تحقيقات

تمويل أوروبي للحرب على غزة: دعم بحثي لتطوير مُسيّرات قتالية إسرائيليّة

“أريج” منصة للصحافة الاستقصائية

17.05.2024

أحمد عاشور

ساهم في التحقيق: عبد الله طه

يكشف التحقيق أن بعض الشركات الإسرائيلية المموّلة أوروبياً تنشط -جزئياً- في صناعة منتجات عسكرية؛ تُستخدم في تنفيذ مهام قتالية، في ظل عدم وجود قيود قانونية تراقب كيفية استخدام الأبحاث ونتائجها بعد انقضاء مدة المشروع.

“ذات ليلة استقبلنا 30 جريحاً، بعد أن أُرسلت مُسيّرات مزودة بقناص لاستهداف من يحاولون الوصول إلى المستشفى الأهلي، كان من بينهم طفل يبلغ من العمر تسعة أعوام، وقد تمّ نقله إلى قسم الطوارئ وهو غارق في دمائه، إثر إصابته برصاصة في رقبته، وألمانيا لم تحظرهم (الشركات العسكرية الإسرائيلية)”.

هذه شهادة الطبيب الفلسطيني، غسان أبو ستة، المنشورة على منصة أكس (تويتر سابقاً) يوم التاسع من أيّار/مايو 2024، تعليقاً منه على خبر يفيد بأن شركة Xtend الإسرائيلية تعتزم التوسع في أعمالها بعد جمعها 40 مليون دولار أميركي، إثر ” نجاح مُسيّراتها (طائرات من دون طيار) في غزة”، كتب أبو ستة هذا  تعليقا على قرار منعه من دخول الأراضي الألمانية للمشاركة في مؤتمر داعم للقضية الفلسطينية.

تطور شركة Xtend المُسيّرة الاستطلاعية والهجومية Skyloard، التي أعلن الجيش الإسرائيلي استخدامها في قطاع غزة.

وكانت الشركة قد تلقت تمويلاً بحثياً من الاتحاد الأوروبي، لإجراء أبحاث تسويق، ودراسات جدوى للمسيرة Skyloard. وهي ليست الشركة الإسرائيلية الوحيدة، المختصة بصناعة الأسلحة والمعدّات العسكرية، التي تتلقى هذا النوع من التمويل.

فما علاقة الاتحاد الأوروبي بتمويل أبحاث شركات أسلحة إسرائيلية؟

خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي اندلعت منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، استخدم الجيش الإسرائيلي ترسانة من الأسلحة؛ من بينها مقاتلات أف 16 وأف 35.

هذه المقاتلات أف 16 وأف 35، أميركية الصنع، تعتمد على شركة Israel Aerospace Industries  الإسرائيلية، المُصنِّعة لهياكلها الأساسية العسكرية؛ بتمويل بحثي من الاتحاد الاورربي، وتشارك في تنفيذ عمليات عسكرية مرتبطة بانتهاكات حقوقية، كقصف مستشفيات ومدارس وأحياء سكنية في غزة.

ووفق قواعد البيانات التجارية، فإن الشركة الإسرائيلية IAI صدّرت 69 شحنة لصالح شركة Lockheed Martin الأميركية؛ تتمثل في “أجزاء الطائرات أو المروحيات أو الطائرات من دون طيار”.

وتقول شركة Lockheed Martin إنها تفخر بدورها البارز في الحفاظ على أمن دولة إسرائيل، من خلال تزويد قواتها الجوية بطائرات أف 16 وأف 35.

تفاصيل المنح البحثية الأوروبية

في عام 2018، شهدت أروقة الاتحاد الأوروبي جدلاً بشأن البرنامج البحثي Horizon 2020؛ فبينما اقترحت المفوضية الأوروبية ألا تقتصر أنشطة البرنامج على التطبيق المدني، أصرّ البرلمان والمجلس الأوروبيان على أن تقتصر أنشطة البرنامج على الاستخدامات المدنية فقط.

شاركت في بعضِ من هذه المشروعات البحثية شركات إسرائيلية، ذات صلة بصناعة الأسلحة والأنشطة العسكرية؛ على رأسها شركتا Elbit Systems وIsrael Aerospace Industries، وعدة شركات إسرائيلية ناشئة.

ووفق المفوضية الأوروبية، فمن الصعوبة بمكان وضع حدود فاصلة بين التطبيق المدني والعسكري للتكنولوجيا مزدوجة الاستخدام؛ إذ إن في المراحل المتقدمة من الأبحاث يمكن تطوير تقنيات ذات استخدام مزدوج على الفور، أو عند إدخال بعض التعديلات غير الجوهرية أو الجوهرية، حتى وإن كانت هذه التقنيات مُخصّصة -في الأصل- للتطبيقات المدنيّة أو العسكريّة البحتة.

ويُستخدم مصطلح “الاستخدام المزدوج” في وصف البرمجيات والتكنولوجيا، التي يمكن استخدامها للأغراض المدنية والعسكرية على حد سواء.

استناداً إلى تقارير المشروعات البحثية، وما نُشر على المواقع الرسمية لبعض الشركات الإسرائيلية، وغيرها من المصادر ذات الصلة، يصل هذا التحقيق إلى نتيجة مفادها أن بعض التقنيات ذات الاستخدام المزدوج، المُطوَّرة في إطار مشروعات برنامج Horizon 2020، تخدم قطاعات داخل بعض الشركات الإسرائيلية، وهي القطاعات التي تنشط -جزئياً- في صناعة منتجات عسكرية؛ تُستخدم في تنفيذ مهام قتالية، في ظل عدم وجود قيود قانونية تراقب كيفية استخدامها بعد انقضاء مدة المشروع.

يضاف إلى ذلك، أن اللائحة الأوروبية للأنظمة التكنولوجية مزدوجة الاستخدام، لم تكن مُحدَّثة وقت انطلاق البرنامج؛ ما أدى إلى حصول الشركات الإسرائيلية على منح إجراء أبحاث ذات استخدام مزدوج، من دون أن تُطبّق أيّ قيود على استخدامها، بعد انقضاء مدة المشروع.

تكنولوجيا صناعة هياكل الطائرات

تفخر شركة (Israel Aerospace Industries (IAI على موقعها الرسمي، بحصولها على منح بحث دولية؛ لتطوير قطاع صناعة المُركّبات التي تدخل في صناعة هياكل الطيران المدني والعسكري لديها، وهو ما دفعنا إلى البحث والتقصي عن دور الأبحاث الأوروبية في هذا الصدد.

في شباط/فبراير 2017، حصلت IAI على منحة قدرها 213 ألف يورو (232 ألف دولار أميركي)؛ لتطوير وتصنيع واختبار أجزاء معدات الهبوط غير الهيكلية، المصنوعة من مواد مركبة، باستخدام نظام مادة ألياف الكربون المتقدمة، وذلك بالمشاركة مع شركة سيركومب الألمانية.

في هذا المشروع، اعتمدت IAI على تقنية “القولبة بنقل الراتنج” المستخدمة في الإنتاج الآلي، ودمجتها مع تقنية وضع الألياف المصممة خصيصاً، في عمليتي التصميم والتصنيع.

وعرّف مشروع بحثي، تابع للاتحاد الأوروبي، تقنية “القولبة بنقل الراتنج” بأنها عملية قولبة مغلقة لتصنيع مواد مركبة عالية الأداء، تستخدم في مجالات مختلفة؛ من بينها صناعة الطائرات.

ووفق عدة أبحاث، تستخدم هذه التقنية في تصنيع مواد مركبة ذات حجم متوسط (في العادة أقل من ثلاثة أمتار)، للطائرات العسكرية.

وتعتزم شركة IAI استخدام نتائج المشروع لتطوير المواد المركبة، الخاصة بمعدّات الهبوط في الطائرات. ويساعد المشروع الشركتين -الإسرائيلة والألمانية- في اكتشاف تكنولوجيات جديدة، من شأنها أن تسهم في إدخال تطويرات أخرى على الأجزاء الهيكلية، وخفض تكلفة التصنيع.

وتضمنت لائحة المجلس الأوروبي للمواد مزدوجة الاستخدام، التي تتطلب ترخيصاً لتصديرها، في البندين  1A002 و1C010 المواد المركبة التي تحتوي على ألياف مشربة بالراتنج أو ألياف كربونية. وتستثني من هذا الإجراء المركبات التي تدخل في إصلاح هياكل “الطائرات المدنية”.

تقول روكساندرا ميهايلا بوتيز، المحاضرة في تقنيات نمذجة ومحاكاة الطائرات بجامعة كيبك الكندية، إنه يمكن تطبيق عملية تصنيع الطائرات المدنية على الطائرات العسكرية، فيما تختلف فقط خصائص معدّات الهبوط، من حيث الوزن والأبعاد وغيرهما من الخصائص، وفق نوع كل طائرة.

وعليه، فإن تكنولوجيا المركبات المدمجة في هياكل الطائرات يمكن تطبيقها في صناعة هياكل الطائرات المدنية والعسكرية على حد سواء.

ولم يكن هذا المشروع البحثي، المشروع الوحيد -الذي تشارك فيه الشركة الإسرائيلية- المُرتكِز على استخدام عملية “القولبة بنقل الراتنج” لتصنيع مواد مركبة عالية الأداء؛ فقد حصلت IAI في إطار برنامج Horizon على نحو 290 ألف يورو (315 ألف دولار أميركي) بين عامي 2019 و2022؛ لتطوير مواد قابلة للذوبان في الماء، عوضاً عن القلب المعدني ذي التكلفة العالية، باستخدام عملية “القولبة بنقل الراتنج”.

أيّ قطاع خدمت هذه المنح؟

يشير موقع شركة IAI إلى أن قسم تصنيع المواد المُركَّبة، التابع لمركز LAHAV Aero-Structures،  يستخدم تقنية “القولبة بنقل الراتنج”، وغيرها من التقنيات التي كانت موضع البحث في البرنامج الأوروبي لتقليل تكلفة التصنيع.

ويذكر الموقع أن المركز يدخل في برامج بحث وتطوير دولية؛ من أجل تحسين المواد المُركَّبة، والقدرات التقنية المُستخدَمة.

ويتخصص مركز LAHAV Aero-Structures في تصميم وإنتاج الهياكل المعدنية والمواد المُركَّبة وأنظمة مُعدّات الهبوط، والأخيرة هي محور التطبيق في المشروع البحثي الأوروبي.

ويشير موقع IAI إلى أن برامج تصنيع المواد المُركَّبة التابعة له، تُستخدم في تصنيع هياكل طائرات، من ضمنها: طائرات أف 15 وأف 16 وأف 35.

ويشير موقع الشركة IAI إلى أن مركز LAHAV يُدخل تقنية “القولبة بنقل الراتنج” في تجيهز المواد المركبة المُستخدمة في إنتاج هياكل الطائرات العسكرية، مثل: أف 15 وأف 16 وتي 38 وطائرات الهليكوبتر العسكرية والمدنية.

الطائرتان العسكريتان أف 16 وأف 35، من إنتاج شركة Lockheed Martin الأميركية، وبحسب شركة IAI، فإنها تقدم للشركة الأميركية الهياكل الأساسية العسكرية والتجارية للطائرات أف 16 وأف 35.

وتدعم شركة Lockheed Martin استخدام تكنولوجيا عملية “قولبة نقل الراتنج” في طائراتها الحربية منذ بداية الألفية، فكما جاء على موقع الشركة، فإنها “نجحت في استخدام عملية قولبة نقل الراتنج المتقدمة (RTM) لتصنيع مكون موحد لطائرة مقاتلة متقدمة”.

وفي شباط/ فبراير 2024، وخلال الحرب الإسرائيلية على غزة، أمرت محكمة الاستئناف الهولندية الحكومة بمنع جميع صادرات قطع غيار الطائرات المقاتلة من طراز أف 35 إلى إسرائيل؛ “بسبب مخاوف من استخدامها في انتهاك القانون الدولي خلال الحرب في غزة”.

ولم تعلق المفوضية الأوروبية عما توصلنا إليه في هذا الصدد، رغم تواصلنا معها في إطار حق الرد.

علاقات بالحكومة الإسرائيلية

تملك الحكومة الإسرائيلية شركة IAI بالكامل.وتختص الشركة في الصناعات الجوية والصاروخية وأنظمة الأمن الداخلي، والطائرات من دون طيار، وتوفير التقنيات المختلفة لتصنيع أجزاء وهياكل الطائرات.

وتشكل الأسلحة الحصة الأكبر من مبيعات شركة IAI؛ إذ وصلت إيراداتها عام 2022 من بيع المنتجات العسكرية إلى 82 في المئة، من إجمالي إيرادات الشركة.

وتخصص الشركة حصة من إنفاقها على أنشطة البحث والتطوير، وفي هذا الصدد يقول بوعز ليفي، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة IAI، في تقرير الشركة المالي الصادر في 2022: “إن تطوير القدرات التكنولوجية المتقدمة، للمساعدة في الحفاظ على الميزة العملياتية للجيش الإسرائيلي وقدرته على التعامل بفعالية مع التحديات المتغيرة، لا يزال يقع في قلب أنشطتنا؛ ولهذا الغرض نقوم بزيادة الموارد المُخصّصة للبحث والتطوير”.

ويعتمد الجيش الإسرائيلي على نوعي طائرات من دون طيار طوّرتهما شركة IAI؛ وهما “هيرون تي بي” و”هيرون 1″.

فيما اعتادت IAI أن تتلقى منحاً بحثية أوروبية، وصلت في برنامج Horizon إلى عشرة ملايين يورو (نحو 10 ملايين و800 ألف دولار أميركي).

ووفق قاعدة البيانات الأمنية الأوروبية (OPen Security Data Europe)، التي أنشأتها الشبكة الأوروبية لمناهضة تجارة الأسلحة، فإن IAI حصلت على منح أوروبية تقدر بنحو أربعة ملايين و526 ألف يورو (نحو أربعة ملايين و570 ألف دولار أميركي)، في إطار مشروعات بحثية تُصنف “أمنية”.

يأتي على رأس المشروعات المختصة بالمجال الأمني، مشروع Respondrone، وفي هذا البرنامج شاركت وزارة الدفاع الإسرائيلية وشركة IAI؛ لتطوير “منصة لأنظمة الطائرات من دون طيار” للاستجابة للكوارث. ويُصنف هذا المشروع بأنه مزدوج الاستخدام.

لوائح التكنولوجيا مزدوجة الاستخدام

لدعم السياسات الأمنية الخارجية للاتحاد الأوروبي، أقر المجلس الأوروبي -وفق ضوابط محددة- إجراء أبحاث مزدوجة الاستخدام؛ لذا نص القرار رقم 743 لسنة 2013، المُنظم للنسخة الأولى من برنامج Horizon 2020، على أنه “في حين أن أنشطة البحث والابتكار ستركز حصرياً على التطبيقات المدنية، ستتمّ متابعة التنسيق مع أنشطة وكالة الدفاع الأوروبية (EDA) من أجل تعزيز التعاون، لا سيّما من خلال التعاون الإطاري الأوروبي (EFC) القائم بالفعل، مع الاعتراف بأن هناك مجالات للتكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج”.

وفي تفسير “التركيز الحصري على التطبيقات المدنية”، ورد في لوائح برنامج Horizon أنه “إذا كانت التقنيات/ المنتجات/ الخدمات المعنية مُخصّصة للاستخدام في أنشطة غير عسكرية أو تهدف إلى خدمة أغراض غير عسكرية، فسيتمّ التعامل معها على أنها ذات تركيز حصري على التطبيقات المدنية، وستُستبعد البحوث الموجهة نحو التطبيقات العسكرية من التمويل”.

ويعرف الاتحاد الأوروبي العناصر ذات الاستخدام المزدوج، بأنها السلع والبرمجيات والتكنولوجيا التي يمكن استخدامها للتطبيقات المدنية والعسكرية.

ووضع البرنامج شرطاً عند تطوير تكنولوجيا مزدوجة الاستخدام، أن يُذكر ذلك في مقترح البرنامج، وأن يكون الغرض من البحث موجهاً إلى الاستخدام في المجال المدني، بجانب الالتزام بالمبادئ الأخلاقية للبرنامج، وأن يتمّ الحصول على رخصة تصدير للتكنولوجيا الناتجة عن هذا المشروع، وفق لائحة الاتحاد الأوروبي رقم 428 لسنة 2009 ، بشأن رخص تصدير المنتجات ذات الاستخدام المزدوج.

ورغم هذا، ورد في ورقة بحثية صادرة عن المفوضية الأوروبية في 2024، أن المجالات المستقبلية لتطبيق نتائج المشروع البحثي تكون غير معروفة دائماً، وذلك خلال المراحل الأولى من المشروع. لكن يمكن أن تؤدي المراحل “الوسطى والمتقدمة” من البحث، إلى تطوير تكنولوجيا ذات استخدام مزدوج؛ يمكن الاستفادة منها في الحال، أو بعد إدخال تعديلات غير جوهرية، أو جوهرية، حتى وإن كانت هذه التكنولوجيا -في الأساس- قد طُوّرت بهدف تطبيقها في المجال المدني أو العسكري فقط. والعكس صحيح؛ فيمكن أن تستخدم نتائج الأبحاث العسكرية في تطبيقات مدنية، مع إدخال تعديلات أيضاً إذا اقتضت الحاجة.

يدعم هذا ما جاء على موقع وكالة الدفاع الأوروبية في معرض تقديمها لأوجه الارتباط بين الجوانب المدنية والعسكرية في الأبحاث مزدوجة الاستخدام، التي تشير إلى أن هناك العديد من الأمثلة على أن أبحاث الدفاع قادت إلى نتائج عرضية يمكن استخدامها في المجال المدني، ولكن بالمثل يمكن للتكنولوجيات التي طُوّرت ضمن مخططات تمويل برامج البحوث المدنية، أن تحقق فوائد لأنظمة الدفاع المتطورة.

ورغم عدم احتواء الاتفاقية على ما يفرض رقابة خاصة على استخدام التكنولوجيا مزدوجة الاستخدام؛ فمن الممكن أن تلجأ المفوضية الأوروبية، بالتعاون مع السلطات الوطنية، إلى عمليات الفحص والتدقيق الواردة في اتفاقية المشروع كجزء من المراجعة الفنية له؛ لضمان اقتصار أنشطة البحث على التطبيق في المجال المدني، إلا أن هذه الرقابة تقتصر على مدة تنفيذ المشروع.

هذا ما يجعل مراقبة استخدام هذه التكنولوجيا -بعد انقضاء مدة المشروع- مردها لائحة الاتحاد الأوروبي لتصدير التكنولوجيا مزدوجة الاستخدام، وهو ما يجب أن يقوم به المُنسّق على المشروع.

يتم تعيين منسق في كل مشروع مشترك يجرى في إطار برنامج Horizon، وفي المشروعين سالفي الذكر، كانت IAI هي المُنسّقة.

وهو ما تؤكده الدكتورة ماشينكو كين، مديرة برنامج الماجستير في القانون الدولي في جامعة أوتريخت الهولندية، بأن المؤسسات الموجودة في أوروبا، المشاركة في برنامج Horizon 2020 تلتزم بلائحة الاتحاد الأوروبي في تصدير التكنولوجيا مزدوجة الاستخدام.

وفي حال المؤسسات الإسرائيلية، تقول كين -التي أجرت العديد من الأبحاث عن اللوائح المُنظِّمة لتصدير التكنولوجيا مزدوجة الاستخدام- إن إسرائيل كونها خارج الاتحاد الأوروبي لا تلتزم في الأساس بلائحة المنتجات مزدوجة الاستخدام، مستدركة بأن ثمّة ثلاث حالات تلتزم فيها المؤسسات الإسرائيلية بهذه اللائحة في إطار برنامج Horizon، أولاً: إذا استوردت تكنولوجيا مزدوجة الاستخدام من المؤسسات الأوروبية المشاركة في الأبحاث، ثانياً: إذا طوّرت المؤسسات الإسرائيلية هذه التكنولوجيا داخل الاتحاد الأوروبي وتريد نقلها إلى إسرائيل، ثالثاً: الالتزام بالإطار الأخلاقي المُنظِّم للبرنامج الذي يقضي بمراعاة لائحة تصدير المنتجات مزدوجة الاستخدام، ولكنّه من غير الواضح مدى تأثيره في الأطراف المشاركة غير الأوروبية.

فيما تخلو اتفاقية مشاركة المؤسسات الإسرائيلية في البرنامج من أي قيود على استخدام أو تصدير المنتجات مزدوجة الاستخدام، وتنص الاتفاقية على أن إسرائيل تلتزم بما تلتزم به المؤسسات الأوروبية المشاركة في البرنامج من لوائح مُنظِّمة له.

وتحتفظ المفوضية أو الجهة المانحة بالاعتراض على نقل التكنولوجيا مزدوجة الاستخدام إلى أيّ دولة ثالثة، ولكن هذا لا ينطبق على الدول المشاركة في البرنامج؛ ومنها إسرائيل.

يعلق على ذلك، مارك أكرمان، الباحث في الحملة الهولندية لوقف تصدير الأسلحة، بأن الإطار القانوني المُنظِّم لمشاركة الشركات الإسرائيلية في برامج التمويل الأوروبية، يقتصر على منع مشاركة المؤسسات الموجودة في المناطق المحتلة، أما فيما يخص برنامج Horizon، فإن إسرائيل لا تلتزم إلا بالقواعد الإرشادية للمشروع.

ويضيف أنه بمجرد انتهاء المشروع، يمكن للمؤسسات الإسرائيلية أن تستغل التكنولوجيا المُطوّرة ضمن المشروع في أيّ غرض تراه مناسباً، وخاصة أن الشركات الإسرائيلية تجري الأبحاث داخل أراضيها، ولا تحتاج إلى إصدار رخص تصدير.

ما ذكرته كانيتيك وأكرمان من قواعد يتجلى في مسار استخدام نتائج مشروع ResponDrone، الذي شاركت فيه IAI.

مسيّرات الاستجابة للكوارث

ما بين أيّار/مايو 2019 و30 نيسان/أبريل 2022، شاركت IAI بجانب وزارة الدفاع الإسرائيلية في أبحاث مشروع ResponDrone، الذي يهدف إلى تطوير منصة متعددة الطائرات من دون طيار للعاملين في الإغاثة؛ لتعزيز وعيهم عند إدارة الطوارئ. وقام المشروع “بتطوير عدد كبير من البرامج، التي سيتمّ دمجها في الطائرات المُسيّرة المُطوَّرة، بالإضافة إلى تطوير مراكز ومحطات تحكم”، وهذه التكنولوجيا ستكون عرضة للمشاركة بين أطراف المشروع والجمهور على حد سواء.

رغم تأكيد أن المشروع يهدف إلى الاستخدام المدني للطائرات من دون طيار، جاء في تقرير “خطة استخدام نتائج المشروع”، أن اللائحة الأوروبية للتكنولوجيا مزدوجة الاستخدام تنطبق على نتائج المشروع.

وأبدت شركة IAI اهتماماً بمواصلة تطوير نظام الطائرات من دون طيار الناتج عن المشروع، ضمن اتفاقية استغلال مع شركاء المشروع، على أن يقوم الشركاء بإصدار ترخيص بموجب لائحة الاتحاد الأوروبي لنقل هذه التكنولوجيا.

أما فيما يخص التكنولوجيا التي طوّرتها الشركة الإسرائيلية بمفردها، والمتمثلة في تطوير منصة تحكم متعددة المهام مرتبطة بالإنترنت، وجاهزة للاستخدام الفوري؛ أتاح المشروع استغلالها للشركة الإسرائيلية.

وتنص المادة 28 من اتفاقية الشراكة، على أنه يجب على كل مستفيد من المنح اتخاذ التدابير اللازمة لضمان “استغلال” النتائج التي توصل إليها.

مسيرات للإغاثة

يشير موقع IAI إلى تقديمها أنظمة طائرات من دون طيار لإدارة الكوارث الطبيعية، معطياً مثالاً على ذلك بتسيير القوات الجوية اليونانية، طائرات الشركة من نوع “هيرون”؛ للقيام بعمليات استطلاع، ضمن محاولات السيطرة على حرائق الغابات في تموز/يوليو 2023.

وأتى تقرير نشرته هيومن رايتس ووتش في كانون الأول/ديسمبر 2022، على ذكر هذه المُسيّرة، في معرض توثيقه لاستخدام الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) لها في عمليات اعتراض الباحثين عن اللجوء في البحر المتوسط، بدلاً من إنقاذهم.

الصفقة التي حصلت بموجبها وكالة فرونتكس على مُسيّرات “هيرون”، أثارت في 2020 أسئلة من أعضاء بالاتحاد الأوروبي، كون هيومن رايتس ووتش سبق وأن وثّقت في 2009 استخدام الجيش الإسرائيلي المُسيّرات نفسها لاستهداف مدنيين فلسطينيين.

مشاركة مثيرة للجدل

أعادت الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، قضية انخراط شركات أسلحة إسرائيلية في برنامج Horizon 2020، إلى طاولة نقاش البرلمان الأوروبي.

ففي 25 تشرين الأول/أكتوبر 2023، قدّمت إيدويا رويز، عضوة البرلمان الأوروبي عن حزب اليسار، سؤالاً عن علاقة المنح التي تلقتها شركات عسكرية إسرائيلية، بدعم الصحة والمناخ والغذاء وأمن المواطنين الأوروبيين، ومدى إسهام البرنامج الأوروبي في تمويل البرامج البحثية العسكرية التي أجريت في إسرائيل.

وبجانب شركة IAI، تضمّن السؤال الموجه للبرلمان الأوروبي تحديد شركة Elbit Systems، ضمن المستفيدين من المنح البحثية الأوروبية. وهذه الشركة نفسها، كانت موضع سؤال آخر في 2015، عن تمويل برنامج Horizon لأنشطة بحثية أجرتها، في الوقت الذي تزود فيه الجيش الإسرائيلي بأنظمة تكنولوجية، تُستخدم في بناء الجدار العازل والمستوطنات، وهو الجدار الذي يصنفه الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة “مخالفاً للقانون الدولي”.

وشركة Elbit هي شركة إسرائيلية خاصة، شكّلت إيراداتها من بيع الأسلحة نحو 90 في المئة، من إجمالي إيراداتها في 2022.

وعُرفت الشركة بانخراطها في الأنشطة العسكرية المثيرة للجدل في المناطق المحتلة؛ ما أدى إلى أن أكثر من 70 مؤسسة استثمارية سحبت استثماراتها منها لأسباب مختلفة؛ من ضمنها مخاوف تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان، وفق قاعدة بيانات تتبع الإقصاء المالي.

وبسبب الحرب الأخيرة على غزة، ألغت شركة إيتوتشو اليابانية تعاونها مع Elbit، بعد أمر المحكمة الدولية بأن “تتخذ إسرائيل إجراءات لمنع أعمال الإبادة الجماعية في غزة”. تبعها غلق مصنع أسلحة للشركة في بريطانيا، نتيجة للضغط الرافض لعمل المصنع.

برنامج الحوسبة الكمومية

حصلت Elbit في إطار Horizon 2020 على ثلاث منح بحثية بقيمة تبلغ نحو مليون و660 ألف يورو (مليون و717 ألف دولار أميركي)، خُصّص منها مبلغ 559 ألف يورو (609 ألف دولار) لمشروع COPAC ذي الصلة بالتكنولوجيا الكمومية، الذي استغرق العمل عليه نحو أربع سنوات (آب/أغسطس 2017 ونيسان/أبريل 2021).

وعلى الرغم من إدراج التكنولوجيا الكمومية في لائحة المنتجات مزدوجة الاستخدام في بريطانيا، لم تُدرج هذه التكنولوجيا بعد في لائحة الاتحاد الأوروبي؛ وبالتالي فإن المشروع لم يُصنف “مزدوج الاستخدام”.

يأتي هذا رغم الإشارة إلى خطورة التقنيات الكمومية في تقرير صادر عن المفوضية الأوروبية، في تشرين الأول/أكتوبر 2023، إذ إن “التقنيات الكمومية قادرة على إحداث تحولات في عدة مجالات؛ مدنية وعسكرية من خلال تمكين التقنيات والأنظمة الجديدة التي تستفيد من خصائص ميكانيكا الكم”.

وتقول الدكتورة كين، المحاضرة في القانون الدولي، إن اللائحة الأوروبية لا تتضمن كل المنتجات مزدوجة الاستخدام؛ وعليه قد لا تخضع “التكنولوجيا مزدوجة الاستخدام”، المُطوّرة في إطار البرامج البحثية وغير المدرجة في اللائحة، لقيود التصدير.

 يهدف مشروع COPAC إلى تطوير طريقة جديدة للقيام بالعمليات الحسابية، بدلًا من الحواسيب التقليدية، باستخدم أشعة الليزر ونقاط كمومية (وهي جزيئات نانوية مصنوعة من أشباه الموصلات)؛ لتحريك المعلومات بسرعة كبيرة، ومعالجة كميات هائلة من البيانات في وقت واحد. وقد طوّر المشروع نموذجاً أولياً لجهاز جديد يعمل بتلك التقنية.

ووفق تقارير المشروع، فإن Elbit طوّرت هذا النموذج من الجهاز، وعليه يحق لها استغلال هذا النموذج، بموجب المادة 28 من اتفاقية المنح.

وضمن خطة “نشر نتائج المشروع” المنشورة على موقع الاتحاد الأوروبي، فإن Elbit شاركت في مجتمعات علمية في إطار البرنامج، كونها عضواً بالفريق الاستشاري، المختص بالجوانب الصناعية في برنامج الكمومية الوطني الإسرائيلي، الذي ينضوي تحت مظلة هيئة الابتكار الإسرائيلية.

ولم تكن Elbit وحدها عضوة الفريق من الجانب الإسرائيلي، فقد اشتركت أيضاً الجامعة العبرية، التي يملك رئيس مجلس أمنائها الحصة الأكبر من شركة Elbit. كما أن الجامعة العبرية أيضاً، تشارك في أنشطة هيئة الابتكار المتعلقة بالحوسبة الكمومية. كما شاركت شركة KILOLAMBDA -التي تُصنف في إسرائيل شركة عسكرية- في أنشطة البرنامج قبل أن تستحوذ عليها Elbit في 2018.

وعند البحث في تقارير هيئة الابتكار الإسرائيلية، وجدنا أن الهيئة ساعدت شركات إسرائيلية في الحصول على منح من الاتحاد الأوروبي بقيمة 89 مليون يورو (97 مليون دولار أميركي).

وتساعد هيئة الابتكار الإسرائيلية هذه الشركات مقابل الحصول على رسوم منها، وفق موقع الهيئة الرسمي. وورد في تقارير Elbit السنوية، أنها تدفع لهيئة الابتكار الإسرائيلية رسوماً مقابل حصولها على منح بحثية.

وبالبحث عن مشروع الكمومية الإسرائيلي المشار إليه، وجدنا أن الهيئة جزء من تحالف ينفذ خطة التقنيات “الكمومية الوطنية”.

وبالعودة إلى الخطة الوطنية المُصاغة عام 2018، وجدنا أن وزارة الدفاع الإسرائيلية طرف في صياغتها؛ فقد قامت كل من وزارة الدفاع والمالية والعلوم وهيئة الابتكار الإسرائيلية بصياغة خطة وطنية للتقنيات الكمومية.

وجاء على لسان دكتور دانيال غولد، رئيس قسم الأبحاث والابتكار في وزارة الدفاع أن “إسرائيل التي أصبحت قوة في المجال السيبراني، تنظر إلى مجال التقنيات الكمومية على أنه هدف استراتيجي لتصبح لاعباً رئيساً في السوق العالمية”.

وفي 2022، أعلنت هيئة الابتكار ووزارة الدفاع، أنه في إطار تنفيذ البرنامج الوطني للعلوم والتقنيات الكمومية، سيُنشأ مركز حوسبة كمومية.

جاء هذا بعد صدور تقرير عن الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، يُحدد خطورة استخدام الحوسبة الكمومية في تسريب البيانات والهجمات السيرانية، موصياً -ضمن إجراءات الاستعداد لهذه المخاطر- بأن تُجرى أبحاث بهذا الشأن.

وفي إطار هذا البرنامج، تقود شركة Elbit تصميم التطبيقات الكمومية للقطاع الحكومي، وتعيين فرق مُخصّصة لتعزيز تطويرها.

ولم تعلق المفوضية الأوروبية عما توصلنا إليه في هذا الصدد، رغم تواصلنا معها في إطار حق الرد.

دعم الشركات الناشئة

حدّد برنامج Horizon مخصصات مالية للشركات الناشئة، استفادت منها شركات إسرائيلية، بعضها وثّقنا ارتباطها بقطاع الدفاع.

تأتي ضمن هذه الشركات التي حصلت على هذا الدعم في 2018، شركة CENS، المتخصصة في صناعة بطاريات الليثيوم أيون.

وجاء في وصف المشروع، أن الأقطاب الكهربائية المعتمدة على أنابيب الكربون النانوية تحقق منافع كبيرة في أداء بطاريات الليثيوم أيون؛ إذ تعمل على تحسين سعتها. ومع ذلك، فإن غياب القدرة على تشتيت أنابيب الكربون النانوية بكفاءة على الأقطاب الكهربائية، قد أعاق استخدامها على نطاق واسع في البطاريات. لذا، يهدف مشروع IonDrive، المُموّل من الاتحاد الأوروبي لصالح شركة CENS، إلى تطوير عملية تشتت فعالة من حيث التكلفة، بالاعتماد على تكنولوجيا الموجات فوق الصوتية، التي ينبغي أن تسمح بالفصل والتطبيق المتجانس لأنابيب الكربون النانوية، داخل مسحوق مادة القطب الكهربي. وقد يساعد ذلك على زيادة سعة البطارية بنسبة 50 في المئة، من دون المساس بالخصائص الميكانيكية للقطب الكهربائي.

ولم تندرج بطاريات الليثيوم أيون ضمن المنتجات مزدوجة الاستخدام، في لائحة الاتحاد الأوروبي للعناصر التي تتطلب استخراج ترخيص لتصديرها، إلا أن وكالة الدفاع الأوروبية تجري أبحاثاً عن استخدام تكنولوجيا بطاريات الليثيوم أيون في المنصات العسكرية.

وترتبط شركة البطاريات بشركة Elbit، إذ أُنشئت -وفق سجل الشركات الإسرائيلية- في تشرين الأول/أكتوبر 2013؛ لتنضم في آذار/مارس 2014 إلى حاضنة Incubt Ventures التابعة لشركة Elbit.

وأُسست هذه الحاضنة، ضمن مشروع الحاضنات التابع لهيئة الابتكار الإسرائيلية، لدعم الشركات الناشئة، ووضعت Elbit، ضمن شروط الانضمام إلى الحاضنة، احتمالية وجود ارتباط بين التكنولوجيا التي تنتجها الشركات الناشئة ومجالات اهتمام Elbit.

يقول إيلي فريدمان، نائب قسم الابتكار في Elbit، في مقالة منشورة على موقع الشركة، إن الحاضنة مُتخصّصة في التقنيات ذات الاستخدام المزدوج، وتعمل الشركات الناشئة المنضمة للحاضنة على تطوير حلول تغطي نطاقاً واسعاً من المجالات؛ لم يكن العديد منها مرتبطاً في البداية بالقطاع العسكري.

وعلى موقع الشركة، وجدنا أن بطاريات ليثيوم آيون، التي تنتجها الشركة، تُستخدم في الطائرات من دون طيار، “فبفضل قدرة تكنولوجيا النانو -التي تنفرد بامتلاكها CENS- على زيادة سعة البطارية، يمكن للطائرات من دون طيار أن تعمل لفترات أطول، وتطير لمسافات أطول”.

وفي تعليق يبرز التطبيق العسكري للبطاريات التي تطورها CENS، قال يهوشوا يهودا، نائب الرئيس التنفيذي والمدير التنفيذي للتكنولوجيا في Elbit Systems، رئيس مجلس إدارة الحاضنة: “تعد تكنولوجيا CENS رائدة؛ إذ تلبي الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية الفعالة ومنخفضة التكلفة، نعتقد أن لهذه التكنولوجيا الفريدة من نوعها مجموعة واسعة من التطبيقات؛ من بينها الاستخدام في قطاع الدفاع الذي يسعى جاهداً لإيجاد حلول مبتكرة للطاقة، بما في ذلك -على سبيل المثال- اتصال المقاتل بمركز العمليات”.

يقول مصدر من المفوضية الأوروبية -رفض ذكر اسمه- إن شركة CENS حصلت على التمويل المُخصّص للشركات الناشئة، الذي يقتصر على إجراء دراسات جدوى وتسويق لتكنولوجياتها ذات الطابع المدني، مستدركاً أن نتائج الأبحاث ربما تفضي إلى تطوير تكنولوجيا مزدوجة الاستخدام، وربما حدث التحول من الاستخدام المدني إلى العسكري بعد انقضاء مدة المشروع.

دفعنا هذا إلى البحث في أرشيف ملف الشركة على موقع حاضنة Elbit، لنجد أنه في عام 2018 وبالتزامن مع بدء منحة الاتحاد الأوروبي، كانت تكنولوجيا الشركة تخدم الأسواق الدفاعية، ولم تقتصر على الجوانب المدنية.

من أوروبا إلى أميركا مروراً بغزة

حصلت شركة Xtend الإسرائيلية الناشئة على تمويل Horizon 2020 بقيمة 50 ألف يورو (نحو 54 ألف دولار أميركي) في مطلع 2020؛ بهدف “إجراء دراسة شاملة لتقييم الجدوى الفنية والتجارية والمالية للنظام الجديد للطائرات من دون طيار SKYLORD XTENDER”.

وفق ما كشفه بحث مشترك أجرته مؤسسة StateWatch وInformationstelle Militarisierung (نقلاً عن صحف غربية)، فإن الشركة التي أُنشئت في 2018 تبيع نظام المُسيّرات SKYLORD إلى الجيش الأميركي، وأن الجيش الإسرائيلي يستخدم هذا النوع من أنظمة المُسيّرات في غزة؛ كدليل أورده البحث على أن التمويل البحثي الذي يقدّمه الاتحاد الأوروبي لشركة Xtend ذو صلة بالأغراض العسكرية.

هذا ما تأكدنا منه عبر فحص عقود Xtend مع الحكومة الأميركية، فقد حصلت الشركة -بشكل مباشر وغير مباشر- على ثلاثة عقود بقيمة إجمالية تصل إلى نحو 278 ألف دولار أميركي.

وبفحص نوعية هذه العقود، وجدنا أن عقداً برقم “1149969” أبرمته وكالة الدفاع اللوجستية الأميركية لشراء نظام مسيرة Skylord، كما أن مكتب التحقيقات الفيدرالي أبرم عقداً بالأمر المباشر برقم “15F06721P0003531” مع الشركة لشراء نظامين من النوع نفسه.

ونشرت صفحة لينكدان، التابعة لمديرية البحث وتطوير الأسلحة والبنية التحتية التكنولوجية بوزارة الدفاع، تهنئة لـ Xtend، لاختيارها من مجلة جلوبس، ضمن عشر شركات ناشئة واعدة في إسرائيل، مشيرة إلى أن مُسيّرات الشركة تُستخدم في العمليات القتالية الأخيرة في غزة.

وتُقر القوات الإسرائيلية باستخدامها لنظام مُسيّرات Skylord في عملياتها القتالية، وفق فيديو دعائي منشور على الصفحة الرسمية للمديرية الإسرائيلية للبحث والتطوير، التابعة لوزارة الدفاع على فيسبوك.

ويضيف المصدر ذاته من المفوضية الأوروبية أن شركة Xtend حصلت على التمويل المُخصّص للشركات الناشئة، الذي يقتصر على إجراء دراسات جدوى وتسويق لنظام Skylord، الذي له في الأصل خصائص مدنية، مستدركاً أن نتائج الأبحاث ربما تفضي إلى تطوير تكنولوجيا مزدوجة الاستخدام، وربما حدث التحول من الاستخدام المدني إلى العسكري بعد انقضاء مدة المشروع.

دفعنا هذا للبحث على أرشيف موقع شركة Xtend، لنجد أن الشركة -وقت المنحة- كانت تقدم نظام المُسيّرات Skylord بوصفه نظاماً عسكرياً؛ إذ وضعت في خلفية تعريف النظام صورة جندي يستخدم المُسيّرة.

درج

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى