سياسة

سوريا: رسائل المسيّرات في بلاد الكبتاغون واللاجئين!

رأي القدس

سجّلت محادثات أستانا للسلام في سوريا، التي انتهت قبل أيام، عشرين اجتماعا بالتمام والكمال منذ بدئها، وهي اجتماعات بدأت عام 2017 في العاصمة الكازاخية، بين ممثلي النظام وعدد من فصائل المعارضة.

جرى الاجتماع برعاية الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى روسيا وتركيا، والواضح أن كل الاجتماعات التي حصلت كانت تحصل تحت عنوان معلن وهدف سرّي غير معلن، فالمعلن حينها عن الاجتماع الأول كان وضع خريطة طريق لعملية سياسية مبنية على تطبيق قرار مجلس الأمن 2254، لكن الهدف الذي جمع أمريكا وروسيا والنظام هو محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» و«جبهة النصرة».

انقلب رعاة الاجتماع الأول إلى ثلاثة «ضامنين» في الاجتماع الأخير: روسيا وإيران وتركيا (بمشاركة وفود من لبنان والعراق والأردن) وفي حين كان الهدف المعلن منه، حسب التصريحات الروسية والإيرانية هو تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، فإن هدف راعيي النظام، الروسي والإيراني، هو الضغط على تركيا للانسحاب من سوريا، وكان هدف أنقرة، في المقابل، هو بحث عودة آمنة للاجئين السوريين.

لم يستطع «ضامنو» أستانا، كالعادة، ضمان شيء، فقد بادرت روسيا والنظام، قبل الاجتماع إلى دفع لواء من «الحرس الجمهوري» نحو مناطق تل رفعت ومنبج، وهي المناطق التي ترغب تركيا بإخراج القوات الموالية لحزب العمال الكردستاني منها (المسماة بالوحدات الكردية و«قسد») كما عادت الطائرات الروسية ومدافع النظام، بعد توقف لفترة، لقصف مناطق تسيطر عليها المعارضة في إدلب وحماه وحلب، مما أدى لمقتل وإصابة 17 مدنيا بينهم 5 أطفال و8 نساء.

الجديد في الموضوع كان تلقّي لواء الحرس الجمهوري لضربات، ثم حصول هجمات بالمسيّرات على القرداحة، والسقيلبية/ سلحب، وجورين، وشطحة، وهي مناطق ذات رمزيّة عالية، وخصوصا القرداحة، البلدة التي تتحدر منها عائلة رئيس النظام بشار الأسد، فيما تمثّل المناطق الأخرى معاقل عسكرية مهمة لما يسمى بميليشيات «الدفاع الشعبي» (والتي يسميها السوريون بـ«الشبيحة» ويتهمونها بارتكاب مجازر وانتهاكات على مدى السنوات الماضية) إضافة إلى اعتبارها حواضن طائفية للنظام.

اتهم النظام فصائل المعارضة المسلحة بهجوم المسيّرات الأخير، وهو أمر شكك فيه مراقبون للأوضاع السورية، حيث قيل إن تلك الفصائل لا تملك مسيّرات بهذا الحجم تتمتع بتقنيات حديثة، وربما يفسر هذا قيام الكسندر لافرنتيف، المبعوث الروسي الخاص إلى روسيا بأن أجهزة المخابرات الأمريكية «تواصل العمل مع العناصر الإرهابية المتطرفة في سوريا» في تجنّب على ما يبدو لربط الهجوم بتركيا.

يذكر هجوم المسيّرات الأخير باستعمال آخر للمسيرات، ما انفك يشكّل سببا لقلق أمني كبير في دول الجوار، وخصوصا في الأردن، التي أعلنت سلطاته أكثر من مرة عن إسقاط مسيّرات تحمل مخدرات قادمة من سوريا، وهو خبر صار اعتياديا، غير أن هجوم المسيّرات الأخير تزامن أيضا مع إعلان وزارة الداخلية العراقية، بدورها، عن عمليات ضبط لكميات كبيرة من حبوب «الكبتاغون» (أشهر أنواع المخدرات التي يتم تهريبها من سوريا) وإعلان أن محافظة الأنبار باتت منطقة عبور للمادة «التي تصنع في دولة مجاورة» (على حد تعبير الداخلية العراقية)!

ليس غريبا، في سياق هذه الأحوال، ما قاله رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا، دان ستوينيسكو، قبل أيام، عن أن 9 من كل 10 شباب في سوريا يرغبون بمغادرة البلاد.

جاء تعليق ستوينيسكو بطريقة الكوميديا السوداء، لأنه أرفقها بصورة من طريق سفره من دمشق إلى بيروت، للوحة إعلانية تظهر رئيس النظام بشار الأسد كتب تحتها عبارة «كلنا معك» مضيفا أن أولئك الشبان هم في الغالب أناس لامعون مثقفون.

القدس العربي

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button