أبحاث

أجنحة هيئة تحرير الشام ومصير الجولاني/ عمار ديوب

25 مارس 2024

طوى زعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، ملفّ العملاء، قبل أسابيع، الملفّ الذي اعتُقِل بسببه الرجل الثاني في هيئة تحرير الشام، أبو ماريا القحطاني. أمّا الشخصية الأقوى اقتصادياً، أبو أحمد زكّور، فقد هرب إلى شمال حلب، حينما شعر بأن الاعتقال سيطاوله كذلك. ترافق مع اعتقال الرجل وهروب الثاني، بيانٌ للهيئة، تؤكّد فيه، أنّهما متورطان بفسادٍ ماليٍّ، وابتزاز بعض التجار في مدينة إدلب، وبالتالي، اعتقالهما مبرّر.

بدأ ملفّ العملاء منذ يونيو/ حزيران 2023، بتهمة القبض على خلية تابعة لحزب الله اللبناني، وبعدها اعتُقلت أكثر من 600 شخصية من الهيئة، وطاول الأمر شخصياتٍ مركزيةً فيها، وليس فقط أبو ماريا؛ ولم يتوقّف الاعتقال منذ حينه، ولكن الانتقادات والاستقالات من الهيئة لم تتوقّف كذلك، حيث كان ملفّ العملاء قضية كيديّة بمعظمها، سيما أن الشخصيات الأساسية في الهيئة تقوم باتصالاتٍ مع الاستخبارات الدولية والأميركية منها، والأمر يقوم به الجولاني نفسه، وهذا أحد اتهامات زكور للجولاني.

أجنحة هيئة تحرير الشام

تؤكّد الدراسات التي تتناول هيئة تحرير الشام أن هناك ثلاثة أجنحة فاعلة فيها: أولاً، جناح الشرقية بقيادة القحطاني، والذي ينتمي لقبيلة الجبور الممتدة في العراق وسورية، وللرجل علاقات عشائرية قوية مع عشائر دير الزور والرقّة وحلب وله ثقل في بعض بلدات إدلب، وكذلك مع قبيلة الشعيطات بالتحديد، والتي لها علاقات قوية مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) كذلك، وقد قتل تنظيم داعش المئات منها، حينما سيطر على شرق سورية في 2014. الجناح الثاني، يمثله أبو أحمد زكور، واسمه الأصلي، جهاد عيسى الشيخ، وهو جناح حلب، وللرجل وزنٌ مهمٌّ في إعزاز وإدلب، ويعدُّ من أهم الشخصيات التي جاءت إلى سورية مع الجولاني من العراق وشكّلت جبهة النصرة في أواخر 2011. لعب زكّور دوراً مركزياً في الهيئة، فهو المسؤول الاقتصادي الأهم، وبيده المحفظة المالية الأساسية. ومنذ 2021 مع القحطاني، كان لهما دور كبير في استقطاب فصائلعديدة في شمال حلب وشرقها لصالح الهيئة، أي لصالح الجولاني، وهذا رفع أسهمهما أكثر فأكثر فيها؛ ولو تمكّن حينها الجولاني من السيطرة على شرق حلب، لامتدّت سلطته إلى حدود “قسد”، أي غرب سورية وشمالها وشرقها. الجناح الثالث، ويعدُّ الأقوى في الهيئة، وهو جناح بلدة بنش، وهي بلدة في إدلب، وللجولاني علاقاتُ مصاهرةٍ فيها، وبرزت فيه شخصياتٌ قوية أمنياً واقتصادياً وشرعياً كعبد الرحيم عطون وأبو أحمد حدود وأبو حفص بنش، وقد لعبت القيادات الأمنية دوراً في تضخيم ملفّ العملاء، وصولاً إلى اعتقال القحطاني وهروب زكّور في إطار محاولتهما فرض هيمنة كاملة على الهيئة، وتهميش بقية الأجنحة. وهذا الفعل هو سياق طبيعي في إطار تطوّرات هيئة تحرير الشام، منذ شنّت حروبها على فصائل الجيش الحر في 2014، وقضت عليها، في إدلب وأرياف حماه واللاذقية وحلب، بغرض الوصول إلى كيانٍ “سنيٍّ” بقيادتها، وهو ما سعى إليه الجناح الثالث. وجناح بنّش هذا، ومع الإفراج عن أبو ماريا القحطاني، سارع إلى ما يشبه الاستقالة من مواقعه في الهيئة، معلناً ذلك ببيانٍ احتجاجيٍّ عن فساد جهازي الأمن العام والقضاء، واستعان بالشارع ودعم المظاهرات وشارك فيها.

الضغوط على الجولاني والإفراج عن القحطاني

الضغوط الكبيرة على الجولاني من الوسط الجهادي خصوصاً، وكذلك من الأتراك، وارتفاع حدّة التذمر الشعبي، والمظاهرات التي يقودها حزب التحرير الإسلامي بصفة خاصة، ومنذ أكثر من عشرة أشهر، والتي تطالب بالإفراج عن المعتقلين؛ ذلك كله دفع الرجل إلى أن يعيد حساباته، سيما وأنّ أصله ليس من إدلب، وربما خاف أن يطيحه تيار بنّش أيضاً. تخفيفاً لكل هذه التطورات، قام بطي ملف العملاء ومعه ملف الفساد المالي، وادعى أن الاعترافات تمّت بسبب التعذيب، وقام بإرضاء الكثير من الشخصيات الأساسية التي أفرج عنها، وبإعطائها مبالغ ضخمة، وصلت إلى 15 ألف دولار للشخصيات الأساسية، ومن الصفّ الثاني سبعة آلاف، والثالث ثلاثة آلاف، وتقدّر تلك العطاءات بأكثر من مليون دولار. ترافق ذلك، مع كفّ أيدي كثيرين من جناح بنّش خصوصاً، وجهاز الأمن، وهذا كان سبباً في خروج مظاهرات قوية في كل من بنّش وتفتناز وبعض المخيّمات والبلدات.

الجدير ذكره أن الجولاني كان قد أنشأ خلية لإدارة الأزمة في يونيو/ حزيران 2023، وأعطاها صلاحياتٍ كاملة في الاعتقالات لأية شخصياتٍ قد تكون متورّطة في العمالة للأجهزة الاستخباراتية الخارجية، وعاد، في أثناء التراجع عن الاعتقالات العشوائية والكيدية، لتشكيل لجنةٍ للتدقيق في التجاوزات التي رافقت عمليات التوقيف والتحقيق. وكذلك عقد اجتماعاً مع مجلس الشورى “مجلس شعب” والحكومة وشخصيات نافذة في إدلب، للوقوف على كامل ما حصل والبحث عن تسوياتٍ مع القوى الفاعلة، ولمناقشة أسباب التظاهرات ومحاولة إخمادها.

لم يخرُج القحطاني من المعتقل إلا ببعض الشروط وربما بصفقةٍ، ومنها تهميش جناح بنّش في قيادة هيئة تحرير الشام، ويبدو أن الجولاني يحاول استمالة أبو أحمد زكّور من جديد، ويبدو أنَّ الرجلين لن يعودا إلا بتثقيل جناحيهما على حساب جناح بنّش، فالمظاهرات القوية في البلدتين، بنش وتفتناز، والمحسوبة على جناح بنّش، هي منعاً لتحقيق ذلك، وهناك تصريحات من قياداتها، تطالب بإسقاط الجولاني وتتناغم مع مطالب الشارع بحلّ جهاز الأمن العام، وتبييض السجون وتخفيض الأسعار والضرائب وإيجاد فرص عملٍ وسواها. جرى ذلك كله بعد إعادة أعداد كبيرة من الذين كانوا معتقلين إلى مراكزهم السابقة من ناحية، وإبعاد كثيرين من كتلة بنّش من ناحية أخرى.

الشرقية وحلب وبنّش

أصبحت الأجنحة الثلاثة بحاجة إلى الجولاني كضابط للتوازنات فيما بينها، حيث كلُّ منها يرفض أن تكون الأخرى بموقع القيادة، بدلاً عن الجولاني. ويعلم الأخير حساسية هذه القضية، وهو بدوره يريد أن تظلّ الزعامة له، وكل التغيرات في جبهة النصرة وفتح الشام وهيئة تحرير الشام ومنذ 2013، كانت من أجل تأبيد سيطرته على إدلب، وهذا يوضح كمّية الدهاء التي يمتلكها الرجل، حيث واجهته عقوبات وتصفيات واستقالات وحروب كثيرة، حتى أصبح زعيماً على إدلب. هناك عنصر قوة إضافية لدوره، وهو أن ملفّ المهاجرين بين يديْه، وتحديداً، الأوزبك والتركستان، وهو من يديره مع تركيا خصوصاً، ومع أميركا، وربما روسيا والصين كذلك. لعب أيضاً، دوراً مهماً في تصفية “داعش” في إدلب، وساعده بذلك القحطاني بصفة خاصة. ويعد الأخير داهية في المساومات مع النظام والعشائر و”قسد”. ولعب الجولاني أيضاً دوراً في تحجيم “حرّاس الدين”، الفصيل الجهادي، والذي يُعتبر فرع تنظيم القاعدة في إدلب. كذلك هناك قرابة ألف جهادي في معتقلات الجولاني. المسائل هذه، الداخلية والإقليمية، تعطي وزناً للجولاني، بما يضبط الصراع بين أجنحة الهيئة، ويبقيه في قيادتها، فهل يستطيع إعادة التوازن إلى الأجنحة الثلاثة، كما كان الأمر قبل فتح ملفّ العملاء والفساد المالي؟

أعطت حدّة الخلافات بين الأجنحة إلى الشارع فسحة ليتظاهر بقوّةٍ، بعد أن كانت المظاهرات مقتصرةً على حزب التحرير، ولكن المظاهرات اشتدّت بشكل خطير، وأصبح الشعار المركزي لها إسقاط الجولاني. يتطلّب هذا التطوّر تغييرات كبرى في آليات سيطرة هيئة تحرير الشام. المشكلة أنّها غير قادرةٍ على ذلك، ففي الأسابيع الأخيرة تصاعدت حدّة الخلافات بين جناحي بنّش المهمش وجناح القحطاني، وزكور، وتصاعدت الانتقادات الشعبية للهيئة، ويبدو أنها ستتراجع قريباً.

مشكلة الهيئة حالياً تكمن في تهميشها جناح بنّش، وباعتبار أن أغلبية عناصره من إدلب، فهو يعتقد أنّه الأكفأ والأحقّ بالقيادة والمدينة مدينته. أمّا جناح القحطاني، فسيعمل على إبعاد عناصر بنّش من المواقع الأساسية في السلطة بإدلب، ولهذا تتصاعَد المظاهرات في بنّش وتفتناز بصفة خاصة، ويشتدّ عودها يومياً، في رسالةٍ واضحةٍ أن هذا الجناح لن يسلّم بالقسمة الضيزى الجديدة؛ القضية تبدو معقّدة إذاً، سيما أن القحطاني وزكور يعتقدان أن الهيئة لهما، وهما مع الجولاني من أوصلها إلى السيطرة على إدلب، والآخرون يأتون بالصف الثاني؛ إذا، الخلاف سيستعر.

حدّة الخلافات، واستعارها، وتعدّد أسبابها، وإمكانية تحوّلها إلى صراعٍ عسكري وانفلات الفوضى وانتقالها إلى بقية “السوريات”، تتناقض مع رغبة كل الدول المتدخّلة في سورية، حيث لا يمكن لأيٍّ منها أن يغيّر الخرائط التي رُسِمت في 2018 بمفردها ومن دون التنسيق مع الأخريات. هناك مطامع لتركيا في تل رفعت ومنبج مثلاً، وقد تعود إلى التنسيق بشأن استعادتهما من “قسد” في ظلِّ أجواء التقارب مع الإدارة الأميركية، وللنظام مطامع في بعض البلدات التابعة للاذقية، ولكن ليس من مصلحة إيران وروسيا وأميركا التغيير. وبالتالي، لن تتغيّر الخرائط إلا بالتنسيق بين كل الدول المتدخّلة، وهذا ربما سيساعد على إعادة “شرعية” الجولاني على هيئة تحرير الشام، وضبط الأجنحة الثلاثة من جديد، وإيجاد حلٍّ لصراعاتها.

ما حدث منذ حملة العملاء في منتصف 2023 في إدلب، والمظاهرات أخيراً، والمستمرّة، أوضح أن هناك مشكلات اقتصادية واجتماعية متفاقمة، وأن السلطة الحقيقية في إدلب هي بيد قيادات الهيئة، وليست لمجلس الشورى أو حكومة الإنقاذ فيها أو القضاء، والقصد أن فاعلية المؤسّسات المدعاة، وتشكيل كيان سني، ودويلة، ليس أمراً صحيحاً، وهي واجهات لإخفاء حقيقة ما يجري هناك، وإن ملفّ الاعتقال في إدلب يشبه الملفّ ذاته لدى سلطة دمشق، حيث لا محاكم، وإخفاء قسريا، وقتل في المعتقلات، واعتقالات تدوم سنوات وسنوات، ويتساوى التعذيب والإذلال داخل المعتقلات بما يتداوله السوريون عمّا يجري لدى الأجهزة الأمنية في دمشق. توضح الأوضاع الاقتصادية السيئة هناك أحد أسباب التظاهر القوية، وإذا أضفنا الشمولية إلى سلطة الجولاني، يصبح حكم الأخير مهدّداً بالفعل، ولكل الأسباب أعلاه. وبالتالي، هناك ضرورة قصوى للتغيير في سياسات الهيئة، والاستماع للشعب والتقرّب منه، فهل يستطيع الجولاني كبح جماح الأجنحة المتعطّشة للسلطة، وإيقاف الصراعات فيما بينها، وتلبية مطالب الشعب، السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

السيناريوهات المستقبلية

الأول: تصاعد الخلافات بين الأجنحة، ورفض كل منها التسوية مع الأخرى، وكل البيانات والشعارات، سيما في بنّش وتفتناز، تؤكّد ضرورة أن ينتصر أحد تلك الأجنحة، والتأكيد على إسقاط الجولاني بالمظاهرات المستمرّة، يؤشّر إلى أن جناح بنّش ساعٍ إلى سحق جناح الشرقية وحلب، وربما الجولاني ذاته، وهذا يلتقي مع مطالب أهالي إدلب خصوصاً.

الثاني: أن يواجه الجولاني المظاهرات بإطلاق الرصاص، وهذا ما تُهدّد به شخصياتٌ أمنية في عملها حالياً. وهذا، وفي ظل ابتعاد جناح بنّش عن التسوية مع الجولاني سيُوسّع المظاهرات، وقد تنتقل إلى مواجهات عسكرية، وهذا سيكون تطوّراً خطيراً، فالمظاهرات الحالية ما تزال سلميّة، ولم يستخدم الجولاني القمع ضدها، أو القتل؛ وفي حال اندلعت المواجهات العسكرية وعمّت الفوضى، قد تتدخل كل من روسيا وإيران وتركيا لإعادة الاتفاق بشأن الوضع في إدلب، فهي ضمن مناطق خفض التصعيد، ووضعها الحالي، المستقرّ، أقصد منذ 2018، نتاج تسوياتٍ بين الدول الثلاث واللقاءات المتكرّرة بين بوتين وأردوغان، وكذلك لقاء أستانة. وبالتالي، وفي حال اندلاع الصراع العسكري، سيكون دموياً بشكل كبير، كما الصراع بين تنظيم داعش وجبهة النصرة، والأخيرة وفصائل جيش الحر في كل المحافظات السورية وليس فقط في إدلب، وستسود الفوضى بشكل خطير.

ثالثاً: أن يقود الجولاني تسوية قوية بين الأجنحة ومع الشعب، ولكن ذلك سيعني تقليصاً لسلطته، وضرورة تفعيل المؤسّسات المدنية، ونزع هيمنة قيادات الهيئة على تلك المؤسسات أو أحد أجنحتها، وهذا مستبعد للغاية، وبالتالي، ليس لهذا السيناريو إمكانية واقعية.

مشكلة حداثة السلطة

حداثة السلطة الجهادية في إدلب هي من سمح ببقاء الأجنحة تلك، بينما تقتضي السلطة الديكتاتورية مرجعية واحدة لها، وهو الزعيم، وهذا ما لم يحقّقه، كما يبدو الجولاني، فمكانته كضابطٍ للصراعات بينها، لم يمنع تفجرها، كما التحليل أعلاه، وتفجّرها في ظل تلك الحداثة، يمنع استمراريتها. الآن، أوّل المطالب في إدلب إسقاط الجولاني “جولاني ولاك ما بدْنا ياك”، وبالتالي، لن تخمد الصراعات بين الأجنحة وستستعر المظاهرات، وإدلب مرشّحة لحمام دم. وبالتالي، سلطة الجولاني مهدّدة بالفعل، وليس من الممكن في حال من الأحوال أن تتشكل قيادة جماعية، فهيئة تحرير الشام ليست مؤهلة لنقلة كهذه في السياسة “الديمقراطية”، وهي وصفة لمزيد من الانقسامات والطمع بالتفرّد بالسلطة. إذاً، هناك تعقيد كبير في المشهد في إدلب، ويزيد الأمر غموضاً صمت الدول المتدخلة عمّا يجري في إدلب، وهناك غياب لغة التسويات بين الأجنحة الثلاثة، وكذلك انعدام الدور الفاعل لمجلس الشورى أو حكومة الإنقاذ أو فاعلين مستقلين.

ضرورة المشروع الوطني

لقد وصلت تجربة هيئة تحرير الشام في السلطة إلى نهايتها، وهي تتفسّخ تباعاً، كما تزداد الخلافات في دمشق بين الرئيس وزوجته وأخيه من جهة والشعب من ناحية أخرى، والتعفّن ذاته في مناطق الفصائل و”قسد”. سورية بحاجة لمشروع وطني، يوقف كل أشكال التعفن هذه، ويسمح بإعادة وحدتها، وبطيّ صفحة الانقسامات السياسية والاجتماعية؛ فهل تتمكّن قيادة المظاهرات والفاعلين السياسيين من التواصل مع بعضهم، وتشكيل قيادة موحّدة لسورية، قيادة وطنية، وتكون عابرة للطوائف والقوميات والمناطق والجهويات؟ هذا شرط للخروج من الوضع المتأزّم في إدلب وفي مناطق الفصائل ولدى “قسد”، وبالتأكيد في مناطق النظام. ومن دون تحقّق هذا الشرط، الأوضاع في سورية ذاهبة إلى مزيدٍ من التحكّم الخارجي والتعفّن الداخلي.

العربي الجديد

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button