“البلوغ القسري” في مخيمات الشمال السوري… أدوية هرمونيّة لتسريع الدورة الشهريّة وتزويج الفتيات/ هديل عرجة
تحوي ظاهرة “البلوغ القسري” تفاصيل مُريعة، إذ تُجبَر الفتيات اللاتي لم يصلن سنّ البلوغ بعد، على تناول الأدوية الهرمونية لتسريع البلوغ إلى جانب تعرضهن للضرب على ظهورهن بهدف التسريع في حدوث “الدورة الشهرية”، ليتم بعدها تزويجهن قسراً.
“كنت في الرابعة عشرة من عمري عندما أجبرني والدي على تناول الحبوب داخل خيمتنا في سلقين شمال غربي سوريا. وبمجرد أن حانت الدورة الشهرية، تم إجباري على الزواج. لكن زواجي لم يستمر أكثر من عام ونصف العام، وخلال هذه الفترة حملت ولكني فقدت الجنين، ثم طلّقني زوجي”.
هكذا تصف سمر، التي تبلغ من العمر اليوم السادسة عشرة ما اختبرته على يد والدها، تحدثنا معها هاتفياً بسرية تامة عبر وساطة قابلة قانونية، ضمنت لنا التواصل معها، مع الحفاظ على سريّة اسمها واسم غيرها ممن التقينا بهنّ، حرصاً على سلامتهنّ، كوننا أمام موضوع يصنَّف من “المحرّمات” التي يتجنب الكثيرون الحديث عنها.
التقينا في إطار هذا التحقيق الاستقصائي، عدداً من الفتيات غير سمر، وأجرينا مقابلات مع أمهاتهن اللواتي شهدن التجربة نفسها مع أطفالهن. واكتشفنا أن انتشار ظاهرة “البلوغ القسريّ” كان سبباً في اتخاذ مديريات الصحة في كل من حلب وإدلب قرارات بمنع بيع الأدوية الهرمونية.
تحوي ظاهرة “البلوغ القسري” تفاصيل مُريعة، إذ تُجبَر الفتيات اللاتي لم يصلن سنّ البلوغ بعد (لم يحدث لهن الطمث)، على تناول الأدوية الهرمونية لتسريع البلوغ إلى جانب تعرضهن للضرب على ظهورهن بهدف التسريع في حدوث “الدورة الشهرية”، ليتم بعدها تزويجهن قسراً.
صدفة ساقت إنعام إلى طرف الخيط
بدأت القصة تظهر للعلن بفضل إنعام، (على رغم أنها تعتبر شخصية مؤثرة في شمال سوريا، إلا أنها قررت إخفاء اسمها حرصاً على سلامتها). عاملة إنسانية متخصصة في مجال العنف الجنسي ضد المرأة، منذ عام 2015. في عام 2020، أثناء مشاركتها مع فريق بحث مؤلف من مجموعة من العاملين في مجال الصحة الإنجابية، كان الهدف منه كشف حالات جديدة للعنف الجنسي ضد النساء، توصلت عن طريق الصدفة إلى اكتشاف عدة حالات من البلوغ القسري. تم ذلك خلال دردشتها مع قابلة قانونية، شاركت معها قصة طفلة في الثانية عشرة من عمرها، أجبرها والدها على تناول الحبوب لتسريع حدوث الدورة الشهرية.
تقول إنعام لـ tinyhand: “كانت حالة تلك الطفلة ستكون مجرد دردشة تُنسى لاحقاً، ولكنني عرضتُ قصتها في اجتماع لاحق مع فريق من العاملين في مجال الصحة الإنجابية. واتضح أن قصتها تندرج ضمن حالات العنف الجنسي ضد الإناث غير المعلنة وغير المكتشفة حتى الآن. وافق الجميع على هذا الرأي، ومن ثم بدأنا بالبحث عن حالات مماثلة، وهنا كانت الصدمة. هناك صغيرات كثيرات يتناولن الحبوب للبلوغ القسري”.
اكتشفت إنعام أيضاً، أن الآباء في بعض المخيمات في شمال غربي سوريا لم يجبرن بناتهم على تناول حبوب لتسريع الدورة الشهرية فقط، بل أيضاً ضربوهن على ظهورهن بهدف تسريع عملية البلوغ.
تقول لنا إنعام إنه بعد البحث والمتابعة، تبين أن هذا الأمر منتشر بشكل كبير في مخيمات الشمال السوري، وغالبية الحالات التي تابعتها هذه السيدة كانت من مخيمي سلقين وأطمة، ومن بينها حالة لأختين، إحداهما تبلغ 14 عاماً والأخرى 12 عاماً، وكانتا تتعرضان للضرب من والدهما على ظهريهما إلى جانب تناول الأدوية، إذ يُعتقد أن الضرب يعجّل من حدوث الطمث.
الآباء في بعض المخيمات في شمال غربي سوريا لم يجبرن بناتهم على تناول حبوب لتسريع الدورة الشهرية فقط، بل أيضاً ضربوهن على ظهورهن بهدف تسريع عملية البلوغ.
منع بيع الأدوية الهرمونية في إدلب وحلب
في 29 حزيران/ يونيو 2020، أصدر UNFPA، (صندوق الأمم المتحدة للسكان)، بياناً صحافياً استناداً إلى البحث الذي أجرته إنعام وفريق العاملين في مجال الصحة الإنجابية (بحسب مصدر موثوق مع الصندوق أكد لنا تلك المعلومات). ذكر البيان بشكل واضح تزايد أشكال العنف الجديدة في شدتها وتأثيرها، مثل البلوغ القسري، الذي يتضمن حقن الفتيات الصغيرات بالهرمونات للحث على البلوغ لأغراض زواج الأطفال أو الاستغلال الجنسي.
تطرق البيان إلى الواقع المأساوي لحوالى 5.9 مليون امرأة وفتاة في سوريا، تعاني كثيرات منهن من آثار العنف القائم على النوع الاجتماعي في حياتهن اليومية، بما في ذلك التحرش الجنسي، العنف الأسري، والعنف المنزلي.
بعد قرابة أربعة أشهر من ذلك البيان، أصدرت كل من مديريات صحة حلب وإدلب قرارات بمنع صرف وتناول الأدوية التي تحتوي على هرمونات جنسية مثل التستوستيرون والبروجسترون من دون وصفة طبية عليها ختم المنشأة الصحية وختم الطبيب تحت طائلة المسؤولية القانونية. الأمر الذي أكدته لنا مسؤولة في UNFPA خلال حديثها معنا عن تفاصيل ما حصل، إذ اعتبرت تلك القرارات نجاحاً لمهمة البحث والتقصي حول هذه الممارسة.
توجه بعدها عاملون في مجموعة عمل الصحة الإنجابية ( sexual reproductive health technical working group) التي تقودها UNFPA، الى مديريات الصحة في كل من حلب وإدلب بناء على ما توصلوا إليه من معلومات إلى جانب التقرير المفصل الصادر عن UNFPA، وبناء على ذلك حصل هذا التعاون وصدرت قرارات من مديريات الصحة بمنع بيع الدواء من دون وصفة طبية، حسب معلومات حصرية مؤكدة حصلنا عليها.
الفريق الذي كان وراء التقرير الصادر من UNFPA، اعتبر أن قرار المنع هذا “إنجاز كبير، وعلى إثر هذه القرارات، يعتقد الفريق أنه سيتم وقف تداول تلك الأدوية، ما يشكل نوعاً من الحماية للفتيات القاصرات المعرضات للعنف الجنسي والبلوغ القسري.
لكن هل توقفت الصيدليات عن بيع هذا الدواء، وهل توقف الآباء عن إجبار بناتهن على تناول هذه الحبوب؟
الإجابة: لا
لم تتمكن إنعام من تقديم إجابة واضحة حول مدى الامتثال لقرارات منع بيع تلك الأدوية في الصيدليات. ومع ذلك، أكدت أنها لا تزال تواجه حالات لفتيات يتناولن هذا النوع من الحبوب.
ولم يكن من الصعب الحصول على الإجابة؛ فقط استدعى الأمر منا تجربة شراء تلك الأدوية بشكل مباشر. وبالفعل، تبيّن أنه كان من السهل الحصول عليها، وآخر علبة دواء حصلنا عليها كانت في أيار/ مايو 2023.
لم ترفض أي صيدلية طلبنا للحصول على الدواء، وباعته لنا. ينطبق الأمر على الصيدليات في كل من ريف إدلب وحلب، حيث حصلنا على أدوية البروجسترون تركيز 100 والتي تحتوي على 30 حبة مقابل 6 دولارات.
يقول أحمد، أحد الصيادلة الذين قابلناهم، “إن الأدوية الأجنبية لا تخضع لرقابة الأسعار، ويتم تحديد سعرها بواسطة كل صيدلي وفقاً لتقديره الشخصي. ومع ذلك، فإن النسبة المعتادة بيننا كصيادلة هي زيادة نسبتها 33 في المئة على السعر الأصلي قبل بيعها”.
أكد أحمد أنه لم يطّلع على القرار الصادر عن مديرية الصحة، وأضاف قائلاً: “إن الرقابة الحاصلة اليوم شكلية، حيث يقتصر دور مندوب الرقابة على جمع الوصفات الطبية من دون أن تتم مقارنتها مع حجم الدواء المباع”، أما عبد الله، صيدلاني يعمل في أدلب، فيقول :”بوجود المال، يمكنك شراء ما تشاء. ربما يرفض الطبيب كتابة وصفة طبية، ولكن ذلك لا يمنعنا من بيع الدواء بسعر أعلى مما يجب أن يكون عليه في حال وجود وصفة طبية”.
وفقًا للمعلومات التي حصلنا عليها، هناك عدد كبير من الصيدليات التي لم تتوقف عن بيع تلك الأدوية، ولكن حجم التوزيع وتداول الأدوية متغير ومتنوع في تلك المناطق لعدم وجود رقابة وتنظيم لعمليات البيع والتداول.
أردنا التعرف على آلية الرقابة المفروضة على الصيدليات وبيع الأدوية من دون وصفات طبية، فتواصلنا مع مصدر يعمل في مديرية الصحة في إدلب، والذي أوضح لنا أن وزارة الصحة في إدلب استلمت ملف الصيدليات وتتولى مهمة الرقابة عليها منذ عام، بينما يقتصر دور المديرية على رقابة على المستشفيات العامة.
أضاف المصدر أن عملية الرقابة تتم عموماً عن طريق دوريات على الصيدليات والمستشفيات، للتحقق من آلية بيع الأدوية التي تتطلب وصفات طبية. وتابع قائلاً أن هناك محاولات لضبط هذه الأمور، لكنْ “هناك قصور كبير”، والسبب، بحسب قوله، أن الوعي عند الناس لم يصل إلى الحد الذي يساعد على ضبط بيع الدواء من دون وصفة طبية.
أكد الدكتور رضوان كردي، مدير صحة محافظة حلب الحرة، لـTinyhand أن المديرية أصدرت تعميماً للصيادلة حذرت فيه من بيع هذه الأدوية من دون وصفة، “لكن هذا لا يكفي، لأن الأمر يتطلب اتفاقاً بين المؤسسات والإدارات الطبية وكوادرها من أطباء وصيادلة لتنظيم تداول هذه الأدوية”.
وأوضح قائلاً “حتى الآن، لا يوجد تنسيق بين المديريات والكوادر والمؤسسات الصحية لتنظيم تداول الأدوية الهرمونية، بالتالي فإن صدور تعميم تحذيري لا يكفي لوضع الأمور في نصابها، كما أن تداول هذه الأدوية مرتبط بالضمير الأخلاقي والمهني للأطباء والصيادلة حصراً”.
وأرجع الدكتور كردي سبب ذلك الى “انعدام السلطة المركزية وتوزع السلطات بين المجالس المحلية وسطوة الفصائل وعدم التنسيق بين النقابات العلمية للوصول الى مخرجات عملية وطريقة في تنفيذها والالتزام بها”.
سألنا الدكور كردي عن الطرق التي قد تضبط بيع تلك الأدوية، أجابنا بأنه يجب على الصيدلي أن يكون موجوداً في صيدليته، لأنه يعلم تماماً ما هي الأدوية التي تحتاج الى وصفة طبية، وأن يتم حصر وصف الأدوية الهرمونية بالأطباء الاختصاصيين، مشيراً الى أنه يجب أن يمنع بيعها للمراهقين والأطفال وإن بوصفة طبية، “لضرورة حضور صاحب العلاقة لشرح آلية الاستخدام والآثار الجانبية”.
وختم بقوله: “من المهم فرض غرامات مالية ومعنوية، تصل إلى حد توقيف الترخيص في حال التكرار، لأي مخالف من الصيادلة لبيع هذه الأدوية، فالأطباء والصيادلة يعلمون تماماً ما هي الهرمونات الجنسية وآثارها الجانبية”.
من داخل مخيمات الشمال السوري…شهادات عن البلوغ القسري
القابلة القانونية فاطمة، سيدة في الخمسينات تعمل في هذا المجال منذ 21 عاماً، آخر 6 أعوام منها في المخيمات السورية، وخضعت لدورات مختلفة في حماية القاصرات. وقد ساعدتنا على إجراء مقابلات مع عدد من الفتيات اللواتي تناولن تلك الحبوب، التقينا أيضاً أمهات تناولت بناتهن أيضاً تلك الحبوب.
تلك الفتيات كنّ إما زوجة ثانية أو يتيمات أو من عائلات فقيرة.
السبب الذي يجمع تلك الحالات بحسب خبرة فاطمة على مدار السنوات، “هو رغبة الآباء في تخفيف العبء الاقتصادي الناجم عن احتياجاتهن، وتسريع زواجهن في أسرع وقت ممكن باستخدام تلك الأدوية”.
تتابع فاطمة قائلةً إن هناك ما لا يقل عن عشر حالات شهرياً، وقد ساعدتنا على إجراء مقابلة مع جميلة (17 عاماً، متزوجة) التي كانت قد تناولت تلك الحبوب قبل 3 أعوام، ما سرّع دورتها الشهرية وأدى إلى زواجها، ولكنها لم تحمل حتى الآن. ولهذا السبب، تعتزم زيارة فاطمة.
تخبرنا والدة جميلة، أن والد جميلة، أجبرها وأختها الثانية على تناول الدواء، إذ: “كان والدهن صعباً للغاية، منعهن من الذهاب إلى المدرسة، وسعى إلى تزويجهن في سن صغيرة، تزوجت الأولى وهي في عمر 14 عاماً، والثانية في عمر 15 عاماً”.
“كنت في الرابعة عشرة من عمري عندما أجبرني والدي على تناول الحبوب داخل خيمتنا في سلقين شمال غربي سوريا. وبمجرد أن حانت الدورة الشهرية، تم إجباري على الزواج.”
هناك إبر التحريض أيضاً!
بحسب فاطمة، تظهر علامات الدورة الشهرية بعد تناول ما يتراوح بين 3 إلى 4 حبات من الدواء. وفي حال عدم حدوث نتيجة، يلجأ البعض إلى استخدام إبر التحريض، والتي تعتبر أكثر فعالية من تلك الأدوية الفموية، “ومع الأسف، هذه الإبر متوافرة في الصيدليات”.
يمكن أي قابلة قانونية كتابة وصفة لهذه الأدوية والإبر، ومن ثم الحصول عليها من الصيدليات بواسطة تلك الوصفة. ومع ذلك، فإنه وفقًا لما ذكرته فاطمة، يمكن الحصول على هذه الأدوية والإبر من دون وصفات أيضاً. وتشير فاطمة إلى أنه يوجد تنافس بين بعض القابلات، حيث يتباهين بأنهن كن وراء حمل تلك الفتيات.
لم يكن الحمل من نصيب سمر التي كانت في الرابعة عشرة من عمرها عندما تزوجت في مخيم سلقين، إذ تناولت تلك الحبوب بناء على طلب والدها وحدث الطمث، بعد ذلك تزوجت وحصل الحمل، لكنها حسب قولها خسرت الجنين وتطلقت بعد عام وشهرين من الزواج.
بهذه الكلمات المقتضبة، اختتمت سمر حديثها معنا عبر هاتف فاطمة، الأمر الذي تُعتبر مشاركته مع آخرين من المحرمات في مجتمع يشجع زواج الفتيات الصغيرات.
تهديدات بالقتل
تعرضت العاملة في المجال الإنسانيّ أميرة لتهديدات بالقتل، عندما اكتشف والد إحدى الفتيات أنها شاركتها قصتها وأخبرتها عن الحبوب التي تناولتها.
التقت أميرة التي تعمل في مجال مكافحة العنف الجنسي ضد المرأة، طفلةً تبلغ 12 عاماً في مركز دعم، وخلال الورشة تحدثت الفتاة عن تعرضها للضرب من والدها الذي أجبرها أيضاً على تناول حبوب لتسريع الدورة الشهرية. تقول أميرة: “عندما علم والدها أنها زارت المركز من خلال أحد الجيران، جاء إلينا وهددنا بالقتل وأمرنا بعدم الكشف عما أخبرتنا به”.
حصلت Tiny Hand على التقرير الكامل الصادر عن UNFPA، الذي يشير إلى ظاهرة البلوغ القسريّ، الذي نقرأ فيه على لسان طبيبة نسائيّة في منطقة إدلب :”جاءت الأم تطلب أدوية لابنتها البالغة 12 عاماً، لتعجيل الدورة الشهرية ومن ثم تزويجها، ومثل هذه الحالة تكررت ثلاث مرات”، كما نقرأ على لسان عاملة في الدعم النفسيّ في منطقة إدلب: “تحدثت النساء بينهن خلال الجلسة الجماعية عن إمكان حدوث البلوغ المبكر بعد تناول أدوية هرمونية محددة من دون ظهور أي أعراض”.
نقرأ أيضاً على لسان قابلة في منطقة إدلب:”جاءت الأم تطلب الأدوية لتسريع حدوث الدورة الشهرية لطفلتها التي زوّجتها منذ أشهر، من دون أن تصل سن البلوغ، والآن يطلب منها زوجها الحمل والإنجاب. وتجدر الإشارة إلى أن هذه ليست الحالة الوحيدة التي صادفتنا في هذا السياق”.
نقرأ على لسان عاملة حالة في منطقة حلب “منذ أشهر عدة، تقدمت إحدى الفتيات إلى مركزنا وكشفت عن إجبارها على تناول أدوية هرمونية، من دون أن تكون على دراية تامة بتلك الأدوية، إلا أنها تعلم أنها تسرّع حدوث الدورة الشهرية”، كما تشير عاملة أخرى في منطقة حلب :”منذ أشهر عدة، توجهت إلينا إحدى المستفيدات بسؤال حول الوسائل التي يمكن أن تساعدها في تسريع حدوث الدورة الشهرية لابنتها، التي تستعد للزواج وتبلغ من العمر 13 عاماً”.
نلاحظ في الشهادات الدور الذي تلعبه الأمهات في الحصول على الأدويّة، إذ تحولن إلى أدوات بيد الأباء الذين يفرضون الزواج على بناتهنّ، لنرى أنفسنا أمام حلقة تتألف من الأبّ صاحب السلطة، الأمّ أداة بيد الأب، والصيادلة الباحثين عن الربح، ولم يكشف الموضوع إلا كما نقرأ في لقائنا مع إنعام أعلاه، عبر صدفة وحديث جانبي مع قابلة قانونيّة، وكأننا أمام منظومة اجتماعيّة- اقتصاديّة تنتهك أجساد الصغيرات إلى حد التلاعب بنموهن البيولوجيّ في سبيل تزويجهن وتخفيف الأعباء الاقتصاديّة عن الأب.
ماذا يقول القانون السوري عن البلوغ القسري؟
بحثنا في نصوص القانون السوري، ولم نجد نصاً واضحاً يجرّم من يجبر طفلة على تناول تلك الأدوية لتعجيل حدوث الطمث، ولكن هناك تفاصيل قانونية مهمة يمكن اللجوء إليها في هذا السياق. وللوقوف عندها، التقينا المحامية السورية رهادة عبدوش، التي تقول إن القانون السوري يحمي الطفل منذ أن يكون جنيناً في بطن والدته حتى يبلغ سن الرشد، ويعاقب من يؤذي الطفل وكل من في عهدته بإسقاط الولاية، ويختلف ذلك بحسب نوع الجرم.
تضيف المحامية لـTINYHAND، “يعاقب من يتعرض للطفل وفق قوانين خاصة ومنها القانون رقم (21) المتضمن قانون حقوق الطفل عام 2021، وهذا القانون جاء تماشياً مع اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها سوريا منذ التسعينات وأكدت تطبيقها، وعرّفت الطفل بأنه: كل من لم يتم الثامنة عشرة من عمره، واعتبرت أن الإهمال الأسري هو أي فعل أو امتناع عن فعل ينجم عنه ضرر يلحق بالطفل”.
لكن، كيف يمكن الربط بين نص القانون هذا وحالات الفتيات اللواتي تعرضن للبلوغ القسري، تجيبنا المحامية عبدوش بأنه “في الحالة المذكورة بالتحقيق، نجد أن الطفل هو كل من لم يبلغ من العمر 18 عاماً، وهو ضمن القانون وله حماية خاصة. وبحسب المادة 25، تكفل الدولة حق الرعاية الصحية وفق الآتي: توفير المعالجة بجميع أشكالها للطفل في المراكز الصحية، ومراكز الدعم النفسي والمستشفيات العامة، وضمان متابعة المعالجة من الأمراض النفسية والمزمنة والمستعصية”.
وبحسب المادة 63 من قانون حماية الطفل، يتم تجريم عدد من الأفعال تمت بحقه، منها استئصال عضو بالجسم أو تعطيله أو إحداث أي عاهة دائمة، وأيضاً ارتكاب أي جريمة من جرائم الاعتداء الجنسي.
والعقوبة محددة وفق قانون العقوبات والقوانين الجزائية، وقد تصل إلى السجن المؤبّد.
ولكن كيف يمكن الوصول إلى الحق؟ تقول عبدوش: “يمكن ذلك من خلال الادعاء الشخصي، وحتى لو كانت الفتاة قاصراً، يمكنها اللجوء إلى النائب العام وليس إلى الشرطة”.
وتضيف أنه “يمكن للمشرفة (المدرسة أو طبيبة أو الأم) أن تتخذ صفة الادعاء الشخصي، والذي يتخذه من يقدم الشكوى إلى النيابة العامة التي تحيل المجني عليها إلى الطبابة الشرعية، التي يمكنها أن تقدر هذا الإيذاء، ويعاقب المسؤول عن الفعل بجرم الإيذاء أو إسقاط الولاية أو كلاهما معاً”.
كيف يمكن تطبيق هذا القانون في مخيمات النازحين الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية؟
طرحنا هذا السؤال على فهد موسى، رئيس لجنة الحريات وحقوق الإنسان في نقابة المحامين الأحرار، وأجابنا بقوله إنه “يمكن اللجوء الى القضاء، لكن الأمر يعود إلى المدعي الشخصي، فمثلاً هناك جرائم يحركها الادعاء العام من تلقاء نفسه، وهناك أخرى بحاجة الى ادعاء شخصي”.
وأضاف لـTinyhand موضحاً، أن “القاعدة القانونية تلزم كل من سبّب ضرراً للآخرين بالتعويض، بالتأكيد عندما يكون هناك جرم جزائي ومدعٍّ شخصي، فالمحاكم الجزائية الموجودة في كل هذه المناطق ستضع يدها على هذه الدعوة وتبت فيها سواء بالإدانة أو البراءة”.
الطمث الكاذب الموقت
بحسب اختصاصيين في مجال النسائية والتوليد، فإن إعطاء هذه الأدوية بشكل عشوائي يؤدي الى ما يسمى بالطمث الكاذب، والذي ينتج من تحريض المبايض والرحم بهذه الهرمونات الخارجية، ولكنه طمث موقت ومرتبط بوجود هذه الأدوية.
يقول الدكتور كنان زياد أوغلو، اختصاصي النسائية والتوليد، إن الآثار السلبية لتناول تلك الأدوية المسببة “للدورة الشهرية الكاذبة” لا تتوقف هنا، موضحاً لـ”Tinyhand” أن تناولها قبل البلوغ يمكن أن يسبب انقطاع الطمث المبكر قبل سن الـ35 . وأضاف أن ذلك قد يكون سبباً لإصابة الفتاة بسرطان الرحم أو سرطان المبايض، وتنجم هذه الأمراض عن التدخلات في الجسم وإعطائه هرمونات خارجية مصنعة قبل أن يكون جاهزاً فيزيولوجياً، ما يؤدي إلى تكاثر البويضات بشكل كبير وسريع، مؤثراً على جدار الرحم، وبالتالي على عملية الإنجاب. يختتم بقوله: “للأسف، هذا علاج سيئ للغاية ولا يجب أن يتم وصفه لأي فتاة تحت عمر الخامسة عشرة”.
تقع الفتيات تحت ضغط كبير بسبب عدم حصول الحمل أو عدم قدرتهن على تلبية المتطلبات الجنسية لأزواجهن لأنهن غير جاهزات وناضجات بعد، وهذا ما قد يعرضهن لأشكال مختلفة من العنف.
إذا صادف وكانت الفتاة قريبة من عمر البلوغ، وكانت هناك إباضة وحصل الحمل، فإن هذه الفئة العمرية، بحسب تقرير UNFPA، لديها المعدل الأعلى من الاختلاطات التالية (نزيف قبل الولادة أو فقر دم أم مخاض باكر أو تشوهات جينية وأخيراً إسقاطات).
الاختلاطات السابقة هي بالضبط ما حصل مع سمر، التي بلغت وتزوجت قسراً وهي في الرابعة عشرة من عمرها، وحملت قسراً وأجهضت جنينها برحمها غير الناضج، وانتهى الأمر بها مطلّقة، وهي اليوم لم تتجاوز السادسة عشرة من عمرها.
درج
——————————
تحقيق “البلوغ القسريّ” في شمال سوريا: تلك المصادفة التي كشفت المأساة
هديل عرجة
بعدما نشرت الزميلة هديل عرجة تحقيقاً يكشف حقن الفتيات الصغيرات بالهرمونات للحث على البلوغ لأغراض مثل زواج الأطفال أو الاستغلال الجنسي، تعرّضت للاستهداف واتُهمت بـ”هتك الأعراض”، والإساءة إلى أهالي المخيمات. بعد 12 عاماً على الثورة والحرب، فإن السكوت عن هذه الممارسات ومهاجمة من يتحدث عنها، يعنيان أننا لم نحقق أي تقدم على صعيد الحريات وعلى جميع الصعد.
بدأ الأمر حين قرأتُ تقريراً للـUNFPA صدر عام 2020.
أربع أسطر لفتت انتباهي، وهي بالضبط على الشكل التالي: “التقييمات من أواخر 2019 تظهر أن العنف القائم على النوع الاجتماعي مستمر في الارتفاع، مع تزايد أشكال العنف الجديدة في شدّتها وتأثيرها، مثل (البلوغ القسري/ Forced Puberty) الذي يتضمن حقن الفتيات الصغيرات بالهرمونات للحث على البلوغ لأغراض مثل زواج الأطفال أو الاستغلال الجنسي”.
مصطلح Forced Puberty لم يكن مألوفاً لديّ حين ترجمته الى العربيّة (البلوغ القسريّ)، هناك الزواج القسريّ، الإجهاض القسري، الاختفاءالقسريّ. لكن البحث السريع بعد الصدمة باللغة الإنكليزيّة كشف تقارير أخرى عن هذه الممارسة وفي الشمال السوريّ، لكن لم تشر هذه التقارير إلى تفاصيل هذا الانتهاك، فقط الإشارة إلى وجوده، ومن هنا، بدأ البحث.
أكتب الآن عن التحقيق الذي نُشر في موقع “درج” بعنوان “البلوغ القسري في مخيمات الشمال السوري… أدوية هرمونية لتسريع الدورة الشهرية وتزويج الفتيات”، بسبب حجم الانتقادات التي تعرض لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر منصات إعلامية وعبر شخصيات معروفة، واستهدفتني والزملاء في “درج”، والفاعلين على الأرض من عاملين في المجتمع المدنيّ، اتهمتـ(نا) بـ”هتك الأعراض”، والإساءة الى أهالي المخيمات، وأن التحقيق يتناول ظاهرة غير موجودة لم يسمع بها أحد، بل اتُّهمت بالتعميم والاعتماد على حالة فرديّة واحدة.
أكتب هنا لأؤكد مهنية ومصداقية ما ورد في التحقيق الذي استغرق العمل عليه أكثر من عامين، أجريت خلالها والزملاء الذين تعاونت معهم على إنجازه، مقابلات مع فتيات وذويهن وأطباء وعاملين في مجال الصحة وشخصيات رسمية.
تشاركت أنا والزملاء في “درج” كل المعلومات والمقابلات التي أجريتها وجمعتها والمصادر التي استخدمتها، والتزمت إدارة التحرير بحمايتها من النشر العلنيّ، حرصاً على سلامة وخصوصية الضحايا والناشطين والعاملين الخاضعين لـ”سلطات” متعددة في المخيمات السوريّة.
بدايات التحقيق
بحثت أكثر عن مصطلح البلوغ القسري، وبعد البيان الصحافي عن UNFPA تواصلنا مع مصادر مختلفة منها داخل UNFPA، لمعرفة السبب الذي دفعها الى إصدار بيان صحافي بخصوص هذه الممارسة. تبين إثر الحديث، وجود حالات مؤكدة في شمال سوريا والشمال الغربي، في إدلب، وفي شمال حلب حسب وثائق رسميّة حصلنا عليها من UNFPA أكدت انتشار “عادات جديدة ومنذرة بالخطر بدأت تلاحظ في السنوات الأخيرة، على سبيل المثال البلوغ القسري والزيادة في حالات الاستغلال الجنسي، استمرت بالظهور مؤكدةً أن الأزمة المستمرة منذ سنوات والتي تمر بها البلاد، قد ساهمت في إعادة هيكلة الديناميكية الاجتماعية لعدد كبير من المجتمعات السورية”.
وهنا أشير إلى أن تلك الوثائق الرسمية التي حصلنا عليها من UNFPA هي جزء من تقرير كبير يكشف حقائق ومعلومات أكبر بكثير مما ذكر في التحقيق.
تزامنت التقارير السابقة مع قرارات صادرة عن كل من مديرية صحة حلب وإدلب حول منع بيع الأدوية الهرمونية الجنسية المسببة للبلوغ القسري (كما أطلقت عليه UNFPA) من دون وصفة طبية.
هذه المعلومات كلها تتزامن وتوثق، بينما ما زال صوت الضحايا بعيداً، إذ أردت تتبع الأمر وفق هرم معكوس، من التقرير العام والذي يذكر فيه كلمة “بلوغ قسريّ”، حتى الحالات الفردية. إثر ذلك حاولنا والفريق الذي أعمل معه، شراء هذه الأدوية من الصيدليات، وهذا ما فعلناه، وعلى رغم قرارات مديريتي صحة إدلب وحلب، والتي تشير الى منع بيع الأدوية الجنسية الهرمونية إلا بوصفة طبية، تمكنا من شراء الأدوية، وبيعها لم يتوقف، بل يمكنني القول بعد تجربتنا إن شراءها كان أمراً سهلاً للغاية، ولم يكن سعر الدواء عائقاً أمام شرائها حتى من دون وصفة طبية، وآخر علبة دواء قمنا بشرائها من دون وصفة طبية كانت في أيار/ مايو 2023.
سألنا الدكتور رضوان كردي، مدير صحة محافظة حلب الحرة، عن “سهولة” شراء هذه الأدوية رغم تعليمات مديرية الصحة، فقال إنه لا يوجد تنسيق بين المديريات والكوادر والمؤسسات الصحية لتنظيم تداول الأدوية الهرمونية، وأضاف “صدور تعميم تحذيري لا يكفي لوضع الأمور في نصابها، كما أن تداول هذه الأدوية مرتبط بالضمير الأخلاقي والمهني للأطباء والصيادلة حصراً”.
الضمير الأخلاقي والمهني، هذه العبارة بالضبط هي أكثر ما حزّ في نفسي حين الحديث مع الاختصاصيين، أي ولو كان شراء الأدوية سهلاً، ولو كانت الفتاة القاصر تخضع لضغوط أسريّة، ما يجب أن يحميها هو “ضمير وأخلاق” الصيدلي، الذي كان عليه أن يمتنع عن البيع من دون وصفة.
أسأل هنا مفترضةً، هل حال المخيمات في سوريا سيئ الى هذه الدرجة، إلى حد أن صيدلياً قد يبيع أدوية قد تؤذي طفلةً في سبيل المال؟ لا أمتلك إجابة.
أين الضحايا؟
الأدوية متوافرة، ويمكن شراؤها رغم التعليمات الرسميّة، لكن أين الضحايا؟
على مدى أشهر، عملنا للتواصل مع الضحايا، لا فقط أولئك اللاتي ذكرن في تقارير الـUNFPA، بل أولئك اللواتي اختبرن ويختبرن هذه الممارسة، وعبر شبكة من القابلات القانونيات والناشطين في الصحة الإنجابيّة، تمكنتُ من الحديث مع فتيات (ضحايا) وأمهاتهن.
التواصل الصحافي بخصوص موضوع كهذا، يتطلب الحذر الشديد، فأنا أقتحم حميمية “العيادة” ، أناقش شأناً شديد الحساسية وفي الوقت ذاته شديد القسوة، لم يكشف فقط عن تفاصيل الانتهاك الجسدي الذي تتعرض له الفتاة القاصرة، بل تركيب العائلات أحياناً، وطبيعة القوة التي تخضع لها الفتاة ووالدتها وحماتها، كنت أمام لحظات، أعجز عن وصفها، بعضها لم يذكر في التحقيق للحفاظ على القيمة الصحافيّة.
أشير أيضاً، الى أننا تعمدنا استخدام مصطلحات مبسطة لوصف أثر الأدوية الهرمونية السلبي على الفتيات الصغيرات على المدى القريب والبعيد، لتكون أقرب الى القارئ، بعيداً من تعقيد المصطلحات العلميّة، تم ذلك بعد استشارة مصادر طبية مختلفة، ولقاءات خاصة قمنا بها و نشرنا إحداها مع التفاصيل الكاملة في التحقيق.
التحقيق استلزم عملاً شمل:
مقابلات مع عاملين على الأرض شمال سوريا وشمال غربي سوريا في مجال الصحة الإنجابية والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
مقابلات مع فتيات تناولن أدوية لتسريع الدورة الشهرية وأمهات، بالإضافة إلى شهادات لأمهات وفتيات وردت في تقرير UNFPA.
مصادر من داخل UNFPA.
مقابلة مع مدير مديرية صحة حلب الحرة الدكتور رضوان كردي، ومقابلة مع مصدر في مديرية صحة إدلب.
مقابلتين مع صيادلة في الشمال السوري.
مقابلة مع المحامية السورية رهادة عبدوش التي تحدثت عن قوانين تحمي أطفال ضحايا لمثل هذا النوع من الانتهاك وآليات التبليغ.
مقابلة مع فهد موسى، رئيس لجنة الحريات وحقوق الإنسان في نقابة المحامين الأحرار، الذي تحدث عن آليات تبليغ لمثل هذا النوع من الحالات.
مقابلة مع كنان أوغلو، طبيب نسائية حول الآثار السلبية لتناول هذه الحبوب على المدى القريب والبعيد.
قرارات صادرة من كل من مديرية صحة حلب وإدلب حول منع بيع تلك الأدوية من دون وصفة طبية.
أعود للسؤال، أين الضحايا؟ لن أجيب بوضوح ولن أحدد بدقة، لا نريد ضحايا جدداً إثر كشف هذا الانتهاك، خصوصاً أن الإنكار الذي ووجه به التحقيق، يعني أن الانتهاك سيستمر، وقد لا يحاسب أحد، ولا نعلم، إن تم التشديد على بيع الأدوية الهرمونيّة من دون وصفة الآن وقد أصبح الشأن علنياً.
اتُّهمت بالتعميم، وافتعال المقابلات، وانتهاك الأعراض، وغيرها من التهم التي أنكرت وجود البلوغ القسريّ، وأنكرت بيع الأدوية الهرمونيّة من دون وصفة، بحجج مختلفة أحياناً أنها غالية ويبلغ ثمن العلبة 50 دولاراً. تم التذرع بحالات البلوغ المبكر لتبرير ما يحصل، وهذا بالضبط سبب السريّة، التي وصلت إلى حد حماية الفاعلين في المجتمع المدني وإغفال أسمائهم في التحقيق، فأولئك الذين يعلمون على الأرض، معرضون للخطر سواء من المجتمع المحيط أو من السلطات المحلية في مناطق وجودهم ، ولهذا السبب بالضبط، حافظت على السريّة، حرصاً على أن يكون الانتهاك علنيّاً وموثقاً، لكن من دون أن يُنتج رد الفعل عليها ضحايا جدداً.
بعد 12 عاماً على الثورة والحرب، فإن السكوت عن هذه الممارسات ومهاجمة من يتحدث عنها، يعنيان أننا لم نحقق أي تقدم على صعيد الحريات وعلى جميع الصعد.
درج