تكفّل بتقزيم مثقفي الاستبداد إلى أبواق ناعقة في بوادي الارتهان والتبعية والارتزاق.

القدس العربي

———————–

 الرهان الأساسي لحكومة سوريا الانتقالية الأولى/ إياد الجعفري

الأحد 2025/03/30

بمراجعة كلمات وزراء أول حكومة انتقالية في سوريا، في حفل إعلان تشكيلها بقصر الشعب، يمكن لنا أن نستنبط رهاناً أساسياً شاركت بموجبه قامات خبيرة رفيعة المستوى في مشروع الرئيس أحمد الشرع، لرسم مستقبل البلاد. هذا الرهان الأساسي هو النجاح في إقناع الغرب ودول الإقليم برفع العقوبات أو تعليقها، ودعم التجربة الانتقالية في سوريا، سياسياً وأمنياً، ومن ثمّ مالياً واقتصادياً.

نلمح هذا الرهان في “لازمات” ترددت في كلمات معظم الوزراء، وأبرزها، الشراكة مع القطاع الخاص، خلق بيئة جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية، واستقطاب الخبرات السورية من الخارج.. إلخ. وقد يكون أوضح تعبير عن هذا الرهان، تلك الرسائل التي وجّهها وزير الاقتصاد، نضال الشعار، بالحديث عن رغبة الحكومة ببناء دولة “طبيعية مسالمة وصديقة للجميع”، “ترتكز على مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل”، وحينما تحدث عن “الشراكات الاقتصادية والانفتاح الاقتصادي”، وعن “التعاون والحوار مع مختلف الدول بهدف الاستقرار والتنمية”.

استقرار هذا الرهان في تصوّر وزراء الحكومة الجديدة، لمسار عملهم المستقبلي، مطمئن إلى حدٍ كبير. فهو يعني أن إدارة الشرع ليست في وارد الذهاب باتجاه “صقورية” ارتفعت أصوات معبّرة عنها مؤخراً، وإن على نطاق محدود، كرد فعل على ما اعتُبِر ابتزازاً غربياً للسلطة في دمشق، عبر تقديم لائحة مطالب عليها الالتزام بتنفيذها كشرطٍ للدعم ورفع العقوبات. واقترح بعض هؤلاء “الصقوريين” اقتراحات مشابهة لتلك التي كانت شائعة من منظّري النظام البائد، من قبيل، أن رفع العقوبات ليس الشرط الوحيد لنهضة البلاد اقتصادياً. وأن من الممكن تنفيذ جملة إجراءات داخلية لتحسّين الأوضاع المعيشية، بمعزل عن الخضوع لابتزاز الخارج. وهي الفلسفة ذاتها التي اعتمدها نظام بشار الأسد في السنوات الست التي تلت العام 2018، والتي رفض بموجبها مختلف مبادرات التفاهم مع دول الإقليم والقوى الدولية الفاعلة، وماطل الأطراف المراهنة على التفاهم معه، حتى يئست منه، وصولاً إلى رفع الغطاء عنه، عشية سقوطه.

لا يعني ما سبق، الخضوع لابتزاز الخارج بصورة كاملة، بل يعني المساومة والتفاوض والبحث عن حلول وسط، تجمع مصالح الطرف السوري مع مصالح الأطراف الخارجية المعنية. والهامش لتحقيق ذلك واسع للغاية. خصوصاً في ظل خشية الإقليم ومعظم الأطراف الدولية المهتمة، من انهيار الاستقرار الهش بسوريا، ونتائج ذلك الكارثية على المحيط، وليس فقط على السوريين. لكن يبقى هذا الرهان على جذب الدعم الإقليمي والدولي المأمول، في مواجهة تحديات كثيرة، أبرزها، خلق ظروف ملائمة من التعاون والانسجام بين أعضاء وزارة هجينة، تضم مكونين رئيسيين، بخلفيات، وربما أهداف، متنافرة. وسيكون على الشرع، الذي ارتأى إلغاء منصب رئاسة مجلس الوزراء وفق “الإعلان الدستوري”، أن يقوم بنفسه بحل عُقَد التعاون المنتظرة، داخل وزارته. وهي نتيجة لمسعاه الجلّي لإرضاء مختلف القوى والأطراف التي يهمه إرضاؤها، مع الاحتفاظ بحصّة الأسد من النفوذ والقوة، عبر وزارات بعينها.

فمع احتفاظ النواة الضيّقة للسلطة ممثّلةً بشخصيات وازنة من “هيئة تحرير الشام”، بوزارات سيادية وأخرى اقتصادية نوعية (الطاقة)، مقابل شخصيات من التكنوقراط المخضرمين وروّاد الأعمال ذوي الخبرات الدولية، سيكون توجيه دفة الوزارة باتجاهٍ واحد أمراً ليس بالهيّن.

ومن التعيينات الوزارية التي تستحق الوقوف عندها، كان تصدير رئيس جهاز الاستخبارات بوصفه وزيراً للداخلية. ولفهم أهداف هذا التعيين، يجب أن ننتظر لنرى إن كان هناك خطوة لاحقة على صعيد ترتيب المنظومة الأمنية. فإن كان ذلك مقدمة لظهور اسم جديد للعلن، سيترأس جهاز الاستخبارات، فهو يعني “تكسير رتبة” لأبرز أمنيي “تحرير الشام سابقاً”، أنس خطاب، جراء الفشل الأمني في توقع وإدارة المعركة مع فلول النظام بالساحل السوري، قبل نحو أسبوعين. أما إن كان سيتم إلحاق جهاز الاستخبارات بوزارة الداخلية، فهذا سيعني العكس، تماماً، أي تعزيز موقع ونفوذ أنس خطاب. والأهم، ربط المنظومة الأمنية بمرجعية حكومية، خلافاً لما كان عليه الأمر في زمن النظام السابق. وهو ما قد يعني ضبطاً أكبر لهذه المنظومة، وربما الحد من تغولها على باقي مؤسسات الدولة، كما نأمل.

أما التعيين الآخر الذي يستحق الوقوف عنده مطوّلاً، أيضاً، فهو تعيين أبرز شرعيي “تحرير الشام سابقاً”، كوزير للعدل، مظهر الويس، الذي احتل موقعاً في مجلس الإفتاء الأعلى، أصبح أيضاً على رأس السلطة القضائية، بخلفية أيديولوجية “سلفية”، وبحمولة شرعية لا حقوقية. ويمكن تفسير هذا التعيين بوصفه مسعى لإرضاء “سلفيي” القاعدة الصلبة للسلطة، ممثلة بكوادر وقيادات “تحرير الشام سابقاً”، لموازنة تعيين الشيخ أسامة الرفاعي، “ذي الخلفية الأشعرية” مفتياً عاماً للجمهورية. وهو مؤشر مثير للقلق، إن تم النظر إليه من زاوية المستقبل المُنتظر لإعادة هيكلة سلك القضاء في البلاد، بنفَسٍ شرعيٍّ، لا حقوقيّ. ورغم ذلك، نتوقع أن ينجح الويس في تحقيق أبرز أهداف برنامجه المُعلن. تحقيق “سرعة التقاضي”، و”التصدي للفساد”. إذ مع الخلفية الأيديولوجية التي يأتي منها الويس، فإن استمرار تفشي الفساد في سلك القضاء السوري، كما كان في زمن النظام البائد، سيكون إدانة كبرى لشخصه وللأيديولوجيا التي يمثّلها. وإن نجح في تحقيق تلك الأهداف، فسينعكس ذلك إيجاباً على مجمل النشاط الاقتصادي والإداري في البلاد، بعد عقود تحوّل فيها “التقاضي” في سوريا إلى محط سمسرة، تقلب الحق باطلاً، في كثير من الأحيان. أما الانعكاس السلبي المحتمل لهكذا نجاح، فسيكون “أسلمة” الفضاء القضائي السوري، وبصورة تتلائم مع مشروع بعيد المدى لما بات يبدو بوصفه “دولة عميقة”، في طور التأسيس.

في الختام، لم تكن تشكيلة الحكومة الانتقالية الأولى في “سوريا الجديدة”، محبِطة بالمجمل. كما أن الرهان المتبدي في كلمات معظم وزرائها، يعني أن انفراج عقدة العقوبات وعقد صفقات مع دول الإقليم والغرب، تتيح فتح باب الاستثمار وإعادة الإعمار، أمر ما زال يشكّل بوصلة السياسة الخارجية لإدارة الشرع، بصورة رئيسية. أما في دهاليز العمل الحكومي المرتقب، فتبقى كل العُقَد في قبضة الشرع وحده. ولذلك وجهان، مرونة وسرعة في اتخاذ القرار، وشخصنة للسلطة وتعزيز للبعد الفردي فيها.

المدن

———————

حكومة الشرع الانتقالية… الاولى على كل سوريا/ رضوان زيادة

كان مفاجئا غياب وزارة للاجئين والنازحين

آخر تحديث 31 مارس 2025

وأخيرا، أُعلنت الحكومة التي انتظرها الجميع. والجميع هنا هم المجتمع الدولي الذي يراقب تشكيل الحكومة عن كثب، والدول العربية التي كررت دول رئيسة فيها كمصر، ضرورة أن تشمل الحكومة الجديدة كل المكونات، وطبعا السوريون الذين انتظروا الإعلان عن هذه الحكومة بهدف الخروج من حكومة تصريف الإعمال التي كانت امتدادا لحكومة الإنقاذ التي شكلت في إدلب، المنطقة التي كانت تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام” قبل أن تتمكن بمساعدة فصائل عسكرية أخرى من إسقاط نظام بشار الأسد وتحرير سوريا وبدء تاريخ جديد لها في الثامن من ديسمبر/كانون الأول من العام الفائت.

في البداية يمكن القول عنها، إنها أول حكومة سورية ستبسط سيادتها فوق كل الأراضي السورية بعد أن كانت سوريا مقسمة إلى أربع حكومات تعمل على الأرض السورية وفق أربعة نظم سياسية مختلفة، فهناك ما يسمى مناطق الإدارة الذاتية أو “قسد” التي تديرها بدعم من الولايات المتحدة التي كانت تقصف بشكل دائم مناطق في سوريا يعتقد أن تنظيم “داعش” يسيطر عليها وتسمح لإسرائيل بقصف مناطق الميليشيات الإيرانية. وهناك مناطق شمال غربي سوريا من مثل “درع الفرات” و”غصن الزيتون” وغيرهما كانت تديرها الحكومة المؤقتة المشكلة من قبل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وبدعم من تركيا التي كانت وما زالت تحارب النسخة السورية من حزب “العمال الكرستاني” على الأراضي السورية في منبج وفي كل المناطق الحدودية مع سوريا.

وكانت لدينا إدلب التي كانت تحكمها “هيئة تحرير الشام” وشكلت فيها حكومة أطلقت عليها اسم “حكومة الإنقاذ”. والحكومة الرابعة كانت حكومة نظام الأسد في العاصمة السورية دمشق، كانت الحكومات الأربع تعمل على الأرض السورية بالتوازي، ولكل منها نظام مروري وتعليمي مختلف على سبيل المثال، ونموذج اقتصادي قائم على طريقة تحصيل وتقاسم الموارد السورية الشحيحة بالأصل.

لقد كانت سوريا ورغم حكوماتها الأربع رمزا لدولة فاشلة نصف سكانها لاجئون وأكثر من 87 في المئة من سكانها النازحين والمقيمين على أراضيها يعيشون في فقر مدقع دون أن تمتلك هذه الحكومات الأربع على اختلاف ما بينها، أية قدرة على تأمين خدمات الدولة الأساسية من مياه وكهرباء. هذا فضلا عن كون مناطق السيطرة السورية تتوزع بين مناطق تسيطر عليها دول خارجية من روسيا إلى الولايات المتحدة إلى تركيا، وتبقى السماء مفتوحة لكل من يرغب بالقيام بقصف من أي نوع كان ضد أي فريق كان. فالولايات المتحدة تقصف أهدافا تدعي أنها لـ”داعش”، أو أن إيران وروسيا تقصف مستشفيات ومراكز طبية في إدلب وريفها. أما تركيا فتقصف مواقع تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” في مناطق مثل عفرين ومنبج.

وبعد أكثر من مئة يوم تقريبا، تغيرت كل الخرائط السورية كليا وولدت حكومة وطنية جديدة عليها أن تخلف هذه الحكومات الأربع ومناطق سيطرتها، فحكومة الأسد ممثلة في رئيس الوزراء الجلالي انهارت مع نظامه وخلفتها حكومة الإنقاذ في إدلب تلك التي كانت تدير الخدمات الأساسية فيها، بينما كانت تعد “هيئة تحرير الشام” لعملها العسكري التاريخي في إسقاط النظام في دمشق، الحكومة المؤقتة أقرت بأن الشرع أصبح الرئيس الشرعي لسوريا وسلمت كل ملفاتها مع نهاية شهر فبراير 2025 لـ”حكومة الإنقاذ” في دمشق التي أصبح اسمها حكومة تصريف الأعمال.

أما حكومة الإدارة الذاتية فتستعد لتسليم ملفاتها بعد توقيع الاتفاق التاريخي بين الشرع وقائد “قسد” مظلوم عبدي في منتصف شهر مارس 2025، وكما وعد الرئيس الشرع منذ استلام “حكومة الإنقاذ” لمقاليد الأمور في دمشق في نهاية شهر ديسمبر 2024 أن هذه هي حكومة تصريف أعمال وستعقبها حكومة انتقالية شاملة في شهر مارس 2025 وفعلا جرى تشكيل هذه الحكومة في قصر الشعب في نهاية شهر مارس 2025 بعد أن تم إطلاق إعلان دستوري حول شكل النظام السياسي من نظام برلماني إلى نظام رئاسي ملغيا بذلك منصب رئيس الوزراء ومحولا الحكومة إلى وزراء يخدمون تحت إدارة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع تماما كما في النظامين الرئاسيين الأميركي والتركي.

ضمت الحكومة الجديدة 23 وزيرا ولذلك تعد حكومة كبيرة في مقاييس الأنظمة الرئاسية التي تفضل دوما أن تكون وزارات مكثفة بهدف الوصول إلى حكومة رشيقة وتخفيف الأعباء البيروقراطية، بل إننا نتابع اليوم كيف ألغى الرئيس ترمب وزارة التربية التي أسست في الستينات من القرن الماضي وإعادة شؤون التربية للولايات دون أن يكون للحكومة الفيدرالية دور في تنظيم شؤون التربية.

وتستعيد النظم الرئاسية بدلا عن ذلك بما يسمى الوكالات الحكومية أو الهيئات الحكومية التي لم يعلن عن أي منها في حكومة الشرع الانتقالية واقتصر تشكيلها على الوزارات الثلاث والعشرين.

لقد جرى حذف ثلاث وزارات كانت موجودة في حقبة الأسد هي وزارات الري التي ألغيت كلياً ووزارة الكهرباء التي أدمجت ضمن وزارة الطاقة والتي أشار إليها الرئيس في خطابه الاقتتاحي التكليفي للحكومة بأن وزارة النفط والكهرباء ستدمجان ضمن وزارة الطاقة.

أما الوزارة الثالثة التي ألغيت من حكومة الأسد الأخيرة فهي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلكفي مؤشر واضح لاتجاه حكومة الشرع نحو مبدأ اقتصاد السوق أو الاقتصاد الحر، وإلغاء الرقابة الحكومية التي غالبا ما تقود إلى الاحتكار والفساد الحكوميين بدل أن تقود إلى المنافسة وتعزيز الشفافية في السوق.

وكان مهماً أن وزيري الاقتصاد والمالية كليهما من مدينة دمشق. وزير الاقتصاد نضال الشعار ووزير المالية محمد يسر برنيه ربما في مؤشر لتطمين النخبة الاقتصادية في مدينة دمشق التي بات يطلق عليها “البرجوازية الدمشقية” لكنها وفق المعايير السورية تبدو في غاية التواضع بعد أن أرهقها نظام الأسد على مدى عقود، وخاصة خلال سنوات الحرب.

كان تركيز المجتمع الدولي على تشكيل الحكومة كبيرا بهدف إظهار صفة الشمولية والتنوع اللتين غابتا عن حكومة تصريف الأعمال بعد التحرير، الآن في الحكومة الانتقالية نجد التنوع طائفيا وسياسيا ومناطقيا بشكل كبير، حيث دخل 13 وزيرا الحكومة لأول مرة، ولم يبق من حكومات الأسد سوى اثنين هما وزير النقل ووزير الاقتصاد.

وضمت الحكومة الانتقالية علويا ودرزيا ومسيحية وكرديا بما يحقق التنوع الطائفي، كما ضمت من خلفيات سياسية متنوعة ليست بالضرورة تنتمي إلى “هيئة تحرير الشام” التي ما زالت تهيمن على الوزارات السيادية من مثل الخارجية والدفاع والداخلية والعدل واحتفظت بما يقارب 9 وزارات في الحكومة بينما دخل التكنوقراط بقوة إلى الحكومة عبر وزارات الاقتصاد والمالية والتعليم العالي والصحة والتربية، وأيضا وزراء ينتمون إلى المجتمع المدني كوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات ووزير الإعلام حمزة المصطفى ووزير الكوارث والطوارئ رائد الصالح.

وكان لافتا استحداث وزارتي الكوارث والطوارئ ووزارة الشباب والرياضة لكن غياب وزارة للاجئين والمهجرين، وأعتقد أن هذه كانت أهم عيوب الحكومة الجديدة. فقضية النزوح الداخلي واللجوء في دول الجوار هي أهم القضايا الإنسانية في سوريا اليوم ويتأثر بها أكثر من 8 ملايين سوري داخليا وخارجيا كان يجب أن تعطى الاهتمام السياسي الأول والأخير وتشكيل وزارة بهدف وضع الإحصاءات والدراسات الدقيقة ووضع البرامج والخطط لإعادة المهجرين إلى بيوتهم ومدنهم وقراهم، وتأمين التمويل اللازم من أجل تحقيق ذلك.     

المجلة

——————————–

الحكومة السورية الجديدة… أسئلة وأجوبة/ إبراهيم حميدي

ماذا يعني تشكيل الحكومة؟ ما الأبعاد السياسية والصلاحيات؟

آخر تحديث 30 مارس 2025

أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع تشكيلة أول حكومة سورية انتقالية بعد مرور حوالي ثلاثة أشهر على سقوط نظام بشار الأسد. وهنا أسئلة وأجوبة عن معنى تشكيل الحكومة وعلاقة ذلك بقرارات أخرى، وعن المشهد السوري العام.

أولا: من رئيس الحكومة وما مدتها؟

هذه أول حكومة انتقالية منذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول. مدة المرحلة الانتقالية خمس سنوات بموجب الإعلان الدستوري (المادة 52). والرئيس الانتقالي أحمد الشرع هو رئيس الحكومة بموجب الإعلان الدستوري (المادة 31). ويحق للرئيس أن يعين “نائبا للرئيس أو أكثر” بموجب الإعلان الدستوري (المادة 34).

والرئيس الشرع وهو رئيس الحكومة. وزير الداخلة السابق علي كده، سيكون أمينا عاما للحكومة.

ثانيا: هل هي حكومة جامعة؟

تضم الحكومة 22-23 وزيرا من جميع المكونات السورية، عربا وأكرادا، مسلمين ومسيحيين، سنة وعلويين ودروزا. لكنها لا تضم تكتلات سياسية. الوزراء الموجودون في الحكومة يشاركون كأفراد وليس كممثلين عن قوى سياسية.

ثالثا: هل شاركت القوى السياسية والعسكرية في الحكومة؟

بموجب المادة السابعة من بيان “يوم النصر” في 29 يناير/كانون الثاني 2025، “تُحل جميع الفصائل العسكرية والأجسام الثورية السياسية والمدنية، وتدمج في مؤسسات الدولة”.

وهذا يعني أن جميع التكتلات العسكرية والسياسية والمدنية لم تعد مرخصة، لذلك ليست مشاركة في الحكومة بشكل رسمي.

رابعا: هل شاركت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)؟

لم تشارك “قوات سوريا الديمقراطية” أو “الإدارة الذاتية” أو “مجلس سوريا الديمقراطية” في الحكومة، وقالت إنها لن تشارك في حفل إعلان الحكومة. وأعلنت “الادارة الذاتية” الأحد، ان تشكيلة الحكومة “لم تأخذ التنوع بالاعتبار”، وانتقدت “الاستئثار والاقصاء”.

الرئيس أحمد الشرع وقّع مع قائد “قوات سوريا الديمقراطية” مظلوم عبدي في دمشق اتفاق مبادئ في 10 مارس/آذار. وعقدت اجتماعات بين لجان فرعية من الطرفين، وستستأنف الاجتماعات بعد يومين. وتتناول اللقاءات المشاركة السياسية في الحكم الجديد وانضمام “قوات سوريا الديمقراطية” إلى الجيش الجديد.

يشار إلى أن وزير التربية في الحكومة الجديدة كردي من عفرين في ريف حلب. لكنه لا يمثل القوى السياسية والعسكرية.

خامسا: ماذا عن القوى الدرزية في السويداء؟

يوجد في الحكومة وزير درزي، هو وزير الزراعة. لكنه ليس مرشحا من الفصائل المسلحة أو القوى الدينية في السويداء، بل يشارك بصفة فردية وليس ممثلا لكتلة سياسية أو عسكرية. أنتقد كيان عسكري من السويداء “حكومة اللون الواحد”.

سادسا: هل النظام السوري السابق ممثل في الحكومة؟

هناك وزير علوي في الحكومة وهو وزير النقل يعرب بدر. عمل 6 سنوات في حكومة بشار الأسد (2006-2011) وهناك وزير الاقتصاد محمد نضال الشعار الذي عمل أكثر من سنة في حكومة بشار الأسد (2011-2012). الأول ترك الحكومة بعد الثورة في 2011 والثاني تركها بعد سنة وانتقل للعيش بين بريطانيا والامارات.

سابعا: هل المرأة ممثلة في الحكومة؟

هناك امرأة واحدة هي وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات، من دمشق. وهي مسيحية في الوقت نفسه.

ثامنا، ماذا عن الحقائب السيادية؟

وزارات الدفاع والخارجية والداخلية والعدل لا تزال لوزراء من “هيئة تحرير الشام”. ضمت الحكومة سبعة وزراء من “حكومة الانقاذ” التي كانت قائمة في ادلب، قبل سقوط النظام. مدير الاستخبارات أنس خطاب اصبح وزيرا للداخلية بدلا من علي كده الذي عين أمين سر الحكومة. رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد البشير اصبح وزير الطاقة بعدما تم دمج وزارتي النفط والكهرباء.

تاسعا: من أين جاء الوزراء جغرافيا؟

جاء بعض الوزراء من سوريا من محافظات مختلفة عدا محافظتي درعا والرقة (وطرطوس- وزير المواصلات دمشقي من اصل طرطوسي). حصة ادلب هي الاكبر باربعة حقائب (الطوارىء، الرياضة، الاسكان، والطاقة، اضافة الى أمين السر) وهناك وزراء تكنوقراط كانوا في المهجر من خارج البلاد، في الخليج (وزيران يعيشان في الامارات) وأوروبا وأميركا ويحملون شهادات من جامعات غربية. وزير الثقافة محمد صالح كان لديه برنامج على قناة “الجزيرة” ووزير الاعلام حمزة مصطفى كان مدير عام “تلفزيون سوريا” (المعارض سابقا). وزير الصحة مصعب العلي عين بدل شقيق الرئيس الشرع، ماهر الشرع الذي ادار الوزارة في الاشهر الثلاثة الماضية.

عاشرا: ما علاقة الحكومة بالقرارات الأخرى؟

قبل تشكيل الحكومة، تم تعيين عبدالقادر حصرية، الخبير المالي، حاكما لمصرف سوريا المركزي. كما شكل الرئيس الشرع مجلس الإفتاء الأعلى، وعيّن أسامة الرفاعي مفتيا عاما لسوريا. أي إن هذا المنصب عاد إلى الدمشقيين. كما ضم المجلس رجال دين من دمشق. وضم رجال دين عملوا خلال حكم النظام. إذن، هناك أشخاص عملوا مع النظام تم تعيينهم في مجلس الإفتاء وفي الحكومة.

تجدر الإشارة إلى أن الرفاعي رجل دين وسطي، وكان قد انتقد “هيئة تحرير الشام”. أيضا، استقبل الرئيس الشرع رجال دين شيعة قبل يومين، في وقت لا يزال متمسكا بمنع وجود إيران و”حزب الله” في سوريا.

المجلة

—————————

ولادة حكومة التكنوقراط السورية من دمشق التي “عادت لنا حتى يوم القيامة”/ محمد السكري

2025.03.31

انتهت في 30 آذار من العام 2025 مهمة حكومة تصريف الأعمال في سوريا، والتي حملت على عاتقها إدارة الاستقرار الهش “تركة الأسدية” حيث استطاعت قبلها حكومة التصريف رغم كل الظروف الصعبة المحيطة بها والوسط المتأزم الذي علمت به، وعلى قدراتها المتباينة في تمهيد الطريق أمام سوريا من أجل ولادتها من جديد، فظروف التنقل والانتقال من حكومة تصريف الأعمال إلى حكومة انتقالية ليس بالأمر الهين والسهل، ومؤشرات النجاح ضمن الظروف السورية أقل بكثير من النجاح، فقد شكك كثر بقدرة تلك الحكومة على التعامل مع التحديات المركبة الكثيرة ومحاولة رسم ملامح دولة بالحد الأدنى، لأنّه لا مناص من ولادة سوريا الجديدة ولا يوجد خيار آخر سوى مواجهة الظروف المعقدة وتجاوزها بأي ثمن؛ فلا يمتلك الشعب السوري ترف البكاء على الأطلال بل العمل السريع على إزالتها بأي ثمن، فبديل النجاح هو الفشل ودخول البلاد في دوامة عنف طويلة؛ وهذا أكثر ما كانت تعمل عليه منظومة الأسد العسكرية والأمنية والاجتماعية خلال المرحلة الماضية ما عدا القوى الدولية والإقليمية التي ترى في استقرار سورية الجديدة تهديداً لمصالحها.

إذن، تشكلت الحكومة السورية الانتقالية، بعد عناء من الاستبداد دام عقودا طويلة، لتكون هذه الحكومة أولى حكومة “تكنوقراط” في سوريا منذ ستينيات القرن الماضي، ليعود مع تلك الحكومة الكفاءات السورية، بالتالي تعود السياسة لسوريا من جديد، وقد سبق هذا التشكيل جو ديمقراطي لافت للنظر بين السوريين المؤيدين والمعارضين والذين لديهم ملاحظات عديدة، ولدت هذه الحكومة من رحم الانتصار السياسي الذي لحق الانتصارات العسكرية والأمنية، لتكون دلالة على ولادة سوريا الجديدة، وأتت هذه الحكومة في سياق جو عام اجتماعي لافت للنظر وسط اهتمام كبير بين السوريين، يحاكي هذا الفضاء حالة حريات واسعة لم تعرفها سوريا منذ عقود، وكأنه مشهد هارب من أرقى ديمقراطيات العالم، وليس في سوريا التي كانت قبل أشهر قليلة كُلفة الكلمة بها رصاصة أو اعتقال بأحسن الأحوال.

لدى الحكومة الانتقالية، تحديات عديدة، على رأسها ملفات الخارجية التي يؤديها وزير الخارجية السوري ” أسعد الشيباني” أداءً جيداً في محاولة “إدارة المتناقضات” الدولية واستعادة مكانة  سوريا في المجتمع المدني عبر اعتماد سياسة “الحياد الإيجابي” في محاولة التعامل مع المصالح المتضاربة داخل الملف السوري وتحويلها لمصالح متشابكة على الأقل من ناحية جعل مقاربة “استقرار سوريا” مفيدة أكثر من “الفوضى” بالتالي تحويل سوريا من ساحة لتضارب المصالح إلى ساحة لبناء التوافقات وذلك باستخدام مبدأ الوساطة الدولية أو الإقليمية عبر تعزيز العلاقات مع دول مركزية في الإقليم أو القطب؛ ولعلّ درس ترسيم العلاقات مع لبنان هو من جراء نجاح دبلوماسي للسياسات السورية في محاولة استعادة التموضع في الإقليم، بينما يعتبر ملف العقوبات الاقتصادية أكثر الملفات أهمية بالنسبة إلى الخارجية السورية؛ وقد استطاعت عبر الخطاب المتزن نزعَ بعض المكاسب وإزالة بعض العقوبات؛ مما يشي بإمكانية التعويل على الدبلوماسية السورية في تذليل العقبات الاقتصادية في البلاد، وتجنيب البلاد أي انتهاك عسكري ممكن خاصة جنوبي البلاد الذي يعاني من كبرى التهديدات عبر إسرائيل الحذرة والمتخوفة من ولادة سوريا مستقرة وقوية.

في حين يتسم ملف الداخلية بتحديات أكثر تركيباً على رأسها استعادة مركزية السلطة والتعامل مع التحديات الأمنية رغم أنّ شكل الداخلية يأخذ بعداً محلياتياً لكن خصوصية الملف السوري، تدفع للتعامل مع الملف من مداخل أمنية لأنّ السؤال السوري ما زال “أمنياً” على الرغم من الجهود المبذولة للتدرج نحو المدنية والاجتماعية والسياسية، ويتسق العمل في الملفات الداخلية على الدور الحوكمي في ملفات النقل والصحة والزراعة والصناعة والاقتصاد أو ما يمكن أن يندرج ضمن “الوزارات الخدمية”، سوريا تعاني من ضعف كبير في البنية التحتية التي تحتاج إلى إعادة تأهيل من جديد وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وهذا ينطبق على القطاع الزراعي والتجاري اللذين فقدا حظوتهما في الموازنة الوطنية، أمّا الاقتصاد فهو يلازم السؤال الأمني؛ فأي نجاح أمني لا يرافقه نجاح على مستوى الاقتصادي هو نجاح ناقص، والعكس صحيح كذلك مما يجعل عمل الوزراء متداخلا وبحاجة تنسيق مرتفع للغاية.

وفي التدرج نحو ما يمكن تسميته “وزارات الهويّة” المعنية بشؤون العدالة والسلم الأهلي والثقافة السياسية والاجتماعية فهي تحمل على عاتقها أكثر المسؤوليات تعقيداً فبناء الهوية السورية عبر إعادة تعريف سوريا في وجدان المواطن السوري أكثر المهمات صعوبةً، كما أنّها لا تكتمل من دون تحقيق العدالة الانتقالية وبناء السلم الأهلي، حيث تحتاج هذه الملفات إلى وقت وجهد كبيرين من أجل أن نرى نتائج فعليّة، إذ يجب أن لا تتحول الهوية السياسية للقوى التي ثارت ضد نظام الأسد إلى وسيلة للعزل والإقصاء، وأن لا تتحول الأسدية إلى أداة لتعزيز مظلومية الأقليات على حساب المواطنة الجامعة.

أمّا وزارة الشؤون الاجتماعية، فهي تحمل على عاتقها مسؤولية حساسة لتوضيح حجم المجال العام في سوريا الجديدة، ضمن إطار وأهداف الحفاظ على مكتسبات الثورة السورية، وعدم ميل كفة السؤال الأمني على حساب المدني مهما كلف ذلك من مخاطر فالموازنة بينهما تساعد على تجاوز تساؤل المخاطر، حيث تسهم هذه الوزارة بتعزيز المشاركة الاجتماعية وتغير التصورات المسبقة عن هوية الحكومة ونزع صفات قد لازمت أو أُلصقت بسوريا الجديدة عن قصد أو غير قصد.

أمّا على الصعيد الإعلامي، فعلى الرغم من تدمير نظام الأسد لبنية سوريا الإعلامية ضمن القطاع الحكومي فإن مؤسسات الثورة السورية استطاعت بناء تراكم يمكن الاستفادة منه وتوظيفه ضمن مؤسسات الدولة السورية، وخاصة بعد تعيين الدكتور “حمزة المصطفى” الذي يمتلك تجربة وفيرة ونجاحا مهما في تلفزيون سوريا مما قد يساعد على توظيف النجاح السابق ضمن مؤسسات الدولة الجديدة في سياق استراتيجيات الإعلام الجديد.

بالمجمل، يمكن اعتبار الحكومة الجديدة هي حكومة تكنوقراط حيث ضمّت معظم فئات المجتمع السوري، رغم قلة حضور العنصر النسائي إلا أنّ التنوع الكبير داخلها يمكن أن يعتبر خطوة أولى نحو سوريا الجديدة لكن وجود العنصر الشبابي كان كبيراً حتى ضمن مواليد التسعينيات، فالتكامل يحتاج إلى وقت طويل، والأهم أن هذه الحكومة ضمت عناصر عديدة بين من كان في مؤسسات الدولة، أو ضمن مؤسسات الثورة، أو ضمن حكومة الإنقاذ في إدلب، ونزعت صفة أي محافظة سورية وباتت تمثّل الكل لا الجزء، وليكتمل مشهد تشكيل الحكومة التاريخي كان لا بدّ من اعتراضٍ قام به رجلٌ رفضَ الدخولَ في الحكومة في دلالة على أن هذه الثورة يتعلم منها الدهر، لأنها فتحت مجالاً واسعاً من الحريات، لتشير إلى أن دمشق بالفعل “عادت لنا إلى يوم القيامة” كما أحبّ أن يعبر وزير الثقافة “محمد صالح”، فسوريا باتت وطناً أبدياً لكنْ ليس للأسد هذه المرّة وإنما أبد الحرية والكرامة.

تلفزيون سوريا

————————–

الجمهورية الجديدة.. القطع الحاد مع الماضي/ عبد الله مكسور

2025.03.30

يومٌ تاريخي في عمر سوريا، الاحتمالات قد تكون صحيحة، وقد تكون في بعضها خاطئة، الثابت أن الحكومة السورية تشكّلت لتواجه واقعًا معقدًا مليئًا بالتحديات والآمال.

لكن تشكيل الحكومة، بحد ذاته، ليس غاية، بل وسيلة. وسيلةٌ لاختبار قدرة المسؤولين على تقديم الحلول، وقياس مدى تجاوبهم مع احتياجات الناس، واستشراف ما إذا كانت سوريا تتجه نحو التغيير الفعلي أم إعادة إنتاج الماضي بصيغ جديدة. في هذه اللحظة الفاصلة، يصبح دور المواطنين محورياً، ليس فقط في المتابعة، بل في التفاعل والرقابة والمحاسبة.

المتابعة والمساءلة:

في بلدان ديمقراطية راسخة، لا يكون تشكيل الحكومة مجرد حدث إخباري، بل انطلاقة لماراثون طويل من الرقابة الشعبية. في بلجيكا، مثلاً، ينشغل الرأي العام بتحليل السير الذاتية للوزراء قبيل وفور تعيينهم، تُكتب المقالات حول خلفياتهم، يُقارن بين وعودهم وإنجازاتهم السابقة، بل حتى تُنشأ مواقع متخصصة في متابعة الأداء الحكومي.

في الولايات المتحدة، تخضع الحكومة لمتابعة دقيقة من الصحافة ومراكز الأبحاث، ويواجه الوزراء مساءلات علنية أمام اللجان البرلمانية، حيث لا مجال للمجاملات أو الهروب من الأسئلة الصعبة التي قد يطيح أحدها بمستقبل المسؤول السياسي.

أما في سوريا، فقد اعتاد المواطنون على استقبال التشكيلات الحكومية بنوع من اللامبالاة، وكأنها أمرٌ خارج نطاق التأثير الشعبي. هذه اللامبالاة ليست قدراً محتوماً، بل نتيجة تراكم طويل من الخيبات، حيث لم يُتح للسوريين، لعقود، أن يكونوا طرفاً فاعلاً في تقييم أداء حكوماتهم أو مساءلتها بفعالية. لكن اليوم السوريون ليسوا كما هم منذ أشهر، لقد حرروا بلدهم من نظام الأسد فازداد الوعي السياسي رسوخاً، ولم يعد السوري يقبل أن يكون متفرجاً في ظل شهوة جارفة للكلام والمشاركة.

ربما هي المرة الأولى في تاريخ البلاد منذ تأسيسها التي يجلس فيها السوريون مستمعين إلى كلمات الوزراء، كلٌّ منَّا شعرَ أن المسؤول يقطع عهداً له بأن ينفِّذ استراتيجية وسياسة اختصرها بفترة زمنية تراوحت بين خمس وسبع دقائق، ولدينا الآن أرضية نستطيع من خلالها الحديث عن كل ما سيكون في خطة العمل المرتقبة.

لكن المتابعة الحقيقية لا تعني الاستماع إلى كلمات الوزراء من باب الاستهلاك الإعلامي، بل لفهم سياسات الإدارة وتوجُّهاتها. قراءة سيرهم الذاتية، ليس بدافع الفضول، بل لرصد خبراتهم السابقة وما إذا كانوا قادرين على حمل مسؤولياتهم. البحث في إنتاجهم السابق ومنجزهم، ومراجعة تصريحاتهم خلال السنوات الماضية، لاكتشاف مدى التزامهم بالمبادئ التي يعلنون الإيمان بها.

إن بناء مواطنة فاعلة في سوريا يبدأ من هنا، من إدراك أن الحكومات ليست كيانات مقدسة، بل أجهزة إدارية يُفترض أن تعمل لخدمة الشعب. لا بد من ثقافة سياسية جديدة، يكون فيها السؤال عن الأداء حقاً طبيعياً، والاحتكام إلى الأرقام ضرورة، ورفض الشعارات الفارغة واجباً وطنياً.

الدعم والنقد:

المعادلة الصعبة تكمن في الموازنة بين الدعم والنقد، دعم الحكومة لا يعني التصفيق الأعمى، كما أن نقدها لا يعني العداء. الدول تنهض حين يوجد توازن دقيق بين السلطة والمجتمع، بين الحاكم والمحكوم، بين المسؤولية والمحاسبة. هذا التوازن لم يأتِ بسهولة في الدول التي نجحت في ترسيخ الحريات. في ألمانيا، على سبيل المثال، لم تكن الدولة بعد الحرب العالمية الثانية مجرد نظام سياسي، بل عقداً اجتماعياً بين حكومة مسؤولة وشعب يقظ، يرفض الاستبداد ويراقب أداء ممثليه بوعي تام.

في غالبية دول الاتحاد الأوروبي، يُعدّ الوزراء مسؤولين مباشرين أمام المواطنين، وليس فقط أمام البرلمان. يمكن لأي مواطن أن يطلب تفاصيل حول أي قرار حكومي، ويمكن للصحافة أن تفتح أي ملف بلا قيود. هكذا تُبنى الدول الحديثة، لا على الخوف من المساءلة، بل باعتبارها جزءاً من الممارسة السياسية الطبيعية.

وفي سوريا، فإن تحقيق هذه المعادلة يحتاج إلى خطوات تدريجية. أولها، كسر حاجز الصمت، ليس بالضجيج الفارغ، بل بأسئلة جوهرية: ماذا سيفعل كل وزير؟ كيف سيتم تنفيذ المشاريع الموعودة؟ ما المعايير التي ستُستخدم لقياس النجاح أو الفشل؟ ثانيها، خلق قنوات حقيقية للمساءلة، سواء عبر الإعلام، أو عبر منصات تتيح للمواطنين التعبير عن آرائهم، أو حتى من خلال البرلمان المرتقب إذا تمكن من أداء دوره الرقابي بفاعلية. أما الخطوة الثالثة، فتقوم على ترسيخ ثقافة سياسية جديدة، قوامها أن الوطن ليس ملكاً لحكومة أو فئة أو طائفة أو حزب، بل هو عقد اجتماعي مشترك، يقوم على الحقوق والواجبات. لا يمكن للحكومة أن تطلب الدعم من دون أن تقدم إنجازات، ولا يمكن للمواطن أن يكون شريكاً في الوطن إذا كان صوته غائباً أو مغيباً.

أرضية البناء:

إن بناء دولة حرة وقوية في سوريا لا يكون فقط عبر تغيير الحكومات، بل من خلال تغيير العلاقة بين الدولة والمجتمع. وهنا يمكن الاستفادة من التجارب العالمية التي مشت في طريق يقوم على مرتكزات عدة تبدأ من ضمان حرية الإعلام والمعلومات، ففي الدول التي تتمتع بحكومات ناجحة، يكون الإعلام شريكاً في الرقابة وليس مجرد وسيلة دعاية. يجب أن يتمكن الصحفيون في سوريا من العمل دون قيود، وأن تكون لديهم القدرة على طرح الأسئلة الجريئة دون خوف. لا يمكن لأي حكومة أن تنجح إذا لم تخضع للمساءلة الإعلامية الدائمة. الفترة الماضية التي تلت سقوط نظام الأسد دافع الصحفيون عن المساحات النقدية وتمسكوا بها. هذه الخطوة ليست رفاهية وإنما ضمان لبناء أرضية للمساءلة والبناء.

وهذا يقودني للإشارة إلى ضرورة إصلاح النظام القانوني لتعزيز المحاسبة، فلا يمكن الحديث عن حكومة ناجحة في ظل غياب قوانين تضمن الشفافية والمحاسبة. يجب تطوير قوانين تتيح للمواطنين الاطلاع على العقود الحكومية، والكشف عن مصادر الإنفاق، وتقديم شكاوى ضد أي مسؤول مقصّر. في هذا المضمار وفي ظل غياب البنية التحتية أو قصورها في بلد منهك، يلعب المجتمع المدني والحقوقي دوره كاملاً. ففي كل الدول الديمقراطية، يكون المجتمع المدني قوة فاعلة في التغيير، لأنه يخلق توازناً مع السلطة، ويعزز دور المواطنين في النقاش العام. وهذا الدور يتم دعمه عبر تعزيز ثقافة الحوار السياسي التي يجب أن تصبح جزءاً من النقاش اليومي للمواطنين. ليكون الاختلاف في الآراء مصدر قوة لا سبباً للصراع.

الطريق إلى المستقبل:

سوريا تقف اليوم عند مفترق طرق. يمكن أن تكون هذه الحكومة بداية لعهد جديد من العمل المؤسساتي الجاد، أو مجرد حلقة أخرى في سلسلة من الخيبات. المفتاح بيد السوريين أنفسهم: هل سيكونوا مراقبين سلبيين أم فاعلين في رسم مستقبل بلادهم؟

إذا أرادت الحكومة الجديدة أن تنجح، فعليها أن تدرك أن الشرعية لا تُمنح بالقرارات، بل تُكتسب بالإنجازات. وإذا أراد المواطنون أن يكون لهم دور حقيقي، فعليهم أن يتخلوا عن السلبية، ويبدأوا بممارسة دورهم في الرقابة والمساءلة.

ما بين الدعم والنقد، بين الأمل والشك، يتحدد المسار. سوريا لا تحتاج إلى أوهام جديدة، بل إلى واقع مختلف، واقع تُبنى فيه الدولة على أسس متينة من الحرية والعدالة والمشاركة الفاعلة.

ولنا في التاريخ عبر ووقفات، ففي التاسع والعشرين من آذار من عام 1949 م قاد الجنرال حسني الزعيم أول انقلاب عسكري على الرئيس شكري القوتلي، وفتح بذلك باباً للانقلابات العسكرية التي ترتَّبت بعدها كل الدكتاتوريات التي حكمت سوريا حتى سقوط الأسد، وفي ذات اليوم بعد 75 عاماً وفي ذات الليلة التي تحرَّكت فيها الدبابات لقتل الشرعية الرئاسية، في التاسع والعشرين من آذار من عام 2025 م تشكَّلت الحكومة التي سيكون على عاتقها منع سوريا من العودة إلى الماضي الأليم.

تلفزيون سوريا

————————–

من البعث إلى التنوع.. التحوّلات المناطقية والمذهبية في الحكومة الانتقالية/ محسن المصطفى

2025.03.30

أُعلن مساء السبت 29 آذار/مارس 2025 عن تشكيل الحكومة السورية الانتقالية الأولى، وذلك خلال جلسة علنية في قصر الشعب بدمشق. استهلّ الرئيس أحمد الشرع كلمته بالإعلان عن الحكومة، مستعرضاً التحديات الراهنة

، ومؤكداً على ألا تسامح مع الفساد أو التهاون في محاربة الظلم، مشدداً على أن العدل هو أساس كل شيء.

وبحسب الإعلان الدستوري، فإن الحكومة الجديدة لا تتضمن منصب رئيس مجلس الوزراء، نظراً لاعتماد النظام الرئاسي، حيث يُشرف رئيس الجمهورية مباشرة على عمل الوزراء. وقد أبدى الرئيس، خلال كلمته، اهتماماً كبيراً بمواكبة التطور التكنولوجي، لا سيما في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، معلناً بدء العمل على بناء البنية التحتية اللازمة لذلك، من خلال تأهيل الكوادر، واستقطاب الخبرات، وإنشاء مراكز بحث وسوق محفِّز لتحقيق هذا الهدف.

وقد حملت الحكومة الانتقالية تغييرات لافتة، لم تقتصر على استبدال الوزراء فحسب، بل شملت أيضاً تعديلات بنيوية في هيكلية الحكومة وتشكيلتها العامة.

تغييرات بنيوية نحو نظام أكثر رشاقة

شهدت الحكومة الانتقالية الجديدة تغييرات بنيوية واضحة على مستوى تشكيل الوزارات، سواء من حيث استحداث وزارات جديدة أو إعادة دمج بعض الحقائب أو تغيير تسمياتها، بما يعكس أولويات المرحلة الانتقالية.

أبرز هذه التغييرات تمثّل في استحداث وزارات لم تكن موجودة في الحكومات السابقة، مثل وزارة الطوارئ والكوارث، التي جاءت استجابةً لحاجة ملحّة في إدارة الأزمات والكوارث الإنسانية والطبيعية المتكررة في البلاد. ومن الوزارات الجديدة أيضاً وزارة الرياضة والشباب، التي تعكس توجّهاً نحو تعزيز البعد المجتمعي والتنموي في مرحلة ما بعد الصراع.

كما تم إنشاء وزارة الطاقة، وهي وزارة جامعة يُفترض أنها تحل محل وزارات كانت منفصلة سابقاً، مثل النفط والكهرباء، في محاولة لتوحيد إدارة الموارد الحيوية تحت مظلة واحدة. وفي خطوة إدارية لافتة، تم دمج حقيبتي الاقتصاد والصناعة تحت مسمّى “وزارة الاقتصاد والصناعة”، بما يعكس رغبة في تنسيق السياسات الإنتاجية والاقتصادية ضمن جهة تنفيذية واحدة.

في المقابل، تم الاستغناء عن عدد من الوزارات أو إعادة هيكلتها، مثل “وزارة النفط والثروة المعدنية”، و”وزارة الكهرباء”، و”وزارة الموارد المائية”، وهي وزارات يُفترض أن اختصاصاتها قد أُدمجت ضمن “وزارة الطاقة”. كما تم حذف “وزراء الدولة”، أي الوزراء من دون حقيبة، من التشكيلة الجديدة، وهي مناصب كانت غالباً تُستخدم سابقاً لأغراض رمزية أو سياسية من دون مهام تنفيذية حقيقية.

كذلك، لم تُدرج ضمن التشكيلة الجديدة وزارات مثل “وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك”، و”وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية”، وهي خطوات قد تعني إعادة هيكلة المنظومة الاقتصادية عبر إدماج هذه الصلاحيات ضمن وزارات أخرى وعلى الأغلب ستدمج تحت وزارة الاقتصاد والصناعة.

الحكومة الانتقالية مقارنة بحكومات نظام الأسد البائد

شهدت التشكيلة الوزارية الجديدة تحولاً جوهرياً بالمقارنة مع آخر حكومتين في عهد النظام السابق، برئاسة كل من محمد غازي الجلالي وحسين عرنوس، سواء من حيث الحجم أو التوزيع المذهبي والجغرافي.

فقد بلغ عدد الوزراء في الحكومة الانتقالية 23 وزيراً فقط، مقابل 28 وزيراً في حكومة الجلالي و29 في حكومة عرنوس، ما يعكس توجهاً واضحاً نحو تقليص الجهاز التنفيذي وتخفيف العبء البيروقراطي في هذه المرحلة المفصلية.

واحدة من السمات البارزة في الحكومة الجديدة هي ارتفاع نسبة الوزراء الجدد، فقد بلغ عدد الوزراء الذين يشغلون المنصب لأول مرة 17 وزيراً، مقارنة بـ 13 وزيراً فقط في حكومة الجلالي و9 في حكومة عرنوس. حيث تم اعتبار كافة الوزراء السابقين في حكومة الإنقاذ أو حكومة تصريف الأعمال كوزراء سابقين، أما في حين إسقاط هذا الاعتبار عنهم فإن وزيرين فقط خدما في حكومات سابقة تابعة للنظام السابق، هما “محمد نضال الشعار” و”يعرب سليمان بدر”.

ورغم هذه التغييرات الواسعة، إلا أن مشاركة النساء بقيت محدودة، إذ لم تضم الحكومة الانتقالية سوى وزيرة واحدة، مقارنة بثلاث وزيرات في حكومة الجلالي وأربع في حكومة عرنوس. أما ضمن التوزيع المذهبي، فقد حافظ السُنّة على أغلبيتهم ضمن الحكومة الانتقالية بـ 20 وزيراً (تم احتساب الوزيرين الكرديين على المذهب السني) بنسبة 86.9%، وهو مستوى أعلى قليلاً من الحكومة السابقة، حيث كانت النسبة حوالي 78.6%.

بالمقابل انخفض عدد الوزراء العلويين إلى وزير واحد فقط، بعدما كان 3 في حكومة الجلالي و4 في حكومة عرنوس، كما تراجع عدد الوزراء المسيحيين إلى وزيرة واحد فقط هي “هند قبوات”، مقارنة بـ 2 بحكومة الجلالي وبـ 4 في حكومة عرنوس. في المقابل، حافظ التمثيل الدرزي على نسبته بوزير واحد في كل من الحكومتين السابقتين. كذلك ارتفع عدد الوزراء الأكراد إلى اثنين بدلاً من عدم وجود تمثيل لهم في حكومة الجلالي، وهو ما يعكس انفتاحاً قومياً محسوباً في تشكيل الحكومة وبلغت نسبتهم 8.7%.

أما من حيث الخضوع للعقوبات الدولية، سجلت الحكومة الانتقالية تحولاً حاداً مقارنة بالحكومات السابقة؛ إذ لا يخضع للعقوبات سوى وزير واحد فقط (أنس خطاب، وزير الداخلية)، بنسبة لا تتجاوز 4.35%، في حين كانت حكومة الجلالي تضم ما لا يقل عن 15 وزيراً مشمولين بالعقوبات الأحادية، علماً أن العقوبات على “أنس خطاب” هي عقوبات أممية مشابهة لتلك العقوبات المفروضة على الرئيس أحمد الشرع.

أما على مستوى الفئات العمرية، فقد جاءت الحكومة الانتقالية أكثر شباباً من سابقاتها؛ حيث بلغ عدد الوزراء الذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً ثمانية وزراء 34.8%، وهي النسبة نفسها لفئة 40–50 عاماً. في حين بلغت نسبة الوزراء في فئة 51–60 عاماً نحو 13%، و17.4% للفئة بين 61–70 عاماً. علماً أن حكومة الجلالي كان أقل عمر فيها 40 عاماً، أم الانتقالية فأقل عمر فيها هو 33 عاماً، وهذا التوزيع يؤكد اعتماد الحكومة بشكل واضح على جيل جديد من الكفاءات، في قطيعة نسبية مع الأجيال القديمة التي احتكرت السلطة لعقود.

في حين أن خلفية العمل أو المنصب التي قدم منها الوزراء، يمكن التمييز بين 4 وزراء مرتبطين سابقاً بهيئة تحرير الشام، بمقابل 5 آخرين شغلوا مناصب بحكومة الإنقاذ العاملة سابقاً في شمال غربي سورية، و3 محسوبون على قطاع الأعمال، و3 قادمون من العمل في مجلس الوزراء سابقاً أو مؤسسات تابعة له، و2 من المجتمع المدني، و2 من التعليم العالي، و2 من العمل الإنساني و2 من الإعلام. اللافت أيضاً أن الحكومة ضمت وزيراً بعثياً سابقاً وهو وزير النقل “يعرب بدر”، في حين يصعب تحديد الانتماءات الحزبية لعدد من الوزراء، إذ قد يكون بعضهم قد انتمى إلى أحزاب سياسية قبل الثورة من دون إعلان ذلك، أو نُسب بعضهم إلى حزب البعث إجبارياً، كما جرت العادة في المراحل الدراسية الثانوية آنذاك.

أما جغرافياً، فيكشف التوزع المناطقي للوزراء في الحكومة السورية الانتقالية الأولى، مقارنة بحكومتي الجلالي وعرنوس، عن تحولات لافتة في خارطة التمثيل الجغرافي. ويعكس هذا التحول محاولة واضحة لإعادة بناء الشرعية السياسية على أسس أكثر توازناً وتنوعاً، من خلال تعزيز تمثيل المحافظات والمناطق التي كانت خارجة سابقاً عن سيطرة النظام أو يمكن القول إنها تعرضت للظلم طويلاً من قبله ولم يتم تمثيلها سابقاً.

احتفظت دمشق بتمثيل ثابت قدره أربعة وزراء في كل من الحكومة الانتقالية وحكومة الجلالي، لكنها تراجعت بشكل ملحوظ مقارنة بحكومة عرنوس التي ضمّت تسعة وزراء من العاصمة. في المقابل، تراجع تمثيل ريف دمشق في الحكومة الانتقالية إلى وزير فقط وهو وزير الداخلية، بعد أن كان سبعة وزراء في حكومة الجلالي. في حين حافظت محافظة حلب على تمثيل قوي بثلاثة وزراء، وهو مستوى قريب من الحكومتين السابقتين.

أما محافظة إدلب فقد زاد تمثيلها إلى أربعة وزراء بعد أن كان اثنين في حكومة الجلالي، ما يعكس تصاعد حضور قوي للمحافظة التي شكّلت، لعقد من الزمن، الحاضنة الثورية للثورة السورية. أما التمثيل القادم من دير الزور فقد بلغ ذروته بتمثيل المحافظة بثلاثة وزراء، بعد أن كانت المحافظة غير ممثلة بحكومة الجلالي، والتمثيل القادم من حماة بلغ وزيرين، وهي قفزة نوعية مقارنة بتمثيلهما السابق، وبالأخص لدير الزور.

في المقابل، سجّلت حمص واللاذقية تراجعاً في الحضور؛ إذ انخفض تمثيل حمص من أربعة وزراء في حكومة الجلالي إلى وزير واحد فقط، كما انخفض تمثيل اللاذقية من أربعة وزراء في حكومة عرنوس، إلى وزيرين في حكومة الجلالي، وأخيراً إلى وزير واحد في الحكومة الانتقالية. كما حافظت محافظات مثل طرطوس، والقنيطرة، والحسكة على تمثيل رمزي بوزير واحد لكل منها.

أخيراً، شهدت السويداء تمثيلاً بوزير واحد، في خطوة ربما ترمز إلى محاولة احتواء التوترات المتصاعدة هناك، أو استيعاب نخبها المحلية. في حين غابت درعا عن التمثيل تماماً في الحكومة الانتقالية الجديدة، بعد أن كانت تحظى بوزارة واحدة على الأقل في الحكومات السابقة. أما محافظة الرقة، فقد غابت كلياً عن التمثيل في كافة الحكومات.

—————————

الحكومة السورية الجديدة: بين آمال التغيير وخيبات التعيينات الوزارية/ نوار الماغوط

31 مارس، 2025

مع الإعلان عن تشكيل الحكومة السورية الانتقالية في 29 مارس 2025، دخلت سوريا مرحلة سياسية حاسمة تهدف إلى إعادة بناء الدولة بعد سنوات من الصراع. وبينما حملت التشكيلة الحكومية بعض المؤشرات الإيجابية نحو التعددية والشمول، فإن نجاحها —أو نجاح أي حكومة أخرى— سيظل مرهوناً بعدة عوامل تتجاوز حدود المشهد الداخلي، ليشمل مدى قبولها إقليميًا ودوليًا، فضلًا عن قدرتها على تأمين التمويل اللازم لإعادة الإعمار.

حكومة تعكس التعدد السوري ولكن…

لطالما أكدتُ في مقالات سابقة أن أي حكومة انتقالية حقيقية في سوريا يجب أن تعكس التنوع المجتمعي، وتضم جميع المكونات العرقية والدينية دون إقصاء أو تهميش. في هذا الإطار، حاولت الحكومة الجديدة تقديم نموذج أكثر شمولًا، حيث ضمت 23 وزيرًا يمثلون مختلف الشرائح السورية، من العرب والأكراد والمسيحيين والدروز، إضافة إلى شخصيات لعبت أدواراً بارزة في العمل المدني والحقوقي.

عُلّقت آمال السوريين على أن تكون هذه الخطوة بدايةً حقيقية لإصلاح الدولة، والتأسيس لمرحلة جديدة تتجاوز أخطاء الماضي. غير أن بعض التعيينات الوزارية، وعلى رأسها تعيين حمزة مصطفى وزيراً للإعلام، شكّلت خيبة أمل كبيرة للذين كانوا يأملون أن تحمل هذه الحكومة تغييرًا جذريًا في بنية الحكم ونهجه.

تعيين حمزة مصطفى: رسالة خاطئة للسوريين

يُذكر أن حمزة مصطفى كان مديرًا لتلفزيون سوريا، القناة التي تمولها حكومة قطر، والتي وُجهت لها انتقادات عديدة بسبب نهجها الإعلامي وانحيازاتها السياسية. تعيينه وزيراً للإعلام يثير تساؤلات خطيرة حول معايير اختيار الوزراء، وما إذا كانت تقوم على الكفاءة والاستقلالية، أم أنها لا تزال خاضعة لحسابات سياسية وإقليمية لا تخدم مصلحة السوريين.

لطالما كان الإعلام في سوريا أداة للرقابة والتضليل، وكان السوريون يأملون أن يكون هذا التغيير الوزاري فرصة لإعادة هيكلة الإعلام الرسمي، وضمان حرية التعبير، وإنهاء السياسات القمعية التي رافقت المشهد الإعلامي لعقود. لكن اختيار شخصية ذات ارتباطات سياسية واضحة، وقادمة من مؤسسة إعلامية خضعت لتوجيهات خارجية، يشير إلى أن النهج القديم لا يزال قائمًا، وأن الإصلاحات التي كان السوريون يأملون بها قد لا تتحقق قريباً.

التحديات الكبرى التي تواجه الحكومة الجديدة

1. أزمة الشرعية والتوافق الوطني

رغم محاولتها تمثيل مختلف المكونات السورية، لا تزال الحكومة الجديدة تواجه أزمة شرعية داخلية. فغياب بعض الفصائل السياسية والعسكرية الكبرى عن المشهد، مثل “قوات سوريا الديمقراطية”، يعكس استمرار الانقسامات العميقة داخل البلاد.

2. الاقتصاد المنهار وتمويل إعادة الإعمار

يُعد الملف الاقتصادي أكبر التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة. فبعد أكثر من عقد من الحرب، يعاني الاقتصاد السوري من انهيار شبه كامل، حيث بلغ معدل البطالة مستويات قياسية، وفقدت الليرة السورية أكثر من 95% من قيمتهاأمام الدولار الاميركي خلال سنوات الحرب التي أعقبت الثورة في سوريا  عام 2011، بينما يعيش أكثر من 90% من السكان تحت خط الفقر.

لكن التحدي الأكبر لا يكمن فقط في ضعف الموارد الداخلية، بل في غياب التمويل الدولي اللازم لإعادة الإعمار. إذ تقدر الأمم المتحدة أن سوريا تحتاج إلى ما لا يقل عن 400 مليار دولار لإعادة بناء البنية التحتية، لكن الدول الغربية تربط أي دعم مالي بمدى التزام الحكومة بالإصلاحات السياسية وحقوق الإنسان.

3. الضغوط الدولية وصراع المصالح الإقليمية

لا يمكن فصل مصير الحكومة السورية الجديدة عن الموقف الدولي والإقليمي. فمن دون اعتراف القوى الكبرى، لن تكون لهذه الحكومة القدرة على التحرك بحرية. الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يضعان شروطًا واضحة لأي تعاون اقتصادي، بينما تواصل تركيا وروسيا إدارة مصالحها على الأرض وفق أجنداتها الخاصة.

إلى جانب ذلك، يشكل الوجود العسكري الأجنبي في سوريا—من القوات الأمريكية في الشمال الشرقي إلى القواعد الروسية في الساحل—عاملًا إضافيًا يعقد عمل الحكومة. فهذه القوات لا تخضع لسلطة الحكومة المركزية، كما أن بعض الدول، مثل تركيا، تواصل دعم فصائل  في الشمال، مما يضع تحديات أمنية وسياسية دائمة أمام دمشق.

4. العقوبات الاقتصادية والعزلة الدولية

تُفرض على سوريا منذ سنوات عقوبات اقتصادية خانقة، أبرزها تلك التي تفرضها الولايات المتحدة بموجب قانون قيصر، والذي يعاقب أي جهة تتعامل مع النظام السوري اقتصاديًا. هذه العقوبات تعيق استيراد المواد الأساسية، وتشل القطاع المصرفي، وتحد من قدرة الحكومة على جذب الاستثمارات الأجنبية.

بدون رفع هذه العقوبات أو التوصل إلى تفاهمات دولية، ستجد الحكومة الجديدة نفسها عاجزة عن تحقيق أي اختراق اقتصادي، مما يعزز حالة الركود ويؤدي إلى مزيد من الاحتقان الاجتماعي.

5. ملف اللاجئين وإعادة دمجهم في المجتمع

مع وجود أكثر من 6.5 مليون لاجئ سوري في الخارج، و6.0 مليون نازح داخليًا، يُعد ملف اللاجئين من أصعب القضايا التي ستواجه الحكومة الجديدة. فإعادة هؤلاء إلى سوريا تحتاج إلى بيئة آمنة، وبنية تحتية قادرة على استيعابهم، وفرص اقتصادية تضمن لهم حياة كريمة. لكن في ظل الأوضاع الحالية، من الصعب تصور عودة جماعية للاجئين، خاصة مع استمرار المخاوف الأمنية والسياسية في البلاد.

هل تستطيع الحكومة إثبات قدرتها على التغيير؟

رغم الانتقادات، لا يزال البعض يأمل أن يكون لدى الحكومة الجديدة فرصة لتصحيح مسارها، وأن لا تكون باقي التعيينات قد اتبعت نفس المعايير التي أوصلت حمزة مصطفى إلى وزارة الإعلام.

في ظل هذه التحديات، تبدو الأيام القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كانت هذه الحكومة قادرة على مواجهة الملفات الأكثر تعقيدًا، أم أنها ستكون مجرد محطة أخرى في سلسلة الإحباطات السياسية التي عرفها السوريون خلال السنوات الماضية.

العربي القديم

———————————

مراسم الإعلان الرسمي عن التشكيلة الحكومية السورية الجديدة

———————————-

بدون رئيس وزراء وضمت سيدة واحدة

كيف استقبل السوريون الحكومة الجديدة؟

بي. بي. سي.

استقبل السوريون الإعلان عن الحكومة الجديدة وأدءاها اليمين الدستورية، بمشاعر مختلطة ما بين التفاؤل بتحسن الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية، والسير نحو الاستقرار، وما بين الخوف والقلق من مزيد من الاقصاء والتوتر السياسي والصدام خاصة بعد أحداث الساحل السوري.

وأدى وزراء الحكومة السورية الجديدة اليمين الدستورية، أمام رئيس الحكومة الانتقالية أحمد الشرع، خلال مراسم رسمية في القصر الرئاسي بالعاصمة دمشق، الأحد.

وأعلن الشرع، تشكيل حكومته الجديدة المكونة من 23 وزيرا، مساء السبت، وقالت إنه عازم على “بناء دولة قوية ومستقرة.”

والحكومة الجديدة بدون رئيس وزراء ما يعني أن الشرع سيكون رئيسها، أي سيتولى رئاسة السلطة التنيفيذية.

وجاء تشكيل الحكومة الجديدة متأخرا شهر تقريبا، إذ كان من المتوقع الإعلان عنها مطلع مارس/آذار، لكن الإعلان تأخر وبدلا من ذلك أصدر الشرع إعلانا دستوريا في 15 مارس/ آذار، منحه صلاحيات كاملة في تشكيل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، رغم تنصيصه على احترام الفصل بين السلطات.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن الإعلان الدستوري، “يمنح الرئيس صلاحيات كبيرة تشمل التعيينات القضائية والتشريعية بدون أي ضوابط أو رقابة”.

هل تلبي تشكيلة الحكومة الجديدة في سوريا تطلعات جميع السوريين؟

وفي كلمة ألقاها خلال مراسم الإعلان عن الحكومة الجديدة، قال الشرع الذي تولى السلطة في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الفائت: “نشهد حالياً ولادة مرحلة جديدة في تاريخنا”.

كما أضاف أن الحكومة الجديدة ستكون حكومة “تغيير وبناء”، وقال “سنعمل على بناء جيش وطني يحمي البلاد”

وتضمنت الحكومة الجديدة تعيين محمد يسر برنية وزيرا للمالية وهند قبوات، وهي مسيحية، وزيرة للشؤون الاجتماعية والعمل.

واحتفظ وزيرا الخارجية أسعد الشيباني والدفاع مرهف أبو قصرة بحقيبتيهما في الحكومة الجديدة، بينما تولى أنس خطاب، وزارة الداخلية بدلا من المخابرات السورية، وانتقد البعض منح الحقائب السيادية وخاصة العسكرية والأمنية إلى المقربين من الشرع وأعضاء في هيئة التحرير الشام.

وتولى محمد عنجراني وزارة الإدارة المحلية والبيئة، ورائد الصالح وزارة الطوارئ والكوارث، وعبد السلام هيكل وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات، وأمجد بدر وزارة الزراعة، ومصطفى عبد الرزاق وزارة الأشغال العامة والإسكان، ومحمد ياسين صالح وزارة الثقافة، ومحمد سامح حامض وزارة الرياضة والشباب، ومازن الصالحاني وزارة السياحة، ومحمد حسان سكاف وزارة التنمية الإدارية، ويعرب سليمان بدر وزارة النقل، وحمزة المصطفى وزارة الإعلام.

“لحظة تاريخية”

أثار الإعلان عن الحكومة الجديدة موجة تفاعل كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وكان هناك تأييد للحكومة الجديدة وتفاؤل بأن الإعلان عنها سيكون بداية الاستقرار ودخول مرحلة جديدة.

ونشرت الوكالة السورية الرسمية للأنباء برقيات ترحيب من دول عربية وأوروبية بتشكيل الحكومة الجديدة، وكان من بينها السعودية والأردن وتركيا والنرويج وألمانيا.

وعلى المستوى الشعبي أبدى مواطنون ارتياحهم لهذه الخطوة التي وصفوها بأنها “تاريخية” وأنها بداية لاستقرار حقيقي في البلاد.

وقال مستخدم على منصة إكس: “سيذكر التاريخ أنه في تاريخ 29 من آذار تم تعين أول حكومة سورية تشبه الشعب السوري..”

وأعربت مواطنة سورية عن سعادتها بتشكيل الحكومة الجديدة، وأنها عاشت “حتى تشهد هذه اللحظات التاريخية و المصيرية”.

رغم اعترافها بأن الوضع صعب لكن الحكومة سوف “تعمل لتقديم أفضل الممكن.”

انتقادات ومخاوف

وكان هناك من انتقد تشكيل الحكومة والاستعانة بوزراء “غالبيتهم من هيئة تحرير الشام”، دون الاستعانة بوزراء من مكونات سورية أخرى.

وأعربت الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، عن “رفضها للحكومة الجديدة” في دمشق، وتطالب بـ “شمولية” تمثل تنوع الشعب السوري.

وأصدرت الإدراة بيانا رسميا على منصة إكس، شبّهت فيه “حكومة سلطة دمشق الجديدة بالنظام السابق”، مؤكدةً أن أي قرار يصدر عنها دون مشاركتها “لا يعنيها”.

ودعت الإدارة إلى “وقف سياسات الإقصاء والتهميش”، والاتجاه نحو “احتضان” جميع أبناء الشعب السوري بمختلف مكوناته وأديانه وطوائفه.

كما انتقد البعض اختيار وزراء غير متخصصين في وزارات تحتاج إلى تكنوقراط، فضلا عن المخاوف من وجود تدخلات خارجية في اختيار الوزراء.

وكتب سوري على منصة إكس، قائمة بالوزراء، وأمام كل وزير انتماءه السياسي والفكري، من وجهة نظره، وكذلك الدولة التي فرضته على الشرع، بالإضافة إلى وجود أيضا وزراء لديهم كفاءة حقيقية، لكن عددهم قليل جدا.

مساءلة ومحاسبة الجميع

رغم انتقادات البعض وتخوفاتهم إلا أن هناك من أكد على ضرورة منح الحكومة الجديدة فرصتها والوقت اللازم لإثبات كفاءتها، وتفعيل مبدأ المساءلة والمحاسبة لجميع المسؤولين والوزراء.

وقال مستخدم على إكس: “لدينا ملاحظات على بعض الأسماء، ومنها وزير الاعلام، ولكن في سوريا الجديدة لايوجد مسؤول فوق المساءلة، ولن نتساهل مع أي تجاوز من وزير أو غيره”.

بينما طالب سوريون الحكومة السورية الجديدة بالعمل على بناء الدولة ونبذ العنصرية والفرقة والعصبيات، وبناء سوريا موحدة للجميع.

———————————-

الرئيس السوري بعد انتقادات لتركيبة الحكومة: لا يمكن “إرضاء” الجميع

تحديث 31 أذار 2025

دمشق: قال الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، الإثنين، إن الحكومة الجديدة راعت “تنوع” المجتمع السوري، بعيداً عن “المحاصصة”، مُقراً في الوقت ذاته بصعوبة “إرضاء” الجميع، في رد ضمني على انتقادات طالت تركيبة الحكومة التي تولى مقربون منه أبرز حقائبها.

وأعلن الشرع، ليل السبت، تشكيل حكومة من 23 وزيراً، من دون رئيس للوزراء.

ورغم أنها جاءت أكثر شمولاً من حكومة تصريف الأعمال التي سيّرت البلاد منذ إطاحة حكم بشار الأسد، قبل أكثر من ثلاثة أشهر، إلا أن تشكيلها أثار انتقادات، أبرزها من الإدارة الذاتية الكردية، التي انتقدت “مواصلة إحكام طرف واحد السيطرة” على الحكومة، وقالت إنها لن تكون “معنية” بتنفيذ قراراتها.

وفي كلمة ألقاها عقب أدائه صلاة عيد الفطر في قصر الشعب، قال الشرع: “سعينا قدر المستطاع أن نختار الأكفاء.. وراعينا التوسع والانتشار، وراعينا أيضاً تنوع المجتمع السوري، رفضنا المحاصصة، ولكن ذهبنا إلى المشاركة” في تشكيل الحكومة واختيار وزرائها.

وأضاف: “اخترناهم أصحاب كفاءة وأصحاب خبرة، ومن دون توجهات فكرية أو سياسية معينة، همهم الوحيد هو بناء هذا البلد وبناء هذا الوطن وسنوفر لهم كل الإمكانيات ليكونوا ناجحين”.

وأقرّ أنه “لن نستطيع أن نرضي الجميع”، موضحاً: “أي خطوات سنأخذها لن تحصل على التوافق، وهذه الحالة الطبيعية، ولكن علينا أن نتوافق بالحد الأدنى، وبالمستطاع”، معتبراً أن بلاده أمام “طريق طويل وشاق”، لكنها تملك “كل المقومات التي تدفع إلى نهضة هذا البلد”.

ويشكّل السنّة الغالبية الساحقة من أعضاء التشكيلة الحكومية الجديدة، بما يعكس التركيبة الديموغرافية للبلاد، التي حكمتها عائلة الأسد المتحدرة من الأقلية العلوية لعقود.

وضمّت كذلك أربعة وزراء من الأقليات، تولّوا حقائب ثانوية؛ وزيرة مسيحية، ووزيراً درزياً، وآخر علوياً، إضافة إلى كردي غير محسوب على الإدارة الذاتية الكردية، التي كانت قد توصّلت، منتصف آذار/مارس، إلى اتفاق مع السلطات الجديدة، يقضي بإدماج مؤسساتها ضمن الدولة. إلا أنّ بعض المحللين يخشون أن يبقى الاتفاق حبراً على ورق.

وتولّى مقربون من الشرع الحقائب الأساسية، بينها الخارجية والدفاع والداخلية والعدل.

وتأمل السلطة الجديدة استكمال مسار توحيد البلاد، بعد 14 عاماً من نزاع مدمر ودام. وتواجه، وفق محللين، تحديات كبيرة لجهة طمأنة المكونات السورية وكسب ثقة الدول الغربية والمجتمع الدولي، من أجل رفع العقوبات.

وبعد إعلانه رئيساً انتقالياً، في كانون الثاني/يناير، أعلن الشرع أن المرحلة الانتقالية ستمتد لخمس سنوات، على أن يصار بعدها الى إجراء انتخابات وفق دستور جديد.

وحصل الشرع، بموجب الإعلان الدستوري المؤقت الذي وقّعه في 15 آذار/مارس، على صلاحيات كاملة في تشكيل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن “صلاحيات الرئيس الواسعة تثير مخاوف كبيرة بشأن استمرارية حكم القانون وحماية حقوق الإنسان، ما لم تُتخذ تدابير وقائية واضحة”.

(أ ف ب)

——————————-

======================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى