مساعدة وزير الخارجية الأميركي: حضورنا لن يتضاءل في المنطقة… ولدينا شراكة أمنية قوية
باربرا ليف كشفت لـ«الشرق الأوسط» عن إنشاء بنية أمنية متكاملة للمنطقة… والسعودية جزء مركزي فيها
الرياض: عبد الهادي حبتور
دافعت باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، عن سياسة واشنطن في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدةً أن بلادها تدرك أن شركاءها في الشرق الأوسط يواجهون تهديدات أمنية حقيقية، وأن القيادة المركزية الأميركية تعمل على إنشاء بنية أمنية متكاملة للمنطقة والسعودية جزء مركزي فيها.
وزادت ليف في حديث مع «الشرق الأوسط» أن العلاقات الأميركية – السعودية استراتيجية منذ عقود وعلى مدى أجيال، وأن البلدين يعملان على ضمان أن تظل هذه العلاقات ديناميكية وقوية وقادرة على مواجهة التحديات المشتركة في المستقبل.
وفي حين جددت المسؤولة الأميركية التأكيد على منع إيران من امتلاك أسلحة نووية، أشارت إلى أن استمرار إرسال إيران للطائرات من دون طيار وغيرها من الأسلحة إلى روسيا، يؤثر على أمن الخليج، ومزعج مما قد تتلقاه طهران في المقابل، بما في ذلك الدعم المحتمل للصناعة الدفاعية الإيرانية وقدرتها على زيادة زعزعة الاستقرار في المنطقة.
مساعدة وزير الخارجية الأميركي تحدثت كذلك عن الملف اليمني، ودور الميليشيات المسلحة في المنطقة مثل الحوثيين و«حزب الله»، في زعزعة الاستقرار المنطقة، وغيرها من الملفات المهمة.
– العلاقات الأميركية. السعودية
تصف باربرا ليف علاقة واشنطن والرياض بـ«شراكة استراتيجية» منذ عقود وعلى مدى أجيال، استمرت عبر الإدارات الأميركية والقادة في المملكة، وجلبت لكلا البلدين فوائد لا تُحصى. وتقول ليف، وهي تتحدث العربية والفرنسية والإيطالية والصربية الكرواتية، إن «هذه العلاقات تشمل مصالح متعددة تتراوح بين الأمن الإقليمي والمشاركة الاقتصادية، وعلى الرغم من قوة مجالات التعاون بين البلدين»، وتضيف: «إننا نعمل أيضاً على ضمان أن تظل العلاقة الثنائية ديناميكية وقوية وقادرة على مواجهة التحديات المشتركة في المستقبل».
وتستشهد باربرا بلقاء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في الهند، الأسبوع الماضي، وهو ما يشير إلى قوة وأهمية الشراكة بين البلدين، وأن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين لطالما كانت مهمة، وقد ظلت كذلك حتى يومنا هذا. وترى أن «السعودية هي أكبر شريك تجاري لنا في منطقة الخليج، وذلك ليس في مجالَي النفط والغاز فحسب ولكن في المجالات الأحدث أيضاً، مثل الهيدروجين الأخضر، والمركبات الكهربائية، والترفيه، كما أن لدينا أيضاً شراكة أمنية قوية، وهو ما ظهر مؤخراً من خلال ردعنا الفعَّال للهجوم الإيراني على السعودية».
وعلى نطاق أوسع –حسبما ترى باربرا- فإن الولايات المتحدة تحافظ على التزامها الثابت بتعزيز الدفاعات السعودية والمساعدة في تمكين الأمن في جميع أنحاء المنطقة: «لقد حاربنا معاً تنظيمي (القاعدة) و(داعش)، وما زال هذا العمل مستمراً، علاوة على ذلك فإنه يومي 13 و16 فبراير (شباط) الماضي، حضر وفد أميركي رفيع المستوى إلى الرياض للمشاركة في محادثات مجموعة عمل الولايات المتحدة ودول الخليج حول قضايا الدفاع وإيران ومكافحة الإرهاب، مما يعكس، مرة أخرى، التزام واشنطن الدائم تجاه المنطقة ومدى عُمق استشارتنا وتعاوننا».
– منظومة أمنية متكاملة لمواجهة تهديدات المنطقة
وكشفت مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، أن القيادة المركزية الأميركية تعمل على إنشاء بنية أمنية متكاملة للمنطقة، تكون السعودية جزءاً مركزياً في هذا البرنامج، إذ تشدد باربرا، وهي خريجة كلية «ويليام وماري» وحاصلة على درجة الماجستير في الشؤون الخارجية من جامعة «فيرجينيا»، على التزام بلادها بمساعدة السعودية في الدفاع عن شعبها وأراضيها، وتضيف: «نحن ندرك أن شركاءنا الإقليميين يواجهون عدداً من التهديدات الأمنية الحقيقية، والتي ازدادت تعقيداً مع التغيرات التي شهدها مجال التكنولوجيا، ففي السنوات الأخيرة، عرّضت مئات الهجمات عبر الحدود البنيةَ التحتية المدنية والمدارس والمساجد وأماكن العمل للخطر، مما عرَّض السكان المدنيين في المملكة والإمارات العربية المتحدة للخطر، بما في ذلك عشرات الآلاف من المواطنين الأميركيين الذين تقع سلامتهم على رأس أولويات الأمن القومي للولايات المتحدة».
– جهود إنهاء الحرب في اليمن
وتشدد باربرا على التزام بلادها بدعم حل دائم للصراع في اليمن من خلال عملية سياسية يمنية – يمنية شاملة، تحت رعاية الأمم المتحدة، تعزز العدالة والمساءلة، مرحِّبةً بالجهود السعودية المكثفة للمساعدة في إنهاء الصراع، بما في ذلك دعم السعودية للهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة وفترة الهدوء اللاحقة، التي تعد الأطول منذ بدء الحرب قبل أكثر من ثماني سنوات، والتي وفّرت فوائد ملموسة لملايين اليمنيين، كونها «تتطلع إلى العمل عن كثب مع السعودية، وكذلك مع الشركاء الإقليميين الآخرين والأمم المتحدة، لتوسيع نطاق هذا الزخم لتحقيق وقف شامل لإطلاق النار والتوصل لعملية سياسية يمنية – يمنية لإنهاء الحرب، فالاتفاق السياسي بين الأطراف اليمنية هو وحده الذي يمكنه أن يُنهي أزمة البلاد الإنسانية والاقتصادية الرهيبة».
على المدى القريب، تؤكد باربرا أن الولايات المتحدة ملتزمة بالمساعدة في تخفيف معاناة ملايين اليمنيين ودعم الاستجابة الإنسانية في البلاد، من خلال تقديم ما يقرب من 1.1 مليار دولار في عام 2022 وحده، مشيرةً إلى أن ذلك أسهم في منع عشرات الآلاف من اليمنيين من الانزلاق نحو المجاعة، وكذلك ملايين آخرين من المعاناة من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وفي ردها على سؤال عمّا إذا كان الموقف الأميركي من وحدة اليمن قد تغير في ظل التطورات على الأرض، ومطالبة الجنوبيين بعودة دولتهم السابقة، أجابت بقولها: «لا، يقع مستقبل اليمن في أيدي اليمنيين، ونحن ندعم عملية سياسية يمنية – يمنية سلمية وشاملة تحت رعاية الأمم المتحدة، والتي سيكون بإمكانها الرد على هذه التساؤلات».
– تدفق الأسلحة الإيرانية على اليمن
تدفق الأسلحة الإيرانية على اليمن تراه ليف إحدى المشكلات. وتشدد باربرا على أن بلادها ساعدت من خلال المشاركة المستمرة والمكثفة، في حشد إجماع دولي قوي حول جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن، كما تنسق الولايات المتحدة عن كثب بشأن اليمن مع شركائنا في المنطقة، بما في ذلك عمان والسعودية والإمارات، وأنه «على الرغم من ترحيبنا بتصريحات إيران الداعمة لجهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة، فإننا لم نشهد تغييراً في سلوكهم على الأرض، مثل استمرار تدفق المساعدات الفتاكة الإيرانية إلى اليمن، ونحن ملتزمون بالعمل مع حلفائنا وشركائنا لمواجهة تدفق المساعدات الإيرانية الفتاكة إلى اليمن، وفي حال أرادت طهران أن تُظهر أنها يمكن أن تكون جهة فاعلة مسؤولة، فإنه يجب على القيادة الإيرانية تغيير هذا السلوك وإظهار دعمهم لجهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن».
– الجماعات المسلحة في المنطقة
وشددت باربرا على أن بلادها ملتزمة بالحفاظ على الأمن الإقليمي والعالمي، وهو الالتزام الذي يشمل جهودها لمواجهة الأنشطة المزعزعة للاستقرار من الفاعلين الإقليميين.
ووصفت محاولات الحوثيين في اليمن للاستيلاء على السلطة بالقوة بـ«تحدي الإجماع الدولي»، وهو ما يظهر في الكثير من القرارات التي أصدرها مجلس الأمن الدولي.
وفي حديثها عن «حزب الله» اللبناني، أشارت باربرا إلى أن الولايات المتحدة صنفت الحزب منظمة أجنبية إرهابية، مبينةً أن هذه المنظمة «لعبت دوراً مزعزعاً للاستقرار منذ فترة طويلة، وأكدت بوضوح أنها تهتم بمصالحها الخاصة ومصالح إيران، التي ترعاها، أكثر من مصالح الشعب اللبناني، ولذا فإن استمرارها في الاحتفاظ بالسلاح، في تحدٍّ لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 يهدد أمن لبنان وإسرائيل والمنطقة بشكل أوسع».
– البرنامج النووي الإيراني
وجددت المسؤولة الأميركية التزام الرئيس بايدن بعدم السماح لإيران أبداً بامتلاك سلاح نووي، وقالت: «نحن، مثل شركائنا في الخليج، نعتقد أن الدبلوماسية هي أفضل طريقة لتحقيق هذا الهدف، ولكن الرئيس بايدن كان واضحاً أيضاً عندما قال إننا لم نستبعد أي خيار من الطاولة».
وتابعت: «لقد أعادت جهودنا الدبلوماسية، في عهد إدارة بايدن، الوحدة عبر الأطلسي من خلال مقاربتنا لبرنامج إيران النووي، كما أنها أفسحت المجال للتعاون في إدانة ومواجهة السلوك السيئ لإيران، واليوم، نحن نتفق مع مجموعة E3 (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) وشركاء آخرين في مواجهة النطاق الكامل للسلوك الإيراني المزعزع للاستقرار».
وأضافت: «نلاحظ أيضاً أن استمرار إرسال إيران الطائرات من دون طيار وغيرها من الأسلحة إلى روسيا، والتي تستخدمها في عدوانها وهجماتها الوحشية على الأهداف المدنية في أوكرانيا، يؤثر على أمن الخليج، كما أننا منزعجون مما قد تتلقاه طهران في المقابل، بما في ذلك الدعم المحتمل للصناعة الدفاعية الإيرانية وقدرتها على زيادة زعزعة الاستقرار في المنطقة».
– الوجود الأميركي في المنطقة
أبدت المسؤولة الأميركية عدم موافقتها على الأنباء التي تتحدث عن تقليص الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، مشيرةً إلى أن لدى بلادها شراكة أمنية قوية. وقالت في ردها على سؤال: «أولاً، أنا لا أتفق مع هذا التأكيد أن الوجود العسكري الأميركي الإقليمي قد تضاءل، فلدينا شراكة أمنية قوية، وهو ما شهدناه قبل بضعة أشهر عندما عملنا معاً لردع التهديد الإيراني للسعودية، وتحافظ الولايات المتحدة على التزامها الثابت بتعزيز الدفاعات السعودية والمساعدة في تمكين الأمن والازدهار والسلام في كل من المملكة والمنطقة الأوسع».
وأضافت: «في عام 2023 أجرينا واحداً من أكبر التدريبات المشتركة في المنطقة منذ سنوات، وفي الأسبوع الماضي فقط نظّمنا تدريبات بحرية دولية مع أكثر من 50 شريكاً، بما في ذلك السعودية كمشارك رئيسي، ولذا فإن الفكرة القائلة إن وجودنا والتزامنا يتضاءل هي فكرة خاطئة بشكل واضح».
وتابعت: «دعمنا للشركاء الإقليميين، بما في ذلك السعودية، يمتد إلى ما هو أبعد من التصريحات الأميركية الرسمية، حيث تواصل الولايات المتحدة عملها في حشد إجماع دولي وإقليمي قوي حول جهود السلام في المنطقة، وتُظهر المشاركة الأميركية الأخيرة في اجتماعات مجموعة عمل الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليج بشأن تعزيز الدفاع الإقليمي، ومواجهة التهديد الإيراني، والتعاون في مكافحة الإرهاب، هذا الالتزام».
الشرق الأوسط