سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع سقوط الديكتاتور الفار بشار الأسد في سورية
تحديث 11 كانون الأول 2024
—————————-
صنّاع الرعب في سوريا.. أبرز 10 جنرالات في نظام الأسد المخلوع شيّدوا جحيم السوريين لعقود واختفوا بعد سقوطه
2024/12/11
عقب السقوط المدوّي لنظام بشار الأسد في سوريا، تتعالى أصوات السوريين المطالِبة بملاحقة المسؤولين السابقين في النظام المخلوع. وتضم قائمة أبرز المسؤولين العسكريين السابقين للأسد الذين ارتكبوا وساهموا على مدار سنوات في عمليات القتل والانتهاكات، بدءاً من استخدام الأسلحة الكيميائية ضد السوريين، وصولاً إلى عمليات القصف وتعذيب المعتقلين.
في هذا التقرير، نرصد أبرز 10 قادة سابقين في نظام الأسد يُعدّون من بين الأعنف في النظام المخلوع، والذي فرضت عليهم عقوبات أمريكية وأوروبية بسبب انتهاكاتهم الجسيمة في سوريا، وتشير تصريحات لمنظمات إنسانية حقوقية، وتصريحات من قادة المعارضة السورية الذين توصلوا إلى الحكم، إلى أنه سيتم ملاحقة هؤلاء القادة وغيرهم، داخل سوريا وخارجها.
1- ماهر الأسد، من مجزرة صيدنايا إلى الكبتاغون
في مقدمة الأسماء البارزة، ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام المخلوع والابن الثالث لحافظ الأسد. ومنذ العام 2018، تولّى ماهر الأسد قيادة الفرقة الرابعة في جيش النظام، التي كانت تُعدّ بمثابة “وحدة النخبة” في جيش نظام الأسد، وأبرز المسؤولين عن قمع الثورة السورية واجتياح وتدمير المدن التي ثارت على النظام منذ مارس/آذار 2011.
يُعدّ ماهر الأسد من أبرز المتورطين في ارتكاب النظام لمجزرة سجن صيدنايا يوم 5 يوليو/تموز 2008، وذلك بعدما نفّذ مجموعة من المعتقلين استعصاءً (تمرد) داخل السجن.
نشر موقع “ويكيليكس” وثائق تؤكد ارتكاب النظام لمجزرة داخل السجن عام 2008، وقدّر أن 25 معتقلاً قُتلوا داخل السجن، الذي أثارت صور المعتقلين المفرج عنهم أيضاً بعد سقوط نظام الأسد يوم 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 صدمة في العالم.
كان ماهر الأسد بمثابة “دولة مستقلة بنفسه” داخل سوريا، وكان مطار المزة العسكري تحت إمرته، ولعب هذا المطار دوراً كبيراً في قصف الأحياء والبلدات التي ثارت على النظام في ريف دمشق.
تمتّع ماهر الأسد بثروة كبيرة في سوريا، وعرف السوريون المزيد من تفاصيلها بعدما دخل بعضهم إلى منزله في دمشق عقب فراره، ووجدوا سراديب أسفل منزله، ومعدات لتغليف الأموال، فضلاً عن الثراء الفاحش في المنزل نفسه.
وكان للفرقة الرابعة التي قادها ماهر الأسد دور كبير في تأمين وتسهيل تجارة “الكبتاغون” ونقله من المصانع إلى المرافئ السورية، تمهيداً لنقله إلى خارج سوريا.
وطالت عقوبات أوروبية وأمريكية ماهر الأسد منذ العام 2011، كما طالته “عقوبات قيصر” في العام 2020، التي فرضتها على خلفية تسريب عشرات آلاف الصور لمعتقلين قتلهم النظام في السجون.
2- جميل الحسن مبتكر البراميل المتفجرة
تولى الحسن منصب مدير إدارة المخابرات الجوية في سوريا التي كانت تُعرف بشدة تعذيب المعتقلين في سجونها. وكان الحسن من بين أبرز المستشارين المقربين لبشار الأسد، ومعروفاً عنه تأييده الشديد للدموية في قمع الشعب السوري.
تورط جهاز المخابرات الجوية الذي قاده الحسن في تعذيب المعتقلين، ويتهم المسؤولون عن هذا الجهاز الأمني بأنهم ارتكبوا عمليات قتل واغتصاب وقتل المئات، وفرضت أمريكا عقوبات على الحسن بسبب تورطه في ارتكاب انتهاكات للمدنيين.
يُعتبر الحسن من أشد المؤيدين في نظام الأسد لفكرة “القمع المفرط”. وفي مقابلة أجراها الحسن مع وكالة “سبوتنيك” الروسية عام 2016، رأى أن رد فعل نظام الأسد السابق على احتجاجات 2011 لم يكن كافياً، وقال إنه يجب أن يكون مماثلاً لتلك التي طبّقها النظام في حماة عام 1982، حيث قُتل خلال أيام عشرات الآلاف من المدنيين.
واستشهد الحسن بمثال آخر في ساحة الطلاب في الصين الذين كانوا يتظاهرون ضد السلطات، وقال: “لو لم تحسم الدولة الصينية فوضى الطلاب لضاعت الصين وضيعها الغرب”.
تُنسب إلى الحسن المسؤولية عن فكرة قصف السوريين بالبراميل المتفجرة، وهو ما أشار إليه محلل لبناني موالٍ للنظام في سوريا، ميخائيل عوض، الذي قال في مقابلة تلفزيونية إنه يوجّه تحية إلى الحسن لما له من “دور في صنع البراميل المتفجرة التي أخذ بها الأسد بعد نصيحة منه”، معتبراً أنها “كانت أكثر فعالية من الصواريخ المجنحة، وأقل كلفة”.
3- سهيل الحسن وسياسة الأرض المحروقة
كان العقيد سهيل الحسن أحد أبرز القادة العسكريين الميدانيين في قوات نظام الأسد المخلوع. أطلق عليه أنصاره اسم “النمر”، وعُرف عنه وعن قواته القسوة المفرطة التي استخدموها ضد المدنيين في المناطق الخارجة عن السيطرة، وخلال المعارك التي كان يخوضها ضد قوات المعارضة.
اتخذت المعارك التي كان يخوضها الحسن ضد مناطق المعارضة سمة بارزة، وهي اتباع سياسة الأرض المحروقة، حيث كان يعتمد على التفوق الجوي الذي يتم دعمه به. في البداية، كانت الطائرات تشن عشرات الغارات قبل أن تدخل قواته البرية.
عبّر الحسن مراراً عن تأييده لفكرة “السحق العسكري”. لفتت وحشيته المفرطة في مقاتلة المعارضين للنظام نظر روسيا، التي قدمت له دعماً جوياً كبيراً في معاركه ساعده في تحقيق انتصارات عسكرية.
وصل نفوذ سهيل الحسن في جيش النظام إلى حد جعل الروس يكرمونه على قيادته للمعارك في سوريا. بلغ الدعم الروسي للحسن حداً جعله ينافس بشار الأسد على النفوذ داخل الجيش، مستنداً بذلك إلى النفوذ الكبير الذي كانت تتمتع به قواته والمسماة “قوات النمر”.
في العام 2017، كافأ بشار الأسد سهيل الحسن وقرر تعيينه رئيساً لفرع المنطقة الشمالية للمخابرات الجوية. ومع ذلك، لم يكن للحسن دور بارز في المعارك التي بدأت يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، والتي أدت في النهاية إلى سقوط الأسد. وقد أصيب الحسن في هذه المعارك، ولم تصمد قواته أمام هجمات قوات المعارضة.
في العام 2017 فرضت الولايات المتحدة عقوبات على سهيل الحسن، إلى جانب 16 مسؤلاً آخرين، بسبب استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.
4- علي مملوك ذراع الأسد الأمنية
تولى علي مملوك منصب مستشار الأسد لشؤون الأمن الوطني، إضافة إلى العديد من المناصب الأمنية الحساسة داخل نظام الأسد، مثل رئاسة جهاز المخابرات العامة (أمن الدولة) في عام 2005، ورئاسة فرع التحقيق في المخابرات الجوية.
يُعدّ مملوك من بين أبرز وجوه النظام الذين لعبوا دوراً مهماً في تطوير قدرات الاستخبارات في سوريا وزيادة قمع الحريات للسوريين.
من بين المهام الكبيرة التي أُوكلت لمملوك خلال مسيرته في نظام الأسد الإشراف على البرنامج الكيميائي للنظام. كان أحد الضباط المشرفين على تجارب الأسلحة الكيميائية خلال الفترة 1985-1995، واستخدامها ضد معتقلين سياسيين بسجن تدمر في “الوحدة 417” التابعة للمخابرات الجوية، والواقعة بالقرب من استراحة “الصفا” في منطقة أبو الشامات بالبادية السورية.
تم حينها تجريب الأسلحة الكيميائية على المعتقلين، ومن ثم محو آثار الجريمة في المنطقة عبر قصفها بالطيران الحربي، بحسب ما ذكرته منظمة “مع العدالة”.
كان لمملوك دور كبير في قمع الاحتجاجات في سوريا، إذ كان عضواً في “خلية إدارة الأزمة” التي تم تشكيلها بهدف التصدي للمعارضين، وفرضت كل من أوروبا وبريطانيا وكندا عقوبات على مملوك لمشاركته في تنفيذ انتهاكات بسوريا.
5- محمد رحمون قائد “فرع الموت”
قبل سقوط نظام الأسد، كان محمد رحمون يتولى منصب وزير الداخلية. يُعد من الوجوه الأمنية المعروفة في سوريا بتورطها في اعتقال المدنيين والتنكيل بهم.
تولى رحمون، قبل أن يصبح وزيراً للداخلية، مناصب أمنية عديدة، منها رئاسة قسم المخابرات الجوية في درعا عام 2004، ثم رئاسة المخابرات الجوية في المنطقة الجنوبية، التي كان مقرها في مدينة حرستا بريف دمشق، إضافة إلى رئاسة شعبة الأمن السياسي.
يُعرف “فرع الجوية” في حرستا بأنه “فرع الموت”. امتلأ الفرع بالمعتقلين الذين تظاهروا ضد الأسد. وعُرف أيضاً بأنه كان أشبه بثكنة عسكرية محصنة بشكل جيد.
وفي تقرير سابق نشره مركز “توثيق الانتهاكات في سوريا”، أُشير إلى أن فرع المخابرات الجوية في حرستا كان يُعتبر من بين أشرس أجهزة أمن النظام، حيث يتمتع بسلطات واسعة النطاق. احتوى الفرع على خمس غرف اعتقال جماعية وخمس انفرادية، جميعها تحت الأرض.
تضمنت أصناف الانتهاكات للمعتقلين في فرع المخابرات الجوية بحرستا تركهم حتى تنهشهم الأمراض، إضافة إلى بقائهم لأيام بدون طعام، والحرق بالنايلون، والتعذيب في الأعضاء الحساسة، والضرب بالهراوات، والحرق بالولاعات، والدولاب. كانت جميع هذه الأساليب تهدف إلى إيذاء المعتقلين جسدياً ونفسياً.
وقبل ساعات من سقوط الأسد، خرج رحمون – المدرج على قوائم العقوبات الأمريكية – في تصريح من وسط العاصمة دمشق قال فيه إن هناك طوقاً أمنياً على دمشق يصعب تجاوزه. ولكن لم يمض وقت طويل حتى دخلت قوات المعارضة إلى العاصمة، واختفى رحمون منها.
6- زهير الأسد والقتل في “مثلث الموت”
زهير الأسد هو الأخ غير الشقيق لحافظ الأسد، وقد تخرّج من الكلية الحربية في سرايا الدفاع، التي تورطت في ارتكاب مجزرة حماة عام 1982، والتي كان يقودها آنذاك رفعت الأسد (عم بشار الأسد).
لعب زهير الأسد دوراً بارزاً في قمع الاحتجاجات السورية عندما كان يتولى قيادة اللواء 90 في محافظة القنيطرة. وبحسب مركز “مع العدالة”، يُعتبر “اللواء زهير الأسد المسؤول المباشر عن كافة الجرائم التي ارتكبها عناصر “اللواء 90″ في ريف دمشق الغربي والقنيطرة ودرعا”.
كان من بين أساليب زهير الأسد لمعاقبة المعارضين للنظام، فرض حصار على المناطق المعارضة وحرمانها من الطعام. وقد فرضت الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2020 عقوبات على زهير الأسد.
7- عاطف نجيب الذي اعتقل الأطفال
مع بداية الثورة في سوريا عام 2011، برز اسم العميد عاطف نجيب على نحو واسع، فهو من بين الأسباب الرئيسية التي فجّرت الاحتجاجات في سوريا. وكان نجيب المسؤول عن اعتقال مجموعة من الأطفال في محافظة درعا، بسبب كتابتهم شعارات تنادي بالحرية على جدران مدرستهم.
نجيب، وهو ابن خالة بشار الأسد، كان يتولى رئاسة فرع الأمن السياسي في درعا. أدرجه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية على قائمة العقوبات في العام 2011، وذلك بسبب دوره في قمع المظاهرات داخل سوريا.
8- بسام مرهج الحسن المشرف على استخدام “الكيميائي”
يُعدّ اللواء بسام – الذي كان يتولى منصب مدير المكتب الأمني والعسكري في القصر الجمهوري – من بين أبرز الضباط في جيش الأسد الذين كان لهم دور في استخدام الأسلحة الكيميائية ضد السوريين.
تولى اللواء بسام مناصب عدة حساسة، مثل إدارة مكتب الاستعلام في القصر الجمهوري، وسرية الحراسة، وسرية الموكب. وبحسب معهد “مع العدالة”، كان بسام أحد أبرز المسؤولين بشكل مباشر عن تمرير الأوامر العسكرية من القصر الجمهوري لوحدات جيش النظام سابقاً.
أُدرج بسام على قائمة عقوبات أمريكية وأوروبية وكندية وبريطانية. وذكرت بريطانيا أن اللواء كان له دور في مركز الدراسات والبحوث العلمية الذي يرتبط بأنشطة الأسلحة الكيميائية.
9- محمد ديب زيتون وقمع المحتجين
يعود دور اللواء محمد ديب زيتون في قمع الحريات في سوريا إلى ما قبل احتجاجات 2011، إذ كان أحد المسؤولين عن التحقيق مع أعضاء مجموعة “إعلان دمشق” عام 2005. وكان هذا الإعلان قد وقّعته شخصيات سورية آنذاك، ودعت خلاله إلى إنهاء عقود من الحكم الدكتاتوري لعائلة الأسد.
مع بدء الاحتجاجات في سوريا، واصل زيتون مهمته في قمع الاحتجاجات. عُيّن في العام 2012 في منصب مدير إدارة أمن الدولة، وقبل هذا المنصب تولّى رئاسة “الأمن السياسي”، وهي الجهة التي تصدرت مهمة قمع الاحتجاجات في درعا.
كان زيتون من الشخصيات المقربة جداً من اللواء علي مملوك، وتم إدراجه في قائمة العقوبات الأمريكية والكندية والأوروبية والبريطانية.
10- العميد طلال مخلوف وقتل المتظاهرين
تولى العميد طلال مخلوف منصب قيادة الحرس الجمهوري. ولكونه من عائلة مخلوف التي تنتمي إليها أنيسة والدة بشار الأسد، استغل هذه الميزة وحصل على ترقيات سريعة ومتعددة داخل جيش النظام سابقاً.
كان مخلوف من بين أبرز الضباط الذين تولوا قمع الاحتجاجات في سوريا. ولعب اللواء 105 حرس جمهوري دوراً كبيراً في مهاجمة المتظاهرين في مناطق بالغوطة الشرقية بريف دمشق.
في تقرير سابق لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، نقلت المنظمة شهادات لجنود سابقين في الحرس الجمهوري تحدثوا عن أن مخلوف أعطى أوامر مباشرة لعناصره بإطلاق الرصاص مباشرة على المتظاهرين في حال رفضوا وقف التظاهر.
أُدرج مخلوف على قائمة عقوبات أمريكية في العام 2017، فرضتها واشنطن على مسؤولين في النظام بسبب دورهم في استخدام الأسلحة الكيميائية. كما تم وضعه على قائمة العقوبات البريطانية في العام 2015.
تُعدّ هذه الأسماء جميعاً جزءاً من قائمة طويلة لمسؤولين سابقين في نظام الأسد، يواجهون اتهامات بارتكاب عمليات تهجير وقتل للمدنيين، وكان لهم دور كبير أيضاً في تثبيت دعائم النظام طوال سنوات الثورة السورية وقبلها.
عربي بوست
———————–
رئيس الحكومة الانتقالية في سوريا محمد البشير لـ«القدس العربي»: أولويتنا فرض الاستقرار/ عماد الشدياق
11 كانون الأول 2024
دمشق ـ «القدس العربي» : أعلن محمد البشير، في بيان تلفزيوني أمس الثلاثاء، تكليفه بتولي رئاسة حكومة انتقالية في سوريا، وذلك حتى الأول من آذار/ مارس المقبل.
في كلمة قصيرة بثها التلفزيون، قال البشير، «اليوم (أمس) تمّ عقد جلسة مجلس الوزراء، ضمّت فريق العمل في حكومة الإنقاذ السورية التي كانت عاملة في منطقة إدلب وما حولها. بالإضافة للحكومة السورية للنظام المخلوع».
استلام الملفات
وأضاف «عنوانُ الجلسة هي عبارة عن نقل المؤسسات والملفات من حكومة النظام المخلوع إلى الحكومة السورية المؤقتة من أجل استلام هذه الملفات وتسيير الأعمال».
وكان البشير يتحدث من غرفة اجتماعات ويظهر من خلفه علم المعارضة المسلّحة طوال فترة الحرب الأهلية بألوانه الثلاثة، الأخضر والأبيض والأسود، وعلم أبيض مكتوب عليه الشهادتان باللون الأسود.
البشير خصّ «القدس العربي» بحديث أكد خلاله أنّ مهمة الحكومة الانتقالية الآن، منصبةٌ على «تسيير أعمال المرحلة الانتقالية خلال الفترة المقبلة» وذلك من خلال الإشراف على «نقل ملفات مؤسسات الدولة من حكومة النظام المخلوع السابقة إلى حكومتنا، والتي بدأت بالفعل بتسليمنا تلك الملفات اعتباراً من صباح اليوم (أمس)».
البشير أكد أنّ «بعض وزراء النظام المخلوع لم يكونوا موجودين خلال اجتماع الحكومة اليوم (أمس) مثل وزير الداخلية ووزير الدفاع. لكن المهمّةَ ستتمّ عبر من ينوب عن هؤلاء الوزراء مثل الوكلاء والمدراء العامين» مؤكداً في الوقت نفسه على «تعاون الوزراء السابقين» ومذكّراً بأنّ الحكومة الانتقالية «ورثت حملاً ثقيلاً وإدارة مترهلة نتيجة الفساد الذي كان ينخر في جسد النظام السابق، على مدار سنوات طويلة فائتة، قبل الثورة وخلالها».
وعن الخطوات الأولى التي ستتّخذها حكومة الانقاذ في الأيام القليلة المقبلة، أعلن البشير لـ “القدس العربي» أنّ «الأهداف التي نتطلع إلى تحقيقها في الأيام المقبلة، هي إعادةُ تثبيت الأمن والاستقرار للمدن السورية. الناس أرهقها الظلم والاستبداد في الفترات السابقة، ولا بُدّ من بسط سلطة الدولة مجدداً لتعود الناس إلى ممارسة نشاطاتها الاقتصادية والحياتية معتادة» مشدداً على أهمية ذلك من أجل عودة اللاجئين والمغتربين إلى حضن الوطن السوري، موضحاً أن «هذا بمثابة نداء لكل المتواجدين في الخارج للعودة. سوريا اليوم أصبحت حرة واستعادت عزتها وكرامتها، فلا بدّ من بنائها من جديد بمساعدة الجميع».
هذا على المستوى الأمني، لكن على مستوى التخطيط الاستراتيجي، قال البشير إنه لا يمكن للسوريين أن يستمروا في العيش بلا خدمات مثل الكهرباء والمياه ونقص الخبز مثلما كان الحال في ظل حكم النظام المخلوع. هذه المواضيع نضعها نُصب أعيينا كحكومة انتقالية. نتطلع إلى تحسين تلك الخدمات».
ويواصل: «يوم دخلنا إلى حلب وحماة ومؤخراً دمشق، كان الشعب السوري يعيش في ظلام النظام، وظلمة الكهرباء: التيار الكهربائي غائب خلال أغلب ساعات اليوم، والتغذية شبه معدومة في العاصمة وبقية المدن السورية. وهذا أمرٌ غير مقبول أبداً».
ويضيف البشير أن النظام ترك الواقع المعيشي للناس بشكل سيء، «هذا يحملّنا أعباءً كثيرة. لقد ورثنا ديوناً مالية متراكمة على الحكومة، ولهذا فإنّ التحديات كبيرة».
كما طمأن السوريين بالقول «بما أننّا نملك تجربة في محافظة إدلب تُعتبر ناجحة، فإنّنا سنبذل الجهود المطلوبة من أجل نقل سوريا إلى مكان أفضل. لكن علينا أن نعرف بأنّ الأمر سيتطلّبُ بعض الوقت، وهذا لن يكون سريعاً».
وفي المجال القضائي وعملية المحاسبة، أكد أنّ «ثمّة شخصيات تابعة للنظام المخلوع ارتكبت جرائم حرب بحق الشعب السوري قبل الثورة وخلالها. نحن نتكلم عن ناس غُيّبت وأخفيت في السجون من عشرات السنوات. عدد كبير من السوريين اعتقلوا واضطهدوا خلال الثورة. فكل من يُثبت عليه تورط بالدماء وبقتل السوريين ستتم محاسبته».
أمّا عن كيفية المحاسبة وعملية تحديد المطلوبين، فأعلن أنّ هؤلاء « شخصيات معروفة ومُثبّت عليها قتل الناس وتعذيبها، عملياتهم الاجرامية موثّقة في الكثير من المؤسسات الإعلامية العالمية والمنظمات غير الحكومية، وكذلك هناك عقوبات غربية وعالمية مفروضة على عدد كبير من أزلام النظام بتُهمِ انتهاك حقوق الإنسان وقوانين الحرب. هؤلاء قتلوا وعذبوا الناس في السجون، وسنحاسبهم وفق القوانين السورية المرعية الاجراء».
وحول ما قيل في اليومين السابقين عن سرقة النظام للأموال في المصرف المركزي السوري الذي يخضع حالياً لحراسة من عناصر قوات إدارة العمليات المشتركة، كشف أنّ «البيانات حول موجودات المصرف المركزي ما زالت غير واضحة، وهو حال الملفات كلها في مؤسسات الدولة كلّها. نحن نقوم الآن بجمع البيانات والأرقام والمعلومات في جميع المؤسسات الحكومية والوزرات كي يتمَّ بناءُ التصور الصحيح للمرحلة المقبلة». لكنّه أكد أنّ «الواقع المالي في سوريا سيء جداً. العملات الأجنبية في المصرف المركزي السوري شحيحة، وكل ما هو موجود هو بالليرة السورية، التي فقدت قيمتها تماماً. في بعض الأحيان خلال الأزمة، وصل سعر صرف الليرة إلى 35 ألفاً للدولار الواحد، وقد فقدت قيمتها اليوم بشكل كبير».
«فهم خاطئ»
يُظهر البشير امتعاضاً حول «الفهم الخاطئ» لحركتهم السياسية ووصمه بالتطرّف والسعي إلى بناء «دولة إسلامية» وفي هذا الصدد يؤكد أنّ «سلوك بعض الجماعات الإسلامية الخاطئ جعلت أغلب الناس، وخصوصاً في الغرب، يعتبرون أنّ كل المسلمين حالهم واحد» من هذا المنطلق «ينظر الناس إلى المشاريع الإسلامية والمسلمين نظرة منقوصة موسومة بالتطرف والإرهاب، وهذا نتيجة السلوكيات الخاطئة وعدم فهم المعاني الحقيقية للإسلام بوصفه دين عدالة، قادر على ضمان حقوق كل الناس وكل الطوائف الموجودة في سوريا».
ويردف «لكن عموماً، فإنّ سوريا ذاهبةٌ مستقبلاً نحو وضع دستور جديد إن شاء الله. عندها سوف نتحدث في هذه التفاصيل، وتُوَضّح هذه الأمور كلّها بشكل أفضل».
وعن سؤاله ما إذا كانت المعارضة، أعطت ضمانات لدولة روسيا بعدم مسّ قواعدها العسكرية على الأراضي السورية، بشكل دبلوماسي هادئ، يردّ البشير «منذ انطلاق العمليات العسكرية لتحرير سوريا، صدر عنا بيانات عدّة، سعت إلى مخاطبة جميع الدول مثل العراق والصين وغيرها، تلك البيانات أكدت أنّ ثورتنا هي ثورة مباركة عظيمة ضد نظام بشار الأسد المجرم، خرجت الثورة لرفع الظلم والاستبداد عن أبنائها فقط. وبالتالي، لا مشكلة لدينا مع أيّ جهة أو طائفة أو دولة على الإطلاق».
ويختم بالقول «مشكلتنا مع نظام سفاح استباح الدماء والأعراض، وقد أوصلنا رسالة سياسية إلى جميع الدول ومفادها: كل دولة بعيدة عن هذا النظام لا مشكلة لدينا معها».
القدس العربي
———————–
متحدث في حكومة الإنقاذ السورية: هكذا سنرتب المرحلة الانتقالية
الأربعاء، ١١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤
قال المتحدث باسم إدارة الشؤون السياسية في حكومة الإنقاذ السورية، عبيدة الأرناؤوط، إنهم بصدد تجميد الدستور والبرلمان خلال الفترة الانتقالية، فيما سيتم تشكيل لجنة دستورية على مستوى خبراء القانون والحقوق للنظر في الدستور السابق وتعديله. وأوضح الأرناؤوط في تصريح لـ”العربي الجديد”، الثلاثاء في دمشق، أن “دور إدارة الشؤون السياسية في هذه المرحلة، يكمن في إعادة بناء العلاقات مع الدول والتأسيس لمرحلة من الشراكة مع دول الجوار والمحيط ودول العالم على أساس المصالح المشتركة”.
وأضاف: “نعمل حاليا على تفعيل العمل الدبلوماسي في البلاد بالتواصل مع الدول بالإضافة إلى تفعيل العمل السياسي، حتى تعود سورية إلى دورها الحضاري والسياسي في المنطقة”. وحول التصور لماهية العلاقة مع حلفاء النظام السابق، لا سيما روسيا وإيران، وكيف سيكون التعامل معهما على المستوى الدبلوماسي والسياسي، قال الأرناؤوط إن “العمل السياسي لا يغلق الباب بوجه أحد، ونحن ننظر إلى هذه العلاقات على أنها مؤسسة على أساس المصالح المشتركة، فنحن نعزز هذه المصالح، ونعمل على تلافي الخلافات والثغرات، لأننا نريد أن نؤسس لعلاقات مع جميع دول الجوار ودول العالم”.
وتتبع إدارة الشؤون السياسية لحكومة الإنقاذ، التي كانت تدير منطقة إدلب ومحيطها في شمال غرب سورية، وهي المنطقة التي ظلت تحت سيطرة المعارضة المسلحة كهيئة تحرير الشام وبعض الفصائل الأخرى. ورداً على سؤال “العربي الجديد” بخصوص مدى صحة معلومات تتحدث حول إمكانية اختباء بعض رموز النظام السابق في بعض السفارات، وكيفية التعامل مع هذا الملف في حال كانت تلك المعلومات صحيحة، أشار أرناؤوط إلى أن “السفارات تعمل في الشأن الدبلوماسي، وليس لهذه الأمور”.
وحول أولويات الحكومة، بما يخص الشؤون السياسية والعلاقة مع الدول لا سيما أوروبا والولايات المتحدة في المرحلة الانتقالية، قال الأرناؤوط إن “المرحلة الحالية هي لإدارة الفواعل السياسية ومواكبة الحدث، ونحن الآن عندما نتحدث عن دخولنا لدمشق فنحن بذلك نتحدث عن سورية كاملة، بالتالي فلا بد من إدارة الفواعل السياسية التي تريد أن تضع جهودها في خدمة الاستحقاقات السياسية القادمة”.
وحول شكل الحكومة الانتقالية، قال الأرناؤوط بأن “حكومة الإنقاذ هي ستكون حكومة تسيير أعمال حالية لمدة ثلاثة أشهر إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة، وخلال هذه الفترة سيجمد الدستور والبرلمان وتشكل لجنة من خبراء القانون للنظر في الدستور الحالي والعمل على تعديله”.
وفي وقت سابق الثلاثاء، أعلن محمد البشير رئيس حكومة الإنقاذ السورية المعارضة سابقاً، عن تكليفه بتولي رئاسة حكومة انتقالية في سورية لتسيير شؤون البلد بعد إسقاط نظام بشار الأسد الاستبدادي. وقال البشير في بيان تلفزيوني وفق وكالة “رويترز”، إنه تم تكليفه بتولي رئاسة حكومة انتقالية في سورية حتى أول مارس/آذار 2025. ومنذ إسقاط النظام، نجحت فصائل المعارضة السورية في منع انهيار الأوضاع المعيشية والاجتماعية، بالحفاظ على المؤسسات القائمة ودعوتها لتسيير أمور المواطنين، من دون اتخاذ قرارات متسرعة كإطاحة الحكومة القائمة أو حل الجيش وغيرها من القرارات التي كانت ستؤدي إلى انهيار للأوضاع.
وعقدت إدارة الشؤون السياسية في المعارضة السورية في دمشق أمس الثلاثاء اجتماعاً ضم عدداً من السفراء العرب من دول العراق، والبحرين، وعمان، ومصر، والإمارات، والأردن، والسعودية، إضافة إلى السفير الإيطالي، وذلك في لقاء دبلوماسي هو الأول من نوعه بعد إسقاط نظام بشار الأسد. وأكدت الإدارة لـ”العربي الجديد”، بأن الاجتماع كان إيجابياً.
————————-
دمشق الحرة… بدء ضبط الفوضى والسكان مستبشرون/ مريم هايله
11 ديسمبر 2024
أظهر سقوط نظام بشار الأسد حجم هشاشة البنية التحتية في مختلف المحافظات السورية، وعلى رأسها العاصمة دمشق، التي يعاني سكان مختلف أحيائها من أزمات متفاقمة في الخدمات الأساسية.
يؤكد سوريون وجود ما يُشبه الانهيار في مختلف القطاعات الخدمية في العاصمة دمشق، وأن الأوضاع تفاقمت خلال الفترة التي سبقت تحريرها من قبل فصائل المعارضة، كما سادت حالة من الفوضى الأمنية الشوارع قبل وصول عناصر “إدارة العمليات العسكرية”، إذ وجد اللصوص الفرصة مواتية لنهب مؤسسات الدولة. تؤكد الدمشقية أماني بقلة أنّ التقنين الكهربائي كان يؤثر على حياتهم بشكلٍ مباشر، وأنهم يأملون أن يتغير هذا الوضع بعد تحرير دمشق.
وتضيف: “لا يتوفر وقود أو كهرباء، بينما حياتنا ترتبط بالطاقة، وقد أخبرنا أحد قادة إدارة العمليات العسكرية أنّهم سيقومون بتخفيف معاناتنا قريباً، وهذا ما ننتظره، فنظام الأسد حوّل منازلنا لسنوات إلى ما يُشبه السجون، لا ماء ولا كهرباء ولا وقود، وغالبية الناس لا يملكون شراء ألواح الطاقة الشمسية”.
وفي منطقة كفرسوسة بوسط دمشق، سرق اللصوص محولات كهرباء، ليتركوا أهالي عدد من الأحياء من دون كهرباء. يقول ممدوح محروس، من حي اللوان، لـ”العربي الجديد”: “استولى اللصوص المسلحون على محوّل الكهرباء الذي يمدُّ الحي بالتيار، وقاموا بتفكيك بعض القطع التي يمكن بيعها لاحقاً، مثل الأسلاك النحاسية، وجرى ذلك أمام أعين السكان الذين لم يستطيعوا التدخل لإيقافهم خشية السلاح الذي يحمله اللصوص”.
بدأ الاستقرار الأمني في شوارع دمشق بعد انتشار الدوريات
وأثرت عمليات النهب بشكل مباشر على إمدادات الكهرباء السيئة أصلاً، ووصلت ساعات قطع الكهرباء إلى أكثر من 12 ساعة متتالية، مع محاولات لتوزيع الطاقة على كافة الأحياء بشكلٍ متساوٍ. يقول عماد الأغا، وهو أحد موظفي مركز الكهرباء: “نحاول إمداد مختلف الأحياء بالتيار، ونحن مُجبرون على توزيع ساعات التقنين على المنازل بشكلٍ عادل بعد سرقة عدد من المحولات الكهربائية”.
في حي ركن الدين شمالي دمشق، لم يكن الحال أفضل، لكن أضيف إليه اقتحام مراكز الخدمة التابعة لشركتي الاتصالات “سيرياتيل” و”إم تي إن”. ويؤكد الدمشقي، نضال الدوس أنّ “اللصوص قاموا بنهب الأجهزة الإلكترونية الموجودة في تلك المراكز، إضافة إلى السطو على بعض أبراج الاتصالات في المنطقة. نعاني كما كل سكان دمشق، من ضعف خدمات الاتصالات، ويعود ذلك إلى ثلاثة أسباب، الأول هو الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي، ما يؤثر على عمل أبراج التغطية، والثاني هو عمليات النهب التي طاولت عدداً من أبراج التغطية، والسبب الثالث هو عدم وجود موظفين في مراكز الخدمة ليقوموا بمعالجة الشكاوى والأعطال”.
وبدت الفوضى التي خلّفها سقوط نظام الأسد واضحة في الشوارع، حيث انتشرت كميات من النفايات، قبل أن يبدأ أهالي المناطق حملات تطوعية لتنظيف الأحياء. تقول سوسن الفحل: “قام أهالي عدة أحياء طوعياً بالنزول إلى الشوارع لتنظيفها بعد الغياب التام لعمال النظافة”.
وأكد عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق، قيس رمضان، في تصريحات صحافية، أنّ مدراء المديريات الخدمية عادوا إلى ممارسة عملهم في المحافظة، ومتابعة مختلف المواضيع التي تهم المواطنين، بداية من أعمال النظافة، لتحسين واقع الخدمات في الأحياء. ويضيف: “تعمل محافظة دمشق على تأمين مادة المازوت لوسائل النقل العام، بما فيها النقل الداخلي، كي تعود إلى العمل، وتأمين نقل الموظفين إلى أعاملهم، مع ضخ كميات إضافية ضمن إجراءات استثنائية لضمان استمرارية عمل وسائل النقل”.
ومع دخول عناصر “حكومة الإنقاذ” إلى دمشق، أعلنت شركة “زاجل” للنقل العام، والتي كانت تعمل سابقاً في محافظة إدلب (شمال غرب)، تفعيل خط النقل الداخلي في العاصمة اعتباراً من العاشر من ديسمبر/كانون الأول، ما بدت آثاره سريعا على الحركة في الشوارع، فوسائل المواصلات لم تكن في أفضل حالاتها في سنوات حكم النظام الأخيرة، ومن لا يمتلك سيارة كان يعاني للتنقل مع غياب شركات النقل العام، الأمر الذي انعكس على حركة الموظفين وعمل مختلف دوائر الدولة.
وترجع رئيسة قسم التمريض بمشفى الكلى التابع لمشفى ابن النفيس بدمشق، يمامة دلة، غياب عدد كبير من الكوادر إلى عدم وجود وسائل نقل، مشيرة إلى أن أغلب العاملين يسكنون في المناطق المحيطة بدمشق. وتقول: “اتصلت بعدد كبير من الممرضات والممرضين العاملين في المشفى، وأكدوا لي أنّهم سيعودون إلى العمل بمجرد توفر وسائل النقل”.
كان المازوت الغائب عن وسائل النقل العام حاضراً في محطات الوقود، لكنّ اللافت أنّ العديد من المحطات في حي “مشروع دُمر” وبعض المناطق الأخرى كانت تبيع المحروقات بالليرتين السورية والتركية، وبالدولار الأميركي أيضاً. ويقول الدمشقي سعد سلامة: “غالبية السكان لا يملكون عملات غير الليرة السورية، ومن النادر أن تجد من يمتلك الدولار، وإن وجدت العملة فهي من فئة المائة دولار”.
ولا يقتصر استخدام تلك العملات على محطّات الوقود، فالعديد من المتاجر علّق لافتات الأسعار بالعملات السورية والتركية والأميركية. تؤكد رهام طعمة أنّ “السوريين لم يعتادوا من قبل على استخدام أي عملة غير الليرة السورية، حتى أنّ حيازة العملات الأجنبية كانت جريمة تعرّض مرتكبها للسجن في ظل النظام السابق”.
أما الخبز الذي اعتاد السوريون على شرائه عبر ما يُسمى “البطاقة الذكية”، فقد تمكنوا من شرائه أخيراً من دون تلك البطاقة، لكن بلغ سعره 4000 ليرة، مع زيادة عدد الأرغفة في كل ربطة. تقول سوسن الفحل: “غالبية الأفران تعمل في دمشق، مع وجود بعض الزحام، وكلها تشهد حركة بيع نشطة، والمهم أنه لا وجود لمشكلات في توفر الخبز بعد أن أصبح بإمكان أي إنسان الحصول عليه من دون التعقيدات والقيود السابقة”.
وعقد وزيرا الاقتصاد والتجارة الداخلية في حكومة الإنقاذ السورية، اجتماعاً في مقر اتحاد غرف التجارة بدمشق، وتقرر بعده فتح كل الأسواق التجارية، مع تأمين الحماية لها، إضافة إلى إقرار البيع وفق سعر السوق التنافسي، والسماح بتخليص البضائع السورية من الموانئ بآلية جديدة بعيدة عن القوانين والإجراءات السابقة، والتي كانت ترفع أسعار المواد المستوردة، ومن بينها الإتاوات التي كان يفرضها النظام السابق عبر المتعاونين. ولا يزال الأمن هو هاجس السوريين الأكبر في العاصمة بعد حالة الانفلات التي حدثت صبيحة هروب بشار الأسد من البلاد، وبدأت ملامح الاستقرار تظهر في شارع دمشق بعد انتشار الدوريات التي سيّرتها إدارة العمليات العسكرية، وعمليات سحب الأسلحة التي قامت بها بالاشتراك مع المجتمع المحلي.
سوريون يحتفلون في الشوارع، 8 ديسمبر 2024 (العربي الجديد)
ؤكد سكان أنّ الدوريات الأمنية تنتشر في أغلب الشوارع، وأن عناصرها قاموا بإنهاء كل مظاهر السلاح في العاصمة، الأمر الذي ولّد حالة من الطمأنينة بين الأهالي الذين لزم الكثير منهم البيوت بعد انتشار جماعات مسلحة في الشوارع في اليوم الأول لسقوط النظام. وطالب عدد من مساجد دمشق السكان بتسليم الأسلحة التي بحوزتهم، أو التي وجدوها في الشوارع بعد فرار جنود الجيش والشرطة. وأظهرت مقاطع فيديو متداولة من المسجد الكبير في منطقة كفرسوسة، استجابة كثير من الناس، وتسليمهم المئات من قطع السلاح، والتي شملت بنادق رشاشة وقنابل يدوية، قبل أن يتم تسليم تلك الأسلحة إلى الجهات المختصة.
ونقل التلفزيون الرسمي السوري عن إدارة العمليات العسكرية تأكيدها أنّها شارفت على الانتهاء من ضبط الأمن في مناطق العاصمة، وحماية الممتلكات العامة، وأنّ الحكومة الجديدة ستبدأ أعمالها فور تشكيلها.
ويتطلع السوريون لمستقبل أفضل، خصوصاً على المستويين الأمني والمعيشي، إذ إنّ النظام السابق، ومنذ سيطرة حافظ الأسد على الحكم، حوّل كافة مقدرات البلاد للنفع الشخصي لعائلته والمقربين منه، مع حرمان غالبية السوريين من ثروات بلادهم بذريعة أنّ سورية دولة مواجهة، وأنّه يستعد للحرب مع إسرائيل، وهو الأمر الذي تكشف زيفه على مدار عقود، خصوصاً عقب عملية “طوفان الأقصى” والحرب الإسرائيلية على لبنان، إذ أظهر نظام الأسد حالة من عدم الاكتراث، ولم يتدخل بالمرة.
———————-
العثور على الناشط مازن حمادة…جثة في مستشفى حرستا العسكري
تداول ناشطون وإعلاميون سوريون في مواقع التواصل الاجتماعي، صوراً لجثة تعرضت للتعذيب في أحد السجون التابعة لنظام الأسد، قالوا أنها تعود للناشط مازن حمادة، ما يؤكد مقتله تحت التعذيب بعد سنوات من عودته إلى سوريا وغياب أي معلومات عنه في السنوات الأخيرة.
وتم العثور على جثة حمادة من بين عشرات الجثث التي وجدت في مستشفى حرستا العسكري بريف دمشق، الاثنين، ويعتقد أنها تعود لمعتقلين من سجن صيدنايا وبعضهم كانوا منشقين ومعارضين لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، بعضهم قتل حديثاً. ووضعت على الجثث أشرطة لاصقة كتب عليها بعض الرموز والأرقام والتواريخ من دون أسماء، وتعود لسجناء قضوا في سجن صيدنايا وتعرضوا للتعذيب حتى الموت، حسبما نقلت شبكة “ألجزيرة” التي بثت صوراً مروعة من المكان.
وكانت بعض الجثث سوداء اللون، بسبب سوء الحفظ، ولا يوجد من يقوم بحفظها بسبب انقطاع الكهرباء، لافتا إلى أن الجثث بحالة هزال شديدة، وتفوح منها روائح ومكدسة بطريقة غير آدمية.
وحمادة المتحدر من مدينة دير الزور، كان لاجئاً سورياً في هولندا عاش فيها لسنوات، وكان يعمل موظفاً في شركة “شمبرغير” الفرنسية للتنقيب عن النفط في محافظة دير الزور بصفة فني، وكان مساهماً في إجراءات لمحاكمة نظام الأسد، وظهر في أفلام وثائقية سورية تحدث فيها عن التعذيب في معتقلات النظام.
———————-
الجلالي لتلفزيون سوريا: رواتب الموظفين مُؤمَّنة في المصرف المركزي
أكد محمد الجلالي، آخر رئيس وزراء في عهد بشار الأسد، أن حكومة تسيير الأعمال أصبحت تتحكم في القرارات الاستراتيجية في سوريا، مشيرًا إلى أن عملية تسليم الوزارات جرت بسلاسة دون التأثير على سير العمل.
وأضاف الجلالي، في مقابلة مع تلفزيون سوريا، أن التعاون بين مختلف الأطراف أسهم في استمرار تقديم الخدمات في مؤسسات الدولة. وأوضح أن وزير الخارجية السابق بسام صباغ لم يكن في دمشق عند سقوط النظام، بل كان في طرطوس، ما حال دون حضوره اجتماع الحكومة الانتقالية.
وأشار إلى أن صباغ أبدى استعداده لتسليم ملفات وزارة الخارجية، مؤكدًا أنه أبلغ رئيس الحكومة محمد البشير الذي وعد بتنسيق شؤون البعثات الخارجية والوزارة.
وشدد الجلالي على أن رواتب الموظفين في الدولة السورية مؤمنة عبر البنك المركزي، ولا يوجد ما يدعو للقلق بشأنها
—————————-
السيطرة على دير الزور وواشنطن تحث المعارضة على تشكيل حكومة شاملة
أعلنت إدارة العمليات العسكرية، مساء أمس الثلاثاء، سيطرتها الكاملة على مدينة دير الزور بما في ذلك المطار العسكري، بعد انسحاب قسد وقوات النظام والميليشيات الإيرانية من المنطقة.
وفي تصريح للمقدم حسن عبد الغني، أوضح أن “القوات تمكنت من تحرير ريف دير الزور الشرقي والغربي بعد انسحاب قسد وقوات النظام”، مضيفاً أن “المدينة ومطارها العسكري أصبحا محررين بشكل كامل”.
وفي الشق السياسي، حثت الولايات المتحدة الأميركية المعارضة السورية على تشكيل حكومة شاملة، إذ أفادت وكالة “رويترز” بأنّ “الاتصالات تجري مع هيئة تحرير الشام بالتنسيق مع حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، بما في ذلك تركيا”.
وكانت إدارة العمليات العسكرية كلفت رئيس “حكومة الإنقاذ” محمد البشير، بتشكيل حكومة تشرف على إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا، في الوقت الذي ترتكب فيه “قسد” مجزرة بحق محتجين يطالبون بخروجها من دير الزور لإلحاقها ببقية المحافظات الواقعة تحت إدارة العمليات العسكرية، بعد سقوط نظام الأسد.
يأتي ذلك مع إعلان “العمليات العسكرية” اقتراب قواتها من الانتهاء من ضبط العاصمة دمشق، وحفظ كلّ المرافق والمؤسسات والممتلكات العامة، مشيرة إلى أن الحكومة الجديدة ستبدأ أعمالها فور تشكيلها.
——————–
مكبس صيدنايا/ سعيد اليوسف
سجن صيدنايا الشهير بـ”المسلخ البشري”
2024.12.11
عندما سقط نظام بشار الأسد وفرّ الرئيس المخلوع من العاصمة دمشق، سارعت الحشود، خاصة أهالي المعتقلين، إلى سجن صيدنايا، الذي طالما ارتبط اسمه بالرعب والموت، وكان هدفهم البحث عن ذويهم ومعرفة حقيقة ما جرى وراء أسوار ذلك المعتقل، المعروف باسم “المسلخ البشري”.
لكن ما اكتشفوه داخل أكبر معسكرات الموت في سوريا، تجاوز كل التصورات، فقد تفاجئوا بوجود “مكبس آلي”، أظهرته مقاطع الفيديو التي انتشرت، مؤخّراً، وقيل إنّه كان يُستخدم للتخلّص من جثث المعتقلين بعد إعدامهم شنقاً، أو وفاتهم تحت التعذيب.
والأشد قسوة، ما أشار إليه آخرون -منهم معتقلون سابقون في سجن صيدنايا- بأنّ “المكبس” ربما كان يُستخدم أيضاً في تنفيذ بعض عمليات الإعدامِ، لسجناء وهم أحياء.
“مكبس صيدنايا”
“المكبس الآلي” أو “مكبس الجثث” أو “مكبس الموت”، لم يكن يتصوّره أحد، ولم يكن مُدرجاً في العديد من التقارير الحقوقية، التي أشارت إلى نحو 72 أسلوباً من وسائل التعذيب في سجون نظام الأسد السابق ومعتقلاته ومراكز الاحتجاز في الأفرع الأمنيّة والمشافي العسكرية.
وبحسب الشبكة السورية لـ حقوق الإنسان، فإنّ وسائل التعذيب داخل سجون “الأسد” الهارب، لا حصر لها، وأبرزها الصعق الكهربائي، والاغتصاب، وحرق الأجساد بالزيت والمعدن المٌذاب، مروراً بأساليب سحق الرؤوس بين جدران الزنزانات أو إدخال المسامير والإبر في أجساد المعتقلين.
اقرأ أيضاً
الانتهاكات في سجون نظام الأسد (انترنت)
الشبكة السورية: النظام استخدم 72 وسيلة لتعذيب المعتقلين
إلّا أنّ اكتشاف “المكبس البشري”، أضاف جزءاً من مشهد أشمل أثار صدمةً وغضباً واسعاً، حيث حبال الشنق التي ما تزال تحمل آثار دماء جديدة، إلى جانب غرف الإعدام التي تفوح منها رائحة الموت، وأدوات التعذيب التي فاقت في وحشيتها كل السجون والمسالخ البشرية المعروفة في العالم.
— عمار آغا القلعة | Ammar (@Ammaraghaalkala)
December 9, 2024
وعلى منصّات التواصل الاجتماعي، اشتعلت التعليقات حول ما سمّاه بعضهم “مكبس الإعدام” أو “مكبس الجثث”، حيث غرّد بعضهم قائلاً: “فقط في سجون آل الأسد، يوجد مكبس لتفريغ سوائل الجسم بعد كسر عنق السجين”.
وعلّق أحدهم في وصفٍ مؤلم: “في أروقة سجن صيدنايا، حيث تتشابك ظلال الموت مع أنفاس السجناء، يظهر مكبس الجثث كرمز بشع لوحشية منظمة، إنّه تجسيد صارخ لاختزال الإنسان إلى مجرد رقم”.
— بهاء خليل Bahaa khaleel (@rosemag_3)
December 9, 2024
— أحمد محمد الكندري (@eng_alkandari)
December 8, 2024
وبحسب آخرين، فإنّ مكبس سحق البشر في سجن صيدنايا، هو آلة حديدية هيدروليكية وزنها 40 طناً تقريباً، تكبس الجثّة وتطحنها وتفرّغها من السوائل (الدماء) حتّى تصل إلى وزن لا يتجاوز الـ2 كيلو، قبل تذويب ما تبقّى منها كلّياً، بمواد كيميائية.
وأضافوا أنّ “عقلية المستبد الفاشل لن تفكّر أبداً في أي شيء نافع، أقصى إبداع تصل إليه هو المكبس الآلي، هي عقلية الكبس والكبت، تكبت الناس أحياء وتكبسهم أمواتاً.. كبسهم الله جميعاً”.
يبدو أنّ هذا “المكبس البشري” لم يكن مجرّد آلة ميكانيكية لـ سحق الأجساد فقط، بل هي تجسيد صارخ لفلسفة سحقٍ مارسها نظام الأسد البائد بحق معارضيه، طوال 50 عاماً من حكمه للبلاد، وإخفائهم بطريقة تشير إلى نسيانهم وكأنّهم لم يكونوا أبداً.
“انتهاء البحث عن معتقلين في صيدنايا”
ورغم فرحة عارمة عمّت أرجاء سوريا والعالم، بخروج آلاف المعتقلين من سجن صيدنايا وغيره من معتقلات نظام الأسد السابق، لكن الغصّة لم تغب عن القلوب، فمئات المشاهد المؤلمة التي حملها المعتقلون معهم، والقصص المرعبة التي خرجت من جدران السجن، بقيت جرحاً نازفاً في جسد هذه الفرحة، التي سحقها أخيراً “مكبس البشر”.
وزادت غصّة السوريين وأهالي المفقودين، عقب إعلان الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، عملية انتهاء البحث عن معتقلين محتملين داخل السجن، مشيراً إلى أنّه “لم يُعثر على أي زنازين أو سراديب سريّة غير مكتشفة”.
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe)
December 9, 2024
ورغم تحرير مئات المعتقلين، خلال الأيام الأخيرة، فإنّ مصير عشرات الآلاف منهم ما يزال مجهولًا، وسط اعتقادٍ بأن بعضهم قد لقوا حتفهم في هذا المكان الرهيب، الذي جسّد أبشع صور الاستبداد والقمع في تاريخ سوريا الحديث.
اقرأ أيضاً
الدفاع المدني يعلن عن مكافأة مالية للكشف عن السجون السرية
الدفاع المدني يعلن عن مكافأة مالية للكشف عن سجون النظام السابق
نعم، سجن صيدنايا وكلّ معتقلات الموت والإجرام للنظام البائد، كانت أمكنة تعكس مدى قدرة الظلم على سحق الإنسان، وكيف يمكن لأداوت تعذيب وحشية أو آلة حديدية واحدة (المكبس) أن تطمس هويته وتحوّل حياته إلى سرابٍ وصمتٍ أبدي، لكنّ أرواح الضحايا المعلّقة على جدران التعذيب ستواصل الصراخ دائماً: “كنّا هنا، وكان لنا حلم وأمل”.
————————–
إحراق ضريح حافظ الأسد في القرداحة
11 ديسمبر 2024 م
أظهرت صور ومقاطع اليوم (الأربعاء) احتراق ضريح الرئيس السوري السابق حافظ الأسد في مسقطه القرداحة بمحافظة اللاذقية، بينما كان مقاتلون معارضون وشبان يتجولون داخل الضريح حيث دفن بعد وفاته عام 2000.
وأظهرت صور وكالة الصحافة الفرنسية ألسنة النيران تتصاعد من مجسّم قبر قبل تدميره. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد أحرق مقاتلون من المعارضة الضريح بعد أيام على سقوط الرئيس بشار الأسد الذي خلف والده في الحكم.
—————————–
المعارضة السورية تعلن “السيطرة” على دير الزور.. ومصدر كردي يعلق
الأربعاء، 11 ديسمبر / كانون الأول 2024
(CNN)– أعلنت قوات المعارضة السورية بقيادة جماعة هيئة تحرير الشام السيطرة، الثلاثاء، السيطرة على مدينة دير الزور بشرق البلاد من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد والمدعومة من الولايات المتحدة.
وقال المتحدث باسم إدارة العمليات العسكرية حسن عبدالغني: “نعلن أن مدينة دير الزور ومطارها العسكري محرران بالكامل”.
وفي المقابل، قال مصدر في قوات سوريا الديمقراطية، لشبكة CNN ، إن القوات الكردية انسحبت فقط من الضفة الغربية لنهر الفرات في مدينة دير الزور، حيث تقدموا مؤخرا.
ويظهر مقطع فيديو حددتCNN موقعه جغرافيا رجالا يرتدون ملابس مموهة خارج المبنى الإداري الإقليمي في المدينة.
ويبدو أن اثنين على الأقل من الرجال مسلحون ويرتدون دروعا واقية، قبل أن تنتقل الكاميرا عبر واجهة المبنى الحكومي الذي يحمل علم النظام السوري السابق، يمكن رؤية عربة مدرعة وشاحنتين إضافيتين.
والمدينة هي عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، والتي تضم حقول للنفط والقمح.
—————————-
ما هو مستقبل قطاع النفط السوري بعد سقوط الأسد؟
11 ديسمبر 2024 م
تطرح إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد -نهاية الأسبوع الماضي- السؤال حول ما يحمله المستقبل لقطاع النفط الحيوي في البلاد، والذي أصابته الحرب الأهلية المستمرة منذ 13 عاماً بالشلل، ما دفع النظام السوري إلى الاعتماد بشكل كبير على إيران، لتشغيل المصفاتين النفطيتين في حمص وبانياس.
فمنذ أن دخلت العقوبات الغربية أواخر عام 2011، باتت سوريا عاجزة عن تصدير النفط بعدما كانت مصدِّراً صافياً. وكان القطاع يشكل جزءاً كبيراً من إيرادات الحكومة قبل الحرب، وساهم بنحو 35 في المائة من عائدات التصدير الإجمالية.
ومنذ عام 2012، بدأ النظام السوري يخسر حقول النفط وآباره تباعاً (غالبها في شمال شرقي البلاد)، لتؤول السيطرة على غالبية الحقول لصالح «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المكونة في غالبها من مقاتلين أكراد. وباتت هذه الأخيرة تسيطر على أكبر 3 حقول نفطية في سوريا، وهي: السويدية، ورميلان، والعمر، إضافة إلى 10 حقول أخرى تتوزع بين محافظتَي الحسكة ودير الزور.
وذكرت وزارة النفط السورية مطلع العام الحالي، أن خسائر قطاع النفط من عام 2011 حتى بداية 2024، تخطَّت المائة مليار دولار.
وقد دفعت العقوبات بالنظام إلى الاعتماد على واردات الوقود من إيران، من أجل الحفاظ على استمرار إمدادات الطاقة. ففي عام 2024 وحده -وحتى الآن- أرسلت إيران ما يقرب من 19 مليون برميل من النفط الخام إلى سوريا، وفق بيانات شركة «كبلر»، بحيث شملت شحنة إلى 4 شحنات من الناقلات شهرياً إلى ميناء بانياس السوري.
وكانت آخر هذه الشحنات التي كان يفترض أن تزوِّد سوريا بالنفط، ناقلة إيرانية كانت متجهة إلى سوريا في الثامن من ديسمبر (كانون الأول)؛ لكنها استدارت في البحر الأحمر لتتجه بعيداً عن وجهتها الأصلية بعد سقوط الأسد. ووفقاً لشركة «كبلر»، استدارت ناقلة النفط «السويسماكس لوتس» التي كانت تحمل نحو مليون برميل من النفط الإيراني، قبل قناة السويس في 8 ديسمبر، لتبدأ الإبحار جنوباً في البحر الأحمر. وكانت الناقلة التي ترفع علم إيران والمحملة بالنفط الخام الذي تم تحميله في جزيرة خرج الإيرانية، تبحر جنوباً في البحر الأحمر قبالة مصر، ولم تكن تشير إلى وجهة جديدة، وفقاً لـ«كبلر».
حقائق عن قطاع النفط في سوريا
– منذ أواخر عام 2011، وعند دخول العقوبات الدولية حيز التنفيذ، لم تُصدِّر سوريا النفط؛ بل أصبحت تعتمد على واردات الوقود من إيران للحفاظ على استمرار إمدادات الطاقة.
– قبل فرض العقوبات، كانت سوريا تنتج نحو 383 ألف برميل يومياً من النفط والسوائل، وفقاً لتحليل سابق لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، وفق «رويترز».
– انخفض إنتاج النفط والسوائل إلى 40 ألف برميل يومياً في عام 2023، وفقاً لتقديرات منفصلة من معهد الطاقة.
– انخفض إنتاج الغاز الطبيعي من 8.7 مليار متر مكعب في عام 2011 إلى 3 مليارات متر مكعب في عام 2023، وفقاً لتقديرات شركة «بي بي» ومعهد الطاقة.
– كانت «شل» و«توتال إنرجيز» هما شركتا الطاقة الدوليتان الرئيسيتان اللتان تنفِّذان عمليات في البلاد.
– كانت آخر مرة تم فيها استيراد منتجات نظيفة في شهر يونيو (حزيران) بمتوسط 1900 برميل يومياً، وفقاً لبيانات «كبلر». كما كانت روسيا وتركيا من الموردين. ولم تقم سوريا بأي صادرات منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2019، عندما شحنت ما متوسطه 33300 برميل يومياً من زيت الوقود، ولم تكن الوجهة معروفة، وفقاً لـ«كبلر».
– تبلغ حصة سوريا من إنتاج النفط الخام المحلي حالياً 31 في المائة، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.
– يبلغ متوسط الطلب على النفط السوري حالياً نحو 100 ألف برميل يومياً في المتوسط، نحو 80 في المائة منها من الديزل/ زيت الغاز، والباقي من البنزين ووقود الطائرات، وفقاً لموقع «ستاندرد أند بورز كوموديتيز إنسايت».
– تمتلك سوريا حالياً مصفاتين لتكرير النفط، وهما مصفاة حمص بطاقة 107100 برميل يومياً، ومصفاة بانياس بطاقة 120 ألف برميل يومياً.
مَن يسيطر على حقول النفط والغاز؟
– تسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) -وهي تحالف بين فصائل مسلحة كردية وعربية، بدعم من الولايات المتحدة وحلفائها- على مناطق كبيرة من الأراضي الواقعة شرقي نهر الفرات في سوريا، بما في ذلك الرقة، عاصمة «داعش» سابقاً، وبعض أكبر حقول النفط في البلاد، بالإضافة إلى بعض الأراضي غربي النهر.
– يخضع حالياً «المربع 26» الذي تديره مجموعة «غلف ساندز بتروليوم» ومقرها المملكة المتحدة، في شمال شرقي سوريا لحالة القوة القاهرة، بسبب العقوبات البريطانية. وقالت شركة «غلف ساندز» إن الأصول لا تزال في «حالة جيدة وملائمة من الناحية التشغيلية»، مضيفة أن «الاستعدادات لإعادة الدخول في مرحلة متقدمة جداً، عندما تسمح العقوبات باستئناف العمليات».
– علَّقت شركة «صنكور إنرجي» الكندية عملياتها في سوريا في عام 2011. وتتمثل أصولها الرئيسية في مشروع «إيبلا» الواقع في حوض الغاز السوري الأوسط الذي يغطي أكثر من نحو 1251 كيلومتراً مربعاً. وكان حقل الغاز ينتج 80 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي يومياً. كما كانت تدير مشروع حقل إيبلا النفطي الذي بدأ في إنتاج نحو ألف برميل يومياً من النفط، في ديسمبر 2010.
– في عام 2018، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على شركة «إيفرو بوليس المحدودة» الروسية التي قالت إنها أبرمت عقداً مع الحكومة السورية لحماية حقول النفط السورية، مقابل حصة 25 في المائة من إنتاج النفط والغاز من الحقول. وقال مصدر مطَّلع في الشرق الأوسط لـ«رويترز» يوم الاثنين، إن حقول إيبلا لا تزال تحت سيطرة الجيش الروسي.
– كانت «إيفرو بوليس» تحت سيطرة يفغيني بريغوجين، الرئيس الراحل لمجموعة «فاغنر» الروسية للمرتزقة، التي كانت تنشط في سوريا والحرب في أوكرانيا. وقال المصدر إن الجيش الروسي تولى السيطرة على الحقول بعد زوال «فاغنر» من سوريا.
هل من تأثير للأحداث على سوق النفط؟
لقد تجاهلت أسواق النفط إطاحة الأسد، بحيث إنها لم تُظهر رد فعل يُذكَر؛ كون سوريا لم تكن سوى منتج متواضع، كما أن الأحداث لم تهدد الصادرات من المنطقة الأوسع نطاقاً. وقال مايك مولر، رئيس شركة «فيتول» في آسيا، في مقابلة مع «غلف إنتليجنس»: «لم يكن لها تأثير كبير؛ لأن المجتمع التجاري سرعان ما استنتج أن التهديد الذي تتعرض له الإمدادات كان محدوداً»، وأن بعض عمليات الإغلاق الأولية في بلاد الشام «لم تستمر طويلاً». وأضاف: «أعتقد أن سوريا تقع في الفئة نفسها»، ومشيراً إلى أن معظم شركات النفط الكبرى خرجت من البلاد منذ سنوات.
إعادة تأهيل القطاع
بعد أكثر من عقد من الصراع، أصبحت البنية التحتية النفطية في سوريا بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل. ويتطلب إنعاش القطاع استثمارات كبيرة تقدر بالمليارات، لإصلاح المرافق، وتحديث معدات التنقيب والإنتاج.
ومع ابتعاد الناقلات الإيرانية الآن بعد رحيل الأسد، فمن المتوقع أن يزداد شح وقود النقل في سوريا؛ حيث من المرجح أن تبدأ مخزونات الديزل والبنزين بالبلاد في النفاد خلال المستقبل القريب. وبالتالي، سيكون التحدي اليوم العمل على استبدال مصادر أخرى ببراميل النفط الإيرانية، تحافظ على إمدادات النفط في البلاد.
—————————
المعارضة السورية تعلن سيطرتها على دير الزور، والشرع يقول إن سوريا لا تريد الدخول في حروب أخرى
الأربعاء، ١١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤
أعلنت إدارة العمليات العسكرية في المعارضة السورية سيطرة قواتها على “كامل مدينة دير الزور” شرقي سوريا إضافة إلى مطارها العسكري، بحسب ما جاء على لسان الناطق باسمها حسن عبد الغني.
وأضاف عبد الغني أن السيطرة على المدينة تأتي عقب “تحرير ريف دير الزور الشرقي والغربي، وهروب قوات النظام والميليشيات الإيرانية منها” على حد تعبيره.
وأشار إلى أن مقاتلي المعارضة يواصلون التقدم في مناطق وبلدات أخرى في ريف دير الزور.
وفي وقت سابق، قال قائد “هيئة تحرير الشام” أحمد الشرع إن سوريا “ليست جاهزة ولا تنوي الدخول في حروب أخرى”.
وأضاف الشرع في تصريحات لشبكة “سكاي نيوز” أن تخوفات الدول الخارجية بشأن الأوضاع في سوريا لا داعي لها، فالنظام “الذي كان موجوداً قد زال”، مشيراً إلى أن مصدر القلق في سوريا تمثّل في الماضي في وجود ما وصفها بـ “الميليشيات الإيرانية وميليشيات حزب الله” على الأراضي السورية، ووجود النظام الذي “ارتكب المجازر” على حد تعبيره.
ووصف الشرع زوال النظام السابق في سوريا بـ “الحل، ومصدر الاطمئنان لسوريا” على عكس بقائه، مضيفاً أن البلاد ذاهبة باتجاه “البناء والإعمار والاستقرار الطويل”.
الجيش الإسرائيلي: نفذنا نحو 500 ضربة في سوريا خلال 48 ساعة يأتي ذلك بينما قال الجيش الإسرائيلي الثلاثاء إنه ضرب معظم مخزون الأسلحة الاستراتيجية في سوريا لـ “منع وقوعها في أيدي عناصر إرهابية”.
وأضاف الجيش أن عملياته شملت منشآت بحرية وقواعد جوية ومخازن أسلحة وبطاريات دفاع جوي.
وفي التفاصيل، أعلن الجيش الإسرائيلي أن سفنه الحربية استهدفت ميناءي اللاذقية والبيضاء، “حيث ترسو 15 سفينة حربية سورية”، ودمّر عدداً من الصواريخ البحرية.
وقال الجيش إن طائراته الحربية نفذت مئات الغارات خلال 48 ساعة في دمشق وحمص وطرطوس واللاذقية ومناطق أخرى، استهدفت قواعد جوية، ومواقع لتصنيع الأسلحة، وبطاريات دفاع جوي، ودمّر خلال الغارات صواريخ من أنواع متعددة، وطائرات مسيّرة، وطائرات حربية، ومروحيات، ورادارات، ودبابات، إضافة إلى مخازن أسلحة، ومنشآت عسكرية أخرى.
من جانب آخر قال حزب الله اللبناني إن “احتلال إسرائيل لمزيد من الأراضي السورية” وضرب القدرات العسكرية فيه هو “عدوان خطير ومدان بشدة”.
وحمل الحزب في بيان مجلس الأمن والمجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية المسؤولية في “حماية الشعب السوري في مرحلة حساسة ومفصلية من تاريخه”، مؤكداً أن ما يجري في سوريا وما سينتج عنه من خيارات سياسية داخلية وخارجية، هو حقّ حصري للشعب السوري بمعزل عن أي مؤثرات وضغوطات خارجية، بحسب البيان.
مسؤول في البيت الأبيض: قواتنا في سوريا ستبقى قال نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي جون فاينر إن القوات الأمريكية ستبقى في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وذلك في إطار مهمة لمكافحة الإرهاب تركز على القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية.
وأضاف فاينر أن القوات الأمريكية موجودة في سوريا “لسبب محدد ومهم”، وأن وجودها ليس “ورقة مساومة”.
وفي سياق متصل، قالت إدارة بايدن إنها ستعترف وتدعم حكومة سورية جديدة “تنبذ الإرهاب وتدمر مخزون الأسلحة الكيميائية وتحمي حقوق الأقليات والنساء”.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في بيان إن الولايات المتحدة ستعمل مع الجماعات في سوريا والشركاء الإقليميين لضمان سير عملية انتقال السلطة في سوريا بـ “سلاسة”.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤولين أمريكيين، أن إدارة بايدن حثت المجموعة المعارضة، التي قادت عملية الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، على عدم تولي قيادة البلاد بشكل تلقائي، وإنما إجراء عملية شاملة لتشكيل حكومة انتقالية في البلاد.
————————–
الشبكة السورية: النظام استخدم 72 وسيلة لتعذيب المعتقلين
الأربعاء، ١١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤
كشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن تفاصيل صادمة حول انتهاكات حقوق الإنسان في سجون نظام بشار الأسد خلال السنوات الماضية، حيث تم تسجيل استخدام 72 وسيلة تعذيب مختلفة في أكثر من 50 سجناً ومركز اعتقال.
ووفقاً للتقرير، اعتقلت قوات النظام أكثر من 1.2 مليون سوري، تعرضوا لممارسات تعذيب جسدية ونفسية وجنسية، وذكرت الشبكة أن المراكز التي شهدت هذه الانتهاكات تنوعت بين سجون مدنية وعسكرية، إضافة إلى مراكز سرية تابعة للوحدات الأمنية.
مراكز الاعتقال والأنواع المستخدمة أوضح التقرير أن النظام لجأ إلى تحويل المنازل والملاعب إلى مراكز اعتقال، بجانب إنشاء مراكز سرية مثل مخيم دير شميل شمال غربي حماة، والتي كانت تابعة للفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد.
ومن بين أبرز السجون سيئة السمعة، جاءت أسماء مثل صيدنايا والمزة والقابون في دمشق، وتدمر والبالون في حمص، حيث تم توثيق أسوأ أنواع التعذيب.
أساليب التعذيب المروعة التقرير أشار إلى أساليب تعذيب شديدة القسوة، من بينها سكب الماء المغلي على أجساد المعتقلين، والصعق الكهربائي، وإزالة الأظافر باستخدام الكماشات، وإطفاء السجائر في الجسد. كما لجأ النظام إلى ممارسات أخرى كتمزيق الأعضاء ونتف الشعر.
انتهاك ممنهج لحقوق الإنسان إضافة إلى التعذيب الجسدي، تضمن التقرير شهادات حول العنف النفسي والجنسـي، والعمل القسري، وترك المعتقلين في عزلة داخل الزنازين، في مشهد يعكس عمق الانتهاكات التي ارتكبها النظام المخلوع.
ويُعد هذا التقرير توثيقاً جديداً لجرائم نظام الأسد ضد المعتقلين، التي لا تزال تلقى إدانات واسعة من المنظمات الحقوقية الدولية.
————————-
قوات المعارضة تعلن سيطرتها على كامل دير الزور في شرق سوريا
07:27-11 ديسمبر 2024 م
قال القائد في قوات المعارضة السورية حسن عبد الغني اليوم الثلاثاء إن قوات المعارضة سيطرت على كامل مدينة دير الزور الواقعة في شرق البلاد.
وقالت الفصائل في بيان إنّ «قواتنا سيطرت على كامل مدينة دير الزور»، بينما قال المرصد من جهته إنّ «قوات المعارضة سيطرت بشكل كامل على مدينة دير الزور بعدما انسحبت منها قوات سوريا الديموقراطية»، مشيرا إلى أنّ قوات «قسد» التي يهيمن عليها الأكراد انسحبت باتجاه القرى المجاورة لتسقط المدينة بعدها بأيدي مقاتلين عرب محليّين كانوا قد انضمّوا إلى صفوف الفصائل المعارضة إثر الهجوم الخاطف الذي شنّته ضدّ مواقع النظام في 27 نوفمبر (تشرين الثاني).
وفي الإطار نفسه قال مظلوم عبدي، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، إن قواته التي تدعمها الولايات المتحدة توصلت إلى اتفاق مع قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا لوقف إطلاق النار في مدينة منبج بشمال البلاد بوساطة أميركية «حفاظا على أمن وسلامة المدنيين». وأضاف «سيتم إخراج مقاتلي مجلس منبج العسكري، الذين يقاومون الهجمات منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، من المنطقة في أقرب وقت». وتابع «هدفنا هو وقف إطلاق النار في كامل الأراضي السورية والدخول في عملية سياسية من أجل مستقبل البلاد».
من جهة ثانية أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان عن مقتل 218 عنصرا من «قسد» وتشكيلاتها العسكرية والفصائل الموالية لتركيا في عملية «فجر الحرية»، خلال 3 أيام من المعارك في منبج وريفها، والتي تمكنت خلالها والفصائل الموالية لتركيا من الدخول إلى مدينة منبج والانتشار في ريفها، فيما لا تزال المعارك الضارية عند سد تشرين في ريف الرقة.
——————————-
إلغاء حظر التجول في دمشق والشرع: لا عفو عن متورطي التعذيب
“الكرملين” يهون من تأثير سقوط الأسد على نفوذ روسيا بالمنطقة ومباحثات لبلينكن في الأردن وتركيا اليوم
اندبندنت عربية ووكالات
الأربعاء 11 ديسمبر 2024 12:39
أعلنت الفصائل السورية المعارضة أنها سيطرت ليل الثلاثاء على مدينة دير الزور (شرق)، الأمر الذي أكده أيضاً المرصد السوري لحقوق الإنسان.
دعا رئيس الحكومة الانتقالية في سوريا محمد البشير مواطنيه الذين فروا من البلاد خلال أعوام النزاع، للعودة إلى وطنهم عقب سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، وذلك في مقابلة مع صحيفة “كورييري ديلا سيرا” الإيطالية نشرت الأربعاء.
وقال البشير للصحيفة، “أناشد كل السوريين في الخارج: سوريا الآن بلاد حرة استحقت فخرها وكرامتها. عودوا”، مشدداً على أن “حقوق كل الناس وكل الطوائف في سوريا” ستكون مضمونة.
وفي الوقت الذي حضت فيه الولايات المتحدة كل الدول على دعم عملية سياسية “جامعة” في سوريا بعد سقوط رئيس النظام السابق بشار الأسد، قال مسؤولان أميركيان ومساعد بالكونغرس اطلعا على الاتصالات الأميركية الأولى مع “هيئة تحرير الشام” إن إدارة الرئيس جو بايدن حثت الجماعة على عدم تولي قيادة البلاد بالتبعية بل على إدارة عملية شاملة لتشكيل حكومة انتقالية.
وتجري الاتصالات مع “هيئة تحرير الشام” بالتنسيق مع حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، بما في ذلك تركيا، وفق ما نقلته وكالة “رويترز”.
السيطرة على دير الزور
وأعلنت الفصائل السورية المعارضة أنها سيطرت ليل الثلاثاء على مدينة دير الزور (شرق)، في نبأ أكده أيضاً المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقالت الفصائل في بيان، إن “قواتنا سيطرت على كامل مدينة دير الزور”، بينما قال المرصد من جهته، إن “قوات المعارضة سيطرت بشكل كامل على مدينة دير الزور بعدما انسحبت منها قوات سوريا الديمقراطية”.
وأشار إلى أن قوات “قسد” التي يهيمن عليها الأكراد انسحبت باتجاه القرى المجاورة لتسقط المدينة بعدها بأيدي مقاتلين عرب محليين كانوا قد انضموا إلى صفوف الفصائل المعارضة إثر الهجوم الخاطف الذي شنته ضد مواقع النظام في 27 نوفمبر (تشرين الثاني).
هدنة
من جانبه، قال القائد العام لـ”قوات سوريا الديمقراطية” مظلوم عبدي القائد، إن القوات التي يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة توصلت إلى اتفاق مع قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا لوقف إطلاق النار في مدينة منبج بشمال البلاد بوساطة أميركية “حفاظاً على أمن وسلامة المدنيين”.
وأضاف، “سيتم إخراج مقاتلي مجلس منبج العسكري، الذين يقاومون الهجمات منذ 27 نوفمبر، من المنطقة في أقرب وقت”. وتابع “هدفنا هو وقف إطلاق النار في كامل الأراضي السورية والدخول في عملية سياسية من أجل مستقبل البلاد”
————————–
أول تعليق لخامنئي على سقوط الأسد
الحرة – واشنطن
11 ديسمبر 2024
قال المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، الأربعاء، إن الإطاحة بالرئيس السوري، بشار الأسد، كانت نتيجة لخطة وضعتها الولايات المتحدة وإسرائيل، بمساعدة من “دولة مجاورة لسوريا” لم يذكرها بالاسم.
ونشرت وسائل إعلام محلية إيرانية تصريحات خامنئي التي قال فيها، ” ما حصل في سوريا كان مخططاً له بشكل أساسي في غرف القيادة بأميركا وإسرائيل”.
كما نقلت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء عن خامنئي قوله، إن المخابرات الإيرانية حذرت الحكومة السورية من وجود تهديدات لاستقرارها خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وأضاف خامنئي، بأن حكومة مجاورة لسوريا شاركت في الأمر، و”كان لها دور واضح ومتواصل للقيام بذلك”، في إشارة إلى تركيا.
ورغم تصريحات خامنئي التي رأى فيها أن “التحالف الذي تقوده إيران سيصبح أقوى”، عقب الأحداث الأخيرة في سوريا، إلا أن عدداً كبيراً من المراقبين يجمعون على أن سقوط نظام الأسد، ضربة كبيرة للتحالف السياسي والعسكري الذي تقوده إيران، ويعارض النفوذ الإسرائيلي والأميركي في الشرق الأوسط.
وكانت تركيا، وهي عضو في حلف شمال الأطلسي، داعماً رئيسياً لجماعات المعارضة المسلحة، التي سعت للإطاحة بنظام الأسد، منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.
وخلال تلك الحرب، وضعت طهران كل ثقلها، عبر تخصيص مليارات الدولارات، وتوفير الأسلحة والذخائر وشحنات النفط، لدعم الأسد، كما نشرت الحرس الثوري في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة.
وبعد ساعات من سقوط الأسد، قالت إيران إنها تتوقع استمرار العلاقات مع دمشق بناء على “نهج بعيد النظر وحكيم” للبلدين. ودعت طهران إلى تشكيل “حكومة شاملة تمثل جميع فئات المجتمع السوري”.
الحرة – واشنطن
———————————–
باحثان إسرائيليان: الهزات الارتدادية لزلزال سوريا ربما تبلغ الأردن وإيران ولبنان
11 كانون الأول 2024
الناصرة- “القدس العربي”: يحذر باحثان إسرائيليان تل أبيب والمنطقة من أن زلزال سوريا ما زال يقذف بالحمم، ومن شأن الهزات الارتدادية الدفع لمفاجآت درامية إضافية. ويدعوان لوقف الحرب على غزة والتركّز بإيران، والتنبّه لما قد يتعرّض له الأردن. ويستعرضان سيناريوهات سورية داخلية.
ويقول رئيس الاستخبارات العسكرية الأسبق، الجنرال في الاحتياط عاموس يادلين، والباحث الجنرال في الاحتياط أودي أفينتال، في مقال مشترك نشره موقع القناة 12 العبرية، إن الأحداث التاريخية في سوريا قد تصبح أخباراً جيدة لإسرائيل، ففكرة “سوار النار” الإيرانية، انهارت فعلياً، ومعها النظام السوري، الذي شكّل عنصراً رابطاً في محور الوكلاء الذي بنته طهران على مدار عقود، بعد بذل جهود هائلة والآن.
كما يقول يادلين وأفينتال إنه قد تتّطور في سوريا سيناريوهات مختلفة، إيجابية أو سلبية، بدرجات متفاوتة، بالنسبة إلى إسرائيل. وإلى أن تتضح الصورة، لا ينبغي لإسرائيل التدخل بشكل مباشر في التطورات السورية، باستثناء مواجهة التهديدات الكبيرة المحتملة، وتصميم الدفاعات على الحدود، وتحديد “قواعد اللعبة” مع الجيران الجدد، والتركيز على تهيئة الأرضية للفرص الكبيرة المطروحة على الطاولة.
وطبقاً ليادلين وأفينتال، فهذا الانهيار السريع للنظام السوري يمثّل حدثاً دراماتيكياً آخر، ربما لن يكون الأخير في سلسلة الخضّات والهزات الإستراتيجية في الشرق الأوسط منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وتابع الباحثان الإسرائيليان: “تغيّرت المنطقة التي كنا نعرفها بشكل جذري، وبصورة خاصة في الأشهر الأخيرة، نتيجة الضربة القاسية التي تعرّضت لها حركة “حماس” في غزة، والضربة التي تلقاها “حزب الله” في لبنان، ومعرفة إيران بالثمن الباهظ الذي قد تدفعه إذا ما عادت إلى مهاجمة إسرائيل.
أمّا الآن، بعد أن وصلت تداعيات الزلزال إلى سوريا، مع انهيار النظام الذي تبيّن أنه أضعف عسكرياً وأكثر خواءً من الناحية المعنوية مما كنا نعتقد، فقد انتهى الحكم العسكري الذي أسسه حافظ الأسد رسمياً قبل 54 عاماً.
محور المقاومة
وبالنسبة للباحثين الإسرائيليين، يشكّل سقوط النظام في سوريا “ضربة إضافية ساحقة” لمحور المقاومة الإقليمي بقيادة إيران، ويحطم الفكرة الإستراتيجية التي وضعها قاسم سليماني، والحاج محسن، ويحيى السنوار، والمتمثلة في إحاطة إسرائيل بـ”سوار النار” واستنزافها عبر توحيد ساحات القتال، حتى تدميرها.
ويقولان إنه بعد سلسلة الضربات التي تلقتها إيران ومنظومة وكلائها في المنطقة، خسر المحور الآن ساحة أُخرى ذات أهمية جغرافية ولوجستية وإستراتيجية حاسمة، بالنسبة إلى إيران، باعتبارها امتداداً جغرافياً يصلها بالبحر المتوسط، وجبهة مباشرة ضد إسرائيل، وممراً ضرورياً لإعادة بناء القوة العسكرية لـ “حزب الله” في لبنان.
تحديات أمام إسرائيل
وطبقاً للباحثين الإسرائيليين، فإنه، في المدى القريب، هذه الأخبار جيدة بالنسبة إلى إسرائيل، أمّا في المدى البعيد، فقد يفرض الواقع الجديد في سوريا تحديات كبيرة أمامنا.
ويعلل يادلين وأفينتال قراءتهما بالقول: “تطغى الفرص الكامنة في انهيار النظام السوري، من حيث المصالح الإستراتيجية الإسرائيلية، على مخاطر هذا الانهيار. فمع سيطرة المتمردين، تم فعلياً قطع المحاور البرية والجوية الواصلة بين إيران وسوريا، وصولاً إلى لبنان. في هذا السياق، من المتوقع أن يتوقف مسار إعادة ترميم “حزب الله” عسكرياً، بعد الحرب مع إسرائيل، وستُضطر قدراته المتبقية إلى التوجه نحو مواجهة التهديد السنّي القادم من سوريا وحماية نفسه داخلياً. في ظل هذه الظروف، تزداد احتمالية أن يساهم الاتفاق، الذي تم التوصل إليه مؤخراً مع لبنان، في كبح جماح “حزب الله” في المدى الطويل، وتتوسع حرية إسرائيل في فرض تنفيذه”.
وبالنسبة للباحثين الإسرائيليين، فقد اتضح أن “محور المقاومة” في المنطقة ليس سوى “حائط مائل”، بعد أن قررت إيران وروسيا عدم محاولة إنقاذ النظام السوري، وفرّتا من سوريا، ويُفترض أن يُعتبر ما جرى خيانة من حلفائه، وعلى النقيض من ذلك، وقفت الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل في لحظاتها الصعبة بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر”.
سيناريوهات سورية
ويعتقدان أن هذه الظروف مؤاتية لترامب في الشرق الأوسط، إذا ما قرّر محاولة تشكيل المنطقة، بدلاً من الانفصال عنها، وأنه على المستوى الأبعد، يمكن ترسيم بضعة سيناريوهات متعلقة بسوريا:
سيناريو متفائل، يتمثل في نجاح المتمردين في استقرار الدولة، مع الحفاظ على استمرار وجود الحكم الذاتي الطائفي داخل حدودها.
ويشيران لوجود إشارات إيجابية أولية في هذا الاتجاه فـ “هناك النهج المرن والدهاء السياسي الذي تبناه المتمردون، وهو ما مكنهم من السيطرة على الدولة من دون مقاومة تُذكر؛ وهناك تجنُّبهم، حتى الآن، “حمام دم”، أو أعمالاً وحشية قاسية، مثلما فعل تنظيم “داعش” في السابق. ويعتبران أن هذا السيناريو سيتيح أيضاً بدء تدفُّق المساعدات وإعادة إعمار سوريا، بعد الأضرار التي بلغت عشرات مليارات الدولارات في بنيتها التحتية واقتصادها المتدهور.
سيناريو ليبي
ويشيران لسيناريو ليبي يتمثل في فقدان الجولاني السيطرة على تحالف المتمردين، وهو ما يؤدي إلى تفكُّكه، فتبدأ الفصائل والطوائف المتعددة في سوريا بفرض قوانينها الخاصة، وتشن حملات انتقام دموية، وتتصارع في ما بينها.
ويمضيان في هذا السيناريو: “قد يحاول المتمردون إقامة دولة إسلامية في سوريا تستند إلى الشريعة، على غرار طالبان في أفغانستان، أو بشكل أقل تطرفاً، استناداً إلى أيديولوجيا حركة “الإخوان المسلمين”، التي كان لها نفوذ واسع في سوريا سابقاً. في ظل هذا السيناريو، من المحتمل أن تدعم تركيا النظام الجديد، وهو ما قد يشكل تهديداً للأردن، وإسرائيل، واستقرار لبنان، ويزيد في التحديات الداخلية في دول الخليج”.
ما الذي يجب أن تفعله إسرائيل؟
رداً على هذا السؤال يقولان: “ما دام الوضع في سوريا لم يستقر بعد، ولم يتضح السيناريو (أو خليط السيناريوهات) قيد التشّكل هناك، على إسرائيل تجنُّب التدخل المباشر، باستثناء مواجهة التهديدات الكبيرة المحتملة، ومنع استيلاء الجهات الجهادية على قدرات عسكرية لا ينبغي السماح لها بالسيطرة عليها، والعمل على بناء الدفاعات على الحدود، وترسيم “قواعد اللعبة” مع القوى الجديدة في سوريا.
ويتابعان: “على المستوى المباشر، بدأت إسرائيل فعلاً بتعزيز دفاعاتها الحدودية مع سوريا، والحفاظ على المنطقة العازلة نظيفة من قوات الجيش هو درس مهم مستقى من ترسّخ قوات النخبة والرضوان على حدودنا في غزة والشمال على مدار السنوات الماضية. رغم الحاجة لمواجهة المواد الكيميائية الحربية في سوريا، فإنه لا ينبغي المبالغة في التهديد الذي تشكّله على إسرائيل. تم تدمير معظم مخزون الأسلحة الكيميائية، أو إخراجه من سوريا، في سنة 2013، وقدرة المتمردين على استخدامها محدودة”.
تقسيم سوريا
ويعكس الباحثان الإسرائيليان حلماً إسرائيلياً قديماً بتقسيم سوريا: في موازاة ذلك، يجب على إسرائيل، برأيهما، إعادة إحياء علاقات “حُسن الجوار” مع الجهات السنّية المحلية على الجانب الآخر من الحدود (مثلما جرى في ذروة الحرب الأهلية السورية خلال العقد الماضي وحتى صيف 2018) وتعزيز الشركاء المعتدلين في سوريا، وعلى رأسهم الطائفة الدرزية والأكراد. في ما يتعلق بسوريا نفسها، لإسرائيل مصلحة في نشوء فيدرالية، أو كونفدرالية تكون أطرافها متوازنة في ما بينها: الأكراد في الشمال، تحت رعاية الولايات المتحدة؛ السنّة في الشمال الغربي والوسط، تحت رعاية تركيا؛ العلويون في منطقة الساحل تحت رعاية روسيا؛ والدروز والسنّة المعتدلون في الجنوب بارتباط قوي مع الأردن، وبرعاية إسرائيلية- أميركية”.
استقرار الأردن
بالإضافة إلى ذلك، يرى الباحثان أنه على إسرائيل وضع خطة شاملة للتعاون ودعم حليفها الأردن واستقرار الحكم في عمّان، في ظل الهزات التي تشهدها سوريا، والتي قد تمتد إلى داخل حدود المملكة. ويعللان مخاوفهما من هزات الزلزال السوري وبلوغها الأردن بالقول: “يُعد أمن حدود الأردن ذا أهمية كبيرة في منع تدفّق الأسلحة والذخيرة إلى الضفة الغربية.
حلّ على جميع الجبهات
ويعتقدان أنه على المستوى الإستراتيجي، وبعد ضربات تلقاها محور المقاومة يجب على إسرائيل استغلال ضعف “حماس” وازدياد عزلتها لتحقيق أولويتها العليا التي تتصدر الأجندة الوطنية، وهي استعادة جميع المختطفين في أسرع وقت ممكن، عبر صفقة. ويقولان إن إنهاء الحرب في غزة، بعد فترة طويلة، يصبّ في مصلحة إسرائيل الإستراتيجية الأوسع في المنطقة، وهذا سيمكّنها من “تنظيف الطاولة”، استعداداً لدخول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض، وتركيز الحوار معه على مواجهة التهديد الأكثر أهميةً بالنسبة إلينا، وهو برنامج إيران النووي.
ويتابعان: “يبدو أننا ندخل فترة حساسة في مسألة البرنامج النووي الإيراني، بعد أن فقدت إيران أهم أدوات الردع والتأثير الرئيسية في الساحة الإقليمية، وقد تسعى لتعويض ذلك من خلال الساحة النووية. سيتعيّن على إسرائيل تذكير ترامب بأنه من دون تهديد عسكري موثوق به تجاه إيران فإن الضغوط الاقتصادية على طهران لن تنجح، مثلما حدث خلال ولايته الأولى”.
حدث ملهم؟
يرجح الباحثان الإسرائيليان أن انهيار النظام السوري يخلق ظروفاً أكثر ملاءمةً أيضاً في سياق التطبيع، حيث يخشى قادة الدول العربية من أن الأحداث الدراماتيكية في سورية قد تُلهم “الإخوان المسلمين”، فيرفعون رؤوسهم داخل دولهم وتهديد أنظمتهم، وضمن مزاعمها المرتبطة بـ حسابات الربح والخسارة. يضيفان: “في ظل هذه الظروف، تزداد “أسهم” إسرائيل وقيمتها، وكذلك الاهتمام بتحالفات إقليمية تحقق الاستقرار. هذه القضية الإضافية يجب على إسرائيل أن تسعى لتحقيق أقصى قدر من التنسيق بشأنها مع إدارة ترامب، بهدف الدفع بنظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط”. ويخلصان للقول :”أخيراً، يتوجب على إسرائيل أن تتوقع مزيداً من المفاجآت. فنحن لا نزال في خضم زلزال إقليمي، يجب علينا الاستعداد لـ”هزات ارتدادية” وصدمات إضافية. ليس فقط في الدول العربية المعتدلة، بل أيضاً في إيران، حيث النظام مكروه من أغلبية الشعب، ويعيش حالة ضعف؛ وفي لبنان، حيث يمكن أن تعود مسألة نزع سلاح “حزب الله” إلى الواجهة مجدداً، بعد الكارثة التي وقعت في لبنان”.
القدس العربي
—————————-
تركيا تدمر أسلحة ثقيلة استولت عليها “قسد” من النظام في القامشلي
نفذت الاستخبارات التركية عملية نوعية استهدفت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” شمال شرقي سوريا، ودمرت خلالها 12 شاحنة محملة بالصواريخ والأسلحة الثقيلة، إلى جانب دبابتين ومستودعين للذخيرة في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة.
وأفادت مصادر أمنية لوكالة (الأناضول)، الثلاثاء، بأن الأسلحة التي دمرتها الاستخبارات التركية استولت عليها “قسد” من قوات النظام السوري السابق في المنطقة.
وأكدت المصادر أن العملية جاءت بعد رصد قيام “قسد” بنقل الأسلحة والذخائر ليلاً استعداداً لنقلها إلى مناطق أخرى.
وأشارت إلى أن الاستخبارات اتخذت قرارا بشن عملية ضد تلك الشاحنات وتمكنت من تدمير 12 شاحنة ودبابتين ومستودعين للذخيرة.
احتجاجات واسعة ضد “قسد” شرقي سوريا
تشهد مدينة دير الزور وأرياف محافظة الرقة احتجاجات شعبية واسعة ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وسط توتر أمني متصاعد ومطالبات بدخول قوات إدارة العمليات العسكرية إلى المدينة بعد يوم من إسقاط نظام الأسد.
وأسفرت الاحتجاجات عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة عشرة آخرين بجروح، وفق ما أفادت به مصادر محلية لتلفزيون سوريا.
وذكرت الشبكات الإخبارية المحلية أن أهالي دير الزور خرجوا في مظاهرات تطالب بانسحاب “قسد” ودخول فصائل المعارضة السورية.
واندلعت المواجهات بين المتظاهرين وقوات “قسد” التي استخدمت الرصاص الحي لتفريق التجمعات، ما أدى إلى سقوط ضحايا.
وبدأت المظاهرات قرب سوق الهال في حي الجبيلية، وتحرك المحتجون باتجاه دوار “المدلجي” في حي القصور، حيث استخدم المتظاهرون الحجارة في وجه عناصر “قسد” التي ردّت بإطلاق النار.
——————–
انشقاق في صفوف قسد.. قادة من دير الزور العسكري ينضمون إلى فصائل المعارضة
أعلن قادة وعناصر من مجلس دير الزور العسكري التابع لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) انشقاقهم عن صفوف الأخيرة وانضمامهم إلى “فصائل ردع العدوان”.
وأكد المنشقون، في بيان مصوّر، التزامهم بتعليمات غرفة عمليات “ردع العدوان”، مع التعهد بالحفاظ على الممتلكات العامة وسلامة المدنيين، بالإضافة إلى التصدي لما وصفوه بـ”المخربين”.
ولفتت شبكات إخبارية محلية إلى أن “قوات سوريا الديمقراطية” قامت بسحب حواجزها من بلدو الشعيطات باتجاه قاعدة حقل العمر شرقي دير الزور، وذلك على خلفية هذه الانشقاقات.
احتجاجات في دير الزور
شهدت مدينة دير الزور وأرياف محافظة الرقة احتجاجات شعبية واسعة ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، في ظل توتر أمني متصاعد ومطالبات بدخول قوات إدارة العمليات العسكرية إلى المدينة بعد يوم من إسقاط نظام الأسد.
وأسفرت الاحتجاجات عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة عشرة آخرين بجروح، بحسب ما أفادت به مصادر محلية لتلفزيون سوريا.
وذكرت الشبكات الإخبارية المحلية أن أهالي دير الزور خرجوا في مظاهرات تطالب بانسحاب “قسد” ودخول فصائل المعارضة السورية.
واندلعت مواجهات بين المتظاهرين وقوات “قسد”، التي استخدمت الرصاص الحي لتفريق التجمعات، مما أدى إلى وقوع ضحايا.
ويأتي هذا التصعيد في ظل احتقان شعبي واسع، وسط مطالب متزايدة بإنهاء وجود “قسد”. ورغم الضغوط الشعبية المتزايدة، يبدو أن التوتر مرشح للتصاعد في ظل تمسك “قسد” بمواقفها وتعزيزها للإجراءات الأمنية داخل المدينة.
—————————
هياكل سفن حربية سورية متفحّمة في ميناء اللاذقية بعد هجمات إسرائيلية.. ونتنياهو يهدد القادة الجدد بدمشق
اللاذقية (سوريا): اشتعلت النيران بهياكل سفن حربية سورية غمرتها المياه جزئيا في ميناء اللاذقية الثلاثاء، بعد ساعات على ضربات جوية وبحرية إسرائيلية.
وشنّت إسرائيل مئات الضربات على سوريا منذ سقوط بشار الأسد الأحد. وزعم الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، أنه هاجم من الجو والبحر “أغلبية مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا، خشية سقوطها بيد عناصر إرهابية”.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أحصى أكثر من 300 غارة على كل أنحاء سوريا خلال الأيام الأخيرة. وأفاد بأن “طائرات حربية إسرائيلية” ألحقت أضرارا ليل الإثنين بنحو 10 سفن تابعة للبحرية وأصابت أهدافا عسكرية أخرى، بما في ذلك “مركز البحوث العلمية” في برزة في دمشق، ومستودعات للجيش في ميناء اللاذقية ومحيطه.
وأوضح الجيش الإسرائيلي أن سفنا حربية هاجمت الإثنين “بشكل متزامن موقعين تابعين للبحرية السورية في مرفأ المينا البيضا ومرفأ اللاذقية حيث كانت ترسو فيهما 15 قطعة بحرية تابعة للبحرية السورية”، مشيرا إلى أن “من بين الأهداف عشرات صواريخ بحر بحر”.
وفي الميناء ارتفع عمود من الدخان الرمادي الداكن فوق ثلاث سفن حربية على الأقل تعود إلى الحقبة السوفياتية مزوّدة بمدافع رشاشة وقاذفات صواريخ، كانت جزءا من أسطول البحرية السورية.
وأفاد عامل في الميناء بسماع “أصوات غريبة وغير اعتيادية” طوال الليل، وقال إنه علم لاحقا بالضربات من زملائه وشبكات التواصل الاجتماعي.
وقال سمير علوش “الليلة الماضية بدأنا نسمع أصواتا غريبة عجيبة لم تهدأ ليلا. سألنا لكننا لم نعرف ما حصل وسط انقطاع للكهرباء، ثم عرفنا عبر فيسبوك وسمعنا أن إسرائيل تضرب الدفاعات الجوية والمرفأ”.
وقال أحمد خبازي وهو أيضا من عمال الميناء إنه سمع “أصوات ضربات”.
وأشار إلى أنه في الصباح “رأينا أن الجيش الإسرائيلي قصف الزوارق الحربية التابعة للنظام السابق”.
نتنياهو يحذّر القادة الجدد
وتقع اللاذقية الساحلية في غرب سوريا، وهي ضمن المنطقة حيث تتركز الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد. لكن بعد سيطرة الفصائل المعارضة، أُسقط تمثال لحافظ الأسد، والد بشار، كان ينتصب فيها.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس لدى تفقّده الثلاثاء قاعدة بحرية رئيسية في حيفا، إن “الجيش الإسرائيلي عمل في سوريا خلال الأيام الأخيرة لضرب وتدمير القدرات الاستراتيجية التي تهدد دولة إسرائيل. وقد نفذت البحرية الليلة الماضية عملية لتدمير الأسطول السوري بنجاح كبير”.
وتابع “أحذّر هنا قادة المعارضة في سوريا من أن أي شخص يحذو حذو الأسد سينتهي كما انتهى الأسد”.
وأضاف “لن نسمح لكيان إرهابي إسلامي متطرف بالعمل ضد إسرائيل خارج حدوده، ما يعرّض مواطنيه للخطر”.
وقال كاتس إنه أصدر مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تعليمات للجيش “بإقامة منطقة خالية تماما من السلاح والتهديدات الإرهابية في جنوب سوريا من دون تواجد إسرائيلي دائم”.
وبحسب الوزير فإن الهدف من إنشاء المنطقة هو “منع الجماعات الإرهابية من تنظيم نفسها في سوريا”.
وحذّر نتنياهو لاحقا القادة الجدد لسوريا من السير على خطى الرئيس السابق بشار الأسد ومن السماح لإيران “بإعادة ترسيخ” وجودها في البلاد.
وقال نتنياهو في بيان عبر الفيديو من تل أبيب “إذا سمح هذا النظام لإيران بإعادة ترسيخ وجودها في سوريا، أو سمح بنقل أسلحة إيرانية أو أي أسلحة أخرى إلى حزب الله، أو إذا هاجمَنا، فسوف نرد بقوة، وسنجعله يدفع ثمنا باهظا”، مضيفا “ما حلّ بالنظام السابق سيحل بهذا النظام”.
————————
في مستشفى بدمشق.. عائلات تبحث عن أبنائها بين الجثث بعد سقوط الأسد
11 كانون تأول 2024
دمشق: في رواق مستشفى المجتهد الحكومي بدمشق، امتزجت الثلاثاء أصوات البكاء مع صرخات أمهات “أين أولادنا؟”، بعدما توافد عشرات السوريين للتعرّف إلى جثث معتقلين نُقلت إلى المكان وتحمل آثار تعذيب وكدمات.
تسند نساء أنفسهن على الجدران، ويخرج رجال ومعالم الصدمة واضحة على وجوههم بعد معاينتهم صور نحو 35 جثة كانت فصائل معارضة عثرت عليها ليل الإثنين داخل مستشفى حرستا قرب دمشق.
في الباحة الخارجية للمستشفى، تقف طبيبة تحمل دفترا وقلما، وتتوجّه الى الموجودين بصوت عال: “من تعرّف على الجثة رقم تسعة؟”.
بالقرب منها، افترشت مجموعة من الأهالي الأرض، يعاينون صور الجثث التي وصلتهم إلى هواتفهم. من يتعرّف على جثة في الصور التي تحمل أرقاما، يبلّغ طاقم المستشفى الذي يخرج الجثة من البرّاد، ويسمح للشخص بالدخول لمعاينتها والتأكد مما إذا كانت عائدة لقريبه أو لا.
تخرج امرأة من المشرحة ويدها ملطّخة بالدماء. وتصيح أكثر من مرّة: “لا يزال دمهم جاريا”.
لا تتمالك أخرى نفسها وتنفجر باكية بعد أن تعرّفت على ابنها. لا تقوى على أن تجيب على أي سؤال عن تاريخ اعتقاله أو عمره. قربها تقف أمهات يائسات لم يجدن أبناءهن.
على باب براد مستشفى المجتهد، وقفت ياسمين شبيب (37 عاما) دامعة العينين، بعدما لم تجد شقيقها ووالدها اللذين اعتقلا في عام 2013، في عداد الجثث.
وتصيح السيدة القادمة من إدلب في شمال غرب البلاد: “افتحوا لنا أقبية السجون ونحن نبحث عنهم… نبحث عنهم بين الجثث”.
تحت الأرض
تضيف وهي تبكي: “وضعوا الناس تحت الأرض، لا في صيدنايا فحسب، سوريا كلها يوجد تحتها صيدنايا”.
ملأ العشرات باحة مستشفى المجتهد الخارجية وأروقته، يسألون كلّ موظف أو طبيب عن مكان الجثث، بقلق وخوف، لكن أيضا رغبة بالتخلّص من حالة عدم اليقين حول مصير أحباء اعتقلوا وانقطعت أخبارهم منذ سنوات طويلة.
فور سماعه بإعلان الفصائل المعارضة إسقاط حكم الرئيس بشار الأسد وفراره من سوريا، انتقل نبيل حريري (39 عاما) على وجه السرعة من درعا (جنوب) إلى دمشق، بحثا عن شقيقه المعتقل منذ عشر سنوات.
ويقول: “ذهبت إلى صيدنايا في اليوم الأول، لم أجده”.
ولم يجد أخيه الذي اعتقل حين كان عمره 13 عاما، بين الجثث في المجتهد. ويشرح بتأثر بالغ: “كان أخي طفلا، وأكثر الصور التي رأيتها لأشخاص أكبر سنّا”.
ويضيف: “الغريق يتعلّق بقشة، ونحن نبحث ونسأل”، مشيرا الى أن والدته “توفيت من شدّة حزنها عليه”.
ومع معاينته الصور التي تظهر آثار تعذيب شديد وكدمات، يقول: “أن يكون شقيقي قد توفي إلى الله أفضل من أن يكون عند النظام”.
أحرقوا قلبي
من أعزاز في شمال سوريا، حضرت زهية رزوق (60 عاما) إلى المستشفى علّها تجد جثمان ابنها مهيار. وتقول باكية: “كان ابني طالب جامعة في الرابعة والعشرين. أخذوه وأحرقوا قلبي” عام 2011، إثر بدء الاحتجاجات الشعبية السلمية التي قمعتها دمشق بالقوة قبل أن تتحوّل الى نزاع مدمر تسبّب بمقتل أكثر من نصف مليون سوري.
وتضيف الأم المكلومة: “قالوا لي إنه قتل في عام 2014”.
وكان فريق من الأطباء بردائهم الأبيض والكمامات والقفازات، يكشف على الجثث.
ويشرح الدكتور ياسر القاسم، المعاون الطبي في الهيئة العامة للطب الشرعي التابعة لوزارة الصحة، أن “الجثث وصلت من مستشفى حرستا، ولم نحدّد بعد زمن الوفاة أو طريقة الوفاة، لكن ما هو ظاهر أن الوفاة بالنسبة لهؤلاء الأشخاص ليست قديمة”.
بحسب فصائل معارضة، عثر على الجثث الإثنين مكدسة داخل غرفة تبريد في مستشفى حرستا، وموضوعة داخل أكياس بيضاء وعليها علامات تعذيب.
وقال محمّد الحاج، أحد مقاتلي “غرفة عمليات الجنوب”، وهو ائتلاف فصائل معارضة، “فتحتُ باب غرفة التبريد بيدي. كان المشهد مهولا، حوالى أربعين جثة مكدّسة داخلها وعليها آثار تعذيب لا يصدّقه عقل”.
أحياء أم أموات؟
أظهرت صور ومقاطع فيديو التقطها الحاج داخل مستشفى حرستا، جثة شخص اقتلعت عيناه، وآخر اقتلعت أسنانه، ودماء تجمّدت على وجنة ثالث، بينما كانت الكدمات واضحة على أجساد آخرين. وبين الجثث، صرّة داخلها عظام وجثة شخص قفصه الصدري ظاهر.
وشكّل مستشفى حرستا، وفق ما قال دياب سرية من رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، “مركزا رئيسيا لتجميع الجثث الآتية من صيدنايا أو مستشفى تشرين قبل نقلها إلى مقابر جماعية”.
وأضاف معلّقا على مقاطع الفيديو التي التقطها الحاج: “من الضروري أن يتم توثيق ما رأيناه في هذا الفيديو من مستشفى حرستا”، مرجّحا أنها “جثث معتقلين” كانوا في صيدنايا.
ووفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، قضى نحو ستين ألف شخص تحت التعذيب أو بسبب ظروف الاحتجاز المريعة في السجون السورية، ودخل نصف مليون شخص سجون السلطة، منذ بداية الحرب، وفقا للمصدر ذاته.
ولم يجد سائق الأجرة خالد حمزة (60 عاما) ابنه الشاب في سجن صيدنايا ولا في مستشفى المجتهد. لكنه يقول إنه عثر في صيدنايا على أوراق وسجلات عليها أسماء سجناء قرّر تقديمها إلى الشرطة، أملا في أن تساعد في العثور على مفقودين.
ويقول من أمام مركز شرطة دمشق الذي بدأت هيئة تحرير الشام تسيير شؤونه، “الملايين يبحثون عن أولادهم، نريد أن نصل الى شيء ما، أن نعرف هل هم أحياء أم أموات؟”.
(أ ف ب)
القدس العربي
————————-
واشنطن بوست: هل ساعدت المخابرات الأوكرانية “هيئة تحرير الشام” للإطاحة بالأسد؟/ إبراهيم درويش
11 كانون الأول 2024
لندن- “القدس العربي”: زعم المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” ديفيد إغناطيوس أن المعارضة السورية انتصرت على نظام بشار الأسد بدعم من أوكرانيا التي كانت تريد أن تهين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوريا.
وقال إن كييف، التي كانت تريد أن تدمي وجه بوتين وتذلّه، زوّدت المعارضة بالمسيّرات التي ساعدت على الإطاحة بالنظام السوري.
وبحسب مصادر مطلعة على النشاطات العسكرية الأوكرانية في الخارج، فقد تلقّى المعارضون السوريون، الذين دخلوا العاصمة دمشق في نهاية الأسبوع الماضي، مسيّرات ودعماً آخر من عملاء الاستخبارات الأوكرانيين الذين سعوا إلى تقويض روسيا وحلفائها السوريين.
وقال إن المخابرات الأوكرانية أرسلت 20 خبيراً في تشغيل المسيّرات، و150 مسيّرة مزوّدة بأجهزة الفيديو إلى مقرّ المعارضة في إدلب، قبل أربعة أو خمسة أسابيع، لمساعدة “هيئة تحرير الشام”، الجماعة التي قادت عملية الإطاحة بالأسد، وذلك حسب المصادر المطلعة التي نقل عنها الكاتب.
ويرى خبراء استخبارات غربيون أن الدعم الأوكراني لعب دوراً متواضعاً في الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد. ولكن النشاطات هي جزء من محاولات أوكرانيا لضرب المصالح الروسية في الشرق الأوسط وأفريقيا وروسيا نفسها.
ويقول إغناطيوس إن برنامج المساعدة الأوكراني في سوريا كان سراً مفتوحاً، مع أن المسؤولين في إدارة بايدن نفوا أي علم بالأمر، وذلك رداً على أسئلة الكاتب.
إلا أن الدافع وراء ذلك واضح: ففي مواجهة هجوم روسي داخل بلادهم، بحثت الاستخبارات الأوكرانية عن جبهات أخرى حيث يمكنها أن تدمي أنف روسيا وتقوّض عملاءها. وقد أعلن الأوكرانيون عن نواياهم هذه، ففي مقال نشرته صحيفة “كييف بوست” في 3 حزيران/يونيو، نقلت فيه عن مصدر في جهاز الاستخبارات العسكرية الأوكراني المعروف باسم “جي يو آر” قوله إن “المتمردين [السوريين] وبدعم من عملاء أوكرانيين، شنّوا، منذ بداية العام، ضربات عديدة على منشآت عسكرية روسية موجودة في المنطقة”.
وتضمنت تلك القصة، التي نُشرت على الإنترنت، رابطاً للقطات فيديو تظهر هجمات على مخبأ مضلع وشاحنة بيضاء وأهدافاً أخرى قيل إنها تعرضت للقصف من قبل المعارضين المدعومين من أوكرانيا داخل سوريا.
وقالت الصحيفة إن العملية في سوريا نفذتها وحدة خاصة تُعرف باسم “خيميك” داخل “جي يو آر” و”بالتعاون مع المعارضة السورية”.
وأضاف الكاتب أن المسؤولين الروس اشتكوا، ومنذ عدة أشهر، من الجماعات الأوكرانية شبه المسلحة وجهودها في سوريا. وقال ألكسندر لافرينتيف، الممثل الروسي الخاص في سوريا، في تصريحات نقلتها عنه وكالة أنباء “تاس” الروسية: “لدينا معلومات عن وجود خبراء أوكرانيين من مديرية الاستخبارات الأوكرانية في مناطق إدلب”.
وأشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى المزاعم نفسها، في أيلول/سبتمبر، ووجود “مبعوثين من الاستخبارات الأوكرانية” الذين يقومون بما أسماها “عمليات قذرة”، وذلك حسب صحيفة “الوطن” السورية، التي أكدت أن الفريق أول كيريلو بودانوف، مدير وكالة الاستخبارات الأوكرانية “جي يو آر”، كان على اتصال شخصي مع “هيئة تحرير الشام”.
وقبل أن تطيح “هيئة تحرير الشام” بالأسد، أكد المسؤولون الروس أن ارتباط أوكرانيا بالجماعة المعارضة كان محاولة لتجنيد مقاتلين سوريين لحربها ضد الكرملين.
وزعم تقرير، في أيلول/سبتمبر، على موقع “كريدل” على الإنترنت أن أوكرانيا عرضت 75 مسيرة مقاتلة في صفقة مع “هيئة تحرير الشام”، لكن لا توجد معلومات تؤكد المزاعم الروسية.
ويعلق إغناطيوس أن روسيا فوجئت بالتقدم السريع لقوات المعارضة نحو دمشق، ولكن المهم هو أن المصادر الروسية حاولت التقليل من الدور الأوكراني.
ففي 2 كانون الأول/ديسمبر، ذكر تقرير في موقع “ميدل إيست آي” حساباً روسياً على منصة تيلغرام، قال إنه يعكس مواقف الجيش الروسي وحاول أن يقلل من الدور الأوكراني: “أولاً زار عناصر جي يو آر إدلب، ولكن لفترة قصيرة”، ولم تكن كافية لتدريب السوريين على تشغيل المسيرات القتالية، و”ثانياً” فإن “هيئة تحرير الشام كانت تملك برنامج الطائرات المسيرة”.
ويشير إغناطيوس إلى أن عملية سوريا ليست الحالة الوحيدة التي حاولت فيها الاستخبارات العسكرية الأوكرانية مضايقة العملاء الروس في الخارج.
فقد ذكرت بي بي سي البريطانية، في تقرير لها في آب/أغسطس، أن أوكرانيا ساعدت المتمردين في شمال مالي في نصب كمين لمرتزقة روس من مجموعة فاغنر. وقالت بي بي سي إن هجوم 27 تموز/يوليو أدى إلى مقتل 84 من عملاء فاغنر و47 جندياً من الجيش المالي.
وأشاد أندريه يوسوف، المتحدث باسم “جبهة تحرير مالي”، بالعملية بعد عدة أيام، قائلاً إن المتمردين الماليين “تلقوا المعلومات الضرورية وليس المعلومات فقط، مما مكن من عملية عسكرية ناجحة ضد مجرمي الحرب الروس”، حسب بي بي سي.
وبعد الهجوم، قطعت مالي علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا. وقال إغناطيوس إن الفريق أول بودانوف من المخابرات الأوكرانية، تعهد، حسب تقرير إخباري، في نيسان/أبريل 2023 بملاحقة الروس المتهمين بارتكاب جرائم حرب في “أي مكان في العالم”. ونقل الكاتب عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن العمليات الاستخباراتية التي يقوم بها بودانوف أثارت، في بعض الأحيان، قلق إدارة بايدن.
وفي مقابلة أجراها الكاتب مع بودانوف في مقر قيادته بكييف، في نيسان/أبريل، سأله عن عمليات الوحدة الاستخباراتية العسكرية ضد فاغنر في أفريقيا، فأجاب: “نحن نجري مثل هذه العمليات بهدف الحدّ من الإمكانات العسكرية الروسية، في أي مكان حيث يكون ذلك ممكناً. لماذا ينبغي أن تكون أفريقيا استثناءً؟”.
ويعلق الكاتب بأن مثل عمليات أوكرانيا في أفريقيا، وهجومها على منطقة كورسك داخل روسيا، تعكس العملية السرية في سوريا محاولة لتوسيع ساحة المعركة وإيذاء الروس في المناطق التي لم يكونوا مستعدين لها.
ولم تكن مساعدة أوكرانيا للمعارضة بالمسيّرات “القشة التي قصمت ظهر البعير”، إذا جاز التعبير. لكنها ساعدت، على الأقل بطريقة صغيرة، في إسقاط أهم عميل لروسيا في الشرق الأوسط.
ومثل إسرائيل في فشلها في توقّع عملية “حماس” عبر سياج غزة، في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، رأت روسيا المعارضين الذين زعم إغناطيوس أن أوكرانيا دعمتهم وهم يتقدمون، لكنها لم تتمكن من التعبئة لوقف الهجوم ومنع العواقب الوخيمة.
————————–
روسيا تهون من تأثير سقوط الأسد على نفوذها في المنطقة.. وتعتبر منشآتها في سوريا محمية بموجب القانون الدولي
11 كانون الأول 2024
موسكو: هون الكرملين الأربعاء من الضرر الذي لحق بالنفوذ الروسي في الشرق الأوسط نتيجة سقوط حليفه رئيس النظام السوري بشار الأسد، قائلا إن تركيز موسكو منصب على أوكرانيا وإن بلده على اتصال بالحكام الجدد في سوريا.
وعندما تدخلت روسيا في الحرب الأهلية السورية في 2015، ساعدت في قلب ميزان القوى لصالح الأسد لذا فإن سقوطه يشكل انتكاسة خطيرة لكل من روسيا، التي تخوض حربا في أوكرانيا، وإيران، التي تقاتل إسرائيل في أنحاء بالشرق الأوسط.
وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحافيين “تعرفون بالطبع أننا على اتصال مع الذين يسيطرون على الوضع حاليا في سوريا”.
وردا على سؤال عن مدى الضعف الذي اعترى نفوذ روسيا في المنطقة بعد سقوط الأسد، قال بيسكوف إن موسكو تحافظ على اتصالاتها مع جميع دول المنطقة وستواصل ذلك.
وأضاف أن أولوية موسكو هي الحرب في أوكرانيا.
وقال بيسكوف “العملية العسكرية الخاصة (في أوكرانيا) تشكل أولوية مطلقة لبلدنا.. يتعين علينا ضمان مصالح أمننا ومصالح شعبنا الروسي، وسوف نفعل ذلك”.
من جانبها، اعتبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الأربعاء أن المنشآت والأصول الروسية في سوريا محمية بموجب معايير القانون الدولي.
وحثت زاخاروفا كل الأطراف في سوريا على تبني نهج مسؤول لاستعادة الأمن والاستقرار في أسرع وقت ممكن.
ولدى روسيا قاعدة جوية كبرى في محافظة اللاذقية وقاعدة بحرية في طرطوس هي مركزها الوحيد للإصلاح والصيانة في البحر المتوسط.
وتدعم موسكو سوريا منذ فترة طويلة، إذ اعترفت باستقلالها في عام 1944 عندما سعت دمشق إلى التخلص من الحكم الاستعماري الفرنسي. أما الغرب فقد اعتبر سوريا تابعا للاتحاد السوفيتي.
(رويترز)
————————–
اكتشاف نفق ضخم أسفل منزل ماهر الأسد.. وهذا ما وجد فيه
تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لما قالت إنه نفق تحت منزل ماهر الأسد شقيق رئيس النظام السوري السابق بشار الأسد.
وأظهر مقطع الفيديو مرافق نفق وممرات سرية حصنت مداخلها بأبواب من الحديد تحت الأرض داخل منزل ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة في جيش النظام السوري.
وقال الشخص الذي التقط الفيديو أن السرداب يقع في الطابق الثاني تحت الأرض وأنه يضم غرفا ومكاتب محصنة إلى جانب العثور على علب فارغة خاصة بالأسلحة والساعات.
النفق تحت منزل ماهر الأسد.. النفق الذي هرب منه pic.twitter.com/UC0DYV7U5U
— قتيبة ياسين (@k7ybnd99) December 8, 2024
ودخلت عناصر من المعارضة السورية المسلحة، إلى منزل ماهر الأسد في دمشق بعد الإعلان عن سقوط نظام بشار الأسد والسيطرة على دمشق، فجر الأحد. ولم يعرف حتى الآن مصير ماهر الأسد وإلى أين اتجه بعد سقوط حكم أخيه.
——————————
كيربي للجزيرة: يجب محاسبة الأسد ولا موقف من تكليف البشير
قال منسق السياسات الإستراتيجية والاتصالات في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن الولايات المتحدة ترى ضرورة محاسبة الرئيس السوري السابق بشار الأسد على سنوات من انتهاكاته ضد الشعب السوري، وفي سياق آخر أكد أن بلاده لا تتخذ موقفًا في الوقت الراهن من تكليف المهندس محمد البشير بتشكيل حكومة جديدة في سوريا.
وأوضح كيربي، في مقابلة مع قناة الجزيرة تم بثها ضمن الوقفة التحليلية “مسار الأحداث”، أن الرئيس الأميركي جو بايدن يبقى على تواصل مستمر مع نظرائه في المنطقة، مشيرًا إلى أن الانتقال السلمي في سوريا يمثل أولوية لواشنطن ويخدم الأمن القومي لأميركا وحلفائها.
وأضاف أن هذا الموضوع كان محور مكالمة الرئيس بايدن مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، حيث ناقشا سبل تحقيق انتقال يحقق تطلعات الشعب السوري.
وشدد كيربي على أن الأسد يجب أن يحاسب على 14 عاما من القمع واستخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبه، مؤكدا أن روسيا يجب أن تتحمل مسؤوليتها لدعمها المستمر له بما في ذلك استضافته على أراضيها.
لا تعليق
وفيما يتعلق بتكليف محمد البشير بتشكيل حكومة انتقالية في سوريا، قال كيربي “نحن نراقب العملية عن كثب ونسعى لضمان أن تسير بشكل سلمي”، لكنه أوضح أنه ليس لدى واشنطن موقف محدد تجاه هذه الخطوة في الوقت الراهن.
وكان مراسل الجزيرة قد أفاد بأنه تم اختيار المهندس محمد البشير رئيس حكومة الإنقاذ السورية، التي كانت تدير إدلب منذ سنوات، لتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية.
جاء ذلك بعد اجتماع بين القائد في إدارة عمليات المعارضة المسلحة أحمد الشرع والبشير ورئيس الوزراء في حكومة النظام السابق محمد الجلالي الذي كلف بتسيير أمور الحكومة، إذ هدف الاجتماع إلى تحديد ترتيبات نقل السلطة بعد سقوط النظام وتجنب دخول سوريا في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار.
وعن ملامح المرحلة الانتقالية في سوريا، أشار كيربي إلى أن الولايات المتحدة تتابع التطورات، معبرا عن أمله في أن تلبي المرحلة الانتقالية تطلعات السوريين بعد سقوط الأسد.
وأضاف أن واشنطن تعمل مع شركائها في المنطقة ومع المعارضة السورية بشكل مباشر أو عبر الأمم المتحدة لتحقيق منظومة حكم شرعية تلبي آمال الشعب السوري.
أما عن مسألة رفع جبهة تحرير الشام من قوائم الإرهاب، فقد امتنع كيربي عن التعليق، لكنه أكد أن واشنطن تواصل إرسال الرسائل إلى جميع المجموعات السورية المعارضة والمتمردة لضمان أن تكون قراراتها معبرة عن إرادة الشعب السوري ومستقبله.
ندعم اتفاقية 1974
وبشأن التوغل الإسرائيلي داخل سوريا وإلغاء اتفاقية وقف إطلاق النار لعام 1974، شدد كيربي على دعم بلاده لهذه الاتفاقية، داعيا جميع الأطراف إلى احترامها، وأشار إلى أن العمليات الإسرائيلية هي شأن إسرائيلي داخلي، مشيرا إلى تصريحات إسرائيلية بأن تلك العمليات مؤقتة.
ويواجه الوضع الجديد في سوريا تحديات أمنية كثيرة من أبرزها سعي الجيش الإسرائيلي لإعادة تشكيل الواقع الأمني على الحدود مع سوريا، حيث قالت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية “كان” إن الجيش الإسرائيلي يعزز مواقعه ويوسع سيطرته داخل الشريط الذي احتله في قلب الجانب السوري شرقي خط وقف إطلاق النار.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن أمس الأحد السيطرة على المنطقة العازلة مع سوريا قائلا إن هضبة الجولان ستبقى جزءا لا يتجزأ من إسرائيل، زاعما أن اتفاقية فصل القوات لعام 1974 انهارت بعد أن تخلى الجنود السوريون عن مواقعهم.
وتُدار المنطقة المنزوعة السلاح بموجب اتفاقية فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل عام 1974، مما يجعل التوغلات فيها خرقا لهذه الاتفاقية، إلا أن إسرائيل تبرر تحركاتها بالضرورات الأمنية لخلق مجال أمني خال من الأسلحة الإستراتيجية الثقيلة والبنى التحتية التي تهدد إسرائيل.
وعن موقف واشنطن من قوات سوريا الديمقراطية الكردية، قال كيربي إن الولايات المتحدة تركز عسكريا على شمالي شرقي سوريا، وتواصل العمل مع هذه القوات ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وأكد كيربي أن الولايات المتحدة ستبقى ملتزمة بالعمل مع شركائها في المنطقة لتحقيق تطلعات الشعب السوري نحو مستقبل أفضل، مع استمرارها في مراقبة التطورات عن كثب ودعم الاستقرار الإقليمي.
المصدر : الجزيرة
——————————
سفير تركيا الأسبق بسوريا يبين لـCNN ما تريده أنقرة بعد هروب بشار الأسد ورأيه بـ”تحرير الشام“
الأربعاء، 11 ديسمبر / كانون الأول 2024
عقّب سفير تركيا الأسبق في سوريا، عمر أونهون، على التطورات المتسارعة في سوريا واختيار شخص لقيادة الحكومة المؤقتة في محاولة للسيطرة على الأوضاع وتسيير الأعمال الرسمية والحكومية بعد هروب الرئيس السوري، بشار الأسد خارج البلاد.
وقال أونهون وهو مؤلف كتاب “سوريا بعيني سفير” في مقابلة مع CNN: “الفترة الانتقالية، بالطبع، أصبحت الآن مهمة جدًا في هذا العصر، ومن سيدير هذا التحول هو السؤال الرئيسي، والآن قاموا بتعيين السيد البشير كرئيس مؤقت لحكومة تصريف الأعمال.. لا أعرف من سيسميهم كوزراء، ولكن بعد ذلك يتساءل الجميع عما إذا كان الوزراء الذين سيسميهم سيكونون من هيئة تحرير الشام فقط أم من هيئة تحرير الشام أم من فصائل أخرى أيضاً، لأنه كما يقول الجميع الآن، من المهم جدًا أن تكون هناك حكومة شاملة، نظام شامل يعارض حكم الرجل الواحد لبشار الأسد”.
وتابع: “كانت هيئة تحرير الشام منظمة سلفية وكذلك القاعدة وجبهة النصرة، لكن ما قيل لنا مؤخراً هو أن هيئة تحرير الشام أصبحت معتدلة تماماً وغيرت أساليبها وما إلى ذلك، والآن من الجيد سماع ذلك، ولكن، بطبيعة الحال، الأفعال تتحدث بصوت أعلى من الكلمات.. لقد كان السيد الجولاني معتدلاً جداً عندما تحدث عن احتضان الجميع في سوريا، وعدم التمييز ضد أي شخص، أعني أن هذه الكلمات نريد أن نسمعها في سوريا حقاً، وهذا مشجع للغاية، ولكن كما قلت، علينا أن نرى ما سيحدث في التنفيذ”.
وأضاف: “من المؤكد أن تركيا هي أحد اللاعبين الرئيسيين في سوريا بحكم الجغرافيا والعلاقات التاريخية والاجتماعية الأخرى، لدينا 911 كيلومترًا من الحدود المشتركة مع سوريا، لذا فإن تركيا هي بالتأكيد ممثل رئيسي، لطالما كان الأمر كذلك، وأعتقد أنها ستكون إحدى الجهات الفاعلة التي ستشكل – ستساعد في تشكيل سوريا في المستقبل، لدينا مصلحة في ذلك، أعني من الناحية الأمنية، وتستضيف تركيا حوالي 3.5 مليون سوري ونريد إعادتهم إلى بلادهم في بيئة آمنة”.
واستطرد: “سيكون هناك إعادة بناء للبلاد، لذا فإن تركيا ستكون مركزية للغاية في كل ذلك. ومن المؤكد أن هناك علاقات مع قوى المعارضة بمختلف ألوانها. لذلك أعتقد أن هذه الاتصالات التي تجريها تركيا مع مختلف جماعات المعارضة ستكون مفيدة”.
وأردف السفير الأسبق: “قضيتان رئيسيتان بالنسبة لتركيا فيما يتعلق بالأزمة السورية، نعم، بعد أن رحل الأسد، من المتوقع أن يعود السوريون، لكنني لا أعتقد أن ذلك سيحدث بين عشية وضحاها، أعني أن هناك حالة من عدم اليقين هناك وحتى بعض القلق بشأن ما سيحدث في المستقبل.. لذلك قد يختار السوريون الانتظار لفترة أطول قليلاً، ليشعروا بالأمان عند العودة. لذا فإن الأمر متروك لما يحدث في سوريا، والذي سيسرع عودة السوريين في تركيا وفي البلدان الأخرى إلى مدنهم الأصلية، ولكن أعتقد أن هذا سيستغرق بعض الوقت، رغم أننا رأينا بعض الأشخاص يعودون بالفعل، لكنهم ليسوا بعشرات الآلاف أو مئات الآلاف، سيستغرق ذلك بعض الوقت”.
ومضى بالقول: “أما بالنسبة للمسألة الأخرى، فإن وحدات حماية الشعب هي منظمة إرهابية. أعني، في نظر تركيا، أن وحدات حماية الشعب هي منظمة إرهابية، إنه امتداد لحزب العمال الكردستاني في سوريا، ويهدف إلى إنشاء هيكل يشبه الدولة، أو هيكل مستقل أو أي شيء آخر – ممر إرهابي، كما نسميه هنا، ضمن أجندته الخاصة، وقالت تركيا بوضوح شديد إننا لن نسمح بذلك. لن نسمح لوحدات حماية الشعب بإقامة ممر خارج حدودنا مباشرة. لذلك كان هناك بعض القتال. وهذا – وهذا ينطبق أيضًا على الجيش الوطني السوري، والمعارضة السورية، لأن المنطقة، المنطقة التي تحاول وحدات حماية الشعب أن تضع نفسها عليها، هي أرض سورية، لذا، ليست تركيا وحدها، بل الشعب السوري أيضًا، يعارض ذلك بشدة، كما أفهم، أعني أنها ستساعد في تشكيل سوريا، وبطبيعة الحال، فإن الأمر متروك للسوريين ليقرروا مستقبل بلادهم، لكنهم سيحتاجون إلى بعض المساعدة وبعض التشجيع، وأعتقد أن تركيا يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً في ذلك إذا اختارت القيام بذلك”.
سي ان ان
————————-
لماذا ترفض المعارضة السورية العلم “الأحمر” للبلاد، وما قصة العلم “الأخضر”؟
11 كانون الأول 2024
فور الإعلان عن سقوط نظام الأسد، قام بعض السوريين المعارضين لنظام الرئيس المعزول، بإنزال العلم السوري المعتمد عن بعض المقرات الرسمية داخل البلاد والسفارات السورية في الخارج، تعبيراً عن فرحهم بسقوط النظام والرئيس الذين تظاهروا ضده منذ العام 2011 وتحولت احتجاجاتهم السلمية في ما بعد إلى حرب أهلية شرسة بين جيش النظام والمعارضة المسلحة.
ولكن، كيف تحول العلم الرسمي لدولة سوريا إلى شعارٍ للنظام؟ ولماذا استبدله المعارضين بآخر؟
تعتمد المعارضة السورية منذ عام 2011، علماً يتألف من خطوط أفقية باللون الأخضر والأبيض والأسود ويحمل ثلاث نجوم حمراء في المنتصف، وهو علم الجمهورية السورية الأولى أو “علم الاستقلال”، التي تأسست بعد استقلالها عن الانتداب الفرنسي عام 1932.
ونص الدستور السوري الصادر عام 1930 في مادته الرابعة: “يكون العلم السوري على الشكل الآتي: طوله ضعف عرضه ويقسم إلى ثلاثة ألوان متساوية متوازية أعلاها الأخضر فالأبيض فالأسود على أن يحتوي القسم الأبيض منها في خط مستقيم واحد على ثلاثة كواكب حمراء ذات خمسة أشعة”.
واعتمد كعلم رسمي للبلاد عندما نالت سوريا استقلالها في 17 أبريل/نيسان عام 1946.
وبقي هذا العلم الذي يشار إليه أيضاً بـ”العلم الأخضر”، مستخدماً حتى العام 1958، حين تم الإعلان عن وحدة سوريا مع مصر وإنشاء الجمهورية العربية المتحدة التي اعتمدت علماً جديداً مشتقاً من علم التحرير العربي للثورة المصرية عام 1952 والمكون من ثلاثة ألوان من الأشرطة الأفقية الأحمر والأبيض والأسود، وتميز علم الاتحاد عن علم التحرير العربي الأصلي بنجمتين باللون الأخضر في الشريط الأبيض، يرمزان إلى الجزأين المكونين للاتحاد، بحسب جامعة وورويك البريطانية.
سوريون يعيشون في إيسن، ألمانيا، يتجمعون للاحتفال بالإطاحة بحكم حزب البعث في سوريا الذي دام 61 عاماً مع “علم الثورة” للمعارضة السورية، بعد انهيار سيطرة النظام في العاصمة دمشق، يوم الأحد 8 ديسمبر/كانون الأول 2024
وبعد حلّ هذه الوحدة عام 1961 أعيد استخدام العلم “الأخضر” حتى العام 1963.
وتغير بعد ذلك علم سوريا مجدداً، إلا أنّ اعتماد العلم بنسخته الحالية، كان في عام 1980.
ويعتبر “العلم الأخضر” العلم الثاني الأطول استخداماً على مر التاريخ السوري بعد العلم الحالي بمجموع 27 عاماً.
وهناك اختلاف وحيد بين علم “الاستقلال” والعلم الذي تعتمده المعارضة السورية اليوم وهو مقياس طول وعرض العلم. إذ يعتمد علم عام 1932 بنسبة عرض إلى ارتفاع تبلغ 1:2، بينما تم اعتماده عام 2012 من قبل حكومة المعارضة مع نسبة عرض إلى ارتفاع تبلغ 2:3.
وتشير الألوان الأربعة المعتمدة في العلم، أي الأخضر والأحمر والأسود والأبيض إلى الأسر الحاكمة الرئيسية في التاريخ العربي: العباسيون والفاطميون والأمويون والهاشميون، بحسب موسوعة بريتانيكا.
سوريون من مرتفعات الجولان يلوحون بالعلم السوري وصورة للرئيس الأسبق حافظ الأسد في 10 ديسمبر/كانون الأول 1999
يستحق الانتباه نهاية
فيما تقول مصادر أخرى إن النجوم الحمراء الثلاث في العلم، كانت في الأصل تمثل ثلاث مناطق في سوريا وهي حلب ودمشق ودير الزور، فيما يمثل اللون الأخضر الراشدين، والأبيض الأمويين والأسود العباسيين.
ويرتبط العلم السوري الحالي بنظر الكثير من السوريين المناهضين لحزب البعث بحكم الحزب، وذلك لأنه اعتمد بعد الانقلاب البعثي عام 1963.
ولذلك، شكّل العلم المعتمد للدولة السورية نقطة انقسام بين السوريين منذ عام 2011.
فبدأ المعارضون باستخدام علم العام 1932 أو ما يشار إليه على أنه “العلم الأخضر” للدلالة على انتمائهم السياسي.
ويعتبر الموالون للرئيس السابق بشار الأسد أن العلم الأخضر الخاص اليوم بالمعارضة، هو علم فترة “الانتداب الفرنسي”.
أما المعارضون للأسد، فيطلقون عليه اسم “علم الاستقلال” وينتقدون العلم الرسمي “الأحمر”، الذي تستخدمه الحكومة، باعتباره “علم البعث أو علم النظام السوري التابع لعائلة الأسد”.
وكان يمنع استخدام كلا العلمين في مناطق سيطرة الإسلاميين المتشددين في البلاد مثل تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، وكان يتم استبدالهما بالعلم “الأسود” الذي كانت تعتمده تلك الجماعات
————————
أول تعليق روسي رسمي حول وضع الأسد.. هذا ما كشفه ريابكوف
الأربعاء، ١١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤
في أول تعليق رسمي حول وضع الرئيس السوري السابق بشار الأسد الذي حكمت عائلته سوريا لأكثر من 50 سنة، قبل فراره إلى موسكو، كشف نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، أن نقل يشكل آمن.
وقال ريابكوف في مقابلة مع شبكة “إن.بي.سي نيوز” بثت مساء أمس الثلاثاء إن روسيا نقلت الأسد بشكل آمن للغاية بعد الإطاحة به في هجوم خاطف شنته الفصائل المسلحة الأسبوع الماضي.
كيف نقل الأسد؟ كما أضاف أنه “آمن وهذا يظهر أن روسيا تتصرف كما هو مطلوب في مثل هذا الموقف الاستثنائي”.
إلا أنه لم يوضح “ما حدث وكيف تم حل الأمر ونقل الأسد إلى موسكو”.
“تسليمه للجنائية الدولية” أما عندما سئل عما إذا كانت موسكو ستسلم الأسد ليمثل للمحاكمة، فرد ريابكوف قائلا إن بلاده ” ليست طرفا في الاتفاقية التي أسست المحكمة الجنائية الدولية”.
وكان الكرملين أعلن يوم الاثنين الماضي أن الرئيس فلاديمير بوتين اتخذ قرارا بمنح الأسد حق اللجوء في روسيا.
يذكر أن سقوط الأسد يوم الثامن من ديسمبر بشكل مفاجئ عقب تهاوي الجيش وانسحابه من مواقعه العسكرية في مواجهة الفصائل المسلحة، شكل ضربة كبيرة لإيران وروسيا، اللتين تدخلتا في الحرب الأهلية السورية التي استمرت 13 عامًا من أجل دعم حكمه على الرغم من المطالب الغربية برحيله عن السلطة.
علما أن موسكو قدمت الدعم لسوريا منذ بداية الحرب الباردة، واعترفت باستقلالها عام 1944 عندما سعت دمشق للتخلص من الحكم الاستعماري الفرنسي.
———————-
«السيدة زينب» تنفض «الصبغة الإيرانية»
الأربعاء، ١١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤
نفضت منطقة «السيدة زينب» التي كانت تعدّ المعقل الرئيسي لإيران في جنوب دمشق، الصبغة الإيرانية عنها بسرعة عقب سيطرة قوات المعارضة على العاصمة السورية وسقوط حكم الرئيس بشار الأسد.
فقد تخلصت المنطقة خلال ساعات، وبفرح «كبير»، من الصبغة التي تلبّست بها خلال سنوات كانت توصف خلالها بأنها «مدينة إيرانية» وليست سورية.
ففي غضون يومين اختفى منها النفوذ الكبير الذي رسخته فيها إيران وميليشياتها و«حزب الله» اللبناني، وانتهت سيطرتها عليها؛ وهو ما ترك ارتياحاً واسعاً لدى أهلها؛ لأن منطقتهم «عادت إلينا»، وفق ما قال بعضهم لـ«الشرق الأوسط» التي زارت المنطقة الثلاثاء.
في سوق «بهمن»، التي تعدّ من أكبر وأهم الأسواق في «السيدة زينب»، لم يخف صاحب محال تجارية سعادته بتبدل الأوضاع، وقال بفرحة كبيرة: «إسقاط الأسد تم بسواعد أولادنا الذين أعادوا (السيدة زينب) إلى أهلها الطيبين، وفرحتنا عارمة». وأضاف: «لقد اختفت إيران، وأغلب عائلات من جلبتهم رحل والباقي منهم منزوٍ في منازله»، مؤكداً أن الوضع في المنطقة الآن «أفضل بكثير».
في قلب سوق «بهمن»، بدا التغيّر في المشهد جلياً؛ إذ أُزيل حاجز «حزب الله» من بدايتها، واختفت بشكل شبه تام منها المظاهر المسلحة واللافتات التي كانت تُكتب عليها عبارات مذهبية، وكذلك صور الخميني وخامنئي وأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله.
ويذكر الرجل أن وفداً من فصائل المعارضة عقد الأحد الماضي اجتماعاً مع وجهاء المنطقة في مقر البلدية، أوضح خلاله أن مقام «السيدة زينب» سيتم الإشراف عليه من أهل المنطقة، بعدما كانت الميليشيات الإيرانية – خصوصاً «حزب الله» – تقوم بذلك.
———————
أسماء الأسد غير مرحب بها في المملكة المتحدة
الأربعاء، ١١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤
مثلت أسماء الأسد في مرحلة ما صورة الحداثة في سوريا لكن اسمها ارتبط بعدها بحكم زوجها بشار الأسد الاستبدادي بعدما أمضت نصف حياتها في المملكة المتحدة التي تحمل جنسيتها لكن لم تعد موضع ترحيب فيها.
وتفيد وكالات الأنباء الروسية العامة أن أسماء الأسد البالغة 49 سنة موجودة في روسيا إلى جانب زوجها الذي فر إلى موسكو حليفته الكبرى مع أن الكرملين يرفض تأكيد وجود الزوجين وأبنائهما الثلاثة البالغين.
ويشكل هذا المنفى الاضطراري الضربة الأخيرة الموجهة إلى سمعة أسماء الأسد التي اعتبرت في فترة من الفترات ورقة رابحة للنظام السوري بعدما تزوجت في العام 2000 بشار الأسد الذي خلف والده حافظ الأسد في رئاسة البلاد.
وقد جمدت في مارس (آذار) 2012 أصول أسماء الأسد في إطار عقوبات أوروبية أبقت عليها لندن رغم خروجها من الاتحاد الأوروبي، مبررة ذلك بأنها “تستفيد من النظام السوري المرتبطة به”. إلا أنها تحمل جواز سفر بريطانيا وغير ممنوعة من دخول الأراضي البريطانية.
“غير مرحب بها”
رداً على سؤال مساء الإثنين أمام مجلس العموم، جاء موقف وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي قاطعاً.
وقال “اطلعت في الأيام الأخيرة على تداول إمكان أن تحاول أسماء الأسد التي تحمل الجنسية البريطانية المجيء إلى بلادنا. أوكد أنها موضع عقوبات وغير مرحب بها”.
ومضى يقول “سأبذل قصارى جهدي لضمان عدم إقامة أي من أفراد هذه العائلة في المملكة المتحدة”.
فقبل ذلك، أوضح المسؤول الكبير في الحكومة العمالية بات ماكفادن أن السلطات “لم تجر أي اتصال ولم تتلق أي طلب لمجيء زوجة الأسد إلى المملكة المتحدة”.
سحب الجنسية
ويشير بدر موسى السيف الباحث في مركز “شاتام هاوس” للدراسات إلى أن الجنسية البريطانية سبق ونزعت من مواطنين انضموا إلى صفوف تنظيم “داعش”. ويقول “بما أن ذلك حصل لأشخاص غير ذوي شهرة… فالشيء نفسه يمكن أن يحصل في حالة أسماء الأسد”.
ورأى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الإثنين أنه “من المبكر جداً” طرح هذه المسألة.
ولدت أسماء الأسد في لندن العام 1975 لوالدين سوريين هما طبيب القلب فواز الأخرس والدبلوماسية المتقاعدة سحر العطري. وأقامت لفترة طويلة في منطقة أكتون في غرب العاصمة. ولا تزال عائلة الأخرس تملك منزلاً في هذه المنطقة بحسب وسائل الإعلام البريطانية.
ارتادت أسماء مدرسة ابتدائية محلية حيث كانت تطلب أن ينادى عليها باسم إيما، قبل أن تنضم إلى مدرسة “كينغز كوليدج” الخاصة العريقة.
ونالت شهادة من جامعة “كينغز كوليدج” في المعلوماتية والأدب الفرنسي وتوجهت إلى عالم المال وعملت مع مصرفي “دويتشه بنك” و”جاي بي مورغن”. وارتبطت بعلاقة مع بشار الأسد في نهاية التسعينات.
وتزوجا بعد أشهر قليلة بعدما خلف والده في الرئاسة في يوليو (تموز) 2000.
في دمشق جسدت أسماء التي تنتمي إلى الطائفة السنية فيما زوجها من الطائفة العلوية، في تلك الفترة رمزاً للحداثة، محدثة تغيراً جذرياً في دور السيدة السورية الأولى بعدما بقيت أنيسة والدة بشار الأسد بعيدة عن الأضواء عندما كان زوجها رئيساً.
أنجب الزوجان ثلاثة أطفال هما صبيان وابنة. وقد نال نجلهما البكر قبل فترة قصيرة شهادة بالرياضيات من جامعة موسكو.
في مايو (أيار) الماضي، أعلنت الرئاسة السورية أن أسماء الأسد مصابة باللوكيميا بعدما عولجت من سرطان الثدي بين العامين 2018 و2019.
فقدت حظوتها
في وسائل الإعلام الغربية أطلق على أسماء الأسد المعروفة بحبها للملابس والأحذية الفاخرة بـ”ليدي دي العرب”. وقد استضافت في دمشق مشاهير من أمثال براد بيت وأنجلينا جولي واستُقبلت بحفاوة في الخارج قبل أن تفقد حظوتها هذه في الغرب مع دعمها الراسخ لزوجها منذ الحراك الاحتجاجي على حكمه والقمع الذي تلاه ما أغرق البلاد في حرب أهلية في العام 2011 تطورت إلى نزاع معقد.
وكانت مجلة “فوغ “الأميركية، أطلقت عليها لقب “وردة الصحراء” قبل أن تسحب هذا المقال من موقعها الإلكتروني بعد بدء النزاع.
وتنتقد أسماء الأسد على صمتها إزاء القمع.
ويتهمها منتقدوها بالإثراء غير المشروع بفضل المنظمة الخيرية “الأمانة السورية للتنمية” التي أسستها وكانت تتلقى غالبية التمويلات الواردة من الخارج. وتحكمت مع زوجها بأجزاء واسعة من الاقتصاد السوري مستخدمة أسماء مستعارة على ما يفيد موقع “سيريا ريبورت” الإخباري.
في العام 2020 فرضت عليها عقوبات أميركية إلى جانب والديها وشقيقيها واعتبرها وزير الخارجية الأميركي في تلك الفترة “من أكبر المستفيدين من الحرب في سوريا”.
——————————–
قوات “سوريا الديمقراطية” توضح سبب انسحابها من منبج
الأربعاء، 11 ديسمبر / كانون الأول 2024
أعلنت قوات”سوريا الديمقراطية” (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة، الثلاثاء، انسحابها من مدينة منبج، بالقرب من الحدود مع تركيا في شمال سوريا.
وقال قائد “قسد” التي يقودها الأكراد، مظلوم عبدي، إنه “بينما واصل المقاتلون مقاومتهم في المدينة، توصلوا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار من خلال وساطة أمريكية، ووافقوا على الانسحاب”.
ويأتي هذا بعد أن قال مدير سد تشرين، الواقع بالقرب من منبج، لشبكة CNN ، إن تركيا شنت هجوما على السد، الثلاثاء، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي وأثار مخاوف بشأن انهيار السد.
وكذلك قالت هيئة الطاقة التابعة للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إن طائرات بدون طيار تركية استهدفت سد تشرين، مما جعله “خارج الخدمة ويهدد المنطقة بالفيضانات وفقدان السد بالكامل”.
قد يهمك أيضاً
المعارضة السورية تعلن “السيطرة” على دير الزور.. ومصدر كردي يعلق
وتحاول CNN الوصول إلى الحكومة التركية للتعليق.
وقال عبدي إن قواته ستواصل حماية السد الاستراتيجي الواقع على نهر الفرات.
وفي الوقت نفسه، قُتل مدنيان على الأقل، أحدهما طفل يبلغ من العمر 12 عاما، بعد أن هاجمت جماعة مسلحة مدعومة من تركيا قرية كردية في سوريا، وفقا لما ذكرته قوات سوريا الديمقراطية في بيان.
وقال المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي إن طائرة بدون طيار مقاتلة تركية تديرها “الجيش السوري الحر” المدعوم من تركيا هاجمت قرية الجعدة، التي تقع القرية غرب مدينة كوباني بالقرب من الحدود التركية تقع تحت سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”.
يذكر أن قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة إلى حد كبير من المقاتلين الأكراد تتكون من مجموعة تُعرف باسم “وحدات حماية الشعب”، والتي تعتبر منظمة “إرهابية” من قبل تركيا.
وتحتل القوات الكردية شمال شرق البلاد، بعد أن حققت حكما ذاتيا خلال عقد من الحرب الأهلية، وتخشى هذه القوات أن يتعرض حكمها الذاتي الآن للتهديد من جانب قوات المعارضة.
سي ان ان
——————-
مستشار مقرب من أوساط اتخاذ القرار الروسي: جرت اتصالات عاجلة بين موسكو وأنقرة وطهران لوقف هجوم المعارضة السورية والتحرك نحو حوار سياسي، لكن القرار بالمضي في العملية كان قد اتُّخذ
«لم يكن هناك خيار آخر، كان على الرئيس بشار الأسد أن يتخذ قراراً سريعاً بإطلاق مبادرة سياسية تفتح باب الحوار مع المعارضة وتستبق انطلاق عملية (ردع العدوان)». هذا كان جوهر «النصيحة» العاجلة التي قدمتها روسيا للرئاسة السورية.
بعد انطلاق الهجوم الذي «توفرت لموسكو معلومات دقيقة حول توقيته وحجمه وأهدافه كان الوقت قد تأخر، وسرعان ما اتُّخذ القرار في موسكو بترتيب خروج آمن يضمن عدم انجرار البلاد نحو حرب طائفية مدمِّرة كانت نتائجها ستكون كارثية»، وفقاً للمستشار رامي الشاعر، المقرب من أوساط اتخاذ القرار الروسي.
وقال الشاعر لـ«الشرق الأوسط» إن «المعطيات التي توافرت لدى موسكو حول الإعداد لهجوم واسع النطاق، دفعتها إلى التحرك العاجل قبل 48 ساعة من بدء الهجوم على أكثر من محور، وتم من خلال (قنوات مختصة) إبلاغ السلطات السورية بأنه (سيتم التقدم من قوات تابعة للفصائل المسلحة باتجاه حلب ومنها نحو مدن سورية أخرى)».
ووفق الشاعر، «جرت اتصالات عاجلة عبر قنوات ساخنة مع الطرفين التركي والإيراني، وكان الهدف منها محاولة وقف العملية والاتجاه نحو تحريك حوار سياسي، لكن سرعان ما تبين لموسكو أن (القرار النهائي قد اتُّخذ والفصائل لن تتراجع عن شن الهجوم)».
حاضنة شعبية وشرح الشاعر أنه بالنسبة إلى موسكو «كان القرار صعباً بسبب أن المعطيات الاستخباراتية المتوفرة أكدت أن الأمر لا يتعلق فقط بدرجة الإعداد للهجوم من جانب الفصائل، بل بوجود حاضنة شعبية واسعة النطاق، تؤيد هذا التحرك، ووفقاً لتلك المعطيات فإنه (في حال حصول تقدم واسع النطاق فإن نحو 80 في المائة من السوريين سوف يدعمونه بقوة)».
وينقل المستشار المقرب من أوساط اتخاذ القرار الروسي لـ«الشرق الأوسط» أنه في هذه الظروف، وفي محاولة لاستباق تداعيات واسعة «تركزت النقاشات الروسية – التركية – الإيرانية على آليات تفادي وقوع اقتتال مدمر، أُضيف إلى ذلك أن معطيات موسكو أكدت وجود حالة تذمر واسعة داخل الجيش السوري بسبب الوضع العام، وبدرجة أعلى بسبب تردي الأحوال المعيشية للضباط والعسكريين».
وأوضح أن «هذه الظروف دفعت مركز صنع القرار في روسيا إلى اتخاذ قرار (بُني بالدرجة الأولى على ضرورة عدم السماح بتدهور واسع قد يسفر عن حرب أهلية طاحنة، لذلك تم إجراء اتصال مباشر مع الأسد وإبلاغه بأن (كل المعطيات تشير إلى أن البلاد مقبلة على كارثة كبرى، ويجب تسريع عملية إطلاق مبادرة فورية تضع مقدمات لحل يقوم على الحوار)». ولكن وفقاً للشاعر فإن «الأسد لم يتجاوب للأسف بالسرعة المطلوبة».
ويشرح الشاعر: «في هذا الوقت كانت قوات المعارضة قد تقدمت بالفعل باتجاه حلب، وتابعنا تجاوب الأهالي الواسع، واضطرار قطعات الجيش إلى الانسحاب تدريجياً مما سمح بإحكام السيطرة على المدينة المهمة».
سحب الجيش والخروج الآمن مع هذا التطور والانهيار السريع الذي «كان متوقعاً من جانب موسكو لدفاعات النظام والقوات الحليفة» باتت المخاوف تتركز على انتقال الهجوم إلى المدن المجاورة ووضع هدف السيطرة على حمص بالدرجة الأولى على رأس أولويات التحرك، وفق تقييم الشاعر.
وقال الشاعر إن موسكو «طلبت من الأسد في هذه المرحلة إعطاء أوامر للجيش بالانسحاب من القطعات وعدم الانخراط في مواجهة عسكرية». وأكد أن هذا الطلب «تم تنسيقه مع الجانبين التركي والإيراني».
وفسَّر الشاعر موافقة إيران على هذا السيناريو بالقناعة بـ«ضعف الدفاعات السورية وضرورة عدم إشعال مواجهة ستفضي إلى مجزرة ولا تسمح للنظام بالصمود».
وزاد أنه «في هذه المرحلة بدا واضحاً أن الأمور خرجت عن سيطرة النظام، خصوصاً مع إحكام الطوق حول حمص، وفي هذا الوقت كانت التحضيرات متسارعة لعقد الاجتماع الثلاثي لمجموعة آستانة في الدوحة على المستوى الوزاري. وتم في هذه المرحلة الاتصال بالأسد وتقديم ضمانات أمنية له ولكل أفراد عائلته بخروج آمن، مع تأكيد أهمية عدم إبداء مقاومة وتوجيه تعليمات للقطاعات العسكرية، وإعلان بيان التنحي عن منصبه».
وقال الشاعر إن «موافقة الأسد جاءت بعد مرور ساعات معدودة على تلقيه الاقتراح، لكنها كانت ساعات مليئة بتطورات ميدانية». موضحاً أن وزير الدفاع أصدر أوامر للجيش والفروع الأمنية التابعة للمؤسسة العسكرية بعدم المقاومة، وتوجيه الضباط والجنود لالتزام بيوتهم وخلع البزات العسكرية والتحول إلى ملابس مدنية.
في أثناء الحوار في الدوحة، في الليلة التي سبقت سقوط النظام، جرى التركيز على الدور الذي يمكن أن تقوم به مجموعة آستانة لمساعدة سوريا في الوضع الجديد الناشئ.
ورأى الشاعر أنه عملياً وبفضل تلك التحركات «تم تفادي سقوط سوريا في مواجهة طائفية طاحنة، وتحول الوضع إلى حرب أهلية واسعة النطاق».
وقال إن «هذه المرة الثانية التي تنقذ موسكو فيها سوريا (…) المرة السابقة عندما كان المسلحون على أبواب دمشق المحاصَرة وكان يمكن لولا التدخل الروسي العاجل أن تدمر المدينة وأن يقتل في المواجهات ما لا يقل عن مليون نسمة من سكانها».
واعتبر أن نظام التهدئة ووقف الاقتتال الذي أسهمت «مجموعة آستانة» في بلورته كان يهدف إلى منح الوقت اللازم لانضاج «العامل الذاتي» لدى الحكومة والمعارضة في سوريا لإطلاق عملية الحوار السوري – السوري الجدي، والبدء في مرحلة الانتقال إلى نظام حكم جديد يلبي طموحات السوريين.
وانتقد الشاعر تأخر النظام السوري في التعامل بجدية مع مسار حقيقي للتسوية السياسية، مشيراً إلى «تفهم سبب نفاد صبر المعارضة المسلحة، وإطلاقها التحرك العسكري بهذا الشكل».
منح اللجوء لا يعني استمرار البقاء في السياق، قال الشاعر إن موسكو «اتخذت القرار بمنح اللجوء للأسد في إطار تجاوبه مع مطلب عدم المقاومة، وإصدار أوامر بعدم مواجهة الهجوم من جانب المعارضة». وأوضح الشاعر أن «المهم بالنسبة إلى روسيا أنه تم بالفعل تفادي اقتتال مدمر كان يمكن أن يستمر طويلاً ويقوض البلاد». لافتاً إلى أن موسكو تدرك أن غالبية الشعب السوري ربما تكون مستاءة من خطوة منح اللجوء للأسد وأفراد عائلته، لكن «نحن على ثقة بأنه مع التغييرات التي تجري في سوريا والانتقال تدريجياً نحو وضع مستقر، سوف يتفهم السوريون دوافع هذا القرار»، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن «منح اللجوء حالياً للأسد لا يعني انه سيبقى في موسكو».
وحول آلية تنفيذ قرار منح اللجوء، قال الشاعر إنه «تم الاتصال بالأسد عبر القناة المباشرة وجرى لقاء شخصي مباشر معه قُدمت خلاله تأكيدات بالضمانات بخروج آمن له ولكل أفراد عائلته». مشيراً إلى أن «الأسد نُقل على متن طائرة مباشرة من دمشق إلى موسكو».
في هذا السياق انتقد الشاعر بشدة تصريحات مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيننا ميخائيل أوليانوف، الذي قال قبل يومين إن قرار منح اللجوء جاء بسبب أن «روسيا لا تتخلى عن حلفائها خلافاً لواشنطن»، وقال الشاعر إن هذا التعليق إن صحَّ نسبه إلى الدبلوماسي الروسي فإنه «غير مسؤول ولا ينسجم مع الحقيقة وتطورات الموقف التي قادت إلى اتخاذه».
وأضاف الشاعر أن «هذا الإجراء ليس حماية للأسد من ملاحقات، بل جاء في إطار ترتيب تهدئة عاجلة وضرورية تحقن الدماء في سوريا»، ونوه إلى أن أوليانوف «سوف يتحمل مسؤولية إطلاق تصريح لا يعبر عن الموقف الروسي».
———————————
بروكسل تدعو السوريين لعدم تكرار السيناريوهات العراقية والليبية والأفغانية المرعبة
الأربعاء، ١١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤
بروكسل (بلجيكا): حذّرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الثلاثاء من التحدّيات الهائلة التي تواجهها العملية الانتقالية الجارية في سوريا بعد سقوط الرئيس بشار الأسد، مناشدة السوريين عدم تكرار السيناريوهات المرعبة التي حدثت في كل من العراق وليبيا وأفغانستان.
وقالت كالاس خلال جلسة استماع أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل نحن أمام حدث تاريخي وعلينا أن نهنّئ الشعب السوري على تحرّره .
وأضافت لكنّ هذا التحوّل يمثّل أيضا تحدّيات هائلة لسوريا والمنطقة .
وأوضحت أنّ هناك مخاوف مشروعة بشأن أعمال العنف بين جماعات دينية، وعودة التطرف، والفراغ السياسي .
وتابعت علينا أن نتجنّب تكرار السيناريوهات المرعبة في العراق وليبيا وأفغانستان .
ودعت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية إلى حماية حقوق جميع السوريين، بما في ذلك حقوق الأقليات ، مشدّدة على ضرورة الحفاظ على وحدة أراضي سوريا واحترام استقلالها وسيادتها .
وقدّمت كالاس دعمها الكامل لغير بيدرسن، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا.
وكان بيدرسن قال الثلاثاء إنّ هيئة تحرير الشام التي قادت الهجوم العسكري الخاطف الذي أطاح بالأسد، ينبغي أن تقرن بالأفعال الرسائل الإيجابية التي أرسلتها حتى الآن إلى الشعب السوري.
وأسفر النزاع في سوريا عن مقتل نحو 500 ألف شخص، وأجبر نحو نصف السكان على النزوح أو اللجوء إلى الخارج.
(أ ف ب)
————————
“الخوذ البيضاء” تستعين ب”وسيط” لإلزام الأسد بتسليم خرائط سجن صيدنايا
الأربعاء، ١١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤
أعلن الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء”، الثلاثاء، إرسال طلب للأمم المتحدة لمطالبة روسيا الضغط على بشار الأسد بشأن سجن صيدنايا.
وكتب مدير الدفاع المدني رائد الصالح على حسابه في منصة (إكس)، بأن “الخوذ البيضاء” أرسلت عبر وسيط دولي طلبا للأمم المتحدة للضغط على الأسد بشأن تسليم خرائط وقوائم المعتقلين في سجن صيدنايا.
وأكد، أن الهدف من ذلك، هو الوصول إلى المعتقلين بـ”أسرع وقت ممكن”.
أعلن الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء”، الثلاثاء”، انتهاء عمليات البحث عن معتقلين محتملين في زنازين وسراديب سرية غير مكتشفة داخل سجن صيدنايا، دون العثور على زنازين وسراديب سرية لم تفتح بعد.
ويضم سجن صيدنايا آلاف الأشخاص الذين اعتقلهم نظام بشار الأسد، وسط اعتقاد بأن بعضهم لم يتمكن من الخروج مع مئات المعتقلين خلال اليومين الماضيين، نظرا لوجودهم في مواقع محكمة الإغلاق، وفق روايات ذوي المفقودين والأهالي.
يُعتقد أن صيدنايا كان يُستخدم بشكل رئيسي لاحتجاز المعتقلين السياسيين والمعارضين. ويعرف السجن بسمعة سيئة بسبب التعذيب الوحشي والإعدام الجماعي.
———————–
رئيس آلية التحقيق الأممية: الآن فقط باتت الأدلة متاحة. قاعات السجون تفيض بأطنان المستندات التي قد تكشف حجم الفظائع المرتكبة بسوريا
الأربعاء، ١١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤
يأمل محققون أمميون يجمعون منذ سنوات أدلّة توثّق الفظائع المرتكبة في سوريا أن يتيح لهم سقوط بشار الأسد الوصول أخيراً إلى ما يشكّل بالنسبة إليهم «مسرح الجريمة».
وفي مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» بعد سقوط بشار الأسد في نهاية الأسبوع الماضي، أكّد روبرت بوتي الذي يدير منذ مطلع عام 2024 مجموعة المحققين الأمميين «التغيّر العميق» الحاصل بعدما «باتت الأدلّة في سوريا أخيراً متاحة».
كلّفت الآلية الدولية المحايدة المستقلة التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) 2016، وتتّخذ في جنيف مقرّاً بالمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة، وفق تصنيف القانون الدولي، المرتكَبة في الجمهورية العربية السورية منذ مارس (آذار) 2011.
وصرّح بوتي: «بات من الآن جليّاً أن كمّيات كبيرة من الأدلّة موجودة»، مشيراً إلى تسجيلات مصوّرة للسجون التي تفرغ من نزلائها تظهر «قاعات مملوءة بأطنان من المستندات».
ورأى هذا المدّعي والحقوقي الكندي أن «كمّية كبيرة من المعلومات ستصبح في المتناول».
لكن بعد نحو 14 عاماً من الحرب الأهلية التي أودت بحياة أكثر من 500 ألف شخص، فتح هجوم «هيئة تحرير الشام» وفصائل مسلّحة حليفة لها مرحلة محفوفة بعدم اليقين في سوريا.
وفي خلال 8 سنوات، جمع الأعضاء الـ82 في الآلية الدولية المحايدة المستقلة كمّيات كبيرة من الأدلّة على الفظائع التي ارتُكبت في سوريا اختُزلت في 283 تيرابايت من البيانات، وفق ما كشف بوتي.
وبالنسبة إلى مجموعة المحققين هذه الذين تصفهم الأمم المتحدة بـ«ميسّري العدالة»، حان الوقت «لبدء مواجهة حالة الإفلات من العقاب المعمّمة» في سوريا، حيث جرى «قصف مستشفيات واستخدام أسلحة كيميائية وتعذيب منهجي في السجون التي تديرها الحكومة وعنف جنسي وقائم على النوع الاجتماعي معمّم وحتّى إبادة جماعية».
وأكّد بوتي أن «القائمة شاملة من المجازر إلى استخدام الأسلحة الكيميائية، من الاستعباد إلى الإبادة الجماعية»، و«لا يحدّها سوى خيال مرتكبي هذه الأفعال الذي بات ينمو للأسف على ما يبدو مع نموّ الوسائل في متناولهم».
«صون الأدلّة»
استُخدمت الأدلّة التي جمعتها الآلية الأممية في نحو 230 تحقيقاً أجري في السنوات الأخيرة في 16 ولاية قضائية، أبرزها بلجيكا وفرنسا والسويد وسلوفاكيا.
غير أن السلطات السورية لم تسمح يوماً للمحققين الأمميين بالدخول إلى أراضيها.
لكن سقوط بشار الأسد قد يغيّر المعادلة.
وأوضح بوتي قائلاً: «إنه مسرح الجريمة، وإذا ما تسنّى لنا الوصول إليه، قد تتغيّر المعادلة بالنسبة إلينا»، مشدّداً على ضرورة «صون الأدلّة» في الوقت الحالي.
ولفت إلى أن المجتمع المدني السوري يتمتّع بدراية وخبرة جيّدة في سبل حفظ البيّنات، وضمان استخدامها في سياق ملاحقات قضائية.
ولهؤلاء الذين ليس لهم باع طويل في هذا الخصوص، نشرت الآلية «دليل استخدام» على موقعها الإلكتروني يوضّح بعض المسائل الأساسية، مثل ضرورة حفظ الأدلّة في موقع آمن والحدّ من عدد الجهات التي تتعامل معها إلى أقلّ قدر ممكن، وتحديد سلسلة الحيازة بوضوح.
وأعرب بوتي عن استعداد الآلية لتقديم الدعم للعدالة السورية والمحكمة الجنائية الدولية، إذا ما اتّخذت تدابير للسماح لها بتولّي هذا الملفّ، إذ إن سوريا لم تصادق بعد على المعاهدة الخاصة بالمحكمة.
وفي الحالتين، فإن المحققين الأمميين مستعدون لتقديم يد العون، بحسب بوتي الذي شدّد على ضرورة أن يكون المسعى إلى تحقيق العدالة عنصراً محورياً من مستقبل سوريا، وإلا «فلن يكون أساس البناء متيناً».
———————————
مطالبات بمحاكمة الأسد على جرائم ضد الإعلام في #سوريا
الأربعاء، ١١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤
طالبت منظمة “مراسلون بلا حدود” بمحاسبة الرئيس النظام المخلوع بشار الأسد أمام القضاء على خلفية مقتل عشرات الصحفيين في سوريا، مشيرة إلى استمرار تعرض الصحفيين المحتجزين للخطر حتى الآن.
وأوضح جوناثان داغر، رئيس مكتب الشرق الأوسط في المنظمة، في بيان، أن النظام السوري وحلفاءه مسؤولون عن مقتل وإعدام أكثر من 180 صحفياً منذ العام 2011، بالإضافة إلى تعذيب وسجن مراسلين في سجون النظام، مما جعل سوريا واحدة من أسوأ الدول في العالم من حيث حرية الصحافة.
وأكد البيان: “نطالب بمقاضاة بشار الأسد على جرائمه. يجب تحقيق العدالة لجميع ضحايا هذه الانتهاكات التي طال انتظارها”.
قوات الأسد قتلت 161 صحفيا وأشارت المنظمة إلى أنه منذ انطلاق الثورة السورية في العام 2011، قتلت قوات الأسد 161 صحفياً، في حين لقي 17 صحفياً مصرعهم في غارات جوية نفذتها روسيا، الحليف الرئيسي للنظام.
وقالت إن البيئة الإعلامية في سوريا ما زالت تشكل خطراً كبيراً، حيث تواصل الفصائل المسلحة، بما فيها هيئة تحرير الشام، ارتكاب انتهاكات بحق الصحفيين.
وذكرت أن هيئة تحرير الشام مسؤولة أيضا عن مقتل ستة صحفيين واختطاف ثمانية آخرين بين عامي 2012 و2019.
وتابعت أن انتهاكات الفصائل المعارضة الأخرى في المناطق الخاضعة لسيطرتها تزيد من خطورة العمل الإعلامي، داعية إلى محاسبة كافة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين.
كما كشفت المنظمة عن إطلاق سراح صحفيتين عقب إطاحة الأسد وهروب قواته، إحداهما كانت محتجزة منذ يونيو/حزيران 2024، والأخرى منذ عام 2009.
ومع ذلك، لا يزال 23 صحفياً محتجزين في السجون السورية، بينما يُعتبر عشرة آخرون في عداد المفقودين، من بينهم سبعة اختطفتهم قوات الأسد، وفقا لما أوردته وكالة فرانس برس.
————————-
“مراسلون بلا حدود” تطالب بمحاسبة الأسد على انتهاكاته بحق الصحافيين في سوريا
الأربعاء، ١١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤
طالبت منظمة “مراسلون بلا حدود” بمحاسبة الرئيس النظام المخلوع بشار الأسد أمام القضاء على خلفية مقتل عشرات الصحافيين في سوريا، مشيرة إلى استمرار تعرض الصحافيين المحتجزين للخطر حتى الآن.
وأوضح جوناثان داغر، رئيس مكتب الشرق الأوسط في المنظمة، في بيان، أن النظام السوري وحلفاءه مسؤولون عن مقتل وإعدام أكثر من 180 صحافياً منذ العام 2011، بالإضافة إلى تعذيب وسجن مراسلين في سجون النظام، مما جعل سوريا واحدة من أسوأ الدول في العالم من حيث حرية الصحافة.
وأكد البيان: “نطالب بمقاضاة بشار الأسد على جرائمه. يجب تحقيق العدالة لجميع ضحايا هذه الانتهاكات التي طال انتظارها”.
قوات الأسد قتلت 161 صحفي وأشارت المنظمة إلى أنه منذ انطلاق الثورة السورية في العام 2011، قتلت قوات الأسد 161 صحافياً، في حين لقي 17 صحافياً مصرعهم في غارات جوية نفذتها روسيا، الحليف الرئيسي للنظام.
وقالت إن البيئة الإعلامية في سوريا ما زالت تشكل خطراً كبيراً، حيث تواصل الفصائل المسلحة، بما فيها هيئة تحرير الشام، ارتكاب انتهاكات بحق الصحافيين.
وذكرت أن هيئة تحرير الشام مسؤولة أيضا عن مقتل ستة صحافيين واختطاف ثمانية آخرين بين عامي 2012 و2019.
وتابعت أن انتهاكات الفصائل المعارضة الأخرى في المناطق الخاضعة لسيطرتها تزيد من خطورة العمل الإعلامي، داعية إلى محاسبة كافة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق الصحافيين.
كما كشفت المنظمة عن إطلاق سراح صحافيتين عقب إطاحة الأسد وهروب قواته، إحداهما كانت محتجزة منذ يونيو/حزيران 2024، والأخرى منذ عام 2009.
ومع ذلك، لا يزال 23 صحافياً محتجزين في السجون السورية، بينما يُعتبر عشرة آخرون في عداد المفقودين، من بينهم سبعة اختطفتهم قوات الأسد، وفقا لما أوردته وكالة فرانس برس.
————-
أسماء الأسد… من زوجة رئيس إلى منسقة اقتصاد النظام. تتحكم بالمساعدات والخدمات في سوريا، وتصف نفسها ب«الديكتاتور الحقيقي» في بريدٍ مسرّب
الأربعاء، ١١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤
وفق إحصاءٍ لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية صادرٍ في 2023، فإنّ 90 بالمئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر. ليست عائلة الأسد حتماً من بين هؤلاء، إذ قدّرت وزارة الخارجية الأميركية ثروة الرئيس السوري السابق وعائلته بمبلغٍ يتراوح ما بين مليار ومليارَي دولار.
مثلما حرص بشار الأسد وأنسباؤه على توسيع تلك الثروة خلال سنوات حُكمهم الطويل، تنبّهوا كذلك إلى ضرورة توزيعها بحنكة.
دائماً وفق الخارجيّة الأميركية، فإنّ السوادَ الأعظم من تلك الأموال الكثيرة محفوظٌ ضمن حساباتٍ مصرفية في بلادٍ تُعرف بالملاذات أو «الجنّات» الضريبية. استثمر آل الأسد كذلك في شراء العقارات خارج سوريا، كما أسسوا شركاتٍ وهميّة، وابتاعوا الكثير من الذهب.
هذا ما خفيَ عن العيون، أما ما ظهر فكانت التطوّرات المتسارعة في دمشق خلال اليومَين الأخيرَين، كفيلةً بنزع الستارة عنه؛ بدءاً بالقصور الشاسعة، مروراً بأسطول السيارات الفارهة، وليس انتهاءً بالأثاث المنزلي الباهظ.
الدكتور الذي لا يحب الدم
في تقريرٍ نشرته صحيفة «تلغراف» البريطانية، يُحكى أنّ الدكتور بشار الأسد اختار التخصّص في طب العيون بدل الجراحة، لأنه لم يتحمّل يوماً رؤية الدماء. ويشير وثائقي أعدّته عنه قناة «بي بي سي» البريطانية عام 2018، إلى أنه كان يميل للدرس والإطّلاع العلمي، ولم تَعنِه السياسة ولا شؤون العسكر. خلال دراسته الجامعية في لندن، كان شاباً خجولاً يغرق في الكُتُب وفي موسيقى فيل كولنز ونصري شمس الدين.
أما عندما قرّر القدَر أن يصبح رئيساً لسوريا عام 2000 خلَفاً لوالده حافظ الأسد، فقد دخل على الناس بصورته المتواضعة تلك. غالباً ما شوهدَ في مطلع ولايته الرئاسية، وهو يتناول الغداء أو العشاء في مطاعم دمشق الشعبية. في تلك الآونة، آثرَ أن يُمضي وقته بين الشعب وليس بين جدران «قصر الشعب».
لكنّ الزمن كان كفيلاً بتبديل تلك الصورة. خلال سنوات حُكمه الـ24، بدا الأسد وعائلته أكثر تمسُّكاً بأسلوب عيشٍ قائمٍ على البذخ والرفاهية. حتى في ظلّ الحرب الطويلة، لم يتخلّوا عن اهتماماتهم المكلفة ولا عن مشترياتهم الباهظة.
من «قصر الشعب» إلى ناطحات السحاب
قبل أيامٍ من سقوط نظامه، غادرت زوجة الأسد، أسماء، برفقة أولادهما الثلاثة حافظ وزين وكريم إلى العاصمة الروسية. لم ينتقلوا من المطار إلى غرفةٍ في فندق ولم يقلقوا بشأن سكَنِهم. في موسكو وحدها، كانت عشرون شقة فخمة بانتظارهم.
يبدو أنّ آل الأسد أعدّوا خطة استباقيّة لإقامةٍ طويلة في روسيا، فاشتروا 20 شقة شاسعة لهم ولأقرب أعوانهم بقيمةٍ تتراوح ما بين 30 و40 مليون دولار، وفق منظمة Global Witness الدولية المناهضة للفساد. تقع غالبية تلك الشقق في أفخم ناطحات سحاب موسكو، التي لا تقطنها سوى النُّخَب الثرية. ووفق المعلومات المتداولة، فإنّ مقرّ إقامة عائلة الأسد الحالي هو مجمّع The City of Capitals (مدينة العواصم)، حيث معظم منازلهم الجديدة.
إذا كان الوصول إلى معلومات حول ممتلكات الأسد وأمواله من سابع المستحيلات في الماضي، بسبب حذره الشديد من العقوبات الدولية، فإنّ المستور بدأ يتكشّف مع تهاوي قصوره الدمشقيّة.
بسرعةٍ وجدت العائلة في موسكو بديلاً عن دمشق، ومن المعروف أنّ ابن الأسد البكر، حافظ، مقيمٌ في العاصمة الروسية منذ سنوات، حيث بات يتقن اللغة ويتابع تخصّصه في الرياضيات في جامعة موسكو.
السيّدة الأولى… بالـshopping
لم يأتِ افتتانُ أسماء الأسد بالمال من عدم، فالسيّدة السورية الأولى السابقة كانت مصرفيّة متخصصة في مجال الاستثمار، قبل أن تتزوّج وتنتقل من لندن إلى دمشق. لم تُثنها المسؤوليات العائلية الجديدة عن حرفتها الرئيسية، فهي استأنفت نوعاً جديداً من الاستثمار.
بدأت بما تحبه غالبية النساء عادةً، أي بشراء الملابس والأحذية والحقائب والمجوهرات الموقّعة من مصمّمين عالميين. تشهدُ على ذلك عشرات علب المصاغ الفارغة التي عُثر عليها في القصر المهجور، وأكياس العلامات التجارية الباهظة مثل «لويس فويتون» التي ظهرت في فيديوهات اقتحام منزل الأسد.
انتقلت أسماء الأسد لاحقاً إلى مستوىً آخر من التسوّق، فباتت تُنفق مئات آلاف الدولارات على الأثاث والديكور المنزلي الفاخر، وعلى التُّحَف النادرة. في عام 2012، وبينما كانت الحرب مشتعلة في البلاد، سرّبت وثائق «ويكيليكس» أنّ السيّدة المولعة بالبذخ، اشترت حذاءً مرصّعاً بالكريستال بقيمة 7 آلاف دولار، وأنفقت 350 ألف دولار على ديكور قصور العائلة.
في الآونة ذاتها، وبالتزامن مع أول شهور الحرب السورية، نُشرَت مقابلةٌ معها في مجلّة «فوغ» الأميركية حملت عنوان «وردةٌ في الصحراء». مدحت الصحافية التي أعدّت التقرير آنذاك، «عائلة الأسد المعروفة بديمقراطيتها وبتركيزها على القيَم العائلية»، كما تحدّثت عن «ثنائيٍ عصريّ يُمضي إجازاته في أوروبا وهو على معرفة بمشاهير هوليوود». أما أسماء فوُصفت بأنها «الأكثر جاذبيةً وأناقةً وبريقاً من بين زوجات الرؤساء».
أثارت تلك الإطلالة حفيظة السوريين وغضبهم، هم الذين كانوا يلمّون أشلاء ذويهم، ويبحثون عن زاويةٍ يلجأون إليها في هذا العالم. فما كان من رئاسة تحرير «فوغ» سوى سحب تلك المادّة، ومحو كل أثرٍ لها عن شبكة الإنترنت، إضافةً إلى التخلّي عن خدمات الصحافية التي أجرت اللقاء مع أسماء الأسد.
«أنا الديكتاتور الحقيقي»
من الـshopping المكلف والظهور على أغلفة المجلّات العالمية، انتقلت السيّدة الأولى إلى استثماراتٍ جديدة فوجدت ضالّتها في الحرب.
مع بدء الأحداث الدامية في سوريا، تسلّمت أسماء الأسد دفّة اقتصاد النظام الحاكم. ووفق تقرير نشرته «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» العام الماضي، فهي وجدت نفسها على رأس شبكة من اللجان والجمعيّات الممسكة بزمام الشؤون الاجتماعية والمالية، من التحكّم بخدمات الإنترنت مروراً بتوزيع الحصص الغذائية، وصولاً إلى وضع اليد على المساعدات الخارجية. في الأثناء، كانت تحرص على استيراد مستحضرات التجميل والمنتجات الصحية والغذائية الخاصة بها من الخارج.
لعبت أسماء الأسد دوراً كبيراً في كواليس الحرب، وهي أطلقت بنفسِها اسماً على ذاك الدور. ففي بريدٍ إلكتروني سرّبته وثائق «ويكيليكس» عام 2012، مازحت أسماء صديقةً لها كاتبةً: «أنا هي الديكتاتور الحقيقي».
——————————
بعد سقوط الأسد، يأمل محققون أمميون في الوصول إلى «مسرح جريمة» بسوريا لجمع الأدلة على الجرائم المروعة المرتكبة منذ 2011، بما في ذلك قصف المستشفيات، والتعذيب، واستخدام الأسلحة الكيميائية
الأربعاء، ١١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤
يأمل محققون أمميون يجمعون منذ سنوات أدلّة توثّق الفظائع المرتكبة في سوريا أن يتيح لهم سقوط بشار الأسد الوصول أخيراً إلى ما يشكّل بالنسبة إليهم «مسرح الجريمة».
وفي مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» بعد سقوط بشار الأسد في نهاية الأسبوع الماضي، أكّد روبرت بوتي الذي يدير منذ مطلع عام 2024 مجموعة المحققين الأمميين «التغيّر العميق» الحاصل بعدما «باتت الأدلّة في سوريا أخيراً متاحة».
كلّفت الآلية الدولية المحايدة المستقلة التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) 2016، وتتّخذ في جنيف مقرّاً بالمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة، وفق تصنيف القانون الدولي، المرتكَبة في الجمهورية العربية السورية منذ مارس (آذار) 2011.
وصرّح بوتي: «بات من الآن جليّاً أن كمّيات كبيرة من الأدلّة موجودة»، مشيراً إلى تسجيلات مصوّرة للسجون التي تفرغ من نزلائها تظهر «قاعات مملوءة بأطنان من المستندات».
ورأى هذا المدّعي والحقوقي الكندي أن «كمّية كبيرة من المعلومات ستصبح في المتناول».
لكن بعد نحو 14 عاماً من الحرب الأهلية التي أودت بحياة أكثر من 500 ألف شخص، فتح هجوم «هيئة تحرير الشام» وفصائل مسلّحة حليفة لها مرحلة محفوفة بعدم اليقين في سوريا.
وفي خلال 8 سنوات، جمع الأعضاء الـ82 في الآلية الدولية المحايدة المستقلة كمّيات كبيرة من الأدلّة على الفظائع التي ارتُكبت في سوريا اختُزلت في 283 تيرابايت من البيانات، وفق ما كشف بوتي.
وبالنسبة إلى مجموعة المحققين هذه الذين تصفهم الأمم المتحدة بـ«ميسّري العدالة»، حان الوقت «لبدء مواجهة حالة الإفلات من العقاب المعمّمة» في سوريا، حيث جرى «قصف مستشفيات واستخدام أسلحة كيميائية وتعذيب منهجي في السجون التي تديرها الحكومة وعنف جنسي وقائم على النوع الاجتماعي معمّم وحتّى إبادة جماعية».
وأكّد بوتي أن «القائمة شاملة من المجازر إلى استخدام الأسلحة الكيميائية، من الاستعباد إلى الإبادة الجماعية»، و«لا يحدّها سوى خيال مرتكبي هذه الأفعال الذي بات ينمو للأسف على ما يبدو مع نموّ الوسائل في متناولهم».
«صون الأدلّة»
استُخدمت الأدلّة التي جمعتها الآلية الأممية في نحو 230 تحقيقاً أجري في السنوات الأخيرة في 16 ولاية قضائية، أبرزها بلجيكا وفرنسا والسويد وسلوفاكيا.
غير أن السلطات السورية لم تسمح يوماً للمحققين الأمميين بالدخول إلى أراضيها.
لكن سقوط بشار الأسد قد يغيّر المعادلة.
وأوضح بوتي قائلاً: «إنه مسرح الجريمة، وإذا ما تسنّى لنا الوصول إليه، قد تتغيّر المعادلة بالنسبة إلينا»، مشدّداً على ضرورة «صون الأدلّة» في الوقت الحالي.
ولفت إلى أن المجتمع المدني السوري يتمتّع بدراية وخبرة جيّدة في سبل حفظ البيّنات، وضمان استخدامها في سياق ملاحقات قضائية.
ولهؤلاء الذين ليس لهم باع طويل في هذا الخصوص، نشرت الآلية «دليل استخدام» على موقعها الإلكتروني يوضّح بعض المسائل الأساسية، مثل ضرورة حفظ الأدلّة في موقع آمن والحدّ من عدد الجهات التي تتعامل معها إلى أقلّ قدر ممكن، وتحديد سلسلة الحيازة بوضوح.
وأعرب بوتي عن استعداد الآلية لتقديم الدعم للعدالة السورية والمحكمة الجنائية الدولية، إذا ما اتّخذت تدابير للسماح لها بتولّي هذا الملفّ، إذ إن سوريا لم تصادق بعد على المعاهدة الخاصة بالمحكمة.
وفي الحالتين، فإن المحققين الأمميين مستعدون لتقديم يد العون، بحسب بوتي الذي شدّد على ضرورة أن يكون المسعى إلى تحقيق العدالة عنصراً محورياً من مستقبل سوريا، وإلا «فلن يكون أساس البناء متيناً».
——————————-
“مذبحة” سفن بحرية سورية في ميناء اللاذقية
الأربعاء، ١١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤
اشتعلت النيران بهياكل سفن حربية سورية غمرتها المياه جزئياً في ميناء اللاذقية الثلاثاء بعد ساعات على ضربات جوية وبحرية إسرائيلية.
وشنت إسرائيل مئات الضربات على سوريا منذ سقوط رئيس النظام السابق بشار الأسد الأحد الماضي. وأكد الجيش الإسرائيلي أنه هاجم من الجو والبحر “غالبية مخزونات الأسلحة الاستراتيجية في سوريا، خشية سقوطها بيد عناصر إرهابية”، وقال إنها وصلت إلى 480 ضربة خلال يومين.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أحصى أكثر من 300 غارة على كل أنحاء سوريا خلال الأيام الأخيرة. وأفاد بأن “طائرات حربية إسرائيلية” ألحقت أضراراً ليل الإثنين بنحو 10 سفن تابعة للبحرية وأصابت أهدافاً عسكرية أخرى، بما في ذلك “مركز البحوث العلمية” في برزة في دمشق ومستودعات للجيش في ميناء اللاذقية ومحيطه.
وأوضح الجيش الإسرائيلي أن سفناً حربية هاجمت الإثنين “بصورة متزامنة موقعين تابعين للبحرية السورية في مرفأ المينا البيضا ومرفأ اللاذقية حيث كانت ترسو فيهما 15 قطعة بحرية تابعة للبحرية السورية”، مشيراً إلى أن “من بين الأهداف عشرات صواريخ بحر بحر”.
وفي الميناء، ارتفع عمود من الدخان الرمادي الداكن فوق ثلاث سفن حربية في الأقل تعود للحقبة السوفياتية، مزوّدة مدافع رشاشة وقاذفات صواريخ، كانت جزءاً من أسطول البحرية السورية.
اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتقع اللاذقية الساحلية في غرب سوريا، وهي ضمن المنطقة حيث تتركز الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد. لكن بعد سيطرة الفصائل المعارضة، أُسقط تمثال لحافظ الأسد، والد بشار، كان ينتصب فيها.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس لدى تفقده قاعدة بحرية رئيسة في حيفا إن “الجيش الإسرائيلي عمل في سوريا خلال الأيام الأخيرة لضرب وتدمير القدرات الاستراتيجية التي تهدد دولة إسرائيل. وقد نفذت البحرية الليلة الماضية عملية لتدمير الأسطول السوري بنجاح كبير”.
وتابع “أحذر هنا قادة المعارضة في سوريا من أن أي شخص يحذو حذو الأسد سينتهي كما انتهى الأسد”. وأضاف “لن نسمح لكيان إرهابي متطرف بالعمل ضد إسرائيل خارج حدوده، مما يعرض مواطنيه للخطر”.
وأوضح كاتس أنه مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أصدرا تعليمات للجيش “بإقامة منطقة خالية تماماً من السلاح والتهديدات الإرهابية في جنوب سوريا من دون وجود إسرائيلي دائم”، لافتاً إلى أن الهدف من إنشاء المنطقة هو “منع الجماعات الإرهابية من تنظيم نفسها في سوريا”.
ولاحقاً، حذر نتنياهو القادة الجدد لسوريا من السير على خطى الرئيس السابق بشار الأسد ومن السماح لإيران “بإعادة ترسيخ” وجودها في البلاد.
وقال نتنياهو في بيان عبر الفيديو من تل أبيب، “إذا سمح هذا النظام لإيران بإعادة ترسيخ وجودها في سوريا، أو سمح بنقل أسلحة إيرانية أو أي أسلحة أخرى إلى حزب الله ، أو إذا هاجمنا، فسنرد بقوة، وسندفعه ثمناً باهظاً”، مضيفاً أن “ما حل بالنظام السابق سيحل بهذا النظام”.
———————–
هدنة في منبج و”قسد” تبدأ الانسحاب من ريف دير الزور
11 ديسمبر 2024
في وقت تتسارع الأحداث في سورية بعد إسقاط رئيس النظام السوري بشار الأسد، يترقب العالم التطورات الداخلية والخارجية التي من شأنها أن تؤثر على مجريات التحول السياسي داخل البلاد، خصوصاً في ظل تعيين حكومة انتقالية، فيما تتواصل الدعوات من الدول العربية والأجنبية إلى ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية واحترام استقلالها وسيادتها على أراضيها وضمان حماية الشعب السوري وحقن دماء أبنائه.
وأعلن الناطق باسم غرفة العمليات المشتركة لمعركة “ردع العدوان” المقدم حسين عبد، أمس الثلاثاء، أن قوات المعارضة السورية المسلحة سيطرت على كامل مدينة دير الزور الواقعة في شرق البلاد، بعدما تضاربت الأنباء عن سحب “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) قواتها من مدينة دير الزور تحت ضغط التظاهرات الشعبية التي طالبت بدخول قوات المعارضة إليها. وفي وقت سابق، قال الناشط الإعلامي في دير الزور أبو عمر البوكمالي إن أرتالاً عسكرية لـ”قسد” بدأت بالانسحاب من مدينة دير الزور باتجاه حقل العمر والبصيرة، فيما أعلن القيادي في مجلس هجين العسكري، المدعو أبو الحارث الشعيطي، الثلاثاء، انشقاقه عن “قوات سوريا الديمقراطية” ودعمه الكامل لغرفة العمليات العسكرية في عملية “ردع العدوان” التي تقودها “هيئة تحرير الشام”.
وتوازياً، قال القائد العام لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) مظلوم عبدي إن قواته توصلت إلى اتفاق مع قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا لوقف إطلاق النار في مدينة منبج بشمال البلاد بوساطة أميركية “حفاظاً على أمن وسلامة المدنيين”، مضيفاً أنه “سيتم إخراج مقاتلي مجلس منبج العسكري، الذين يقاومون الهجمات منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، من المنطقة في أقرب وقت”.
من جهة أخرى، أعلن الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، الثلاثاء، أنه قدم طلباً إلى الأمم المتحدة للحصول على خرائط بمواقع السجون السورية من الرئيس المخلوع بشار الأسد، الذي فرّ الأحد مع دخول فصائل المعارضة إلى العاصمة دمشق وإعلانها إسقاط حكمه. وأعلن جهاز “الخوذ البيضاء”، أمس الثلاثاء، انتهاء عمليات البحث عن معتقلين محتملين في زنازين وسراديب سرية غير مكتشفة داخل سجن صيدنايا من دون العثور على أي زنازين وسراديب سرية لم تفتح بعد. غير أنّ الكثير من العائلات لا تزال مقتنعة بأنّ عدداً كبيراً من أقربائها محتجز في سجون سرية تحت الأرض.
إلى ذلك، قال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي جون فاينر إن واشنطن ما زالت تعمل على كيفية التعامل مع الجماعات التي أطاحت بشار الأسد، مضيفاً أنه “لا تغيير رسمياً في السياسة تجاه أي من هذه الجماعات وتصنيف هذه الجماعات سيكون بناء على ما تفعله لا على ما تقول إنها ستفعله”، وقال إن غرض الضربات الأميركية على تنظيم داعش هو “إرسال رسالة”، فيما رد على سؤال عما إذا كانت القوات الأميركية في سورية ستبقى، بـ”نعم”، وأكد أن واشنطن لديها مصالح كبيرة في سورية وستعبر عنها للأطراف المعنية على النحو المطلوب، معتبرا أن الدول على الحدود مع سورية لديها قلق مبرر إزاء تطورات الأحداث.
وفي خضم هذا كله، تشن الطائرات الإسرائيلية، خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، غارات كثيفة على مواقع عسكرية سورية، وترافق ذلك مع توغل بري في القطاعين الأوسط والشمالي من محافظة القنيطرة. ووفقاً لمصادر “العربي الجديد” في القنيطرة، فإن القوات البرية تجاوزت مسافة تزيد عن خمسة كيلومترات على طول الشريط الحدودي مع الجولان، وصولاً إلى مناطق وبلدات في القنيطرة القديمة، ومدينة البعث، ورسم الرواضي وخان أرنبة، في القطاع الأوسط، وإلى أطراف بلدات عين التينة وحضر في القطاع الشمالي.
————————
“بلومبيرغ”: روسيا دفعت الأسد إلى الفرار بعدما خلصت إلى أنه خسر الحرب
11 ديسمبر 2024
شرحت وكالة بلومبيرغ الأميركية، اليوم الأربعاء، كيف تحرّكت روسيا لإنقاذ حليفها بشار الأسد قبل إسقاط نظامه، الأحد، على يد المعارضة السورية، لافتة إلى أن الكرملين تحرّك لإنقاذ الأسد بعدما خلص إلى أنه لم يعد بوسعه أن يفعل أي شيء لدعم نظامه.
وقالت الوكالة، نقلاً عن مصدر مقرّب من الكرملين مطلع على الوضع، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يطالب بمعرفة سبب عدم اكتشاف أجهزة الاستخبارات الروسية للتهديد المتزايد لحكم الأسد إلا بعد فوات الأوان. من جهتهم، لفت 3 أشخاص مطلعين على الوضع، طالبين عدم الكشف عن هوياتهم، إلى أن روسيا أقنعت الأسد بأنه سيخسر المعركة ضد مسلحي هيئة تحرير الشام، وعرضت عليه وعلى عائلته ممراً آمناً إذا غادر فوراً. ولفت مصدران إلى أنّ عملاء الاستخبارات الروسية نظموا عملية الهروب، ونقلوا رئيس النظام المخلوع جواً عبر قاعدة روسيا الجوية في سورية. وقال أحد المصدرين إنه تم إيقاف تشغيل جهاز الإرسال والاستقبال في الطائرة لتجنب تعقبها.
وذكرت الوكالة أن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف لم يردّ فوراً على طلب للتعليق، فيما لم يتحدث بوتين علناً بعد عن سقوط النظام السوري. وفي السياق، وصف رئيس مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات في موسكو، وهو مركز أبحاث متخصص في الدفاع والأمن، رسلان بوخوف، ما حصل بأنه محاولة للحدّ من الأضرار، لافتاً إلى أنه من المنطقي للغاية أن تطلب روسيا من الأسد الاستسلام، “لأنها تريد تجنّب حمام دم يلقى فيه الأسد مصير الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي نفسه، أو مصير الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي أُعدم شنقاً عام 2006 بعد محاكمته”.
سيرغي ريابكوف خلال لقاء في موسكو، 14 نوفمبر 2024 (فرانس برس)
إلى ذلك، تحدثت صحيفة ذا تايمز البريطانية عن أنه من المرجح أن يقضي آل الأسد بعض وقتهم على الأقل في أبراج براقة في “موسكو سيتي”، وهي منطقة أعمال تقع غربي العاصمة الروسية، حيث تمتلك العائلة الكبرى ما يصل إلى 20 شقة.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف قد قال لشبكة “إن بي سي نيوز”، في مقابلة بثت أمس الثلاثاء، إنّ روسيا نقلت رئيس النظام المخلوع إلى موسكو بشكل آمن للغاية بعد الإطاحة به في هجوم خاطف شنته قوات المعارضة. وقال الكرملين، يوم الاثنين، إنّ الرئيس فلاديمير بوتين اتخذ قراراً بمنح الأسد حق اللجوء في روسيا.
وقال ريابكوف لـ”إن بي سي”، وفقاً لنص منشور على موقع الشبكة الإلكتروني: “هو آمن، وهذا يظهر أنّ روسيا تتصرف كما هو مطلوب في مثل هذا الموقف الاستثنائي”. وأضاف أنه لن يوضح “ما حدث وكيف تم حلّ الأمر”. وعندما سُئل عما إذا كانت موسكو ستسلم الأسد ليمثل للمحاكمة، قال ريابكوف “روسيا ليست طرفاً في الاتفاقية التي أسست المحكمة الجنائية الدولية”.
—————————
رئيس الوزراء السوري الجديد يدعو السوريين في الخارج إلى العودة
11 ديسمبر 2024
دعا البشير السوريين الذين فروا خلال أعوام الثورة إلى العودة
البشير: حقوق كل الناس وكل الطوائف في سورية ستكون مضمونة
دعا رئيس الحكومة الانتقالية في سورية محمد البشير السوريين الذين فروا من البلاد خلال أعوام الثورة السورية إلى العودة لوطنهم عقب إسقاط المعارضة لنظام الرئيس بشار الأسد، وذلك في مقابلة مع صحيفة إيطالية نشرت اليوم الأربعاء. وقال البشير لصحيفة كورييري ديلا سيرا: “أناشد كل السوريين في الخارج: سورية الآن بلاد حرة استحقت فخرها وكرامتها. عودوا”، مشدداً على أن “حقوق كل الناس وكل الطوائف في سورية” ستكون مضمونة. وتفرّق الملايين من السوريين في أنحاء العالم بين لاجئ وفار، في ظلّ القمع الذي مارسه النظام السوري خلال سنوات الثورة.
وقال البشير للصحيفة الإيطالية إن “تصرفاً خاطئاً من قبل بعض المجموعات الإسلامية دفع بالكثيرين، خصوصاً في الغرب، إلى الربط بين المسلمين والإرهاب، والإسلام والتطرف”. وشدد في المقابلة المنشورة باللغة الإيطالية على أنّ “جوهر الإسلام، وهو دين العدل، تمّ تحويره. لأننا إسلاميون بالتحديد، سنضمن حقوق كل الناس وكل الطوائف في سورية”. وأضاف “لا مشكلة لدينا مع أي كان، مع أي دولة، حزب أو طائفة، نأت بنفسها عن نظام الأسد المتعطش للدماء”.
محمد البشير.. رئيس الوزراء السوري المكلف بترتيب العملية الانتقالية
وفي مبنى رئاسة مجلس الوزراء في دمشق، مقر الحكومة السورية، أعلن محمد البشير المكلف برئاسة الحكومة السورية الانتقالية حتى أول مارس/ آذار 2025، مباشرة أعماله، ليكون رئيساً لأول حكومة بعد سقوط نظام بشار الأسد، الذي هرب خارج البلاد يوم الثامن من الشهر الحالي.
ويأتي تكليف البشير بعد اجتماعات مكثفة بين الأجهزة الحكومية السابقة، وقادة المعارضة، لا سيما مسؤولي حكومة الإنقاذ، وآخرها كان الاجتماع الذي جرى بمقر مجلس الوزراء في منطقة كفر سوسة بحضور جميع وزراء الحكومة السابقة والحكومة الجديدة.
(فرانس برس، العربي الجديد)
—————————
هروب الأسد في الفسبكات: لبنان وقلق النصر وقتل الأب(4)
المدن
الأربعاء 2024/12/11
ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بسقوط بشار الأسد وهروبه. هنا بعض الفسبكات والتغريدات حول الحدث وأهميته في التاريخ الحديث، بعد الجزء الأول، والثاني، والثالث، هنا الرابع:
زياد خداش
أين أنت يا مي سكاف؟ يا سوريا الجديدة الجميلة.
اتتذكرين يوم قلت لي ونحن نجلس مع اخلد نواس في محترف الرمال باللويبدة – عمان قبل عشر سنوات: أيها الفلسطيني اليائس ذات نهار مشع وحر سأعزمك على مقهى “سان بول” في دمشق القديمة. قلت لك: يا له من حلم جميل لكنه ثقيل يا مي. هأنذا جاهز للعزومة يا مي. أين انت؟ سأذهب إلى هناك وأجلس وحدي بانتظارك ولن أدفع حسابي. سأقول للنادل: حسابي مدفوع لسنوات، دفعته مي سكاف من غربتها ووجعها ودمها. رحمك الله.
شربل روحانا
تصلنا مشاهد مرعبة على مراحل من سجون النظام السوري المخلوع. إن شعوري العميق بالألم لا يعادل يوماً واحداً مما قضاه السجناء في تلك الزنازين الجهنمية، فكيف لو أنهم قضوا فعلاً عقوداً في القبور حيث كانوا نصف أموات؟
لقد دُعيت مراراً وتكراراً منذ العام 2005 لإقامة حفلات في سوريا، وأذهلتني جرأة وشجاعة بعض الشباب والشابات الذين كانوا يكشفون مدى وحشية النظام. لم أصدق يومها أنهم معارضون حقيقيون، ظننت أنهم ربما من المخابرات يحاولون الإيقاع بي وبفرقتي الموسيقية المرافقة. وتبين لي أن بعض الشكوك آثم. حتى أن بعضهم دعاني إلى افتتاح مقهى ثقافي أطلقوا عليه اسم “لشو التغيير” تيمناً باسم أغنيتي. لكنهم اضطروا إلى تغيير الاسم بعد فترة وجيزة من الافتتاح. أعتذر منكم أصدقائي، لأني لم أصدق معارضتكم إلا بعدما دفعتم استقراركم وأحياناً حياتكم ثمناً لحريتكم. لا أدري ماذا سيحدث في سوريا أو لبنان بعد اليوم؟ لكن عقلي لا يستطيع أن يتخيل بشاعة ورعباً أكثر مما حصل منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى 8/12/2024، وهو التاريخ الذي أتمنى من كل قلبي أن يكون بداية جديدة للشعبين الشقيقين السوري واللبناني.
صلاح شعيب
وقت استضافتي بصيدنايا كان مجرد سجن نهائي للمعتقلين السياسيين يللي أولريدي قطعوا مرحلة التحقيق والتعذيب، المجد كان للأفرع الأمنية، فلسطين، التحقيق العسكري والمنطقة وقبلن للمسلخ العظيم سجن تدمر، كنت بتمنى يطلع في طوابق سفلية بصيدنايا رغم إني بعرف إنو ما في غير الإنفرادي سفلي، بهيداك الوقت، كانوا المجهولين بالطابق الثالث هني الإخوان، بالطابق التاني بعثيين وجبهة عربية، بالأول فتح وشيوعيين سوريين، المضحك بالموضوع إنو كان ضروري تقسيم المساجين لأن بينن عداوات ومذابح.
نور حريري
يصف الإعلام ما حدث في يوم 8 ديسمبر بأنه حدث تاريخي غير مسبوق. أضيف إلى ذلك: هو حدث نفسي غير مسبوق. حدث بالمعنى التحليلي النفسي، صدمة هزتنا جميعًا بأشكال مختلفة ودرجات مختلفة، وثقبت شبكة العلاقات النفسية في دواخلنا التي كانت تنتج المعنى الذي نبني وجودنا عليه.
وربما يكون هذا الحدث أهم وأقوى وأقسى حدث نفسي في حياة السوريين، على اختلاف مواقعهم وآرائهم وأساليب تفكيرهم اليوم.
حدث يخترق كياننا، ويهدِّم جميع الأساسات التي بُنيَت عليها الذات السورية، جميع القيم والمعايير والمفردات، جميع المخاوف والمعتقدات، يُتلِف الذائقة الجمالية والحواس، يُزعزع كل خلية في الجسد وكل فكرة في الرأس، ويُعيد تشكيلنا من جديد، لكن من دون ضمانات أو حلول مؤكدة أو فورية.
بعضنا مأخوذ بنشوة النصر، وبعضنا الآخر بدأ يشعر بالصدمة ويسأل: ماذا الآن؟ ما أنا ومَن أنا؟ هل أعود؟ هل أغادر؟ هل لي دور في سورية الجديدة؟
بعضنا يتمسك باللحظة السعيدة ولا يستطيع أن يشعر الآن بأي خوف، وبعضنا الآخر لا يشعر إلا بالخوف ولا يركز إلا على التهديدات الوشيكة.
بعضنا يحرق العلم الأحمر الذي رافق وجود النظام البائد ويتزين بالأخضر، وبعضنا الآخر يناشد بالقول: أرجوكم لا تحرقوا علمي، هذا ليس للنظام، اتركوا لي العلم الأحمر وحسب، وهو بذلك يقول: دعوني أعيش بما بقي لدي، اتركوا شيئًا لأناي، اتركوا شيئًا أستطيع أن أفهمه.
بعضنا قادر على الهدم ببساطة، ذلك الذي فقد كل شيء، وبعضنا لا يستطيع أن يهدم، فهدم النظام يعني هدم ذاته التي تشكّلت عليه.
وعلى الرغم من أن السعادة تغمر جميع الناس بهذا الحدث، فإن كثيرًا من الأشخاص يسألون: هل يذهب بهذه البساطة؟ هل يختفي بهذه السخافة؟
هذا العدو الذي عشنا طويلًا نتغذى على كراهيته، أو حبّه، بيختفي هيك؟؟!! أسخف فيلم هوليوودي يسمح لنا بأن نشاهد نهاية العدو وهو يتعذب ويتلقى المحاكمة التي تليق بأفعاله وجرائمه، فهل يختفي عدونا هكذا؟
مَن العدو الآن؟ أو مَن الأب (بالمعنى التحليلي النفسي) الآن؟ مَن نكره الآن؟ أو مَن نحبّ؟ مَن يملأ هذه الفجوة في نفوسنا؟ بعضنا يملأ هذه الفجوة بكراهية الآخر وجعله العدو الجديد أو بتقديس رمز جديد، وبعض آخر يملأ الفجوة بالحب والعمل والبناء والتفكير في المسنقبل.
لكن هناك، وراء هذه الشاشات، مَن لا صوت له، ولا وجه له، ولا طاقة له، وهو أجرأ وأشجع مني ومنك، لأنه لا يستطيع أن يملأ هذه الفجوة، وأن يعيد تشكيل ذاته بهذه البساطة، لا يستطيع أن يكره تمامًا، ولا يستطيع أن يحبّ تمامًا. لا يستطيع أن يضع لنفسه عدوًا جديدًا أو رمزًا جديدًا للتقديس ليكتسب منه معنى لوجوده، هذا الذي أجَّل حزنه طويلًا، وكتم صرخته طويلًا..
في التحليل النفسي يُسمى هذا النوع من الاكتئاب والحزن بالميلانخوليا، أي الحزن غير المكتمل ومتعذّر الحلّ، الحزن الذي سببه الفقد، لكن الفقد نفسه قد فقد موضوعه. تصفه جوديث بَتلر بأنه رغبة في الحزن وعدم القدرة على الحزن، ويسميه هيغل بفقد الفقد.
على الرغم من ذلك كله، أرى أن هذه الصدمة، بأشكالها كافة، هي أهم صدمة في حياتنا، ستسمح لنا بأن ننتج معنى جديدًا لوجودنا وأن نفكر في تعريفات جديدة، بعيدًا عن القوالب الجاهزة، للوطن والوطنية والكرامة والقضايا الصغرى والكبرى، وعلينا أن نتلقاها بقوة وشجاعة وصدر رحب.
الرحمة لأرواح الشهداء، والسلامة والقوة لنا جميعًا.
لا أحب كلمة “تسامح”، و”حبوا بعضكم ووو”..
أميل إلى كلمة “فهم” أو حتى “تفّهم”.
إن لم يفهم واحدنا الآخر، فليتفهّمه.
مصطفى أحمد
لقد فعلنا كل ما يمكن فعله ورحبنا بسقوط النظام في سوريا وبالإفراج عن المعتقلين من السجون السورية… اعتقد ان ما حصل هو كل ما كنت انتظر حصوله بالنسبة إلي، ولا اتوقع اكثر من ذلك، ولن أتحسر على شيء، نظراً لطبيعة التغيرات التي حصلت وسرعتها، وللقوى الداخلية والخارجية المشاركة في حدوثها. هناك مخاض عسير وصعب وطويل ينتظر سوريا وشعبها، ونأمل ان ينتهي على خير.. طبعا هناك مسؤولية كبيرة يتحملها النظام البائد في ما حصل، وفي ما سيحصل مستقبلاً بفعل اساليبه وممارساته طيلة 54 عاما.
واقول بهذه المناسبة ان كل ما علينا فعله الآن وفي كل أوان، هو العودة الى بلدنا جميعاً، وتمتين وحدته الوطنية، والاهتمام بمعالجة مشاكله السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية… الخ، وما اكثرها، هذا من جهة، واتخاذ كل التدابير الضرورية لحماية حدودنا الشمالية والشرقية بواسطة الجيش اللبناني من دون اي شريك له، واذا امكن توسيع صلاحية قوات اليونيفيل لتشمل هذه الحدود أيضاً، وذلك لغرض درء المخاطر السلبية المنتظر ان نتعرض لها، وما اكثرها ايضاً، من جهة ثانية.
جمال نعيم
دمّرت إسرائيل 80% من أسلحة النظام الاستراتيجية. النظام احتفظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبيْن طيلةَ 55 سنة ولم يستعمل هذه الأسلحة. قمع شعبه بحجة “الرد”! قتل الملايين وهجّر الملايين واعتقل مئات الآلاف وبقي محتفظًا بحق الرد على أمل البقاء في السلطة! لكنّه خسر السلطة وخسر الشعب وخسر الأسلحة التي اشتراها من مال الشعب بغية إقامة نوعٍ من التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل! هذا هو النظام الذي يبكي عليه كثيرون من أيتامه!
رشا عمران
بعيدا الآن عن المزاح والاحتفالات والمخاوف وغيرها. أظن ما يلزم الآن هو عودة النخب السياسية والمثقفين ورجال الاعمال والصناعيين وغيرهم ونشطاء المجتمع المدني والكوادر الشابة لعقد مؤتمر وطني في داخل سوريا. كل ما يحدث في الخارج سوف يبقى خارجا. لا نريد معارضة خارجية الآن. البلد للجميع والسوريون في داخل سوريا عانوا بما يكفي. مهما كانت معاناتنا نحن سوف تكون بمثابة النعيم أمام جحيم ما عانوه. أقصد ان على مظلومية المنفى أن تتوقف الآن. دعونا “لا نبكي غدا بلدا أضعناه اليوم”. الثورة الحقيقية بدأت الآن بالمناسبة.
—————————-
ماذا سُرق من المصرف المركزي السوري؟
لم ينهب اللصوص الخزائن الرئيسية في مصرف سوريا المركزي، خلال الاضطرابات التي حدثت لفترة وجيزة في العاصمة دمشق، بعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، بحسب ما قالت 3 مصادر وقائد أعمال في سوريا، لوكالة “رويترز”.
واستولت المعارضة السورية على دمشق دون مقاومة، أول من أمس الأحد، عقب تقدم خاطف أجبر الأسد على الفرار إلى روسيا، بعد حرب أهلية استمرت 13 عاماً، وحكم عائلة الأسد الاستبدادي الذي دام أكثر من خمسة عقود.
سرقة بعض النقود
وقال رئيس غرفة تجارة دمشق باسل الحموي، إن السلطات أكدت له أن اللصوص سرقوا بعض النقود من مبنى المصرف المركزي، لكن أيديهم لم تصل إلى الخزائن الرئيسية. ولم تتضح المبالغ المحفوظة في الخزائن.
وأضاف الحموي أن “أهم نقطة بالنسبة للمصرف المركزي هي أن المبالغ التي كانت داخل المصرف، ما زالت كما هي”. وأضاف أن “المبالغ الموجودة داخل المصرف المركزي، جرى تسليمها اليوم للحكومة الجديدة”.
ونقلت “رويترز” عن مصدرين آخرين على اتصال بمسؤولين من المصرف المركزي، أنهما أُخطرا أيضا بأن اللصوص الذين نزلوا إلى شوارع دمشق في الساعات التالية لإلقاء الجيش السوري أسلحته، لم يفتحوا الخزائن الرئيسية.
الاحتياطات موجودة
وقال مصدر آخر مقرب من هيئة تحرير الشام، بعد أن اجتمع مع محافظ المصرف المركزي، إن جميع الاحتياطيات موجودة في المصرف.
وقالت مصادر إن حاكم المصرف منذ 2021، محمد عصام هزيمة، ونائبته ميساء صابرين، لا يزالان يعملان داخل مبنى المصرف.
ولم يصدر المصرف المركزي بيانات الاحتياطيات النقدية منذ أكثر من عقد ولم يتضح حجم الاحتياطات الموجودة تحت تصرفه. وأحجم صندوق النقد الدولي عن التعليق على موقف سوريا، رغم أنه يجمع بيانات عن أصول البنوك المركزية حول العالم.
وتشير آخر تقديرات صادرة عن صندوق النقد الدولي ومجلس الاحتياطي الاتحادي، في مدينة سانت لويس بولاية ميزوري، إلى أن إجمالي الاحتياطيات الدولية في سوريا بلغ 18.5 مليار دولار، في 2010، قبل الحرب الأهلية.
وذكر مجلس الذهب العالمي أن المعدن النفيس، شكّل 12 في المئة من احتياطيات مصرف سوريا المركزي، في حزيران/يونيو 2011، وهو ما يصل إلى 25.8 طن من الذهب.
وشوهد موظفو المصرف اليوم، خلال عودتهم إلى العمل في المبنى الكبير وسط العاصمة دمشق، وهم مصطفون عبر البوابات الأمنية خلف أبواب الدخول الخاضعة للحراسة.
—————————–
واشنطن تضع شروطها للاعتراف بحكومة البشير في سوريا
الأربعاء 2024/12/11
تعهّد وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، بالاعتراف بالحكومة السورية الجديدة ودعمها “بشكل كامل”، شرط تحقيق 4 مبادئ أساسية.
يأتي ذلك بينما تدرس واشنطن رفع هيئة “تحرير الشام”، من قائمة “الإرهاب”، فيما كشفت وزارة الدفاع عن زيارة أجراها قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا إلى سوريا.
شروط واشنطن
وقال بلينكن في بيان، إن الولايات المتحدة “ستعترف وتدعم بشكل كامل” الحكومة السورية الجديدة التي يختارها الشعب السوري، والتي تلتزم بأربعة مبادئ رئيسية، أولها، أن تؤدي عملية الانتقال السياسي إلى “حكم موثوق وشامل وغير طائفي يفي بالمعايير الدولية للشفافية والمساءلة، وبما يتفق مع مبادئ قرار مجلس الأمن الدولي 2254″، مؤكداً أن “واشنطن ندعم بشكل كامل الانتقال السياسي بقيادة سورية”.
وشدد بلينكن على ضرورة التزام الحكومة الجديدة باحترام حقوق الأقليات بشكل كامل بموجب عملية الانتقال السياسي.
واشترط بلينكن بموجب المبدأ الثاني، أن تسهل الحكومة الجديدة تدفق المساعدات الإنسانية إلى كافة المحتاجين إليها، بينما شدد على ضرورة أن تمنع الحكومة “استخدام سوريا كقاعدة للإرهاب أو تهديد جيرانها”، في حين طالب في الشرط الرابع، بـ”ضمان تأمين أي مخزونات للأسلحة الكيماوية أو البيولوجية وتدميرها بأمان”.
وقال بلينكن: “ستعترف الولايات المتحدة وتدعم بشكل كامل الحكومة السورية المستقبلية الناتجة عن هذه العملية. نحن على استعداد لتقديم كل الدعم المناسب لجميع المجتمعات والدوائر المتنوعة في سوريا”.
وتُعد تصريحات بلينكن أول تعهد صريح بالاعتراف من الولايات المتحدة، بعد سقوط نظام بشار الأسد هذا الأسبوع، وإعلان رئيس حكومة “الإنقاذ” التابعة لهيئة تحرير الشام، محمد البشير، أمس الثلاثاء، تسلمه رسمياً حكومة تسيير الأعمال لمدة 3 أشهر.
تحرير الشام
في الأثناء، نقلت شبكة “إن بي سي” عن مسؤولين أميركيين، أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تدرس رفع هيئة تحرير الشام من قائمة الإرهاب. وأوضح المسؤولون أن المناقشات في مراحلها الأولى، وإدارة بايدن تتطلع لرفعها قريباً.
وكانت وسائل إعلام غربية قد كشفت أمس الاثنين، أن الولايات المتحدة وبريطانيا قد تشطبان تحرير الشام من قوائم الإرهاب الخاصة بالبلدين، وذلك بعد أن ساعدت بالإطاحة بنظام الأسد، من خلال قيادتها الفصائل المعارضة في معركة عسكرية.
كوريلا في سوريا
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الجنرال مايكل كوريلا، زار القوات الأميركية المنتشرة في سوريا، والتقى بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، واطّلع على تقييم يتعلق بحماية القوات الأميركية ومنع عودة تنظيم داعش.
وأضافت الوزارة أن كوريلا ناقش خلال زيارة للعراق، الوضع في سوريا، وأكد التزام الولايات المتحدة بـ”أمن” حلفائها في الشرق الأوسط.
وفي السياق، أكد نائب مستشار الأمن القومي الأميركي جون فاينر، أن القوات الأميركية ستبقى في سوريا، مشيراً إلى أن وجودها هناك مرتبط بمهمة هامة يتعين إتمامها، مضيفاً أن إدارة الرئيس بايدن على تواصل مع أعضاء فريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب، وتطلعهم على المستجدات.
——————————
سقوط الأسد يعيد خلط أوراق النفوذ الأجنبي في سوريا
نفوذ تركيا سيزداد على حساب إيران وروسيا.
الأربعاء 2024/12/11
مع الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، بدأت مرحلة جديدة من النفوذ الأجنبي في سوريا حيث كانت إيران أكبر الخاسرين وتركيا الرابح الأول، أما روسيا فمنيت بانتكاسة قد تنهي وجودها العسكري في البلاد والشرق الأوسط ككل.
دمشق – سبّب سقوط الرئيس السوري بشار الأسد صدمة امتدت من إيران إلى روسيا، مرورا بتركيا، ما يعيد خلط خارطة النفوذ الأجنبي في البلاد.
ويطرح الوضع الجديد في سوريا تحديات متعددة بالنسبة للقوى الأجنبية المعنية بشؤون هذا البلد.
إيران أكبر الخاسرين
فقدت طهران برحيل الأسد حليفا أساسيا فيما يعرف بالمحور الإيراني، مما أدى إلى تراجع نفوذها وقدرتها على الحفاظ على شبكتها من الجماعات المسلحة في شتى أنحاء الشرق الأوسط، ولاسيما جماعة حزب الله في لبنان.
وبالنسبة لطهران، كان تحالفها مع الأسد، المنتمي إلى الأقلية العلوية الشيعية في سوريا، حجر الزاوية لنفوذها في منطقة غالبيتها سنية تنظر بعين الحذر لإيران الشيعية.
ووصف علي أكبر ولايتي، كبير مستشاري المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، الأسد وسوريا بـ”الحلقة الذهبية لسلسلة المقاومة في المنطقة.” وأكد أن “هذه السلسلة ستنكسر دون الحكومة السورية وستضعف المقاومة ضد إسرائيل وداعميها.”
ويقول حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات والبحوث حول العالم العربي ودول المتوسط، “من الواضح أن إيران هي الخاسر الأكبر لأن سوريا كانت بمثابة قاعدة خلفية لها”، مشيرا خصوصا إلى تصنيع الأسلحة وارتباطها الجغرافي بالعراق ما يجعلها “نقطة العبور الأهم مع حليفها حزب الله اللبناني” الذي فقد خطا حيويا لإمدادات الأسلحة.
ومنح الأسد إيران ممرا حيويا لشحنات الأسلحة لإعادة بناء قدرات حزب الله. وقال جوناثان بانيكوف، نائب رئيس وكالة المخابرات الوطنية الأميركية السابق لشؤون الشرق الأوسط، إن الإطاحة بالأسد قد تجعل من الصعب على حزب الله معاودة تسليح نفسه، الأمر الذي يزيد من احتمالات نجاح وقف إطلاق النار مع إسرائيل الذي تسنى الاتفاق عليه الشهر الماضي.
وبالإضافة إلى فقدان نفوذها في سوريا، تخشى إيران من تداعيات داخلية، بحسب أنييس لوفالوا من معهد الأبحاث والدراسات حول المتوسط والشرق الأوسط التي قالت إن “سقوط نظام مثل نظام بشار الأسد قد يقلق النظام الإسلامي الذي يواجه معارضة داخلية والذي تم إضعافه جراء القصف الإسرائيلي.”
وترى لوفالوا أن “الحرس الثوري صامد” حتى الآن، لكن ما حدث يمكن أن يعيد الزخم إلى حركة الاحتجاج الشعبية في إيران.
نكسة لروسيا
يشكّل السقوط السريع للرئيس السوري بشار الأسد بعد هجوم مباغت للفصائل المعارضة، نكسة جيوسياسية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين تطرح أسئلة بشأن مستقبل دور موسكو في الشرق الأوسط بعد فقدانها حليفا دعمته سياسيا وعسكريا على مدى أعوام.
وشاهد بوتين عاجزا سقوط حليفه، لكن الكرملين البرغماتي سارع إلى تسليط الضوء على الحاجة إلى إجراء نقاشات مع السلطات الجديدة. واعتبارا من الاثنين الماضي، تم رفع علم المعارضة السورية فوق السفارة السورية في موسكو.
وتشير أنييس لوفالوا إلى أن “الروس يريدون بالتأكيد إنقاذ مصالحهم الإستراتيجية، ومن هنا مد اليد إلى النظام الجديد.”
وتمتلك روسيا التي دعمت الأسد عسكريا في النزاع الأهلي اعتبارا من العام 2015، قاعدة بحرية في طرطوس ومطارا عسكريا في حميميم على الساحل السوري.
ويذكّر حسني عبيدي بأنه “بفضل قاعدتها البحرية، تمكنت روسيا من ترسيخ وجودها في ليبيا ودول الساحل الأفريقي، لذلك بدأت روسيا على الفور مناقشات مع صناع القرار الجدد حول شروط استمرار العلاقة معهم.”
ونقلت وكالتا الأنباء “تاس” و”ريا نوفوستي” عن مصدر في الكرملين مساء الأحد الماضي أن موسكو باشرت الاتصال مع المعارضين السوريين، وأن قادتهم “ضمنوا أمن القواعد العسكرية الروسية والمؤسسات الدبلوماسية على الأراضي السورية.”
واختلف الوضع جذريا بين 2015 و2024: قبل عشرة أعوام، بدأت روسيا التدخل عسكريا في النزاع السوري إلى جانب القوات الحكومية، وأتاحت للجيش السوري تغيير ميزان القوى ميدانيا لصالحه، واستعادة السيطرة على مساحات واسعة من البلاد كانت قد سقطت بيد المعارضة المسلحة أو تنظيمات جهادية.
وسجّل بوتين في سوريا نصرا على حساب الغرب وأعاد روسيا إلى الساحة الدولية من الباب العريض. لكن موسكو لم تحرك ساكنا تقريبا هذه المرة.
وقال مدير مركز تحليل الإستراتيجيات والتقنيات في موسكو رسلان بوخوف “لا تتمتع موسكو بالقوات أو النفوذ أو السلطة الكافية للتدخل (العسكري) بشكل فاعل خارج الاتحاد السوفياتي السابق”، معتبرا أن “الهزيمة بعد حين” كانت أمرا لا مفر منه.
ورأى بوخوف في مقالة نشرتها صحيفة كومرسانت، أن الهجوم “المطوّل” على أوكرانيا الذي بدأته روسيا مطلع العام 2022، وتحشد له مئات الآلاف من الجنود والجزء الأكبر من قدراتها العسكرية “أضعف” قوتها الضاربة.
وعلى الرغم من أن موسكو أكدت في الأول من ديسمبر أنها ستدعم القوات الحكومية السورية في صدّ الهجوم الذي بدأته الفصائل في السابع والعشرين من نوفمبر، فإن الضربات التي وجّهتها قواتها الجوية بقيت محدودة.
واعتبر المحلل السياسي الروسي فيودور لوقيانوف أن “محاولة الإبقاء (على الأسد) كان مصيرها الفشل في أي حال.”
يرى خبراء أنّ سقوط الأسد، عدوّ أنقرة، يعزّز الثقل الإقليمي لتركيا التي باتت تتمتّع بنفوذ متزايد في جارتها الجنوبية، لكنّه بالمقابل يطرح عليها تحدّيات عديدة ليس أقلّها نجاح العملية الانتقالية.
ويقول بول سالم، نائب رئيس معهد الشرق الأوسط ومركزه واشنطن، إنّ “تركيا، باعتبارها الداعم الرئيسي للمعارضين، هي الرابح الأكبر في المنطقة” من سقوط الأسد. لكنّه يشير إلى أنّه في الوقت الذي تغرق فيه سوريا في المجهول، فإنّ “هذا النجاح يحتم (على أنقرة) مسؤولية المشاركة في عملية انتقالية ناجحة.”
وقالت تركيا الأحد على لسان وزير خارجيتها هاكان فيدان إنّها مستعدّة لمساعدة سوريا على “ضمان أمنها” و”بلسمة جراحها”.
وإذ دعا الوزير إلى “انتقال سلس” للسلطة في دمشق، أعرب عن أمله في عودة الملايين من اللاجئين السوريين إلى بلدهم بعدما سقط الأسد.
ويعيش ثلاثة ملايين لاجئ سوري على الأراضي التركية، وهو عدد ضخم غذّى في صفوف الأتراك مشاعر العداء للسوريين.
الولايات المتحدة تخشى من أن يستغل تنظيم الدولة الإسلامية الوضع “لإعادة ترسيخ نفسه” في سوريا
وأما غونول تول، مديرة برنامج تركيا في “معهد الشرق الأوسط”، فتقول من جهتها إنّ “احتمال عودة اللاجئين السوريين سيعزز التأييد” للرئيس رجب طيب أردوغان في الرأي العام التركي.
وترى الخبيرة التركية أنّ على صعيد السياسة الخارجية، فإنّ سقوط الأسد سيعيد خلط الأوراق بين أنقرة وموسكو التي كانت حليفة أساسية لدمشق إلى جانب طهران.
وتوضح تول أنّ “تركيا ستتمتّع بتوازن أفضل للقوى في علاقاتها مع روسيا”، مشيرة إلى أنّ الحرب في سوريا جعلت أنقرة “ضعيفة” أمام موسكو، إذ كانت تخشى حتى الأمس القريب من أن يؤدّي القصف الجوي الروسي على شمال غرب سوريا إلى تدفّق أعداد إضافية من اللاجئين السوريين إلى حدودها.
وبدوره، يقول سونر كاغابتاي، الخبير في “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، إنّه بعد سقوط الأسد فإنّ “نفوذ تركيا في دمشق سيزداد على حساب إيران وروسيا.”
لكنه يعتبر أن التحدّي أمام تركيا اليوم يكمن في مساعدة هيئة تحرير الشام التي قادت الفصائل المعارضة في الهجوم الذي أطاح بالأسد، على “كسب اعتراف دولي” و”التخلّص من روسيا وإيران”.
ويحذّر الخبير من أنّ “الأمر لن ينجح إذا ما تصرّفت تركيا كما لو أنها الحاكم الجديد لسوريا”.
وإلى جانب أصحاب النفوذ الرئيسيين، تركز الولايات المتحدة على خطر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وتخشى الولايات المتحدة من أن يستغل تنظيم الدولة الإسلامية الوضع “لإعادة ترسيخ نفسه” في سوريا، حيث سيطر على مساحات واسعة من الأراضي بين العامين 2014 و2018.
ومع تصميمها على منع تحقق هذا السيناريو، أعلنت القيادة العسكرية الوسطى الأميركية التي تشمل الشرق الأوسط (سنتكوم) أن طائرات تابعة لها نفذت “عشرات الضربات” في وسط سوريا الأحد، مستهدفة “أكثر من 75 هدفا” للتنظيم.
العرب
——————-
المرصد السوري: الميليشيات الإيرانية تخلت عن الأسد بعد معركة حلب
تقارير: الأسد أمر بحل الجيش ورفض خطاب التنحي ساعات قبل مغادرته
إيلاف من دمشق: قالت تقارير إعلامية إن القيادات العسكرية والأمنية لا تزال داخل الأراضي السورية، باستثناء قلة قليلة تمكنت من مغادرة سوريا إلى الخارج.
وقالت مصادر أن بشار الأسد رفض إلقاء خطاب التنحي عن السلطة بعد تسارع الأحداث التي بدأت بسيطرة إدارة العمليات العسكرية بقيادة هيئة تحرير الشام على حلب، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتابع أنه ومع تسارع الأحداث يوم السبت الماضي ورفض الأسد إلقاء خطاب التنحي، غادرت قيادات الجيش والأفرع الأمنية الضباط والمسؤولين من دمشق إلى منازلهم في القرى، خوفا من عمليات تنفيذ اغتيال.
ووفقا للمصادر فإن الأسد كان يعول على دعم إيران، في حين تخلت عنه الميليشيات الإيرانية بعد معركة حلب، كما تخلت عنه روسيا بالمشاركة العسكرية بعد انكسار قوات النظام السابق في حماة.
وكشفت أنه وفي الليلة الأخيرة قبل سقوط النظام تم حل الجيش بأوامر منه بعد الساعة 12 ليل الأحد 8 كانون الأول، ووصل الأمر إلى القطعات العسكرية عبر اللاسلكي بحل الجيش وخلع البزة العسكرية وارتداء اللباس المدني ومغادرة القطعات والثكنات العسكرية.
والثلاثاء، نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، إن بشار الأسد هو بضيافة روسيا، في أول تأكيد حكومي روسي لذلك.
ولفت ريابكوف خلال مقابلة أجرتها معه شبكة “إن بي سي” الأميركية، إلى أن روسيا نقلت الأسد إلى أراضيها “بأكثر الطرق أمانا” مع انهيار حكومته في مواجهة الفصائل المسلحة.
وقال ريابكوف: “إنه (بشار الأسد) آمن، وهذا يظهر أن روسيا تتصرف كما هو مطلوب في مثل هذا الوضع الاستثنائي
———————
مصير ماهر الأسد ومخلوف والحسن.. وتفاصيل الـ 8 ملايين دولار بالسيارة
إيلاف من دمشق: منذ الهجوم الخاطف الذي شنّته “إدارة العمليات العسكرية” وفصائل أخرى معها الأسبوع الماضي، والذي أطاح بالنظام السوري الذي حكم البلاد لأكثر من 50 عاماً، بقي السؤال الأبرز عن مصير عائلة الرئيس السوري بشار الأسد.
ماهر الأسد ورامي مخلوف وسهيل الحسن
فقد أعلنت روسيا أنها منحت الأسد وعائلته حق اللجوء، مشيرة إلى أنه نقل إليها بأمان.
إلا أن شخصيات كماهر الأسد الأخ الأصغر للرئيس السابق، ورامي مخلوف حوت الاقتصاد السوري سابقاً، وسهيل الحسن اللواء الأشهر وغيرهم، tلم يعرف مصيرهم حتى اليوم.
في حين أفادت مصادر بأن الأنباء التي يتم تداولها تشير إلى أن الأسد لم يخبر أحداً بهروبه.
وأضافت أن أهالي مدينة القرداحة التي تنتمي إليها عائلة الأسد، هجموا بعد سقوط النظام على بيوت العائلة حيث تم نهبها وتدمير محتوياتها.
كما لفتت إلى أنه جرى تداول أخبار بشأن خروج ماهر من القاعدة الروسية في حميميم باتجاه العراق، لكنها غير مؤكدة.
وتابعت أن رامي مخلوف اختفى تماما عن الأنظار بعد أن كان محتجزاً في بيته لسنوات بنفس المنطقة دون أن تعرف وجهته.
أما سهيل الحسن، فقالت إنه فر بعد معركة حماة وتحديداً السيطرة على جبل زين العابدين ولم يعرف طريقه حتى اليوم، لافتة إلى أنه لم يشارك في معارك حمص.
شقيق رامي
وتابعت المصادر أن إيهاب مخلوف شقيق رامي الأصغر، قد قتل على يد مسلحين لم تعرف هويتهم، حينما كان في طريقه إلى لبنان هارباً، وتحديدا عن منطقة جديدة يابوس.
كما كشفت أن 8 ملايين دولار كانت بحوزة مخلوف حينما قتل.
الجدير ذكره أن روسيا وفي أول تعليق رسمي حول وضع الرئيس السوري السابق بشار الأسد قبل فراره إلى موسكو، كشف نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، أنه نقل بشكل آمن.”. إلا أنه لم يوضح “ما حدث وكيف تم حل الأمر ونقل الأسد إلى موسكو”.
أما عندما سئل عما إذا كانت موسكو ستسلم الأسد ليمثل للمحاكمة، فرد ريابكوف قائلا إن بلاده “ليست طرفا في الاتفاقية التي أسست المحكمة الجنائية الدولية”.
وكان الكرملين أعلن يوم الاثنين الماضي أن الرئيس فلاديمير بوتين اتخذ قرارا بمنح الأسد حق اللجوء في روسيا.
يذكر أن سقوط الأسد يوم الثامن من ديسمبر بشكل مفاجئ عقب تهاوي الجيش وانسحابه من مواقعه العسكرية في مواجهة الفصائل المسلحة، شكل ضربة كبيرة لإيران وروسيا، اللتين تدخلتا في الحرب الأهلية السورية التي استمرت 13 عامًا من أجل دعم حكمه على الرغم من المطالب الغربية برحيله عن السلطة.
—————————–
بايدن يعزز الجهود لإعادته إلى عائلته
من هو الصحفي الأميركي “المحتجز” في سوريا منذ 12 عاما؟
إيلاف من دمشق: يكثّف مسؤولون أميركيون مساعيهم، للحصول على معلومات عن الصحفي الأميركي أوستن تايس، المحتجز في سوريا منذ أكثر من عقد، خصوصا بعد سقوط نظام بشار الأسد وتحرير السجناء والمعتقلين.
ذكرت وزارة الخارجية الأميركية، الاثنين، أن مبعوث واشنطن لشؤون الرهائن، روجر كارستينز، يزور بيروت في إطار جهود مكثفة للعثور على تايس.
بينما قال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جيك سوليفان، إن مسؤولين آخرين يسعون للحصول على معلومات من أشخاص في سوريا.
من هو تايس؟
أوستن تايس، صحفي أميركي، ولد عام 1981، وينحدر من مدينة هيوستن في ولاية تكساس. اختفى في عام 2012 عندما كان يغطي الحرب الأهلية في سوريا.
عمل لصالح صحيفة واشنطن بوست، ووكالة ماكلاتشي للأنباء، ووكالة الأنباء الفرنسية، ومؤسسات أخرى.
هو أحد خريجي جامعة جورج تاون، وكان قائدا في مشاة البحرية الأميركية، وفقا للمعلومات المتوفرة عنه. حصل على العديد من الجوائز عن تقاريره، بما في ذلك جائزة جورج بولك لتغطية الحروب عام 2012، وفقا لموقع إلكتروني أنشأته عائلته.
تعتقد السلطات الأميركية أن نظام بشار الأسد، احتجز تايس منذ اختفائه، وقد بذلت جهودا مستمرة للتفاوض من أجل عودته إلى الوطن.
تقول شقيقته، أبيغايل تايس أيدا بيرن، في لقاء مع قناة “الحرة”، إنها عكفت وعائلتها على تدقيق النظر في مقاطع الفيديو التي انتشرت لسجناء تم تحريرهم من مختلف سجون النظام السوري بعد سقوط نظام الأسد، بحثا عنه.
آخر ظهور
بعد أكثر من شهر على أسره، ظهر تايس في مقطع فيديو مدته 43 ثانية، وكان رفقة مجموعة مسلحين. ومنذ ذلك الحين، لم تتلق عائلته أي معلومات، لكنها، إلى جانب الحكومة الأميركية، تعتقد أنه ما زال على قيد الحياة.
حظيت قضية احتجازه باهتمام جميع الإدارات الأميركية المتعاقبة على البيت الأبيض.
فبعد أربع سنوات على احتجازه، التقى الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما بوالديه، وكان اللقاء قبيل مغادرته المنصب بفترة قصيرة.
وفي أغسطس 2020، أصدر خلفه، الرئيس دونالد ترامب، بيانا بمناسبة الذكرى الثامنة لاختفاء تايس، دعا فيه إلى إطلاق سراحه من سوريا.
وقال ترامب: “لا توجد أولوية أعلى في إدارتي من استعادة الأميركيين المفقودين في الخارج وإعادتهم”.
وفي مايو 2022، نظم الرئيس جو بايدن اجتماعا مع عائلة تايس بعدما تم تقديم والدته خلال حفل عشاء لمراسلي البيت الأبيض.
وقال مصدر اطلع على المحادثات السرية التي تقيمها إدارة بايدن للوصول إلى الصحفي المحتجز منذ بدء سقوط نظام الأسد، إن آخر تواصل للإدارة مع سوريا بشأن تايس كان قبل شهر تقرييا من سقوط حلب في أيدي قوات المعارضة أواخر الشهر الماضي.
ومؤخرا، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر: “تبذل الولايات المتحدة جهودا مكثفة للعثور على تايس وإعادته إلى عائلته. إننا نضغط على كافة الأطراف في المنطقة لدعم هذا الجهد”.
وقال بايدن، الأحد، إن الحكومة الأميركية تعتقد بأن أوستن على قيد الحياة.
—————————-
شوارع دمشق تسترد الحياة الطبيعية… ورفع حظر التجوال
14:57-11 ديسمبر 2024 م
في الوقت الذي بدأت فيه دمشق تتنفس الصعداء وتسترد مظاهر الحياة الطبيعية، أعلنت إدارة «العمليات العسكرية» التابعة للسلطة الجديدة إلغاء حظر التجول في العاصمة السورية، وطلبت من السكان العودة إلى أعمالهم وأن «يساهموا معنا ببناء سوريا الجديدة».
وبدأت الوحدات الشرطية التابعة لوزارة الداخلية، بتسيير حركة المرور في دمشق، فيما فتحت المحلات أبوابها.
وأظهرت جولة لـ«الشرق الأوسط» في أسواق عدة في دمشق، توافر الخضراوات والفواكه والمواد الغذائية مع انخفاض في الأسعار يبلغ 10 في المائة عمّا كانت عليه قبل أسبوع.
نهاية الإتاوات
وبدت علامات انفراجة وتفاؤل على الباعة، حسبما يعبّر وائل وليدة الذي يعمل في محل للهواتف المحمولة في حي الشعلان بدمشق. وقال وليدة لـ«الشرق الأوسط»: «خلصنا من الملاحقات والجمركة، وقريباً سيجد المشترون كل أنواع الهواتف بأسعارها الحقيقية ولن يكون السوري مضطراً إلى دفع أكثر من 50 في المائة من سعر الهاتف جمارك للاتصالات، ولن نضطر لبيعها من تحت الطاولة وبالسر وبأسعار مضاعفة لتعويض الإتاوات التي كنا ندفعها للصوص».
أما محمد، وهو صاحب محل هدايا زينة أعياد في سوق الشعلان، فقال: «أرهقونا بالمالية والجمارك، في الفترة الأخيرة لم نعد نتجرأ على عرض بضائعنا خوفاً منهم ومن الإتاوات الباهظة».
جانب آخر من ملامح عودة الحياة لطبيعتها، عكسته مقاهي دمشق التي استقبلت زبائنها بصورة اعتيادية تقريباً. كما بدا المخابز في شارع العفيف في دمشق تعمل بصورتها السابقة، وقدمت منتجاتها من دون أن تظهر أزمة خبز.
تركة فاسدة
لكن الأوضاع المعيشية وتأمين الخدمات لا سيما مواد الطاقة، تظهر بوصفها أبرز التحديات القريبة التي تواجه الحكومة السورية الجديدة، وبدايةً من الأربعاء، بدأت المشافي والأفران في تلقي مادة المازوت، على أن يجري تأمين كل مواد المحروقات والطاقة للعامة.
وقال رئيس الحكومة المكلف محمد البشير، إن الوضع المالي للحكومة «سيئ للغاية… ورثنا من نظام الأسد تركة إدارية ضخمة فاسدة، لا توجد لدينا سوى الليرة السورية التي لا تساوي شيئاً، ولا عملة أجنبية لدينا».
وأضاف في حوار مع صحيفة «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية: «فيما يتعلق بالقروض والسندات فنحن ما زلنا نجمع البيانات». موضحاً أن «الديون على سوريا هائلة، لكن لدينا تجربة إدلب حيث نجحنا (…) بالطبع المحافظة ليست مثل الدولة، ومع ذلك يمكننا تحسين الوضع في سوريا. سيستغرق الأمر بعض الوقت، لكننا سنصل إلى هناك».
البحث عن المفقودين
وبعيداً عن تفاؤل المارة في الأسواق، يظهر جانب مهم من المأساة السورية في بحث عدد من ذوي المفقودين عن هوية أقاربهم الذين يُعتقد أن راحوا ضحايا للنظام السابق. وفي سبيل بحثهم قصدوا عدداً من المستشفيات.
وتحدث أحد أهالي المفقودين إلى «الشرق الأوسط» عن تجربته المريرة في البحث عن مفقوده. وقال إنه «شعر بالاختناق منذ رأى الجثامين في مشفى المجتهد، في محاولة للبحث عن شقيقه المفقود منذ عام 2011». وأضاف: «لا يوجد كلام… المنظر قاسٍ جداً ولا يُحتمَل».
وتسري أنباء بين العامة في دمشق عن القبض على مجموعة من عناصر الأمن في النظام السابق من المتورطين بارتكاب ما تُعرف بـ«مجزرة التضامن» التي وقعت عام 2013 في حي «التضامن» بدمشق وقتلت فيها السلطات عشرات السوريين، حسب تقديرات حقوقية.
————————
عملية للمخابرات التركية في القامشلي… وتدخل أميركي لوقف نار في منبج
بلينكن في أنقرة الجمعة لبحث تطورات سوريا… ودير لاين تلتقي إردوغان الاثنين
أنقرة: سعيد عبد الرازق
11 ديسمبر 2024 م
يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا، الجمعة، التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وقال مصدر دبلوماسي تركي، اليوم، إن بلينكن سيزور تركيا بعد 5 أيام فقط من سقوط الأسد، وسيتناول مع نظيره التركي، هاكان فيدان، آخر التطورات.
وذكرت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط»، أن المباحثات بين فيدان وبلينكن ستتطرق إلى الأوضاع في سوريا، في ظل تولي الحكومة الانتقالية المؤقتة، والخطوات المستقبلية، في إطار العملية السياسية لتحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة سوريا.
وأضافت المصادر أن التوغل الإسرائيلي في سوريا بعد سقوط الأسد، ومسألة الدعم الأميركي المستمر لوحدات حماية الشعب الكردية، التي تشكل المكون الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والتي تعدّها أنقرة امتداداً لحزب «العمال الكردستاني» في سوريا، فيما تتعاون معها واشنطن بوصفها حليفاً وثيقاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، سيطرحان خلال المباحثات، فضلاً عن دعم الشعب السوري، وتقديم المساعدات الإنسانية في هذه المرحلة.
وتنشر أميركا نحو 900 جندي في مناطق سيطرة الوحدات الكردية وحلفائها في «قسد» في شمال وشرق سوريا، ويتسبب دعمها للقوات الكردية في خلاف مع تركيا، حليفتها في حلف شمال الأطلسي (ناتو).
استمرار دعم «الوحدات الكردية»
قال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، إن بلاده تعمل وتتواصل مع قوات «قسد» التي تقودها الوحدات الكردية، وهي شريك رئيسي في القتال المستمر ضد تنظيم «داعش» الإرهابي.
وأضاف، في تصريحات، الأربعاء، خلال زيارته لليابان، أن الولايات المتحدة تراقب عن كثب الوضع «الديناميكي للغاية» في سوريا.
ورداً على سؤال حول تعرض «قسد» لهجوم من جانب فصائل «الجيش الوطني السوري»، الموالي لتركيا، قال أوستن: «لقد عملنا جنباً إلى جنب مع (قسد) لبعض الوقت، وهذا العمل مستمر. لدينا علاقة جيدة معهم، وأعتقد أن الأمر سيبقى على هذا النحو».
وأضاف أن وضع القوة الأميركية لم يتغير، وأنهم سيبقون «على اتصال وثيق مع شركائهم في المنطقة»، مع استمرار تطور الوضع، وأن الأولوية الرئيسية هي حماية القوات الأميركية ومنع عودة تنظيم «داعش».
والتقى قائد القيادة المركزية الأميركية (سينتكوم)، الجنرال مايكل إريك كوريلا، مع قيادة وحدات حماية الشعب الكردية، وقادة وجنود أميركيين يعملون في قواعد مختلفة في سوريا.
وقالت القيادة المركزية الأميركية، عبر حسابها في «إكس»، إن كوريلا تلقى، خلال اللقاء الذي عقد الثلاثاء، معلومات حول إجراءات حماية القوة الأميركية، والوضع سريع التطور في سوريا، والجهود المبذولة لمنع «داعش» من استغلال الوضع الحالي.
واهتمت وسائل الإعلام الكردية، الأربعاء، بزيارة كوريلا لقيادة الوحدات الكردية، لافتة إلى أنها تجديد للدعم الأميركي لها في ظل التطورات الجارية في سوريا.
عملية للمخابرات التركية
وجاءت زيارة القائد الأميركي قبل ساعات من عملية للمخابرات التركية في القامشلي بمحافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا، دمرت خلالها 12 شاحنة محملة بصواريخ وأسلحة ثقيلة، بالإضافة إلى دبابتين ومستودعات ذخيرة من مخلفات جيش النظام السوري، كانت تنقلها وحدات حماية الشعب الكردية.
وقال مصدر أمني تركي إن القوات المسلحة التابعة للرئيس المخلوع بشار الأسد خلّفت وراءها العتاد العسكري حينما فرت من منطقة القامشلي في شمال شرق البلاد، وإن جهاز المخابرات نفذ عمليته، ليل الثلاثاء – الأربعاء، بعدما رصد أفراده الميدانيون استيلاء وحدات حماية الشعب على العتاد العسكري، ونقلها إلى مخازنهم.
قصف المخابرات التركية لآليات وأسلحة ومعدات استولت عليها «قسد» من مخلفات الجيش السوري في القامشلي (إعلام تركي)
ونفى المصدر ما تردد عن قصف طائرات إسرائيلية قواعد جوية للجيش السوري في القامشلي، مساء الاثنين، استناداً إلى مصدرين أمنيين سوريين، قائلاً إن وحدات حماية الشعب بدأت نشر كذبة مفادها أن إسرائيل تستهدف مطار القامشلي.
في السياق ذاته، قال المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، إن أميركا تقدر مخاوف تركيا المشروعة بشأن مكافحة الإرهاب، لكنها ستواصل التركيز على مكافحة تنظيم «داعش»، والتركيز على شراكتها مع «قسد».
وأضاف كيربي، في إفادة صحافية ليل الثلاثاء – الأربعاء: «سنجري المحادثات المناسبة مع الأتراك بشأن تحقيق كلتا النتيجتين كلما تداخل هذان الهدفان أو كان التعارض بينهما محتملاً».
وقال قائد «قسد»، مظلوم عبدي، الثلاثاء، إن قوات «مجلس منبج العسكري» التابعة لقواته، وافقت على الانسحاب من منبج بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار من خلال وساطة أميركية.
تركيا و«قسد»
وعلى الرغم من إعلان وقف إطلاق النار، فإن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفاد بمقتل 6 عناصر من قوات مجلس منبج العسكري، وإصابة 4 آخرين بجروح متفاوتة، جراء استهداف طائرة مسيّرة تركية، الأربعاء، موقعاً قرب جسر قرقوزاق غرب نهر الفرات بريف حلب الشرقي.
كما قصفت القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني» المتمركزة في منطقة «نبع السلام»، ريف الحسكة، وقرى في ريف تل تمر ومحيطها، وسط حركة نزوح للأهالي.
وأكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن تركيا لن تسمح بأن تصبح سوريا معقلاً للإرهاب، وستقوم بما هو ضروري لمنع تنظيمي «داعش» وحزب «العمال الكردستاني» وامتداده في سوريا، وحدات حماية الشعب الكردية، من استغلال الوضع الحالي.
ولفت من ناحية أخرى إلى أن إسرائيل تستهدف بعقليتها الاحتلالية سيادة سوريا ووحدة ترابها عبر التوغل في أراضيها.
وشدد فيدان، في كلمة خلال مناقشة موازنة وزارة الخارجية لعام 2025 بالبرلمان ليل الثلاثاء – الأربعاء، على أن تركيا ستستمر في الوقوف إلى جانب أشقائها السوريين دائماً، من أجل سوريا يسودها الرفاه والسلام، وتتعايش فيها المجموعات الدينية والعرقية المختلفة في سلام، ولا تتسبب بعدم الاستقرار لجيرانها.
ولفت فيدان إلى أهمية تشكيل إدارة جديدة في سوريا بشكل منظم، مضيفاً: «من المهم أن تتحد المعارضة السورية، وأن تشكل حكومة شاملة، وقد حان الوقت لتوحيد وإعادة بناء البلاد، كما يمكن للسوريين الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم بسبب الحرب العودة إلى أراضيهم الآن».
في السياق، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين أنها ستزور تركيا، الاثنين المقبل، لإجراء مناقشات بشأن سوريا.
وكتبت دير لاين، عبر حسابها في «إكس»، عقب اتصال هاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مساء الثلاثاء، تناول التطورات في سوريا: «سنلتقي في بداية الأسبوع المقبل (الاثنين) في تركيا؛ لمناقشة ما يعنيه هذا التطور بالنسبة للمنطقة وما وراءها».
Had a substantial exchange with @RTErdogan on the situation in Syria.Syria’s territorial integrity must be preserved and the minorities, protected.We’ll meet early next week in Türkiye to discuss what this development means for the region and beyond.
— Ursula von der Leyen (@vonderleyen) December 10, 2024
ولفتت إلى أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وحماية الأقليات، قائلة إن كلاً من الاتحاد الأوروبي وتركيا، يأمل في استقرار سوريا بعد سقوط بشار الأسد، مع توقعات بعودة المزيد من اللاجئين السوريين إلى وطنهم طواعية.
———————
ما دور الناشطين السوريين بواشنطن في مرحلة ما بعد الأسد؟
«الشرق الأوسط» التقت فاعلين في مواقف الحكومات الأميركية السابقة
واشنطن: رنا أبتر
11 ديسمبر 2024 م
مع انقشاع الغبار تدريجياً عن أنباء سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يلتقط المعارضون والناشطون السوريون في الخارج أنفاسهم ويسعون لاستيعاب الصدمة التي ولّدتها هذه الأنباء التي انتظروها، بل عملوا جاهدين عليها منذ أعوام. «الشرق الأوسط» استعرضت آراء بعضهم في عاصمة القرار واشنطن، فسألتهم عن تقييمهم لسقوط النظام، ودورهم في المرحلة المقبلة.
«صدمة سعيدة»
بطبيعة الحال، أجمعت الوجوه على اختلاف توجهاتها على فرحة السوريين المعارضين العارمة بسقوط النظام، فقال الدبلوماسي السوري السابق بسام بربندي إن «السوريين سعداء جداً بعد سقوط الأسد»، مشيراً إلى وجود «ارتياح عام بين الناس»، ويضيف في حديث مع «الشرق الأوسط» أن «أي سوء فكر ممكن أن يراود ذهن أي شخص الآن يحاول أن يبعد عنه ويعيش لحظة السعادة، فبالتالي لا قلق اليوم عند مجمل الناس، فنحن لا نزال اليوم تحت الصدمة السعيدة».
وهذا ما يتوافق معه محمد عبد الله، المدير المؤسس للمركز السوري للعدالة والمساءلة، الذي أشار إلى أن هذه لحظة «عمل عليها لسنوات»، مشدداً على أن «إخراج الأسد من سوريا كان شرطاً أساسياً وضرورياً ولازماً لأي عملية تغيير حقيقي»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نتحدث عن تغيير تجميلي فحسب بتعيين نائب معارض أو وزير معارض إلى آخره، بل تغيير في البلد بكامله».
ورحبت الناشطة السياسية السورية ورئيسة المركز العربي الأميركي، فرح الأتاسي، بسقوط الأسد، معربة عن سعادتها «بالنهاية العادلة والمنصفة لشعب الثورة السورية»، مشيرة إلى أن الوقت حان لـ«طي صفحة الماضي، والنظر إلى المستقبل؛ لبناء دولة ديمقراطية تعددية مدنية تحترم خصوصية كل الطوائف والإثنيات الموجودة فيها».
من ناحيته، يعرب الناشط السوري والمدير التنفيذي لمنظمة «مسيحيون سوريون من أجل الديمقراطية»، أيمن عبد النور، عن فرحة الجميع في سوريا «بالتخلص من النظام المجرم»، على حد تعبيره، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «لقد بدأت تتكشف قضايا وإجرام غير مسبوقَين عالمياً مصورة بالفيديوهات»، وأشار عبد النور إلى تفاجُؤ الجميع بسرعة ما جرى، لافتاً إلى أنه دليل على «مدى الانهيار الكامل في جيش النظام».
المرحلة المقبلة
ويشدد عبد النور على أهمية دور الناشطين السوريين في رسم معالم المرحلة المقبلة، فيعرض الأولويات في واشنطن، والمتمثلة بشكل أساسي في وقف جهود تمديد «قانون قيصر» الذي بدأ الكونغرس بالعمل عليه قبل سقوط الأسد، عبر شمله في موازنة الدفاع للعام المقبل. ويعرب عبد النور عن أمله في إلغاء فقرة التمديد «لانتفاء الحاجة» لفرض عقوبات من هذا النوع، مشيراً إلى صعوبة حذف الفقرة في المستقبل إن لم يتم التطرق إليها الآن قبل إقرارها في الكونغرس. وتحدث عبد النور كذلك عن دور آخر له في المرحلة الحالية قائلاً: «نقوم أيضاً بالحشد لتأمين زيارة رئيس هيئة التفاوض بدر الجاموس لإلقاء كلمة في الأمم المتحدة لاستعراض الأوضاع الجديدة، وأيضاً الحشد في الكونغرس من أجل إصدار مساعدات طارئة عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية للمساعدة في بناء منظومة الإدارة الجديدة ومساعدتها، وزيادة المساعدات الإنسانية للمناطق كافة».
أما بربندي فيشدد على ضرورة توجه كل من يريد العمل في المرحلة المقبلة إلى سوريا، مضيفاً: «ليس هناك أي شيء اسمه خارج سوريا؛ من منظمات مجتمع مدني إلى معارضة سياسية وإعلامية وغيرها. لا أحد اليوم لديه عذر يقول إنه يريد أن يكون جزءاً مؤثراً من المرحلة المقبلة من واشنطن أو إسطنبول أو بلجيكا أو سويسرا. لم يعد هناك شيء اسمه معارضة أصلاً، المعارضة انتهت. أي شخص يعتقد أن لديه دوراً يجب أن يذهب إلى سوريا، وإن لم يقم بذلك فسيكون ذلك (كلام فاضي)».
وتشير الأتاسي إلى وجود تحديات كثيرة بانتظار ولادة الدولة السورية الجديدة، وعلى رأسها التحديات الخارجية والأمنية في ظل المرحلة الصعبة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، مشددة على أنه «لا يمكن بناء دولة سورية مدنية فيها تعددية وديمقراطية إلا بالجلوس على طاولة الحوار الوطني الواسع والشامل لمناقشة شكل الدولة السورية الجديدة». وتضيف الأتاسي: «الأولوية هي لترتيب البيت الداخلي، والترفع عن أي أخطاء حصلت في الماضي، لن نطوي صفحة الماضي طبعاً، فالعدالة الانتقالية مهمة جداً لمحاسبة من ارتكب مجازر ومآسي بحق الشعب السوري، لكن عملية البناء الاقتصادي والسياسي والأمني والفكري للدولة السورية الجديدة اليوم، ستتطلب الكثير من الوقت». وتشير الأتاسي إلى أن التحديات تشمل إعادة بناء سوريا وعودة اللاجئين، مضيفة: «هناك الكثير من الكوادر الوطنية السورية في الداخل والخارج، خاصة تلك التي تعلّمت خلال 13 سنة من عمر الثورة السورية وتدربت، ويجب أن تكون مشارِكة في بناء الدولة السورية، وأن تساعد سوريا على النهوض».
من ناحيته، يطرح العبد الله، الذي قضى حُكمين منفصلين بالسجن في درعا خلال عامي 2005 و2006، أسئلة معينة ويجيب عنها فيقول: «هل المرحلة الانتقالية ستكون سلسة؟ لا، هل ستكون سوريا بأفضل صيغتها خلال فترة قصيرة؟ لا»، ويستطرد لافتاً إلى أنها ستكون مرحلة صعبة، فيها مخاوف من تسلط التطرف من ناحية، والاحتكام للقوة من ناحية أخرى، كما يعرب عن مخاوفه من عدم إشراك المجتمع المدني والسوري من السياسيين والأحزاب التقليدية في المسار السياسي.
خوف من الجماعات المتطرفة؟
يرى العبد الله أن «هيئة تحرير الشام» تتصرف بذكاء «من ناحية إعلان ما يريد الغرب سماعه»، ومن خلال التشديد على أن عناصرها ليسوا متطرفين، ولن يفرضوا الحجاب، ولن يجبروا أحداً على التغيير، ويتساءل: «هل سيستمر هذا الأمر؟ هذا ما سنراه خلال الأشهر القليلة المقبلة»، ويعرب العبد الله عن تشكيكه بأن تفسح الهيئة المجال أو تتيح الفرصة لأي طرف بلعب دور حقيقي في السلطة، مشيراً إلى أن الجولاني كلف رئيس حكومة الإنقاذ في إدلب محمد البشير بتشكيل حكومة انتقالية في سوريا، وواصفاً هذه الخطوة بـ«المؤشر غير الإيجابي».
أما عبد النور فيشير إلى تحديات من نوع آخر، وهي قدرة هذه الجماعات على «حسن إدارة بلد معقد داخلياً وخارجياً مثل سوريا، بحكم موقعه وإثنيته وأديانه وتنوع الأعراق فيه»، ويرى أنها لا تملك أي خبرة سابقة سوى في إدارة إدلب، مضيفاً: «إنها محافظة من لون واحد ودين واحد وعرق واحد وصغيرة، لذلك هنا مصدر القلق».
وتتحدث الأتاسي هنا عن وجود مرحلة انتقالية ستستمر حتى مارس (آذار) 2025، سيحكم العالم من خلالها على كيفية سير الأمور. وتشير إلى أن الأولوية هي عودة الحياة إلى طبيعتها إلى سوريا، دون أي فتن داخلية، وأي مشاكل أمنية بوجود حكومة تصريف أعمال «إلى أن يتفق السوريون على حكومة جديدة للدولة السورية الجديدة». وحول التخوف من المجموعات المتطرفة تهب أتاسي قائلة: «الحقيقة هي أن التطرف والإرهاب خلقهما بشار الأسد، فهو إرهابي يمشي ببدلة وربطة عنق، ومن ينظر إلى الصور التي تخرج من (صيدنايا) يعرف أن نظام الأسد هو نظام الإرهاب بحد ذاته». وتعقب الأتاسي قائلة: «طبعاً نحن لا نريد أن نستبدل بهذا الإرهاب إرهاباً آخر فكرياً أو آيديولوجياً. لا نريد أن نستبدل بالديكتاتورية السياسية ديكتاتورية عسكرية أو دينية أو فكرية. نحن اليوم نريد الدولة السورية المدنية».
ترمب والسياسة الأميركية في سوريا
المرحلة الانتقالية هذه تشمل أميركا كذلك، التي تستعد لتسلم الرئيس المنتخب دونالد ترمب الرئاسة مجدداً، في وقت تتزايد فيه التساؤلات حول احتمال سحبه القوات الأميركية من سوريا. ويقول بربندي إنه من الواضح أن ترمب يميل أكثر في تصريحاته للانسحاب من سوريا، مشدداً في الوقت نفسه على أن «طريقة الانسحاب لن تكون عشوائية»، ويفسر قائلاً: «إن تركيا موجودة على الأرض، كما أنه (ترمب) يعتقد أنه حقق هدفه بهزيمة (داعش)، بالإضافة إلى ذلك ترك النظام الإيراني سوريا وسقط الأسد، فليس هناك سبب بالنسبة لترمب لبقاء القوات الأميركية، خاصة أن سحب القوات الأميركية من أغلب الأمكنة في العالم هو ضمن وعوده الانتخابية»، وأضاف بربندي أنه سيكون هناك تنسيق يشمل ضمانات سياسية لحقوق الأكراد، بالتعاون مع تركيا والنظام الجديد في سوريا.
أما العبد الله فيستبعد اتخاذ قرار سريع بسحب القوات الأميركية من شمال شرقي سوريا، مشيراً إلى أن تركيز الولايات المتحدة سيكون منصبّاً على محاربة الإرهاب، ويستبعد أن تنخرط بعملية سياسية مباشرة مع المعارضة السورية، أو في المرحلة الانتقالية، مرجحاً أن يقتصر دورها على تقييم رفع العقوبات، وعلى تقييم إزالتها «تحرير الشام» من المنظمات الإرهابية؛ لإتاحة التعامل الدبلوماسي للغرب معها.
من ناحيتها، تقول الأتاسي إن سياسة الرئيس المنتخب ترمب حيال سوريا «لم تتشكل بعد»، مشيرة إلى أن إدارته ستنظر إلى الدولة السورية الجديدة من منطلق المصالح، على غرار البلدان الأخرى، وتضيف: «نحن نعلم جميعاً أن الدول تتعامل بمنطق المصالح، وهذا هو المنطق الوحيد الذي تنظر إليه أميركا في مقاربة مصالحها في سوريا». وتشير الأتاسي إلى أن مستشار ترمب للشؤون العربية والشرق أوسطية مسعد بولس سيلعب دوراً مهماً في الملف اللبناني والسوري، داعية في الوقت نفسه إلى الانتظار حتى اكتمال تشكيلة الإدارة المقبلة واتضاح الصورة أكثر.
————————
والدة الطفل السوري الذي أشعل مقتله الثورة: أتمنى أن يذوق الأسد ما عشته
علّقت والدة الطفل السوري حمزة الخطيب الذي أشعل مقتله الثورة في عام 2011، على الإطاحة بالرئيس بشار الأسد بقولها إنها تتمنّى أن يدفع ثمن أفعاله ويعيش ما عاشته.
وفي 21 مايو (أيار) 2011، تمّ تسليم جثة الخطيب الذي كان يبلغ من العمر 13 عاماً، معذّبة ومشوّهة إلى عائلته، بعد أسابيع من اعتقاله في مظاهرة مناهضة للحكومة.
وأثارت وفاته، بالإضافة إلى تعذيب أطفال ومراهقين آخرين لكتابتهم شعارات مناهضة للأسد، احتجاجات واسعة النطاق وقمعاً قاسياً من قِبل القوات الحكومية.
وبعد الإطاحة بالأسد، لم تتمكّن والدة الخطيب من الاحتفال، إذ إنها تلقت صوراً ووثائق تم العثور عليها في سجن صيدنايا سيئ السمعة، تؤكد أن شقيق حمزة الأكبر عمر الذي اعتقلته الشرطة أيضاً في عام 2019؛ تُوفي في أثناء الاحتجاز.
وقالت والدة الصبيين، سميرة، لشبكة «بي بي سي» البريطانية، وهي ترتجف حزناً، إنها كانت تنتظر خروج عمر من السجن.
وقالت: «كنت أفكر أنه ربما سيأتي اليوم أو غداً. واليوم، تلقيت خبر وفاته في أثناء الاحتجاز».
وقالت سميرة إنها تتمنى أن يعيش الأسد ما عاشته.
وأضافت: «آمل أن يدفع الثمن، وأن ينتقم الله منه ومن أبنائه».
وسقط نظام الأسد بعد هجوم خاطف شنته فصائل المعارضة المسلحة وانتهى بدخولها دمشق، ليُطوى بذلك نصف قرن من هيمنة عائلة الأسد على سوريا.
وبعد الإطاحة ببشار، تمّ إطلاق سراح آلاف الأشخاص من سجن صيدنايا الذي يقع على بُعد 30 كيلومتراً شمال العاصمة دمشق، ولُقب بـ«المسلخ البشري»، ويُعتقد أنه كان يُستخدم بشكل رئيس لاحتجاز المعتقلين السياسيين والمعارضين.
وأسفر الصراع في سوريا الذي بدأ عام 2011 عن مقتل مئات الآلاف من الأشخاص، وشهد تعرّض بعض المدن للقصف حتى أصبحت كومة من الركام، وهجر السكان إلى مساحات شاسعة من المناطق الريفية، وتضرر الاقتصاد بسبب العقوبات الدولية.
———————-
“بلد بلا جيش”.. رسائل إسرائيل إلى سوريا الجديدة/ محمد الصباغ
11 ديسمبر 2024
بعد ساعات فقط من سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، بدأ الجيش الإسرائيلي سريعا في توجيه ضربات ضد ما وصفها بأهداف استراتيجية في سوريا، شملت مقاتلات وقطع بحرية ومطارات، فيما اعتبرها محللون عسكريون خطوة لإضعاف أي سلطة مقبلة في سوريا، ربما تفكر في معاداة إسرائيل.
ووجهت إسرائيل نحو 480 ضربة خلال 48 ساعة ضد أهداف سورية شملت مخزونات الأسلحة الاستراتيجية، بينها “مواقع ترسو فيها قطع بحرية ومطارات سلاح الجو السوري والعشرات من أهداف مواقع الإنتاج”، وفق بيان للجيش.
وكشف مصدر أمني للحرة، الثلاثاء، أن القوات البحرية الإسرائيلية شنت هجوما واسع النطاق مساء الإثنين، في البحر المتوسط بواسطة زوارق صواريخ متطورة، أدى إلى تدمير عشرات السفن التابعة للبحرية السورية، التي كانت تحمل على متنها صواريخ بحر-بحر.
ماذا تريد إسرائيل؟
لطالما ذكرت البيانات الرسمية الإسرائيلية أنها تمنع وصول تلك المقدرات من الوصول إلى فصائل مسلحة ربما تمثل تهديدا لأمنها، وسط مخاوف سابقة أيضا من احتمال سقوط أسلحة كيماوية لنظام الأسد في يد المعارضة المسلحة، التي تقودها “هيئة تحرير الشام” المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى.
كما توغلت القوات الإسرائيلية في مناطق سورية بالجولان، ووصل الأمر إلى أن تقارير إخبارية ذكرت أن الدبابات الإسرائيلية تبعد حوالي 25 كيلومترا فقط من العاصمة السورية دمشق.
بعد تكهنات.. رئيس حكومة سوريا الانتقالية يكشف “الأولويات” وملامح السياسة الخارجية
أكد رئيس الحكومة الانتقالية في سوريا، محمد البشير، أن المرحلة الجديدة سوف تشهد ضمان حقوق جميع الأطياف في البلاد، موضحا أن الوضع المالي للبلاد “سيئ للغاية” وأن أولويات حكومته تتمثل في إعادة الاستقرار والأمن وإعادة ملايين النازحين إلى البلاد وبسط سلطة الدولة وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين.
وفي هذا الشأن قالت المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي، إيلا واوية، في تصريحات لقناة الحرة، إن إسرائيل لا تتدخل في “الأحداث التاريخية التي تجرى في سوريا، ومهمة الجيش تتمثل في حماية مواطني دولة إسرائيل وسيادتها”.
وأوضحت أن القوات الإسرائيلية تنتشر في المنطقة العازلة بالجولان “بهدف الدفاع، ولكننا جاهزون لأي أمر طارئ يدفعنا لتنفيذ هجمات”، لكنها تفادت بشكل واضح الإجابة على سؤال ما إذا كانت القوات الإسرائيلية قريبة من دمشق فعلا، وتبعد دباباتها حوالي 20 كيلومترا من العاصمة السورية.
وفي إعلان، الثلاثاء، قال الجيش الإسرائيلي في إحاطة لوسائل الإعلام المحلية، إنه دمر ما يصل إلى 80% من القدرات العسكرية للجيش السوري.
يذكر أن اتفاقية لفك الاشتباك أبرمت في 31 مايو 1974 بين سوريا وإسرائيل في جنيف السويسرية، بحضور ممثلين عن الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق.
وكان الغرض من الاتفاق الفصل بين القوات السورية والإسرائيلية في المنطقة. وأنشأ الاتفاق منطقة عازلة، فضلا عن منطقتين متساويتين للقوات والأسلحة المحدودة للطرفين على جانبي المنطقة.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أذن بتوغل قواته في المنطقة العازلة والسيطرة عليها “بشكل مؤقت”، مشيرا إلى أن الاتفاقية انتهت بعد انسحاب عناصر جيش النظام السوري من مواقعهم في تلك المنطقة.
“السلاح كان بيد أمينة”
وأثارت تلك التصريحات انتقادات أممية وعربية، اعتبرت أن انسحاب القوات السورية لا يمنح إسرائيل الحق بالتوغل في المنطقة العازلة والأراضي السورية.
ويرى المحلل العسكري اللبناني، العميد المتقاعد خالد حمادة، أن إسرائيل تستثمر في “الوقت الضائع، أي قبل تشكيل سلطة انتقالية في سوريا تتولى زمام الأمور”.
واعتبر أن الضربات كانت تتم خلال حكم نظام الأسد أيضًا “لكن بوتيرة أقل ربما لثقتها لأن كل هذه المقدرات لن تستخدم ضدها”.
وتابع في تصريحات لموقع الحرة: “لكن هناك قلقا في إسرائيل اليوم من احتمال استخدام تلك الأسلحة ضدها، بسبب سقوط النظام”.
كما أشار الخبير العسكري، العقيد المتقاعد، إسماعيل أبو أيوب، إلى أن الهدف وراء الضربات الإسرائيلية “واضح، إذ كان السلاح في يد أمينة، ولم يكن موجودا لمحاربة إسرائيل التي باتت لا تعرف بأي يد سيقع وأين سيوجه”.
وتابع في حديثه لموقع الحرة: “لا رادع لإسرائيل حاليا، وسياستها الآن هو أنه مع انهيار الدولة لا يجب أن يكون لديها سلاح”.
دولة بلا جيش؟
رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو قال، الثلاثاء، إن لا نية لإسرائيل للتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، لكنها ستقوم بما هو ضروري لضمان أمنها.
وحذر نتانياهو في مقطع مصور، القادة الجدد لسوريا من السير على خطى الرئيس السابق بشار الأسد، بالسماح لإيران “بإعادة ترسيخ” وجودها في البلاد.
وواصل حمادة حديثه للحرة، وقال إن إسرائيل تستغل “الفراغ السوري لتدمير قدرات الجيش، ويمكن القول إنها لا تريد أن تكون بجوارها دولة بمقدرات عسكرية كبيرة”، موضحا أن قدرات الجيش السوري “لو استثنينا بعض مضادات الدروع ومنظومات إس-400 وإس-300 الروسية، لا يمكن لما كان يمتلكه أن يحقق خطرا أو يعادل ميزان القوى مع إسرائيل”.
وأكد أن “إسرائيل دون شك تريد، بدرجة أو بأخرى، إضعاف القدرات الموجودة وأن تضع مجموعة كبيرة من العوائق أمام أي حكم يتشكل في سوريا وتضعفه، حتى لا يتمكن من بناء جيش مسلح بطريقة جيدة خلال فترة زمنية قياسية”.
ويعتقد حمادة أيضًا أن حكومة إسرائيل ربما تريد “دولة بلاد جيش بجوارها، وتتمنى ذلك وترغب في أن تكون كل الدول العربية المحيطة بها دون أي قدرات”.
التحديات
لم تعلق الحكومة الانتقالية في دمشق أو القائد العسكري للفصائل المسلحة بقيادة “هيئة تحرير الشام”، أبو محمد الجولاني، على التحركات الإسرائيلية.
وفي حوار نشرته صحيفة “كوريري ديلا سيرا” الإيطالية، الأربعاء، مع رئيس الحكومة محمد البشير، حينما واجه سؤالا بشأن العلاقات مع إسرائيل، رفض الإجابة.
ويرى حمادة، أن حكومة البشير ستواجه تحديا كبيرا “لكن تسليح الجيش ليس في مقدمتها، فهناك تأمين عمل المؤسسات والاستقرار الاجتماعي وعدم وجود تجاوزات من خلايا نائمة تابعة للنظام السابق”.
الحرة
————————-
فارقها قبل عقد.. “معارض” سوري يزور “بطّته” في السجن
الحرة – واشنطن
11 ديسمبر 2024
صورة من مقطع فيديو على “إكس”
تتواتر قصص زنازين نظام الأسد تباعا على مواقع التواصل الاجتماعي منذ تحرير السجناء- الصورة من مقطع فيديو على “إكس”
“هذه البطّة، أنا رسمتها هنا”.
كانت هذه ردة فعل أحد مسلحي المعارضة السورية، عندما دخل زنزانة في إحدى سجون نظام بشار الأسد، حيث قبع فيها قبل عشرة أعوام.
في مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، يصوّر المسلح عنابر إحدى السجون وهي خالية تماما.
يجلس سجين سابق قبالة رسمة له، كان حفرها في جدار زنزانته عندما كان قيد الاحتجاز سنة 2014. قال له: “أترى. هذا عصفور. أنا رسمته”.
ثم يجيبه: “لماذا رسمت هذه البطة؟”
فيرد: “رسمت ما خطر على بالي وقتها”.
“ذكريات”. اكتفى “السجين الرسام” بهذه الكلمة ردا على سؤال: “ما هو شعورك وأنت تعود لنفس الزنزانة بعد 10 سنوات”.
الشاب، الذي بدا في مقتبل العمر، ظل صامتا طوال الوقت، ينظر إلى رسمته القديمة، مستعينا بضوء كاشف وهو يجلس القرفصاء، وعلامات الحزن تظهر على وجهه.
لم يكن بحاجة لإعطاء أية تفاصيل عن تلك الحقبة، نظراته قالت الكثير.
عاد إلى زنزانته فاتحاً مخلصاً المظلومين فيها ثم جلس يشاهد رسمة رسمها عندما كان معتقل هنا pic.twitter.com/Ce141REs3l
— قتيبة ياسين (@k7ybnd99) December 10, 2024
في إحدى اللحظات، كسر الشاب صمته وكشف أنه اعتقل في عام 2014، لأنه كان يشارك مع الثوار مطالبهم بالتحرر من نظام الأسد.
في مارس 2011، انطلقت في سوريا ثورة شعبية عارمة، كجزء من موجة الربيع العربي التي اجتاحت العديد من الدول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
كانت بدايتها عبارة عن احتجاجات سلمية تطالب بالإصلاح السياسي، والحرية، والعدالة الاجتماعية. هتف الناس ضد الأسد الذي حكم البلاد بقبضة حديدية منذ عام 2000، استكمالًا لحكم والده حافظ الأسد الذي بدأه عام 1970.
لكن سرعان ما انزلقت إلى نزاع مسلح شهد تدخل روسيا وإيران وحزب الله اللبناني إلى جانب بشار الأسد.
بحلول عام 2014، كانت الثورة السورية قد تطورت من احتجاجات سلمية إلى نزاع مسلح واسع النطاق، وأصبحت أكثر تعقيدا بسبب تعدد أطراف النزاع.
سجن- سوريا
سجون الأسد “تُخرج أحشاءها”
في غمرة فرحة الشعب السوري بسقوط نظام بشار الأسد، خرجت مقاطع فيديو لسجناء وأسرى تم تحريرهم من قبل المعارضة، بينما لم يكد أحدهم يستوعب ما يجري.
خلال تلك الفترة، سُجن الشاب “صاحب البطة” وأُخذ إلى السجن رفقة المئات، بل الآلاف من أقرانه، وهناك شهد شتى أنواع الضرب والتعذيب.
لكنه تمكن، وفق روايته، من الهرب بعدما حول للعمل مع الجيش، وهناك انشق والتحق بالثورة مسلحا قبل أن يعود إلى زنزانته ويزور “بطته” “محررًا”.
“الحمد لله”، يقولها الشاب، وهو خارج باتجاه باب الزنزانة المفتوح على مصراعيه.
الحرة – واشنطن
————————-
رسائل من الأرض إلى السماء.. “سوريا حرة“
الحرة – واشنطن
“إنها سوريا العظيمة وليست سوريا الأسد”، عبارة قالتها الفنانة السورية الراحلة مي سكاف قبل سنوات، عادت للانتشار على نحو واسع على مواقع التواصل منذ سقوط النظام البعثي، في استذكار لهذه المعارضِة الشرسة لبشار الأسد.
تمنى الكثير من السوريين الذين شاركوا كلمات سكاف، عبر مقاطع فيديو وصور قديمة لها، لو أنها كانت على قيد الحياة لتعيش معهم هذه اللحظة التاريخية التي شهدت نهاية حكم آل الأسد الذي تجاوز خمسة عقود.
وشكلت وفاتها بأزمة قلبية في العاصمة الفرنسية باريس عام 2018حدثاً مؤلماً لمؤيدي الثورة السورية، حتى أن الكثير منهم اعتبره نتيجة للحزن الشديد والألم لمعاصرتها الأزمات المتصاعدة في بلدها البعيدة عنه، وهي التي تنبأت مع بداية اندلاع الثورة 2011 أن “كارثة كبيرة ستشهدها سوريا إن لم يتنح الأسد”.
ومع وصول قوات المعارضة التي أطاحت بالأسد إلى دمشق، تذكرتها كاتبة السيناريو والناشطة الحقوقية السورية ريما فليحان بمنشور على فيسبوك “حين كانت مي سكاف تتصل بي وفي جعبتها خبر ما، كانت تبدأ مكالمتها بـ يا ريماااااا بطريقة مميزة، اليوم صباحا بعد أن غفوت لثلاث ساعات فقط استيقظت وكأنني أسمع صوتها تنادي بنفس الطريقة.. ربما كنت أحلم ربما روحها تحوم اليوم تنتظر سقوط الطاغية”.
مي سكاف
‘أيقونة الثورة’.. رحيل الفنانة السورية مي سكاف
توفيت الممثلة السورية مي سكاف الاثنين في العاصمة الفرنسية باريس عن عمر يناهز 49 عاما، ولم يعلن عن سبب الوفاة رسميا حتى الأن.
كذلك تذكرها مبدعون فلسطينيون، مثل الكاتب زياد خدّاش، الذي التقاها قبل عشر سنوات في العاصمة الأردنية عمّان، وقال في منشور على فيسبوك “أين أنت يا مي سكاف؟ يا سوريا الجديدة الجميلة. أتتذكرين يوم قلت لي أيها الفلسطيني اليائس، ذات نهار مشع وحر سأعزمك على مقهى سان بول في دمشق القديمة. قلت لك: يا له من حلم جميل لكنه ثقيل يا مي. هأنذا جاهز.. أين أنتِ؟”.
“سأذهب إلى هناك وأجلس وحدي بانتظارك ولن أدفع حسابي. سأقول للنادل: حسابي مدفوع لسنوات، دفعته مي سكاف من غربتها ووجعها ودمها.. رحمك الله”، تابع خدّاش.
وكتب أيضاً رسام الكاريكاتير علاء اللقطة “سوريا حرة يا مي.. مي سكاف الفنانة السورية الثائرة التي ماتت قهراً”.
في تلك الأيام المفعمة بالأمل والحرية، لا ننسى الإنسانة الرائعة، الفنانة السورية مي سكاف، ابنة الثورة، والحالمة بانتصارها، الفنانة المسيحية التي رفضت تشويه ثورة شعبها أو تخويفها بالإسلاميين، وقالت: لا أريد لابني أن يحكمه ابن بشار الأسد، ماتت مي، لكن حلمها باقٍ، وسينتصر بإذن الله pic.twitter.com/GYdaTpuT5X
— جمال سلطان (@GamalSultan1) December 4, 2024
كذلك استذكر نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي، الممثلة الراحلة فدوى سليمان، التي توفيت في باريس عام 2017 بمرض السرطان، وقد عرفت بمعارضتها للأسد ولعائلتها من الطائفة العلوية، حتى أن شقيقها خرج معلناً عبر قناة تلفزيونية تبرأه منها قائلاً إن “وحدة سوريا أهم من شقيقته”.
لكن ذلك لم يثبط من عزيمة الفنانة لمواصلة مشوار النضال الذي آمنت به، وكانت على يقين أن بمقدور السنة والعلويين العيش معا رغم العنف الطائفي المتصاعد في حمص. وتحدثت عن أسر سنية محافظة فتحت لها منازلها لإيوائها وحمايتها من قوات الأمن عندما كانت تحاول الفرار منها.
وكلا الفنانتين سكاف وسليمان كانتا في أواخر الأربعينات من عمرهما حين توفيتا بعيداً عن الديار.
أصرت سليمان على المشاركة في المظاهرات لتبديد الفكرة الخاطئة عن العلويين، بأن هذه الأقلية التي تشكل 10 في المئة من السوريين، تدعم الأسد كليا.
وقالت في تصريحات صحفية إنها أرادت أيضا، من خلال مشاركتها في الاحتجاجات، تفنيد مزاعم النظام عن المحتجين ضده ووصفهم بالإرهابيين المسلحين والإسلاميين.
وفي ظل ارتفاع شعبيتها كأحد وجوه الثورة، أصبحت سليمان هدفا للنظام، وعمدت إلى قص شعرها مثل الرجال والتنقل من منزل لآخر لتفادي اعتقالها. وذكرت في رسالة مصورة تعود إلى نوفمبر 2012، أن قوات الأمن النظامية تمشط أحياء حمص بحثا عنها وتضرب المواطنين لإرغامهم على الكشف عن مكانها.
وأكثر فيديو متداول لها بعد سقوط النظام، تغني فيه وهي تضحك أمام مرآة تعدّل فيها باروكة شعر “بدنا نشيلو لبشار بهمتنا القوية.. سوريا بدّا حرية..”
@zina_mt1
ثورتنا كانت ولا تزال لكل أبناء الوطن، بجميع طوائفهم وانتماءاتهم. لم تكن ثورتنا يومًا عنصرية أو إقصائية، بل حملت في جوهرها السلام والأمن والعدل للجميع. كنا نسعى لوطن يتسع للجميع، تسوده المساواة ويحكمه القانون…يبقى حلمنا حيًا لا يموت: عدلٌ حقيقي، ديمقراطية راسخة، وأمن وسلام يعمّان سوريا الجديدة، لتكون وطنًا يحتضن جميع أبنائه بلا استثناء.#سوريا #الثورةالسورية #جيش_الحر #الشام #فدوى_سليمان #ادلب #rojava #ديرالزور #درعا #حمص #حلب
♬ الصوت الأصلي – 🥀أنہيہنہ ألروحہ^Ş^🍂
المجد لمن عاش حراً ومات حراً
فدوى سليمان 💚 pic.twitter.com/a51whFBZpX
— 𝘚 (@Sadeemie) December 8, 2024
وشاركت سليمان في أحد الاحتجاجات، وهتفت عالياً إلى جانب عبدالباسط الساروت، تم توثيقه بفيديو أعيد أيضاً تداوله في مواقع التواصل بعد سقوط الأسد.
والساروت الملقب بـ”منشد الثورة” و”بلبل الثورة” أبرز الشخصيات التي استحضرتها ذاكرة السوريين في لحظات فرحهم الغامرة بانتهاء حقبة آل الأسد، بعضهم كتب أنه يبعث برسالة “إلى السماء” بأن سوريا أصبحت حرة، لعلّ الساروت يُدركها.
وتمنّى الكثيرون لو أنه عاش هذه اللحظة التي قاتل من أجلها في صفوف جماعات مسلحة قاومت جيش النظام، فهو كان نموذجاً لتحولّات الثورة، من رمز للاحتجاجات السلمية ثم الانخراط في الثورة المسلحّة والحرب الأهلية حتى أنه قُتل على يد النظام في معركة بحماة كانت تسيطر عليها جماعة هي نفسها اعتقلت الساروت سابقاً لمعارضته حكمها، كان عُمره آنذاك 27 عاماً.
والساروت من مدينة حمص، لكنه غادرها 2014 عندما أنهت اتفاقية انسحاب حصارا قاسيا استمر عامين، وقتل عام 2019.
تم تجسيد رحلة حياة الساروت في فيلم وثائقي “العودة إلى حمص”، وكيف صار مقاتلاً ضد النظام بعد أن كان حارس مرمى في منتخب سوريا للشباب.
عم يضحكوا الغوالي .. دماؤهم أضاءت درب النضال ولن تنُسى أبداً.
خلدوا أسماء النبراسَين بتسمية شارعين رئيسيين في حمص: ملعب عبد الباسط الساروت -شارع باسل شحادة ليبقى اسمهما خالداً في ذاكرة المدينة وأجيالها القادمة. pic.twitter.com/rWU4h4kQFc
— Siba Madwar صِبا مدور (@madwar_siba) December 7, 2024
هذا تسجيل خاص للشهيد الرمز عبد الباسط الساروت ابن حمص البار كنت أخفيه حتى فرحة تحرير حمص كم نفتقدك ❤️.. pic.twitter.com/0S9INxacqN
— موسى العمر (@MousaAlomar) December 7, 2024
نجوم سوريون آخرون تذكرهم نشطاء مواقع التواصل، الذين أعربوا عن محبتهم وتخليد كلمات أولئك الراحلين التي تحتفي بسوريا الحرة الديمقراطية التي يغيب عن القمع والديكتاتورية، أمثال الفنان القدير خالد تاجا، والمخرج والممثل حاتم علي، وأيضاً الممثل نضال سيجري، وغيرهم من معتقلين ومغيّبين لم يُعرف مصيرهم لغاية الآن.
أخبروا ذلك النزيه ، أخبروا ذلك الشهيد
أخبروا من صار تحت أرض الشام أخبروه أن سوريا عاشت حُرة مُستقلة😔💛#خالد_تاجا | #سوريا_الجديدة pic.twitter.com/r0e0D5az5X
— محمد (@ii_mooi) December 8, 2024
الحرة – واشنطن
———————
لماذا عجزت إيران عن إنقاذ بشار الأسد هذه المرة؟/ أحمد متاريك
سقط نظام الأسد خلال أيام.. نهاية تأخر حدوثها كثيرًا بفضل الدعم غير المحدود التي أظهرته إيران لأهم حلفائهما في المنطقة، بشار الأسد ونظامه الذي حكم سوريا قرابة رُبع قرن، بعدما ورث الرئاسة والقمع من والده حافظ الأسد.
عقب اندلاع ثورات الربيع العربي لم يصمد رئيسا تونس ومصر طويلاً، بعكس دولٍ أخرى رفعت جيوشها أسلحتها في وجه شعوبها، وخاضت معهم حروبًا دامية انتهت بتفتت تلك الجيوش وسقوط الأنظمة التي دافعت عنها، قُتل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي بعد أشهر من الثورة أما بشار الأسد فبقي صامدًا 13 عامًا، أو ما يزيد بقليل.
ولا ينسب الفضل في ذلك الصمود للجيش السوري وحده، الذي انشق عنه المئات من الجنود والضباط رفضًا للتورط في قتل أبناء جِلدتهم، كان الأسد قريبًا من “سيناريو القذافي” والسقوط بعد أشهر يائسة من القتال لولا ما تلقّاه من دعم كبير زاد من سنوات بقاء نظامه وإن لم يكن لينجيه من النهاية التي حلت في ديسمبر 2024.
هذه المرة غاب الدعم الإيراني، بعدما تبخّر بشكلٍ غريب آلاف العناصر من الميليشيات المدعومة من إيران بمن فيهم المستشارون العسكريون الوافدون رأسًا من طهران، الذين فرّوا إليها بصحبة موظفي السفارة الإيرانية في دمشق قبل يومٍ واحدٍ من الهجوم.
خسارة فادحة لإيران وضربة قاصمة لكل الجهود التي بذلتها طيلة الأعوام الفائتة لبناء أذرع موالية لها في المنطقة، فسوريا هي “محور الهلال الشيعي والعمود الفقري لما يُسمى بمحور المقاومة، وسقوطها يعني كسر العمود الفقري لهذا المحور”، حسبما أوضح الباحث في سياسات الشرق الأوسط، رضا برشي زاده.
فلماذا فشلت إيران هذه المرة في دعم حليفها المفضل؟
“اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا أصبحت إيران أضعف كثيرًا مما كانت عليه منذ 10 سنوات حينما اشتعلت ثورة الربيع العربي”، هكذا بدأ أستاذ العلوم السياسية نادر هاشمي حديثه لـ”الحرة”.
وخلال الفترة الماضية تعرضت العديد من المواقع الإيرانية في سوريا لضربات جوية إسرائيلية مكثفة أجبرت طهران على سحب العديد من قواتها وخبرائها العسكريين.
ومن جانبه كشف الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، وليام بيمين، أنه خلال الأيام الأخيرة قلّصت إيران حجم قوتها العسكرية في سوريا بشدة، فانخفض عدد مستشاريها العسكريين إلى ما هو دون الألف.
وبحسب هاشمي، فإن طهران كانت أكثر انشغالاً بالساحة اللبنانية وإنقاذ حزب الله من أتون الحرب التي ورّط لبنان بأسره فيها وتكبد بها الكثير من الخسائر الفادحة، على رأسها اغتيال قائده حسن نصر الله بجانب الآلاف من جنود.
ومع انشغال روسيا حتى أذنيها في حرب أوكرانيا، واستنزاف قواتها إلى درجة دفعتها لجلب قوات من كوريا الشمالية لمساعدتها في تنفيذ بعض العمليات العسكرية ضعفت الدعامتان اللتان لطالما استند الأسد عليهما في منح نظام حُكمه حدٍّ أدنى من التماسك، يسمح له بالبقاء لأطول زمن ممكن.
واختتم بيمين حديثه لـ”الحرة” بالقول “كان نظام الأسد شيعيًا /علويًا يحكم أغلبية من السُنة، وهي وصفة مؤكدة للفشل في حُكم الدول، لقد كان محكومًا عليه بالسقوط في النهاية، المثير للدهشة ليس سقوطه وإنما تمكنه من البقاء في السُلطة كل هذه المدة”.
أحمد الشرع أو أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام بعد سقوط الأسد
لن يقاتلوا بدلاً من السوريين
طيلة الأيام الفائتة وجّهت وسائل إعلام محلية إيرانية انتقادات مباشرة لمقاتلي الجيش السوري حتى أنها اتهمتهم بالتخلي عن حمص دون قتال، ودون خوض أي عملية قتالية ضد قوات فصائل المعارضة، التي حققت تقدمًا سريعًا في جميع أنحاء سوريا.
ويقول هاشمي، إن الجانب الأهم هنا أن الأسد رغم انتصاره الأوّلي على معارضيه في الحرب الأهلية لم يستطع تحديث جيشه، وعانَى من تدهور داخلي ونقص في الروح المعنوية، حتى أن جنوده لم يعودوا قادرين على القتال.
وتأكد هذا الأمر خلال المعارك الأخيرة، التي لم يُظهر فيها مقاتلو النظام بأسًا حقيقيًا في التصدّي لفصائل المعارضة أو إظهار مقاومة حقيقية لتعطيل هذا التقدم بأي درجة، وهو ما دفع مسؤول إيراني للتصريح لـ”نيويورك تايمز”، أنه إذا لم يكن الجيش السوري على استعداد للقتال من أجل بقائه، فإن إيران لن يكون بوسعها أن تفعل الكثير.
وبعد تأكد خبر هروب بشار الأسد من سوريا صرّح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن الأجهزة الأمنية الإيرانية حذّرت الحكومة السورية مما تبديه الفصائل العسكرية للمعارضة من “نشاط” إلا أنه فوجئ بـ”عجز الجيش السوري”.
وبحسب هاشمي فإنه في ظل التفكك المستمر للقوات السورية، فإن إيران لم يكن أمامها لمواجهة هذا الأمر إلا تجنيد المزيد من المتطوعين من العراق وأفغانستان ودول أخرى، وهي عملية تحتاج إلى المزيد من الوقت والمال، وكلاهما لم تعد إيران تملك الكثير منه بالوقت الحالي.
من آثار الهجوم الإسرائيلي على مرفأ اللاذقية- فرانس برس
الأسد لم يعد مفيدًا
قال الباحث السياسي الإيراني محمد سهيمي لـ”الحرة”، إن إيران باتت تمتلك غضبًا مكتومًا من الأسد خلال الفترة الأخيرة منذ أن بدأ يبتعد عنها تدريجيًا لصالح العودة إلى المحيط العربي السُني، وهي خطوة أحبطت طهران منه فقررت التوقف عن دعمه بقوة كما كانت تفعل في الماضي.
ولم يستبعد هاشمي أن يكون نقاشًا داخليًا قد دار داخل إيران بأن الاستمرار في دعم الأسد لم يعد مفيدًا خاصةً في ظل وجود الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان الذي سيكون أقل رغبة في دعم نظامٍ ديكتاتوري فاسد مثل نظام بشار الأسد.
وفي أعقاب سقوط الأسد صرّح الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أنه نصح النظام السوري كثيرًا بالتحدث مع المعارضة وإيجاد حلول سياسية للخلافات بينهما، إلا أنه لم يكن يستجب.
وهو ما شدّد عليه زاده خلال حديثه لـ”الحرة” بأن إيران أدركت أن الخيار الأكثر واقعية هو الانسحاب من الصراع في سوريا وتجنّب إراقة المزيد من الدماء، وإلا فإنها قد تخاطر بتلقي المزيد من الضربات الثقيلة التي قد تمتدُّ إلى داخل إيران، لذا فإن طهران اختارت أن “تقف جانبًا وتركت الأسد يسقط”.
الأسد كان حليفا لإيران
تغيير الشرق الأوسط
إسرائيل لم تغب أيضًا عن هذا المشهد، بعدما اضطر حزب الله لسحب الآلاف من مقاتليه العاملين داخل سوريا للمساهمة في جهود التصدي للجيش الإسرائيلي إبان تنفيذ عملياته البرية في الجنوب اللبناني الأيام الفائتة.
وبجانب ذلك تردّد أن تل أبيب هددت إيران بقصف الطائرات التي أشيع أنها تستعد أن تنقل بها الأفراد والأسلحة لدعم الأسد مثلما فعلت في الماضي، حسبما ذكر أستاذ العلاقات الدولية إريك لوب لـ”الحرة”.
واعتبر لوب هذا الموقف تراجع عن قناعات إسرائيل القديمة التي كانت تفضّل بقاء الأسد في السُلطة بدلاً من وصول أيِّ من معارضيه الإسلاميين المتطرفين إلى الحُكم، لكنها عدّلت هذه الحسابات منذ أكتوبر 2023 بعدما باتت تعتبر أن نظام الأسد يشكّل خطرًا كبيرًا عليها.
وأضاف لوب أن العام الماضي شهد ضغوطًا هائلة على إيران، وجميع حلفائها في المنطقة، وتعرضوا لخسائر فادحة ضمن مساعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، ليس فقط لتحقيق انتصار عسكري في المعركة، وإنما إحداث تغيير شامل في موازين القوى الإقليمية، ويبدو أن نظام الأسد كان بين أهداف ذلك التغيير الكبير.
وتوقع زاده أن تمتدُّ أصداء سقوط الأسد إلى قلب النظام الإيراني الذي فقد قُدرته على الوصول إلى إسرائيل عبر سوريا ولبنان وهي خطوة ستحدُّ الكثير من طموحاته الإمبريالية بالشرق الأوسط.
ويقول “ما زال من غير الواضح كيف ستتأثر طهران بذلك، لكن المؤكد أن النظام الإيراني لن يكون نفس النظام الذي كان عليه من قبل، وقد تشهد الأيام المزيد من السيناريوهات المختلفة كالانهيار الداخلي أو الانقلاب العسكري أو الحرب الأهلية”.
أحمد متاريك
الحرة
———————-
موقف الجيش و”البعث”.. ملامح مفصلية للمرحلة الانتقالية في سوريا
ضياء عودة – إسطنبول
10 ديسمبر 2024
لا تقل أهمية المرحلة المقبلة التي ستشهدها سوريا عن اللحظة التي أعلن فيها قبل يومين سقوط نظام الأسد، وفي حين تتجه الأنظار إلى الشكل الذي ستكون عليه الحكومة الجديدة والترتيبات التي ستضعها من أجل المضي بإدارة البلاد تثار تساؤلات عن ملامح المحطات التي ستحدد مصير البلاد، على صعيد الحكم والدستور والقيادة.
وفي بيان له، الثلاثاء، قال المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون إنه “يجب وضع ترتيبات انتقالية يمكن الوثوق بها تشمل الجميع في دمشق”، مضيفا أنه يعتقد أن “المجتمع الدولي سيعيد النظر في مسألة تصنيف هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية”.
وبعدما أشار بيدرسون إلى أن “هيئة تحرير الشام هي الجماعة المهيمنة في دمشق حاليا لكنها ليست الوحيدة”، أكد على فكرة قائلا: “إذا لم يتم إشراك أوسع نطاق من المجموعات العرقية والأطراف السورية فهناك احتمال اندلاع المزيد من الصراعات”.
وكخطوة أولى في مرحلة “سوريا ما بعد الأسد” اجتمع قائد “تحرير الشام”، أحمد الشرع الملقب بـ”أبو محمد الجولاني” مع رئيس حكومة النظام سابقا، محمد الجلالي، وكان برفقته رئيس حكومة الإنقاذ السورية العاملة في إدلب، محمد البشير.
وخرج الاجتماع الذي عقد في دمشق، الاثنين، عن تسلم البشير مهام الحكومة من الجلالي كفترة انتقالية، على أن يتم التركيز في المرحلة المقبلة على حقائب الخارجية والدفاع والإعلام والداخلية، بحسب مصدر مطلع تحدث لموقع “الحرة”.
جانب من احتفالات السوريين في فرنسا بسقوط نظام بشار الأسد
ما ملامح المرحلة المقبلة؟
يرى الباحث السوري في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، أيمن الدسوقي أن “هناك عدم وضوح في طبيعة المرحلة الانتقالية عقب سقوط الأسد، مرده عدم وضوح المرجعية السياسية من جهة، وتعدد طروحات المرحلة الانتقالية من جهة أخرى في ظل تنافس عدة جهات على تصدير رؤيتها لهذه المرحلة”.
ويعتقد الدسوقي، في حديثه لموقع “الحرة”، بأن التوجه لتشكيل مجلس عسكري/مدني كما يتداول أن قد يكون مخرجا مؤقتا لحين الاتفاق على ملامح المرحلة الانتقالية بين السوريين، موضحا أن “هنالك نضوج سياسي فيما يتعلق بالحفاظ على مؤسسات الدولة تجنبا للسيناريو العراقي”.
ومع ذلك، يضيف أن “الأهم هو إدارة هذه المؤسسات في ظل ضعف الموارد وحالة الفوضى والضغوط الخارجية سيما في ظل العدوان الإسرائيلي المتكرر على سوريا”.
ومنذ لحظة الإعلان عن سقوط نظام الأسد قالت فصائل المعارضة المسلحة إنها ستحافظ على مؤسسات الدولة ولن تسمح بانهيارها.
وانعكس ما سبق بسلسلة قرارات وبيانات، كان آخرها استئناف عمل وزارة الخارجية السورية، بوجود الطاقم الدبلوماسي القديم.
ومن المقرر أيضا أن يستأنف المصرف المركزي في البلاد عمله الأسبوع المقبل، وكذلك الأمر بالنسبة لبقية الوزارات، خاصة تلك المعنية بشؤون المواطنين وأحوالهم، على الصعيد المعيشي والقانوني.
سوريون يحتفلون بسقوط بشار الأسد- أرشيفية من رويترز
ماذا عن الجيش والمؤسسات؟
يستبعد الدكتور زيدون الزعبي، المتخصص في إدارة الجودة والحوكمة، حل الجيش السوري و”حزب البعث” في ظل توقعات بتشكيل مجلس عسكري انتقالي من جميع الأطراف دون وجود تأكيدات على مشاركة “الإدارة الذاتية” في هذا المجلس من عدمها، مع الحديث عن تطبيق القرار 2254.
ويوضح الزعبي أن هذه المسألة ستستغرق وقتا، مضيفا أن الجسم العسكري الجديد سيقوم بناءً على التوافق مع مؤسسات المعارضة إلى جانب تشكيل مجلس مدني قبل التوجه لاحقا لكتابة الدستور وإجراء الانتخابات.
القضية المتعلقة بعدم حل الجيش أكدها بيان أصدرته الفصائل المسلحة، الثلاثاء، إذ طلبت من العساكر الفارين التوجه لمراكز أنشأتها من أجل الحصول على “بطاقة تسوية مؤقتة”، مما يعني أن الجنود السابقين سيظلون ضمن المؤسسة العسكرية.
وصدر بموازاة ذلك قرارات أكدت على ضرورة الحفاظ على كامل الوزارات ومؤسساتها، وشكلها الحالي المتعلق بتسيير أمور الموظفين والمواطنين.
ويرى الزعبي أنه بعد تشكيل المجلس العسكري وإصدار التعهدات بعدم حل الجيش وحزب البعث سيكون هناك حديث عن سلطة مدنية بالإطار العام لقرار مجلس الأمن 2254.
ويتابع أن القرار الأممي المذكور ينص على تشكيل هيئة حكم انتقالية مكونة من مجلس عسكري ومدني، على أن يتبع ذلك مرحلة كتابة الدستور وإجراء الانتخابات.
وفي حين أظهر الإبقاء على آخر رئيس حكومة لمزاولة مهامه لحين تشكل حكومة جديدة، فإن التوجه لتعيين محمد البشير من حكومة الإنقاذ لرئاسة حكومة جديدة يعكس تخوفا من “تحرير الشام” لمحاولات جهات الاستئثار بهذا النصر أو إقصائها، وفقا للباحث السوري الدسوقي.
ويرى أيضا أن الخطوة الأولى المتعلقة بتعيين البشير تعكس تخوفا من “القيام بثورة مضادة من بقايا منظومة النظام السابق، لكنه في المقابل يخلق تخوفات لدى بقية القوى السورية من إقصاء بحقها في إدارة المرحلة الانتقالية”.
أسماء الأسد وزوجها بلقطة أرشيفية
مستقبل سوريا.. بيد الشعب
وفي نص القرار الصادر في 18 ديسمبر 2015 عن مجلس الأمن الدولي، تأكيد على الالتزام بوحدة سوريا وسيادتها واستقلالها وسلامتها الإقليمية، كما يحاول التصدي للإرهاب الذي تنامى في البلاد التي مزقتها الحرب الأهلية منذ 2011.
ويؤكد القرار على ضرورة تنفيذ بيانات لمجموعة العمل من أجل سوريا (جنيف 2012، فيينا 2015)، كأساس للانتقال السياسي في سوريا، تحت قيادة سورية وبمشاركة الأمم المتحدة.
ويحث القرار على مفاوضات رسمية بين الحكومة السورية والمعارضة للبدء بعملية انتقال سياسي بحلول يناير 2016، مع دعم دور الفريق الدولي كمنبر رئيسي لتحقيق تسوية سياسية دائمة، وهو ما لم يحدث.
كما دعا قرار (2254) إلى تشكيل حكومة ذات مصداقية وشاملة خلال ستة أشهر، مع صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات نزيهة في غضون 18 شهرا تحت إشراف الأمم المتحدة.
وشدد على ارتباط وقف إطلاق النار بالتقدم في العملية السياسية، مؤكدا دعم وقف شامل لإطلاق النار بمجرد بدء عملية الانتقال السياسي.
إضافة لذلك، طالب القرار الأممي الأمين العام بقيادة جهود تحديد شروط وقف إطلاق النار وإنشاء آلية لرصد الالتزام به، مع تقديم تقرير خلال شهر (من تاريخه) بشأن الخيارات المتاحة، مبيناً أهمية دور الدول الأعضاء في الضغط على الأطراف للتقيّد بوقف إطلاق النار ودعم الجهود الفنية واللوجستية.
وبحسب القرار، يجب اتخاذ تدابير من أجل بناء الثقة، مثل السماح بوصول المساعدات الإنسانية، والإفراج عن المحتجزين تعسفياً، ووقف الهجمات ضد المدنيين، والالتزام بالقانون الدولي الإنساني وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين والنازحين وتأهيل المناطق المتضررة.
أيضا يكرر مجلس الأمن الدولي عبر هذا القرار دعوته -لأعضائه- الواردة في قرار آخر من عام 2015 رقمه (2249)، وهي منع وقمع الأعمال الإرهابية التي يرتكبها على وجه التحديد تنظيم داعش وتنظيم القاعدة أو المرتبطين به، و”جبهة النصرة” التي غيرت اسمها لهيئة تحرير الشام وتقود اليوم العملية العسكرية “ردع العدوان” ضد النظام السوري.
وطالب القرار (2254) الأطراف المتصارعة في سوريا، أن توقف “فورا” أي هجمات موجهة ضد المدنيين والأهداف المدنية في حد ذاتها، بما في ذلك الهجمات ضد المرافق الطبية والعاملين في المجال الطبي، وأي استخدام عشوائي للأسلحة، بما في ذلك من خلال القصف المدفعي والقصف الجوي.
ضياء عودة
—————————-
المفقودون السوريون… العائلات تبحث بيأس عن أحبائها/ بيل ترو
بين سجن المسلخ البشري الذي أنشأه الأسد ومشرحة المستشفى حيث تتكدس جثث مشوهة، سوريون يبحثون بلهفة ويأس عن أفراد عائلاتهم الذين اختفوا في ظل نظام الطاغية الوحشي
الأربعاء 11 ديسمبر 2024 19:12
السوريون يبحثون بيأس عن أحبائهم المفقودين وسط مستشفيات، مشارح، وسجون مدمرة، حيث تظهر أدلة على التعذيب المروع، وفي نفس السياق تبرز دعوات دولية لاستخدام التكنولوجيا الجينية والتحقيق بالانتهاكات لتحديد مصير المختفين ومحاسبة المسؤولين.
10 سنوات مرت منذ غادر الشاب السوري مرهف صافي منزله لشراء بدلة عرسه، ولم يعد.
10 أعوام مرت على آخر اتصال بينه وبين عائلته في العاصمة دمشق. 10 أعوام منذ آخر مرة نظر فيها شقيقه عبدالظافر، وعمره 38 سنة إلى وجهه.
ثم يوم الثلاثاء، بعد أيام قليلة على العملية المذهلة التي أطاحت نظام بشار الأسد، أرسل صديق عبدالظافر له صورة جثة مشوهة: الوجه مجروح والفم ملتوٍ والعينان مجوفتان وعليهما كدمات.
ويقول الرجل وسط دموعه وهو يمسك بشاشة هاتفه وعليها الصورة “سألني صديقي إن كان هذا أخي”. التُقطت الصورة داخل مستشفى حرستا العسكري في العاصمة “نعتقد أنه فارق الحياة قبل أيام قليلة من سقوط النظام”.
علم عبدالظافر أنهم وجدوا 35 جثة على الأقل تظهر عليها علامات التعذيب داخل غرفة مبردة في المستشفى- وقد تكون جثة أخيه الحبيب إحداها.
قال الثوار للصحافيين، إنهم تلقوا معلومات سرية من موظفي المستشفى عن إلقاء الجثث هناك، ثم نقلوا الجثث إلى وسط دمشق كي تتعرف إليها الأسر.
خارج المشرحة، عُلقت على الجدران صور الجثث المشوهة التي تعمل الأسر اليائسة على التدقيق فيها في الظلام باستخدام مصابيح الهواتف.
ومن بين هذه الصور، تعرف الأصدقاء ما يعتقدون أنه جثة مازن حمادة الذي أصبح أحد أبرز الناشطين السوريين في العالم بعد أن رفع صوته ضد استخدام نظام الأسد للتعذيب في أعقاب سجنه سنة ذاق فيها أصناف العذاب الجسدي والجنسي والنفسي الوحشي في صيدنايا.
بعد إطلاق سراحه عام 2013 ولجوئه إلى هولندا، شارك حمادة قصته المرعبة مع العالم. ولسبب غير معروف، قرر العودة إلى دمشق في مطلع عام 2020 ولم يُعرف عنه شيء منذ ذلك الحين.
داخل المشرحة، يتنقل الناس بين الجثث ويتفحصون الأشلاء المنتشرة على الأرض وهي في مراحل مختلفة من التحلل. كُتبت على بعض أكياس الجثث الملطخة بالدماء ملاحظات حول مكان العثور على الجثة وظروف العثور عليها.
ويقول عبدالظافر فيما يستعد لكي يلقي نظرة داخل الغرفة “لا زلنا حتى هذا اليوم لا نعلم سبب سجن أخي. عرفنا أنه مُحتجز في فرع الأمن السياسي لكنه نُقل بعد ذلك إلى سجن آخر وفقدنا كل اتصال به”.
تقف وراءه السيدة أم حمزة التي تقول، إنه ليس وحده، فهي الأخرى تبحث عن شقيقها وزوجي ابنتيها الذين اختفوا منذ سنوات.
وتضيف، “في كل بيت سوري مفقودين أو ثلاثة. هذا هو كابوسنا”.
يبذل الأقارب كل ما في وسعهم، من ملازمة محيط أسوأ السجون السورية سمعة إلى البحث في أروقة المستشفيات والمشارح المزدحمة، من أجل العثور على الذين اختفوا في ظل حكم الديكتاتور المخلوع.
إخوة وأمهات وآباء يمسكون بصور وهويات شخصية وصور هاتفية التقطوها عن صور ورقية قديمة، ويهرعون صوب أي شخص أو جهة يمكن أن يجدوا فيها معلومات عن أماكن وجود أقاربهم.
أكثر من نصف قرن من حكم أسرة الأسد البلاد وبطشها، بلغت ذروتها في حرب أهلية دارت رحاها آخر 13 عاماً، وبرزت خلالها الاعتقالات الجماعية والاختفاء القسري والقتل من دون محاكمة والإعدامات.
لا يعرف أحد ما هو العدد الحقيقي للمفقودين لكن تقديرات اللجنة الدولية لشؤون المفقودين تشير إلى أن مصير 150 ألف شخص على الأقل لا يزال مجهولاً، وقد فُقدوا في مختلف النزاعات التي عصفت بسوريا.
ومن بين هؤلاء أكثر من 3500 طفل وأكثر من 8500 امرأة كانوا لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري بحلول وقت الإطاحة بالأسد وفقاً للشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وقد انهار رئيس الشبكة فضل عبدالغني بالبكاء على قناة تلفزيونية سورية مقرها في تركيا، الإثنين الماضي، وهو يفصح عن اعتقاده بأن معظم المفقودين قد لقوا حتفهم.
وفيما اجتمع شمل بعض العائلات، دعت اللجنة الدولية لشؤون المفقودين المجتمع الدولي إلى المساعدة في العثور على باقي المفقودين.
وقالت المنظمة الدولية، الثلاثاء الماضي، إنها جمعت بالفعل بيانات من أكثر من 76200 شخص من أفراد أسر سورية أبلغت رسمياً عن اختفاء نحو 30 ألف شخص.
وتقول اللجنة، إن الوقت قد حان كي ينسق العالم جهوده باستخدام التكنولوجيا الجينية وقواعد المعلومات بغية العثور على المختفين.
وأضافت المنظمة وهي ترجو اعتبار مواقع الإعدامات وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان مسارح جريمة، “يجب إغلاقها وتفحصها في الوقت المناسب لحماية الحقيقة ومحاسبة المسؤولين أمام القضاء”.
لكن هذا لم يحدث للأسف في سجن صيدنايا حيث وقفت العائلات الغاضبة واليائسة أمام شاشات الكاميرات المهشمة وشاشات المراقبة المحطمة والحواسيب العملاقة المدمرة، التي يبدو أن حراس النظام خربوها قبل فرارهم.
يلقب هذا السجن المعزول بـ”المسلخ البشري” و”مخيم الموت”. وقد وصفت منظمة العفو الدولية هذا المكان الذي يقع على بُعد 30 كيلومتراً (19 ميلاً) إلى شمال العاصمة دمشق بـ”الوجهة الأخيرة” للمتظاهرين السلميين والمنشقين من الجيش.
بعد انتشار فيديو يظهر الثوار وهم يقتحمون السجن ويحررون نزلاءه، الأحد الماضي، استخدمت الأسر من أرجاء سوريا كافة ما تبقى لديها من وقود كي تقود سياراتها إلى المجمع سيء الذكر وتبحث عن أحبائها.
ويقبع كثيرون ليس لديهم أي مكان آخر يقصدونه على مراتب وضعت أرضاً خارج المجمع المخيف الذي تملؤه مياه المجاري ومقتنيات المساجين القليلة. يحفر البعض الأرض بأيديهم أو يحاولون ضرب الجدران بحثاً عن أقبية تحت الأرض وزنازين سرية يُشاع وجودها هناك.
ويقول والي صبحي نصار من حلب وهو ينهار بالبكاء “أخذ الحراس الشاشات التي تعمل وأقراص تخزين المعلومات للتستر على بشار الأسد ومجرميه. منذ شهر تقريباً، أخبرني جندي أن أخي موجود في صيدنايا. لكن ذلك الجندي اختفى الآن، وانقطع أي تواصل معه كلياً”.
يحاول رجل آخر أن يواسي والي الذي يتابع بقوله، “سوف نواصل ملاحقة هؤلاء المجرمين حتى النهاية. لم أكن لهم أي كراهية ولا حملت سلاحاً في حياتي لكنني الآن سأطاردهم”.
في الخارج، تستميت جموع العائلات في البحث عن أي أدلة. تمسك امرأة بذراعي وتجهش بالبكاء وتقول “أرجوكِ، أنا أحاول العثور على ابني عناد الذي اختفى منذ 12 عاماً”. ويصيح رجل آخر اسمه زكريا وكان معتقلاً سابقاً “سبعة أشخاص من عائلتي مفقودين. صورهم موجودة في سجلات السجن هنا – ولا بد أنهم هنا”.
في هذه الأثناء، تركض أسر أخرى من عنبر إلى آخر داخل مستشفيات العاصمة وهي تتوسل الموظفين الحصول على أي معلومات عن الذين أُفرج عنهم من السجون، وتسعى للاطلاع على تقارير حول مساجين عُذبوا بوحشية ذهبت بعقولهم وأنستهم أسماءهم.
يخرج أقارب المفقودين من غرفة في الطابق الرابع يتلقى فيها رجلان حُررا من سجون حمص ودمشق العلاج بعد تعرضهما لإطلاق النار والتعذيب – ليكتشفوا بأن عائلاتهما عثرت عليهما بالفعل.
تقول زوجة أحدهما، واسمها آلاء وهي أم لستة أطفال، إن زوجها محمد، وعمره 38 سنة، قضى العامين الأخيرين وراء القضبان بعد محاولته الفرار من التجنيد الإجباري. وقد عانى هناك من التعذيب وأُطلق عليه النار في الكتف فيما لاذت قوات النظام بالفرار. وقد حُرر من سجن صيدنايا الأحد الماضي.
وتقول آلاء وهي تبكي وتشرح كيف تواصل معها أحد مقاتلي المعارضة ليخبرها أن زوجها تحرر، “لم يسمحوا لي [نظام الأسد] أن أرى زوجي أبداً. كانوا يعذبونني كلما طلبت رؤيته. عندما علمت بتحريره من الأسر بدأنا أنا والأطفال بالبكاء”.
في مستشفى ابن النفيس المجاور، يخرج خالد المعتقل المُصاب الذي تحرر من صيدنايا بعد سنتين أيضاً برفقة عائلته التي تصطحبه إلى المنزل. تعرض خالد إلى الضرب والتعذيب لدرجة أنه ما عاد يذكر كثيراً مما حصل معه كما يقولون، ولم يتمكن أقاربه من معرفة مكانه سوى بسبب صورة التُقطت له داخل المستشفى وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي.
في المشرحة، يعثر عبدالظافر على الجثة التي يعتقد أنها تعود لأخيه، لكنها تحمل وشماً غريباً على أحد الذراعين والوجه مشوه إلى درجة تفقده يقينه. يجب إجراء فحص حمض نووي للتأكد إن كانت جثة أخيه أم لا. لكن في الوقت الحالي، هذا يعطيه بعض الأمل.
ويقول، “لا يمكنني الجزم. ما آمله هو أن يعني هذا وجود فرصة ضئيلة بأنه لا يزال على قيد الحياة”.
© The Independent
—————————
مرحلة ما بعد الأسد: كيف سيؤدي سقوط الديكتاتور السوري المفاجئ إلى تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط/ ناتاشا هول و جوست هيلترمان
الأربعاء 11 ديسمبر 2024 1:01
سقوط نظام الأسد المفاجئ يحدث تحولاً جذرياً في ميزان القوى بالشرق الأوسط، وهو متصل بالحرب التي اندلعت بين إسرائيل و”حزب الله” وأدت إلى إضعاف المحور الإيراني السوري.
لمدة أكثر من نصف قرن، بدا وكأن عائلة الأسد تتمتع بقبضة محكمة لا تتزعزع على سوريا. وبالاعتماد على جهاز أمني قوي، والاستخدام الوحشي للقوة، وحلفاء أقوياء مثل روسيا وإيران و”حزب الله”، تمكنت العائلة من الصمود في وجه انتفاضات متعددة، وحتى حرب أهلية مروعة قتل فيها مئات الآلاف، وفقد النظام خلالها سيطرته على جزء كبير من البلاد لبعض الوقت. في السنوات الأخيرة، نجح الرئيس السوري بشار الأسد، الذي فرضت على حكومته عقوبات وتعرضت للنبذ دبلوماسياً وإقليمياً ودولياً منذ عام 2011، في استعادة بعض من مكانته، مع إعادة سوريا لجامعة الدول العربية، وتداول أحاديث عن تخفيف العقوبات.
ولكن في الحقيقة، كان النظام واهناً. وبصورة مفاجئة للجميع، أطاح به الثوار التابعون لـ”هيئة تحرير الشام”، في غضون أيام قليلة، من دون أية مقاومة تذكر. الأحد الماضي، بعد أن سيطرت “هيئة تحرير الشام” بسرعة على دمشق، أعلنت روسيا أن الأسد لجأ إلى موسكو، بينما اصطحب رئيس وزرائه السابق إلى فندق “فور سيزونز” في العاصمة السورية لتسليم السلطة رسمياً. واستغرقت العملية بأكملها أقل من أسبوعين، وبالكاد شهدت إراقة للدماء، في تناقض صارخ مع الأعداد الهائلة من الضحايا الذين سقطوا خلال السنوات الأخيرة من حكم النظام.
وتعددت الأسباب وراء سلسلة الأحداث المذهلة التي مكنت “هيئة تحرير الشام” من إسقاط النظام السوري، بما في ذلك العملية الدراماتيكية التي نفذتها إسرائيل لتصفية قيادة “حزب الله”، حليف سوريا، وتدمير جزء كبير من ترسانة الصواريخ التابعة له، إضافة إلى تآكل قوة إيران ونفوذها نتيجة فقدان “حزب الله” كـ”خط دفاع أمامي”، وانهيار المحادثات بين أنقرة ودمشق في شأن إصلاحات في حكومة الأسد، وهبوط معنويات الجيش السوري الذي عانى تدني الأجور، وانشغال روسيا بالحرب المكلفة التي أشعلتها في أوكرانيا. ويبدو أن هجوم “هيئة تحرير الشام” الخاطف حصل في البداية على الضوء الأخضر من تركيا، التي كانت تحمي المتمردين منذ فترة طويلة في معقلهم في إدلب، شمال غربي سوريا، لكن الحملة كانت في الأساس مبادرة سورية محلية.
في الـ30 من نوفمبر (تشرين الثاني)، ومن دون سابق إنذار على ما يبدو، سيطر متمردو “هيئة تحرير الشام” على ثاني أكبر مدن سوريا، حلب، في يوم واحد، وتقدموا جنوباً نحو دمشق. وخلال تقدمهم، أشعلوا تمردات عفوية ضد حكم النظام في السويداء ودرعا في الجنوب ودير الزور في الشرق. وفي الخامس من ديسمبر (كانون الأول)، سيطروا على حماة، رابع أكبر مدينة في سوريا، وبعد يومين، سيطروا على حمص، ثالث أكبر مدينة، الواقعة على الطريق الذي يربط دمشق العاصمة بمعقل النظام العلوي في الجبال المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط. وكان الزخم الاستثنائي الذي اكتسبه المتمردون، إلى جانب التراجع الكبير في قاعدة دعم الحكومة، أقوى بكثير مما يستطيع النظام تحمله.
وفي سباقهم نحو دمشق، تمكن المتمردون من إنهاء حرب أهلية دولية الطابع، في الأقل في الوقت الحالي، بخاتمة إيجابية ومن دون تدخل أجنبي يذكر. في النهاية، تمكنت قوات المعارضة بسهولة من اجتياح المدن السورية التي لم يستعدها نظام الأسد وحلفاؤه، روسيا وإيران و”حزب الله”، إلا بعد سنوات من القصف الدموي والحصار خلال الحرب الأهلية. وفي الواقع، يمثل استيلاء المتمردين على البلاد تحولاً جذرياً في الشرق الأوسط، مما يترك القوى الإقليمية والدولية الكبرى في حال من عدم اليقين حول كيفية التصرف إزاء ما يحصل. قبل بضعة أسابيع فحسب، كانت إدارة بايدن تعمل مع الإمارات العربية المتحدة لرفع العقوبات عن سوريا في مقابل ابتعاد الأسد من إيران ومنع شحنات الأسلحة من الوصول إلى “حزب الله”، وفق مصادر متعددة تحدثت إلى “رويترز”.
لكن سقوط الأسد يظهر أيضاً كيف أن الصراعات المختلفة في المنطقة مترابطة بطرق لا يمكن توقعها، وما يمكن أن يحدث عند تجاهلها أو اعتبارها أمراً طبيعياً. وتشارك الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي والحرب الأهلية السورية هذا المصير نفسه، فأدى اندلاع الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي المفاجئ مجدداً بعد هجوم “حماس” في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) إلى حرب إسرائيل على غزة، وحملة الحوثيين في البحر الأحمر، وحرب إسرائيل في لبنان، وهجمات متبادلة بين إيران وإسرائيل. وفي سوريا، أنهى هذا الزلزال الأخير النظام القائم. وفي كلتا الحالتين، أظهرت الاضطرابات السريعة التي لم يكن أي طرف خارجي مستعداً لها، مدى حماقة تجاهل النزاعات الطويلة الأمد في الشرق الأوسط من أجل الحفاظ على وضع راهن لا يحتمل. وعلى رغم أن أسئلة عدة لا تزال قائمة حول الطريقة التي ستدير بها “هيئة تحرير الشام” البلاد، وما إذا كانت ستتمكن من مواجهة المجموعات المختلفة المتنافسة على النفوذ، يبدو أن نهاية الأسد ستؤدي إلى تغيير جذري في ميزان القوى في المنطقة.
الحرب التي نسيها الغرب
إن الحملة التي قادتها “هيئة تحرير الشام” ضد الأسد تعود جذورها للحرب الأهلية السورية التي بدأت عام 2011 ولم تنته فعلياً، فوسط انتفاضات الربيع العربي، أطلق المواطنون السوريون احتجاجات سلمية، لكن القمع الوحشي الذي شنه النظام دفع بعض المحتجين إلى حمل السلاح وتدخل القوات المتمردة، بما في ذلك تنظيما “داعش” و”القاعدة”. وسرعان ما تحول ذلك إلى صراع دولي تدخلت فيه قوى خارجية، وخصوصاً إيران ودول الخليج وروسيا وتركيا والولايات المتحدة، فقدمت الأسلحة والأموال للمجموعات المسلحة التي تفضلها. ولكن في ذلك الوقت، أثبتت إيران وروسيا، حليفتا النظام السوري، أنهما أكثر التزاماً: فقد قدمت إيران وميليشياتها الوكيلة، خصوصاً “حزب الله”، المساعدة للأسد في حصار شعبه وقصفه، بينما دمرت روسيا مدناً كاملة باستخدام طائراتها المقاتلة من طراز “سوخوي”. وبمساعدتهما، تشير التقديرات إلى أن النظام قتل ما لا يقل عن نصف مليون من شعبه، واعتقل 130 ألف شخص آخرين وأخفى أثرهم، وترك نحو نصف السكان، أي نحو 14 مليون نسمة، مشردين. في النهاية توقفت الأمم المتحدة حتى عن إحصاء عدد القتلى.
وكان للصراع تداعيات دولية واسعة النطاق، إذ أدى وصول أكثر من مليون لاجئ سوري إلى أوروبا عام 2015 إلى تسريع صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في عدد من البلدان الأوروبية، مما دفع الحكومات هناك إلى تعزيز علاقاتها مع القادة الاستبداديين مثل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس التونسي قيس سعيد للحد من تدفق اللاجئين. كما سعى عدد من هذه الأحزاب إلى استرضاء دمشق والكرملين، مما شكل فائدة إضافية لكل من النظامين. وكانت الحرب أيضاً بمثابة نجاح كبير لموسكو، التي استخدمت تدخلها المثمر عام 2015 لدعم نظام الأسد وتوسيع نفوذها العسكري. وللمرة الأولى منذ نهاية الحرب الباردة، كانت روسيا تشارك في صراع كبير خارج “الدول المجاورة لها”. إضافة إلى ذلك أولت روسيا أهمية كبيرة لقدرتها على الوصول إلى مينائها الوحيد ذي المياه الدافئة في طرطوس على ساحل البحر الأبيض المتوسط في سوريا، فضلاً عن سيطرتها على قاعدة حميميم الجوية بالقرب من اللاذقية، في غرب سوريا.
وعلى رغم أن الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا في 2022 يعد غالباً نقطة انطلاق التحالف المتنامي بين روسيا والصين، فإن الروابط المتينة بين البلدين بدأت فعلياً مع الحرب الأهلية السورية، عندما بدأت بكين بالتصويت بصورة متناسقة مع الكرملين في مجلس الأمن الدولي، مستخدمة حق النقض أكثر من أي وقت مضى. وعلى رغم أن دور الصين في سوريا كان محدوداً، إلا أن تصويتها وخطاباتها الداعمة للنظام السوري كانت وسيلة لردع الهيمنة الأميركية والتصدي لمحاولات محاسبة الحكومات السيادية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، مما ساعد في تعزيز التحالف بين بكين والكرملين في ما أصبح يعرف لاحقاً بالشراكة “بلا حدود”.
بحلول عام 2018، بدا للمراقبين الخارجيين أن الحرب الأهلية السورية احتويت وأصبحت تحت السيطرة إلى حد كبير. فحتى حلفاء الأسد وخصومه اعتبروه منتصراً على حد سواء، على رغم أن مصادر كثيرة أشارت إلى أن الوضع كان ينهار. فمنذ صيف 2024 أدت الهجمات الإسرائيلية في لبنان والهجمات ضد إيران إلى إضعاف إيران و”حزب الله” بصورة كبيرة، حليفي الأسد المخلصين. وفي الواقع، إضافة إلى القضاء على قيادات “حزب الله”، دمرت إسرائيل ترسانة الحزب الضخمة من الصواريخ الإيرانية، واستمرت في مهاجمة شحنات الأسلحة الإيرانية إلى “حزب الله” في سوريا حتى بعد إعلان إسرائيل ولبنان وقف إطلاق النار في الـ27 من نوفمبر. في الوقت نفسه كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي كثيراً ما كان خصماً للأسد، بدأ يفقد صبره بسبب رفض سوريا التوصل إلى تسوية مع تركيا. وحتى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الحليف المقرب من الأسد، كان محبطاً من عدم استعداد النظام لإيجاد نوع من التفاهم مع المعارضة.
في غضون ذلك تطورت “هيئة تحرير الشام” من فرع سوري لتنظيم القاعدة إلى جماعة إسلاموية تخلت عن الجهاد العابر للحدود الوطنية، مركزة صراعها بصورة كاملة على نظام الأسد. وفي انتظار الوقت المناسب، عقدت تحالفات مع مجموعات أخرى، واعتدلت في رسالتها، وحصلت على الحماية من تركيا، وأقامت حكومة مدنية في منطقة سيطرتها في إدلب، على رغم أنها كانت تحكم بقبضة من حديد. خلال تلك السنوات، لم يغفل المتمردون قط عن هدفهم الأكبر المتمثل في الإطاحة بالأسد. ثم في أوائل نوفمبر، وبسبب تعنت الأسد مرة أخرى، انهارت المفاوضات بين دمشق وأنقرة، في شأن تهيئة ظروف تسمح للاجئين السوريين في تركيا بالعودة لديارهم بأمان، وهي قضية أصبحت محورية بالنسبة إلى تركيا، وربما يكون هذا هو الأمر الذي دفع حكومة أردوغان إلى عدم اعتراض طريق “هيئة تحرير الشام” عندما قررت التمدد خارج إدلب بعد بضعة أسابيع.
في النهاية، لم يظهر أي من السوريين تقريباً استعداداً لتقديم مزيد من التضحيات من أجل هذا النظام، أو ببساطة لم يستطيعوا ذلك. وربما الأهم من ذلك هو أن “هيئة تحرير الشام” توقعت أن قوات الجيش السوري غير المدربة جيداً التي تتقاضى أجراً منخفضاً والمحبطة لن تبدي مقاومة جدية. وتبين أنها كانت على حق، إذ انسحبت القوات السورية في الغالب. وعندما شاهد سكان درعا والسويداء في الجنوب التقدم السريع الذي أحرزته “هيئة تحرير الشام”، انتفضوا بسرعة وطردوا قوات النظام من مناطقهم بمبادرة ذاتية.
ولعل الأمر الأكثر إثارة للصدمة كان انهيار الدعم الدولي للأسد، ففي السادس من ديسمبر استدعت روسيا قواتها ودبلوماسييها وبدأت في الانسحاب من قواعدها. ومع تضاؤل الخيارات سحبت إيران أيضاً ميليشياتها المتحالفة، مدركة أن القتال من أجل الأسد سيكون بلا جدوى. وفي الشرق أبرمت “قوات سوريا الديمقراطية” ذات الغالبية الكردية والمجالس العسكرية التي يقودها العرب اتفاقات مع قوات النظام للسيطرة على المناطق الخاضعة لسلطة النظام في دير الزور، والأهم من ذلك معبر البوكمال الحدودي مع العراق، مما قطع خطوط الإمدادات التي كان يتلقاها النظام من إيران والعراق. ومع اقتراب المتمردين من دمشق، انسحبت القوات الروسية والإيرانية وقوات النظام المتبقية أيضاً من مواقعها في شمال شرقي سوريا.
ابتهاج وقلق
إن مستقبل سوريا والمنطقة ككل مليء بعدم اليقين، فالاشتباكات مستمرة بالفعل بين الفصائل المسلحة التابعة للجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا في الشمال و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) ذات الغالبية الكردية. وفي حين يشعر معظم السوريين بالابتهاج، بمن في ذلك ملايين المنفيين الذين بدأوا يعودون لديارهم من لبنان وتركيا وأماكن أخرى، فإن مصير عدد من الأكراد الذين طردتهم تركيا سابقاً من عفرين ومناطق أخرى في الشمال أقل يقيناً، إذ أعلن الجنرال مظلوم عبدي، القائد العام لـ”قوات سوريا الديمقراطية”، أن إدارته سعيدة بسقوط نظام الأسد، وأنها تنسق مع “هيئة تحرير الشام”، لكن الأكراد وتركيا سيحتاجون إلى التوصل إلى حل وسط لا يؤدي إلى إطلاق العنان لمزيد من إراقة الدماء داخل حدود سوريا وخارجها، وهو تحد صعب حتى في أفضل الظروف.
وفي الوقت نفسه، لا يزال آلاف من مقاتلي تنظيم “داعش” محتجزين في سجون شمال شرقي البلاد تحت سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”. وإذا هرب هؤلاء المقاتلون أو عاودت خلاياهم تنظيم صفوفها، فسيشكلون تهديداً كبيراً لأية حكومة تأتي بعد الأسد وللمنطقة بأسرها. وعلى نحو مماثل، اجتاحت إسرائيل بالفعل المنطقة المنزوعة السلاح على حدود سيطرتها مع سوريا، وهي مستمرة في ضرب مستودعات الأسلحة ومواقع يشتبه بأنها تنتج أسلحة كيماوية. وفي الوقت الحالي يبدو أن تركيا حققت مكاسب كبيرة في هذا السيناريو، في حين تكبدت روسيا خسارة فادحة نتيجة لتراجعها المتسرع. ولكن يبدو أن إيران هي الخاسر الأكبر، بعد أن انهارت استراتيجيتها “الدفاعية الأمامية”، وأصبحت طهران نفسها الآن عرضة بصورة خطرة لهجوم إسرائيلي محتمل على برنامجها النووي.
وفي خضم هذا التغير السريع في توازن القوى الخارجية، سيواجه السوريون معركة صعبة لتقاسم السلطة في الداخل. في الواقع، صنفت الولايات المتحدة “هيئة تحرير الشام” جماعة إرهابية، وهي لا تتمتع بشعبية كبيرة في معقلها إدلب. وحتى الآن، كان زعيمها أبو محمد الجولاني حريصاً على اتخاذ مواقف تصالحية معتدلة، ليس مع الأقليات السورية المتعددة فحسب، بل أيضاً مع مسؤولي النظام السابق. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ما إذا كان هذا النهج سيستمر وما إذا كانت الجماعات المتمردة الأخرى والفصائل المعارضة ستتبع خطاه. ومع عودة مزيد من السوريين للبلاد، بمن في ذلك قادة المعارضة المختلفون، ستنشأ توترات حتمية. وقد يجد عدد من الناس منازلهم منهوبة أو عائلات جديدة تعيش فيها. وقد ينشب صراع على السلطة بين الجماعات المسلحة داخل سوريا والمعارضة المنفية. في الوقت الحالي يبدو أن “هيئة تحرير الشام” تتبنى نموذج حكم شامل على المستوى المحلي، يتضمن الأقليات وأولئك القادمين من مناطق لم تخضع سابقاً لسيطرة المعارضة.
في الواقع كان الهجوم الذي شنه المتمردون ممكناً جزئياً، بسبب الديناميكيات خارج حدود سوريا، بما في ذلك تفكيك “حزب الله” وتدهور العلاقات بين أنقرة ودمشق. في المقابل فإن سقوط الأسد سيحدث صدمة كبيرة تتجاوز حدود سوريا، ومن أجل ضمان دولة مستقرة وموحدة ستكون هناك حاجة إلى دعم إقليمي ودولي عاجل ومستدام لمساعدة “هيئة تحرير الشام” في استعادة النظام، وإقامة حكومة مدنية، وتشجيع المصالحة والعدالة الانتقالية، والبدء في إعادة بناء دولة مدمرة.
لقد أهملت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون سوريا لفترة طويلة، إذ اعتبروا نظام الأسد غير قابل للتغيير، إلى أن اكتشفوا أنه ليس كذلك. والآن، سوريا على وشك أن تصبح دولة فاشلة. ومع الإرث الثقيل الناجم عن سنوات من العقوبات الدولية وسوء الإدارة الاقتصادية، لا يمكن استبعاد احتمال اندلاع حرب أهلية جديدة ومزيد من عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة. ومن أجل منع وقوع مأساة أخرى يتعين على الدول الغربية ودول الخليج العربي، على وجه الخصوص، التواصل مع القادة الجدد في دمشق، وتوجيههم نحو حكم براغماتي، إن لم يكن ديمقراطياً. وبعد أن استعاد الشعب السوري الأمل أخيراً مع سقوط بيت الأسد، فهو يتوقع من البلدان التي تركته يعاني لسنوات طويلة أن تقدم له الدعم الذي يستحقه.
ناتاشا هول زميلة بارزة في “برنامج الشرق الأوسط” في “معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية”
جوست هيلترمان هو مدير “برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” في مركز “مجموعة الأزمات الدولية” للبحوث.
مترجم عن “فورين أفيرز”، 9 ديسمبر (كانون الأول) 2024
—————————————–
مسلخ “صيدنايا” البشري… حقّ الضحايا في العدالة وفي الرواية الكاملة/ سامر أبوهواش
كيف بنى نظام الأسد الشخصية الساكيوباتية التي نهضت بأركانه؟
11 ديسمبر 2024
لم يمثّل هروب بشار الأسد من سوريا، العلامة الحاسمة الوحيدة على سقوط نظامه الدمويّ. كانت لحظة اقتحام المعتقلات سيئة الذكر، وفي مقدمها معتقل “صيدنايا”، وإطلاق المعتقلين بداخلها، هي اللحظة الحاسمة والحكاية المفصلية. حكاية السوريين مع الديكتاتورية الأسدية، هي قبل كلّ شيء آخر حكاية اعتقال: اعتقال إرادتهم، آرائهم، تطلعاتهم، مشاعرهم، وصولا إلى الاعتقال الأقسى والأوضح، اعتقالهم جسديا والتنكيل بهم داخل تلك المسالخ البشرية.
ما رآه العالم منذ انهيار نظام الأسد وفتح أبواب المعتقلات، هو ما كان يعرف بوجوده، بداية من أماكن هذه المعتقلات والممارسات التي تجري في داخلها، وصولا إلى أسماء المعتقلين وأعدادهم، وبيانات اختفائهم، لكنّ المشاهدة شيء آخر، إذ أنها لا تخبر عن المعتقلين والمعتقلات، بقدر ما تكشف حجم قباحة العالم الذي نعيش فيه، وحجم الصمت الذي كان سائدا قبل سقوط النظام.
على بعد أمتار
بدا بديهيا على سبيل المثل، أن يعاود سوريون استحضار صور “سياح” من حول العالم، ممن كانوا يزورون دمشق أو غيرها، ويلتقطون الصور التي تعكس تمضيتهم أوقاتا سعيدة في “سوريا الأسد”، وهم على مقربة أمتار من تلك المعتقلات المشؤومة.
هذا الاستحضار يريد أن يذكّر العالم بجريرته الفادحة تجاه السوريين ومأساتهم، بصمته بل بتواطئه في كثير من الأحيان، مع نظام استباح جوهر الحياة الإنسانية، وأطلق منذ بداياته الأولى آلة القتل والتعذيب والترويع في حق أبناء بلده. وإذ يقف هذا العالم مصدوما أمام مشهد الخارجين أخيرا من ظلام السجون، بعضهم فاقد القدرة على التمييز، أو النطق، أو الحركة، فضلا عمن فقدوا الذاكرة والعقل، فإن المفارقة أنه ينسى أنه لا يزال واقفا على أعتاب مقبرة هائلة لم تترك بقعة من سوريا إلا وتمدّدت إليها.
الأرقام قد تتفاوت بحسب الجهات التي تصدرها، لكنها جميعها تتفق على أن عدد القتلى وحدهم هو بمئات الآلاف، ناهيك عن ملايين المفقودين والنازحين والمهجرين والجرحى. تضاف إلى ذلك ملايين الضحايا ممن كان عليهم التعايش مع نظام القمع وتمضية أيامهم ولياليهم خائفين من يومهم ومما قد يحمله إليهم غدهم.
أحد الفيديوهات التي انتشرت بعد اقتحام معتقل “صيدنايا” يظهر لبرهة سريعة، من قلب الظلام، امرأة هزيلة قابعة فوق سرير بجوار أصفادها، فاقدة الملامح، أقرب إلى الشبح، داخل زنزانة انفرادية. صورة تبدو آتية من مجاهل التاريخ، ولعلّ مثل هذه الصور هي التي شجّعت كثيرين على الاعتقاد بأن هناك آلافا مؤلفة من المعتقلين، قابعة في زنازين سرية تحت الأرض. لا يزال الوقت مبكرا لنعرف كلّ شيء، وليكشف النقاب عن كل أمكنة الاعتقال والتعذيب والإخفاء، لكنّ ما رأيناه حتى الآن يرسم صورة مرعبة في شدّة وضوحها ودلالاتها.
التخيّل هنا حيلة العاجز عن الفهم، لاستعادة شيء من الصواب والعقل، وهو ما لا يفلح غالبا، لأن الجريمة أفدح من أن يتعامل معها عقل أو أن يضع لها أسبابا ومسوغات وأن يدرجها في سياق أي منطق.
السايكوباتي الأوّل وأبناؤه
ما فعله نظام الأسد طوال عقود وعقود هو أمر لم يفعله أيّ نظام ديكتاتوري آخر، بما في ذلك النازية. فالنازية اقترفت أبشع جرائمها في فترة محددة من الزمن، وهنا تكمن فظاعتها الكبرى، وهذا مغزى المحرقة النازية، أي الإبادة المتحققة في أكبر الأعداد وأسرع الأوقات وأفعل الوسائل وأشنعها.
وهذا نوع الإبادة الذي تقترفه إسرائيل في غزة أيضا. أما ما فعله نظام الأسد، وهذا أيضا يشترك فيه مع إسرائيل، فهو أنه تمكن من مجاورة الحياة مع الموت، والموازاة بينهما، كأن ازدواجيتهما هذه وتوازيهما هذا، أمر طبيعي. خلق النظام بؤرا وعوالم متوازية من العيش؛ هناك عيشه هو وعناصره وطبقته والمستفيدون منه. هناك عيش سائر السوريين في مدنهم وشوارعهم وبيوتهم. وهناك عيش من هم، من بين أولئك السوريين، منذورون للقتل والاعتقال والتعذيب والإخفاء، بمجرد نطقهم كلمة خطأ في مكان خطأ أو أمام الشخص الخطأ.
أي أن الشعب السوري برمته، باستثناء النظام، كان معتقلا، وهذا النمط من الاعتقال أصبح أنماطا وأشكالا ودرجات، أقصاها في طبيعة الحال، ما يتجسد في معتقل مثل “صيدنايا”.
لا يقوم حدّ التمييز الجوهري، إذن، بين معتقلي الداخل (في المعتقلات) ومعتقلي الخارج (في عموم سوريا)، على فكرة سلب الحرية وحدها، بل على التفاوت في درجات القهر والتعذيب. خارج المعتقل أنت “مواطن” حتى إشعار آخر. داخل المعتقل أنت لم تعد “مواطنا” أصلا.
السايكوباتية الراسخة في بنية هذا النظام، ولّدت آلاف السايكوباتيين الذين يتحدّد مدى ولائهم بمدى قدرتهم على الافتراس، ثم على التنكيل والوحشية. التفنن في التعذيب والإهانة وامتهان الكرامة والاغتصاب والضرب إلخ، وصولا إلى “المكبس البشري”، هو في نهاية المطاف من صنع بشر تحولوا إلى وحوش مفترسة. مع وصول كاميرات الموبايلات، صار هذا كله بمثابة أداة سياسية للترهيب. مشهد ضابط النظام الذي يصوره زميل له وهو يقتل المعتقلين قبل رميهم أو بعد رميهم في حفرة، في ما يعرف باسم “مجزرة التضامن” في أبريل/ نيسان 2013، هو تجسيد لهذا الواقع بوصفه سياسة ومنهجا. أما البقية، من لم يقتلوا فورا، الذين أودعوا عتمة الزنازين، فكان المراد معاقبتهم في طبيعة الحال و”تأديبهم”، لكنّ المراد الأكبر كان معاقبة أهلهم وتأديب الشعب السوري برمته.
وجودهم هناك في قلب الظلمات، هو وجود اختطافي. هم رهائن للابتزاز، وكلّ ضربة تنهال على أجسادهم وكلّ إهانة تقصف فيها آذانهم، هما من قبيل ابتزاز المجتمع بـأسره ووضعه في حالة المجتمع المعلّق، القابع في حالة من الخوف والانتظار والترقب الدائم.
هكذا تناسل من القاتل (الأسد) قتلة لا يُعرف عددهم وسنحتاج زمنا طويلا قبل أن نعرف أسماءهم جميعا، فضلا عن محاسبتهم الحساب العادل.
إلا أن أولوية الأولويات الأخلاقية وتلك المرتبط بالعدالة المستدامة، خارج حسابات السياسة المباشرة، هي معرفة القصة الكاملة أولا لهذه المعتقلات، وهذا لا يقف عند حدود شهادات التعذيب والإخفاء والقتل، بل يطاول الطرف الآخر الذي كان يمارس ذلك كله؛ كيف خُلق هذا الوحش؟ كيف تربّى ونما؟ أي كيف بنى هذا النظام الشخصية السايكوباتية ودرّبها ورعاها؟
إن رسم بورتريه دقيق وواضح لسكايوباتيي الأسد، له أن يساعد في فهم أحد أكثر أوجه الشرّ إظلاما واستبدادا وكيفية تفكيكه والتعامل معه مستقبلا.
————————–
مكسيم خليل يوجه رسالة إلى ضباط وطياري النظام السوري
دعا الفنان السوري مكسيم خليل الضباط والطيارين السوريين العاملين في جيش النظام إلى التفكير بعقلانية، مخاطباً إياهم بضرورة اتخاذ موقف تاريخي يسهم في الحفاظ على سوريا وشعبها.
وقال خليل في تغريدة على منصة “إكس”: “إلى الضباط والطيارين السوريين، إلى أهلنا في دمشق والساحل وكل المناطق الساخنة: استمعوا لصوت العقل، كونوا شركاء في معركة سوريا لأجل السوريين، لنحافظ على ما تبقى من مدننا ودمائنا”.
وأضاف: “أنتم الآن مزجون في معركة بقاء الديكتاتور. معركة السوريين ليست معكم. نحن جميعاً أبناء سوريا، ومعركتنا واحدة، مع من أوهموكم وأوهمونا أنهم الوطن. الوطن أكبر منهم، الوطن للشعب، الوطن للجميع. كونوا جزءاً من التوحيد، فهم لا يعنيهم التقسيم. هي ليست مؤامرة، هي معركة ضد أكبر مؤامرة. ليست معركة طائفة أو أقلية، هي معركة ضد الطائفية”.
“كونوا شركاء بالحرية”
ولفت إلى أن ما يجري “ليست معركة ضد سوريا، هذه معركة سوريا. استمعوا لصوت العقل، كونوا جزءاً من بناء مستقبل جديد لسوريا بعيد عن الاستبداد. كونوا جزءاً من الاستقرار، كونوا جزءاً من التطمين، كونوا مكوناً من مكونات جيش سوريا المستقبل”.
وختم بالقول: “احتضنوا وافتحوا أيديكم للقادمين. القادمون أهلكم، سوريون مثلكم. تعالوا نبني وطناً يتسع لنا جميعاً، نتساوى فيه جميعاً، ونتساعد فيه جميعاً. احقنوا ما تبقى من دماء. لتكن عقيدتنا سوريا، سوريا العظيمة، سوريا الحرّة. أنتم تحمون سبب هذا الخراب. عدوكم الحقيقي هناك، يختبئ في حماكم، خلف ظهوركم، ينتظر دخولكم المحرقة. فقط استديروا الآن وكونوا جزءاً من هذا التغيير. كونوا شركاء في كتابة تاريخ جديد. كونوا شركاء في الحرية”.
مكسيم خليل يعلق على المعركة
وقبل أيام، علّق الفنان السوري مكسيم خليل على معركة “ردع العدوان”، التي أطلقتها فصائل المعارضة السورية ضد قوات النظام، مشيراً إلى أهمية التكاتف ووحدة الشعب السوري لتحقيق مستقبل أفضل.
—————————
ما حقيقة اغتيال عالم كيمياء في سوريا
11 كانونالأول2024
عنب بلدي أونلاين
تداولت صفحات محلية ومواقع إخبارية خبر اغتيال عالم كيمياء سوري داخل منزله في العاصمة السورية دمشق من قبل مجهولين، مع إرفاق صورة قيل إنها للعالم المُستهدف، لكن تبيّن أن هذا الخبز مزيّف.
وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” كانت إحدى الوسائل التي نقلت الخبر، الثلاثاء 10 من كانون الأول، وقالت إنه عُثر على عالم الكيمياء العضوية السوري “حمدي إسماعيل ندى” مقتولًا في منزله.
وأضافت الوكالة نقلًا عن مصادر قالت إنها محلية، أن “الجريمة وقعت في ظروف غامضة، ما أثار حالة من الصدمة والحزن بين الأوساط الأكاديمية والعلمية”.
وذكرت الوكالة الإيرانية أن “الدكتور حمدي “يعتبر من أبرز العلماء في مجاله، وكانت له إسهامات في تطوير الأبحاث الكيماوية على المستوى المحلي والدولي.
بدوره قال موقع “صوت العاصمة”، إن “حمدي إسماعيل” دكتور الكيمياء العضوية قُتل في دمشق، دون ذكر تفاصيل إضافية.
عنب بلدي قامت بالتأكد من صحة الخبر، حيث تبين أن ذات الصورة التي أُرفقت مع خبر اغتيال عالم الكيمياء في سوريا، تعود إلى رجل مصري يُدعى “حمدي إسماعيل ندى”.
وكتب الرجل المصري عدة منشورات عبر حسابه على “فيس بوك”، ينفي فيه خبر اغتياله، ويسخر من الإشاعة.
وقالت منصة “تيقن” المتخصصة في التحقق من المعلومات، إنه بعد البحث أكثر في الخبر لم يعثر الفريق على أي مصدر موثوق يدّعي أنه المصدر الأول الأساسي للخبر.
كما تواصل فريق “تيقن” مع صاحب الصورة المتداولة “حمدي إسماعيل ندى”، الذي أكد أن الصورة تعود له، وأنه بخير ولا صحة لما يُنسب له.
وأضاف، “أنا طبيب مصري من القاهرة أبلغ من العمر 74 عامًا، وآخر مرة زرت فيها دمشق كانت منذ تسع سنوات في زيارة عمل لمدة أربعة أيام”.
جاء نشر الادعاء بعد سقوط النظام السوري، وفرار الرئيس المخلوع بشار الأسد خارج البلاد، عقب انهيار قواته السريع أمام فصائل المعارضة التي دخلت دمشق في 8 من كانون الأول الحالي.
كما تزامن نشر الخبر مع موجة قصف للطيران الإسرئيلي، استهدفت مواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومواد كيماوية في عدة مناطق سورية.
————————
وفق أي شروط ومحددات ستتعاون أوروبا مع الحكومة السورية الجديدة؟
أبدت دول غربية عديدة استعدادها للتعاون مع المعارضة السورية التي أمسكت بزمام السلطة في سوريا بعد سقوط نظام الأسد. وفي هذا الصدد، تداولت أوساط إعلامية ودبلوماسية معلومات تفيد بتوجه الولايات المتحدة الأميركية وعدة عواصم أوروبية نحو رفع اسم “هيئة تحرير الشام” من قوائم الإرهاب، بصفتها فاعلًا أساسيًا في الإطاحة بالنظام وطرفًا محوريًا في معادلة سوريا ما بعد الأسد.
وتعدّ هذه الخطوات أساسيةً في مساعي الحكومة الجديدة لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا خلال حكم بشار الأسد.
وفي آخر تطورٍ على هذا الصعيد، أعلنت باريس وبرلين في بيانٍ مشترك استعدادهما “للتعاون مع قوات المعارضة السورية المسلحة التي أطاحت ببشار الأسد والحكومة المنبثقة عنها، ولكن بشروط معينة”.
وبحسب البيان الألماني-الفرنسي، الذي أعقب مكالمةً هاتفية بين المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فإن الطرفين اتفقا على “التوجه إلى التعاون مع الحكومة الجديدة وفقًا لالتزامها بحقوق الإنسان الأساسية وحماية الأقليات من الأديان والأعراق المختلفة”.
ورحّب البيان الألماني-الفرنسي بزوال حكم بشار الأسد، الذي تسبب وفقًا لباريس وبرلين في “معاناة مروعة للشعب السوري وألحق أضرارًا كبيرة بالبلاد، قبل سيطرة قوات المعارضة على العاصمة دمشق وفراره إلى روسيا الأحد الماضي”.
الاتحاد الأوروبي من وراء ذلك:
يمهّد الموقف الفرنسي والألماني الطريق لبقية دول الاتحاد الأوروبي، كما يسهّل لاحقًا رفع العقوبات الاقتصادية الكثيرة المفروضة على سوريا. وألمح بيان شولتس وماكرون إلى ذلك عندما أكدا أنهما “اتفقا على التعاون لتعزيز مشاركة الاتحاد الأوروبي في سوريا، بما في ذلك دعم عملية سياسية شاملة، إلى جانب سبل المضي قدمًا بالتنسيق الوثيق مع الشركاء في الشرق الأوسط”.
وسيقتضي ذلك بدرجةٍ أولى من الحكومات الأوروبية ومن واشنطن رفع اسم “هيئة تحرير الشام” المصنفة “منظمة إرهابية” من قوائم الإرهاب، نظرًا لكونها تمثّل أكبر قوة مسلحة في المعارضة.
وبالفعل، أفادت وسائل إعلام عالمية منذ يوم أمس أن لندن وواشنطن “تتجهان لرفع الحظر عن هيئة تحرير الشام التي تقود المعارضة السورية المسلحة، بعد أن ساعدت في الإطاحة بنظام الأسد”. وكشفت عواصم غربية وإقليمية عن إرسال مسؤولين لبحث الأوضاع في سوريا.
ملف اللاجئين السوريين:
لا يمكن فصل التوجهات الغربية للتعاون مع الحكومة الجديدة عن قضية اللاجئين السوريين التي تؤرّق أوروبا، وتبحث لها منذ فترة عن حلّ، إلى حدٍ جعل بعض العواصم الغربية تطبّع علاقاتها مع النظام السوري أملًا في إعادة اللاجئين إلى سوريا.
وبوصول المعارضة السورية إلى حكم سوريا، تراجعت إلى حد كبير الكثير من المخاوف التي تُستدعى عند الحديث عن إعادة اللاجئين، على غرار المخاوف من تعرضهم للانتقام من طرف النظام.
وبالفعل، بدأت عواصم أوروبية باتخاذ إجراءات تمهيدية لإعادة اللاجئين السوريين بمجرد إسقاط نظام الأسد، حيث أوقفت دول، بينها ألمانيا والنمسا، معالجة طلبات اللجوء للسوريين. وجاء هذا القرار بعد يوم واحد من سقوط نظام بشار الأسد وبدء توافد السوريين للعودة إلى بلادهم.
وصرح المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا، اليوم الاثنين، بأن قرار تعليق طلبات اللجوء جاء نتيجة “عدم وضوح الوضع السياسي في سوريا”. وأوضح المتحدث الرسمي للمكتب، في تصريحات نقلتها “يورونيوز”، أن الطلبات المتأثرة بالقرار تبلغ 47,270 طلبًا، لكنها تشمل فقط الطلبات الجديدة، حيث لن يتأثر من حصلوا بالفعل على اللجوء.
يجدر الذكر أن أكثر من 800 ألف سوري يعيشون في ألمانيا، غالبيتهم أتوا كلاجئين بعد القرار التاريخي للمستشارة السابقة أنجيلا ميركل في عام 2015 بالسماح لمليون طالب لجوء بدخول البلاد.
ومع اقتراب الانتخابات الألمانية المبكرة في شباط/فبراير المقبل، أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “إنفراتست”، ونقلته وكالة “رويترز”، أن الهجرة تحتل المرتبة الثانية كأكبر تحدٍ تواجهه ألمانيا، مما عزّز صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة والمحافظة.
ومع إعلان ملايين اللاجئين السوريين عن رغبتهم في العودة إلى وطنهم بعد سقوط النظام، يبقى مستقبل السوريين في أوروبا معلّقًا بانتظار تطورات الوضع السياسي في سوريا، والتي قد تحدد طبيعة علاقتهم بالدول المضيفة.
————————–
“إعدام ابن عم بشار” و”معتقل سجن صيدنايا”… معلومات مضلّلة عن إسقاط نظام الأسد
مجتمع التحقق العربي (AFH)
الأربعاء 11 ديسمبر 2024
يأتي هذا المقال في إطار نشرة أسبوعية متصلة بتدقيق “المعلومات”، ينشرها رصيف22 بالتعاون مع “مجتمع التحقّق العربي”، وهو مشروع بحثي متخصص يعتمد على البرمجيات لدعم منصّات التحقّق الإخباري العربية، وذلك عبر بضع آليات، منها استحداث قاعدة بيانات تجمع محتوى منصّات التحقّق إلكترونياً بمعايير تقنية موحدة ما يتيح أدوات بحث وتحليل واسعة النطاق.
تتصدّى نشراتنا المختلفة لاضطراب المعلومات، والتحديات التي يفرضها علينا في الوصول للحقيقة، ما يضمن تقديم أخبار دقيقة وموثوق بها للجمهور.
أطلق إسقاط المعارضة السورية لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، ومغادرة هذا الأخير سوريا إلى وجهة غير معلومة، وابلاً من المعلومات المضلّلة عن مصير الرئيس السابق وعائلته، علاوة على المعارضة السورية التي تتصدّر المشهد السياسي في البلاد راهناً وموقفها إزاء القضية الفلسطينية من جهة، والصراع مع إسرائيل من جهةٍ أخرى.
تضليل حول مصير بشار الأسد
بعد سيطرة فصائل المعارضة السورية المسلّحة وعلى رأسها “هيئة تحرير الشام” على العاصمة السورية دمشق، راجت معلومات مضلّلة عن مصير بشار الأسد وعائلته. ومن ذلك، رواج صورة لبشار الأسد وزوجته، أسماء الأخرس، على مواقع التواصل الاجتماعي، مرفقةً بادعاء مفاده أنها الصورة الأولى لهما في العاصمة الروسية موسكو، بعد مغادرتهما سوريا عقب سيطرة المعارضة على العاصمة دمشق.
توصّل تدقيق منصّة “فارق” السورية في الادعاء إلى أن الصورة المتداولة مأخوذة من فيديو يعود إلى زيارة الرئيس المخلوع وزوجته إلى مستشفى في حلب لمعاينة مصابي الزلزال الذي ضرب المدينة عام 2023. هذه النتيجة أكدتها أيضاً منصّة “صواب” ومنصّة “صحيح مصر”. وفي سياق متّصل، تجدر الإشارة إلى أن مصدراً في الكرملين صرّح لوكالة “تاس” بأن الأسد وأفراد عائلته وصلوا إلى موسكو حيث مُنحوا حق اللجوء لـ”أسباب إنسانية”.
إلى ذلك، كشفت منصّة “الفاحص” زيف خبر متداول مفاده “رويترز: تم التأكد من تحطم طائرة كانت تنقل بشار الأسد أثناء هروبه”. إذ لم تنشر رويترز على موقعها الرسمي أو صفحاتها على مواقع تواصل الاجتماعي خبراً عن تأكّد تحطّم طائرة بشار الأسد. كما نقلت وكالات أنباء روسية خبراً عن الكرملين يؤكد وصول بشار الأسد وعائلته إلى موسكو ومنحهم حق اللجوء.
كما تحقّقت منصّة “صحيح العراق” من مقطع مصور، يظهر تجمع حشود قرب رافع يتدلى منها شخص، مع ادعاء أن المشاهد توثّق إعدام عمار الأسد، ابن عم الرئيس الهارب، بالتزامن مع انهيار النظام ودخول المعارضة إلى دمشق. اتضح للمنصّة أن الفيديو مضلّل، إذ يرجع لشاب يدعى عمار الأسعد، وقد أُعدِم في درعا حديثاً جراء ارتكابه جريمة قتل عمداً.
معلومات مضلّلة عن المعارضة السورية
عقب إطاحة المعارضة المسلّحة النظام السوري وسيطرتها على العاصمة دمشق، بالإضافة إلى هروب بشار الأسد من الأراضي السورية، انتشرت ادعاءات حول فصائل المعارضة ومواقفها السياسية لا سيّما تجاه إسرائيل. من هذه الادعاءات، القول إن هيئة تحرير الشام تقوم بالتنسيق مع إسرائيل، وإنها ارتكبت اعتداءات ضد النساء خلال عمليات الإطاحة بالنظام، وصولاً إلى مزاعم بشأن بدء تنظيم عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم.
تداولت حسابات مواقع التواصل الاجتماعي صورة منسوبة لقناة “الشرق” تتضمن تصريحاً مزعوماً لزعيم هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع، المعروف بـ”أبو محمد الجولاني”، مفاده أن “دخول الجيش الإسرائيلي إلى الأراضي السورية يتم بالتنسيق مع الهيئة”.
فنّدت منصّة “صواب” الصورة المتداولة ووجدت أن التصميم المستخدم في تأطير الخبر يختلف بشكل واضح عن التصميمات المعتمدة في القناة المذكورة. بالإضافة إلى ذلك، أشارت المنصّة إلى وجود أخطاء إملائية بارزة في النص، ما يؤكد أن الخبر لم يصدر عن القناة.
كذلك تحقّقت منصّة “صحيح العراق” من مقاطع فيديو وصور تتضمّن اعتداءات بحق نساء، مع زعم أنّ فصائل المعارضة ارتكبتها أثناء عملية الإطاحة بالنظام. واتضح أن هذه المقاطع تعود إلى أحداث مختلفة وقعت خلال السنوات الماضية، وليس لها ارتباط بتطورات الأوضاع في سوريا منذ انطلاق عملية “ردع العدوان” التي انتهت إلى الإطاحة بالنظام.
ودقّقت منصّة “صحيح مصر” في صحة بيان نشرته صفحة على فيسبوك تحمل اسم “الجمهورية العربية السورية”، تُعرّف عن نفسها بأنها وكالة أخبار رسمية، ورد فيه: “القيادة العامة: إلى المغتربين السوريين الذين يرغبون بالعودة إلى الوطن، سيتم العمل على تجهيز المطارات قريباً لاستقبالكم بكل ترحيب، حالياً يمكنكم القدوم عبر تركيا أو لبنان أو الأردن أوالعراق”.
تبيّن أن البيان مضلّل إذ لم تعلن الحكومة السورية أو جبهة تحرير الشام أو أيّ جهة حكومية سورية أي بيانات تنظّم عملية عودة اللاجئين السوريين إلى الأراضي السورية. كما لم تنشر هذا البيان أي وسيلة إعلام موثوق بها. واتضح أن الصفحة قامت بتغيير محتواها أكثر من مرة، ومحت منشوراتها السابقة التي أظهرت فيها تأييداً لنظام الأسد.
وراجت أيضاً صورة لشخص يخرج من حفرة ويبدو على وجهه علامات الصدمة والإرهاق، وادّعى ناشروها أنها لـ”لحظة العثور على أحد المحتجزين تحت الأرض في سجن صيدنايا التابع للنظام السوري السابق”. كشفت منصّة “صدق اليمنية” أن الصورة مضلّلة إذ تمثّل عملاً إبداعياً أنشأه أحد مستخدمي تطبيق تيك توك باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. وتوصّل تدقيق منصّات “الفاحص” و”المرصد الفلسطيني تحقّق” و”صحيح مصر” و”صحيح العراق” و”متصدقش” إلى النتيجة نفسها.
وتداولت منصّات التواصل الاجتماعي صورة حملت العنوان الآتي: “أحد إرهابيّ النصرة يدوس على العلم الفلسطيني في سوريا”. أوضح فريق منصّة “تيقّن” الفلسطينية أن الصورة المتداولة مأخوذة من مقطع فيديو يظهر فيه الشاب وهو يعبّر عن تأييده للشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن العلم الذي يظهر في المقطع ليس علم فلسطين، وإنما علم حزب البعث العربي الاشتراكي الذي كان يحكم سوريا. وأكّدت المنصّة أن التشابه الكبير بين العلمين، من حيث الألوان والتقسيم، قد يؤدي إلى حدوث هذا الخلط. توصل المرصد الفلسطيني “تحقّق” إلى النتيجة عينها، مشيراً إلى أهمية التحقّق من مصادر المعلومات قبل تداولها.
تضليل حول موقف هيئة تحرير الشام من فلسطين
تضليل بشأن العدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان
وفي سياق منفصل، استمر نشر المعلومات المضلّلة في سياق الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزّة والاعتداءات والخروقات الأمنية الإسرائيلية في لبنان حيث كشفت منصّة “صواب” زيف فيديو متداول يزعم ناشروه أنه يظهر يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو محتجز داخل أحد أنفاق حركة “حماس” في غزة.
وفي الفيديو، يوجه يائير حديثه إلى والديه قائلاً: “أرجو منكما، أبي وأمي، أن تطلقا سراحنا”. تبيّن أن الفيديو تم إنتاجه باستخدام تقنية التزييف العميق (Deep Fake)، وتداولته صحف إسرائيليّة.
وتحقّقت “صواب” أيضاً من صورة ادّعى ناشروها أنها لانتشار الجيش اللبناني أخيراً في المناطق الجنوبية التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي بعد اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان. لكن تبيّن أن الصورة قديمة، إذ يُظهر الزي العسكري في الصورة تصميماً لم يعد معتمداً من قِبل الجيش اللبناني.
تضليل حول انتشار الجيش اللبناني
وقد دقّق المرصد الفلسطيني “تحقّق” مقطع فيديو رائجاً زُعم أنه يوثّق إعدام سيدة فلسطينية برصاص الاحتلال عند حاجز قلنديا شمالي القدس. ونفى الناشط في مركز قلنديا الإعلامي، عزام عبد القادر، صحة هذا الادعاء في تصريح للمرصد، مؤكداً أنه لم يتم تسجيل أي حادثة استشهاد لسيدة في الموقع. وأوضح أن الأمر يتعلق بحالة مرضية عانت منها السيدة، ما أدى إلى ترجّلها من سيارتها وسقوطها على الأرض، دون أن تتعرض لأي إطلاق ناري.
رصيف 22
————————-
شخصيات ستختفي مع اختفاء الأسد
مع سقوط نظام بشار الأسد، تتجه الأنظار إلى الشخصيات الرئيسية التي دعمت النظام وأدارت مؤسساته الأمنية والعسكرية والاقتصادية طوال سنوات الحرب وما قبلها على مدى خمسين عاماً من حكم حزب البعث والحقبة الأسدية. التوقع المنطقي هو أن تختفي هذه الشخصيات من المشهد العام، لأسباب متعدّدة، فمنهم من قد يهرب إلى الخارج خشية الملاحقات القضائية الدولية أو الانتقام المحلي، ومنهم من سيواجه محاكمات بتهم تتعلق بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. كما أن بعضهم قد يحاول إعادة موضعة نفسه سياسياً، أو عقد صفقات مع الأطراف الجديدة لضمان الإفلات من العقاب.
تشمل هذه الشخصيات قادة عسكريين وأمنيين ورجال أعمال وسياسة، كانوا جزءاً من دائرة الأسد الضيقة. ضمن الأجهزة الأمنية الأربعة الأكبر بالبلاد، وهي المخابرات العسكرية، المخابرات الجوية، الأمن السياسي، وأمن الدولة، .فيما يلي قائمة بأبرز الأسماء:
ماهر الأسد
قائد الفرقة الرابعة المدرعة، هو شقيق بشار الأسد الأصغر، وأحد أبرز الشخصيات التي اعتمد عليها النظام في قمع الثورة. يُتهم بإدارة مشاريع تجارية غير قانونية والسيطرة على تجارة المخدرات وتصنيع الكبتاغون، وبالتعاون مع رجال أعمال مثل “أبو علي خضر” في تسيير أعماله غير القانونية في الظل. وهو متهم رئيسي في استخدام الأسلحة الكيميائية وأنشطة تهريب الكبتاغون بالتعاون مع الميليشيات الإيرانية، ما جعله هدفاً للعقوبات الأوروبية والأمريكية.
سبب الاختفاء المرجح لماهر الأسد ملاحقته دولياً بسبب تورطه في جرائم حرب، وفي عمليات تهريب المخدرات.
رجال الأسد
كفاح ملحم
يلقب بـ”مهندس معاناة السوريين”، كان رئيس جهاز المخابرات العسكرية منذ العام 2019، ومنصبه الأخير هو رئيس الأمن الوطني، تدرج في الرتب تحت قيادة باسل الأسد، وكان مدير الفرع 248 خلال الثورة السورية، والذي عرف عنه بأنه من أشد الفروع في استخدام التعذيب، فُرضت عليه عقوبات أوروبية لتورطه في ارتكاب العديد من الانتهاكات بحق السوريين. وورد اسمه في العقوبات الأميركية الأخيرة ضد نظام الأسد.
سبب الاختفاء المحتمل له الهرب من محاولات الانتقام من ضحاياه وعائلاتهم، وملاحقته في المحاكم المحلية والدولية.
رجال الأسد
علي مملوك
في الآونة الأخيرة أشيع بأنه مريض، أو بأنه تمت تصفيته من قبل النظام، وقيل بأنه اختفى نتيجة صراع روسي إيراني، إذ كان الروس يهيّئون مملوك للعب دور سياسي أكبر إضافة إلى دوره الأمني. كان مستشاراً أمنياً لبشار الأسد، وأحد أعمدة النظام ورأس المخابرات العسكرية سابقاً، وقد لعب دوراً محورياً في إدارة الملفات الحساسة والتنسيق مع الحلفاء الدوليين، وهو مُدرج على قوائم العقوبات الأوروبية والأمريكية لدوره في قمع المدنيين.
سبب الاختفاء المرجح تورطه في جرائم ضد الإنسانية وأعمال قمع واسعة النطاق، ما سيجعله ملاحقاً ومطلوباً في معظم دول العالم.
رجال الأسد
علي محمود عباس
هو وزير الدفاع السوري، وقد تدرج في الجيش السوري حتى وصل إلى منصب وزير الدفاع، واشتهر بقراراته الصارمة ضد المعارضة. فرضت عليه عقوبات من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بسبب تورطه في جرائم حرب بشعة ضد المدنيين كما وصفت.
سبب الاختفاء المحتمل هو دوره في استخدام العنف الجنسي كأداة للقمع وبشكل ممنهج داخل السجون وضد المعارضين والمعارضات، مما يجعله عرضة للمحاكمات الدولية.
رجال الأسد
عبد الكريم محمود إبراهيم
هو أحد المقربين من الرئيس السابق بشار الأسد، الموقع الأخير له هو رئيس هيئة الأركان العامة. شغل عدة مناصب عسكرية وشارك في الإشراف على العمليات العسكرية الكبرى. وشملته عقوبات دولية لتورطه في جرائم حرب، وتسببه بمقتل مدنيين.
السبب المحتمل للاختفاء هو تورطه في التخطيط العسكري وإعطء الأوامر التي أدت إلى انتهاكات واسعة ضد المدنيين.
رجال الأسد
سهيل الحسن
لقب بـ”جندي الأسد المفضل”، المنصب الأخير له هو قائد القوات الخاصة. اشتهر بلقب “النمر”، ويُعرف بوحشيته خلال المعارك وقيادته لعمليات عسكرية ضخمة ضد المعارضة. وهو متهم بارتكاب جرائم حرب جماعية خلال العمليات العسكرية التي قادها، مدرج على قوائم العقوبات الأمريكية والأوروبية، وذلك لدوره في ابتكار فكرة استخدام البراميل المتفجرة التي راح ضحيتها آلاف المدنيين في مختلف المناطق السورية.
يرجح اختفاؤه بسبب محاولات الانتقام التي قد تطاله نتيجة سمعته السيئة كقائد للقوات الخاصة وارتباطه بعمليات قمع وحشية.
رجال الأسد
صالح العبد الله
هو قائد الفرقة 25. قاد معارك كبرى ضد المعارضة وكان جزءاً من التحالف العسكري مع روسيا وظل مقربا منهم حتى النهاية. ومتورط في جرائم تتعلق باستخدام القوة المفرطة ضد المدنيين. مما يجعله عرضة للملاحقات القانونية في العالم.
في بداية الثورة كان قائد الكتيبة 244 التابعة للفرقة السابعة، شارك إلى جانب قواته في اقتحام الجامع العمري في درعا وساحته، وشارك في اقتحام المدينة الذي أدى إلى مقتل 95 مدنياً، قبل أن يعين قائداً للجنة الأمنية والعسكرية لمنطقة محردة التابعة لحماة، ويتخذها مقراً لقصف واقتحام قرى وبلدات حماة.
متهم بارتكاب العديد من المجازر، أبرزها مجزرة اللطامنة التي راح ضحيتها 70 مدنياً، ومجزرة القبير التي راح ضحيتها 78 قتيلاً، ومجزرة التريمسة التي راح ضحيتها 305 شخصاً، ومجزرة حلفايا وراح ضحيتها 25 قتيلاً، ومجزرة الجلمة وراح ضحيتها 17 قتيلاً، ومجزرة معرزاف، وكلها حدثت في 2012.
متوقع اختفاؤه بسبب السعي للانتقام الشعبي منه من أهالي الضحايا.
غيث ديب
هو أحد الشخصيات المكروهة التي أدارت عمليات قمع المعارضة، رئيس شعبة الأمن السياسي التي تعتبر قاعدة البيانات الرئيسية بالنسبة للنظام، والمتورط في قضايا تعذيب واعتقالات واسعة النطاق.
هو الابن الأصغر للعماد شفيق فياض ديب، قائد قوات الفرقة الثالثة، الذي اعتمد عليه الرئيس السابق حافظ الأسد، رفقة أخيه رفعت، في اقتحام مدينة حماة في العام 1982، وارتكاب مجازر قتل بحق 40 ألف سوري لقمع جماعة “الإخوان المسلمين”. وقد اتهمت عائلته بالسيطرة القمعية على القرى الحدودية مع لبنان فيما سمي بـ”دولة داخل الدولة”، وهو كذلك متهم بتسهيل عمليات التهريب والتدخل في القضاء.
سبب الاختفاء المرجح هو محاكمته بسبب جرائم الحرب، وعمليات الانتقام التي قد تطاله بسبب تعامله القمعي هو وعائلته.
حسام لوقا
الموقع الأخير له هو مدير إدارة المخابرات العامة، شغل عدة مناصب أمنية وكان معروفاً بدوره في التنسيق الأمني مع روسيا وإيران مع كونه مقرباً من الروس. مسؤول بشكل شخصي وبحكم قراراته ومنصبه عن إدارة التعذيب والاعتقالات الجماعية. وقد وجهت إليه تهم تخطيط وتنفيذ مجازر بحق مدنيين، وهو موجود على لائحة العقوبات للولايات المتحدة الأمريكية.
سبب الاختفاء المرجح الهروب من المحاكمات والانتقام الشعبي، لا سيما من العشائر والقرى التي طالته المجازر.
سامر الفوز
الصديق المقرّب لبشار الأسد، وصاحب شركة الفوز التي تمتد أذرعها في قطاعات التطوير العقاري، السياحة، الغذاء، السيارات، الإعلام، الطيران، والأجهزة الكهربائية، هو حوت الأعمال في سوريا وقد توسعت أعماله بعد وضع الدائرة المقربة من الأسد من رجال الأعمال تحت العقوبات الاقتصادية، والتي ازدهرت في زمن الحرب، وصفت أعماله بأنها “من قنوات الإنعاش الرئيسة التي ساهمت في صمود النظام السوري اقتصاديّا”، ووصف بأنه بارع في التفلت من العقوبات الاقتصادية، والتي طالبت معظم العاملين معه.
سبب الاختفاء المحتمل هو الهروب بالأموال التي حصل عليها بطرق غير قانونية.
غسان بلال
كان مدير المكتب الأمني في الفرقة الرابعة ومدير مكتب ماهر الأسد وكاتم أسراه والقائم على أعماله التجارية ووسيطه في الاستثمارات، وهو متهم بتهريب 500 مليون دولار خارج سوريا عبر جماعة فاغنر. مقرب من الإيرانيين، وهو أحد كبار تجار المخدرات في سوريا والمشرف على مصانع الكبتاغون. وهو ككل من شملتهم القائمة مشمول بالعقوبات ومتهم بجرائم حرب خلال فترة الحرب الأهلية السورية.
رجال الأسد
بالإضافة إلى الأسماء السابقة، هناك أسماء تأتي ضمن الصف الثاني، مثل قحطان خليل رئيس شعبة المخابرات العسكرية، ومنذر سعد إبراهيم رئيس هيئة العمليات، وسهيل نديم عباس مدير إدارة العمليات في الجيش.
تواجه هذه الشخصيات تهديدات متعددة تشمل الانتقام الشعبي، الملاحقة القانونية، وتجميد الأصول. في ظل التغيرات المتسارعة، قد تلجأ إلى الهروب أو عقد صفقات للبقاء في المشهد
رصيف 22
——————————-
=====================
تحديث 10 كانون الأول 2024
————————–
ماذا جرى في اجتماع مجلس الأمن الطارئ بخصوص سوريا عقب سقوط الأسد؟
2024.12.10
عقد يوم الإثنين، اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، لبحث الوضع في سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد.
وقال دبلوماسيون أميركيون وروس إن أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيعملون على إعداد بيان بشأن سوريا في الأيام المقبلة.
وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا للصحفيين بعد اجتماع المجلس المؤلف من 15 عضوا “أعتقد أن المجلس كان متحدا إلى حد ما بشأن الحاجة إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها، وضمان حماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المحتاجين”.
وأكد نائب السفير الأميركي روبرت وود أن أغلب الأعضاء تحدثوا عن هذه القضايا، وقال للصحفيين إن المجلس سيعمل على إصدار بيان. وتتولى الولايات المتحدة رئاسة المجلس في ديسمبر كانون الأول.
وقال وود “إنها لحظة لا تصدق بالنسبة للشعب السوري. والآن نركز حقا على محاولة معرفة إلى أين يتجه الوضع. هل يمكن أن تكون هناك سلطة حاكمة في سوريا تحترم حقوق وكرامة الشعب السوري؟”
وقال السفير السوري لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك للصحفيين خارج المجلس إن بعثته وكل السفارات السورية في الخارج تلقت تعليمات بمواصلة القيام بعملها والحفاظ على مؤسسات الدولة خلال الفترة الانتقالية.
وقال السفير: “نحن الآن ننتظر الحكومة الجديدة ولكن في الوقت نفسه نواصل العمل مع الحكومة الحالية والقيادة الحالية”، مضيفا أن وزير الخارجية السوري بسام صباغ – المعين من قبل الأسد – لا يزال في دمشق.
وقال للصحفيين خارج المجلس “نحن مع الشعب السوري. وسنواصل الدفاع عن الشعب السوري والعمل من أجله. لذلك سنواصل عملنا حتى إشعار آخر”.
وأضاف “السوريون يتطلعون إلى إقامة دولة الحرية والمساواة وسيادة القانون والديمقراطية، وسوف نتكاتف في سبيل إعادة بناء بلدنا، وإعادة بناء ما دمر، وبناء المستقبل، مستقبل سوريا الأفضل”.
وتحدث نيبينزيا وود عن مدى عدم توقع الأحداث التي وقعت هذا الأسبوع في سوريا.
وقال نيبينزيا “لقد فوجئ الجميع، بما في ذلك أعضاء المجلس. لذلك يتعين علينا أن ننتظر ونرى ونراقب، ونقيم كيف سيتطور الوضع”.
سوريا في مجلس الأمن
ووفرت روسيا الحماية الدبلوماسية لحليفها الأسد خلال الحرب، واستخدمت حق النقض أكثر من 12 مرة في مجلس الأمن، وفي العديد من المناسبات بدعم من الصين. واجتمع المجلس عدة مرات شهريا طوال الحرب لمناقشة الوضع السياسي والإنساني في سوريا والأسلحة الكيميائية.
وقال السفير الصيني لدى الأمم المتحدة فو كونغ بعد اجتماع المجلس “الوضع يحتاج إلى الاستقرار ويجب أن تكون هناك عملية سياسية شاملة، كما يجب ألا يكون هناك عودة للقوى الإرهابية”.
وقال دبلوماسيون إنه لم تحدث أي نقاشات بشأن رفع هيئة تحرير الشام من قائمة العقوبات.
—————————
كيربي للجزيرة: يجب محاسبة الأسد ولا موقف من تكليف البشير
10/12/2024
قال منسق السياسات الإستراتيجية والاتصالات في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن الولايات المتحدة ترى ضرورة محاسبة الرئيس السوري السابق بشار الأسد على سنوات من انتهاكاته ضد الشعب السوري، وفي سياق آخر أكد أن بلاده لا تتخذ موقفًا في الوقت الراهن من تكليف المهندس محمد البشير بتشكيل حكومة جديدة في سوريا.
وأوضح كيربي، في مقابلة مع قناة الجزيرة تم بثها ضمن الوقفة التحليلية “مسار الأحداث”، أن الرئيس الأميركي جو بايدن يبقى على تواصل مستمر مع نظرائه في المنطقة، مشيرًا إلى أن الانتقال السلمي في سوريا يمثل أولوية لواشنطن ويخدم الأمن القومي لأميركا وحلفائها.
وأضاف أن هذا الموضوع كان محور مكالمة الرئيس بايدن مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، حيث ناقشا سبل تحقيق انتقال يحقق تطلعات الشعب السوري.
وشدد كيربي على أن الأسد يجب أن يحاسب على 14 عاما من القمع واستخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبه، مؤكدا أن روسيا يجب أن تتحمل مسؤوليتها لدعمها المستمر له بما في ذلك استضافته على أراضيها.
لا تعليق
وفيما يتعلق بتكليف محمد البشير بتشكيل حكومة انتقالية في سوريا، قال كيربي “نحن نراقب العملية عن كثب ونسعى لضمان أن تسير بشكل سلمي”، لكنه أوضح أنه ليس لدى واشنطن موقف محدد تجاه هذه الخطوة في الوقت الراهن.
وكان مراسل الجزيرة قد أفاد بأنه تم اختيار المهندس محمد البشير رئيس حكومة الإنقاذ السورية، التي كانت تدير إدلب منذ سنوات، لتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية.
جاء ذلك بعد اجتماع بين القائد في إدارة عمليات المعارضة المسلحة أحمد الشرع والبشير ورئيس الوزراء في حكومة النظام السابق محمد الجلالي الذي كلف بتسيير أمور الحكومة، إذ هدف الاجتماع إلى تحديد ترتيبات نقل السلطة بعد سقوط النظام وتجنب دخول سوريا في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار.
وعن ملامح المرحلة الانتقالية في سوريا، أشار كيربي إلى أن الولايات المتحدة تتابع التطورات، معبرا عن أمله في أن تلبي المرحلة الانتقالية تطلعات السوريين بعد سقوط الأسد.
وأضاف أن واشنطن تعمل مع شركائها في المنطقة ومع المعارضة السورية بشكل مباشر أو عبر الأمم المتحدة لتحقيق منظومة حكم شرعية تلبي آمال الشعب السوري.
أما عن مسألة رفع جبهة تحرير الشام من قوائم الإرهاب، فقد امتنع كيربي عن التعليق، لكنه أكد أن واشنطن تواصل إرسال الرسائل إلى جميع المجموعات السورية المعارضة والمتمردة لضمان أن تكون قراراتها معبرة عن إرادة الشعب السوري ومستقبله.
ندعم اتفاقية 1974
وبشأن التوغل الإسرائيلي داخل سوريا وإلغاء اتفاقية وقف إطلاق النار لعام 1974، شدد كيربي على دعم بلاده لهذه الاتفاقية، داعيا جميع الأطراف إلى احترامها، وأشار إلى أن العمليات الإسرائيلية هي شأن إسرائيلي داخلي، مشيرا إلى تصريحات إسرائيلية بأن تلك العمليات مؤقتة.
ويواجه الوضع الجديد في سوريا تحديات أمنية كثيرة من أبرزها سعي الجيش الإسرائيلي لإعادة تشكيل الواقع الأمني على الحدود مع سوريا، حيث قالت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية “كان” إن الجيش الإسرائيلي يعزز مواقعه ويوسع سيطرته داخل الشريط الذي احتله في قلب الجانب السوري شرقي خط وقف إطلاق النار.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن أمس الأحد السيطرة على المنطقة العازلة مع سوريا قائلا إن هضبة الجولان ستبقى جزءا لا يتجزأ من إسرائيل، زاعما أن اتفاقية فصل القوات لعام 1974 انهارت بعد أن تخلى الجنود السوريون عن مواقعهم.
وتُدار المنطقة المنزوعة السلاح بموجب اتفاقية فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل عام 1974، مما يجعل التوغلات فيها خرقا لهذه الاتفاقية، إلا أن إسرائيل تبرر تحركاتها بالضرورات الأمنية لخلق مجال أمني خال من الأسلحة الإستراتيجية الثقيلة والبنى التحتية التي تهدد إسرائيل.
وعن موقف واشنطن من قوات سوريا الديمقراطية الكردية، قال كيربي إن الولايات المتحدة تركز عسكريا على شمالي شرقي سوريا، وتواصل العمل مع هذه القوات ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وأكد كيربي أن الولايات المتحدة ستبقى ملتزمة بالعمل مع شركائها في المنطقة لتحقيق تطلعات الشعب السوري نحو مستقبل أفضل، مع استمرارها في مراقبة التطورات عن كثب ودعم الاستقرار الإقليمي.
المصدر : الجزيرة
————————-
ماذا نعرف عن محمد البشير المرشح لمنصب رئيس وزراء سوريا؟L اسماعيل درويش
مقرب من أحمد الشرع وسيركز في مهمته الجديدة على الوزارات الحساسة
مهندس من مواليد مدينة جسر الشغور شمال سوريا، شغل مناصب عدة في حكومة الإنقاذ في إدلب آخرها رئيساً للحكومة منذ نحو عام، ومقرب من أحمد الشرع، وسيركز في مهمته الجديدة على الوزارات الحساسة.
بعد إعلان سقوط نظام بشار الأسد وحكم البعث، ظهر رئيس الوزراء في النظام السابق محمد غازي الجلالي في تسجيل مصور من منزله، يوجه رسالة إلى السوريين، قائلاً إنه لا يزال في منزله ولم ولن يغادر.
وأضاف “أنا منكم وأنتم مني… أنا في منزلي لم أغادره بسبب انتمائي إلى هذا البلد، وعدم معرفتي لأي بلد آخر غير وطني”، فيما أشارت تقارير إلى أن الجلالي تواصل مع قائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع الذي طلب منه البقاء على رأس عمله ليتم تسليم السلطة بصورة سلمية، ومنع انهيار مؤسسات الدولة.
في اليوم الثاني الذي أعقب سقوط الأسد، عيّن الشرع رئيس حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام في إدلب، المهندس محمد البشير، لتشكيل حكومة انتقالية في دمشق، فما الذي نعرفه عن محمد البشير الذي لم يكن معروفاً خارج محافظة إدلب شمال سوريا.
هندسة وشريعة وحقوق
في مدينة جسر الشغور، التي لم تتمكن قوات النظام السوري من دخولها منذ سقوطها بيد قوات المعارضة عام 2014 وحتى اليوم، ولد محمد البشير عام 1983، درس الابتدائية والإعدادية والثانوية في إدلب، قبل أن يتابع تعليمه العالي في جامعة حلب الحكومية، فحصل عام 2007 على إجازة في الهندسة الكهربائية من قسم الاتصالات بالجامعة ذاتها.
إلى جانب دراسته الهندسية، تلقى البشير العلوم الشرعية، فحصل على إجازة في الشريعة والحقوق من جامعة إدلب، وفي عام 2011 تزامناً مع اندلاع الثورة السورية، عمل رئيساً لقسم الأجهزة الدقيقة في معمل الغاز التابع للشركة السورية للغاز، وهو يتقن اللغة الإنجليزية بطلاقة إلى جانب لغته الأم اللغة العربية.
العودة إلى إدلب
بعد اندلاع الثورة السورية، انشق عن النظام وبقي في إدلب حتى انضم إلى هيئة تحرير الشام، وتدرجاً أصبح من المقربين لزعيم الهيئة أحمد الشرع، حتى شغل مناصب عدة في إدلب أبرزها وزير التنمية في حكومة الإنقاذ بدورتيها الخامسة والسادسة في الفترة ما بين 2021 و2023. وفي الـ27 من ديسمبر (كانون الأول) 2023، عيّن رئيساً لحكومة الإنقاذ التي تقوم بالمهمات الإدارية والسياسية في إدلب، وبقي في منصبه حتى إسقاط النظام السوري.
اجتماع ثلاثي
في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، عقد أحمد الشرع اجتماعاً ضم رئيس الوزراء السوري السابق محمد الجلالي، ورئيس حكومة الإنقاذ محمد البشير، وكلف الأخير تشكيل الحكومة الانتقالية في سوريا.
بحسب مصادر “اندبندنت عربية”، فإن الحكومة الانتقالية ستكون موقتة لأشهر فقط، ريثما يتم تحديد الشكل الذي ستتم فيه إدارة الحكم الجديد في سوريا، وبحسب مقربين من البشير، فإن الأولوية لدى حكومته حالياً ستركز على إدارة الوزارات الحساسة مثل الدفاع والخارجية والخارجية، دون إهمال بقية الوزارات.
ولم تعرف بعد أسماء التشكيلة الوزارية الجديدة، وسط تسريبات بأن حقيبة وزارة الإعلام ستكون للمهندس محمد يعقوب العمر، فيما أكدت مصادر “اندبندنت عربية” بأنه لن يكون هناك أي وزير من الحكومة السورية السابقة في الحكومة الانتقالية.
—————————-
أحمد الشرع يتعهد بملاحقة المتورطين بتعذيب السوريين ونشر أسمائهم
10/12/2024
قال القائد العام لغرفة عمليات المعارضة السورية المسلحة أحمد الشرع إنه سيتم قريبا نشر “قائمة أولى بأسماء كبار المتورّطين في تعذيب الشعب السوري لملاحقتهم ومحاسبتهم”.
وأضاف، في بيان نشره فجر اليوم الثلاثاء على تطبيق تليغرام، أنه سيتم تقديم مكافآت لمن يدلي بمعلومات عن كبار ضباط الجيش والأمن المتورطين في جرائم حرب في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وتعهد الشرع بعدم التواني عن محاسبة المجرمين والقتلة وضباط الأمن والجيش المتورطين في تعذيب الشعب السوري، مؤكدا أنه ستتم ملاحقتهم وطلبهم من الدول التي فرّوا إليها لتتم محاسبتهم.
وأضاف “لقد أكدنا التزامنا بالتسامح مع من لم تتلطخ أيديهم بدماء الشعب السوري، ومنحنا العفو لمن كان ضمن الخدمة الإلزامية”، مؤكدا أن “دماء وحقوق” القتلى والمعتقلين الأبرياء “لن تُهدر أو تنسى”.
وبدأت هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة لها يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي هجوما واسعا انطلاقا من إدلب شمالي سوريا، لتدخل دمشق فجر الأحد الماضي وتعلن سقوط نظام الأسد بعد فراره من البلاد.
وأمس الاثنين، أعلنت الفصائل المعارضة أن الشرع بحث مع رئيس الحكومة السورية محمد الجلالي “تنسيق انتقال السلطة”.
كما أفاد مراسل الجزيرة بأنه سيتم تكليف المهندس محمد البشير رئيس حكومة الإنقاذ السورية، التي كانت تدير إدلب منذ سنوات، بتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية.
وجاء ذلك بعد اجتماع لتحديد ترتيبات نقل السلطة وتجنب دخول سوريا في حالة فوضى، تم بين القائد في إدارة عمليات المعارضة المسلحة أحمد الشرع والبشير ورئيس وزراء حكومة النظام السابق محمد الجلالي الذي كلف بتسيير أمور الحكومة.
المصدر : الجزيرة + الفرنسية
——————–
الحكومة السورية الانتقالية تبصر النور والاحتلال الإسرائيلي يواصل اعتداءاته
2024.12.09
أكد القيادي في إدارة العمليات العسكرية، أحمد الشرع، الثلاثاء، التزام القيادة بمحاسبة جميع المتورطين في تعذيب الشعب السوري وارتكاب الجرائم بحق المدنيين. وحول سجن صيدنايا؛ أعلن الدفاع المدني السوري انتهاء عمليات البحث مؤكداً عدم العثور على أي زنازين سرية أو معتقلين محتملين في المواقع التي جرى تفتيشها.
من جانب آخر، كلّفت إدارة العمليات العسكرية رئيس “حكومة الإنقاذ” بتشكيل حكومة تشرف على إدارة المرحلة الانتقالية في سوريا، في الوقت الذي ترتكب فيه قوات سوريا الديمقراطية “قسد” مجزرة بحق محتجين يطالبون بخروجها من دير الزور لإلحاقها ببقية المحافظات الواقعة تحت إدارة “العمليات العسكرية” بعد سقوط نظام الأسد.
وفي وقت سابق من الإثنين، عقد اجتماع في دمشق ضم القيادي في إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، ورئيس حكومة الإنقاذ محمد البشير، ورئيس الحكومة السورية السابق محمد غازي الجلالي. وأفادت مصادر خاصة لتلفزيون سوريا بأن الاجتماع انتهى بالاتفاق على تكليف البشير بتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية.
يأتي ذلك مع إعلان “العمليات العسكرية” اقتراب قواتها من الانتهاء من ضبط العاصمة وحفظ كافة المرافق والمؤسسات والممتلكات العامة، مشيرة إلى أن الحكومة الجديدة ستبدأ أعمالها فور تشكيلها.
“قسد” ترفض مغادرة دير الزور وترتكب مجزرة بحق أهلها
وفي مدينة دير الزور شرقي البلاد، ارتكبت “قسد” مجزرة بحق محتجين رافضين لوجودها، حيث قتلت 10 مدنيين على الأقل وأصابت 22 آخرين، بعد أن أطلقت النار على مظاهرات مطالبة بخروجها من المدينة في ظل تمركز حشود تابعة لـ”الجيش الوطني السوري” وإدارة العمليات العسكرية في محيطها.
#عاجل
| “قسد” تطلق النار على المتظاهرين في مدينة مسكنة بريف #حلب الشرقي#تلفزيون_سوريا #سوريا_حرة #سقوط_الأسد pic.twitter.com/jMJqNYpY4Y — تلفزيون سوريا (@syr_television)
December 9, 2024
وأفادت مصادر محلية لتلفزيون سوريا بأن أهالي دير الزور خرجوا في مظاهرات اليوم الإثنين، تطالب بانسحاب “قسد” ودخول فصائل المعارضة السورية. إلا أن “قسد” واجهت المتظاهرين بالرصاص الحي ما أدى إلى مقتل 10 أشخاص وإصابة 22 آخرين في حصيلة أولية.
وأيضاً، في مدينة مسكنة بريف حلب الشرقي، ذكرت المصادر أن “قسد” أطلقت الرصاص الحي على متظاهرين طالبوا بخروجها من مدينتهم ودخول فصائل الجيش الوطني السوري.
#عاجل
| “قسد” تطلق النار على المتظاهرين في مدينة مسكنة بريف #حلب الشرقي#تلفزيون_سوريا #سوريا_حرة #سقوط_الأسد pic.twitter.com/jMJqNYpY4Y — تلفزيون سوريا (@syr_television)
December 9, 2024
اقرأ أيضاً
———————
ما بين الجولاني الراديكالي وأحمد الشرع “السياسي”/ اسماعيل درويش
يرصد محللون 3 سياقات أساسية يتحرك خلالها زعيم “هيئة تحرير الشام” لإحراز قبول إقليمي ودولي
ينظر البعض إلى أبو محمد الجولاني على أنه راديكالي متطرف منسلخ عن “القاعدة” لكنه لا يزال يحمل أفكارها، وكل ما يجري من “لطف” هو عبارة عن أمر مرحلي ريثما يستتب له الأمر.
انتقل أبو محمد الجولاني الذي أعلنت قواته اليوم الأحد “هرب” الرئيس السوري بشار الأسد مع دخولها دمشق، بعد سيطرتها بسرعة مذهلة على مناطق عدة في سوريا، من خطاب إسلامي متطرف إلى نوع من الاعتدال في مسعى واضح إلى تغيير صورته.
وكان زعيم هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقاً” التي كانت تشكل فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا، أكد أن الهدف “يبقى” بالنسبة إليه والفصائل المعارضة “إسقاط نظام” بشار الأسد الذي يتولى السلطة منذ عام 2000.
ودعا الجولاني اليوم الأحد مقاتليه إلى عدم الاقتراب من المؤسسات العامة، مؤكداً أنها ستبقى تحت إشراف رئيس الوزراء السوري حتى “تسليمها رسمياً”، بعد إعلان المعارضة إسقاط الأسد.
وتخلى الجولاني الطويل القامة ذو البنية القوية واللحية السوداء والعينين الثاقبتين تدريجاً عن العمامة البيضاء التي كان يضعها في بداية الحرب، ليرتدي زياً عسكرياً وأحياناً الزي المدني.
وجال الأربعاء الماضي قلعة حلب التاريخية، ثاني أكبر مدن سوريا، بعدما سيطر مقاتلوه عليها، وأرسل “تطمينات” إلى المسيحيين بأنهم لن يتعرضوا للأذى.
ثم أعلن السيطرة على حماة في وسط البلاد، وقال إنه لن يكون هناك “ثأر” للمجزرة التي ارتكبت في المحافظة على أيدي قوات الرئيس السابق ووالد الرئيس الحالي حافظ الأسد قبل عقود، بعد انتفاضة للإخوان المسلمين.
وتسارع تقدم الفصائل المعارضة وصولاً إلى دمشق فجر الأحد.
منذ انفصال تنظيمه عن “القاعدة” في عام 2016، يحاول الجولاني تغيير صورته وتقديم نفسه في مظهر أكثر اعتدالاً، من دون أن يتمكن فعلاً من إقناع المحللين أو حتى الحكومات الغربية التي تصنف “هيئة تحرير الشام” مجموعة إرهابية.
ويقول المتخصص في المجموعات الإسلامية في سوريا توما بييريه لوكالة الصحافة الفرنسية “إنه متطرف براغماتي”، ويوضح الباحث في المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا أنه “في عام 2014 كان في ذروة تطرفه من أجل أن يفرض نفسه في مواجهة تطرف تنظيم ’داعش‘ (الذي كان في ذروة سيطرته وقوته في سوريا آنذاك)، قبل أن يعمد لاحقاً إلى التخفيف من حدة تصريحاته”.
وفي مؤشر جديد على رغبته في تغيير صورته، بدأ بعد بدء هجوم الهيئة والفصائل ضد القوات الحكومية في الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني)، بتقديم نفسه باسمه الحقيقي أحمد الشرع، بدل اسمه الحركي.
ولد الشرع في عام 1982، ونشأ في حي المزة بدمشق، في كنف عائلة ميسورة وبدأ دراسة الطب.
في عام 2021، قال في مقابلة مع محطة “بي بي أس” (PBS) الأميركية العامة إن اسمه الحركي – أبو محمد الجولاني – مستوحى من أصول عائلته المتحدرة من مرتفعات الجولان، وقال إن جده نزح من الجولان بعد احتلال إسرائيل جزءاً كبيراً من هذه الهضبة السورية عام 1967.
وبحسب موقع “ميدل إيست آي” الإلكتروني “بدأت أولى علامات الجهاد تظهر في حياة الجولاني” بعد اعتداءات الـ11 من سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة، و”بدأ بحضور خطب دينية واجتماعات سرية في ضواحي دمشق”.
بعد الاجتياح الأميركي للعراق في عام 2003، توجه للقتال في البلد المجاور لسوريا حيث انضم إلى تنظيم “القاعدة” بقيادة أبي مصعب الزرقاوي، قبل أن يسجن لمدة خمس سنوات.
بعد بدء الحراك الاحتجاجي ضد الأسد في عام 2011 عاد إلى وطنه ليؤسس “جبهة النصرة”، التي أصبحت في ما بعد “هيئة تحرير الشام”. في 2013 رفض التقرب من أبي بكر البغدادي زعيم “داعش” وفضل زعيم تنظيم “القاعدة” أيمن الظواهري.
يرى أنصاره أنه “واقعي”، ويقول خصومه إنه “انتهازي”، وقد صرح في عام 2015 أنه لا ينوي شن هجمات ضد الغرب، كما يفعل تنظيم “داعش”، أو كما فعلت “القاعدة”. وأوضح عندما انفصل عن تنظيم “القاعدة” أنه فعل ذلك “لإزالة ذرائع المجتمع الدولي” لمهاجمة تنظيمه.
أيام حلب
بعيداً من أيام ولت عاشتها ثلاثية حلب وإدلب وحماة وتنذر بشلالات قريبة من الدم السوري، يقف البعض على الضفتين في البلد الجريح بـ”عين الإعجاب” و”التخوف” من زعيم “هيئة تحرير الشام” أبو محمد الجولاني. بين آلاف من العائدين إلى بيوتهم في تلك المحافظات بعد سنوات من التشرد واللجوء والتعرض للعنصرية في إحدى دول الجوار وآخرين يخشون تبعات عودة المتطرفين.
“بين أناس عانوا في المخيمات وعادوا إلى حلب بات الجولاني “بطلاً” استطاع تخليصهم من سنوات وجع وذل”، كلمات تحمل مفارقة نطق بها الشاب أحمد الحلبي (31 سنة)، وذلك بعد يومين من عودته إلى مدينته وتمكنه للمرة الأولى من دخول منزله بعد ثمانية أعوام على التهجير.
وفي المقابل، هناك من ينظر إلى زعيم “هيئة تحرير الشام” على أنه راديكالي متطرف منسلخ عن “القاعدة” لكنه لا يزال يحمل أفكارها، وكل ما يجري من “لطف” هو عبارة عن أمر مرحلي ريثما يستتب له الأمر… إذاً أين يقف الجولاني بين الفريقين وتاريخه وأهدافه من النسخة المحدثة من شخصيته التي أثارت جدلاً واسعاً خلال الفترة الماضية.
رسائل دبلوماسية
وهو يشاهد فيديو على جوال بيده لتصريحات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بخصوص محادثة هاتفية أجراها مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، ظهر أحمد الشرع (الاسم الأصلي للجولاني) موجهاً رسالة بلغة دبلوماسية للسوداني يدعوه فيها إلى عدم التدخل في الشؤون السورية، “فهذه ثورة ضد نظام الأسد، وما نقوم به هو استرداد للحقوق، ونريد علاقات جيدة مع العراق وشعبه”.
كلمة الجولاني هذه تزامنت مع سيطرة “هيئة تحرير الشام” والفصائل التي تقاتل معها على مدينة حماة الاستراتيجية، ليظهر بعدها بيان مقتضب للجولاني يقول فيه “مبروك النصر لحماة”. بيان موقع باسم “القائد أحمد الشرع” ليكون هو الأول من نوعه الذي يحمل الاسم الحقيقي للجولاني، وسبق ذلك بدقائق قليلة أن قال الشرع “دخول حماة فتح لا ثأر فيه”.
على أرض الميدان، يقول “المرصد السوري لحقوق الإنسان” ومنظمات حقوقية أخرى، إنه لم يسجل أي انتهاكات في حلب أو حماة أو أي من المناطق الأخرى التي سيطرت عليها الهيئة أخيراً، إلا أن اللافت هو طريقة دخول الفصائل لمدينة السلمية بريف حماة مساء أمس الخميس، فالمدينة ذات غالبية من الأقلية الإسماعيلية (إحدى الطوائف الشيعية) تحدث أهلها مع المعارضة المسلحة واتفقوا على أن يرحبوا بهم من دون قتال، وبالفعل لم تطلق رصاصة واحدة فيها سوى رصاص الاحتفال الذي أطلقه الأهالي أنفسهم.
ثلاثة سياقات
الصحافي السوري خالد جرعتلي تحدث لـ”اندبندنت عربية” عن أنه في “عام 2016 عندما خرجت فصائل المعارضة من حلب، وقف أبو محمد الجولاني أو أحمد الشرع كما صار يفضل أن يطلق على نفسه أخيراً على أطلال المدن المدمرة التي خرجت عن سيطرة فصائل المعارضة المتشرذمة حينذاك. كان أول ما فعله تغيير اسم “جبهة فتح الشام” لـ”هيئة تحرير الشام”، بسبب ارتباط الاسم الأول بـ”جيش الفتح” الذي خسر مناطق واسعة في حلب وإدلب وريف حماة”.
وقال جرعتلي “بدأ الجولاني بإصلاحات داخلية مكنته لاحقاً من الحكم بمركزية شديدة أقصيت خلالها الفصائل التي من الممكن أن تشاركه في الحكم بمناطق سيطرة قواته، وجعلته متفرداً بالقرار لتكوين تسلسل أحداث قاد إلى ما نشاهده الآن”.
وأوضح جرعتلي أن “استراتيجية الجولاني بنيت على ثلاثة سياقات أساسية، تسير كلها نحو المصب نفسه، وهو البحث عن قبول إقليمي ودولي، ولا يمكن حتى الآن الجزم فيما إذا كانت استراتيجيته نجحت أم لا. وهذه السياقات تتمثل في (أولاً) أنه في الوقت الذي بقي فيه بشار الأسد متعنتاً بالحفاظ على نظامه بشكله التقليدي واستمراره في انتهاك حقوق السوريين، وخصوصاً من اللاجئين العائدين، كان الجولاني يبني استراتيجيته، عسكرية للهجوم واجتماعية تهدف لطمأنة المدنيين على خلاف ما اعتمده الأسد، لبسط الاستقرار الذي ستتطلبه الظروف بعد العمليات العسكرية”.
أما ثانياً، أن الجولاني كان يسعى باتجاه محو اسم جبهتي “النصرة” و”فتح الشام” من تاريخه، حتى إن هذه المحاذير كانت تظهر واضحة عند محاولات الصحافيين والإعلاميين ربط اسم “تحرير الشام” بالأسماء السابقة. وربما لم ينجح الجولاني بمحو هذه الأسماء قولاً لكنه نجح فعلاً، إذ تطورت أيديولوجيته سريعاً منذ ظهوره في أول مقابلة إعلامية عام 2013، وكان وجهه ملفوفاً بغطاء رأس داكن اللون، مروراً بأول بيان مصوّر له عندما غيّر لون غطاء رأسه للأبيض حتى ارتدائه للبدلة الرسمية في مقابلته مع الصحافي الأميركي مارتن سميث عام 2021. آنذاك قال “إن تصنيف الإرهابيين غير عادل… أعارض قتل الأبرياء”.
——————————-
تفاصيل العشاء الأخير.. كيف تخلت إيران وروسيا عن الأسد؟
الثلاثاء، ١٠ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤
قبل أن يسقط الرئيس السوري السابق بشار الأسد، البالغ من العمر 59 عاماً، ويصبح لاجئاً مع عائلته في موسكو، سلمته إيران عبر وزير خارجيتها عباس عراقجي الذي زار دمشق وتناول العشاء الأخير في أحد شوارعها، قبل نحو أسبوع، رسالة بالغة الأهمية.
فقد أوضح عراقجي للرئيس السوري السابق أن بلاده ” لم تعد في وضع يسمح لها بإرسال قوات لدعمه”، وفق ما كشف مصدر إيراني مطلع. وقال المصدر المقرب من الحكومة الإيرانية: “لقد أصبح الأسد يشكل عبئا أكثر منه حليفا”،
واعتبر أن “الاستمرار في دعم الأسد كان من شأنه أن يؤدي إلى تكاليف باهظة على إيران”.
كما أضاف أن طهران كانت محبطة من الأسد منذ نحو عام، حسب ما نقلت صحيفة “فاينانشيل تايمز”.
كذلك أشار إلى أنه حين زار عراقجي دمشق الأسبوع الماضي، أخبره الأسد أن الانسحاب من حلب كان تكتيكيا، وأنه لا يزال مسيطراً ولا يحتاج لدعم.
مغادرة الحرس الثوري لكن الفصائل المسلحة سرعان ما سيطرت لاحقا على حماة بعد خمص وحلب، وبدأت فصائل محلية بالتقدم من الجنوب نحو دمشق.
وعلى الرغم من تأكيد إيرن علناً أنها تدعم الحكومة والجيش السوريين، إلا أن بدأت بالتخلي عن الأسد.
فقد أكد المصدر أنه خلف الكواليس، بدأ الإيرانيون بالتخلي عن الرئيس السوري، إذ غادر كافة أفراد النخبة في الحرس الثوري، إلى جانب الدبلوماسيين وعائلاتهم، بأعداد كبيرة، متجهين إلى العراق.
دور تركي من جهتها لعبت تركيا دوراً مهماً أيضا على الصعيد العسكري، في دعم الفصائل التسي أسقطت الرئيس السابق، واستولت على العاصمة دمشق.
فقد أوضح شخص مطلع على الأحداث أن الاستخبارات التركية، التي دعمت فصائل مسلحة عدة وساعدتها فيالسيطرة على مساحة واسعة من الأراضي جنوب الحدود التركية السورية منذ عام 2016، قدمت دعمًا للهجوم المباغت الذي انطلق قبل أيام.
وأضاف أن الطائرات التركية المسيرة كانت التقطت صورا ورسمت مسبقًا خرائط للمنشآت العسكرية على الطريق نحو دمشق لأسباب عملياتية خاصة بها، لذا تمكنت لاحقا من تقديم جردة مفصلة للفاصائل خحول هذه المواقع.
كما أشار إلى أن أنقرة دعمت بعض الفصائل التي تعمل تحت راية الجيش الوطني السوري والتي نسقت خلال الفترة الماضية مع “مع هيئة تحرير الشام”، بالسلاح، على الرغم من نفيها التورط بهذا الهجوم رسمياً.
في المقابل، حصلت تركيا على ضمانات بأن المسلحين لن ينضموا إلى القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة (قسد)، والتي تسيطر على مناطق واسعة من الأراضي السورية.
ضمانات لروسيا أما روسيا التي لم تنخرط قواتها بشكل كبير في المواجهات ضد الفصائل المسلحة، فيبدو أنها بدروها عقدت صفقة ما.
ففيما قدمت تعهدات علنية بدعم النظام السابق، كشف مسؤول سابق في الكرملين أن روسيا كانت عاجزة عن مساعدة الأسد، فقد أدى غزو ها لأوكرانيا إلى استنزاف القوات الروسية.
في حين، أوضح مصدر في الكرملين أن الفصائل المسلحة ضمنت سلامة القواعد الروسية والمرافق الدبلوماسية في سوريا، حسب ما أفادت سابقا وكالة “تاس”.
وفي السياق، رأى جون فورمان، الملحق الدفاعي البريطاني السابق في موسكو، أن سقوط قاعدة روسيا الجوية في حميميم وقاعدتها البحرية في طرطوس، كان مسألة وقت مع تقدم الفصائل. وأضاف: “لو لم يتمكن الروس من ضمان أمن هاتين القاعدتين، فسيتعين عليهم المغادرة”.
إذ بدون هاتين القاعدتين سيكون من الصعب على روسيا تحدي البحرية التابعة للناتو أو التصدي لقواتها الجوية في البحر المتوسط والبحر الأحمر، ودعم وجودها في شمال وشبه الصحراء الإفريقية، حسبما أوضح فورمان.
إذا لم يكن من مفر أمام موسكو المشغولة بحربها في اوكرانيا سوى التخلي عن الأسد.
هكذا لم يعد الرئيس السوري السابق “ذي فائدة” سواء بالنسبة إلى إيران أو روسيا، فسقط ليواجه حالياً مستقبلاً غامضاً.
————————–
سوريا: محمد البشير لتشكيل حكومة انتقالية… ومشايخ علويون يدعون لـ«صفحة جديدة»/ هبة محمد
10 كانون الأول 2024
دمشق ـ«القدس العربي»: كلفت المعارضة السورية محمد البشير رئيس وزراء “حكومة الإنقاذ”، التابعة لـ”هيئة تحرير الشام”، بتشكيل حكومة لإدارة المرحلة الانتقالية، فيما واصلت مد سيطرتها على بقية أنحاء سوريا، لاسيما اللاذقية وطرطوس، حيث دعا مشايخ في الطائفة العلوية، لـ”فتح صفحة جديدة”. وأكدت فصائل المعارضة أن القائد العام لغرفة عملياتها، أحمد الشرع، بحث مع رئيس الحكومة السورية محمّد الجلالي “تنسيق انتقال السلطة”.وبثت الفصائل على حسابها على “تلغرام” مقتطفاً من الاجتماع، ظهر فيه الشرع، وهو يتحدث الى الجلالي خلال اجتماع، بحضور شخصين آخرين أحدهما رئيس “حكومة الإنقاذ” التي تتولى إدارة مناطق سيطرة الهيئة في إدلب، محمّد البشير، والذي يتولى السلطة في المرحلة الانتقالية. وجاء في تعليق نُشر مع الفيديو أن هدف الاجتماع “تنسيق انتقال السلطة بما يضمن تقديم الخدمات لأهلنا في سوريا”.
وظهر الشرع خلال المقطع المصور وهو يشرح للجلالي خبرات السلطات المحلية في إدارة منطقة إدلب، معقله في شمال غرب سوريا.
وقال “بات لدى الشباب خبرة عالية جداً بعدما بدأوا من لا شيء”، موضحاً “صحيح أن منطقة إدلب صغيرة ومن دون موارد، لكن الحمد لله انها استطاعت أن تقوم بالكثير خلال الفترة الماضية”. وجاء اللقاء غداة إعلان الجلالي أنه مستعد “للتعاون” مع أي قيادة يختارها الشعب، وأن يقدم لها “كل التسهيلات الممكنة”. وأعلنت صحيفة الثورة الرسمية في بيانها الأول أمس الاثنين، بأن الحكومة الجديدة سوف تبدأ بأعمالها فور تشكيلها. مصدر من الهيئة السياسية للمعارضة السورية قالت لـ “القدس العربي” إن رئاسة الحكم الانتقالي لم تتشكل بعد، وإنما أنيط بالبشير تشكيل حكومة انتقالية.
وأضاف المصدر أن الشرع يعمل بالتنسيق مع الجلالي والبشير على ترتيبات نقل السلطة وتجنب دخول سوريا في حالة فوضى. وأكد أن المرحلة المقبلة ستتسم بالمصالحة المجتمعية بين أبناء الشعب السوري، وذلك على أسس مبنية على العدل والمساواة.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن الشعب السوري هو الذي يجب أن يختار مستقبله، قائلاً إن التصريحات التي يدلي بها زعماء المعارضة السورية بشأن بناء حكم شامل هي موضع ترحيب، لكن المقياس الحقيقي سيكون في الإجراءات التي يتخذونها.
كما رحبت قطر بالخطوات التي اتخذت في سوريا. وقال وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي لـ”الجزيرة”: “نرحب بالخطوات التي اتخذت بسوريا خلال الساعات الماضية”.
وزاد: “نأمل أن تكون الخطوات في سوريا بداية لنهاية الظلم، وأن يؤدي ما اتخذ بسوريا لخطوات توصل للاستقرار”. وشدد على أن “الحوار هو السبيل الوحيد لضمان مستقبل مشرق لسوريا”.
ميدانياً، فرضت فصائل المعارضة السورية سيطرتها على محافظتي طرطوس واللاذقية، كما نشرت الحواجز العسكرية في مدن الساحل السوري، شمال غربي سوريا، باستثناء مدينة القرداحة.
وبينما تجري المعارضة مفاوضات مع الطائفة العلوية في القرداحة، أصدر وجهاء وشيوخ الطائفة، أمس بياناً طالبوا فيه المعارضة، “فتح صفحة جديدة وإصدار عفو عام عن أبناء الطائفة، والسماح بعودة كل من خرج خلال الفترة الأخيرة إلى بيته بشكل آمن، وفق ضمانات كافية لعودة المهجرين إلى ديارهم ومنازلهم وعدم جواز حمل السلاح إلا ضمن المؤسسات الشرعية” كشرط لفتح “صفحة جديدة” في مستقبل سوريا.
وعقب البيان، أعلنت إدارة العمليات العسكرية التابعة للمعارضة السورية، عفوا عاما عن جميع العسكريين المجندين تحت الخدمة الإلزامية. وأضافت الإدارة في بيان مقتضب “لهم الأمان على أرواحهم ويُمنع التعدي عليهم”.
وبثت فصائل المعارضة مشاهد تظهر لحظة العفو عن المئات من عناصر قوات النظام بعد أسرهم في دمشق، وحمص، وحماة.
وأكدت إدارة العمليات العسكرية في بيانات سابقة، أن القضاء سيأخذ مجراه ضد كل من تورط في انتهاكات ضد المدنيين خلال السنوات الماضية.
————————-
إيكونوميست: بدلا من الوقوف على الحياد في سوريا.. نتنياهو يستغل الوضع ويعلن عن احتلال وقائي ليس مبررا أو ضروريا/ إبراهيم درويش
10 كانون ألول 2024
لندن- “القدس العربي”:
قالت مجلة “إيكونوميست”، إن إسرائيل تستغل حالة عدم الاستقرار في سوريا، وتقوم بالاستيلاء على مزيد من أراضي مرتفعات الجولان السورية. وأكدت أن الاحتلال الوقائي والتوغل العسكري الإسرائيلي لا أساس قانونيا لهما، ولا داعي لهما.
ولفتت المجلة إن صف الحصون الرمادية المربعة التي كانت تبدو من الأفق، مشيرة إلى أنها تذكير للأيام التي كانت فيها إسرائيل تحضّر لمواجهة هجوم من فرق المدرعات السورية في مرتفعات الجولان. وقد حدث هذا آخر مرة في حرب تشرين الأول/ أكتوبر أو يوم الغفران عام 1973، عندما كاد الجيش السوري أن يخترق الدفاعات الإسرائيلية. كان ذلك الجيش ذات يوم من أقوى الجيوش في الشرق الأوسط. ومع ذلك فقد مرت سنوات عديدة عندما كانت قوته ضاربة.
ففي 7 كانون الأول/ ديسمبر 2024، اختفت ما تبقى من وحدات الجيش السوري التي ظلت تحرس خطوط وقف إطلاق النار على مدى نصف قرن. وحلت محلها مجموعة من الجماعات المعارضة المحلية التي لم تبد أي مقاومة في اليوم التالي عندما تقدمت الدبابات الإسرائيلية، واتخذت مواقع فيما كان يعرف بالمنطقة العازلة.
واستولى فريق من الكوماندوز الإسرائيلي على نقطة المراقبة السورية الفارغة على جبل الشيخ، على ارتفاع 2814 مترا، والتي تعتبر أعلى قمة في سلسلة جبال الشيخ. وفي نفس الوقت، شن الطيران الإسرائيلي سلسلة من الغارات الجوية على مواقع متعددة في سوريا، دمرت ما قال الجيش الإسرائيلي إنها “مستودعات استراتيجية” تحتوي على أسلحة كيميائية استخدمها نظام الأسد ضد المعارضة السورية في عدة مناسبات. وكذا دمر صواريخ بعيدة المدى وأنظمة مضادة للطائرات، حسب قول قادة الجيش.
وتزعم إسرائيل أنها تريد منع تهريب هذه الأسلحة إلى “حزب الله” في لبنان، أو الاستيلاء عليها من قبل الجماعات المعارضة المعادية لإسرائيل. وكانت مرتفعات الجولان ذات مرة ساحة معارك حامية، وتعتبرها الحكومة الإسرائيلية الآن رصيدا بالغ الأهمية للأمن القومي.
وتطل المرتفعات على أربع دول: سوريا وإسرائيل ولبنان والأردن. وقد احتلت إسرائيل الجزء الغربي منها منذ عام 1967.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سريعا في الاستفادة من التقدم الإسرائيلي. فبعد ساعات فقط من فرار بشار الأسد إلى موسكو، طار إلى الجولان لالتقاط صورة. ووصف سقوط النظام بأنه “يوم تاريخي للشرق الأوسط” وزعم أنه هو الذي فجّر انتفاضة الشعب السوري، قائلا إنها “كانت النتيجة المباشرة لعملنا القوي ضد حزب الله وإيران”. وأضاف أن التوغلات الإسرائيلية في الجزء الشرقي من المرتفعات كانت “موقفا دفاعيا مؤقتا إلى أن يتم التوصل إلى ترتيب مناسب”.
وتشير المجلة إلى أن الجملة الأخيرة كانت غائبة عن بيان مماثل باللغة العبرية. ذلك أن شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني المتطرف يريدون ضم أجزاء من الجولان السوري.
ولم يوافق الجميع في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على هذه الخطوات وأنها ضرورية. فقد قال أحد المراقبين المخضرمين للشأن السوري في المؤسسة الأمنية الإسرائيلة، إن “آخر ما يهم المعارضة المسلحة هو مهاجمة إسرائيل، التي أثبتت للتو مدى قوتها في سحق حزب الله. ولكن جنرالاتنا ما زالوا مصدومين من الفشل في توقع هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. ويحاول نتنياهو أن يتدخل في الموقف لصرف الانتباه عن قضاياه الشخصية”، مشيرا إلى شهادة رئيس الوزراء المقبلة في محاكمته بتهمة الفساد.
وحتى الأسبوع الماضي، ظلت استراتيجية إسرائيل القديمة تعتمد على نظام بشار الأسد للحفاظ على السلام في المنطقة وعدم تحويل سوريا إلى منصة انطلاق للهجمات ضد إسرائيل.
ومنذ عام 2011، عندما بدأت الحرب الأهلية في سوريا، لم يدعم نتنياهو مساعدة الجماعات المعارضة التي كانت تحاول إسقاط نظام الأسد. وحتى عندما سمح الأسد لإيران و”حزب الله” بالعمل في سوريا، قصفت إسرائيل قواعدهما لكنها لم تتصرف بشكل مباشر ضد النظام.
وفي الأشهر الأخيرة، عندما ضربت إسرائيل “حزب الله” في لبنان، ضغطت على الأسد في رسائل أرسلتها عبر الحكومة الروسية، لقطع علاقاته مع الحزب وإيران. وظلت هذه السياسة التي تتعلل بالأماني تطبع الموقف الإسرائيلي حتى الأسبوع الماضي، عندما كان مقاتلو المعارضة يسيرون نحو العاصمة دمشق.
وبعد رحيل الأسد، أصبح شغل إسرائيل الشاغل الآن هو الفوضى في سوريا التي قد تسمح للجماعات الموالية لإيران بالعودة وإطلاق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، هذا إلى جانب منع وقوع الأسلحة الاستراتيجية للنظام في أيدٍ معادية.
ولم تهدد هيئة تحرير الشام، أقوى الجماعات المعارضة السورية، إسرائيل في الماضي. وتزعم أنها تركز على توحيد سوريا في حقبة ما بعد الأسد. لكن بعض المراقبين الإسرائيليين يعتقدون أن أيديولوجيتها تشبه أيديولوجية حماس. ويشيرون إلى أن الاسم الحركي لزعيمها، أبو محمد الجولاني، يؤشر إلى جذور عائلته في الجولان، وهي علامة ربما على أنه لديه خططا لتلك المنطقة.
وهناك أيضا قلق بشأن الداعمين الرئيسيين لهيئة تحرير الشام، الحكومة التركية. فقد استقبل رجب طيب أردوغان حركة حماس، وقطع معظم العلاقات بين تركيا وإسرائيل.
ولكن القلق لا يشمل كل المراقبين الإسرائيليين. وتقول كارميت فالنسي، مديرة برنامج أبحاث سوريا في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: “هناك فرص أكثر لإسرائيل في سوريا من التهديدات الآن”. ومعظم الجماعات المعارضة بالقرب من حدود الجولان ليست متحالفة مع هيئة تحرير الشام، وتشمل مقاتلين من المجتمعات الدرزية، التي كانت لإسرائيل علاقات جيدة معها في الماضي. وينطبق الشيء نفسه على المتمردين الأكراد المهيمنين في شمال شرق سوريا.
وتقول فالنسي: “مع رحيل الأسد وضعف قوة إيران في سوريا، أصبح لدى إسرائيل فرصة لاستخدام الدبلوماسية مع اللاعبين الجدد في سوريا ومحاولة ضمان الأمن”.
ويتفق عاموس يادلين، رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، الذي دفع الحكومة للإطاحة بالنظام السوري، مع هذا الرأي. ويرى أن الجولان، على الأرجح لن تشكل تهديدا مباشرا، وقال: “يجب على إسرائيل أن تركز على أولوياتها الحقيقية، وأولها إنهاء الحرب في غزة بوقف إطلاق نار مستقر”.
وتعلق المجلة أن الضربة القاسية التي وجهتها إسرائيل لـ”حزب الله”، الوكيل الرئيسي لإيران في دعم نظام الأسد، لعبت بلا شك دورا في تمهيد الطريق لانتصار المعارضة السورية. ومن أجل مصلحتها ومصلحة سوريا، يتعين على إسرائيل أن تظل على الحياد في الوقت الحالي.
—————————
صحيفة بريطانية : قصة العشاء الإيراني الأخير في دمشق
الثلاثاء، ١٠ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٤
قبل ثلاثة أسابيع فقط، كان بشار الأسد في قمة عربية في الرياض، يتمتع بالاهتمام الدبلوماسي.
وقف على منصة ليلقي محاضرة عن التضامن السياسي، واجتمع بقادة عرب أقوياء، بمن فيهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ولوّح من على السجادة الحمراء أثناء مغادرته بطائرته الرئاسية.
كان زعيمًا مكروهًا لدولة ممزقة، لكنه كان متجذرًا في مكانه لدرجة أن الأوروبيين أنفسهم كانوا يقدمون مبادرات عبر الأردن بحثًا عن حل لأزمة اللاجئين السوريين.
ان لم يكن هذا إعادة تأهيل، فقد كان على الأقل قبولًا على مضض.
كان هناك تراجع تدريجي عن حالة المنبوذ التي عاشها الاسد بعد اكثر من عقد من الحرب الأهلية فشل في الإطاحة بالأسد.
بعد مرور الأسابيع الثلاثة، اصبح الأسد البالغ من العمر 59 عامًا طالب لجوء في موسكو، وتم إسقاط تمثال والده في طرطوس، وبات المتمردون يجوبون السفارات في دمشق بحثًا عن أي أثر لرجال نظامه.
المسار الذي سلكه المتمردون بقيادة الإسلاميين للوصول إلى العاصمة على مدار أسبوع مليء بمخلفات الصراع، من دبابات مهجورة إلى أكوام من الزي العسكري تركها الجنود الفارون.
لقد عكس هذا المسار بقايا حرب استدرجت قوى عالمية إلى حالة من التوازن القلق: قوات أمريكية وروسية في زوايا متقابلة من البلاد، وقاعدة تركية في الشمال، بينما حولت إيران وإسرائيل سوريا إلى ساحة أخرى لصراعهما الخفي.
التدهور البطيء لنظام الأسد أتاح لتنظيم داعش فرصة النمو؛ وأنتج أزمة لاجئين أعادت تشكيل أوروبا؛ وأدى إلى مقتل ما يصل إلى نصف مليون شخص وسقوطه يترك دولة ذات أهمية استراتيجية بالغة ممزقة وتواجه مستقبلًا غير مؤكد.
اتضح في الثاني من ديسمبر أن النظام الذي صمد 13 عامًا من الحرب الأهلية يواجه أخطر تهديد له. اقتحم المتمردون حلب، التي كانت أكبر مدينة في سوريا وموقع معركة استمرت أربع سنوات وانتهت بتراجع تفاوضي للمتمردين المدعومين من تركيا في عام 2016، عندما جاءت القوات الروسية لإنقاذ الأسد.
مع سقوط حلب هذه المرة، أظهرت إيران، الداعم الرئيسي للأسد، دعمها علنًا: زار وزير الخارجية عباس عراقجي الأسد، وتجول في حي المزة الراقي بدمشق، وتناول الشاورما في مطعم دجاجتي الشهير. كتب على منصة إكس : نتمنى لو كنتم معنا .
وفقًا لوزارة الخارجية الإيرانية، أعرب عن ثقته بأن سوريا ستتغلب مرة أخرى على الجماعات الإرهابية ، لكن في السر، قال مصدر إيراني مطلع لصحيفة فاينانشال تايمز إن عراقجي أبلغ الأسد أن إيران لم تعد في وضع يسمح لها بإرسال قوات لدعمه .
بعد ذلك، استولت هيئة تحرير الشام الجماعة الإسلامية التي تقود حملة المتمردين على الريف حول حماة، وهي مدينة يقطنها مليون شخص وكانت سجونها تضم معارضين منذ عام 1982، عندما قمع والد الأسد تمردًا هناك، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف.
أفادت وسائل الإعلام المحلية أن الأسد ضاعف رواتب الجنود، ونفذت روسيا غارات جوية، لكن هذه الغارات لم تفعل الكثير لإبطاء تقدم هيئة تحرير الشام، بخلاف ما كان عليه الوضع سابقًا في الحرب الأهلية السورية، عندما كان التفوق الجوي الروسي حاسمًا في تدمير المدن التي تسيطر عليها الجماعات المتمردة.
كان التحرك السريع للمتمردين هذه المرة نتيجة جزئية لحربين: حرب روسيا في أوكرانيا، وحرب إسرائيل مع جماعة حزب الله اللبنانية، وبالوكالة، إيران.
قدمت روسيا أيضًا وعودًا علنية بدعم النظام مثل إيران، لكن مسؤولًا سابقًا في الكرملين أخبر فاينانشال تايمز أن روسيا أيضًا كانت عاجزة عن مساعدة الأسد: غزو فلاديمير بوتين لأوكرانيا أدى إلى استنزاف قوات موسكو.
تقول هانا نوت، مديرة برنامج منع الانتشار في أوراسيا بمركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار لو لم تكن هناك حرب في أوكرانيا، لما سقط الأسد، أو على الأقل، لكان الروس مستعدين لفعل المزيد .
ضعف الأسد في الوقت الذي كانت إسرائيل تخرج فيه منتصرة في معركة بالقرب من دمشق في تكرار سيناريو حصل مع والده حافظ اسد الذي شق طريقه عبر الانقلابات الداخلية في القصر إلى الرئاسة مباشرة بعد خسارة سوريا لهضبة الجولان لصالح إسرائيل في حرب 1967.
تباهى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأحد بالتغيير قائلا هذا الانهيار هو نتيجة مباشرة لإجراءاتنا القوية ضد حزب الله وإيران، الداعمين الرئيسيين للأسد ، مضيفا لقد أطلقنا سلسلة من التفاعلات في المنطقة .
لتأكيد وجهة نظره، أرسل نتنياهو قبل بضعة أسابيع أقرب مساعديه في السياسة الخارجية، رون ديرمر، إلى موسكو برسالة: أبلغ الأسد أنه إذا لم يحد من الإيرانيين، وإذا سمح لحزب الله بإعادة تنظيم صفوفه في سوريا، وإذا لم يغلق الحدود مع لبنان أمام نقل الأسلحة والأموال، فسنلاحقه .
ومع استمرار المتمردين في تقدمهم، بدا أن سقوط دمشق نفسها لا يزال غير مرجح، فالمدينة القديمة صمدت خلال معظم الحرب الأهلية، حتى عندما كانت الدولة نفسها تقترب من الإفلاس.
لكن خلف الكواليس، قال دبلوماسي لـ فاينانشال تايمز ، إن الإيرانيين بدأوا بالتخلي عن الأسد، فقد غادر أفراد من النخبة في الحرس الثوري الإسلامي، إلى جانب الدبلوماسيين وعائلاتهم، بأعداد كبيرة، متجهين إلى العراق.
وفي غضون يومين، استولى المتمردون على حماة، ثم حمص، آخر مدينة كبيرة على الطريق السريع إلى دمشق.
واتبعت هيئة تحرير الشام نمط الجماعات الإسلامية المتمردة السابقة بالتفاوض مع زعماء القبائل المحليين وتحذير أمراء الحرب المحليين من التدخل، حسبما قال مسؤول استخباراتي غربي لصحيفة فاينانشال تايمز واضاف لقد كان مهرجانًا من تحالفات المصالح المؤقتة .
حتى هيئة تحرير الشام نفسها فوجئت بمدى سرعة انهيار الجيش السوري، حسبما قال دبلوماسي لـ فاينانشال تايمز .
أرسلوا 300 مقاتل لمحاولة اختراق خط فك الاشتباك لعام 2019 بمهاجمة مواقع الجيش السوري في بداية الهجوم، لكن الجيش السوري اختفى ببساطة ، قال الدبلوماسي.
كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يحاولون مواكبة الأحداث بسرعة. تمركزت القوات الأمريكية في سوريا على طول الحدود مع تركيا، بعيدًا عن تقدم المتمردين. وقال مسؤول: الأحداث كانت تتغير أسرع مما يمكننا فهمه .
قال شخص مطلع على الأحداث إن الاستخبارات التركية، التي دعمت فصائل متمردة منفصلة وساعدتها على السيطرة على مساحة واسعة من الأراضي جنوب الحدود التركية السورية منذ عام 2016، قدمت دعمًا للهجوم المتقدم.
وأضاف أن الطائرات التركية المسيرة كانت قد قامت مسبقًا برسم خرائط للمنشآت العسكرية على الطريق إلى دمشق لأسباب عملياتية خاصة بها، ولذلك تمكنت من تقديم جرد مفصل للمواد القتالية المخزنة في بعض المواقع.
وأوضح الشخص أن تركيا كانت تزود بعض الفصائل المتمردة بالسلاح، والتي تعمل تحت راية الجيش الوطني السوري وتنسق مع هيئة تحرير الشام، لكنه رفض الكشف عن التفاصيل.
وفي المقابل، حصلت تركيا على ضمانات بأن المتمردين الإسلاميين لن ينضموا إلى القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تسيطر بالفعل على مناطق واسعة من الأراضي السورية.
تعتبر تركيا أن هؤلاء المتمردين جزء من حزب العمال الكردستاني، المصنف كمنظمة إرهابية من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بينما تعتبرهم واشنطن قوة أساسية في معركتها مع داعش.
وقال مسؤول غربي: نصحنا [الأكراد] بأن هذا سيكون وقتًا مناسبًا لمراقبة جدرانهم وحماية حدودهم وأضاف: هذه ليست معركتهم .
كانت دمشق في الأفق ومع تقدم هيئة تحرير الشام جنوبًا، مدعومة بالأسلحة التي تركها الجنود الفارون ومؤيدة بدعم شعبي، اتجهت فصائل متمردة أخرى شمالًا من محافظة درعا، مهد الحرب الأهلية في عام 2011.
بدا أن قوات النظام اختفت بين ليلة وضحاها؛ وأشار مراقبون محليون إلى أن القوات أبرمت صفقة مع المتمردين للسماح لهم بالانسحاب دون قتال على الطريق السريع مقابل السماح لهم بالفرار.
سباق الوصول إلى دمشق أعاد إلى الأذهان سباقًا مشابهًا في عام 1918، عندما تسابقت القوات الغربية مع الميليشيات العربية بدعم من لورنس العرب للاستيلاء على دمشق من الجيش العثماني المنسحب في نهاية الحرب العالمية الأولى.
كانت الجائزة حينها، كما الآن، سوريا، وكانت النتيجة الفورية حينها، كما الآن، فوضوية.
عاش سكان دمشق ليلة مرعبة من الغارات الجوية بعضها إسرائيلي، استهدف البنية التحتية الإيرانية لمنعها من الوقوع في أيدي المتمردين وإطلاق النار.
لكن بحلول الصباح، كانت دمشق لهم.
فرضت هيئة تحرير الشام حظر تجول مسائي، ونشرت حراسًا أمام المباني الإدارية، وأمنت البنك المركزي، ونقلت رئيس الوزراء السوري محمد غازي الجلالي من مكتبه إلى فندق فور سيزونز، حيث تعهد بالمساعدة في الانتقال السياسي، ولم يتم الإعلان عن رحيل الأسد من مكتبه، بل من وزارة الخارجية الروسية.
يقول جون فورمان، الملحق الدفاعي البريطاني السابق في موسكو، إن الأمر كان مسألة وقت فقط قبل أن تسقط قاعدة روسيا الجوية في حميميم وقاعدتها البحرية في طرطوس وأضاف: إذا لم يتمكنوا من ضمان أمن القواعد، فسيتعين عليهم المغادرة .
وفي الوقت نفسه، نقلت وكالة تاس الروسية عن مصدر في الكرملين أن المتمردين ضمنوا سلامة القواعد الروسية والمرافق الدبلوماسية في البلاد.
بدون هاتين القاعدتين سيكون من الصعب على روسيا تحدي البحرية التابعة للناتو أو إسقاط قوتها الجوية في البحر المتوسط والبحر الأحمر، ودعم وجودها في شمال وشبه الصحراء الإفريقية، حسبما أضاف فورمان.
واظهرت منشورات وسائل التواصل الاجتماعي على ما يبدو أن المعدات الروسية تُسحب باتجاه قاعدتيها الرئيسيتين، في حين أن الطائرات الثقيلة كانت تتنقل بين روسيا وسوريا، وقد رصدت صور الأقمار الصناعية طائرة أنتونوف 124 الضخمة بجناحيها البالغ طولهما 74 مترًا والقادرة على حمل معدات كبيرة وهي على مدرج المطار في 7 ديسمبر.
لكن حجم الانسحاب الروسي غير واضح وقد لا يكون بنفس الدراماتيكية مثل انسحاب الإيرانيين، الذين كانوا مستهدفين من الإسرائيليين وبعض السوريين، الذين نهبوا السفارة الإيرانية في دمشق.
طارت طائرة على الأرجح روسية من مكان ما في سوريا في الأيام الأخيرة، تحمل الرجل الأكثر مطاردة في البلاد: الأسد نفسه واقتحم اللصوص منزله، ونهبوا الأثاث، واستعرضوا مجموعته من السيارات الفاخرة في العاصمة التي تركها وراءه.
يواجه بشار الاسد الآن مستقبلًا غامضًا، بعد أن انتهت فائدته لكل من روسيا وإيران وذلك مثل غيره من الحلفاء الروس الذين أطيح بهم وكان الشبان يتزلجون على تمثاله في الشوارع كعربة مزلجة في سوريا.
في 2011، كنت جالساً في مكتب الجريدة مع من يفترض أنهم أصدقاء وزملاء، وكنا نتناقش عن العنوان الذي سنكتبه عندما يسقط النظام، ما تخيلت أن أستطيع العيش حتى حلول هذا اليوم، وقلت لهم حينها، إن عنوان سقط النظام عنوان عادي جداً، ما فعله بنا أكبر من ذلك بكثير، هو ووالده اختارا كلمة لم يخترها أحد قبلهما، قالا إنهما سيبقيان في الحكم إلى الأبد، لذلك من الأفضل أن نقول سقط الأبد . هذا هو العنوان الذي سأكتبه، اليوم 8.12.2024 سقط الأبد.
ترجمة : زيد بنيامين تويتر
—————————-
بدأ حياته في المنفى خوفًا من أن تلاحقه جرائمه الشنيعة.. كواليس انهيار نظام الأسد
09 ديسمبر / كانون الأول 2024
ورث بشار الأسد نظام والده الاستبدادي، وتركه – وبلاده – في حالة خراب. دولة بوليسية بميليشيات في حرب وحشية قمعية، قتل فيها مئات الآلاف من المدنيين وفر أكثر من نصف السكان من منازلهم.
لم يتوقع بشار الأسد أبدًا أن يتولى السلطة من والده. كان شقيقه الأكبر باسل هو الوريث الواضح.
بدلاً من ذلك، تدرب بشار كطبيب عيون في لندن. يقول المطلعون السابقون على عائلة الأسد إنه لم يكن لديه القدرة على إدارة سوريا.
ولكن حادث سيارة بسرعة عالية أدى إلى مقتل باسل، وتم إحضار بشار إلى الوطن لتعلم أعمال العائلة.
عندما توفي الرئيس حافظ الأسد في عام 2000، دفعت النخبة السورية بشار إلى الرئاسة، مع الحفاظ على 30 عامًا من ثروتها وقوتها ومكانتها ونفوذها.
في البداية، وافق الرئيس الجديد على إصلاحات متواضعة وأطلق سراح مئات السجناء السياسيين.
ولكن تلك اللحظة القصيرة من التفاؤل، التي أطلق عليها “ربيع دمشق”، انتهت فجأة.
فبعد عقد من الزمن، لم يتم التعامل مع الاضطرابات الإقليمية المعروفة باسم “الربيع العربي” بنفس الليونة.
انتشرت الاحتجاجات المطالبة بالتغيير في جميع أنحاء سوريا في أوائل عام 2011. شن النظام حملة قمعية، مما أدى إلى تحويل الاحتجاجات السلمية إلى مذبحة.
ووجدت الأمم المتحدة ما أسمته أدلة على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ومسؤولية على أعلى مستوى في الحكومة، بما في ذلك رئيس الدولة.
أنكر الأسد، الوجه اللطيف المخادع لنظام يائس على نحو متزايد، المسؤولية في أحد لقاءاته النادرة مع صحفي غربي. حيث قال في مقابلة مع شبكة ABC حينها: “إنها ليست قواتي. إنها قوات عسكرية تابعة للحكومة. أنا لا أملكها، أنا رئيس”.
أدت الفوضى إلى ظهور عدد لا يحصى من الميليشيات المحلية وقوات المعارضة.
وفي خضم الفوضى، اكتسبت جماعة داعش المتطرفة موطئ قدم مؤقتًا، ونشرت إرهابها العدمي عبر الحدود إلى العراق.
واجهتهم القوات الأمريكية والعراقية، وسحقتهم في النهاية، لكنها لم تتحد سلطة الأسد الوحشية.
وخوفًا من التهديد المتنامي، قادت الولايات المتحدة تحالفًا لمحاربة أعداء الأسد الإرهابيين لصالحه، داعش والقاعدة.
انضمت روسيا إلى القتال أيضًا. الأسد وحلفاؤه، حزب الله من لبنان، وهي ميليشيا إيرانية، كانوا يخسرون الأرض.
وبإرسال قوات أكثر من أي دولة أخرى، بجانب الهجمات البرية والجوية الوحشية التي أدانها المجتمع الدولي، قلبت روسيا الموازين لصالح الأسد.
ولكن عندما دخلت القوات الروسية الحرب في أوكرانيا في عام 2022، بدأ العد التنازلي لحكم الأسد.
بحلول أواخر عام 2024، كان حلفاؤه الرئيسيون الآخرون، إيران وحزب الله، قد تضرروا من حرب استمرت لأكثر من عام مع إسرائيل، وانخفضت حظوظ الأسد.
خرجت هيئة تحرير الشام الإسلامية القومية التي كانت تابعة لتنظيم القاعدة من جيبها الشمالي، مستغلة ضعف حلفاء الأسد، واجتاحت البلاد.
في غضون أسبوعين، فر الأسد إلى روسيا، منهيًا نصف قرن من القمع الوحشي الذي مارسته عائلته ضد الشعب السوري.
بدأت حياته في المنفى في ظل الخوف من أن تلاحقه جرائمه الشنيعة في نهاية المطاف.
—————————
الأسد… “عرين” حديدي تهاوى بعد الفرار من سوريا
رغم حكمه القوي لم يستطع قمع المعارضة وترك البلاد في “فوضى” متوقعة
أسقط مقاتلون تماثيل للرئيس الراحل حافظ الأسد، والد بشار، وأخرى لباسل شقيق بشار في المدن التي سيطرت عليها المعارضة، ومزقوا صور بشار في الشوارع والمباني الحكومية، أو داسوا عليها أو أحرقوها أو ثقبوها بالرصاص.
استعان الرئيس السوري بشار الأسد بالقوة العسكرية الروسية والإيرانية لصد قوات المعارضة خلال أعوام الحرب الأهلية لكنه لم يتمكن من إلحاق الهزيمة بهم قط، مما ترك حكمه هشاً أمام تقدمهم المذهل في وقت انشغل فيه حلفاؤه بحروب أخرى.
قال ضابطان كبيران في الجيش السوري لـ”رويترز”، إن الأسد الذي امتد حكمه لـ24 عاماً غادر دمشق إلى وجهة غير معلومة في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأحد.
وأعلنت المعارضة “تحرير مدينة دمشق وإسقاط الطاغية بشار الأسد”، وقال ضابط سوري، إن قيادة الجيش أبلغت الضباط أن حكم عائلة الأسد، الذي بدأ قبل نحو 50 عاماً، انتهى.
وأطلقت الفصائل المعارضة المسلحة في بيانها على بشار الأسد صفة “الطاغية”، وأعلنت “الطاغية بشار الأسد هرب من دمشق”.
وأسقط مقاتلون تماثيل للرئيس الراحل حافظ الأسد، والد بشار، وأخرى لباسل شقيق بشار في المدن التي سيطرت عليها المعارضة، ومزقوا صور بشار في الشوارع والمباني الحكومية، أو داسوا عليها أو أحرقوها أو ثقبوها بالرصاص.
أصبح الأسد رئيساً عام 2000 بعد وفاة والده ليواصل حكم العائلة الصارم وهيمنة الطائفة العلوية في الدولة ذات الغالبية السنية مع الحفاظ على وضع سوريا كحليف لإيران معاد لإسرائيل والولايات المتحدة.
وكثيراً ما قدم الأسد نفسه حامياً للأقليات وحصناً ضد التطرف والفوضى، وحظي بدعم من روسيا وإيران و”حزب الله” اللبناني في النزاع مكنه من استعادة السيطرة على الأرض اعتباراً من عام 2015 بعدما كانت قواته خسرت أجزاء واسعة من الأراضي السورية.
باستثناء صور قليلة له بالزي العسكري قد يصادفها زائر دمشق أو مدن أخرى عند نقاط أو حواجز أمنية، ظهر الأسد دائماً بطوله الفارع وبنيته الجسدية النحيلة، ببزات رسمية وربطة عنق. وكانت لافتة مشاهد الأيام الماضية عندما أقدم مقاتلون معارضون في مناطق مختلفة من سوريا على إحراق هذه الصور أو تمزيقها أو تحطيمها.
في اجتماعاته الرسمية، وخلال استقباله ضيوفاً، في المقابلات أو حتى خلال تفقده الجبهات في أشد سنوات النزاع عنفاً، يتكلم بشار الأسد، طبيب العيون السابق دائماً بنبرة هادئة ولكن حازمة تتخللها لحظات توقف وابتسامات غامضة.
تأثر حكم بشار في سنواته الأولى بحرب العراق والأزمة في لبنان قبل أن تشتعل الحرب الأهلية التي اندلعت في أعقاب الربيع العربي عام 2011 عندما خرج السوريون إلى الشوارع مطالبين بالديمقراطية، ليواجهوا قوة غاشمة.
في عام 2018، وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه “حيوان” لاستخدامه أسلحة كيماوية، وهو الاتهام الذي نفاه، وصمد الأسد رغم أن عديداً من القادة الأجانب اعتقدوا أن نهايته وشيكة في الأيام الأولى من الصراع عندما فقد مساحات شاسعة من سوريا لمصلحة المعارضة.
وبمساعدة الضربات الجوية الروسية والجماعات المسلحة المدعومة من إيران، تمكن الأسد من استعادة معظم الأراضي خلال سنوات من الهجمات العسكرية بما في ذلك فرض حصار على بعض المناطق شبهه محققو الأمم المتحدة بأنه من أساليب “القرون الوسطى”.
ومع انحصار المعارضة إلى حد كبير في زاوية من شمال غربي سوريا، شهد حكم الأسد هدوءاً نسبياً لسنوات عدة إلا أن أجزاء كبيرة من البلاد ظلت خارج سيطرته وعانى الاقتصاد من العقوبات الدولية.
استأنف الأسد العلاقات مع الدول العربية التي تحاشته في السابق لكنه ظل منبوذاً بالنسبة لمعظم دول العالم ولم ينجح قط في إحياء الدولة السورية المدمرة التي تقهقر جيشها سريعاً أمام تقدم المعارضة.
ولم يدل الأسد بأي تصريحات علنية منذ سيطرة المعارضة على حلب قبل أسبوع، لكنه قال في اتصال هاتفي مع الرئيس الإيراني، إن التصعيد يهدف إلى إعادة رسم المنطقة من أجل المصالح الغربية، وهو ما يعكس وجهة نظره في شأن الانتفاضة باعتبارها مؤامرة مدعومة من الخارج.
وفي تبريره للتعامل مع المعارضة في المراحل الأولى، شبه الأسد نفسه بالجراح. وقال عام 2012 “هل نقول له: أيديك ملطخة بالدماء؟ أم نشكره على إنقاذ المريض؟”.
وفي بدايات الصراع مع استيلاء المعارضة على مدينة تلو الأخرى، كان الأسد يتمتع بقدر كبير من الثقة، وقال للجيش الحكومي بعد استعادة بلدة معلولا عام 2014 “سنضربهم بيد من حديد وستعود سوريا كما كانت”.
وأوفى الأسد بالوعد الأول لكنه لم يف بالوعد الثاني، فعلى رغم مرور سنوات ظلت أجزاء كبيرة من سوريا خارج سيطرة الدولة ودمرت المدن وتجاوز عدد القتلى 350 ألفاً وفر أكثر من ربع السكان إلى الخارج.
خطوط حمراء
حظي الأسد بدعم سوريين اعتقدوا أنه ينقذهم من الإسلاميين المتشددين، ومع بزوغ الجماعات المسلحة المتأثرة بفكر تنظيم “القاعدة”، تردد صدى هذا الخوف بين الأقليات، وسعت قوات المعارضة إلى طمأنة المسيحيين والعلويين وغيرهم من الأقليات بضمان حمايتهم خلال تقدمها في الأيام الماضية.
تشبث الأسد بفكرة أن سوريا هي معقل القومية العربية العلمانية حتى مع اتخاذ الصراع منحنى أكثر طائفية، وفي حديثه لمجلة “فورين أفيرز” عام 2015، قال الأسد إن الجيش السوري “يتألف من كل أطياف المجتمع السوري”، لكن بالنسبة لخصومه، كان الأسد يذكي نيران الطائفية.
وتزايدت النزعة الطائفية للصراع مع وصول مقاتلين شيعة مدعومين من إيران من مناطق بالشرق الأوسط لمد يد العون للأسد، وفي ظل دعم دول سنية مثل تركيا وقطر للمعارضة
أكد مسؤول إيراني كبير أهمية الأسد لبلاده عندما أعلن عام 2015 أن مصيره يشكل “خطاً أحمر” بالنسبة لطهران.
وفي حين ساعدت إيران الأسد، لم تتمكن الولايات المتحدة من فرض “خطها الأحمر” الذي حدده الرئيس باراك أوباما عام 2012 ضد استخدام الأسلحة الكيماوية، وخلصت التحقيقات المدعومة من الأمم المتحدة إلى أن دمشق استخدمت الأسلحة الكيماوية.
في عام 2013، أدى هجوم بغاز السارين على الغوطة التي كانت تحت سيطرة المعارضة إلى مقتل المئات، لكن موسكو توسطت في اتفاق لتدمير الأسلحة الكيماوية السورية بهدف تجنب أي تحرك من الولايات المتحدة.
ومع ذلك، استمر استهداف مناطق المعارضة بالغاز السام ودفع هجوم بغاز السارين عام 2017 ترمب إلى إصدار أمر بتوجيه ضربة صاروخية، ونفى الأسد الاتهامات الموجهة إلى حكومته بالمسؤولية عن الهجوم الكيماوي، كما نفى أن يكون الجيش ألقى براميل متفجرة تسببت في دمار عشوائي، وبدا أنه يستخف بالاتهام في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” عام 2015 حين قال، “لم أسمع عن استخدام الجيش للبراميل، أو ربما أواني الطهي”.
كما أنكر عشرات الآلاف من الصور التي تظهر تعذيب أشخاص أثناء احتجازهم على يد الحكومة ووصفها بأنها جزء من مؤامرة تمولها قطر.
ومع تراجع حدة القتال، اتهم الأسد أعداء سوريا بشن حرب اقتصادية.
ومع بقائه منبوذاً لدى الغرب، بدأت بعض الدول العربية التي كانت تدعم معارضيه في السابق تفتح أبوابها له، واستقبل زعماء الإمارات الأسد وهو في قمة السعادة خلال زيارة له عام 2022.
طبيب العيون
قدم الأسد نفسه في كثير من الأحيان كرجل متواضع قريب من الشعب، وظهر في مقاطع مصورة وهو يقود سيارة خاصة متواضعة، وفي صور مع زوجته في أثناء زيارتهما لقدامى المحاربين في بيوتهم، وتولى منصبه عام 2000 بعد وفاة والده رغم أنه لم يكن مقدراً له في البداية أن يكون رئيساً.
كان حافظ قد أعد ابنه الأكبر، باسل، لخلافته، لكن عندما توفي باسل في حادثة سيارة عام 1994، تحول طيب العيون بشار من طالب دراسات عليا في لندن، إلى وريث للحكم.
بعد أن أصبح رئيساً، بدا أن الأسد قد تبنى إصلاحات ليبرالية تم الترويج لها على أنها “ربيع دمشق”، وأطلق سراح مئات المعتقلين السياسيين وقدم مبادرات إلى الغرب وفتح الاقتصاد أمام الشركات الخاصة.
وساعد زواجه من المصرفية السابقة المولودة في بريطانيا أسماء الأخرس التي أنجب منها ثلاثة أبناء، في تعزيز الآمال في قدرته على قيادة سوريا على مسار إصلاحي.
من بين أبرز محاولاته المبكرة للتودد الزعماء الغربيين حضوره قمة في باريس حيث كان ضيف شرف في العرض العسكري السنوي بمناسبة يوم الباستيل، لكن مع بقاء النظام السياسي الذي ورثه على حاله، تلاشت علامات التغيير سريعاً.
وزج بالمعارضين في السجون وأسهمت الإصلاحات الاقتصادية فيما وصفه دبلوماسيون أميركيون، في برقية لسفارة واشنطن عام 2008 سربتها “ويكيليكس”، بالمحسوبية “الطفيلية” والفساد.
وفي حين كانت النخبة تعيش حياة مترفة، دفع الجفاف الفقراء إلى النزوح من المناطق الريفية إلى الأحياء الفقيرة حيث بدأت شرارة الانتفاضة.
وتسببت التوترات مع الغرب التي نشأت بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 في قلب ميزان القوى في الشرق الأوسط رأساً على عقب.
وكان اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في بيروت عام 2005 سبباً في ضغوط غربية أجبرت سوريا على الانسحاب من جارتها، وخلص تحقيق دولي أولي إلى تورط شخصيات سورية ولبنانية بارزة في عملية الاغتيال.
في حين نفت سوريا تورطها، قال عبدالحليم خدام نائب الرئيس السابق إن الأسد هدد الحريري قبل أشهر من الاغتيال، وهو اتهام نفاه الأسد.
وبعد 15 عاماً، دانت محكمة مدعومة من الأمم المتحدة أحد أعضاء جماعة “حزب الله” اللبنانية بالتآمر لقتل الحريري، ونفى “حزب الله”، حليف الأسد، أي دور له في الأمر.
——————————-
حزب “البعث”… 60 عاما من “عزل” سوريا
اتسمت دمشق خلال حكم العلويين بالانقلابات والتظاهرات والقمع مع الانفراد بالسلطة
أ ف ب
تأسس حزب “البعث” في الـ17 من أبريل 1947 على يد سوريين تلقيا تعليمهما في باريس، وهما ميشال عفلق المسيحي الأرثوذكسي وصلاح البيطار المسلم السني.
بعد أكثر من نصف قرن من إمساكه بالسلطة، خسر حزب “البعث” اليوم الأحد الحكم في سوريا مع إعلان فصائل معارضة فجراً دخولها دمشق، و”هرب” الرئيس بشار الأسد بعد 11 يوماً على بدئها هجوماً واسعاً.
تأسس حزب “البعث” في الـ17 من أبريل (نيسان) 1947 على يد سوريين تلقيا تعليمهما في باريس، وهما ميشال عفلق المسيحي الأرثوذكسي وصلاح البيطار المسلم السني.
وفي عام 1953 اندمج الحزب مع الحزب “العربي الاشتراكي”، مما أكسبه شعبية بين المثقفين والفلاحين والأقليات الدينية، واتسع حضور حزب “البعث العربي الاشتراكي” إلى دول عربية عدة أبرزها العراق.
وخلال الثامن من مارس (آذار) 1963 وصل “البعث” إلى الحكم في سوريا، إثر انقلاب عسكري وفرض حال الطوارئ.
وفي الـ16 من نوفمبر (تشرين الثاني) 1970 نفذ حافظ الأسد الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع انقلاباً عسكرياً عُرف بـ”الحركة التصحيحية”، أطاح رئيس الجمهورية حينها نور الدين الأتاسي ووضع حداً لسلسلة من التجاذبات الداخلية في الحزب وعلى السلطة.
وخلال الـ12 من مارس 1971 انتخب حافظ الأسد رئيساً للجمهورية السورية في اقتراع من دون أي منافس، ليصبح أول رئيس ينتمي إلى الأقلية العلوية التي تشكل 10 في المئة من تعداد السكان.
وفي السادس من أكتوبر (تشرين الأول) 1973 شنت مصر وسوريا هجوماً مفاجئاً على إسرائيل، في محاولة لاستعادة ما خسره البلدان خلال حرب يونيو (حزيران) 1967. وتمكنت القوات المصرية من عبور قناة السويس بينما استعادت القوات السورية بعض الأجزاء في هضبة الجولان.
وفي مايو (أيار) 1974 وقعت سوريا وإسرائيل رسمياً اتفاق فض الاشتباك في مرتفعات الجولان.
وخلال عام 1979 تدهورت العلاقات بين سوريا والعراق اللذين حكمهما فرعان متنافسان من حزب “البعث”، بعد اتهام الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين الوافد حديثاً إلى السلطة دمشق بالتآمر، وقطعت بغداد علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق خلال أكتوبر 1980 بعدما دعم حافظ الأسد إيران في الحرب مع العراق.
وفي فبراير (شباط) 1982 تصدى النظام السوري لانتفاضة مسلحة قادها تنظيم “الإخوان المسلمون” في مدينة حماة (وسط). وأدى القمع الدامي إلى مقتل من يراوح عددهم ما بين 10 آلاف و40 ألف شخص.
وأتى ذلك بعد نحو ثلاثة أعوام من هجوم بالرصاص والقنابل اليدوية على الكلية الحربية في مدينة حلب، أدى إلى مقتل 80 جندياً من العلويين. واتهم “الإخوان المسلمون” في حينه بالوقوف خلف الهجوم.
وفي نوفمبر 1983 تعرض حافظ الأسد لأزمة قلبية نقل على إثرها إلى مستشفى داخل دمشق، وبينما كان يقبع في غيبوبة حاول شقيقه الأصغر رفعت الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب فاشل واستعاد حافظ عافيته وسلطته. وبعد عام، أجبر رفعت على مغادرة سوريا.
توفي حافظ الأسد خلال الـ10 من يونيو 2000 عن عمر ناهز 69 عاماً، بعد عقود حكم خلالها سوريا بقبضة حديد أرسى خلالها بالقوة استقراراً أكسب بلاده دوراً وازناً في إقليم دائم الاضطراب.
وبعد شهر تولى نجله بشار السلطة بعد تعديل دستوري سمح له بالترشح من خلال خفض السن القانونية لتولي الرئاسة، وحاز في استفتاء لم يضم أي مرشح آخر سواه 97 في المئة من الأصوات، وأصبح بشار الأسد القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمين القطري لحزب “البعث العربي الاشتراكي” الحاكم في البلاد.
وفي الـ15 من مارس 2011 انطلقت تظاهرات سلمية مناوئة للنظام في إطار ما سمي حينها “الربيع العربي”، قمعت السلطات التظاهرات بعنف، واصفة إياها بأنها “تمرد مسلح تقوم به مجموعات سلفية”.
وخلال أبريل 2011 اتسعت رقعة القمع والاحتجاجات التي سرعان ما تحولت إلى نزاع مسلح ترافق مع صعود المعارضة المسلحة وظهور مجموعات متشددة، وسعى النظام إلى سحق التمرد فخاض حرباً ضد مقاتلين معارضين عدَّ تحركهم “إرهاباً مدعوماً من الخارج”، وبدأ عام 2012 استخدام الأسلحة الثقيلة ولا سيما المروحيات والطائرات واتهم الغرب مراراً النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيماوية، وهو ما نفته دمشق على الدوام.
وبموجب استفتاء شعبي عام 2012 أقر دستور جديد قدمته السلطات في إطار إصلاحات هدفت لتهدئة الاحتجاجات، وألغى الدستور الدور القيادي لحزب “البعث” الحاكم وحلت مادة نصت على “التعددية السياسية” محل المادة الثامنة التي تشدد على دور الحزب “القائد في الدولة والمجتمع”.
وفي يوليو (تموز) 2024 فاز الحزب مجدداً بغالبية مقاعد مجلس الشعب، في رابع انتخابات تجرى بعد اندلاع النزاع.
وصباح اليوم الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الجاري أعلنت فصائل معارضة “هرب” بشار الأسد ودخول قواتها دمشق، إثر عملية عسكرية واسعة ومباغتة بدأتها في الـ27 من نوفمبر الماضي من معاقلها في إدلب، وسيطرت خلال تدريجاً على مدن كبرى في البلاد مع تراجع القوات الحكومية بصورة غير مسبوقة منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من 13 عاماً.
وأعلن رئيس الحكومة محمد الجلالي أنه مستعد للعمل على “تسليم” السلطة.
ودعا قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني قادة هجوم الفصائل ومقاتليه إلى عدم الاقتراب من المؤسسات العامة، مؤكداً أنها ستبقى تحت إشراف رئيس الوزراء حتى “تسليمها رسمياً”.
وقالت فصائل المعارضة عبر “تيليغرام” إن “الطاغية بشار الأسد هرب”، و”نعلن مدينة دمشق حرة”، وأضافت “بعد 50 عاماً من القهر تحت حكم ’البعث‘ و13 عاماً من الإجرام والطغيان والتهجير، نعلن اليوم نهاية هذه الحقبة المظلمة وبداية عهد جديد لسوريا”.
—————————–
كيف تبدل النسيج الطائفي خلال أعوام الحرب في سوريا؟/ طارق علي
عقد ونصف العقد من المعارك غيرت ديموغرافيا البلاد بصورة تامة
نجح النظام السوري في جعل المكون العلوي يستحوذ على مساحة ديموغرافية بين 40 و50 في المئة من مجمل السكان، وجاء ذلك نتاج حرب قاسية قدمت فيها مجمل الأطراف السورية أغلى ما تملك.
تغيرت كثيراً الخريطة الديموغرافية والتركيبة السكانية للسوريين خلال الحرب، فأقله حتى عام 2020 لم يعد يمثل السُّنة سوى نصف سكان البلاد، ويعود ذلك لتهجير أكثر من 7 ملايين سوري خلال أعوام الحرب الماضية نحو المنافي البعيدة.
يتألف النسيج السوري الاجتماعي من واحد من أندر الاتحادات الدينية والعرقية في المنطقة، إذ يتشكل موزايكه من مسيحيين ومسلمين بغالبية سنية وأقليات علوية وشيعية ودرزية وإسماعيلية ومراشدة، وقوميات عربية وكردية وتركمانية وسريانية وآشورية وكلدانية وأرمنية، وفيما يلي عرض لأبرز تلك المكونات المختلفة مع أماكن وجودها والتفاصيل المرتبطة بها.
التوزع في المدن
خلال عام 2011 مع بدء الحرب على سوريا قدر عدد سكان البلاد بـ23 مليوناً، يتوزعون على النحو التالي: حلب 3.393.000، ودمشق 3.175.000، وحمص 1.113.114، وحماة 780.000، واللاذقية 660.000، ودير الزور 416.600، والحسكة 388.705، والرقة 370.000، وإدلب 147.120.
وتشير بعض الدراسات إلى وجود نحو 20 مليون نسمة من أصل سوري في دول العالم وعلى الأخص في الأميركتين وأوروبا وأستراليا.
في السابق كان يمكن الحديث عن غالبية سنية تقطن سوريا وتنتشر بصورة أساس في حلب ودمشق وحمص ودرعا والقنيطرة والرقة ودير الزور وحماة وغيرها، وفي قرى ضخمة تتخذ صورة المدن كدوما وحرستا وقرى الغوطة الشرقية في ريف دمشق، والرستن وتلبيسة وقرى الحولة في ريف حمص، وقمحانة ومعردس وخطاب وكفرنبودة وحلفايا في ريف حماة، ومعظم أرياف حلب وأرياف اللاذقية الشمالية الشرقية، والصنمين ونوى وجاسم وخربة غزالة في ريف درعا.
ويرى باحثون متخصصون أن تعدادهم عشية الحرب كان يصل إلى نسبة تراوح ما بين 80 إلى 85 في المئة، مضافاً إليهم نسبة الأكراد، وهو ما ذهب إليه نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام في لقاء سابق قبل رحيله، فيما انخفضت كثيراً هذه النسبة لاحقاً بسبب الحرب الدائرة.
في حين يذكر تقرير وزارة الخارجية الأميركية للحريات الدينية لعام 2011 أن نسبة المسلمين السُّنة في سوريا تبلغ 77 في المئة.
السنة خلال الحرب السورية
تغيرت كثيراً الخريطة الديموغرافية والتركيبة السكانية للسوريين خلال الحرب، فأقله حتى عام 2020، لم يعد يمثل السنة سوى نصف سكان البلاد، ويعود ذلك لتهجير أكثر من 7 ملايين سوري خلال أعوام الحرب الماضية نحو المنافي البعيدة.
وبحسب الصحافي والكاتب بيير إيف بايي في مقال له بموقع “أوريان 21” فإن “قمع نظام الرئيس بشار الأسد الشديد للتظاهرات في درعا وما أسفر عنه من قتل عام 2011، كان الشرارة التي أشعلت سوريا لما يقارب تسعة أعوام، وأدت بسبب ما خلفته من انعدام الأمن إلى انسحاب طائفي تفاقم وتم استغلاله من قبل المتحاربين، كما زاد من حدته إشراك أطراف خارجية لا سيما تركيا وإيران”.
يقول الشيخ صفوان السباعي في حديث إلى “اندبندنت عربية”، “هذا النظام الذي سقط يوم الأحد عمل على تغيير بيئة وبنية المجتمع والعبث به طائفياً ودينياً واثنياً، وكان يهدف في كل لحظة إلى هذا التغيير والعبث الطائفي، وبالفعل تمكن من تجريد مكونات سوريا من محتواها التاريخي الممعن في القدم”.
ويضيف الشيخ “وعلى رغم ذلك فهو بالمناسبة لم يقدم امتيازات تذكر لطوائف أخرى سوى الفقر والجوع ووهم الأفضلية بينما كان يستخدمهم كوقود، ولكنه في النهاية نجح في ضرب المكون الأكبر في سوريا وجعله ينحدر ملايين عبر تهجيره نصف سُنة البلاد وتغييبه وقتله لملايين آخرين”.
ويضيف الكاتب بايي في مقال إن “الطائفية متأصلة في نظام الدولة الذي بناه الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، إذ أخذ طائفته العلوية عند توليه الرئاسة رهينة وربطها بسلطته وأجهزته الأمنية، وعمد النظام طوال أعوام حكمه إلى تخوين بعض فئات المجتمع”.
وشكلت الطائفة العلوية التي يراوح عددها ما بين مليونين ومليونين ونصف المليون “أي بين تسعة و11 في المئة من السكان السوريين، حضوراً قوياً في جهاز الدولة، ومن كان يطلق عليهم اسم ’الشبيحة‘”.
العلويون
تشكل الطائفة العلوية الأقلية الكبرى في سوريا، إذ لا يتخطى عددها تسعة في المئة بحسب مركز الإحصاء المركزي عام 2011، أي ما يعادل أكثر من مليونين بقليل من أصل 23 مليون نسمة من الشعب السوري في حينه، إلا أن الوضع تغير كثيراً بعد 14 عاماً من الحرب السورية.
وكان يشكل السنة غالبية مدينة حمص وسط البلاد، ولكنهم اليوم يشكلون أقل من النصف ليتقاسم معهم العلويون النصف الآخر من المدينة، وقد ترجح كفة الأخيرين أيضاً مع وجود خجول لأقليات أخرى في المدينة.
فيما يصر مكتب الإحصاء المركزي الجمهوري على أن تعداد سكان سوريا بلغ 30 مليون نسمة عام 2024، تمكنت “اندبندنت عربية” من الحصول على أرقام أكثر دقة من داخل المكتب نفسه وبالمقاطعة مع تقارير البنك الدولي وتقارير إعلامية موثوقة تفيد بأن العدد الفعلي للسوريين اليوم هو نحو 26 مليون نسمة، منهم 16 مليوناً داخلها وتسعة ملايين خارجها مع نحو مليون مغيب ومفقود، وبحسب مركز “جسور للدراسات” المعارض (مكتبه خارج سوريا) فإن مناطق المعارضة قبل سيطرتهم الأخيرة على سوريا كانت تضم نحو 4.5 مليون مواطن ومناطق الأكراد 2.6، ومناطق النظام 9.5 وربما أكثر بقليل.
وبالمحصلة نجح النظام في أن يجعل المكون العلوي يستحوذ على مساحة ديموغرافية بين 40 إلى 50 في المئة من مجمل السكان، وجاء ذلك نتاج حرب قاسية قدمت فيها مجمل الأطراف السورية أغلى ما تملك.
ويتركز وجود العلويين اليوم على محافظات الساحل في اللاذقية وطرطوس وأرياف بانياس وأرياف حماة وحمص وريفها وفي بعض أحياء وضواحي دمشق، مُشكلين كتلة متينة ومتراصة كما يجري تصويرها.
ويقول الشيخ العلوي أحمد قبلان “بعد سقوط النظام، هل رأيت فرح واحتفالات الناس بسقوطه، لا تهم كم نسبتنا وتعدادنا على الأرض وما هو حجم قوتنا، المهم كيف تم استخدامنا كوقود في محرقة استمرت عقداً ونيف”.
ويضيف “يلاحظ أي أحد أن الأسد لحظة خلعه كان من دون حاضنة شعبية إطلاقاً حتى من العلويين أنفسهم، وهذا دليل على أن الناس سئموا منه ومن سياساته واستخدامه لشباب هذه الطائفة كدرع يحميه، درع مقتول من الجوع والحاجة والقهر”.
الإسماعيليون والمراشدة
طائفتان صغيرتان نسبياً اختارتا النأي بالنفس في معظم أوقات الحرب وإن كان الإسماعيليون واجهوا بعض المعارك حتى أعوام 2016، والذين يتركز وجودهم في السلمية شرق حماه ومدينة مصياف شمال غربي حماة، ويقدر تعدادهم بنحو مليون تقريباً.
أما المراشدة فيوجدون بصورة رئيسة في الغاب وحمص المدينة غالباً، ويقدر تعدادهم بنحو نصف مليون.
الشيعة والدروز
يشكل الشيعة أقلية أخرى تقدر بعشرات الآلاف ويتموضعون في السيدة زينب داخل ريف دمشق بصورة رئيسة وحي العباسية بحمص وبلدتي نبل والزهراء في ريف حلب.
أما الدروز فيقدر تعدادهم بمليون سوري أو أقل، يتموضع منهم نحو نصف مليون في السويداء جنوب سوريا، أما البقية فيقطنون مدينة جرمانا داخل ريف دمشق وبعض ضواحي العاصمة.
المسيحيون
كان تعداد المسيحيين في سوريا عشية الحرب يناهز 10 في المئة حسب مصادر كنسية، أي أكثر من مليوني سوري، لكن مع تتالي أعوام الحرب انخفض تعدادهم بصورة ملحوظة ليشكلوا ما نسبته واحد إلى اثنين في المئة، وأيضاً وفق مصادر كنسية صار تعدادهم يقارب نصف مليون، ففي حلب وحدها انخفض عددهم من نصف مليون عام 2011 إلى 27 ألف مسيحي وضمناً الأرمن عام 2024.
——————————-
يديعوت أحرونوت: عائلة الأسد تتأقلم مع حياتها الجديدة المترفة في روسيا
10/12/2024
رغم مرور يومين على الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لا تزال روسيا ترفض الإفصاح عن مكان وجوده، وفق تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.
لكن الصحيفة أشارت إلى تصريحات أدلى بها كبار المسؤولين في الحكومة الروسية أكدوا فيها أن بشارا وعائلته حطوا الرحال في موسكو وحصلوا على اللجوء السياسي من الرئيس فلاديمير بوتين.
وذكرت أنه، وفقا لبعض التقديرات، فإن الرئيس السوري المخلوع موجود حاليًا في روسيا مع زوجته أسماء وأولادهما الثلاثة، حافظ (24 عاما) وكريم (21 عاما) وزين (22 عاما).
ونقلت عن صحيفة ديلي ميل البريطانية أن تقديرات وزارة الخارجية الأميركية تفيد بأن الأسد وزوجته يمتلكان ثروة صافية تبلغ حوالي ملياري دولار موزعة على عدة حسابات مصرفية وشركات وهمية وملاذات ضريبية ومشاريع عقارية في جميع أنحاء العالم.
كما أن عائلة الأسد -بحسب الصحيفة البريطانية كما نقلت عنها أحرونوت- تمتلك ما لا يقل عن 20 شقة في موسكو، تصل قيمتها إلى ما يقرب من 40 مليون دولار، مضيفة أن محمد مخلوف، خال الأسد، اشترى 18 شقة فاخرة في مجمع حصري في العاصمة الروسية في العقد الماضي، حيث يعيش وزراء في الحكومة الروسية ورجال أعمال روس أثرياء أيضا. وقد يعيش آل الأسد في إحدى هذه الشقق أو في موقع آمن خصصه لهم بوتين.
تقديرات أميركية: الأسد وزوجته يمتلكان ثروة صافية تبلغ حوالي ملياري دولار موزعة على عدة حسابات مصرفية وشركات وهمية وملاذات ضريبية ومشاريع عقارية في جميع أنحاء العالم
وكانت تقارير نُشرت خلال العقد الماضي، قد أشعلت غضبا على نطاق العالم بسبب استمرار أسماء الأسد في إنفاق ثروة طائلة على السلع الفاخرة مثل حقائب اليد والملابس في الوقت الذي يذبح فيه زوجها شعبه.
وطبقا للصحيفة الإسرائيلية، فلطالما كانت عائلة الأسد معتادة على مدينة موسكو، وإن لم تعش فيها من قبل. فابنها البكر حافظ، درس المرحلة الجامعية هناك وكتب أطروحته باللغة الروسية، وحضرت والدته حفل تخرجه هناك.
وضع صعب وفرح وابتهاج
على أن انتقال آل الأسد إلى موسكو يأتي في وقت صعب للعائلة، ليس فقط بسبب الهروب المهين من سوريا، كما تصفه الصحيفة، بل لأن أسماء أصيبت بسرطان الدم. وجاء الكشف عن إصابتها بالمرض في مايو/أيار الماضي، أي بعد 5 سنوات تقريبا من الإعلان عن شفائها من سرطان الثدي.
وتطرقت الصحيفة إلى مشاعر الفرح والابتهاج التي عمّت العاصمة السورية دمشق والمستمرة حتى الآن بعد الإطاحة بالنظام. ونقلت عن ريم رمضان، وهي موظفة في وزارة المالية جاءت للاحتفال في ساحة الأمويين بالمدينة: “إنه أمر لا يوصف، لم نظن أبدا أن هذا الكابوس سينقشع، لقد ولدنا من جديد. لمدة 55 عاما كنا نخاف أن نتكلم، حتى في المنزل، كنا نقول إن للجدران آذان. الآن نشعر وكأننا نعيش في حلم”.
ولاحظت الصحيفة أن الحياة في دمشق لم تعد بعد إلى طبيعتها؛ فحركة المرور قليلة في العديد من أحياء العاصمة اليوم، ورفض العديد من الباعة فتح محلاتهم التجارية. كما ظلت المؤسسات العامة والمدارس مغلقة، وانتشرت قوات الثوار بالقرب من البنك المركزي.
ومع ذلك، فإنه لا أحد يعرف من سيحكم سوريا فعلا ولا نوع النظام الذي سيقودها، وفقا للصحيفة التي تصف هيئة تحرير الشام بأنها أقوى المجموعات على الساحة المحلية في الوقت الحالي.
وتمضي يديعوت أحرونوت إلى القول إن زعيم هيئة تحرير الشام أحمد الشرع، ظل على مدار الأسبوع المنصرم يبذل جهدا “لارتداء قناع الاعتدال”، إلا أن الغرب لا يزال ينظر إليه بعين الريبة ويريد التأكد من أنه لا يغتنم الفرصة لإقامة نظام إسلامي “متطرف” في سوريا.
المصدر : يديعوت أحرونوت
—————————
الأمم المتحدة: “هيئة تحرير الشام” أرسلت “رسائل إيجابية” للسوريين
تدمير مركز البحوث العلمية بالكامل وإسرائيل تنفي خروج قواتها من المنطقة العازلة
اندبندنت عربية
الثلاثاء 10 ديسمبر 2024
نفى متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن تكون القوات الإسرائيلية قد توغلت في الأراضي السورية خارج المنطقة العازلة مع هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، وذلك بعد أن قالت مصادر سورية إن التوغل وصل إلى مسافة 25 كيلومتراً من العاصمة دمشق. وقال “هذا غير صحيح، القوات لم تغادر المنطقة العازلة”.
في الإثناء، دُمِّر مركز البحوث العلمية في دمشق التابع لوزارة الدفاع السورية والذي استهدفته غارات إسرائيلية مساء الإثنين، بشكل كامل.
وكان هذا المركز الواقع في برزة والذي تقول الولايات المتحدة إنه مرتبط ببرنامج الأسلحة الكيماوية السوري، قد استُهدف في أبريل (نيسان) 2018 خلال ضربات أميركية وفرنسية وبريطانية منسقة.
على صعيد آخر، أعلنت منظمة “الخوذ البيضاء” اليوم، انتهاء عمليات البحث في سجن صيدنايا حيث كانت تشتبه في وجود زنازين وسراديب سرية غير مكتشفة، من دون العثور على أي معتقلين إضافيين.
وقالت في بيان “يعلن الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) انتهاء عمليات البحث عن معتقلين محتملين في زنازين وسراديب سرية غير مكتشفة داخل سجن صيدنايا سيء السمعة، من دون العثور على أي زنازين وسراديب سرية لم تفتح بعد”.
وسط هذه الأجواء، أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون أن 9 سنوات مرت على تصنيف “هيئة تحرير الشام” جماعة إرهابية، وتواصل هي وفصائل مسلحة أخرى منذ ذلك الحين إرسال رسائل جيدة ومطمئنة، وقال” “أعتقد أن المجتمع الدولي سيعيد النظر في مسألة تصنيف هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية.
———————–
هآرتس: توغل نتنياهو بسوريا خطأ فادح سيكلف إسرائيل غاليا
10/12/2024
قالت صحيفة هآرتس إن تفسير الجيش الإسرائيلي لدخوله المنطقة المنزوعة السلاح على طول الحدود السورية، واستيلائه على الجانب السوري من جبل الشيخ، بعد سقوط نظام بشار الأسد، هو أنه لضمان الأمن فقط، مع أنه ثبت أن السيطرة على الأراضي لا تحسّن الأمن.
وعادت الصحيفة -في افتتاحيتها- إلى ما برر به رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تلك الخطوة، إذ قال إن الجيش الإسرائيلي دخل الجانب السوري من مرتفعات الجولان لأن “الجنود السوريين تخلوا عن مواقعهم”، يعني التغيير في الوضع الراهن للأراضي المعترف بها على أنها تابعة لسوريا، وهو يخلق ذريعة جديدة للاشتباكات.
وبدا للصحيفة أن نتنياهو غير قادر على الاكتفاء بالاعتبارات الأمنية، ولذلك سارع إلى خلق “صورة نصر” لنفسه على الحدود السورية، وقد حملت تصريحاته اللاحقة بذور المشاكل المستقبلية، وقال “هذا يوم تاريخي في تاريخ الشرق الأوسط”، موضحا أنه مع سقوط نظام الأسد “سقطت حلقة رئيسية من محور الشر الإيراني”، ومشيدا بنفسه معتبرا “هذه نتيجة مباشرة للضربات التي وجهناها لإيران وحزب الله”، ومؤكدا أن سقوط النظام يخلق “فرصا جديدة ومهمة للغاية لإسرائيل”.
وذكرت هآرتس بأن الجمع بين “التاريخي” و”الفرص الجديدة” يشكل مزيجا خطيرا ومتفجرا وإشارة لمن يحلمون بتوسيع أراضي إسرائيل، وهو كل ما يحتاجون إليه لمحاولة تحقيق حلمهم، علما أن أعضاء اليمين المتطرف في الحكومة ووسائل الإعلام دعوا إلى احتلال جبل الشيخ السوري حتى قبل أن يتدخل الجيش.
وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو يدرك مخاطر السيطرة الطويلة الأمد على أراض لا تنتمي إلى إسرائيل، وقد سارع الجيران المصريون إلى تذكيره بذلك، وأصدرت وزارة الخارجية المصرية على الفور بيانا يدين “استغلال إسرائيل لحالة السيولة والفراغ في سوريا لاحتلال المزيد من الأراضي السورية وفرض أمر واقع جديد على الأرض”.
وقال ضباط في الجيش إن “الوضع في سوريا حاليا ليس تحت السيطرة. هناك قوة إسلامية متطرفة آخذة في الصعود، وعلينا أن نرى كيف يتطور هذا”، ولكن إدارة هذه المخاطر الأمنية من الممكن أن تتحول، في ظل حكومة غير مسؤولة ورئيس وزراء متهور، إلى خطأ تاريخي سيكلف إسرائيل غاليا، حسب الصحيفة.
وخلصت هآرتس إلى أن إسرائيل لا ينبغي لها أن تستغل هذه “الفرص الجديدة”، بل عليها أن تدافع عن نفسها ضد التهديدات الجديدة، وأن رئيس الوزراء المسؤول عن أعظم كارثة في تاريخ إسرائيل، سيكون أكثر حكمة إذا تخلى عن “صور النصر” السخيفة وأظهر قدرا أكبر من التواضع.
المصدر : هآرتس
——————————–
في سجون سوريا المظلمة.. هل تكشف الأسنان هوية المفقودين؟/ حازم بدر
10/12/2024
قبل نحو 40 عاما، تأسس في الأرجنتين فريق علمي حمل اسم “فريق الأنثروبولوجيا الشرعية”، وكان واحدا من أهم أنشطته، استخدام تحليل الأسنان لتحديد هوية الآلاف من ضحايا نظام الحكم العسكري، والذين عثر عليهم في مقابر جماعية بعد انتهاء فترة “الحرب القذرة” (1976-1983) بين نظام الحكم العسكري والمعارضة اليسارية، التي شملت مجموعات مسلحة ومدنية.
وحاز هذا الفريق شهرة عالمية بعد تمكنه من التوصل لهوية آلاف المفقودين باستخدام التحليل السني والحمض النووي، لتلهم تجربة نجاحه، تجارب مماثلة في أجزاء أخرى من العالم، وهو ما دفع فريقا بحثيا من جامعة دندي بأسكتلندا يقوده باحث من أصول سورية، إلى محاولة استشراف إمكانية استخدام هذه الوسيلة في تحديد هوية المفقودين خلال الحرب التي امتدت لأكثر من 13 عاما، منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011.
وبالتزامن مع سقوط نظام بشار الأسد، حيث فقد الآلاف في غياهب سجونه، ترجح دراسة نشرت بعدد ديسمبر/كانون الأول الجاري في دورية ” فورنسيك ساينس إنترناشونال” أنه يمكن التعرف على رفات هؤلاء الضحايا باستخدام أدوات “التعرف المقارن” للأسنان المرصودة بالدراسة، ولكنها تواجه بعضا من التحديات.
ما هو التعرف المقارن؟
والتعرف المقارن للأسنان، تقنية طبية شرعية تُستخدم لتحديد هوية الأشخاص بناء على الخصائص الفريدة لأسنانهم، وتتضمن هذه الطريقة مقارنة السجلات السنية (مثل الأشعة السينية، جداول الأسنان، والصور) للأشخاص المفقودين مع البقايا العظمية غير المعروفة بهدف تحديد الهوية.
وتعتمد تلك التقنية على المعلومات التي يمكن العثور عليها بالسجلات السنية قبل الوفاة (مثل تلك التي يحتفظ بها أطباء الأسنان أو مقدمو الرعاية الصحية)، للبحث عن أوجه التشابه مع البقايا العظمية غير المعروفة، وتشمل هذه السجلات الحشوات، التيجان، التسوس، نمط التآكل، والخصائص الفريدة مثل محاذاة الأسنان أو الأسنان المفقودة.
وعلى الرغم من أهمية تلك الطريقة وفعاليتها في التجارب السابقة، فإن الدراسة للباحثين من جامعة دندي بأسكتلندا، كشفت عن مجموعة من التحديات في الحالة السورية تجعل هناك صعوبة في تطبيقها بالوقت الراهن.
وشملت الدراسة استبيانات أجاب عليها 4 مجموعات مختلفة (الجمهور العام، أطباء الأسنان، أطباء الأسنان الشرعيون، وجمعية طب الأسنان السورية)، وسلطت الضوء على التحديات الكبرى التي تواجه جهود تحديد الهوية في سوريا باستخدام الأسنان، حيث أجمعوا على مجموعة منها، وأبرزها نقص التدريب والخبرة في مجال الطب الشرعي، ونقص السجلات الطبية المسبقة، التي تعتبر ضرورية للمقارنة مع البيانات بعد الوفاة.
وأعرب 80% من الجمهور، و50% من أطباء الأسنان، و92% من أطباء الأسنان الشرعيين عن شكوكهم في إمكانية تنفيذ التحليل المقارن للأسنان بشكل فعال في سوريا في الوضع الحالي لنقص الخبرة المحلية، وأقر أكثر من 92% من أطباء الأسنان الشرعيين بأن نقص التدريب يمثل عائقا رئيسيا، في حين أشار أكثر من 90% منهم، إلى أن الوعي العام حول موضوع طب الأسنان الشرعي لا يزال محدودا.
طبيب الأسنان السوري والعالم في مجال طب الأسنان الشرعي بجامعة دندي بإسكتلندا، والباحث الرئيسي بالدراسة رواد قاق (جامعة دوندي)
طبيب الأسنان السوري والعالم في مجال طب الأسنان الشرعي بجامعة دندي بأسكتلندا والباحث الرئيسي بالدراسة رواد قاق (جامعة دندي)
كنز الأسنان لا ينضب
وفي حين أن الدراسة تقدم أدلة على أن التعرف المقارن، قد لا يكون قابلا للتطبيق في سوريا، فهذا لا يعني بالضرورة أنه لا يمكن استخدام الأسنان في التعرف على رفات بشرية في سوريا، كما يقول طبيب الأسنان السوري والعالم في مجال طب الأسنان الشرعي بجامعة دندي بأسكتلندا، والباحث الرئيسي بالدراسة رواد قاق، في تصريحات خاصة للجزيرة نت.
وعانى قاق قبل 11 عاما من رحلة هجرة شاقة استمرت 22 يوما، عبر البحر الأبيض المتوسط بواسطة قارب، ومن ثم عبر البر إلى ألمانيا، قبل أن يصل إلى جامعة دندي بمنحة إنسانية لدراسة طب الأسنان الشرعي.
ويقول الباحث السوري: “إذا كانت التحديات تحول دون تطبيق تقنيات التعرف المقارن، فهذا لا يعني بالضرورة أنه لا يمكن استخدام الأسنان في التعرف على رفات بشرية في سوريا”.
والأسنان تُعتبر من أكثر أجزاء الجسم بقاء بعد الوفاة لأنها أكثر مقاومة للتلف في ظروف التحلل، مما يجعلها أداة قابلة للاستخدام في حالات أخرى يشير إليها قاق، ومنها:
تحليل الحمض النووي: في بعض الحالات، يمكن استخراج الحمض النووي من اللب السني أو أنسجة أخرى داخل الأسنان، وهو ما يُستخدم للتعرف على الهوية من خلال مقارنة الحمض النووي مع عينات من أقارب المفقود.
تحليل الأنساب الجغرافية: من خلال دراسة تركيبة الأسنان، بما في ذلك النظائر التي تتراكم فيها خلال نمو الأسنان، يمكن للعلماء تحديد الأنماط الغذائية والبيئية التي قد تشير إلى أصول جغرافية محتملة للشخص.
تقدير العمر: يُمكن تقدير عمر الشخص من خلال تحليل معدل تآكل الأسنان، وخصائص النمو والتطور التي تظهر في مختلف المراحل العمرية.
توظيف الذكاء الاصطناعي
ومع ذلك، فإن قاق لم يغلق باب الأمل في التغلب على تحديات التعرف المقارن باستخدام الأسنان، وقال: “لقد قمت بالفعل بإعداد مقترح بحثي يتضمن تقنية جديدة للتغلب على التحديات في مواقف مثل سوريا حيث يتم فقدان السجلات السنية ووسائل أخرى (مثل الحمض النووي)، التي تكون غير قابلة للتطبيق على نطاق واسع ومكلفة”.
وتعتمد تقنيته الجديدة على التقاط صورة لأسنان رفات الموتى التي يتم العثور عليها، ليتم مقارنتها بصور للمفقودين يحتفظ بها ذووهم وتظهر فيها أسنانهم، ومن خلال برنامج قائم على الذكاء الاصطناعي، يمكن التوفيق بين الصورتين بنسبة نجاح كبيرة”.
ويطلب من القائمين على الأمر في سوريا حاليا التقاط صور لأسنان رفات الموتى عندما يتم العثور عليها، مضيفا: “على الأقل سنستطيع مستقبلا أن نقول لذويهم من خلال مضاهاة الصور، إن كان الشخص الذي يسألون عنه قد توفى أم لا يزال هناك أمل للعثور عليه حيا”.
وهذه التقنية التي سيعلن قاق عن تفاصيلها قريبا، ليست هي الأولى له، إذ ارتبط اسمه قبل 5 سنوات بتقنية رائدة حازت اهتماما عالميا، عندما تمكن من تحقيق إنجاز فريد بنجاحه في تحديد جنس ضحايا الحروب اعتمادا على مقاييس الجمجمة.
والتقنية التي طورها حملت اسم “آلة حاسبة لتحديد الجنس”، واعتمد تطويرها على اختبار 22 قياسا شائعا على 135 صورة شعاعية (أشعة سينية) للجمجمة تم توفيرها من قبل جمعية أطباء الأسنان التقويمية الأميركية، وبعد إجراء التحليل الإحصائي، توصل إلى أن 4 قياسات فقط تكفي لتحديد جنس الجمجمة بدقة، وبعد تطبيق المعادلة التي تم تطويرها على 15 عينة جديدة، تم التنبؤ بجنس 13 جمجمة بدقة 86%.
ويقول: “استلهمت هذه التقنية والتقنية التي سأعلن عن تفاصيلها قريبا، من المشاكل التي يواجهها الأطباء الشرعيون بسوريا عند تحديد هوية الضحايا مع غياب الآليات والتقنيات الحديثة التي تساعد على تحليل البقايا البشرية”.
ويضيف: “كنت أتمنى أن أكون معهم للمشاركة بدور فعال في معالجة قضية المفقودين، والتي اتفق أغلب من شملتهم دراستي الأخيرة على أنها بالغة الأهمية لإعادة بناء سوريا على أساس سليم، لكن عزائي في أن أكون مساهما من خلال التقنيات التي طورتها”.
المصدر : الجزيرة
——————–
متلازمة إعادة التغذية.. تهدد بالموت ضحايا سجون الأسد/ د. أسامة أبو الرُّب
الصندوق الأسود – الموت في صيدنايا
10/12/2024
مع تحرير آلاف المعتقلين من سجون نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، حيث تظهر فيديوهات حالة الجوع والحرمان التي كانوا يعيشونها، تبرز مخاوف من إصابة هؤلاء المحررين بمتلازمة إعادة التغذية، فما هي؟
وفي سجن صيدنايا -على سبيل المثال- كان المعتقلون يعيشون ظروفا مأساوية، حيث كانوا يوضعون في زنازين صغيرة تضم ما بين 50 إلى 70 شخصا، يحرمون من الهواء والنور لسنوات، ولا يتلقون سوى رغيف خبز يوميا يدفع إليهم من فتحة صغيرة تحت الباب.
ما متلازمة إعادة التغذية؟
ومتلازمة إعادة التغذية Refeeding Syndrome هي حالة تحدث عندما يبدأ شخص يعاني من سوء التغذية -كمعتقلي نظام بشار الأسد-، في تناول الطعام والشراب بشكل طبيعي.
فعند تقديم الطعام بسرعة كبيرة، قد يتسبب ذلك في حدوث مضاعفات خطيرة. يحدث هذا بسبب الطرق التي يتغير بها الجسم عندما يحرم من العناصر الغذائية. عندما يبدأ الشخص المحروم من الغذاء في إعادة التغذية، يتعين على جسمه أن يتغير مرة أخرى، ولكن قد لا تتوفر لدى الجسم القدرة على ذلك بسرعة.
سوء التغذية يعني أن الجسم محروم من العناصر الغذائية. عندما يحاول الجسم استقلاب العناصر الغذائية مرة أخرى مع العودة للتغذية الطبيعية، يمكن أن تحدث تحولات شديدة – مرتبطة بنقص الإلكتروليت- في كيمياء الجسم. ويمكن أن تسبب مضاعفات خطيرة تؤثر على العضلات والرئتين والقلب والدماغ.
من الذي تؤثر عليه متلازمة إعادة التغذية؟
يمكن أن تؤثر متلازمة إعادة التغذية على أي شخص بدأ في إعادة التغذية بعد أن عانى من سوء التغذية. إذا لم يكن يأكل ما يكفي، فقد يعاني من سوء التغذية. يمكن أن تسبب بعض الحالات الطبية أيضا سوء التغذية. يمكن أن تؤثر على الشهية أو قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية من الطعام، وذلك وفقا لكليفلاند كلينيك.
تشمل بعض عوامل الخطر لسوء التغذية ومتلازمة إعادة التغذية ما يلي:
فقدان أكثر من 10% من وزن الجسم مؤخرا.
الحرمان من الطعام لأكثر من 7 أيام مع وجود دليل على الإجهاد والاستنزاف.
اضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية العصبي والشره العصبي.
اضطرابات سوء الامتصاص مثل التهاب البنكرياس المزمن ومرض التهاب الأمعاء.
التغذية الوريدية طويلة الأمد (التغذية من خلال الوريد).
السرطان والعلاج الكيميائي.
مرض السكري غير المنضبط.
تعاطي الكحول المزمن.
الإفراط المزمن في استخدام مضادات الحموضة أو مدرات البول.
كيف تحدث متلازمة إعادة التغذية؟
عندما يفتقر الجسم إلى العناصر الغذائية، فإنه يقوم ببعض التغييرات للتكيف. فهو يغير عملية التمثيل الغذائي (الطريقة التي يحول بها الطعام إلى طاقة. فبدلا من الكربوهيدرات من الطعام، يقوم الجسم باستقلاب الدهون والعضلات الخاصة به. كما يتباطأ التمثيل الغذائي. وينخفض معدل الأيض أثناء الراحة) مقدار الطاقة التي يحرقها الجسم أثناء الراحة بنسبة تصل إلى 20%.
يستهلك هذا النوع من التمثيل الغذائي موارد أقل. فهو لا يستخدم المغذيات الدقيقة (الفيتامينات والمعادن والشوارد) بالطريقة التي يستخدمها التمثيل الغذائي الطبيعي. ولكن عندما يبدأ الشخص إعادة التغذية، يبدأ التمثيل الغذائي الطبيعي للكربوهيدرات أيضا. ويبحث الجسم بعمق في جيوبه عن المغذيات الدقيقة التي يحتاجها لإنجاز المهمة.
ما سبب متلازمة إعادة التغذية؟
يحدث ذلك بسبب انخفاض مخزون بعض المغذيات الدقيقة في الجسم. تكون المخازن منخفضة عندما يكون يعاني من سوء التغذية. وأكثر العناصر الغذائية شيوعا هي الفوسفور والبوتاسيوم والمغنيسيوم. عندما يبدأ الشخص في إعادة التغذية، تطلب خلاياك هذه الإلكتروليتات لاستقلاب الطعام، وهذا يسبب تحولا حادا في كيمياء الجسم.
تنتقل الإلكتروليتات التي لدى الشخص بسرعة من الدم إلى الخلايا، ولكن لأنه لا يملك ما يكفي منها، فإن هذا التحول يترك مستويات منخفضة منها في الدم. تسمى مستويات الإلكتروليت المنخفضة في الدم “النقص”. إنها تفسد كيمياء الجسم. يسبب نقص الإلكتروليت العديد من المضاعفات المختلفة التي يمكن أن تظهر في متلازمة إعادة التغذية.
أعراض متلازمة إعادة التغذية
يمكن أن تتجلى متلازمة إعادة التغذية بعدة طرق. الشكل الأكثر شيوعا هو نقص الفوسفات الحاد. ولكن قد تساهم أيضا أوجه القصور والاختلالات الأخرى.
نقص الفوسفات
نقص الفوسفات (نقص فوسفات الدم) هو السمة الأكثر شيوعا لمتلازمة إعادة التغذية. يؤثر نقص الفوسفات على العمليات الخلوية في جميع أنحاء جسمك. قد يسبب:
ضعف العضلات.
صعوبة التنفس.
ازدواج الرؤية.
مشاكل البلع.
النوبات.
الغيبوبة.
اعتلال عضلة القلب (ضعف القلب).
إذا كانت لديك أعراض حادة، فإن نقص الفوسفات يمكن أن يسبب فشل الأعضاء، والذي يمكن أن يكون مميتا.
نقص المغنيسيوم
المغنيسيوم عامل مهم في عملية التمثيل الغذائي. يؤثر نقص المغنيسيوم (نقص مغنيسيوم الدم) على كل عضو في جسمك. قد يبدو مثل:
الغثيان والقيء.
فقدان الشهية.
الارتعاش.
تشنجات العضلات.
النوبات.
الغيبوبة.
نقص تروية القلب.
عدم انتظام ضربات القلب
نقص البوتاسيوم
قد لا يسبب نقص البوتاسيوم الخفيف (نقص بوتاسيوم الدم) أعراضا. ولكن النقص الأكثر شدة قد يؤدي إلى:
ضعف العضلات.
تشنجات العضلات.
التعب.
إمساك شديد بسبب حركات الأمعاء المشلولة.
عدم انتظام ضربات القلب.
فشل الجهاز التنفسي.
نقص الثيامين (فيتامين ب1)
يحدث نقص الثيامين بشكل خاص بسبب إعادة التغذية
تناول الكربوهيدرات
تناول الكربوهيدرات يمكن أن يؤدي إلى أعراض عصبية شديدة، بما في ذلك:
الهذيان.
مشاكل الرؤية.
انخفاض حرارة الجسم.
الترنح (مشاكل التوازن والتنسيق).
فقدان الذاكرة.
التخيل (خلق ذكريات كاذبة).
اضطرابات سوائل الجسم
يمكن أن تؤثر التغيرات الأيضية على توازن الصوديوم والماء في الجسم. في إعادة التغذية، يمكن أن يؤدي هذا إما إلى زيادة السوائل أو الجفاف. يمكن أن يسبب هذا:
انخفاض ضغط الدم.
تشنجات العضلات.
الوذمة الرئوية (السوائل في الرئتين).
خللا في وظائف الكلى.
فشل القلب الاحتقاني.
نوبات.
مشاكل السكر في الدم
يمكن أن يؤدي إعادة إدخال الجلوكوز أثناء إعادة التغذية إلى ارتفاع سكر الدم. يمكن أن يؤدي هذا إلى:
صداع.
عدم وضوح الرؤية.
التبول المتكرر.
التعب.
كيف يتم علاج متلازمة إعادة التغذية؟
قبل البدء في إعادة التغذية، يجب عمل فحوصات للدم، لقياس مستويات الإلكتروليت لدى الشخص لتحديد أي نقص. ثم سيضيف الطبيب العناصر الغذائية الدقيقة المفقودة إلى تركيبة التغذية الخاصة بالشخص. الفكرة هي استبدال العناصر الغذائية الدقيقة المفقودة أولا. بعد ذلك، سيكون الجسم مستعدا بشكل أفضل لاستقلاب الكربوهيدرات.
مضاعفات متلازمة إعادة التغذية
يمكن أن تؤدي المضاعفات الناجمة عن متلازمة إعادة التغذية إلى الوفاة، ولكنها عادة ما تكون أقل حدة. بمجرد أن يصحح الطبيب الاختلالات المعنية، فإن معظم الأعراض قابلة للعكس.
مع خروج آلاف المعتقلين من جحيم سجون الأسد، فقد لا يكون متاحا توفير آلاف الأطباء لمتابعتهم، وهنا ينصح أهالي المعتقلين بتقديم الطعام لهم تدريجيا، والانتباه إلى الأعراض التي ذكرناها سالفا، ومراجعة الطبيب واستشارته متى أمكن ذلك.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية
——————————
سوريو مصر… آمال العودة تنتعش لكن المخاوف قائمة/ صلاح لبن
أجمعوا على أن مستقبل البلاد لا يزال غامضاً وعبروا عن خشيتهم من الفوضى ودور الإسلاميين في المرحلة المقبلة
الثلاثاء 10 ديسمبر 2024
رغم فرحتهم بسقوط نظام الأسد فإنهم يتخوفون من دور الإسلاميين في الفترة الانتقالية، “غالبية من وقف في صف المعارضة هم ثوار حقيقيون، لكن الإسلاميين يمتلكون الخطابة والقدرة على دغدغة العواطف، مما يثير القلق من استغلالهم لتلك العواطف في مرحلة إعادة بناء الدولة. وجود الجولاني يمثل مصدر قلق بالنسبة إلى كثيرين. ورغم ظهوره أخيراً بمظهر أكثر انفتاحاً واستعداده لتصفية (هيئة تحرير الشام)، فإننا نخشى من قربه من الإخوان ومحاولته استغلال الدين لتحقيق مكاسب سياسية”.
سقطت البلدات السورية واحدة تلو الأخرى، وتمكنت المعارضة المسلحة من السيطرة على دمشق بسهولة، بينما فر بشار الأسد بعد أن حاصره معارضوه وطوقوا العاصمة. هذا المشهد الذي أنهى حقبة من الصراع الدموي في سوريا، كان له صدى واسع لدى السوريين المقيمين في القاهرة الذين احتفلوا برحيل الأسد بعد 13 عاماً من الحرب المدمرة التي أرهقت البلاد.
وعلى رغم أجواء الاحتفال بسقوط النظام وفقدانه الدعم الجوي الروسي والمساندة الميدانية من إيران و”حزب الله”، سادت حال الترقب بين السوريين بالقاهرة تجاه مستقبل سوريا، إذ لجأ نحو 1,5 مليون سوري إلى مصر، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة استناداً إلى بيانات الحكومة. ومن بين هؤلاء، هناك نحو 150 ألف لاجئ تقريباً مسجلين لدى الأمم المتحدة.
أين نذهب؟
لم يكن رئيس الهيئة العامة لشؤون اللاجئين السوريين في مصر تيسير النجار بمنأى عن هذه المخاوف إذ أكد أن عودة السوريين قد تستغرق وقتاً طويلاً بسبب “الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية والمنازل جراء الحرب”.
يقول النجار، لـ”اندبندنت عربية”، “البراميل المتفجرة هدمت بيوتنا. شخصياً، كنا نملك في سوريا سبعة منازل، لكن لم يتبق منها سوى منزل مدمر جزئياً. مزارعنا أحرقت، محالنا دمرت، وبيوتنا نهبت. إعادة بناء ما تهدم لن تكون سهلة”. مرجحاً أن أول من سيعود إلى سوريا هم “السوريون المقيمون في المخيمات، مثل سكان مخيم الزعتري في الأردن، ومخيمات لبنان، والدول المتاخمة لسوريا”.
لكن النجار وعلى رغم فرحته بسقوط نظام الأسد فإنه يتخوف من دور الإسلاميين في الفترة الانتقالية، “غالبية من وقف في صف المعارضة هم ثوار حقيقيون، لكن الإسلاميين يمتلكون الخطابة والقدرة على دغدغة العواطف، مما يثير القلق من استغلالهم لتلك العواطف في مرحلة إعادة بناء الدولة. وجود الجولاني يمثل مصدر قلق بالنسبة إلى كثيرين. وعلى رغم ظهوره أخيراً بمظهر أكثر انفتاحاً واستعداده لتصفية (هيئة تحرير الشام)، فإننا نخشى من قربه من الإخوان ومحاولته استغلال الدين لتحقيق مكاسب سياسية”.
وعمل الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام (المعروفة سابقاً بجبهة النصرة)، التي كانت تمثل فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا، على تغيير الصورة الذهنية التي التصقت به، من خلال تقديم نفسه بصورة أكثر اعتدالاً، وتحسين صورته أمام المجتمع الدولي والمحلي على حد سواء.
هواجس العودة
مسؤول الائتلاف الوطني السوري المعارض في القاهرة عادل الحلواني، اعتبر “الضغوط الاقتصادية دافعاً لشريحة من السوريين لعدم العودة إلى سوريا، وتفضيل البقاء في دول اللجوء”. يقول، “تغيرت ديموغرافية عديد من المناطق التي كنا نعيش فيها، والحارة التي أسكنها أصبحت غريبة عني، إذ يقيم بها جنسيات متعددة”.
التأقلم مع المتغيرات التي صنعها بشار الأسد خلال فترة حكمه صعب للغاية، وفقاً للحلواني، “أشعر كأن الزمن توقف 13 عاماً. نخشى أن يعود الخراب إلى البلاد، والوضع لا يزال غير مستقر، والمستقبل يظل غامضاً”، لافتاً إلى استمرار حالة عدم الاستقرار مع استمرار الهجمات الإسرائيلية على أنحاء متفرقة بسوريا.
وواصلت إسرائيل استهداف البنى التحتية في سوريا، بما في ذلك الهجمات على قواعد جوية في مختلف أنحاء البلاد. كما أعلنت عن خطط لتكثيف ضرباتها الجوية على مخازن الأسلحة المتطورة في سوريا. في حين تقدمت قواتها داخل المنطقة العازلة في الجولان، وهو ما اعتبرته الأمم المتحدة “انتهاكاً” لاتفاق فض الاشتباك بين إسرائيل وسوريا، الذي جرى توقيعه عام 1974.
ولا يجد محمد جمال، سوري مقيم في القاهرة، غادر بلاده عام 2018 تجنباً للالتحاق بالخدمة العسكرية، ما يدفعه إلى القلق من العودة إلى وطنه، يقول لـ”اندبندنت عربية”، “غادرت سوريا بسبب الخوف من التجنيد، واستكملت دراستي في القاهرة. الآن، أعتزم العودة للمساهمة في إعادة إعمار بلدي”.
ويستشهد جمال بوقائع تزيد من رغبته العودة إلى الوطن، “لدي شقيقان قيد الاعتقال في سجون النظام، ووالدي بحث عنهما على مدى ثلاثة أعوام من دون جدوى. لكننا تلقينا أخيراً معلومات جديدة عن مكانهما بعد سقوط بشار الأسد”.
وعلى رغم المخاوف المتعلقة بالفترة الانتقالية، قال جمال، “نعلم أن البداية ستكون فوضوية، لكننا نؤمن بأن هذه الفوضى لن تدوم طويلاً. سوريا في حاجة إلى عملية بناء شاملة بعد 13 عاماً من الحرب، ومعظمنا فقد أقارب، والسلمية أمر بات متوافقاً عليه داخلياً”.
وتتفق السورية دانية الحلبي مع الرأي السابق، “عندما وصلنا إلى مصر، كان من المستحيل العودة إلى سوريا بسبب غياب مقومات الحياة الأساسية، مثل الكهرباء والمياه، لكننا الآن نستعد للعودة، نحن نترقب العودة قريباً. ولا نعلم إن كنا سنغلق مشاريعنا في مصر أو نستمر في العمل بين البلدين، لكننا متفائلون بالمستقبل، ولم نتوقع سقوط النظام بهذه السرعة”.
وتعد الحلبي أن “أسوأ من نظام الأسد مستحيل أن يأتي، فقد أسهم في تدهور البلاد. وعلى رغم أن سوريا غنية بالثروات والموارد، فإن النظام أفقدها القدرة على الاستفادة منها. ومهما كان المستقبل، فلن يكون أسوأ من الماضي”.
————————
قوات المعارضة السورية تتلقى دعما في مسقط رأس الأسد
بيان يدعو إلى استعادة الشرطة والخدمات الحكومية في أسرع وقت ممكن تحت إدارة الحكام الجدد
رويترز
الثلاثاء 10 ديسمبر 2024 4:01
قبول الشيوخ للوضع الجديد علامة مهمة على تغيير النظام في بلدة قال سكان محليون هذا الأسبوع إنها استضافت لسنوات عديدة جنازات متواصلة بسبب أعداد العناصر الموالية الذين ماتوا للدفاع عن الأسد في الحرب الأهلية بالبلاد منذ 13 عاماً.
التقى وفد من قوات المعارضة السورية التي أطاحت حكم رئيس النظام السوري السابق بشار الأسد شيوخ العشائر في منطقة القرداحة العلوية، مسقط رأس الأسد أمس الإثنين وحصلوا على دعمهم فيما قال سكان إن الخطوة بمثابة علامة مشجعة على التسامح من جانب حكام البلاد الجدد.
والطريقة التي تتعامل بها قوات المعارضة التي يقودها السنة مع أبناء الطائفة العلوية الذين دعموا الأسد على نطاق واسع واستمد منهم حراسه الرئاسيين الشخصيين، تعد في سوريا بمثابة اختبار حقيقي لما إذا كانت السيطرة على دمشق أول من أمس الأحد سيؤدي إلى انتقام عنيف ضد الموالين السابقين لنظام مكروه استمر خمسة عقود من الزمان.
وقال ثلاثة سكان إن وفد قوات المعارضة زار القرداحة الواقعة في جبال محافظة اللاذقية في شمال غربي سوريا، حيث التقى عشرات من رجال الدين والشيوخ وغيرهم، قبل أن يوقع وجهاء العلويين على بيان دعم. وقال السكان إن الوفد ضم أعضاء من هيئة تحرير الشام والجيش السوري الحر، وهما جماعتان سنيتان قادتا قوات المعارضة، وكان الأسد يقول دوماً إنهما “منظمتان إرهابيتان” سترتكبان مجازر في حق العلويين إذا سقط.
ويشكل السوريون من الطائفة العلوية، إحدى الطوائف الشيعية، نحو 10 في المئة من سكان البلاد ويتمركزون في محافظة اللاذقية بالقرب من البحر المتوسط والحدود مع تركيا.
ويشكل المسلمون السنة نحو 70 في المئة من السكان، وهناك أقليات كبيرة من المسيحيين والأكراد والدروز ومجموعات أخرى.
وشدد البيان على التنوع الديني والثقافي في سوريا، ودعا إلى استعادة الشرطة والخدمات الحكومية في أسرع وقت ممكن تحت إدارة الحكام الجدد، ووافق على تسليم أي أسلحة بحوزة سكان القرداحة، وفق وكالة “رويترز”.
وقبول الشيوخ للوضع الجديد علامة مهمة على تغيير النظام في بلدة قال سكان محليون هذا الأسبوع إنها استضافت لسنوات عديدة جنازات متواصلة بسبب أعداد العناصر الموالية الذين ماتوا للدفاع عن الأسد في الحرب الأهلية بالبلاد منذ 13 عاماً.
وجاء في البيان الذي وقعه نحو 30 من وجهاء البلدة، “نؤكد على وحدة أراضي الجمهورية العربية السورية والتعددية الدينية والفكرية والثقافية”. ولم تتضمن النسخة توقيعات من وفد قوات المعارضة.
ولم يرد المتحدث باسم قوات المعارضة على الفور على رسالة نصية تطلب مزيداً من التفاصيل.
تهدئة مخاوف السكان
وقال أحد السكان، الذي رفض نشر اسمه، إن الحوار أسهم في تهدئة مخاوف السكان المحليين، استناداً إلى تصريحات قادة قوات المعارضة بأنهم سيحترمون الأقليات. وقال، “هذه خطوة جيدة أخرى”.
وجاء في البيان، “نؤكد تأييدنا للنهج الجديد وسوريا الوطنية الحرة وتعاوننا الكامل مع الهيئة (هيئة تحرير الشام) و(الجيش السوري الحر)، لنسهم معاً في بناء سوريا الجديدة القائمة على الألفة والمحبة”.
ويبدو أن طبيعة الاجتماع الودية تتماشى مع رسالة الاعتدال التي نشرتها المعارضة، بقيادة هيئة تحرير الشام في مدن مثل حلب أثناء تقدمها نحو دمشق الأسبوع الماضي.
وتسيطر هيئة تحرير الشام على مدينة إدلب السورية والمناطق المحيطة بها منذ عدة سنوات، وتحاول أن تنأى بنفسها عن الحركات الإسلامية الأكثر تطرفاً.
ويخشى عديد من أعضاء الأقليات الدينية الكبيرة في سوريا أن يصبحوا مواطنين من الدرجة الثانية أو يواجهوا الاضطهاد تحت حكم هيئة تحرير الشام، التي تصنفها الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى “جماعة إرهابية”.
وقال زعيم هيئة تحرير الشام وقائد هجوم المعارضة أحمد الشرع في مقابلة أجريت معه عام 2021 مع شبكة “بي بي أس” إن تصنيف الإرهاب غير عادل وإن حركته لا تشكل أي تهديد خارج سوريا.
وقال وزير بريطاني أمس الإثنين إن البلاد تدرس ما إذا كانت سترفع هيئة تحرير الشام من قائمة المنظمات الإرهابية أم لا.
وقال سكان من القرداحة إن سكان المنطقة قاموا بإزالة تمثال لحافظ الأسد، والد بشار الأسد، قبل وصول وفد قوات المعارضة.
وأضافوا أن بعض الأشخاص من المنطقة، التي تعد من بين أفقر مناطق سوريا، قاموا في وقت لاحق بنهب ضريح حافظ الأسد في القرداحة، وأخذوا كل شيء من الطاولات والكراسي إلى وحدات تكييف الهواء.
———————–
“صيدنايا” يتجشأ معارضين ومجرمين وألغاما/ مصطفى رستم
حرائق وسرقات وفوضى والأمن يوجه بمنع إطلاق الرصاص وإنهاء المظاهر المسلحة في الشوارع وسحبها
الثلاثاء 10 ديسمبر 2024
فرحة خروج المعتقلين بعد عقود طويلة من الظلم والقهر لا تخفي نفسها عن كل من شاهدهم وهم ينطلقون من أكثر السجون ظلماً وتعذيباً، ومع ذلك وفي ظل ما يوصف بالاندفاع والفوضى المفرطة خرج سجناء جنائيون عليهم أحكام في سجون ومعتقلات عدة.
“ضاعت الطاسة”، عبارة تصف مشهد اليوم الأول لإجلاء السجناء وإخلاء المعتقلات في سجون نظام الأسد، فعندما دقت “ساعة الحرية” في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الجاري تحولت خيوط الشمس المتسللة بين القضبان الحديدية إلى نهار حقيقي تحت السماء العارية، ومع وصول الثوار إلى السجون خرج كل السجناء ومن بينهم السياسيون والجنائيون في مشهد لا ينسى.
فرحة خروج المعتقلين بعد عقود طويلة من الظلم والقهر لا تخفي نفسها عن كل من شاهدهم وهم ينطلقون من أكثر السجون ظلماً وتعذيباً، ومع ذلك وفي ظل ما يوصف بالاندفاع والفوضى المفرطة خرج سجناء جنائيون عليهم أحكام في سجون ومعتقلات عدة.
الخلاص من الطاغية
يصف الناشط الحقوقي أحمد قاسمو ما حدث بـ”النصر” و”يوم الحرية”، ليس للسجناء فحسب بل لكل السوريين بعد الخلاص من طاغية حكم بلاده بقوة النار والبارود وسلط الجلادين على كل من يخالفه الرأي.
وأضاف، “كم اشتاق أهل البلد للحرية، ولعل خروج معتقلي الرأي والسجناء المعارضين لحكم الطاغية كان المطلب والمسعى الذي تحقق في نهاية المطاف، لكن لا بد من الاعتراف بأن الفوضى في اليوم الأول تسببت وعن غير قصد بإخراج سجناء عليهم أحكام جنائية، وهي غلطة سببت كثيراً من الفوضى لاحقاً، إذ عانى الشارع الدمشقي من حرائق وسرقات وصلت لنهب البنك المركزي”.
في المقابل أفاد مصدر من قيادات حفظ الأمن فضل عدم ذكر اسمه، بالتدخل السريع لضبط الفوضى الحاصلة، خصوصاً أن لديهم توجيهات بمنع إطلاق الرصاص وإنهاء المظاهر المسلحة في الشوارع وسحبها، بحسب قوله، مضيفاً “نحتاج بعض الوقت حتى نتمكن من إنهاء كل هذه المظاهر وإعادة الحياة إلى طبيعتها، كما نحتاج في المقابل إلى تعاون الأهالي معنا”.
وشهدت المدينة الأحد الماضي اقتحام مبنى التلفزيون السوري وإذاعة البيان رقم واحد في خطوة كانت الأخيرة نحو إسقاط حكم الأسد بعد انطلاق عملية “درع العدوان” في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إذ سقطت بيد “هيئة تحرير الشام” مدن حلب وحماة وحمص وصولاً إلى بقية المدن الجنوبية وحتى دخول عاصمة البلاد.
وكشف بيان صادر عن رابطة معتقلي ومفقودي سجن “صيدنايا” عن خلوه من المعتقلين في كافة أبنيته الأبيض والأحمر، ولا صحة لوجود معتقلين عالقين تحت الأرض، وناشدت الرابطة أهالي المعتقلين والمختفين قسراً عدم التوجه إلى السجن أو التجمع داخله أو خارجه، فهذا يصعب مهمة الفرق المدنية العاملة على كشف مصير جميع المفقودين بالسجن، كما حذرتهم من ألغام في محيط السجن.
خارج “المسلخ البشري”
يشير الناشط الحقوقي قاسمو إلى فوضى استغلها أصحاب النفوس الضعيفة والخارجين عن القانون، وباتت المنازل المهجورة والفارغة، والدخول إلى بعض المفارز والأجهزة الأمنية لتخرج منها الأسلحة الفردية من رشاشات وبنادق حربية.
مقابل ذلك ظهرت مبادرات أهلية في اليوم الثاني من انتصار الثورة هدفها جمع السلاح المنتشر بين السكان في أحياء عدة من مدينة دمشق، مع حديث عن ضرورة ضبط النفس وعدم إطلاق النار، وإبلاغ الأمن الخاص بـ”هيئة تحرير الشام” عن أي مخالفات أو أعمال شغب، وحماية الأحياء السكنية بصورة جيدة.
وفرضت إدارة العمليات العسكرية حظر تجوال يبدأ من الساعة الرابعة عصراً ويستمر حتى الساعة الخامسة فجراً بتوقيت دمشق، في وقت تضيق حال الفلتان الأمني مع التشديد والمراقبة أمام اللصوص والخارجين عن القانون سعياً لحماية الممتلكات العامة.
وقال أحد السوريين من سكان مدينة دمشق تعرض لمحاولة سرقة سيارته من قبل مجهولين يحملون أسلحة فردية، إنه رفض تسليمهم السيارة وقال إنه سيتصل بغرفة العمليات العسكرية التي أعلنت عنها الهيئة للاستعلام والتبليغ عن أي مخالفات، “وبعد ما هددتهم بالاتصال بالهيئة فروا على الفور، وهو دليل دامغ على أنهم ليسوا من الثوار”.
في الأثناء تتواصل عمليات مكثفة عن معتقلين في زنزنات تحت الأرض في سجن “صيدنايا” أكبر السجون السورية، الذي أطلقت عليه منظمة العفو الدولية قبل أعوام وصف “المسلخ البشري”.
——————————-
خرائط النار… الفصائل المسلحة السورية النشأة والآن/ طارق علي
تتباين أنواعها وأشكالها وقوتها ومصادر تمويلها وتسليحها ودورة حياتها من ذروة النفوذ والاندماج وحتى الذوبان والانحلال
الثلاثاء 10 ديسمبر 2024
بعد بداية الحرب السورية في مارس (آذار) عام 2011 ولدت مئات الفصائل المسلحة المناوئة للحكومة السورية، وتباين نوع وشكل تلك الفصائل وقوتها ومصادر تمويلها وتسليحها، فبينها ما ظل موجوداً حتى اليوم ومتنامياً في قوته ودوره، ومنها ما ظل موجوداً ولكن بصورة محدودة، فيما اندثرت فصائل تماماً وغابت عن المشهد أو اندمجت في فصائل أخرى.
في التقرير التالي تستعرض “اندبندنت عربية” أبرز تلك الفصائل المسلحة في سوريا وطريقة عملها وتمويلها وتسليحها تبعاً لقوتها ومكانتها ومناطق نفوذها.
“هيئة تحرير الشام”
هي “جبهة النصرة” سابقاً، فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا والمصنفة على قوائم الإرهاب الدولية، وتأسست الجماعة التي كانت توصف بـ”السلفية الجهادية” مطلع عام 2017 عبر اندماج “جبهة فتح الشام” (الاسم الآخر لـ[النصرة] قبل [هيئة التحرير])، مع جبهة “أنصار الدين” و”جيش السنة” و”لواء الحق” وحركة نور الدين الزنكي.
في وقت لاحق انضم للهيئة عدد من الجماعات المسلحة الأخرى والمقاتلين والأفراد، وعلى رغم ذلك ظلت “النصرة” تسيطر على قوام الهيئة عبر قياداتها الميدانية والعسكرية والتنظيمية.
لعبت “الهيئة” خلال السنوات الماضية دوراً رئيساً في الحرب السورية مع اتساع رقعة سيطرتها على أجزاء واسعة من الأراضي السورية في الشمال الغربي باتجاه مدينة إدلب، ولاحقاً مدينة حلب وحماة وصولاً إلى حمص ودمشق وإسقاط النظام السوري أخيراً.
أما بالنسبة إلى تسليحها فوصفته أخيراً صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لها بـ”الثقيل جداً” من مدافع ثقيلة وقذائف مضادة للطائرات ومدرعات ومركبات قتالية للمشاة ودبابات، والأهم هو تطويرها لقوة “شاهين” المعنية بالطيران المسير بالتعاون مع استخبارات دول في أوروبا الشرقية، بحسب اتهامات حكومية سورية وروسية ودولية.
زعيم الهيئة
يتزعم “هيئة تحرير الشام” أحمد الشرع، قائد العمليات العسكرية وقائد المعارضة السورية المختلف على مكان ولادته ما بين الرياض ودمشق. وعلى عام الولادة بين 1981 و1982، لكن الأكيد أن الرجل المصنف على لوائح المطلوبين في أميركا وغيرها، الذي رصدت الولايات المتحدة مبلغ 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تدل عليه قاتل الجيش الأميركي في العراق، وكان مقرباً من أيمن الظواهري حين كان في العشرينيات من عمره.
بعد ذلك ألقي القبض عليه من القوات الأميركية واعتقل لفترة، لاحقاً أرسله أبو بكر البغدادي إلى سوريا لتأسيس نواة لـ”داعش” بعد انضمامه إليه، فالتزم حيناً بإنشاء فرع للتنظيم في سوريا قبل أن ينسلخ مؤسساً جماعة تتبع “القاعدة” وتحولت إلى تسمية “جبهة النصرة” ثم “تحرير الشام”، لتتخذ الشكل الفعال في إطار بناء دولة للجميع بعد نجاحها في إسقاط النظام.
مع توالي سني الحرب وتغير شكل خريطة المعارك ميدانياً تحول زعيم الهيئة إلى رجل براغماتي معتدل يحمل خطاباً أقل تشدداً، ويطمئن من خلاله المكونات السورية ليعطيهم الأمان.
الشرع الذي بدا أكثر انفتاحاً خلع عنه البزة العسكرية وارتدى لباساً رسمياً بشعر مصفف وذقن قصيرة ليكون أقرب من الناس، ونجح في ذلك، بحسب تقارير إعلامية ومتابعات ميدانية للمتغيرات داخل الحركة.
ووفق معلومات عسكرية حصلت عليها “اندبندنت عربية” فإن أحمد الشرع يمتلك نحو 20 إلى 25 ألف مقاتل فعال بصورة مباشرة في هيئته متفاوتة التسليح بين الخفيف إلى الدبابات.
“فيلق الشام”
عرف سابقاً باسم “فيلق حمص”، وهو جماعة إسلامية مسلحة تكونت من اتحاد 19 مجموعة مسلحة أخرى، وكان جزء من قوامها السابق يتبع حركة “الإخوان المسلمين” في سوريا، وأبرز الجماعات داخل الفيلق هي “لواء الفاتحين” و”لواء الشمال” و”لواء الإيمان” و”لواء سهام الحق”، ويقدر تعدادهم بالآلاف.
يسمى “فيلق الشام” في الأوساط الميدانية بالفصيل المفضل لأردوغان في الشمال السوري، وشارك آلاف من مقاتليه، تقدرهم تقارير معنية بمتابعة شؤون الجماعات المسلحة بأكثر من 10 آلاف مقاتل، إلى جانب حكومة الوفاق الوطنية في ليبيا التي تدعمها تركيا.
أما عن تسليح هذه الجماعة فهو يستند إلى محورين، التسليح التركي المباشر، وما غنمته من معارك مع الجيش السوري من أسلحة خفيفة وثقيلة ومتوسطة.
حركة “أحرار الشام”
هي إحدى حركات الثورة السورية التي ولدت عقب بدايتها في أواخر عام 2011، ووصلت ذروة قوتها عام 2014، إذ امتلكت نحو 25 ألف مقاتل.
تصف نفسها – بحسب موقعها على الإنترنت – بأنها “حركة إسلامية إصلاحية تجديدية شاملة، وإحدى الفصائل المنضوية والمندمجة ضمن الجبهة الإسلامية، وهي تكوين عسكري سياسي اجتماعي إسلامي شامل يهدف إلى إسقاط النظام الأسدي في سورية إسقاطاً كاملاً، وبناء دولة إسلامية تكون السيادة فيها لشرع الله – عز وجل – وحده مرجعاً وحاكماً وموجهاً وناظماً لتصرفات الفرد والمجتمع والدولة”.
على مختلف الجبهات نشطت الحركة، لكنها أخيراً ركزت نشاطها في إدلب وحلب، وتحديداً في تفتناز وجبل الزاوية وسراقب وأريحا وبنش وغيرها من قرى إدلب.
وبحسب تقارير فإن الحركة تعتمد في تمويلها على ثلاثة مصادر أساسية، هي التمويل الذاتي، والتمويل عبر الشبكات المتطرفة العربية والعالمية والتمويل الإقليمي. كما اشتملت الاستراتيجية العسكرية للحركة على مهاجمة القطع العسكرية الغنية واغتنام أسلحتها، واستفادت من خبرات بعض أعضائها في إنتاج المتفجرات المحلية الصنع الرخيصة وكثفت استخدامها.
إضافة إلى ذلك تمكنت من استثمار الموارد الحكومية واغتنام ثروات المرافق العامة الواقعة تحت سيطرتها، فعلى سبيل المثال وباعتبارها أكبر الفصائل المشاركة في عملية تحرير الرقة قامت الحركة بالسيطرة على مقر البنك المركزي، الذي يشاع أنه كان يحتوي لحظة التحرير على ما يتراوح بين 4 و6 مليارات ليرة سورية.
“جيش العزة”
عرف سابقاً بـ”تجمع العزة”، وهو جماعة سورية ثائرة تابعة للجيش السوري الحر، تنشط في شمال غربي سوريا، وبخاصة في سهل الغاب شمال حماة والمناطق المحيطة به. وتم تزويد الجماعة بصواريخ مضادة للدبابات من الولايات المتحدة، بما في ذلك صواريخ 9 كا111 فاغوت وبي جي إم-71 تاو.
“الجبهة الشامية”
الجبهة الشامية هو اتحاد كبرى الفصائل المسلحة شمال سوريا في حلب (جيش المجاهدين، الجبهة الإسلامية، تجمع فاستقم كما أمرت، جبهة الأصالة والتنمية، أحرار الشام، صقور الشام، حركة حزم، ومئات الجماعات المسلحة الأخرى)، وخاضت معارك ضارية ضد الجيش السوري، ومصدر تسليحها فصائل معارضة أخرى، وما استحوذت عليه من القطع العسكرية النظامية التي سيطرت عليها، التي كانت تابعة للجيش السوري من آليات ثقيلة ومدافع ورشاشات.
“الجيش الوطني” المدعوم تركياً
يتبع فصائل غرفة عمليات “فجر الحرية”، التي تشن الهجمات من جهة مدينة حلب الشرقية لتحالف “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا.
تولت هذه الفصائل منذ يوم السبت الماضي مهمة الهجوم على مواقع السيطرة المشتركة بين قوات النظام السوري والوحدات الكردية في ريف حلب.
وأبرز فصائل هذا الائتلاف هي قوى “فرقة السلطان مراد” و”فرقة السلطان سليمان شاه” و”فرقة الحمزة” و”جيش الإسلام” وفصيل “الجبهة الشامية”، وتتلقى تمويلها ودعمها بالسلاح والإمداد العسكري واللوجستي مباشرة من أنقرة.
“سوريا الديمقراطية” (قسد)
هو تحالف متعدد الأعراق والأديان لمجموعات يغلب عليها الطابع الكردي، على رغم أن واحداً من مكوناتها الأساسية هو العشائر العربية، وتتألف “قسد” بمعظمها من “وحدات حماية الشعب”، وهي مجموعات مسلحة كردية تشكل قواتها العمود الفقري لـ”قسد”، وتحظى بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأميركية.
تشكلت تلك القوات عام 2014 بوصفها الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، واتسعت بصورة ملفتة في الحرب السورية.
تتحدث تقارير على اطلاع بشؤون الجماعات الكردية أن قوام مقاتلي “قسد” يبلغ نحو 50 ألفاً من المشاة بعضهم مزودون بمحركات وآليات ثقيلة حصلوا عليها عبر ثلاث طرق، الأول المعارك مع الجيش السوري، والثاني الحرب مع الفصائل المسلحة، والثالث وهو المباشر عبر التسليح الأميركي المستمر.
وبحسب مصادر إعلامية فعندما أصدرت “قسد” بيانها التعريفي قدمت نفسها على أنها “تكتل عسكري وطني لكل السوريين يضم الأكراد والعرب والتركمان والسريان”، وأوضحت أن هدفها الرئيس هو دحر تنظيم “داعش” واستعادة جميع الأراضي التي اجتاحها التنظيم المتشدد آنذاك.
حصلت قوات “سوريا الديمقراطية” على الدعم المالي والعسكري في إطار الحرب على تنظيم “داعش”، وشقت طريقها على الأرض بدعم أساس من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، مع ذلك أثار استحداث هذا التشكيل المسلح ومناطق تمركزه ومكاسبه في شمال شرقي سوريا المتاخمة للحدود الجنوبية لتركيا حفيظة حكومة أنقرة.
يشار إلى أن أبرز خصوم “قسد” هم الجماعات المتطرفة من تنظيم “داعش” سابقاً، والجماعات المرتبطة بتنظيم “القاعدة”، وجماعات “السلفية الجهادية”، و”الجيش الوطني” المدعوم من تركيا، وتركيا نفسها.
——————————
ما الدول الأوروبية التي علّقت مؤقتا إجراءات اللجوء للسوريين؟
10/12/2024
أعلنت إيطاليا وسويسرا تعليق إجراءات اللجوء للسوريين مؤقتا، اتباعا لنهج دول أوروبية أعلن بعضها الاستعداد لترحيل اللاجئين إلى سوريا بعد سيطرة المعارضة على دمشق وإسقاط الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وجاء إعلان إيطاليا بعد اجتماع عقدته -أمس الاثنين- رئيسة الحكومة جورجيا ميلوني مع وزرائها في روما لتقييم تطورات الوضع في سوريا.
سويسرا
بدورها، أفادت الحكومة السويسرية كذلك بتعليق إجراءات اللجوء وقرارات طالبي اللجوء من سوريا بأثر فوري حتى “يمكن إعادة تقييم الوضع”.
ألمانيا
وكان المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في ألمانيا، أعلن أيضا تعليق جميع القرارات المتعلقة بطلبات اللجوء المقدمة من السوريين حتى تتضح الأمور بشأن التطورات السياسية في سوريا.
وقال متحدث باسم مكتب الهجرة واللاجئين إن عدد طلبات اللجوء المعلقة المقدمة من سوريين تبلغ حاليا ما يزيد على 47 ألف طلب، منها 46 ألفا و81 طلبا أوليا.
وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر إن تقييم طلبات اللجوء المقدمة من سوريين مقيمين في ألمانيا سيعتمد على التطورات في سوريا بعد الإطاحة بالأسد.
وتستقبل ألمانيا ما يناهز مليون سوري، وهو العدد الأكبر من السوريين في إحدى دول الاتحاد الأوروبي. ووصل معظمهم خلال العامين 2015 و2016 في عهد المستشارة السابقة أنجيلا ميركل.
بريطانيا
كما نقلت صحيفة تلغراف عن مصدر في وزارة الداخلية البريطانية أن الوزارة أوقفت مؤقتا طلبات اللجوء السورية في وقت تقيّم فيه الأوضاع الحالية.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي لتلغراف، إن قرار تعليق لجوء السوريين لن يطال فورا برنامج إعادة التوطين ببريطانيا.
فرنسا والنمسا
كما قالت وزارة الداخلية إنها تعمل على تعليق طلبات السوريين للجوء بعد سقوط الأسد، في حين قالت وزارة الداخلية النمساوية إن تعليمات صدرت بتعليق جميع طلبات اللجوء السورية الحالية ومراجعة ما تم من منح اللجوء”.
وكان مصدر كبير بالحكومة اليونانية قال لوكالة رويترز -أمس- إن أثينا علقت طلبات اللجوء المقدمة من نحو 9 آلاف سوري عقب الإطاحة بالأسد.
السويد
وقد اعتبر زعيم كتلة “ديمقراطيو السويد” (أقصى اليمين) المشاركة في الائتلاف الحكومي أنه ينبغي مراجعة تراخيص الإقامة التي مُنحت للاجئين أتوا من سوريا.
وتعد السويد البلد الثاني في الاتحاد الأوروبي الذي استقبل أكبر عدد من السوريين الفارين من الحرب خلال 2015 و2016 بعد ألمانيا.
وأظهرت أرقام سلطات الإحصاءات السويدية أنه من أصل 162 ألفا و877 من طالبي اللجوء عام 2015، أحصي 51 ألفا و338 شخصا من سوريا.
دعوة للتريث
من جهته، دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي -أمس الاثنين- إلى “الصبر واليقظة” في وقت يدرس فيه لاجئون خيارات العودة، مع بدء دول أوروبية تعليق النظر في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين.
وأوضح غراندي أن المفوضية الأممية مستعدة لمساعدة الدول في تنظيم العودة الطوعية للاجئين السوريين الذين فروا إلى خارج البلاد جراء الحرب التي اندلعت في البلاد منذ 13 عاما.
المصدر : وكالات
——————————
العثور على جثث معتقلين سوريين في مشفى حرستا بدمشق
وسام سليم
09 ديسمبر 2024
عُثر اليوم الاثنين على جثث تعود لمعتقلين سوريين في مشفى حرستا بريف دمشق أعدموا على يد قوات النظام السوري. وأظهرت مقاطع مصورة أن بعض الجثث تعرّضت للتعذيب والبعض الآخر أعدم حديثاً بطريقة عشوائية أو جماعية وما زالت آثار الدماء، وشُوهدت لصقات على بعض الجثث تحمل اسمها ورقمها.
وبلغ عدد الجثث في المقطع المصور نحو 40 جثة، وتعود لمعتقلين نقلوا من سجن صيدنايا، حيث جرت العادة أن تنقل جثث القتلى من هذا السجن إلى مشفى حرستا. وعقب تداول أنباء عن وجود الجثث توجهت عوائل لمعتقلين إلى بوابة المشفى لمحاولة البحث عن ذويها.
#فيديو | العثور على جـ.ـثث في مستشفى #حرستا بريف #دمشق تعود لمعـتقلين سوريين pic.twitter.com/r1HAmNivsD
— العربي الجديد (@alaraby_ar) December 9, 2024
ولا تزال قضية آلاف المعتقلين الشغل الشاغل للسوريين منذ سقوط النظام السوري، لا سيما أن الآلاف منهم لا يزالون مجهولي المصير، فيما توسّعت اليوم أعمال البحث بمشاركة الدفاع المدني عن معتقلين إضافيين في سجن صيدنايا.
أهالي معتقلين أمام سجن صيدنايا. 9 ديسمبر 2024 (أمين سانسار/الأناضول)
وقبل عامين، ضجت وسائل الإعلام العربية والعالمية بخبر تحنيط جثث المعتقلين بالملح في سجن صيدنايا. وصدر حينها تقرير عن رابطة معتقلي ومفقودي المعتقل (ADMSP). وأورد التقرير تفاصيل مروّعة حول المعاملة القاسية للمعتقلين في السجن، حيث قضى أكثر من 30 ألف معتقل إما إعداماً، أو نتيجة التعذيب، أو نقص الرعاية الطبية أو الجوع بين عامي 2011 و2018.
————————
«الشرق الأوسط» تكشف أسرار تحركات روسيا قبل ليلة إسقاط الأسد
موسكو عرضت خروجاً آمناً للرئيس السابق مقابل التزامه بعدم مقاومة المعارضة
مستشار مقرب من أوساط اتخاذ القرار الروسي: جرت اتصالات عاجلة بين موسكو وأنقرة وطهران لوقف هجوم المعارضة السورية والتحرك نحو حوار سياسي، لكن القرار بالمضي في العملية كان قد اتُّخذ
«لم يكن هناك خيار آخر، كان على الرئيس بشار الأسد أن يتخذ قراراً سريعاً بإطلاق مبادرة سياسية تفتح باب الحوار مع المعارضة وتستبق انطلاق عملية (ردع العدوان)». هذا كان جوهر «النصيحة» العاجلة التي قدمتها روسيا للرئاسة السورية.
بعد انطلاق الهجوم الذي «توفرت لموسكو معلومات دقيقة حول توقيته وحجمه وأهدافه كان الوقت قد تأخر، وسرعان ما اتُّخذ القرار في موسكو بترتيب خروج آمن يضمن عدم انجرار البلاد نحو حرب طائفية مدمِّرة كانت نتائجها ستكون كارثية»، وفقاً للمستشار رامي الشاعر، المقرب من أوساط اتخاذ القرار الروسي.
وقال الشاعر لـ«الشرق الأوسط» إن «المعطيات التي توافرت لدى موسكو حول الإعداد لهجوم واسع النطاق، دفعتها إلى التحرك العاجل قبل 48 ساعة من بدء الهجوم على أكثر من محور، وتم من خلال (قنوات مختصة) إبلاغ السلطات السورية بأنه (سيتم التقدم من قوات تابعة للفصائل المسلحة باتجاه حلب ومنها نحو مدن سورية أخرى)».
ووفق الشاعر، «جرت اتصالات عاجلة عبر قنوات ساخنة مع الطرفين التركي والإيراني، وكان الهدف منها محاولة وقف العملية والاتجاه نحو تحريك حوار سياسي، لكن سرعان ما تبين لموسكو أن (القرار النهائي قد اتُّخذ والفصائل لن تتراجع عن شن الهجوم)».
حاضنة شعبية وشرح الشاعر أنه بالنسبة إلى موسكو «كان القرار صعباً بسبب أن المعطيات الاستخباراتية المتوفرة أكدت أن الأمر لا يتعلق فقط بدرجة الإعداد للهجوم من جانب الفصائل، بل بوجود حاضنة شعبية واسعة النطاق، تؤيد هذا التحرك، ووفقاً لتلك المعطيات فإنه (في حال حصول تقدم واسع النطاق فإن نحو 80 في المائة من السوريين سوف يدعمونه بقوة)».
وينقل المستشار المقرب من أوساط اتخاذ القرار الروسي لـ«الشرق الأوسط» أنه في هذه الظروف، وفي محاولة لاستباق تداعيات واسعة «تركزت النقاشات الروسية – التركية – الإيرانية على آليات تفادي وقوع اقتتال مدمر، أُضيف إلى ذلك أن معطيات موسكو أكدت وجود حالة تذمر واسعة داخل الجيش السوري بسبب الوضع العام، وبدرجة أعلى بسبب تردي الأحوال المعيشية للضباط والعسكريين».
وأوضح أن «هذه الظروف دفعت مركز صنع القرار في روسيا إلى اتخاذ قرار (بُني بالدرجة الأولى على ضرورة عدم السماح بتدهور واسع قد يسفر عن حرب أهلية طاحنة، لذلك تم إجراء اتصال مباشر مع الأسد وإبلاغه بأن (كل المعطيات تشير إلى أن البلاد مقبلة على كارثة كبرى، ويجب تسريع عملية إطلاق مبادرة فورية تضع مقدمات لحل يقوم على الحوار)». ولكن وفقاً للشاعر فإن «الأسد لم يتجاوب للأسف بالسرعة المطلوبة».
ويشرح الشاعر: «في هذا الوقت كانت قوات المعارضة قد تقدمت بالفعل باتجاه حلب، وتابعنا تجاوب الأهالي الواسع، واضطرار قطعات الجيش إلى الانسحاب تدريجياً مما سمح بإحكام السيطرة على المدينة المهمة».
سحب الجيش والخروج الآمن مع هذا التطور والانهيار السريع الذي «كان متوقعاً من جانب موسكو لدفاعات النظام والقوات الحليفة» باتت المخاوف تتركز على انتقال الهجوم إلى المدن المجاورة ووضع هدف السيطرة على حمص بالدرجة الأولى على رأس أولويات التحرك، وفق تقييم الشاعر.
وقال الشاعر إن موسكو «طلبت من الأسد في هذه المرحلة إعطاء أوامر للجيش بالانسحاب من القطعات وعدم الانخراط في مواجهة عسكرية». وأكد أن هذا الطلب «تم تنسيقه مع الجانبين التركي والإيراني».
وفسَّر الشاعر موافقة إيران على هذا السيناريو بالقناعة بـ«ضعف الدفاعات السورية وضرورة عدم إشعال مواجهة ستفضي إلى مجزرة ولا تسمح للنظام بالصمود».
وزاد أنه «في هذه المرحلة بدا واضحاً أن الأمور خرجت عن سيطرة النظام، خصوصاً مع إحكام الطوق حول حمص، وفي هذا الوقت كانت التحضيرات متسارعة لعقد الاجتماع الثلاثي لمجموعة آستانة في الدوحة على المستوى الوزاري. وتم في هذه المرحلة الاتصال بالأسد وتقديم ضمانات أمنية له ولكل أفراد عائلته بخروج آمن، مع تأكيد أهمية عدم إبداء مقاومة وتوجيه تعليمات للقطاعات العسكرية، وإعلان بيان التنحي عن منصبه».
وقال الشاعر إن «موافقة الأسد جاءت بعد مرور ساعات معدودة على تلقيه الاقتراح، لكنها كانت ساعات مليئة بتطورات ميدانية». موضحاً أن وزير الدفاع أصدر أوامر للجيش والفروع الأمنية التابعة للمؤسسة العسكرية بعدم المقاومة، وتوجيه الضباط والجنود لالتزام بيوتهم وخلع البزات العسكرية والتحول إلى ملابس مدنية.
في أثناء الحوار في الدوحة، في الليلة التي سبقت سقوط النظام، جرى التركيز على الدور الذي يمكن أن تقوم به مجموعة آستانة لمساعدة سوريا في الوضع الجديد الناشئ.
ورأى الشاعر أنه عملياً وبفضل تلك التحركات «تم تفادي سقوط سوريا في مواجهة طائفية طاحنة، وتحول الوضع إلى حرب أهلية واسعة النطاق».
وقال إن «هذه المرة الثانية التي تنقذ موسكو فيها سوريا (…) المرة السابقة عندما كان المسلحون على أبواب دمشق المحاصَرة وكان يمكن لولا التدخل الروسي العاجل أن تدمر المدينة وأن يقتل في المواجهات ما لا يقل عن مليون نسمة من سكانها».
واعتبر أن نظام التهدئة ووقف الاقتتال الذي أسهمت «مجموعة آستانة» في بلورته كان يهدف إلى منح الوقت اللازم لانضاج «العامل الذاتي» لدى الحكومة والمعارضة في سوريا لإطلاق عملية الحوار السوري – السوري الجدي، والبدء في مرحلة الانتقال إلى نظام حكم جديد يلبي طموحات السوريين.
وانتقد الشاعر تأخر النظام السوري في التعامل بجدية مع مسار حقيقي للتسوية السياسية، مشيراً إلى «تفهم سبب نفاد صبر المعارضة المسلحة، وإطلاقها التحرك العسكري بهذا الشكل».
منح اللجوء لا يعني استمرار البقاء في السياق، قال الشاعر إن موسكو «اتخذت القرار بمنح اللجوء للأسد في إطار تجاوبه مع مطلب عدم المقاومة، وإصدار أوامر بعدم مواجهة الهجوم من جانب المعارضة». وأوضح الشاعر أن «المهم بالنسبة إلى روسيا أنه تم بالفعل تفادي اقتتال مدمر كان يمكن أن يستمر طويلاً ويقوض البلاد». لافتاً إلى أن موسكو تدرك أن غالبية الشعب السوري ربما تكون مستاءة من خطوة منح اللجوء للأسد وأفراد عائلته، لكن «نحن على ثقة بأنه مع التغييرات التي تجري في سوريا والانتقال تدريجياً نحو وضع مستقر، سوف يتفهم السوريون دوافع هذا القرار»، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن «منح اللجوء حالياً للأسد لا يعني انه سيبقى في موسكو».
وحول آلية تنفيذ قرار منح اللجوء، قال الشاعر إنه «تم الاتصال بالأسد عبر القناة المباشرة وجرى لقاء شخصي مباشر معه قُدمت خلاله تأكيدات بالضمانات بخروج آمن له ولكل أفراد عائلته». مشيراً إلى أن «الأسد نُقل على متن طائرة مباشرة من دمشق إلى موسكو».
في هذا السياق انتقد الشاعر بشدة تصريحات مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيننا ميخائيل أوليانوف، الذي قال قبل يومين إن قرار منح اللجوء جاء بسبب أن «روسيا لا تتخلى عن حلفائها خلافاً لواشنطن»، وقال الشاعر إن هذا التعليق إن صحَّ نسبه إلى الدبلوماسي الروسي فإنه «غير مسؤول ولا ينسجم مع الحقيقة وتطورات الموقف التي قادت إلى اتخاذه».
وأضاف الشاعر أن «هذا الإجراء ليس حماية للأسد من ملاحقات، بل جاء في إطار ترتيب تهدئة عاجلة وضرورية تحقن الدماء في سوريا»، ونوه إلى أن أوليانوف «سوف يتحمل مسؤولية إطلاق تصريح لا يعبر عن الموقف الروسي».
———————
العراق يتحرك للتنسيق مع القيادة الجديدة في سورية/ محمد علي
10 ديسمبر 2024
قال مسؤول دبلوماسي في العراق لـ”العربي الجديد”، اليوم الثلاثاء، إنّ بلاده تريد التواصل والتنسيق مع المسؤولين عن الدولة السورية في الوقت الحالي، لمقتضيات المصلحة العامة لكلا البلدين، مؤكداً أن الحكومة العراقية “لا تخطط لمقاطعة أي نظام يختاره الشعب السوري”.
ومساء أمس الاثنين، وصف المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي التطورات الميدانية في سورية بأنها “كانت مفاجئة”، قائلاً إن بلاده ستواجه “أي خطوة إيجابية من سورية بخطوتين إيجابيتين”، مجدداً تأكيده عدم التدخل في الشأن السوري الحالي، قائلاً: “ليس لدى الحكومة العراقية نية للتدخل في الشأن السوري. العراق لن يدعم طرفاً ضد آخر، وهو داعم لخيارات الشعب السوري”، محذراً من أن “تعريض الأقليات السورية إلى الخطر سينعكس على الداخل العراقي”.
واليوم الثلاثاء، أبلغ مسؤول عراقي بارز في وزارة الخارجية، “العربي الجديد”، عن تحرك عراقي لفتح قنوات اتصال مع من قال إنهم “سلطة الأمر الواقع في سورية الجديدة”. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه كونه غير مخول بالتصريح: “هناك ملفات أمنية كثيرة بين العراق وسورية. لا نريد أن نفقدها، ومن مصلحة الجانبين استمرار التنسيق بينهما فيها، وقد يكون لتركيا دور في التنسيق والتواصل في الأيام المقبلة”.
وأكد المسؤول في معرض حديثه، أن الحكومة العراقية ستتعامل مع الحكومة الانتقالية في سورية وليس الأشخاص، وذلك في ردّ منه على سؤال بشأن ما إذا كان التنسيق الذي تطمح إليه بغداد سيكون مع قيادات سورية جديدة مثل أحمد الشرع، قائد جبهة تحرير الشام.
ويسرد المسؤول العراقي جملة من الملفات ذات الاهتمام العالي بين العراق وسورية، في معرض شرحه لأهمية عودة قنوات التواصل، من بينها ملف الحدود المشتركة، والنازحون العراقيون في سورية ضمن مخيم الهول، والمراقد الدينية الشيعية في سورية، وفقاً للمسؤول الدبلوماسي العراقي. لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن أي إشارات بالرغبة في التواصل من دمشق لم تصل إلى العراق، وهذا طبيعي كوننا في أول أيام انتهاء فترة حكم النظام السابق وسنحتاج إلى أسابيع أخرى، قبل الحديث عن أي تواصل مباشر بين الطرفين.
فصائل عراقية خلال تشييع أحد قادتها الذي قتل بسورية، 22 سبتمبر 24 (مرتضى السوداني/الأناضول)
وفي السياق، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي محمد نعناع، إن رسائل من بغداد صدرت خلال الساعات الماضية إلى دمشق، عبر وسيط تركي، تعترف بـ”الأمر الواقع (في سورية) إذا تأسست عليه معادلة سلطة وطنية تحترم المكونات”. وأضاف في حديث أوردته صحيفة “المدى” العراقية الصادرة في بغداد اليوم الثلاثاء، أن “الجواب للحكومة العراقية عاد بأن ما تطلبه بغداد هو ما تريده الجماعات (الفصائل السورية) التي أسقطت نظام الأسد”، وتابع الباحث السياسي: “بموازنة الموقف العراقي الذي أعتقده ايجابياً، تفهمت إيران موقف الحكومة العراقية”.
واستقبلت الحدود العراقية، مساء السبت، مئات الجنود السوريين الفارين من المعارك، وكان من المفترض إعادتهم بطائرات إلى دمشق، لكن لا يُعرف مصيرهم الآن بعد سقوط النظام. في السياق ذاته، وجّه رئيس تحالف السيادة، أكبر القوى العربية السنية في العراق، خميس الخنجر، دعوة إلى الشعب السوري للاستفادة من أخطاء التأسيس الأولى التي واجهت العراق بعد سقوط النظام السابق.
وقال الخنجر في كلمة له، إن “الأحداث التي شهدتها سورية تمثل درساً بليغاً لكل نظام سياسي، وإن بناء الدول لا يمكن أن يتحقق بالقهر ومصادرة الحريات لأنها تُبنى على أسس العدالة والمواطنة، وإن الاستقرار الحقيقي لا يتحقق إلا من خلال احترام حقوق الإنسان وضمان مشاركة جميع أفراد المجتمع في بناء وطنهم”. وحذر من أن “مصير الرئيس السوري بشار الأسد يمثل إنذاراً واضحاً لكل نظام سياسي يتجاهل أصوات شعبه، وأن الاعتماد على القمع والمخبر السري والسجون لكتم أنفاس الحرية، لا يؤدي إلا إلى المزيد من الفوضى والانهيار”.
كلمة رئيس تحالف السيادة الشيخ خميس الخنجر بمناسبة انتصار الثورة السورية pic.twitter.com/MH17qSw37U
— الشيخ خميس الخنجر-المكتب الاعلامي (@alkhanjerMedia) December 9, 2024
العربي الجديد
—————————–
إسرائيل تدمّر الأسلحة النوعية ومراكز تصنيعها في سورية بهجوم واسع/ محمد كركص
10 ديسمبر 2024
دمّر سلاح الجو الإسرائيلي خلال الـ 48 ساعة الماضية معظم مراكز البحوث العلمية والطائرات الحربية والمروحية الحديثة ومخازن الأسلحة والصواريخ وألوية الدفاع الجوي في المحافظات السورية، ما أسفر عن خروجها كلها عن الخدمة وذلك بعد سقوط نظام الأسد في سورية.
وقالت مصادر مُطلعة عاملة في وحدات الرصد والمتابعة التابعة للمعارضة السورية، في حديث لـ “العربي الجديد”، إن سلاح الجو الإسرائيلي نفذ خلال الـ 48 ساعة الماضية حوالي 150 غارة جوية مستحدماً صواريخ شديدة الانفجار، استهدف من خلالها مركز البحوث العلمية في محيط منطقة برزة، ومركز البحوث العلمية في منطقة جمرايا، والمربع الأمني في دمشق، ومستودعات السومرية، ومستودعات الأسلحة في تل منين و مستودعات دنحة في القلمون الشرقي، ومقر إدارة الحرب الإلكترونية بالقرب من البهدلية المحاذية للسيدة زينب، والذي كان يتخذه “الحرس الثوري الإيراني” مقراً له، ومطار عقربا، ومطار المزة العسكري، ومقرات الفرقة الرابعة، والقطع العسكرية التي تحتوي على مخازن صواريخ وأنظمة دفاع جوي في العاصمة دمشق وريفها، جنوب غرب سورية.
وأوضحت المصادر أن الغارات الإسرائيلية طاولت أيضاً كلا من “اللواء 112″ بين مدينتي الشيخ مسكين ونوى في الريف الغربي، جنوب سورية، ومستودعات الكم العسكرية في محيط بلدة محجة شمالي درعا، و”اللواء 12” في مدينة إزرع، ما أسفر عن استشهاد مواطنين اثنين كانا في المنطقة المستهدفة، كما طاولت الغارات تل الحمد وتل جديا، وتل الحارة والفوج 175 في إزرع، فيما طاولت الغارات الإسرائيلية تل الشعار، وموقع عسكري مُطلع على هضبة الجولان، جنوب سورية.
وأكدت المصادر أن الغارات الإسرائيلية استهدفت أيضاً مطاري التيفور والشعيرات بريف حمص الشرقي، ومستودعات شنشار للأسلحة والصواريخ بريف حمص الجنوبي، ومخازن أسلحة ومقرات كانت سابقاً لـ”حزب الله” (اللبناني) في مدينة القصير وريفها بريف حمص الغربي بالقرب من الحدود السورية – اللبنانية، ومستودعات للأسلحة في محيط مدينة تدمر، ومطار تدمر العسكري بريف حمص الشرقي، ومطار القامشلي بريف الحسكة الشمالي الشرقي، وفوج 54 (فوج طرطب) في ريف محافظة الحسكة، وأنظمة دفاع جوي وسفن حربية في ميناء مدينة اللاذقية على الساحل السوري، ومركز البحوث العلمية في قرية الزاوي الواقعة في محيط منطقة مصياف بريف حماة الشمالي الغربي، شمال غرب سورية.
العاصمة السورية دمشق بعد إسقاط نظام بشار الأسد، 9 ديسمبر 2024 (Getty)
وأشارت المصادر إلى أن الغارات الإسرائيلية طاولت أيضاً مستودعات أسلحة قرب مدينة دير الزور، ومستودعات كانت لـ “الحرس الثوري الإيراني”، في بادية مدينة البوكمال، شرقي دير الزور، ومخازن ومستودعات أسلحة في منجم الملح و مراكز سابقة لقوات النظام السابق والإيرانيين في بادية دير الزور، شرق سورية.
ووفقاً لتقديرات مختلفة من وكالات الاستخبارات الغربية، أشارت إليها صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن دولة الاحتلال نفذت حتى صباح اليوم حوالى 300 هجوم على أهداف عسكرية مختلفة، معظمها تابع لسلاح الجو السوري. ومن بين الأهداف التي هوجمت أيضاً قواعد سلاح الجو، بما في ذلك أسراب كاملة من طائرات ميغ وسوخوي، دُمِّرَت، مضيفة أن آخر مرة دمّرت فيها إسرائيل سلاح جو كاملاً لدولة “عدو”، كان سلاح الجو المصري في حرب 1967.
بدوره، قال وائل علوان، الباحث في مركز “جسور للدراسات” في حديث لـ”العربي الجديد”، إن “التصعيد الواسع للقوات الإسرائيلية وسلاح الجو الإسرائيلي في سورية بعد سقوط نظام الأسد جاء على خلفية الإرباك الشديد الذي أحدثه سقوط النظام وانسحاب القوات الروسية من جنوب سورية ومن معظم المناطق التي سيطرت عليها المعارضة”، مُشيراً إلى أن “إسرائيل اليوم تشعر بقلق شديد جداً أكثر من القلق الذي كانت تشعر به مع وجود المليشيات الإيرانية في سورية”، مبيناً، أن “إسرائيل اليوم تنظر إلى هذه الفصائل المعارضة قد تحصل على أسلحة مهددة للأمن القومي الإسرائيلي”.
ولفت علوان، إلى أن “الاجتياح الإسرائيلي في الجنوب السوري متوقع أن يتوسع أكثر من المنطقة العازلة، وأكثر من خط برافو منزوع السلاح، والإعلانات الإسرائيلية عن اتفاقيات وقف إطلاق النار وفض الاشتباك انهارت تعني أنه هو ذاهب إلى ما هو أبعد من تأمين المنطقة العازلة”، مشدداً على أن “الجيش الإسرائيلي يُريد مساحة واسعة تؤمن عدم وجود فصائل أو أي جهات يخشاها على المستوطنات في الجولان”.
ويرى علوان، أن “الغارات الإسرائيلية سوف تتوسع على الأهداف العسكرية الثقيلة وعالية الخطورة مثل مستودعات الصواريخ ومستودعات الأسلحة الكيميائية ومستودعات تطوير الأسلحة والمختبرات سلاح الطيران والدفاع الجوي، وستعمل إسرائيلي على تدميره بشكل واسع وكبير جدا”. وكانت وكالة “رويترز” قد نقلت اليوم الثلاثاء، عن ثلاثة مصادر أمنية، قولها، إن التوغل العسكري الإسرائيلي في سورية وصل إلى حوالي 25 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من دمشق، شمال غرب سورية.
———————–
أولويات تركيا في مرحلة ما بعد سقوط الأسد: العملية الانتقالية وشرق الفرات/ جابر عمر
10 ديسمبر 2024
بقدر ما يشكل سقوط نظام بشار الأسد في سورية عاملاً من شأنه أن يعزز من النفوذ التركي الإقليمي نظراً للأدوار المتعددة التي أدتها على مدى أكثر من عقد داخل سورية، سواء سياسياً عبر دخولها مسار أستانة عام 2017 مع الدول الضامنة إيران وروسيا، أو عسكرياً من خلال دعم فصائل المعارضة لا سيما “الجيش الوطني” المعارض، أو من خلال استضافتها نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري، فإن تبدل المشهد العسكري والسياسي بعد سقوط الأسد على هذا النحو المتسارع من شأنه أن يفرض عليها تحديات ومسؤوليات بشأن النهج الذي ستختاره لدورها خلال الفترة المقبلة، لا سيما في ما يتعلق بطبيعة تدخلها في العملية الانتقالية وإمكانية مساهمتها في إنجاحها أو إفشالها، في ظل ملفات عديدة تعني تركيا في سورية، في مقدمتها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والوضع في شرق الفرات.
ولم يكن موقف تركيا واضحاً في بداية العملية العسكرية التي أطلقتها الفصائل في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، قبل أن يشهد تبدلات عدة مع تسارع تقدم الفصائل وسيطرتها على محافظة حلب بالكامل وبقية محافظة إدلب وسارت بالتدريج لتصل دمشق مروراً بحمص وحماة.
وبعدما كانت أنقرة تنأى بنفسها عن العملية عمدت مع تقدم الفصائل، وعبر تسريبات، إلى ربط العملية بمناطق خفض التصعيد فقط، وذهبت في الاتصالات والمباحثات التي سبقت سقوط الأسد إلى التأكيد على أهمية خفض التصعيد والحوار مع المعارضة، قبل أن تعيد في الساعات الأخيرة قبل سقوط الأسد التذكير برفضه يد الحوار التي مدتها إليه، ومشددة على أن مرحلة جديدة تدار بهدوء. مع العلم أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان صرح قبل أكثر من شهر أن “تركيا تعمل على توفير الحماية على طول حدودها الجنوبية وتأمينها وتنتظر بهذا الصدد بشريات قادمة”، حيث توقفت الأوساط المتابعة كثيراً عند كلمة البشريات الجديدة والقصد منها، وهو ما عزز التكهنات لاحقاً بأن هناك خططاً كان يتم تحضيرها.
فيدان: تطورات سورية أعطتنا بصيص أمل
وفي أحدث التصريحات الرسمية، قال وزير الخارجية هاكان فيدان، في كلمة بأنقرة أمس الاثنين: “أعطتنا التطورات في سورية بصيص أمل، ونتوقع من الجهات الفاعلة وخاصة الأمم المتحدة، أن تتواصل مع الشعب السوري وتدعمه في تشكيل حكومة شاملة”. وأضاف: “كما تعلمون قلنا منذ البداية إن الحل الدائم والسلام والاستقرار في سورية لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال المصالحة الوطنية، ورغم كل جهودنا والفرص التي أتيحت له، لم يصنع النظام السلام مع شعبه”. وتابع: “بدأت حقبة جديدة في سورية، ومن الضروري الآن التركيز على المستقبل. نرغب في سورية حيث تعيش المجموعات العرقية والدينية المختلفة في سلام وفي ظل فهم شامل للحكم، سورية جديدة تتمتع بعلاقات جيدة مع جيرانها، وتحقق السلام والاستقرار في منطقتها، ونحن على استعداد لتقديم الدعم اللازم لذلك، ولهذا نواصل الحوار والتنسيق اللازم مع كافة الأطراف، وخاصة الجهات الإقليمية الفاعلة”.
وقبلها بيوم أفاد فيدان، في مؤتمر صحافي بالدوحة، بأن “الشعب السوري سيعيد رسم مستقبله، اليوم لدينا أمل، الشعب السوري لا يمكنه لوحده تحقيق ذلك، على المجتمع الدولي دعمه”. وبخصوص اللاجئين السوريين، ذكر فيدان أنه “يمكن الآن لملايين السوريين الذين اضطروا لمغادرة بلادهم العودة إليها”، وأكد على ضرورة هيكلة الإدارة الجديدة لسورية بطريقة منظمة، وعدم التنازل أبدًا عن مبدأ احتضان الجميع، قائلاً: “الوقت قد حان لتوحيد وإعادة بناء سورية”. وأكد أن تركيا ستواصل مع دول الجوار العمل مع الإدارة الجديدة بسورية، مستغلة كل القدرات المتوفرة من أجل إعادة بناء هذا البلد، مشدداً على أنه لا يمكن اعتبار أي امتداد لحزب العمال الكردستاني طرفاً شرعياً بأي شكل من الأشكال في سورية، ولا يمكن أن يكون طرفاً نتفاوض معه في المحادثات المتعلقة بسورية، ومن يقودون “قسد” ليسوا سوريين، وإن الجميع يعرف ذلك.
ساعات حاسمة قبل سقوط الأسد
وقبيل سقوط الأسد بساعات كان فيدان التقى مع نظيريه الروسي سيرغي لافروف، والإيراني عباس عراقجي، وهي الدول الضامنة في الدوحة السبت الماضي، وأجرى لقاءات أخرى على هامش مشاركته في منتدى الدوحة. ونقلت وكالة الأناضول الرسمية عن مصادر في الخارجية تأكيد وزراء الخارجية للدول الضامنة على ضرورة استئناف العملية السياسية في سورية ودعم وحدة وسلامة أراضيها، فيما أفاد أردوغان في اليوم ذاته بأن “تركيا لا يمكنها أن تتغاضى عن التطورات في بلد لها معه حدود بطول 910 كيلومترات، وأنه لا أطماع لها في أراضي أي دولة، ونتمنى أن تجد جارتنا سورية السلام والهدوء اللذين تتوق إليهما منذ 13 عاما”.
وعزز تباين التصريحات التركية منذ بدء الحملة التي أدت إلى سقوط الأسد الاعتقاد بوجود تنسيق مع تركيا ضمن استراتيجية قامت على المماطلة من أجل انعقاد اجتماع الدول الضامنة. ولحين ذلك، والحديث عن الانتقال السياسي وحوار النظام والمعارضة، تمكنت الفصائل المعارضة المسلحة من قلب الأمور ميدانياً.
وبهذا الصدد قالت مصادر دبلوماسية تركية، لـ”العربي الجديد”، إن “الاستخبارات التركية نسقت مع فصائل المعارضة المسلحة في الفترة السابقة، دون أن يكون هناك دور مباشر للجيش التركي، حيث لم تتدخل المدفعية بشكل كبير، ولم يدخل الطيران المُسير بشكل فعال، وبالتالي كان التنسيق يتم عبر الاستخبارات. لكن المفاجئ كان الانهيار السريع لقوات النظام وتراجعها، وهو ما قاد إلى هذه المرحلة، فضلاً عن التنسيق مع الدول المعنية إزاء التطورات التي حصلت”. وتشترك تركيا مع سورية بحدود تبلغ نحو 913 كيلومتراً، وهي أطول حدود للبلاد مع دولة أخرى، وكانت من أكثر الدول تأثراً بما جرى خلال سنوات الحراك الشعبي.
تركيا تركز على شرق الفرات
وقال الكاتب والصحافي إسماعيل جوكتان، لـ”العربي الجديد”: “أعلنت تركيا منذ بداية العملية العسكرية من قبل المعارضة في سورية أنها تسعى لحماية وحدة البلاد، بينما لم تعلن دعمها بوضوح دعمها للعملية حتى أصبحت قوات المعارضة على مشارف دمشق. ونقطة التركيز بالنسبة لأنقرة ما زالت هي الوضع الحالي في منطقة شرق الفرات”. واعتبر أنه بعد انسحاب روسيا من منبج وسقوط الأسد وسيطرة فصائل المعارضة على منبج “نستطيع القول إن لتركيا ثلاثة ملفات أساسية في المرحلة الحالية، الأولى هي الانتقال السلمي دون السماح بحدوث أي فوضى تتسبب بموجة نزوح جديدة، أو تعيق عودة السوريين بشكل آمن، والثانية تأمين استمرار عودة المهجرين إلى سورية بشكل آمن، والثالثة هي التركيز على الوضع في شرق الفرات. وأعتقد أن تركيا ستنتظر الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة لتقوم بمفاوضات معها من أجل انهاء وجود المليشيات الإرهابية التابعة لحزب العمال الكردستاني، ومن ثم القيام بعملية عسكرية بالمشاركة مع فصائل المعارضة المسلحة”.
وعن الخطط التركية المستقبلية في الإدارة والحكم بعد سقوط الأسد قال إن “تركيا لا تريد التدخل مباشرة بعملية الانتقال السياسي في دمشق، بل ستنسق مع المجتمع الدولي والدول العربية في هذا الشأن. وبالنسبة للإدارة العسكرية فتركيا شددت بشكل واضح على أنها لن تنسحب من سورية حتى إنهاء وجود التنظيمات الإرهابية التي تشكل خطراً على أمنها، وستستمر بملاحقة حزب العمال الكردستاني”. وأضاف: “أعتقد أن تركيا هي القوة الوحيدة في المنطقة التي تملك البنية التحتية لإعادة الإعمار، لكنها تحتاج لدعم غربي وعربي من أجل ذلك، وعندما نأخذ بعين الاعتبار العلاقات التركية مع الشعب السوري، وهي استضافت أكبر عدد من اللاجئين السوريين على أراضيها، يمكننا القول إنها أكثر من تستحق المساهمة في إعادة الإعمار مع الشعب السوري نفسه”.
وتابع: “طبعاً هناك عدد كبير من اللاجئين عادوا إلى سورية، لكن معظم السوريين ما زالوا ينتظرون المرحلة الانتقالية. تركيا تسعى لإعادة ما يمكن إعادتهم بالتوازي مع الحفاظ على أمن الحدود والاقتصاد، حيث تدرك أنقرة تماماً أن حل أزمة اللجوء مهمة جداً بالنسبة للمستوى السياسي، لكنها أيضا تدرك مساهمة اللاجئين في الاقتصاد ولا تريد أن تفقد هذه القوة”.
من جهته قال الكاتب والباحث عمر أوزقزلجك، لـ”العربي الجديد”، إن “السوريين هم من سيحددون مستقبل بلادهم، وبالتأكيد سوف تلعب تركيا دوراً داعماً هنا، ومع ذلك لا تستطيع تركيا أن تتعامل مع سورية بالطريقة التي كانت تتعامل بها إيران، ولا أن تتبنى مثل هذا النهج على أي حال، حيث إن تركيا واحدة من أكثر الجهات الفاعلة تأثيراً وموثوقية في سورية لسنوات، وبينما تركت دول أخرى السوريين وشأنهم، واصلت تركيا الوقوف إلى جانبهم”. وأضاف أن “الدور الذي لعبته تركيا في هذا الصدد على مر السنين واضح للغاية، ويتمتع اللاجئون السوريون بثقة عالية في تركيا، وستلعب تركيا الدور الأهم في عملية إعادة هيكلة سورية وتعزيز هيكل الدولة واستعادة البلاد، ومع ذلك، ستكون هناك بعض المراحل في عملية عودة اللاجئين السوريين. سيكون هناك من يعود بتأثير الموجة الأولى لما حصل، وبعد ذلك ومع تشكيل حكومة انتقالية واستعادة جو الثقة في سورية سيعود المزيد من الناس، وسوف تتسارع هذه العملية مع تطبيق تركيا لبعض السياسات التي تشجع العودة”. وتابع: “رغم ذلك ستستغرق عمليات العودة هذه بعض الوقت. وعلى الرغم من عودة معظمهم، إلا أن بعض اللاجئين السوريين قد يظلون في تركيا، بالإضافة إلى ذلك ومع عودة السوريين الذين تعلموا اللغة التركية إلى سورية، سيظهر عدد كبير من السكان الناطقين باللغة التركية في سورية، كل هذه التطورات ستعزز مكانة تركيا باعتبارها الدولة الأجنبية الأبرز في سورية”.
من جهته قال بول سالم، نائب رئيس “معهد الشرق الأوسط” ومركزه واشنطن، لوكالة رويترز، إنّ “تركيا، باعتبارها الداعم الرئيسي للمعارضين، هي الرابح الأكبر في المنطقة” من سقوط الأسد لكنّه أشار إلى أنّه في الوقت الذي تغرق فيه سورية في المجهول، فإنّ “هذا النجاح يحتم (على أنقرة) مسؤولية المشاركة في عملية انتقالية ناجحة”. أما غونول تول، مديرة برنامج تركيا في “معهد الشرق الأوسط”، فاعتبرت أن “تركيا ستتمتّع بتوازن أفضل للقوى في علاقاتها مع روسيا”، مشيرة إلى أنّ الحرب في سورية جعلت أنقرة “ضعيفة” أمام موسكو، إذ كانت تخشى حتى الأمس القريب أن يؤدّي القصف الجوي الروسي على شمال غرب سورية إلى تدفّق أعداد إضافية من اللاجئين السوريين إلى حدودها. بدوره، قال سونر كاغابتاي، الخبير في “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، إنّه بعد سقوط الأسد فإنّ “نفوذ تركيا في دمشق سيزداد على حساب إيران وروسيا”، لكنه اعتبر أن التحدّي أمام أنقرة اليوم يكمن في مساعدة هيئة تحرير الشام التي قادت الفصائل المعارضة في الهجوم الذي أدى إلى سقوط الأسد على “كسب اعتراف دولي” و”التخلّص من روسيا وإيران”. واعتبر أن “الأمر لن ينجح إذا ما تصرّفت تركيا كما لو أنها الحاكم الجديد لسورية”.
العربي الجديد
————————-
خبراء أميركيون: هذه الطريقة الوحيدة لحصول المعارضة السورية على دعم واشنطن/ محمد البديوي
10 ديسمبر 2024
حلل خبراء ومسؤولون أميركيون سابقون، الأوضاع في سورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقالت المسؤولة السابقة في الإدارة الأولى للرئيس دونالد ترامب كيرستن فونتينروز والباحثة في مركز رفيق الحريري بـ”المجلس الأطلسي” بواشنطن، إن “الطريقة الوحيدة للمعارضة السورية للحصول على مساندة الإدارة الأميركية القادمة، تقديم خطة عملية وموحدة بسرعة إلى حكومة انتقالية وانتخابات وحوكمة مستمرة”، مشيرة إلى تصريحات ترامب التي أكد خلالها أن الولايات المتحدة لا ينبغي لها أن تتورط في الصراع في سورية.
ولفتت، بحسب تقرير منشور على موقع “المجلس الأطلسي”، إلى أن “العامل المهم حول مستقبل سورية، هو كيفية استخدام المجتمع الدولي لنفوذه المكتسب حديثاً”، وقالت: “لن يتمكن أي كيان، بما في ذلك هيئة تحرير الشام، من إدارة البلاد بشكل فعال دون الاعتماد بشكل شبه كامل على المساعدات الأجنبية”، ولكن المشكلة أن “المانحين عادة يفسدون الأمور”. وأشارت إلى أن أبرز المخاطر هي أن “تصريحات هيئة تحرير الشام عن احترام الأقليات لا يجب تفسيرها على أنها علامة على الاعتدال”، داعية إلى انتظار اختبارها على أرض الواقع.
من جانبه، قال المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية، ريتش أوتزن، الباحث في برنامج تركيا في “المجلس الأطلسي”، إن إيران وروسيا “مُنيتا بخسارة دراماتيكية في سورية والمنطقة نتيجة للحروب الأخيرة في الشرق الأوسط وأوكرانيا، التي جعلت من المستحيل عليهما التدخل لإنقاذ نظام الأسد كما فعلا في 2014 و2015″، معتبراً أن تركيا هي الدولة التي “يبدو أنها كانت لديها استراتيجية رابحة في سورية، وأنها الآن لديها نفوذ لا مثيل له وتأثير في عملية الاستقرار وإعادة البناء، وتحظى برضاً لدى السوريين”، من خلال معارضتها نظام الأسد واستضافة اللاجئين ودعم المعارضة سياسياً وعسكرياً.
بدوره، أشار المدير المشارك في مبادرة “سكوكروفت” للأمن في الشرق الأوسط التابعة لـ”المجلس الأطلسي”، جوزيه بيلايو، إلى أن “سورية الجديدة يمكن أن تكون صديقة للولايات المتحدة إذا اغتنمت إدارة ترامب الفرصة”، مؤكداً أن التحول يمثل فرصة لأميركا لاستعادة نفوذها في دمشق، داعياً الإدارة المقبلة إلى أن تعطي الأولوية لمساعدة الحكومة الانتقالية في عقد انتخابات حرة ونزيهة، وتمكين السوريين من تشكيل مستقبلهم.
ولفت إلى أن العداء بين المعارضة السورية وإيران وروسيا بسبب دعمهما لنظام الأسد قد يرجح إمكانية ترحيب الإدارة السورية المستقبلية بدعم الولايات المتحدة، وقال: “يحتاج ترامب إلى إدراك القيمة في دعم انتقال منظم ومستقبل مستقر لسورية، مع تضاؤل نفوذ إيران وروسيا بشكل كبير”.
من جانبها أشارت نائبة مدير الاتصالات في مركز رفيق الحريري وبرامج الشرق الأوسط التابع لـ”المجلس الأطلسي”، سارة الزعيمي، إلى أن “رحيل نظام الأسد يمثل نهاية آخر الأنظمة القومية العربية الناصرية في المنطقة، بما يمثل نهاية أيديولوجية استبدادية كاملة”، لافتة إلى أن “الشعب السوري قادر على إيجاد حل للأزمة واستعادة السيطرة على مستقبله السياسي”.
وقالت إن “سورية الجديدة قادرة على ترتيب المنطقة، وإن المؤشرات الأولية واعدة، إذ إنه حتى الآن يحافظ المتمردون على خطاب تعددي وشامل يدعو إلى الوحدة الوطنية والانتقال السلمي للسلطة”، مشيرة إلى أن تعليمات عدم تدنيس الأضرحة ومواقع التراث الثقافي للأقليات، مثل مزار السيدة زينب مؤشر إيجابي على أن الأقليات من المرجح أن تنضم إلى الانتقال السياسي بدلاً من الانخراط في حرب أهلية أخرى”.
العربي الجديد
—————————
اغتيال عالم كيمياء بارز في دمشق وسرقة وثائق سرّية/ محمد كركص
10 ديسمبر 2024
يعتبر حمدي إسماعيل ندى من أبرز العلماء في مجاله
تتزامن عملية الاغتيال مع العدوان الإسرائيلي على سورية
معظم الوثائق السرية تمت سرقتها من الأفرع الأمنية ومراكز البحوث
كشفت مصادر أهلية في دمشق ووسائل إعلام، عن العثور على جثة عالم الكيمياء السوري البارز الدكتور حمدي إسماعيل ندى مقتولاً بظروف غامضة داخل منزله في العاصمة السورية، وذلك وسط حالة الفوضى التي أعقبت إسقاط نظام بشار الأسد.
ورغم الظروف الغامضة التي تحيط بالاغتيال إلا أنه يأتي بالتزامن مع الهجمة الجوية الإسرائيلية على مقدرات البلدات العسكرية ما أسفر عن تدميرها بمئات الغارات العنيفة. وقالت شبكة “شام” الإخبارية، إن الجريمة وقعت في ظروف غامضة، مما أثار حالة من الصدمة والحزن بين الأوساط الأكاديمية والعلمية، موضحةً أن الدكتور ندى، الذي يُعتبر من أبرز العلماء في مجاله، كانت له إسهامات كبيرة في تطوير الأبحاث الكيميائية على المستوى المحلي والدولي.
وتشهد سورية حالة من الفوضى لا سيما العاصمة دمشق، بعد إسقاط النظام وهروب بشار الأسد إلى روسيا، فيما استغل الاحتلال الإسرائيلي هذه الحالة وتوغل في الأراضي السورية بالتزامن مع حملة قصف جوي استهدفت مراكز البحوث العلمية والبنى التحتية العسكرية، مما يُرجح ضلوعها في عملية الاغتيال.
وحصل “العربي الجديد” على معلومات من مصادر خاصة في دمشق تؤكد بأن معظم الوثائق السرية سُرقت من الأفرع الأمنية وسط العاصمة ومن مراكز البحوث العملية ومن داخل القطع العسكرية المهمة في ريف دمشق، فور انهيار النظام. كما تمت سرقة وتعطيل وتخريب معظم السجلات السرية والكاميرات وتسجيلات الكاميرات داخل سجن صيدنايا على يد أشخاص مجهولين ليلة هروب الأسد من دمشق إلى قاعدة “حميميم” الجوية في ريف منطقة جبلة بريف محافظة اللاذقية، ومن ثم إلى روسيا.
وشن طيران الاحتلال الإسرائيلي، مساء الاثنين، غارات واسعة على مواقع عسكرية وبنى تحتية وقواعد جوية في عدة مدن ومناطق في سورية. واستهدفت الغارات لأول مرة مناطق كان يسيطر عليها النظام السوري في القامشلي أقصى شمال شرق البلاد. كما طاول القصف منطقة شنشار جنوبي حمص. وتعرض مطار الشعيرات بريف حمص لغارات مماثلة، فيما شن جيش الاحتلال غارات للمرة الثالثة على معسكرات في منين بريف دمشق. واستهدف قصف عنيف قطعاً بحرية سورية في ميناء اللاذقية على الساحل السوري، وسط دوي انفجارات ضخمة جداً في المنطقة.
العربي الجديد
—————————–
نجوم سوريا يغردون في حب الوطن: جومانة مراد فرحة وباسم ياخور حزين وسخرية من تكويع الفنانين الموالين
10 كانون الأول 2024
يحرص عدد كبير من النجوم السوريين على التعبير عن مدى حبهم لوطنهم سوريا عبر صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي بتغريدات أو تعليقات كلها فرحة وسعادة، بعد سقوط الديكتاتور.
النجمة جومانة مراد عبرت عن عشقها لوطنها قائلة: سوريا ستزهر مرة أخرى، والشعب السوري واحد، ولا للطائفية جميعنا أبناء هذا الوطن.
بينما عبر النجم باسم ياخور، الذي يعد من مناصري النظام البائد قائلا: «ذهبت سورية ولن تعود ولن أعود لها أبدا».
ودهش السوريون بالمواقف الجديدة التي بدأ يعلن عنها الفنانون السوريون الذين كانوا مؤيدين للأسد، من إعلان تأييدهم للثورة بعد سقوط نظامه. وكتب العديد من هؤلاء الفنانين يباركون لسوريا الجديدة وللوطن الذي يولد من جديد، وسط دهشة السوريين الذين طالما وصفهم هؤلاء بالإرهابيين، وأنكروا عليهم ثورتهم وحقهم في التغيير.
وعبر الكثيرون عن ذهولهم من حجم التلون الذي اتسم بها انقلاب موقف الفنانين، وعلى الأخص الممثل أيمن زيدان، الذي كان من أبرز فناني الفساد الأمني، وتحدي مشاعر الناس التي قتل أبناؤها وشردت من بيوتها وذاقوا ويلات التعذيب في معتقلات الأسد التي رأى السوريون صور وحشيتها في الأيام الأخيرة وهم يحررون مئات آلاف المعتقلين.
وكتب زيدان «أقولها بالفم الملآن كم كنت واهمًا ربما كنا أسرى لثقافة الخوف أو ربما خشينا من التغيير لأننا كنا نتصور أن ذلك سيقود إلى الدم والفوضى».
وأضاف: «لكن ها نحن ندخل مرحلة جديدة برجال أدهشنا نبلهم في نشر ثقافة التسامح والرغبة في إعادة لحمة الشعب السوري شكرا لأنني أحس انني شيعت ُ خوفي وأوهامي.. بشجاعة أعتذر مما كنت أراه وأفكر فيه».
ولم تكن الممثلة سوزان نجم الدين بأقل من أيمن زيدان، وهي التي اشتهرت بدعمها الشديد لنظام بشار الأسد، لدرجة رفضها لتبرئة الفنانة أصالة نصري من خيانتها لوطنها، وانسحابها من حوار في برنامج تليفزيوني، لمجرد طرح المذيع عليها سؤال فقط، إذا كان بشار الأسد قد قتل شعبه أم لا. واستخدمت سوزان نجم الدين، خاصية «الستوري»، وكتبت: «سوريا ستزهر مرة أخرى».
ونسب للفنان دريد لحام الذي عبر مرارا وتكرارا عن نفاقه السافر وممالئته لبشار الأسد، قوله: «عندما كنت أقول للأسد الهارب أحبك وأعشقك كنت أقصد في داخلي: أبغضك وأكرهك»!
أما أيمن رضا فحاول استخدام الإيفيه الكوميدي، ونشر صورة له أمام نواعير حماة على صفحته على الفيسبوك مرفقة بعبارة: «مبروك سورية: حدا بيعرف وين هرب سمير»؟
أما الممثل قصي الخولي، الذي كان من أشرس المدافعين عن ظلم وإجرام الأسد وسبق في برنامج «الحكم»، التي تقدمه الإعلامية وفاء الكيلاني، عبر شاشة قناة «أم بي سي»، أن ظهر في الشهر الماضي، ليقول: «أنا مع سوريا المؤسسات، أنا مع سوريا القوية المتماسكة، أنا مع الجيش العربي السوري، أنا مع الانتخابات الرئاسية التي أجريت مؤخراً وجاءت بالدكتور بشار الأسد رئيساً للبلاد».
استخدم خاصية الستوري، وكتب: «الشعب السوري واحد لا للطائفية جميعنا أبناء هذا الوطن، جمال سوريا بتنوعها المذهبي والطائفي، والعرقي، علوي، سني، درزي، مسـيحي، أرمني».
القدس العربي
——————————–
بيدرسون: الترتيبات الانتقالية في سورية يجب أن تكون شاملة
10 ديسمبر 2024
قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية غير بيدرسون، اليوم الثلاثاء، إن الترتيبات الانتقالية في سورية عقب إطاحة رئيس النظام المخلوع بشار الأسد، لا بد أن تكون شاملة قدر الإمكان، لتضم فصائل من بينها هيئة تحرير الشام، التي تصنفها الأمم المتحدة جماعة إرهابية.
وذكر خلال إفادة صحافية في مقر الأمم المتحدة في جنيف، أن “تسع سنوات مرت الآن على اعتماد هذا القرار (إعلان هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية)، والحقيقة حتى الآن أن هيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة الأخرى ترسل رسائل جيدة إلى الشعب السوري… عن الوحدة والشمول”. وحذر بيدرسون من الدعوات إلى البدء بإعادة العديد من اللاجئين الذين فروا من سورية خلال الصراع الذي استمر 13 عاماً، مؤكداً أن الوضع لا يزال “غير مستقر”، مع استمرار الصراع في شمال شرق البلاد والتوغل الإسرائيلي.
وأضاف: “من المهم للغاية ألا نرى أي إجراء من أي جهة دولية يدمر إمكانية حدوث هذا التحول في سورية”، في إشارة إلى التحركات الإسرائيلية لتوسيع المنطقة العازلة في البلاد. وقدّم بيدرسون مساء أمس الاثنين، إحاطة عن بعد أمام الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، الذي عقد اجتماعاً مغلقاً في نيويورك، لمناقشة آخر التطورات في سورية.
وأبدى بيدرسون الأحد، “أملاً حذراً” بعد سيطرة الفصائل المعارضة على دمشق، قائلاً إنها “لحظة فاصلة” أنهت حكم عائلة الأسد الذي امتد على أكثر من خمسة عقود. وقال في بيان: “يمثل اليوم لحظة فاصلة في تاريخ سورية، وهي الأمة التي تحمّلت ما يقرب من 14 عاماً من المعاناة المستمرة والخسارة التي لا توصف”، معرباً عن “تضامنه مع كل من تحملوا وطأة الموت والدمار والاعتقال وانتهاكات حقوق الإنسان التي لا تعد ولا تحصى”.
سوريون يحتفلون بسقوط نظام الأسد في إربيل، 8 ديسمبر 2024 (صفين حامد/فرانس برس)
وحض بيدرسون “جميع السوريين على إعطاء الأولوية للحوار، والوحدة، واحترام القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، في سعيهم لإعادة بناء مجتمعهم”. وأوضح أنه من أجل الوصول إلى ذلك، يجب “تحقيق الرغبة الواضحة التي عبّر عنها ملايين السوريين في وضع ترتيبات انتقالية مستقرة وشاملة، واستمرار المؤسسات السورية في العمل”.
وتسيطر “هيئة تحرير الشام” على مدينة إدلب السورية والمناطق المحيطة بها منذ عدة سنوات، وتحاول أن تنأى بنفسها عن الحركات المتطرفة، بعدما أعلنت في عام 2016 فكّ أي ارتباط لها بتنظيم “القاعدة” الإرهابي. ويخشى العديد من أعضاء الأقليات الدينية الكبيرة في سورية أن يصبحوا مواطنين من الدرجة الثانية أو يواجهوا الاضطهاد تحت حكم “هيئة تحرير الشام”، التي تصنفها الولايات المتحدة وقوى عالمية أخرى جماعة إرهابية. لكن برزت في الساعات الأخيرة مؤشرات أميركية بريطانية ألمانية لرفع الهيئة عن لائحة الإرهاب، فيما التقى وفد من قوات المعارضة السورية، أمس الاثنين، شيوخ العشائر في منطقة القرداحة، مسقط رأس الأسد، وحصل على دعمهم، في خطوة وصفها سكان بأنها علامة مشجعة على التسامح من جانب حكام البلاد الجدد.
————————-
خريطة المصالح الاقتصادية الإقليمية في سورية تتغير: تقدم تركي وانحسار إيراني/ عدنان عبد الرزاق
10 ديسمبر 2024
يبدو أن تركيا ستكون الفائز الأكبر اقتصادياً من تغير الأوضاع في سورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، إذ ستستفيد من استئناف العلاقات التجارية الكاملة، كما يمكن لقطاع المقاولات فيها الحصول على حصة كبيرة من فاتورة إعادة الإعمار المتوقع أن تصل إلى مئات مليارات الدولارات، فضلا عن شبكة العلاقات في مختلف القطاعات الإنتاجية والتجارية والخدمية التي ستتسع مع عودة الكثير من اللاجئين إلى بلدهم. بينما يتوقع في المقابل أن تنحسر المصالح الاقتصادية الإيرانية وربما تغادر في ظل تبدل الوضع.
أحد الآمال الكبيرة للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وحزبه، العدالة والتنمية، هو أن يسمح سقوط الأسد للكثير من اللاجئين السوريين البالغ عددهم حوالي 3 ملايين لاجئ في تركيا بالعودة إلى بلدهم، إذ قال وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، الأسبوع الماضي، بعد سيطرة المعارضة السورية على حلب، إن 1.3 مليون سوري في تركيا ينحدرون من تلك المدينة وأن الكثيرين “لم يتمكنوا من احتواء حماستهم” للعودة.
وستستفيد تركيا، التي تعاني بالفعل من ارتفاع التضخم والركود، من استئناف العلاقات التجارية الكاملة على طول الحدود السورية التركية التي يبلغ طولها 900 كيلومتر. ويمكن لقطاع البناء التركي، أن يستفيد من فاتورة إعادة إعمار سورية المتوقع أن تصل إلى مئات مليارات الدولارات.
ويُقدر وزير الاقتصاد في ما يعرف بالحكومة السورية المؤقتة (المعارضة في شمال غربي سورية)، عبد الحكيم المصري، حجم التبادل التجاري بين تركيا وما كانت توصف بالمناطق المحررة في شمال سورية قبل هروب بشار الأسد وسيطرة المعارضة على كامل سورية بين 5.5 و6 مليارات دولار. ويلفت المصري في تصريح لـ”العربي الجديد”، إلى أن إعادة إعمار كامل سورية “أمر طويل ومكلف”، مقدرا التكاليف وفق تقارير دولية ودراسات بنحو 450 مليار دولار.
مئات مليارات الدولارت لإعادة الإعمار
تتفاوت التقديرات بين مسؤولين أممين وروس حول كلفة إعادة الإعمار. في العام 2018، قدر مسؤول أممي حاجة سورية إلى 300 مليار دولار لإعادة الإعمار. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2021، أشار المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتييف إلى تقديرات بقيمة 800 مليار دولار كلفة لإعادة الإعمار.
صورة ملف الأسواق السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد (العربي الجديد)
اقتصاد عربي
أسواق سورية تترقب الاستقرار عقب سقوط النظام
وكانت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية قد قدّرت الكلفة بـ900 مليار دولار. وفي السياق، قال مسؤول تنفيذي في إحدى أكبر شركات البناء في تركيا لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، أمس الأول الأحد: “إذا تم تحقيق السلام، فهذه فرصة كبيرة”. كما أشار عمر أوزكيزيلجيك، الباحث المشارك في المجلس الأطلسي في أنقرة، وهي مؤسسة بحثية، إلى أنه “بعد السوريين، تركيا هي الفائز الأكبر هنا”.
وبينما ينظر البعض إلى أن مكاسب إعادة الإعمار قد تستغرق وقتاَ حتى تستقر الأوضاع، إذ لا تزال ملامح الفترة المقبلة غامضة، فإن هناك مكاسب أخرى سريعة تجارية وخدمية ستجد طريقها إلى مساحات كبيرة من سورية وأسواقها في الوقت القريب، فضلا عن الانتعاش المتوقع مع عودة الكثير من اللاجئين الذين يسيطر عليهم الحنين إلى الوطن، ومنهم أصحاب رؤوس أموال ولهم شبكة علاقات مع قطاعات تجارية وخدمية تركية.
ويرى العامل في قطاع الخدمات عدنان حسن أن العمل في سورية سيكون مغرياً وله عوائد وأرباح خلال الفترة المقبلة، خاصة بالنسبة لقطاعات محددة، كالعقارات والخدمات والتعليم وحتى الرياضة، وأي استثمار بهذه القطاعات، الأرجح أن يكون مضمون الربح وبنسب كبيرة جداً، لأن سورية، وبعد نحو 14 سنة من التهديم، باتت عطشى للتنمية والنمو وتفتقر إلى المؤسسات والشركات والاستثمارات.
ويلفت حسن، العامل في شطر إسطنبول الآسيوي، إلى أن العمل والاستثمار ببقية القطاعات لا يعني أنه خاسر، بل أيضا مضمون الربح، ولكن قد تكون دورة المال فيه أبطأ أو يحتاج لرساميل كبيرة، فعندما نتكلم عن المنشآت الدوائية نلاحظ أن سورية بحاجة ماسة إليها ومثلها الصناعات الغذائية ومستلزمات البناء بواقع زيادة الطلب وتوقع زيادة السكان، وذلك وصولاً إلى الصناعات والاستثمارات التي قيّد نظام الأسد توطينها، سواء في القطاع المالي أو الصناعات المعدنية، متوقعاً أن إغراء العودة والمناخ الملائم داخل سورية هذه الفترة سيشجع عودة السوريين وأصحاب المشاريع والأموال.
يؤكد العامل في قطاع العقارات مدير المبيعات في شركة “امتلاك” أحمد ناعس، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “التفكير والمزاج العام” لمعظم الرساميل السورية وأصحاب الشركات ينصبان على العودة وفتح فروع للشركات داخل سورية، نظراً للمناخ الجاذب الذي يتشكل تباعاً، وربما “الجميع ينتظرون تشكيل الحكومة ووضوح التشريعات والقوانين”.
وهكذا بالنسبة لرجل الأعمال علي الجاسم المتخصص في الصناعات الغذائية، الذي أبدى استعداداً للعودة إلى الداخل السوري وتوطين منشأة، نظراً للسوق الواسع. ورغم ترقبه مثل الكثيرين توفر قوانين واضحة وإجراءات جذب رؤوس الأموال، إلا أنه يضع في اعتباره عوامل أخرى مؤثرة في الجدوى الاقتصادية مثل القدرة الشرائية المتراجعة، لكنه رأى أن “عودة الأموال والسوريين، ستحسن الوضع المالي والمعيشي للسكان وتفعّل الأسواق والأعمال على الأرجح”.
وفي قطاع الصناعات الغذائية، يشير المستثمر السوري محمد سويد إلى جهوزيته للعودة إلى مدينة حلب مع الاحتفاظ بوجود نشاطه في تركيا، قائلا: “العودة لا تعني أنني سأغلق عملي في تركيا”، مضيفا أن “العمل في سورية رابح وضروري بالنسبة لأهلنا هناك، كما يمكن التشبيك بين تركيا وسورية لزيادة التبادل والصادرات”.
بدأت تركيا، التي تشتغل منذ عامين على العودة الطوعية للاجئين السوريين، تسهيل العودة بعد سقوط نظام الأسد، سواء لمن يحمل بطاقة الحماية المؤقتة، أو حتى المخالفين الذين لا يملكون وثائق، بحسب ما نقلت مصادر إعلامية عن دائرة الهجرة، أمس، قائلة إن “العودة متاحة للأشخاص والعائلات الذين يملكون كيملك، أو وثيقة مؤقتة أو بطاقة حماية متوقفة”.
وطلبت رئيسة بلدية غازي عنتاب فاطمة شاهين تقديم التسهيلات لتعزيز العودة الآمنة والطوعية للاجئين السوريين، مؤكدة أهمية تهيئة الظروف اللازمة لهذه العملية بالتزامن مع فتح طريق حلب، وقالت خلال مشاركتها في بث مباشر على قناة “Ekol TV” التركية، أمس، إن القناعة العامة لدى الحكومة التركية هي ضرورة تحقيق العودة الطوعية والآمنة. وأضافت أن فتح طريق حلب يمثل خطوة محورية في هذا الاتجاه، ويجب تشجيع الناس على العودة إلى وطنهم مع توفير الظروف المناسبة “ونحن بصفتنا إدارات محلية، نعمل على توفير البنية التحتية واللوجستيات لدعم العودة الطوعية ونجاحها”.
علاقات تجارية تركية مع العائدين
بدوره، يري الخبير الاقتصادي التركي أوزجان أويصال أن الفرصة سانحة اليوم لعودة الإخوة السوريين “وتشبيك أعمال وعلاقات مع تركيا”، فالإقامة لعشر سنوات مكنت كثيرين منهم من إقامة علاقات وإنشاء أعمال، وهو ما يزيد فرص تمثيل الشركات التركية بسورية أو زيادة الصادرات.
يقول أويصال إن السوريين “أحدثوا تغييراً في ذهنية العمل في تركيا”، خاصة من خلال الصناعات الغذائية والخدمات، الأمر الذي يزيد الأمل بسرعة تعافي الاقتصاد السوري ونشاط الأسواق، خاصة إذا كانت عودة اللاجئين ورجال الأعمال من دول الجوار والدول الأوروبية.
ويشير تقرير جمعية رجال الأعمال والصناعيين العرب في تركيا إلى أن حجم استثمارات السوريين في تركيا من عام 2010 وحتى 2023 بلغت عشرة مليارات دولار، هذه الاستثمارات لعبت دوراً كبيراً في تنشيط الصادرات التركية.
مقاتلون يؤمنون البنك المركزي السوري، دمشق في8 ديسمبر2024 (فرانس برس)
كما تشير البيانات إلى أن مجموع مشروعات السوريين وصلت إلى نحو 13800 مشروع وشركة، تمثل 30% من مجموع الشركات المملوكة للأجانب، وأوجدت فرص عمل ووظفت أكثر من 500 ألف شخص. وتنوع نشاط وإنتاج هذه المشروعات في مجموعة من القطاعات، وأهمها المنسوجات، البلاستيك، السجاد، الأحذية، السياحة، الزراعة، والثروة الحيوانية. وأشار التقرير إلى أن 59% من السوريين بتركيا تمت تسميتهم ضمن فئة الحرفيين، وهي العنصر الأساس في سوق العمل.
وبحسب تقرير لمركز حرمون للدراسات ومقره إسطنبول، فإن استثمارات السوريين في تركيا تتركز بشكل كبير في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مثل المطاعم والمحلات التجارية والخدمات، ويراوح رأسمال هذه الاستثمارات بين 100 ألف دولار وشركات برأسمال يزيد على مليون دولار، بالإضافة إلى شركات قابضة برؤوس أموال تبلغ عدة ملايين من الدولارات. وتتباين تقديرات حجم هذه الاستثمارات بشكل كبير، حيث تشير تصريحات المستثمرين في غازي عنتاب إلى أن حجم الاستثمارات يراوح بين مليار وخمسة مليارات دولار، في حين يقدر البعض الاستثمارات السورية في تركيا بأكثر من عشرة مليارات دولار.
ويلفت الخبير الاقتصادي عبد الناصر الجاسم إلى أن قطاعات اقتصادية وخدمية قلما تؤخذ بالحسبان خلال دراسة أثر عودة اللاجئين والأعمال إلى سورية، فمثلاً قطاع الصياغة وصناعة وبيع الذهب، وهو من “المناجم المالية” التي قد تحدث فارقاً بالسوق السورية، خاصة بعد هجرة معظم تجار الذهب والمجوهرات إلى تركيا وغيرها في المنطقة وأوروبا. ويقدر الجاسم عدد أصحاب محال وورش صياغة الذهب العائدة للسوريين، وفق بحث أجري منذ سنوات، بنحو 100 صائغ وورشة، موزعون على عدد من الولايات التركية الكبرى، لكن أهمها في غازي عنتاب التي جذبت 53 صائغاً إضافة إلى إسطنبول وولايات أخرى.
القطاعات المالية ضمن الأنشطة المستفيدة
ومن القطاعات التي نبه إليها الاقتصادي السوري خلال حديثه مع “العربي الجديد”، قطاع الخدمات المالية والصيرفة والتحويلات، وهذا أيضاً قطاع يمكن أن ينشط السوق ويجذب الأموال، خاصة بواقع هجرة أكثر من عشرة ملايين سوري توزعوا حول العالم ويحولون لذويهم أكثر من خمسة ملايين دولار يومياً.
بدوره، يقول المحلل الاقتصادي السوري أسامة قاضي لـ”العربي الجديد”، إن عودة الرساميل المهاجرة والعمالة السورية من الخارج من أهم ما يعوّل عليه في البناء والنمو واتساع الاقتصاد السوري، متوقعاً عودة معظم الرساميل السورية المهاجرة، بل وجذب رؤوس أموال جديدة، سورية وعربية ودولية، لأن السوق السورية ستكون جاذبة ومغرية لرجال الأعمال.
وحول أكثر المناطق السورية التي يمكن أن تقصدها الرساميل ورجال الأعمال، يرى أنها ستذهب إلى المناطق ذات الكثافة السكانية بالنسبة للمنتجات الاستهلاكية وأعمال أخرى تستهدف مستوى المعيشة والقدرة على الإنفاق، فضلا عن إعادة البناء في المناطق التي طاولها التهديم. ويضيف أن الانتعاش وتحريك الاقتصاد، سينتقل أينما توطنت المشاريع داخل سورية، لافتاً إلى انتعاش قطاع النقل والخدمات والعبور، خاصة مع الجانب التركي.
ترقب إيراني شديد وانحسار متوقع للمصالح
وفي مقابل الاستفادة المتوقع أن تجنيها القطاعات الاقتصادية التركية من التطورات الحاصلة في سورية، يرى محللون أن إيران باتت ضعيفة. ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، أمس، عن رئيس هيئة التفاوض السورية بدر جاموس، قوله: “نرى تغييراً هائلاً في المنطقة.. أصبحت تركيا أقوى، وأصبحت روسيا أضعف، وأصبحت إيران ضعيفة.. لكن السوريين هم الذين سيلعبون دوراً كبيراً الآن، وليس كما كانوا من قبل، وسيتعين على الجميع الاستماع إلى صوتنا وقراراتنا”.
وتبدو إيران شديدة الترقب لما ستؤول إليه الأمور. وقال مسؤول إيراني كبير لوكالة رويترز، أمس الاثنين، إن طهران فتحت قناة مباشرة للتواصل مع فصائل في القيادة الجديدة في سورية بعد الإطاحة بحليفها رئيس النظام بشار الأسد. وأضاف المسؤول أن هذا يمثل محاولة “لمنع مسار عدائي” بين البلدين.
وبخلاف القلق السياسي، فإن المصالح الاقتصادية الإيرانية باتت مهددة بالتوقف تماماً والخروج من البلاد. ويشير وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المعارضة عبد الحكيم المصري إلى تجميد عمل شركة تأمين ومصرف إيرانيين بعد الإعلان عن افتتاحهما قبل أشهر، إضافة إلى عدم العمل بمعظم الاتفاقات السابقة، خاصة المتعلقة باستثمار الفوسفات وشركة الخليوي ومشروع السيارات المشترك. واقتصرت استثمارات إيران قبل هروب الأسد على بعض الأنشطة، مثل الكهرباء والعقارات والزراعة، كما أن التبادل التجاري غير النفطي لم يتجاوز 244 مليون دولار عام 2022 قبل أن يتراجع العام الماضي وهذا العام، بعد برودة العلاقات.
ويضيف المصري أن إيران تحاول اليوم فتح علاقات مع المعارضة، كما صرح مسؤولوها، كي لا تخسر وجودها في سورية واستثماراتها التي تقدر بعشرات مليارات الدولارات، والأهم ديونها على نظام الأسد المقدرة بنحو 50 مليار دولار، جلها دعم مباشر ليبقى على الكرسي وثمن أسلحة ونفط ومواد أخرى.
————————
“المدن” في دمشق: اليوم انتصار وغدا يوم اخر للعمل
الثلاثاء 2024/12/10
هذه دمشق في اليوم الثالث على سقوط نظام بشار الأسد، وهنا ساحة الأمويين التي تحولت إلى محج للفرحيين بعودة سوريا حرة بعد طول انتظار. هنا، كل المتسع للنصر، ولتاريخ كتب نهاية عهد الطغاة، مبشراً بسوريا أرادها أبناؤها حرة عصية على الانكسار. وهذه دمشق التي لم يتأخر فريق “المدن” وعلى رأسه رئيس التحرير منير الربيع، ونقيب المصوريين الصحفيين علي علوش، عن زيارتها والقيام بجولة في شوارعها والوقوف على فرحة الشعب السوري مباشرة، ومشاركتهم أفراحهم كما شاركناهم الأتراح من استبداد النظام السوري على مدى سنوات طوال في لبنان.
جولة “المدن” في دمشق
ولليوم الثالث على التوالي، لا يزال السوريون من جميع المحافظات يتوافدون إلى دمشق وشوارعها للاحتفال واعادة إحياء هتافات الثورة السورية. ورصدت كاميرا “المدن” تجمهر المئات من السوريين في الساحات الرئيسية في دمشق وساحة الأمويين.
سجن صيدنايا
كما شملت جولة “المدن” سجن صيدنايا، الشاهد على إجرام النظام السوري. مشاهد مؤلمة تدمي القلوب لانعدام الإنسانية في زمن الحريات. مشاهد كفيلة بأن تجعلنا نرسم في مخيلتنا ألف رواية عن قصص موحشة عاشها أبرياء دُفنوا وهم على قيد الحياة. وفي الخارج صادفنا رجلاً يمسك بيده مشنقة تحولت لحمراء بدماء الأبرياء، هي المشنقة التي اُستخدمت في السجن لقتل المواطنين الذين دفعوا بدمائهم ثمن حرية سوريا اليوم.
فرحة عارمة
ورصدت كاميرا “المدن” الاحتفالات في الشوارع السورية، حيث هلل المجتمعون فرحاً بالاغاني والدبكات والهتافات “واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد”، وهم يحملون اعلام الثورة السورية. وعبر عدد منهم عن فرحتهم بـ”عودة سوريا حرة”، فيما شوهد بعض الشبان وهم يقومون بتنظيف الشوارع، وقال أحد الشباب “هذه بلدنا.. إذا نحنا ما نضفناها مين بده يعمرها”، ودعت احدى الشابات لأن يكون الشعب السوري “يد واحدة”، وقالت اخرى “صرلنا سنين ناطرين هيدي اللحظة”.
واللافت أنّ الآليات العسكرية التابعة للجيش السوري تحولت إلى “ألعاب للأطفال”، وفرحة هؤلاء الأطفال هي فرحة جميع السوريين اليوم بعد سقوط الأسد.
——————–
مشاهد خاصة للتلفزيون الإسرائيلي من محيط دمشق!
الثلاثاء 2024/12/10
بث التلفزيون الإسرائيلي الرسمي “مكان”، الناطق باللغة العربية، مقطع فيديو يتضمن مشاهد وصفها بالـ”خاصة”، تظهر لحظة تسليم مئات من جنود وضباط النظام السوري أنفسهم لإدارة العمليات العسكرية لفصائل المعارضة السورية في منطقة ريف دمشق.
وبناء على لهجة المتحدث في الفيديو، الذي ظهر صوته من دون صورته، فإنه يبدو سورياً تطوع لتصوير المشاهد للتلفزيون الإسرائيلي. وقال مصوّر الفيديو: “خاص لتلفزيون مكان-منطقة ريف دمشق: فرار المئات من عساكر النظام السوري وتسليم أنفسهم لإدارة العمليات العسكرية على طريق حمص- دمشق بعد سقوط طاغية الشام بشار الأسد”.
والحال أن التلفزيون العبري أراد بهذا الفيديو أن يبعث برسالة مفادها أنه حاضر في المشهد السوري، ويواكب تطوراته من مسافة صفر، من دون الحاجة إلى المخاطرة بإرسال مراسليه إلى سوريا بالضرورة، ولا إرسال معدات تصوير إلى هناك، لأن “هناك متطوعين سوريين يؤدون المهمة المراسل الصحافي على طريقتهم، وعبر هواتفهم المحمولة”. وهي الرسالة ذاتها يبعثها التلفزيون الإسرائيلي الرسمي الناطق باللغة العبرية أيضاً “كان”، الذي يواظب منذ أكثر من أسبوع، على استضافة سوريين من الداخل، ومن طوائف ومرجعيات وآيدولوجيات متعددة، عبر الإنترنت.
وشهدت السنوات الأخيرة حالات عديدة لتطوع أشخاص في دول عربية لا تربطها علاقات تطبيع رسمية مع إسرائيل، لالتقاط صور خاصة لتلفزيونات عبرية، بما في ذلك لبنان، حيث تبرعت شخصيات لبنانية مجهولة، لتوثيق مشاهد من شوارع بيروت، وغيرها، لبثها حصراً على شاشات التلفزيون العبرية.
ولطالما رفع النظام السوري شعار معاداة إسرائيل منذ عقود، واتهمه المعارضون عموماً بأنه يدّعي دعم الشعب الفلسطيني فقط، فيما خلت البلاد من أي نقاش حول طبيعة العلاقة مع إسرائيل أصلاً، مع نشر خطاب التخوين تجاه من يتحدث عن هذا الشأن بوصفه “حساساً” و”أمنياً”، إضافة إلى اضطلاع النظام الأسدي بمجازر في حق الفلسطينيين في سوريا ولبنان. لكن في السنوات الأخيرة ظهر أشخاص سوريون في إسرائيل وعبر وسائل إعلامها، فيما يطالب آخرون اليوم بموقف واضح من تل أبيب، من طرف قوات المعارضة، خصوصاً وسط هجمات إسرائيلية على البلاد خلال اليومين الماضيين.
وطبّعت إسرائيل علاقاتها مع عدد من الدول العربية منذ تسعينيات القرن الماضي، بما في ذلك اتفاقية أوسلو للسلام مع الفلسطينيين، ثم اتفاقات ابراهام التي هندسها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، مع دول جديدة.
المدن
—————————-
إسرائيل تتابع تدمير قواعد الجيش السوري..وتنفي التوغل نحو دمشق
الثلاثاء 2024/12/10
قالت 3 مصادر أمنية لوكالة “رويترز”، اليوم الثلاثاء، إن توغلاً عسكرياً إسرائيلياً في سوريا، “وصل إلى نحو 25 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من العاصمة دمشق”، فيما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن إسرائيل شنت “300 غارة” على الأراضي السورية منذ سقوط نظام بشار الأسد.
وأوضح المصدر أن القوات الإسرائيلية “وصلت إلى منطقة قطنا التي تقع على مسافة 10 كيلومترات داخل الأراضي السورية إلى الشرق من المنطقة منزوعة السلاح”، التي تفصل هضبة الجولان عن سوريا.
في المقابل، نفى الجيش الإسرائيلي التقارير التي تتحدث عن تقدم دباباته في اتجاه العاصمة السورية دمشق، مؤكداً أنها “موجودة فقط في المنطقة العازلة بمرتفعات الجولان”. وشدد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، على منصة “إكس”، على عدم صحة تلك التقارير، وقال: “قوات الدفاع موجودة داخل المنطقة العازلة، وفي نقاط دفاعية قريبة من الحدود بهدف حماية الحدود الإسرائيلية”، وفق تعبيره.
أهم المواقع العسكرية
وصباح الثلاثاء، سُمع دوي انفجارات عنيفة في دمشق، حيث شنّ الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات على العاصمة السورية.
ووثق المرصد السوري لحقوق الانسان، “أكثر من 300 غارة إسرائيلية” على الأراضي السورية منذ سقوط الأسد، لافتاً إلى أنها “دمّرت أهم المواقع العسكرية” في البلد. وأوضح أن هذه الغارات “شملت معظم المحافظات السورية، وطالت مطارات ومستودعات وأسراب طائرات ورادارات ومحطات إشارة عسكرية ومستودعات أسلحة وذخيرة ومراكز أبحاث علمية وأنظمة دفاعات جوية، فضلاً عن منشأة دفاع جوي وسفن حربية في ميناء اللاذقية الواقع في شمال غرب البلاد”.
وأورد المرصد لائحة مفصّلة بالأهداف العسكرية التي طالتها الغارات الإسرائيلية، مشيراً إلى أن ضرب هذه المواقع “يأتي في إطار تدمير ما تبقى من السلاح ضمن مستودعات وقطع عسكرية كانت تسيطر عليها قوات النظام السابق”.
وعقب إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، “انهيار” اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا، توغلت القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة بالأراضي السورية، بأوامر منه، وسط انتقادات من الأمم المتحدة.
تدمير سلاح الجو
وتدرك إسرائيل، وفق صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم الثلاثاء، أنها أمام “فرصة تاريخية وفريدة من نوعها لتدمير السلاح الأخير المهم المتبقي ضدها.
ووفقاً لتقديرات مختلفة من وكالات الاستخبارات الغربية، أشارت إليها الصحيفة، فإنه بين الأهداف التي هوجمت، قواعد سلاح الجو، بما في ذلك أسراب كاملة من طائرات “ميغ” و”سوخوي”، دُمِّرَت، مضيفة أن آخر مرة دمّرت فيها إسرائيل سلاح جو كاملاً لدولة “عدو”، كان سلاح الجو المصري في حرب 1967.
ووفقاً لتقديرات مختلفة، تقول الصحيفة العبرية، من المحتمل تدمير سلاح الجو السوري كاملاً في غضون أيام، بحيث لن تبقى لدى فصائل المعارضة التي وصفتها بـ”المتمردين”، قدرات لاستخدام المنصات الجوية، التي كانت في كل الأحوال أدنى من سلاح الجو الإسرائيلي.
إدانات عربية وأممية
وأعربت دول عربية، الاثنين، في بيانات رسمية صادرة عن السعودية وقطر والكويت والأردن والعراق وجامعة الدول العربية، عن رفضها استيلاء الاحتلال الإسرائيلي على المنطقة العازلة مع سوريا.
من جهتها، أفادت الأمم المتحدة على لسان المتحدث باسمها ستيفان دوجاريك الإثنين، بأن القوة الأممية المكلفة بمراقبة فض الاشتباك (يوندوف) المبرم بين إسرائيل وسوريا، “أبلغت نظراءها الإسرائيليين أن هذه الأفعال تشكل انتهاكاً لاتفاق 1974 حول فض الاشتباك”، موضحاً أن القوات الاسرائيلية التي دخلت المنطقة العازلة لا تزال تنتشر في ثلاثة أماكن.
كما شدد على أنه “يجب ألا تكون هناك قوات أو أنشطة عسكرية في منطقة الفصل. وعلى إسرائيل وسوريا الاستمرار في تنفيذ بنود اتفاق 1974 والحفاظ على استقرار الجولان”.
وفي رسالة وجهها الإثنين إلى مجلس الأمن الدولي، جدد السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون التأكيد على أن الإجراءات التي اتخذتها الدولة العبرية في المنطقة العازلة هي “محدودة ومؤقتة”، مشدداً على أن القوات الإسرائيلية ستواصل “العمل بالقدر اللازم لحماية دولة إسرائيل ومواطنيها في ظل الاحترام الكامل للقانون الدولي”.
المدن
————————-
منشورات غامضة تُشعل النقاش حول عائلة الأسد وحاشيتها
الثلاثاء 2024/12/10
أثارت منشورات نُسبت إلى حسابات قيل أنها لأفراد من عائلة الأسد في مواقع التواصل الاجتماعي، ضجة كبيرة في أوساط السوريين، أبرزها كان من حساب باسم “منال الأسد”، يُزعم أنه يعود لمنال جدعان، زوجة ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.
والحساب، الذي كان متابعاً من حوالي 12 ألف شخص في “إنستغرام”، نشر صورة علم الثورة السورية مع تعليق: “رغم أنف بائع العائلة والوطن، عاشت سوريا حرة أبية”، ما أثار موجة صدمة واسعة النطاق، لأن عائلة الأسد ككل اعتبرت دائماً رمزاً للحكم المستبد في سوريا. وحتى الآن، لم تتوافر معلومات مؤكدة تُثبت أن الحساب تابع لمنال جدعان أو أن المنشورات تعكس موقفاً رسمياً من داخل العائلة، فيما قال ناشطون أن الحساب مزور على الأغلب، على غرار حسابات عديدة لمنال الأسد في السنوات الماضية.
وأتى توقيت المنشورات في وقت حساس بعد سقوط النظام السوري، حيث انتشرت تساؤلات عن مصير الشخصيات المقربة من بشار الأسد، مثل ماهر الأسد شقيق الرئيس المخلوع و قائد الفرقة الرابعة، الذي كان ذراع النظام العسكرية الأقوى والقائم بأشنع المهام الميدانية خلال الحرب، والمُتهم بتورطه في مشاريع تجارية غير قانونية مثل تهريب الكبتاغون. إضافة إلى علي مملوك، رئيس مكتب الأمن الوطني، الذي أشرف على إدارة العمليات الأمنية والتنسيق مع حلفاء النظام، ووزير الدفاع علي محمود عباس، المسؤول عن إدارة العمليات العسكرية خلال السنوات الأخيرة من الصراع، ورئيس شعبة الأمن العسكري كفاح ملحم، الذي يُعرف بكونه أحد أبرز رموز الأجهزة الأمنية التي دعمت النظام، ورئيس شعبة المخابرات العامة قحطان خليل، الذي كان له دور رئيسي في العمليات الاستخباراتية. وسهيل الحسن الملقب بالـ”النمر”، وهو قائد عسكري بارز، عُرف بقيادته لمعارك حاسمة مثل استعادة مدينة حلب ومتهم بارتكاب جرائم حرب.
وفي ما يتعلق بمصير هذه الشخصيات، ذكرت الصحافية السورية زينة أرحيم عبر منشور في “فايسبوك” أن لديها معلومات من مصدر موثوق حول أماكن وجود بعض المسؤولين الكبار المرتبطين بمؤسسات النظام الأمنية، مثل علي مملوك وكفاح ملحم الذين أصبحا الآن في دولة الإمارات.
والمنشور المنسوب لمنال جدعان، سواء كان صحيحاً أم لا، جزء من سياق أوسع باتت تطلق عليه تسمية “التكويع”، حيث قام مشاهير وشخصيات عامة ممن كانوا يدورون في فلك نظام الأسد طوال العقد الماضي، بتغيير صورهم الشخصية إلى اللون الأخضر أو رفع علم الثورة، ما أثار سخرية واسعة من تغير الولاءات السياسية المفاجئة لتتماشى مع الواقع الجديد.
أحد أبرز التعليقات الساخرة على هذه الظاهرة جاء من مجموعة في “فايسبوك” تُدعى “المكوعون”، التي تنشر محتوى ساخراً حول الشخصيات التي كانت تدعم النظام ثم غيرت مواقفها فور سقوطه، مثل أحمد رافع وسوزان نجم الدين وأمل عرفة وعبد المنعم عمايري ومراسلة التلفزيون السوري كنانة علوش التي كانت تلتقط الصور مع جثث المدنيين الذي يقتلهم الجيش الأسدي، وباتت اليوم تتغني بالحرية والديموقراطية.
وحول فكرة التكويع والموالاة العمياء، قال الممثل والكاتب السوري المعارض منذ العام 2011 إياد أبو الشامات في “فايسبوك” أن الموالي سيبقى موالياً للأبد، وأن المعارض سيبقى معارضاً للأبد، في إشارة لطبيعة علاقة الأفراد مع السلطة مهما كانت هويتها.
ومع سقوط نظام الأسد، تزايدت الأسئلة حول مصير أفراد العائلة وحلفائهم المقربين. ويُتوقع أن يختفي العديد منهم عن المشهد العام، سواء بالفرار إلى الخارج خوفاً من الملاحقات القانونية، أو بإعادة تموضعهم سياسياً. وبين التصديق والتشكيك، تبقى التساؤلات حول مصداقية هذه التحولات قائمة، وسط مخاوف شعبية من أن تكون مجرد محاولة لتجنب المحاسبة أو ضمان النجاة في المشهد السياسي السوري الجديد.
—————————
بعد باريس وبرلين..حسن ومحمود مطلوبان لواشنطن بتهمة جرائم حرب
الثلاثاء 2024/12/10
أصدرت وزارة العدل الأميركية أوامر باعتقال اثنين من كبار المسؤولين الأمنيين لدى نظام الأسد المخلوع، بتهم ارتكاب جرائم حرب.
جرائم حرب
وقالت الوزارة في بيان، إن ممثلي الادعاء حدّدوا بأن الضابطين السابقين في المخابرات الجوية في عهد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، جميل حسن (72 عاماً) وعبد السلام محمود (65 عاماً)، مسؤولان ومتورطان بممارسة معاملة قاسية وغير إنسانية أثناء الحرب السورية مع معتقلين مدنيين، ضمنهم مواطنون أميركيون.
وأضافت الوزارة أنها أصدرت أوامر اعتقال بحق حسن ومحمود اللذين مازالا طليقين، ولم يتسنَ الوصول إليهما على الفور، موضحة بأنهما شاركا “في مؤامرة لارتكاب جرائم حرب من خلال ممارسة معاملة قاسية وغير إنسانية مع المعتقلين الخاضعين لسيطرتهم، بما في ذلك مواطنون أميركيون، في مرافق الاحتجاز في مطار المزة العسكري، بالقرب من دمشق”.
وقال وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند إن الضابطين “جلدا وركلا وصعقا بالكهرباء وأحرقا ضحاياهم، وقاما بتعليقهم من معاصمهم لفترات طويلة من الزمن؛ فضلاً عن تهديدهم بالاغتصاب والقتل؛ وإخبارهم زوراً أن أفراد أسرهم قُتلوا”. ولفت الوزير الأميركي إلى أن ممارسات كل من محمود وحسن تمتد منذ العام 2012، وحتى العام 2019.
باريس وواشنطن وبرلين
وتنضم الولايات المتحدة إلى فرنسا، لجهة إصدار أوامر باعتقال الضابطين السابقين في فرع المخابرات الجوية، سيء الصيت، والذي قضى فيه مئات السوريين تحت التعذيب الجسدي، وظروف الاعتقال اللاإنسانية، بينهم ناشطون بارزون في الثورة السورية، كالناشط غياث مطر.
وفي أيار/مايو الماضي، حكمت محكمة الجنايات في باريس، بالسجن مدى الحياة على حسن ومحمود، ورئيس مكتب الأمن الوطني السابق في عهد الأسد المخلوع علي مملوك، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وكانت المحكمة الفرنسية قد أصدرت الحكم بناء على الدعوة المرفوعة ضدهم عن قضية اختفاء المواطنين الفرنسيين-السوريين مازن وباتريك دباغ. وكان الرجلان قد اعتُقلا في دمشق في العام 2013، ونُقلا إلى مطار المزة الذي تديره أجهزة المخابرات الجوية، والذي يوصف بأنّه أحد أسوأ مراكز التعذيب التابعة للنظام، وذلك قبل أن تعلن عائلتهما وفاتهما في آب/أغسطس 2018.
كذلك، فإن حسن مطلوب للسلطات الحكومية الألمانية، بناء على مذكرة اعتقال دولية أصدرها المدعي الفدرالي الألماني بحقه. وكانت برلين قد طالبت لبنان بتسليم حسن للقضاء الألماني، بعد زياراته المتكررة للعلاج في بيروت، حسب صحيفة “ديرشبيغل الألمانية”. وكان الأسد المخلوع قد أقال حسن، وعين غسان جودت إسماعيل بدلاً عنه لإدارة المخابرات الجوية، في تموز/يوليو 2019، بسبب سوء وضعه الصحي. وينسب للحسن فكرة صناعة البراميل المتفجرة، كما نقل عنه قوله إنه “مستعد لقتل مليون إنسان وبعدها خدوني على محكمة الجنايات” من أجل الدفاع عن بشار الأسد المخلوع، بعد اندلاع الثورة السورية ضده في 2011.
وأعلنت الفصائل المعارضة صباح الأحد، إسقاط النظام السوري، بعد أكثر من 60 عاماً عاشتها سوريا تحت حكم عائلة الأسد وحزب “البعث”، فيما فر رئيسه بشار الأسد إلى روسيا، حيث منحته الأخيرة حق اللجوء مع عائلته.
——————————
مغني “يلا إرحل يا بشار”…عودة أسطورة القاشوش/ محمد كساح
الثلاثاء 2024/12/10
لسنوات كان “القاشوش” الذي غنى بصوته أهازيج الثورة السورية في سنواتهاالأولى، أسطورة حية/ حتى عند إعلان جيش النظام السوري قتله بصورة وحشية تضمنت اقتلاع حنجرته ورمي جثته في نهر العاصي. واليوم عادت تلك الأسطورة للظهور، مع تحرير مدينة حماة قبل أيام من سقوط نظام الأسد كلياً، مع انباء عن أن صاحب الصوت الذي عرفه السوريون، حي يرزق.
ويبدو أن الشخص الذي قتله نظام الأسد بوحشية العام 2012 لم يكن الشخص نفسه الذي كان يؤدي أشهر أغنيات الثورة بل تم قتل شخص آخر، فيما بقي عبد الرحمن فرهود أو رحماني، المؤدي الحقيقي على قيد الحياة، ما فاجأ العديد من رواد التواصل الاجتماعي عشية سقوط حماة بيد الفصائل الثورية، رغم أن الحكاية قديمة نسبياً.
وفي تسجيل قصير ظهر فرهود في منصة “إكس” مغنياً لحماة التي يبدو أنه غادرها بعد انتشار خبر مقتل القاشوش نحو مصر وغنى في مظاهرات عديدة، لينتهي به المطاف في أوروبا، ما أثار ردود أفعال واسعة بين التصديق والإنكار، حيث عقد ناشطون مقارنات بين صوت فرهود الحالي وصوت “القاشوش” القديم.
#حماة pic.twitter.com/0MvnaYpvAk
— عبدالرحمن فرهود (@rahmanifarhood) December 5, 2024
وفي صفحة فرهود، أبدى معلقون ذهولهم من أن “بلبل الثورة” مازال حياً، بينما طالب بعضهم فرهود بأغنية حول سقوط الأسد مؤكدين أنهم ينتظرونه مجدداً في ساحة العاصي، فيما ألمح معلقون إلى أنهم سبق والتقوا بالمنشد في تركيا في السنوات الأولى للثورة، وشكك آخرون بالقول أن هنالك محاولة لإعادة اختلاق الأسطورة.
وبحسب المعلومات المتداولة، وقع ناشطون سوريون طوال سنوات في خطأ لم يستطيعوا تصحيحه بشان شخصية القاشوش، توازى مع خطأ آخر يتمثل في تداول صورة شخص آخر يدعى أحمد شريقي على أنه إبراهيم القاشوش، وهو منشد حموي غنى للثورة ثم غادرها بعد ذلك. وقال ناشطون أن انتشار صورة شريقي ساهمت في حماية فرهود من عيون النظام الذي كان يبحث عن صاحب الصورة بوصفه المنشد الشهير الذي غنى يالله ارحل يا بشار.
View this post on Instagram
A post shared by أرشيف الثورة السورية (@syrian_revolution_archive)
وسبق أن حاول بعض المدونين إظهار القصة الحقيقية لأسطورة القاشوش لرد الاعتبار لفرهود الذي يعتبر المؤدي الحقيقي للأهازيج الشهيرة، بينما نفوا علاقة الشخص الذي قتل باسم إبراهيم القاشوش بأي من هذه الأناشيد ذائعة الصيت.
القصة الحقيقية لأسطورة القاشوش نشرتها مجلة “جي كيو” البريطانية العام 2016، حيث فند تحقيق المجلة مزاعم أن يكون مغني الثورة السورية هو إبراهيم القاشوش الشاب الذي تم قتله واقتلاع حنجرته في حماة منتصف العام 2011.
وأشارت المجلة إلى أن المغني الحقيقي يدعى عبد الرحمن فرهود الذي قيل أنه كتب بعض القصائد على ورق لحملها في المظاهرات الليلية وغنائها، وكان أولها “يلا ارحل يا بشار” واستمر ذلك منذ نهاية شهر شباط /فبراير إلى تموز/يوليو 2011.
وأشار فرهود للمجلة إلى أنه شاهد في ذلك الشهر أنباء في التلفزيون تتحدث عن مقتله وعرضت أغانيه، فشعر بالخوف وخلال ربع ساعة انتشر الخبر على جميع القنوات العالمية، ليقرر الهرب ومغادرة البلاد. ووجهت المجلة سؤالاً لفرهود :”إذن من هو إبراهيم القاشوش؟” وأجاب على ذلك بالقول أنه “غير معروف بتاتاً، ولا أحد يعرف قصته”.
وحتى بعد مضي 13 عاماً على مقتله المزعوم، تبقى قصة إبراهيم القاشوش مثيرة للجدل حيث شكك ناشطون سوريون في قصة المجلة البريطانية طوال سنوات، مكررين اعتقادهم بأن من قُتل هو المغني الحقيقي وأن فرهود أو رحماني هو مجرد كاتب للأغنيات يحاول الاستفادة من الأسطورة وإعادة تعويمها.
المدن
————————-
الناجون من سجون الأسد… أموات على قيد الحياة/ أحمد حاج بكري
على الرغم من نيل معتقلين سوريين حريتهم إلا أنهم لا يعتبرون أنفسم ناجين، إذ يترك التعذيب آثاراً على عقولهم وأجسادهم لا يمحوها الزمن، كما تظل تداعيات اضطراب ما بعد الصدمة ترافقهم حتى أن بعضهم انتحر.
– يحرص طبيب التجميل السوري أحمد السعيد على الابتعاد عن أي تفاصيل من شأنها أن تذكره بالفترة التي نكل به خلالها في معتقلات النظام التي أمضى فيها عامين، بداية من عام 2016، بتهمة “العمل مع الإرهابيين”، وانتقل خلالها بين 4 سجون، ثلاثة منها أمنية وواحد مدني.
ولم يعد الشاب الأربعيني المقيم في تركيا حاليا قادرا على رؤية البطاطا المسلوقة التي كانت الوجبة اليومية التي يعيش عليها السجناء، كما أنه لا يحتمل الظلام الدامس الذي يذكره بزنزانة العزل الانفرادي في فرع المخابرات الجوية بحلب والتي كان يُحشر فيها لأيام وأحيانا لأسابيع، لا يتحدث مع أحد ولا يسمع سوى صراخ آخرين بينما يعذبون، وهي حالة كانت “تدفعه إلى الجنون وطلب الموت في كل لحظة”.
وتعكس حالة السعيد آثار “التعذيب المستمر في سجون النظام السوري وما يخلفه من معاناة دائمة، وتبعات جسدية ونفسية على من نجوا من محنة الاعتقال لكنها ترافقهم طوال حياتهم، حتى بعد ما أصبحوا جزءا من السوريين المشردين داخل بلادهم أو فروا منها نهائيا طلبا للسلامة”، بحسب ما يوثقه تقرير لمنظمة العفو الدولية بعنوان: إنه يحطم إنسانيتك – التعذيب والمرض والموت في سجون سورية، الصادر في أغسطس/ آب 2016.
تحقيق سورية 1
اضطراب ما بعد الصدمة
يتتبع تحقيق “العربي الجديد” تداعيات الآثار النفسية التي يعجز الناجون من سجون النظام عن تجاوزها لشدة ما مروا به من ضروب المعاملة اللاإنسانية والمهينة كما يصفها 5 معتقلين سابقين يوثق التحقيق معاناتهم، وهؤلاء تنسحب “الأهوال التي مروا بها” على 135.253 شخصا ما زالوا معتقلين أو محتجزين أو مختفين قسريا لدى النظام السوري منذ مارس/ آذار عام 2011 وحتى مارس 2023، بحسب ما جاء في التقرير السنوي للشبكة السورية لحقوق الإنسان (غير حكومية)، الصادر في 15 مارس 2023.
“انظر لجسدي كي تفهم ما أقول”، لم يتردد السعدي في رفع ملابسه أثناء سرد تجربته لمعد التحقيق بصوت مرتجف، إذ لا يوجد موضع شبر إلا وتغطيه آثار جروح عميقة وطويلة، لأن عناصر النظام استخدموا سكاكين لتجريحه ثم يبدأون بضربه عليها أو جلده كما يروي: “كان السجانون يمزقون ظهري بالسكاكين ويشتمونني ثم يقولون: ألست طبيب تجميل؟ لنرى كيف ستخفي ما رسمناه لك على ظهرك، هذه ذكرى سترافقك ما بقيت على قيد الحياة”، وبالفعل يرتجف السعدي كلما شاهد جسده وتذكر ما مر به.
وهذه الحالة، كما يفسرها الطبيب النفسي السوري محمد الدندل، والذي يدير مركزا للعلاج النفسي في مدينة إسطنبول بتركيا، تعرف باضطراب ما بعد الصدمة، وهي حالة صحية يستثيرها حدث أو ذكرى مخيفة شهدها الشخص، إذ يسترجع الأحداث والخوف والقلق والتفكير الذي لا يمكن السيطرة عليه كلما مر بباله ما يذكره بالحدث الذي تسبب له بالألم والعذاب، وهذا يترتب عليه تكرار الكوابيس وكذلك الانفعالات الحادة والتوتر الكبير، لذلك نجد الأشخاص الذين يمرون بهذا الاضطراب يتجنَّبون أيَّ شيء يذكِّرهم بالحدث أو حتى يهربون من الحديث عنه، مؤكدا أن النظام السوري يتعمّد ترك أثر جسدي أو نفسي على معتقليه لكي لا ينسوا ما عاشوه في السجون، إذ يتبع نهجا مدروسا في تعذيب معتقَليه، لذلك فإنهم جميعا بحاجة لدعم نفسي بعد خروجهم من المعتقل، حتى يمكنهم استعادة حياتهم.
ويعتمد حجم الأثر النفسي على عوامل عديدة قد تختلف من شخص لآخر وتحكمها ظروف مثل الرعاية التي يحظى بها الشخص بعد خروجه، والدعم الذي يتلقاه، ومكان وجوده، على سبيل المثال من يبقى في سورية يشعر بالرعب بشكل أكبر ممن يغادر البلاد، بسبب خوفه من اعتقاله ثانية، وعدم وجود دعم مجتمعي له، أما من يغادر البلاد فتبقى فرصته أفضل بالعلاج ويمكنه التوجه إلى الطبيب والبوح بما عاشه داخل المعتقل دون خوف من اعتقاله مجددا لأنه تكلم، كما يقول محمد الشريف، العضو في منظمة محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان، التي تعمل على جمع وحفظ شهادات الناجين من السجون في سورية وتوثيقها، مؤكدا من خلال الحالات التي ترصدها المنظمة من المفرج عنهم أن النظام يعمل وفق منهج متخصص في التعذيب النفسي لأنه لا يترك أثرا مرئيا وأمده أطول، والهدف منه تدمير شخصية وحياة المعتقل من كل الجوانب.
تحقيق عبد الكريم – معدل
تدمير نفسي يقود إلى الانتحار
أنهى العشريني حسن كمال (اسم مستعار حفاظا على خصوصية وأمان عائلته) حياته شنقا في منزل أسرته بمحافظة اللاذقية، غرب البلاد، في 30 يوليو/ تموز 2023، بسبب مشاعر القلق والرعب التي ترافقه منذ خروجه من فرع أمن الدولة التابع لإدارة المخابرات العامة عام 2016، بعد قضاء 6 أعوام لقي فيها شتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي بتهمة “مساعدة الإرهابيين” دون أن يحال إلى المحاكمة، كما يروي إبراهيم، ابن عمه المقيم في تركيا، لـ”العربي الجديد”، والذي اكتفى بذكر اسمه الأول خوفا على حياة أسرته الموجودة في سورية.
“كانت والدة حسن وشقيقته في انتظاره عند الإفراج عنه، وحاولوا بكل جهد خلال الأعوام الماضية مساعدته على تجاوز ما مر به مبكرا، إذ كان يبلغ عمره وقت اعتقاله 18 عاما فقط، لكن الأسرة فشلت وأنهى حياته”، بحسب إبراهيم، مبينا أنه بعد خروجه من السجن كان لا يغادر المنزل إلا نادرا، في ظل معاناته النفسية، وبقى مرعوبا طوال الوقت ويعتقد أن الأمن سيعاود اعتقاله في حال خرج، ويقول إبراهيم: “حسن قال لأسرته إن سجّانه هدده في حال خرج إلى المدينة وألقي القبض عليه مجددا فلن يطلقوا سراحه في المرة القادمة، وما زاد من رعبه أن والده توفي تحت التعذيب داخل المعتقل في فرع الأمن العسكري عام 2016 بحسب المعلومات التي تملكها الأسرة، ولا يريد لنفسه مصيرا مماثلا، لذلك كان يريد الهرب، ويطلب من إبراهيم بشكل دائم مساعدته ليسافر إلى تركيا، لكن لم يكن الأمر بهذه السهولة، خاصة أن وضعه الجسدي والنفسي لم يساعده، وكان أي صوت مرتفع في الحي أو أصوات المركبات الثقيلة كفيلة بتحويل البيت إلى مكان يسوده الرعب بسبب ردة فعله، إذ كان يركض ويحتمي بشقيقته، أو حتى يدخل لغرفته ويغلق الباب على نفسه لوقت طويل، يضيف إبراهيم: “وهذا ما فعله عندما أنهى حياته، دخل إلى غرفته وخرج منها إلى التابوت”.
ويؤكد الشريف أن فكرة الانتحار تراود نسبة كبيرة من الناجين من الاعتقال، وتتشكل لديهم حتى قبل الإفراج عنهم ومن الممكن أن تصاحبهم بعد الخروج في حال واجهوا ظروفا صعبة، وإن وجدوا المساعدة سوف يقل التفكير بالانتحار، لكن تبقى الخطورة قائمة حتى بعد مرور زمن طويل من خروجهم، مشيرا إلى أنه خلال عمله مع المنظمة قابل 800 معتقل أغلبهم كان لديه هدف إنهاء حياته داخل المعتقل.
ويكشف تقرير لمنظمة محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان بعنوان: “كنت أموت ألف مرة كل يوم” – الاستعباد الجنسي داخل المعتقلات السورية، نشر في يونيو/ حزيران 2022، كيف يتبع النظام كل الوسائل لتدمير مستقبل المعتقلين في حال خروجهم من السجن، ومن ضمن تلك الطرق العبودية الجنسية التي يمكن لتداعياتها النفسية أن تكون مدمرة للناجين/ والناجيات، بما في ذلك استخدامهم كممتلكات وتعرضهم بشكل متكرر للعنف الجنسي وغيره من أشكال التعذيب والمعاملة المهينة، والسيطرة المطلقة من قبل السجانين على أجسادهم واستقلاليتهم. ويبين التقرير أن آثار هذه الجريمة على الناجين والناجيات في غاية الخطورة وتشمل لوم الذات ووصمة العار وتخلي الأسرة والمجتمع عنهم، ما يدفعهم إلى إلحاق الأذى بالنفس والتفكير بالانتحار والإقدام عليه فعلا.
المعتقلون يتجنبون الحديث
يتجنب المعتقلون الذين تعرضوا لتعذيب شديد الحديث عما عاشوه من ألم داخل المعتقل بعد خروجهم، وهو ما يجمع عليه 10 ناجين قابلهم معد التحقيق، ومن بينهم محمود الحسين (اسم مستعار لمعتقل سابق)، والذي أفرج عنه عام 2014 بعد اعتقاله لمدة عام ونصف في فرع فلسطين بدمشق، وهو أحد السجون سيئة السمعة التي تديرها المخابرات السورية، لكنه تعرض لتعذيب عنيف وتم إخصاؤه في السجن، ما دفعه إلى العزلة والتهرب من الحديث مع الأسرة عن تفاصيل ما عاشه، وفق رواية شقيقه سالم الحسين، والذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه الحقيقي لتجنب الاعتقال وإيذاء أسرته، كاشفا أن شقيقه “كان يترك أي جلسة نتحدث بها عن ظروفه بالحبس، وكذلك عند الاقتراب من موضوع الزواج أو الارتباط يبدأ توتره بالتصاعد تدريجيا ويستشيط غضبا، وفي لحظة بوح أليمة أخبرني بما حدث معه، طالبا مني عدم إخبار أحد”.
ويلجأ الناجون من سجون الأسد إلى الصمت والعزلة وعدم التحدث عن ظروفهم، نتيجة شعورهم بأن محيطهم لا يمكن أن يقدم لهم ما يساعدهم إلا نظرات الشفقة التي قد تشعرهم بالنقص وتزيد معاناتهم، بحسب توضيح الدندل، مبينا أن تذكّرهم للتعذيب الذي تعرضوا له قد يشعرهم بالألم نفسه أو بألم شبيه بما كانوا يعيشونه خلال فترة تعذيبهم، “كما لو تذكر أحد ما رائحة ويقول كأني أشمها الآن”، هذا تحديداً ما قد يشعر به المعتقل المفرج عنه لدى استرجاع شريط ما مر به في السجن، حتى أن كلمات أو جملاً تبقى موجودة في عقولهم لأنها كانت تتكرر على مسامعهم، مثل المفردات التي يرددها السجانون وعند سماعها تنقلهم إلى زنزانة المعتقل والأصوات التي كانوا يسمعونها، لذلك يتجه الكثيرون منهم إلى العزلة في محاولة لنسيان ما مروا به.
العربي الجديد
——————————–
سجن صيدنايا… قصص مروعة يرويها المحررون والأهالي/ هاديا المنصور
09 ديسمبر 2024
تمكنت فصائل المعارضة السورية بعد ساعات قليلة من إسقاط النظام وإعلان هروب بشار الأسد، من فتح أبواب كثير من زنازين سجن صيدنايا، وإخراج مئات المعتقلين، لكن معظمهم لم يصدق سقوط خبر النظام.
في أحد مقاطع الفيديو المنتشرة للمعتقلين السوريين الذين أفرج عنهم من سجن صيدنايا الرهيب عقب سقوط النظام، يظهر شاب في العقد الثالث من العمر، نحيلاً مذهولاً، لا يستطيع الإجابة عن الأسئلة الخاصة باسمه أو مدينته أو قريته. ليعلق أحد السوريين: “نجا بجسده، وفقد عقله”.
كانت الفرحة مختلطة بالصدمة على وجوه غالبية المعتقلين المحررين، لكنهم سرعان ما انطلقوا إلى خارج أسوار السجن، لتغص بهم شوارع مدينة صيدنايا، والتي غصت بالكثير من ذوي المعتقلين على أمل العثور على أبنائهم بين المحررين.
توجه السوري ليث دغيم من إدلب إلى صيدنايا، عله يجد والده المعتقل منذ عام 2012 بين المحررين من السجن، بحث كثيراً في وجوه الخارجين من دون نتيجة، ثم بات ليلته قرب السجن مع انتشار أخبار حول وجود زنازين سرية تحت الأرض، لا يعرف مداخلها سوى السجانين، وبدأت أعمال الحفر في السجن من قبل الأهالي ومقاتلي المعارضة، قبل أن يرسل الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء” فرقاً مختصة لإجراء عمليات الحفر والبحث، تضم فريقاً لفتح الأبواب الحديدية، وفريق كلاب مدربة، وفريق إسعاف.
وقال الدفاع المدني السوري في بيان، ظهر الاثنين، إن فرقه الخمسة التي وصلت إلى سجن صيدنايا لم تعثر بعد على أي أبواب سرية، مضيفاً: “الفرق تعمل بأدوات الخرق والبحث والمجسات الصوتية، وتضم كلاباً مدربة، ويرافقنا في البحث أشخاص يعرفون تفاصيل السجن، إضافة إلى اعتمادنا على إرشادات من أناس تم التواصل معهم من قبل الأهالي، يعرفون مداخل السجن والأقبية السرية. نعمل بكل طاقاتنا، لكن لا دلائل تؤكد وجود معتقلين ضمن أقبية أو سراديب السجن، وسنستمر في البحث حتى التأكد من جميع أقسامه”.
بعد 24 ساعة قضاها في المكان، قرر ليث الدغيم العودة إلى إدلب، وبدأ يفقد الأمل بالعثور على والده، ويقول لـ”العربي الجديد”: “جئت إلى صيدنايا بأمل ضعيف، فالمعلومات عن وجود والده في السجن كانت غير مؤكدة. منذ عام 2016، انقطعت أخبار والدي، والذي كان في سجن المخابرات الجوية بالمزة (غرب دمشق)، وجاءتنا معلومات بأنه تم نقله في عام 2018 إلى سجن صيدنايا، لكن لم نتأكد من المعلومة”.
وأودع معظم المعتقلين في سجن صيدنايا من دون محاكمة، وبعضهم جنائيون، وكان العثور عليهم بمثابة ولادة جديدة، وعودة من موت محقق.
خرج محمود الفايز من السجن الرهيب الذي أمضى فيه نحو 4 سنوات منذ اعتقاله أثناء عودته من لبنان على إحدى حواجز النظام في دمشق، ويصف سجن صيدنايا بأنه “مسلخ بشري” بكل ما تعنيه الكلمة، وتحدث عن تعرضه لتعذيب وحشي يومي. يقول: “كانوا يضربوننا بالسياط والأسلاك الكهربائية على الظهر والرأس حتى نفقد الوعي، ثم يقومون بصب الماء البارد علينا ليواصلوا التعذيب. كنت أسمع صراخ الآخرين في غرف التعذيب المجاورة، وكنا نجبر على مشاهدة زملائنا وهم يُؤخذون إلى تنفيذ حكم الإعدام. كانت هناك إعدامات يومية، ينادون باسم سجناء محددين ليخرجوا، ثم لا يعودون أبداً،”.
يضيف الفايز، الذي ينحدر من جبل الزاوية بريف إدلب، في شهادته لـ”العربي الجديد”: “رأيت أطفالاً في الزنازين لا تتجاوز أعمارهم 10 أو 12 سنة، وكانوا يُضربون بقسوة مثل البالغين، ويعاملون بوحشية لا تُصدق، وأصوات بكائهم تدمي القلوب، لكن لم نكن نستطيع أن نحرك ساكناً، وكنا نأكل قطعة صغيرة من الخبز مع الماء، وتنتشر الأمراض بيننا من دون أي علاج، وكنت أرى زملائي يموتون بسبب التعذيب أو المرض في الزنازين المليئة بالقذارة”.
ارتكب النظام جرائم تعذيب وقتل ممنهجة في سجن صيدنايا
يقول المعتقل المحرر معن الصيادي لـ”العربي الجديد”: “كانت الزنازين مكتظة، وينام بعضنا فوق بعض، ولم يكن هناك أي تهوية، ورائحة العفن والعرق والدماء تخنق الأنفاس، وبعض المساجين فقدوا عقولهم، وآخرين ماتوا نتيجة التعذيب”. يتابع الصيادي، وهو من مدينة معرة النعمان بريف إدلب: “في أحد الأيام، أخذوا أكثر من 50 شخصاً من زنزانتنا، ولم يعودوا، ولاحقاً عرفنا أنهم أعدموا. كان الموت يلاحقنا ليلاً ونهاراً، والمحظوظ هو من يمر عليه يوم بلا تعذيب نفسي أو جسدي. لم نكن نتخيل أن ينتهي هذا الكابوس، أو أننا سنخرج أحياء”.
يضيف: “كنت أبكي في الزنزانة لساعات، وأصعب ما مررت به لم يكن التعذيب أو الجوع، بل رؤية زملائي يستسلمون للموت. بعض السجناء كانوا يرفضون الطعام لأنهم ببساطة اختاروا الموت. هذا السجن لا يقتل الجسد فقط، بل الروح أيضاً. لم نكن نشعر أننا بشر، وكانوا ينادوننا بالأرقام من دون أسماء، فكل شيء في السجن يهدف إلى سلب إنسانيتنا. كان السجانون يتعاملون معنا بوحشية، وأكثر ما كان يوجع القلب هو رؤية أطفال معتقلين بينما لا يدركون حقيقة ما يحدث، ويسألون لماذا نحن هنا؟ لماذا يعاملوننا هكذا؟ رأيت طفلاً يطلب من السجان كوب ماء، فضربه السجان بعنف حتى أغمي عليه. الوقت في صيدنايا لم يكن يمر، وكانت الدقائق تبدو كساعات، والأيام كأعوام. كنا نعيش في ظلام دامس، وكأننا دفنا أحياء، وكان كل همنا أن نحافظ على عقولنا”.
من جانبه، يؤكد الطبيب النفسي عمار بيطار، أن قابلية الإصابة بالمرض النفسي تتوفر عند كل الناس، لكنها تتضاعف داخل المعتقلات نظراً إلى الظروف التي يعيشها المعتقلون، وأن الاعتقال والتعذيب يمثلان أحد أكثر التجارب قسوة على الإنسان، ويتركان ندوباً نفسية عميقة قد تستمر طويلاً بعد الإفراج عن المعتقل. ويوضح لـ”العربي الجديد”: “كثير من الأشخاص لديهم استعداد وراثي للإصابة بأمراض مثل الفصام أو الاكتئاب، وفي السجون يعيش الشخص في أوضاع صعبة يمكنها أن تفاقم الأعراض النفسية، وكل هذا تفسره بعض تصرفات المعتقلين الذين يخرجون وعلى وجوههم حالات من الذهول والصدمة، وعدم القدرة على الكلام، أو يبدون تصرفات غير مبررة، وهناك من يدخل في حالة الصمت الاختياري، والتي يجدها وسيلة دفاع عن النفس”.
يضيف بيطار:”الكثير من المعتقلين المفرج عنهم يظهر عليهم أعراض ما يسمى (الكرب الحاد)، وهؤلاء ليس لديهم مرونة نفسية، ويمكن أن يتطور لديهم الأمر خلال فترة قصيرة إلى (كرب ما بعد الصدمة)، وهو مرض له أعراض منها اجترار الذاكرة، وهذا العرض يمكن أن يتعرض له لمريض بينما هو مستيقظ، لا سيما عندما يكون بمفرده، أو على شكل كوابيس خلال النوم”.
ويشدد على أن “التأثير النفسي للتعذيب يتطلب استجابة شاملة تتعدى العلاجات النفسية التقليدية. الناجون الذين يعانون من اضطرابات كرب ما بعد الصدمة يحتاجون إلى مراكز متخصصة تقدم العلاج النفسي والاجتماعي، إضافة إلى برامج إعادة التأهيل الجسدي. لا يكمن التحدي في إخراج المعتقلين من أقبية السجون، بل يمتد إلى إنقاذهم من الآثار النفسية المدمرة التي تتركها تلك التجربة، والمجتمعات تتحمل مسؤولية توفير بيئة داعمة تُساعد الناجين على إعادة بناء حياتهم، واستعادة الشعور بالأمان والكرامة”.
وكان “سجن صيدنايا” محط انتقادات حقوقية على امتداد سنوات الثورة السورية، وحتى من قبلها، بسبب كثرة الانتهاكات التي ارتكبها النظام بحق الآلاف من الشبان والنساء داخله، وتشير تقارير حقوقية سابقة، إلى أن عدد من قضوا داخل السجن يقترب من 30 ألف معتقل.
وكشفت “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا” في تقرير صدر في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، بعنوان “الهيكلية الإدارية لسجن صيدنايا وعلاقاته التنظيمية”، تفاصيل تستند إلى معلومات جمعتها من معتقلين سابقين ومنشقين عن النظام السوري؛ تشمل البنية الإدارية والتنظيمية في السجن، وتسلسل القيادة والأوامر فيه، وذلك بداية من مرحلة دخول المعتقل إلى السجن الواقع في محافظة ريف دمشق (جنوب غرب).
وكشف التقرير عن ارتكاب عمليات تعذيب وقتل واسعة وممنهجة للمعتقلين في سجن صيدنايا، وكلها ترقى إلى جرائم إبادة وجرائم ضدّ الإنسانية. كما وصف مخطط السجن وهيكله الإداري بالتفصيل، وعلاقته ببقيّة أجهزة النظام السوري ومؤسساته الأمنية، وكيف جرى تحصينه عمداً لصدّ الهجمات الخارجية المحتملة، وقمع المعتقلين داخله.
ولا توجد بعد أرقام دقيقة حول أعداد المعتقلين الذين كانوا في سجن صيدنايا لحظة اقتحامه من قبل مقاتلي المعارضة، لكن “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”، تؤكد أن “جميع المعتقلين الذين كانوا في السجن خرجوا بحلول الساعة الحادية عشرة من صباح الأحد 8 ديسمبر/ كانون الأول”، ونفت وجود سجون سرية أو زنازين تحت الأرض، محذرة الأهالي الذين يبحثون عن أبنائهم من الاقتراب من بعض المواقع التي ذكرتها داخل السجن، لا سيما محيط السجنين الأحمر والأبيض، لوجود ألغام في الطرقات الترابية.
وفي تقرير نشر في بدايات عام 2017، وثقت منظمة “العفو الدولية” إعدامات جماعية نفذها النظام السوري بطرق مختلفة بحق المعتقلين في سجن صيدنايا. وقال التقرير الذي حمل عنوان “المسلخ البشري”، إن “إعدامات جماعية نفذها النظام السوري بحق 13 ألف معتقل، أغلبيتهم من المدنيين المعارضين بين عامي 2011 و2015. إنه المكان الذي تذبح فيه الدولة السورية شعبها بهدوء”.
يشار إلى أن آلاف السوريين احتشدوا الإثنين أمام سجن صيدنايا، بانتظار معرفة مصير أقارب لهم معتقلين. وفي الطريق المؤدي الى السجن، اصطف طابور من السيارات امتد على طول نحو سبعة كيلومترات، ما دفع المئات إلى المتابعة سيراً على الأقدام. ومع استمرار منظمات إنسانية في القيام بعمليات بحث داخل السجن، بقي كثر منهم حتى وقت متأخر ينتظرون معرفة معلومات عن أقارب لهم.
العربي الجديد
———————–
“تكويعات” رجالات الأسد.. شبيحة السبت ثوار الأحد/ محمد الشيخ
الثلاثاء 2024/12/10
درج بين السوريين خلال الساعات التي أعقبت الإطاحة بنظام بشار الأسد، مصطلح “التكّويع”. وهو وصف أطلقوه على رجالات الرئيس المخلوع بشار الأسد، والذين سرعان ما بدّلوا جلدهم، وتحولوا إلى ثائرين، وحمامات سلامة تدعو للحمة الوطنية في “سوريا الجديدة”، وهم الذين كانوا الألسن السليطة التي دافعت عن الأسد وردّدت روايته، بل أن بعضهم كان يدعوا صراحة لقتل السوريين.
الجعفري طال انتظاره!
ويأتي على رأس هؤلاء “المكوّعين”، السفير السوري السابق في روسيا، والسفير السابق في الأمم المتحد، بشار الجعفري. ونقل موقع روسيا اليوم” عن الجعفري قوله إن “سوريا اليوم أصبحت لكل أبنائها السوريين”، داعياً إياهم للمشاركة في نقل البلاد لمرحلة الانتماء الحقيقي “بعد طول انتظار”.
وأضاف أن منظومة الفساد في سوريا، في إشارة لنظام الأسد المخلوع، عانى منها السوريون “الوطنيون”، وعاثت خراباً في البلاد وباعت مقدراتها ودمرت مؤسساتها، ودفعت بالشعب السوري لسلوك النزوح واللجوء نحو المجهول.
وأشار إلى انهيار تلك المنظومة خلال الأيام، “يشهد على عدم شعبية هذه المنظومة وعدم وجود حاضنة مؤيدة لها في المجتمع وفي صفوف الجيش والقوات المسلحة”. واعتبر أن فرار الأسد “بهذا الشكل البائس والمهين تحت جنح الظلام وبعيداً عن الاحساس بالمسؤولية الوطنية، يؤكد صوابية التغيير والأمل بفجر جديد وإعادة إعمار الإنسان والحجر”. كما وصف الأسد، إشارة وليس صراحة، بـ”التاجر وهاوي التضليل وكذاب محترف”.
واتهم الجعفري، الأسد الفار ونظامه، “ببيع كرامات الناس على مدى عقود، ساهموا خلالها الشعب أنواع الظلم كافة وكل أنماط العسف والجور ومحاربة الكفاءات وطرد النخب السياسية والمثقفة”.
ويعرف السوريون، لا سيما المعارضون والثائرون على الأسد، الجعفري جيداً، وكيف كان يدافع عن الأسد بشكل مستميت في مجلس الأمن، وكيف أنه كان لسان الأسد ومروّج سرديته عن الثائرين والمتظاهرين في المحافل الدولية، مثل أنهم ارهابيون وسلفيون ويطمحون لإقامة إمارات سلفية، وعملاء لإسرائيل، وأيادٍ لتنفيذ المشروع الأميركي- الإسرائيلي وغيرها.
الخطيب الثائر
أما عبد الرحمن الخطيب، عضو مجلس الشعب الحالي والسابق، وعضو اللجنة المركزية لحزب “البعث”، ونائب رئيس اتحاد كرة القدم السوري، فقد تحوّل بعد إسقاط الأسد، إلى ثائر ومناضل ضد نظامه. وقام الخطيب بحذف جميع منشوراته وصوره مع الأسد، وداخل مجلس الشعب، من على صفحته الشخصية، ووضع علم الثورة السورية بدلاً منها.
وكتب في منشور مُذيل بمتظاهرين يحملون علم الثورة: “بداية أبارك للشعب السوري هذا النصر العظيم الذي لطالما طال انتظار، الحمد لله الذي سخّرني لخدمة أهلي في ريف دمشق بشكل عام، ومنطقتي بشكل خاص، طيلة الفترة الماضية منذ العام 2007”.
وأضاف “اليوم، بزوال حقبة قاسية مؤلمة وبقدوم عهد سوري جديد يقوم على الحرية وحسن المواطنة لمستقبل سوريا وازدهارها، يملؤني الأمل بمستقبلٍ مشرقٍ لسوريا. عاشت سورية حرة أبية”.
والخطيب، هو أحد أبرز رموز ورجالات نظام الأسد في ريف دمشق الجنوبي الغربي، وشريك تجاري لزوجة الأسد، أسماء الأخرس، من خلال مشاريع “الوكالة السورية للتنمية”، الممولة من منظمات أوروبية. ويُتهم الخطيب، بسرقة ملايين الدولارات، من المساعدات الأممية التي كانت تأتي للنازحين في بلدته الحرجلة، إبان سنوات الحرب السورية. كما كان أحد المشاركين في تنفيذ اتفاق المدن الأربعة، كفريا والفوعة، الزبداني ومضايا في العام 2017.
الشهابي النووي
أما رئيس غرفة تجارة حلب، فارس الشهابي، والذي دعا الأسد مراراً لضرب المدن الثائرة على الأسد بالسلاح النووي والكيماوي، ودعا لقتل السوريين المعارضين، فقد كتب تغريدة قال فيها: “حان الوقت لأن نضع جميع خلافاتنا جانباً ونعمل معاً من أجل سوريا جديدة ومشرقة. دعونا ننسى الماضي الدموي ونتقدم معاً نحو المستقبل”. وعاد الشهابي وحذف حساباته بشكل كامل، لكن صوره وهو يحمل السلاح، مازالت شاهدة عليه.
ملحم والفرا
وعلى ذات المنوال، فقد كوّع عضو مجلس الشعب وائل ملحم بعد سقوط نظام الأسد، قائلاً في حسابه على “فايسبوك”: فجر جديد يطل على سوريا الحبيبة. عاشت سوريا وشعبها”. كما قام بحذف جميع منشوراته التي تمجد الأسد وصوره معه، لكن البحث عن اسمه على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرها، وجاء في واحدة منها قبل نحو شهر: “من تمسك بيدك (الأسد) ما خاب. كأنما مسك الدنيا بكل ما فيها من عزة وشموخ وإباء. حماك الله سيداً وقائداً مغوار أبد الدهر”.
وكذلك كان الحال بالنسبة لعضو مجلس الشعب الإعلامي نزار الفرا، مصدّر رواية النظام عن الثورة السورية لكل بيت سوري، لسنوات طويلة، ومروج سرديته واتهاماتهم ضد المتظاهرين منذ اليوم الأول للثورة السورية. وسار على درب هؤلاء، فنانون كانوا مدافعين شرسين عن الأسد، وشخصيات إعلامية وصحافيون موالون للأسد وسياسيون.
—————————
هروب الأسد في الفسبكات: دموع ومصائر غامضة وذكريات(2)
الإثنين 2024/12/09
ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بسقوط بشار الأسد وهروبه، هنا بعض الفسبكات والتغريدات حول الحدث واهميته في التاريخ الحديث، بعد الجزء الأول، هنا الجزء الثاني:
مروان أبي سمرا
شعلة الحرية والأمل التي التهبت في دمشق هي أيضا تحية لأرواح سمير قصير وميشيل سورا ولقمان سليم الذين كرسوا حياتهم للوصول إلى هذه اللحظة التاريخية، فاغتالتهَم أجهزة القتل الحزبلهية – الأسدية – الإيرانية. وهناك من دون شك صلة وطيدة واحدة تجمع بين ميشيل سورا وسمير قصير ولقمان سليم: إنها الانهمام بمسألة الاستبداد، ولا سيما الاستبداد الأسدي، واعتبارها المسألة المركزية التي ينبغي لمجتمعاتنا التصدي لها إن لم تشأ أن تلتهمها “دولة البربرية”.
فحزب الاغتيالات كان قد دشن مسيرته في بيروت باختطاف الباحث الفرنسي في شؤون الدولة الأسدية ميشيل سورا في 1985 واتخاذه رهينة لمصلحة نظام الملالي الإيراني، ثم بقتله في 1986. وقد بقيت أبحاث ميشيل سورا التي صدرت في كتاب بعنوان “دولة البربرية” أهم ما كُتب في تحليل نظام الاستبداد الأسدي إلى يومنا هذا.
وفي الثاني من حزيران 2005 قامت المخابرات السورية- الحزباللهية بتفجير عبوة في سيارة سمير قصير، اللبناني السوري الفلسطيني. الذي كرس قلمه وصوته بشجاعة استثنائية وبصيرة فريدة لاستعادة الحرية في لبنان وسوريا من براثن “النظام الأمني السوري اللبناني” والذي كان له “أعظم الفضل على كل لبناني استرد حق التصرف بلسانه”. وكان سمير قصير أكثر من شدّد على ترابط حرية سوريا وحرية لبنان كما تشير عباره الشهيرة: “إن ربيع العرب حين يزهر في بيروت، إنما يعلن أوان الورد في دمشق” .
وقبل ثلاث سنوات، في الرابع من شباط/فبراير 2021، قام حزب القتلة نفسه باغتيال أشجع الأصوات الشيعية اللبنانية المناهضة للاستبداد الأسدي والحزبلهي في سوريا ولبنان، لقمان سليم، وذلك في المنطقة التي يفرض فيها سلطته الأمنية من دون منازع.
وفي هذا اليوم، يوم سقوط بشار الأسد ونظامه، علينا أن نستعيد عبارة لقمان سليم التي كتبها في 2011 وهو يحلم بفجر مثل فجر يومنا هذا: “لطالما تَمَنَّيْتُ لَهُ أَنْ يَسْقُط … لَمْ يَخْطُرْ لي أن سقوطهُ سَيَكونُ جَميلًا إلى هذا الحد”.
فؤاد م. فؤاد
من الصباح وانا مشلول. لا أعرف ماذا أقول ولا كيف أتصرف. ستون عاماً وانا أنتظر هذا اليوم. ستون عاماً وأنا أفكر ماذا سأفعل في هذا اللحظة وكيف سيكون رد فعلي. ومع ذلك فشلت. لم أتوقف عن البكاء ولا عن الضحك الهستيري. في حياة 90 بالمئة من السوريين هذه أول لحظة حرية. القادم؟ هذا سيبدأ من الغد. أما اليوم فعلينا ان نسحب نفساً عميقاً حتى يتغلغل هواء الحرية الى أعمق خلية.. سنعود الى سوريا، سأعود الى حلب.
عبد الرحمن أياس
كانت لنا إلى دمشق زيارات كثيرة برفقة الوالد والوالدة رحمهما الله خلال السبعينيات والثمانينيات، فجدتي لوالدي دمشقية (توفيت هي وجدي رحمهما الله قبل زواج والدي من والدتي)، وكان لنا أقارب من جهتها في دمشق. كذلك كان لوالدي صديق لبناني متزوج من سيدة لاذقانية فزرنا اللاذقية مرات عديدة خلال الفترة نفسها.
أعرف كثيراً من دمشق – الحميدية والبزورية والميدان والمهاجرين وساحات الأمويين والعباسيين والسبع بحرات وغيرها كثير. وأعرف بعضاً من اللاذقية وبعضاً من حمص التي كانت لنا زيارة يتيمة إليها. توفي أبي عام 1991 وانقطع التواصل مع الأقارب للأسف. زرت دمشق مع والدتي وأقارب للتسوق عام 1998 ثم عام 2003 مع صديق رافقته إلى السفارة الكندية حيث حصل على تأشيرة هجرة له ولأسرته.
وبعد، إن لي في دمشق وحمص واللاذقية ذكريات طفولة ومراهقة لا تنسى. اشتقت لرائحة البهارات والعطورات في البزورية وألوان الأقمشة في الحميدية وبوظة بكداش الشامية الأصيلة وللمأكولات الشهية في مطاعم دمشق والزبداني. اشتقت لعبارة “كرمالي هالكوساية” عند الأقارب دليلاً على الكرم الشامي، ولفتة المكدوس والجزمز وحراق اصبعه. اشتقت لأرض الديار (الحديقة) في البيوت الدمشقية حيث الياسمينة والقطط جزء لا يتجزأ من الصورة.
أزورك قريباً يا دمشق ويا حمص ويا لاذقية وأزور أماكن لم أزرها ولطالما رغبت في زيارتها، مثل تدمر وبصرى وحلب وحماة والقامشلي والرقة. مبروك حريتك يا سوريا وحريتنا. إنها لحرية واحدة في بلدين. كل الحب والوفاء لك ولأهلك، مردداً مع فيروز: “رد لي من صبوتي يا بردى / ذكريات زرن في ليا قوام”.
روزا ياسين حسن
صباح الحرية يا بابا يا حبيبي، حلمك عم يتحقق وسامعه ضحكتك وشامّة ريحتك. تحرّرنا يا بوعلي ياسين، يا ثائراً في زمن الخوف، يا حالماً في زمن الخراب. ما عاد في خوف يا بابا ورح نرجع نبني الخراب. ناطرة الآن المغيبين/ات والمعتقلين/ات اللي ما عرفتهم شخصياً وأصدقائي اللي عرفتهم شخصياً وبروحي: عبد العزيز الخير، إياس عياش، ماهر طحان، جهاد محمد، رزان زيتونة، سميرة الخليل، وائل حمادة، ناظم حمادي، فائق المير، خليل معتوق، زكي كورديللو ومهيار كورديللو، علي الشهابي، رامي الهناوي محمد عرب وأسماء كمان كتار كتار، انشالله تكونو بخير. وحاسة بأرواح اللي راحوا وبضحكاتهم حواليّ: مي سكاف، ناصر بندق، أسامة بركة، باسل شحادة، خلدون شقير، مشعل تمو، الأب باولو، يحيى الشربجي، غياث مطر، فاتن رجب، فدوى سليمان وأسماء كمان كتار كتار الرحمة والحب لأرواحكم.
عاشت سوريا حرة كريمة.
فاروق مردم بيه
في العاطفة التي تحتضنني، أفكر في كل الأصدقاء الفرنسيين الذين تبنوا القضية السورية لسنوات طويلة جداً وخاصة منذ عام 2011. أعلم أنهم لا ينتظرون الشكر، لقد خطبوا لأنهم أحرار، لأنهم صالحون. أعلم أيضاً أن ما فعلوه سيواصلون فعله من أجل سوريا المستقلة والحرة والديمقراطية والعلمانية. سوريا لكل مواطنيها.
غسان زقطان
الأمر ليس فقط الأرتال التي زحفت الى حلب ثم منها الى دمشق، الشعب السوري كان يمهد الطريق في كل قرية وبلدة، لم ينتظر السوريون وصول أبنائهم ليطرقوا أبواب البيوت، لم يسألوا ولم يحللوا ولم يصنفوا القادمين، وهم أولادهم، كانت الفكرة الخلاص من الكابوس الذي استغرق 54 سنة كاملة. معظم المحافظات والأرياف حررها أهلها قبل وصول المقاتلين، هذا ما حقن الدم، دم أبنائهم في الجيش وفي الأرتال، هذا النهوض هو ما أنهى 54 سنة من القهر في عشرة أيام، كان الأمر بحاجة الى الإشارة الأولى حتى تنهض سوريا. هل هناك مخاوف من المستقبل؟ نعم، ولكن هذا الشعب بخبرته وإرادته وثقافته التي علمت المحيط وحبه المدهش لبلاده يملك كل الأسباب التي تؤهله للذهاب نحو الحرية حيث يكمن مستقبله بثقة.
نواف القديمي
ما كل هذه السجون في سوريا؟! لم يمض يوم على سقوط بشار إلا واكتشفنا عشرات السجون العلنية والسرية، ومازالت الاكتشافات لم تنته! ما كل هذا ياالله. ويكون تحرير مدن وتمشيطها أسهل من اكتشاف زنازين ضخمة ومخفية تحت طبقات الأرض في سجن واحد مثل صيدنايا.
أعتقد من المهم الاحتفاظ بكل وثائق السجون، ومعرفة أسماء الضباط والسجانين الذي تولوا كل هذا العذاب والإجرام على مدى عقود. هؤلاء يجب محاسبتهم وألا يفلتوا من العقاب. هذه نفوس مطموسة مشوهة تمرست على الإجرام وخطرة على الناس وستكون عناصر فساد وتخريب وفوضى في المجتمع إذا ما تُركت بدون حساب.
عباس بيضون
54 عاما تحت جزمات آل الأسد.هذا هو الأبد السوري. كان علينا بالطبع أن لا نقول ذلك. الجزمات هي المعادل القومي، انها العروبة والانبعاث والسيادة والرسالة والسمو والأمة الخالدة. علينا أن نعرف كم يكلف كل من ذلك. ما المقدار الكافي من السجون والإعدامات والجوع والإهانات اللازم لكل من هذه. هناك دائماً من يعتبرون أن الأمر منوط بتقبيل أحذيتهم.. أن الحقيقة هي منصتهم وهي أيضا هديتهم للشعب، هي ما ينبحون به وينبح كلابهم ولا بأس أن نسمي ذلك روح الامة، لا باس أن نعبد قيئنا وان نسميه مجدنا، أو على الأقل تراثنا. الطريقة التي انتهى بها النظام الاسدي، ترينا كم تأخر ذلك، لكنها ترينا كم أن ذلك ممكن. يبقى علينا أن نفكر أنها قد تكون أيضاً فرصة لنتعرف على يومنا وعالمنا، فرصة حقيقية لصناعة الأمة وابتكار المجتمع، أي اللحاق بالتاريخ.
حازم صاغية
لماذا يقاوم المرء دمع عينيه وهو يشاهد الصور السوريّة؟
البكاء، في هذا الحدث الكبير، يحضر كما لم يحضر في حدث سابق. ذاك أنّنا، في تجربة سوريّا، نجدنا أمام حالات مؤسِّسة للمشاعر الكبرى الأولى: مصائر غامضة وبحث عن أحياء بين الأنقاض، تشريد جماعيّ من صنف توراتيّ وفصل للبشر عن البشر وسلخٌ لهم عن الأرض، نساءٌ يلدن أبناءهنّ وبناتهنّ في السجون، قوّة محض للوحش المحض في عالم من القتل المفتوح، ومواجهة يأس الاستحالة التي تبدّى أنّها لم تكن استحالة. هكذا بدا الأمر كأنّه نجاح للبشر، بعد طول انتظار وكثير من اليأس، في مغادرة الغابة.
وقبل هذا كلّه وبعده، هناك الدفاع عن الصدق الذي أراد الكذب أن يمنعه ويُسكته. لقد طُلب من السوريّ، سنة بعد سنة، أن يعتذر عمّا نزل به، أو أن يخجل بجرحه، أو أن يتنصّل من أحبّائه المغيّبين. وأريد للسوريّ أن يستمع، وهو باسمٌ ممتنٌّ، لصرخات تمجّد نظاماً يعرفه جيّداً، يعرفه بأسنانه، بأظافره، بخُصل شَعره، وبالدهاليز والزنازين والكرابيج…
لقد بكي السوريّون، وبكينا معهم، لأنّنا شعرنا بأنّ “سوريّا الأسد” تُرينا ما نراه في الأفلام وكتب التاريخ، ولأنّنا أحسسنا بأنّ إنسانيّتنا لم تؤخَذ منّا كما حدث هناك، لكنّ فرصةً لاحت أخيراً للردّ على تلك الإهانة الكبرى، ولردّ الاعتبار لكلّ ما هو حقّ وحقيقة.
—————————
هروب الأسد في الفسبكات: قصص المَكبس البشري وتصريف الدماء(3)
الثلاثاء 2024/12/10
ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بسقوط بشار الأسد وهروبه. هنا بعض الفسبكات والتغريدات حول الحدث واهميته في التاريخ الحديث، بعد الجزء الأول، والثاني، هنا الجزء الثالث:
ماهر إسبر
أرسلت لي صديقة هذه الصورة لأحد المعتقلين الذي تحرروا اليوم من فرع فلسطين، هذه صورة زميلي وصديقي وسيم محمد صبري السماك. لم يكن وسيم فقط زميل سجن عادي وحسب بل تشاركنا أنا وهو نفس (السفرة) أي تقاسمنا الطعام القليل سويًا من الوجبات في صيدنايا. وعند قيام الاستعصاء سنة 2008، قامت إحدى المجموعات التكفيرية في السجن بخطفه من جناحه، بتهمة أنه يتراسل مع النظام هو وشخصان آخران، ولا داعي لأن أدافع عنه وأقول ببطلان هذه التهمة من أصلها. ثم بعد مفاوضات استغرقت أسابيع، أخرجوا الثلاثة من القبو الذي كانوا يعذبونهم فيه. وعندما فحص بعض الأطباء الذين كانوا معتقلين معنا، وسيم، وجدوا أنه بسبب شدة التعذيب الذي تعرض له من قبل الإسلاميين، ومع انعدام خبرتهم بالتعذيب، أصيب وسيم بالغرغرينا، وتم تسليمه للنظام وقطعت رجلاه من شدة التعذيب.
وسيم تهمته الأساسية أنه كان يعيش ويدرس في سويسرا وتعرف على فتاة في سويسرا يهودية الديانة وتزوجها وحملت منه. وبعدها اختلفا وقررا الانفصال، وكنوع من العقاب قررت الذهاب إلى إسرائيل لحرمانه من رؤية الطفل. فقام بالشكوى عليها من خلال سفارات إسرائيلية والمطالبة بابنه. ثم عندما عجز، نصحه أحدهم بالذهاب إلى سوريا ورفع قضية على إسرائيل من هناك. وبعد أن تحدث بقصته لأحد المحامين في حلب، مدينته، قام المحامي بتبليغ الأمن العسكري عليه، ليُعتقل لمدة تجاوزت العشرين عامًا، وانتهى اعتقاله بقطع رجليه.
بعد خروجنا من صيدنايا في العفو، فقدت كل اتصال بوسيم. وفي سنة 2017، وأنا في أحد شوارع بيروت، رأيت وسيم صدفة على كرسيه المتحرك يبيع المحارم في أحد شوارع بيروت. حاولنا مرات عديدة أن نساعده، أنا وبعض الأصدقاء، بأن نقدم له طلب لم شمل ليرى ابنه الذي لم يره طيلة حياته ولم يكن يعرف اسمه حتى، وبعد مراسلات مع السفارة ومؤسسات حكومية سويسرية، اكتشفنا أن ابنه يعاني من مرض خلقي وموضوع في مصحة، وأن أمه توفيت منذ سنوات. كما لم تستجب الحكومة السويسرية لأي من المطالبات بلم شمله مع ابنه، بحجج عديدة، من بينها نقص أوراقه وعدم وجود إثباتات على روايتنا.
ثم فقدت الاتصال به أكثر من سنتين، لأفاجأ به يتصل بي بعد انقطاعه الطويل، ليظهر أنه كان معتقلًا لأكثر من سنة ونصف في وزارة الدفاع في لبنان، لأنه كان يستأجر غرفة في الضاحية الجنوبية وأحد أفراد حزب الله قام بالادعاء عليه، ثم تم اعتقاله في لبنان. بعدها، أيضًا بسنتين، اختفى وسيم، لأراه في هذه الصورة له اليوم من بين الخارجين من فرع فلسطين، بين الذين تحرروا.
هذا أسرع سرد أخبركم به عن وسيم وقصته.. وهذا هو اليوم.
أحمد عيساوي
بعد الدخول إلى العنبر الأحمر في سجن صيدنايا وهو واحد من أكبر المسالخ البشرية التي عرفها التاريخ، والذي شهد 13 الف عملية إعدام بين العامين 2012 و2017 حسب تقرير منظمة العفو الدولية، تنتشر صور وفيديوهات عن فظاعات لما يطلق عليه “مكبس الحديد” مربوط إلى نظام خاص لتصريف الدماء البشرية. لكم أن تتخيّلوا فقط عمّا نتحدّث: مكبس حديد لكبس أجساد البشر وتصريف دمائها؟!!!
لم يمرّ في التاريخ الحديث سلالة إجرامية قذرة كعصابة الأسد، وهي كما وصفها باحث الاجتماع الفرنسي ميشال سورا قبل 40 عامًا في أطروحته عن “الدولة البربرية” والتي استند فيها إلى مقدّمة ابن خلدون، أنّها “عصابة لا نظام، مجموعة من البرابرة، لم تعرف الحضارة، وجاءت لتدمّر مهد الحضارة”.
مروان أبي سمرا
لا شفاء لسوريا والسوريين (ولنا أيضاً) من صيدنايا وغيره من المسالخ البشرية من دون محاسبة الأنذال. والمحاسبة لا تعني التشفي أو الانتقام.
“هذا الحشد من الذئاب، كيف ظهر في شعبنا؟ أليس لديه جذورنا نفسها؟ أليس من الدم نفسه؟ بلى، من الدم نفسه.(…)
كيف نتجرأ على القول بأنه ليس هناك من أنذال؟ من إذاً قضى على هؤلاء الملايين من البشر؟(…)
أمام شعبنا، وأمام أطفالنا، علينا واجب البحث عنهم جميعًا ومحاكمتهم جميعاً.
ليس محاكمتهم هم أنفسهم بقدر محاكمة جرائمهم”.
“النذالة مسار ذو عتبة. فالإنسان، طوال حياته، يتردد، يصارع بين الخير والشر، ينزلق، يسقط، يقف من جديد، يتوب، يتعافى مرة أخرى، لكنه طالما لم يتجاوز عتبة النذالة، فلديه إمكانية التراجع والعودة، يبقى في حدود أملنا. لكنه عندما يتجاوز عتبة النذالة، بكثافة أفعاله السيئة الشريرة، أو درجتها، فإنما يستبعد نفسه من الإنسانية. وربما من دون عودة”.
ألكسندر سولجنتسين.
علي الغدار
عبد الوهاب دعدوش، الشاب الذي كان حلمه أن يصبح طبيباً ليعالج الناس ويخفف من آلامهم، تحول إلى رمز للمعاناة لا حدود لها. في العشرين من عمره، غادر بلدته الصغيرة، حاملاً كتبه وأحلامه، متجهًا إلى حماه لتقديم امتحان مصيري في كلية الطب. لم يكن يعلم أن تلك الخطوات ستكون آخر ما تراه أسرته منه.
مرت السنين، ثقيلة على والدته، التي كانت تنتظر عودته كل يوم. غاب عبد الوهاب، وغابت معه أحلام الأم. مرّ الوقت بطيئًا، وبدء الأمل يتلاشي شيئاً فشيئاً إلى أن أُصيبت والدته بالعمى، عيناها لم تتحملا الدموع التي انهارت جراء فقدانه. كانت تلمس جدران المنزل، تبحث عن أي أثر منه، وبعد 13 عاماً من الغياب، جاء الخبر: “عبد الوهاب خرج من سجن صيدنايا”. الأم ركضت بكل ما تبقى لها من قوة، لكنها لم تتعرف عليه. الوجه الذي أمامها كان غريبًا، شاحبًا، متعبًا. لم يكن هذا ابنها الذي غادرها بابتسامة مشبعة بالأمل. عبد الوهاب خرج فاقدًا للعقل والذاكرة. حتى اسمه لم يعد يعرفه. نظراته كانت فارغة، لا روح فيها. كأن السنين التي مضت سلبت منه ليس فقط حريته، بل حياته بأكملها.
الصدمة كانت قاسية. الأم التي انتظرت عودته لسنوات طويلة، وجدته لكنها لم تجده. كان جسده حاضرًا، لكن روحه ضاعت.
يزن الحاج
ما يحدث في دير الزور يمسّني شخصياً، فهي مدينتي التي أحبّ أن يكون لي مكان (ولو مؤقت) فيها حين أعود إلى البلاد.
ما يحدث مأسوي، ويُنذر بخطر في مرحلة خطرة أساساً. أمنيتي (التي أدرك أنها لن تتحقق) هي أن ينجح التفاوض الذي يوشك على الانهيار، وتُسلَّم المدينة سلمياً لهيئة تحرير الشام كي تنضم إلى مدن سوريا الأخرى، مع وجوب استكمال التفاوض لإيجاد حل مرضٍ لجميع الأطراف بشأن المناطق الكردية.
شخصياً، ليس لي أصلاً إنكار حقّ الأكراد في أرضهم التاريخية، بخاصة أنّهم عانوا ويلات مريعة منذ الخمسينيّات، وصلت أقصى بطشها في حُكم الأسدين. ولا مشكلة لديّ في مبدأ الإدارة الذاتية في ذاته، بل أرى أنه الحل الأكثر معقولية ومنطقية بشرط عدم الانفصال التام عن سوريا.
لكنّ دير الزور لم تكن يوماً داخل تلك المناطق، وأدرك أنّ سبب المعركة الأساسي هو مدّ سيطرة، والاستيلاء على النفط والغاز. إذ يدرك الديريّون أنهم لم يكونوا يوماً على خارطة اهتمام أيّ سُلطة في تاريخ البلاد، اكانت عربية أم بعثية أم كردية، مدنية كانت أم عسكرية. ولولا وجود النفط لتخلّوا عنّا ببساطة لمن يرغب.
———————-
واشنطن تدعو إسرائيل للعودة إلى حدود 1974 مع سوريا
قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، اليوم الاثنين، إن واشنطن تريد أن ترى تطبيقاً لاتفاق فض الاشتباك في الجولان، لعام 1974، وهذا يشمل شروط المنطقة العازلة وعودة إسرائيل لمواقعها السابقة. وأضاف أن الإدارة الأميركية ستراقب الوضع بهذا الصدد.
وأتى تصريح ميلر بعد يوم من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه أصدر تعليمات للجيش الإسرائيلي بالاستيلاء على المنطقة العازلة مع سوريا، والمناطق المحيطة بها، بما في ذلك قمة جبل الشيخ.
انتهاك للاتفاق
واتفاقية فك الاشتباك أبرمت في 31 أيار/مايو 1974، بين سوريا وإسرائيل في جنيف، بغرض الفصل بين القوات السورية والإسرائيلية في المنطقة. وأنشأ الاتفاق منطقة عازلة، فضلاً عن منطقتين متساويتين من القوات والأسلحة المحدودة للطرفين على جانبي المنطقة.
وأعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، اليوم، أن تقدم القوات الإسرائيلية داخل المنطقة العازلة في الجولان، يشكل “انتهاكاً” لاتفاق فض الاشتباك.
وقال دوجاريك إن قوة الامم المتحدة المكلفة مراقبة فض الاشتباك (أوندوف)، “أبلغت نظراءها الإسرائيليين أن هذه الأفعال تشكل انتهاكاً لاتفاق 1974″، موضحاً أن القوات الاسرائيلية التي دخلت المنطقة العازلة لا تزال تنتشر في 3 أماكن.
تمسك بالجولان
واليوم، أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي أن القسم الذي تحتله بلاده وضمته من هضبة الجولان السورية، سيظل إسرائيلياً “الى الأبد”، وذلك بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الاسد.
وقال نتنياهو خلال مؤتمر صحافي في القدس: “اليوم، الجميع يدركون الأهمية الكبيرة لوجودنا في الجولان وليس على سفح الجولان”. واضاف أن “الجولان سيكون جزءاً من دولة إسرائيل الى الأبد”.
واحتلت اسرائيل القسم الأكبر من الهضبة السورية العام 1967، وصدت هجوما سورياً هدف إلى استعادته في حرب العام 1973، قبل أن تضمه في 1981.
وتابع نتنياهو أن “سيطرتنا على هضبة الجولان تضمن أمننا. إنها تضمن سيادتنا”. وقال ايضاً: “أحرص على شكر صديقي، الرئيس المنتخب دونالد ترامب، لتلبيته طلبي الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان في 2019”.
———————-
حزب الله وحيدا دون ظهير قريب لأول مرة منذ ولادته
سقوط نظام الأسد يتحول إلى ورقة ضغط داخلية على الحزب.
الثلاثاء 2024/12/10
بيروت– قال حسن فضل الله النائب عن حزب الله في مجلس النواب اللبناني الاثنين إن الحزب يعتبر ما يجري في سوريا “تحولا كبيرا وخطيرا وجديدا،” وذلك في أول رد فعل للحزب المدعوم من إيران على الإطاحة بحليفه بشار الأسد، في وقت يجد فيه الحزب نفسه دون الظهير السوري لأول مرة منذ ولادته.
وليس معروفا كيف سيتصرف حزب الله، وكيف سيقيم وضعه الجديد، هل سيتعامل كما لو أنه قوة منعزلة في بيئة صعبة أم سيناور لينقذ وجوده.
وعكس كلام فضل الله هذا الغموض حين قال في بيان إن “ما يجري في سوريا تحول كبير وخطير وجديد، وكيف ولماذا حصل ما حصل، هذا يحتاج إلى تقييم ولا يُجرى التقييم على المنابر.”
ومن الواضح أن حزب الله، الذي تفاجأ بسرعة سقوط الأسد واضطر إلى سحب عناصره الموجودة في سوريا، سيمنح نفسه بعض الوقت للإجابة على ما تقدم من أسئلة لضبط طريقة تحركه وإستراتيجيته في المرحلة القادمة بناء على التطورات في سوريا التي جاءت لتعزل الحزب وتقطع عليه طريق توريد السلاح من إيران عبر العراق وسوريا.
ليس معروفا كيف سيتصرف حزب الله، هل سيتعامل كما لو أنه قوة منعزلة في بيئة صعبة أم سيناور لينقذ وجوده
ويقول محللون إن حزب الله إذا استمر في التعامل بعقلية الحزب القوي، الذي من حقه بسط نفوذه على لبنان والاستمرار في مواجهة إسرائيل، فستكون النتيجة مختلفة عما إذا قرر الانكماش وتجنب الصدام مع إسرائيل أو مع القوى المحلية.
ويدرك الحزب الآن أن المكابرة ووضع نفسه في مستوى قدرات إسرائيل العسكرية، خاصة بعد ما وقف عليه من فوارق كبيرة خلال الحرب الأخيرة، سيكونان للإسرائيليين فرصة للإجهاز عليه تماما.
وأدى سقوط نظام بشار الأسد إلى حرمان حزب الله من حليف مهم على طول الحدود الشرقية للبنان. وبالنسبة إلى إيران كانت سوريا تحت حكم الأسد بمثابة قناة حيوية لتزويد الحزب بالأسلحة.
ولا تقف التحديات في وجه حزب الله عند حدود إسرائيل. وينتظر أن تكلف خسارة الأسد، وسوريا كبوابة للسلاح، الكثير أيضا في الساحة الداخلية، حيث بدأت الأصوات المناوئة لنفوذه وسلاحه ترتفع، داعية إلى توظيف التطورات الحالية في الضغط على الحزب.
واعتبر سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية، أكبر حزب مسيحي في لبنان، الأحد أنّ إسقاط الأسد في سوريا المجاورة يعني أنّ “اللعبة انتهت” بالنسبة إلى حزب الله حليف دمشق، داعيا التنظيم الشيعي إلى تسليم سلاحه للجيش اللبناني.
ويستبعد المراقبون أن يستجيب حزب الله للضغوط وأن يقبل فكرة تسليم سلاحه ولو جزئيا، أو حصر مربع تحركه العسكري في دائرة محدودة، معتبرين أن الحزب سيستمر في منطق المغالبة عسكريا وسياسيا، وهو يعرف أن خصومه في الداخل ضعاف ولا يقدرون على محاصرته أو المس من نفوذه، وسيكون تفكيره منحصرا في المناورة التي تتيح له أن يتجنب ضربات إسرائيلية جديدة في المدى المنظور، في انتظار اتضاح الرؤية بالنسبة إلى ما يجري في سوريا ووضع إيران.
وإذ أشاد في مؤتمر صحفي بسقوط الأسد، توجّه سمير جعجع إلى مسؤولي حزب الله قائلا “انتهت اللعبة (…)، وبالتالي كل يوم تتأخرون فيه فإنكم تضيعونه على أنفسكم في الدرجة الأولى وعلى جميع اللبنانيين في الدرجة الثانية.”
ويؤكد معارضو حزب الله داخل لبنان وخارجه أن حربه ضد إسرائيل وسقوط الأسد ساهما في إضعاف التنظيم الموالي لإيران إلى حد بعيد.
وشهدت مناطق ذات غالبية مسيحية وسنية في لبنان الأحد احتفالات بسقوط نظام الأسد، في إشارة قد يفهم منها أن اللبنانيين كانت مشكلتهم الرئيسية هي النفوذ الأمني السوري، الذي فسح المجال لصعود حزب الله، والرعب الذي أشاعه بينهم، وسقوط الأسد سيعني أن حزب الله سيصبح بلا سند وتسهل عملية تحجيمه سياسيا ومحاسبته شعبيا.
وسواء بدأت عملية نزع سلاح حزب الله مبكرا أو لم تبدأ بعد، فإن الثابت أن حزب الله سيتقدم ليَشغل مكانه الطبيعي مستفيدا من الدعم الداخلي والخارجي وسط وعود بالتمويل من جهات مختلفة.
وأشار رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي إلى هذه المعادلة قبل أيام حين اعتبر أن “موضوع سحب السلاح يحتاج إلى وفاق وطني،” مشددا على ضرورة أن “يتولى الجيش السلطة الفعلية على الأرض،” والسعي للوصول إلى استقرار طويل الأمد.
وما يزيد من صعوبة الوضع لدى حزب الله، بعد سقوط سوريا لدى خصومه، وهي التي مثلت الرئة التي يتنفس بها الحزب، هو أن إيران بدورها في ورطة ولا تقدر على إنجاده عمليا، خاصة من ناحية تهريب السلاح. ولذلك تسعى لفتح ثغرة في علاقتها بالطبقة السياسية الجديدة في دمشق على الأقل بهدف تخفيف الاحتقان ضد طهران والحد من التأويلات التي تشير إلى أن خسارتها لسوريا تعتبر ضربة قاصمة لها.
وقال مسؤول إيراني كبير الاثنين إن طهران فتحت قناة مباشرة للتواصل مع فصائل في القيادة الجديدة في سوريا بعد الإطاحة بالأسد.
وتوقعت إيران استمرار العلاقات مع دمشق على أساس “نهج حكيم وبعيد النظر”، ودعت إلى تشكيل حكومة شاملة تمثل كل فئات المجتمع السوري. ولا شك أن إيران تتخوف من إمكانية أن تؤثر طريقة تغيير السلطة في دمشق على نفوذها في سوريا، العمود الفقري لنفوذها في المنطقة.
وقال ثلاثة مسؤولين إيرانيين إن الأمر لا يدعو إلى الذعر، وإن طهران ستتبع السبل الدبلوماسية للتواصل مع أشخاص وصفهم أحد المسؤولين بأنهم “داخل الجماعات الحاكمة الجديدة في سوريا، الذين تقترب آراؤهم من (وجهات نظر) إيران.”
وقال مسؤول إيراني ثان “القلق الرئيسي بالنسبة إلى إيران هو ما إذا كان خليفة الأسد سيدفع سوريا إلى الدوران بعيدا عن فلك طهران… هذا السيناريو تحرص إيران على تجنبه.”
———————————-
إعلام حزب الله يريد منابر منافسة تدور في فلكه حول الأحداث السورية
الجماعة تهاجم تغطية وسائل إعلام لبنانية لم تسم سقوط الأسد “تنازلا”.
الثلاثاء 2024/12/10
انتقدت المنابر التابعة لإيران وحزب الله في لبنان تغطية وسائل الإعلام في البلاد للأحداث في سوريا وعدم تعاملها مع الفصائل المسلحة بطريقة مشابهة للتعامل مع إسرائيل وعدم إيجاد علاقة بينهما.
بعناوين ساخرة انتقدت وسائل إعلام تابعة لحزب الله طريقة تعاطي منابر منافسة لها مع الأحداث في سوريا وإسقاط فصائل سورية مسلحة نظام الرئيس بشار الأسد أبرز حليف للحزب وإيران، والذي شكلت نهاية حكمه ضربة قاسية لهما.
والمنابر التابعة لإيران تروج لإعلام يتعاطى مع القيادة الجديدة في سوريا بطريقة مشابهة للتعاطي مع إسرائيل وإن لم تسمها “عدوا” في حين أنها تصر على إيجاد علاقة بينهما، ففي أحد عناوين موقع قناة “الميادين” أفردت تقريرا يتحدث عن بدء تحرك الفصائل في معركة حلب واعتبرت أن إسرائيل هي التي أصدرت لها الأوامر تحت عنوان “بعد هزيمة لواء غولاني في لبنان.. إسرائيل تُحرّك مسلحي الجولاني في سوريا”.
بدورها تمسكت قناة “المنار”، الناطقة باسم حزب الله، بسردية “محور المقاومة” الذي يستمد منه الحزب شرعية سلاحه في لبنان لمحاربة إسرائيل بالإضافة إلى القضية الفلسطينية باعتبارها “أم القضايا” التي يستمد منها شرعيته الإقليمية ويروج لها لدى الشعوب العربية التي تبحث عن بصيص أمل.
وتساءلت “المنار” ضمن تقرير “في ملامح السياسة الخارجية لـ’سوريا الجديدة’.. أين فلسطين؟”، رغم أن ما تسميه سوريا الجديدة لم تتضح بعد ملامحه وأركانه ولم تثبت أقدامه حتى تنتقل إلى التفكير في فلسطين في الوقت الذي تتلقى فيه الضربات الإسرائيلية في عدة مناطق من البلاد.
وجاء في تقرير “المنار” أن “الأبرز في هذا السياق هو علاقة ‘تحرير الشام’ مع الكيان الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، وهنا بيت القصيد، والمحور الأهم الذي يعطي الشرعية للسلطة الجديدة في سوريا من عدمها.”
من جهتها هاجمت صحيفة “الأخبار” وسائل الإعلام اللبنانية لعدم التزامها بسرديات منابر الحزب وتبني رواياتها، واتهمت الإعلام اللبناني بالتخبط في التعاطي مع سيطرة الفصائل السورية المسلّحة على دمشق وانسحاب الجيش السوري. واستبدلت رواية سقوط الأسد بمصطلح “تنازل الرئيس بشّار الأسد عن السلطة”، في انعكاس للتخبّط الذي عاشته كلّ الأطراف وعدم توقّع حدث مماثل بهذه السرعة، بحسب وصفها.
واستخدمت الصحيفة أدبيات إعلام حزب الله بالتعاطي مع الفصائل السورية على أنها الوجه الآخر للعدو الإسرائيلي، وقالت في هجومها “انكبّت القنوات الثلاث المهيمنة في لبنان على نقل كلّ ما تُصدره المعارضة السورية المسلّحة، تماما كما كانت تفعل مع كل ما كان يصدر عن كيان الاحتلال الصهيوني وقوّاته، ولا تزال.”
وأضافت “الأخبار” في تحليل أسباب وخلفيات التغطية الإعلامية لما يحدث في سوريا أنها تماه مع الغرب، وقالت “مع شروق شمس الأحد، أكملت برمجتها العادية، فيما نقلت ال.بي.سي.أي قدّاس كاتدرائية نوتردام في باريس بعد إعادة افتتاحها. لكنّ المشهد تغيّر ظهراً، فتحوّلت القنوات إلى اعتماد اسم الجولاني الحقيقي، أي أحمد الشرع، وفتحت البثّ المباشر، ولاسيّما من الحدود اللبنانية – السورية حيث ازدحمت حركة المغادرين والداخلين على حدّ سواء، ولكلمة رئيس القوّات اللبنانية سمير جعجع مساءً.”
وشملت سهامها أيضا قناة “الجديد” قائلة إنها “أثارت السخرية بسبب أسئلة مراسليها للداخلين إلى لبنان عن أسباب مغادرتهم سوريا، وهم من الأقلّيّات ممّن فرّوا من الجماعات المسلّحة التي عانوا بسببها سابقاً، ولاسيّما جبهة النصرة، لكنّهم أجابوا بأنّهم ينتظرون انقشاع الضباب حول ضمان سلامتهم في سوريا. كما وضعت القناة خبراً عاجلاً على الشاشة بشكل متقطّع طوال النهار مضمونه سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا.”
وبينما يبدو الاستياء واضحا بطعم الهزيمة لدى الإعلام الموالي لإيران وحزب الله بسبب خسارتهما نفوذهما في سوريا، كانت مواقع التواصل الاجتماعي تبرز دور هذا الإعلام في غسيل الأدمغة والترويج للقمع والقتل، وجاء في تعليق:
ramia_yahia@
مجرمو إعلام النظام وحزب الله لن تمحى ممارساتهم اللاإنسانية من ذاكرة السوريين.
وتحدث ناشط منشق عن الحزب عن أساليب غسيل الأدمغة التي يمارسها الحزب لاستقطاب الجمهور إلى أيديولوجيته:
N0_hizbollah@
الكلام وحده لا يكفي، لا بد من نطق الحق، نحن في #حزب_الله عقولنا مغسولة. إننا الضالون المضلون نعيش في الماضي وشربنا الحقد والثارات ونشرنا الفوضى والدمار والقتل والاغتيالات والتفجيرات. تاريخنا أسود بقتل اللبنانيين والعرب. ونحن نموت الآن ليس من أجل #لبنان إنما نسقط فداء لإيران.
أما الموالون للحزب فقد هددوا وتوعدوا الفصائل على الجانب الآخر من الحدود:
lsyrlsyr849260@
#عاجل_الآن: وسائل إعلام مقربة من حزب الله تنشر رسالة من قوة الرضوان في حزب الله إلى الإرهابيين في سوريا.. بيننا وبينكم الأيام والليالي والساعات. ترقبوا الساعات القادمة.
وتحدث ناشط عن المسرحيات التي يروج لها “محور المقاومة”:
tr_66666@
أول مرة أسمع فيها إعلاما يسقط جيشا!
ولماذا كلما سقط حزب وعصابة من “محور المقاومة” قلتم خيانة وصفقات؟
المحور ضعيف وله تاريخ في ابتداع المسرحيات، عند المواجهات يسقط سريعا، ورأينا ذلك مع حزب الله والحشد الشعبي.
ولا يخرج أسلوب إعلام حزب الله بشأن سوريا عما هو عليه الحال بخصوص إسرائيل، إذ تشير التغطية إلى خطته الدعائية التي تقوم على نقاط تهدف إلى الحد من التضارب والإرباك والترويج لكون الهجمات الإسرائيلية تستهدف المدنيين وإبراز ما يعتبره الحزب إنجازات إستراتيجية.
وقال الكاتب والباحث السياسي أسعد بشارة إن “الحزب لديه إعلام يجيد الدعاية ويكبر الانتصارات ويصغر الهزائم، كما يمتلك جيشا إلكترونيا مختصا في الحرب النفسية وتشويه الخصوم.”
ويعتمد الحزب على مكلفين بالدعاية من إعلاميين ومدونين ومفكرين وأصحاب مراكز إستراتيجية وهمية يروجون أن إسرائيل في مأزق لكونها مندفعة إلى التصعيد لكنها غير قادرة على فرض إرادتها. ويحاول الحزب ترويج فكرة أن إطلاقه الصواريخ على إسرائيل جعله يستعيد معادلة الردع عبر سيل من التحليلات والمقابلات من التابعين له إعلاميا.
لكن اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل أثار جدلاً واسعا في لبنان، حيث اعتبره مراقبون تنازلاً كبيرا من الحزب ومؤشرا على تراجع نفوذه في المشهدين العسكري والسياسي. في المقابل، سعى حزب الله إلى تصوير الاتفاق كـ”نصر” من خلال بيان رسمي بالإضافة إلى احتفال مناصريه في شوارع الضاحية الجنوبية ومناطق عدة، حيث جابوا الطرقات عبر درجات نارية رافعين أعلام الحزب وشعارات تعزز رواية الانتصار.
وقال ديفيد داود، وهو زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، في تقرير نشره المعهد الأطلسي “إن ما فشلت صواريخ الجماعة في القيام به ستملأه أجهزة الدعاية التابعة لها، ما يعطي صورة لقاعدة حزب الله بأنه قادر على تصفية الحسابات مع الإسرائيليين.”
—————————
أربع أولويات رئيسية تواجه القيادة الجديدة في سوريا
الاستقرار يشكل تحديا كبيرا للمعارضة والداعمين الخارجيين.
الثلاثاء 2024/12/10
يضع سقوط النظام في دمشق سوريا أمام فرصة تاريخية لإعادة بناء الدولة التي مزقتها الحرب على أسس ديمقراطية وتعددية تقطع مع المظالم السابقة، إلا أن الطريق للانتقال السياسي تعترضه العديد من التحديات.
دمشق – تشير نهاية حكم عائلة الأسد بعد نصف قرن من القمع الوحشي إلى لحظة محورية لسوريا حيث توفر فرصة لإعادة بناء الأمة على أسس التعددية والاستقرار، لكن هذه المهمة لن تكون سهلة.
ويرى محللون أن تحقيق هذه الرؤية يعتمد على قدرة فصائل المعارضة على التعامل مع التحديات الهائلة التي يفرضها الانتقال.
ويشمل هذا تعزيز الوحدة بين المجموعات المتنوعة، ومعالجة المظالم الناجمة عن سنوات من الصراع، وإنشاء هياكل حكم تعكس التنوع العرقي والديني والسياسي في سوريا.
وتتمتع سوريا الآن بقوة جديدة في السلطة: هيئة تحرير الشام وقيادتها، بقيادة أحمد الشرع ( أبومحمد الجولاني).
ويقول محمد أوزالب، الأستاذ المشارك في الدراسات الإسلامية، في تقرير نشره موقع ذوكنفرسيشن إن القيادة الجديدة سوف تواجه تحديات فورية وأربع أولويات رئيسية:
1 – تعزيز السلطة: سوف تحاول القيادة الجديدة الآن ضمان عدم وجود جماعات مسلحة قادرة على الطعن في حكمها، وخاصة بقايا نظام الأسد والفصائل الأصغر التي لم تكن جزءا من قوات المعارضة.
والأمر الحاسم هو أنها سوف تحتاج أيضا إلى مناقشة كيفية تقاسم السلطة بين تحالف جماعات المعارضة. ومن المرجح أن يصبح الجولاني الرئيس المؤسس لسوريا الجديدة، ولكن كيفية توزيع بقية السلطة لا تزال غير مؤكدة.
قدرة قوات المعارضة على الحفاظ على الوحدة ستكون حاسمة في الانتقال إلى سوريا ما بعد الأسد
ويبدو أن المعارضة لم تكن مستعدة للاستيلاء على البلاد بهذه السرعة، وقد لا يكون لديها اتفاق لتقاسم السلطة. وسوف يتعين التفاوض على هذا الأمر والعمل عليه بسرعة.
ومن المرجح أن تعترف الحكومة الجديدة بوحدات حماية الشعب الكردية السورية والأراضي التي تسيطر عليها كمنطقة مستقلة داخل سوريا. ولكن تركيا، الداعم الخارجي الرئيسي للمعارضة، ستعارض بشدة قيام دولة كردية مستقلة.
ومع ذلك، يبدو أن التاريخ يتحرك لصالح الأكراد. فهناك الآن احتمال في نهاية المطاف لقيام دولة كردية مستقلة، ربما تجمع بين شمال العراق وشمال شرق سوريا في كيان واحد.
2 – الاعتراف الدولي: سوريا مكان معقد ومتنوع للغاية. وعلى هذا النحو، لا يمكن للحكومة الجديدة أن تستمر إلا إذا اكتسبت اعترافا دوليا.
واللاعبون الرئيسيون في هذه العملية هم تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإسرائيل (من خلال الولايات المتحدة). ومن المرجح أن تعترف كل هذه الكيانات بالحكومة الجديدة بشرط تشكيل إدارة معتدلة، والامتناع عن محاربة وحدات حماية الشعب الكردية، وعدم دعم حزب الله أو حماس.
ونظرا إلى نجاحهم غير المتوقع في الإطاحة بالأسد بهذه السرعة، فمن المرجح أن تقبل المعارضة هذه الشروط في مقابل المساعدة والاعتراف.
3 – تشكيل حكومة جديدة: السؤال الذي يدور في أذهان الجميع هو نوع النظام السياسي الذي ستنشئه قوى المعارضة الآن. إن هيئة تحرير الشام والعديد من الجماعات في ائتلافها من المسلمين السنة، حيث ترتبط أصول هيئة تحرير الشام بتنظيم القاعدة. ومع ذلك، انفصلت هيئة تحرير الشام عن المنظمة الإرهابية في عام 2016 وحولت تركيزها حصريا إلى سوريا كحركة معارضة.
التشرذم الداخلي للمعارضة قد يؤدي إلى إضعاف قدرتها على جلب الاستقرار إلى سوريا على المدى الطويل
ومع ذلك، لا ينبغي لنا أن نتوقع حكما علمانيا ديمقراطيا. ومن غير المرجح أيضا أن تشبه الحكومة الجديدة الحكم الديني المحافظ للغاية لطالبان.
وفي مقابلته الأخيرة مع شبكة سي إن إن، أشار الجولاني إلى نقطتين رئيسيتين. فقد أشار إلى أنه وغيره من القادة في المجموعة قد تطوروا في نظرتهم وفهمهم الإسلامي مع تقدمهم في السن، مما يشير إلى أن الآراء المتطرفة من شبابهم قد اعتدلت بمرور الوقت. كما أكد أن المعارضة ستكون متسامحة مع حريات وحقوق الأقليات الدينية والعرقية.
ولكن التفاصيل الدقيقة لكيفية حدوث ذلك تظل غير واضحة. ومن المتوقع أن تشكل هيئة تحرير الشام حكومة محافظة يلعب فيها الإسلام دورا مهيمنا في تشكيل السياسات الاجتماعية والتشريعية.
وعلى الصعيدين الاقتصادي والسياسي الخارجي، من المرجح أن يكون القادة الجدد للبلاد عمليين ومنفتحين على التحالفات مع القوى الإقليمية والعالمية التي دعمتهم.
4 – إعادة بناء البلاد والحفاظ على الوحدة: هذا ضروري لمنع اندلاع حرب أهلية أخرى هذه المرة بين الفائزين.
وذكر بيان صدر مؤخرا عن إدارة الشؤون السياسية في هيئة تحرير الشام أن سوريا الجديدة ستركز على البناء والتقدم والمصالحة. وتهدف الحكومة الجديدة إلى خلق ظروف إيجابية لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم، وإقامة علاقات بنّاءة مع الدول المجاورة وإعطاء الأولوية لإعادة بناء الاقتصاد.
ويرى صفا سيسين، أستاذ مساعد للدراسات الدولية والعالمية في جامعة الناصرة، أن قدرة قوات المعارضة على الحفاظ على الوحدة ستكون حاسمة في الانتقال إلى سوريا ما بعد الأسد.
ومنذ بدأت الحرب الأهلية في عام 2011، انقسمت العديد من فصائل المعارضة في سوريا بسبب الاختلافات الأيديولوجية ومصالح الداعمين الخارجيين، ويظل هذا صحيحا على الرغم من انتصارهم الحالي.
Thumbnail
وفي غضون ذلك، يطرح التغير السريع في أحوال الحرب الأهلية في سوريا أسئلة خطيرة على البلدان التي ساندت أحد الجانبين في الصراع. فبالنسبة إلى إيران وروسيا، فإن سقوط حليفهم الأسد من شأنه أن يلحق الضرر بالتطلعات الإقليمية. وبالنسبة إلى داعمي عناصر المعارضة ــ ولا سيما تركيا ولكن أيضا الولايات المتحدة، اللتين تحتفظان بوجود عسكري في سوريا ــ فسوف تكون هناك تحديات أيضا.
وتشير حقيقة سيطرة جماعات معارضة مختلفة على مناطق مختلفة كانت خاضعة لسيطرة الحكومة إلى حقيقة بالغة الأهمية، وهي أن سوريا مقسمة بحكم الأمر الواقع. فالشمال الغربي تحت سيطرة هيئة تحرير الشام الإسلامية والجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا. والشمال الشرقي تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، والتي تدعمها الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من الهدف المشترك المتمثل في الإطاحة بالأسد والهجوم المشترك على حلب، فإن الصراعات بين هيئة تحرير الشام والجيش الوطني السوري متكررة. وتهدف هيئة تحرير الشام، بقيادة أبومحمد الجولاني، إلى فرض سيطرتها على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، بما في ذلك تلك التي يديرها حاليا الجيش الوطني السوري.
ويحافظ الجيش الوطني السوري وهيئة تحرير الشام على علاقات معقدة ومتضاربة في الكثير من الأحيان مع قوات سوريا الديمقراطية، والتي تشكلها الاختلافات الأيديولوجية والإقليمية والإستراتيجية.
وتخوض قوات الجيش الوطني السوري المدعومة من تركيا اشتباكات مباشرة بشكل متكرر مع قوات سوريا الديمقراطية، التي تعتبرها تركيا منظمة إرهابية وفرعا لحزب العمال الكردستاني الذي تقاتله في جنوب تركيا منذ أكثر من أربعة عقود.
وقد يؤدي التشرذم الداخلي للمعارضة إلى إضعاف قدرتها على جلب الاستقرار إلى سوريا على المدى الطويل. ودخلت سوريا والشرق الأوسط الأوسع مرحلة جديدة في تاريخهما الحديث. ولكن هناك شيء واحد مؤكد أن الأمور لن تكون كما كانت أبدا.
العرب
———————–
لتحييد المواقع العسكرية خشية وقوعها بيد المتطرفين
إسرائيل تدمر الأسطول البحري السوري
إيلاف من لندن: قالت تقارير إنه في ليلة 9 ديسمبر، وجهت البحرية الإسرائيلية لسفن حربية تابعة للنظام السوري السابق، وأغرقتها في ميناء اللاذقية.
وقال موقع (Naval News) أخبار البحرية وهو موقع متخصص بتغطية إخبارية عالمية للدفاع البحري يبث من لندن، إنه في الوقت الذي لم يصدر جيش الدفاع الإسرائيلي بيانًا مفصلاً بشأن الضربات، فإن المصادر العسكرية التي تحدثت إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية أكدت أن البحرية نفذت عملية كبرى مساء الاثنين للقضاء على الأسطول البحري للنظام السابق. العملية هي جزء من حملة أوسع لتحييد الأصول العسكرية ومنعها من الوقوع في أيدي القوات المعادية.
وبحسب تقارير إعلامية نقلاً عن تصريحات رسمية، فإن إسرائيل أطلقت بعد انهيار النظام جهوداً لتفكيك مواقع الأسلحة التابعة للنظام لمنع القوات المعادية من الاستيلاء عليها. وجاء هذا في خضم الاستيلاء الفوضوي من قبل الجماعات المتمردة، التي كان العديد منها مرتبطاً سابقاً بتنظيم القاعدة ومنظمات جهادية أخرى.
وتكشف الصور من ميناء اللاذقية عن زوارق صواريخ غارقة من طراز أوسا (مشروع 205)، مع منصات إطلاق من طراز بي-15 إم تيرميت (إس إس-إن-2 سي ستيكس) بارزة بشكل واضح فوق سطح الماء. وفي حين لم تكشف البيانات الرسمية عن عدد السفن الحربية الإسرائيلية المشاركة أو العدد الدقيق للسفن السورية المدمرة، فقد أشار بعض المسؤولين الإسرائيليين إلى أن جميع الأسلحة الاستراتيجية تم القضاء عليها بنجاح خلال الغارات الأخيرة.
يذكر أن الزورق الصاروخي من طراز أوسا هو سفينة بحرية عالية السرعة طورها الاتحاد السوفييتي في أوائل الستينيات. ووفقاً لمصادر مفتوحة، قامت البحرية السورية بتشغيل ما يقرب من 16 زورقاً صاروخياً من طراز أوسا، وكان نصفها على الأقل من طراز أوسا 2 المحدث.
,يتضمن التسليح الأساسي لفئة OSA أربعة صواريخ مضادة للسفن من طراز P-15 (SS-N-2 Styx) كسلاح رئيسي. للدفاع الجوي، تم تجهيز القوارب ببرجين من طراز AK-230، كل منهما مسلح بمدفعين آليين مزدوجين عيار 30 ملم. تعمل السفن بثلاثة محركات ديزل، كل منها يقود عموده الخاص، مما يوفر نسبة عالية من القوة إلى الوزن ويمكّن من الوصول إلى سرعة قصوى تبلغ 39 عقدة.
ويتميز طراز Osa II بتحسينات مثل المحركات الأكثر قوة، وزيادة السرعة القصوى، وقاذفات الصواريخ على شكل أنبوب المصممة لصواريخ P-15U المحسنة، مما يوفر قدرات تشغيلية وقوة نيران أفضل
———————–
شهادات ناجين من سجن صيدنايا
جلد وإغتصاب وتقليد الحيوانات.. تفاصيل 72 أسلوبا للتعذيب في سجون الأسد
إيلاف من دمشق: بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا لفتت السجون وما يجري فيها أنظار العالم حيث يقدر عدد المعتقلين في الآونة الأخيرة بالآلاف الذين استخدمت معهم العشرات من أساليب التعذيب، أبرزها الجلد والاغتصاب والإجبار على تقليد الحيوانات.
ونقلت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية شهادات لسجناء سابقين قال أحدهم إن ضابطا كان يطلق على نفسه اسم “هتلر” كان معروفا بساديته مع المعتقلين في سجن المزة العسكري بدمشق.
وبحسب السجين كان “هتلر” يحب إقامة العروض الترفيهية على حساب السجناء، في سجن المزة، حيث كان يحضر ضيوفا للعشاء وخلالها يجبر السجناء في عهدته على التصرف مثل الكلاب أو الحمير أو القطط أو الحيوانات الأخرى.
وكان أولئك الذين فشلوا في القيام بدورهم يتعرضون للضرب، يتذكر أحد السجناء السابقين: “كان على الكلب أن ينبح، وعلى القطة أن تموء، وعلى الديك أن يصيح. كان هتلر يحاول ترويضهم. وعندما يربت على كلب كان على الكلب الآخر أن يتصرف بغيرة”.
وحسب الصحيفة في المزة، كان الحراس يعلقون السجناء بانتظام على سياج عراة ويرشونهم بالماء خلال الليالي الباردة.
وتابع أحد السجناء أن ضابطا أخبره ذات مرة أن امرأة تصرخ أيضاً في السجن ولكنها بعيدة عن الأنظار ثم اكتشف السجين أنها والدته.
وأحصى هذا السجين 19 من رفاقه في الزنزانة ماتوا بسبب المرض أو التعذيب أو الإهمال في شهر واحد.
بعض السجناء ظلوا لفترة طويلة بعيدون عن ما يجري في العالم حتى اعتقد بعضهم أن الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين الذي أعدم عام 2006 قد حررهم.
استخدم النظام وحشية وتكتيكات قمعية حيث كان يجري اعتقال أي شخص يعتبر عدوا سواء متظاهرا أو مدافعا عن حقوق الإنسان أو منشقا سياسيا أو أطباء عالجوا متظاهرين أو شخصيات معارضة فضلا عن أفراد أسر كل من سبق ذكرهم.
ووفقا للشبكة السورية لحقوق الإنسان فمنذ بداية الأحداث في سوريا عام 2011، ظل أكثر من 157 ألف شخص قيد الاعتقال أو اختفوا قسرا بما في ذلك 5274 طفلا و10221 امرأة، مضيفة أن أكثر من 15 ألف شخص لقوا حتفهم تحت التعذيب خلال تلك الفترة.
وقد وثقت الشبكة السورية 72 أسلوبا مختلفا من أساليب التعذيب التي يمارسها النظام، من بينها صعق الأعضاء التناسلية بالكهرباء أو تعليقها بأوزان ثقيلة؛ والحرق بالزيت أو قضبان معدنية أو بارود أو مبيدات حشرية قابلة للاشتعال؛ وسحق الرؤوس بين الجدار وباب الزنزانة؛ وإدخال الإبر أو الدبابيس المعدنية في الجسد؛ وحرمان السجناء من الملابس والاستحمام ومرافق المراحيض وما إلى ذلك.
جرائم الاغتصاب
ونقلت صحيفة “ديلي ميل” عن مريم خليف، التي سُجنت لتقديمها الإمدادات الطبية للمتمردين، وكانت محتجزة في زنزانة في الطابق السفلي مساحتها 3 أقدام مربعة (المتر المربع يساوي قرابة 10 أقدام مربعة)، حيث كانت تضم 6 نساء أخريات.
علق الحراس مريم على الجدران وضربوها، وتروي أنها رأت سجينا يشكوا من الجوع فقام الحراس بوضع البراز على وجهه.
كانت الدولة تمارس التعذيب والاغتصاب والقتل هذه الأساليب وغيرها كانت تمارس بلا تمييز على الرجال والنساء والأطفال.
تعرضت مريم للاغتصاب مرارًا وتكرارًا، مؤكدة تفشي العنف الجنسي.
وتابعت: “في منتصف الليل، كانوا يأخذون الفتيات الجميلات إلى العقيد سليمان جمعة، رئيس فرع 320 التابع لأمن الدولة السوري في حماة لاغتصابهن”، كما تقول شبكة حقوق الإنسان وكان هو وأصدقاؤه يعتدون عليهن في غرفة نوم مجاورة لمكتبه المزين بصورة الأسد.
أما سجن صيدنايا فيقع خارج دمشق، ويرتفع على تلة ويمتد على مساحة 1.4 كيلومتر مربع أي ما يعادل 184 ملعب كرة قدم ويحيط به حقلان للألغام.
وقد وجد تقرير لمنظمة العفو الدولية صدر عام 2017 أن الآلاف قُتلوا في عمليات شنق جماعية في صيدنايا، التي وصفتها المنظمة بأنها “مسلخ بشري”.
وقُتل ما بين 20 و50 شخصًا كل أسبوع في سجن صيدنايا وكانت عمليات القتل تتم عادة في ليالي الإثنين والأربعاء.
وقدرت منظمة العفو الدولية أن ما بين 5000 و13000 شخص أُعدموا بين سبتمبر 2011 وديسمبر 2015.
كانت المحاكمات داخل السجون تتم في دقيقتين أو 3 دقائق ثم إحضارهم إلى قبو وضربهم بشدة قبل أن يتم إعدامهم.
ولقد عانى الناجون من معاناة شديدة، فقد كانوا معصوبي الأعين باستمرار، وكانوا قادرين على سماع صوت الضرب والصراخ المتردد عبر فتحات التهوية والأنابيب.
كان العنف مستمراً إلى الحد الذي جعل السجناء قادرين على التمييز بين أصوات الأحزمة والكابلات الكهربائية على الجسد، والفرق بين الأجساد التي يتم لكمها أو ركلها أو ضربها على الحائط.
وكان بعض الضحايا محتجزين تحت الأرض في زنازين حبس شديدة البرودة مصممة لشخص واحد بأبعاد 8 أقدام في 5 أقدام، ولكنها كانت تستوعب ما يصل إلى 15 شخصاً في المرة الواحدة
————————–
سجون لا تشرق عليها الشمس سجناؤها يهلكون بلا ذنب
الغولاك السوري: معتقلات الأسد… إنه الجحيم!
سمر عبد الملك
إيلاف من لندن: في أحد شوارع دمشق، يسير شاب مولع بالبرمجيات، ومحب لموسيقى الروك، ومتابع لرياضة كرة السلة، مستمتعاً بإجازة صيفية يفترض أن يعود بعدها للالتحاق بالجامعة. يسمع فرامل توقف سيارة مسرعة بقربه، ويترجل منها مسلحون يعصبون عينيه، ويدفعون به بعنف إلى داخل السيارة التي تنطلق مسرعة نحو وجهة مجهولة… اسم الشاب أكرم، وهو مستعار اختاراه له لحمايته جابر بكر وأوغور أوميت أنغور مؤلفا الكتاب البحثي “الغولاك السوري: داخل معتقلات نظام الأسد”.
سرعان ما سيتذوق أكرم مرّ الاعتقال في زنزانات نظام الأسد، حيث الداخل مفقود، والخارج منها سيكون حتماً في عداد من كتب له عمر جديد.
لن يمضي وقت قصير حتى يجد أكرم نفسه معلقًا داخل زنزانته، مكبل اليدين، يخضع لتعذيب وحشي. تسقط على ظهره سلسلة سميكة، وهو يصرخ من الألم. يستغيث… فيجيب معذبه سائلاً: “أتريد الحرية؟”، وتنحدر السلسلة ممزقة الهواء لتهبط على ظهره مجدداً. يصرخ أكرم من الألم، فيعود صوت المعذب قائلاً: “هاك حريتك!”.
غولاك سوريا وحكم الأسدين
لكن ما تهمة أكرم؟ لقد أبدى إعجابه بمنشور ينتقد نظام الأسد على وسائل التواصل الاجتماعي، فكان مصيره الغولاك! يستمد كتاب “الغولاك السوري” اسمه من معسكرات الاعتقال السوفيتية المروعة، ويكشف عن مأساة المعتقلات والسجون في فترة حكم الأسدين الأب والابن في سوريا، والتي لم تكن أقل رعباً من تجارب الغولاك السوفيتي. وكان لعمليات الاعتقال التعسفية لنظام الأسد أصداء مرعبة إن في سوريا أو في الشرق الأوسط… إذ أضحت المعتقلات السمة الأساسية لتاريخ سوريا الحديث.
دهاليز مراكز الاعتقال
في ربيع عام 2011، انطلقت في سوريا ثورة شعبية ضد النظام، واجهها الأسد بقمع وعنف قل نظيرهما. اعتقلت قوات الأمن السورية مئات الآلاف من الأشخاص الذين أخضعوا للتعذيب والتصفية في مراكز الاعتقال. ومع ارتفاع أعداد المعتقلين السياسيين بشكل كبير بعد ثورة 2011، وسجن حوالى 300 ألف سوري، نفذ نظام الأسد عمليات إعدام جماعية بحق الآلاف في سجن صيدنايا العسكري الشهير، على بعد 30 كيلومترًا شمال دمشق. وتشير تقديرات منظمة العفو الدولية إلى أنه بين عامي 2011 و2015، تم إعدام حوالى 13 ألف شخص، من دون محاكمة.
خلف أسوار الدكتاتور
بعد أن نجح في الهرب إلى هولندا، قرر أكرم أن يروي قصته، ويطلع العالم على وحشية ما رآه واختبره في معتقلات التعذيب، لكن السرية الصارمة والرقابة التي تحيط بسجون الأسد جعلت البحث فيه مستحيلًا حتى الآن، بحسب ما جاء في تقديم الكتاب.
تلف مراكز الاعتقال تلك سرية تامة ورقابة مطلقة تحجب خروج أي معلومات إلى الملأ، تجنباً لجذب الأنظار إلى هول ما يحصل خلف أسوارها، حيث يخضع المعتقلون لتعذيب يومي. يعم الفساد أجهزة الاستخبارات التي تدير أسوأ المعتقلات في سوريا. ويتعرض معظم السجناء للتعذيب بشكل يومي، إن بالصدمات الكهربائية، أو بالضرب بواسطة أنابيب معدنية وعصي خشبية. كما يتعرضون للإغراق والحرق والخنق والاغتصاب. يعاني السجناء المعذبون من كسور في الأطراف وإصابات أخرى غالباً ما تؤدي إلى الإعاقة الدائمة أو الموت.
استراتيجية التخويف
يستغل نظام الأسد انحسار اهتمام وسائل الإعلام الدولية بالثورة السورية راهناً، ليواصل ممارسة القمع الوحشي بحق معارضيه، أو من يشتبه بأنهم يعارضونه، وهي وسيلة تخويف أساسية يرتكز عليها النظام ليبقى مطبقاً على السلطة. ولا يقتصر دور المعتقلات على معاقبة المذنبين فقط، بل يبتغي النظام السوري من هذه الاعتقالات القضاء على أي معارضة سياسية.
ازدحام ولا هواء
يسرد الكتاب مجموعة من الشهادات، ويستند إلى مصادر تشمل مقابلات وتقارير ومذكرات ورسوم وخرائط وصور، بالاضافة الى منشورات في وسائل التواصل الاجتماعي.
ويعاني السجناء من ظروف احتجاز صعبة وتعذيب يومي يتجاوز الوصف. يبلغ الازدحام في المعتقلات مستويات مخيفة، حيث يزج عدد كبير من السجناء ضمن مساحة ضيقة لا تتجاوز الأربعين سنتيمتراً مربعاً لكل سجين، وهي مساحة صغيرة جدًا بكل المقاييس. أضف إلى ذلك النقص في التهوئة، إذ تقل فتحات الهواء داخل الزنزانة، ما يؤدي إلى وفاة العديد من المعتقلين.
شهادات من الجحيم
نجح مؤلفا الكتاب بإجراء مقابلات مع أكثر من مئة سجين ناج من الجحيم، بالإضافة إلى أمنيين وحراس عملوا في السجن سابقاً، وشهود عيان. كذلك استند المؤلفان إلى مواد أرشيفية كثيرة، خلصت إلى نتائج صادمة، عرضناها آنفاً. ويقدم المؤلفان أدلة قوية تثبت أن سجون سورية هي الأسوأ في كل الدول العربية.
حكم الأسدين
تعود أصول هذا النظام القمعي إلى الفترة العثمانية، وتم تطويره في فترة الانتداب الفرنسي بغرض التوظيف السياسي. تفاقمت قسوة النظام في ظل حكم حزب البعث، وازدادت سوءًا بسطوة سلالة الأسد التي تسلمت زمام الأمور في البلاد ابتداءً من مطلع سبعينيات القرن الماضي، تحت حكم الأسد الأب. واستمر الابن والوريث بشار في التفنن بتعزيز أشكال العنف بشكل مخيف.
يوضح بيكر وأونغور كيفية تقسيم إدارة النظام بين الأجهزة الاستخباراتية والعسكرية والمدنية. يستخدم نظام الأسد هذا التقسيم لإبقاء الأجهزة في منافسة مستمرة، بما يضمن له الحفاظ على السلطة. أدوات النظام تعمل على تعذيب السجناء لإثبات ولائهم… بشدة أيضاً!
منظومة شيطانية
الكتاب يفتح أبواب منظومة المخابرات السورية بأسلوب مثير، كاشفًا عن تشعباتها المعقدة وأوكارها الخفية التي يُديرها ضباط الارتباط من خلف مكاتبهم في القصر الجمهوري. يُفكك الكتاب تفاصيل آلية عمل ضباط الصف في فروع الأمن، مُسلطًا الضوء على دورهم الحاسم في تحديد مصائر المعتقلين والتحكم الكامل بحياتهم. كل هذا يحدث في إطار خطط ترسمها عقول شيطانية متخصصة في القمع.
في لمحة أخرى، يكشف الكتاب عن فنون التلاعب بالهويات وتزويرها، مُسلطًا الضوء على تغيير حروف اسم المعتقل بهدف إخفاء هويته وتمويه وجوده، وتخصيص أرقام للمعتقلين، ما يجعل عملية البحث عنهم من قبل ذويهم أشدّ عذاباً وقسوة من عذابات المعتقل نفسه.
بينما يستمر القمع والتعذيب، يبين بيكر وأونغور أنه من المستبعد تحقيق أي تغيير في النظام من دون تدخل عسكري غربي. يتساءلان عن مصير الأرض المظلمة والظالمة تحت حكم آل الأسد، مع تزايد التحديات واستمرار الفظائع في معتقلات التعذيب أو ما يصفه المؤلفان بأنه “جحيم على الأرض”.
الكتاب يصوّر الضحايا والجناة في علاقاتهم المتبادلة داخل أكثر السجون رعباً في العالم. ويعدّ الكتاب وثيقة تاريخية غاية في الأهمية عن سجون الأسد ومعسكرات اعتقاله.
لقد كان أكرم محظوظاً نسبياً، إذ أمضى ثلاثة أشهر فقط في قبضة المخابرات في سجن مطار المزة العسكري “حيث لا تشرق الشمس”، جنوب غربي مدينة دمشق، لينجو بعدها من محنته هارباً إلى هولندا.
* أوغور أوميت أنجور أستاذ دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية في جامعة أمستردام ومعهد (NIOD)، نشر كتباً ومقالات حول جوانب مختلفة من الإبادة الجماعية، بما فيها ذلك إبادة الأرمن
** جابر بكر باحث وصانع أفلام وثائقيّة وروائي وناشط حقوقي. اعتقل بين عامَي 2002 و2004 في سجنِ صيدنايا العسكري في سوريا
———————————-
روسيا تطلب مساعدة تركيا لإجلاء جنودها من سوريا
هل اتفقت “قوى كبرى” على تسليم مفتاح دمشق لأردوغان؟
قصي درويش
إيلاف من موسكو: طلبت القوات الروسية من تركيا دعم خروجها الآمن من سوريا في أعقاب الهجوم السريع الذي قادته فصائل إسلامية وأدى إلى تغيير النظام، وفق ما ذكرته صحيفة “موسكو تايمز” نقلاً عن قناة “سي إن إن تورك” الأحد.
وقالت القناة إن روسيا ستسحب قواتها البرية، لكن الطلب لم يشمل منشآتها البحرية في طرطوس أو قاعدة حميميم الجوية، بحسب مصادر لم تسمها.
وذكرت التقارير أن الجنود الروس سيتم إرسالهم إلى الأجزاء التي تسيطر عليها تركيا في سوريا، ومن ثم إجلاؤهم إلى روسيا جواً.
ويعد الطلب الروسي من تركيا بمثابة اعتراف ضمني بالنفوذ التركي في سوريا في مرحلة ما بعد سقوط الأسد، وهو ليس المؤشر الأول على الاعتراف بهذا النفوذ، فقد بدأ الأتراك في مطاردة الأكراد في سوريا، وسط صمت عالمي، يوحي بأن مفاتيح اللعبة أصبحت في يد تركيا، كما أن وجود الفصائل الإسلامية السنية الموالية لتركيا في صدراة المشهد الثوري والسياسي في سوريا يرجح نظرية السيطرة التركية في المرحلة المقبلة.
بيسكوف يعترف بالنفوذ التركي في سوريا
واستخدمت القوات الروسية هذه القواعد في عام 2015 لمساعدة حليف موسكو، الرئيس المخلوع بشار الأسد، في سحق المعارضة السورية وإرهابيي تنظيم الدولة الإسلامية، وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف يوم الاثنين إن موسكو تعتبر أمن القواعد “مهمًا للغاية”.
وأضاف “إننا نبذل كل ما هو ممكن وضروري للتواصل مع أولئك القادرين على توفير الأمن، كما يتخذ جيشنا التدابير الاحترازية”.
وقال بيسكوف للصحفيين إنه “من السابق لأوانه” مناقشة مستقبل طرطوس وحميميم، قائلا إنها “موضوع للنقاش مع من سيكون في السلطة في سوريا”.
وأضاف أن روسيا تجري محادثات مع تركيا، حليفة قوات المتمردين التي أطاحت بالأسد بعد تقدم استمر أسبوعين، ونقلت وكالات أنباء روسية، الأحد، عن مصادر لم تسمها، قولها إن المتمردين الذين أطاحوا بالأسد “ضمنوا أمن القواعد العسكرية الروسية والمؤسسات الدبلوماسية على الأراضي السورية”.
————————
السفير السوري لدى الأمم المتحدة يكشف “تعليمات الفصائل“
بينما يتم إنتظار حكومة جديدة
إيلاف من دمشق: قال سفير سوريا لدى الأمم المتحدة إن سفارات وبعثات سوريا الدبلوماسية تلقت تعليمات بمواصلة أداء مهامها خلال الفترة الانتقالية الحالية.
وأوضح السفير قصي الضحاك، مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، لمجموعة من الصحفيين، الإثنين، خارج مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث كان الأعضاء يعقدون مشاورات طارئة مغلقة بشأن الإطاحة بالرئيس بشار الأسد من قبل الفصائل المسلحة: “نحن مع الشعب السوري”.
وأضاف الضحاك: “سوريا تشهد الآن مرحلة جديدة من التغيير، مرحلة تاريخية جديدة في تاريخها، والسوريون يتطلعون لإقامة دولة الحرية والمساواة وسيادة القانون والديمقراطية”.
وتابع قائلا: “سوف نعمل معا لإعادة بناء بلدنا، لإعادة ما دُمر، ولإعادة بناء المستقبل، مستقبل أفضل لسوريا من أجل جميع السوريين”.
وأشار إلى أن بعثة سوريا في الأمم المتحدة تتبع التعليمات من القادة، الذين يضعون سياسة البلاد الخارجية، وأضاف أنه بينما يتم انتظار حكومة جديدة “نحن نواصل العمل مع الحكومة الحالية والقيادة”.
———————–
ماذا ينتظر أسماء الأسد؟
جواز سفر بريطاني وتحقيقات جرائم حرب تلوح في الأفق
إيلاف من دمشق: بعد سقوط نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، وفراره برفقة عائلته إلى روسيا، تتجه الأنظار إلى مستقبل زوجته أسماء الأسد، التلميذة البريطانية السابقة التي ولدت في لندن ودرست فيها.
هل تعود إلى لندن؟
ولا تزال أسماء تحمل جواز سفر بريطانياً، ومن الناحية النظرية يمكنها العودة إلى لندن مع أطفالها، وإن لم يكن ذلك ليشبه إلى حد كبير الحياة التي كانت لتعيشها.
لكن حتى لو قبلتها الحكومة، ستضطر أسماء إلى ترك زوجها، لأنه سيتعرض للاعتقال على الفور إذا وطأت قدماه أرض المملكة المتحدة، وفق تقرير لصحيفة “تليغراف” البريطانية.
قد تواجه الاعتقال
وقد تواجه أسماء الاعتقال أيضاً، حيث فتحت شرطة العاصمة البريطانية في عام 2021 تحقيقا أولياً في مزاعم تفيد بأنها حرضت وساعدت في ارتكاب جرائم حرب ارتكبها الجيش السوري خلال الحرب الأهلية التي طال أمدها.
فيما لن يفتقر آل الأسد إلى المال في منفاهم الروسي، إذ يقال إنهم يملكون ثروة تقدر بـ 2 مليار دولار، ولكن من غير المعروف ما إذا كانت أسماء ستعود إلى وطنها البريطاني أم لا.
بدوره أوضح بات ماكفادن، وهو وزير في مجلس الوزراء البريطاني، أن أسماء لم تطلب ذلك، ولن تتكهن برد الحكومة إذا فعلت ذلك.
في الوقت نفسه، يقف منزل طفولتها في أكتون فارغا، وستائره مسدلة وحديقته مغطاة بالأعشاب، ويقول الجيران إن والدي أسماء كانا يتنقلان ذهابا وإيابا من سوريا إلى هناك طوال الحرب.
لكنهم لم يروا والدتها منذ ما قبل جائحة كورونا، بينما شوهد والدها آخر مرة وهو يقود سيارته في عطلة نهاية الأسبوع قبل الماضي.
من جانبه قال جيمس فيلبوت، رئيس مخطط مراقبة الحي في الشارع إن “لدي شعورا بأنهم (أي الأسد وزوجته) كانا لديهما فكرة أن النهاية اقتربت”.
ليست موضع ترحيب
ولن يكون أهل الأخرس ولا أسماء موضع ترحيب بالعودة، وفق التقرير البريطاني، حيث يعيش العديد من السوريين في المنطقة، ويقال إن العائلة كانت على علاقة متوترة بجيرانها حتى قبل أن يفقدوا حماية أقاربهم الأقوياء في دمشق.
ولفت فيلبوت إلى أن “هناك أشخاصا فقدوا أحباءهم، وأشخاصا لديهم عائلة في سوريا قُتلوا أو عُذبوا، لذا أستطيع أن أفهم العداوة. إنها ليست عداوة علنية، لكنهم يعاملون ببرود”. وتابع أنهم “إذا انتقلوا بعيدا سيكون هناك ارتياح كبير”.
يذكر أن الاتحاد الأوروبي فرض حظر سفر وتجميد أصول على أسماء. وفي عام 2020، فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها لتجميع “مكاسب غير مشروعة على حساب الشعب السوري” واستخدام “جمعياتها الخيرية المزعومة” “لتعزيز القوة الاقتصادية والسياسية”.
وأسماء هي ابنة فواز الأخرس، طبيب قلب من مدينة حمص.
—————————-
مركز البحوث العلمية المستهدف بغارات إسرائيلية في دمشق «دُمّر بالكامل»
10 ديسمبر 2024 م
دُمِّر مركز البحوث العلمية في دمشق، التابع لوزارة الدفاع السورية، الذي استهدفته غارات إسرائيلية، مساء الاثنين، بشكل كامل، وفق ما أفاد به مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية».
وكان هذا المركز الواقع في برزة الذي تقول الولايات المتحدة إنه مرتبط ببرنامج الأسلحة الكيماوية السوري، قد استُهدف في أبريل (نيسان) 2018 خلال ضربات أميركية وفرنسية وبريطانية منسقة.
رجل يقف وسط الأنقاض في حين تستمر أجزاء من مركز برزة للأبحاث العلمية شمال دمشق في الاحتراق (أ.ف.ب)
وكان 3 شهود قالوا لوكالة «رويترز» للأنباء إن انفجارين على الأقل وقعا قرب دمشق، ليل الاثنين، بمنطقة برزة؛ حيث يوجد مقر للمركز السوري للدراسات والبحوث العلمية. وقد فُرضت عقوبات على المركز في السابق، وجرى استهدافه بضربات لصلاته بإنتاج أسلحة كيماوية إبان عهد الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.
ودُمرت أبنية المركز الثلاثة مدمرة بشكل كامل، وسُوِّيت بالأرض، بينما تتصاعد النيران من تحت الركام ومن أوراق مذيلة بعبارة «مركز البحوث العلمية».
وقال موظف يعمل في المركز منذ 25 عاماً، فضَّل عدم ذكر اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كان للمركز نشاط عسكري سابقاً، لكنه منذ سنوات لم يعد له سوى نشاط مدني، ويسهم في تطوير صناعة الأدوية». وأضاف: «في دمشق مركزا بحوث علمية، واحد في بلدة جمرايا، والآخر هنا في برزة… الاثنان سُوِّيَا بالأرض». وكانت رائحة البارود تعم المكان، ما اضْطَرَّ الموظفين الذين كانوا يتجولون في المكان إلى وضع قطعة قماش على أنوفهم.
وخلال الجولة، قال موظف آخر يعمل في المركز منذ 4 عاماً: «هذه مقدَّرات سوريا، وهذا الدمار على حسابي وحساب أبنائي وأحفادي (…) المركز الآن هو صفر، انتهى كل شيء… بشار الأسد متآمر مع إسرائيل». وكانت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا شنت في نيسان 2018 ضربات استهدفت مركز البحوث العلمية وقواعد ومقرات عسكرية مرتبطة ببرنامج السلاح الكيميائي السوري في دمشق ووسط البلاد، وفق ما أعلنت الدول الثلاث حينذاك. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إنه وثق «أكثر من 300 غارة إسرائيلية على الأراضي السورية منذ سقوط بشار الأسد، الأحد».
وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة استهدفت بشكل رئيسي الأصول العسكرية للجيش السوري، بما في ذلك بطاريات الدفاع الجوي المتقدمة ومنشآت عسكرية أخرى دُمِّرت بشكل كامل.
—————————-
«السيدة زينب» تتخلص من «الصبغة الإيرانية» بفرح كبير
إزالة صور الخميني وخامنئي ونصر الله… والإشراف على المقام عاد لأبناء المنطقة
10 ديسمبر 2024 م
تبدل المشهد كثيراً في منطقة «السيدة زينب» التي كانت تعدّ المعقل الرئيس لإيران في جنوب دمشق، عقب سيطرة قوات المعارضة على العاصمة السورية وسقوط حكم الرئيس بشار الأسد.
فالمنطقة تخلصت خلال ساعات، وبفرح «كبير» من الصبغة الإيراني التي ألبست بها خلال سنوات كانت توصف خلالها بأنها «مدينة إيرانية» وليست سورية. في غضون يومين اختفى منها النفوذ الكبير الذي رسخته فيها إيران وميليشياتها و«حزب الله» اللبناني، وانتهت سيطرتهم عليها؛ وهو ما ترك ارتياحاً واسعاً لدى أهلها؛ لأن منطقتهم «عادت إلينا»، وفق ما قال بعضهم لـ«الشرق الأوسط» التي زارت المنطقة الثلاثاء.
مسلح مع المعارضة في منطقة السيدة زينب بعد إزالة حاجز «حزب الله» (الشرق الأوسط)
في سوق «بهمن»، التي تعدّ من أكبر وأهم الأسواق في «السيدة زينب»، لا يخفي صاحب محال تجارية سعادته بتبدل الأوضاع خلال ساعات، ويقول بفرحة كبيرة بدت واضحة على وجهه: «إسقاط الأسد تم بسواعد أولادنا الذين أعادوا (السيدة زينب) إلى أهلها الطيبين، وفرحتنا عارمة». ويضيف: «لقد اختفت إيران، وأغلب عائلات من جلبتهم ترحل والباقي منهم منزوٍ في منازله»، مؤكداً أن الوضع في المنطقة الآن «أفضل بكثير».
اختفاء الصور الإيرانية
في قلب سوق «بهمن»، بدا التغيّر في مشهده جلياً؛ إذ أُزيل حاجز «حزب الله» من بدايتها، واختفت بشكل شبه تام منها المظاهر المسلحة واليافطات التي كانت تُكتب عليها عبارات مذهبية، وكذلك صور الخميني وخامنئي وأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله الذي قُتل في غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت تلك الصور تعلق بشكل مكثف في السوق وعلى واجهات المحال التجارية.
الرجل الستيني يروي لـ«الشرق الأوسط»، وهو جالس أمام واجهة أحد المحال المختصة ببيع السكاكر، جانباً من تاريخ المنطقة: «أنا من أهالي المنطقة الأصليين، وقد خٌلقت وعشت فيها، وإيران منذ ما قبل اندلاع الثورة (السورية في 2011)، وهي تعمل للسيطرة عليها بحجة وجود مقام (السيدة زينب) فيها».
ويضيف: «زاد ذلك بعد نشوب الثورة؛ إذ جلبت إيران إليها آلاف المقاتلين الشيعة من كل الدول وشكلت منهم ميليشيات وملّكتهم ووطنتهم فيها، وقد استولوا على أملاك مقاتلي المعارضة بعد تهجيرهم قسراً من منطقتهم. كما غيرت إيران أسماء الطرق والحارات والأسواق والمحال والفنادق وانتشرت صور رموزها ورفعت أعلامها ورايات ميليشياتها في كل مكان حتى تغيّر وجه المنطقة بشكل كلي وباتت كأنها (شيعية)، وأصبحنا نحن أقلية والغرباء أكثرية، وباتوا يتحكمون فينا بالصغيرة والكبيرة، ويفرضون ما يريدون ويضيّقون علينا لشراء أملاكنا بأرخص الأسعار، والنظام البائد الذي ولّى، لم يكن يقوم بأي شيء لإيقاف ذلك لأنهم ساعدوه على شعبه».
إدارة أهلية للمقام
ويذكر الرجل أن وفداً من فصائل المعارضة عقد الأحد الماضي اجتماعاً مع وجهاء المنطقة في مقر البلدية، أوضح خلاله أن مقام «السيدة زينب» الذي تحججت إيران في بداية الثورة بحمايته، وجلبت بتلك الحجة آلاف المسلحين الشيعة إلى البلاد، فسيتم الإشراف عليه من أهل المنطقة، بعدما كانت الميليشيات الإيرانية، خصوصاً «حزب الله» يقومون بذلك.
ويضيف: «سنقدم له كل ما يحتاج إليه وسنطوّره، وأهلاً وسهلاً بكل من يريد زيارته من سوريا وغير سوريا. نحن لسنا ضد (أتباع) أي طائفة أو مذهب، بل نحن ضد كل من يريد سلبنا أملاكنا ومدننا وتغيير طبيعتها، ونحن ضد الظلم والاستبداد».
«مشهد (السيدة زينب) حالياً ترك راحة نفسية كبيرة لدى أهلها»، بهذه العبارة عبّر عما حدث صاحب محل آخر، وهو أيضاً من أهل المنطقة الأصليين، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أساءوا جداً إلى المنطقة وأهلها، ومن دونهم (السيدة زينب) ستكون بخير وأهلها أفضل بكثير».
ويضيف الرجل: «كنا نقدم الخدمات لهم، ونتجنب الاحتكاك بهم، ورغم كل ذلك كانوا يدخلون إلى محالنا بحجة الشراء ويتحدثون بعبارات مسيئة استفزازية. تصور أننا كنا نقدم لهم الخدمة وفي اليوم التالي يعتقلون أولادنا بحجج كاذبة، وكل ذلك من أجل تطفيشنا، لكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح، فقد استيقظنا صباح الأحد ولم نرهم». وتوقع صاحب المحل، أن يقوم أصحاب المحال التجارية المسماة بأسماء مذهبية شيعية، بتغيّر تلك الأسماء.
ترتيبات جديدة
ومع الوصول إلى مدخل مقام «السيدة زينب» الشرقي والواقع في نهاية السوق من الجهة الشرقية، يوجد أشخاص سوريون بلباس مدني غير مسلحين ينظمون الدخول إلى المقام، بعدما كان مقاتلو «حزب الله» يقومون بذلك وهم مسلحون.
وفي قلب المقام، تمت إزالة صور الخميني وخامنئي ونصر الله والرموز المذهبية، التي كانت تنتشر في أرجائه كافة، بينما كان رجال دين شيعة يتبادلون الحديث مع وفد من «إدارة العمليات العسكرية» عند مدخل أحد الأقسام، ويٌعتقد أن الحديث كان يدور حول الترتيبات الجديدة للإشراف على المقام وعملية الدخول إليه.
وخلال دردشة قصيرة لمراسل «الشرق الأوسط» مع فتاة موظفة في المقام، شككت في أن تكون «سوريا أفضل» مع الوضع الجديد.
كما تمت إزالة كل رايات الميليشيات الإيرانية و«حزب الله» التي كانت مرفوعة على السور الخارجي للمقام، وصور الرموز الإيرانية المذهبية من على جدرانه.
طريق بلا حواجز
ويتم الدخول إلى «السيدة زينب»، الواقعة على بعد نحو 8 كيلومترات جنوب شرقي العاصمة دمشق، عبر طريقين رئيستين: الأولى «مفرق المستقبل» على الجانب الغربي من طريق مطار دمشق الدولي، والأخرى من داخل دمشق، ويبدأ من حي القزاز على المتحلق الجنوبي، ومن ثم بلدة ببيلا فـبلدة حجيرة، وصولاً إلى «السيدة زينب».
وبخلاف ما اعتاد عليه أهالي المنطقة وزوارها طيلة سنوات الحرب الـ13 كانت الطريق الممتدة من مفرق المستقبل حتى مدخل «السيدة زينب» الشرقي والبالغ طولها أربعة كيلومترات، خالية من حواجز «حزب الله» و«الفرقة الرابعة» التابعة لجيش الأسد والتي كان ينتشر فيها العشرات من عناصرهم، وكذلك من صور الأسد الفار.
على طول هذه الطريق شوهد عدد من السيارات التابعة لفصائل المعارضة متوقفة على جانب الطريق وتفصل بين كل واحدة وأخرى مئات الأمتار، وكذلك مقاتلون منها ومن أهل المنطقة، وذلك من أجل حماية الطريق والسيارات والمارة فيها، من دون إزعاجات، وتحسباً لأي طارئ قد يحدث.
عَلم الثورة
ويلاحظ عند الوصول إلى مشارف «منطقة الروضة»، وهي المدخل الشرقي لـ«السيدة زينب»، رفع عَلم الثورة السورية في منتصف «دوار الروضة»، في حين أُزيلت صور الخميني وخامنئي ونصر الله التي كانت تعلق بكثافة في المنطقة.
وينتشر عند ذلك المدخل بشكل مكثف مقاتلون من فصائل المعارضة، على مسرب الخروج منها المنطقة، ويقومون بعمليات تفتيش دقيقة للسيارات الخارجة منها.
وأوضح مقاتل من المعارضة، أن عمليات التفتيش تهدف إلى ضبط أي أشياء تم «تعفيشها» خلال حالة الفوضى التي حدثت ليلة سقوط الأسد.
وأكدت مصادر أهلية من المنطقة، أنه وبمجرد انتشار خبر سقوط حكم الأسد وفراره ودخول فصائل المعارضة ليلة السبت – الأحد الماضية، علت تكبيرات «الله أكبر» من مآذن المساجد، وسُمعت أصوات الزغاريد فرحاً بالخلاص من نظام الظلم والاستبداد، وذلك بعد أن كانت إيران وميليشياتها أخلوا مقارهم قبل يوم أو يومين.
الشرق الوسط
——————————–
أكثر من 300 غارة إسرائيلية على سوريا منذ سقوط الأسد
التوغل العسكري وصل حتى 25 كيلومتراً جنوب غربي دمشق
10 ديسمبر 2024 م
أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الثلاثاء، بأنه وثّق أكثر من 300 غارة إسرائيلية على الأراضي السورية منذ سقوط بشار الأسد الأحد، في وقت تحدثت فيه مصادر أمنية عن توغل القوات الإسرائيلية حتى 25 كيلومتراً جنوب غربي دمشق.
وأوضح المرصد أنه تمكن من توثيق نحو 322 غارة نفذتها الطائرات الحربية الإسرائيلية على الأراضي السورية، منذ إعلان سقوط الأسد صباح الأحد، فيما أفاد صحافيون من «وكالة الصحافة الفرنسية» في العاصمة بأنهم سمعوا دوي انفجارات في وقت مبكر الثلاثاء.
وذكر المرصد في وقت سابق أن الغارات الإسرائيلية في مختلف أنحاء سوريا «دمّرت أهمّ المواقع العسكرية» في هذا البلد، بما في ذلك مطارات ومستودعات وأسراب طائرات ورادارات ومحطات إشارة عسكرية ومستودعات أسلحة وذخيرة ومراكز أبحاث علمية وأنظمة دفاعات جوية، فضلاً عن منشأة دفاع جوي وسفن حربية في ميناء اللاذقية في شمال غربي البلاد.
وسُمع دويّ انفجارات عنيفة في دمشق صباح الثلاثاء، بحسب ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية». وأظهرت مشاهد فيديو لخدمة البثّ الحيّ من الوكالة أعمدة من الدخان ترتفع فوق وسط العاصمة السورية.
ثلاث قواعد جوية رئيسة
وأكد مصدران أمنيان سوريان لوكالة «رويترز» للأنباء أن إسرائيل قصفت قواعد جوية رئيسة في سوريا ودمرت بنية تحتية وعشرات الطائرات الهليكوبتر والمقاتلات.
وذكر المصدران أن طائرات إسرائيلية قصفت ما لا يقل عن ثلاث قواعد جوية رئيسة للجيش السوري تضم عشرات الطائرات الهليكوبتر والطائرات الحربية في أكبر موجة من الضربات على القواعد الجوية منذ الإطاحة بالأسد. وأضاف المصدران أن قاعدة القامشلي الجوية في شمال شرقي سوريا وقاعدة شنشار في ريف حمص ومطار عقربا جنوب غربي العاصمة دمشق تعرضت جميعها للقصف.
كما شنت إسرائيل عدة ضربات على مركز أبحاث على مشارف دمشق ومركز للحرب الإلكترونية بالقرب من منطقة السيدة زينب بالعاصمة.
سحب الدخان تتصاعد من ضاحية في دمشق جراء غارة إسرائيلية استهدفت موقعاً عسكرياً للجيش السوري (أ.ف.ب)
التوغل الإسرائيلي يقترب من دمشق
إلى ذلك، قال مصدران أمنيان إقليميان ومصدر أمني سوري لـ«رويترز»، الثلاثاء، إن توغلاً عسكرياً إسرائيلياً في جنوب سوريا وصل إلى نحو 25 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من العاصمة دمشق.
وأوضح المصدر الأمني السوري أن القوات الإسرائيلية وصلت إلى منطقة قطنا التي تقع على مسافة عشرة كيلومترات داخل الأراضي السورية إلى الشرق من منطقة منزوعة السلاح تفصل هضبة الجولان المحتلة عن سوريا.
ونفى متحدث باسم الجيش الإسرائيلي في وقت لاحق وصول التوغل في سوريا لمسافة 25 كيلومتراً من دمشق، وأكد أن القوات الإسرائيلية لم تتجاوز المنطقة العازلة.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن القوات الإسرائيلية باتت تبعد نحو 25 كيلومتراً عن ريف دمشق. وقال المرصد، الذي يوثق أعمال العنف في سوريا، إن القوات الإسرائيلية المتوغلة «وصلت لقرب منازل للمدنيين في قرية الحميدية بريف القنيطرة عند الحدود مع الجولان السوري المحتل».
وطبقا للمرصد، «توغلت القوات الإسرائيلية بأعداد من الدبابات والجنود والآليات ووصلت إلى بلدات عين التينة وعين العليقة غرب بلدة حضر، بالإضافة لبلدة بئر الجوز وغرب باب الحداد، وتبعد القوات الإسرائيلية نحو 25 كيلومتراً عن ريف دمشق».وقبل يومين، شهدت مناطق مختلفة في ريف القنيطرة تصعيدا عسكرياً إسرائيلياً تمثل بتوغل عدد من الدبابات والمدرعات ووصولها إلى جسر الرقاد غرب المحافظة، كما اقتربت القوات الإسرائيلية من منازل المدنيين في قرية الحميدية شمال القنيطرة، على بعد 100 متر فقط، بعد فتح بوابة المنطقة وتنفيذ عمليات تمشيط ناري مكثف.
————————
مخاوف من وقوعها بـ«الأيدي الخطأ»… ماذا نعرف عن الأسلحة الكيميائية في سوريا؟
10 ديسمبر 2024 م
تُحقِّق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في مخزونات سوريا منذ عام 2013، وواجهت تأخيراً وعراقيل، مشككةً في تقديم دمشق الصورة كاملة بهذا الشأن.
فيما يأتي بعض الأسئلة الرئيسية في أعقاب إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد على أيدي فصائل مسلحة، وما تثيره من مخاوف بشأن السيطرة على ترسانة الأسلحة الكيميائية المحتملة.
وقد أعلنت إسرائيل أنها شنّت غارات جوية استهدفت «الأسلحة الكيميائية المتبقية» لمنع وقوعها «في أيدي متشددين».
ما الوضع الحالي؟
أعرب المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) عن «قلقه الشديد» بشأن مخزونات سوريا المحتملة.
وقال فرناندو أرياس إنه قد تكون هناك «كميات كبيرة من عناصر أسلحة كيميائية أو ذخائر كيميائية قد تكون غير معلنة أو لم يتم التحقق منها» في سوريا.
منذ عام 2014، طرحت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية 26 مسألة منفصلة بشأن المخزونات المحتملة في سوريا، ولم يتم حل سوى سبع منها.
وقال أرياس للمندوبين في الاجتماع السنوي للمنظمة إنه «على الرغم من العمل المكثّف منذ أكثر من عقد، ما زال من غير الممكن إغلاق ملف الأسلحة الكيميائية في الجمهورية العربية السورية».
وقالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، الاثنين، إنها اتصلت بالسلطات السورية لتأكيد «الأهمية القصوى» لتأمين الأسلحة.
بمَ صرحت سوريا؟
بضغط روسي وأميركي، وافقت سوريا في سبتمبر (أيلول) 2013 على الانضمام إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والكشف عن مخزونها وتسليمه لتجنب شن الولايات المتحدة وحلفائها ضربات جوية.
جاء ذلك بعد هجوم كيميائي في الغوطة في ضواحي دمشق، شكَّل تجاوزاً لـ«الخط الأحمر» الذي حدده الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما.
ونُسب الهجوم على الغوطة الشرقية الذي أسفر عن سقوط أكثر من ألف قتيل، حسب الاستخبارات الأميركية، إلى الحكومة السورية التي نفت ضلوعها وحمَّلت المسؤولية لفصائل مسلحة معارضة.
في يناير (كانون الثاني) 2016، أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن الإزالة الكاملة لـ1300 طن من الأسلحة الكيميائية من سوريا وتلفها، بعدما صرحت عنها السلطات.
لكنَّ المنظمة تشتبه في أن إعلان سوريا الأوّلي عام 2013 كان مليئاً بـ«الثغرات والتناقضات».
وقال ليني فيليبس، الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة ومقره في لندن، لوكالة الصحافة الفرنسية: «أرى أنه من الواضح أن التصريح لم يكن كاملاً على الإطلاق وأنهم يمتلكون أسلحة كيميائية لا تزال مخزنة في مكان ما».
لماذا علَّقت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية نشاط سوريا؟
في عام 2021، حرَم أعضاء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية سوريا من حقوق التصويت بعد تحقيقٍ ألقى اللوم على دمشق في هجمات بالغاز السام نُفّذت بعدما قالت إن مخزونها لم يعد موجوداً.
توصلت المنظمة التابعة للأمم المتحدة إلى أن القوات الجوية السورية استخدمت غاز السارين وغاز الكلور في ثلاث هجمات على قرية اللطامنة في عام 2017.
وتصاعدت الضغوط عندما خلص تحقيق ثانٍ أجرته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى أن مروحية سورية ألقت قنبلة كلور على مدينة سراقب في أثناء سيطرة فصائل معارضة عليها في عام 2018.
وفشلت دمشق في الالتزام بمهلة التسعين يوماً للتصريح عن الأسلحة المستخدمة في الهجمات، والكشف عن مخزوناتها المتبقية، والامتثال لعمليات التفتيش التي تقوم بها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
ما الأدلة على استخدام الأسلحة الكيميائية؟
في عام 2014، أنشأت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ما سمَّتها «بعثة لتقصي الحقائق» بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.
وأصدرت البعثة 21 تقريراً غطَّت 74 حالة استخدام محتمل للأسلحة الكيميائية، وفق المنظمة.
وخلص المحققون إلى أن الأسلحة الكيميائية استُخدمت، أو من المرجح أنها استُخدمت، في 20 حالة.
وفي 14 من تلك الحالات، كانت المادة الكيميائية المستخدمة هي الكلور. وفي ثلاث حالات أخرى، استُخدم غاز السارين، وفي الحالات الثلاث المتبقية استُخدم غاز الخردل.
مَن كان المسؤول؟
أنشأت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أيضاً بعثة ثانية باسم «فريق التحقيق وتحديد الهوية»، من أجل تحديد المسؤولية عن استخدام الأسلحة الكيميائية.
وباستخدام التحليل الجنائي ومقابلات مع شهود واختبارات طبية على الضحايا، خلص الفريق إلى أن الجيش السوري كان وراء ثلاث هجمات.
وبالإضافة إلى هجوم اللطامنة عام 2017 والهجوم على سراقب عام 2018، اتهم الفريق القوات الحكومية أيضاً بشن هجوم بغاز الكلور على مدينة دوما في أثناء سيطرة فصائل معارضة عليها في عام 2018، مما أسفر عن مقتل 43 شخصاً.
وخلص «فريق التحقيق وتحديد الهوية» الدولي إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام نفَّذ هجوماً بأسلحة كيميائية في سبتمبر (أيلول) 2015 في مدينة مارع السورية.
ماذا بعد؟
تبذل القوى الدولية جهوداً حثيثة لضمان عدم وقوع المخزونات في الأيدي الخطأ.
وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية إن الجيش الأميركي لديه «معلومات دقيقة» فيما يتعلق بمواقع الأسلحة.
وأكد المسؤول: «نبذل كل ما في وسعنا لضمان أن هذه المواد… إمَّا أن تكون غير متاحة لأي طرف وإما أن يتم الإشراف عيها».
في الأثناء، قال وزير الخارجية الإسرائيلي إن طائرات تابعة لجيش بلاده قصفت «الأسلحة الكيميائية المتبقية حتى لا تقع في أيدي متطرفين».
من جهتها، قالت هيئة تحرير الشام التي قادت تحالف الفصائل الذي أطاح الأسد، إنها «لا تمتلك أي نية أو رغبة» في استخدام الأسلحة الكيميائية.
وقال فيليبس، من المعهد الملكي للخدمات المتحدة: «أظن أنهم يريدون نوعاً ما من التدخل الخارجي لمساعدتهم إمَّا على إزالة تلك الأسلحة الكيميائية وإما على تدميرها».
———————-
قطاع النفط في سوريا… بعد سقوط الأسد وانقطاع الشحنات الإيرانية
بنية تحتية متهالكة… وإعادة التأهيل تحتاج استثمارات ضخمة تُقدَّر بالمليارات
10 ديسمبر 2024 م
تطرح إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد -نهاية الأسبوع الماضي- السؤال حول ما يحمله المستقبل لقطاع النفط الحيوي في البلاد، والذي أصابته الحرب الأهلية المستمرة منذ 13 عاماً بالشلل، ما دفع النظام السوري إلى الاعتماد بشكل كبير على إيران، لتشغيل المصفاتين النفطيتين في حمص وبانياس.
فمنذ أن دخلت العقوبات الغربية أواخر عام 2011، باتت سوريا عاجزة عن تصدير النفط بعدما كانت مصدِّراً صافياً. وكان القطاع يشكل جزءاً كبيراً من إيرادات الحكومة قبل الحرب، وساهم بنحو 35 في المائة من عائدات التصدير الإجمالية.
ومنذ عام 2012، بدأ النظام السوري يخسر حقول النفط وآباره تباعاً (غالبها في شمال شرقي البلاد)، لتؤول السيطرة على غالبية الحقول لصالح «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المكونة في غالبها من مقاتلين أكراد. وباتت هذه الأخيرة تسيطر على أكبر 3 حقول نفطية في سوريا، وهي: السويدية، ورميلان، والعمر، إضافة إلى 10 حقول أخرى تتوزع بين محافظتَي الحسكة ودير الزور.
وذكرت وزارة النفط السورية مطلع العام الحالي، أن خسائر قطاع النفط من عام 2011 حتى بداية 2024، تخطَّت المائة مليار دولار.
وقد دفعت العقوبات بالنظام إلى الاعتماد على واردات الوقود من إيران، من أجل الحفاظ على استمرار إمدادات الطاقة. ففي عام 2024 وحده -وحتى الآن- أرسلت إيران ما يقرب من 19 مليون برميل من النفط الخام إلى سوريا، وفق بيانات شركة «كبلر»، بحيث شملت شحنة إلى 4 شحنات من الناقلات شهرياً إلى ميناء بانياس السوري.
وكانت آخر هذه الشحنات التي كان يفترض أن تزوِّد سوريا بالنفط، ناقلة إيرانية كانت متجهة إلى سوريا في الثامن من ديسمبر (كانون الأول)؛ لكنها استدارت في البحر الأحمر لتتجه بعيداً عن وجهتها الأصلية بعد سقوط الأسد. ووفقاً لشركة «كبلر»، استدارت ناقلة النفط «السويسماكس لوتس» التي كانت تحمل نحو مليون برميل من النفط الإيراني، قبل قناة السويس في 8 ديسمبر، لتبدأ الإبحار جنوباً في البحر الأحمر. وكانت الناقلة التي ترفع علم إيران والمحملة بالنفط الخام الذي تم تحميله في جزيرة خرج الإيرانية، تبحر جنوباً في البحر الأحمر قبالة مصر، ولم تكن تشير إلى وجهة جديدة، وفقاً لـ«كبلر».
حقائق عن قطاع النفط في سوريا
– منذ أواخر عام 2011، وعند دخول العقوبات الدولية حيز التنفيذ، لم تُصدِّر سوريا النفط؛ بل أصبحت تعتمد على واردات الوقود من إيران للحفاظ على استمرار إمدادات الطاقة.
– قبل فرض العقوبات، كانت سوريا تنتج نحو 383 ألف برميل يومياً من النفط والسوائل، وفقاً لتحليل سابق لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، وفق «رويترز».
– انخفض إنتاج النفط والسوائل إلى 40 ألف برميل يومياً في عام 2023، وفقاً لتقديرات منفصلة من معهد الطاقة.
– انخفض إنتاج الغاز الطبيعي من 8.7 مليار متر مكعب في عام 2011 إلى 3 مليارات متر مكعب في عام 2023، وفقاً لتقديرات شركة «بي بي» ومعهد الطاقة.
– كانت «شل» و«توتال إنرجيز» هما شركتا الطاقة الدوليتان الرئيسيتان اللتان تنفِّذان عمليات في البلاد.
– كانت آخر مرة تم فيها استيراد منتجات نظيفة في شهر يونيو (حزيران) بمتوسط 1900 برميل يومياً، وفقاً لبيانات «كبلر». كما كانت روسيا وتركيا من الموردين. ولم تقم سوريا بأي صادرات منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2019، عندما شحنت ما متوسطه 33300 برميل يومياً من زيت الوقود، ولم تكن الوجهة معروفة، وفقاً لـ«كبلر».
– تبلغ حصة سوريا من إنتاج النفط الخام المحلي حالياً 31 في المائة، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.
– يبلغ متوسط الطلب على النفط السوري حالياً نحو 100 ألف برميل يومياً في المتوسط، نحو 80 في المائة منها من الديزل/ زيت الغاز، والباقي من البنزين ووقود الطائرات، وفقاً لموقع «ستاندرد أند بورز كوموديتيز إنسايت».
– تمتلك سوريا حالياً مصفاتين لتكرير النفط، وهما مصفاة حمص بطاقة 107100 برميل يومياً، ومصفاة بانياس بطاقة 120 ألف برميل يومياً.
مَن يسيطر على حقول النفط والغاز؟
– تسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) -وهي تحالف بين فصائل مسلحة كردية وعربية، بدعم من الولايات المتحدة وحلفائها- على مناطق كبيرة من الأراضي الواقعة شرقي نهر الفرات في سوريا، بما في ذلك الرقة، عاصمة «داعش» سابقاً، وبعض أكبر حقول النفط في البلاد، بالإضافة إلى بعض الأراضي غربي النهر.
– يخضع حالياً «المربع 26» الذي تديره مجموعة «غلف ساندز بتروليوم» ومقرها المملكة المتحدة، في شمال شرقي سوريا لحالة القوة القاهرة، بسبب العقوبات البريطانية. وقالت شركة «غلف ساندز» إن الأصول لا تزال في «حالة جيدة وملائمة من الناحية التشغيلية»، مضيفة أن «الاستعدادات لإعادة الدخول في مرحلة متقدمة جداً، عندما تسمح العقوبات باستئناف العمليات».
– علَّقت شركة «صنكور إنرجي» الكندية عملياتها في سوريا في عام 2011. وتتمثل أصولها الرئيسية في مشروع «إيبلا» الواقع في حوض الغاز السوري الأوسط الذي يغطي أكثر من نحو 1251 كيلومتراً مربعاً. وكان حقل الغاز ينتج 80 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي يومياً. كما كانت تدير مشروع حقل إيبلا النفطي الذي بدأ في إنتاج نحو ألف برميل يومياً من النفط، في ديسمبر 2010.
– في عام 2018، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على شركة «إيفرو بوليس المحدودة» الروسية التي قالت إنها أبرمت عقداً مع الحكومة السورية لحماية حقول النفط السورية، مقابل حصة 25 في المائة من إنتاج النفط والغاز من الحقول. وقال مصدر مطَّلع في الشرق الأوسط لـ«رويترز» يوم الاثنين، إن حقول إيبلا لا تزال تحت سيطرة الجيش الروسي.
– كانت «إيفرو بوليس» تحت سيطرة يفغيني بريغوجين، الرئيس الراحل لمجموعة «فاغنر» الروسية للمرتزقة، التي كانت تنشط في سوريا والحرب في أوكرانيا. وقال المصدر إن الجيش الروسي تولى السيطرة على الحقول بعد زوال «فاغنر» من سوريا.
هل من تأثير للأحداث على سوق النفط؟
لقد تجاهلت أسواق النفط إطاحة الأسد، بحيث إنها لم تُظهر رد فعل يُذكَر؛ كون سوريا لم تكن سوى منتج متواضع، كما أن الأحداث لم تهدد الصادرات من المنطقة الأوسع نطاقاً. وقال مايك مولر، رئيس شركة «فيتول» في آسيا، في مقابلة مع «غلف إنتليجنس»: «لم يكن لها تأثير كبير؛ لأن المجتمع التجاري سرعان ما استنتج أن التهديد الذي تتعرض له الإمدادات كان محدوداً»، وأن بعض عمليات الإغلاق الأولية في بلاد الشام «لم تستمر طويلاً». وأضاف: «أعتقد أن سوريا تقع في الفئة نفسها»، ومشيراً إلى أن معظم شركات النفط الكبرى خرجت من البلاد منذ سنوات.
إعادة تأهيل القطاع
بعد أكثر من عقد من الصراع، أصبحت البنية التحتية النفطية في سوريا بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل. ويتطلب إنعاش القطاع استثمارات كبيرة تقدر بالمليارات، لإصلاح المرافق، وتحديث معدات التنقيب والإنتاج.
ومع ابتعاد الناقلات الإيرانية الآن بعد رحيل الأسد، فمن المتوقع أن يزداد شح وقود النقل في سوريا؛ حيث من المرجح أن تبدأ مخزونات الديزل والبنزين بالبلاد في النفاد خلال المستقبل القريب. وبالتالي، سيكون التحدي اليوم العمل على استبدال مصادر أخرى ببراميل النفط الإيرانية، تحافظ على إمدادات النفط في البلاد.
—————————–
كدّسا الملايين والسِّلَع الفاخرة… على ماذا أنفق بشار وأسماء الأسد ثروتهما المليارية؟/ كريستين حبيب
10 ديسمبر 2024 م
وفق إحصاءٍ لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية صادرٍ في 2023، فإنّ 90 بالمئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر. ليست عائلة الأسد حتماً من بين هؤلاء، إذ قدّرت وزارة الخارجية الأميركية ثروة الرئيس السوري السابق وعائلته بمبلغٍ يتراوح ما بين مليار ومليارَي دولار.
مثلما حرص بشار الأسد وأنسباؤه على توسيع تلك الثروة خلال سنوات حُكمهم الطويل، تنبّهوا كذلك إلى ضرورة توزيعها بحنكة.
مع سقوط النظام السوري بدأت تتكشف حقائق الثروات التي راكمتها عائلة الأسد (أ.ف.ب)
دائماً وفق الخارجيّة الأميركية، فإنّ السوادَ الأعظم من تلك الأموال الكثيرة محفوظٌ ضمن حساباتٍ مصرفية في بلادٍ تُعرف بالملاذات أو «الجنّات» الضريبية. استثمر آل الأسد كذلك في شراء العقارات خارج سوريا، كما أسسوا شركاتٍ وهميّة، وابتاعوا الكثير من الذهب.
هذا ما خفيَ عن العيون، أما ما ظهر فكانت التطوّرات المتسارعة في دمشق خلال اليومَين الأخيرَين، كفيلةً بنزع الستارة عنه؛ بدءاً بالقصور الشاسعة، مروراً بأسطول السيارات الفارهة، وليس انتهاءً بالأثاث المنزلي الباهظ.
الدكتور الذي لا يحب الدم
في تقريرٍ نشرته صحيفة «تلغراف» البريطانية، يُحكى أنّ الدكتور بشار الأسد اختار التخصّص في طب العيون بدل الجراحة، لأنه لم يتحمّل يوماً رؤية الدماء. ويشير وثائقي أعدّته عنه قناة «بي بي سي» البريطانية عام 2018، إلى أنه كان يميل للدرس والإطّلاع العلمي، ولم تَعنِه السياسة ولا شؤون العسكر. خلال دراسته الجامعية في لندن، كان شاباً خجولاً يغرق في الكُتُب وفي موسيقى فيل كولنز ونصري شمس الدين.
أما عندما قرّر القدَر أن يصبح رئيساً لسوريا عام 2000 خلَفاً لوالده حافظ الأسد، فقد دخل على الناس بصورته المتواضعة تلك. غالباً ما شوهدَ في مطلع ولايته الرئاسية، وهو يتناول الغداء أو العشاء في مطاعم دمشق الشعبية. في تلك الآونة، آثرَ أن يُمضي وقته بين الشعب وليس بين جدران «قصر الشعب».
لكنّ الزمن كان كفيلاً بتبديل تلك الصورة. خلال سنوات حُكمه الـ24، بدا الأسد وعائلته أكثر تمسُّكاً بأسلوب عيشٍ قائمٍ على البذخ والرفاهية. حتى في ظلّ الحرب الطويلة، لم يتخلّوا عن اهتماماتهم المكلفة ولا عن مشترياتهم الباهظة.
من «قصر الشعب» إلى ناطحات السحاب
قبل أيامٍ من سقوط نظامه، غادرت زوجة الأسد، أسماء، برفقة أولادهما الثلاثة حافظ وزين وكريم إلى العاصمة الروسية. لم ينتقلوا من المطار إلى غرفةٍ في فندق ولم يقلقوا بشأن سكَنِهم. في موسكو وحدها، كانت عشرون شقة فخمة بانتظارهم.
يبدو أنّ آل الأسد أعدّوا خطة استباقيّة لإقامةٍ طويلة في روسيا، فاشتروا 20 شقة شاسعة لهم ولأقرب أعوانهم بقيمةٍ تتراوح ما بين 30 و40 مليون دولار، وفق منظمة Global Witness الدولية المناهضة للفساد. تقع غالبية تلك الشقق في أفخم ناطحات سحاب موسكو، التي لا تقطنها سوى النُّخَب الثرية. ووفق المعلومات المتداولة، فإنّ مقرّ إقامة عائلة الأسد الحالي هو مجمّع The City of Capitals (مدينة العواصم)، حيث معظم منازلهم الجديدة.
إذا كان الوصول إلى معلومات حول ممتلكات الأسد وأمواله من سابع المستحيلات في الماضي، بسبب حذره الشديد من العقوبات الدولية، فإنّ المستور بدأ يتكشّف مع تهاوي قصوره الدمشقيّة.
بسرعةٍ وجدت العائلة في موسكو بديلاً عن دمشق، ومن المعروف أنّ ابن الأسد البكر، حافظ، مقيمٌ في العاصمة الروسية منذ سنوات، حيث بات يتقن اللغة ويتابع تخصّصه في الرياضيات في جامعة موسكو.
السيّدة الأولى… بالـshopping
لم يأتِ افتتانُ أسماء الأسد بالمال من عدم، فالسيّدة السورية الأولى السابقة كانت مصرفيّة متخصصة في مجال الاستثمار، قبل أن تتزوّج وتنتقل من لندن إلى دمشق. لم تُثنها المسؤوليات العائلية الجديدة عن حرفتها الرئيسية، فهي استأنفت نوعاً جديداً من الاستثمار.
بدأت بما تحبه غالبية النساء عادةً، أي بشراء الملابس والأحذية والحقائب والمجوهرات الموقّعة من مصمّمين عالميين. تشهدُ على ذلك عشرات علب المصاغ الفارغة التي عُثر عليها في القصر المهجور، وأكياس العلامات التجارية الباهظة مثل «لويس فويتون» التي ظهرت في فيديوهات اقتحام منزل الأسد.
انتقلت أسماء الأسد لاحقاً إلى مستوىً آخر من التسوّق، فباتت تُنفق مئات آلاف الدولارات على الأثاث والديكور المنزلي الفاخر، وعلى التُّحَف النادرة. في عام 2012، وبينما كانت الحرب مشتعلة في البلاد، سرّبت وثائق «ويكيليكس» أنّ السيّدة المولعة بالبذخ، اشترت حذاءً مرصّعاً بالكريستال بقيمة 7 آلاف دولار، وأنفقت 350 ألف دولار على ديكور قصور العائلة.
في الآونة ذاتها، وبالتزامن مع أول شهور الحرب السورية، نُشرَت مقابلةٌ معها في مجلّة «فوغ» الأميركية حملت عنوان «وردةٌ في الصحراء». مدحت الصحافية التي أعدّت التقرير آنذاك، «عائلة الأسد المعروفة بديمقراطيتها وبتركيزها على القيَم العائلية»، كما تحدّثت عن «ثنائيٍ عصريّ يُمضي إجازاته في أوروبا وهو على معرفة بمشاهير هوليوود». أما أسماء فوُصفت بأنها «الأكثر جاذبيةً وأناقةً وبريقاً من بين زوجات الرؤساء».
«وردة في الصحراء» الغلاف المثير للجدل الذي نشرته «فوغ» عن أسماء الأسد بالتزامن مع اندلاع الحرب السورية (فيسبوك)
أثارت تلك الإطلالة حفيظة السوريين وغضبهم، هم الذين كانوا يلمّون أشلاء ذويهم، ويبحثون عن زاويةٍ يلجأون إليها في هذا العالم. فما كان من رئاسة تحرير «فوغ» سوى سحب تلك المادّة، ومحو كل أثرٍ لها عن شبكة الإنترنت، إضافةً إلى التخلّي عن خدمات الصحافية التي أجرت اللقاء مع أسماء الأسد.
«أنا الديكتاتور الحقيقي»
من الـshopping المكلف والظهور على أغلفة المجلّات العالمية، انتقلت السيّدة الأولى إلى استثماراتٍ جديدة فوجدت ضالّتها في الحرب.
مع بدء الأحداث الدامية في سوريا، تسلّمت أسماء الأسد دفّة اقتصاد النظام الحاكم. ووفق تقرير نشرته «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» العام الماضي، فهي وجدت نفسها على رأس شبكة من اللجان والجمعيّات الممسكة بزمام الشؤون الاجتماعية والمالية، من التحكّم بخدمات الإنترنت مروراً بتوزيع الحصص الغذائية، وصولاً إلى وضع اليد على المساعدات الخارجية. في الأثناء، كانت تحرص على استيراد مستحضرات التجميل والمنتجات الصحية والغذائية الخاصة بها من الخارج.
لعبت أسماء الأسد دوراً كبيراً في كواليس الحرب، وهي أطلقت بنفسِها اسماً على ذاك الدور. ففي بريدٍ إلكتروني سرّبته وثائق «ويكيليكس» عام 2012، مازحت أسماء صديقةً لها كاتبةً: «أنا هي الديكتاتور الحقيقي».
——————————–
“كابوس انتهى وحلم يتحقق”.. سوريون يسارعون بالعودة إلى الوطن رغم “المجهول“
محمد الناموس – إسطنبول
10 ديسمبر 2024
“كابوس عبور الحدود والخوف من الاعتقال زال والحلم تحقق”.. حلم رآه السوريون بالفعل صعب التحقيق على مدار 13 سنة تقريبا.. ففكرة العودة إلى بلادهم التي مزقتها الحرب الأهلية تحت حكم بشار الأسد، كانت بعيدة المنال، خوفا من الملاحقات الأمنية أو حتى الموت، إلا أنها أصبحت اليوم واقعا إثر انهيار النظام.
وبكلمات محمود العنجاري، الذي عاد إلى مدينته حمص قادما من الشويفات في لبنان بعد غياب 12 عاما، فإن “تطور الأحداث الأخيرة والانهيار السريع في صفوف قوات النظام، دفع العديد من السوريين إلى الاستعجال في العودة، خاصة وأن كابوس عبور الحدود والخوف من الاعتقال زال أخيرا”.
ويؤكد لموقع “الحرة”، أنه “حزم حقائبه وتجهز للعودة لحظة إعلان سيطرة فصائل المعارضة على حمص”، مضيفا: “كانت لدي مشاعر متضاربة من الفرح والأمل والذهول وعدم التصديق، إنه كحلم يتحقق”.
ويتابع العنجاري: “شعوري كشعور جميع السوريين المهجرين قسرا خارج بلادهم، المتشوقين للم الشمل مع أُسرهم، ولقاء أحبائهم ورؤية منازلهم وقراهم التي هُجّروا منها، لهذا لا استغرب أبدا هذا الازدحام الذي تشهده المعابر “.
ومهَّّد انهيار نظام الأسد طريق العودة الآمنة لملايين اللاجئين السوريين حول العالم، فمنذ اليوم الثاني من سقوطه، بدأت المعابر الحدودية التي تربط سوريا بالدول المجاورة تشهد حركة للآلاف العائدين إلى وطنهم.
انتهت ساعات من الغموض بشأن مصير رئيس النظام السوري المخلوع، بشار الأسد، مع إعلان مصدر في الكرملين، مساء الأحد، أن موسكو منحت الأسد وعائلته حق اللجوء، مؤكدا وجودهم في العاصمة الروسية، وذلك بعد مغادرته دمشق على متن طائرة إلى وجهة لم تكن معروفة.
وأظهرت مقاطع فيديو حديثة توافد أعداد كبيرة من السوريين على المعابر الحدودية، بالإضافة لمئات السيارات التي تحمل عائدين من لبنان والأردن وتركيا.
وتواجه المعابر الحدودية في سوريا ازدحامًا كبيرا في ظل غياب كامل للأمن العام السوري على الحدود السورية الأردنية واللبنانية منذ 3 أيام، فيما يتواجد تتواجد قوات تابعة للمعارضة عند المعابر الواقعة على الحدود السورية التركية.
ويشهد معبر نصيب على الحدود السورية الأردنية، ومعبر باب الهوى على الحدود التركية السورية، ومعبر المصنع على الحدود اللبنانية السورية، حركة كثيفة لآلاف اللاجئين العائدين إلى سوريا، رغم تعقيدات العودة والمخاوف التي ترافقها.
ويقول ملحم سليمان من مدينة حلب، العائد من غازي عنتاب جنوبي تركيا بعد غياب 11عاما: “على الرغم من المخاوف والشكوك بشأن العودة، فإن الحماس يسود غالبية اللاجئين الذين شعروا بأن سقوط (الرئيس بشار) الأسد يمثل فرصة للعودة إلى وطنهم”.
ومن معبر باب الهوى، يوضح سامر العمر، الذي ينتظر الدخول إلى سوريا بعد أن غادرها إلى تركيا منذ عام 2013: “ترددت كثيرًا في العودة إلى سوريا سابقا، لكن بعد سقوط الأسد، اتخذت قرار العودة خلال دقائق”.
ويستطرد لموقع الحرة: “هناك المئات اليوم عند المعبر والأعداد تزداد، أتمنى أن يتم فتح كل المعابر الحدودية مع تركيا، حتى لا يحدث هذا الازدحام ونعود جميعا في أقرب وقت ممكن”.
تجمع عدد كبير من السوريين عند معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا، الأحد، بانتظار فتح الحدود للدخول إلى بلدهم.
ويضيف سامر أن “أعدادا كبيرة من أصدقائه وأقربائه عادوا منذ اليوم الثاني والثالث لتحرير مدينة حلب، إذ قاموا بتسليم بطاقات الحماية المؤقتة وعادوا بشكل نهائي إلى منازلهم”.
ويقول: “يجب أن نعود إلى وطننا ونساهم في بنائه، عشنا في الاغتراب لأكثر من 10 أعوام، ويكفينا هذا التعب”.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد قال، الإثنين، إنه “سيتم افتتاح معبر كسب الحدودي مع سوريا لتسهيل حركة العائدين، ولتجنب الاكتظاظ الحالي في المعابر الأخرى”.
كما تمت إعادة فتح معبر جابر/نصيب الحدودي مع الأردن، بعد إغلاقه يوم الجمعة الفائت.
وأكد وزير الداخلية الأردني، مازن الفراية، أن الوضع على معبر جابر آمن، وأنه يتم تسهيل حركة السوريين العائدين إلى بلدهم.
وأضاف الوزير الأردني أنه “يوجد تنسيق مع الجهة المسيطرة على الطرف الآخر من المعبر”، أي المعارضة السورية، “لاستقبال أي أردني عائد من سوريا”.
تحدث بعض العائدين عن تسهيلات كبيرة في العبور إلى سوريا من لبنان عبر معبر المصنع الواقع في منطقة جديدة يابوس، لكن كثافة العابرين من الجهتين تسببت بتباطؤ العمل وفترة انتظار طويلة.
أما على الجانب السوري، فيقول العائدون إن هناك “فوضى” في بعض النقاط، و”غياب تام لموظفي الأمن العام”.
وبدورها، أكدت المديرية العامة للأمن العام اللبناني، غياب الأمن العام السوري عند معبر المصنع في جديدة يابوس، موضحة أنه نتيجة لذلك “تدفقت أعداد كبيرة من السوريين باتجاه مركز المصنع الحدودي، وحاول قسم منهم الدخول عنوةً ومن دون الخضوع لإجراءات الأمن العام اللبناني”.
وفي باب الهوى على الحدود التركية السورية، شهد المعبر أيضًا كثافة في أعداد الراغبين بالعودة.
ووصف بعض السوريين الإجراءات بأنها “عادية” مقارنة بالمعابر الأخرى، خاصة وأن إدارة المعبر ما زالت على حالها، وهي تحت سلطة الحكومة المؤقتة في الشمال السوري، في حين أن معابر أخرى مثل معبر المصنع في لبنان ومعبر نصيب في الأردن، تشهد بعض الفوضى بسبب غياب التنسيق الأمني مع الجانب السوري.
الجولاني يتوعد بملاحقة “كبار المتورطين بتعذيب الشعب السوري” ويعلن عن “مكافآت”
أعلن زعيم “هيئة تحرير الشام” أبو محمد الجولاني، الذي يقود فصائل سورية أطاحت بالرئيس بشار الأسد، أن السلطات الجديدة في سوريا ستنشر قريبا “قائمة أولى بأسماء كبار المتورّطين بتعذيب الشعب السوري” لملاحقتهم ومحاسبتهم.
طرق غير شرعية
من جانبهم، اختار العديد من السوريين العودة إلى بلادهم عبر طرق غير شرعية تربط لبنان بسوريا. وأفاد عدد ممن تواصل معهم موقع “الحرة”، بأن هذه الخطوة “كانت صعبة ومكلفة في السابق”.
“الطريق عبر المعابر غير الشرعية يتطلب المشي لأكثر من ساعة أحيانا، لكن الحماس للعودة إلى سوريا دفعنا لاختيار هذا الطريق، رغم أن معبر المصنع الشرعي مفتوح ويتم تسهيل حركة الخروج، لكننا كنا عالقين في طوابير طويلة”، وفق ما يقول منير، وهو أحد العائدين مؤخرا إلى سوريا رفقة عائلته المؤلفة من 4 أشخاص.
ويضيف منير: “قصدت لبنان فارا من الخدمة العسكرية الإلزامية، حيث كنت مطلوبا للنظام، أما السبب الذي اضطرني لاختيار المعابر غير الشرعية للعودة ليس خوفا من الاعتقال كما جرت العادة، بل لأني أردت الوصول بسرعة كي أعيش وعائلتي لحظات الانتصار والاحتفال ولحظات إسقاط الطاغية”، في إشارة إلى الأسد.
بدورها، تقول نهى محمود التي عادت من لبنان، الإثنين، إلى مدينة بريف دمشق: “كان الراغبون بالدخول والخروج من لبنان عن طريق المعابر غير الشرعية يدفعون 100 دولار للمهربين، لكن الآن، دخلت عبر معبر غير شرعي بعد دفع 5 دولارات فقط”.
وتشير إلى أن “المهرّب كان يراقب طوابير المنتظرين، ويعرض على البعض تسهيل الدخول إلى سوريا عبر أحد المعابر غير الشرعية، مقابل مبلغ يتراوح بين 5 و10 دولارات للشخص، إذ يوصله بسيارته لنقطة معينة، ومن ثم يواصل السير مشيا على الأقدام لمسافة تقارب الساعة، حتى يصل إلى الداخل السوري”.
وبالنسبة لآخرين، فإن العودة عبر طرق غير شرعية كانت خيارا “اضطروا للجوء إليه”، كي “لا يحصلوا على منع دخول دائم إلى لبنان”. يأتي ذلك نتيجة تواجد أعداد كبيرة من السوريين الذين دخلوا إلى لبنان بشكل غير قانوني في السنوات الماضية، وبالتالي لا يمكنهم الخروج من المعابر القانونية.
ورغم ضبابية المشهد بالنسبة للعائدين إلى ديارهم بعد سنوات من الغياب، وعدم اليقين بشأن مصير بيوتهم أو مناطقهم، فإن فكرة العودة إلى الوطن كانت المحفز الأساسي الذي دفع الآلاف منهم إلى الإسراع في العودة، وسط آمال بمستقبل أفضل.
محمد الناموس
————————–
“الموت أمنية”.. تفاصيل جديدة عن “صيدنايا” والزنازين “السرية“
الحرة / خاص – دبي
10 ديسمبر 2024
كشف مدير رابطة معتقلي سجن صيدنايا، المعتقل السابق، دياب سرية، أن السجن الواقع على أطراف العاصمة السورية دمشق، “لا يشمل طوابق سرية تحت الأرض”، موضحا أنه أصبح “خاليا من المعتقلين” منذ يوم سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر.
وأوضح سرية في حديث لقناة “الحرة”: “اختصارا للجهود وتخفيفا لعبء الأهالي، لا يوجد في سجن صيدنايا أماكن تحت الأرض”، مضيفًا أن النظام السوري السابق أراد السجن “ثقبا أسودا”.
ووفق التقديرات، لفت المعتقل السابق لدى النظام السوري، إلى أنه “خلال الفترة من 2011 إلى 2021، دخل السجن 30 ألف إنسان وخرج منه فقط حوالي 5 آلاف على قيد الحياة، ولا نملك معلومات دقيقة حول الأعداد ما بعد 2021”.
وكشف سرية أيضًا أن الرابطة التي يديرها، “حصلت على وثائق تم التأكد منها” تكشف عن وجود “نحو 1400 سجين أمني، وهو وصف أطلقه النظام على معتقلي الرأي والنشاط السياسي والإرهاب والمشاركين في الثورة”، وذلك حتى نهاية أكتوبر 2022.
ولفت إلى أن السجن سيئ السمعة، كانت به العديد من الممارسات “مثل التعذيب حتى الموت”، قائلا: “لم يكن هناك شيء محرم في سجن صيدنايا.. كان الموت أمنية بالفعل في هذا السجن”.
ونوه بأن السجن كان يشمل “غرف ملح لوضع الجثث لحين نقلها إلى مستشفيات مثل تشرين وحرستا، ثم إلى المقابر الجماعية، في وقت اشتداد المعارك”.
وكانت منظمة الدفاع المدني السوري في مناطق المعارضة، المعروفة باسم “الخوذ البيضاء”، قد كشفت، الثلاثاء، أن عمليات البحث عن معتقلين في زنازين وسراديب سرية في سجن صيدنايا انتهت، مؤكدة أنها لم تعثر على “أي دليل يؤكد وجود أقبية سرية أو سراديب غير مكتشفة”.
“وجعٌ. مرضٌ. وظلم. ألمٌ. حنيٌن واشتياق.” بهذه الكلمات لخّص سجين لبناني محرَّر بعض ما عاناه في سجون النظام السوري، حيث أمضى أكثر من ثلاثة عقود.
سُجن سهيل حموى عام 1992، ليخرج محرَّرًا بعد أن أمضى 32 عامًا في السجون السورية.
يقول في حديث خصّ به قناة “الحرة”: “كنت أبلغ 27 عامًا عندما اعتقلت، والآن عمري 61 سنة”.
ودعت إلى “توخي الحذر” عند تلقي معلومات قد تكون “مضللة” بشأن السجون ومشاركتها عبر الإنترنت، للحفاظ على مشاعر ذوي الضحايا وعدم التسبب بأي أذى نفسي لهم.
وضم سجن صيدنايا آلاف الأشخاص الذين اعتقلهم نظام بشار الأسد، وسط اعتقاد بأن بعضهم لم يتمكن من الخروج مع مئات المعتقلين خلال اليومين الماضيين، نظرا لوجودهم في مواقع محكمة الإغلاق، وفق روايات ذوي المفقودين والأهالي.
ويُعتقد أن صيدنايا كان يُستخدم بشكل رئيسي لاحتجاز المعتقلين السياسيين والمعارضين. ويعرف السجن بسمعة سيئة بسبب التعذيب الوحشي والإعدام الجماعي.
أعلن الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) انتهاء عمليات البحث عن معتقلين محتملين في زنازين وسراديب سرية غير مكتشفة داخل سجن صيدنايا سيئ السمعة، دون العثور على أي زنازين وسراديب سرية لم تفتح بعد.
ووفقا لما ذكرته لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة، فقد واصلت قوات الحكومة اعتقال واحتجاز أشخاص بشكل تعسفي، بما في ذلك “طرق منها تطبيق قانون الجرائم الإلكترونية، لقمع انتقاد الخدمات أو السياسات الحكومية”.
وأعلن مسلحو المعارضة السورية الإطاحة بالأسد بعدما سيطروا على دمشق، الأحد، مما أنهى حكمه للبلاد بعد حرب أهلية دامت أكثر من 13 عاما.
وبعد ساعات من التكهنات حول مكان الأسد، أعلن الكرملين منح روسيا اللجوء له وعائلته.
وأدى رحيل الأسد المفاجئ إلى نهاية أكثر من 5 عقود من حكم عائلته البلد الذي مزقته واحدة من أكثر الحروب دموية في القرن.
الحرة / خاص – دبي
————————-
مستقبل “غامض” للقوات الروسية في سوريا ما بعد “الأسد“
10 ديسمبر 2024
يُعدّ الانهيار السريع لنظام بشار الأسد في سوريا هزيمة استراتيجية لروسيا، التي كانت أحد أبرز داعميه.
تسبب سقوط الأسد وهروبه في أزمة لموسكو، التي تسعى جاهدة للحفاظ على وجودها العسكري في سوريا.
قال المحلل السياسي الروسي، سيرغي ماركوف، إن “هزيمة نظام الأسد، هي هزيمة حلفائه”.
وخلال استضافته في برنامج “الحرة الليلة” على قناة “الحرة” قال ماركوف إن “إيران هي التي كانت تسيطر على الأسد”.
ووفقا للمحلل الروسي، فإن دور موسكو كان يقتصر على مساعدة الجيش السوري في حربه ضد تنظيم “داعش”.
وبالنسبة لماركوف، فإن دور بلاده في سوريا كان “محددا”، وأن “سبب هزيمة الأسد، يكمن في عدم استماعه لنصائح روسيا” على حد قوله.
وفي وقت سابق، قال الكرملين، إن الحديث عن مستقبل القاعدتين العسكريتين الروسيتين في حميميم وطرطوس ما زال مبكرا، وإن هذا الملف، سيُطرح للنقاش مع القيادة الجديدة في دمشق.
قال المحلل السياسي السوري، غسان ياسين، إن “المعارضة السورية لن تقبل بوجود عسكري روسي على أراضيها”.
وخلال مشاركته بذات البرنامج أكد ياسين عدم القبول بوجود قاعدة حميميم، ووصفها بـ”القاعدة الاستعمارية التي انطلقت منها عمليات تدمير حلب والغوطة”.
وفند ياسين ما جاء به ماركوف بشأن محاربة موسكو لتنظيم “داعش” وقال إن “القوات الروسية لم تقم بغارة واحدة على التنظيم في حلب”.
والاثنين، كشف مصدر أمني إسرائيلي لموقع “الحرة”، عن وجود مؤشرات على انسحاب تدريجي للقوات الروسية من مناطق لا تزال خارج سيطرة فصائل المعارضة السورية التي أسقطت نظام بشار الأسد.
ودعمت روسيا نظام الأسد من خلال شن غارات جوية على أهداف للمعارضة، بدءا من عام 2015، وذلك انطلاقا من قاعدتي حميميم وطرطوس.
وقالت موسكو في وقت سابق إن الأسد ترك منصبه وغادر بلاده بعد أن أعطى أوامر بانتقال سلمي للسلطة، لكنها لم تذكر ما إذا كان الجيش الروسي يخطط للبقاء في سوريا.
الحرة
————————
علي العبدالله انتقد إيران فاعتقله “الأسد”.. تجربة كاتب في زمن “الرأي الواحد“
مصطفى هاشم – واشنطن
10 ديسمبر 2024
وسط دوي الرصاص وأصوات الفرحين بسقوط نظام بشار الأسد، جلس الكاتب السوري علي العبدالله (74 عاما) يتأمل المشهد، لكن، بحذر.
حيث يعيش في دمشق، رأى جموع الناس تغطي شوارع العاصمة، تهتف “بانتصار” طال انتظاره. لكن خلف ملامح الفرح الذي غمره، هناك ترقب حذر لما ستكون عليه قادم الأيام.
“فرح؟ بالطبع. لكن هذا الفرح يحتاج إلى تثبيت” يقول العبد الله.
يقول لموقع “الحرة” إن “زوال النظام خطوة، لكن الطريق لا يزال غامضا ومليئا بالتحديات”.
تجربة قاسية خلف القضبان
العبد الله، الكاتب الذي تحدى القمع بكتاباته ومواقفه، يعرف النظام السوري عن قرب. قضى في سجونه تسع سنوات، تقاسمتها مجموعة سجون.
تروي كلماته تفاصيل مريرة، بداية من اعتقاله بعد عودته إلى سوريا عام 1994، حيث استُقبل بالسجن لستة أشهر بتهمة الانتماء إلى منظمة التحرير الفلسطينية.
ثم اعتقل عندما قرأ رسالة نيابة عن الزعيم المنفي لجماعة الإخوان المسلمين علي صدر الدين البيانوني، في مجموعة النقاش السياسي لمنتدى جمال الأتاسي في عام 2005، وأودع في حبس انفرادي بسجن عدرا، قرب دمشق.
آنذاك، طالبت منظمة العفو الدولية بالإفراج عنه.
في إحدى المرات، اعتقل لأنه كتب مقالا “ينتقد تزوير الانتخابات الإيرانية والنظام الإيراني من داخل السجن في 2009”. حينها، اتُهِم بالإضرار بالعلاقات القومية.
“وكأنني، بكتابتي، كنت أخوض حربا” يقول العبد الله.
يستذكر المعارض لنظام الأسد، حادثة اعتقاله خلال الثورة السورية عام 2011: “جمعوا كل الرجال السٌُّنَّة من منطقتنا وأخذونا إلى الفرقة العاشرة في قطنا”.
تعرض للضرب بالخيزران، وللشتائم.
يصف تلك الأيام بـ”الثقيلة” لكنه خرج بـ”معجزة”، بعدما تحدث ابنه في الإعلام عن حالته الصحية.
يرى في سقوط الأسد ونظامه، لحظة فارقة، لكنه يصفها بـ”البداية فقط”.
يقول خلال مقابلته مع “الحرة”: “الشعب السوري ينتظر وضوح الصورة. هل سيتشكل نظام جديد مبني على وحدة وطنية؟ هل ستزول المجاعة والبطالة؟ هذه الأسئلة لا تزال بلا إجابة”.
ويتحدث عن الفاعلين الدوليين في سوريا: “يبدو أن مصلحة السوريين، ليست على رأس أولوياتهم”.
بخبرته التي اكتسبها من سنوات النضال، يرى العبد الله أن الحل يبدأ بتشكيل حكومة “وحدة وطنية”، تضع مصلحة السوريين “أولا”، وتفتح علاقات البلاد مع العالم، وتأسيس نظام مبني على المساواة والعدل.
الطائفية والانتقام.. عقبات على الطريق
رغم الفرحة بسقوط النظام، رأى العبد الله مشاهد “مؤلمة”، ويقول إنه “شاهد بعض العلويين يجبرون على النزوح من دمشق عندما بدأ هجوم المعارضة على العاصمة”.
والعلويون، إحدى الطوائف الإسلامية، وتنتمي لها عائلة الأسد التي حكمت سوريا لـ54 عاما، ولها نفوذ كبير في مؤسسات الدولة السورية.
يقول العبد الله: “هذا الانتقام، يعكس انعدام الثقة بين السوريين. للأسف، ما زرعه النظام من طائفية وعداء لا يزال حاضرا. هذا كله، سيعقد المشهد في المستقبل”.
اليوم، يجلس العبد الله في منزله بدمشق، وسط مدينة يلفها الغموض.
يرى في سقوط النظام “صفحة جديدة”، لكنها “مليئة” بالتحديات. المهمة الآن وفقا لرأيه، هي بناء سوريا الجديدة، سوريا التي تستحق هذا النضال الطويل، على حد قوله.
بالنسبة للعبد الله، يبقى الأمل، رغم كل شيء، هو الخيط الذي يتمسك به السوريون وهم يسيرون “نحو المجهول”.
مصطفى هاشم
——————————-
سجون الأسد “تُخرج أحشاءها“
محرز مرابط
انتهج نظام الأسد سياسة قمعية صارمة ضد المعارضين وكان السجن لسنوات أبرز مظاهرها
لم يستوعبوا ما يجري. بعضهم نسي لماذا سُجن. وهناك من نسي حتى اسمه!
مشاهد كشفت عنها مقاطع فيديو لسجناء سوريين خرجوا من زنازينهم مع سقوط نظام بشار الأسد.
إنها “أحشاء النظام” التي ظهرت للعلن بعد سقوطه، يقول الضابط المنشق عن الجيش السوري، عبد الناصر العايد.
وتقدر الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن 150 ألف شخص إما قبعوا في مراكز الاعتقال أو السجون أو كانوا ضحايا حالات اختفاء قسري، وفق حصيلة من عام 2020.
يقول أحد السجناء المحررين وهو يبلغ 60 سنة، وصوته يرتعد مشفقا على ما عاشه تحت نير النظام “أنا أول كف أكلته في عام 1964″، مشيرا إلى أنه دخل السجن وعمره لم يتعدَّ 14 سنة ليخرج منه قبل أيام فقط، شيخا ضعيفا.
مواطن سوري : ستين عام بالسجن، كم تحمل من الظلم والقهر والعذاب…
الله ييارك بعمرك وبإذن الله راح ترجع #سوريا حرة مستقلة
الله ينصرهم يارب على النظام المجرم#سوريا_تتحرر #ردع_العدوان #فجر_الحرية #فراس_الماسي pic.twitter.com/tCH3C71iBQ
— فراس الماسي | Firas Almasi 💎 (@FAlmasee2) December 7, 2024
كانت ضريبة سقوط الأسد ثقيلة للغاية على شرائح واسعة من السوريين، منهم من قضى نحبه ومنهم من ظل ينتظر الفرج وراء ظلام دامس وزنازين تقصم الظهر.
بين المقاطع التي لاقت انتشارا واسعا على المنصات الاجتماعية، تلك التي نشرها معارضون مسلحون لسجين محرر لم يستطع حتى تذكر اسمه، وأخرى لسجينات لم يفكرن حتى بمغادرة الزنازين من شدة الخوف.
🚨🚨🚨🚨 أحد المحررين من #سجن_صيدنايا:
تم تحريره لكن للأسف فاقد العقل
pic.twitter.com/Haly5fi2bd
— الاحداث السورية (@R_rty45) December 8, 2024
مقطع فيديو آخر أظهر شبانا محررين كشفوا أن موعد إعدامهم كان مبرمجا اليوم، لولا تحريرهم على يد المعارضة.
( مشاهد تظهر بعد تحرير سجون سوريا واخراج المساجين )
-شاب يقسم بالله الذي لا إله إلا هو، أنه موعد إعدامه مع 54 شخص معتقل كان بعد نصف ساعة.
– وشاب تم اخراجه من سجن صيدنايا
لم يتمكن حتى من الإجابه على الأسئله
-وطفل يخرج من السجن أثناء تحرير السجون pic.twitter.com/nRZMaoZGmF
— Dr.mehmet canbekli (@Mehmetcanbekli1) December 8, 2024
يقول الضابط المنشق عن الجيش السوري عبد الناصر العايد، لموقع “الحرة”، إن الفيديوهات التي تمت مشاركتها “حتى أبشعها” وفق وصفه، لا تعطي إلا صورة جزئية من حقيقة وضع حقوق الإنسان في سوريا تحت “نظام آل الأسد”.
صورة الطفل التي ظهرت في أحد المقاطع، والرجل المسن الذي كشف أنه قضى أكثر من 40 عاما في سجون النظام، تلخص الفترة الزمنية الظلامية التي عرفتها سوريا خلال تاريخها الحديث في ظل نظام قمع للحريات والحقوق، وفق العايد.
يقول “هناك نساء دخلن السجن وهن مراهقات وعازبات، وتبين فيما بعد أنهن تعرضن للاغتصاب”، ثم يضيف “بعضهن خرجن من السجن ولا تعرفن نسبا لأطفالهن” في إشارة إلى عمليات الاغتصاب التي سبق وأن كشفتها تحقيقات منظمات حقوقية دولية.
حقوق الإنسان!
“حقوق الإنسان مفردة ملغية، ما في إنسان” بهذه العبارة لخص العايد وضعية حقوق الإنسان خلال عهد النظام السوري.
يقول المتحدث أيضا إن الشعب السوري عموما كان مثل العبيد في العصور الوسطى، “بمزرعة السيد” وفق تعبيره، مشيرا إلى آلية عمل جهاز المخابرات الذي كان لا يحتكم لأي قانون أو دستور، قائلا إنه كان مسموحا “للجهاز” أن يقوم بأي شيء دونما رقيب أو حسيب.
حقوق الإنسان في عهد الأسد، سواء في فترة حكم حافظ الأسد (1970-2000) أو ابنه بشار (2000-2024)، شهدت انتهاكات واسعة النطاق في عدة مجالات، حيث كانت السلطة الحاكمة تستخدم أساليب قمعية للحفاظ على حكمها وتصفية أي معارضة.
شهدت تلك الفترة (1970-2024) أشكالا من التعذيب والاعتقالات التعسفية، والاغتيالات والاختفاء القسري، وكذا محاصرة الحريات الفردية والجماعية سواء السياسية منها أو الدينية والثقافية.
ومع اندلاع الاحتجاجات الشعبية في 2011، استخدم النظام السوري القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين، منها القصف العشوائي، والاعتقالات الجماعية، والتعذيب.
واستمرت الحكومة في إخضاع عشرات الآلاف من الأشخاص، بما في ذلك صحفيون، ومدافعون عن حقوق الإنسان، ومحامون، ونشطاء سياسيون، للاختفاء القسري، وظلَّ كثيرون منهم مخفيين لأكثر من 10 سنوات.
ووفقا لما ذكرته لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة، فقد واصلت قوات الحكومة اعتقال واحتجاز أشخاص بشكل تعسفي، بما في ذلك “بطرق منها تطبيق قانون الجرائم الإلكترونية لقمع انتقاد الخدمات أو السياسات الحكومية”.
صيدنايا، تدمر.. السويداء.. سجون الأسد التي رهنت أحلام التحرر لعقود
عرف عن نظام الأسد في سوريا استخدامه لعدد من السجون التي ارتبطت بتعذيب المعتقلين واحتجازهم بشكل غير قانوني، أبرزها سجن صيدنايا، الذي يقع في شمال دمشق وهو من أشهر السجون في سوريا.
يُعتقد أن صيدنايا كان يُستخدم بشكل رئيسي لاحتجاز المعتقلين السياسيين والمعارضين.
يعرف السجن بسمعة سيئة بسبب التعذيب الوحشي والإعدام الجماعي.
سجن صيدنايا المعروف بـ “المسلخ البشري”، اشتهر بتعذيب المعارضين، وقتله لعدد كبير منهم.
بخصوص هذا السجن، يقول أحد المعلقين على منصة إكس إن الصور التي تخرج من سجن صيدنايا “سوف تظل تطاردنا لقرون قادمة”، حيث يقبع الآلاف محاصرين تحت طبقات من المباني، ولا يرون نور النهار قط. وتابع “هذا هو المسلخ البشري” .
The images coming out Sednaya Prison should haunt us for ages to come, thousands trapped beneath layers of structures, never seeing the light of day.
Detainees held without charge in solitary confinement, left to rot. This is the “Human Slaughterhouse” of Syria. pic.twitter.com/Q6ghSIxv49
— Rami Jarrah (@RamiJarrah) December 8, 2024
في عام 2017، قالت الولايات المتحدة إنها تمتلك أدلة على بناء محارق جديدة في سجن صيدنايا خصيصا للتخلص من جثث الآلاف من السجناء الذين تم إعدامهم شنقا خلال الحرب.
هناك أيضا سجن تدمر، يقع في الصحراء السورية بالقرب من مدينة تدمر.
كان سجن تدمر واحدا من أكثر السجون شهرة في فترة الثمانينات، وقد تعرض لانتقادات دولية على مدار العقود بسبب عمليات الإعدام الجماعي والظروف القاسية.
أغلق السجن بعد عام 2011 في ظل الحرب السورية، ولكن بعض التقارير تشير إلى أنه لا يزال يستخدم بشكل سري.
يوجد أيضا سجن السويداء، الذي يقع في محافظة السويداء، ويُستخدم لاحتجاز المعتقلين من مناطق درزية ومعارضين آخرين.
وكذلك سجن عدرا، وسجن حلب المركزي، وغيرهما. وتقدر تقارير تعود لعام 2004 أن عدد السجون في سوريا بلغ 35 سجنا. ويتوقع أن تكون هناك سجون بنيت بعد فترة الثورة السورية التي انطلقت في 2011.
استثمار السجون بدل البنى التحتية
يقول المحلل السياسي السوري، أيمن عبد النور، إن نظام الأسد “استثمر” الكثير في بناء المعتقلات والسجون بدل الاستثمار في بناء دور التعليم والجامعات والمستشفيات والمصانع.
ويرى في حديث لموقع “الحرة” أن الواقع الذي آلت إليه سوريا كان نتيجة عمل النظام على مدى أكثر من خمسة عقود على قمع أي رأي مخالف “دون تمييز بين الأعراق” وفق وصفه.
عبد النور أشار إلى أن نظام الأسد استخدم جميع مصادر التمويل لبسط سيطرته على البلاد، وأسس لذلك منظومة سجنية قمعية قتلت وعذبت أجيالًا من السوريين.
تمكن مقاتلو المعارضة السورية المسلحة، صباح الأحد، من دخول سجن صيدنايا وتحرير كافة المساجين بداخله، وهو سجن اشتهر بعمليات التعذيب والوحشية خلال سنوات حكم النظام السوري المنهار.
وقال: “النظام استثمر كثيرا في أجهزة القمع ومؤسساته، والسجون من بين أبرز مظاهرها”، مشيرًا إلى أن حجم الاستثمارات التي بذلت في هذا المضمار كانت كبيرة جدا حتى أصبح عدد السجون في سوريا من بين الأكبر عبر الأنظمة المستبدة.
وبعض أكثر التسريبات المروعة عن نظام السجون التابع للأسد ظهرت مع آلاف الصور (أكثر من 53 ألف صورة) التي تم تهريبها من سوريا بواسطة مصور عسكري يحمل الاسم الرمزي “قيصر”، الذي انشق وهرب إلى الخارج في عام 2013.
محرز مرابط
————————-
جيش الاحتلال ينتهك اتفاقية فك الاشتباك.. ماذا يحدث في المنطقة العازلة بين سوريا وإسرائيل؟
عربي بوست
2024/12/10
استغل الاحتلال الإسرائيلي إسقاط النظام السوري، وانتهك اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974 مع سوريا، والتي أُبرمت في 31 مايو/أيار 1974 في جنيف السويسرية.
وزعم الاحتلال الإسرائيلي أن اتفاقية فك الاشتباك انتهت بسقوط النظام، وبدأ بتشكيل منطقة عازلة مدعياً أن الهدف من ذلك “منع تسلل الفصائل المسلحة إلى المنطقة ولحماية الجولان”.
أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بيان باللغة العبرية، احتلال المنطقة العازلة بقوله: “نعمل بالدرجة الأولى على حماية حدودنا. هذه المنطقة كانت تحكمها على مدار قرابة 50 عاماً منطقة عازلة اتُّفق عليها عام 1974 بموجب اتفاقية فك الاشتباك. وقد انهارت الاتفاقية بترك الجنود السوريين مواقعهم”.
وأضاف: “مع وزير الجيش (يسرائيل كاتس)، وبدعم كامل من المجلس الوزاري المصغر (الكابينت)، أوعزتُ إلى الجيش (السبت) بالاستيلاء على المنطقة العازلة والمواقع المجاورة لها، ولن نسمح لأي قوة معادية بالتموضع على حدودنا”.
لكن في بيانه باللغة الإنجليزية، تحدث نتنياهو عن وجود مؤقت لا احتلال، إذ قال: “في الليلة الماضية انهارت الاتفاقية، فقد تخلى الجيش السوري عن مواقعه”.
وتابع: “أصدرنا الأوامر للجيش بالاستيلاء على هذه المواقع لضمان عدم تمركز أي قوة معادية بالقرب من حدود إسرائيل. وهذا موقف دفاعي مؤقت إلى أن يتم التوصل إلى ترتيب مناسب”.
اقرأ أيضاً
حملة يغذيها تحريض اليمين المتطرف… الإغلاق يهدد آخر مدرسة إسلامية في فرنسا بسبب “قيم الجمهورية”
حملة يغذيها تحريض اليمين المتطرف… الإغلاق يهدد آخر مدرسة إسلامية في فرنسا بسبب “قيم الجمهورية”
ما هي اتفاقية فك الاشتباك؟
مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في نهاية حرب 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973، كانت إسرائيل تسيطر على كامل أراضي مرتفعات الجولان، بما في ذلك المنطقة التي كانت تحت السيطرة السورية قبل الحرب.
تتكون تلك المنطقة من العديد من القرى السورية الصغيرة، بالإضافة إلى تل العرام، وهو عبارة عن مخروط بركاني، وقمة جبل الشيخ، التي تبعد نحو 40 كيلومتراً عن العاصمة السورية دمشق.
رغم قرارات وقف إطلاق النار الأممية، استمرت حوادث إطلاق النار وتصاعدت إلى حد حرب الاستنزاف بين الطرفين، وظل التصعيد قائماً طوال فترة التفاوض بين الجانبين السوري والإسرائيلي، حيث كان يتزايد كلما وصلت المحادثات إلى طريق مسدود.
بدأت المفاوضات حول التسوية في أعقاب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 339 الذي طالب بوقف إطلاق النار في 23 أكتوبر/تشرين الأول 1973. وبعد توقيع الاتفاقية بين إسرائيل ومصر في يناير/كانون الثاني 1974، زاد التوتر بشكل كبير على جبهة الجولان.
وفي الفترة ما بين مارس/آذار ومايو/أيار 1974، سُجلت أكثر من ألف حادثة بين الطرفين، بما في ذلك قصف عنيف في الجولان ومعارك على جبل الشيخ، مما أثار مخاوف من تحول المعارك إلى حرب شاملة. طالبت سوريا بانسحاب كامل من منطقة الجولان على غرار ما جرى في سيناء، لكن إسرائيل رفضت، ما استدعى تدخلاً أمريكياً لإنهاء الأزمة.
أُبرمت اتفاقية فك الاشتباك بين دمشق وتل أبيب في جنيف السويسرية بحضور ممثلين عن الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد السوفيتي سابقاً، بهدف الفصل بين القوات السورية والجيش الإسرائيلي في المنطقة.
بنود اتفاقية فك الاشتباك:
تكون القوات الإسرائيلية كلها غربي الخط (أ) بالخريطة.
يتمكن السوريون الذين أُجبروا على ترك منازلهم في المنطقة العازلة من العودة إليها.
المنطقة الواقعة بين الخط (أ) والخط (ب) ستكون منطقة عازلة تنتشر فيها قوة المراقبة الأممية (يوندوف).
تكون القوات السورية شرقي الخط (ب) بالخريطة.
يُسمح للقوات الجوية الخاصة بالجانبين بالتحرك حتى خطوطهما فقط.
ما حدود دور القوة الأممية وقوامها؟
تشير اتفاقية فك الاشتباك إلى أن مهمة القوة الأممية (يوندوف) تتركز على المحافظة على وقف إطلاق النار، والتأكد من مراعاته بدقة، خاصة فيما يتعلق بمناطق الفصل.
ووفقاً لاتفاقية فك الاشتباك: “في قيامها بمهمتها، ستتقيد (القوة الأممية) بالقوانين والأنظمة السورية المطبقة بصورة عامة، ولن تعرقل عمل الإدارة المدنية المحلية”.
كما “ستتمتع بحرية الحركة والاتصال والتسهيلات الأخرى الضرورية لمهمتها، وستكون متحركة ومزودة بأسلحة فردية ذات صفة دفاعية، ولن تستخدم هذه الأسلحة إلا دفاعاً عن النفس”.
و”ستكون قوة مراقبي فصل القوات التابعة للأمم المتحدة تحت سلطة مجلس الأمن، وستقوم بأعمال تفتيش بموجب الاتفاقية، وتقدم تقارير عنها إلى الأطراف على أساس منتظم وبتكرار لا يقل عن مرة كل خمسة عشر يوماً”.
بحسب الموقع الإلكتروني للقوة الأممية، فإن عدد أفرادها يصل إلى 1309، منهم 117 جندياً، و59 ضابطاً، و133 مدنياً.
وتشير البيانات إلى أن أكثر 10 دول مساهمة في القوة هي: نيبال (451)، أوروغواي (211)، الهند (201)، فيجي (149)، كازاخستان (140)، غانا (5)، بوتان (4)، جمهورية التشيك (4)، إيرلندا (4)، وزامبيا (3).
ما هي القرى التي تقع في المنطقة العازلة؟
حسب خريطة منشورة على موقع القوة الأممية، “تتواجد في المنطقة الفاصلة العديد من القرى، أبرزها: طرنجة، جباتا الخشب، أوفانيا، مدينة البعث، الحميدية، القنيطرة، بئر العجم، بريقة، الأصبح، الرفيد، الصمدانية الغربية، القحطانية”.
أين توغلت الدبابات الإسرائيلية؟
نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر أمنية سورية، أن الاحتلال الإسرائيلي وصل إلى مسافة 25 كيلومتراً جنوب غربي دمشق في توغله العسكري.
وفي الأحد، أنذر الجيش الإسرائيلي سكان قرى أوفانيا والقنيطرة والحميدية والصمدانية الغربية والقحطانية بعدم مغادرة منازلهم، مشيراً إلى وجود جنوده في هذه المناطق.
ذكر المصدر الأمني السوري أن دبابات الاحتلال وصلت إلى مدينة قطنا، على بعد 10 كيلومترات داخل الأراضي السورية شرق المنطقة العازلة.
كما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن دبابات الجيش الإسرائيلي وصلت إلى الجانب السوري من جبل الشيخ في هضبة الجولان.
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن الآليات الإسرائيلية اقتربت من منازل المدنيين في قرية الحميدية بريف القنيطرة، وعين التينة وعين العليقة غرب بلدة حضر، بالإضافة إلى بلدة بئر الجوز وغرب باب الحداد.
فيما زعم الاحتلال الإسرائيلي أن قواته تتواجد داخل المنطقة العازلة وفي نقاط دفاعية قريبة من الحدود بهدف حمايتها.
هل اخترقت إسرائيل اتفاقية فك الاشتباك؟
أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة أن تقدم الجيش الإسرائيلي داخل المنطقة العازلة في الجولان السوري يشكل انتهاكاً لاتفاق فض الاشتباك.
وقال ستيفان دوجاريك إن قوة الأمم المتحدة المكلفة بمراقبة فض الاشتباك (يوندوف) “أبلغت نظراءها الإسرائيليين أن هذه الأفعال تشكل انتهاكاً لاتفاق 1974 حول فض الاشتباك”.
وأوضح أن القوات الإسرائيلية التي دخلت المنطقة العازلة لا تزال تنتشر في ثلاثة أماكن.
وشدد على أنه “يجب ألا تكون هناك قوات أو أنشطة عسكرية في منطقة الفصل، وعلى إسرائيل وسوريا الاستمرار في تنفيذ بنود اتفاق 1974 والحفاظ على استقرار الجولان”.
—————————
فريدمان بعد “اللحظة السورية”
أنظروا إلى إيران تتغيّر
إيمان شمصر
ديسمبر 10, 2024
حربان غيّرتا مصير سوريا، وفقاً لمراسل الأمن الدولي الرئيسي لشبكة CNN نيك باتون والش. في رأيه أنّ “مصير بشار الأسد لم تتمّ صناعته في سوريا،…
لم يكن مفاجئاً أن يختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب رجل الأعمال الأميركي اللبناني المحامي مسعد بولس مستشاراً أوّلَ له للشؤون العربية وشؤون الشرق الأوسط….
بالنسبة لكولن كلارك، مدير الأبحاث في مركز صوفان، وهو مركز أبحاث واستشارات استخبارية وأمنيّة أميركية، “يمرّ “الحزب” بعد عام من الحرب مع إسرائيل بنوع مختلف…
“أنت تحصد ما تزرع”، كتب المحلّل والكاتب السياسي الأميركي توماس فريدمان في صحيفة نيويورك تايمز في سياق “ملاحظات سريعة” له على سقوط نظام عائلة الأسد في سوريا التي تولّت السلطة عام 1971، “كنتيجة جزئية للهزيمة المدمّرة التي لحقت بسوريا في حرب عام 1967”.
كان فريدمان قد ادّعى، بحسب قوله، على مدى الأسابيع القليلة الماضية أنّ إسرائيل ألحقت بإيران وشبكة المقاومة التابعة لها هزيمة تعادل هزيمة حرب الأيّام الستّة، وأنّ هذا من شأنه أن يؤدّي إلى عواقب وخيمة. ويقول إنّنا “لم نرَ شيئاً بعد”، ويورد في هذا السياق “خمس ملاحظات سريعة”:
1- قال الرئيس المنتخب دونالد ترامب في منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي ما يستحقّ جائزة أطرف تصريح لزعيم عالميّ حتى الآن: “سوريا في حالة من الفوضى، لكنّها ليست صديقتنا، ولا ينبغي للولايات المتحدة أن تكون لها أيّ علاقة بها. هذه ليست معركتنا. دع الأمور تسِر. لا تتدخّل”.
سوريا هي حجر الزاوية
انتبه يا سيّد ترامب: سوريا هي حجر الزاوية في الشرق الأوسط بأكمله. لقد انهار الأمر كما انهار جسر منفجر، وهو ما خلق مخاطر وفرصاً جديدة هائلة سيستغلّها لاعبو المنطقة ويتفاعلون معها. إنّ البقاء بعيداً عن هذا، ليس مطروحاً، خاصة عندما تكون لدينا عدّة مئات من القوات الأميركية متمركزة في شرق سوريا. نحن بحاجة إلى تحديد مصالحنا واستخدام الأحداث في سوريا لدفعها، لأنّ هذا بالضبط ما سيفعله الآخرون.
2- للولايات المتحدة مصلحة كبرى في ما يحصل، وهو أمر لا يحتاج إلى تفكير: ستؤدّي الانتفاضة في سوريا على المدى الطويل إلى انتفاضة مؤيّدة للديمقراطية في إيران. ومن المؤكّد أنّها ستثير في الأمد القريب صراعاً على السلطة بين المعتدلين هناك، الرئيس مسعود بزشكيان ونائبه وزير الخارجية السابق جواد ظريف، وبين المتشدّدين في الحرس الثوري.
لقد تركت الأحداث في سوريا، بالإضافة إلى الهزيمة العسكرية الإيرانية أمام إسرائيل، طهران مكشوفة
نحن بحاجة إلى تشكيل هذا الصراع. لقد تركت الأحداث في سوريا، بالإضافة إلى الهزيمة العسكرية الإيرانية أمام إسرائيل، طهران مكشوفة. وهذا يعني أنّ قادة إيران سيضطرّون الآن إلى الاختيار بسرعة بين التسرّع في الحصول على قنبلة نووية لإنقاذ نظامهم، أو التخلّص من القنبلة كجزء من صفقة مع ترامب، إذا سحب خيار تغيير النظام من على الطاولة. ولهذا السبب، يا سيّد ترامب، أقولها على طريقتك: لا يمكننا أن نتدخّل في هذا الأمر!
3- إنّ أكبر مجهول واضح هو: من هم المتمرّدون الذين سيطروا على سوريا؟ وماذا يريدون حقّاً؟ ديمقراطية تعدّدية أم دولة إسلامية؟ يُخبرنا التاريخ أنّ الإسلاميين المتشدّدين هم عادة من ينتصر في مثل هذه التحرّكات. ولكنّني أراقب وأتمنّى أن يكون الأمر مختلفاً.
4- ظهر عنوان رئيسي في صحيفة هآرتس يعبّر وحده عن أكبر مخاوفي: “سوريا ما بعد الأسد في خطر أن تديرها ميليشيات خارجة عن السيطرة”. إنّنا نعيش لحظة في تاريخ الشرق الأوسط حيث يوجد العديد من البلدان التي أستطيع أن أصفها بأنّها “متأخّرة جدّاً عن الإمبريالية، لكنّها فشلت في حكم نفسها”.
للولايات المتحدة مصلحة كبرى في ما يحصل، وهو أمر لا يحتاج إلى تفكير
الحالة الطبيعيّة الهوبسيّة
هنا أتحدّث عن ليبيا واليمن ولبنان وسوريا والعراق والصومال والسودان. وهذا يعني أنّ أيّ قوّة أجنبية لن تأتي لتحقيق الاستقرار فيها، لكنّها فشلت في إدارة التعدّدية الخاصّة بها وصياغة العقود الاجتماعية اللازمة لخلق الاستقرار والنموّ. لم نشهد مثل هذا الوضع من قبل في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهي اللحظة التي انحدر فيها العديد من البلدان إلى هذه الحالة الطبيعية الهوبسيّة أو Hobbesian state (حالة من الفوضى وانعدام القانون بحسب نظرية توماس هوبس أحد أكبر فلاسفة القرن السابع عشر بإنكلترا)، لكن في عالم أكثر ارتباطاً.
لهذا السبب، بعدما أمضيت الأسبوع الماضي في بكين وشنغهاي، قلت مراراً لمحاوريّ الصينيّين: “تعتقدون أنّنا أعداء. أنتم مخطئون. لدينا عدوّ مشترك هو الفوضى. والطريقة التي نعمل بها معاً للحدّ من عالم الفوضى وتنمية عالم النظام هي ما سيحكم علينا التاريخ من أجله”.
5- أفضل قول مأثور روسيّ يلخّص التحدّي الذي تواجهه القوى الإقليمية والعالمية الآن في حلّ مشكلة سوريا هو: “من الأسهل تحويل حوض السمك إلى حساء سمك، بدلاً من تحويل حساء السمك إلى حوض سمك.”
——————————
كيف ستتلقّف المعارضة نقمة العلويّين على الأسد؟/ وليد شُقَير
ديسمبر 10, 2024
أجمعت نصائح جميع من استنجد بهم الرئيس السوري بشار الأسد قبل أيام، وبعضهم قادة عرب، على ضرورة أن يبتعد عن إيران. بات هذا المطلب مفتاح…
يرتسم الشرق الأوسط الجديد انطلاقاً من التطوّرات العسكرية الدراماتيكية في سوريا. يطرح تحريك الميدان السوري المفاجئ والمعقّد الأبعاد علامات استفهام حول صيرورة المواجهات الدائرة ومصير…
تعود سوريا إلى الواجهة مجدّداً بالأحداث الأمنيّة في شمالها، بعد بدء سريان مفعول الهدنة في لبنان، التي سينشغل اللبنانيون بتنفيذها. وبينما تركّز الاهتمام على الهجمات…
أخيراً، غادرنا صاحب الضحكة البلهاء، والقرارات الخرقاء والخطابات الجوفاء والأفكار الهوجاء، التي حوّلت قلب العروبة النابض إلى صحراء… انسحب بعدما جعل سوريا، الدولة المحوريّة، بحراً من الدماء، وتعاطى مع النصائح بتعديل نهجه بأذن صمّاء.
من المؤكّد أنّ سوريا ستحتاج إلى وقت طويل للتعافي. يتوقّف الأمر على مدى نضج قوى المعارضة السورية بحيث لا تقع مجدّداً فريسة الخلافات الداخلية، وسط بوادر الانقضاض الإسرائيلي. تسبُّبُ بشار الأسد بتقطيع سوريا لخمس مناطق نفوذ دولية وإقليمية، يبقي على المخاوف من استمرار حريق بلاد الشام. فمن وكيف سيُملأ فراغ انهيار الدور الإيراني وأفول الأحلام الإمبراطوريّة لطهران فيها وفي لبنان ما دام هذا هو الهدف الرئيس لما حصل؟
لا أجوبة على معظم الأسئلة التي رافقت ولحقت الزلزال الكبير في سوريا وما سيتبعه. فحِممُ البركان بعد التحوّلات التي فاقت سرعتها الخيال تطرح تحدّيات على الإقليم والحسابات الجيوسياسية للدول الكبرى.
بانتظار اتّضاح مدى قدرة السوريين في الداخل على صوغ التوافقات، سترتسم من سوريا صورة المنطقة لسنوات مقبلة. خروج محور الممانعة، بقطع طريق طهران بغداد دمشق بيروت من المعادلة الإقليمية، يحمل إيران على التراجع داخل حدودها. وما اصطُلح على تسميته “تفكيك البنى التحتية” للتمدّد الإيراني في المنطقة ينتظر أن يتبلور انخفاضاً في وزن طهران الإقليمي.
بانتظار اتّضاح مدى قدرة السوريين في الداخل على صوغ التوافقات، سترتسم من سوريا صورة المنطقة لسنوات مقبلة
التّحدّي الداخليّ: المرحلة الانتقاليّة
لكنّ التحدّي الأبرز داخليّ يبدأ باختبار قابلية مكوّنات المجتمع السوري المتنوّع لصوغ حدّ أدنى من التوافقات التي حال دونها النظام منذ 2011. يستدعي الأمر بداية إحجام بعض الرموز المعارضة عن التسرّع. فجر الأحد صدر بيان رقم 1 مذيّلاً بتوقيع “المجلس الوطني الانتقالي” يزفّ للسوريين سقوط النظام. وعند السؤال عن الشخصيّات التي يتشكّل منها المجلس لقيادة المرحلة الانتقالية، نفى عدد من المعارضين علمهم بهم، على الرغم من مضمونه المتّسق مع أهداف الثوّار وأهمّها المصالحة الوطنية… فالتركيز جرى، فور سقوط دمشق وهرب الأسد، على الطلب من الحكومة السورية القائمة برئاسة محمد الجلالي تسيير شؤون الدولة والوزارات. ومع احتمال صدور المزيد من البيانات والمواقف باسم الثوّار، يبدو أنّ على وسائل الإعلام ألّا تأخذ إلا بتلك التي لها عنوان واضح لمكان صدورها، ومذيّلة بأسماء موقّعيها ومن أصدرها. وهذا يطرح بقوّة على بعض رموز المعارضة الموجودين في الخارج أن يعتمدوا نهج الشراكة الديمقراطية الذي عابوا على نظام الأسد تغييبه، لتفضيله التفرّد الاستبدادي والمزاجيّ.
الأسد
من جهة ثانية أعلن القائد العام لغرفة العمليات العسكرية، أحمد الشرع (الجولاني)، تكليف محمد البشير بتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية.
الظّروف الداخليّة: إشاعة الهرب
في سياق استيعاب سرعة انهيار نظام الأسد لا بدّ من التوقّف عند الظروف الداخلية التي سبقت مغادرته إلى موسكو. فمع صحّة القول إنّ اندفاعة المعارضة لم تكن لتتمّ من دون القرار التركي بدعمها ومن دون الدور الأميركي الخلفيّ في تأييد تلك الاندفاعة، ثمّة عوامل سوريّة داخلية لعبت دوراً فاجأ “الرعاة” الخارجيين. ومع صحّة الاستنتاج بأنّ روسيا وإيران امتنعتا عن الدفاع عن بقاء النظام كلٌّ منها لظروفها، لا يمكن تجاهل أثر ترهّل الجيش السوري وتردّده.
يحتاج ربط خيوط الأحداث الأخيرة في سوريا إلى الكثير من الاستقصاء والمعطيات التي أفرزت النتيجة السياسية الكبيرة التي بلغتها بلاد الشام. سيخضع الإلمام بالمعطيات لوقت طويل من التمحيص والتدقيق لجمع الروايات الحقيقية.
يحتاج ربط خيوط الأحداث الأخيرة في سوريا إلى الكثير من الاستقصاء والمعطيات التي أفرزت النتيجة السياسية الكبيرة التي بلغتها بلاد الشام
يمكن ذكر بعض الوقائع التي تضافرت على الصعيد الداخلي مع العوامل الخارجية وأسهمت في انقلاب المشهد السوري:
– أُصيب الأسد بالذعر في 27 تشرين الثاني عند بدء المعارضة هجومها على ريف إدلب وريف حلب، وهو ما حمله على زيارة موسكو في اليوم التالي، أي الخميس 28، للاستنجاد بها.
– انسحب الذعر على الحلقتين الضيّقتين الأولى والثانية المحيطتين بالأسد. فمغادرته إلى العاصمة الروسيّة تمّت من دون إعلام العديد من محيطه، بحيث انتشرت وسط بطانة القصر الرئاسي شائعة بأنّ “الرئيس هرب”. كان هؤلاء يتصرّفون انطلاقاً من معرفتهم القريبة بالأسد وبشخصيّته غير البعيدة عن تفضيل الهرب على اتّخاذ قرارات بتقديم تنازلات. لم يخفِ العديد من مستشاريه تبرّمه من اعتماده أسلوب المراوغة والتسويف إزاء النصائح الروسية له بأخذ مسافة من طهران.
– بعد عودته من زيارته الأولى لموسكو حيث سمع لوماً لعدم إنصاته لنصائح تغيير نهجه، انشغل الأسد بالاتّصالات الخارجية لمحاولة الحصول على تطمينات إقليمية ودولية إلى مسألة بقائه. شملت اتّصالات بعض الوسطاء إسرائيل التي خدعت المتّصلين بالقول إنّها ليست مع تغيير النظام وتكرار مطالبها بإبعاد إيران و”الحزب” عن سوريا ومنع تهريب السلاح إليه.
انفكاك العلويّين عن السّلطة
– مع تشديده الأوامر على الجيش بالتصدّي لـ”هيئة تحرير الشام” وفصائل المعارضة، كانت اتّصالات الأخيرة مع وحدات الجيش نجحت في إقناع الكثير من الضبّاط، فكان أن انشقّوا عن النظام بالآلاف وغادروا مواقعهم في الشمال والوسط تاركين الأعتدة الثقيلة ورافضين القتال. وبعضهم فعل ذلك من تلقاء أنفسهم من دون تواصل مع المعارضة. والبعض الآخر من كبار القادة نصحه بتسليم السلطة.
تصاعدت نقمة المشايخ العلويين بحيث فقد التغطية لحكمه التي استند إليها آل الأسد منذ سبعينيات القرن الماضي لحكم سوريا
– الأهمّ أنّه في الأشهر الأخيرة من حكمه تصاعدت النقمة بين وجهاء الطائفة العلوية حيال سياساته. منشأ هذه النقمة يعود إلى تردّي الوضع الاقتصادي الذي أصاب حتى شباب التشكيلات العسكرية التي قاتلت إلى جانب النظام ضدّ المعارضة. يضاف إلى ذلك تنامي مشاعر الاحتجاج على توسّع الانتشار الإيراني في سوريا وشراء ميليشيات الحرس الثوري الكثير من الأراضي والعقارات في الساحل السوري. فالضائقة المالية اضطرّت أصحابها إلى بيعها. وقد تصاعدت نقمة المشايخ العلويين بحيث فقد التغطية لحكمه التي استند إليها آل الأسد منذ سبعينيات القرن الماضي لحكم سوريا.
بقدر الدور الذي لعبته نقمة العلويين كعامل مساعد على نزع شرعية الحكم، على قوى المعارضة التي سبقت هجومها العسكري تحدّي استقطاب الطائفة إلى المرحلة الانتقالية في التركيبة الداخلية.
أهداف الدّول ومسمار جحا الإسرائيليّ
إقليميّاً، المصالح المتضاربة أحياناً، والمتقاطعة أحياناً أخرى، لكلّ من تركيا، روسيا، إيران، أميركا وإسرائيل، تقوّض “استقلال ووحدة سوريا”. الدول ترفع هذا الشعار، لكنّها تضمر شيئاً آخر بخططها للمستقبل في الصراع التاريخي على سوريا.
وهذا ما يفرض على الدول العربية الرئيسة، خصوصاً مصر والسعودية، أن تكون شريكة في المظلّة الخارجية للسلطة الجديدة.
من موقع الأخيرة في هذا الصراع يتأثّر العراق والأردن ولبنان بما يجري فيها. ولبنان يواجه تحدّي عودة “الحزب” إلى الداخل اللبناني للتأقلم مع سقوط الإمبراطورية الإيرانية. فمعابر نقل السلاح وغيره من موادّ التهريب التي كانت مصدر تمويل له، صارت في يد “هيئة تحرير الشام” لا الجيش السوري ولا عناصره.
إحدى إشارات القلق من إغراق فرحة السوريين وجيرانهم العرب، لزوال حكم العائلة، بالصراعات والفوضى، حديث الرئيس الأميركي جو بايدن عن أنّ أميركا ستساعد على “إدارة المخاطر” المحيطة بسوريا بعد خروج الأسد. وهذا يعني أنّ “المخاطر” ستبقى موجودة، لكن في ظلّ السعي إلى التحكّم بها وفقاً للمصالح الأميركية.
أُصيب الأسد بالذعر في 27 تشرين الثاني عند بدء المعارضة هجومها على ريف إدلب وريف حلب، وهو ما حمله على زيارة موسكو في اليوم التالي
في السياق باشرت تل أبيب دقّ مسمار جحا جديد في الجغرافيا السورية بإعلان بنيامين نتنياهو من جانب واحد إلغاء اتفاقية فكّ الارتبط لعام 1974 بين تل أبيب ودمشق. احتلّت قوّاتها موقع جبل الشيخ إثر انسحاب الجيش السوري منه. كما احتلّت منطقة حدودية مع الجولان المحتلّ في محافظة القنيطرة بحجّة ضمان أمن شمالها. بذلك اقتطعت ما يقارب مئتي كيلومتر مربّع من الأرض السورية، إضافة إلى الجولان المحتلّ. ويشبه ذلك مزارع شبعا التي باتت مسمار جحا في الأرض اللبنانية، بهدف الإبقاء على مساحة متنازع عليها تسمح للدولة العبرية بخلق ظروف للاشتباك. وهذا ما حصل على الجبهة اللبنانية منذ عام 2000.
يتيح السلوك الإسرائيلي حيال سوريا الاستنتاج بأنّ نتنياهو يسعى من احتلاله مناطق جديدة إلى الحفاظ على “صنّارة” بقاء “المقاومة”، وبالتالي إيران. فهل تستدرج إسرائيل طهران للبقاء من أجل تسويغ مواصلة تدخّلها في سوريا، في وقت يتحدّث وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي عن سحب قوات بلاده من بلاد الشام؟
اساس ميديا
———————–
=======================
فرار الديكتاتور، سورية حرة إلى الأبد
=================
تحديث 08 كانون الأول 2024
———————
المعارضة تعلن من دمشق سقوط النظام والأسد يلوذ بالفرار
08 ديسمبر 2024
تمكنت فصائل المعارضة السورية بعد المعارك التي بدأتها في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مع قوات النظام بعدة مناطق في البلاد من السيطرة، اليوم الأحد، على العاصمة دمشق وإرغام رئيس النظام السوري بشار الأسد على الفرار إلى خارج البلاد، لتنتهي بذلك حقبة سوداء في تاريخ سورية وتبدأ صفحة عهد جديد. وأعلنت الفصائل المعارضة في رسالة بثّتها عبر التلفزيون الرسمي السوري صباح الأحد، إسقاط بشار الأسد، وإطلاق سراح كل المعتقلين، داعية المواطنين والمقاتلين إلى الحفاظ على ممتلكات الدولة، فيما عمّت الاحتفالات ساحة الأمويين في قلب دمشق العاصمة، وساحات رئيسية أخرى في المحافظات.
وبعد تمكّنها من دخول معظم أحياء مدينة حمص ليلة السبت الأحد، من عدة محاور، شهدت الساعات الأخيرة تطورات متسارعة في العاصمة دمشق؛ حيث دخلتها قوات المعارضة المسلحة من دون وجود مؤشر على انتشار الجيش السوري. من جانبه، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن بشار الأسد غادر سورية عن طريق مطار دمشق الدولي الذي أخلاه الجيش والقوات الأمنية. وصرح مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، لوكالة “فرانس برس”، بأن “الأسد غادر سورية عبر مطار دمشق الدولي، قبل أن ينسحب عناصر الجيش والأمن” من المكان.
ودعا رئيس الحكومة السورية محمد غازي الجلالي، اليوم الأحد، مباشرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، مد يده للتعاون مع أي حكومة يختارها الشعب، مطالباً جميع السوريين بالحفاظ على الأملاك العامة للدولة، لأنها ملك لجميع السوريين. وبدوره، وجّه أحمد الشرع الملقب بالجولاني، رئيس “هيئة تحرير الشام”، وقائد العمليات العسكرية للمعارضة السورية نداءً جاء فيه: “إلى كافة القوات العسكرية في مدينة دمشق، يُمنع منعًا باتًا الاقتراب من المؤسسات العامة، والتي ستظل تحت إشراف رئيس الوزراء السابق (الجلالي) حتى يتم تسليمها رسمياً، كما يُمنع إطلاق الرصاص في الهواء”.
وجاء ذلك، بعدما تمكّن مقاتلو غرفة المعارضة السورية من دخول معظم أحياء مدينة حمص، ليلة السبت الأحد، من عدة محاور، حيث شهدت معظم أحياء المدينة انسحاباً لقوات النظام السوري ومليشياته. وذكرت مصادر ميدانية داخل المدينة لـ”العربي الجديد” أن مقاتلي المعارضة السورية بدأوا بعمليات تمشيط داخل أحياء المدينة التي فرضوا سيطرتهم عليها لتأمين المدنيين فيها، وطرد من بقي من عناصر جيش النظام والشبيحة منها. حيث لفتت إلى أن المقاتلين الذين كانوا ضمن الأحياء الموالية للنظام، انسحبوا من المدينة نحو محافظة طرطوس.
كذلك، أعلنت المعارضة السورية أنها تمكنت، فجر اليوم الأحد، من اقتحام سجن صيدنايا سيئ الصيت شمال العاصمة دمشق، والإفراج عن الآلاف من المعتقلين الذين كانوا بداخله. وأكدت إدارة العمليات العسكرية لـ”ردع العدوان” في بيان مقتضب أنها سيطرت على السجن، وقالت: “نزفّ إلى الشعب السوري نبأ تحرير أسرانا وفك قيودهم وإعلان نهاية حقبة الظلم في سجن صيدنايا”. وأظهرت مقاطع مصورة خروج العشرات من المعتقلين من السجن وسط فرح عارم ووصولهم إلى أحياء مدينة صيدنايا.
أعلن المقدم “حسن عبد الغني”، الناطق باسم غرفة عملية “ردع العدوان” التابعة لفصائل المعارضة السيطرة على مدينة دير الزور، مشيرا إلى أن مجموعات مؤلفة من مئات من عناصر قوات النظام قامت بتسليم نفسها في دير الزور. كما لفت إلى تقدم قوات عملية ردع العدوان في ريف دير الزور الغربي.
فصائل المعارضة تعلن السيطرة على منبج بعد معارك مع “قسد”
أعلنت فصائل الجيش الوطني التابعة للمعارضة السورية، مساء اليوم الأحد، أنها أكملت السيطرة على مدينة منبج في ريف حلب الشرقي بعد معارك مع قوات سورية الديمقراطية “قسد”. وفي بيان مصور، قالت غرفة عملية فجر الحرية إنها سيطرت على مدينة منبج بالكامل. في حين نفى المركز الإعلامي التابع لقسد في بيان صدر عنه سيطرة فصائل المعارضة على المدينة، وأكد أن قواته لا زالت تصد هجوم الفصائل.
وتعد مدينة منبج أكبر مدن ريف شرقي حلب وهي المنطقة الوحيدة التي بقيت خارج سيطرة فصائل المعارضة في محافظة حلب، ولطالما هددت تركيا بشن عمليات عسكرية ضد الوحدات الكردية لطردها من منطقة غرب الفرات.
ردع العدوان تسيطر على مناطق استراتيجية بجبال حماة واللاذقية
تمكنت إدارة العمليات العسكرية لدى غرفة عمليات “ردع العدوان” اليوم الأحد، من السيطرة على مناطق استراتيجية في جبل حماة واللاذقية، مُعلنين عن استمرار تقدم قواتها باتجاه مركز محافظة اللاذقية والجبال المحيطة بها، شمال غرب سورية.
وقالت مصادر إعلامية من إدارة العمليات العسكرية لغرفة عمليات “ردع العدوان” في حديث لـ”العربي الجديد”، إن فصائل “ردع العدوان” تمكنت اليوم الأحد من السيطرة على مدينة السقيلبية أبرز معاقل مليشيا “الدفاع الوطني” في ريف حماة الغربي، بالإضافة إلى السيطرة على معسكر جورين المشترك بين قوات النظام والمليشيات الإيرانية، وبلدات سلحب والربيعة وشطحة وناعورة جورين والجيد والرصيف و العشارنة في ريف حماة الغربي، شمال غرب سورية.
وأكدت المصادر، أن قواتها لا تزال تتقدم باتجاه مدينة مصياف والتي تحتوي على مركز البحوث العملية وقمم تحتوي على أنظمة دفاع جوي وصواريخ وثكنات عسكرية يتم فيها صناعة البراميل المتفجرة والطائرات المُسيّرة، مُشيرةً، إلى تمكنها من أسر حوالي 500 عنصر في معسكر جورين وما حوله ضمن منطقة سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، شمال غرب سورية. ولفتت المصادر، إلى تمكن إدارة العمليات العسكرية من السيطرة على مدينة كسب ومعبر كسب الحدودي مع تركيا بريف محافظة اللاذقية الشمالي الشرقي، بالتزامن مع انسحاب لقوات النظام باتجاه عمق مدينة اللاذقية.
————————–
كيف انهار حكم الأسد الدموي بـ9 أيام؟
الأحد 2024/12/08
فجر الأحد، انهار الحكم “الدموي” لحزب البعث العربي الإشتراكي الذي تولى السلطة في سوريا عام 1963 ودام 61 عاماً، مع فقدان نظام بشار الأسد السيطرة على العاصمة دمشق ودخولها في قبضة فصائل المعارضة المسلحة.
وصل حزب البعث العربي الاشتراكي إلى السلطة في سوريا عبر انقلاب عام 1963، واستولى والد بشار الأسد، حافظ الأسد، على السلطة في انقلاب داخل الحزب عام 1970 وأصبح رئيساً لسوريا في عام 1971. ومع وفاة حافظ الأسد، أصبح بشار الأسد رئيساً لنظام البعث عام 2000.
وعام 2011، شهدت سوريا ثورة شعبية طالبت بالحرية في البلاد وتدخل النظام ضد الجماهير باستخدام العنف، مما أدى إلى مقتل آلاف الأشخاص ودخول البلاد في دوامة حرب داخلية.
بعد نزاع امتد أكثر من 13 عاماً، شهدت سوريا خلال الأيام القليلة الماضية تغييراً جذرياً تمثّل ببدء هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة لها، هجوماً واسعاً في شمال البلاد، انتهى بإعلانها دخول دمشق و”هروب” بشار الأسد.
البداية
ففي 27 تشرين الثاني/نوفمبر، أعلنت هيئة تحرير الشام إضافة الى فصائل معارضة مسلحة حليفة لها، بدء هجوم على مناطق تسيطر عليها قوات النظام السوري في شمال البلاد انطلاقاً من محافظة إدلب (شمال غرب)، أبرز معاقل للمعارضة. أسفرت المعارك عن مقتل 141 شخصاً في يوم واحد، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
قطع الطريق
وفي 28 تشرين الثاني/نوفمبر، حققت الفصائل المعارضة تقدماً ميدانياً سريعاً نحو حلب، كبرى مدن شمال سوريا وثاني كبرى مدن البلاد. وتمكنت من قطع الطريق الرئيسي بينها وبين دمشق. وأعلن المرصد أن الفصائل قطعت “طريق دمشق-حلب الدولي (إم 5) عند بلدة الزربة في ريف حلب، إضافة إلى السيطرة على عقدة الطريقين الدوليين إم 4 وإم 5 عند مدينة سراقب”، ما أدّى إلى توقّف الطريق الدولي عن العمل بعد سنوات من إعادة فتحه.
أبواب حلب
وصل المسلحون المعارضون في 29 تشرين الثاني/نوفمبر إلى أبواب مدينة حلب بعد تقدم سريع في ريف المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، وسيطرتهم على أكثر من 50 قرية وبلدة.
رد جيش النظام المدعوم من روسيا بشنّ غارات جوية على إدلب ومحيطها. وبينما أكد النظام العمل على صدّ هجوم الجماعات “الإرهابية”، دعته موسكو الى “إعادة فرض النظام” في ريف حلب بصورة “عاجلة”.
استمرار التقدم
وفي 30 تشرين الثاني/نوفمبر، سيطرت فصائل المعارضة على معظم أحياء مدينة حلب إضافة الى مطارها الدولي والمباني الرسمية والسجون. وشنّ الطيران الروسي غارات جوية كانت الأولى على المدينة منذ استعادة قوات النظام السيطرة عليها بالكامل في العام 2016. وتقدمت المعارضة بشكل إضافي في محافظة إدلب وسيطرت على مدينة سراقب.
خارج السيطرة
أصبحت مدينة حلب خارج سيطرة قوات النظام السوري بشكل كامل في أول كانون الأول/ديسمبر، للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في البلاد عام 2011، مع استحواذ هيئة تحرير الشام والفصائل الحليفة لها على كل أحيائها باستثناء الكردية منها.
توعّد الأسد باستخدام “القوة” للقضاء على “الإرهاب”، وفق ما أوردت الرئاسة، معتبراً أن “الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة وهي اللغة التي سنكسره ونقضي عليه بها أياً كان داعموه ورعاتُه”. وأسفرت ضربات روسية على إدلب عن مقتل ثمانية أشخاص، بحسب المرصد.
تأكيد الدعم
توازياً مع هجوم هيئة تحرير الشام والفصائل الحليفة لها، تقدمت فصائل مسلحة مدعومة من تركيا للسيطرة على مدينة تل رفعت (شمال) وطرد القوات الكردية منها في 2 كانون الأول/ديسمبر.
رأى الأسد أن الهجوم في شمال سوريا محاولة “لتقسيم المنطقة.. وإعادة رسم خرائطها”. وقال خلال اتصال مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان، وفق ما أوردت الرئاسة السورية، “ما يحصل من تصعيد إرهابي يعكس أهدافاً بعيدة في محاولة تقسيم المنطقة وتفتيت دولها وإعادة رسم الخرائط من جديد”، مؤكداً أن “التصعيد لن يزيد سوريا وجيشها إلا إصراراً على المزيد من المواجهة”.
بدورها، أكدت طهران وموسكو الدعم “غير المشروط” لدمشق. وقامت طائرات روسية وسورية بقصف مناطق تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب البلاد، ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً على الأقل.
سقوط حماة
في 5 كانون الأول/ديسمبر، سيطرت فصائل المعارضة على مدينة حماة (وسط)، حيث تم إسقاط تمثال للرئيس الراحل حافظ الأسد. وبدأ آلاف السكان بمغادرة حمص، ثالث كبرى مدن البلاد، في ظل التقدم الذي تحققه الفصائل المسلحة، مع تجاوز حصيلة أسبوع من القصف والمعارك 700 قتيل، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
سقوط حمص
وفي 7 كانون الأول/ديسمبر، أعلنت فصائل المعارضة أنها سيطرت على مدينة حمص الاستراتيجية، لتقترب بذلك من العاصمة حيث قالت سلطات النظام إنها فرضت “طوقاً أمنياً وعسكرياً قوياً”.
اعتبر قائد هيئة تحرير الشام أبو محمّد الجولاني أن السيطرة على حمص هي “الحدث التاريخي الذي سيفصل بين الحق والباطل”، وذلك بُعيد إعلان الفصائل توغلها داخل أحياء المدينة لتمشيطها إثر انسحاب القوات الحكومية منها.
وشهد اليوم عينه إعلان الفصائل المعارضة أنها تقترب من دمشق، بينما فقدت القوات الحكومية السيطرة على محافظتي درعا والقنيطرة بجنوب البلاد.
دبلوماسياً، اعتبرت موسكو أنه من غير المقبول أن تتولى “جماعة إرهابية” حكم سوريا، بينما شهدت العاصمة القطرية الدوحة اجتماعاً بين وزراء خارجية كل من روسيا وإيران وتركيا للبحث في تسارع الأحداث في سوريا.
ومع تقدم ساعات الليل، أعلنت فصائل المعارضة أن قواتها بدأت بدخول دمشق.
في الموازاة، أفاد مصدر مقرب من حزب الله اللبناني أن الفصيل الحليف للأسد سحب عناصره من محيط دمشق وفي حمص باتجاه لبنان ومنطقة الساحل السوري.
عهد جديد
في 8 كانون الأول/ديسمبر، أعلنت فصائل المعارضة “هروب” الأسد، و”بدء عهد جديد” لسوريا، بعد دخول قواتها دمشق. وقالت “الطاغية بشار الأسد هرب… نعلن مدينة دمشق حرة”.
من جهته، أعلن رئيس الحكومة السورية محمد الجلالي استعداده لتسليم المؤسسات إلى أي “قيادة” يختارها الشعب. وأفاق سكان العاصمة على مظاهر ابتهاج مع إطلاق الرصاص في الهواء احتفالاً لساعات، مترافقاً مع تكبيرات المساجد والهتافات والزغاريد، وأسقط جمع من السوريين تمثالاً للرئيس الراحل حافظ الأسد في وسط دمشق.
—————————–
اقتصاد سوريا في دوامة سقوط نظام الأسد
الليرة تواجه التغيير… و«المركزي» يتعرض للنهب
الرياض: «الشرق الأوسط»
8 ديسمبر 2024 م
سيكون الثامن من ديسمبر (كانون الأول) بداية حقبة جديدة في مسيرة سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، ليس سياسياً فقط بل اقتصادياً، وذلك بعد ثلاثة عشر عاماً من الصراعات والأزمات تركت اقتصاد البلاد الواقعة تحت عقوبات أميركية وأوروبية في حالة من الموت السريري، وأعادته عقوداً إلى الوراء من حيث التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية، وأذابت ناتجها المحلي الإجمالي الذي قد يستغرق إحياؤه عقدين أو أكثر. وفي حين أن إعادة بناء البنية التحتية المادية المدمرة ستكون مهمة ضخمة، فإن إعادة بناء رأس المال البشري والاجتماعي لسوريا سيكون تحدياً أعظم بلا شك.
لقد كان أول انعكاسات إعلان هذا السقوط الانهيار الحاد في الليرة السورية التي تفاوت سعرها بشكل حاد بين المحافظات، مما يعكس حالة عدم الاستقرار الاقتصادي والتضخم الجامح الذي تشهده البلاد. إذ هوت قيمة العملة السورية مقابل الدولار الأميركي بنسبة 42 في المائة في تداولات مدينة دمشق لتصل إلى قاع غير مسبوق، حيث بات الدولار الواحد يساوي 22 ألف ليرة سورية. وفي مدينة حلب، وصل الدولار إلى 36 ألف ليرة بهبوط نسبته 64 في المائة. كما أن هذه الأسعار تختلف من بائع لآخر ومن مكان لآخر داخل البلدة الواحدة، في مختلف مناطق البلاد.
وزير المالية السوري رياض عبد الرؤوف توقع في تصريحات صحافية، ألا يستمر تدهور سعر صرف الليرة طويلاً، معتبراً أنه تدهور مبني في الأساس على ضعف الحياة السياسية والتقهقر السابق. كما توقع أن تكون معدلات نمو الاقتصاد جيدة خلال 2025، مشدداً على أن السياسة المالية يجب أن يتم وضعها لصالح الشعب السوري. وتوقع أن تقوم الحكومة السورية المقبلة بمراجعة جميع الاتفاقات.
في عام 2023، انخفضت قيمة الليرة السورية انخفاضاً كبيراً بنسبة 141 في المائة مقابل الدولار الأميركي. تشير التقديرات إلى أن تضخم أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة 93 في المائة، وقد تفاقم هذا الوضع بسبب خفض الدعم الذي تقدمه الحكومة، وفق تقرير صادر عن البنك الدولي.
وفي هذا الوقت، أظهرت مقاطع مصورة تداولها ناشطون أشخاصاً يخروجون مسرعين من مصرف سوريا المركزي ومحملين بأكياس قيل إنها مليئة بالنقود، فيما ظهر حاكم مصرف سوريا المركزي، محمد عصام هزيمة، في فيديو من داخل المصرف، أكد فيه أنه تم نهب بعض الأموال، وبعد مجيء قوات المعارضة المسلحة تم استعادة جزء منها، وتم تأمين الوضع الأمني للمصرف. وقال: «بوجود المعارضة المسلحة حالياً (فإن) الوضع الأمني لمصرف سوريا المركزي والأبنية المحيطة به مؤمنة بإحكام بجميع المداخل، وهي تحت رعايتة وولايته». وأوضح أن أموال المصرف المركزي هي أموال لسوريا، وليست تابعةً لأي شخص، وهذه الأموال تستخدم في شراء الدواء والغذاء.
شخصان يتعانقان خلال مظاهرة للاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد خارج السفارة السورية في مدريد (رويترز)
«سقوط» الناتج المحلي
بدأت الحرب الأهلية في سوريا بعد قمع حركة الاحتجاجات السلمية التي دعت إلى الإطاحة بالأسد في عام 2011. وذكر تقرير للبنك الدولي في مايو (أيار) الماضي أن اقتصاد البلاد، الذي حافظ على وتيرة نمو نشطة قبل الانتفاضة، يعاني منذ ذلك الحين، حيث من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 1.5 في المائة هذا العام، ليزيد من الانخفاض الذي بلغ 1.2 في المائة في عام 2023.
ووفقاً للإحصاءات الرسمية، انكمش الناتج المحلي الإجمالي لسوريا بنسبة 54 في المائة بين عامي 2010 و2021. وقال البنك الدولي إن تأثير الصراع قد يكون أكبر من ذلك بكثير.
وقال التقرير: «سيظل الاستهلاك الخاص، وهو المحرك الرئيسي للنمو، ضعيفاً في عام 2024 مع استمرار ارتفاع الأسعار في تآكل القوة الشرائية. ومن المتوقع أن يظل الاستثمار الخاص ضعيفاً وسط وضع أمني متقلب، وحالة كبيرة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي».
واعتباراً من عام 2022، أثر الفقر على 69 في المائة من السكان – أي ما يعادل حوالي 14.5 مليون سوري. وقال البنك الدولي إن الفقر المدقع، الذي كان شبه معدوم قبل النزاع، أثر على أكثر من واحد من كل أربعة سوريين في عام 2022، وربما يكون قد تدهور أكثر بسبب تأثير زلزال فبراير (شباط) 2023.
كما توقع البنك الدولي ارتفاع معدل التضخم إلى 99.7 في المائة في 2024، ما يعني استمرار الأسعار في الارتفاع بشكل كبير، مما يفاقم معاناة السوريين ويزيد من صعوبة تأمين احتياجاتهم الأساسية.
وأثرت الاضطرابات المرتبطة بالصراع تأثيراً شديداً على التجارة الخارجية، وأدى انهيار الإنتاج الصناعي والزراعي المحلي إلى زيادة اعتماد سوريا على الواردات. وزاد الاعتماد على الواردات الغذائية مع نشوب الصراع، وإن كان ذلك قائماً قبل عام 2011.
كما ساهمت عوامل خارجية عديدة، بما في ذلك الأزمة المالية لعام 2019 في لبنان وجائحة «كوفيد – 19» والحرب في أوكرانيا، في زيادة تآكل رفاهية الأسر السورية.
انخفاض في إنتاج النفط
ويشهد قطاع الطاقة في سوريا اضطرابات منذ عام 2011، إذ انخفض إنتاج النفط والغاز الطبيعي بشكل كبير. وقال البنك الدولي إن بيانات حرق الغاز ليلاً أظهرت انخفاضاً في إنتاج النفط بنسبة 3.5 في المائة سنوياً في العام الماضي، ويرجع ذلك جزئياً إلى الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية بسبب الزلازل والصراع.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية إن إنتاج البلاد من النفط، الذي بلغ متوسطه أكثر من 400 ألف برميل يومياً بين عامي 2008 و2010، وصل إلى أقل من 25 ألف برميل يومياً بحلول مايو 2015. وبلغ متوسط الإنتاج حوالي 91 ألف برميل برميل يومياً في عام 2023.
وقال البنك الدولي: «بينما كان الإنتاج في انخفاض بالفعل قبل الصراع بسبب تقادم حقول النفط، إلا أن الحرب سرّعت من وتيرة الانخفاض بشكل حاد».
وأوضح البنك الدولي أن اقتصاد سوريا في الوقت الحاضر مدفوع بالكبتاغون، إذ تعد البلاد «منتجاً ومصدرّاً رئيسياً» لهذه المادة.
وتقدر القيمة السوقية الإجمالية لـ«الكبتاغون» سوري المنشأ بما يتراوح بين 1.9 مليار دولار و5.6 مليار دولار سنوياً، وهو ما يعادل تقريباً الناتج المحلي الإجمالي لسوريا الذي قدر بـ6.2 مليار دولار العام الماضي، حسبما ذكر البنك الدولي في تقريره.
وأضاف التقرير أن «الجهات الفاعلة المتمركزة في سوريا، أو المرتبطة بها، تحقق أرباحاً من بيع (الكبتاغون) تصل إلى 1.8 مليار دولار سنوياً، أي ما يعادل تقريباً ضعف الإيرادات المتأتية من جميع الصادرات السورية المشروعة في عام 2023».
وتقدّر المملكة المتحدة قيمة التجارة العالمية في «الكبتاغون» بحوالي 57 مليار دولار، إذ يتم إنتاج 80 في المائة من الإمدادات العالمية في سوريا.
والسؤال اليوم: ماذا ينتظر الاقتصاد السوري بعد سقوط نظام الأسد؟
————————-
سقوط بشار الأسد.. ديكتاتور حكم دولة قمعية وانتهى فارّاً/ عبسي سميسم
08 ديسمبر 2024
شكل سقوط نظام بشار الأسد لحظة تحول مفصلية في تاريخ سورية الحديث، التي حكم فيها آل الأسد البلاد 54 عاماً، بدأت في عام 1970 بحكم حافظ الأسد، حكم فيها البلاد نحو ثلاثين عاماً أسس خلالها نظاماً استخباراتياً ديكتاتورياً قمعياً، أورثه لابنه بشار بعد وفاته في عام 2000، الذي حكم سورية منذ ذلك التاريخ إلى سقوطه اليوم على يد فصائل المعارضة والشعب الثائر في كل أنحاء البلاد.
بشار حافظ الأسد هو الابن الثاني لحافظ الأسد وأنيسة مخلوف، من مواليد دمشق 11 سبتمبر عام 1965، تلقى تعليمه في مدرسة اللاييك الفرنسية بدمشق، وتابع دراسته الجامعية في كلية الطب بجامعة دمشق، وأكمل في تخصص طب العيون في بريطانيا، حيث تعرّف هناك إلى أسماء الأخرس، التي تزوجها بعد توليه السلطة خلفاً لأبيه وأنجب منها ثلاثة أبناء، هم: حافظ، وزين، وكريم.
اختير بشار من قبل والده لرئاسة سورية، بعد وفاة أخيه الأكبر باسل عام 1994 في حادث سير غامض، والذي كان يُعَدّ لهذه المهمة، فأصبح بشار البعيد عن السياسة خيار الضرورة لدى حافظ الأسد، الذي استدعاه من بريطانيا من أجل إعداده ليكون وريثه في الحكم. وفي عام 2000، توفي حافظ الأسد وعُدِّل الدستور بتخفيض سنّ رئيس الجمهورية إلى أكثر من 34 عاماً بعد أن كان الدستور ينص على وجوب تجاوز الرئيس الـ40 عاماً، بهدف فتح الطريق دستورياً أمام بشار لتولي رئاسة البلاد.
بروباغندا تثبيت حكم بشار الأسد
رغم تعيين بشار الأسد من قبل النظام الأمني الذي أسسه والده، ما استوجب تعديل الدستور على مقاسه، ورغم تنصيبه أميناً عاماً لحزب البعث وقائداً عاماً للجيش والقوات المسلحة، إلا أن الكثير من السوريين استبشروا بقدومه خيراً، لكونه رئيساً شاباً إصلاحياً ومنفتحاً على الغرب، وبسبب البروباغدا التي نسجتها السلطة حوله شخصاً يسعى للتغيير ومحارباً للفساد، ومطلقاً للحريات. ومما زاد من شعبيته بداية تسلمه السلطة إطلاقه حملة لمكافحة الفساد في مؤسسات السلطة التنفيذية، وإصداره قانون المطبوعات، الذي سمح بإصدار صحف خاصة، وغضّ الطرف عن انتقاد السلطة، سواء من خلال المطبوعات أو من خلال الأعمال الفنية والدرامية، وإطلاقه للحريات العامة، وسماحه للمنتديات السياسية والثقافية التي كانت محظورة في عهد والده بالنشاط من جديد، بالإضافة إلى طرحه فكرة التحديث الاقتصادي في البلاد. إلا أن فترة الازدهار هذه، والتي سميت بـ”ربيع دمشق”، لم تدم أكثر من عام بدأ بعدها بتقييد الحريات وإغلاق المنتديات وإعادة المعارضين السياسيين إلى السجون دون محاكمات، وتفعيل القوانين التي تحاسب المواطنين على آرائهم بحجج واهية، مثل وهن عزيمة الأمة وإضعاف الشعور القومي، وغيرها من التهم، لتتحول سورية إلى دولة أمنية كما كانت في عهد والده.
وفي عام 2003، بالتزامن مع الغزو الأميركي للعراق، ساءت علاقته بالغرب بسبب موقفه المعارض للغزو، وأقرت الولايات المتحدة بحقه “قانون محاسبة سورية”، الذي فرض عليه عقوبات، بعد اتهامه بتهريب أسلحة إلى العراق. وفي عام 2005، وجهت اتهامات لنظام بشار الأسد بالتواطؤ مع حزب الله اللبناني بالضلوع في اغتيال رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان، في ذلك الوقت، ما أدى إلى زيادة الضغوط الدولية عليه وإجباره على سحب الجيش السوري من لبنان بعد نحو ثلاثين عاماً من وجوده هناك.
التحديثات الحية
تطورات سورية | المعارضة تعلن من دمشق سقوط النظام والأسد يلوذ بالفرار
وفي عام 2006، قاد بشار الأسد عملية تحول اقتصادي في البلاد، من الاقتصاد الاشتراكي إلى اقتصاد السوق الاجتماعي، دون امتلاك الحكومة السورية لأدوات هذا التحول، فرفع الدعم عن السلع الأساسية، وعن حوامل الطاقة التي كانت تدعمها الحكومة بسبب تدني الدخل، دون إيجاد بدائل لهذا الرفع، الأمر الذي أدى إلى رفع كلف الإنتاج الزراعي والصناعي وانتشار الفساد الذي تحولت التجارة من خلاله إلى وكالات حصرية لمتنفذين في الدولة، ما أدى إلى انتشار البطالة وإلى حركة هجرة واسعة من مناطق الإنتاج الزراعي شمال شرقي سورية إلى أطراف المدن الكبرى، مثل دمشق وحلب. وأدى أيضاً إلى ارتفاع نسبة الجريمة، وظهرت بوادر جرائم منظمة في سورية، كذلك تسببت بموجة غليان شعبي كانت على وشك الانفجار.
الثورة السورية
في عام 2011 انطلقت مظاهرات في كل من دمشق ودرعا، تأثراً بثورات الربيع العربي في كل من تونس ومصر، تطالب بإصلاحات سياسية وإطلاق الحريات العامة، سرعان ما تحولت إلى مظاهرات حاشدة تطالب بإسقاط النظام بسبب قرار الأسد مواجهتها بالرصاص وقتل المتظاهرين، الأمر الذي أدى إلى اتساع رقعة الاحتجاجات في كل الجغرافية السورية، فردّ عليها الأسد بإرسال الجيش إلى المدن والبلدات ومحاصرتها بالدبابات، ما دفع الكثير من عناصر هذا الجيش إلى الانشقاق عن النظام وتشكيل ما عرف باسم “الجيش الحر”، الذي أسسه المقدم حسين الهرموش، بهدف حماية المتظاهرين السلميين. وبالتوازي مع تصعيد النظام باستهداف المنتفضين على حكمه واستخدامه الطائرات بقصف المدنيين، تشكلت فصائل من أهالي المناطق المنتفضة والجنود المنشقين وشكلت مجالس عسكرية، فعمد الأسد إلى إخراج سجناء متهمين بالإرهاب من سجن صيدنايا لتشكيل فصائل إسلامية متطرفة منحت الأسد ذريعة لتصوير نفسه أمام المجتمع الدولي بأنه يحارب مجموعات إرهابية. وفي المقابل، استقدم الأسد حزب الله من لبنان ومليشيات تابعة لإيران لتسانده في حربه ضد السوريين، وتشكل فرع لتنظيم القاعدة سُمي “جبهة النصرة”، التي انقسمت فيما بعد إلى تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة”، سيطرت الأولى على محافظتي دير الزور والرقة، فيما بدأت الأخرى بابتلاع فصائل معارضة شمال غربي سورية، وشكلت تحالفاً مع “حركة أحرار الشام” وفصائل أخرى، وتمكنت من السيطرة على كل محافظة إدلب وجزء من ريف حماة الشمالي وجزء من ريف اللاذقية الشرقي، وريف حلب الغربي. كذلك سيطرت فصائل جنوب سورية على محافظة درعا، وسيطرت الفصائل الموجودة بدمشق على غوطة دمشق الشرقية، وسيطرت فصائل محافظة حمص على ريف حمص الشمالي.
في عام 2015، شارف نظام بشار الأسد على السقوط، فاستعان بحليفه الأقوى روسيا، التي تدخلت لمساندته متبعة سياسة الأرض المحروقة، مكنته من خلالها من استعادة معظم المناطق التي خسرها، وأعادت مناطق ريف حمص الشمالي والغوطة الشرقية ودرعا، من خلال سياسة الحصار والتجويع وفرض مصالحات هجرت خلالها كل من لم يقبل بتلك المصالحات إلى شمال غرب سورية.
وفي شمال شرق سورية، دعمت الولايات المتحدة تشكيل “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في عام 2015 بهدف محاربة تنظيم “داعش”، التي تمكنت بدعم من التحالف الدولي من طرد التنظيم من المنطقة التي أصبحت تحت سيطرة “قسد”، واعتبرتها تركيا تهدد أمنها القومي.
وفي شمال غرب سورية، دعمت تركيا فصائل معارضة شكلت الجيش الوطني السوري المعارض، ومكنته من خلال ثلاث عمليات عسكرية من السيطرة على مناطق الباب وعفرين ورأس العين وتل أبيض، لتتحول سورية إلى مناطق نفوذ لفصائل وقوى سورية مدعومة من دول مختلفة، وتحولت إلى مركز لقواعد عسكرية لكل من روسية وإيران والولايات المتحدة وتركيا، بالإضافة إلى قواعد لبعض الدول الغربية مثل بريطانيا وفرنسا، ولتنتقل القضية السورية من قضية شعب ثائر في وجه نظام مستبد إلى صراع نفوذ ومصالح بين الدول المتدخلة في القضية السورية.
بيان المعارضة السورية على التلفزيون السوري الرسمي 8/12/2024 (لقطة شاشة)
الأسد سياسياً
أما على الصعيد السياسي، فمنذ بداية الثورة السورية قطعت جامعة الدول العربية علاقاتها بنظام الأسد وجمدت عضويته في جامعة الدول العربية. كذلك بدأت الدول الغربية بقطع علاقاتها تباعاً بنظام الأسد. وفي عام 2012، اجتمعت مجموعة من الدول الفاعلة في جنيف تحت مسمى “أصدقاء الشعب السوري” طالبت بتشكيل هيئة حكم انتقالي في سورية، وبدعم الثورة السورية. وفي عام 2013، استخدم النظام السلاح الكيميائي ضد المدنيين في غوطتي دمشق، وتسبب بمقتل أكثر من 1500 شخص، فصدر في العام نفسه القرار 2118 عن مجلس الأمن الذي قضى بتجريد النظام من سلاحه الكيميائي. لكن الأسد عاد واستخدم السلاح الكيميائي عدة مرات بعد قرار مجلس الأمن دون أي تدخل يذكر من المجتمع الدولي، ليستمر الأسد بقتل السوريين من خلال مختلف صنوف الأسلحة، دون أي تدخل دولي بسبب استخدام روسيا حق الفيتو على كل مشاريع القرارات التي تدين الأسد.
وفي عام 2015، صدر القرار 2254 عن مجلس الأمن الذي يقضي بتشكيل هيئة حكم انتقالي مفتاحاً للحل السياسي في سورية، خلال مدة ستة أشهر، إلا أن الأسد رفض الدخول في العملية السياسية فعلياً بمساندة من روسية، من خلال كسب الوقت وعدم إحراز أي تقدّم في تطبيق القرار الذي اختُزِل بلجنة دستورية لم تنجز أي بند من الدستور المزمع إنجازه.
وفي عام 2017، ابتدعت موسكو بالتشارك مع إيران وتركيا مساراً جديداً للحل السياسي بديلاً لمسار جنيف القائم على القرار 2254، واستطاعت من خلاله تمييع القرار الأممي واستعادة معظم المناطق التي كانت بحوزة المعارضة لسيطرة النظام، واقتصر دور هذا المسار على خفض التصعيد بين المعارضة والنظام الذي لم يلتزمه النظام. ولم يعترف بشار الأسد بالمعارضة السورية السياسية التي شكلت منذ نهاية عام 2011 المجلس الوطني، ومن ثم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة عام 2012، ولم يتعاطَ معها سياسياً، وحتى هيئة التفاوض التي شُكِّلَت عام 2017 بهدف التوصل إلى حل سياسي لم يتعاطَ بإيجابية أو يعترف بها باعتبارها مكوناً سورياً.
بشار الأسد مسؤول عن مقتل مئات آلاف السوريين وتشريد الملايين منهم وتهجيرهم، وعن استنزاف موارد الدولة السورية في سبيل بقائه في السلطة، بالإضافة إلى تدمير الكثير من المدن والبلدات على رؤوس أصحابها بمختلف أنواع الأسلحة، وها هو اليوم يسقط مع منظومة الاستبداد التي يرأسها لتنتصر إرادة الشعب السوري.
——————————
المعارضة السورية تسيطر على سجن صيدنايا وتفرج عن آلاف المعتقلين
08 ديسمبر 2024
أعلنت المعارضة السورية أنها تمكنت، فجر اليوم الأحد، من اقتحام سجن صيدنايا سيئ الصيت شمالي العاصمة دمشق، والإفراج عن الآلاف من المعتقلين الذين كانوا بداخله. وأكدت إدارة العمليات العسكرية لـ”ردع العدوان” في بيان مقتضب أنها سيطرت على السجن، وقالت: “نزف إلى الشعب السوري نبأ تحرير أسرانا وفك قيودهم وإعلان نهاية حقبة الظلم في سجن صيدنايا”. وأظهرت مقاطع مصورة خروج العشرات من المعتقلين من السجن وسط فرح عارم، ووصولهم إلى أحياء مدينة صيدنايا.
وشكل سجن صيدنايا محط انتقادات حقوقية على امتداد سنوات الثورة السورية، وحتى قبلها، بسبب كثرة الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري بحق الآلاف من الشبان والنساء، الذين دخل عدد كبير منهم السجن وخرجوا منه موتى، بعد أن اعتقل النظام الآلاف من السوريين، سواء على خلفية مشاركتهم في الحراك المناهض ضده، أو ما قبل ذلك من معتقلي الرأي.
ومارس النظام السوري في سجن صيدنايا أفظع أشكال عمليات الترهيب والقتل في حقّ معتقلين سوريين، وقد قُتل، وفق تقارير حقوقية سابقة، في هذا السجن ما يزيد عن 30 ألف شخص. وكانت “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا” كشفت في تقرير في سردت فيه تفاصيل تستند إلى معلومات من معتقلين سابقين ومنشقين عن النظام السوري؛ تفاصيل عن البنية الإدارية والتنظيمية في سجن صيدنايا وتسلسل القيادة والأوامر فيه، وذلك بدءاً من مرحلة دخول المعتقل هذا السجن الواقع في محافظة ريف دمشق (جنوب غرب) والذي يُعَدّ أسوأ سجون النظام في سورية.
تقرير الرابطة الذي صدر أكتوبر/ تشرين الأول 2022 تحت عنوان “الهيكلية الإدارية لسجن صيدنايا وعلاقاته التنظيمية” أورد تفاصيل التسلسل القيادي في السجن للمرّة الأولى، كاشفاً عن ارتكاب عمليات التعذيب والقتل الواسعة والممنهجة للمعتقلين في صيدنايا، والتي ترقى إلى جرائم إبادة وجرائم ضدّ الإنسانية. كذلك، وصف مخطط السجن ودفاعاته وهيكله الإداري بالتفصيل، وعلاقته ببقيّة أجهزة النظام السوري ومؤسساته الأمنية، وأوضح كيف حُصّن عمداً لصدّ الهجمات الخارجية المحتملة وقمع المعتقلين في داخله.
وكانت منظمة “العفو الدولية” قد وثقت، في تقرير نشرته بدايات عام 2017، إعدامات جماعية بطرق مختلفة نفذها النظام السوري بحق المعتقلين في سجن صيدنايا. وفي تقرير تحت عنوان “المسلخ البشري”، ذكرت المنظمة أن إعدامات جماعية شنقاً نفذها النظام بحق 13 ألف معتقل، أغلبيتهم من المدنيين المعارضين، بين عامي 2011 و2015. ووصفت المنظمة سجن صيدنايا العسكري بأنه “المكان الذي تذبح فيه الدولة السورية شعبها بهدوء”.
الهيكلية الإدارية في سجن صيدنايا في سورية (عمر حاج قدور/ فرانس برس)
كما أعلنت المعارضة السيطرة على سجن دمشق المركزي، المعروف بسجن عدرا، الواقع شمال دمشق، والإفراج عن كل المساجين والمعتقلين داخله، ورغم أن السجن مخصص للسجناء المحكومين بالجنايات، إلا أنه يضم أيضاً المئات من معتقلي الرأي. ويقع هذا السجن في مدينة عدرا إلى الشمال الشرقي من العاصمة دمشق، ويبعد عنها حوالى 20 كيلومتراً، ويمتد على مساحة كبيرة تبلغ نحو عشرة هكتارات، ويحتوي عدة مبان وساحات وأراضي غير مستثمرة.
يتكوّن السجن من عدة مبان للإدارة، بما فيها أقلام الدخول والعدلي والإداري، وبناء مخصّص لمدرسة السجن، إلا أنّ البناء الأهم في هذا السجن هو البناء الذي يشغله النزلاء ويتألف من 12 جناحاً، إضافة إلى جناح للموقوفين السياسيين الذين لا علاقة لإدارة السجن المدني بهم، حيث يحوّلون إليه من فروع أمنية عدة، وتشرف عليه شعبة الأمن السياسي.
وقد شهد السجن تمرّداً من السجناء بسبب الأوضاع المزرية داخله عام 2007، وإضراباً عن الطعام عام 2009. وخلال زيارة بعثة المراقبين العرب إلى سورية بعد اندلاع الثورة عام 2011، قام سجناء الرأي بتنفيذ إضراب عن الطعام، وذلك بعد أن زار المراقبون العرب السجن من دون أن يلتقوا بالسجناء.
ويضم سجن عدرا قسمين للنساء؛ أحدهما جنائي يختص بالمتابعات بالتّهم الجنائية المختلفة، وقسم سياسي يشمل المعتقلات اللواتي يُحوَّلن من الأفرع الأمنية. وخضعت المعتقلات السياسيات لظروف مشابهة لسجن الرجال من ناحية الإهانة والضرب والتعذيب وحتى الاغتصاب، في حين تنعدم الرعاية الطبية بالرغم من وجود نساء مسنّات ومريضات بأمراض خبيثة أو حوامل.
الطريق السريع بين دمشق وحمص، 3 أغسطس 2017 (محمود طه/فرانس برس)
ويعد ملف المعتقلين في سجون النظام السوري الأكثر إيلاماً في القضية السورية، إذ اعتقل النظام وغيب عشرات آلاف المدنيين والعسكريين الذين اعتقلوا على خلفية موقفهم من الثورة السورية. ويرفض النظام التفاوض حول هذا الملف خشية أن يكون مدخلاً واسعاً لسوق كبار ضباط أجهزته الأمنية وجيشه إلى محاكم دولية متخصصة، فيما يكتفي المجتمع الدولي ببيانات إدانة جوفاء عند ظهور بيانات أو وثائق تؤكد أن معتقلات النظام “مسالخ بشرية”، يمارس فيها مختلف أنواع التعذيب وأكثرها بشاعة، والتي تفضي إلى الموت أو العجز مدى الحياة.
——————
“المبنى الأحمر”.. موت في سجن صيدنايا السوري/ عبد الله البشير
04 أكتوبر 2022
يُعَدّ سجن صيدنايا مسلخاً بشرياً تُمارَس فيه أفظع أشكال عمليات الترهيب والقتل في حقّ معتقلين سوريين، وقد قُتل بالفعل في هذا السجن ما يزيد عن 30 ألف شخص، في حين تستمرّ عمليات القتل والإعدام ثمّ الدفن في مقابر جماعية.
كشفت “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا” في تقرير سردت فيه تفاصيل تستند إلى معلومات من معتقلين سابقين ومنشقين عن النظام السوري؛ تفاصيل عن البنية الإدارية والتنظيمية في سجن صيدنايا وتسلسل القيادة والأوامر فيه، وذلك بدءاً من مرحلة دخول المعتقل، ومروراً بمتاهة الموت في داخل هذا السجن الواقع في محافظة ريف دمشق (جنوب غرب) والذي يُعَدّ الأكثر شهرة في سورية، وصولاً إلى الخروج منه الذي يُعَدّ ولادة جديدة وهروباً من الموت.
والتقرير الذي صدر أمس الإثنين في الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول 2022 تحت عنوان “الهيكلية الإدارية لسجن صيدنايا وعلاقاته التنظيمية”، يورد تفاصيل التسلسل القيادي في السجن للمرّة الأولى، كاشفاً المسؤولين عن ارتكاب عمليات التعذيب والقتل الواسعة والممنهجة للمعتقلين في صيدنايا، والتي ترقى إلى جرائم إبادة وجرائم ضدّ الإنسانية. كذلك يصف مخطط السجن ودفاعاته وهيكله الإداري بالتفصيل، وعلاقته ببقيّة أجهزة الدولة ومؤسساتها الأمنية، ويوضح كيف حُصّن عمداً لصدّ الهجمات الخارجية المحتملة وقمع المعتقلين في داخله.
في هذا الإطار، يتحدّث دياب سرية الذي شارك في تأسيس “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا” والمعتقل السابق في السجن عن تراتبية الإجرام فيه وعن الأشخاص الذين يتوجّب تقديمهم للعدالة. يقول لـ”العربي الجديد” إنّ “المسؤولية الكبرى تقع على مدير السجن، وهو الشخص الأوّل للمساءلة، ثمّ باقي الضباط في المناصب القيادية بالسجن، من أمثال ضابط الأمن في البناء الأحمر وضابط الأمن في السرية الخارجية. ويمكن تقديمهم للمحاكمة في حال خروجهم أو حدوث أيّ انتقال سياسي، كونهم مسؤولين بشكل أو بآخر عن آليات عمل السجن وعمليات القتل”.
والمبنى الأحمر هو القسم “الأكثر دموية”، بحسب ما يؤكد سرية، مضيفاً أنّه “بالنسبة إلى القطاعات، فإنّ مفارز الأجنحة هي الأكثر دموية، وهي الكبرى لجهة العدد والأكثر همجية ووحشية، وهي على احتكاك مباشر مع المساجين في البناءَين الأحمر والأبيض، أي القسمَين اللذين يُصار فيهما إلى تطبيق العقوبات وعمليات التعذيب، إذ يدخل السجانون إلى المهاجع وينفّذون هجمات واعتداءات واسعة ومنهجية”.
وبحسب ما يضيف سرية، فإنّه بعد عملية الاعتقال، فإنّ المعتقل إمّا يُنقَل من الفرع مباشرة إلى السجن، وإمّا يُسلَّم عن طريق الشرطة العسكرية في القابون لتنقله هي إلى السجن. وبخصوص نقل الجثث، يقول سرية إنّه “في اليوم التالي لعملية الإعدام، تأتي سيارة من إدارة الخدمات الطبية في مستشفى تشرين، وتنقل الجثث من السجن إلى المقابر الجماعية. وقد حدّدنا ثلاث مقابر جماعية هي نجها والقطيفة ومكان في منطقة قطنا”. ويشير سرية إلى أنّ “تعيين مدير السجن يتمّ من قبل النظام السوري اعتماداً على شرطَي الطائفة والولاء معاً”.
سجن صيدنايا – سورية – تويتر
من جهته، يتحدّث شادي هارون وهو مدير برامج في “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا” وأحد الناجين من السجن لـ”العربي الجديد”، عن الإجراءات اللازمة لتفعيل عملية ملاحقة المجرمين وتسليمهم للعدالة. ويشرح أنّ “الشقّ القانوني المتعلق بتقرير هيكلية سجن صيدنايا، يسمّى التحقيق الابتدائي، وهو عملية يقوم بها قاضي تحقيق. أمّا عملية الإحالة فهي التي تمثّل الفرق ما بين قاضي التحقيق والمنظمات الحقوقية والقانونية. وعملية الإحالة التي يقوم بها عادة قاضي التحقيق، والتي تسعى الرابطة إلى القيام بها، يُصار خلالها إلى تقديم أدلة للمدّعين العامين الذين يملكون سلطة أو ولاية قضائية لاستكمال إجراءات الدعوى. والعمل الأهم هو عملية التعاون مع الجهات الأممية التي تتعامل مع الملف السوري من قبيل لجنة التحقيق الدولية التي اطّلعت بالفعل على تقرير الرابطة”.
وبخصوص الإجراءات القانونية الفعلية، فهي تبدأ بحسب هارون بجمع الأدلة، ويضيف أنّ “الشقّ الثاني هو المناصرة المرتبطة بالتقرير التي تمثّل ورقة ضغط أمام الجهات الأممية العاملة في الشأن السوري”. ويلفت إلى أنّ “مناقشة هذا التقرير جرت مع وحدة جرائم الحرب الهولندية لملاحقة الدور القضائي في هولندا وتفعيله مثلما حدث في ألمانيا بمحاكمة كوبلنز”.
وشدّد هارون على أنّ “توقيت صدور التقرير يُعَدّ مهماً، إذ إنّ النظام السوري يعيش حالياً مرحلة تعويم سياسي في بعض المحافل الدولية، وهذا دليل إدانة بجرائم حرب وإدانة للأنظمة التي تحاول تعويم النظام”.
ويشير هارون إلى أنّ “المنظمات السورية العاملة في المحاسبة لا تملك استراتيجية واضحة للتواصل مع المحاكم الجنائية والادعاء العام، وهي في حاجة إلى تقديم جزء كبير من الأدلة والمناصرة، ولا تعاون واضحاً في هذا الشأن لفهم جهة الادّعاء”.
أمّا ياسر وهو من المعتقلين الذين تنقّلوا بين سجون عدّة لدى النظام السوري، فيقول لـ”العربي الجديد” إنّه عاش الموت خلال وجوده في سجن صيدنايا. ولا يخفي أنّه “في بعض الأحيان، شتمت بشار الأسد في خلال التعذيب حتى يقتلني السجّان للخلاص من العذاب الذي أعاني منه. فثمّة سجناء قُتلوا بعد لجوئهم إلى ذلك، لكنّ السجانين كانوا يتلذّذون بعمليات التعذيب وضرب السجناء بكابلات الكهرباء أو الكابل الرباعي التي يُطلى عادة بالزيت المعدني”. ويلفت ياسر إلى أنّ “إحدى الندوب الناجمة عن تلك الكابلات ما زالت على ظهري علامة تذكّرني بالجحيم الذي عشته”.
——————-
سورية تسقط دولة الأسد.. حقبة سوداء منذ 53 عاماً تطوى
عدنان علي
08 ديسمبر 2024
استفاق السوريون، اليوم الأحد، على عهد جديد يطوي صفحة حقبة سوداء في تاريخ بلادهم بعد فرار رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى جهة غير معلومة، إثر تمكن فصائل المعارضة السورية عقب معارك استمرت 11 يوماً فقط، من إسقاط نظام طالما أرعبهم وهم لا يكادون يصدقون أن تهاويه جاء أسرع مما كانوا يتوقعون.
بعد ثلاثة عشر عاماً ونيف من الحرب والقتل والعوز والتهجير، شهدت صبيحة الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024 سقوط نظام بشار الأسد مع وصول طلائع فصائل المعارضة إلى العاصمة دمشق، وقبل حتى أن تدخل أحياءها كافة، جاء الخلاص سريعاً ودون صدام. وسبقت ذلك أنباء مفرحة بعدما تمكنت فصائل المعارضة من السيطرة على العديد من السجون في ريف دمشق والقنيطرة وحمص، التي طالما كانت مصدر رعب للسوريين، وآخرها سجن صيدنايا سيئ الصيت، وإطلاق سراح آلاف المعتقلين بعد مفاوضات قصيرة مع المشرفين على تلك السجون، ليفتحوا أبوابها، ويلوذوا بالفرار.
أما رئيس النظام، الذي ظل يعاند حتى آخر لحظة، ويرفض الاستجابة لإرادة شعبه، ولو لمرة واحدة، فقد استقلّ، بحسب تقارير، طائرة من مطار دمشق متجهاً إلى وجهة ما زالت غير معلومة حتى اللحظة، بينما أعلن رئيس حكومته محمد غازي الجلالي أنه ما زال على رأس عمله ولن يغادر البلاد، مشيراً إلى أنه يمد يده إلى كل أطياف الشعب السوري ومستعد لإدارة شؤون البلاد. وجاءت المباركة سريعة من رئيس “هيئة تحرير الشام” أحمد الشرع، الملقب بأبو محمد الجولاني، قائد العمليات العسكرية للمعارضة السورية، بأنّ كل المؤسسات في دمشق “ستظل تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى يتم تسليمها رسمياً”.
في تلك الأثناء، كانت “إدارة العمليات العسكرية” تعلن وصول مقاتليها إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون في ساحة الأمويين بقلب العاصمة دمشق، بينما توقف بث محطات التلفزيون التابعة للنظام التي تبث جميعها من هذا المبنى، وقد واظبت حتى دقائق قبل توقفها، على بث الأكاذيب بأنّ “الوضع بخير، وكل ما يقال عن زحف المعارضين نحو العاصمة مجرد خدع وحرب نفسية”. ومع انتشار هذه الأخبار، بدأ سكان العاصمة دمشق الذين يعرف عنهم الحذر والخشية الشديدة من بطش أجهزة النظام الأمنية، التدفق إلى الشوارع لاستطلاع ما يحدث، وتوجه بعضهم الى مبنى التلفزيون ليقفوا بأنفسهم على حقيقة ما يجري، بينما كانت مآذن الجوامع تصدح بالتكبيرات.
لقد كان انهياراً أسهل وأسرع مما اعتقد معظم السوريين طوال عقود، حتى خيل إليهم أن نظام بشار الأسد عصي على الزوال، وأن قدر أجيال منهم أن تولد وتموت في ظله، بعد أن ورث الابن الحكم عن أبيه حافظ الأسد عام 2000، وكان يمني نفسه نقله إلى ابنه أيضاً. 11 يوماً، كان ما احتاجه الأمر بعد انطلاق المعارضة السورية المسلحة من إدلب لتستولي على حلب، ثاني أكبر مدن البلاد في يوم واحد، وتنتقل بعدها إلى حماة وحمص وصولاً ليلة السبت الأحد إلى دمشق، فيما هب الأهالي الناقمون في جنوب البلاد وشرقها، ليلتحقوا بهذا الزحف، ويتلاقى معارضو الشمال مع الجنوب في العاصمة، دون مقاومة تذكر من قوات النظام التي تحيط بالعاصمة من كل حدب وصوب. لقد تبخرت هذه القوات فجأة، بعد أن هرب قادتها طالبين السلامة، بينما نزع العناصر لبساهم العسكري، ولاذوا بالفرار إلى بيوتهم، بعد أن منحت قيادة الفصائل الأمان لكل من يلقي سلاحه، ويلتزم بيته.
اليوم تطوى صفحة سوداء من تاريخ سورية، لم يعرف خلالها السوريون سوى القهر والخوف والمذلة. حقبة كئيبة تمتد لـ53 عاماً بدأت مع حافظ الأسد عام 1971، بعد انقلاب حزب البعث ووصوله إلى السلطة، وانتهت مع بشار الأسد قبل نهاية عام 2024 بأيام قليلة، يرى كثير من السوريين أنها كانت الأسوأ في تاريخ بلادهم القديم والمعاصر، نبت فيها الفساد والطائفية والخوف، وترعرعت خلالها الفروع الأمنية والسجون، بينما تراجع التعليم وتوقفت الحياة السياسية وعجلة الاقتصاد.
———————————–
بشار الأسد يهرب إلى موسكو.. وروسيا تمنحه لجوءاً لـ”دواع إنسانية“
رامي القليوبي
08 ديسمبر 2024
نقلت وكالات أنباء روسية عن مصدر بالكرملين، اليوم الأحد، قوله إن رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد وصل إلى العاصمة الروسية موسكو، بعد هروبه من دمشق قبل أن تصل إليه فصائل المعارضة السورية، التي حررت فجر اليوم العاصمة السورية دمشق. فيما أشار التلفزيون الروسي إلى أن موسكو منحت اللجوء لبشار الأسد ولأفراد عائلته.
من جهته، أكد مصدر في الكرملين لوكالة نوفوستي الحكومية الروسية إجراء موسكو اتصالات مع ممثلي المعارضة المسلحة الذين وعدوا بسلامة القواعد العسكرية والمباني الدبلوماسية الروسية على أراضي الجمهورية. وقال المصدر ذاته: “حثت روسيا دوماً على البحث عن حل سياسي لتسوية الأزمة السورية. ننطلق من ضرورة استئناف المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة”. وأعرب عن أمل موسكو في مواصلة الحوار السياسي من أجل مصلحة الشعب السوري والدفع بالعلاقات الثنائية بين روسيا وسورية.
في سياق آخر، نقلت وكالة “تاس” عن مصدر في الأمم المتحدة قوله إن روسيا طلبت عقد مشاورات عاجلة لمجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في سورية، فيما أكد النائب الأول لمندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي، أن المشاورات قد تنعقد يوم غد الاثنين. وكتب بوليانسكي على قناته على “تليغرام”: “على خلفية الأحداث الأخيرة في سورية التي يبقى استيعاب أهميتها وتداعياتها على البلاد والمنطقة برمتها، طلبت روسيا عقد مشاورات عاجلة مغلقة بمجلس الأمن الدولي”.
وفي وقت سابق من اليوم، أصدرت وزارة الخارجية الروسية بياناً أكدت فيه أن مفاوضاتٍ بين الأسد وعدد من أطراف النزاع من دون مشاركة روسيا أسفرت عن “اتخاذه قرار التنحي عن منصب الرئيس ومغادرة البلاد مع ترك تعليمات بإجراء انتقال سلمي للسلطة”، داعية جميع الأطراف المعنية إلى الإحجام عن العنف وتسوية كل المسائل بطريقة سياسية.
وفي وقت سابق من اليوم الأحد، قال ضابطان كبيران في قوات النظام السوري لـ”رويترز” إن الأسد غادر البلاد على متن طائرة إلى وجهة غير معلومة في وقت مبكر من صباح اليوم. وأظهرت بيانات موقع فلايت رادار الإلكتروني المعني بتتبع الرحلات الجوية أن طائرة تابعة للخطوط الجوية السورية أقلعت من مطار دمشق في نفس التوقيت تقريباً الذي تواترت فيه أنباء سيطرة مقاتلين من المعارضة السورية المسلحة على العاصمة.
التحديثات الحية
وحلّقت الطائرة في البداية باتجاه الساحل السوري حيث تقطن غالبية علوية ينتمي إليها الأسد، لكنها حولت اتجاهها فجأة وحلقت في الاتجاه المعاكس لبضع دقائق قبل أن تختفي عن الخريطة. ولم يتسن لـ”رويترز” التأكد فوراً من هوية من كانوا على متن الطائرة.
وغادرت الطائرة دمشق بعد وقت قصير من سيطرة مقاتلين من المعارضة السورية المسلحة على مدينة حمص في وسط البلاد، ما قطع الطريق بين العاصمة والساحل حيث توجد قاعدتان، جوية وبحرية، لروسيا حليفة الأسد. والرحلة الوحيدة التي غادرت سورية بعد منتصف الليل وأمكنت رؤيتها عبر “فلايت رادار 24” لتتبع الرحلات الجوية هي رحلة أقلعت من حمص إلى الإمارات، إلا أن هذا كان بعد ساعات من سيطرة مقاتلين من المعارضة على المدينة.
——————–
إسرائيل تستغل إسقاط السوريين بشار الأسد… وتحتل جبل الشيخ/ نايف زيداني وعبسي سميسم
08 ديسمبر 2024
لم يكد النظام السوري ينهار، حتى سارعت إسرائيل إلى الاستفادة من هذا المستجدّ، بإطاحة اتفاق “فض الاشتباك” الموقع بين سورية وإسرائيل في العام 1974 بشأن الجولان المحتل، والسيطرة على موقع جبل الشيخ العسكري السوري والمنطقة العازلة بين الدولتين، وذلك في وقتٍ شن طيران الاحتلال سلسلة غارات على مواقع عسكرية. أما رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فسارع إلى نسب الفضل إلى الاحتلال في سقوط بشار الأسد، معتبراً أن هذا الأمر “نتيجة مباشرة للضربات التي أنزلناها على إيران وحزب الله، الداعمين الأساسيين لنظام الأسد”، وأن هذا الأمر ينشئ “فرصاً لإسرائيل”.
وقال نتنياهو، خلال جولة في هضبة الجولان السورية المحتلة برفقة وزير الأمن يسرائيل كاتس، ورئيس المجلس الإقليمي للمستوطنات في الجولان أوري كلنر، اليوم الأحد، إن “هذا يوم تاريخي في تاريخ الشرق الأوسط”، في إشارة إلى سقوط نظام بشار الأسد. وأضاف أن “نظام الأسد هو حلقة مركزية في محور الشر الإيراني، وهذا النظام سقط. وهذه نتيجة مباشرة للضربات التي أنزلناها على إيران وحزب الله، الداعمين الأساسيين لنظام الأسد. وهذا أحدث رد فعل متسلسل في أنحاء الشرق الأوسط من جانب الذين يريدون التحرر من نظام القمع والاستبداد هذا”.
“فرص” لدولة إسرائيل
واعتبر أن “هذا ينشئ بالطبع فرصاً جديدة لدولة إسرائيل. لكن هذا لا يخلو من المخاطر أيضاً. ونعمل أولاً من أجل الدفاع عن حدودنا. وسيطرت على هذه المنطقة قرابة 50 عاماً منطقة عازلة اتُّفق عليها في العام 1974، من خلال اتفاق فصل القوات. وهذا الاتفاق انهار، وجنود سورية غادروا مواقعهم”. وأعلن أنه “أوعز إلى الجيش الإسرائيلي بالسيطرة على منطقة عازلة وعلى مواقع السيطرة القريبة منه”. وأعلن كاتس، جهته، أن قراراً اتخذ بنشر قوات للجيش في منطقة عازلة تخضع لرقابة الأمم المتحدة على الحدود مع سورية، وأن “إسرائيل عازمة على توفير الأمن في هضبة الجولان”.
وسارع الجيش الإسرائيلي إلى السيطرة على موقع جبل الشيخ العسكري السوري بعد أن غادرته قوات النظام، بحسب ما نقلت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية عن مصادر “مطلعة” اليوم الأحد. وكان سبق ذلك السيطرة على المنطقة العازلة على الحدود بين سورية والجولان المحتل. ونقلت القناة 12 عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها إن الكابنيت السياسي ـ الأمني الإسرائيلي أقر بالإجماع، مساء أمس السبت، احتلال جبل الشيخ وإنشاء منطقة عازلة، موضحة أن “الجيش سيكون مسؤولاً عن هذه المنطقة العازلة باعتباره ذراعاً تنفيذية، تماماً كما هو الحال في لبنان”. وكان جيش الاحتلال قد أعلن، اليوم الأحد، أنه نشر قوات في المنطقة الفاصلة العازلة مع سورية وفي عدة نقاط دفاعية لـ”ضمان أمن” الجولان السوري المحتل. وفي السياق، قال موقع والاه العبري إن الجانب الإسرائيلي أبلغ مقاتلي المعارضة السورية بعدم الاقتراب من الحدود، محذراً بأنه سيرد بقوة إذا انتهكوا اتفاق فصل القوات.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن الطيران استهدف مركز البحوث العلمية بدمشق “حيث تدار برامج أسلحة كيميائية وصواريخ باليستية”. كما شن هجوماً على مقرات أمنية في دمشق. وكان الطيران الإسرائيلي قد استهدف مواقع عسكرية في محافظتي درعا والسويداء، تزامناً مع توغل قوة خاصة إسرائيلية في محافظة القنيطرة عبر حدود الجولان المحتل وسيطرتها على منطقة عازلة، فيما ذكرت وكالة رويترز أن غارات جوية يشتبه بأنها إسرائيلية استهدفت حي المزة بالعاصمة دمشق، وقاعدة خلخلة الجوية، في جنوب سورية، التي أخلاها الجيش. وقال مصدران أمنيان إقليميان لوكالة رويترز إن ست ضربات على الأقل أصابت القاعدة الجوية الرئيسية الواقعة شمال مدينة السويداء وتضم مخزوناً كبيراً من الصواريخ والقذائف التي تركتها القوات السورية وراءها. وقال أحد المصادر إن الهجوم يهدف على ما يبدو إلى منع وقوع هذه الأسلحة في أيدي الجماعات المسلحة. وأكد موقع “صوت العاصمة” المحلي أن الغارات دمرت مطار المزة العسكري في محيط دمشق بشكل كامل، إضافة إلى الدفاعات الجوية كلها في محيط دمشق. وذكر “تجمع أحرار حوران” أن الطيران الإسرائيلي استهدف مواقع قرب مدينة إنخل وبلدة قيطة في الريف الشمالي لدرعا، مرجحاً استهداف مستودعات أسلحة.
رسائل إسرائيل من وراء التوغل
وقال الناشط محمد أبو حشيش من مدينة القنيطرة إن التوغل الإسرائيلي في غمرة سقوط نظام الأسد، وتولي سلطة جديدة مقاليد الأمور في سورية، رسالة لتلك القوى بضرورة أخذ مصالح إسرائيل في الاعتبار، وعدم خرق القواعد المتبعة خلال عقود مع النظام. وأضاف أبو حشيش، لـ”العربي الجديد”، إن “إسرائيل ربما تتخوف من طبيعة توجهات القوى الجديدة في سورية، خاصة أن لها طابعاً إسلامياً، ولم تفصح بعد عن توجهاتها حيال قضايا الصراع العربي الإسرائيلي، بسبب انشغالها طوال الفترة الماضية بالصراع مع نظام الأسد”. وأعرب عن اعتقاده أن “هذه القوى سوف تتجنب في المرحلة الحالية الإفصاح عن هذه التوجهات، لعدم رغبتها في فتح جبهات جديدة ريثما تنتهي من ترتيب الأوضاع الداخلية في البلاد، لكن من غير المرجح أن تقدم على أية خطوات قد توفر ذريعة لإسرائيل للتدخل في الشؤون الداخلية السورية”.
وقال الباحث والأكاديمي السوري خالد خليل، لـ”العربي الجديد”، إن “توغل الجيش الإسرائيلي في المنطقة العازلة في الجولان السوري، المنطقة المنزوعة السلاح وفق خطة فك الاشتباك 1974، يأتي خطوةً استباقيةً من إسرائيل التي أبدت تخوفها من الانهيار السريع لنظام بشار الأسد، وذلك خوفاً مما تسميه تل أبيب صعود قوى إسلامية وتشكيل نظام جديد في سورية”. واعتبر أن “هدف السيطرة على أراض داخل سورية هو إنشاء منطقة عازلة خلف الحدود لمنع أي تهديد يضر بأمنها القومي”. وقال: “قبل أيام بنت إسرائيل تصوراً كاملاً على أساس أن الأسد مستقر، وأن الدعم الروسي له قوي، وأن الجيش السوري يتعافى، وهذا التشخيص هو الذي دفعها اليوم لمراجعة حسابات الأمن القومي”.
وأضاف: “تستغل إسرائيل المخاض السوري وانشغال السوريين بطرد النظام السابق، وفق استراتيجية الأحزمة الآمنة، وذلك في أعقاب طوفان الأقصى الذي زلزل إسرائيل من الداخل، وهذا الأمر فعلته في قطاع عزة الذي قسمته عبر ممر نتساريم، وتنفيذ خطة الجنرالات الهادفة الى تهجير شمالي القطاع وتحويله منطقة عازلة”. وأضاف: “تحشد إسرائيل في منطقة الجولان منذ ثلاثة أشهر، في ظل حملتها ضد أذرع إيران، ونفذت العديد من عمليات التوغل وتجريف الأراضي ورفع السواتر الترابية، وهي أعلنت رسمياً بعد ساعات قليلة من سقوط نظام الأسد أنها احتلت أراضي جديدة من سورية”.
——————-
إسرائيل تحاول نشر الفتن في سورية بعد “مفاجأة” سقوط الأسد
نايف زيداني
08 ديسمبر 2024
بعد عقود لم يهدد فيها نظام عائلة الأسد البائد دولة الاحتلال الإسرائيلي، وسكوته عن احتلال هضبة الجولان السوري المحتل، وحتى بعد إعلان إسرائيل ضمها قبل سنوات قليلة، فضلاً عن قصف إسرائيل المتكرر لمواقع في سورية مع احتفاظ النظام “بحق الرد”، وجدت دولة الاحتلال نفسها في مشهد لم تتوقعه، إذ أثار قلقها ومخاوفها في الأيام الأخيرة، تقدّم فصائل المعارضة سريعاً في مناطق سورية وصولاً إلى دمشق وإعلان انهيار نظام الأسد. ومع استشعارها أن ذلك قد يحدث بالفعل، رغم عدم يقينها حتى حدث فعلاً، بدأت محاولتها للعب على عدة أوتار، لتشويه الثورة والثوار، وإشاعة الفتن بين السوريين والخطاب الطائفي والفئوي، وسارعت لعقد جلسات تقييم أمني مكثفة، وأخرى للمجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت) للتباحث في المشهد الجديد الذي يتشكّل، محاولة استغلال المرحلة الانتقالية الحساسة التي يحتاج السوريون إلى رص الصفوف فيها. هذا عدا عن الاستغلال السياسي والعسكري للتطورات.
تحاول دولة الاحتلال استباق استقرار الأوضاع في سورية وضعضعتها ودق الأسافين، تارة من خلال وصف فصائل المعارضة المسلحة بالجهادية والمتطرفة، وإلباسها ثوب “داعش” وجبهة النصرة، للتأثير على مكونّات المجتمع السوري، وتارة بالترويج لدعمها الأكراد، وأخرى مخاطبة دروز سورية وزعم تقارير عبرية أن منهم من طلب مساعدتها لحمايتهم، في محاولة بائسة لسلخهم عن أبناء شعبهم. كما تحاول استغلال بعض الأصوات السورية الشاذة في الخارج من أجل الترويج لفكرة التطبيع وإعادة تشكيل المنطقة.
حاول رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو نسب الفضل لنفسه بسقوط النظام السوري ومعه المحور الإيراني، كما قال، معتبراً أن سقوط نظام الأسد هو “يوم تاريخي في الشرق الأوسط”، وزاعماً أن هذا حدث “نتيجة ضرباتنا لإيران وحزب الله داعميه الأساسيين”، ليبدو وكأنه أراد فعلاً سقوط الأسد، مستغلاً الوضع لمكاسب سياسية يضيفها إلى رصيده، وربما في الوقت ذاته يحاول تشكيك شعب محب لوطنه ولفلسطين بالفصائل التي أنجحت الثورة.
نتنياهو خلال زيارة إلى قاعدة عسكرية في الجولان، 24 نوفمبر 2019 (Getty)
بالمقابل، يتناقض هذا التفاخر مع المخاوف الإسرائيلية من فصائل المعارضة واقترابها من الحدود والتخوّف من أجندتها وتوجهاتها. كما أنها ليست المرة الأولى التي ينسب فيها نتنياهو أحداثاً لقراراته، وسبق أن حدث هذا مثلاً بقضايا تتعلق بغزة أو جبهات أخرى، محاولاً استغلال مختلف الظروف في سبيل بقائه السياسي ومحاولة تأجيل جلسات الإدلاء بشهادته بقضايا الفساد بحجة وجود جبهة جديدة مشتعلة. في الوقت ذاته، يلمّح وكأن مصلحة فصائل المعارضة التي أطاحت بالأسد تلتقي مع مصالح دولة الاحتلال. وهي تناقضات تعكس حالة الإرباك.
وليس نتنياهو وحده من فعل ذلك، فقد روجت أوساط سياسية إسرائيلية أخرى، من قبيل رئيس المعارضة يئير لبيد، وكأن فصائل المعارضة السياسية والمنطقة لقمة سائغة في فم إسرائيل، بقوله “أمام الأحداث في سورية، من المهم أكثر من أي وقت مضى إنشاء تحالف إقليمي قوي مع السعودية ودول اتفاقيات أبراهام، لمواجهة عدم الاستقرار الإقليمي معًا”. وأضاف: “المحور الإيراني ضعف بشكل كبير، ويجب على إسرائيل السعي لتحقيق إنجاز دبلوماسي شامل يساعدها أيضاً في غزة والضفة الغربية”.
تُكذب ادعاءات نتنياهو التي تُظهر وكأن كل شيء كان مرسوماً، تلك التقارير الاستخباراتية التي أشارت إليها وسائل إعلام عبرية، منها صحيفة هآرتس وموقع واينت، وجاء فيها أن الأجهزة الاستخباراتية وخاصة شعبة الاستخبارات العسكرية، فوجئت بسرعة الأحداث، حتى أنها رجّحت فشل فصائل المعارضة بإسقاط النظام، وأكثر من هذا تحدّثت عن اتجاه لإعادة بناء القوات الداعمة لبشار الأسد. ولم تكن الاستخبارات الإسرائيلية الوحيدة التي فشلت بتقييم الأوضاع ولكن معها أجهزة استخبارات غربية وأخرى في المنطقة.
وفي إطار محاولة استغلال الظروف عسكرياً، عزز جيش الاحتلال وجوده في الجولان السوري المحتل، وأكثر من هذا تقدّم نحو المنطقة العازلة، بذريعة حماية الحدود، وصد هجمات المعارضة بحجة اقتراب “مسلحين” من الحدود، واحتلت ما تسميه جبل الشيخ السوري (علما أن جيل الشيخ برمته سوري)، في إشارة منها إلى الجزء الذي كانت قد احتفظت فيه سورية، مستغلة فرار قوات النظام، ومعلنة عن انهيار اتفاق فض الاشتباك لعام 1974 حول منطقة الجولان والاستيلاء على المنطقة العازلة، وفقاً لنتنياهو، الذي قال: “لن نسمح لأي قوة معادية أن تستقر على حدودنا”. كما قصف جيش الاحتلال مواقع بادعاء وجود أسلحة لا يريد أن تصل إلى الفصائل، وقصف العاصمة دمشق، لتحقيق أهداف منها إشاعة الفوضى.
وعبّر رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي عن استغلال إسرائيل ما يحصل في سورية عسكرياً، بقوله: “اعتباراً من ليلة أمس، نحن نقاتل في أربع ساحات. حيث تخوض القوات البرية القتال في أربع ساحات، ضد الإرهاب في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة)، وفي غزة، وفي لبنان، والليلة الماضية أدخلنا القوات إلى الأراضي السورية أيضاً”، متذرعاً بالدفاع عن إسرائيل. يضاف إلى ذلك فرض جيش الاحتلال منع تجول على مناطق في الجنوب السوري، ومطالبة السكان بالبقاء في منازلهم من أجل “سلامتهم”.
لا شك أن دولة الاحتلال ستبذل ما في استطاعتها للاستفادة من الوضع في سورية بأشكال مختلفة، منها عسكريا، ومحاولة افتعال الفتن في هذه المرحلة وبعدها، لتأجيج صراع داخلي، وهو ما تفعله في ساحات مختلفة، بانتهاجها سياسة “فرق تسد”، لكن الأمر في نهاية المطاف لا يتعلق بها وإن حاولت، وإنما بوعي السوريين، بمختلف فئاتهم، وعدم تفريطهم بتضحياتهم، بعد مخاض عسير، تجاوزوا جزءاً مؤلماً منه، نحو سورية حرة، وما زال أمامهم الكثير من العمل.
——————
دمشق حرة من الطاغية.. بشار الأسد فرّ إلى وجهة غير معلومة
باريس- “القدس العربي”: قال ضابطان كبيران بجيش النظام السوري لرويترز، اليوم الأحد، إن رأس النظام بشار الأسد غادر البلاد على متن طائرة إلى وجهة غير معلومة.
وأعلنت الفصائل السورية المعارضة، فجر الأحد، أن بشار الأسد غادر دمشق، داعية المهجّرين في الخارج للعودة إلى “سوريا الحرة” بعد إعلانها دمشق “حرة من الطاغية”.
وقالت فصائل المعارضة، في رسائل نشرتها عبر تطبيق تلغرام: “الطاغية بشار الأسد هرب”، و”نعلن مدينة دمشق حرة”، مضيفة: “بعد 50 عاماً من القهر تحت حكم البعث، و13 عاماً من الإجرام والطغيان والتهجير (…) نعلن اليوم (…) نهاية هذه الحقبة المظلمة، وبداية عهد جديد لسوريا”.
وقال أحمد الشرع، زعيم “هيئة تحرير الشام” إن الاقتراب من المؤسسات العامة محظور، مضيفاً أنها ستظلّ تحت إشراف “رئيس الوزراء السابق” لحين تسليمها رسمياً.
وقال شهود إن آلاف السوريين يتجمّعون في ساحة رئيسية بدمشق بالسيارات، وعلى الأقدام، ويهتفون بالحرية.
وأعلنت إدارة العمليات العسكرية التابعة للمعارضة السورية المسلحة، في وقت مبكر من صباح اليوم، الأحد، أنها تتجه للسيطرة على مبنى الإذاعة والتلفزيون لإذاعة بيان النصر على رأس النظام السوري بشار الأسد.
وقال مسلحون سوريون لوكالة أنباء أسوشيتدبرس (أ ب)، في ساعة مبكرة من صباح اليوم، الأحد، إنهم دخلوا دمشق، بينما أفاد سكان العاصمة بسماع أصوات إطلاق نار.
مشاهد جديدة من خروج آلاف المعتقلين من سجن صيدنايا pic.twitter.com/2taBboPDLC
— قتيبة ياسين (@k7ybnd99) December 8, 2024
كما أعلن مقاتلو المعارضة السورية أنهم دخلوا سجن صيدنايا العسكري سيئ السمعة شمال العاصمة وحرّروا السجناء هناك.
وذكرت “هيئة تحرير الشام”، في منشور عبر تلغرام: “نزف إلى الشعب السوري نبأ تحرير أسرانا وفك قيودهم، وإعلان نهاية حقبة الظلم في سجن صيدنايا”.
التكبيرات تصدح في دمشق بعد هروب الملعون.
ساحة الامويين في دمشق صديق pic.twitter.com/VwwF4k2yCn
— Hanzala (@Hanzpal2) December 8, 2024
وتابعت: “للتعميم، أيقظوا أهل المعتقلين وأخبروهم وبشّروهم وقولوا لهم سقط حكم الأسد، وعاد أبناؤكم بهمّة الله، ثم الأبطال الأحرار”.
وأضافت: “ليلة ليست كباقي الليالي انتظرها آلاف المعتقلين وملايين المهجرين والمظلومين الذين عانوا من ظلم حكم آل الأسد طيلة 5 عقود من الزمن”.
صوت ساروتنا وسط ساحة الامويين بدمشق pic.twitter.com/7tmZ07vlDv
— عمر مدنيه (@Omar_Madaniah) December 8, 2024
وفي منشور آخر: “أيها السوريون الأحرار… انتهى القصف، انتهت رمايات المدفعية، انتهت المجازر، انتهت صافرات الإنذار، انتهت اصوات الطائرات الحربية، انتهى التهجير، انتهت المأساة”.
وقال رئيس حكومة النظام محمد الجلالي، فجر الأحد، إنه مستعد “للتعاون” مع أي قيادة يختارها الشعب، ولأي إجراءات “تسليم” للسلطة، مع إعلان فصائل المعارضة البدء بدخول العاصمة.
تصرف ذكي وسياسي ومسؤول
– رئيس وزارء نظام الأسد “محمد غازي الجلالي” يقول:
أنا في منزلي ولم اغادر سوريا وأمد يدي للقادمين الجدد لدمشق للمحافظة على الأملاك العامة ونقل الملفات من أجل تأمين استمرارية عمل الدولة pic.twitter.com/t6ZF1MEeOh
— Ayman Abdel Nour (@aabnour) December 8, 2024
وأعلن الجلالي، في كلمة بثّها عبر حسابه على موقع فيسبوك: “هذا البلد يستطيع أن يكون دولة طبيعية، دولة تبني علاقات طيبة مع الجوار، ومع العالم(…). ولكن هذا الأمر متروك لأي قيادة يختارها الشعب السوري. ونحن مستعدون للتعاون معها بحيث نقدم لهم كل التسهيلات الممكنة”.
تعديل وجهة الطائرة
وأشارت بيانات من موقع فلايت رادار إن طائرة تابعة للخطوط الجوية السورية أقلعت من مطار دمشق في نفس الوقت الذي وردت فيه أنباء عن سيطرة مقاتلين على العاصمة.
وكانت الطائرة قد حلّقت في البداية باتجاه المنطقة الساحلية السورية، وهي معقل للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، لكنها بعد ذلك غيّرت مسارها فجأة وحلّقت في الاتجاه المعاكس لبضع دقائق قبل أن تختفي عن الخريطة.
ولم يتسن لرويترز التأكد بعد من هوية من كانوا على متن الطائرة.
كما أعلن زعيم الائتلاف السوري المعارض هادي البحرة، اليوم الأحد، أن دمشق أصبحت الآن “بدون بشار الأسد”.
وقبل ساعات، أعلنت قوات المعارضة السورية سيطرتها الكاملة على مدينة حمص المهمة، في وقت مبكر اليوم الأحد، بعد يوم واحد فحسب من القتال ،لتهدّد بذلك حكم بشار الأسد الذي امتد 24 عاماً.
طائرة الأسد حلّقت في البداية باتجاه المنطقة الساحلية السورية، لكنها بعد ذلك غيّرت مسارها فجأة وحلّقت في الاتجاه المعاكس لبضع دقائق قبل أن تختفي عن الخريطة
وقال اثنان من سكان دمشق إنهما سمعا صوت إطلاق نار كثيف في وسط العاصمة، لكن لم يتضح مصدره حتى الآن.
وفي المناطق الريفية جنوب غربي العاصمة، استغل شبان من السكان المحليين ومقاتلو معارضة سابقون غياب السلطات وخرجوا إلى الشوارع في تحد لحكم الأسد.
وخرج الآلاف من سكان حمص إلى الشوارع بعد انسحاب الجيش من المدينة، ورقصوا وهتفوا: “رحل الأسد، حمص حرة” و”تحيا سوريا ويسقط بشار الأسد”.
وأطلق مقاتلو المعارضة أعيرة نارية في الهواء للاحتفال، ومزق شبان صوراً للرئيس السوري، الذي انهارت سيطرته على البلاد مع الانسحاب الصادم للجيش على مدى أسبوع.
ومنح سقوط حمص مقاتلي المعارضة السيطرة على قلب سوريا الإستراتيجي ومفترق طرق رئيسي، ما أدى إلى فصل دمشق عن المنطقة الساحلية التي تعد معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد حيث يوجد لحلفائه الروس قاعدة بحرية وأخرى جوية.
والاستيلاء على حمص هو أيضاً رمز قوي لعودة قلبت الموازين لحركة المعارضة المسلحة في الصراع المستمر منذ 13 عاماً. وشهدت مساحات شاسعة من حمص دماراً بسبب الحرب والحصار قبل سنوات.
وصف زعيم “هيئة تحرير الشام”، أبو محمد الجولاني، وهو أبرز قيادي في المعارضة المسلحة، السيطرة على حمص بأنها لحظة تاريخية وحثّ المقاتلين على عدم التعرض بأذى لمن يلقون أسلحتهم.
وقال حسن عبد الغني القائد في إدارة العمليات العسكرية للمعارضة، في بيان، في وقت مبكر من صباح اليوم الأحد، إن العمليات مستمرة “لتحرير” الريف المحيط بدمشق بالكامل وإن قوات المعارضة تتطلع نحو العاصمة.
وخرج سكان العديد من أحياء دمشق للاحتجاج على الأسد، مساء أمس، السبت، وكانت قوات الأمن إما غير راغبة أو غير قادرة على قمعهم.
وفي إحدى الضواحي، تم إسقاط تمثال للرئيس الراحل حافظ الأسد وتحطيمه.
أذهلت وتيرة الأحداث العواصم العربية وأثارت المخاوف من موجة جديدة من عدم الاستقرار الإقليمي.
وأصدرت قطر والسعودية والأردن ومصر والعراق وإيران وتركيا وروسيا بياناً مشتركاً جاء فيه أن الأزمة تشكّل تطوراً خطيراً مع الدعوة إلى حلّ سياسي.
(وكالات)
———-
خاص “المدن”: اجتماع بـ”فورسيزن” دمشق..بين المقداد وسفراء ومسؤولين دوليين
الأحد 2024/12/08
علمت “المدن” أن اجتماعات لعدد من سفراء الدول في دمشق، بينهم السفير الأردني، ودبلوماسيون تابعون للأمم المتحدة ولدول عديدة، تُعقد في فندق “فور سيزن”، في العاصمة السورية دمشق، بدعوة من وزير الخارجية السابق فيصل المقداد، وذلك البحث في المرحلة المقبلة.
المعارضة حاضرة
كما أن مجموعات من فصائل المعارضة، توجهت إلى فندق “فور سيزن”، وكل محافظة يمثلها وفد من فصائل المعارضة، للبحث مع السفراء والدبلوماسيين، ومع فيصل المقداد.
وقد غصت فنادق الشام بالحجوزات، فيما فرض حظر للتجوال منذ الساعة الرابعة بعد الظهر حتى الخامسة من صباح يوم الاثنين.
تعليق سعودي على سقوط الأسد
يأتي ذلك فيما قال مسؤول سعودي، اليوم الأحد، إن المملكة على اتصال بكل الأطراف في المنطقة بشأن سوريا، وإنها عازمة على بذل كل ما في وسعها لتجنب حدوث فوضى في البلاد في أعقاب الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
وأضاف المسؤول “نحن على اتصال دائم مع تركيا وجميع الأطراف المعنية”، مشيراً إلى أن المملكة لا علم لها بمكان الأسد.
وفي وقت سابق، الأحد، أعلنت فصائل المعارضة السورية المسلحة إسقاط بشار الأسد بعد “هروبه” و”بدء عهد جديد” لسوريا، إثر دخول قواتها دمشق فجر الأحد، عقب هجوم سريع أنهى حكم عائلة الأسد الذي امتد على أكثر من خمسة عقود.
وعزا المسؤول السعودي سقوط الأسد إلى تقاعسه عن إعادة التواصل مع عدد من الأطراف الفاعلة في المنطقة ومع المعارضة، بحسب ما أوردت “رويترز”.
وقال: “الحكومة التركية حاولت التواصل والتنسيق مع الحكومة السورية، إلا أن هذه المبادرات قوبلت بالرفض”. وأضاف أن “الوضع الحالي نتيجة مباشرة لعدم انخراط الحكومة السورية في العملية السياسية. هذه المحصلة تمثل النتيجة الحتمية لمثل هذا التعنت”.
وتوجه الأسد عام 2023، إلى السعودية، لحضور قمة جامعة الدول العربية بعد تعليق لعضوية بلده دام 12 عاماً، والتقى هناك بولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وقال المسؤول: “كان الأمل أن تحثّ هذه الخطوة الحكومة السورية على التواصل بشكل بناء أكثر مع المعارضة والأطراف الفاعلة المختلفة داخل سوريا وفي المنطقة، بدلاً من السماح باعتبار الجمود والسلام الهش القائمين أمراً مسلماً به”.
وأردف: “أكدنا أنه لا ينبغي الاستهانة بالوضع، لأنه لا يزال هشاً. ولكن للأسف، لم تسفر هذه الرسالة عن أي إجراء مجدٍ من الجانب السوري”. وقال المسؤول إن الأحداث في سوريا تشمل بعض الجوانب الإيجابية التي يأمل أن تستمر.
وأضاف “من الجدير بالملاحظة أن عملية الانتقال جرت دون إراقة دماء، وهو أمر مشجع. بالإضافة إلى ذلك، فإننا نقدر التصريحات الصادرة عن مختلف الأطراف المعنية والتي تؤكد على أهمية حماية مؤسسات الدولة، وسيادة سوريا، وحقوق الأقليات”.
وتابع: “نأمل أن نرى استمرارا لهذه التوجهات الإيجابية ونحن ملتزمون ببذل كل ما في وسعنا للحفاظ على هذا الزخم”.
——————
حوادث نهب طاولت دمشق وريفها.. غداة سقوط الأسد/ محمد كساح
الأحد 2024/12/08
فيما كان دخول إدارة العمليات العسكرية إلى حلب وحماة وحمص، ب”صفر خطأ”، إذ لم يتم تسجيل حوادث فوضى أو عمليات نهب وسرقات للمؤسسات الحكومية والخاصة، بدا المشهد في دمشق وريفها مغايراً من حيث ضبط الأمن وحماية المراكز والمرافق العامة والمؤسسات الحكومية، حتى عصر اليوم على الأقل، وفقاً لمصادر ميدانية تحدثت لـ”المدن”.
انفلات أمني في العاصمة
وجرت حوادث السرقة والنهب بعد الإعلان عن سقوط نظام المخلوع بشار الأسد، حيث هاجم مجهولون مصرف سوريا المركزي ثم خرجوا حاملين أكياساً يرجح احتواؤها على بعض الأموال الموجودة داخل المصرف، بالموازاة مع لجوء بعض السكان إلى سرقة محتويات القصر الرئاسي. وأفادت مصادر بأن عمليات النهب للقصر شملت حتى الثياب والأواني والأطقم الصينية باهظة الثمن.
الشعب في قصر الشعب pic.twitter.com/XThSoSYETr
— Siba Madwar صِبا مدور (@madwar_siba) December 8, 2024
وقالت مصادر “المدن”، إن حوادث مماثلة في العاصمة استهدفت شركة “إيماتيل”، كما أضرم مجهولون النار في مبنى الهجرة والجوازات في منطقة الزبلطاني، بينما شملت حوادث السرقات معظم المراكز الحكومية.
وبالقرب من جامع عبد الكريم الرفاعي في حي كفرسوسة، حاول شبان وافدون من إدلب بالاستعانة بسكان من الحي حماية الملكيات الخاصة والعامة. وقالت مصادر ميدانية لـ”المدن”، إن الشبان تمكنوا من استعادة كميات كبيرة من المواد المسروقة والتي تشمل الأدوات الكهربائية والدراجات النارية والسلع المختلفة.
سرقات ممنهجة في الريف
وامتد الانفلات الأمني إلى الريف الدمشقي إذ تقول مصادر متابعة لـ”المدن”، إن مدينة صحنايا تعرضت لسرقات كبيرة جداً من قبل مجهولين طاولت المحلات التجارية والمنازل والدوائر الحكومية، بينما تعرضت داريا لحوادث مماثلة لكنها أقل من حيث حجم السرقات والمواد المنهوبة.
كما تشير معلومات تم بثها على مواقع التواصل الاجتماعي إلى حالة انفلات أمني في منطقة السيدة زينب، وعمليات نهب للمزار والمحلات المحيطة به.
وشملت المواد المنهوبة في مناطق ريف دمشق سيارات ودراجات نارية وأجهزة حولسيب محمولة وشاشات تلفزيونية وأسطوانات غاز ومواد أخرى، وسط انتشار مريع للسلاح والذخائر والقنابل حتى بين الأطفال.
ولم تقتصر أحداث العنف على النهب وانتشار السلاح. وقالت مصادر أهلية لـ”المدن”، إن إطلاق الرصاص العشوائي ابتهاجاً بسقوط النظام السوري في عموم دمشق وريفها، أدى إلى سقوط جرحى نتيجة الكميات الهائلة التي أطلقت من الرصاص.
محاولات لضبط الوضع
وجرت معظم حوادث النهب منذ فجر الأحد وحتى منتصف النهار، أي قبيل دخول الأرتال التابعة لإدارة العمليات العسكرية بشكل رسمي إلى العاصمة. وقالت مصادر عسكرية من وسط دمشق لـ”المدن”، إن كثافة الأرتال التي سيتم توزيع جزء كبير منها بين الأحياء وأمام المراكز الحكومية، ستخفف حوادث السرقة وتضبط الأمن.
وبعد دخول الفصائل إلى دمشق، أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عصام هزيمة لوسائل الإعلام، أن عملية السطو على المصرف المركزي كان مخططاً لها، لافتاً إلى أن الوضع مال إلى الاستقرار بعد إعادة الأمان لمبنى المصرف، كما أعلنت حكومة الإنقاذ وصول عناصر وزارة الداخلية التابعة لها لضبط الأمن في دمشق.
ولتلافي الانفلات، جرت محولات لتشكيل لجان شعبية لحماية أحياء دمشق، بينما دخل لواء شهداء الإسلام المجهز بآليات وأسلحة وذخائر إلى مدينة داريا غربي العاصمة، منذ ظهر الأحد، بهدف استلام المدينة وإدارتها ريثما تتبين معالم وشكل الحكم الجديد في العاصمة.
————————–
عزمي بشارة: لبناء نظام ديمقراطي جديد بسوريا..وعدم تفكيك الجيش
المدن – عرب وعالم
الأحد 2024/12/08
اعتبر المدير العام لـ”المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”، الدكتور عزمي بشارة، اليوم الأحد، أن المهمة السورية الأولى بعد سقوط نظام بشار الأسد هي الحفاظ على مؤسسات الدولة وبناء نظام جديد، وقدّر أن يكون للحدث السوري، أي لإسقاط السوريين نظام بشار الأسد بنفسهم ومن دون تدخل أجنبي، تأثيراً على الرأي العام العربي، وأن يغيّر سوريا إلى ديمقراطية ومستقلة وممأسسة ومزدهرة في المشرق العربي، لناحية العلاقة مع الغرب وفي ما يتعلق بإسرائيل حتى.
وقال بشارة في حديث خاص مع “التلفزيون العربي”، إن ما يضمن عدم تكرار ما حصل في ليبيا والعراق، هو وعي الناس، والقناعة التامة بأن نتخلى عن فكر المحاصصات والطائفية كأساس لبنية النظام والدستور الجديدين.
لا استعجال بالانتخابات
وأكد على عدم استعجال إجراء انتخابات لأنها في حال أجريت قبل تهيئة الظروف، فإنها قد “تعمّق الشروخ الاجتماعية وتسهّل تنظيم الناس طائفياً ومناطقياً”. كذلك وصف حلّ الجيش، لو حصل، بالخطأ القاتل، لأن “تفكيكه يعني تفكيك سوريا”، فالمطلوب إصلاح الجيش وقياداته، لا حلّه مثلما حصل في العراق.
ووصف بشارة سلوك الفصائل المسلحة بأنه جيد حتى الآن، وأعرب عن ثقته بإمكان تشكيل قيادة عسكرية موحدة لها تكون أساسية في مجلس عسكري انتقالي لجيش سوري واحد من دون مليشيات مسلحة في المستقبل، مع تشديده على أهمية دور الفصائل المسلحة في حماية العملية الانتقالية، التي ستكون شاقة، وأن في هذه العملية يجب دمج العدالة والاقتصاص بالتسامح، وعدم الاستغناء عن التكنوقراط والكوادر الموجودين في مؤسسات الدولة حالياً، فضلاً عن الاستفادة من الكوادر والخبرات والكفاءات الجديدة، والتي كانت معارِضة قبل إسقاط نظام الأسد.
وحذّر بشارة من أن الناس تحتاج الآن إلى تسيير الأمور الحياتية اليومية والخدمات وإلا تحصل فوضى هي العدو الأول لسوريا اليوم، وأشار إلى ضرورة أن تُدار تلك الشؤون اليومية بالموظفين البيروقراطيين الموجودين من دون أن ننتظر دولاً أجنبية لتنظم حياة السوريين.
وعن هذا الموضوع، لفت إلى أن على القوى الحالية أن تدعو إلى جمعية وطنية تجمع السوريين وتبدأ في وضع دستور جديد، وإلى حين حصول ذلك، ربما تتألف حكومة انتقالية، وهذا ما حصل في كل مكان مشابه لظروف سوريا، شرط أن تتوفر الإرادة والتخلي عن عقلية النكايات وتصفية الحسابات والصراعات، ذلك أن الآن هناك مسؤولية عن بلد وليس عن مصالح ضيقة كإطار معارض ووفد مفاوض على حد تعبير بشارة، الذي شدد على ضرورة نبذ من يحافظ على هذا السلوك الضار اليوم.
استبدال عقلية الثورة بالمواطنة
وذكّر بشارة بأنه في المراحل الانتقالية، “تحصل مشاكل ويحصل نقص ولكن الأمر بحاجة إلى صبر، وليس على كل مشكلة يجب أن يخرج المواطنون للتظاهر”. واختصر المعادلة بأن على السوريين اليوم استبدال عقلية الثورة بعقلية الديمقراطية والمواطنة لأن السوريين لا يريدون استبدال استبداد بآخر.
واقترح مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات على الحكام الجدد لسوريا، بأن يتصلوا بجميع دول الجوار والبلدان المعنية بالشأن السوري لطمأنتهم إلى أن لا أجندات لديهم تجاه أي بلد، وأن أجندتهم الوحيدة سيادتهم على أرضهم وهذا يحصل بنظام ديمقراطي. وفي تتمة للفكرة نفسها، أوضح بشارة أن على حلفاء حكام سوريا الجدد، كما حلفاء نظام الأسد، أن يفهموا أن الضمان الوحيد للصداقة هو سوريا حرة ذات سيادة، لأن أسوأ ما قد يحصل لجيران سورية الفوضى والاقتتالز
ولدى سؤاله عن مدى واقعية تحقق ذلك، أجاب بشارة أن الضمانة الوحيدة لحصوله هي وعي السوريين، وقد أظهروا كثيراً من هذا الوعي إلى درجة أنهم هم من حرروا بلدهم من نظام الأسد بأنفسهم من دون تدخل أي دولة، وهذا أمر مهم مقارنة مع ما حصل في العراق وليبيا، بالتالي فإن ذلك قد يحصّن سوريا من التعرض لما مر به العراق وليبيا.
وذكّر بأن غالبية دول العالم كانت قد استسلمت لفكرة أن الأسد باقٍ لأن المجتمع الدولي يستسلم للقوي في العادة، من دون أن ينسى أحد أن قطر بقيت داعمة للثورة السورية وتركيا كذلك. وعن العقد الاجتماعي المستقبلي بين السوريين، شرح أن كتابة دستور جديد تدار على أساسه مؤسسات الدولة، قد يولد في مؤسسات وجمعيات وطنية تمثّل جميع التيارات، وفيها تحصل توافقات ومساومات هي ليست عيباً بل أمراً ضرورياً، بلا اقتصاص ولا ثأر. وعلى حد تعبير بشارة، هذا وحده يمكن أن يقود لاحقاً إلى محاسبة فيها عدالة ومصارحة ومكاشفة إذا وُجدت مؤسسات قادرة على فعل ذلك.
ملفات صعبة
وأكد بشارة أن هناك عدداً كبيراً جداً من الكوادر السورية في كل الاختصاصات يجب أن يستأنفوا العمل في سبيل بناء سوريا عبر قنوات وهيئات معروفة لفعل ذلك، وهي حكومة انتقالية وجمعية وطنية لصياغة دستور.
وعن تقييمه للوضع اليوم، قال بشارة إنه توجد إدارة مدنية لسوريا لا قيادة سياسية، وهذه يجب أن تتشكل ربما في إطار حكومة مؤقتة انتقالية. وعن ملامح المرحلة الانتقالية، شدد على أن هناك قوى دعمت النظام المخلوع يجب أن تكون جزءاً منها. وأضاف أنه في هذه الأثناء يجب أن تبقى الحكومة القائمة لإدارة شؤون الناس. واعترف بصعوبة ملفات عديدة، مثل إدارة شرقي الفرات والساحل السوري، وعوّل على حسم المشاكل في هاتين المنطقتين بالحوار لا بالقوة، وعلى إدارتهما من قبل قوى مدنية قدر الإمكان إلى حين ولادة نظام جديد. فكرة أتبعها بجزم أنه لا توجد أقليات في سوريا فجميع السوريين مواطنون، و”لا أقلية في المواطنة بل في الأفكار”.
ووصف بشارة إسقاط النظام بأنه “يوم تاريخي وأوقات مجيدة ونقطة بداية لتاريخ جديد في سوريا”، تنهي 50 عاماً من الاستبداد وعشر سنوات كانت خاصة في عنفها من قبل النظام الذي ظل موجوداً بشكل مصطنع بفضل عكازتين روسية وإيرانية، بينما هو أجوف من الداخل بدليل سرعة سقوطه.
————————-
مشاهد مفجعة للخارجين من معتقلات الأسد.. وعائلات تطارد الأمل/ محمد الشيخ
الأحد 2024/12/08
في الساعات الأخيرة التي سبقت سقوط بشار الأسد ونظامه رسمياً، كان المشهد الأبرز في ظل تقدم الفصائل المعارضة للسيطرة على دمشق، هو خروج المعتقلين من السجون الكثيرة لنظام الأسد المخلوع، والتي يصعب إلى حد ما إحصاء عددها، لكن أبرزها كان سجن صيدنايا، المسلخ البشري الشهير.
معتقلات الأسد
وثمة مشاهد كثيرة مؤثرة لخروج المعتقلين من معتقلات الأسد، من داخل السجون المركزية في حماة وحلب وحمص، وكذلك من أقبية الأفرع الأمنية. الكثير من المعتقلين كان ذووهم يعتقدون أنهم ماتوا، وفقدوا الأمل بعودتهم، ثم فوجئوا بأنهم أحياء. ولم تحتجز جدران تلك المعتقلات السوريين فقط، بل خرج منها لبنانيون اعتقلهم نظام الأسد المخلوع، لعشرات السنوات، مثل سجن حماة المركزي.
حررت فصائل المعارضة السورية آلاف المعتقلين في سجون #الأسد، وكانت أبرز هذه السجون سجن #صيدنايا.#سوريا pic.twitter.com/arGAQtKSQA
— Al Modon – المدن (@almodononline) December 8, 2024
ومنذ وصول حافظ الأسد للحكم في العام 1971، بعد انقلاب عسكري عام 1970 أطلق عليه “الحركة التصحيحية”، كانت هوايته المفضلة هي الاعتقال وبناء السجون. بدأ بممارستها باعتقال رفيق دربه في انقلاب حزب “البعث” عام 1963، صلاح جديد، وباقي الضباط المشاركين معه. وراح بعد بسط نفوذه الكامل على السلطة، يبني السجون ويزج فيها جميع المعارضين السياسيين لنظامه. ووصل به الحد بممارسة هوايته المحببة، إلى إعدام مئات المعتقلين في تلك المعتقلات، أشهرها مذبحة سجن تدمر في العام 1980، عندما أعدم 1200 معتقل في 3 ساعات، وفق تقديرات حقوقية.
ترك الأسد الأب، لابنه المخلوع الفار بشار الأسد، إرثاً ممزوجاً بتاريخ دموي، هو مئات السجون والمعتقلات مع المعتقلين في داخلها.
سجن صيدنايا
وكان أبرز تلك المعتقلات التي ورثها الأسد المخلوع عن والده، معتقل صيدنايا، سيئ الصيت، والذي يطلق عليه “المسلخ البشري”، بسبب إعدام آلاف المعتقلين في داخله، على زمن الأسدين الأب والإبن، وفق تقارير حقوقية. ومع اندلاع الثورة السورية في 2011، زج الأسد المخلوع آلاف المعتقلين السياسيين والثائرين على حكمه داخل ذلك المعتقل، وراح يعدم أعداداً كبيرة داخله. ووصل به الأمر إلى بناء فرن في محيطه، لحرق جثث المعتقلين بعد إعدامهم، حسب ما كشفت عنه منظمات حقوقية دولية.
واستمر الحال داخل معتقل صيدنايا حتى ساعات فجر الأحد، عندما تمكن مقاتلون معارضون من الدخول إليه، وفتح أبواب الزنزانات، وإخراج المعتقلين من داخله، لتتكشف معه فواجع بالجملة. فمن داخل هذا السجن، خرج أطفال صغار، ليس معروفاً ما إذا كانوا ولدوا داخل السجن أو خارجه. عشرات النساء المعتقلات في ظروف تفتقد لأدنى مقومات الإنسانية والرحمة، ووجوه معتقلين شاحبة ومصفرّة، لم ترى الشمس منذ سنوات طويلة.
الأهالي يقتحمون الباستيل السوري سجن صيدنايا pic.twitter.com/h0ULjJ1lRa
— قتيبة ياسين (@k7ybnd99) December 8, 2024
وفي نفس المشهد، خرج معتقلون فاقدون للذاكرة، بأجساد نحيلة هزيلة، فيما خرج آخرون للمشافي مباشرة، لتلقي العلاج. وتؤكد وجوه الخارجين، أن العشرات منهم كانوا قاب قوسين أو أدنى من الموت المحتوم، لولا فتح أبواب تلك السجون. وكانت عيون آلاف العائلات مصوّبة نحو ذلك المعتقل، بعد كسر أبواب زنزانته، لتحقّيق حلم عاشوه لسنوات وهو أن أحباءهم موجودون داخله. ومن بين المنتظرين، كان زكريا الشيخ، الذي راح يتابع الفيديوهات الخارجة من ذلك المعتقل للمحررين منه، بانتظار أن يلمح صورة شاب، يشبه شقيقه طارق، الذي اعتقلته مخابرات الأسد في أيلول/سبتمبر 2012.
ويقول زكريا لـ”المدن”: “قضينا سنوات نبحث عن طارق، في معتقلات الأسد والأفرع الأمنية”، وكان آخر خبر عنه وصل في العام 2014، أنه في فرع الأمن العسكري (227) المعروف بفرع “المنطقة”، وتم نقله بعد ذلك لمعتقل صيدنايا. ويضيف أنه سيواصل البحث في قوائم الأسماء، وصور الخارجين، ولن يقطع الأم بخروج شقيقه. وكان البعض قد أفلح بلقاء أحبته عقب خروجهم من ذلك المسلخ، بينما راح آخرون ينشرون صور مفقوديهم على صفحات التواصل الاجتماعي، علهم يجدون من يتعرف عليهم من المحررين.
سجن البالوني
ومن مدينة حمص، كان مشهد خروج المعتقلين من سجن “البالوني”، يدمي القلوب خصوصاً لمن يعرف من يقبعون داخل هذا السجن على وجه التحديد، وكيف أنه وبإشارة واحدة من محقق عسكري يتبع للنظام السابق، كان يحدد مصير الشخص الماثل أمامه. وسجن “البالوني” هو سجن عسكري، ويُعرف بـ”السجن العسكري الثالث”، وكان في السابق مخصصاً لقضاء العسكريين والضباط في نظام الأسد، مدة محكوميتهم، لكنه تحول مع بداية الثورة السورية لمكان يقتل في هؤلاء العسكريون، بعد اعتقالهم بتهمة الانشقاق، بينما كان يحول بعضهم إلى سجن صيدنايا، القسم الأحمر، ويفقد أثرهم هناك.
وصل الثوار إلى السجن الأحمر ضمن سجن صيدنايا 3 طوابق تحت الأرض ..
ليحرروا السجناء السياسيين ومعتقلي الرأي منه
هل بدأتم تعرفون حقيقة نظام الأسد ومن هو بشار الأسد ؟ pic.twitter.com/NbTgPzeZAK
— عمار آغا القلعة | Ammar (@Ammaraghaalkala) December 8, 2024
وأظهر مقطع مصور لحظة وصول مقاتلي الفصائل المعارضة لتحرير السجناء من هذا المعتقل، الواقع في حي باب تدمر في مدينة حمص، حيث لم يصدق هؤلاء أن أحداً قادم لتحريرهم، وقاموا بتقبيل يد المخلص المفترض من داخل فتحة باب الزنزانة.
ومثل البالوني، يوجد عدد من المعتقلات العسكرية، في باقي المحافظات، أشهرها سجن مطار المزة، بينما تشير بعض التقارير لوجود معتقلات سرية مجهولة، لم يتم معرفة مواقعها بعد.
——————————-
تحرير أطفال معتقلين في “سجن صيدنايا”: المسلخ البشري!
الأحد 2024/12/08
أظهرت صور ومقاطع فيديو في مواقع التواصل الاجتماعي، أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم 3 سنوات مع أمهاتهم في “سجن صيدنايا المركزي”، بعد إعلان إسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد وفراره خارج البلاد.
وجاء نشر التسجيل ضمن سلسلة فيديوهات انتشرت بكثرة، خلال الساعات الماضية، بعد سقوط نظام الأسد وسيطرة فصائل المعارضة على سجن صيدنايا وجميع المواقع العسكرية المحيطة بالعاصمة السورية.
طفل معتقل في سجن صيدنايا العسكري
طفل يا أمة الله
وفي مثله عشرات الأطفال. pic.twitter.com/kc0FX3ZdKZ
— Mohammad (@Mohamaddsyrien) December 8, 2024
وعندما فتحت إحدى الزنزانات لخروج إحدى النساء المعتقلات خرج أمامها طفل صغير، يعتقد أنه ولد في المعتقل، على غرار عشرات آخرين. وهي معلومات لطالما قدمها الناجون من المعتقلات السورية سيئة السمعة، وباتت اليوم تظهر اليوم بشكل صور وفيديوهات تاريخية.
وقال “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أإن “أبواب صيدنايا فتحت.. أمام آلاف المعتقلين الذين اعتقلتهم الأجهزة الأمنية طوال حقبة حكم النظام، حيث خرج المعتقلون منه بعد معاناتهم الشديدة من شتى أشكال التعذيب الوحشي”.
الله أكـــــــبر
تحرير النساء والأطفال من داخل #سجن_صيدنايا #سوريا_حرة pic.twitter.com/Rrj8YZR7KA
— المحرر لحظة بلحظة (@Almohrar1) December 8, 2024
وتأسس السجن في ثمانينيات القرن الماضي، وأطلقت عليه “منظمة العفو الدولية” “أمنستي” قبل سنوات وصف “المسلخ البشري”، والسجن الذي “تذبح فيه الدولة السورية شعبها بهدوء”.
وأظهرت صور وفيديوهات منتشرة، كيف كانت تتم مراقبة المعتقلين على مدار الساعة بعدة شاشات مجمعة في غرفة للتحكم.
وظهرت علامات الصدمة والاندهاش على وجوه من أطلق سراحهم حيث وصل فترات سجن بعضهم إلى أكثر من 4 عقود. وظهر بعضهم غير مصدق لما يحدث من حوله.
—————————–
تفاصيل الأيام الأخيرة من حكم بشار الأسد
فراس فحام
8/12/2024
استيقظت سوريا على خبر غير معتاد في صباح 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، وتابع فيه الملايين من الشعب السوري دخول قوات المعارضة إلى مدينة دمشق بعد ساعات من السيطرة على حمص، دون مقاومة كبيرة من قوات جيش النظام.
بالتوازي مع مشاهد توغل قوات المعارضة في أحياء العاصمة، تأكد خبر مغادرة الرئيس المخلوع بشار الأسد للبلاد على متن طائرة ركاب صغيرة، دون معرفة الوجهة النهائية للطائرة التي اختفت عن الرادارات، مما دفع وكالة رويترز لترجيح سقوطها على مقربة من محافظة طرطوس دون جزم نهائي بخصوص مصيره مع أسرته، حيث تداولت وسائل إعلام روسية رواية أخرى مفادها أنه التجأ إلى قاعدة حميميم الروسية بريف اللاذقية.
عاش النظام السوري فترات صعبة خلال أيامه الأخيرة، عندما كانت قوات المعارضة على مقربة من مدينة حماة التي تمثل بوابة مهمة للتقدم إلى دمشق، وأجرى اتصالات دولية مكثفة لتفادي نهايته.
استجداء الأسد تركيا
وأكدت مصادر دبلوماسية لموقع الجزيرة نت أن الأسد حاول منذ الأيام الأولى لهجوم قوات المعارضة السورية، استجداء الموقف التركي وإقناع أنقرة بالتدخل والتأثير عليها لوقف الهجوم.
ولجأ الأسد إلى رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني الذي يمتلك علاقات جيدة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث أجرى اتصالا هاتفيا مع السوداني مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، وأبلغه استعداده لاستئناف المفاوضات مع تركيا.
وبرر للسوداني عدم استجابته لوساطته الأولى التي سعى من خلالها للتقريب بين أنقرة ودمشق بأنه لم يكن يثق بالموقف التركي، وكان لديه شعور بأنه يتم التجهيز لهجوم عسكري من قبل المعارضة في شمال سوريا.
لمس السوداني من خلال الاتصالات مع الجانب التركي عدم رغبة في التدخل، وأن هناك أجواء دولية تشير إلى قرب التخلي عن الأسد، وهنا اضطر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي للتوجه إلى أنقرة لمحاولة إقناعها بالعمل على العودة إلى خفض التصعيد مجددا في الشمال السوري.
لكن المساعي الإيرانية لم تنجح، وحمّلت أنقرة النظام السوري مسؤولية انفجار الأوضاع لأنه لم يقبل بالانخراط في العملية السياسية.
العمل على جلب الدعم العراقي
ووفقًا لمصادر أمنية مطلعة، فإن النظام السوري اقتنع تمامًا منذ بداية ديسمبر/كانون الأول الجاري بأن حزب الله اللبناني لن يتدخل في المواجهات مع قوات المعارضة إلا بشكل محدود، وقرب المناطق الحدودية مع لبنان حال اقتربت إليها المعارضة، وهذا ما دفعه إلى التوجه للعراق ومحاولة إقناعه بمساندته عن طريق إرسال فصائل تابعة للحشد الشعبي من أجل القتال إلى جانبه.
وبحسب المصادر، فإن وزير خارجية النظام السوري بسام الصباغ ناقش مع رئيس الحكومة العراقية فكرة الدعم الرسمي العسكري العراقي للنظام، لكن الجانب العراقي لم يكن منفتحًا على الفكرة، وأكد أن بغداد ترى ضرورة النأي بنفسها عن الصراعات خارج الحدود لتجنب أي تبعات سياسية تترتب عليها أمام المجتمع الدولي.
تفاصيل آخر جولة من مسار أستانا
في 7 ديسمبر/كانون الأول الجاري، انعقدت الجولة الـ23 من مسار أستانا -التي يبدو أنها ستكون الأخيرة- في العاصمة القطرية الدوحة، بحضور أنقرة وطهران وموسكو، بالإضافة إلى مشاركة قطر والسعودية والأردن والعراق.
وأكدت مصادر مطلعة لموقع الجزيرة نت أن طهران طرحت ضمن الاجتماع فكرة وقف إطلاق النار، وتثبيت خطوط الاشتباك، ثم العمل على إطلاق حوار بين النظام السوري والمعارضة، لكن الجانب التركي نفى إمكانية السيطرة على قوات المعارضة التي اقتربت من دخول دمشق، وهذه القوات لا تقبل إلا إذا تحقق الانتقال السياسي.
وفي الدوحة، ناقشت الأطراف الدولية فكرة الانتقال السياسي، ومسألة تشكيل هيئة حكم انتقالية قد يتم الإعلان عنها خلال الأيام القليلة المقبلة، مما جعل إيران مقتنعة تمامًا أن الأمور تسير باتجاه إسقاط بشار الأسد، وهذا ما دفعها لتغيير لهجتها للمرة الأولى واستخدام مصطلح “المعارضة السورية” في إعلامها الرسمي، بالإضافة إلى تصريح وزير الخارجية الإيراني عن انفتاحهم باتجاهها.
حماية الأسد مقابل الحكم الانتقالي
وبحسب مصادر على اتصال مع وزارة الخارجية الروسية، فإن موسكو عرضت على الأسد قبل يوم واحد من وصول قوات المعارضة إلى دمشق الحماية له ولعائلته ومغادرة البلاد، بعد إعلانه الموافقة على الحكم الانتقالي، لكن الأخير رفض وأكد قدرته على الاستمرار في المواجهة، لكن الوحدات العسكرية الموجودة في محيط دمشق توقفت عن الاستجابة لأوامر الاستمرار في القتال، خاصة مع شعورها بأن روسيا مؤيدة لرحيل الأسد وإنهاء القتال، والعمل على مرحلة انتقالية جديدة تديرها شخصيات تمثل الأطراف السورية.
ووفقًا لمصادر أمنية في دمشق، فقد كانت مغادرة بشار الأسد على متن الطائرة الصغيرة سرية ومفاجئة، ولم يعلم بها حتى رئيس جهاز الأمن الوطني التابع للنظام اللواء كفاح ملحم، ويسود اعتقاد بأن الأسد موجود حاليا في قاعدة حميميم، أو أن طائرته سقطت دون وجود تأكيد نهائي لإحدى الروايتين.
وأكدت مصادر أمنية عراقية وصول شخصية كبيرة من النظام السوري إلى الأراضي العراقية صباح اليوم قبل أن تسيطر إدارة العمليات التابعة للمعارضة على معبر البوكمال الحدودي مع العراق، والترجيحات أن هذه الشخصية هي ماهر الأسد شقيق بشار.
وتنسق روسيا حاليا مع غرفة عمليات الجنوب من أجل ترتيب الأوضاع في العاصمة السورية دمشق، ومحاولة استمرار عمل الحكومة التي تختص بالخدمات لضمان استمرار عمل مؤسسات الدولة، حيث يتصدر عمل غرفة عمليات الجنوب أحمد العودة قائد اللواء الثامن، الذي كان سابقا قائدا في الجبهة الجنوبية التابعة للمعارضة، قبل أن يعقد اتفاق تسوية برعاية روسية ويبقى ضمن منطقة بصرى الشام، وينطلق منها باتجاه دمشق خلال الأيام الماضية.
المصدر : الجزيرة
———————————-
القصير قلعة «حزب الله» السورية سقطت بلا مقاومة
مصدر مقرب من الحزب: إذا كان ما حصل يمثل مصلحة الشعب السوري فهذا خياره
بيروت: يوسف دياب
8 ديسمبر 2024 م
بينما أعلنت فصائل المعارضة السورية دخولها مدينة حمص والسيطرة عليها، سقطت مدينة القصير الواقعة في الريف الغربي لمحافظة حمص، وانسحبت القوات النظامية منها، تاركة الأرض لمقاتلي «حزب الله» الذين آثروا بدورهم الانسحاب إلى لبنان.
انتظار أبناء القصير دام 11 عاماً ونيّف، قبل عودتهم إلى مدينتهم التي تغيّرت معالمها، وإلى قراهم التي تم تجريفها. وأفاد مصدر في المعارضة السورية، بأن القصير «لم تشهد معركة عسكرية ما بين الفصائل السورية والميليشيات التي كانت تحتلها (حزب الله) بل كانت أمام حالة استسلام»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الذين قدموا من حمص باتجاه القصير، هم من مقاتلي القصير»، مؤكداً أن «عملية السيطرة على القصير لم تستغرق أكثر من ساعتين، فلم تشهد مواجهات تذكر، لأن أكثرية مقاتلي (حزب الله) الذين كانوا فيها وفي القرى الواقعة في الريف الغربي والجنوبي للمدينة إما فرّوا إلى لبنان من خلال معبر مطربا، قرب منطقة حوش السيّد علي المتاخم لمنطقة البقاع اللبناني، وإما ألقوا سلاحهم واستسلموا للثوار».
ولم يعرف مصير آلاف المقاتلين من «حزب الله» الذين كانوا متحصنين في القصير وريفها، ويتخذون منها ظهيراً لدعم الحزب في لبنان وشريان إمداده بالسلاح، وتناقل ناشطون مقاطع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تتضمّن تسجيلات لمقاتلي الحزب يتهمون جيش النظام السوري بأنه «غدر بهم وتركهم في أرض المعركة».
وكان أمين عام «حزب الله»، نعيم قاسم، أعلن في خطابه الأخير، الجمعة، أن الحزب لن يسمح بـ«سقوط سوريا بيد الجماعات المسلّحة مجدداً، وأنه مستعدّ لدعمها والدفاع عنها»، وكشف المصدر في المعارضة السورية عن أن «مئات من مقاتلي (حزب الله) انتقلوا في الساعات الماضية من البقاع اللبناني، وتحديداً من خلال معابر غير شرعية ما بين منطقتي القاع والهرمل، إلى القصير، وكانوا يمنون النفس بالدفاع عن القصير التي كانت تشكّل معقلاً للحزب، إلّا أنهم عادوا وفرّوا إلى لبنان أثناء وصول المقاتلين إلى مداخل القصير من الشرق والشمال»، مشدداً على أن «نفوذ (حزب الله) وكل الميليشيات الإيرانية انتهت، وأن مقاتلي الثورة سيطروا على كل ريف القصير الغربي والشمالي وصولاً إلى الحدود اللبنانية».
وشهدت حدود لبنان الشمالية مع سوريا، تدفق الآلاف من النازحين السوريين من أبناء حمص والقصير، وبدأوا مع ساعات الفجر الأولى بالانتقال إلى مناطقهم في الداخل السوري لتفقّد أرزاقهم. وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «قرى حدودية في عكار تشهد حركة نزوح معاكسة إلى ريف القصير»، وقالت إن «حركة الانتقال من لبنان إلى سوريا اقتصرت على الرجال والشباب، وغالبيتهم عبروا عبر دراجات نارية، وذلك لتفقّد ممتلكاتهم والتثبّت مما إذا كانت منازلهم لا تزال موجودة وصالحة للسكن، على أن تشهد الأيام المقبلة عودة العائلات».
إلى ذلك، أوضح مصدر مقرّب من «حزب الله» أن «الحزب قاتل في سوريا إلى جانب الدولة السورية والشعب السوري»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان ما حصل يمثل مصلحة الشعب السوري فهذا خياره، والحزب لم يكن يوماً في حالة حرب أو عداء مع السوريين، بل بمواجهة الجماعات الإرهابية والتكفيرية التي نكلت بالشعب السوري». وتمنّى أن «تكون سوريا بخير ولا تقع في قلب الصراع مجدداً، وألّا تمزقها الصراعات الداخلية ومشاريع الفتنة».
———————————-
إعلان 8 كانون الأول عيداً وطنياً سنوياً لسوريا
الأحد 2024/12/08
وقال الائتلاف، في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني ونقلته “وكالة الأنباء الألمانية”: “نهنئ الشعب السوري العظيم وجميع أبنائه وبناته بتحرير سوريا من نظام الأسد المجرم، بعد 14 عاماً من النضال السلمي والمسلح، من الصيحات والرصاصات، من أجل الحرية والكرامة والديموقراطية والعدالة والعيش الآمن والكريم”.
وأضاف البيان: “نعلن تاريخ الثامن من كانون الأول/ديسبمر من كل عام عيداً وطنياً لسوريا، لأنه يوم انتصار الشهداء والضحايا، يوم انتصار المعتقلين والمهجرين والمظلومين، يوم انتصار الحق والعدالة على الإجرام والظلم”.
وأشار البيان إلى أن “الثورة السورية العظيمة كسرت عقوداً من الاستبداد والقمع، وخلقت ميلاداً جديداً لسوريا العظيمة، وانتقلت اليوم من مرحلة النضال لإسقاط نظام الأسد إلى النضال من أجل بناء سوريا بناء سوياً يليق بتضحيات شعبها”.
وتابع الائتلاف: “نهيب بشعبنا في كافة المحافظات السورية أن يحرص أشد الحرص على الممتلكات العامة والمباني والمنشآت باختلافها، فهي ملك للشعب وليست لنظام بشار الأسد الإرهابي”.
وأكد الائتلاف الوطني: “للمجتمع الدولي استمرار عمله من أجل إتمام انتقال السلطة إلى هيئة حكم انتقالية ذات سلطات تنفيذية كاملة، للوصول إلى سوريا حرة ديموقراطية تعددية”، مؤكداً حرصه على “سلامة الدول المجاورة وأمنها وعدم تدخل السوريين بدول الجوار، كما يتطلع لبناء الشراكات الإستراتيجية مع دول المنطقة والعالم بهدف بناء سوريا من جديد، لكل أبنائها بمختلف أعراقهم وأديانهم ومذاهبهم”.
——————————–
ائتلاف المعارضة: نعمل لتسليم السلطة إلى “هيئة حكم انتقالية“
الأحد 2024/12/08
قال ائتلاف المعارضة السورية الأحد، إنه سيواصل العمل من أجل “إتمام انتقال السلطة إلى هيئة حكم انتقالية ذات سلطات تنفيذية كاملة”. وأضاف في بيان: “انتقلت الثورة السورية العظيمة من مرحلة النضال لإسقاط نظام الأسد إلى مرحلة النضال من أجل بناء سوريا بناء سوياً يليق بتضحيات شعبها”.
وفجر الأحد، أعلنت فصائل المعارضة السورية عبر التلفزيون السوري، سقوط نظام الأسد، وقالت في بيان: “لقد تم تحرير دمشق وسقوط نظام الأسد”. وفي 27 تشرين الثاني/نوفمبر، اندلعت اشتباكات بين قوات النظام السوري وفصائل معارضة، في الريف الغربي لمحافظة حلب شمال البلاد انتهت بسقوط نظام حكم حزب البعث بعد أكثر من 60 عاماً.
ووصفت السفارة السورية في قطر، هذا اليوم بالتاريخي، وقالت إن الشعب السوري قال كلمته منذ اليوم الأول للثورة، ومضى في درب تحرير الأرض والإنسان، حالماً ببناء وطن الحرية والكرامة، وطن لكل السوريين، يسود فيه القانون، وينعم بالعدل والسلام. وقالت إن “الطريق أمامنا طويل وشاق، وعلينا أن نمد الكف للكف، ونشد الساعد بالساعد، متحملين مسؤولياتنا لاستعادة بلدنا وبناء مستقبل يليق بهذا الوطن العظيم”.
أمل حذر
وأبدى مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن “أملاً حذراً” بعد سيطرة الفصائل المعارضة على دمشق، قائلا إنها “لحظة فاصلة” أنهت حكم عائلة الأسد الذي امتد على أكثر من خمسة عقود. وقال بيدرسن في بيان: “يمثل اليوم لحظة فاصلة في تاريخ سوريا، وهي الأمة التي تحمّلت ما يقرب من 14 عاماً من المعاناة المستمرة والخسارة التي لا توصف” معرباً عن “تضامنه مع كل من تحملوا وطأة الموت والدمار والاعتقال وانتهاكات حقوق الإنسان التي لا تعد ولا تحصى”. وأضاف: “لقد ترك هذا الفصل المظلم آثاراً عميقة، لكننا نتطلع اليوم بأمل حذر إلى فتح فصل جديد – فصل السلام والمصالحة والكرامة والإدماج لجميع السوريين”.
ولفت بيدرسن إلى أن “التحديات التي تنتظرنا هائلة ونحن نسمع من ينتابه القلق والتوجس. ومع ذلك، فهذه لحظةٌ لاحتضان إمكانية التجديد. إن صمود الشعب السوري يفضي إلى مسار نحو سوريا موحدة وسلمية”. وحض بيدرسن “جميع السوريين على إعطاء الأولوية للحوار والوحدة واحترام القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان في سعيهم إلى إعادة بناء مجتمعهم”. وأوضح أنه من أجل الوصول إلى ذلك، يجب “تحقيق الرغبة الواضحة التي عبر عنها ملايين السوريين في وضع ترتيبات انتقالية مستقرة وشاملة، واستمرار المؤسسات السورية في العمل”.
وقال “اسمحوا لي أن أردد هذه التصريحات وأوجه نداءً (…) إلى جميع الجهات المسلحة على الأرض للحفاظ على حسن السلوك والقانون والنظام وحماية المدنيين والحفاظ على المؤسسات العامة”.
سوريا الديمقراطية
من جهته، أشاد قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي بـ”لحظات تاريخية” يعيشها السوريون مع سقوط النظام “الاستبدادي” الذي حكم البلاد نحو ربع قرن. معتبراً أن “هذا التغيير فرصة لبناء سوريا جديدة قائمة على الديمقراطية والعدالة تضمن حقوق جميع السوريين”.
بدوره، أكد الأردن أهمية الحفاظ على أمن واستقرار سوريا، ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية عن مصادر حكومية أنه “يجري العمل على تعزيز حالة الأمن والاستقرار في المنطقة”.
—————————–
هروب الأسد في الفسبكات: وهم الخلود والأبد
الأحد 2024/12/08
سيف الرحبي
ليس مثل الديكتاتور من يتدثر بوهم الخلود والأبدية، وأنه ليس مثل سائر البشر الذين من طبيعة العبور والزوال. نشوة السلطة والقداسة الذي يضفيها جلاوزته وجلادوه في حاشيته الفاسدة تجعله مُغيَّبًا تماما وبعيدا عن وقائع الأرض والمعيش وخراب الاجتماع للأمة وانهيار حياتها في مستنقع الفقر والبؤس وحين تهمس بكلمة احتجاج تنفجر شلالات الدم في قنوات الأنهار السورية الجافة من المياه. ماذا تستطيع الكلمات أن تعبر إزاء هذا الحدث المذهل وهذه الانعطافة النوعية في تاريخ سوريا والأقطار العربية المنكوبة بأنواع من الأوبئة والانحدار. ماذا يستطيع أن يعبر واحد مثلي عاش فترة ثرية منذ مطلع حياته في تلك البلاد كواحد من أبنائها من فرط الكرم والترحاب وتلك الأخوّة العربية والإنسانية الجمالية محمولة على أواصر الحميمية والأحلام الإبداعية المشتركة، تظل تعيش في قلوبنا وأعماقنا حتى النهاية. لا كلمة في هذا المقام المهيب إلا المباركة للشعب السوري العظيم بكل أطيافه وفئاته جماعات وأفراد يعيشون الشتات والاقتلاع داخل البلاد وفي أصقاع القارات الخمس في تيه ومعاناة لم تعرفها البشرية إلا ندرة واستثناءً. وبمعرفتي النسبية بالسوريين فخلال الأيام والسنين القادمة يستطيعون أن يحولوا سوريا إلى واحدة من بلدان الشرق المزهرة حضارة وإبداعا وبالحذر واليقظة تجاه الغيلان والهوامّ وكواسر الدم والانحطاط التي من طبيعة كينونتها تدمير أي مشروع لشعب يحلم بآفاق من التقدم والعدالة والمستقبل المضيء على نقيض العقود الكابوسية السوداء التي عاشتها البلاد منذ مطلع سبعينات القرن الماضي. مبروك لسوريا وشعبها وأرضها التي أعطت لمحيطها العربي وللإنسانية جمعاء خيرة العقول النيّرة ونخبة الأدب والفن والإبداع الجمالي الذي هزم الديكتاتورية والخراب.
دارا عبدالله
ضروري ألا تكون فرحة سقوط نظام الكيماوي فرحة سوريةً فقط. لبنان؟ على كلّ لبناني أن يقتل نفسه من الرقص، لأنّ النظام احتلّ البلد ببوطه العسكري، وعفّشه ببطء، وشكّل أشخاصًا على نموذج ناصر قنديل، ونشر موسيقاه المزعجة في جباله ووديانه. فلسطين؟ “فرع فلسطين” الأمني هو أكبر عبء على القضية الفلسطينية. ومن مجزرة تل الزعتر المروعة، إلى مذابح حرب المخيمات، إلى سحق مخيم اليرموك، هذا النظام أباد الشعب الفلسطيني من الخلف وإسرائيل تبيده دومًا من الأمام (يجب تحنيط الحزب الشيوعي الفلسطيني فورًا وإدخاله إلى أقرب متحف للفرجة عليه لاحقًا). العراق؟ وبالإذن من الـ Erasmus التي عملها الرفيق الجولاني في العراق، النظام السوري أغرق العراق بالجهاديين وساهم في تسعير الحرب الأهلية، وعبث في البلد الهش أصلاً. عربياً؟ سيتم إيقاف أكبر مصنع لإنتاج المخدرات في العالم. عالميًا؟ الأسد مصنع العدمية والتطرف والبؤس. كلّ الأكراد السوريين، على الرغم من الخوف من المجهول، سعيدون بإزالة نظام حرم ربع مليون منهم من الجنسية، وعرّفهم بورقة حمراء مكتوب عليها: “مكتوم القيد” في عملية إبادة تبدأ من الولادة.
الفرحة ليست فقط سورية أو عربية، بل هي ببساطة… فرحة إنسانية عامة.
محمد أمير ناشر النعم
لا يمكن أن تتكرر في سوريا تجربة مأساة العراق في إخفاق الدولة بعد سقوط صدام حسين للأسباب الأربعة التالية:
أولاً: لن يكون لإيران في سوريا تلك اليد الطولى التي امتدت إلى العراق تعبث به ذلك العبث القاتل. ولن يكون لتركيا ذلك الدور الذي تمتعت به إيران في العراق. فلا أحد يدين بالولاء لتركيا ولاءً دينياً، وقد أكرم الله السوريين بأن انكشفت أمام عيونهم خدعة مقولة سلطان المسلمين أو خليفة المسلمين، فمن كان يؤمن بها سابقاً اكتشف زيفها وخطلها لاحقاً.
ثانياً: اختلاف التركيبة الطائفية بين البلدين، ففي العراق انقسام حاد بين طائفتين تتقاربان في العدد، ودُعمت إحداهما على حساب الأخرى، فحدث فتق يصعب رتقه وصدعٌ يعسر رأبه.
ثالثاً: شيوع الانتقام والثأر في العراق منذ اليوم الأول للسقوط. في حين حتى الآن يتحدّث السوريون عن فتح حلب وبقية المدن بوصفه معجزة لخلوه من عمليات الانتقام والثأر، والتأكيد المتكرر لقادة العمليات العسكرية التحريرية على أنهم لا يبتغون الثأر ولا الانتقام. وقد نفّذوا ذلك حتى الآن خير تنفيذ.
رابعاً: اختلاف طريقة سقوط كلا النظامين، فواحد سقط بوساطة الدبابة الأمريكية، واستتبع ذلك انقسام هائل واقتتال بين أفراد المجتمع تأييداً لهذه الدبابة ورفضاً لها، بينما نرى سقوط النظام الأسدي الآن على أيدي السوريين الذين يدخلون المدينة تلو المدينة والبلدة تلو البلدة والقرية تلو القرية وسط ترحيب الأهالي على اختلاف طوائفهم واستقبالهم بالزغاريد، هؤلاء السوريون سواء كانوا من المقاتلين أو من الأهالي الذين نراهم الآن ينتفضون في وجه السلطة الأسدية ويلاحقون رجالها الذين يفرون من أمامهم ويتلاشون.
وهنالك فرق هائل بين النظامين كان له أكبر الأثر في زعزعة استقرار العراق فيما بعد. فقد صُوّر النظام العراقي بوصفه شهيداً، في حين أن النظام السوري لن تُتاح له هذه الصورة بعون الله.
أخيراً: يتخوّف السوريون الآن من أن يتجمع رجال السلطة البعثية الأسدية في الساحل السوري فيسببوا مشكلة مستقبلية لسوريا، ولكنني أطمئنهم بأنّ هذا لن يكون، فحتى لو اجتمع جميع ضباط الأسد في تلك البقعة فهم الآن بلا جنود، ولن يكون عندهم جنود. وسوف يلفظهم الساحل نفسه الذي أبى في تاريخه الحديث إلا أن يكون سورياً بوعيه الوطني الرائع، ولأقلها ههنا بصراحة: إنني أعتقد اعتقاداً جازماً أن وعي العلويين بسوريا واحدة موحّدة كان وما زال في الأوج والقمة، لا يبتغون عنها حولاً، ولا يرتضون سواها بدلاً.
اللهم احم العراق وخفّف عنه، ويسّر لأهله طرق الانسجام وسبل الوئام.
واحم سوريا من شرّ الأشرار وكيد الفجّار.
رضوان زيادة
رمزية إعلان إسقاط الأسد من على التلفزيون الرسمي مذهلة، فدكتاتور حكم سورية بالعنف والقوة على مدى ربع قرن كان يخافه كل السوريين ولا يحظى بشرف لقائه إلا أهل الحظوة، اليوم يعلن سقوطه مواطن سوري عادي ببزته السوداء المتواضعة ربما لا يعرف كل السوريين اسمه لكن كلماته أنهت ربع عقد من الزمن.
أحمد قعبور
كل ما الناعورة بتدور
بتزعزع العروش
وسوريا رح تبقى تغني
بحنجرة القاشوش
—————————–
على مدى 10 سنوات نأى الجولاني بنفسه عن الجماعات الإرهابية
رؤية استخبارية بريطانية: ماذا ينتظر الإقليم بعد سقوط بشّار؟
نصر المجالي
إيلاف من لندن: أعطى رئيس سابق لجهاز الاستخبارات البريطانية الخارجي MI6 رؤيته لما يمكن أن ينتظر سوريا والشرق الأوسط بعد سقوط الأسد.
عاش السير جون ساورز في سوريا في ثمانينيات القرن الماضي ويقول إنه رأى القمع من نظام الأسد “بأم عينيه”. وهنا، يشرح رئيس جهاز الاستخبارات البريطانية MI6 السابق الوضع في سوريا لقناة (سكاي نيوز) البريطانية.
وبين عامي 2009 و2014، عُرف السير جون ساورز باسم “سي” – رئيس جهاز الاستخبارات البريطانية MI6. وهو تحدث بعد انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، إلى قناة (سكاي نيوز) عن الوضع في سوريا، وما هي الخطوات التالية؟.
قلب النظام
في أقل من أسبوعين، تمكنت جماعة هيئة تحرير الشام المتمردة من قلب نظام احتفظ بالسلطة لأكثر من 50 عامًا. وهل سيكون هناك انتقال سلمي للسلطة في سوريا؟
قال السير جون: “أعتقد أن بقاء رئيس الوزراء المنتهية ولايته في منصبه أمر مشجع من أجل تحقيق شكل من أشكال انتقال السلطة المنظم”.
وأضاف أن المتمردين لا يبدو أنهم “يسعون إلى الانتقام” من أي مجموعة – على الرغم من أنه ستكون هناك “محاسبة” على “الوحشية الرهيبة” لنظام الأسد. “سوف تكون هناك بعض تصفية الحسابات في مرحلة ما”.
وقال إن نظام الأسد لا يمثل سوى “طائفة أقلية بنسبة 15٪” من الأمة. واضاف السير جون: إن المهمة الصعبة تنتظرنا الآن لمحاولة جمع البلاد معًا
وقال إنه لا توجد تقاليد ديمقراطية، بل مجموعات مسلحة بدلاً من المجموعات والوحدات السياسية. وأضاف: “أعتقد أن الأتراك سيلعبون دورًا حاسمًا في محاولة جمع هذه المجموعات المختلفة معًا لتشكيل نظام واحد متماسك جديد”.
هل كان الانهيار مفاجأة للمملكة المتحدة وأجهزة استخباراتها؟
يقول السير جون ساورز: “أعتقد أنها كانت مفاجأة للجميع – ربما كانت بمثابة مفاجأة لـ [هيئة تحرير الشام]”، قال السير جون. “لا أعتقد أنهم كانوا يتوقعون الذهاب إلى هذا الحد، بهذه السرعة. “أعتقد أننا جميعًا مندهشون من كيفية انهيار قوات النظام تمامًا – حتى تلك الأكثر ولاءً للنظام والأقرب إلى النظام. لذا، نعم، إنها مفاجأة. إنها ليست فشلاً استخباراتيًا. إنها مفاجأة للجميع.”
هل يجب أن نكون حذرين بشأن تولي تنظيم تابع للقاعدة السلطة؟
قال السير جون: “عندما كنت رئيسًا لجهاز الاستخبارات البريطاني MI6، نظرنا إلى كل هذه الجماعات المعارضة السورية وصنفناها إلى تلك التي يمكننا دعمها وتلك التي كانت خارج نطاق السيطرة وقريبة جدًا من القاعدة. وكانت [هيئة تحرير الشام] بالتأكيد ضمن الفئة الأخيرة.
“لكنني أعتقد أن أبو محمد الجولاني، الزعيم، بذل جهودًا كبيرة على مدى السنوات العشر الماضية لإبعاد نفسه عن تلك الجماعات الإرهابية.ومن المؤكد أن تصرفات هيئة تحرير الشام التي شهدناها خلال الأسبوعين الماضيين كانت تصرفات حركة تحرير، وليس منظمة إرهابية”.
هل ينبغي أن تبقى هيئة تحرير الشام على قائمة الحظر؟
وقال السير جون: “أعتقد أن وزير الداخلية سيطلب من جهاز المخابرات الداخلية البريطاني (إم آي 5) ومركز تقييم الإرهاب المشترك مراجعة الوضع بشأن [هيئة تحرير الشام] وما إذا كان ينبغي لها أن تظل على قائمة الكيانات المحظورة.
“سيكون من السخف إلى حد ما، في الواقع، إذا لم نتمكن من التعامل مع القيادة الجديدة في سوريا بسبب حظر يعود تاريخه إلى 12 عامًا”. وأضاف أن هناك “واقعًا جديدًا” في سوريا الآن.
هل كان لتركيا يد في هذا؟
وقال السير جون: “من المؤكد أن تركيا لديها مصلحة وثيقة في هذا”، على الرغم من أن تركيا وهيئة تحرير الشام ليس لديهما أقرب علاقة “من حيث التعاون والتدريب والإمداد”.
وأضاف: “أعتقد أن الأمور تحركت في اتجاه موات للغاية لتركيا”.
“وأعتقد أنها ستكون الدولة الأكثر إثارة للاهتمام وتأثيرًا في المنطقة الآن حيث تتجمع مجموعات المعارضة المختلفة لمحاولة التوصل إلى إجماع حول كيفية دخول النظام الجديد حيز التنفيذ”.
ماذا عن الروس؟
يعتقد السير جون أن الروس “قد يكون لهم دور هنا”. ويضيف: “لديهم قاعدة بحرية رئيسية و “إنهم يريدون الاحتفاظ بهذه المرافق، وهذا يعني أنهم يجب أن يتصالحوا مع المجموعة الجديدة، والقوى الجديدة في سوريا. ولكن بالطبع، لقد لعبوا دورًا فعالًا في إبقاء نظام الأسد القمعي في السلطة.”
وإيران؟
“أعتقد أن إيران ستراقب هذا الأمر بتوتر شديد وقلق شديد”، قال السير جون. “إن أحداث الأسبوع الماضي أو نحو ذلك في سوريا هي بالضبط ما يخشى النظام الإيراني أن يحدث في إيران في مرحلة ما.”
وقال إن إيران أكثر “تطورًا” كدولة – لكنها “لا تزال نظامًا أقلية بموافقة محدودة”، مما أدى إلى الاضطرابات في العقود الأخيرة.
وقال رئيس الاستخبارات السابق إن إيران “يبدو أنها تنسحب” من سوريا، بعد أن أضعفتها الغارات الجوية الإسرائيلية على دفاعات المنشآت النووية الإيرانية”.
وتابع السير جون: “لذا أعتقد أنهم يشعرون بالضعف، إيران. أعتقد أنه من غير المرجح للغاية أن يلعبوا دورًا حازمًا، وأنا أشعر بالتشجيع الشديد لحقيقة أن الإيرانيين يبدو أنهم على استعداد لإعادة التواصل مع الأوروبيين والأميركيين”.
“ماذا تفكر إسرائيل؟
“بالنسبة لإسرائيل، فهي تراقب عن كثب”، قال السير جون. وأضاف: إن منطقة مرتفعات الجولان، التي تقع بين سوريا وإسرائيل، كانت “هادئة تمامًا” على مدى السنوات الخمسين الماضية – مما يعني أنه لم يكن لديهم مشاكل على تلك الحدود. ومع ذلك، فإن إسرائيل “ستكون متوترة” بشأن الصراع.
وأضاف السير جون أن هناك “تفاهمًا ضمنيًا” بين إسرائيل وروسيا، حيث تضمن روسيا أن سوريا لن تهاجم إسرائيل عبر مرتفعات الجولان.
صفقة قذرة
وفي المقابل، “لم يفعل الإسرائيليون شيئًا لتقويض النظام السوري”.
وقال رئيس الاستخبارات السابق إنها “صفقة قذرة وغير مكتوبة” بين إسرائيل وروسيا.
وقال إنه سيتم الآن التخطيط في إسرائيل لـ”أسوأ سيناريو محتمل” وهو “انقسام سوريا إلى وحدات أصغر، مع وجود مجموعات مسلحة قد تحول تلك النيران إلى إسرائيل في مرحلة ما”.
وقال إن هذا “أقل احتمالاً” رغم أنه “ليس مستحيلاً بالتأكيد”.
وأضاف: “أعتقد أن الإسرائيليين سوف يضطرون إلى التوصل إلى اتفاق مع تركيا بشأن هذا الأمر، لأن تركيا سوف تكون الوسيط الرئيسي في هذا الشأن”.
هل الوضع مشابه لأفغانستان أو العراق أو ليبيا؟
وقال السير جون إن ليبيا هي المقارنة “الأكثر ملاءمة”، ولكنها لا تزال مقارنة “سيئة”.
هذا لأن البلاد “مقسمة بين مجموعات مختلفة” – حيث أن أغلبية السوريين من السنة الذين تعرضوا للقمع.
وأضاف رئيس جهاز الاستخبارات البريطاني السابق: “أعتقد أن هناك فرصة جيدة لهم للالتقاء وتشكيل حكومة جديدة ودستور جديد ونظام جديد هناك”.
“نعم، سوف تكون هناك أوقات صعبة للغاية في المستقبل، وقد يكون هناك عناصر من النظام القديم، كما رأينا في العراق في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عناصر من النظام القديم، المقاتلون الذين يحرسون التمرد في قلب المنطقة العلوية في شمال غرب سوريا – وآمل ألا يحدث ذلك”.
* أعدت هذه المادة من موقع قناة (سكاي نيوز) على الرابط:
——————–
ما العوامل التي أدّت إلى سقوط الأسد؟
بيروت: «الشرق الأوسط»
8 ديسمبر 2024 م
أطاحت فصائل المعارضة في سوريا بالرئيس بشار الأسد بعد هجوم خاطف شهد، في أقل من أسبوعين، انتزاع مدن كبرى من أيدي الحكومة، وصولاً إلى دخولها العاصمة دمشق، الأحد.
وقال الباحث آرون لوند، من مركز «سنتشري إنترناشيونال» للبحوث، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، هذا الأسبوع، إن «العامل الرئيسي» في نجاح المقاتلين هو «ضعف النظام وانخفاض المساعدة الدولية للأسد».
وأضاف أن «عمل قائد (هيئة تحرير الشام)، أبو محمد الجولاني، على بناء مؤسسات، وتركيز جزء كبير من الحركة المعارضة تحت قيادته، لعبا دوراً كبيراً أيضاً»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وبدأت الحرب في سوريا بحملة قمع ضد احتجاجات مناهضة للحكومة في عام 2011. وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، بقيت الجبهات جامدة إلى حد كبير حتى شنت «هيئة تحرير الشام» وفصائل متحالفة معها هجومها في 27 نوفمبر (تشرين الثاني).
ما هي أسباب هذا السقوط السريع لبشار الأسد؟
جيش منهك
على مدى أكثر من 13 سنة من النزاع، أُنهك الجيش السوري في حرب أودت بحياة أكثر من نصف مليون شخص، ودمّرت اقتصاد البلاد والبنى التحتية والصناعة.
في السنوات الأولى للحرب، قال خبراء إن مزيجاً من الخسائر البشرية والانشقاقات والتهرّب من الخدمة العسكرية، تسبّبت في خسارة الجيش نحو نصف قوته البالغة 300 ألف جندي.
وبحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، لم يبدِ الجيش مقاومة تذكر في وجه المقاتلين خلال الأيام الماضية. وقال المرصد وخبراء عسكريون إن الجنود أخلوا مواقعهم بشكل متكرّر في كل أنحاء البلاد غالباً قبل وصول المعارك إليهم.
ويقول دافيد ريغوليه روز، من المعهد الفرنسي للشؤون الدولية والاستراتيجية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «منذ عام 2011، واجه الجيش السوري استنزافاً في القوى البشرية والمعدّات والمعنويات».
ويضيف أن الجنود الذين يتقاضون رواتب منخفضة كانوا يقومون بعمليات نهب من أجل تعويض ذلك. كما تهرّب العديد من الشباب من التجنيد الإجباري.
وأمر الأسد، الأربعاء، بزيادة رواتب الجنود في الخدمة بنسبة 50 في المائة، لكن مع تدهور الاقتصاد السوري، بقيت رواتب الجنود عديمة القيمة.
حلفاء تخلوا عنه
واعتمد الأسد بشكل كبير على الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي من حليفَيه الرئيسيَين، روسيا وإيران.
الأسد يتوسط الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد والأمين العام الراحل لـ«حزب الله» حسن نصر الله في دمشق عام 2010 (أ.ف.ب)
وتمكّن بمساعدتهما من استعادة معظم الأراضي التي خسرها بعد اندلاع النزاع عام 2011، كما أدى التدخل الروسي جواً في عام 2015 إلى تغيير مجرى الحرب لصالح الأسد.
لكن هجوم الفصائل، الشهر الماضي، أتى في وقت ما زالت فيه روسيا غارقة في حربها ضد أوكرانيا، كما أن ضرباتها الجوية فشلت هذه المرة في صدّ المقاتلين الذين اجتاحوا مساحات واسعة من الأراضي بما فيها مدن كبرى مثل حلب وحماة وحمص وفي نهاية المطاف دمشق.
أما إيران، فلطالما أرسلت مستشارين عسكريين للجيش السوري، ودعمت الجماعات المسلحة الموالية للحكومة على الأرض.
لكن إيران والمجموعات المتحالفة معها، لا سيما «حزب الله» اللبناني، تعرّضت خلال السنة الماضية لضربات كبيرة من إسرائيل على خلفية الحرب في قطاع غزة، ثم بين إسرائيل و«حزب الله» المدعوم من إيران في لبنان.
وقال المحلّل نِك هيراس، من معهد «نيو لاينز إنستيتيوت»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قبل سيطرة الفصائل على دمشق: «في نهاية المطاف، ستعتمد قدرة حكومة الأسد على البقاء على مدى رؤية إيران وروسيا للأسد مفيداً لاستراتيجياتهما في المنطقة».
وأضاف: «إذا عدَّ أي من هذين الحليفين أو كلاهما أنهما قادران على تعزيز مصالحهما دون الأسد، فإن أيامه في السلطة ستكون قد أصبحت معدودة».
«حزب الله» أضعف
يدعم «حزب الله» اللبناني دمشق ميدانياً منذ عام 2013 حين أرسل آلاف المقاتلين عبر الحدود لدعم الجيش.
لكنّ فصائل المعارضة السورية شنّت هجومها، الشهر الماضي، في اليوم نفسه الذي دخل فيه وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» حيز التنفيذ، بعد أكثر من عام من التصعيد.
ونقل «حزب الله» العديد من مقاتليه من سوريا إلى جنوب لبنان لمواجهة إسرائيل، ما أضعف وجوده في البلد المجاور.
وقال مصدر مقرب من «حزب الله»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن مئات المقاتلين في الحزب قضوا في الحرب مع إسرائيل، من دون تقديم حصيلة محددة.
كذلك، قضى العديد من قادة «حزب الله» خلال الحرب مع إسرائيل بضربات جوية ضخمة، من بينهم أمينه العام حسن نصر الله، وخليفته المفترض هاشم صفي الدين.
وقال مصدر آخر مقرب من «حزب الله»، الأحد، إن الحزب كان يسحب قواته من ضواحي دمشق ومنطقة حمص القريبة من الحدود.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن إسقاط الأسد كان «نتيجة مباشرة للضربات التي وجهناها إلى إيران و(حزب الله)، الداعمين الرئيسيين للرئيس السوري».
————————–
ما حكاية «علَم الثورة» الذي رفرف على مؤسسات سورية الأحد؟
لندن: «الشرق الأوسط»
8 ديسمبر 2024 م
هيمن علم الثورة السورية بلونه الأخضر الغالب ونجماته الثلاث، والذي رفعه مقاتلو معركة «ردع العدوان» التي قادت إلى سقوط النظام السوري وهروب الرئيس بشار الأسد إلى موسكو، على صور المشهد السوري المتسارع الأخير، ميدانياً وسياسياً ومؤسسات رسمية.
يعود هذا العلم لعام 1920، عندما رفعته الثورة السورية الكبرى للتحرر من الاستعمار الفرنسي، وتبنته المعارضة السورية في انتفاضتها ربيع عام 2011، بناء على اقتراح المعارض السوري أديب الشيشكلي، حفيد الرئيس السوري الأسبق الذي يحمل اسمه، ابن مدينة حماة الذي قاد الانقلاب الثالث في تاريخ سوريا عام 1940.
وأطلق نشطاء بمناسبة الذكرى الرابعة للثورة السورية عام 2011، هاشتاغ «#ارفع _علم _ ثورتك»، داعين السوريين كافة إلى رفع هذا العلم، والمشاركة بالحملة للتعبير عن الاعتزاز والفخر بعلم الثورة.
وأكد نشطاء أن الهدف من الحملة هو إحياء واستعادة مشروعٍ دفع السوريون لأجله مئات آلاف الشهداء.
ولاقت الحملة في حينها صدى كبيراً في أوساط السوريين في الداخل المحرر من النظام السوري، وخارج سوريا كذلك، وراح السوريون المناهضون للأسد يرفعونه في مظاهراتهم، خصوصاً في العواصم الغربية، طوال السنوات الماضية.
اليوم (الأحد)، لوحظ رفع هذا العلم فوق معظم الوزارات في دمشق، وفوق المخافر والمؤسسات العلمية.
إلا أن أكثر ما فاجأ السوريين هو تغيير صورة العلم من العلامة التجارية لشركة «سريتيل»، بما يعنيه من عودة هذه الشركة إلى أنها «مال عام»، وقد كانت مملوكة لابن خال الرئيس، رامي مخلوف، قبل أن تصادَر من قبل النظام السابق.
ومثّلت هذه الشركة على مدى أكثر من عقدين رمزاً فاقعاً لاستغلال السوريين، وتجيير أموالهم لتمويل الميليشيات الرديفة التي ساهمت بشكل واسع في قمع الاحتجاجات عام 2011.
دولياً، أفادت وسائل إعلام روسية، الأحد، بإزالة العلم السوري عن مبنى السفارة السورية في موسكو.
ودخل أنصار المعارضة التي أطاحت بالرئيس بشار الأسد، الأحد، بعض السفارات السورية في الخارج لرفع علم المعارضة؛ ففي أثينا رفعوا علمها على سطح المبنى، ثم دخلت الشرطة واعتقلت 4 أشخاص، لكنها تركت العلم مرفوعاً.
وردد نحو 150 شخصاً هتاف: «الحرية!» عندما ألقى رجل في السفارة السورية بمدريد العلم السابق على الأرض، ورفع علم المعارضة بألوانه الأسود والأخضر والأبيض.
————————
بعد سقوط الأسد… إيران تخسر حلقة رئيسة في «محور المقاومة»
بيروت: «الشرق الأوسط»
8 ديسمبر 2024 م
بسقوط الرئيس السوري بشار الأسد (الأحد)، خسرت إيران في سوريا حلقة رئيسة في «محور المقاومة» ضد إسرائيل، وفق محلّلين، بعد أن خرج حليفها الآخر «حزب الله» ضعيفاً من الحرب مع العدو اللدود لإيران.
ووفق تقرير نشرته «وكالة الصحافة الفرنسية»، فلطالما أدّت سوريا التي تتشارك مع لبنان حدوداً طويلة سهلة الاختراق، دوراً استراتيجياً في إمداد «حزب الله» اللبناني الذي تموّله إيران، بالأسلحة.
وأكّد المرشد الإيراني علي خامنئي مراراً أن «سوريا هي عند الخط الأمامي للمقاومة» ضد إسرائيل، وهي «ركيزة» في هذه المعركة.
يضم «محور المقاومة» تنظيمات مسلّحة موحّدة حول إيران ضد إسرائيل. إضافة إلى «حزب الله» وسوريا الأسد، يضم المحور حركة «حماس» في غزة، وفصائل شيعية في العراق، والمتمردين الحوثيين في اليمن. ويمثل سقوط حكم الأسد ضربة جديدة لإيران.
في الأشهر الأخيرة، قضت إسرائيل على قيادات «حماس» في غزة، وكذلك قيادات «حزب الله» في لبنان حيث قُتل الأمين العام للحزب حسن نصر الله في سبتمبر (أيلول) بغارة إسرائيلية.
وقال الأكاديمي مهدي زكريان، خبير العلاقات الدولية في طهران، إن «الهدف الرئيس (…) من تغيير النظام في سوريا هو قطع أذرع إيران»؛ أي نفوذها في الشرق الأوسط.
وأضاف زكريان في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لن تكون إيران قادرة على دعم (حزب الله) كما ذي قبل»، مع انحسار نفوذها في سوريا.
تغيير الواقع
قدّمت طهران هجوم فصائل المعارضة المسلّحة ضد السلطات السورية على أنه مؤامرة أميركية – إسرائيلية لـ«زعزعة الاستقرار» وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.
وبعد اندلاع الحرب في سوريا في عام 2011، أرسلت إيران «مستشارين عسكريين»، وفق تعبيرها، إلى البلاد لدعم جيش الأسد، بناء على طلبه.
ونُشرت في البلاد فصائل مسلّحة شيعية مقربة من إيران؛ ما مكّن طهران من اكتساب نفوذ في سوريا وتعزيز ردعها عند حدود إسرائيل.
وقُتل كثر من العناصر الإيرانيين في القتال أو بضربات إسرائيلية.
ومع سقوط دمشق في أيدي فصائل معارضة مسلّحة بقيادة «هيئة تحرير الشام»، تعرّضت السفارة الإيرانية في دمشق للنهب على يد أفراد، في مشهدية لم يكن من الممكن تصوّرها في دولة حليفة.
وحذّرت الدبلوماسية الإيرانية في أول تعليق لها على سقوط الأسد، من أن سياسة إيران تجاه أي حكومة سورية جديدة ستعتمد على «المستجدات في سوريا والمنطقة، وسنتخذ موقفنا بناء على سلوكيات وسياسات بقية اللاعبين في سوريا».
ولم يأتِ البيان الإيراني على ذكر الرئيس السوري، كما لم يشر إلى «محور المقاومة».
«عواقب وخيمة»
أوردت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية في تعليق انتقادي نادر للرئيس السوري: «كان بشار فرصة لإيران، لكنه لم يعر اهتماماً كافياً لتوصيات الجمهورية الإسلامية».
ودعت طهران أمس «الحكومة السورية والمعارضة الشرعية» إلى الانخراط في مفاوضات.
وبدا أن هذا التصريح لوزير الخارجية عباس عراقجي يعكس تغييراً في لهجة إيران التي كانت تصف أي شكل من أشكال المعارضة في سوريا بأنه «إرهاب».
وفي أحد شوارع طهران علّق جمشيد البالغ 65 عاماً بالقول: «كانت سوريا حليفاً استراتيجياً لإيران، وكانت منفذاً لإيران إلى البحر الأبيض المتوسط».
وأعرب عن خشيته من أن «يضعف سقوط السلطة في سوريا (الأسد) إيران بشكل كبير، وأن تكون له عواقب وخيمة» على الإيرانيين.
——————-
القصة الكاملة لسقوط نظام الأسد في 12 يوما
ملف سوريا – سوريا بعد 13 على ثورتها – بشار الأسد
محمد شعبان أيوب
8/12/2024
في فجر الثامن من ديسمبر/كانون الأول عام 2024، فُتح سجن صيدنايا، المسلخ البشري كما يصفه السوريون، وخرج آلاف المعتقلين. حينها فقط، أدرك الشعب السوري أن ثورته قد نجحت، وأنه قد أسقط نظام بشار الأسد. لكن الأسد كان قد سقط فعلًا قبل أربعة عشر عامًا، عندما خرج الأطفال في درعا يهتفون ضده، وعندما لم يستطع النظام إسكاتهم سلط عليهم جنوده، ولما لم يستطع جنوده قتل الجميع، جاء بجنود توهموا أن الأسد حليف قضاياهم الكبرى وأنه ناصرهم على عدوهم إن نصروه على شعبه.
خرج الأطفال من درعا، ثم خرج ملايين السوريين وأطفالهم من سوريا إلى منافي العالم وأشتاته. بدأ العالم في تقبل النظام، وشرع بعض الأشقاء في إعادة تأهيله، وارتاح النظام وحلفاؤه قبل أن يرى أبشع كوابيسه تتحقق، الأطفال يعودون رجالًا محملين بالأسلحة عازمين على تحقيق العدل، لا الانتقام. وليتموا في أيام ما بدأه بني جلدتهم قبل سنين، وما حلم به السوريون لعقود، وليحصلوا على مقابل ما دفعوه سلفًا من دمائهم وأعمارهم وحريتهم، وليُخرجوا الأسد بلا عودة.
اثني عشر يوما كانت كفيلة بأن يسقط نظام بشار الأسد الذي جثم على صدر الشعب السوري لأكثر من خمسة عقود. نظام قام على حكم عائلي اغتصب السياسة في البلاد واحتكر مواردها، واستخدم القوة الغاشمة ضد تطلعات الشعب للحرية في كل وقت، مخلفًا ملايين من الضحايا القتلى والسجناء والمهجّرين والمنفيين على مدار خمسين عاما، الأمر الذي جعل سقوطه السريع مفاجأة لم يتوقعها أكبر الحالمين.
السبب في تلك المفاجأة هو أن الأوضاع في سوريا بدت مجمدة ميدانيا وسياسيا منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار برعاية روسية تركية في محافظة إدلب في مارس/ أذار 2020، الذي توقفت على إثره العمليات العسكرية الواسعة بين قوات المعارضة والقوات الحكومية في شمال غربي سوريا.
ولكن في غضون ذلك الوقت عملت المعارضة السورية المسلحة على تعزيز قدراتها العسكرية، كما عملت على تحويل هيكلها إلى قوة مسلحة شبه نظامية، وتحسين مستوى التدريب، وهو ما رصده جيروم دريفون، المحلل البارز في مجموعة الأزمات الدولية مؤكدا أن “ما نراه الآن هو نتيجة السنوات القليلة الماضية من تدريب واحتراف قوات هيئة تحرير الشام”، ويضيف قائلا إن تركيا قدمت أيضا مساعدات فارقة مكنت المعارضة من امتلاك “وحدات متخصصة في الطائرات بدون طيار والمشاة والدبابات”.
على الجهة المقابلة، كانت القوات الحكومية تشهدُ تدهورا داخليا متزايدا بفعل انهيار العُملة وضعف الاقتصاد وتفشي الفساد والجريمة، حتى إن الباحث المتخصص في الشأن السوري تشارلز ليستر وصف النظام السوري بأنه “أكبر دولة مخدرات في العالم”، بسبب اعتماده على عائدات تجارة مخدر الكبتاغون لدعم شبكات الفساد، التي تضم قادة عسكريين وميليشيات وأمراء حرب.
ظلت الأمور على ذلك الهدوء المصطنع حتى مع اشتعال المنطقة بفعل الحرب الإسرائيلية على غزة وجنوب لبنان، ولكن في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي قامت مدفعية النظام بقصف مدينة أريحا بريف حلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة، ما أسفر عن مقتل وإصابة 16 شخصًا، الأمر الذي زاد من تأجيج الوضع الميداني.
انطلاق عملية ردع العدوان
وفي الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء الموافق 27 نوفمبر، شنت فصائل المعارضة السورية، عملية عسكرية ضد القوات الحكومية السورية وحلفائها باسم “ردع العدوان”، عقب مواجهات عنيفة شهدتها مناطق الاشتباك في ريف حلب الغربي وريف إدلب الشرقي، تعد الأولى من نوعها منذ اتفاق مارس/ أذار 2020.
خلال الساعات الأولى من هجومها المفاجئ، حققت المعارضة المسلحة تقدما كبيرا وظهرت في ثوب أكثر تماسكا وتنظيما من خلال “غرفة عمليات عملية ردع العدوان”، حيث سيطرت على 20 بلدة وقرية في ريفي حلب وإدلب، إلى جانب قاعدة الفوج 46، النقطة الإستراتيجية الأهم في الطريق إلى حلب.
وفي اليوم التالي، 28 نوفمبر، سيطرت المعارضة على قرى إضافية في ريف إدلب الشرقي، ما جعلها على بُعد كيلومترات قليلة من طريق M5 السريع، الرابط بين شمال سوريا وجنوبها والواصل بين مدن إستراتيجية أهمها حلب وحمص وحماة. وفي الصباح التالي، استمر تقدم القوات في ريفي إدلب وحلب، مستحوذة على قرى ومدن جديدة، أهمها مدينة سراقب في ريف إدلب الواقعة على ملتقى طريقين دوليين.
حلب أولى المحطات
في اليوم نفسه، 29 نوفمبر، شنت المعارضة هجوما مكثفا على مدينة حلب، وخلال ساعات نجحت في السيطرة على عدة أحياء رئيسية، منها الحمدانية، والجميلية، وصلاح الدين، وبحلول نهاية اليوم وصلت القوات إلى الساحة الرئيسية وسط المدينة.
وفي الساعات الأولى من يوم 30 نوفمبر تمكنت المعارضة من السيطرة على قلعة حلب ومقر المحافظ، وأمام هذا التقدم انسحبت القوات الحكومية إلى معاقل محدودة في إدلب، بينما تراجعت في حلب أيضا.
في غضون ذلك، تم الإعلان عن استيلاء المعارضة على كميات كبيرة من الأسلحة التي تركها النظام خلفه، شملت دبابات من طراز T-90A، وبطارية نظام الدفاع الجوي S-125 Neva، وأنظمة Pantsir-S1 وBuk-M2، إضافة إلى مروحيات وطائرات مقاتلة كانت رابضة في قواعد حلب ومنغ الجوية.
حماة المحطة التالية
بحلول مساء 30 نوفمبر، حققت المعارضة تقدما سريعا نحو محافظة حماة، وسيطرت على عشرات البلدات والقرى الرئيسية، كما تمكنت المعارضة من الاستيلاء على مطار حلب الدولي الذي وقع في البداية تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
في مقابل ذلك، عُززت القوات النظامية حول حماة، ونُشرت تعزيزات كبيرة في مناطق مثل جبل زين العابدين كما شنت روسيا عدة غارات جوية عنيفة، بما في ذلك غارة على مخيم للاجئين في إدلب أسفرت عن مقتل تسعة مدنيين وإصابة العشرات، وأخرى استهدفت مستشفى جامعة حلب أسفرت عن مقتل 12 شخصًا.
كانت المعارك حول حماة ضمن الأشرس في هذه الموجة من المواجهات، لكن المعارضة نجحت في حسم الأمور مستفيدة من تردي حالة القوات النظامية. وبحلول 5 ديسمبر، أعلنت المعارضة سيطرتها على حماة والانطلاق نحو سجنها المركزي وتمكنت من إخراج مئات السجناء، بينما أعلن النظام تموضع قواته خارج المدينة.
كان سقوط حماة بمثابة شهادة وفاة مبكرة للنظام الذي لم يفقد السيطرة على المدينة منذ عام 2011، وهو ما فتح الطريق للمعارضة للاستيلاء على بلدتين لهما أهمية رمزية دون قتال، هما محردة التي يقطنها الكثير من المسيحيين والسلمية التي تعد أحد مواطن الطائفة الإسماعيلية والتي دخلتها المعارضة بفضل اتفاق مع شيوخ المدينة ومجلسها الديني الإسماعيلي.
على مشارف حمص
وضعت هذه التطورات المعارضة على مشارف مدينة الرستن حيث استولت على قاعدة عسكرية استراتيجية في شمالها، ولمواجهة هذا التقدم شنت الطائرات الروسية غارة استهدفت الجسر الرئيسي الرابط بين حمص وحماة، في محاولة لعرقلة زحف المعارضة.
وتعد حمص المركز الرئيس لشبكة السكك الحديدية والطرق السريعة في سوريا، مما يجعلها الممر الرئيسي والأسهل لحركة البضائع والأشخاص والقوات العسكرية في جميع أنحاء البلاد.
ربما جعلت هذه الأسباب دفاع النظام السوري عن حمص مختلفا نسبيا، إذ تدرك قوات الأسد أن خسارتها لحمص بمثابة خسارة ميدانية كبرى لا يمكن تداركها، وأن سيطرة المعارضة عليها تجعلها تتمتع بأفضلية إستراتيجية حاسمة.
سيطرة المعارضة على حمص فتحت الطريق خلال ساعات قليلة للسيطرة على مدينة القصير، واحدة من أهم المدن الحدودية مع لبنان.
ولكن ذلك لم يمنع تقدم المعارضة التي استولت في 6 ديسمبر على مدينة الرستن مع وضعها على طريق مفتوح نحو حمص.
التحركات الكردية
بالتزامن مع هذه التطورات، وسعيا لاستغلال تراجع قوات النظام في شمال غرب سوريا، شرعت قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية في تعزيز مواقعها منذ نهاية نوفمبر، واستولت على مواقع استراتيجية في حلب كانت قد انسحبت منها القوات الحكومية، أهم هذه المواقع هو مطار حلب الدولي وبلدتي نبل والزهراء، قبل أن تُفقد هذه المناطق لاحقا لصالح المعارضة.
وفي 3 ديسمبر، شنت قوات سوريا الديمقراطية هجوما مفاجئا على مواقع الجيش السوري قرب بلدتي خشام والصالحية في دير الزور، مستهدفة تعزيز سيطرتها في المنطقة الشرقية، ورغم ذلك اضطرت هذه القوات للانسحاب بعد ساعات من تقدمها.
ولكن بحلول 5 ديسمبر، تقدمت قوات سوريا الديمقراطية ناحية الرقة، حيث سيطرت على حقول نفطية في مناطق الثورة والرصافة، إضافة إلى مواقع استراتيجية أخرى بعد انسحاب قوات النظام والمجموعات الموالية له.
وفي 6 ديسمبر، بدأت قوات النظام في انسحاب كبير من دير الزور، والميادين، والقورية، والبوكمال باتجاه دمشق لتعزيز مكانة الحكومة والرئيس الهارب بشار الأسد؛ ونتيجة لذلك تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من بسط سيطرتها على مدينة دير الزور وامتدت نحو البوكمال والحدود العراقية، مما عزز نفوذها في المنطقة الشرقية.
تحرر درعا والسويداء والقُنيطرة
مع حلول مساء 6 ديسمبر، انسحبت قوات النظام بشكل مفاجئ من السويداء باتجاه العاصمة دمشق لتعزيز دفاعاتها هناك، ما فتح الطريق أمام قوات المعارضة المحلية للسيطرة على المدينة دون مقاومة تُذكر.
وفي صباح 7 ديسمبر، استمر الانهيار السريع للقوات الحكومية مع انسحابها من مدينة القنيطرة، الواقعة على الحدود مع هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، لتسيطر عليها المعارضة خلال ساعات قليلة.
السيطرة على حمص ودمشق وسقوط الأسد
في يوم 7 ديسمبر أيضا، وأمام انسحابات قوات النظام المتتالية أمام تقدم المعارضة تمكنت هذه الأخيرة من التغلب على بقايا قوات النظام في مدينة حمص ودخولها في مساء ذلك اليوم، حيث احتفلت بتأكيد سيطرتها على أبرز ميادينها وجامع الصحابي خالد بن الوليد.
وفي نفس اليوم، تقدمت قوات المعارضة إلى ريف دمشق الجنوبي، ومن جديد انسحبت قوات النظام من عدد من البلدات الهامة لتصبح المعارضة على بعد 10 كيلومترات فقط من ضواحي دمشق، في تطور مثير يعكس حجم الضغط العسكري الذي واجهته القوات السورية في تلك المناطق.
وبعد حصار المعارضة للعاصمة وخاصة القادمين من جبهة درعا والسويداء من الجنوب، ومن ريفي دمشق الشرقي والغربي، وبقدوم فجر يوم 8 ديسمبر تمكنت المعارضة من السيطرة على العاصمة دمشق، ودخول كل المؤسسات الإستراتيجية والحيوية مثل مطار المزة العسكري، وقصر الشعب، ومبنى الإذاعة والتلفزيون، ورئاسة الأركان.
أما المشهد الأبرز، فقد كان الخطاب الذي ألقاه في الجامع الأموي في قلب دمشق القائد بإدارة العمليات العسكرية في المعارضة السورية أحمد الشرع -الملقب بالجولاني- وقال فيه إن “النصر الذي تحقق هو نصر لكل السوريين، وشدد على أن “الرئيس المخلوع بشار الأسد نشر الطائفية واليوم بلدنا لنا جميعا”. لقد تمكنت قوات المعارضة المسلحة من إسقاط نظام بشار الأسد في اثني عشر يوما من القتال، بعد أربعة عشر عامًا من الهتاف الأول!
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية
——————————
بشار الأسد.. الابن البديل والوجه الآخر للطاغية
حسين جلعاد
8/12/2024
لم يكن بشار الأسد هو الخيار الأول لأبيه الرئيس الحديدي حافظ الأسد، لكن الأقدار تختار ما لا يعرفه البشر. فمصير بشار الابن كان مثل مصير مايكل كورليوني في فيلم العراب، الشاب المحشو بالمثاليات المفارق لنهج العائلة، لكن ما إن تولى السلطة وواجه ثورة عارمة حتى قلب الطاولة على الجميع، لقد تكشف عن وحشية لم تخطر ربما على بال أبيه وأجهزته الذين صنعوه على أعينهم.
ولكن بشار، على الرغم من كونه خيارا غير متوقع، أظهر براعة في البقاء بالسلطة وسط أمواج العاصفة. في البداية، لم يكن يُنظر إليه كقائد مهيب مثل أبيه، بل كطبيب عائد من لندن، يحمل ملامح الشاب الهادئ، فارع الطول، ذي العيون الملونة، والثرثار بلدغة مضحكة.
وكانت الصورة العامة لبشار هي الشاب الذي لا يملك الكاريزما اللازمة أو الحزم السياسي المطلوب لإدارة بلد معقد التركيب مثل سوريا. لكن الثورة التي اندلعت في عام 2011 كشفت وجها آخر تماما.
لقد تعامل مع الانتفاضة الشعبية بيد من حديد، حيث قمع الاحتجاجات السلمية بوحشية لم يكن العالم مستعدا لرؤيتها في هذا القرن. وتحولت الثورة إلى حرب أهلية طاحنة، ومعها أظهر الأسد مهارات البقاء عبر اللعب على أوتار الطائفية، والاستفادة من التحالفات الإقليمية والدولية. وكان دعمه من إيران وروسيا بمثابة شريان حياة لنظامه، ومكّنه من قلب موازين القوة لصالحه.
طاولة كورليوني
ومثل كورليوني في فيلم العراب، استغل بشار كل فرصة لقمع أعدائه والتخلص من خصومه. واستخدم أدوات النظام القمعي التي ورثها عن أبيه، لكن بطريقة أكثر تطورا وشراسة. فلم يتردد في استخدام السلاح الكيميائي، ولم يكترث للدمار الذي لحق بالمدن والبنية التحتية، كل ذلك في سبيل الحفاظ على قبضته الحديدية.
الطاولة التي قلبها بشار لم تشمل فقط المعارضة والشعب، بل أيضا المجتمع الدولي. فقد فرض الأسد معادلته الخاصة على اللاعبين الدوليين، حيث أثبت أن إسقاطه لن يكون مهمة سهلة. وبينما كان العالم يُدين ممارساته الوحشية، كان يبني شبكة معقدة من العلاقات والتحالفات التي جعلت منه جزءا لا يتجزأ من المعادلة الإقليمية.
ومع كل يوم يمضي، يبدو بشار الأسد أبعد ما يكون عن صورة الابن الهادئ الذي لم يكن الخيار الأول. لقد أصبح تجسيدا لمدى تحول الإنسان حين يجد نفسه في مواجهة مصير لا رجعة فيه. لكن يبقى السؤال: هل كان فعلا سيد مصيره، أم أنه مجرد لاعب في لعبة أكبر منه؟
في خطوة لم تكن متوقعة بعد سنوات من الحرب الطاحنة، وبعد أن استبسل النظام السوري في الدفاع عن العاصمة دمشق بكل ما يملك من أدوات القوة والقمع، جاءت اللحظة التي لم يتخيلها أحد: هروب بشار الأسد من دمشق. مشهد خروجه المباغت، وسط دخول المعارضة السورية إلى العاصمة، يُعيد رسم تاريخ سوريا الحديث ويُبرز حجم التحولات التي عاشها البلد منذ عام 2011.
بشار الأسد، الذي بدا لسنوات كأنه لا يمكن المساس به، وجد نفسه في موقف شبيه بنهايات الطغاة الذين حاولوا التشبث بالسلطة حتى اللحظة الأخيرة. ولم تنفعه التحالفات مع روسيا وإيران، ولا شبكات الولاء التي بناها داخل النظام. فالعاصمة التي كانت تُعتبر حصنه الأخير أصبحت اليوم مسرحا لقوات المعارضة، ومعها تلاشت كل وعود البقاء والانتصار التي روّج لها.
هروب صامت
هرب بشار، وكأنه لم يكن يوما رئيسا، بصمت وبلا ضجيج، بل دون أن يطلق رصاصة واحدة. هرب بجلده، وترك خلفه كل مجده الموهوم، بالجيش الباسل والفرقة الرابعة التي تريد تجارة الكبتاغون، والأجهزة الأمنية التي تؤله الزعيم.
ولكن السؤال الأهم: إلى أين؟
تشير التقارير إلى أن الطائرات الرئاسية أقلعت في ساعات الفجر الأولى إلى جهة غير معلومة، وربما إلى إحدى الدول التي لا تزال تقف إلى جانبه. لكن حتى هذه الملاذات تبدو غير آمنة، فقد أصبح رمزا لنظام انهار أمام أعين الجميع، ومصيره الآن في أيدي من ساعدوه على البقاء طوال هذه السنين.
أما دمشق، فهي الآن في لحظة تاريخية فارقة. ودخول المعارضة السورية إلى المدينة لا يعني فقط سقوط النظام، بل أيضا بداية فصل جديد من تاريخ هذا البلد المنهك، وتحديات ما بعد الانتصار ستكون جسيمة، فالدمار الذي خلفته الحرب لم يكن في البنية التحتية فقط، بل في النسيج الاجتماعي والسياسي الذي يحتاج إلى سنوات من العمل لإعادة ترميمه.
اليوم، يجد السوريون أنفسهم أمام مفترق طرق. هل ستكون هذه لحظة تحول حقيقي نحو بناء وطن جديد قائم على الحرية والعدالة والمواطنة، أم أن الفراغ الذي تركه الأسد سيُملأ بصراعات جديدة تعيد إنتاج المآسي؟
هرب الأسد، لكن سوريا لا تزال عالقة في مأزقها، بين ماض أثقل كاهلها ومستقبل يتطلب شجاعة غير عادية لصناعته.
الخطاب الذي أرسله الثوار الداخلون إلى المدن السورية يبدو تصالحيا، يطمئن الجميع. والعالم ينظر إلى وعود الأمل.
المصدر : الجزيرة
—————————-
أبرز شخصيات المشهد السياسي السوري بعد سقوط نظام الأسد
8/12/2024
تتسارع التطورات في المشهد السياسي والميداني السوري مع سيطرة قوات المعارضة على العاصمة دمشق، وإعلانها سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، في حين تسود حالة من الترقب على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي.
ومع أن الوقت لا يزال مبكرا لاستجلاء ما ستؤول إليه التطورات السياسية في البلاد، فإننا سنسلط الضوء على أبرز الشخصيات السياسية التي من المرجح أن يكون لها دور خلال فترة ما بعد سقوط الأسد.
أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)
برز اسمه قائدا عاما لـ”إدارة العمليات العسكرية” التي أطلقت معركة “ردع العدوان” في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، واستطاعت في أيام دخول العاصمة دمشق وإسقاط نظام بشار الأسد، بعد أن سيطرت على محافظات إدلب وحلب وحماة وحمص.
ولد أحمد حسين الشرع -المعروف بأبو محمد الجولاني- في العاصمة السعودية الرياض عام 1982، ثم انتقل مع عائلته إلى سوريا وعمره آنذاك 7 سنين.
وتعود أصول عائلته إلى الجولان السوري المحتل، وكان والده ذا توجه قومي عربي، وقد شارك في بعض الاحتجاجات ضد حكم البعث في سوريا، فسجن على إثر ذلك مرات عدة في سوريا والأردن، فلجأ إلى العراق.
بدأ الجولاني طريقه قائدا عسكريا مع تنظيم القاعدة في العراق لمقاومة الغزو الأميركي للبلاد، ثم انتقل لاحقا إلى سوريا، وأسس “جبهة النصرة” فرعا للقاعدة، ولاحقا أعلن انشقاقه وفك ارتباطه عنها في يوليو/تموز 2016، وغيّر اسم تنظيمه إلى “جبهة فتح الشام”، وصار لاحقا يعرف بـ”هيئة تحرير الشام”.
رياض حجاب
سياسي سوري ولد عام 1966 في محافظة دير الزور، بدأ رياض حجاب حياته السياسية في صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي، وتقلد مناصب عدة بدءا من رئاسة فرع الاتحاد الوطني لطلبة سوريا في دير الزور، وصولا إلى مناصب مهمة مثل الأمين العام لفرع الحزب بدير الزور ومحافظتي القنيطرة واللاذقية، ثم أصبح وزيرا للزراعة.
عينه الرئيس السوري بشار الأسد رئيسا للوزراء، لكن بعد شهرين فقط أعلن انشقاقه عن النظام وانضمامه إلى المعارضة التي صار أبرز شخصياتها.
انتخب منسقا عاما للهيئة العليا للمفاوضات عام 2015، قبل أن يستقيل منها بعد عامين، معبرا عن خيبة أمله من محاولات إطالة أمد النظام والتسويات الدولية التي رآها لا تخدم أهداف الثورة السورية.
محمد غازي الجلالي
محمد غازي الجلالي (22 مارس/آذار 1969 في دمشق) مهندس مدني وسياسي سوري يشغل حاليا منصب رئيس مجلس الوزراء في سوريا منذ 23 سبتمبر/أيلول 2024. وشغل سابقا منصب وزير الاتصالات والتقانة منذ العاشر من أغسطس/آب 2014 وحتى الثالث من يوليو/تموز 2016، وبعد خروجه من الوزارة شغل منصب رئيس الجامعة السورية الخاصة.
وفي 14 سبتمبر/أيلول 2024، أصدر الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد مرسوما قضى بتكليفه بتشكيل الوزارة في سورية. وتولى منصب رئيس مجلس الوزراء في 23 سبتمبر/أيلول 2024.
هادي البحرة
الرئيس السابق للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، برز اسمه بعد اندلاع الثورة السورية المطالبة بإسقاط بشار الأسد عام 2011، وساهم في توظيف علاقاته وخبراته التقنية في دعم الثورة عن طريق المساعدة في دعم العمل الإغاثي والإعلامي.
وعُرف عن هادي البحرة أنه الواجهة الدبلوماسية للائتلاف السوري المعارض بعد ترؤسه وفده الذي فاوض ممثلي نظام الرئيس السوري في مفاوضات جنيف 2.
واستمرت رئاسة البحرة للائتلاف إلى الرابع من يناير/كانون الثاني 2015، إذ رفض التقدم لولاية ثانية من 6 أشهر، وشغل البحرة بعد مغادرته رئاسة الاتلاف منصب عضو في الهيئة السياسية للائتلاف.
جورج صبرة
ولد جورج صبرة يوم 11 يوليو/تموز 1947 في مدينة قطنا بمحافظة ريف دمشق السورية لأسرة مسيحية، وهو سياسي وتربوي سوري، أثر ببداية تجربته في عقول الأطفال العرب عبر مسلسلهم الشهير “افتح يا سمسم” الذي كان أحد كتابه، ويقود اليوم المجلس الوطني السوري الساعي لإسقاط نظام بشار الأسد.
وفي التاسع من ديسمبر/كانون الأول 2015 اختارته قوى المعارضة السورية المجتمعة في مؤتمر الرياض ضمن هيئتها العُليا المكونة من 34 عضوا، ثم عينته في 20 يناير/كانون الثاني 2016 نائبا لرئيس الوفد الممثل للمعارضة في مفاوضات جنيف مع النظام السوري تحت إشراف الأمم المتحدة.
برهان غليون
ولد برهان غليون في 11 فبراير/شباط 1945 بمدينة حمص، وهو أكاديمي وسياسي سوري معارض، برز بشكل لافت إبان الثورة السورية -المطالبة بإسقاط نظام بشار الأسد- زعيما للمعارضة، حيث وقع عليه الاختيار رئيسا للمجلس الوطني الانتقالي السوري، قبل إنشاء الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.
اختير غليون رئيسا للمجلس الوطني الانتقالي السوري الذي شكلته مجموعة من الشخصيات السورية المعارضة اجتمعت في أنقرة في نهاية أغسطس/آب 2011، وذلك قبل أن يُعلَن في العاصمة القطرية الدوحة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 التوصل إلى اتفاق نهائي يقضي بتوحيد صفوف المعارضة السورية تحت لواء كيان جديد هو “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”.
أحمد معاذ الخطيب
ولد أحمد معاذ الخطيب عام 1960 في دمشق، والده الشيخ محمد أبو الفرج خطيب دمشق وأحد وجوه العلم فيها. له أخوان وأخت، ومتزوج ولديه 4 أبناء.
ارتبط اسمه بالمعارضة السورية منذ انطلاق الاحتجاجات ضد حكم الرئيس بشار الأسد، حيث اعتقلته السلطات السورية مرات عدة على خلفية مشاركته في المظاهرات المناوئة للنظام.
وكانت خطبه من منبر الجامع الأموي في دمشق وفي مجالس العزاء رسائل احتجاج على سياسة النظام، وجلبت له متاعب مع أجهزة الأمن السورية التي دأبت على استدعائه للتحقيق معه مرات عديدة في عامي 2011 و2012.
أسعد مصطفى
شغل أسعد مصطفى وهو من ريف حماة عدة مناصب حكومية رفيعة كوزير الزراعة في عهد حافظ الأسد ما بين عامي 1992 و2000، وكان عضوا في مجلس الشعب، وشغل منصب محافظ حماة عام 1985.
وأعلن انشقاقه عن النظام السوري من خلال مقابلة تلفزيونية بثت في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، وانضم للمجلس الوطني السوري في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني 2012 كشخصية وطنية.
عبد الباسط سيدا
معارض سوري من أصل كردي، خبير في الحضارات القديمة، وصاحب مؤلفات عدة في المسألة الكردية والفكر العربي. ترأس عام 2012 المجلس الوطني السوري المعارض الذي أنشئ لتنسيق جهود المعارضة السورية.
ولد عبد الباسط سيدا عام 1956 في مدينة عامودا بمحافظة الحسكة ذات الغالبية الكردية، ويُعد من المجموعة الأولى التي عملت على تأسيس المجلس الوطني السوري في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2011، وكان عضوا في المكتب التنفيذي للمجلس ورئيس مكتب حقوق الإنسان فيه، وانتخب في العاشر من يونيو/حزيران 2012 رئيسا للمجلس الوطني السوري المعارض.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية
———————————–
الائتلاف الوطني السوري يدعو لفترة انتقالية من 18 شهرا
8/12/2024
أعلن الائتلاف الوطني السوري المعارض اليوم الأحد أنه يعمل من أجل تشكيل هيئة حكم انتقالية ذات سلطات تنفيذية كاملة بعيد انهيار نظام بشار الأسد.
وقال الائتلاف -في بيان- إن هيئة الحكم الانتقالية يجب أن تشارك فيها جميع القوى الوطنية دون إقصاء من أجل إرساء سوريا حرة وديمقراطية وتعددية.
كما قال إنه يتطلع لبناء شراكات إستراتيجية مع دول المنطقة والعالم بهدف إعادة بناء سوريا.
وفي السياق، دعا رئيس الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة اليوم إلى فترة انتقالية مدتها 18 شهرا لتوفير بيئة آمنة ومحايدة وهادئة من أجل إجراء انتخابات حرة.
ونقلت وكالة رويترز عن البحرة قوله على هامش منتدى الدوحة إنه يتعين وضع مسودة دستور خلال 6 أشهر على أن تكون أول انتخابات تجرى بموجبه استفتاء عليه.
بيان صحفي
الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية
دائرة الإعلام والاتصال
8 كانون الأول 2024
بيان انتصار الشعب السوري وإسقاط نظام الأسد
يهنئ الائتلاف الوطني السوري الشعب السوري العظيم جميع أبنائه وبناته بتحرير سورية من نظام الأسد المجرم، بعد 14 عاماً من النضال السلمي… pic.twitter.com/qDPiaRzynS
— الائتلاف الوطني السوري (@SyrianCoalition) December 8, 2024
وتابع القيادي السوري المعارض أن الدستور سيحدد ما إذا كانت سوريا ستتبنى نظاما برلمانيا أو رئاسيا أو مختلطا، وأنه على هذا الأساس ستُجرى الانتخابات ويختار الشعب زعيما له.
وقال رئيس الائتلاف الوطني السوري إنه شعر بالارتياح لسقوط الأسد، وكذلك “بقليل من الحزن” لأنه كان يجب محاسبته على كل الجرائم التي ارتكبها قبل فراره من سوريا.
في غضون ذلك، أعلن الائتلاف الوطني السوري يوم الثامن من ديسمبر/كانون الأول عيدا وطنيا لسوريا، واصفا إياه بأنه يوم انتصار الشهداء والضحايا والمعتقلين والمهجّرين والمظلومين، ويوم انتصار الحق والعدالة على الإجرام والظلم، بحسب ما ورد في بيان نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
—————————-
“انهيار” اتفاق فض الاشتباك في الجولان.. ماذا يعني تصريح نتانياهو؟
الحرة / خاص – واشنطن
08 ديسمبر 2024
يثير إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الأحد، انهيار اتفاق “فض الاشتباك” مع سوريا بشأن الجولان تكهنات بشأن الهدف من هذه الخطوة، وقانونيتها في ضوء الوضع الراهن في سوريا مع وصول قوى المعارضة إلى دمشق، وفرار رئيس النظام، بشار الأسد.
وكان نتانياهو أعلن في كلمة، الأحد، انهيار الاتفاق الخاص بالمنطقة العازلة الذي أبرم عام 1974 مع سوريا، وأمر الجيش بـ”الاستيلاء” على المنطقة العازلة حيث تنتشر قوة الأمم المتحدة، جنوب غربي سوريا، وذلك عقب سقوط الأسد.
وأعلن الجيش الإسرائيلي انتشار قواته في المنطقة، مشيرا في بيان إلى أنه “في ضوء الأحداث في سوريا وبناء على تقييم الوضع وإمكانية دخول مسلحين إلى المنطقة الفاصلة العازلة، نشر جيش الدفاع قوات في المنطقة الفاصلة العازلة، وفي عدة نقاط دفاعية ضرورية”.
وفي كلمته، أشار نتانياهو إلى أن الوضع الحالي “يخلق فرصًا جديدة ومهمة جدًا لدولة إسرائيل. لكنها أيضا لا تخلو من المخاطر”.
وأوضح: “نحن نعمل أولا وقبل كل شيء لحماية حدودنا. وقد تمت السيطرة على هذه المنطقة منذ ما يقرب من 50 عامًا من خلال المنطقة العازلة التي تم الاتفاق عليها عام 1974، وهي اتفاقية فصل القوات (فك الاشتباك)”.
وتابع: “انهار هذا الاتفاق وتخلى الجنود السوريون عن مواقعهم. وبالتعاون مع وزير الدفاع، وبدعم كامل من الكابينيت، أصدرت تعليماتي أمس للجيش الإسرائيلي بالاستيلاء على المنطقة العازلة ومواقع القيادة المجاورة لها. ولن نسمح لأي قوة معادية بأن تستقر على حدودنا”.
الأسد هرب بطائرة من سوريا، الأحد – أسوشيتد برس
أول إعلان رسمي.. روسيا تكشف مكان تواجد الأسد
بعد ساعات من التكهنات، أعلن الكرملين، الأحد، رسميا تواجد الرئيس السوري السابق بشار الأسد، في روسيا.
والجولان تمتد على مساحة نحو 800 كيلومتر مربع، وهي موطن لنحو 20 ألف من الطائفة الدرزية ونحو 25 ألف إسرائيلي منتشرين في أكثر من 30 مستوطنة.
واحتلت إسرائيل القسم الأكبر من مرتفعات الجولان خلال حرب عام 1967 ثم ضمتها لاحقا في خطوة لم تعترف بها غالبية المجتمع الدولي.
واتفاقية فك الاشتباك أبرمت في 31 مايو 1974 بين سوريا وإسرائيل بجنيف، بحضور ممثلين عن الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق، بغرض الفصل بين القوات السورية والإسرائيلية في المنطقة. وأنشأ الاتفاق منطقة عازلة، فضلا عن منطقتين متساويتين من القوات والأسلحة المحدودة للطرفين على جانبي المنطقة.
وتتولى المنطقة العازلة بعثة لحفظ السلام مفوضة بمراقبة الاتفاق الذي جاء بعد أشهر من القتال في حرب شنتها القوات المصرية والسورية على إسرائيل في أكتوبر 1973.
د
استولى الجيش الإسرائيلي على الجانب السوري من جبل الشيخ بهضبة الجولان، الأحد، بحسب ما نقل مراسل الحر عن إذاعة الجيش الإسرائيلي.
وتقول الأمم المتحدة إنها أنشأت قوة لحفظ السلام في 31 مايو 1974 “بعدما ازدادت حالة عدم الاستقرار في إسرائيل وسوريا، وكثافة إطلاق النار وذلك في أوائل مارس 1974، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 350 (1974) لمتابعة إتفاقية فض الاشتباك بين القوات الإسرائيلية والسورية في الجولان.
ومنذ عام 1974، تقوم قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المعروفة باسم “يوندوف” بدوريات في المنطقة العازلة بين المنطقتين الخاضعتين للسيطرة الإسرائيلية والسورية.
وفي حين تظل إسرائيل وسوريا في حالة حرب رسميا، فقد ساد الهدوء المنطقة نسبيا، بمساعدة بعثة حفظ السلام، التي استمرت بعملها في المنطقة حتى الآن، رغم الخروق التي حدثت مع تصاعد النشاط العسكري في المنطقة.
وجددت الأمم المتحدة تفويض عمل القوات أكثر من مرة، آخرها في يونيو 2024، عندما قرر مجلس الأمن الدولي تمديد ولايتها حتى 31 ديسمبر الجاري، ودعا سوريا وإسرائيل إلى “الاحترام الدقيق والكامل لشروط اتفاق فك الاشتباك عام 1974، وطلب مجلس الأمن من الأمين العام للأمم المتحدة ضمان توفير القدرة والموارد اللازمة للقوة لتنفيذ ولايتها بطريقة آمنة”.
وتعتبر إسرائيل مرتفعات الجولان هامة لأمنها القومي، وتقول إنها بحاجة إلى السيطرة على المنطقة للدفاع عن نفسها من التهديدات من سوريا، والجماعات الإيرانية بالوكالة هناك.
وفي نوفمبر الماضي، اتهمت الأمم المتحدة إسرائيل بارتكاب “انتهاكات جسيمة” للاتفاق بعدما شاركت في “أنشطة هندسية ” تتعدى على منطقة عازلة رئيسية في مرتفعات الجولان.
وصل دمشق.. من هو “الجولاني” الذي يتصدر المشهد السوري الآن؟
اسمه أحمد الشرع، لكننا عرفناه بـ “الجولاني”، درس الطب وقاتل في صفوف تنظيم القاعدة، تصنفه الولايات المتحدة إرهابيا لكنه يقول إنه تصنيف “غير عادل.”
وفي أعقاب قرار نتانياهو، الأحد، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنه أصدر مع نتانياهو تعليمات للجيش بالسيطرة على المنطقة العازلة ونقاط المراقبة، من أجل ضمان حماية جميع المستوطنات الإسرائيلية.
وفي بيان لاحق، قال الجيش إنه “تقرر فرض منطقة عسكرية مغلقة ابتداء من اليوم (الأحد) في المناطق الزراعية في منطقة ماروم جولان، هين زيفان وبقعاتا وخربة عين حور”. وأورد الجيش أنه “تقرر … أن تكون الدراسة اليوم (الأحد) عن بعد” في أربع قرى درزية في شمال هضبة الجولان.
وأصدر المتحدث باسم الجيش تحذيرا عاجلا إلى السكان في جنوب سوريا في قرى وبلدات أوفانية، والقنيطرة، والحميدية، والصمدانية الغربية، والقحطانية بأن “القتال داخل منطقتكم يجبر جيش الدفاع على التحرك ولا ننوي المساس بكم. من أجل سلامتكم عليكم البقاء في منازلكم وعدم الخروج حتى إشعار آخر”.
وأفاد مراسل الحرة في القدس بأن الجيش الإسرائيلي استولى على الجانب السوري من جبل الشيخ في الجولان.
وفي تصريحات لموقع الحرة، قال المحلل السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان، إن إسرائيل “عادت واحتلت جبل الشيخ الذي كان تحت سيطرة سوريا، وهو ما يعني أن إسرائيل توغلت في الأراضي السورية مسافة 14كيلومترا”.
ويضيف: “هناك منطقة عازلة تضم خمس قرى سورية طلب الناطق باسم الجيش من سكانها عدم مغادرة منازلهم حت إشعار آخر، بمعني أنه ستكون منطقة عازلة لمنع دخول عناصر غريبة من الفصائل المسلحة إلى الحدود الإسرائيلية، وهذا ما قصده رئيس الوزراء عندما قام بزيارة إلى الحدود بين إسرائيل وسوريا”.
وعما إذا كانت إسرائيل ستنسحب من المنطقة لاحقا، قال نيسان إن هذا موضع تكهنات، لكن حاليا إسرائيل “وجهت تحذيرا إلى الفصائل المختلفة في سوريا من أنهم إذا اقتربوا من الحدود الإسرائيلية السورية فسوق تتعامل إسرائيل معهم (بصرامة)”.
ومن جانبه، قال الخبير في القانون الدولي، أيمن سلامة، لموقع الحرة إن المنطقة العازلة مع الجولان تختلف عن المنطقة العازلة في محور فيلادلفيا، على حدود غزة ومصر، لأن الأخيرة انشأت بموجب تفاهمات ثنائية مصرية إسرائيلية عام 2005 بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة.
أما اتفاقية الجولان فهي بموجب بقرار من مجلس الأمن ملزم كافة أعضاء الأمم المتحدة، لذلك فإن الحديث عن انهيار الاتفاقية يعد “انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن وقواعد القانون الدولي”.
ويضيف “تغير الحكومات والأنظمة السياسية ليس أساسا قانونيا للتحلل من القرارات والمعاهدات الدولية. نحن لسنا بصدد فقط اتفاقية، ولكن بصدد قرار من مجلس الأمن، هو القرار 350 الصادر في 31 مايو 1974، ومن ثم أن تنتهك إسرائيل، الدولة العضو في الأمم المتحدة، قرارات مجلس الأمن الملزمة لكافة الأعضاء وليس إسرائيل وسوريا فقط فهذا خرق جسيم للقانون الدولي، وعدم اكتراث بقرارات مجلس الأمن في هذا الشأن”.
الحرة / خاص – واشنطن
——————–
“ماذا أقول للأسد؟” رئيس وزراء سوريا يفضح النظام السابق
الحرة / خاص – واشنطن
08 ديسمبر 2024
كشف رئيس حكومة تصريف الأعمال السورية، محمد غازي الجلالي، عن تفاصيل من اللحظات الأخيرة لنظام بشار الأسد، الذي سقط بعد وصول قوات المعارضة المسلحة إلى قلب دمشق مساء الأحد.
وقادت فصائل من المعارضة السورية المسلحة، على رأسها هيئة تحرير الشام، التي تصنفها واشنطن إرهابية، هجوما عسكريا خاطفا بدأ من إدلب وانتهى بإسقاط النظام في دمشق خلال أيام قليلة.
وفور سقوط النظام، أعلن زعيم الهيئة أحمد الشرع، الملقب بأبي محمد الجولاني، أن الجلالي سيقود الإدارات والمؤسسات السورية خلال الفترة الانتقالية.
وفيما يتعلق بتفاصيل اللحظات الأخيرة للنظام، قال الجلالي في تصريحات لقناة “الحرة”، إن مساء الأحد شهد انسحابات للقوات الأمنية والعسكرية بشكل كبير من دمشق، ولم تكن لدى هؤلاء رغبة في القتال، مما فتح الباب أمام فصائل المعارضة المسلحة للوصول سريعا إلى قلب دمشق من جهات عدة.
وأضاف الجلالي أن الأسد لم يتواصل مع الحكومة السورية بأي شكل من الأشكال قبل مغادرة دمشق في الساعات الأولى من فجر الأحد. وقال إنه لا يمتلك أي معلومات عن الجهة التي هرب إليها الأسد.
وقال الجلالي إنه لم يلتق بعد بالشرع (الجولاني)، وإنه التقى أحد فصائل المعارضة السورية المسلحة الذي كان ينشط في الجنوب السوري.
وتحدث رئيس حكومة تصريف الأعمال السورية عن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت المستشارين الإيرانيين في سوريا الذين كان لهم دور كبير في صمود نظام الأسد أمام المعارضة السورية المسلحة لسنوات.
وقال إن الأسد أجهض جميع محاولات التقارب مع الدول العربية والدول الإقليمية، وأشار إلى “خصائص في شخصية الأسد” منعته من تحقيق هذا التقارب.
وكانت هناك محاولات من تركيا لتقريب علاقاتها مع الأسد برعاية روسية، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل نتيجة تمسك الأسد بشروط لم تقبل بها تركيا وعلى رأسها انسحاب قواتها من شمال سوريا.
وكشف الجلالي عن الدور الهامشي الذي تقوم بها الحكومات السورية، إذ قال إن الوزراء ورئيس الوزراء ليسوا سوى موظفين لدى النظام فقط وهناك “حاجز بينهم وبين الرئيس”.
وأشار رئيس حكومة تصريف الأعمال السورية إلى الجهود الاقتصادية التي كان يحاول تبنيها لتحسين معيشة السوريين مثل تحرير الاقتصاد السوري الذي كان يعاني من مشكلات كبيرة عبر خطط لإصلاح القطاع الزراعي والصناعي وخصخصة تلك المشاريع.
واعتبر الجلالي أن ما ينتظر سوريا سيكون أفضل بكل الأحوال بسبب المرحلة المتردية جدا التي وصل إليها الاقتصاد السوري، مؤكدا أن أي تغيير سيكون لصالح السوريين. وقال إن لدى السوريين شعور حقيقي بأن “إخوتهم الذين ثاروا سيعملون لتحسين أوضاعهم.”
وعند سؤال رئيس حكومة تصريف الأعمال عن رسالة يوجهها إلى الأسد بعد فراره، قال إنه يعجز عن إيجاد الكلمات المناسبة، وأن ما يود أن يقوله لا يمكن أن يكون مناسبا في مثل هذه المقابلات.
الحرة / خاص – واشنطن
———————
رجالات الأسد الذين اختفوا معه.. من هم؟
ضياء عودة – إسطنبول
08 ديسمبر 2024
لم يختفِ بشار الأسد وحده بعد إسقاط نظامه في سوريا، بل انضم إليه رجالات أمن وعسكريين كبار، طالما ارتبطت أسماؤهم بجرائم حرب وضد الإنسانية وبالأفرع الأمنية والسجون التي يبحث آلاف السوريين الآن عن أبنائهم فيها.
ومنذ إعلان سقوط النظام في دمشق، فجر الأحد، تضاربت المعلومات المتعلقة بالوجهة التي ذهب إليها بشار الأسد، وفي حين رجحت وسائل إعلام أن يكون فر إلى موسكو لم يؤكد الجانب الروسي أو ينفي هذه المعلومات حتى الآن.
كما تضاربت المعلومات بشأن مصير الطائرة التي أقلته ليلة السبت-الأحد من دمشق.
“حرام عليك يا بشار”.. وزير العدل السوري يتحدث للحرة
عبر وزير العدل السوري أحمد السيد عن أسفه لما كان يحدث في السجون السورية من انتهاكات وبخاصة في سجن صيدنايا.
ومن أبرز رجالات الأسد الأمنيين الذين لم تعرف الوجهة التي فروا إليها، علي مملوك، الذي كان يشغل منصب مستشار الرئيس لشؤون الأمن الوطني لبشار الأسد، وشقيق الأخير ماهر الأسد الذي يقود منذ عقود قوات “الفرقة الرابعة مدرعات”.
وبالإضافة إلى هذين الاسمين يبرز اسم علي محمود عباس وزير الدفاع، وعبد الكريم محمود إبراهيم رئيس هيئة الأركان العامة، وكفاح ملحم رئيس مكتب الأمن الوطني.
ويضاف إلى الأسماء أيضا قحطان خليل رئيس شعبة المخابرات العسكرية، ومنذر سعد إبراهيم رئيس هيئة العمليات، وسهيل نديم عباس مدير إدارة العمليات في جيش الأسد.
وكان من المفترض، كما كان معروفا منذ سنوات في سوريا أن تكون مهمة حماية القصر الجمهوري في دمشق موكلة لقوات “الحرس الجمهوري” و”الفرقة الرابعة” و”القوات الخاصة”.
لكن، ومنذ لحظة الإعلان عن إسقاط النظام السوري، لم ير السوريون ولم تلتقط وسائل الإعلام العربية والمحلية أي وجود للوحدات الثلاث المذكورة.
إيران كانت حليفة الأسد في قمع شعبه على مدار سنوات
أول تعليق رسمي لإيران بعد سقوط حليفها الأسد
في أول تعليق رسمي لإيران بعد سقوط نظام بشار الأسد، دعت طهران إلى إنهاء الصراعات العسكرية والبدء بحوار وطني بمشاركة الجميع.
وعلى العكس دخل مسلحون معارضون إلى القصر الجمهوري الذي كان يقيم فيه الأسد بجبل قاسيون، ودخلوا أيضا إلى “قصر الشعب”، فيما انتشرت تسجيلات مصورة عن نفق كبير تم حفره تحت مقر إقامة ماهر الأسد، وبدا مجهزا بمستلزمات كبيرة وعلى طراز رفيع.
وفي غضون ذلك، تضم الأسماء التي اختفت مع بشار الأسد قائد الحرس الجمهوري غسان إسكندر طراف وسهيل فياض أسعد قائد الفيلق الأول في جيش الأسد، إضافة إلى محمد خليف المحمد قائد الفيلق الثاني وأحمد يوسف معلا قائد الفيلق الثالث.
كما لم يعرف مصير كل من الهيثم عساف قائد الفيلق الرابع، وعمران محمود عمران قائد الفيلق الخامس، وصالح العبد الله قائد الفرقة 25، إلى جانب سهيل الحسن قائد القوات الخاصة، وغيث ديب رئيس شعبة الأمن السياسي وحسام لوقا مدير إدارة المخابرات العامة.
اعتبر المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنور قرقاش، الأحد أن سوريا ليست في مأمن بعد، وأنه لا يزال وجود التشدد والإرهاب مصدرا أساسيا للقلق.
ولا تعرف الخطوات التي ستشهدها سوريا على صعيد إدارة البلاد في مرحلة ما بعد الأسد.
وبينما يدور الحديث عن فترة انتقالية تتولاها قيادة جديدة تغيب التفاصيل المتعلقة بالأطراف السياسية والعسكرية التي ستقود الدفة إلى الأمام.
——————–
“حرام عليك يا بشار”.. وزير العدل السوري يتحدث للحرة
الحرة – واشنطن
08 ديسمبر 2024
عبر وزير العدل السوري أحمد السيد عن أسفه لما كان يحدث في السجون السورية من انتهاكات، وخاصة في سجن صيدنايا الواقع بريف دمشق.
وقال الوزير في تصريحات خاصة للحرة، الأحد، أن مصير المختطفين قسريا لا يزال مجهولا، وأردف: “أنا في الحكومة منذ 4 سنوات، ومصير المختفين قسريا لا أعلم عنه شيئا” يأتي هذا بعد ساعات من إعلان قوات هيئة تحرير الشام السيطرة على دمشق، و”هروب” الرئيس السوري بشار الأسد.
وعبر وزير العدل السوري السيد عن تفاؤله بعد التطورات الأخيرة، وقال “لدي ثقة مطلقة بأن العدالة ستسود في سوريا الجديدة.”
وألقى السيد باللوم على الرئيس الأسد، فيما آلت إليه الأوضاع في البلاد، وقال للحرة: “حرام عليك ما فعلته بسوريا يا بشار الأسد.”
——————————-
سجن صيدنايا.. تاريخ من التعذيب والوحشية والإعدامات
الحرة – دبي
08 ديسمبر 2024
تمكن مقاتلو المعارضة السورية المسلحة، صباح الأحد، من دخول سجن صيدنايا وتحرير كافة المساجين بداخله، وهو سجن اشتهر بعمليات التعذيب والوحشية خلال سنوات حكم النظام السوري المنهار.
تأسس في ثمانينيات القرن الماضي، وأطلقت عليه “منظمة العفو الدولية” قبل سنوات وصف “المسلخ البشري”، والسجن الذي “تذبح فيه الدولة السورية شعبها بهدوء”.
ويعتبر “صيدنايا” واحدا من “أكثر الأماكن سرية في العالم”، ولطالما بث اسمه “الرعب في قلوب السوريين”. وهؤلاء ارتبط ذكر هذا المكان عندهم بفقدان الأحبة وغيابهم، بينما حفر في ذاكرة المجتمع الكثير من الأسى، وفق “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”.
وخلص تحقيق عملت عليه الرابطة لعام كامل ونشرته في أكتوبر 2022، إلى إثبات دور مشفى تشرين العسكري والقضاء، بأن الأول يظهر كمكان للتصفية بشهادة الوفاة، والثاني كـ”جهة إصدار حكم الإعدام”.
“أكثر المراكز سرية في العالم”.. سجن صيدنايا لم يعد “ثقبا أسود”
لم يعد سجن صيدنايا العسكري في سوريا “ثقبا أسودا” كما كان لسنوات طويلة منذ تأسيسه في ثمانينيات القرن الماضي، إذ كشف تحقيق مطول بالتفاصيل الدقيقة ما يجري خارج أسواره وداخلها، وهيكليته وعلاقاته التنظيمية مع بقية المؤسسات الأمنية التابعة للنظام السوري.
وتم إعداد التحقيق بناء على 31 مقابلة مع أشخاص عملوا داخل “صيدنايا”، وضباط منشقين عن النظام السوري كانوا على أسواره ضمن القوات المسؤولة عن حمايته، إضافة إلى معتقلين سابقين اعتقلوا في أوقات متفرقة.
الحراسة
واستعرض في أجزائه الأولى الحراسة الخارجية التي تحيط بـ”صيدنايا”، والجهات المسؤولة عنها وأماكن توزعها وأدوارها وحقلي الألغام، ومن ثم الحراسة الداخلية التي تنتشر بين الأسوار الخارجية والداخلية وبوابات الأبنية.
والأمر كذلك بالنسبة لمفارز الأجنحة التي تكون على احتكاك يومي مع المعتقلين.
وتحدث التحقيق عن 3 مستويات من الحراسة للسجن، الأول يتعلق بحمايته من الخارج ضد أي تهديد خارجي أو عملية فرار للسجناء، بينما الثاني فيرتبط بمساندة المستوى الأول.
في حين تم تخصيص المستوى الثالث لحماية أبنية السجن الداخلية ومراقبة تحركات السجناء وتأمين وجودهم وانضباطهم داخل الأجنحة والمنفردات. وقد تختلف طبيعة الحماية في كل مستوى وفقا للجهة العسكرية المسؤولة عنها (الجيش أو الشرطة العسكرية أو شعبة الاستخبارات العسكرية).
وشرح الجزء الثاني من تحقيق الرابطة الحقوقية عمل مكاتب السجن، بدءا من تلك المعنية بتلبية الحاجات الأساسية من ماء وطعام وكهرباء، وصولا لتلك المعنية بالمشتريات والرعاية الصحية.
ومن ثم انتقل مستعرضا ارتباطات السجن من الخارج مع باقي مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية، سواء المتعلقة بالتبعية الإدارية الرسمية أو العلاقات الشخصية المبنية على المحسوبيات والولاء والقرب من مراكز القوة في النظام السوري.
الموقع والمواصفات
يقع السجن على تلة صغيرة عند بداية سهل صيدنايا، وهي بلدة جبلية تقع على بعد 30 كيلومترا شمال العاصمة دمشق، ويتكون من بنائين: الرئيس القديم (البناء الأحمر)، والبناء الجديد المعروف باسم البناء الأبيض.
وتقدر مساحته بـ1.4 كيلومتر مربع، أي ما يعادل “ثمانية أضعاف مساحة ملاعب كرة القدم الدولية في سوريا مجتمعة”.
ويختلف عن باقي السجون من حيث التبعية ومن حيث الممارسات والقوانين المطبقة فيه، إذ يتبع لوزارة الدفاع السورية، بينما لا تتمتع وزارة العدل بأي سلطة عليه، فيما “لا يستطيع أحد دخوله أو زيارة أي معتقل، من دون إذن الشرطة العسكرية، بعد الحصول على موافقة مسبقة من شعبة الاستخبارات العسكرية”، وفق تحقيق الرابطة الحقوقية.
وخلصت الرابطة في إحدى جزئيات تحقيقها إلى أنه يتبع لجهتين قضائيتين منفصلتين: الأولى هي “القضاء العسكري”، الذي ينظر في الجنايات أو الجنح التي يرتكبها عسكريون، والثانية هي “محكمة الميدان العسكري”.
وقد مرت سوريا بأحداث كبيرة منذ تأسيسه في عام 1987، بينما تعاقب على إدارته عشرة مدراء مختلفين، كان لافتا أنهم ينحدرون من قرى تتبع لمحافظة طرطوس وأخرى لمحافظة اللاذقية، في غرب البلاد.
“فئتان”
وكان النظام السوري يصنف المعتقلين في “صيدنايا” إلى فئتين: الأولى هم الأمنيون، وهم معتقلون مدنيون أو عسكريون، على خلفية رأيهم أو نشاطهم السياسي أو انتمائهم إلى منظمات “إرهابية”، أو القيام بأعمال “إرهابية”، أو حسب “التهم الجاهزة من جانب النظام”.
أما الفئة الثانية فهي الموقوفون القضائيون، وهم من العسكريين المحتجزين بسبب ارتكابهم جنحا أو جرائم جنائية (قتل، سرقة، فساد، اختلاس أموال، فرار من الخدمة الإلزامية).
وهذا الاختلاف في التقسيم ينتج عنه اختلاف في طريقة المعاملة، إذ يوضح التحقيق أن “الأمنيين يتعرضون لتعذيب ممنهج، وكافة سياسات الحرمان من الطعام والرعاية الصحية، أما القضائيين فيتعرضون لتعذيب غير ممنهج، وفي الغالب يتمتعون بزيارة دورية ومستوى مقبول من الطعام والرعاية الطبية”.
وبالعموم كان النظام السوري ينظر إلى المعتقلين في السجن على أنهم “عملاء وخونة”، ولهذا كانوا يجردون من أي اعتبارات إنسانية، ويستباحون تماما.
بين 2011 و2015 كانت الأوضاع بالسجن في غاية السوء، وتراجعت أعداد السجناء داخله بسبب عمليات التصفية. ويذكر التحقيق أن النظام السوري أعدم فيه خلال 10 سنوات من 30 إلى 35 ألف معتقل، بشكل مباشر أو تحت التعذيب، أو بسبب قلة الرعاية الطبية والتجويع.
ودائما ما تكون عمليات الإعدام المباشر بشكل دوري (يومين في الأسبوع)، فيما توضح الرابطة الحقوقية أن “المعتقلين لا يتم إبلاغهم بقرار الإعدام، بل ينقلون مساء لينفذ بهم الحكم في اليوم نفسه أو في اليوم التالي”.
وكان يحضر الإعدام رئيس القلم الأمني ومدير السجن، والنائب العام العسكري في المحكمة الميدانية، واللواء قائد المنطقة الجنوبية، وضابط من شعبة المخابرات، ورئيس فرع التحقيق (248) وأحد أطباء السجن، وأحيانا “رجل دين”، فضلا عن رئيس المحكمة الميدانية العسكرية، وهي الجهة التي يصدر عنها الحكم.
وتحدث التحقيق عن غرفتي إعدام، الأولى في “البناء الأبيض” والثانية في “البناء الأحمر”، وأن العملية تتم “شنقا”. وفي كلا الغرفتين “عدة منصات لذلك”.
“تراتبية لنقل الجثث”
بعد عمليات الإعدام التي كانت تتم داخل السجن على مدى يومين في الأسبوع، كان النظام السوري يعمل “وفق تراتبية بالتدريج” لنقل الجثث، ومن ثم دفنها في مقابر جماعية، حسب ما يورد التحقيق.
وكانت الجثث تنقل بواسطة إدارة الخدمات الطبية في “مشفى تشرين العسكري”، وتدفن أحيانا في منطقة “نجها” بريف دمشق الجنوبي. وقد تدفن في منطقة “قطنا” عند نقطة تقاطع “الفرقة العاشرة” مع “الحرس الجمهوري”، أو في منطقة “القطيفة” غرب “حقل الرمي” التابع للفرقة الثالثة، المسؤولة عن حماية السجن.
وكان يتم التعامل مع الجثث بطريقتين، إذ يوضح التحقيق أن “الجثث الناتجة عن الإعدام تنقل مباشرة إلى المقابر المذكورة بواسطة سيارات عسكرية يطلق عليها اسم سيارة اللحمة، أو في سيارات بيك أب”.
أما الطريقة الثانية فترتبط بالجثث الناتجة عن سقوط الضحايا تحت التعذيب أو بسبب انعدام الرعاية الطبية وتجمّع في السجن. وهنا ولمدة لا تتجاوز 48 ساعة تدفن في غرفة أنشئت بعد 2011 تسمى بـ”غرف الملح”.
في هذه الغرف كانت توضع الجثث ويكون على جبهة كل واحدة رقم وترش بالملح، ومن ثم تنقل بواسطة سيارة نقل المعتقلين إلى مشفى تشرين العسكري، الذي يقوم بمعاينتها وإصدار شهادة وفاة لها، إلى أن تنقل إلى فرع السجون في “الشرطة العسكرية”.
وبعد عملية إصدار شهادة الوفاة يشير التحقيق إلى أن جثث المعتقلين ترسل للدفن في نجها أو قطنا أو القطيفة، وأن العملية تتم في ساعات الصباح الأولى.
ويشكل المدنيون، الذين تجرأوا على مجرد التفكير بمعارضة النظام السوري، الغالبية الساحقة من الضحايا.
وجرى منذ عام 2011 إعدام آلاف الأشخاص خارج نطاق القضاء في عمليات شنق جماعية تُنفذ تحت جنح الظلام، وتُحاط بغلاف من السرية المطلقة.
وقُتل آخرون كثر من المحتجزين في سجن صيدنايا، جراء تكرار تعرضهم للتعذيب والحرمان الممنهج من الطعام والشراب والدواء والرعاية الطبية.
الحرة – دبي
————————–
بشار الأسد… كيف بدأ؟ وكيف انتهى؟/ سامي مبيض
لم يأخذ معه أحدا ولم يودع أحدا ولم يدافع عن أحد
08 ديسمبر 2024
يمكننا القول إن كل الدول الأجنبية التي شاركت في جنازة حافظ الأسد سنة 2000 كانت تبارك في الوقت نفسه توريث ابنه بشار الأسد، ولو أن ذلك جاء بشكل غير مباشر.
حضر الرئيس الفرنسي جاك شيراك، الذي كان أول رئيس دولة يستقبل بشار في قصر الإليزيه قبل أن يكون الأخير رئيساً، وحضرت وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت. وقد عُدّت مشاركتها في الجنازة مباركة لبشار من إدارة الرئيس بيل كلينتون.
قال البعض إن الرئيس السوري الجديد كان محسوباً على الغرب لكونه قد درس في لندن وتزوج من أسماء الأخرس التي عاشت كل حياتها في إنكلترا وكانت من عائلة سنية حمصية محترمة. وقد بدأ عهده في زيارة باريس ومن ثم لندن حيث استقبلته الملكة إليزابيث الثانية، كما قام بسلسلة إجراءت داخلية عكست رغبته في الانفتاح على الآخرين والتخلّص من الإرث الاشتراكي لحزب “البعث”.
سياسات صائبة قتلت من قبل صاحبها
على الصعيد الداخلي، سمح الأسد للرسام العالمي على فرزات بتأسيس صحيفة “الدومري” سنة 2000، لتكون أول جريدة خاصة منذ مجيء حزب “البعث” إلى الحكم سنة 1963. ثم عاد وأغلقها ليس لأنها تطاولت عليه أو على مقام الرئاسة بل لأنها نالت من سمعة رئيس الوزراء محمد مصطفى ميرو. كانت رسالته واضحة: النقد ممنوع في سوريا الأسد. ثم سمح بتأسيس الجامعات الخاصة، قبل أن يعود ويقيّد عملها إداريا ويفرض عليها ضرائب طائلة مع الخنوع التام لسلطة “الاتحاد الوطني لطلبة سوريا” (أحد أجنحة الحزب الحاكم). وكان “ربيع دمشق” سنة 2001، وفيه ظهرت منتديات سياسية وفكرية تدعو إلى “تصحيح النظام” وليس لإسقاطه، ولكن بشار الأسد رد باعتقال معظم من نظّمها وحضرها وكتب عنها بإعجاب.
هذه كانت أبرز صفة من صفات الأسد، التراجع عن كل قرار مفيد، ما جعل البلاد تدخل في حالة من الفوضى التشريعية والقرارات المتضاربة في عهده، استمرت حتى آخر يوم. كان يعلم في ضميره أن أي إصلاح حقيقي سيضرب بنية النظام ويسقطه، سواء كان قضائياً أو تربوياً أو إعلامياً. الصحافة الحرة تسقط النظام … القضاء النزيه يسقط النظام … والتعليم السليم يسقط النظام.
التناقضات في السياسة الخارجية
وعلى الصعيد الخارجي، تأرجح الأسد بين أوروبا وأميركا تارة، وبين الدول العربية وإيران تارة أخرى، قبل أن يجعل من أردوغان (يوم كان الأخير رئيساً للحكومة التركية) حليفاً أول له وصديقاً شخصياً قبل أن ينقلب عليه وتكون له اليد العليا في إسقاطه عام 2024.
كما حاول الأسد بداية أن يقيم علاقات ودّية مع الأشخاص الذين كانت تربط والده بهم علاقة متوترة وشائكة، مثل الرئيس العراقي صدام حسين والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. أرسل رئيس الوزراء محمد مصطفى ميرو إلى بغداد للمساهمة في رفع الحصار عن العراق، وقد جاءته على طبق من ذهب الانتفاضة الفلسطينية الثانية في 28 سبتمبر/أيلول 2000، فرصة لطرح نفسه كقومي عربي متمسك بقضية العرب الأولى فلسطين. وقد أدى دعمه للانتفاضة إلى تعزيز علاقته مع “حماس” ومع “حزب الله”. كما تقرب من إيران من يومها ولكن علاقته معها كانت ندّية في حينها ولم تكن تبعية، وقد استخدم هذه العلاقة للترويج لنفسه كعنصر اعتدال ضمن ما سمّي “محور المقاومة.” تدخل مع الفصائل العراقية مثلاً لإطلاق سراح الرهائن الأجانب المحتجزين في العراق بعد سقوط نظام صدام سنة 2003، وفي سنة 2007 تدخل مرة ثانية لإطلاق سراح 15 بحّاراً بريطانياً احتجزوا في المياه الإقليمية الإيرانية.
ولكن حتى هذا الدور– الاعتدال– لم يكن مقنعاً، وكانت سوريا تسهّل التحاق المجاهدين العرب والمسلمين بـ”المقاومة السنيّة” في العراق لضرب المصالح الأميركية. سار إعلامه الرسمي والموجه على نهج أبيه في انتقاد كل الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ولكنه استثنى قطر نظراً لصداقته الشخصية مع أميرها الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني. هاجم الإخوان المسلمين من جهة ووصفهم بـ”إخوان الشياطين”، ولكنه فتح أبوابه لحركة “حماس” واحتضنها حتى بداية الاحتجاجات الشعبية سنة 2011. وعندما أتيحت له فرصة الدخول في مفاوضات جدية مع إسرائيل سنة 2008 (بوساطة تركيا)، كادت أن تكون “حماس”، ومعها “حزب الله”، من أول ضحاياه.
أحداث 11 سبتمبر
بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية سنة 2000 جاءت أحداث 11 سبتمبر 2001 التي أعطت الأسد فرصة ذهبية لنسج علاقة جيدة مع أميركا في عهد الرئيس جورج بوش. وقد بدا وكأنه سيجيد فعلاً استخدام هذه الفرصة يوم قدّم معلومات استخباراتية دقيقة لوكالة “أف بي أي”عن نشاط الإخوان السوريين الذين دخلوا في تنظيم “القاعدة”، ومعظمهم كانوا من الهاربين من بطش “البعث” في نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات.
وقد ساعدت هذه المعلومات الاستخباراتية الدقيقة، حسب خبير الشؤون السورية في وزارة الخارجية الأميركي ريتشارد أيردمان: “سوريا أنقذت حياة أميركيين بتعاونها”. ولكن هذا التعاون لم يستمر طويلاً بسبب رفض الأسد المشاركة في حرب أفغانستان ضد تنظيم “القاعدة” في أكتوبر/تشرين الأول 2001، وتعامله بفوقية مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أثناء زيارته إلى سوريا بعد تلك الحرب بأيام معدودة.
العلاقة مع العراق
كان العراق حاضراً في سياسة بشار الإقليمية، منذ أن ورث سياسة الانفتاح عن أبيه وقام بتطويره عبر محاولات فك الحصار (2000-2002) ومن ثم رفض الغزو الأميركي سنة 2003. شبّهه كثيرون بصدام حسين، نظراً لتقارب نظاميهما “البعثيين”، مع أنه أرسل المجاهدين إلى العراق، إلا أنه وفي المقابل استفاد كثيراً من النظام الجديد المحسوب على إيران، الذي أنتج رؤوساء الوزراء إبراهيم الجعفري ونوري المالكي وغيرهما من السياسيين الشيعة من “حزب الدعوة الإسلامية” و”المجلس الأعلى للثورة الإسلامية”، كانوا إما يترددون على دمشق أو يقيمون فيها أثناء فترة حكم صدام. الكثير من هؤلاء كانوا من صنيعة إيران، وقد شكّلوا ميليشيات عسكرية لتصفية الشخصيات السنية والبعثية، تراوحت بين “جيش المهدي” و”ميليشيا بدر”، قبل تطويرها وتسليحها وزجها في الحرب السورية بأسماء مختلفة، مثل “الحشد الشعبي” و”حركة النجباء” و”كتائب حزب الله”. وقد وجدت هذه الميليشيات قاسماً مشتركاً مع بشار الأسد عند ظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) سنة 2014، ولكنها لم تتدخل لدعمه في حربه الأخيرة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني قد عرض وساطة بين الأسد وأردوغان منتصف عام 2024، ولكن الأول رفض الاستجابة له.
العلاقة مع “حزب الله”
وقد ربطت الأسد علاقة وثيقة بأمين عام “حزب الله” حسن نصرالله، وعلاقة متوترة جداً مع رئيس الوزراء رفيق الحريري. كان الأسد لا يحب الحريري لأن الأخير كان يعتبره غراً في السياسة، لا يجيد المساومة ولا المراوغة ولا الصدق، وطالما نقل عنه القول: “كان حافظ الأسد يجتمع معنا ونخرج من عنده سعداء قانعين. كان يلفنا جميعاً بعباءته وهذا الشاب لا يمكنه أن يفعل ذلك”. ثم حصلت مواجهة بين الأسد والحريري حول التجديد لولاية الرئيس اللبناني إميل لحود، المحسوب على “حزب الله”. رفض الحريري التمديد وقال إن لحود رجل عسكري لا يتلاءم مع التركيبة الديمقراطية والسياسية للمجتمع اللبناني، ولكن الأسد هدده بالقتل وأوعز إلى رئيس المخابرات السورية في لبنان رستم غزالي أن يهدده أيضاً، وأن يهينه، ويتهمه بالوقوف أمام القرار الأممي 1559 الذي دعا إلى نزع سلاح “حزب الله” من جهة، وخروج القوات السورية من لبنان. وفي 14 فبراير/شباط نفذ التهديد وقتل رفيق الحريري في انفجار كبير وسط بيروت واتهم “حزب الله” ومن خلفه سوريا بالضلوع في هذه الجريمة.
تشكّلت لجنة تحقيق دولية، وفي سنة 2020 أصدرت حكمها على أحد عناصر “حزب الله” الذي رفض حسن نصرالله تسليمه. ومن ضحايا جريمة الحريري أيضاً كان وزير الداخلية السوري غازي كنعان، وهو مدير المخابرات السورية الأسبق في لبنان، الذي “انتحر” في 12 أكتوبر 2005، وقيل إنه “نحر” من قبل الأسد نفسه، وذلك بعد استجوابه من قبل المحقق الدولي الألماني ديتليف ميليس. كان غازي كنعان من أكثر الضباط العلويين نفوذاً وسلطة، ولو حصل انقلاب عسكري في سوريا لكان أحد المرشحين للقيام به ولكنه قتل كما قتل صهر الرئيس آصف شوكت من بعدها سنة 2012، وهو الذي لصقت جريمته على “الفصائل الإرهابية المسلحة” في مطلع الثورة السورية.
الثورة السورية
وعند اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد بشار الأسد في 15 مارس/آذار 2011، ظن البعض أن الرئيس “المصلح” سيقود حركة تصحيحية جديدة ضد الفساد وحزب “البعث”، على غرار حركة أبيه سنة 1970. ظنّوا أنه سيقول: “أنا معكم ومتألم مثلكم لقضايا المحسوبية والإهمال، والرشوة، والفساد، وهيمنة ابن خالي رامي مخلوف على كل مفاصل الاقتصاد السوري”. انتظر الأسد حتى نهاية شهر مارس 2011 لإلقاء خطابه الأول أمام أعضاء مجلس الشعب، وبدلاً من تهدئة المتظاهرين وتلبية مطالبهم التي لم تكن في وقتها تتضمن “إسقاط النظام”، استخف بهم الأسد ووصفهم بالمندسين والعملاء– حتى الجراثيم. بدلاً من احتوائهم، أطلق يد ميليشياته في قمعهم ونقلهم إلى الأفرع الأمنية، حيث مات الآلاف تحت التعذيب. وعندما اشتدت المظاهرات وبدأت المدن تسقط الواحدة تلو الأخرى، طلب دعماً عسكرياً من “حزب الله” أولاً ومن الميليشيات الطائفية الإيرانية ثانياً، وأخيراً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سنة 2015. جميعهم تجاوبوا فوراً وقاموا بتعويم الأسد عسكرياً وسياسياً طيلة تسع سنوات. استعاد له الجيش الروسي ريف دمشق، ومدينة تدمر الأثرية، وحلب ودير الزور ودرعا. وفي المقابل، حاول بوتين إقناعه بالدخول في حوار سياسي جاد مع أردوغان فرفض، وطلب إليه محاورة المعارضة السورية، فقال لا.
اقتصر الدعم الروسي على الشؤون العسكرية فقط، ولم يتدخلوا في الأمور الاقتصادية، ولم يقدموا للنظام لا الكهرباء ولا الفيول. بقيت هذه مهمة إيران، وفي المقابل طالبت بدورها بامتيازات عسكرية واقتصادية، ولكن الأسد رفض إعطاءها أي شيء. فانقلبت إيران عليه وتخلّت عنه، تماماً كما تخلّى عنها وعن “حزب الله” في الحرب اللبنانية الأخيرة. رفضت إيران إرسال قوات لمساندته وكذلك رفضت روسيا، ما عجّل بسقوط الأسد وهروبه خارج البلاد ليلة 7-8 ديسمبر/كانون الأول 2024. ويبدو أنه تأقلم مع فكرة أن يعيش شعبه بلا كهرباء ولا تدفئة، وأن تقصف مدنهم كل ليلة من قبل إسرائيل، وأن تنهب ثرواتهم ولقمة عيشهم، حتى لصغار الكسبة. كل ذلك كان مباحا.
اللافت في الخروج كان صمته المريب، ومغادرته دمشق دون إلقاء كلمة للشعب، ودون مرحلة استلام وتسليم كان من الممكن أن تحفظ له القليل من ماء الوجه. لم يأخذ معه أحدا، ولم يودع أحدا ولم يدافع عن أحد. وبالمقارنة مع حكام سابقين أجبروا على خروج مماثل من بلادهم، يمكننا المقارنة مع ما حدث مع الملك فاروق سنة 1952. اشترط أن يخرج بلباسه العسكري الكامل، وأن يخرج في وداعه أكبر الضباط الأحرار رتبة (اللواء محمد نجيب) وأن يقدم له التحية العسكرية. كما أصر أن يكتب كتاب تنحيه عن المنصب وأن تكون على ورق رسمي يليق بملك مصر والسودان. كل هذه التفاصيل لم تخطر في بال الأسد، وقد فضل الخروج السريع في جنح الظلام، ضارباً عرض الحائط بسوريا وكل من مات فيها من أجله أو بسببه.
———————————-
ملامح متوقعة لفترة انتقالية في سوريا
عنب بلدي
تتجه أنظار السوريين حاليًا نحو مستقبل سوريا السياسي وآلية الإدارة التي ستتم بها خلال الفترة الراهنة، بعد سقوط نظام بشار الأسد، فجر اليوم الأحد، 8 من كانون الأول.
الدكتور زيدون الزعبي، المتخصص في إدارة الجودة والحوكمة، تحدث في بث مباشر عبر “فيس بوك” حول الخطوات القادمة التي قد تمر بها سوريا، مؤكدًا ضرورة استمرارية عمل مؤسسات الدولة، وهو واجب المعارضة، والموظفين الحاليين في هذه المؤسسات.
الزعبي أشار إلى أن الثورات تشهد حالات فوضى، والأمر غير مستغرب، مستشهدًا بهجوم أنصار ترامب على “الكونجرس” في كانون الثاني 2021.
كما لفت إلى أن المظاهر الفوضوية التي حصلت كان سببها المجموعات المحلية وليس فصائل المعارضة، كون المشكلات بمعظمها حصلت في مناطق لم تدخلها الفصائل، مثل مناطق الساحل.
الدكتور زيدون الزعبي يستبعد حل الجيش السوري و”حزب البعث” في ظل توقعات بتشكيل مجلس عسكري انتقالي من جميع الأطراف دون وجود تأكيدات على مشاركة “الإدارة الذاتية” في هذا المجلس من عدمها، مع الحديث عن تطبيق القرار “2254”.
وبحسب الزعبي، فهذه المسألة ستستغرق وقتًا، والجسم العسكري الجديد سيقوم بناءً على التوافق مع مؤسسات المعارضة إلى جانب تشكيل مجلس مدني قبل التوجه لاحقًا لانتخابات.
في غضون ذلك يجب أن تعود القوى الشرطية وقوى الأمن إلى مكانها، مع ضرورة تشكيل مجالس وجهاء في كل حي لتتولى إدارة الأمور ومنع الأعمال الانتقامية أو أعمال النهب، فاللامركزية وتشارك السلطة، جزء أساسي من إدارة البلاد وضمانات لمدنية الدولة.
واعتبر الدكتور الزعبي أن واجب المجتمع المدني، أن يكون صلة وصل بين الناس، للعمل على السلم الأهلي وتوفير إطار تطمين للناس وتوفير احتياجاتها دون تمييز.
الأسد هرب
فجر اليوم، ذكرت وكالة “رويترز” أن الأسد غادر دمشق إلى وجهة غير معلومة، لتعلن إدارة العمليات العسكرية لفصائل المعارضة السورية هروب الأسد، في وقت لاحق، بالتزامن مع إعلانها دمشق حرّة من حكمه داعية السوريين في جميع أنحاء العالم للعودة إلى سوريا الحرة.
وقالت إدارة العلميات العسكرية، “بعد 50 عامًا من القهر تحت حكم البعث، و13 عامًا من الإجرام والطغيان والتهجير، وبعد كفاح ونضال طويل ومواجهة كافة أشكال قوى الاحتلال، نعلن اليوم في 8 من كانون الأول 2024 نهاية هذه الحقبة المظلمة وبداية عهد جديد لسوريا”.
ومع دخول فصائل المعارضة إلى دمشق، دعا القائد العام لإدارة العمليات العسكرية، أحمد الشرع، فصائل المعارضة، إلى حماية الممتلكات العامة وحفظها، كونها ملك للشعب السوري، في سبيل إكمال رسم لوحة النصر لأعظم ثورة عرفها التاريخ الحديث، وفق ما وصفها.
وبعد هروب الأسد، قال رئيس الحكومة السورية، محمد غازي الجلالي، في تسجيل مصور من منزله، إنه سيكون في مقر عمله في رئاسة الوزراء مستعدًا لتسليم مقر الحكومة.
من جهتها، قالت “إدارة العمليات العسكرية”، في بيان وجهته إلى جميع القوات العسكرية في مدينة دمشق، إنه يمنع منعًا باتًا الاقتراب من المؤسسات العامة، والتي ستظل تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى يتم تسليمها رسميًا، كما يمنع إطلاق الرصاص في الهواء.
——————-
معًا لإعادة بناء سورية
8 كانون الأول/ديسمبر ,2024
مبارك لشعب سورية هذا النصر، في صباح هذا اليوم الأحد الثامن من كانون الأول 2024، الذي رَحَلَ فيه الطغاة، لقد فُتِحَ باب الحرية، ويجب ألّا يغلق أبدًا، والرحمة للشهداء الذين ضحوا بأرواحهم، ورحيلُ الطغاةِ عزاءٌ لذويهم.
ومبارك للأسرى المحررين، والأمل بعودة المغيبين، ومبارك للاجئين والنازحين، وقد حانت عودتهم.
لقد انتهى زمن الدمار وبدأ زمن البناء، الذي يحتاج إلى كثير من العمل من قبل جميع السوريين دون استثناء أو إقصاء، لإعادة بناء ما دمره نظام الطغاة.
إنه تحد عظيم يضعه التاريخ أمام شعب سورية، وأمام كل فرد سوري، وعلى السوريين، جماعة وأفرادًا، إثبات جدارتهم بحَملِ ما وضعه التاريخ على كاهلهم.
———————
=============
أحداث 07 كانون الأول 2024
—————————————-
الخيارات تضيق أمام الأسد.. ماذا ينتظر نظامه؟
السبت 07 كانون الأول 2024
التقدم الكبير الذي حققته الفصائل المسلحة في حماة وصولا إلى حمص السورية يضع الشكل العام للنظام السوري على المحك، ومما يزيد من هذه الحالة الصعبة أيضا بالنسبة لرئيسه بشار الأسد هو “الأنباء السيئة” التي ترددت على لسان مسؤولين خلال الساعات الماضية، وعكستها قرارات اتخذتها عدة دول، بينها موسكو.
وتسعى الفصائل المسلحة الآن إلى التوغل داخل مدينة حمص وسط البلاد، من أجل السيطرة عليها والانتقال إلى العاصمة دمشق، كما فعلت قبل يومين في حماة وسابقا في مدينة حلب ثاني أكبر المدن السورية من حيث كثافة السكان.
وفي المقابل كانت فصائل مسلحة أخرى شنت من جنوب سوريا سلسلة هجمات، يوم الجمعة، مما دفع النظام السوري للانسحاب كليا من محافظتي درعا والسويداء، وأكد الأخير ذلك في بيان رسمي نشرته وزارة دفاعه، صباح السبت.
وهذه المرة الوحيدة والاستثنائية بعد إحكام “حزب البعث” قضبته على السلطة في سوريا التي يصل فيها النظام السوري إلى هذه المرحلة. ورغم أنه عاش ظروفا مشابهة بعد عام 2011 لم تكن الصورة العسكرية والسياسية سابقا كما الحالة التي عليها اليوم.
وعلى وقع تقدم الفصائل المسلحة من عدة اتجاهات جنوبا وشمالا اتخذت دول الجوار مع سوريا، بينها الأردن ولبنان قرارات بإغلاق المعابر الحدودية، وفي غضون ذلك دعت موسكو حليفة الأسد الأبرز رعاياها في المحافظات السورية إلى مغادرة البلاد.
وبالتوازي مع ذلك صدرت عدة تصريحات من روسيا وإيران حليفة الأسد الثانية، ولم تشير في غالبيتها إلى أي استعداد على صعيد إنقاذ رئيس النظام السوري وانتشاله من دائرة الخطر التي باتت تضيق عليه بالتدريج في دمشق.
ماذا ينتظر الأسد؟
ويشي الواقع الحالي أن النظام السوري يواجه مشكلة عميقة، وبعدما كانت خسارة حلب وحماة كارثية بالنسبة له، بدأت الآن مناطق أخرى في الخروج عن سيطرته، بحسب ما يقول الخبير في الشؤون السورية بمؤسسة القرن الدولية، آرون لوند.
ويوضح لوند لموقع “الحرة” بالقول: “إذا تمكن النظام من شن معركة من أجل حمص، فربما يكون بوسعه أن يعمل على استقرار وضعه.. ولكن يبدو أن الأمور تسير في الاتجاه الخطأ بالنسبة للأسد”.
ومن شأن خسارة حمص أن تقسم النظام السوري إلى قسمين، وحتى إذا واصل المؤيدون المتشددون القتال فإنهم لا يستطيعون أن يزعموا بشكل موثوق أنهم يشكلون حكومة فعّالة.
ويشير الخبير إلى أن التقارير الأخيرة التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز والتي تفيد بأن المستشارين الإيرانيين يغادرون سوريا “تشكل في الواقع نبأ سيئا للغاية بالنسبة للنظام وأنصاره”.
ويعتقد أنه “من غير المرجح أن يتمكن النظام من تحويل الأمور في غياب الدعم الثقيل والفوري من إيران وروسيا”.
هل من توقعات للمستقبل؟
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤولين لم تكشف هوياتهم أن إيران بدأت في سحب عناصرها وقادتها العسكريين من سوريا، الجمعة، على قع التقدم الذي أحرزته الفصائل المسلحة في المدن الرئيسية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الإجراء يكشف عجز طهران مساعدة بشار الأسد، بينما يواجه هجوما من الفصائل المسلحة المعارضة.
وقال مسؤولون إيرانيون وإقليميون إن من بين القادة الذين تم نقلهم إلى العراق ولبنان، قادة كبار من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى نقل بعض الموظفين الدبلوماسيين الإيرانيين وعائلاتهم المدنيين أيضا، وحتى عاملين في قواعد الحرس الثوري في سوريا.
وتجري عمليات الإجلاء عبر طائرات تتجه إلى طهران، ويغادر آخرون عبر طريق برية إلى لبنان والعراق وميناء اللاذقية السوري.
وقبل هذا التقرير نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مصادر لم تسمها أن “مسؤولين مصريين وأردنيين دعوا الأسد إلى مغادرة البلاد، وتشكيل حكومة في المنفى”، وهو ما نفته السفارة الأردنية في واشنطن بشدة، في بيان شديد اللهجة هاجمت فيه الصحيفة التي دعتها إلى “تصحيح الخطأ”.
كما ذكرت “وول ستريت” أن الدول العربية، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة وقطر، باتت تشعر بقلق متزايد إزاء الانهيار السريع لنظام الأسد، وما قد يترتب على ذلك من زعزعة الاستقرار الإقليمي.
ويوضح الباحث السوري في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، أيمن الدسوقي أن المعارك الأخيرة أظهرت قدرة النظام السوري على حقيقتها دون حلفائه.
كما أحدثت الهزائم تشققات داخله تتنامى تدريجيا، مما خلق حالة عدم يقين بخصوص مستقبل النظام السوري، بحسب حديث الباحث لموقع “الحرة”.
ويرى أن مصير النظام السوري “متروك لحقائق الميدان ومفاوضات الغرف المغلقة وتعاطي النظام معهما”.
وما يزال النظام يراهن على تمسكه بدمشق العاصمة، وهنالك أحاديث بأنه في حال هزيمته في دمشق فإن هنالك خيارات منها الذهاب للساحل والتمترس هنالك، وحتى في حال هزيمته فإن حالته الميليشاوية لن تنتهي قريبا، بحسب ما يضيف الدسوقي.
ويعتقد أن هنالك محاولات يمكن تلمسها بتصريحات مسوؤلي دول إقليمية ودولية، بأن جزء من النظام ضروري للحفاظ على هيكلية مؤسسات الدولية وتجنب سيناريو الانهيار الكلي.
كما أن بقاء جزء من النظام “ضروري لفصل الأسد عن نظامه وعزل الأسد وإفقاده الدعم من نظامه، وزيادة التناقضات لدفعه للقبول بتسوية ما، وإيجاد مخرج له يحول دون أخذ قرار المواجهة للنهاية وما يعنيه ذلك من دمار مؤسساتي ومجتمعي ومادي”.
ويتابع الباحث أن “بقاء جزء من النظام قد يكون واقعيا عقب تجربة إسقاط نطام صدام حسين، وما تبعه من فوضى في العراق ما يزال يعاني من تبعاتها لليوم”.
الحرة
————————-
تمدد الفصائل يُقلق دول الجوار السوري
إسرائيل تتمسك بتحجيم «حزب الله» وإيران… تركيا ترى فرصة سانحة… لبنان يخشى التداعيات… العراق بين نارين… والأردن أمام سيناريو تغيّر مصدر التهديد على حدوده
كميل الطويل
07 كانون الأول 2024
تبدو سوريا، هذه الأيام، على أبواب تغيير كبير في موازين القوى لم تشهده منذ عام 2011، فالزحف السريع لمقاتلي «هيئة تحرير الشام»، بمعاونة فصائل مسلّحة أخرى، من حلب شمالاً باتجاه العاصمة دمشق جنوباً، مروراً بحماة بالأمس، وربما حمص الآن، بات يهدد فعلاً بتغيير جذري في خريطة السيطرة والنفوذ بالبلاد، وهي خريطة كانت شبه ثابتة منذ عام 2020. وواضح أن تمدد الفصائل المسلحة في أجزاء واسعة من سوريا ستكون له تداعيات كبيرة على الداخل السوري، خصوصاً أن هدفها المعلَن قلب نظام الحكم. لكن تداعيات ما يحصل لن تكون محصورة في النطاق السوري المحلي، فثمة قلق واضح في دول الجوار السوري من تقدم الفصائل نحو دمشق، ربما باستثناء تركيا التي شكلت، لسنواتٍ، المظلة التي احتمى تحتها معارضو الرئيس السوري بشار الأسد، والتي ترى في انتصاراتهم ضد قواته فرصة سانحة لتحقيق أهدافها في سوريا.
فما تداعيات ما يحصل في سوريا على دول الجوار؟
تركيا… فرصة مواتية
نأت تركيا، منذ البداية، بنفسها عن هجوم «هيئة تحرير الشام» على حلب، لكنها حمّلت، في الوقت نفسه، حكومة الأسد المسؤولية بسبب رفضها إبرام اتفاق مع معارضيها. قد تكون حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان صادقة فعلاً في نفيها وقوفها المباشر وراء الهجوم الحالي للفصائل. لكن مؤيدي حكومة دمشق سيكون من الصعب، في المقابل، إقناعهم بأن أنقرة لم يكن في وسعها، لو أرادت، منع «هيئة تحرير الشام» من إطلاق معركة حلب. فهذه «الهيئة»، مع فصائل أخرى، كانت تحتمي تحت مظلة الانتشار العسكري التركي في شمال غربي سوريا، على الأقل منذ عام 2020، وهو التاريخ الذي تمكنت فيه حكومة الأسد، بمساعدة روسيا وإيران، من دفع معارضيها باتجاه جزء من محافظة إدلب؛ الجيب الوحيد الذي بقي تحت سيطرة الفصائل المسلحة. كان المعارضون وقتها على شفا الهزيمة، لولا التدخل العسكري التركي الذي منع روسيا من إكمال مهمتها في مساعدة الأسد على استعادة شمال غربي البلاد. وأسهم التدخل التركي في قيام ما أصبح يُعرَف لاحقاً بـ«مناطق خفض التصعيد» أو منطقة «بوتين – إردوغان» التي رسم حدودها الرئيسان الروسي والتركي، وبقيت ثابتة منذ عام 2020.
أعادت «هيئة تحرير الشام»، منذ ذلك الوقت، بناء قواتها وفرضت هيمنتها على كثير من الفصائل المسلحة التي كانت منتشرة في شمال وشمال غربي البلاد. وبالتوازي مع إعادة بناء قوتها، سعت «الهيئة» إلى إعادة رسم صورتها من خلال تأكيد فك ارتباطها بتنظيم «القاعدة»، وتقديم نفسها على أنها فصيل معارض نشاطه محصور بسوريا وليست له علاقة بمشروع «الجهاد العالمي». وهكذا أطلق زعيم «الهيئة» أبو محمد الجولاني حملة إعلامية سعى فيها إلى تسليط الضوء على صورته الجديدة بوصفه قائد فصيل همُّه تغيير نظام الحكم في دمشق. خلع الجولاني عباءة «الزعيم المتشدد» التي ظهر بها عندما كان زعيماً لـ«جبهة النصرة»؛ فرع «القاعدة» في سوريا، وصار يجول بملابس مدنية على البلدات المسيحية والدرزية في ريف إدلب، محاولاً طمأنة سكانها القليلين الخائفين من ممارسات تستهدفهم من قِبل جماعات متشددة.
لكن الإنجاز الأكبر، الذي تمكّن الجولاني من تحقيقه، تمثَّل في تنفيذه تعهداته للأتراك، كما يبدو، وعبرهم لأطراف خارجية، بأنه لن يسمح باستخدام مناطق نفوذه لشن هجمات خارج سوريا. في هذا الإطار، قام الجولاني بتحجيم نفوذ مؤيديه السابقين الذين رفضوا فك الارتباط بـ«القاعدة»، وألزم فصائل مسلحة أخرى بالبقاء تحت سقف ما يقرره تنظيمه. شمل ذلك فصائل عدة؛ بينها جماعات متشددة من خارج سوريا، كمقاتلي الحزب الإسلامي التركستاني؛ وهم من الأويغور الصينيين الذين قَدِموا إلى سوريا مع بدء الثورة عام 2011 وباتوا، اليوم، وفق بعض التقارير، جزءاً من التركيبة السكانية في شمال غربي البلد نتيجة تزوجهم من سوريات. وشمل تحرك الجولاني أيضاً مقاتلين من الأوزبك والروس والشيشان، من ضمن مناطق أخرى.
وفوق ذلك كله، شنت «هيئة تحرير الشام» حملة واسعة ضد خلايا تنظيم «داعش»، التي تبيَّن أنها تنشط سراً في إدلب، علماً بأن زعيميْ «داعش» السابقين أبو بكر البغدادي وأبو إبراهيم الهاشمي القرشي قُتلا في عمليات أميركية بريف هذه المحافظة. وعلى الرغم من حملات الجولاني ضد «داعش»، فإن خلايا التنظيم ظلت قادرة على شن هجمات متفرقة، بينها هجوم انتحاري يُنسب لها أودى بحياة قيادي كبير سابق في «هيئة تحرير الشام» هو أبو ماريا القحطاني الذي كان حليفاً للجولاني لدى تمرده على زعيمه السابق أبو بكر البغدادي. وكان القحطاني قد اختلف مع الجولاني قبل مقتله، في وقت سابق هذه السنة، إذ كان يدعو إلى حل تنظيم «القاعدة» كلياً نتيجة نفوذ إيران على قادته المقيمين على أراضيها.
وانطلاقاً مما سبق، يمكن توقع أن تكون تركيا سعيدة بما يحققه الجولاني وتنظيمه في سوريا، وستَعدُّ ذلك في النهاية انتصاراً لسياستها وتمدداً لنفوذها في اتجاه دمشق. لكن تمدد حلفاء تركيا جنوباً في اتجاه العاصمة السورية يرافقه تمدد آخر سيصب في مصلحتها أيضاً، باتجاه ريف حلب الشرقي. وفي هذا الإطار، تبدو الفصائل الموالية لتركيا عازمة على طرد القوات الكردية الناشطة، في إطار ما يُعرف بـ«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، من الضفة الغربية لنهر الفرات، إذا نجح هجومها على ريف منبج. وتُحقق الفصائل السورية هنا رغبة الرئيس التركي التي كررها مراراً بأنه يريد إبعاد القوات الكردية عن الشريط الحدودي مع بلاده. ولم يتمكن إردوغان من تنفيذ رغبته هذه، في السنوات الماضية، بسبب الفيتو الأميركي. فالولايات المتحدة تَعدُّ الأكراد حلفاء لها؛ كونُهم كانوا رأس الحربة في القضاء على تنظيم «داعش» عام 2019. وتأتي عمليات الفصائل الموالية لتركيا ضد الأكراد، اليوم، في وقت تمر فيه الإدارة الأميركية بمرحلة انتقالية بين إدارتين، ما يعطي انطباعاً بأن حكومة الرئيس جو بايدن قد تكون عاجزة عن وقف التحرك الحالي ضد الأكراد السوريين.
العراق قلِق والجولاني يطمئنه
تشعر الحكومة العراقية بأنها معنية مباشرة بما يحصل في سوريا، لكنها عالقة بين نارين: نار الماضي الذي يثير مخاوفها من الفصائل السورية، ونار المستقبل الذي يُحتم فتح صفحة جديدة معها في ضوء رسائل الطمأنة التي تبعثها إلى بغداد.
تتخذ الفصائل الشيعية العراقية، التي لعبت دوراً أساسياً في الهزيمة التي ألحقها الأسد بخصومه، قبل انتكاسته الحالية، من محافظة دير الزور، شرق البلاد، قاعدة أساسية لنشاطها الذي اندرج في إطار رغبة إيران في تأمين خط إمداداتها عبر العراق وسوريا إلى «حزب الله» في لبنان. لكن الفصائل العراقية تبدو عاجزة، اليوم، عن التدخل مجدداً لإنقاذ الحكومة السورية. قد تكون هناك رغبة لدى بعض الفصائل في التدخل عسكرياً لمساعدة الأسد، لكن غير واضح ما إذا كان هذا الأمر مسموحاً به أميركياً. ومعلوم أن الطيران الأميركي وجّه، قبل أيام، ضربات ضد فصائل عراقية يُزعم أنها كانت تتجه من شرق سوريا لمساعدة الجيش النظامي في صدّ الهجوم على ريف حماة، ما يوحي بأن الأميركيين ربما يعارضون انخراط الفصائل العراقية في مساعدة الرئيس الأسد.
من جهتها، تبدو الحكومة العراقية، المدعومة من فصائل بعضها شارك في الحرب السورية، قلقة من التغييرات الحاصلة في سوريا، وهو أمر عبّر عنه كبار المسؤولين العراقيين. والقلق ربما يكون مرتبطاً بهوية الفصائل التي تُقاتل الحكم السوري. فالحكومة العراقية تعرف أن الجولاني نفسه كان عنصراً في تنظيم الدولة الإسلامية في العراق بقيادة أبو بكر البغدادي. يتذكر العراقيون بالطبع أن هذا التنظيم كان وراء إرسال جيش من الانتحاريين الذين ارتكبوا فظاعات في البلاد وكادوا يجرُّونها إلى حرب أهلية. وكان لافتاً أن الجولاني سعى، في الأيام الماضية، إلى طمأنة حكومة محمد شياع السوداني بأنها يجب ألا تخشى وصولهم إلى الحكم في دمشق، وبأنهم لا يريدون التدخل في الشؤون العراقية، رابطاً ذلك بالطبع بتحييد الحشد الشعبي العراقي عما يحصل في سوريا اليوم.
على أي حال، لا يُعتقد أن الفصائل العراقية يمكن أن تتحرك لمساعدة الرئيس السوري إلا إذا كان ذلك رغبة إيران؛ فهذه الدولة كانت وراء إقامة تحالف يضم جماعات شيعية من أكثر من دولة (مثل الفصائل العراقية و«حزب الله» اللبناني وجماعتي «فاطميون» و«زينبيون») للتدخل في سوريا ودعم حكومتها تحت مسمى حماية المراقد الشيعية المقدسة. وفي حين بدت طهران مترددة، في الأيام الماضية، في اتخاذ خطوة واضحة لدعم الأسد من جديد، يبدو أن هذا الأمر على وشك أن يتغير إذا صحت الأنباء التي سَرَت، اليوم، عن قرار إيراني بالتدخل. فقد نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول إيراني كبير أن طهران تعتزم إرسال صواريخ وطائرات مسيّرة إلى سوريا، وزيادة عدد مستشاريها العسكريين هناك؛ لدعم الرئيس الأسد. وذكر المسؤول، الذي طلب عدم كشف هويته: «من المرجح أن طهران ستحتاج إلى إرسال مُعدات عسكرية وصواريخ وطائرات مسيّرة إلى سوريا… وقد اتخذت طهران كل الخطوات اللازمة لزيادة عدد مستشاريها العسكريين في سوريا ونشر قوات».
لبنان… «حزب الله» الضعيف وشهية معارضيه
لا يبدو لبنان، بدوره، بمنأى عما يحصل في سوريا. ففي سنوات الحرب السورية، شهد لبنان جزءاً من هذه الحرب على حدوده الشرقية التي انتشر فيها مقاتلون من «داعش» و«جبهة النصرة»، قبل طردهم منها منذ سنوات في إطار ما يُعرَف بـ«معركة الجرود» (جرود منطقة عرسال). لكن تلك المعركة لم تكن سوى جزء بسيط من الصورة الأشمل التي تمثلت بانخراط «حزب الله» بكامل قوته في دعم قوات الرئيس السوري ضد معارضيه. ولا شك أن تدخل الحزب لعب دوراً أساسياً في منع سقوط حكومة دمشق التي كانت تمر بأحلك أيامها بين عاميْ 2013 و2014، قبل أن تتدخل روسيا عسكرياً في سبتمبر (أيلول) 2015، وهو التدخل الذي لعب دوراً حاسماً في تغيير خريطة السيطرة والنفوذ لمصلحة الأسد.
لكن تدخُّل «حزب الله»، اليوم، يبدو كأنه يواجه صعوبات، فالضربات الإسرائيلية، في الحرب الأخيرة، ألحقت خسائر ضخمة بقيادات الحزب وعناصره ومُعداته؛ ليس فقط في لبنان، ولكن أيضاً داخل سوريا، بما في ذلك قاعدته الأساسية في القصير بريف حمص. وفي حين نقلت «رويترز» عن مصدرين أمنيين أن «حزب الله» أرسل، ليلاً، عدداً من عناصره من لبنان إلى حمص، وشنت إسرائيل غارات فجراً على معابر حدودية بين لبنان وسوريا، في رسالة واضحة تؤكد قرار منع تحرك الحزب إلى الداخل السوري. وأوضح الجيش الإسرائيلي، في بيان، أن سلاح الجو «شن غارات على طرق تهريب أسلحة وبنى تحتية إرهابية قرب معابر النظام السوري عند الحدود السورية اللبنانية».
ويُتوقع أن يكون «حزب الله» قلقاً، اليوم، من لجوء الفصائل السورية إلى الانتقام منه؛ لمشاركته في إلحاق الهزيمة بها خلال سنوات الحرب.
لكن قلق الحزب ينسحب، بشكل طبيعي، على لبنان ككل، نتيجة تداعيات ما يحصل في سوريا، على أوضاعه الداخلية. فخلال سنوات الحرب السورية، ظهرت في لبنان جماعات مسلحة مؤيدة لدعم معارضي الرئيس الأسد، في مقابل انخراط «حزب الله» عسكرياً لمصلحته. وفككت السلطات اللبنانية، في السنوات الماضية، جماعات مسلحة مؤيدة للمعارضين السوريين، لكن ضعف «حزب الله»، اليوم، وانتكاسة قوات حكومة الأسد، قد يثيران شهية بعض الجماعات لإعادة إحياء نشاطها في لبنان.
الأردن… القلق على التهديد الآتي من الحدود السورية
لم يتدخل الأردن عسكرياً في النزاع السوري، لكنه سيكون بالطبع قلقاً من التغييرات التي تحصل على حدوده الشمالية. كان مصدر القلق الأساسي للأردن، في السنوات الماضية، مرتبطاً بتهريب المخدرات (الكبتاغون) والأسلحة، وبانتشار فصائل شيعية مُوالية لإيران قرب الجانب السوري من حدوده. لكن القلق، اليوم، سيكون منصبّاً على احتمال وصول جماعات متشددة طالما ناصَبَها العداء، إلى حدوده. ومعروف أن الأردن لعب دوراً مهماً في الحرب ضد خلايا الجماعات المتشددة المرتبطة بتنظيم «القاعدة» في السنوات الماضية، لكنه يبدو، اليوم، أمام احتمال أن تصل هذه الجماعات إلى حدوده لتحل محل الجماعات الموالية لإيران.
لكن الأردن يمكن أن يراهن على العلاقة الجيدة التي نسَجها مع عشائر الجنوب السوري خلال سنوات الحرب، وهو رهان يمكن أن يجنبه تداعيات أي تغييرات يمكن أن تحصل في سوريا. وليس واضحاً تماماً كيف سيكون مستقبل منطقة التنف الحدودية مع الأردن، والتي تنتشر فيها قوات أميركية وغربية أخرى إلى جانب فصيل سوري مسلح معارض لحكومة دمشق. وبالإضافة إلى قاعدة التنف، يوجد على الحدود الأردنية السورية مخيم الركبان للاجئين السوريين المعارضين لحكومة الرئيس الأسد.
إسرائيل… منطقة عازلة؟
ولا تبدو إسرائيل بدورها بعيدة عن تداعيات ما يحصل في سوريا. كان همها الأساسي تحجيم نفوذ إيران و«حزب الله»، وهو أمر حققته، إلى حد كبير، من خلال سلسلة غارات أسهمت، في الواقع، في انهيار دفاعات القوات الحكومية السورية، خلال الهجوم الحالي للفصائل المسلحة.
وإذا كانت إسرائيل متمسكة بسياسة منع «حزب الله» وإيران من إعادة التموضع في سوريا، إلا أنها قد تواجه في مرحلةٍ ما احتمال أن تحلّ مكان الفصائل الشيعية المُوالية لإيران فصائلُ سنيّة متشددة كانت حتى وقت قريب جزءاً من تنظيم «القاعدة». ويجري الحديث، اليوم، عن استعدادات إسرائيلية لإقامة منطقة عازلة على الحدود في سوريا، إذا وصلت فصائل المعارضة المسلحة إلى دمشق. ولن يكون هذا السيناريو هو الأول من نوعه لإسرائيل، فقد كشفت تجربة سنوات الحرب السورية أن معارضين مسلحين كانوا ينتشرون على الحدود مع إسرائيل، لكن همّهم الأساسي كان مواجهة القوات الحكومية السورية، وليس شن هجمات ضد الدولة العبرية. لكن إسرائيل قد تكون قلِقة، اليوم، من وصول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» إلى حدودها، خصوصاً أن الجولاني نفسه كان قد أدلى بمواقف أشاد فيها بهجوم حركة «حماس» ضد إسرائيل في طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
الشرق الأوسط
————————-
سوريا تخسر معابر حدودية جنوباً وشرقاً… وترقب لـ«معركة حاسمة» في حمص
روسيا لن تتدخل عسكرياً والأكراد يتمددون في مناطق انسحاب الجيش الحكومي بدير الزور
رائد جبر دمشق: «الشرق الأوسط»
07 كانون الأول 2024
فيما واصلت الفصائل السورية المسلحة تقدمها جنوباً من حماة باتجاه حمص، على أمل الوصول إلى دمشق التي تتحصن فيها قوات الرئيس بشار الأسد، شهدت مناطق سورية مختلفة تطورات متسارعة، تمثل بعضها بانسحاب القوات الحكومية، كما حصل في دير الزور (شرق البلاد)، أو بسيطرة فصائل مسلحة على مواقع استراتيجية في الجنوب، كما حصل على معبر نصيب مع الأردن.
جاء ذلك في وقت قال مصدر دبلوماسي روسي لـ«الشرق الأوسط» إن روسيا لن تتدخل عسكرياً بشكل واسع في سوريا برغم التطورات المتسارعة. ورداً على سؤال حول «ما هي الخطوط الحمراء الذي يدفع تجاوزها لتدخل روسي كبير؟»، قال الدبلوماسي إنه «لا خطوط حمراء لدينا»، متوقعاً أن تسيطر الفصائل على حمص، وتتقدم نحو دمشق. وأعرب الدبلوماسي عن الأمل في أن تسفر المحادثات النشطة التي تجريها روسيا مع الطرفين التركي والإيراني عن التوصل إلى توافقات تطلق مسار تسوية سياسية تحفظ وحدة أراضي سوريا وسيادتها وتمنع انزلاق الموقف نحو حرب أهلية واسعة.
وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، انسحاب القوات الحكومية من مدينة حمص (وسط)، ثالثة كبريات مدن سوريا، على وقع تقدم فصائل المعارضة. الأمر الذي نفته وزارة الدفاع السورية. وقال «المرصد»: «انسحبت قوات النظام من مدينة حمص إلى أطرافها الشمالية الشرقية»، بعدما كان القيادي العسكري في صفوف الفصائل حسن عبد الغني أشار إلى «انهيار» القوات الحكومية، إلا أن وزارة الدفاع السورية نفت ذلك، وأكدت في بيان أن «الجيش العربي السوري موجود في حمص وريفها… وتم تعزيزه بقوات ضخمة إضافية».
في غضون ذلك، قال مصدران أمنيان لبنانيان كبيران لـ«رويترز» إن «حزب الله» أرسل الليلة الماضية عدداً صغيراً من «القوات المشرفة» من لبنان إلى سوريا بهدف المساعدة في منع مقاتلي المعارضة من الاستيلاء على مدينة حمص ذات الأهمية الاستراتيجية. ومعلوم أن الفصائل أعلنت سيطرتها على تلبيسة والرستن، ما يجعلها على بعد كيلومترات فقط من حمص. وتتواصل في غضون ذلك حركة النزوح الكثيفة للمدنيين من أحياء، مثل النزهة وعكرمة ووادي الذهب، وقرى ذات غالبية علوية وشيعية في حمص باتجاه الساحل السوري، وسط مخاوف من اندلاع معركة كبيرة نظراً لانتشار مجموعات تابعة لإيران و«حزب الله» فيها. ويُعتقد أن معركة حمص ستكون شديدة وحاسمة، كونها تسمح بالسيطرة على الطريق الدولي (M5) الشريان الاقتصادي الرابط بين دمشق وحلب، المتضمن عقدة ربط طريق إمداد الميليشيات التابعة لإيران و«حزب الله»، الذي يمر عبر دير الزور وتدمر وحمص، ومنها إلى الساحل أو دمشق.
وجاء ظهور رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري، بعد سيطرة الفصائل المسلحة على حماة، مدلياً بمواقف تؤجج المخاوف، ولا سيما وسط أبناء الطائفة العلوية. وقال مخلوف، في مقطع مصور نشره على حسابه في «فيسبوك»، مساء الخميس: «هؤلاء إرهابيون يريدون قتلكم، وإن وصلوا إليكم فسينتهكون أعراضكم ويسلبون أموالكم»، طالباً منهم الالتفاف حول العميد في الجيش السوري سهيل الحسن، المدعوم من موسكو، الذي خاض معارك شمال حماة، ووصفه بشخص «مغوار سجّل كثيراً من الانتصارات».
وجاءت هذه التطورات في حمص بعد يوم من سيطرة الفصائل المسلحة على مدينة حماة التي شهدت شوارعها هدوءاً صباح الجمعة، بعد ليلة شهدت إطلاق نار كثيف في الساحات الرئيسية خلال الاحتفالات بإسقاط رموز السلطة في دمشق. ووجّه رجال دين في البلدات المسيحية بمحافظة حماة دعوات لأبناء بلداتهم الذين نزحوا الخميس بالعودة إلى بيوتهم بعد حصولهم على تطمينات من الفصائل المسلحة بعدم المساس بهم.
وقالت مصادر أهلية إن الفصائل لم تدخل البلدات المسيحية قرب مدينة حماة على قرى كفربهم والسقيلبية ومحردة، وتابعت تقدمها جنوباً في اتجاه حمص.
في غضون ذلك، قالت 3 مصادر سورية لـ«رويترز» إن تحالفاً مدعوماً من الولايات المتحدة بقيادة مقاتلين أكراد سوريين، استولى على مدينة دير الزور شرق سوريا، وهي المدينة الثالثة التي تخرج عن سيطرة الرئيس الأسد في غضون أسبوع. وقال مصدران أمنيان، مقرهما شرق سوريا، إن التحالف المعروف باسم «قوات سوريا الديمقراطية» سيطر بالكامل على دير الزور بحلول ظهر الجمعة.
وقال عمر أبو ليلى، وهو ناشط من منصة «دير الزور 24» الإعلامية، وله اتصالات في المدينة، لـ«رويترز»، إن قوات الحكومة السورية والمقاتلين العراقيين المدعومين من إيران انسحبوا من دير الزور قبل أن تكتسحها «قوات سوريا الديمقراطية». وقال مصدر أمني عراقي إن «قوات سوريا الديمقراطية» تتقدم أيضاً في اتجاه مدينة البوكمال السورية الواقعة على الحدود مع العراق، وقد تسيطر عليها خلال 24 ساعة مقبلة. وفي وقت لاحق، قال مصدران عسكريان سوريان إن معبر البوكمال الحدودي مع العراق يسقط بالفعل في أيدي «قوات سوريا الديمقراطية».
وجاءت تطورات شرق سوريا بعد قليل من معلومات نقلتها «رويترز» عن مسؤول إيراني كبير، مفادها أن طهران سترسل صواريخ وطائرات مسيرة ومزيداً من المستشارين إلى سوريا. وكانت قوات الحكومة السورية قد استعادت السيطرة على معظم البلاد، بدعم من حلفاء الأسد الرئيسيين: روسيا وإيران وجماعة «حزب الله» اللبنانية. لكن تركيز هؤلاء الحلفاء تحول تماماً إلى أزمات أخرى في الآونة الأخيرة، ما أعطى لقوات الفصائل فرصة لاستئناف القتال. وقال أبو محمد الجولاني، زعيم «هيئة تحرير الشام» التي تقود الهجوم الشامل ضد القوات الحكومية، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، إن جماعته تهدف إلى «بناء مؤسسة حكم» في سوريا، وإعادة اللاجئين السوريين إلى ديارهم من لبنان وأوروبا.
والمقابلة هي الأولى للجولاني منذ بدأت جماعته في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) في انتزاع السيطرة على مناطق من قوات الحكومة. وتمكنت قوات المعارضة حتى الآن من السيطرة على مدينتين رئيسيتين، وتتقدم الآن باتجاه حمص. وقالت وزارة الداخلية الأردنية، الجمعة، إن الأردن أغلق معبره الحدودي الوحيد للأفراد والتجارة مع سوريا. وقال مصدر بالجيش السوري لـ«رويترز» إن جماعات مسلحة تطلق النار على معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن، فيما وردت معلومات لاحقة عن سيطرتهم على المعبر. كما وردت معلومات عن تحرك ضد القوات الحكومية في السويداء، جنوب البلاد. وقال الجيش الإسرائيلي إنه يعزز قواته الجوية والبرية في هضبة الجولان المحتلة، في جنوب غربي سوريا، وإنه مستعد لجميع السيناريوهات.
——————————-
كيف ترى تركيا العملية العسكرية المتسارعة في سوريا؟
السبت، 7 كانون الأول 2024
تتدرج المواقف التركية تجاه تطور العملية العسكرية في سوريا التي تتشارك في حدود طولها 900 كم مع بلاد الأناضول، في ظل هواجس لا تستطيع أنقرة تجاوزها تتعلق بالفصائل الكردية المسلحة في سوريا وملايين اللاجئين السوريين لديها.
ويُبرز تتابع الأحداث في سوريا سلسلة من الفرص التركية، والأسئلة والشكوك بشأن دورها في العملية التي أسمتها الفصائل المعارضة “ردع العدوان” والتي يدين قسم كبير منها بالولاء لأنقرة.
وتقدّمت هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها يوم الجمعة نحو حمص، ثالث أكبر المدن السورية، فيما خسرت القوات الحكومية مناطق سيطرتها في محافظة دير الزور في شرق البلاد لحساب القوات الكردية.
تدرج وحذر وتبدو تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي وصف الرئيس السوري بشار الأسد سابقاً بأنه “مجرم وإرهابي”، حذرة ومتدرجة بعد سيطرة المعارضة على حلب.
الثلاثاء، صرح الرئيس التركي أن الأولوية بالنسبة لبلاده هي الحفاظ على السلام على الحدود”، وتحدث عن “أهمية الحفاظ على وحدة واستقرار وسلامة أراضي سوريا”، ودعا “النظام السوري إلى الانخراط في عملية سياسية حقيقية لمنع تفاقم الوضع”.
الخميس، قال إن مرحلة جديدة “تتم إدارتها بهدوء” في الصراع السوري، والحكومة السورية بحاجة إلى التواصل بسرعة مع شعبها للتوصل إلى حل سياسي، وتركيا تعمل على تهدئة التوتر وحماية المدنيين وتمهيد الطريق لحل سياسي.
الجمعة، عبر عن تمنياته لفصائل المعارضة السورية التي تقاتل ضد الجيش السوري بمواصلة تقدمها في الميدان.
“المعارضة تواصل تقدمها، فالهدف بعد إدلب وحماة وحمص هو دمشق، ونتمنى أن تتواصل هذه المسيرة دون حوادث”، يقول أردوغان الذي أضاف: “وجهنا سابقا دعوة للأسد من أجل تحديد مستقبل سوريا معاً لكن للأسف لم نتلقَ رداً إيجابياً”.
تحذير: بي بي سي غير مسؤولة عن محتوى المواقع الخارجية المحتوى في موقع YouTube قد يتضمن إعلانات المحتوى غير متاح
YouTube اطلع على المزيد في بي بي سي ليست مسؤولة عن محتوى المواقع الخارجية. وعلَق مدير أكاديمية إسطنبول للفكر بكير أتاجان عبر بي بي سي، على هذه التصريحات بقوله: “أردوغان طلب مراراً وتكراراً الجلوس مع الأسد لحل المشكلة التي تعرضت لها سوريا وتركيا معاً، لكنه دائما كان يتهرب”.
وحول تمنياته بالوصول لدمشق رأى أتاجان أن أردوغان كأنه يقول “إذا لم تقترب ولم تأت وتجلس معنا، فنحن قادمون أن نجلس ونتفق معك …”، وكأنه يريد القول للأسد بأنه “المنتصر أيضا، وأقصد هنا المعارضة السورية التي انتصرت على الأسد وداعميه”.
وسبق للأسد أن وصف نظيره التركي بأنه “لص” وداعم لـ”الإرهابيين”.
وقالت الباحثة في معهد نيولاينز للإستراتيجية والسياسة كارولين روز لبي بي سي، إن تصريح الرئيس التركي الأخير يشير إلى سعيه إلى إضعاف يد “النظام السوري”، بعد سلسلة من المحاولات الفاشلة لتطبيع العلاقات بسبب “المطالب المتشددة التي يفرضها النظام السوري على تركيا”.
“دور غير مباشر” رأت روز أن “هذا يشير أيضاً إلى الدور غير المباشر الذي تلعبه تركيا في دعم هذا الهجوم من خلال مجموعات مثل الجيش الوطني السوري”.
ويرفض أتاجان بعض الاتهامات الموجهة لنقرة، ويقول “تركيا متهمة أمام دول عديدة بأنها هي التي تدفع بالمعارضة بخوض هذه العملية، وهذا غير صحيح”.
وذكر أن فصائل معارضة اعتبرت أن تركيا تخلت عنها بعد دعوة أردوغان الأسد للقائه.
تعد هيئة تحرير الشام أبرز المجموعات المشاركة في الهجوم التي تسيطر على معظم مناطق محافظة إدلب شمال غرب البلاد، وتعتبر الأمم المتحدة والولايات المتحدة وتركيا “منظمة إرهابية”.
ووفق رؤية أتاجان، فإن أنقرة تفضل وجود الأسد في الحكم حالياً على تسلم المجموعات المسلحة للحكم، لأنه “شخص متحكم يمثل وجود دولة ومؤسسات”، وتساءل كيف يمكن السيطرة على “المليشيات” الأخرى التي قد يكون لكل جهة منها قرار مختلف؟
حاربت تركيا تمدّد هيئة تحرير الشام في “منطقتها الأمنية” في شمال غرب سوريا. ومارست أنقرة ضغوطا على هذه المجموعة كي تقطع صلتها بتنظيم القاعدة وكي لا تهاجم الأقليات، خصوصاً المسيحيين والدروز.
وتعد غرفة عمليات الفتح المبين تحالفاً يضم مجموعات مسلحة تنشط في شمال سوريا، وتضم “هيئة تحرير الشام” و”الجبهة الوطنية للتحرير” المدعومة من تركيا، وجماعة جيش العزة.
ومن المشاركين “الجيش الوطني السوري”، وهو تحالف من فصائل المعارضة المدعومة من تركيا والتي تعارض القوات الموالية للحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد والمدعومة من الولايات المتحدة.
وشارك “الجيش الوطني السوري” في عمليات عسكرية للجيش التركي في شمال سوريا، ويعمل كجيش للحكومة المؤقتة التابعة للمعارضة السورية ومقرها تركيا، في محاولة لوضع الجيش السوري الحر المجزأ تحت “قيادة موحدة”.
وتضم الفصائل الموالية لأنقرة والمنضوية في ما يعرف بـ”الجيش الوطني السوري”، مقاتلين سابقين في مجموعات معارضة، مثل جيش الإسلام، وفصيل السلطان مراد، وفصيلا الحمزة وسليمان شاه.
رئيس المجلس الوطني السوري المعارض السابق عبد الباسط سيدا قال لبي بي سي، إن المجموعات المعارضة على علاقة مع تركيا، وهذا ليس سراً، لكنه يعتقد أن “المسألة أبعد من تركيا” خصوصاً بعد جلسة مجلس الأمن الدولي والجدل بين المندوبين الروسي والتركي.
“أتوقع أنه تركيا حصلت على الضوء الأخضر أو حتى الأصفر من الجانب الأمريكي”، يقول سيدا.
وألمح سيدا إلى دور تركي دعم الفصائل، بإشارته إلى الإمكانيات الكبيرة لدى هذه الفصائل خلال العملية العسكرية الأخيرة.
“ضامنة وليست داعمة” أما الخبير العسكري أحمد حمادة، يرى في حديث لبي بي سي، أن “تركيا دولة ضامنة للمعارضة وليست داعمة عسكرياً”.
وقال حمادة وهو عقيد منشق عن الجيش السوري، إن “الأسلحة المستخدمة كانت تابعة لجيش النظام، وهناك المسيرات الجديدة التي تُصنع في جامعات إدلب من قبل المهندسين السوريين”.
“تركيا لم يكن لها دور رئيس، الدور العسكري كله للمعارضة”، يقول حمادة.
وأقر حمادة بوجود مساعدة لبعض الفصائل المنضوية في عملية “ردع العدوان”، بقوله “لا توجد مساعدات عسكرية أو لوجستية تركية لأي فصيل ما عدا الجيش الوطني المتواجد بالشمال”.
“أوامر وسلاح وعتاد تركيا” المحلل السياسي السوري المختص بالشأن السوري-التركي غسان يوسف حمّل خلاله حديث مع بي بي سي، تركيا كامل المسؤولية عن العملية العسكرية.
وقال يوسف إن تركيا “تحيط بمدينتي حلب وإدلب وتتحمل مسؤولية التدريب وإطلاق المجموعات المسلحة ومسؤولية الوصول والسيطرة على أي محافظة”.
وذكر يوسف أن الفصائل المعارضة “تتلقى أوامر وسلاح وعتاد تركيا”، مضيفاً: “أصبح الموضوع كله بيد تركيا باعتبارها التي تقود العمليات على الأرض السورية”.
“كل من يحمل السلاح تلقاه من تركيا”، وفق يوسف.
وتسيطر القوات التركية والفصائل الموالية لها على شريط حدودي يمتد من جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي إلى عفرين في ريفها الغربي، مرورا بمدن رئيسية مثل الباب وأعزاز.
ويسيطرون على منطقة حدودية منفصلة بطول 120 كيلومترا بين مدينتي رأس العين وتل أبيض الحدوديتين.
خط زمني للدور التركي في سوريا منذ 2011 في 2011، قُطعت العلاقات بين أنقرة ودمشق بعد بداية النزاع السوري، بعد أن كانت تركيا حليفاً اقتصادياً وسياسياً أساسياً لسوريا.
في يوليو/تموز 2011، أعلن العقيد رياض الأسعد وهو ضابط منشق عن الجيش السوري من تركيا إنشاء “الجيش السوري الحر”.
وفي 2012 أغلقت تركيا سفارتها في دمشق، وقدمت دعماً للمعارضة السياسية، قبل أن تبدأ بدعم فصائل معارضة مسلحة.
وفي 2015، توغل مئات الجنود الاتراك بعمق 37 كلم داخل سوريا لنقل رفات سليمان شاه جد مؤسس الدولة العثمانية من قرية “قره قوزاق” التابعة لمحافظة حلب.
ونُقل خلال العملية 38 جنديًا كانوا في حراسة المقر القديم للضريح، ورفات اثنين من حراسه، وعدد من المقتنيات الأخرى، إلى منطقة في قرية أشمة السورية قرب الحدود التركية، ووصفت الحكومة السورية هذه العملية بـ”عدوان صارخ”.
وكان الموقع يعد أرضاً تركية منذ توقيع معاهدة في 1921 بين فرنسا التي كانت في حينها تحتل هذه الأراضي وتركيا.
في 2016، أطلقت تركيا عملية “درع الفرات” العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية ووحدات حماية الشعب الكردية، مما أدى إلى إنشاء منطقة عازلة بين مختلف المناطق التي تسيطر عليها الجماعات الكردية في شمال سوريا.
في 2018، انطلقت عملية “غصن الزيتون”، وسيطرت القوات التركية والفصائل الموالية لها في سوريا على عفرين (شمال غرب سوريا) من وحدات حماية الشعب الكردية.
في 2019، شنت تركيا والفصائل الموالية لها في سوريا هجوماً جوياً وبرياً أطلق عليه اسم “نبع السلام”، وسيطرت الفصائل السورية المدعومة من الجيش التركي على شريط بعمق 30 كيلومتراً يمتد 120 كيلومتراً على طول الحدود التركية السورية.
واستهدفت العملية مقاتلين أكراد يدعمهم التحالف الغربي بهدف دحر تنظيم الدولة الإسلامية من سوريا، ما أثار اعتراضاً في أوروبا والولايات المتحدة.
في 2020، أطلقت تركيا عملية “درع الربيع” بهدف وقف تقدّم الجيش السوري في محافظة إدلب.
وانتهت العملية بعد أسبوع عند سفر أردوغان إلى موسكو لتوقيع اتفاق يضمن وقف إطلاق النار في إدلب.
وفي 2022، أطلقت تركيا عملية “المخلب السيف” بسلسلة غارات جوية تبعها قصف مدفعي متواصل على مواقع لحزب العمال الكردستاني الذي يتمركز في شمال العراق، ووحدات حماية الشعب الكردية في سوريا.
وطالت الضربات التركية، مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد في حلب والحسكة وريف مدينة المالكية، مدينة كوباني (عين العرب) الحدوديّة مع تركيا.
في أغسطس/آب 2022، دعا وزير الخارجية التركي مولود شاووش أوغلو إلى مصالحة بين الحكومة السورية والمعارضة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، قال إردوغان إن احتمال لقاء الأسد “ممكن”، مضيفاً: “لا مجال للنقمة في السياسة. في النهاية، يتم اتخاذ الخطوات في ظل أفضل الظروف”.
وفي نهاية 2022، التقى وزيرا الدفاع التركي والسوري في إطار اجتماع في موسكو مع نظيرهما الروسي، في أول لقاء رسمي على هذا المستوى بين أنقرة ودمشق منذ اندلاع النزاع في سوريا في 2011.
وفي مارس/آذار 2023، أعلن الرئيس السوري أنه لن يلتقي نظيره التركي إلا إذا سحبت تركيا قواتها من شمال سوريا.
في يوليو/تموز 2024، أعلن أردوغان أنه قد يدعو الأسد إلى تركيا في أي وقت، وبعد شهر أعلن الأسد أنه لا يشترط انسحاب القوات التركية من مناطق في سوريا كي يحدث تقارب بين البلدين.
مسار أستانا يعقد السبت، اجتماع لوزراء خارجية الدول الثلاث الضامنة (روسيا وإيران وتركيا) لمسار أستانا، وذلك على هامش منتدى الدوحة، حسبما أكدت وزارة الخارجية التركية الجمعة.
وكان الهدف من مسار أستانا التي بدأ في 2017 في كازاخستان، إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا.
يرى المحلل السياسي السوري المختص بالشأن السوري-التركي غسان يوسف أن “مسار أستانا” انتهى وانقلبت عليه تركيا انقلاباً تاماً، وقال إن المسار لم يوقف التصعيد والإرهاب.
أما رئيس المجلس الوطني السوري المعارض السابق عبد الباسط سيدا يعتقد أن المسار منذ البداية جمع دولاً ذات مصالح متضاربة، وكل دولة لديها مشروع في ظل غياب المشروع العربي.
وقال سيدا إن “قضية العودة إلى سياسات المسار السابقة، ومناطق خفض التصعيد أصبحت من الماضي”.
وطغى هذا المسار الذي بدأ عام 2017، بشكل تدريجي على المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة بين الحكومة السورية والمعارضة، وركز على القضايا العسكرية مع إنشاء مناطق لخفض حدة التوتر.
وأدى مسار أستانا إلى الاتفاق على إقامة أربع مناطق لخفض التوتر في سوريا.
المكاسب التركية يرى سيدا أن تركيا تسع لمكاسب من العملية مثل تعزيز وجودها الإقليمي كدولة إقليمية أساسية، وإبعاد الخطر الإيراني.
“التخوف التركي الأساسي أو الحساسية المفرطة عند الأتراك هي إيران في نهاية المطاف”، يقول سيدا.
ويتحدث سيدا عن رغبة أنقرة بتعزيز علاقتها مع واشنطن والإدارة القادمة، مضيفاً: هذه العملية أعطت دفعة حيوية لها العلاقات التركية الغربية.
وأكد سيدا أن تركيا أصبحت الآن اللاعب الرئيسي مع هذه العملية، لكنه استدرك بقوله: “هناك دعم خلفي وتوافقات غير منظورة، وروسيا لم تأخذ المواقف المتوقعة”.
أتاجان يعتقد أن تركيا أصبحت الآن أقوى بعد العملية، ويرى أن تركيا أصبحت نداً لروسيا وإيران والحكومة السورية، وأصبحت لها كلمة ربما أقوى من سوريا وأقوى من السابق في الملف السوري.
وأقر يوسف بأن تركيا أصبحت لاعباً على الأرض ولاعباً سياسياً بعد العملية، لكنه رأى أن حليفتي الحكومة السورية روسيا وإيران سيكون لهما دور في وقف المعارك والوصول إلى تفاهمات وحل سياسي.
واتهم يوسف أردوغان بالتنسيق مع إسرائيل بشأن العملية، وقال إن تركيا لها “أطماع في سوريا” تتعلق بالتوسع.
الأكراد واللاجئون يرى مركز الأزمات الدولية أن أنقرة التي حاولت التقارب مع دمشق، لديها شكوك بقدرة الحكومة السورية على استعادة المناطق في الشمال الواقعة حالياً تحت السيطرة التركية دون التسبب بهروب ملايين السوريين عبر الحدود.
تستضيف تركيا أكثر من 3.2 مليون لاجئ سوري، بحسب بيانات رسمية للأمم المتحدة، من أصل عدد سكان يبلغ 85 مليون نسمة.
ولدى تركيا شكوك أيضاً بشأن قدرة الحكومة السورية على منع هجمات حزب العمال الكردستاني من شمال شرق سوريا إذا سحبت تركيا قواتها ووضعت حداً لضرباتها الجوية، بحسب المركز.
وقال المركز إن ذلك جعل أنقرة ترفض رفضاً قطعياً مناقشة الشرط المسبق الذي تضعه دمشق لتطبيع العلاقات، وهو انسحاب جميع القوات التركية من الأراضي السورية.
يرى سيدا أن التركيز التركي على الخطر الكردي”مبالغ فيه”، أما أتاجان يرى أن “تركيا لا يمكنها الاعتماد على فصائل المعارضة السورية في تحجيم دور الفصائل الكردية الذين يشتركون مع المعارضة في بعض الاهداف ضد النظام”.
وقال وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا “نعرف بأن المتحدرين من حلب يحبونها كثيرا … لكننا نقول لأولئك الذين يقولون إنهم يرغبون بالعودة الآن تريّثوا، ليست آمنة حالياً”.
وأضاف أن “الجميع يأملون بالعودة إلى أرضهم فور شعورهم بأن هناك سلاماً وأمناً”، لافتاً إلى أن 42 في المئة من السوريين المقيمين حاليا في تركيا (أي ما يعادل 1.25 مليون شخص) يتحدرون من محافظة حلب.
ولجأ نحو 880 ألف سوري إلى محافظات غازي عنتاب وشانلي أورفا وهاتاي المحاذية لسوريا.
وقال أتاجان إن “تركيا ليست من مصلحتها توسع العملية العسكرية لأنها تخاف من ازدياد عدد اللاجئين، وتركيا لن تقبل بامتداد وتوسع العملية”، مشيراً إلى “محاولة تركيا التواصل مع بعض الدول منها العراق لتهدئة الأمور”.
بي بي سي عربي
———————-
خريطة النفط في سورية نحو التبدل… اقتسام أم صدام؟
السبت، 07 كانون الأول 2024
كشف مصدر خاص من قوات سورية الديمقراطية أن هيئة تحرير الشام لمحت إلى مسألة التشارك في مواقع النفط والغاز وأن حقول الرميلان ستكون أحد محاور التفاوض خلال الفترة المقبلة بين الهيئة وقسد..
طفت مناطق إنتاج النفط في سورية إلى بؤرة الضوء في ظل سيطرة المعارضة السريعة على عدة مدن كبرى، لاسيما حلب وحماة، الأمر الذي يعيد احتمال تبدل خريطة إنتاج النفط والغاز من جديد، بعد أن تبدلت مرات عدة، منذ اندلاع الثورة في مارس/آذار 2011.
وتبدو السيطرة على حقول النفط والغاز بالغة الأهمية هذه المرة في ظل حاجة المعارضة إلى تأمين الإمدادات وتدبير احتياجات المناطق التي جرى انتزاعها من النظام، بعد أن سيطرت على أكثر من 20% من مساحة سورية أخيراً، والتي تشير التقديرات إلى أن 6 ملايين سوري يقطنونها، فضلا عن توفير مصدر للتمويل.
ووسط الأهمية الاستراتيجية لمنابع الطاقة في سورية تتزايد المخاوف من تحول مناطق الإنتاج التي تتركز في شمال وشرق البلاد، إلى بؤر صراع تتدخل فيها أطراف إقليمية ودولية، حيث تسيطر قوات سورية الديمقراطية “قسد” حالياً على معظم المواقع الإنتاجية بدعم أميركي، حيث تشرف الولايات المتحدة التي تشرف عملياً، على أكبر حقلين في محافظة دير الزور (شرق سورية) وتسيطر “قسد” على حقول “رميلان” في محافظة الحسكة (شمال شرق)، بينما لم يبق لنظام بشار الأسد، إلا بعض الحقول الصغيرة، قليلة الإنتاج في ريف حمص الشرقي (وسط البلاد) ومحافظة دير الزور.
كشف مصدر خاص من قوات سورية الديمقراطية لـ”العربي الجديد” أن “هيئة تحرير الشام” كبرى الفصائل السورية المقاتلة والتي تقود غرفة عمليات المعارك “لمحت إلى مسألة التشارك في مواقع النفط والغاز”، مضيفا أنه “من غير مستبعد أن تكون حقول الرميلان أحد محاور التفاوض خلال الفترة المقبلة بين الهيئة وقسد” لأن كلا الطرفين، حسب المصدر، “لا يريدان المواجهة العسكرية، وقد يتجنبان الصدام”.
قسد حريصة على المكاسب
وتبدو قسد حريصة على المكاسب التي جنتها خلال سنوات ماضية فيما يتعلق بحقول النفط والغاز أو حتى مصادر المياه ومحطة الكهرباء الحرارية التي وصلت إليها في شرقي حلب خلال الأيام الماضية بعد هروب قوات النظام السوري، الأسبوع الماضي. لكن وزير الاقتصاد فيما تعرف بالحكومة السورية المعارضة، عبد الحكيم المصري، رأى في تصريحات لـ”العربي الجديد” أن بقاء مصادر مياه الشرب أو توليد الكهرباء في ريف حلب الشرقي بيد “قسد” مستحيل، بعد أن استغلت فراغ هروب النظام وانشغال الثوار بتحرير حلب، ودخلت المنطقة.
وحول التفاوض بشأن الآبار النفطية والسيطرة على مواقعها، قال المصري: “لا يمكن التفاوض على مقدرات سورية والشعب، ولابد من استعادتها ليعاد توزيع واقتسام الثروات لكل الشعب السوري بعدل”، مضيفا أنه ليس من العدالة أن تستأثر قسد بالنفط وأرباح بيعه، في حين يعاني السوريون في باقي المناطق من الندرة والبرد وقلة المحروقات، “لكن هذا الموضوع مؤجل اليوم بواقع التبدلات الدراماتيكية على الأرض وسرعة تقدم الثوار”.
وتشير التقديرات إلى أن إنتاج النفط السوري كان يبلغ نحو 380 ألف برميل يومياً عام 2011، بينما تراجع إلى أقل من 150 ألف برميل حالياً، موزعة على مناطق سيطرة الميليشيات الكردية “قسد” ونظام الأسد.
تواصلت “العربي الجديد” مع مسؤولين عن حقول “رميلان” في قوات سورية الديمقراطية، وأرسلوا ما وصفوه بوثيقة حول توزع الآبار جغرافياً والإنتاج في فترة ما قبل الثورة وحالياً. ووفق الوثيقة كانت حقول محافظة دير الزور تنتج في الماضي حوالي 130 ألف برميل يومياً، مما شكل ثلث الإنتاج النفطي السوري حينذاك، بينما يُقدر إنتاج الحقول الواقعة في المحافظة تحت سيطرة “قسد” حوالي 15 ألف برميل يومياً، يُباع معظمها للنظام السوري عبر وسطاء مثل شركة “القاطرجي” بأسعار تتراوح بين 20 و30 دولاراً للبرميل. أما الحقول تحت سيطرة النظام في المحافظة ذاتها، فيُقدر إنتاجهما بحوالي سبعة آلاف برميل يومياً.
أهم هذه الحقول حقل العمر النفطي: يقع على بعد 10 كيلومترات شرق مدينة الميادين. ويُعد من أكبر الحقول النفطية في سورية، وبلغ إنتاجه حوالي 80 ألف برميل يومياً في التسعينيات، بينما حالياً يُقدر إنتاجه بحوالي 20 ألف برميل يومياً ويقع تحت سيطرة “قسد”. يليه حقل “كونيكو” الواقع شرق مدينة دير الزور وتسيطر عليه “قسد” وكان يُستخدم في السابق لإنتاج الغاز الطبيعي بمعدل 13 مليون متر مكعب يومياً، لكنه حالياً متوقف عن الإنتاج. حقل الجفرة ويقع شرقي مدينة دير الزور أيضاً، وهو حقل ذو إنتاج قليل، وكان قبل الثورة ينتج نحو 2000 برميل، واليوم نحو 1000 برميل، ويقع تحت سيطرة “قسد”.
كذلك هناك حقل “التنك” الواقع في بادية الشعيطات في ريف دير الزور الشرقي، وكان إنتاجه قبل عام 2011 نحو 40 ألف برميل يومياً والإنتاج الحالي لا يتجاوز 1000 برميل يومياً وهو تحت سيطرة النظام. وحقل “التيم” الواقع قرب مدينة الموحسن جنوب مدينة دير الزور، وكان ينتج حوالي 50 ألف برميل يوميًا قبل عام 2011، في حين يُقدر إنتاجه الحالي بحوالي 2500 برميل يوميًا، ويخضع لسيطرة النظام.
وهناك حقل “الورد” الواقع قرب قرية الدوير في ريف دير الزور الشرقي، كان إنتاجه السابق حتى عام 2011 نحو 50 ألف برميل يوميًا وتراجع الإنتاج الحالي إلى نحو خمسة آلاف برميل يوميًا، وهو تحت سيطرة النظام.
أما آبار ومواقع إنتاج النفط في محافظة الحسكة، فتكشف وثيقة “قسد” أن حقول الرميلان التي تقع في أقصى شمال شرق سوري، تأتي أولاً. وهي تضم حوالي 1322 بئراً نفطية و25 بئر غاز في حقول السويدية المجاورة، كان إنتاجها نحو 90 ألف برميل، بينما تراجع إنتاجها مجتمعة إلى نحو 9 آلاف برميل يومياً، في حين ينتج معمل غاز السويدية 13 ألف أسطوانة غاز يومياً، و500 ألف متر مكعب تغذي محطات توليد الكهرباء. كما تضم محافظة الحسكة حقول الجبسة التي كان إنتاجها السابق بنحو 2500 برميل نفط يومياً، تراجع اليوم إلى نحو 2000 برميل، إلى جانب معمل الغاز المتوقف. ووفق الوثيقة فإن كافة الحقول في محافظة الحسكة، تحت سيطرة “قسد”.
أما محافظة حمص، وسط سورية، فتضم حقولاً عدة أبرزها (الشاعر، الهيل، آراك، حيان، جحار، المهر، أبو رباح) ولا يزيد إنتاجها مجتمعة على تسعة آلاف برميل يومياً، وهي تحت سيطرة نظام الأسد. وتتوزع مواقع النفط في محافظة الرقة (شمال وسط سورية)، على حقل الثورة النفطي، الواقع جنوب غربي محافظة الرقة، وحقول الوهاب والفهد ودبيسان والقصير وأبو القطط وأبو قطاش، جنوب غربي الرقة، قرب بلدة الرصافة، وهي آبار ذات إنتاج قليل بالماضي ويقدر إنتاجها حالياً مجتمعة بنحو 2000 برميل يومياً.
توزع السيطرة وتبدلها
بعد أن كانت جميع مواقع وآبار النفط والغاز، تتبع نظام الأسد، تبدلت خريطة السيطرة مرات عدة، منذ اندلاع الثورة في مارس/ آذار 2011، إذ سيطر الثوار على مناطق إنتاج النفط، بعد انسحاب قوات بشار الأسد عام 2012 من مناطق شمال شرق سورية، ليسيطر تنظيم الدولة “داعش” أواسط عام 2013 على مناطق إنتاج الطاقة، وليتقاسم لاحقاً السيطرة والإنتاج، مع “المليشيات الكردية” حتى سبتمبر/أيلول 2017 وقت سيطرت قوات سورية الديمقراطية “قسد” على مدن الحسكة والرقة بالكامل وشرقي دير الزور، التي تضم أكبر 11 حقلاً للنفط.
وتابعت “قسد” مدعومة من الولايات المتحدة، السيطرة على معمل غاز “كونيكو”، أكبر مؤسسة لإنتاج الغاز الطبيعي في ريف دير الزور الشمالي الشرقي، والسيطرة على حقل “الجفرة” النفطي، ومن ثم، نهاية عام 2017 على حقل “العمر”، أكبر حقل في سورية وبعده على حقول نفط التنك، والورد، وعفرا، وكوري، وجرنوف، وأزرق، وقهار، وشعيطات، وغلبان شرقي دير الزور، والتي تمثل ثلث مصادر الطاقة في سورية، ليبلغ الإنتاج الذي تسيطر عليه قوات سورية الديمقراطية نحو 35 ألف برميل يومياً، وتبرم نهاية عام 2017، اتفاقاً مع نظام الأسد، يحصل بموجبه النظام على 65% من العوائد، و”قسد” على 20%، قبل أن تتمدد “قسد” وتسيطر على حقول نفط الجبسة، وكببة، وتشرين في الحسكة، ومحطة الجبسة لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام الغاز الطبيعي، لتبلغ نسبة سيطرة “قوات سورية الديمقراطية” على أكثر من 70% من مصادر الطاقة في سورية، بسيطرتها على نحو 1400 بئر نفطية، بحسب مصادر في “هيئة الطاقة في مقاطعة الجزيرة” التي تتبع ما تعرف بـ”الإدارة الذاتية” في شمال شرق سورية.
في حين يسيطر نظام بشار الأسد، على حقل الشاعر للنفط وحقل جحر للغاز الطبيعي في دير الزور، وعدد من الحقول الصغيرة غرب الفرات. ليصل الإنتاج الذي يسيطر عليه نظام الأسد بحسب بيانات وزارة النفط والثروة المعدنية في دمشق إلى 5560 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، ويرتفع إنتاج النفط من أقل من 10 آلاف برميل نفط عام 2016 إلى نحو 25 ألف برميل نفط، بحسب تصريحات سابقة لوزير النفط السابق في حكومة الأسد، علي غانم.
من الوفرة إلى الندرة
تقول مصادر غير رسمية أن إنتاج سورية من النفط، أكثر بكثير مما كان يعلنه النظام، بيد أنه في البيانات الرسمية قبل الثورة عام 2011 ونقلاً عن وزير النفط والثروة المعدنية في حكومة الأسد، وقتذاك، سفيان العلاو: بلغ إنتاج سورية خلال عام 2010 ما يقارب 141 مليون برميل من النفط، بمعدل يومي يصل إلى 386 ألف برميل، وبزيادة قدرها 9407 براميل يومياً مقارنة مع عام 2009.
ولكن، بواقع تسليم نظام الأسد آبار النفط لداعش ومن ثم للتنظيمات الكردية، تحولت سورية من بلد مصدر لنحو 150 ألف برميل نفط يومياً، إلى مستورد بنحو 200 ألف برميل لزوم الاستهلاك المحلي “لكن النظام لا يستطيع استيرادها ما يسبب قلة العرض التي نراها”، كما قال الخبير الاقتصادي السوري المتخصص في شؤون النفط، عبد القادر عبد الحميد لـ”العربي الجديد” الذي يرى أن تبدل خريطة النفط وتراجع الإنتاج “أهم ما عرّى النظام اقتصادياً”، إذ كان يشكل إنتاج النفط قبل الثورة، نحو 24% من الناتج الإجمالي لسورية و25% من عائدات الموازنة و40% من عائدات التصدير.
وأضاف عبد الحميد أن أعلى إنتاج كان عام 1996 وقت بلغ نحو 600 ألف برميل “كادت سورية أن تدخل منظمة أوبك”، وكان يزيد عن ضعف الحاجة المحلية التي تقدر، بنحو 4.5 ملايين لتر من البنزين، و6 ملايين لتر من المازوت، و7000 طن من الفيول، و1200 طن من الغاز.
بدوره، رأى الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض، نصر الحريري، أن خريطة النفط السوري “معقدة جراء المواقع والسيطرة، ولكن، بعد سيطرة الثوار حالياً على مناطق كبيرة في سورية، يمكن أن يعاد رسم خريطة السيطرة على الحقول الموجودة ومعظمها في مناطق شرقي نهر الفرات، الواقعة تحت سيطرة قسد”، مضيفا أن نظام بشار الأسد لا يسيطر سوى على بعض الحقول شرقي حمص وبعض الحقول قليلة الإنتاج في محافظة دير الزور، في حين لا تسيطر المعارضة على أي موقع أو بئر إنتاج حتى اليوم، وتمول مستهلكيها من تركيا أو ما يهرّب من مناطق “قسد”.
وأضاف الحريري لـ”العربي الجديد” أن الوجود الأميركي قرب مواقع النفط وكذلك الصراع الإقليمي المتمثل في تركيا وإيران وروسيا على مواقع النفوذ والثروات، ربما يعيق سيطرة المعارضة أو يؤخره.
وحول سيناريوهات الخريطة المقبلة، بواقع التطورات وتوسع سيطرة المعارضة، أشار رئيس الائتلاف السابق إلى أن النفط أحد أهم العوامل الحاسمة التي تؤثر على توازن القوى بين الأطراف، سواء محلية أو إقليمية أو دولية، وربما تؤثر أطراف إقليمية ودولية بقاء الفوضى، لفترة ما، لتحقيق فوائد ومصالح محددة الأجل، ولكن تبقى قضايا الجغرافيا وما تحتويه من موارد، مرهونة بسيطرة المعارضة والحل السياسي الدائم في سورية.
العربي الجديد
————————-
عشرات القتلى والجرحى في قصف النظام السوري ريف حمص الشمالي
السبت 07 كانون الأول 2024
تواصل قوات النظام السوري والطائرات الحربية الروسية قصف مدن وبلدات ريف حمص الشمالي، منذ يوم أمس الجمعة، بعد تقدّم مقاتلي المعارضة في المنطقة، وإعلانهم السيطرة على مدينتي تلبيسة والرستن الاستراتيجيتين على طريق دمشق – حلب الدولي. وأوضح الناشط مصطفى خالد، عضو مكتب مدينة تلبيسة الإعلامي لـ”العربي الجديد”، أن الطيران الحربي الروسي ارتكب مجزرة في بلدة الغنطو ضمن المنطقة، مشيراً إلى أن الأهالي يعملون حاليا على انتشال الجرحى والعالقين تحت الأنقاض. ولفت إلى أن أعداد القتلى والجرحى غير معلومة. وبيّن خالد أن الطيران الحربي الروسي وطيران النظام شن غارات جوية على بلدة الغنطو ومدينة تلبيسة وبلدة الدارة الكبيرة.
وذكرت مصادر ميدانية لـ”العربي الجديد” أن الأهالي داخل مدينة حمص يعيشون حالة من الخوف مع انتشار عناصر المليشيات الموالية للنظام، مشيرة إلى أن الكلية الحربية والثكنات العسكرية المحيطة بحي الوعر في مدينة حمص تواصل قصفها بالصواريخ والمدفعية الثقيلة على مناطق ريف حمص الشمالي، منذ يوم أمس، بعد إعلان مقاتلي المعارضة السورية السيطرة على المنطقة.
وللريف الشمالي في حمص أهمية استراتيجية، وفق الباحث في مركز جسور للدراسات رشيد حوراني، الذي قال لـ”العربي الجديد” إن “أهمية الريف الشمالي لحمص أنه يمر منه الطريق الدولي حمص-حلب، ما يجعل السيطرة عليه محورية بالنسبة للنظام والمعارضة على حد سواء”. وأكد أن هذه المنطقة شكّلت عائقاً كبيراً للنظام خلال سيطرة المعارضة عليها قبل 2018، مما دفعه إلى استخدام طرق بديلة للوصول إلى مناطق سيطرته في شمال حلب.
ويمتد ريف حمص الشمالي على مساحة تتراوح بين 300 و350 كيلومتر مربع، متصلاً جغرافياً بمحافظة حماة شمالاً ومنطقة الحولة غرباً. ويضم مدناً رئيسية مثل الرستن وتلبيسة والحولة، إلى جانب عشرات القرى والمزارع. ويقطنه نحو نصف مليون نسمة، وفق دراسة للمؤسسة السورية للدراسات الاستراتيجية، ويمتاز بتركيبة ديمغرافية غنية تجمع بين العرب والتركمان والطوائف المتنوعة من المسلمين والمسيحيين.
السيطرة على أكبر تلة في بادية الحماد ذكرت مصادر عسكرية من “جيش سورية الحرة” (فصيل مغاوير الثورة سابقاً) شريك قوات “التحالف الدولي” بقيادة الولايات المتحدة في قاعدة “التنف” الواقعة ضمن منطقة الـ”55″ كيلومتر بريف حمص الشرقي، عند المثلث الحدودي بين الأردن والعراق وسورية، أن قوات هذا الجيش وبدعم من قوات التحالف، سيطرت على جبل استراتيجي في بادية حمص، فيه كثير من السلاح، الذي كانت قوات النظام السوري تريد تركه لعناصر تنظيم “داعش”.
وأكدت المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها لأسباب أمنية، لـ”العربي الجديد”، أن قوات “جيش سورية الحرة” بدعم من الطيران الحربي والاستطلاع الأميركي، تمكنت من السيطرة على “جبل غراب” الاستراتيجي بريف حمص الشرقي، بعد دحر قوات النظام السوري منه، وهو أعلى جبل في بادية الحماد السورية. ولفتت إلى أن الجبل يعد نقطة مهمة لمليشيات إيران للعبور بين العراق وسورية.
وأشارت المصادر إلى الاستيلاء على أسلحة ثقيلة ونوعية من قمة الجبل، منها دبابات ومدافع وراجمات صواريخ وأجهزة اتصال ومستودعات أسلحة، مشددةً على أن قوات النظام كانت تهدف إلى ترك سلاح الجبل لخلايا تنظيم “داعش” المنتشرة في البادية السورية، التي يُسيطر عليها النظام والمليشيات المدعومة من إيران. وبينت المصادر ذاتها، أن قوات “جيش سورية الحرة” تواصل تقدمها في بادية حمص، وتحديداً مدينتي تدمر والسخنة وباديتها بريف حمص الشرقي، وذلك بهدف السيطرة على مواقع أخرى لنظام الأسد والمليشيات المدعومة من إيران، مُشيرةً إلى أن تلك المواقع من المهم السيطرة عليها لعدم تركها لخلايا تنظيم “داعش”.
العربي الجديد
————————–
المعارضة السورية تبدأ تطويق العاصمة دمشق بعد سيطرتها على الجنوب
07 ديسمبر 2024
تواصل فصائل المعارضة السورية إحراز تقدّم لافت منذ أن بدأت بشن عملية مفاجئة أطلقت عليها اسم “ردع العدوان” في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الفائت. وأعلنت فصائل المعارضة السورية، فجر اليوم السبت، سيطرتها على مدينة درعا جنوبي سورية بعد التوصل إلى اتفاق مع جيش النظام السوري لتأمين انسحابه بشكل منظم، فيما وصلت في الريف إلى مدينة الصنمين، لتصبح على بعد نحو 20 كيلومتراً من البوابة الجنوبية للعاصمة. وأعلنت إدارة العمليات العسكرية لـ”ردع العدوان”، أنّ قوات المعارضة بدأت تنفيذ المرحلة الأخيرة بتطويق العاصمة دمشق، بعدما تمكنت من السيطرة على فرع سعسع في ريف دمشق، مشيرة إلى أنّ الزحف مستمر نحو العاصمة. كما سقطت في أيدي فصائل السويداء آخر المراكز الأمنية، وتم إخلاء الأفرع الأمنية الثلاثة تباعاً وانسحاب القوات العاملة في مطار الثعلة العسكري، لُتعلن الفصائل إسدال الستار على تاريخ من حكم العسكر لمحافظة السويداء.
يأتي هذا بعدما نجحت المعارضة السورية خلال الأيام الماضية في السيطرة على حلب، ثاني أكبر مدينة في سورية قبل السيطرة على مدينة حماة الاستراتيجية، والوصول إلى مشارف مدينة حمص وسط البلاد. كذلك انسحبت قوات النظام السوري وقادة مجموعات موالية لإيران، أمس الجمعة، بشكل مفاجئ، من مدينة دير الزور شرقي سورية. واتجهت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) يوم الجمعة نحو الحدود العراقية السورية في محور البوكمال وسيطرت على المعبر الذي يحمل الاسم ذاته، كما اتجه “مجلس دير الزور العسكري”؛ أحد فصائل قواتها، باتجاه مدينة دير الزور والمدن المحيطة بها غرب الفرات شرقي سورية.
في الأثناء، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، عن مسؤولين أمنيين سوريين ومسؤولين عرب، أمس الجمعة، قولهم إنّ رئيس النظام السوري بشار الأسد بقي في سورية رغم أن أطفاله وزوجته أسماء الأسد فروا إلى روسيا، بينما يعيش بعض أفراد عائلته في الإمارات منذ زمن. وبحسب الصحيفة ذاتها، حثّ مسؤولون مصريون وأردنيون الأسد على مغادرة البلاد وتشكيل حكومة في المنفى. يأتي ذلك بينما دعت دول بينها الولايات المتحدة وروسيا والأردن والعراق، الجمعة، رعاياها في سورية إلى مغادرتها بسبب تدهور الأوضاع السياسية والعسكرية فيها منذ 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الفائت.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، اليوم السبت، عن مسؤولين إقليميين وثلاثة مسؤولين إيرانيين، أنّ إيران شرعت في إجلاء قادتها العسكريين وموظفيها من سورية، أمس الجمعة، في مؤشر، بحسب الصحيفة، على عدم قدرة طهران على “مساعدة رئيس النظام السوري بشار الأسد على البقاء في السلطة”، وذلك بينما تواصل فصائل المعارضة السورية إحراز تقدّم لافت.
“العربي الجديد” ينقل تطورات سورية أولاً بأول..
الجيش الوطني السوري يطلق عملية عسكرية باتجاه منبج شرق حلب
بدأت فصائل الجيش الوطني السوري، المعارضة والمدعومة من تركيا، اليوم السبت، عملية عسكرية واسعة النطاق تهدف إلى السيطرة على مدينة منبج، أبرز معاقل قوات سورية الديمقراطية (قسد) في ريف محافظة حلب الشرقي، شمال سورية. وقال العميد عبد السلام حميدي، قائد المجلس العسكري السابق في حلب، لـ”العربي الجديد”، إن غرفة عمليات “فجر الحرية” بدأت اليوم عملاً عسكرياً موسعاً ضد مواقع مليشيا “قسد” في مدينة منبج، مؤكداً أن هناك تقدماً للفصائل من عدة محاور على الجبهة، وسيتم الإعلان عنها تباعاً.
أخلت قوات النظام السوري السبت بلدات تبعد حوالى 10 كيلومترات عن العاصمة دمشق من الجهة الجنوبية الغربية، على ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في إطار سلسلة انتاكسات منيت بها في الميدان. وأفاد المرصد وكالة فرانس برس بـ”انسحاب لقوات النظام من بلدات بريف دمشق الجنوبي الغربي على بعد 10 كيلومترات من العاصمة دمشق والسيطرة عليها من قبل مقاتلين محليين”، مضيفاً أن “القوات الحكومية أخلت كذلك فرع سعسع للمخابرات العسكرية” في ريف دمشق والذي يبعد حوالى 25 كيلومتراً عن العاصمة.
300 مسلح من الفصائل العراقية ينسحبون من سورية
كشفت مصادر عراقية لـ”العربي الجديد” عن انسحاب 300 مسلح من الفصائل العراقية من داخل العمق السوري إلى الأراضي العراقية ليل أمس الجمعة، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ سنوات، وذلك بعد إعلان سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على معبر البوكمال الحدودي مع العراق، وفق ما نشرته رويترز.
—————————-
بشار الأسد… من الطب إلى القمع
قاد حملة دامية ضد معارضيه على مدى 13 عاماً تسببت بدمار بلاده واستنزاف مقدراتها
أ ف ب
السبت 7 ديسمبر 2024 15:36
قد يكون من السهل ترتيب الأوراق، لكن في السياسة بشار الأسد أتقن لعبة خلط الأوراق، يقول مراقبون.
وراء صورة رجل هادئ الطباع ومبتسم غالباً تنقلها كاميرات الصحافيين، يبقى رئيس النظام السوري بشار الأسد الحاكم الذي قاد حرباً بلا هوادة على مدى 13 عاماً داخل بلاده تسببت بدمارها واستنزاف مقدراتها، بعد قمع دام لشريحة واسعة من شعبه طالبت بالحرية.
وفي خضم ما وُصف بأنه إحدى أكثر الحروب عنفاً منذ بداية القرن الـ21، لم يبد الأسد منذ عام 2011 أية علامات تردد أو تراجع في مواجهة معارضيه. لكن منذ الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تبدو سلطته أمام العالم مزعزعة وضعيفة في مواجهة هجوم مباغت ينفذه تحالف من فصائل معارضة غالبيتها إسلامية، نجم عنه خسارة قواته لمناطق عدة بسرعة مذهلة بينها مدينتان رئيستان هما حلب وحمص خلال أسبوع واحد، قبل أن تنتقل العدوى إلى مجموعات أخرى محلية معارضة سيطرت بدورها على مدينتي دير الزور ودرعا ومحيطهما.
عيون وابتسامات غامضة
كثيراً ما قدم الأسد نفسه حامياً للأقليات وحصناً ضد التطرف والفوضى، وحظي بدعم من روسيا وإيران و”حزب الله” اللبناني في النزاع مكنه من استعادة السيطرة على الأرض اعتباراً من عام 2015، بعد أن كانت قواته خسرت أجزاء واسعة من الأراضي السورية.
وباستثناء صور قليلة له بالزي العسكري قد يصادفها زائر دمشق أو مدن أخرى عند نقاط أو حواجز أمنية، يظهر الأسد دائماً بطوله الفارع وبنيته الجسدية النحيلة ببزات رسمية وربطة عنق.
وفي اجتماعاته الرسمية وخلال استقباله ضيوفاً في المقابلات أو حتى خلال تفقده الجبهات في أشد أعوام النزاع عنفاً، يتكلم بشار الأسد طبيب العيون السابق البالغ من العمر 59 سنة دائماً بنبرة هادئة ولكن حازمة، تتخللها لحظات توقف وابتسامات غامضة.
وصل إلى الحكم عام 2000، وخلال أعوام النزاع نظمت انتخابات رئاسية أكثر من مرة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة وأُعيد انتخابه في كل مرة بانتخابات كانت محور انتقادات وتساؤلات حول نزاهتها من دول عدة.
ويقول صحافي ممن التقوا بشار الأسد أكثر من مرة قبل الحرب وخلالها لوكالة الصحافة الفرنسية “بشار الأسد شخصية فريدة ومركبة. في كل مرة التقيته كان هادئاً وغير متوتر حتى في أشد لحظات الحرب الحرجة والقاسية، وهذه تماماً صفات والده” حافظ الأسد الذي حكم سوريا لمدة 30 عاماً.
ويضيف “استطاع أن يكون الرجل الذي لا يستطيع أن يستغني عنه أحد”، مضيفاً “قد يكون من السهل ترتيب الأوراق، لكن في السياسة بشار الأسد أتقن لعبة خلط الأوراق”.
وورث الأسد الابن عن والده الراحل كما يكرر عارفوه الطباع الباردة والشخصية الغامضة. وتتلمذ على يده في الصبر واستثمار عامل الوقت لصالحه. ولعب ذلك دوراً أساساً في “صموده” في وجه “الثورة” التي اختار قمعها بالقوة، والحرب التي تعددت جبهاتها ولاعبوها ثم “العزلة” العربية والدولية التي بدأت تنفك منذ أعوام عندما تمكن من البقاء في منصبه.
صورة مع الأسد
كان والده حافظ الأسد زعيم حزب البعث الموجود في السلطة منذ أكثر من 50 عاماً، وفرض في سوريا نظاماً أمنياً مشدداً أمكن من خلاله سجن أي شخص لمجرد الشك في ولائه.
تبدلت حياة بشار الأسد بصورة جذرية عام 1994 إثر وفاة شقيقه الأكبر باسل الذي كان يتم إعداده ليحكم البلاد خلفاً لوالده، في حادثة سير قرب دمشق.
واضطر للعودة من لندن حيث كان يتخصص في طب العيون، وحيث تعرف إلى زوجته أسماء الأخرس المتحدرة من إحدى أبرز العائلات السنية السورية وتحمل الجنسية البريطانية، وكانت تعمل مع مصرف “جي بي مورغان” في حي المال والأعمال بلندن.
وقبل الانتفاضة الشعبية، لقبت أسماء الأسد بـ”وردة الصحراء”، ثم شبهت بعد الثورة بماري أنطوانيت.
والتحق الأسد بالسلك العسكري وتدرب على يد والده على الملفات السياسية.
وبعد وفاة والده عام 2000، أصبح بشار الأسد وهو في الـ34 من العمر رئيساً من طريق استفتاء لم يشهد أية معارضة.
وفي بدايات عهده ضخ بشار الأسد نفحة من الانفتاح في الشارع السوري المتعطش إلى الحرية بعد عقود من القمع، فسمح بإقامة ندوات ثقافية ونقاشات سياسية. لكن هذه الفسحة الإصلاحية الصغيرة سرعان ما أغلقت، واعتقلت السلطات المفكرين والمثقفين المشاركين في ما عرف وقتها بـ”ربيع دمشق”.
قبل اندلاع النزاع اعتاد سكان دمشق رؤيته في الشوارع يقود سيارته بنفسه ويرتاد المطاعم مع زوجته. وحتى الآن يعلق عديد من أصحاب المقاهي والمطاعم في دمشق صوراً شخصية لهم مع الأسد أثناء زياراته.
وفي عام 2011 ومع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، أعطى الأوامر بقمع المتظاهرين السلميين وتحولت الاحتجاجات نزاعاً دامياً سرعان ما تعددت جبهاته ولاعبوه.
وعلى رغم انشقاقات كثيرة عن الأجهزة الأمنية سجلت في بداية النزاع، بقي الجيش وفياً له. وأودى النزاع بأكثر من 500 ألف شخص وهجر وشرد الملايين داخل البلاد وخارجها، وسوى مناطق كاملة بالأرض.
وظل متماسكاً بينما كان يكرر ما قاله منذ العام الأول للنزاع بأن بلاده ستخرج “منتصرة” بمواجهة ما وصفها بـ”مؤامرة”، نسجتها قوى خارجية ضدها.
وبعد بدء هجوم الفصائل المسلحة خلال الـ27 من نوفمبر الماضي كرر الأسد هذه القناعة، مندداً بـ”التصعيد الإرهابي” الذي قال إنه يهدف إلى “محاولة تقسيم المنطقة وتفتيت دولها، وإعادة رسم الخرائط من جديد”.
——————————–
درعا مهد الثورة… تتلاقى مع زحف الشمال
السبت 07 كانون الأول 2024
أعلنت فصائل المعارضة السورية، فجر اليوم السبت، سيطرتها على مدينة درعا جنوبي البلاد، بعد التوصل إلى اتفاق مع الجيش السوري لتأمين انسحابه بشكل منظم، فيما قال بيان لهذا الجيش إن قواته العاملة في درعا والسويداء قامت بعملية إعادة انتشار في المحافظتين. ووفق مصادر المعارضة، فإن مسؤولين أمنيين وعسكريين بارزين لدى النظام كانوا يخدمون في مدينة درعا، حصلوا على ممر آمن إلى العاصمة دمشق كجزء من الاتفاق، وذلك في إطار التنسيق مع عملية “ردع العدوان” التي بدأتها قبل أكثر من أسبوع فصائل المعارضة في الشمال السوري، ووصلت إلى تخوم مدينة حمص، وسط البلاد.
وتُعدّ محافظة درعا مهد الثورة ضد النظام السوري، حيث بدأت فيها الاحتجاجات في مارس/آذار عام 2011، وذلك بعد احتجاجات شعبية مماثلة اندلعت آنذاك في كل من تونس ومصر. وبعد ظهور الشعارات المناهضة للنظام على جدران المدارس في منطقة درعا البلد، اعتقلت أجهزة النظام الأمنية العديد من الأطفال وعذبتهم، ما تسبب في انفجار الغضب الشعبي الذي سيرسم مساراً جديداً لسورية كلها.
وكان المسجد العمري في درعا البلد هو قبلة المحتجين الذين واجهتهم قوات الأمن بالرصاص الحي، لتعمّ بعد ذلك التظاهرات مجمل مدن وبلدات المحافظة، قبل أن تتحول هذه التظاهرات إلى صدامات مسلحة مع قوات النظام وأجهزته الأمنية، وتمتد سنوات عدة، تمكنت خلالها فصائل المعارضة العاملة في الجنوب، والمدعومة من غرفة عمليات “الموك” في الأردن، بقيادة الولايات المتحدة، من السيطرة على معظم مناطق المحافظة، وتهديد العاصمة دمشق، قبل أن يشن النظام، بدعم روسي، عملية عسكرية منتصف العام 2018، ويتمكن بالمواجهات العسكرية، وباتفاقيات “التسوية” من إعادة فرض سيطرته على المحافظة.
غير أن هذه السيطرة لم تكن كاملة وحقيقية، إذ قضت اتفاقات التسوية التي رعتها روسيا باحتفاظ مقاتلين محليين في العديد من المناطق بسلاحهم، بينما منع على قوات النظام دخول مناطقهم، واكتفت بنشر الحواجز على مداخلها. وفي معرض محاولاته لإخضاع محافظة درعا لسيطرته بالكامل، عمل النظام خلال السنوات الماضية على إشاعة الفوضى الأمنية في المحافظة، عبر عمليات اغتيال وخطف منظمة، تنسب إلى مجهولين، بينما تقف خلفها في الحقيقة مجموعات محلية شكّلها النظام للعمل في خدمته.
وبرز هنا دور كبير لرئيس فرع الأمن العسكري في المحافظة العميد لؤي العلي الذي تمكن من مغادرة المحافظة يوم أمس الجمعة مع مجموعة من الضباط العاملين معه، بينما تُرك عناصر النظام وحدهم في المحافظة، وأعلنت المجموعات المحلية أنها أمنت انشقاقهم عن النظام، بعد تجريدهم من سلاحهم، لتطوى بذلك حقبة دموية في تاريخ المحافظة، أسفرت وفق بيانات ناشطين محليين عن مقتل وإصابة آلاف الأشخاص، فضلاً عن تعمّد سلطات النظام نشر كل أشكال الجريمة في المحافظة، خاصة تعاطي المخدرات، بعد أن حوّلت درعا إلى ممر لتهريبها إلى الأردن، ومنه إلى دول الخليج العربي.
تتمتع محافظة درعا بموقع استراتيجي في جنوب سورية، على سهل واسع تتخلله مرتفعات عدة، وتمتد على مساحة تبلغ 3730 كيلومتراً مربعاً من حدود الأردن إلى ريف دمشق، ومن القنيطرة والجولان إلى السويداء، وبلغ عدد سكانها 1.127 مليون نسمة عام 2014، بقي منهم نحو 600 ألف في سورية، بينما غادر البلاد أكثر من نصف مليون وفق تقديرات مختلفة.
وعلى غرار مناطق عدة في سورية، عانت محافظة درعا قبل عام 2011 التهميش التنموي والاقتصادي، إضافة إلى ضعف القطاعات الإنتاجية، وحرمانها من مشروعات الاستثمار الكبيرة، وتقييد معظم المشروعات بالموافقات الأمنية، بذريعة المخاوف من الاختراقات الأمنية، نظراً للوجود العسكري الكبير لقوات النظام في المحافظة بسبب قربها من الأراضي المحتلة وجبهة الجولان، وهو ما دفع نسبة كبيرة من سكانها إلى الهجرة للعمل خاصة في منطقة الخليج العربي.
ومع هذا الإهمال الحكومي، تراكمت عوامل الإحباط والاستياء لدى أبناء المحافظة من سياسات النظام السوري نتيجة شعورهم بالتهميش، رغم حرص النظام باستمرار على استقطاب شخصيات من المحافظة، وتعيينهم في مناصب عليا بالدولة، لكن بفاعلية محدودة، مثل نائب رئيس الجمهورية الحالي المفترض فاروق الشرع (المغيب إعلامياً منذ سنوات)، ورئيس الحكومة الأسبق محمود الزعبي الذي قيل إن النظام قتله في مايو/أيار عام ٢٠٠٠، ووزير الخارجية السابق فيصل المقداد.
تاريخياً، قامت في سهل حوران الكثير من الحضارات، بسبب خصوبة أراضيها، وكان الرومان يعتمدون على حوران من أجل المحاصيل الزراعية، وكانت تسمى في زمنهم مملكة إهراء روما، وذلك لأرضها الخصبة ووفرة محاصيلها. ويكاد لا يخلو مكان في المحافظة من الآثار التي تشهد على الحضارات الغابرة، مثل قلعة بصرى ومدرجها، ومدرج درعا الخاص بالموسيقى، وآثار منطقة اللجاة التي تضم عشرات الكهوف، والقلاع، والأبراج، والمسارح، والمدافن، إضافة الى كنيسة مار جاورجيوس في مدينة إزرع، ومعبد الصنمين، ومحطة القطار في الطيبة، وقلعة المزيريب، وقصور إنخل، ومقام النبي أيوب في الشيخ سعد، وآثار خبب وتل شهاب وتل الأشعري، والمساجد العمرية المُنتشرة في الكثير من المدن والبلدات، وغيرها العشرات من المواقع. كما وُلد في مدينة جاسم الشاعر أبو تمام الطائي.
———————–
الجيش ينسحب من مطار التيفور والمعارضة تعلن اقترابها من دمشق
عناصر من درع العدوان يحملن سلاح اغتنموه من مقرات النظام السوري
سيد أحمد الخضر، إيمان مهذب، عبير الموسى
7/12/2024
في اليوم الـ11 من عملية “ردع العدوان”، واصلت المعارضة السورية المسلحة تقدمها ضد قوات الجيش السوري، وأعلنت اقترابها من دمشق.
وقد أكدت المعارضة السورية المسلحة سيطرتها على آخر قرية على تخوم مدينة حمص، موجهة “النداء الأخير” لقوات النظام في المدينة للانشقاق، في حين ترددت أنباء عن أن مسؤولين عربا نصحوا الرئيس بشار الأسد بمغادرة البلاد.
وقالت إدارة العمليات العسكرية التابعة للمعارضة السورية المسلحة إنها سيطرت بالكامل على مدينة درعا جنوب غرب سوريا، بعد مواجهات مع قوات النظام والمجموعات العسكرية المدعومة من إيران.
في مدينة السويداء، قالت فصائل محلية في بيان صباح اليوم إنها سيطرت على قسم المخابرات الجوية التابع للنظام في المدينة، وكذلك فرع الأمن الجنائي والفوج 405 قوات خاصة، بعد انشقاق عناصر تابعة للنظام.
في السياق ذاته، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر قولها إن مسؤولين مصريين وأردنيين حثوا الرئيس السوري بشار الأسد على مغادرة البلاد وتشكيل حكومة في المنفى.
———————————
هل ستقسم سوريا مع اتساع سيطرة المعارضة فيها؟
السبت، 07 كانون الأول 2024
بعد هجوم الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بدأت خرائط سيطرة القوى المحلية في سوريا بالتغير، وسقطت كبريات المدن كحلب ثم حماة في يد المعارضة السورية التي تقود أحد أجنحتها “هيئة تحرير الشام”، وباتت على مشارف حمص، ويبدو أن طموح أبو محمد الجولاني زعيم “هيئة تحرير الشام” هو الوصول إلى دمشق من خلال تصريحاته الأخيرة، إذ استخدم فيها اسمه الحقيقي أحمد الشرع بدلاً من لقبه الحركي.
تسارع الأحداث
ومع تسارع الأحداث، تتحصن قوات جيش النظام في العاصمة دمشق، في حين تتوالى حركة نزوح عائلات الضباط والموظفين الكبار في الدولة، الذين ينتمي معظمهم إلى الطائفة العلوية باتجاه مناطق الساحل السوري، في حين أن جيوباً صغيرة بدت تظهر خارج سيطرة النظام في أقصى جنوب البلاد وبالتحديد في ريف محافظة درعا، وهي منطقة كانت قد عادت إلى سيطرة دمشق بعد تدخل كل من روسيا وإيران و”حزب الله” في الصراع السوري، وجرت مصالحات خرج على أثرها المسلحون لكن سيطرة النظام وقبضته الحديدية لم تحكم على سكان تلك المناطق.
درعا
ولمنطقة درعا رمزيتها في الأحداث السورية منذ بدايتها في مارس (آذار) 2011، حين انطلقت فيها الاحتجاجات وقمعت قبل غيرها بقسوة، إذ إن مشهد تعذيب الطفل حمزة الخطيب ما زال عالقاً في أذهان سكان المنطقة بعدما قضى في أحد الفروع الأمنية.
وأعلنت فصائل عسكرية، تنحدر من مناطق جنوب سوريا، تشكيل غرفة عمليات عسكرية خاصة بمنطقتها، متعهدة الحفاظ على أمن الحدود الجنوبية للبلاد، ودعت عناصر الجيش السوري إلى الانشقاق عنه، وكذلك طالبت بمساندة الدول مطالبها مع تأكيدها صون المؤسسات المدنية من التخريب، داعية في الوقت نفسه إلى استمرار عملها.
خريطة السيطرة
وتعود أهمية تغير خريطة السيطرة لمصلحة المعارضة السورية إلى أن سيطرتها على محافظتي حلب وحماة، وإكمال السيطرة على ريف إدلب، تحمل وزناً سكانياً واقتصادياً كبيراً منذ تأسيس البلاد وحتى الوقت الحالي، كذلك فإن تمدد هذه السيطرة في ازدياد مستمر، فبعدما كانت نسبة سيطرة فصائل المعارضة تبلغ نحو 11 في المئة من مساحة الأراضي السورية، باتت الآن تتجاوز ربع مساحة البلاد.
وعلى رغم خسارة “قوات سوريا الديمقراطية” “قسد” الجيب الصغير في الشهباء بريف حلب الشمالي لمصلحة فصائل “الجيش الوطني السوري” المعارض، المدعوم من تركيا، التي أطلقت عملية موازية لتحرير الشام عرفت بـ”فجر الحرية”، فإن “قسد” متمثلة بوحدات “حماية الشعب” حافظت على وجودها في حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب، ويبدو أنها لن تتنازل عن هذا الوجود وأن المفاوضات تتجه نحو تثبيت هذا الأمر، ولو بصورة مختلفة عن السابق مع “هيئة تحرير الشام” التي كانت جزءاً من تفاهمات إجلاء نحو 120 ألف شخص عبر ممر إنساني نحو مناطق الإدارة الذاتية.
“قسد”
في المقابل فقد تمددت مساحة سيطرة “قسد” في الأطراف الشرقية من البلاد، على رغم اشتباكات دارت بينها وبين فصائل “الجيش الوطني” التي أطلقت “فجر الحرية”، في مناطق غرب الفرات، وباتت في محيط بحيرة سد الفرات التي تضم محطة لضخ المياه نحو مدينة حلب، وكذلك بريف الرقة الجنوبي حيث كانت تحت سيطرة النظام، إضافة إلى مدينة دير الزور، ومطارها العسكري، والقرى السبع بشرق الفرات، ومساحات من البادية الواقعة بين الرقة ودير الزور من جهة غرب الفرات، وكلها باتت تحت سيطرة “قسد” فيما يتوقع أن تزداد تلك المساحة على حساب انسحاب قوات النظام من معظمها.
وقال قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، أمس الجمعة، في مؤتمر صحافي إنهم بصدد حماية حوض نهر الفرات بكامله، بضفتيه الشرقية والغربية، وهو ما يفسر التوجه السريع لقواته التي من المتوقع أن تسيطر على كامل الضفة الغربية التي تضم مدن دير الزور والميادين والبوكمال الواقعة على الحدود مع العراق.
ومع صعوبة تقدير ما ستؤول إليه الأوضاع النهائية في سوريا جراء التطورات السريعة في الميدان حالياً، إلا أن توزع المساحات وتغيرها هي السمة الأبرز لواقع الحال.
تقسيم؟
ويقول الكاتب والباحث السياسي من مركز الدراسات الكردية شورش درويش “إذا ما توقفت المعارك عند هذا الحد، فإن تقسيماً بصورة ما سيحدث، وربما تتطور صيغته إلى لا مركزية أمر الواقع، وباتجاه اتفاق محدد وفق صيغ سياسية، لكن ما دامت هيئة تحرير الشام في تقدم مستمر في الميدان فإن الأوضاع تسير باتجاه السيطرة على المناطق السورية كافة بما فيها دمشق، وهذا مرتبط بصمود النظام في وجه هذا التقدم، وهذا الصمود غائب من دون الدور الروسي لا سيما بعد خروج الإيرانيين و’حزب الله’ من الساحة السورية”.
وتابع درويش أن نظام “هيئة تحرير الشام مخيف بالنسبة إلى دول الجوار سواء كانت الأردن أو العراق، وإلى حد ما لبنان”.
وحول مناطق نفوذ روسيا في البلاد خصوصاً في الساحل السوري وكذلك العاصمة دمشق ومصيرها، أشار الباحث السياسي إلى أن “موسكو ما زالت تحت وقع المفاجأة ولم تستطع لملمة معطياتها، وكذلك تراجعت تركيا عن خطابها السابق إذ روجت، قبل فترة، أن حلب هي الولاية 82″، في إشارة إلى عودتها لمنطقة نفوذها وضمها لخارطتها السياسية، وغيرت باتجاه ضرورة حدوث تغيرات عميقة في سوريا وابتعدت عن أحلامها السابقة، وتتحضر لما ستؤول إليه الأوضاع وكيف ستنتهي.
تخوف
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن مناطق ذات غالبية علوية، وهي الطائفة التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد وقادة كبار في الدولة، وهي المناطق الموجودة بريفي حماة وحمص الغربيين ومحافظتي طرطوس واللاذقية، لم تتحرك “هيئة تحرير الشام” باتجاهها حتى اللحظة، ربما تجنباً لإثارة الحساسيات الطائفية التي اشتدت خلال السنوات السابقة من عمر الأزمة السورية.
إلا أن مؤشرات التخوف من وصول الجولاني إلى دمشق تبرز لدى تل أبيب، التي يمكن أن تتدخل هي أيضاً لحفظ حدودها مع المنطقة الجنوبية لسوريا قرب الجولان ودرعا وربما وصولاً إلى السويداء. ومما لا شك فيه أن البلاد التي تشهد هذا التبدل السريع بفعل قوة السلاح تقف على أعتاب مرحلة جديدة من الصراع ما دام لا عملية سياسية في الميدان تلوح حالياً لأي تسوية بين الأطراف المتنازعة.
اندبندنت عربية
——————————–
خبير عسكري: هذه الخسارة الأكبر لدمشق وحلفائها من تسليم دير الزور
السبت 07 كانون الأول 2024
خبير عسكري: هذه الخسارة الأكبر لدمشق وحلفائها من تسليم دير الزور اعتبر الخبير العسكري فايز الأسمر، اليوم السبت، أن تسليم الجيش محافظة دير الزور الغنية بالنفط شرق البلاد لما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، سيكلفه وحلفاءه الكثير.
وفي تصريحات للجزيرة نت، قال الأسمر وهو عقيد في الجيش السوري قبل انشقاقه منه بعد اندلاع الثورة عام 2011، إن “ما فعلته قسد بالتوافق مع النظام بالسيطرة على دير الزور بالكامل هو انتهاز فرصة انهيار الجيش وكذلك انشغال الفصائل المعارضة بمعارك الوصول إلى دمشق”.
ودخلت قوات “قسد” التي يغلب عليها مقاتلون أكراد مدينة دير الزور أمس الجمعة، بعد انسحاب الجيش السوري من مناطق واقعة تحت سيطرته هناك، لتسيطر تلك القوات المدعومة من الولايات المتحدة على معظم مساحة المحافظة الحدودية مع العراق ومعبر البوكمال الحدودي.
وسيطرت قوات قسد قبل سنوات على أجزاء واسعة من محافظة دير الزور ومناطق أخرى شمال وشرق سوريا بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية، وأسندت لها مهمة حراسة حقول النفط والغاز التي تضم قواعد أميركية.
وأضاف الأسمر المنحدر من دير الزور، أنه من الناحية العسكرية أثبتت معركة “ردع العدوان” التي أطلقتها فصائل المعارضة، والتقدم السريع للثوار وسيطرتهم على آلاف الكيلومترات وكذلك المطارات والقطع العسكرية خلال أيام أن الجيش السوري “في حال انهيار كامل”، وفق تعبيره.
إعلان
ورأى أن سيطرة فصائل المعارضة على معظم المناطق جاءت من دون مواجهات حقيقية مع الجيش السوري وإنما نتيجة انسحابات غير منظمة له خلف فيها مئات المدرعات والعتاد في الطرقات لتكون “غنائم” لإدارة العمليات المشتركة.
وأشار الأسمر إلى أنه أمام حالة الانهيار هذه اضطر النظام لتسليم مناطق ومواقع عسكرية لمليشيات قسد من جهة أخرى كما حدث في ريف حلب الشرقي ودير الزور والقامشلي والحسكة وبالتالي فقدانه السيطرة الكاملة على تلك المناطق.
الخسارة الأكبر وعن الخسارة الأكبر بالنسبة لدمشق وحلفائها من تسليم دير الزور، قال الأسمر إن طريق إمداد الجيش السوري وحزب الله من إيران عبر العراق وعبور المليشيات المسلحة الداعمة لهما قطع بالكامل حيث أطبقت قسد من جهة و”جيش سوريا الحرة” المعارض في قاعدة التنف من جهة أخرى على كامل الحدود السورية مع العراق.
وتتهم المعارضة السورية مليشيات إيرانية وعراقية إلى جانب حزب الله اللبناني بدعم الجيش السوري على الأرض خلال سنوات الصراع.
ورأى الأسمر أن “قسد لن تستطيع فرض سيطرتها العسكرية والأمنية على دير الزور وريفها لأن هذه المناطق ذات غالبية عربية ولا يوجد لهذه المليشيات حاضنة شعبية أو قبول حتى ولو كان نسبيا في مجتمع ذي طابع عشائري وبالتالي سيكون هناك نار تحت الرماد ستندلع في أي لحظة وتحرق وجودهم في المنطقة”، وفق تعبيره.
وقال إن الأيام المقبلة ستكون كفيلة بإخراج تلك المليشيات من دير الزور سلما أو حربا.
وتستمر المعارضة السورية في هجومها المفاجئ وغير المسبوق في شمال غرب البلاد، حيث حققت خلال أسبوع تقدما كبيرا أكسبها معظم مدينة حلب، ثاني أكبر مدن البلاد وعاصمتها الاقتصادية، واستكملت السيطرة على محافظة إدلب المجاورة، لتسيطر بعدهما على مدينة حماة وتتقدم باتجاه حمص وسط البلاد.
وكانت المعارضة المسلحة أعلنت الأسبوع الماضي بدء ما سمتها “معركة ردع العدوان”، وقال حسن عبد الغني الناطق باسم غرفة عمليات الفتح المبين -التي تشمل هيئة تحرير الشام والجبهة الوطنية للتحرير وفصائل أخرى- إن الهدف من العملية توجيه “ضربة استباقية” لحشود الجيش السوري التي تهدد المواقع التي تسيطر عليها المعارضة
كما أطلقت فصائل تابعة “للجيش الوطني السوري” معركة أخرى تحت اسم “فجر الحرية” في الريف الشمالي لمحافظة حلب تمكنت خلالها من السيطرة على عدة مدن وبلدات ومطارات عسكرية.
الجزيرة نت
———————-
ابو محمد الجولاني من التطرّف الى البراغماتية
السبت 07 كانون الأول 2024
وأعلن زعيم “هيئة تحرير الشام”، جبهة “النصرة” سابقاً التي كانت تشكّل فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا، أن الهدف “يبقى” بالنسبة اليه والفصائل المسلحة “إسقاط نظام” الرئيس بشار الأسد الذي يتولى السلطة منذ العام 2000.
وقال في مقابلة نشرتها محطة “سي إن إن” الأميركية الجمعة، “عندما نتحدّث عن الأهداف، يبقى هدف الثورة إسقاط هذا النظام.. من حقّنا أن نستخدم كل الوسائل المتاحة لتحقيق هذا الهدف ” .
وتخلّى الجولاني الطويل القامة ذو البنية القوية واللحية السوداء والعينينين الثاقبتين، تدريجا عن العمامة التي كان يعتمرها في بداية الحرب ليرتدي زيا عسكريا وأحيانا الزي المدني .
جال الأربعاء في قلعة حلب التاريخية، ثاني أكبر مدن سوريا، بعدما سيطر مقاتلوه عليها، وأرسل “تطمينات” الى المسيحيين بأنهم لن يتعرّضوا للأذى .
ثم أعلن السيطرة على حماة في وسط البلاد، وقال إنه لن يكون هناك “ثأر” للمجزرة التي ارتكبت في المحافظة على أيدي قوات الرئيس السابق ووالد الرئيس الحالي حافظ الأسد قبل عقود، بعد انتفاضة للإخوان المسلمين .
منذ انفصال تنظيمه عن “القاعدة” في العام 2016، يحاول الجولاني تغيير صورته وتقديم نفسه في مظهر أكثر اعتدالا، من دون أن يتمكن فعلا من إقناع المحللين أو حتى الحكومات الغربية التي تصنّف “هيئة تحرير الشام” مجموعة إرهابية .
ويقول المتخصص في المجموعات الإسلامية في سوريا توما بييريه لوكالة فرانس برس “إنه متطرف براغماتي”.
ويوضح الباحث في المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا أنه “في العام 2014، كان في ذروة تطرفه من أجل أن يفرض نفسه في مواجهة تطرف تنظيم الدولة الإسلامية (الذي كان في ذروة سيطرته وقوته في سوريا آنذاك)، قبل أن يعمد لاحقا إلى التخفيف من حدّة تصريحاته.
وفي مؤشر جديد على رغبته في تغيير صورته، بدأ بعد بدء هجوم الهيئة والفصائل ضد القوات الحكومية في 27 تشرين الثاني (نوفمبر)، بتقديم نفسه باسمه الحقيقي أحمد الشرع، بدل اسمه الحركي .
ولد الشرع في العام 1982، ونشأ في حي المزة بدمشق، في كنف عائلة ميسورة وبدأ دراسة الطب .
” العلامات الأولى “
في العام 2021، قال في مقابلة مع محطة بي بي اس (PBS) الأميركية العامة أن اسمه الحركي – أبو محمد الجولاني – مستوحى من أصول عائلته المتحدّرة من مرتفعات الجولان .
وقال إن جدّه نزح من الجولان بعد احتلال إسرائيل لجزء كبير من هذه الهضبة السورية عام 1967 .
وبحسب موقع “ميدل إيست آي” الإلكتروني، “بدأت أولى علامات الجهاد تظهر في حياة الجولاني” بعد اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) في الولايات المتحدة، و”بدأ بحضور خطب دينية واجتماعات سرية في ضواحي دمشق”.
بعد الاجتياح الأميركي للعراق في العام 2003، توجه للقتال في البلد المجاور لسوريا حيث انضم إلى تنظيم “القاعدة” بقيادة أبي مصعب الزرقاوي، قبل أن يُسجن لمدة خمس سنوات .
بعد بدء الحراك الاحتجاجي ضد الأسد في العام 2011، عاد إلى وطنه ليؤسس جبهة النصرة التي أصبحت في ما بعد هيئة تحرير الشام. في عام 2013، رفض التقرّب من أبي بكر البغدادي، الزعيم المستقبلي لتنظيم “داعش” وفضّل زعيم تنظيم “القاعدة” أيمن الظواهري .
” رجل دولة في طور التكوين؟ “
يرى انصاره أنه “واقعي”، ويقول خصومه إنه “انتهازي”. وقد صرّح في العام 2015 إنه لا ينوي شنّ هجمات ضد الغرب، كما يفعل تنظيم “داعش”، أو كما فعلت “القاعدة”. وأوضح عندما انفصل عن تنظيم “القاعدة”، إنه فعل ذلك “لإزالة ذرائع المجتمع الدولي” لمهاجمة تنظيمه .
ويقول بييريه إنه منذ ذلك الحين، واصل “خطّ مساره كرجل دولة في طور التكوين ” .
فرض في كانون الثاني (يناير) 2017 على الفصائل الإسلامية في شمال سوريا الانخراط في صفوف “هيئة تحرير الشام”، بعد مواجهات بين المجموعات المسلحة وتوترات. ثم شكّل إدارة مدنية لإدارة المناطق التي تسيطر عليها الهيئة في شمال غرب سوريا .
في إدلب (شمال غرب)، اتهم سكان وأقارب معتقلين ومدافعون عن حقوق الإنسان هيئة تحرير الشام بارتكاب انتهاكات ترقى، وفقا للأمم المتحدة، إلى جرائم حرب، ونظمات تظاهرات احتجاجية على هذه الممارسات في المنطقة .
بعد بدء هجوم الفصائل الأخير، سعى الجولاني إلى طمأنة سكان حلب التي تضم نسبة كبيرة من المسيحيين، داعيا مقاتليه إلى الحفاظ على “الأمن في المناطق المحررة”.
ويقول الباحث آرون لوند “أعتقد أنها قبل كل شيء مسألة سياسة ناجعة. فكلما قلّ خوف السوريين والمجتمع الدولي، بدا الجولاني لاعبا مسؤولا وليس متطرفا جهاديا وأصبحت مهمته أسهل”.
ويضيف “هل هذا صادق تماما؟ بالتأكيد لا. هذا الرجل ينتمي إلى نهج أصولي ديني متشدد جدا. لكن ما يقوم هو الشيء الذكي الذي يجب قوله أو فعله في هذا الوقت ” .
النهار العربي
————————
انسحابات متوالية للجيش والمعارضة تعلن الاقتراب من دمشق
السبت 07 كانون الأول 2024
انسحابات متوالية للجيش والمعارضة تعلن الاقتراب من دمشق play video play video أفادت مصادر محلية بانسحاب الجيش السوري من بلدات جديدة وسط البلاد وجنوبها، في حين أعلنت المعارضة السورية المسلحة المعارضة أنها باتت على بعد 20 كيلومترا من العاصمة السورية دمشق وسيطرتها على مبنى قيادة شرطة محافظة القنيطرة المحاذية لهضبة الجولان المحتلة.
وأفادت مصادر محلية بأن قوات النظام انسحبت من مدينتي السخنة والفرقلس وتدمر في ريف حمص، وأضافت أن قوات وزارة الدفاع السورية بدأت الانسحاب من مطار التيفور وهو أكبر قاعدة عسكرية شرقي تدمر.
قالت مصادر بالمعارضة المسلحة للجزيرة إن “جيش سوريا الحرة” (فصيل معارض مدعوم أميركيا) سيطر على جبل غراب الإستراتيجي في ريف حمص وعلى أسلحة في البادية السورية، كما بدأ عملا عسكريا للسيطرة على مواقع النظام في تدمر.
وفي زحفها نحو نحو مركز مدينة حمص الإستراتيجية وهي الأخيرة في طريقها نحو العاصمة دمشق، وجهت قوات عملية “ردع العدوان” نداء قالت إنه الأخير لقوات النظام في مدينة حمص للانشقاق عن النظام.
وبثت صورا للحظة دخول قواتها إلى مدينتي الرستن وتلبيسة اللتين تعدّان بوابتي حمص الشماليتين وتبعدان 12 كيلومترا عن وسط مدينة حمص.
وأكدت إدارة العمليات العسكرية -التي تقود عملية ردع العدوان- سيطرتها على آخر قرية على تخوم مدينة حمص، كما أشارت لاستباق ثوار في الرستن وصول فصائل المعارضة إليها، بمهاجمة مواقع للجيش تمهيدا لدخولها.
وفي المعسكر المقابل، أفاد مراسل الجزيرة بوقوع غارة على تلبيسة بريف حمص، كما قالت وسائل إعلام رسمية إن الجيش قصف بقذائف المدفعية مشفى ميدانيا ومجموعة مسلحة في المدينة.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري قوله إنه لا صحة للأنباء الواردة على صفحات من وصفتهم بالإرهابيين حول انسحاب الجيش من حمص.
وأضافت أن الجيش موجود في حمص وريفها وينتشر على خطوط “دفاعية ثابتة ومتينة”، مضيفة أنه تم تعزيزه بقوات ضخمة إضافية مزودة بمختلف أنواع العتاد والسلاح.
وقالت سانا إن الجيش استهدف بالمدفعية والصواريخ والطيران الحربي السوري الروسي المشترك آليات من وصفتهم بالإرهابيين وتجمعاتهم في ريفي حماة الشمالي والجنوبي وأوقعت عشرات القتلى والمصابين في صفوفهم.
وكان الطيران الحربي السوري والروسي حاول إبطاء تقدم قوات المعارضة، فقصف جسر الرستن في ريف حمص الشمالي، وشن عددا من الغارات على المدينة، كما تعرّض محيطها لقصف مدفعي بعد إعلان المعارضة المسلحة سيطرتها عليها.
عمليات الجنوب وفي جنوب البلاد، أعلنت “غرفة عمليات الجنوب”، التي تم إنشاؤها في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء، سيطرتها على كامل مدينتي درعا والصنمين، بعد مواجهات مع قوات النظام ومجموعات عسكرية مدعومة من إيران.
وقالت إدارة العمليات العسكرية إنها سيطرت على الطريق السريع الدولي عمان-دمشق وعلى مدينة إزرع إحدى أكبر مدن المحافظة ونحو 50 قرية وبلدة، وأضافت المعارضة أنها قطعت طرق الإمداد عن قوات النظام بالمدينة وأن مقاتليها دخلوا معبر نصيب الحدودي مع الأردن.
كما أعلنت المعارضة استيلاءها على آليات عسكرية وذخائر، وأكدت أنها سيطرت على اللواء 52 في ريف درعا الشرقي. وبثت المعارضة صورا لإسقاط الأهالي تمثال الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد الذي أعيد بناؤه عام 2018.
السويداء وفي مدينة السويداء، قالت فصائل محلية في بيان صباح اليوم إنها سيطرت على قسم المخابرات الجوية التابع للنظام في المدينة، وكذلك فرع الأمن الجنائي والفوج 405 قوات خاصة بعد انشقاق عناصر تابعة للنظام.
وقالت الفصائل المحلية في السويداء في وقت سابق إنها سيطرت على مقر قيادة الشرطة في المدينة والسجن المركزي. وأوضحت الفصائل أنها هاجمت قوات النظام في حاجز شهبا شمالي مدينة السويداء.
وتناقلت مواقع إعلامية بيانا صادرا عن “غرفة عمليات حسم المعركة” التي أعلنت إنشاءها فصائل عسكرية في السويداء، أمهلت فيه قوات النظام والأفرع الأمنية وقتا لإخلاء مواقعهم من دون مقاومة.
دير الزور وتدمر وفي شرق البلاد، قالت ما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية (قسد) إن عناصر مجلس دير الزور العسكري التابع لها انتشروا في مدينة دير الزور ومنطقة غرب الفرات.
وأضاف التنظيم في بيان أن هذه التحركات جاءت من أجل حماية الشعب معتبرا أن التطورات التي تحصل في سوريا تشكل خطرا على أمن الشعب والمنطقة.
ونقلت وكالة رويترز عن مصادر عسكرية سورية أن قوات قسد التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية العمود الفقري فيها، سيطرت على معبر البوكمال الحدودي مع العراق.
الجزيرة نت
—————————————–
بعد القنيطرة.. المعارضة السورية تقول إنها سيطرت على مدينة الصنمين قرب دمشق
07 كانون الأول 2024
أفاد مصدران بالمعارضة وعسكري سوري بأن قوات المعارضة قالت اليوم السبت إنها سيطرت على مدينة القنيطرة في الجولان السوري قرب الحدود مع إسرائيل.
وأكد العسكري الانسحاب من المدينة.
في سياق قريب، قال القيادي في المعارضة السورية حسن عبد الغني إن قوات المعارضة سيطرت اليوم السبت على مدينة الصنمين وتقدمت إلى مسافة 20 كيلومترا من البوابة الجنوبية لدمشق.
الثوار يعلنون السيطرة على محافظة القنيطرة ومدينة البعث pic.twitter.com/yYlv2AAWN6
— Halab Today TV قناة حلب اليوم (@HalabTodayTV) December 7, 2024
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إن “مقاتلين محليين سيطروا على مدينة الصنمين، غداة سيطرتهم على مدينة درعا، بعد انسحاب قوات النظام منها”، وبذلك يكون النظام السوري خسر سيطرته على محافظة درعا في جنوب البلاد.
وقال رامي عبد الرحمن إن “قوات النظام أخلت مواقع ونقاطا عسكرية وأمنية، بينما غادر العاملون في المؤسسات الحكومية، لتصبح محافظة القنيطرة الواقعة عند الحدود مع إسرائيل خالية لأول مرة من الجيش السوري”.
بدورها، قالت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) إن “الأصوات التي سمعت في بعض مناطق ريف دمشق الجنوبي هي لاستهدافات ورمايات بعيدة المدى على تجمعات الإرهابيين في درعا”.
من ناحية ثانية، قالت مصادر من الفصائل الدرزية المسلحة اليوم السبت إنها سيطرت على معظم قواعد الجيش في محافظة السويداء بجنوب سوريا على الحدود مع الأردن، تاركة قاعدة رئيسية واحدة شمالي مدينة السويداء.
وظلت قاعدة خلخلة الجوية الواقعة شمالي عاصمة المحافظة في المنطقة ذات الأغلبية الدرزية تحت سيطرة الجيش حيث تعيد القوات تجميع صفوفها. وأضاف المصدران أن مقر وحدة القوات الخاصة التابعة للجيش في المدينة شهد وقائع انشقاق جماعية.
وقالت المصادر إن المئات من جنود الجيش يحتمون الآن في أماكن تابعة للطائفة الدرزية.
كما أفاد رامي عبد الرحمن بـ”انسحاب لقوات النظام من بلدات بريف دمشق الجنوبي الغربي على بعد 10 كيلومترات من العاصمة دمشق والسيطرة عليها من قبل مقاتلين محليين”، مضيفا أن “القوات الحكومية أخلت كذلك فرع سعسع للمخابرات العسكرية” في ريف دمشق والذي يبعد حوالى 25 كيلومترا عن العاصمة.
وفي منشور على تلغرام، قال حسن عبد الغني القيادي في الفصائل المعارضة التي تشن هجوما منفصلا في وسط البلاد، “قواتنا تتمكن من السيطرة على فرع سعسع في ريف دمشق، ويستمر الزحف نحو العاصمة”.
(وكالات)
—————————-
المعارضة السورية تعلن السيطرة على مدينة درعا وتخلي سبيل المعتقلين
07 كانون الأول 2024
أعلنت إدارة غرفة العمليات المشتركة لمعركة “ردع العدوان” مساء الجمعة السيطرة على مدينة درعا جنوب سوريا.
وقال المتحدث العسكري باسم معركة “ردع العدوان” المقدم حسن عبد الغني: “مدينة درعا بالكامل محررة من قبضة النظام المجرم وميليشياته”.
وأضاف: “الآن تجري معارك على عدة جبهات في ريفي حماة وحمص وفي الجنوب السوري لتحرير أرضنا من الطغيان وتأمين مناطق آمنة تعيد المهجرين إلى ديارهم بكرامة وأمان”.
الآن تجري معارك على عدة جبهات في ريفي حماة وحمص وفي الجنوب السوري لتحرير أرضنا من الطغيان وتأمين مناطق آمنة تعيد المهجرين إلى ديارهم بكرامة وأمان.#إدارة_العمليات_العسكرية #ردع_العدوان
— حسن عبد الغني (@hasanabdalgany) December 6, 2024
وقال: “يسطر أحرار سوريا في هذه اللحظات صفحات من المجد لن ينساها التاريخ حيث يقتربون بثبات نحو الحرية المنشودة وفك قيود إخوتنا وأخواتنا الأسرى من سجون الطغيان”.
يسطر أحرار سوريا في هذه اللحظات صفحات من المجد لن ينساها التاريخ حيث يقتربون بثبات نحو الحرية المنشودة وفك قيود إخوتنا وأخواتنا الأسرى من سجون الطغيان.#إدارة_العمليات_العسكرية #ردع_العدوان
— حسن عبد الغني (@hasanabdalgany) December 6, 2024
وأظهرت صور تناقلها رواد وسائل التواصل الاجتماعي سيطرة فصائل محلية على سجن السويداء المركزي وسرية حفظ النظام، وسط إطلاق سراح جميع السجناء.
لحظة خروج سجناء من سجن السويداء المركزي جنوبي #سوريا بعد اقتحام المعارضة المسلحة السجن لتحريرهم pic.twitter.com/EOnPamJy0x
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) December 6, 2024
كما أخلت الفصائل المحلية في مدينة إزرع بريف محافظة درعا سبيل بعض الموقوفين فيه، مشيرة إلى “الاحتفاظ بالمتهمين بقضايا جنائية”، وسط أنباء عن انسحابات للجيش والأجهزة الأمنية منها باتجاه دمشق. وتعتبر مدينة إزرع منطقة أمنية، لم تدخلها الفصائل منذ العام 2011.
إطلاق سراح المعتقلين من سجن إزرع بعد تحرير المدينة والقطع العسكرية فيها#ردع_العدوان pic.twitter.com/bScCy3JbHh
— قتيبة ياسين (@k7ybnd99) December 7, 2024
وكانت قد أعلنت إدارة العمليات العسكرية الجمعة، إحكام سيطرتها على مدينة الرستن الاستراتيجية وبلدة تلبيسة شمال حمص. وسط تقدم فصائل المعارضة في ريف حمص.
لقاء الاهالي مع الثوار في مدينة الرستن في ريف حمص الشمالي pic.twitter.com/6reOGXB6Nc
— جميل الحسن (@Jamil_Alhasaan) December 6, 2024
وقال المتحدث العسكري باسم غرفة عمليات ردع العدوان المقدم حسن عبد الغني: “تشهد فلول النظام المجرم انهيارا كبيرا وهروبا أمام قواتنا على الجبهات، وقد أمنا انشقاق عدة مجموعات عسكرية من جنود النظام، وما زالت مجموعات أخرى تنسق معنا للانشقاق في حمص وريفها”.
تشهد فلول النظام المجرم انهيارا كبيرا وهروبا أمام قواتنا على الجبهات، وقد أمنا انشقاق عدة مجموعات عسكرية من جنود النظام، وما زالت مجموعات أخرى تنسق معنا للانشقاق في حمص وريفها.#إدارة_العمليات_العسكرية #ردع_العدوان
— حسن عبد الغني (@hasanabdalgany) December 6, 2024
وبحسب مصادر محلية لـ”القدس العربي” فإن قوات النظام انسحبت من تلبيسة والرستن إلى مدينة حمص، بعد سيطرة مقاتلين من أهالي المنطقة “بقايا فصائل المعارضة” على المدينتين. وسط مواصلة تقدم المعارضة المسلحة التي دخلت أكثر من 10 بلدات شمال المدينة.
——————————
محتجون في السويداء يدمرون صورة الرئيس الأسد وسط تصاعد الاحتجاجات ضد الحكومة
في حادثة لافتة يوم الجمعة 6 ديسمبر/كانون الأول 2024، دمرت مجموعة صورة كبيرة للرئيس السوري بشار الأسد في مدينة السويداء الواقعة جنوبي سوريا، وسط تصاعد الاحتجاجات ضد الحكومة. وقع الحادث داخل المركز الثقافي في المدينة،حيث مُزقت الصورة عند مدخل المبنى من قبل المتظاهرين.
تعتبر السويداء مركزاً رئيسياً للاحتجاجات المناهضة للحكومة، التي بدأت بسبب ارتفاع أسعار الوقود والغذاء والسلع الأساسية في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تشهدها البلاد. ورغم أن الاحتجاجات في البداية كانت مطلبية اقتصادية، إلا أنها سرعان ما تحولت إلى دعوات للتغيير السياسي والمطالبة بإزالة الرئيس بشار الأسد.
وتستمر الاحتجاجات الأسبوعية في المدينة، حيث يطالب المتظاهرون بالإصلاحات السياسية والتحول نحو نظام حكم جديد.
———————————-
قوات الكرامة تمهل النظام لإخلاء مواقعه بالسويداء
07 كانون الأول ٢٠٢٤
أعطت قوات شيخ الكرامة مهلة أخيرة لقوات النظام في محافظة السويداء لإخلاء مواقعها في مدة لا تتجاوز 24 ساعة.
وقالت قوات شيخ الكرامة في بيان اليوم، الجمعة 6 من كانون الأول، من جبل الثورة والثوار جبل سلطان باشا الأطرش والشيخ أبو فهد وحيد البلعوس. نعلن في قوات شيخ الكرامة مهلة أخيرة إلى مرتزقة النظام الطائفي في محافظة السويداء إخلاء مواقعهم في مدة لا تتجاوز 24 ساعة .
وطالب البيان محافظ السويداء وعناصر وضباط الفروع الأمنية والحواجز الأمنية بإخلاء مواقعهم في جميع أنحاء المحافظة، وعلى رأسها المربع الأمني في مدينة السويداء، مضيفًا أنه بعد انتهاء المهلة لن تروا الرحمة والمغفرة، فمن يبقى في صف الاستبداد مع هذا النظام المجرم مصيره الموت أو الأسر .
وأضاف البيان أن من اختار تسليم نفسه وسلاحه من النظام وعاد إلى أهله فله الأمن من قبلنا، ونهيب بأبناء السويداء ونخص بالذكر من بقي من جيش النظام العودة فورًا إلى أهله قبل فوات الأوان، فالأيام المقبلة لا صوت يعلو فوق صوت الحرية والكرامة .
وبحسب مراسلة عنب بلدي في السويداء، فإنه بالتزامن مع هذا البيان، سيطرت الفصائل المحلية على مبنى فرع الأمن السياسي في بلدة المزرعة بريف السويداء الغربي، فضلًا عن انسحاب الحواجز بريف السويداء الغربي، مشيرة إلى أن حركة رجال الكرامة في السويداء ترفع الجاهزية في أرجاء المحافظة بالتزامن مع استنفار للفصائل داخل المدينة.
من جهتها، قالت السويداء 24 ، إن الفصائل المحلية في مدينة شهبا تتحرك للسيطرة على الحواجز والنقاط الأمنية في المدينة ومحيطها.
وأضافت السويداء 24 أن مجموعات أهلية في بلدة عريقة بالريف الغربي للسويداء، تسيطر على حاجز المحروقات التابع لقوات النظام، وتتوجه للسيطرة على جميع الحواجز في محيط البلدة مع دعوات للعناصر لعدم المواجهة.
تأتي تلك التحركات في الجنوب السوري بالتزامن مع عمليات التقدم السريعة التي تحققها فصائل المعارضة شمالي ووسط سوريا، عقب إطلاقها عملية ردع العدوان ، التي سيطرت خلالها على مدينة حلب ومعظم ريفها وكامل محافظة إدلب، إضافة إلى معظم محافظة حماة، وأصبحت على أبواب مدينة حمص.
———————-
الجزيرة نت تتجول في حلب بعد تحريرها لمعرفة أحوال سكانها المعيشية
07 كانون الأول ٢٠٢٤
حلب بعدما تمكنت قوات فصائل المعارضة السورية من فرض سيطرتها على حلب تكشف الستار عما كان يعانيه الشعب من أزمات اقتصادية تعصف به، رغم أن حلب معروفة بأنها المركز الاقتصادي الرئيسي لسوريا، ولكن سكانها كانوا عاجزون عن تأمين الغاز أو المحروقات للتدفئة وحتى الكهرباء والخبز.
وتجولت الجزيرة نت في بعض أحياء وأسواق حلب للتعرف على أوضاعهم المعيشية خلال فترة حكم قوات النظام السوري للمدينة.
قالت لينا القاضي للجزيرة نت -وهي مدرسة متقاعدة- إن ارتفاع الأسعار الكبير هو المشكلة الأكبر لدينا “فراتبي الشهري يبلغ 300 ألف ليرة (17 دولارا) وسعر اشتراك الكهرباء بالشهر 450 ألف ليرة وسعر جرة الغاز 500 ألف ليرة، في حين مخصص للعائلة حسب البطاقة الذكية 4 أسطوانات في السنة.
وأضافت “زوجي يعاني من مرض القلب والكلى، ونحن الآن في فصل الشتاء، ولم يتم توزيع المازوت على البطاقة الذكية، وليس لدينا قدرة على شراء التدفئة، لذلك نعتمد على لف أنفسنا بـ”البطانية”، والكهرباء النظامية تأتينا كل 25 ساعة لساعتين فقط”.
بدوره، أفاد عبدو -وهو أب لـ3 أطفال- اليوم للجزيرة نت بأنه عامل يحصل أسبوعيا على 350 ألف ليرة سورية، يدفع منها 200 ألف ثمن حليب ومصروف طفله الرضيع، والخبز الذي يحصل عليه بالبطاقة الذكية يكفي ليومين فقط، لذلك يضطر بعد ذلك لشراء ربطة الخبز بـ6 آلاف ليرة.
اللحمة حلم وأما عن اللحمة، فقال إنها حلم لي ولعائلتي ومحرومون منها، وسعر الدجاجة الواحدة 150 ألفا، “لذلك أفضل شراء حليب لطفلي وأحرم نفسي وعائلتي من اللحم، وأما عن الغاز “فلا تعرف زوجتي الطبخ عليه فهي تطبخ على النار التي نشعلها بالكراتين والحطب”.
ولم تكن بدور العلي أوفر حظا، فهي تعمل مع ولديها الاثنين حتى تستطيع أن تؤمن احتياجات منزلها الأساسية وأدوية زوجها المقعد في المنزل، لأن مدخولها الشهري لا يتجاوز الـ800 ألف ليرة وتحتاج لضعف هذا المبلغ حتى تستطع أن توفر حاجاتها الأساسية، حسبما قالت للجزيرة نت.
وأضافت أن حصة المازوت بالسنة هي 50 لترا، وهذه ليست للتدفئة، لأنها لا تكفي لمدة أسبوع، لذلك تستعمل للطبخ في ظل حصولها على 4 أسطوانات في السنة، وإذا أردت شراءها في السوق العادية فإن سعرها مضاعف ولا قدرة لها على ذلك، وللتدفئة تلجأ للبس السميك أو التلحف بالبطانيات.
يبيع ناصر الجابر -الذي يقطع مسافة نحو 20 كيلومترا يوميا من أطراف مدينة حلب ليصل إلى السوق الشعبي تحت جسر الرازي- على بسطة خضار ويجني منها شهريا ما يقارب من 3 ملايين ليرة ليكون أحسن حظا من غيره، ولكن هذا المبلغ لا يكفيه إذا أراد شراء طبخة لعائلته بعدما أنفق الكثير من دخله في إيجار التنقل بين قريته والمدنية، بحسب ما صرح للجزيرة نت.
وأما عن اللحمة، فقال إنه لا يعلم سعرها، لأنه منذ عام لم يشترها لعدم قدرته على ذلك، أما الدجاج فسعر الواحدة يربو على 150 ألف ليرة (نحو 10 دولارات) وهو مبلغ طائل “فأفضل شراء القرنبيط والبطاطا والبندورة وغيرها”.
لقمة العيش محمد سالك عائلته كبيرة، ولا يكفيه الخبز -الذي يحصل عليه عن طريق البطاقة الذكية- حيث يتلقى ربطتين من الخبز في الأسبوع بينما هو بحاجة لربطتين يوميا، لذلك يضطر لشراء الخبز بسعر السوق بمبلغ يصل حتى 8 آلاف ليرة للربطة الواحدة في ظل مدخول لا يتجاوز الـ500 ألف ليرة شهريا.
وأشار إلى أن أكثر من 80% من السكان في مدينة حلب -الذي يبلغ تعدادهم ما يقارب من 2.5 مليون نسمة- يعيشون تحت خط الفقر، في ظل عدم وجود فرص العمل وتوقف كثير من المعامل والصناعة بعد التضيق على التجار من قبل المخابرات، حيث يتم اعتقال من يرفض الدفع بتهم متنوعة حتى يتمكن من الدفع والإفراج عنه.
ونوه إلى أن الشعب أصبح منشغلا في تأمين لقمة العيش لأطفاله وتأمين المستلزمات الضرورية من ماء وخبز وغاز وتدفئة وكهرباء والإنترنت، ثم يأتي بعدها الطعام والشراب وكل شيء غالي الثمن، فإذا أردت شراء خبز وزيت نباتي وبطاطا والقليل من الخضار تحتاج إلى ما يقارب من 100 ألف ليرة، بحسب ما قال للجزيرة نت.
يشار إلى أن الدولار يعادل نحو 25 ألف ليرة سورية في السوق الحرة، بينما التسعيرة التي يضعها النظام السوري حاليا فهي 18 ألف ليرة لكل دولار.
————————
سوريون في تركيا يتوقون للعودة إلى بلادهم مع تقدم فصائل المعارضة
07 ديسمبر 2024
يتوق سوريون في تركيا للعودة إلى بلادهم، مع إحراز فصائل المعارضة السورية تقدّما لافتاً منذ أن بدأت بشن عملية مفاجئة أطلقت عليها اسم “ردع العدوان” في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
أمضت وفاء ثمانية أشهر في سجن سوري في العام 2014 ولجأت بعد الإفراج عنها إلى إسطنبول، وهي الآن تشعر بحماسة كبيرة لفكرة أنها قد تتمكن من التنزه قريباً في شوارع دمشق. وتقول هذه المرأة الأربعينية: “منذ أسبوع يتملكني شعور جميل جداً، وفي الأمس بكيت طويلاً”، وهي على ثقة بأن التقدم السريع لفصائل المعارضة في سورية سيفضي إلى “حل سياسي” حتى قبل أن يصل القتال العاصمة دمشق.
سوريون في تركيا: “من الطبيعي أن نحن”
على غرارها، يعيش نصف مليون لاجئ سوري في إسطنبول، كبرى المدن التركية. وقد لجأ ما مجموعه ثلاثة ملايين سوري إلى تركيا هرباً من الحرب التي قضى فيها نصف مليون شخص منذ العام 2011.
تُفكر وفاء عمر في مرحلة أولى أن تقوم “برحلات ذهاب وإياب” إلى دمشق لأن إحدى بناتها انضمت للتو إلى جامعة في إسطنبول. إلا أن الكثير من العائلات ستسعى في غضون أشهر قليلة للعودة نهائياً إلى سورية على ما تؤكد. لطالما نظرت وفاء عمر التي أدخلت السجن بسبب منشورات لها عبر فيسبوك مناهضة للسلطات السورية، بريبة إلى زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني الذي يقود تحالف فصائل المعارضة الذي يشن الهجوم الحالي ويريد إطاحة رئيس النظام السوري بشار الأسد. وتقول المدرّسة المنخرطة في جمعية لمساعدة النازحين، “في البداية كنت ضده لكن الآن أحبه كثيراً لأنه نجح في ما فشل الجميع في تحقيقه. يقوم بعمله الآن وسينسحب لاحقاً”.
على بعد شوارع قليلة، في حي فاتح حيث للجالية السورية وجود كبير، يرى محمد عامر الزكور أيضاً أن الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام “تغير كثيراً”. ويقول المهندس المدني البالغ 58 عاماً وهو من مدينة حلب “من الطبيعي ان أحن إلى وطني”. وهو يتابع عن كثب التطورات الميدانية مع التقدم السريع لفصائل المعارضة التي سيطرت على حلب (شمال) وحماة في الوسط وباتت على أبواب حمص في الوسط أيضاً، ضمن الهجوم الذي تم في 27 نوفمبر/تشرين الثاني.
أضاف “شخصياً ممكن أن أعود بسهولة لأتابع عملي مهندساً مدنياً وأشارك في بناء سورية المستقبل بإذن الله، ولكن أجد صعوبة في إقناع أبنائي الذين تربوا في تركيا وذكرياتهم فيها وثقافتهم تركية بالعودة معي”، متابعاً “أبنائي أصبحوا أتراكاً. أنا عربي أحن إلى بلدي، ذكرياتي هناك، أصدقائي هناك، عملي هناك، تجارتي هناك تركتها”.
ويرجّح أن تنظر الحكومة التركية بعين الرضا إلى عودة أعداد كبيرة من اللاجئين لبلادهم، في ظل تنامي مشاعر مناهضة للسوريين في الآونة الأخيرة. وتوقّع وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، الأربعاء، حصول تدفق اللاجئين للعودة في حال تمكنت الفصائل المعارضة من الإمساك بالمدن التي سيطرت عليها في الآونة الأخيرة، مع اعتباره في الوقت عينه أنه لا يزال من المبكر الإسراع إلى ذلك.
لا بديل عن الوطن
يبدي سوريون في تركيا ثقتهم بأن سقوط رئيس النظام السوري بشار الأسد بات مسألة وقت. ويقول الشاب محمد ناعس (20 عاماً) الذي يشرف على متجر للعائلة في المدينة التركية “سيسقط الأسد خلال بضعة أيام. ما لم تتم الإطاحة به، سينسحب من تلقاء نفسه، ليست لديه خيارات أخرى”. ويضيف الشاب الذي يتحدث التركية بطلاقة “نصفنا (في إشارة للسوريين) باتوا على شفير العودة… والنصف الآخر سيعودون بعد حين أو آخر لأن لا مكان يعوضنا عن وطننا”.
ولا يبدي الشاب أي تردد في التخلي عن حياته في تركيا التي وصلها وهو لمّا يزل في الثامنة من العمر. ويوضح “أمضيت هنا وقتاً أطول مما أمضيت في سورية، لكن عاداتنا وتقاليدنا هناك. يحدثنا أهلنا دونما توقف عن ذكرياتهم الجميلة في البلاد”. يضيف “نريد أن نعود لنتمكن من أن نعيش ما رووه لنا”.
(فرانس برس)
——————————–
قوات سوريا الديمقراطية تسيطر على معبر البوكمال ومدينة دير الزور
رويترز
07 ديسمبر 2024
سيطرت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة، الجمعة، على معبر البوكمال الحدودي مع العراق، وفق ما نقلت رويترز عن مصادر عسكرية سورية.
والمعبر يتواجد في مدينة البوكمال السورية في محافظة دير الزور وأعادت السلطات العراقية والسورية فتحه في 2019 بين البلدين للتجارة والأفراد، بعد خمس سنوات من إغلاقه بسبب الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
واستولت قسد على مدينة دير الزور بشرق سوريا، وهي المدينة الثالثة التي تخرج عن سيطرة الرئيس بشار الأسد في غضون أسبوع، وفق ما نقلت رويترز.
وقال مصدران أمنيان مقرهما في شرق سوريا إن التحالف المعروف باسم قوات سوريا الديمقراطية سيطر بالكامل على دير الزور بحلول ظهر اليوم الجمعة.
وقال عمر أبو ليلى، وهو ناشط من منصة (دير الزور 24) الإعلامية وله اتصالات في المدينة، لرويترز إن قوات الحكومة السورية والمقاتلين العراقيين المدعومين من إيران انسحبوا من دير الزور قبل أن تكتسحها قوات سوريا الديمقراطية.
وأكد مجلس دير الزور العسكري المنضوي في إطار قوات سوريا الديموقراطية، الجمعة، انتشار قواته في المناطق الواقعة غرب نهر الفرات في محافظة دير الزور، بعد انسحاب القوات الحكومية ومجموعات موالية لإيران.
وقال المجلس المؤلف من فصائل محلية في بيان “انتشر مقاتلونا في مجلس دير الزور العسكري في المدينة وغرب الفرات”، بعيد إعلان المرصد السوري انسحاب القوات الحكومية ومجموعات موالية لطهران من مناطق سيطرتها في المحافظة الحدودية مع العراق وذات الغالبية العربية.
وجاء تقدم قوات سوريا الديمقراطية في الوقت الذي يحاول معارضون مسلحون بقيادة هيئة تحرير الشام، المصنفة على لوائح الإرهاب الأميركية، دخول مدينة حمص بوسط سوريا اليوم الجمعة.
وكانت المعارضة المسلحة سيطرت بالفعل على مدينة حلب الشمالية الأسبوع الماضي ومدينة حماة في وقت سابق من هذا الأسبوع، موجهين أكبر الضربات للأسد منذ سنوات.
—————————-
تطورات ميدانية متسارعة.. هل سيتقوى تنظيم داعش في سوريا؟
الحرة / خاص – واشنطن
06 ديسمبر 2024
يثير إعلان قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة المتعلق بسيطرة تنظيم داعش الإرهابي على بعض المناطق في البادية السورية، الكثير من التساؤلات بشأن مدى قدرة التنظيم على إعادة تنظيم صفوفه واستغلال التطورات المتسارعة في الساحة السورية للحصول على مكاسب ميدانية.
الجمعة، قال قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي إن تنظيم الدولة الإسلامية سيطر على بعض المناطق في شرق سوريا.
وذكر عبدي في مؤتمر صحفي أنه “بسبب أحدث التطورات، هناك تحركات متزايدة لمرتزقة الدولة الإسلامية في البادية السورية وفي جنوب وغرب دير الزور وريف الرقة”، وهي مناطق في شرق سوريا.
جاءت هذه التحركات بالتزامن مع سيطرة فصائل المعارضة السورية بقيادة هيئة تحرير الشام، المصنفة إرهابية من قبل واشنطن، على مدينتين استراتيجيتين هما حلب وحماة خلال الأيام القليلة الماضية.
في البداية نجحت فصائل المعارضة الأسبوع في دخول حلب، ثاني أكبر مدن البلاد، بعد معارك مع قوات النظام. والخميس، نجحت في السيطرة على مدينة حماة، رابع كبرى مدن البلاد، بعد معارك ضارية خاضتها ضد القوات الحكومية، في إطار هجوم مباغت بدأته الأسبوع الماضي ومكّنها من التقدم سريعا والسيطرة على مساحات واسعة انتزعتها من القوات الحكومية.
كذلك انسحبت القوات الحكومية السورية وقادة مجموعات موالية لطهران، الجمعة “بشكل مفاجئ” من مدينة دير الزور في شرق سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ومحافظة دير الزور الغنية بحقول النفط مقسمة بين أطراف عدة، إذ تسيطر القوات الحكومية ومقاتلون إيرانيون ومجموعات موالية لهم على المنطقة الواقعة غرب نهر الفرات الذي يقسم المحافظة إلى شطرين، فيما تسيطر قوات سوريا الديموقراطية، وهي فصائل كردية وعربية مدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، على المناطق الواقعة عند ضفافه الشرقية.
ترقب
ويرى الباحث في شؤون الجماعات المتشددة حسن أبوهنية أن تنظيم داعش معروف تاريخيا بأن له براعة وخبرة في استغلال واسثمار الاضطرابات لصالحه، وأضاف في حديث لموقع “الحرة” أن “التنظيم في حالة من الترقب والانتظار لما سيحدث في سوريا”.
ويذكر أن تنظيم داعش سيطر في العام 2014 على مناطق واسعة في العراق وسوريا، وأعلن قيام ما يسميه “الخلافة” وأثار رعبا في المنطقة والعالم. وفي العام 2017، أعلن العراق دحر التنظيم بمساندة من تحالف دولي بقيادة واشنطن.
ثم اندحر التنظيم المتطرف في سوريا في العام 2019 أمام المقاتلين الأكراد بقيادة قوات قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من واشنطن.
يقول أبوهنية إن “الاضطرابات دائما ما تؤدي لانشغال القوى التي تواجه التنظيم كقسد وغيرها مما يسمح له بإعادة الهيكلة والانتشار بشكل أفضل”.
ويشير أبو هنية إلى أن “واحدة من أخطر المسائل التي لم تحل لغاية حتى الآن وحذرنا منها مرارا هي وجود أكثر من 10 آلاف عنصر من داعش في سجون قسد.. هؤلاء بمثابة جيش متكامل جاهز”.
بالإضافة لذلك يبين أبوهنية أن هناك ما يقرب من 60 ألف من عائلات وأقارب عناصر التنظيم يتواجدون في مخيمات النازحين في سوريا كمخيم الهول وغيره”.
ويحذر الخبير في شؤون الجماعات مما وصفها “عملية مباغتة في لحظة اضطراب يتمكن من خلالها التنظيم من اقتحام سجون قسد وإطلاق سراح عناصره، كما حصل خلال السنوات الماضية”.
وكانت قوات سوريا الديموقراطية أعلنت مرارا إحباط هجمات مكثفة شنها التظيم ضد مراكز أمنية تضم معتقلين من داعش.
وقبل ذلك شن العشرات من مسلحي التنظيم هجوما واسع النطاق على سجن غويران في مدينة الحسكة في يناير 2022 مما أسفر عن مقتل المئات من الطرفين وهروب عدد من المتطرفين قبل أن يتم اعتقال بعضهم.
بالمقابل يضمّ مخيم الهول المكتظ الذي تديره قسد، بحسب أرقام إدارة المخيم في يناير 2024، أكثر من 43 ألف سوري وعراقي وأجنبي من 45 دولة على الأقل، بينها فرنسا والسويد وهولندا وروسيا وتركيا وتونس ومصر. وجميع هؤلاء من أفراد عائلات عناصر في التنظيم المتطرف.
انسحاب واشنطن
تأتي كل هذه التطورات في ظل الحديث عن توصل الحكومة العراقية لاتفاق مع الولايات المتحدة يقضي بسحب القوات الأميركية من العراق في غضون عامين.
وتنشر الولايات المتحدة زهاء 2500 جندي في العراق ونحو 900 في سوريا المجاورة، في إطار التحالف الذي أنشأته عام 2014 لمحاربة تنظيم داعش. ويضم التحالف كذلك قوات من دول أخرى لا سيّما فرنسا والمملكة المتحدة.
ويعتقد الباحث في معهد واشنطن أرون زيلين أن تنظيم داعش ليس قويا في سوريا كما كان قبل عقد من الزمن، إلا أنه لا يزال يحافظ على وجود قوي وسيستفيد بلا شك من أي انسحاب للقوات الأميركية”.
ويضيف زيلين، في مقال منشور على موقع المعهد، أن الاضطرابات في المنطقة قد تسمح للتنظيم ببسط سيطرته الإقليمية مرة أخرى في شرق سوريا واستخدامها كمنطلق لإعادة إحياء تمرده في العراق”.
يتفق أبوهنية مع هذا الطرح ويرى أن “الأمور متجهة لا شك نحو صعود جديد للتنظيم وخاصة في حال انهيار نظام الأسد بالكامل وليس فقط خسارة المدن مما يؤدي لمزيد من الفوضى”.
الحرة / خاص – واشنطن
—————————–
البحرة: الأعمال تتقدم في حلب وسيحكمها السوريون أصحاب الخبرات
07 كانون الأول ٢٠٢٤
أوضح رئيس الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة أن الوضع في حلب هو كما تم التخطيط له، مؤكداً أن العمل يتقدم نحو تحقيق الأمن والاستقرار، وتأمين الاحتياجات والخدمات الأساسية للمواطنين، ومراعاة المجتمع والاستمرار بآليات عمل تحترم الأديان والثقافات وحقوق الإنسان، ومراعاة التنوع الموجود في حلب.
وفي تصريح صحفي لصحيفة حرييت التركية، لفت البحرة إلى أن من سيحكم حلب هم السوريون أصحاب الخبرات من أهلها، مضيفاً أنه لن يبدأ العمل من الصفر بل سيعود الموظفون لأعمالهم، وسيجري إعادة تشغيل المؤسسات الحكومية والرقي بخدماتها، مع رفدها بكوادر متدربة للتخلص من فساد النظام وتأمين حقوق الناس.
وأشار إلى أن هذه الخطة تعمل على الأمد القصير والمتوسط، لكن في حال تحقيق الحل السياسي الشامل فمن الممكن توسيع هذه الخطة على صعيد سورية ككل.
وأكد رئيس الائتلاف الوطني السوري أن أهداف هذه العمليات أولاً وقف عدوان قوات الأسد والميليشيات الإيرانية الداعمة له، ثم تهيئة البيئة الآمنة لعودة المهجرين لأماكن سكنهم الأصلية، ومن ثم إجبار نظام الأسد على الانخراط في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة وفق القرار 2254 من أجل إنقاذ ما تبقى من سورية.
ولفت البحرة إلى أن النظام أعاق ورفض أي مساعٍ في المسار السياسي، وهو ما دفع قوى الثورة والمعارضة اللجوء للتفاوض عبر العملية العسكرية، من أجل تحقيق الهدف الأساسي، وهو تحقيق السلام المستدام والفعلي للسوريين، وتحقيق الانتقال السياسي نحو النظام الديمقراطي القائم على التعددية السياسية، كما نص قرار مجلس الأمن رقم 2254.
وبخصوص التوجه نحو منبج أو القصير بريف حمص، قال البحرة: لا أريد تأكيد تفاصيل عسكرية ، مشدداً على أن هدف الثورة هو تحرير سورية بالكامل لتعود لكل مواطنيها من كل الأعراق والأديان والطوائف بلداً واحداً موحداً حراً ومستقلاً .
وجدد البحرة التأكيد على استعداد الائتلاف الوطني للتفاوض، وتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة السلطات التنفيذية ضمن إطار بيان جنيف والقرار 2254، وقال: لن نقبل بأنصاف حلول أو حلول لا تلبي تطلعات السوريين .
وأكد البحرة على أن العمليات العسكرية تجري بمشاركة جميع فصائل المعارضة العسكرية والجيش الوطني، مضيفاً أن هذا كان ممكنًا بسبب تحييد الخلافات والاتفاق على آليات محددة للعمل.
وأشار إلى أنه أيضاً جرى الاتفاق على قواعد ناظمة تحدد ما هو الممنوع، على سبيل المثال الجميع اتفق على رفع الظلم عن السوريين وضرورة تحرير المدينة وحفظ أهلها، وتأمين أمنها واستقرارها وطمأنة المواطنين واحترام حقوقهم والتأكد من سلامتهم الشخصية وسلامة ممتلكاتهم، ومكافحة التطرف والإرهاب، والعمل على تشغيل الخدمات العامة بالسرعة الممكنة.
وشدد على أن الخلافات بين الفصائل هي جزئية ولا تؤثر على المشهد العام من تعاضد كل فصائل الثورة من أجل هدف واحد هو النجاح في المهمة التي أوكلت لهم.
وحول دور تركيا، قال البحرة إن أنقرة لها دور هام جداً في دعم الشعب السوري منذ سنوات، وهو محط تقدير السوريين، ونتوقع من تركيا الاستمرار في مساعيها لدعم العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة للتوصل لحل قابل للاستدامة.
وأضاف أن ما يحصل الآن هو نضال السوريين لتحرير بلدهم، وأكد على الاستمرار في النضال حتى تحقيق تطلعات الشعب السوري، معبراً عن أمله في أن يكون ذلك سلميًا عبر التوصل لاتفاق سياسي كما تحاول تركيا أن تدفع بذلك، لافتاً إلى أنه في حال فشل تلك الجهود فنحن مستمرون بالعمل العسكري حتى تحرير آخر ذرة تراب من وطننا .
وأكد البحرة على أنه لن يدخر أبناء الثورة أي فرصة لتحرير كامل البلاد وبناء سورية الديمقراطية، مضيفاً أن فصائل المعارضة والجيش الوطني يقاتلون بدعم من الشعب السوري كله الذي ينتظر الخلاص من الظلم.
وذكر البحرة أن الأهم هو الروح المعنوية العالية التي يتمتع بها أبطال قوى الثورة والمعارضة، فهي روح من يقاتل من أجل العودة إلى منزله ومن يقاتل من أجل لقاء والديه وأحبائه، هي روح من يقاتل من أجل حرية وطنه وشعبه، موضحاً أن التجهيزات اللوجستية لن تكون عائقاً أمام الاستمرار في التحرير.
المصدر: الدائرة الإعلامية للائتلاف الوطني السوري
———————-
مكسيم خليل: سوريا لكل السوريين… معتصم النهار: ألم تشبعوا من الدم السوري؟ وسلاف فواخرجي تهاجم «من يقتحم البيوت»
ناديا الياس
07 كانون الأول 2024
بيروت – «القدس العربي»: لم تغب التطورات العسكرية في سوريا عن متابعة بعض الممثلين السوريين الذين علّق بعضهم على ما يجري كل من وجهة نظره وانتمائه. وأبدت النجمة السورية سلاف فواخرجي شجبها لما يحدث في سوريا، وقالت في تغريدة عبر منصة «اكس» «إن اقتحام البيوت وانتهاك حرمتها وتفتيش موبايلات أهلها كباراً وأطفالاً وسرقة منازلهم وممتلكاتهم لضمها لغنائمهم، من شيم دينهم وثورتهم! ومَن ليس من طائفتهم يقف جانباً لمصير مجهول! إما للهداية وإما للجباية وإما للشنق!».
من ناحيته، سأل النجم السوري معتصم النهار مَن يعنيهم الأمر «ألم تشبعوا من الدم السوري؟ ألهذه الدرجة سوريا مقلقة بالنسبة لكم». وحيا بلده التي ستبقى قائمة للأبد قائلاً: «أنتم تعلمون جيداً من هو السوري في كل المجالات لذلك تبذلون جهدكم لتدميرها لكي لا تقوم لها قائمة ويبقى شعبها مشتتاً، ولكن سوريا عائدة قريباً وشعبها حي عاشقٌ جبار وحضارتها ستبقى قائمة للأبد رغم الشياطين. تحيا سوريا».
وكان النجم السوري مكسيم خليل وجه نداء عاجلاً إلى أبناء بلده في معظم المناطق السورية الذين يواكبون ما يجري من أحداث عبر مواقع التواصل الاجتماعي وخاطبهم باللهجة السورية: «اهلي السوريين بكل المناطق السورية.. لكل حدا عميشوف الڤيديوهات والأخبار بالوقت الحالي.. بالسر او بالعلن.. لكل خايف.. لكل مبسوط.. لكل زعلان.. لكل مترقب.. لكل شمتان.. لكل قلق.. لكل منتصر ولكل إيد بتفكر بالانتقام من الإيد التانية: «نحن جسم واحد.. نحن لسنا أعداء.. نحن أهل.. نحن بس مفرقين».
ونبّه مكسيم الشعب مما سماه «الايغو» وتعمية الحقيقة لتمرير المصالح على حد تعبيره: «مقسمين بالدم عن سابق الإصرار ايديولوجياً.. طائفياً.. مناطقياً.. عقائدياً.. وكل المسميات.. بس الاكتر خطورة بعلاقتنا هو «الأنا» يلي عم تسيرنا «الإيغو» هو يلي بخوفك تشوف الحقيقة.. بخوفك تطلع من دائرتك يلي هي منطقته الآمنة.. هو يلي بخليك ما تعترف بخطئك.. او حتى تقبل تشوفه أو تشوف حق الآخر.. ومابخليك تغيّر قناعاتك يلي زرعوها فيك.. ليمشوا مصالحها».
وحث مكسيم أبناء بلده على عدم الخوف وفتح قلوبهم وبصائرهم من وجهة نظر الآخر بالقول: «افتح قلبك أيها السوري ولا تخاف.. اتطلع على مرايتك بطريقة تانية… جرب.. جرب اطلع من دائرتك وشوف المشهد من برا.. شوفه من وجهة نظر الآخر.. شوف مطالبه.. شوف مخاوفه.. شوف مظلوميته.. صدقني رح ترأف فيه وتساعده، لأنه مظلوميته هي بالنهاية بتكمل مظلوميتك».
ودعاهم إلى الاقلاع عن سجن أفكارهم ومخاوفهم وأوهامهم بالقول: «أنا متأكد أنه كلنا بدواخلنا وبلحظة صادقة منعرف الحقيقة ومنعرف السبب.. والأهم أنه كلنا منعرف الحل.. بس نحنا متمسكين بأفكارنا.. شو منبع هاد التمسّك؟ الخوف.. وعدم الثقة بالآخر يلي هو منبعه كمان الخوف… إذا بتفتح عقلك شوي رح تشوف انه تقريباً كلشي جواتك جذره «خوف». وهو نفسه الخوف ممكن يحولك لظالم لجلاد لحاقد لمجرم لجبان لانتهازي لحيادي ويجردك حتى من الأمل.. وممكن يحولك لسجين طليق.. سجين افكارك ومخاوفك واوهامك».
وختم نداءه بهاشتاغ «سوريا لكل السوريين»، مثنياً في الوقت عينه على طيبة وشهامة الشعب السوري: «عندي ايمان مطلق انه الغالبية العظمى من الشعب السوري… طيب.. ومحب.. كريم.. شهم.. عنده كرامة.. وهاد عن تجربة مو كلام.. ومتل كل شعوب العالم في ناس عاطلة ومصلحجية وغير محبة.. هدول بسيطروا لأنهم بلا قلب.. ابداً مو لأنه عندهم قلب متل «ما بخلونا نفكر» الحل لسوريا هو جوات كل سوري رح يفتح قلبه لباقي السوريين.. جوات كل سوري بيتحكم بمخاوفه ومعتقداته في سبيل حرية إنسان آخر. جوات كل سوري بيهزم الإيغو تبعه… وبصير ولاؤه لسوريا العظيمة فقط. يمكن حدا يسأل شو نفع هاد الخطاب بوقت السلاح عميقول كلمته.. الحقيقة: هاد الكلام وقته.. هو تحديداً وقت الرصاص».
وكان مكسيم نشر صورة له من أحد أعماله التلفزيونية بدا فيها ملطخاً بالدماء.
——————————
صحيفة إيرانية تهاجم الأسدين: حافظ باع الجولان لإسرائيل وبشار أشعل حرباً أهلية/ صابر غل عنبري
07 ديسمبر 2024
هاجمت صحيفة “ستارة صبح” المقربة من التيار الإصلاحي الإيراني أسرة الأسد الحاكمة في سورية، في عددها الصادر اليوم السبت، قائلة إن الرئيس السوري السابق حافظ الأسد سلّم الجولان لإسرائيل، ونجله بشار الأسد أدخل سورية في أتون حرب أهلية بعد الربيع العربي، ما خلف آلاف القتلى والجرحى وملايين مشردين. ويأتي هذا الهجوم، فيما يسود في إيران قلق من سقوط الحليف السوري المتمثل بالنظام الذي استثمرت في بقائه لأكثر من عقد بعد اندلاع الأزمة السورية، وكلفها ذلك الكثير من المال، وكذلك في سمعتها التي تراجعت بعد هذا التدخل في العالمين العربي والإسلامي.
وأضافت الصحيفة الإيرانية، في مقال معنون بـ”الأسد وحيداً”، جعلتها عنوان المانشيت في صفحتها الأولى، أن الهجوم المباغت لهيئة تحرير الشام على حلب قد أدخل العالم في صدمة، وأقلق إيران وروسيا بشأن مستقبل سورية وبشار الأسد، مؤكدة أن إضعاف الأسد أو إسقاطه سيعود بالضرر على حلفائه، متحدثة عن مخطط بين الفصائل المقاتلة وتركيا والغرب والدول العربية “أساسه رحيل الأسد أو ابتعاده عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.
وذكرت الصحيفة أن روسيا بسبب الحرب الأوكرانية “غير قادرة على لعب دور في إنقاذ الأسد كما حصل عام 2016، وإيران أيضاً بسبب مواجهتها مع إسرائيل غير قادرة على دعمه مثل السابق، وحزب الله أيضاً قد أُضعِف ولا يمتلك القدرة السابقة”، مشيرة إلى أن الحشد الشعبي العراقي أيضاً يواجه عقبتين: الأولى سيطرة المعارضة على مدينتي البوكمال ودير الزور، والعقبة الثانية رفض رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، والمرجع الديني علي السيستاني، دخول الحشد في الحرب لأجل بقاء الأسد أو محاربة إسرائيل.
ودعت “ستارة صبح” الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى تغيير سياساتها تجاه سورية، حفاظاً على حقوق المواطنين الإيرانيين وسلامة الأراضي الإيرانية والمصالح القومية، مشيرة إلى دعوة روسيا رعاياها إلى مغادرة سورية، وقالت إن ذلك يكشف عن أن “توازن القوة في الشرق الأوسط قد تغير ضد مصلحة الأسد وروسيا وإيران وحزب الله”.
إلى ذلك، تناولت صحيفة “هم ميهن” الإيرانية الإصلاحية، في مقال لها اليوم السبت، تطورات الشمال السوري على خلفية الهجمات المتلاحقة للمعارضة السورية، متطرقة إلى موقف البلاد تجاه ما يحصل بعنوان “لغز إيران”. وقالت إنه بعد 13 عاماً من بدء الحرب الداخلية في سورية، ودور إيران المباشر في الأزمة، “تبدو الظروف هذه المرة والتصريحات والدعايات السياسية حول التطورات الجارية مختلفة”. وتابعت: “في بدايات الحرب السورية قبل ظهور الجماعات الإرهابية والتكفيرية، تدخلت إيران عبر قواتها العابرة للحدود من أجل إنقاذ بشار الأسد وحكومة الجمهورية العربية السورية”.
وأشارت الصحيفة إلى أنه “عندما اتخذت الحرب شكلاً آخر، والتحقت بها الجماعات الإرهابية الصغيرة والكبيرة، غيرت إيران أيضاً شكل حضورها من الفرق الاستشارية والعملياتية الصغيرة لفيلق القدس إلى حضور كبير للقوات القتالية، لكن اليوم حتى الآن لا وجود لتلك الدعاية السياسية التي كانت موجودة قبل 13 عاماً، لا المواقف مثل السابق ولا التقارير المؤكدة تشير إلى أن إيران بصدد اتباع تلك العملية الاستراتيجية عام 2011″، في إشارة إلى اتخاذ قرار بدعم الأسد وحكومته.
ولفتت “هم ميهن” إلى أن التلفزيون الإيراني قد استخدم أمس الجمعة لأول مرة عبارة “الفصائل المسلحة أو المعارضون المسلحون” في تغطيته الشأن السوري، بينما كان يستخدم مصطلح “الجماعات الإرهابية والإرهابيون”، وتساءلت الصحيفة عن سبب الدور الروسي المحدود في تنفيذ الهجمات على المعارضة السورية كما كان سابقاً.
وفيما كانت تتوقع أوساط إيرانية محافظة مقربة من الحرس الثوري خلال الأيام الماضية، التدخل هذه المرة أيضاً للوقوف إلى جانب النظام السوري، كتبت صحيفة كيهان المحافظة في افتتاحيتها اليوم السبت، أن “وحدة الساحات ليست فقط وحدة الميدان العسكري، ولا تقتصر على أعضاء جبهة المقاومة، وليس صحيحاً هذا الفهم، فوحدة الساحات لا تختزل في الميدان العسكري ولا في جبهة المقاومة”.
وأضافت “كيهان” أن “وحدة الساحات فيها درجات الشدة والضعف، وبالإضافة إلى الوحدة العسكرية، تشمل أيضاً الوحدة سياسياً واقتصادياً وأمنياً وثقافياً واجتماعياً”، مشيرة إلى أنه في الحرب المركبة، فإن الدفاع عن أمن الحلفاء هو الدفاع عن أمن إيران، لافتة إلى أن “أمن العراق وسورية ولبنان واليمن جزء من أمننا”. كذلك انتقدت، في الوقت ذاته، تعالي دعوات في إيران إلى التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية في الظروف الراهنة، متهمة البعض بإرسال “إشارات ضعف إلى أميركا وأوروبا” للتفاوض.
العربي الجديد
————————-
“نيويورك تايمز”: إيران تشرع في إجلاء قادتها العسكريين من سورية
07 ديسمبر 2024
نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، اليوم السبت، عن مسؤولين إقليميين وثلاثة مسؤولين إيرانيين، أنّ إيران شرعت في إجلاء قادتها العسكريين وموظفيها من سورية، أمس الجمعة، في مؤشر، بحسب الصحيفة، على عدم قدرة طهران على “مساعدة رئيس النظام السوري بشار الأسد على البقاء في السلطة”، وذلك بينما تواصل فصائل المعارضة السورية إحراز تقدّم لافت منذ أن بدأت بشنّ عملية مفاجئة أطلقت عليها اسم “ردع العدوان” في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الفائت، إذ نجحت في السيطرة على حلب، ثاني أكبر مدينة في سورية، قبل السيطرة على مدينة حماة الاستراتيجية، كذلك انسحبت قوات النظام السوري وقادة مجموعات موالية لإيران، الجمعة، بشكل مفاجئ، من مدينة دير الزور شرقي سورية.
وأشارت الصحيفة الأميركية، نقلاً عن هؤلاء المسؤولين، إلى أنّ من بين مَنْ أُجلُوا إلى العراق ولبنان المجاورين، قادة كبار في “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني. وأضافت أنه كذلك أُجلِي عناصر ضمن الحرس الثوري وبعض الموظفين الدبلوماسيين الإيرانيين برفقة عائلاتهم، ومواطنون إيرانيون كذلك، وفق تأكيدات المسؤولين الإيرانيين، الذين قالت الصحيفة إنّ اثنين منهم من الحرس الثوري. وأشار هؤلاء المسؤولون، الذين تحدثوا للصحيفة شرط عدم كشف أسمائهم، إلى أنّ الإيرانيين شرعوا في مغادرة سورية، صبيحة أمس الجمعة.
وأوضحت “نيويورك تايمز”، وفق المصادر ذاتها، أنّ أوامر الإخلاء صدرت في السفارة الإيرانية بدمشق، وقواعد الحرس الثوري الإيراني، مضيفة أنّ عدداً من موظفي السفارة غادروا فعلاً. وذكر هؤلاء المسؤولون أنّ جزءاً من عمليات الإخلاء جرى عبر طائرات متوجهة إلى طهران، فيما اختار آخرون التوجه براً إلى لبنان والعراق وميناء اللاذقية على الساحل السوري.
وخلال محادثة هاتفية مع الصحيفة، قال المحلل والخبير الإيراني، مهدي رحمتي، إنّ “إيران شرعت في إخلاء قواتها ومستشاريها العسكريين لأنه لم يعد في وسعها المشاركة في المعارك بصفة جهة استشارية وقوة دعم إذا كان الجيش السوري في حدّ نفسه لا يريد القتال”. وأضاف: “في نهاية المطاف، إيران اكتشفت أنها لا تستطيع تدبير الوضع في سورية في الوقت الراهن من خلال أي عملية عسكرية، وهذا الخيار غير مطروح على الطاولة”.
إلى ذلك، نقلت “نيويورك تايمز” عن مسؤولين إيرانيين قولهما إنّ جنرالين في “فيلق القدس” كانا يقدّمان المشورة لجيش النظام السوري، فرّا إلى العراق بعد سيطرة فصائل المعارضة السورية على مناطق في حمص ومدينة دير الزور، أمس الجمعة. واعتبرت الصحيفة أنّ أوامر الإخلاء تمثّل تحوّلاً دراماتيكياً بالنسبة إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي حظي بدعم إيران منذ بدء الثورة السورية قبل 13 عاماً، وبالنسبة إلى طهران التي استخدمت الأراضي السورية ممراً لإمداد حزب الله بالأسلحة في لبنان.
إيران تنفي إخلاء سفارتها في دمشق
في المقابل، نفى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، اليوم السبت، صحة إخلاء السفارة الإيرانية في دمشق، قائلاً إنها “مازالت تواصل نشاطاتها”، وفق ما أورده التلفزيون الإيراني.
——————————-
دولار دمشق يلامس الـ25 ألفاً.. والبضائع تختفي من الأسواق/ محمد كساح
السبت 2024/12/07
سجل سعر الليرة السورية انهياراً كبيراً اليوم السبت، في دمشق وحلب، مسجلاً أرقاماً لم يصلها من قبل.
ووصل سعر الدولار في سوق دمشق، إلى 25 ألف ليرة للشراء، و20 ألف ليرة للمبيع. فيما سجل سعر الدولار في حلب، 41 ألف ليرة للشراء، و36 ألف ليرة للمبيع.
وتعاني المناطق التي لا تزال تخضع لسيطرة النظام من ارتفاع هائل في أسعار السلع بالتوازي مع خسارة النظام، لحلب، عاصمته الاقتصادية شمالي غرب البلاد، إذ طالما شكلت حلب منطقة الإنتاج شبه الوحيدة للبلاد، في ظل التدهور الهائل الذي طاول الاقتصاد، ما يعني أن مناطق النظام مؤهلة للعيش في جحيم الغلاء مع شح وندرة في عدد كبير من المنتجات.
ويتراوح الارتفاع الذي طاول أسعار السلع الغذائية في دمشق وريفها بين 60% وحتى 100%، وفقاً لما رصدته “المدن. وأتى صعود أسعار الرز والسكر والزيوت في مقدمة الغلاء، حيث تحفّز المعارك معظم المواطنين على تخزين المواد التموينية. ويظهر أن محاولات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ملاحقة المخالفات وقمع حالات الاحتكار لم تفلح في استقرار الأسواق.
وقالت مصادر أهلية من دمشق، لـ”المدن”، إن المنطقة تعاني من فقدان السلع التموينية الأساسية، مثل الرز والسكر والزيوت، في حين نفدت السلع من رفوف المتاجر التي آثر قسم من أصحابها الإغلاق، تحسباً من الانهيار غير المسبوق لسعر الصرف.
تأثير بالغ
وتحوي حلب قرابة 30% من الصناعات السورية، ونصف إنتاج سوريا من الشعير والقمح، وتشغّل حوالي ربع اليد العاملة السورية، بينما تبلغ مساحة المنطقة الصناعية 4 آلاف و400 هكتار تقريباً، وكانت تساهم بـ50% من صادرات النظام، بحسب حديث وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبد الحكيم المصري لـ”المدن”.
وتوضح الإحصائيات التي أوردها المصري، حجم التأثير البالغ الذي سيطاول ما تبقى من اقتصاد النظام، والذي سيؤدي إلى خفض حجم البضائع المنتجة محليا كون قسم كبير من المصانع بات خارج سيطرة النظام.
ويؤكد المصري أن “كل هذه التداعيات ستقود في المحصلة إلى حدوث جملة من التأثيرات السلبية، أبرزها هبوط سعر صرف الليرة السورية، وقد شهدنا هذا في حلب بعد تحريرها وهو ما سيؤثر على سوق الصرف في مناطق النظام”.
ويتابع أن “السوق في مناطق النظام سيتأثر بشكل كبير، حيث سنشهد في الأيام القادمة فقدان قسم كبير من السلع التي كانت متوفرة سابقاً في الأسواق، مع زيادة مستمرة في أسعار السلع نتيجة تهاوي الليرة السورية والاعتماد على السلع المستوردة، التي ستكون مرتفعة الثمن مقارنة بالسلع المنتجة محليا”.
انهيار الاقتصاد
ويرى الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر أن خسارة حلب بالنسبة للنظام، تعدّ قاسية جداً على المستوى السياسي والعسكري والاستراتيجي والاقتصادي. ويضيف لـ”المدن”، أن أهمية حلب زادت مؤخراً كونها منطقة الإنتاج الوحيدة في البلاد، وخسارتها تعني خسارة 40% من إنتاج النظام، وخسارة 25% من صادراته.
ويتوقع السيد عمر وصول النظام إلى مرحلة الانهيار، خاصة مع كونه يواجه أزمة اقتصادية حادة في ظل عدم توفر بدائل اقتصادية، علاوة على ذلك خسر النظام كتلة مالية ضخمة جداً بالدولار وبالليرة السورية، لاسيما وأن خسارته حلب كانت مفاجئة ولم يتمكن من سحب الأرصدة المالية، حيث تقدر مبالغ الليرة السورية في البنوك بمئات مليارات الليرات السورية.
وتعني هذه المؤشرات، وفقاً للسيد عمر، فقدان المواد من السوق في مناطق النظام، ما يعني زيادة في الأسعار وقلة في العرض وارتفاعاً في التضخم، وانهياراً متوقعا لليرة.
وفيما يتعلق بجنوح النظام نحو قفزات موسعة في الاستيراد، يرجح السيد عمر “زيادة حجم السلع المستوردة لتعويض خسارة إنتاج حلب، لكن من الناحية العملية قد لا يكون ذلك متاحاً، بسبب عدم وجود كتلة مالية بالقطع الأجنبي لدى النظام تسمح له باستيراد كميات كبيرة من المنتجات”.
————————
ليس تحرير الشام وحدها.. الشامية وفصائل آخرى ستحلّ نفسها/ مصطفى محمد
السبت 2024/12/07
أكد مصدر مقرب من زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني، لـ”المدن”، اليوم السبت، وجود توجه نحو حل تحرير الشام وبقية الفصائل العسكرية المعارضة. ولم يحدد المصدر توقيت الإعلان عن الخطوة، مكتفياً بالقول: “ليس الآن”.
ويبدو أن التطورات الميدانية المتسارعة قد فرضت على تحرير الشام وبقية الفصائل الأخرى، التوجه جدياً نحو الذوبان في “نواة جيش حقيقي”، تستطيع من خلاله مخاطبة العالم بعد الانتصار “المفاجئ” الذي حققته على حساب النظام وقواته.
وفي الاتجاه ذاته، أكد قيادي بارز من “الجبهة الشامية”، لـ”المدن”، وجود توجه لحل كل الفصائل، وقال: “تحرير الشام، ستكون أول فصيل يُلغي اسمه”.
التطورات سرعت القرار
وبعد انتزاع فصائل المعارضة ضمن عمليات “ردع العدوان”، مساحات شاسعة من سيطرة النظام، من حلب إلى حمص مروراً بحماة، بدأت النقاشات عن “حساسية” تصدر هيئة تحرير الشام، التي كانت مرتبطة سابقاً بتنظيم القاعدة، للمشهد العسكري.
وتأتي الأنباء عن حل التشكيلات العسكرية، في إطار تغيير الخطاب السياسي لتحرير الشام، الذي بدأت أولى ملامحه بالظهور بعد السيطرة على حلب، من خلال التركيز على تطمين الأقليات في المدينة، وإصدار الهيئة بيان باسم زعيمها الحقيقي، أحمد الشرع، بدلاً من اللقب المتعارف عليه، الجولاني.
ويؤكد الباحث في الجماعات الإسلامية عرابي عرابي، أن التحضيرات لحل الفصائل بدأت منذ فترة، ويستدرك: “لكن يبدو أن التطورات فرضت نفسها وسرعت اتخاذ هذا القرار”.
ويقول عرابي لـ”المدن”: “التحرير يفرض على الفصائل الذوبان ضمن نواة جيش مستقبلي”، مضيفاً أن “هذه الهيكلة حقيقة والاندماج لتكوين نواة جيش مستقبلي، تواجه التحديات الأمنية والعسكرية في المنطقة وربما تحقيق الأكثرية والقيادة داخل الجيش السوري المقبل، إضافة إلى منح دول الجوار إشارات طمأنينة بهدف تحسين العلاقات معها وضمان دعمهم في سوريا المستقبل”.
ويتابع عرابي أن “هذه التحركات تأتي في ظل تعقيدات سياسية وعسكرية تشهدها الساحة السورية، مما يجعل من الصعب التنبؤ بدقة بمآلاتها المستقبلية، إلا أن توحيد الجهود قد يكون خطوة إيجابية نحو تحقيق الاستقرار والأهداف المشتركة للفصائل المعنية”.
وقبل يومين تم تداول تصريحات المنسوبة للجولاني، حول أن “الهيئة تفكر في حل نفسها كجزء من مساعٍ لترسيخ البنى المدنية والعسكرية ضمن مؤسسات جديدة تعكس تنوع المجتمع السوري”.
وكانت المحللة دارين خليفة من مجموعة “الأزمات الدولية”، التي نقلت تصريحات الجولاني، اعتبرت أن “الخطوة تأتي في إطار احتمالات إما للامتثال أو لفرض ضغوط على الفصائل الأخرى، لكنها أشارت إلى أنه من المبكر معرفة ما إذا كان ذلك سيتم تنفيذه على أرض الواقع”.
تعويم تحرير الشام
ويؤكد الباحث في مركز “الحوار السوري” أحمد قربي، أن لا حل أمام تحرير الشام، التي تقود فصائل المعارضة، إلا حلّ نفسها، والذوبان في تشكيل يضم فصائل الجيش الوطني وبقية الفصائل.
ويقول لـ”المدن”، إنه “من الواضح أن هناك محاولات إقليمية لتعويم تحرير الشام، تمهيداً للاستحقاقات السريعة القادمة، التي تفرضها المعطيات في الميدان”.
لكن، بحسب قربي، فإن من غير المتوقع الإعلان عن الخطوات هذه قبيل الدخول في “مرحلة انتقالية”، بحيث يضمن ذلك عدم استبعاد تحرير الشام من المشاركة في الحكم، نظراً لتصنيفها على لوائح الإرهاب.
المدن
——————————-
هل رفض الأسد مغادرة سوريا..رغم مغادرة أسماء وأولاده لروسيا؟
السبت 2024/12/07
كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال”، أن مسؤولين مصريين وأردنيين حثوا رئيس النظام السوري بشار الأسد، على مغادرة البلاد وتشكيل حكومة في المنفى، بينما نفت السفارة الأردنية في واشنطن، تلك المعلومات.
وقالت الصحيفة الأميركية إن زوجة وأبناء الأسد سافروا إلى روسيا، بينما سافر أصهرته إلى الإمارات، مضيفةً أن الأسد طلب من تركيا التدخل لوقف الهجوم الذي تشنّه الفصائل المعارضة.
وسعى الأسد للحصول على أسلحة ومساعدة استخباراتية من دول عربية، لكن طلبه قوبل بالرفض حتى الآن، حسبما ذكرت الصحيفة. ويأتي ذلك فيما دعت كل من روسيا والصين والأردن والعراق، رعاياها إلى مغادرة الأراضي السورية بسبب تدهور الأوضاع الأمنية.
نفي أردني
من جانبها، قالت السفارة الأردنية في واشنطن، في بيان، إن “ادعاء الصحيفة الأميركية هو ادعاء لا أساس له من الصحة وكاذب تماماً”.
وأضافت “نأسف لأن مثل هذه الوسيلة الإعلامية المحترمة تنشر معلومات غير مؤكدة ومضللة، دون التحقق المناسب من الحقائق”، مؤكدةً عدم تواصل الصحيفة معها “للتحقق من هذا الادعاء، وهو ما يشكل خرقاً خطيراً للمعايير الصحفية”.
وتابعت السفارة: “نرفض هذا الافتراء بشكل قاطع ونطالب إدارة صحيفة وول ستريت جورنال بإصدار تصحيح على الفور”.
اتصال بلينكن فيدان
في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية التركية هاكان فيدان، لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، ضرورة عدم السماح للتنظيمات الإرهابية مثل حزب “العمال” و”داعش”، بالاستفادة من الفوضى الجارية في سوريا.
وقالت وكالة “الأناضول” إن الوزيرين بحثا في اتصال هاتفي، التطورات في سوريا، مشيرة إلى أن الوزير التركي تطرق إلى أهمية عدم تكرار الأخطاء السابقة في سوريا.
وشدد فيدان على أنه في المرحلة التي تم الوصول إليها (الآن)، يجب على النظام السوري أن يتصرف بواقعية ويقيم حوارا مع المعارضة ويبدأ عملية سياسية، وأنه يجب على جميع الأطراف الفاعلة في المنطقة أن تلعب دورا بناء في هذا الاتجاه.
ولفت إلى أنه سيكون من المفيد اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تحول الأسلحة الكيماوية التي يمتلكها النظام السوري إلى خطر بالنسبة للمنطقة، كما شدد فيدان على أهمية وصول المساعدات الإنسانية إلى المنطقة، لافتا إلى أن تركيا تقدم الدعم اللازم في هذا الشأن.
———————–
حزب الله في حمص: تصعيد يهدد الهدنة مع إسرائيل؟
الجمعة 2024/12/06
كشفت وكالة “رويترز”، نقلاً عن مصدرين أمنيين أنّ حزب الله “أرسل ليلاً عدداً من العناصر من لبنان إلى مدينة حمص السوريّة”، تزامناً مع التقدم الذي تحرزه الفصائل المعارضة و”هيئة تحرير الشام” بعد سيطرتها على مدينة حماة بالأمس وقبلها حلب حيث اندلعت شرارة المعارك، وسط معطيات تؤكد أنّ الترتيبات العسكرية اكتملت لشن هجوم كبير على محافظة حمص، وما لذلك من تداعيات وانعكاسات على لبنان ومعابره وحدوده الشمالية الشرقية.
وفي التفاصيل، فإنّ “رويترز” ذكرت أنّ حزب الله “أرسل عدداً صغيراً من المشرفين إلى حمص”، حيث يتمركز الحزب في بلدة القصير التابعة لمحافظة حمص ويمتلك عدة قواعد عسكرية، وهو ما يؤكد على الأهمية الإستراتيجية للمحافظة وموقعها بالنسبة إلى لبنان. وقال ضابط من الجيش السوري ومسؤولان من المنطقة تربطهما صلات وثيقة بإيران بحسب “رويترز” أيضا إن “قوات نخبة من حزب الله عبرت من لبنان خلال الليل واتخذت مواقع في حمص”. وهو ما دفع بالجيش اللبناني إلى وضع ما يشبه بالخطة الإستباقية إذ عمد إلى تعزيز انتشاره على كامل الحدود الشرقية والشمالية البقاعية، مع وصول تعزيزات جديدة إلى فوج الحدود البري الثاني، إضافة إلى تكثيف عمليات الرصد والمراقبة في المناطق الحدودية لضمان استقرار الوضع الأمني. هذا الوضع الذي بات على المحك، وخصوصاً بعد اعلان الفصائل المسلحة المعارضة أنّها سيطرت على بلدة “الدار الكبيرة” والتي تقع على بعد 1 كلم من الكلية الحربية بحمص.
موقف إيران
وبينما تتقدم الفصائل المسلحة المعارضة بسرعة في سوريا، وما يعني أنّ الرئيس السوري بشار الأسد سيكون بحاجة هذه المرة أيضاً إلى دعم من حلفائه روسيا وإيران وبطبيعة الحال حزب الله، أشار مسؤول إيراني كبير لـ”رويترز” أنّه “من المرجح أن تحتاج طهران لإرسال معدات عسكرية وصواريخ ومسيرات إلى سوريا”، مؤكداً أنّ “طهران اتخذت كل الخطوات اللازمة لزيادة عدد مستشاريها العسكريين في سوريا ونشر قوات لها”. وبعيداً عن حزب الله، قال المسؤول الإيراني لـ”رويترز” إنّ “القرار متروك لسوريا وروسيا لتكثيف الضربات الجوية في المرحلة الراهنة”.
خطاب قاسم
وأمام تخوف انجرار حزب الله في الحرب القائمة في سوريا، كان الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أكد في خطابه بالأمس أنّه “سنكون كحزب الله إلى جانب سوريا في إحباط أهداف هذا العدوان بما نتمكن منه”. قاسم أشار إلى أنّ “العدوان على سوريا ترعاه أميركا وإسرائيل، ولن يتمكنوا من تحقيق أهدافهم رغم ما فعلوه في الأيام الماضية”، معتبراً أنّه “وبعد العجز في غزة وانسداد الأفقK وبعد الاتفاق على إنهاء العدوان على لبنان وبعد فشل محاولات تحييد سوريا يحاولون تحقيق مكتسب من خلال تخريب سوريا مجددًا”.
والسؤال المطروح اليوم، هل يستطيع حزب الله أن يساند سوريا؟. ويبقى الجواب أمام المعطيات الميدانية والعسكرية بانّ الحزب لا يمكنه أن يكون في سوريا كما في السابق، وخصوصاً بعد الخسائر الكبيرة التي مُني بها بعد حرب ايلول. سواء على مستوى ضرب القيادات أو الانهماك في مرحلة اعادة الاعمار والالتزام بتطبيق القرار الأميركي الذي أفضى إلى وقف اطلاق النار على لبنان، وخصوصاً أننا لا نزال ضمن مهلة الـ60 يوماً.
ذريعة لإسرائيل
هل سيعطي حزب الله ذريعة لإسرائيل بضربها المهلة المتفق عليها كي لا تشتعل الحرب من جديد وهو ما كاد أن يحصل قبل أسبوع لولا التدخلات والاتصالات التي استطاعت أن تلجم النيران المشتعلة؟. ولا تزال إسرائيل تخرق الاتفاق وتمعن في ضرب المعابر بين لبنان وسوريا زاعمة إنّها تستهدف مستودعات لحزب الله، كما لا تزال تستهدف شخصيات مهمة لحزب الله في سوريا.
وتأتي كل هذه الفوضى في خضم الستين يوماً الحرجة التي يعيشها لبنان، وكانت شبكة “إن بي سي نيوز” قد نقلت عن المتحدث باسم اليونيفيل أنّ “وقف الأعمال العدائية في لبنان لا يزال هشا للغاية”. و
ونشرت صحيفة “هآرتس” مقالاً أشارت فيه أنّ “المخاوف من فشل وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان مرتبطة بالجدول الزمني الطويل الذي وُضع لإتمام الاتفاق”. ووفق المقال، فإن احتمالات اندلاع اشتباكات بين إسرائيل وحزب الله تتزايد كل يوم، “وقد تقود إلى حرب شاملة بالنظر إلى عدد الانتهاكات المبلَّغ عنها من الجانبين منذ إعلان وقف إطلاق النار”.
—————————–
المشاركة الرمزية لإيران وحزب الله في سوريا مؤشر سلبي على مصير الأسد
أردوغان يصفق لـ”انتصارات المعارضة”: الهدف هو دمشق.
السبت 2024/12/07
طهران – سجلت إيران مفاجأة إستراتيجية كبرى بامتناعها -إلى حد الآن- عن تقديم دعم ملموس لنظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد، في الوقت الذي يواجه فيه النظام ساعات مصيرية قد تحدد مستقبله إما إيجابا (البقاء) أو سلبا (الرحيل)، في حين تعثر حزب الله -وهو الأقرب جغرافيّا- في إرسال الحد الأدنى من القوات “المشرفة” للقتال إلى جانب القوات السورية في مواجهة اجتياح قوات هيئة تحرير الشام عددا من المدن الرئيسية، واقترابها من قطع الطريق الذي يربط منطقة الساحل بالعاصمة دمشق عبر محافظة حمص وريفها.
وإلى حد الآن، ومع تقدم هيئة تحرير الشام نحو مدينة حمص الإستراتيجية، لا يزال الإيرانيون يفكرون في إرسال أسلحة إلى الأسد، وهو ما يؤكد أمرين، الأول أن الوجود الإيراني في سوريا تضاءل بشكل يجعله عاجزا عن مواجهة تقدم المسلحين الإسلاميين، وهو ما يعود إلى الضربات الإسرائيلية النوعية التي طالت قادة بارزين في الحرس الثوري ودمرت مقرات عسكرية لإيران وحلفائها على الأراضي السورية.
أما الأمر الثاني فهو تردد القادة الإيرانيين في العودة إلى سوريا والتخوّف من استهدافات إسرائيلية جديدة تضرب قيادات بارزة في الحرس الثوري، وفي الوقت نفسه لا تريد إيران أن تتدخل بكل ثقلها لدعم الأسد وتكسر مقاربة الحرب بالوكالة التي تعتمدها، خوفا من أن تتحول سوريا إلى مستنقع لها في وقت يبدو فيه أن المسلحين الإسلاميين قد حصلوا على تسليح كبير ونوعي مكنهم من إجبار القوات السورية المتهالكة على الانسحاب من حلب وحماة والعشرات من القرى والبلدات في ريف المدينتين الإستراتيجيتين.
وقال مسؤول إيراني كبير الجمعة “من المرجح أن طهران ستحتاج إلى إرسال معدات عسكرية وصواريخ وطائرات مسيرة إلى سوريا،” مضيفا “الآن تقدم طهران دعما لسوريا بمعلومات المخابرات والأقمار الاصطناعية.” وتابع “إيران وسوريا تتفقان على منع المسلحين من التقدم نحو المدن الكبرى. ولم تطلب سوريا بعد قوات برية من إيران،” مؤكدا أن “القرار متروك لسوريا وروسيا لتكثيف الغارات الجوية في المرحلة الراهنة.”
ويوحي كلام المسؤول بأن الهدف منه تبرئة الذمة بالقول إن سوريا لم تطلب قوات برية، وإلقاء مسؤولية حماية الأسد على عاتق الطيران الروسي رغم أن طهران تعرف أن القوات الروسية منشغلة كليا بالحرب في أوكرانيا.
وفقدت إيران أهم أوراقها في سوريا بعد الضربات الإسرائيلية القاصمة التي طالت حزب الله، وخاصة مقتل قياداته السياسية والعسكرية والمئات من مقاتليه وتفكيك مخازن سلاحه، ما يجعل عودته إلى سوريا لإسناد الأسد أمرا صعبا، ويمكن أن تقود مغامرة مثل هذه إلى إنهاء الحزب عسكريا وإثارة غضب شعبي ضده في لبنان بما في ذلك حاضنته الشيعية، التي لا تزال تعاني من مخلفات الحرب مع إسرائيل.
وقال مصدران أمنيان لبنانيان كبيران إن حزب الله أرسل الليلة قبل الماضية عددا صغيرا من “القوات المشرفة” إلى سوريا بهدف المساعدة على منع تقدم مقاتلي المعارضة من الاستيلاء على مدينة حمص. وقال ضابط من الجيش السوري ومسؤولان من المنطقة تربطهما صلات وثيقة بطهران إن قوات نخبة من جماعة حزب الله المدعومة من إيران عبرت من لبنان خلال الليل واتخذت مواقع في حمص.
ويرى مراقبون أن حزب الله لا يريد خسارة الصورة التي رسمها لنفسه بين أنصار “محور المقاومة” بأنه يمثل طليعة من يعملون على حماية نظام الأسد، لكن الأمر لم يعد بيده، خاصة أن قوس الحرب مع إسرائيل لم يغلق والحزب خسر الآلاف من مقاتليه في سوريا ثم في الحرب مع إسرائيل، ولن يقدر على القتال على واجهتين.
ولا يمتلك الحزب حرية الحركة باتجاه سوريا في ظل المراقبة الإسرائيلية للمعابر التي يعبر منها سلاحه ومقاتلوه. وقال الجيش الإسرائيلي الجمعة إنه “شن غارات على طرق تهريب أسلحة وبنى تحتية إرهابية قرب معابر النظام السوري عند الحدود السورية – اللبنانية”، مرفقا بيانه بخارطة تشير إلى معبر العريضة الحدودي الذي يربط سوريا بشمال لبنان.
ومن المرجح أن إيران فقدت كذلك ورقة ميليشيات الحشد الشعبي في العراق، التي تجد نفسها محاصرة بموقف داخلي وخارجي معارض للحرب.
ولا تريد حكومة محمد شياع السوداني التورط في النزاع السوري بأي شكل حتى لا تخسر ثقة الأميركيين ولا تكون هدفا لضربات إسرائيلية. وفي الوقت نفسه لم تحصل فصائل الحشد على “فتوى كفائية” من المرجعية الدينية في العراق، ما يجعل مشاركتها في الحرب مغامرة، خاصة في ظل رأي عام عراقي معارض لأي مغامرة في سوريا.
وفي مقابل الورطة التي تعيشها إيران الممزقة بين التدخل وعدم التدخل، يطلق الرئيس التركي يوميا تصريحات تفيد بأنه أكبر مستفيد مما يجري، وصار يصفق لـ”انتصارات” المسلحين الإسلاميين، ويحثهم على أن تكون دمشق هي الهدف. ويؤكد هذا ما يتواتر من أنباء منذ بدء التحرك العسكري للمعارضة تفيد بأن تركيا هي التي خططت للهجوم ورتبت له، وأن كلام أردوغان هو رسائل توجيهية مشفرة إلى المعارضة.
ويقدم أردوغان نفسه إلى الغرب، وأساسا الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل، كوكيل للجماعات المسلحة لصياغة تفاهمات على مرحلة ما بعد الأسد تكون فيها أنقرة هي الضامن واللاعب الذي يدير المشهد في سوريا بشكل يرضي الجميع ويجعل من تركيا وصيا على السوريين.
وقال أردوغان لصحافيين بعد صلاة الجمعة إنه يتابع عن كثب الهجوم الذي قال إنه يتجه إلى العاصمة السورية. لكنه أضاف أنه يتوجس من بعض القوات المشاركة. وأشار إلى أن “الهدف هو دمشق… نأمل أن تتواصل هذه المسيرة في سوريا دون أي مشكلة.”
ودفع تخلخل الوضع العسكري في البلاد فصائل في الجنوب كانت قد أبرمت مصالحة مع الأسد إلى الانقلاب عليه والالتحاق بالمعارضة من جديد.
وقال مصدران من المعارضة السورية المسلحة لرويترز الجمعة إن مقاتلين محليين سوريين ومقاتلين سابقين من المعارضة سيطروا على إحدى القواعد الرئيسية للجيش في محافظة درعا والمعروفة باسم اللواء 52 بالقرب من بلدة الحراك بينما امتد القتال إلى الحدود الجنوبية بين سوريا والأردن.
وأضاف المصدران أن هذه القوات سيطرت أيضا على أجزاء من معبر نصيب الحدودي مع الأردن بالقرب من قسم الجمارك، حيث تقطعت السبل بعشرات الشاحنات وسيارات الركاب.
العرب
—————————–
إذا سقط الأسد.. فقد يكون النظام الإيراني التالي
مكاسب المعارضة السورية من شأنها أن تلهم جماعات مماثلة في طهران.
السبت 2024/12/07
تحمل المكاسب الميدانية لفصائل المعارضة المسلحة السورية، والتي قد تنتهي بدخولها دمشق وإسقاط النظام السوري، خطرا مماثلا على النظام الإيراني الذي يعاني انتكاسات داخلية وخارجية.
دمشق – يجادل محللون أن سقوط النظام في سوريا على يد فصائل المعارضة المسلحة التي حققت مكاسب ميدانية كبيرة منذ هجومها المفاجئ الأسبوع الماضي قد يحمل خطرا على النظام الإيراني أيضا.
وقال حميد رضا عزيزي، الباحث الزائر في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، في تدوينة له على منصة التواصل الاجتماعي إكس إن المكاسب الإقليمية السريعة التي حققها المتمردون الإسلاميون في سوريا تشكل أيضا خطرا على إيران.
وأضاف عزيزي، إن الجماعات المماثلة قد يلهمها تقدم هيئة تحرير الشام في سوريا ومن ثم تقوم بتكثيف هجماتها ضد إيران.
وقبل أكثر من عقد من الزمان، عندما واجه الرئيس السوري بشار الأسد احتمالا حقيقيا للإطاحة به، أنقذ نظامه الدعم الذي تلقاه من حلفائه الإيرانيين والروس، لكن هذه المرة مع تقدم المعارضة السورية المسلحة وسيطرتها على أجزاء أوسع من سوريا تبدو فرص الأسد في النجاة مرة أخرى أقل.
واعتبرت إيران إبقاء الأسد في السلطة أمرا حيويا لدعم جهودها لنشر أجنداتها التخريبية في أنحاء الشرق الأوسط.
بعد سيطرة الفصائل المسلحة على حلب وإدلب وحماة وتقدمها نحو حمص من المحتمل أن يكون الطريق إلى دمشق مفتوحا
وساعد قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي اتخذه بناء على طلب إيران، بالتدخل عسكريا في سوريا في تحويل مجرى الصراع لصالح الأسد. ودمرت القاذفات الروسية معاقل المتمردين في مدن مثل حلب، بينما قادت القوات الإيرانية، بما في ذلك وكلاؤها من حزب الله في لبنان المجاور، الهجوم البري.
ولسوء حظ الأسد، فمن غير المرجح أن يأتي هؤلاء الحلفاء مرة أخرى لإنقاذ نظامه على نطاق مماثل، وخاصة بسبب التغييرات التي حدثت في المشهد الجيوسياسي الإقليمي على مدار الأشهر الماضية.
وتجد إيران نفسها تحت ضغوط شديدة بعد الخسائر الهائلة التي تكبدتها حماس وحزب الله في غزة ولبنان على التوالي.
ورغم أن طهران تعهدت بدعم الأسد، فإن إيجاد السبل للقيام بذلك سوف يكون أمرا صعبا في ضوء الخسائر البشرية الهائلة التي تكبدها حزب الله في الأشهر الأخيرة.
وأثّر ضعف موقف إيران على توقيت قرار الفصائل السورية المعارضة بشن هجومها على حلب. فقد كانت تدرك أن في غياب الدعم من طهران سوف تكافح قوات الأسد للدفاع عن نفسها.
ومن شأن سقوط الأسد أن يشكل كارثة إستراتيجية كبرى بالنسبة إلى إيران، حيث إن الخسائر الفادحة التي تكبدها حلفاؤها في غزة ولبنان سوف تتفاقم بسبب الإطاحة بالأسد.
وتأمل إيران بشدة في إنقاذ الأسد، إذ أن الفشل في القيام بذلك من شأنه أن يخلّف عواقب وخيمة ليس فقط على النظام في سوريا، بل وأيضا على النظام الإيراني نفسه.
الأسد على الحبال
موافقة تركيا الظاهرية على هجوم هيئة تحرير الشام تشير إلى أن صبر أنقرة على الأسد قد نفد
بعد سنوات من العزلة الدولية، كانت العلامات تبدو أفضل للأسد. وأعادت جامعة الدول العربية عضوية سوريا المعلقة في عام 2023. واستأنفت بعض الدول الأوروبية، ولاسيما إيطاليا، العلاقات على أمل أن يستعيد الأسد اللاجئين السوريين، وربما في مقابل تخفيف العقوبات.
وبدا أن تركيا حريصة على إبرام صفقة مماثلة، فهي تستضيف أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري. لكن المحادثات توقفت بسبب رفض الأسد منح أنقرة منطقة عازلة واسعة داخل سوريا لإبقاء المسلحين الأكراد في مأمن.
وفي الماضي، كان موقف الأسد أضعف مما كان متوقعا. وبعد أربع سنوات من انتهاء آخر قتال رئيسي بوقف إطلاق النار الذي توسطت فيه تركيا وروسيا، لم يتلق السوريون تحت سيطرة الأسد أي “عائد للسلام”. وظل النظام قمعيا وكان الاقتصاد مشلولا بسبب أضرار الحرب والعقوبات.
ولقد أدى الفساد المستشري إلى حصول أصدقاء الأسد، روسيا وإيران، على الغنائم القليلة المتبقية. وقد ترك هذا الجنود، وخاصة المجندين، محبطين ومترددين في القتال.
وبالإضافة إلى الضعف الأخير لروسيا وإيران، فإن موافقة تركيا الظاهرية على هجوم هيئة تحرير الشام تشير إلى أن صبر أنقرة على الأسد قد نفد، وهي حقيقة تدعمها الهجمات المتزامنة التي شنتها ميليشيات سورية تابعة لتركيا (الجيش الوطني السوري) شمال وشرق حلب.
حماة والموقع الإستراتيجي
تحركت هيئة تحرير الشام مؤخرا نحو حماة ومن هناك قد تأخذ حمص، التي تمردت في وقت سابق من الحرب الأهلية.
ومع تقدم الفصائل في محافظة حماة، تتحول ديناميكيات القوة بشكل كبير لصالحها. ويشير انهيار دفاعات الحكومة إلى فشل تكتيكي وفوضى إستراتيجية أوسع داخل نظام الأسد.
ويعد الاستيلاء على حلب إنجازا كبيرا حققته الفصائل المسلحة، ولكن تأمين حماة يحمل أهمية سياسية وإستراتيجية خاصة أن حماة هي المدينة التي انطلقت منها الانتفاضة السورية المبكرة في الستينات والسبعينات.
وفي عام 1982، تعرضت لحملة عسكرية وحشية، قُتل خلالها عشرات الآلاف من سكانها ونزح الكثير منهم. ولا يزال الحدث حيا في الذاكرة الجماعية للسوريين كدليل على استعداد النظام، آنذاك تحت حكم حافظ الأسد والآن تحت حكم ابنه بشار، لممارسة العنف للبقاء في السلطة. كما لعبت حماة دورا بارزا في انتفاضة عام 2011 كموقع للاحتجاجات الشعبية واسعة النطاق.
وتتمتع حماة أيضا بموقع إستراتيجي في وسط سوريا بين المدن الكبرى، مما يجعلها عقدة حاسمة للسيطرة على خطوط الإمداد وطرق النقل في جميع أنحاء البلاد.
وتستضيف المحافظة قاعدة جوية عسكرية مهمة يستخدمها الجيش العربي السوري وحلفاؤه، بما في ذلك القوات الروسية. وكانت القاعدة الجوية حاسمة لإطلاق الغارات الجوية والاستطلاع والعمليات اللوجستية طوال الصراع. كما تضم المدينة والمناطق المحيطة بها، التي يسيطر عليها المتمردون حاليا، العديد من الثكنات العسكرية ومواقع المدفعية، مما يجعلها مركزا عملياتيا حيويا.
ومن شأن تقدم الفصائل المسلحة في حماة وحولها أن يضعف بشكل خطير قدرة نظام الأسد على التصدي لهجمات المتمردين، وعكس خسائره في الأسبوع الماضي، والدفاع عن معاقله المتبقية في وسط سوريا.
ومن هناك، من المحتمل أن يكون الطريق إلى دمشق مفتوحا وكل هذا قد يؤدي إلى انهيار نظام الأسد في نهاية المطاف.
——————————-
الفصائل المسلحة تعلن بدء مرحلة “تطويق” دمشق
الجيش السوري ينفي انسحابه من مناطق محيطة بالعاصمة ويستقدم تعزيزات كبيرة جدا دعما لمعركة حمص.
السبت 2024/12/07
دمشق – أعلنت الفصائل السورية المسلحة، السبت، أنها بدأت مرحلة “تطويق” دمشق، بينما نفت وزارة الدفاع السورية انسحاب قوات من الجيش من مناطق محيطة بالعاصمة.
وفي منشور على تلغرام، قال حسن عبدالغني القيادي في الفصائل المسلحة التي تشن هجوما منذ الأسبوع الماضي “بدأت قواتنا تنفيذ المرحلة الأخيرة بتطويق العاصمة دمشق».
من جهتها، أكدت وزارة الدفاع السورية أن “لا صحة لأي نبأ وارد بشأن انسحاب لوحدات قواتنا المسلحة الموجودة في كامل مناطق ريف دمشق”.
وقالت عبر حسابها على فيسبوك “وحدات قواتنا المسلحة العاملة في المنطقة الجنوبية تنفذ إعادة تموضع وانتشار تبعاً للخطط والأوامر العسكرية”.
وأضافت “جميع هذه التحركات والمشاهدات طبيعية وتندرج ضمن إطار عمل القوات المسلحة، وهو ما تحاول الدوائر المعادية استثماره لبث الشائعات بين أوساط المواطنين”.
وخاطب أبومحمد الجولاني قائد “هيئة تحرير الشام”، الفصائل قائلاً “دمشق تنتظركم”.
وقال الجولاني الذي بدأ يستخدم اسمه الحقيقي أحمد الشرع بدلا من لقبه العسكري، في بيان بعنوان “إلى إخواني الثوار الأحرار” نشرته قيادة الفصائل على تطبيق تلغرام، “وإني أعزم عليكم ألا تهدروا رصاصة واحدة الا في صدور أعدائكم، فدمشق تنتظركم”.
وكان “المرصد السوري لحقوق الإنسان” قد أفاد بأن قوات الجيش السوري أخلت بلدات تبعد حوالى 10 كيلومترات عن العاصمة دمشق من الجهة الجنوبية الغربية.
وأفاد مدير المرصد رامي عبدالرحمن وكالة فرانس برس بـ”انسحاب لقوات النظام من بلدات بريف دمشق الجنوبي الغربي على بعد 10 كيلومترات من العاصمة دمشق والسيطرة عليها من قبل مقاتلين محليين”، مضيفا أن “القوات الحكومية أخلت كذلك فرع سعسع للمخابرات العسكرية” في ريف دمشق والذي يبعد حوالى 25 كيلومترا عن العاصمة.
وفي منشور على تلغرام، قال حسن عبدالغني القيادي في الفصائل المعارضة التي تشن هجوما منفصلا في وسط البلاد، “قواتنا تتمكن من السيطرة على فرع سعسع في ريف دمشق، ويستمر الزحف نحو العاصمة”.
إلى ذلك، أفاد مصدران بالفصائل المسلحة وعسكري سوري، اليوم السبت، بأن قوات الفصائل سيطرت على مدينة القنيطرة في الجولان السوري قرب الحدود مع إسرائيل، وفق ما نقلته “رويترز”. وأكد العسكري لـ”رويترز” الانسحاب من المدينة.
وفي وقت لاحق، قال حسن عبدالغني، إن قوات الفصائل سيطرت، السبت، على مدينة الصنمين وتقدمت إلى مسافة 20 كيلومتراً من البوابة الجنوبية لدمشق.
من جهة أخرى، انسحب الجيش السوري من مواقعه من محافظات القنيطرة والسويداء ودرعا في الجنوب، للمرة الأولى منذ احتلال إسرائيل للجولان السوري، فيما لا يزال يتمركز عند أطراف مدينة حمص، ويقصف بالأسلحة الثقيلة منذ ليل الجمعة وحتى صباح اليوم السبت، المناطق التي سيطرت عليها الفصائل المسلحة خلال الساعات الفائتة، وسط اشتباكات متقطعة على طول خط المواجهة في ريف حمص الشمالي الذي لم يشهد أي تقدم خلال اليوم، وفق ما أفاد”المرصد السوري لحقوق الإنسان”.
فيما تأهبت إسرائيل في هضبة الجولان السورية التي احتلتها منذ 67، دافعة بمزيد من التعزيزات تحسبا لأي طارئ قد ينجم عن التطورات المتسارعة على الحدود السورية.
كما أشارت الاستخبارات الإسرائيلية إلى أن احتمال سقوط دمشق وارد جداً، على وقع التقدم المفاجئ للفصائل.
واعتبر مسؤول أميركي رفيع أن “انهيار الرئيس بشار الأسد غير مستبعد”، وفق ما نقلت “المونيتور”.
ومنذ الأسبوع الماضي، شنت الفصائل المسلحة هجوما مباغتا من إدلب على حلب، وسيطرت عليها بالكامل، ثم دخلت حماة، والقسم الشمالي لحمص، متوعدة بالسيطرة على قلب المدينة أيضا.
بالتزامن سيطرت فصائل محلية مسلحة على درعا في الجنوب، واستولت على معبر نصيب الحدودي، ما دفع الأردن إلى إغلاق الحدود.
ويتزامن تقدم الفصائل في جنوب سوريا باتجاه دمشق مع مواجهات يخوضها مسلحون متمردون على أكثر من محور في محاولة منهم للتوغل داخل مدينة حمص انطلاقا من أريافها الشرقية.
إلى ذلك سحب الجيش السوري قواته من مركز محافظة الحسكة ومدينة القامشلي بريفها، شرق نهر الفرات، تاركا مواقعه لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” المدعومة من الولايات المتحدة.
والجمعة، سلم النظام السوري، بعض نقاط سيطرته في محافظة دير الزور شرقي البلاد بالقرب من الحدود العراقية، ومركز المدينة، إلى قوات قسد.
وفي مدينة دير الزور، استقدمت “قسد” تعزيزات عسكرية إلى مدينة دير الزور، وتمركزت في الأحياء، وأفرجت عن المساجين في سجن دير الزور العسكري.
وكانت قد أخلت قوات النظام مواقعها في مدينة دير الزور بشكل شبه كامل، حيث شمل الانسحاب من مطار دير الزور ومعسكر الطلائع واللواء 137.
وفي مدينة البوكمال، تمركزت “قسد” في المعبر الرئيسي مع العراق، وانتشرت قواتها في منطقة الحزام وعند الجسر الرابط بين البوكمال والباغوز
وأشار المرصد السوري إلى أن الميليشيات الإيرانية انسحبت من مواقعها في المدينة باتجاه الحدود السورية – العراقية وسط فرار لقيادات الميليشيات.
كما انسحبت الفرقة 17 التابعة لقوات النظام من مدينة الميادين في ريف دير الزور الشرقي.
وأعلن فصيل “جيش سوريا الحرة” المعارض المدعوم أميركيا، السبت، سيطرته على مدينة تدمر الأثرية في الريف الشرقي لمحافظة حمص، بعد اشتباكات مع قوات النظام.
وبعد اشتباكات مع قوات النظام، تمكن “جيش سوريا الحرة” من بسط سيطرته على تدمر، وبلدة السخنة الواقعة بين حمص ودير الزور، وقرية “القريتين”، وجبل الغراب ذو الموقع الاستراتيجي بالقرب من طريق تدمر – دمشق.
وفي ظل هذه التطورات على الأرض، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية نقلا عن مسؤولين أمنيين سوريين وعرب أن الأسد ظل في سوريا، وسافرت زوجته وأولاده في الأسبوع الماضي، إلى روسيا، بينما سافر أصهاره إلى الإمارات العربية المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن تلك المصادر أن “مسؤولين مصريين وأردنيين دعوا الأسد إلى مغادرة البلاد، وتشكيل حكومة في المنفى”، وهو ما نفته السفارة الأردنية في واشنطن بشدة، في بيان شديد اللهجة هاجمت فيه الصحيفة التي دعتها إلى “تصحيح الخطأ”.
وفي منشور على منصة أكس، علقت السفارة الأردنية في واشنطن على تقرير الصحيفة بالقول “نحن ننفي بشدة المزاعم التي لا أساس لها والتي وردت في مقالة صحيفة وول ستريت جورنال بعنوان المعارضة السورية تتقدم نحو مدينة رئيسية ثالثة في تهديد متزايد للأسد، بقلم إيزابيل كولز”.
أضافت أن “الادعاء بأن المسؤولين الأردنيين حثوا الرئيس الأسد على مغادرة سوريا وتشكيل حكومة في المنفى هو ادعاء عار تماما عن الصحة وغير صحيح”
وقالت السفارة: “نأسف لأن وسيلة إعلامية مرموقة قد تنشر معلومات غير مؤكدة ومضللة دون إجراء التحقق اللازم من الحقائق”.
وأكدت السفارة الأردنية أنه “لم يتم التواصل معنا أبدا من قبل صحيفة “وول ستريت جورنال” للتحقق من هذا الادعاء، مما يعد انتهاكا خطيرا للمعايير الصحفية. نرفض هذا التزوير بشكل قاطع وندعو إدارة “وول ستريت جورنال” إلى إصدار تصحيح فوري”.
وذكرت الصحيفة أن الدول العربية، باتت تشعر بقلق متزايد إزاء الانهيار السريع لنظام الأسد، وما قد يترتب على ذلك من زعزعة الاستقرار الإقليمي.
ولفتت الصحفية -وفق المسؤولين- إلى أن الأسد سعى للحصول على أسلحة ومساعدة استخباراتية من دول عربية، لكن طلبه رُفض حتى الآن.
———————————–
تعويل روسي على «لقاء الدوحة»: الفوضى تتمدّد إلى الجنوب… وفصائل واشنطن تتحرك
07 كانون الأول 2024
خيم هدوء حذر على جبهة حمص، وسط البلاد، بعد أن تقدمت الفصائل المسلحة التي تقودها «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة – الفرع السابق لتنظيم القاعدة) وسيطرت على حماة، إثر انسحاب الجيش السوري الذي يحشد قواته على تخوم حمص. على أن هذا الهدوء الذي لم يستمر إلا نحو 12 ساعة، انقطع مع عودة الاشتباكات على تخوم حمص الشمالية، بعد أن أعلن الجيش السوري «تنفيذ عملية في اتجاه الدار الكبيرة وتلبيسة والرستن، بتغطية من الطيران السوري الروسي المشترك وقوات المدفعية والصواريخ والمدرعات». كما أعلن الجيش أنه «تم القضاء على عشرات الإرهابيين وسط حالة من الذعر والتخبط والفرار الجماعي في صفوفهم»، بالإضافة إلى «تدمير عدد كبير من آلياتهم وعتادهم وأسلحتهم»، بحسب بيان وزارة الدفاع.
ويأتي ذلك في وقت بدأت فيه مناطق في الجنوب السوري تشهد حالة فوضى، خصوصاً في درعا التي كانت دخلتها الحكومة السورية بموجب اتفاقية مصالحة عام 2018 بوساطة روسية، والسويداء التي تشهد منذ أكثر من عام تظاهرات متفاوتة. وفي هذا السياق، تشير مصادر أهلية في المحافظة، في حديثها إلى «الأخبار»، إلى أن المظاهر المسلحة انتشرت في الأرياف الشمالية والجنوبية، ووصلت إلى معبر «نصيب – جابر» الحدودي مع الأردن، قبل أن تعلن عمّان إغلاق المعبر، ووقف حركة العبور فيه إلا في حال عودة مواطنين أردنيين نحو بلادهم، وكذلك إرسال قوات عسكرية إلى المنطقة الحدودية مع سوريا. وبحسب المصادر، لا تزال أجهزة الحكومة موجودة في مدينة درعا، حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
ومع اشتعال الأوضاع في سوريا، وبعد تهديدات أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بسبب موقف دمشق الداعم للمقاومة، أظهرت الحكومة الإسرائيلية اهتماماً كبيراً بمجريات الأحداث على الأرض، الأمر الذي تجلى بوضوح عبر تكثيف الاجتماعات الأمنية والحكومية، في وقت نفذت فيه طائرات إسرائيلية اعتداءات على الشريط الحدودي بين لبنان وسوريا، بينها اعتداء تسبب بتدمير معبر العريضة. وعلى إثر ذلك، أعلن الأمن العام اللبناني أنه قرر إغلاق المعابر البرية مع سوريا، والإبقاء على معبر المصنع الحدودي معها متاحاً، بسبب الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
وتزامنت تلك التطورات مع تحركات عسكرية في الشرق السوري، حيث قام الجيش السوري وبالاتفاق مع «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد) بتنفيذ عمليات إعادة انتشار، تسلمت بموجبها الأخيرة بعض المناطق «الحساسة»، في حين أعلنت فصائل ما يعرف بـ«جيش سوريا الحرة» (فصائل عربية ممولة ومدربة من قبل واشنطن وتعتبرها دمشق وموسكو امتداداً لتنظيم داعش) التحرك من قاعدة التنف الأميركية غير الشرعية، عند المثلث الحدودي مع الأردن والعراق، نحو عمق البادية السورية. وعلى خط مواز، تبعت المعارك العنيفة التي شهدتها حماة خلال الأيام الثلاثة الماضية، قبل انسحاب الجيش السوري إلى ريف حمص، تحركات من قبل الفصائل التي فرضت سيطرتها على مناطق عديدة من دون قتال، بينها السلمية ومحردة، في وقت تمكنت فيه من دخول تلبيسة والرستن (منطقة مصالحات) والالتقاء مع الفصائل التي ظهرت فيها، لتصبح متمركزة على أبواب حمص الشمالية.
وعلى المستوى السياسي، سُجل تصعيد متجدد من قبل تركيا، التي أعلنت على لسان رئيسها، رجب طيب إردوغان، وقوفها وراء هذا التصعيد. وفي تصريحات إلى الصحافيين بعد صلاة الجمعة، قال إردوغان إنه وجّه دعوة إلى نظيره السوري، بشار الأسد، «من أجل تحديد مصير سوريا، لكن للأسف لم نتلقَ رداً إيجابياً»، في إشارة إلى إعلان أنقرة رغبتها في إجراء لقاء مع الأسد، الذي رفض القيام بذلك من دون وضع أسس واضحة، تتضمن خطة لانسحاب القوات التركية غير الشرعية من سوريا، ووقف تركيا دعمها للفصائل، وتحديد الفصائل «الإرهابية». وخلال حديثه، أشار أردوغان إلى أن المعارضة السورية تسيطر حالياً على مناطق واسعة، قائلاً: «في الوقت الحالي، إدلب تحت سيطرة المعارضة، وبعدها حمص، وهناك تقدم في اتجاه دمشق». وأضاف: «نأمل أن يستمر هذا التقدم دون وقوع كوارث أو مشكلات إضافية».
ومن جهته، أطل أبو محمد الجولاني (زعيم هيئة تحرير الشام)، الذي تخلى عن لقبه واستعاد اسمه الحقيقي (أحمد الشرع)، في لقاء تلفزيوني مع قناة «CNN» الأميركية، التي قامت مراسلتها أيضاً بإجراء جولة في حلب وبعض مناطق إدلب، علماً أن واشنطن تضع «الجولاني» على لوائح الإرهاب. وخلال اللقاء، الذي يأتي في سياق عملية تبييض صفحة الرجل، ظهر «الجولاني» بزي عسكري مشابه للزي الذي يرتديه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، وأعلن أن الحرب الجارية هدفها إسقاط النظام، وبدء مرحلة جديدة.
وعلى خط مواز، وفي سياق جهودها السياسية المتواصلة لاحتواء التصعيد الحاصل، استضافت بغداد لقاءً وزارياً ثلاثياً عراقياً – سورياً – إيرانياً. وقال وزير الخارجية السوري، بسام الصباغ، عقب اللقاء: «شرحت التطورات الميدانية والتهديدات الأمنية والظروف الإنسانية جراء الهجوم الإرهابي الذي تسبب بموجة نزوح كبيرة»، مضيفاً أن «الجهات التي تقف وراء الهجوم الإرهابي تنتهك بشكل واضح قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بمكافحة الإرهاب واتفاقات مسار أستانا». وجاء الاجتماع الذي استضافته بغداد قبل يوم واحد فقط من لقاء ثلاثي مقرر لوزراء خارجية الدول الضامنة لمسار «أستانا» (روسيا وإيران وتركيا)، في العاصمة القطرية الدوحة، اليوم. وتعول روسيا، وفق تصريحات مسؤوليها، بشكل كبير على هذا اللقاء من أجل تحقيق التهدئة، الأمر الذي عبر عنه وزير الخارجية الروسي، سيرغيه لافروف، خلال تصريحات صحافية، أشار خلالها إلى أن الوضع في سوريا شديد التعقيد. وقال: «هذه لعبة معقدة، هناك العديد من الجهات الفاعلة المعنية، وآمل أن يساعد الاجتماع في استقرار الوضع»، مضيفاً «(أننا) سنناقش ضرورة العودة إلى التنفيذ الحازم للاتفاقات في منطقة إدلب». وتابع أن «الاجتماع سيتناول بالتفصيل الوضع السوري، مع التركيز على إعادة تقييم التطورات الحالية ضمن مبادئ عملية أستانا».
—————————-
الجيش ينسحب أمام التقدم السريع لقوات المعارضة
دمشق على وشك السقوط
07 كانون الأول 2024
إيلاف من دمشق: قال المرصد السوري وقيادي في المعارضة إن قوات المعارضة المسلحة سيطرت اليوم السبت على مدينة الصنمين وتقدمت إلى مسافة 20 كيلومترا من البوابة الجنوبية لدمشق.
وخسر الجيش السوري السبت سيطرته على محافظة درعا في جنوب البلاد، بعد سيطرة مقاتلين من فصائل معارضة على مدينة رئيسية، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان، في إطار سلسلة خسائر مني بها في الميدان.
وقال مدير المرصد إن “مقاتلين محليين سيطروا على مدينة الصنمين، غداة سيطرتهم على مدينة درعا، بعد انسحاب قوات النظام منها”.
وفي منشور على تلغرام، قال القيادي بالمعارضة السورية المسلحة حسن عبد الغني: “قواتنا دخلت مدينة الصنمين.. وبهذا نصبح على بعد أقل من 20 كيلومترا من البوابة الجنوبية للعاصمة دمشق”، في إشارة ضمنية الى تنسيق بين الهجمات.
وتُعد مدينة الصنمين نقطة محورية على الطريق الرابط بين جنوب سوريا والعاصمة دمشق، كما أنها تحتضن قواعد عسكرية ومخازن أسلحة كانت تحت سيطرة قوات النظام. ويأتي هذا الإنجاز بعد سلسلة من الهزائم التي تعرضت لها قوات الجيش السوري في مناطق أخرى من جنوب البلاد.
يأتي ذلك، فيما يستعد مقاتلو المعارضة السورية لمواصلة تقدمهم الخاطف بعد وصولهم إلى مشارف مدينة حمص بوسط البلاد، فيما تحاول القوات الحكومية تعزيز الخطوط الأمامية المنهارة، وإنقاذ حكم الرئيس بشار الأسد المستمر منذ 24 عاما.
واجتاح مقاتلو المعارضة حلب قبل أسبوع لتنهار بعدها الدفاعات الحكومية في أنحاء البلاد بسرعة مذهلة إذ استولى المقاتلون على سلسلة من المدن الكبرى.
وإلى جانب السيطرة على حلب في الشمال وحماة في الوسط ودير الزور في الشرق، انتفض مقاتلو المعارضة في السويداء ودرعا بالجنوب، قائلين يوم الجمعة إنهم سيطروا على المدينتين ونشروا مقاطع مصورة تظهر احتفالات المعارضة هناك.
من جانبه، يقول الجيش السوري إنه ينفذ غارات جوية في محيط حماة وحمص وينشر تعزيزات على تلك الجبهة. وأضاف أنه يعيد تمركزه حول درعا والسويداء دون الاعتراف بسيطرة مقاتلي المعارضة عليهما.
ايلاف
——————————
كيف سيُسمع صدى «معركة دمشق» في بيروت وبغداد؟
ردود فعل «المقاومة» الموالية لإيران يعتمد على «سلوك» الفصائل السورية
07 كانون الأول 2024
تتزايد احتمالات أن يتحول تمدد الفصائل السورية المسلحة إلى صراع مفتوح وربما طويل الأمد، بين قوى إقليمية متنافسة، تشهد الآن انقلاباً في المعادلة، على نحو مفاجئ.
منذ سنوات، يجتذب المسرح السوري قوى خارجية بترسانتها العسكرية، لخلق توازن لصالح حكومة الرئيس بشار الأسد.
وبلغ المسرح ذروته بعد عام 2011، حينما اندفع «الحرس الثوري» الإيراني وفصائل عراقية موالية، بغطاء روسي، في حرب أهلية مدمرة، في حين كانت الولايات المتحدة تتمركز هناك لمحاربة تنظيم «داعش».
بعد سنوات، اتفقت القوى الفاعلة في سوريا على صيغة سياسية لخفض التصعيد، عبر ما يُسمّى «مسار آستانة»، لكن إيران حافظت على وجودها العسكري والاستخباري لحماية جسر الإمداد الممتد بين طهران وبيروت في الأراضي السورية، وأرست واشنطن، من الجانب الآخر، قواعد عسكرية في شمال شرقي البلاد.
جذور 2011
الاستجابة: كانت تركيا، مع اندلاع التمرد في سوريا وقبل أن يتحول إلى حرب أهلية، مترددة في خياراتها السياسية والعسكرية، حتى إن مجلس الأمن القومي التركي أمضى أسابيع، في مايو (أيار) 2011، لتقييم تقارير عن «المأزق السوري» قدّمها رئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان الذي أصبح اليوم وزيراً للخارجية.
بعد عامين، وجدت تركيا «الحرس الثوري» و«حزب الله» اللبناني وميليشيات عراقية تتمركز في سوريا، في حين اندفعت هي لكبح الكرد بدعم حلفاء من العرب في الشمال السوري، واستقبلت ملايين اللاجئين الذين تحولوا إلى عبء اقتصادي واجتماعي في الداخل لديها، وأحياناً إلى «سكين في خاصرتها» في الصراع بين حزبي «العدالة والتنمية» و«الشعب الجمهوري».
تنظيمات متطرفة: نتيجة ظروف مختلفة، تمدّد تنظيم «داعش» وجماعات متطرفة أخرى في مناطق سورية وعراقية، وانخرطت قوى متنافرة لمحاربة هذه التنظيمات، من «التحالف الدولي» بقيادة الولايات المتحدة وفصائل كردية، إلى «الحشد الشعبي» و«الحرس الثوري» والجيش السوري.
الدور الروسي: انخرطت موسكو في سوريا، ولم تكن يومها منشغلة بحرب استنزاف في أوكرانيا. سيطرت على الساحل السوري، وحافظت على منطقة تنافس فيها واشنطن في الشرق الأوسط، وبهذا القدر كانت تقيم تحالفها مع الرئيس السوري بشار الأسد.
«الطوفان» السوري
طهران وموسكو: بعد اتفاق وقف النار في لبنان بين «حزب الله» وإسرائيل كانت إيران في موضع لا يسمح لها بالمناورة، وحينما باغتت الفصائل السورية المسلحة الجيش السوري بتمدد سريع ومنظم تجاوز حلب وإدلب، لم تُظهر إيران رد فعل ميدانياً واضحاً، كما أن روسيا منهكة بحرب أوكرانيا.
التوقيت التركي: أفصحت أنقرة عن نفسها. أظهرت أنها تسبق الجميع «نحو دمشق»، كما عبر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي شرح الأمر بوضوح قبل يومين: «الوضع في سوريا يُدار بهدوء».
تنظيم الفصائل السورية: أظهرت المجموعات المسلحة المعارضة للأسد وللوجود الإيراني، خلال الأسبوع الماضي، قدراً من التنظيم. فإلى جانب التحركات الميدانية المنتظمة، حرصت -على الأقل حتى الآن- على عدم ارتكاب «جرائم حرب»، رغم انتماء قادتها إلى حركات أصولية. مع ذلك، الجميع يترقّب ما إذا سيتغيّر هذا الوجه المنظم.
الجيش السوري: كان من اللافت أن تمدّد الفصائل السورية لم يأتِ بعد معارك طاحنة، إذ ارتبط سقوط المدن تباعاً بعد حلب، بانسحاب قوات الجيش الحكومية، وقد يعني هذا أحد أمرين: قرار سياسي بعدم التورط بالقتال لمنح الحل السياسي الضئيل أساساً، أو أن الجيش متهالك ومفكك وغير قادر على حماية المدن.
معركة دمشق
«تبدو خيارات إيران محدودة الآن». يقول مستشار سياسي عراقي سافر إلى واشنطن أخيراً وسمع وجهات نظر «جديدة» عن سوريا، إن «طهران لا تمتلك ورقة تفاوض واحدة، وهذا ما يزيد من خطرها لو قررت فعل شيء في لحظة احتضار لا قيمة سياسية لها».
تفيد الوقائع التاريخية بأن إيران لم تكن تسمح بسقوط بشار الأسد، لكن من الواضح أنها لو أرسلت الآن قوات مع حلفائها في المنطقة لدعم الرئيس السوري، فإنها تعلن، بالضرورة، الحرب ضد تركيا، في لحظة تردد روسي وبرود أميركي.
في بغداد وبيروت تتزايد المخاطر مع تمدّد الفصائل نحو الجنوب السوري، وصولاً إلى بلدة «القصير» جنوب حمص، ومنها إلى دمشق.
يقول فاعلون في الفصائل العراقية، إن «بغداد تضبط (قدر الضغط) لأول مرة منذ سنوات»، لكن «العامل الديني العقائدي لن يكون هيناً»، لو تعرّضت حواضن «الأقليات» في سوريا، أو أضرحة شيعية في دمشق إلى «الخطر»، وهذا يعتمد كثيراً على سلوك الفصائل السورية.
يعترف هؤلاء بصعوبة التحرك الآن، فالوقت والموارد وخطوط الإمداد ليست في صالح «المحور»، لكن الأضرار الجانبية ستبدأ ربما من أعمال انتقام في بيروت وبغداد.
الشرق الأوسط
————————-
فرار المئات من جنود النظام السوري إلى العراق
يوسف الحسيني- أربيل
07 ديسمبر 2024
أفاد مصدر من محافظة الأنبار غربي العراق للحرة، السبت، بأن عشرات جنود النظام السوري دخلوا الأراضي العراقية عبر معبر القائم- ألبوكمال بعد فرارهم من المعارك الجارية في سوريا بين قوات النظام وفصائل المعارضة.
وقال المصدر إن الجنود ينتمون لقوات الحرس الجمهوري السوري وقد سلموا أنفسهم مع أسلحتهم ومعداتهم إلى القوات العراقية.
بدورها نقلت فرانس برس عن مسؤول عراقي أمني القول إن “عدد الجنود السوريين الذين دخلوا العراق بلغ ألفين من عناصر بين ضابط وجندي”، لافتا إلى أن “دخولهم جاء بالاتفاق مع +قوات سوريا الديموقراطية+ (قسد) وبموافقة القائد العام للقوات المسلحة” رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
وأشار مسؤول آخر إلى أن من بين هؤلاء “الفارّين من الجبهة (…) جرحى نقلوا إلى مستشفى القائم لتلقي العلاج”.
وتداول ناشطون عراقيون مقاطع مصورة قالوا إنها تظهر لحظة دخول الجنود السوريون للأراضي العراقية.
لحظة انسحاب القوات السورية من سوريا إلى العراق وتسليم أسلحتهم إلى قوات الجيش العراقي في منفذ القائم pic.twitter.com/PdIz0JOjtO
— هشام علي :: husham ali (@husham_ali1) December 7, 2024
🛑 #عاجــــــ_الان_ـــــــــل
عناصر لواء الحرس الجمهوري السوري سلموا أسلحتهم وأجهزة اللاسلكي للقوات العراقية قبل دخولهم عبر منفذ القائم الحدودي .
راح #البعث يولو 😜 pic.twitter.com/FfTPUZXiOE
— محمد ألخـطاب (@alkatab83) December 7, 2024
وكانت هيئة تحرير الشام المصنفة إرهابية من قبل واشنطن وفصائل متحالفة معها بدأت في 27 نوفمبر هجوما على القوات الحكومية انطلاقا من محافظة إدلب في شمال غرب البلاد، وتمكنت من السيطرة على مناطق واسعة وصولا إلى حلب (شمال)، ثاني أكبر مدن البلاد.
وواصلت فصائل المعارضة تقدّمها لتسيطر بعد أيام على حماة (وسط)، واقتربت من حمص (وسط).
كذلك فقدت القوات الحكومية السورية، الجمعة، السيطرة على مدينة درعا، مهد حركة الاحتجاجات السورية الشعبية التي اندلعت في العام 2011 ضد حكم الرئيس بشار الأسد، في ضربة جديدة لها في خضم التطورات المتسارعة والمفاجئة المتواصلة منذ أسبوع.
يوسف الحسيني- أربيل
الحرة
——————————–
فيديو.. إسقاط أول تمثال للأسد الأب في ريف دمشق
ضياء عودة – إسطنبول
07 ديسمبر 2024
ووثق تسجيل مصور نشرته صفحات إخبارية عبر “فيس بوك” و”إكس” تحطيم التمثال وسط هتافات السكان: “سوريا لينا وما هي لبيت الأسد. عاشت سوريا ويسقط بشار الأسد”.
وتأتي هذه الحادثة بالتزامن مع دخول مسلحين من فصائل المعارضة إلى مناطق في ريف دمشق الجنوبي والغربي.
مدينة جرمانا بريف #دمشق صديق pic.twitter.com/3MPKTdvQ78
— ربيع (@rabiih) December 7, 2024
وتقع جرمانا على أطراف دمشق في الجنوب الشرقي وتصلها بدمشق منطقة الكباس والدويلعة وتبعد عنها مسافة ثلاث كيلومترات.
وعلى مدى الأيام الماضية حطم سوريون تماثيلا كثيرة لحافظ الأسد وابنه بشار في المناطق التي دخلتها فصائل المعارضة، آخرها حماة. لكن هذا أول تمثال للأسد الأب يتم إسقاطه في ريف دمشق.
واتبع سكان السويداء ذات الإجراء ليلة الجمعة بعدما انسحبت قوات الأسد من المدينة لصالح عناصر من تشكيلات محلية.
ضياء عودة
——————————–
ما قصة حلاوة الجبن وتنافس السوريين عليها حتى أثناء المعارك؟
علاء الدين خضر
7/12/2024
لم تشغل المعارك وأجواء الحرب السوريين من أبناء حماة وحمص في إحياء حالة التنافس القديمة والطريفة بين المحافظتين الجارتين على “براءة اختراع” حلاوة الجبن الشهيرة.
وحلاوة الجبن حلوى تقليدية تشتهر في سوريا تصنع من الجبن والسميد والسكر ويضاف لها ماء الزهر وتأخذ شكل لفافات طويلة محشوة بالقشطة العربية أو تكون “سادة” من غير حشو وعادة ما تزيّن بالفستق الحلبي ويرش عليها القطر.
ويتنافس أهالي حمص وحماة منذ عقود على أصل الحلوى أو “براءة اختراعها” فمنهم من ينسبها لحماة ويرجع ذلك إلى غنى المحافظة وريفها الواسع بالمواد الأولية اللازمة لتصنيعها من حليب وقشطة وجبن وأن اختراع هذه الحلوى قبل عشرات السنين كان بغرض حفظ واستثمار أفضل لهذه المواد.
وبينما يقر بعض أهالي حمص الجارة بهذه النظرية وينسب لمحافظته فقط تطوير تلك الحلوى وتسويقها داخل سوريا وخارجها انطلاقا من موقعها المتوسط، يصر البعض على أنها براءة اختراع حمصية 100%، في حين أن فريقا ثالثا أقل عددا يختلف مع أهالي المحافظتين وينسب أصل حلاوة الجبن إلى طرابلس اللبنانية.
ومع انتشار مقاطع الفيديو لسيطرة مقاتلي المعارضة السورية على حماة انتشرت مقاطع توزيع حلاوة الجبن على الأهالي والمقاتلين والإعلاميين الذين كانوا برفقتهم على الرغم من سماع أصوات إطلاق النار واستمرار المعارك على أطراف المدينة.
#حماة
أحد الثوار يمازح أهالي حماة: حلاوة الجبن حموية وإلا حمصية؟؟
حموية!! pic.twitter.com/6W081cki3r
— رؤى لدراسات الحرب (@Roaastudies) December 5, 2024
وحرص الموزعون ومن يقوم بتناول الحلوى على إضفاء نوع من الطرافة والفكاهة على الحدث بالتأكيد على أن حلاوة الجبن حموية وليست حمصية بانتظار أن تسيطر فصائل المعارضة على حمص لكي يعترفوا ببراءة الاختراع لأهالي حمص.
احتفالات أهالي إدلب بتحرير حماة #حلاوة_الجبن_حموية pic.twitter.com/KunktjRI5n
— أحمد الريحاوي (@AhmedAlrihawi) December 5, 2024
وخلال الاحتفالات رد بعض من يقومون بتوزيع الحلوى الشهيرة بأن حلاوة الجبن حمصية إلا أن أهالي حمص سيتخلون عن المطالبة ببراءة الاختراع بشكل مؤقت لمشاركة أهالي حماة أفراحهم باستعادة مدينتهم.
في سوريا محافظتين واحدة اسمها حماة واخري اسمها حمص
وأهل المدينتين على جدال هل أكلة حلاوة الجبن أصلها من حماة ولا من حمص
فأهل حماة يقولون حموية
وأهل حمص يقولون حمصية
اليوم بمناسبة تحرير حماة فأهل حمص تجاوزا الأمر ليوم واحد وعلى صحون حلاوة الجبن كتبوا حموية مؤقتا لأسباب انسانية pic.twitter.com/bO4o4EkbLD
— manar-aly 🇪🇬 (@manar_aly_92) December 7, 2024
ولم ينحصر التنافس على السوريين حيث امتد إلى طرابلس اللبنانية التي شاركت أهالي المحافظتين الجارتين في سجالهما الطريف على أصل حلاوة الجبن.
انا كطرابلسية ما بهمني اذا حلاوة الجبن حمصية او حموية ، أنا أعلن ولائي لحلاوة الشميسة ، طرابلسية ١٠٠% pic.twitter.com/vWsWspTyHX
— Layal 🇱🇧 (@Lili71139001) December 6, 2024
وتستمر المعارضة السورية في هجومها المفاجئ وغير المسبوق في شمال غرب البلاد، حيث حققت خلال أسبوع تقدما كبيرا أكسبها معظم مدينة حلب، ثاني أكبر مدن البلاد وعاصمتها الاقتصادية، واستكملت السيطرة على محافظة إدلب المجاورة، لتسيطر بعدهما على مدينة حماة وتتقدم باتجاه حمص وسط البلاد.
وكانت المعارضة المسلحة أعلنت الأسبوع الماضي بدء ما سمتها “معركة ردع العدوان”، وقال حسن عبد الغني الناطق باسم غرفة عمليات الفتح المبين -التي تشمل هيئة تحرير الشام والجبهة الوطنية للتحرير وفصائل أخرى- إن الهدف من العملية توجيه “ضربة استباقية” لحشود الجيش السوري التي تهدد المواقع التي تسيطر عليها المعارضة.
كما أطلقت فصائل تابعة “للجيش الوطني السوري” معركة أخرى تحت اسم “فجر الحرية” في الريف الشمالي لمحافظة حلب تمكنت خلالها من السيطرة على عدة مدن وبلدات ومطارات عسكرية.
المصدر : الجزيرة
————————
المعارك في سوريا.. دعم تركي للفصائل حتى تصل دمشق
07 ديسمبر 2024
تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التي عبر فيها عن أمله في أن يواصل مسلحو المعارضة السورية تقدمهم حتى العاصمة دمشق، تثير جدلا حول الدور التركي فيما يحدث في سوريا.
ويقول مراقبون إن تصريحات إردوغان كشفت “اليد التركية المباشرة” فيما يحدث في سوريا، وأن هذا التدخل “سيغير مواقف الأطراف الفاعلة” خصوصا روسيا وإيران.
المستشار السابق في رئاسة الوزراء التركية، جاهد طوز، قال لقناة “الحرة” إن هذه التصريحات التي وصفها بالمهمة تشير إلى دعم تركيا “بشكل أو بآخر” لما يحدث في سوريا.
وأضاف أن الموقف التركي الرسمي لم يتغير “وهو وجود تنسيق قوي مع المعارضة السورية والتعامل معها سياسيا وعسكريا” مضيفا أن تركيا لديها “علاقات قوية” مع الفصائل السورية المعارضة .
هذا التنسيق، بحسب طوز، لا يعني أن تركيا تقود المعارضة أو هي من خططت للعمليات التي تنفذها تلك الفصائل
وكشف طوز عن دعم تركيا بالسلاح للفصائل التركمانية السورية، “كما تعمل إيران في تسليح فصائل مسلحة موالية لها، وكما تعمل الولايات المتحدة في دعم قوات قسد” حسب تعبيره.
وذكر أن التغير في موقف أنقرة سببه عدم استجابة رئيس النظام السوري بشار الأسد لدعوات إردوغان لأكثر من سنتين لتطبيع العلاقات بين البلدين، موضحا أن الأوضاع في سوريا وصلت إلى الخطوط الحمراء التي وضعتها تركيا.
معبر البوكمال بين سوريا والعراق
قوات سوريا الديمقراطية تسيطر على معبر البوكمال ومدينة دير الزور
سيطرت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة، الجمعة، على معبر البوكمال الحدودي مع العراق، وفق ما نقلت رويترز عن مصادر عسكرية سورية.
الموقف الروسي
الباحث السياسي والاستراتيجي الروسي، رولاند بيغاموف، قال لقناة “الحرة” إن موقف روسيا الرسمي منذ البداية هو مع النظام السوري، وأن موسكو تعتبر دمشق حليفا استراتيجيا لها مع وجود قواعد عسكرية روسية هناك.
وأشار إلى أن تحرك المعارضة السورية السريع كان مفاجئا للجميع وأن موسكو ستأخذ بنظر الاعتبار جميع السيناريوهات “سيما أن التطورات أثبتت أن قوات النظام السوري باتت عاجزة عن السيطرة على الموقف”.
وأضاف بيغاموف أن ما يهم روسيا في هذه المرحلة هو موقف المجتمع الدولي بشان مصير سوريا، “إن كانت مع الحفاظ على نظام الأسد وحمايته”
وأوضح الباحث السياسي والاستراتيجي الروسي أن عدم وضوح الاجندات التي يحملها كل طرف دولي مثل الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا، يعقد المشهد الحالي، حسب تعبيره.
قبل هجوم فصائل المعارضة كانت قوات النظام السوري تسيطر على ما يقرب من 64 في المئة من المساحة الاجمالية للبلاد
أعين المعارضة على دمشق.. ماذا بقي تحت سيطرة نظام الأسد؟
تتساقط المدن السورية تباعا بيد فصائل المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام المصنفة إرهابية من قبل واشنطن، إما بسبب الهزائم المتكررة التي تتلقاها قوات النظام السوري في معاركها مع المعارضة أو نتيجة انسحاب تلك القوات من مناطق سيطرتها.
ولتركيا علاقات طويلة الأمد، منذ 2011، مع الفصائل المسلحة التي تقاتل ضد نظام الرئيس السوري بشار، المدعوم من موسكو وطهران وحزب الله اللبناني.
وأصبحت حكومة الرئيس التركي الآن في وضع أقوى للضغط على الميليشيات الكردية التي تعارضها في سوريا، المدعومة من واشنطن، والتي تقول أنقرة إن لها صلات مع حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.
ومع استيلاء الفصائل المسلحة على المزيد من الأراضي، تأمل أنقرة أن يساعد ذلك في عودة أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري هجرتهم الحرب إلى تركيا.
الحرة
—————————-
خبير أميركي يعلق لـ”الحرة” على تسليح الفصائل المعارضة في سوريا
07 ديسمبر 2024
التقدم السريع للفصائل المسلحة التي تقودها هيئة تحرير الشام المصنفة على لوائح الإرهاب الأميركية، وما أظهرته من امتلاكها قدرات عسكرية يدفع لطرح تساؤلات عن مصدر هذا التسليح.
كبير الباحثين في مؤسسة “نيو أميركا”، دوغلاس أوليفانت، يقول إنه ليس سرا أنه ينظر إلى هذه الفصائل على أنها “أذرع تابعة لأنقرة، خاصة في ظل التسليح الذي يمتلكونه بشكل غير معهود”.
ويشرح في حديث لبرنامج “الحرة الليلة” أن الأسلحة الخفيفة مثل الرشاشات يمكن أن تعثر عليها في كل أنحاء المنطقة، وهذا الأمر “معتاد”، ولكن استخدامهم لـ “مسيرات متقدمة جدا، يطرح تساؤلات عن مصدر تزويدهم بهذه الأسلحة”.
وتتقدم هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها الجمعة نحو حمص، ثالث أكبر المدن السورية، فيما خسرت القوات الحكومية مناطق سيطرتها في محافظة دير الزور في شرق البلاد لحساب القوات الكردية.
وهيئة تحرير الشام كانت تعرف باسم جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها عن تنظيم القاعدة، لكن الولايات المتحدة لم تعترف بهذا الإجراء وأبقتها على قوائم الإرهاب.
وزاد أوليفانت أن الإجابة عن هذه التساؤلات لا تبتعد عن “تركيا، التي لها علاقات طويلة الأمد مع هذه الفصائل، ناهيك عن استفادتهم المباشرة من هذا الأمر”.
واعتبر أن ما يحدث لا يخرج عن نطاق “رغبة أنقرة في توسيع نطاق السيطرة في الأراضي السورية، والدفع باللاجئين إلى هذه المناطق”، مؤكدا أن هذه التطورات “ليست مفاجأة”.
وبرر أوليفانت الصمت الأميركي تجاه ما يحدث في سوريا من فصائل مصنفة إرهابية، وقال إن غالبية الفصائل في سوريا إما أنها مصنفة إرهابية أو تابعة لمجموعات إرهابية، فمنهم من يرتبط بمجموعات لها علاقة مع إيران وحزب الله، أو لها علاقة مع داعش أو المجموعات القريبة من حزب العمال الكردستاني.
وأضاف أن مجموعة تقاتل هناك مصنفة إرهابية من الولايات المتحدة أو من دول أخرى، ناهيك عن أن النظام في دمشق له ممارسات تتعلق بالتعذيب واستخدام الأسلحة الكيماوية ضد الشعب.
مع تقدّم فصائل معارضة إلى مدن رئيسية خلال الأيام الماضية وفي مناطق تنسحب منها القوات السورية الحكومية، تتسارع بالموازة تحركات دبلوماسية لبحث التطورات المفاجئة على الأرض.
وأكد أن واشنطن الآن في وضع المراقب، وغير راضية عن تقدم مجموعة مرتبطة بداعش في المعارك، وفي الوقت ذاتها هي غير راضية عما يفعله النظام، ولهذا “تقف الولايات المتحدة جانبا”.
وقال أوليفانت أن هذه المجموعات التي تقاتل الآن ليس لديها طموحات إرهابية توسعية خارج سوريا كما كانت داعش، وفي هذه الحالة هم يريدون مقاربة تشبه طالبان في أفغانستان، حيث يريدون السيطرة والحكم بدولة إسلامية في داخل سوريا، ولكن هذا الأمر قد لا يكون مناسبا للولايات المتحدة، إذ أن مثل هذه الدول قد تكون حاضنة لمجاميع إرهابية أخرى.
وسيطرت فصائل المعارضة الخميس على مدينة حماة، رابع كبرى مدن سوريا في وسط البلاد، بعد أيام على سيطرتها على حلب التي خرجت من قبضة النظام بالكامل للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في 2011.
وفي حال سيطرت هيئة تحرير الشام وحلفاؤها على حمص، فلن تبقى بين المناطق الاستراتيجية سوى العاصمة دمشق ومنطقة الساحل المطلة على البحر الأبيض المتوسط في أيدي حكومة الرئيس بشار الأسد.
الحرة
——————————–
إيران: على الحكومة السورية والمعارضة إجراء حوار سياسي
07 ديسمبر ,2024
شدد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على أهمية إجراء “حوار سياسي” بين حكومة الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة، في ظل هجوم غير مسبوق تشنه فصائل معارضة أتاح لها السيطرة على مناطق عدة.
هوكستين: الوضع في سوريا يضعف حزب الله وإيران
سوريا
هوكستين: الوضع في سوريا يضعف حزب الله وإيران
وأضاف عراقجي خلال اجتماع في الدوحة بين موسكو وأنقرة وطهران أن “الحوار السياسي بين الحكومة السورية والمجموعات المعارضة المشروعة يجب أن يبدأ”، وذلك عقب لقاء جمعه في الدوحة بنظيريه الروسي والتركي.
وقف “الأعمال القتالية”
بدوره، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيراه التركي والإيراني، إنهم اتفقوا في اجتماع بالدوحة على ضرورة وقف “الأعمال القتالية” في سوريا على الفور.
وأضاف أن موسكو تريد أن ترى حوارا بين الحكومة السورية وما سماها “المعارضة الشرعية” في سوريا.
إلى ذلك وصف جماعة “هيئة تحرير الشام” بأنها “إرهابية” بغض النظر عما إذا كانت قد قالت إنها غيرت نهجها أم لا.
وتابع أنه “من غير المقبول السماح لجماعات إرهابية بالسيطرة على الأراضي السورية”.
ولدى سؤاله عن كيفية تطور الوضع في سوريا وما سيحدث للقواعد العسكرية الروسية هناك، قال لافروف “لا مجال للتخمين”.
وكان وزير الخارجية الإيراني قد صرح قبل أيام بأنه لا يمكن التنبؤ بمصير الرئيس الأسد. وأضاف في تصريحات لقنوات عراقية، مساء الجمعة، أن من وصفها بـ”المقاومة” ستقوم بـ”واجبها”.
صيغة أستانا
وبدأ وزراء خارجية إيران وتركيا وروسيا اجتماعا في الدوحة لبحث الوضع في سوريا حيث سيطرت الفصائل المعارضة المسلحة على مناطق عدة في الأيام الماضية مع تراجع قوات الحكومة، بحسب ما أفادت وزارة الخارجية الإيرانية.
وتشارك الدول الثلاث في صيغة أستانا التي أطلقت قبل أعوام سعيا لإسكات صوت الأسلحة في سوريا، من دون أن تكون منضوية في المعسكر نفسه على أرض المعركة.
العربية
——————————-
“مدينة ابن الوليد”.. ما الأهمية الاستراتيجية لمدينة حِمص أكبر المحافظات السورية؟
عربي بوست
خير الدين الجابري
تتساقط المدن والمحافظات السورية واحدة تلو الأخرى بيد فصائل المعارضة المسلحة الزاحفة من الشمال، فبعد إتمام سيطرتها منذ 27 نوفمبر 2024 على إدلب وريفها وحلب وريفها، تلتهما مدينة حماة وما حولها يوم الخميس، أصبحت قوات المعارضة أو ما يعرف بـ”إدارة العمليات المشتركة” على مشارف مدينة حِمص، أكبر المحافظات السورية.
وبدأت الفصائل المسلحة الجمعة 6 ديسمبر 2024، التوغل في مدينة حمص وسط البلاد، ذات الأهمية الاستراتيجية على الطريق المؤدي إلى العاصمة دمشق. وذلك بعد أن سيطرت على مدينتي الرستن وتلبيسة التابعتين لمحافظة حمص، قبل أن تبدأ التوغل في حي الوعر غربي مدينة حمص.
تعد مدينة حمص واحدة من أبرز المدن السورية، وتقع وسط البلاد على ضفاف نهر العاصي، مما يجعلها مركزاً حيوياً يربط المحافظات الشمالية والجنوبية بالساحل السوري. وحمص ليست مجرد مدينة تاريخية وثقافية بل اكتسبت أهمية استراتيجية خلال الثورة السورية، واليوم تفصل مدينة حمص عملية “ردع العدوان” عن العاصمة دمشق حيث مقر حكم النظام السوري.
“بدأنا الزحف نحو دمشق”.. غرفة عمليات الجنوب لـ”عربي بوست”: ننسق تحركاتنا مع الشمال، وهذه أهدافنا المقبلة
أكبر المحافظات السورية.. ماذا نعرف عن حِمص؟
تعد حمص ثالث أكبر المدن السورية بعد دمشق وحلب، فهي تمتد على حدود لبنان والعراق والأردن، وهي عاصمة محافظة حمص التي تُعد من أكبر المحافظات السورية مساحةً على الإطلاق.
تُعرف حمص بـ”مدينة ابن الوليد” حيث تحتوي على جامع الصحابي خالد بن الوليد وفيها ضريحه الذي تم قصفه من قبل قوات النظام، بالإضافة إلى جامع النوري الكبير وكان معبدًا وثنيًّا ثم تحوَّل بعد الفتح الإسلامي إلى مسجدٍ رمَّمه وجدّده الملك الزنكي محمود نور الدين، فحمل اسمه “النوري”. وتتميز حمص بتاريخها العريق الذي يمتد لآلاف السنين منذ العصر البرونزي.
تمتد محافظة حمص على مساحة حوالي 42,223 كيلومتر مربع، مما يجعلها الأكبر في سوريا، في حين تبلغ مساحة المدينة التاريخية نفسها حوالي 1,000 كيلومتر مربع.
تقع المدينة على مفترق طرق استراتيجي يربط بين جنوب سوريا وشمالها M5، وهي بوابة دمشق الشمالية، بالإضافة إلى قربها من الساحل الغربي، مما يعزز أهميتها الجغرافية والتجارية.
يقدر عدد سكان مدينة حمص بنحو 1.5 مليون نسمة، معظمهم من المسلمين السنة مع وجود بعض الأقليات من العلويين والمسيحيين.
الأهمية الاستراتيجية لمدينة حمص
قبل اندلاع الثورة السورية، كانت حمص مركزاً زراعياً وصناعياً رئيسياً لسوريا، حيث تعتمد على محاصيل استراتيجية كالحبوب والقطن. وفي الصناعات الثقيلة مثل تكرير النفط، كما أن الموقع الجغرافي الذي يسهل حركة التجارة الداخلية والخارجية، عززاً مكانتها الاقتصادية.
كانت حمص قبل انطلاق الثورة السورية تعتبر بمثابة الرئة الاقتصادية للبلاد، إذ تقع في غربيها وشرقيها مصاف للنفط وحقول للغاز ومراكز صناعية عدة.
تحتضن حمص شبكات طرق وخطوط سكك حديدية ومرافق صناعية، مثل مصافي النفط في بانياس، ما يجعلها محركاً اقتصادياً.
حمص في الثورة السورية
خلال الثورة السورية، أصبحت حمص نقطة ارتكاز عسكرية رئيسية وسميت بـ”عاصمة الثورة” أو “قلعة الثورة”، وإثر الاحتجاجات الشعبية العارمة في 2011، أحكم النظام السوري سيطرته على مركز هذه المدينة بشكل كامل عام 2014. وبعد 4 سنوات من هذا التاريخ، فرض نفوذه كاملا على المناطق الواقعة في ريفها الشمالي (عام 2018)، بينها تلبيسة والرستن، وهي التي تدخلها الفصائل الآن.
شهدت حمص مظاهرات سلمية منذ بداية الثورة السورية في عام 2011، وسرعان ما تحولت إلى ساحة مواجهات عسكرية شرسة. أبرز المعارك:
معركة بابا عمرو: كانت من أولى المعارك الكبرى بين المعارضة المسلحة والنظام في عام 2012، فخلال شهر شباط من ذلك العام شن النظام حملة عسكرية شنيعة أدت إلى سقوط قرابة 1,000 سوري وإصابة آلاف وقد جاءت المجزرة في اليوم الذي صادف إحياء الذكرى الثلاثين لمجزرة حماة التي وقعت عام 1982.
حصار حمص: تعرضت حمص لأطول حصار في الثورة، مما أدى إلى دمار كبير وخسائر بشرية ضخمة. استمر الحصار ثلاث سنوات، من مايو 2011 إلى مايو 2014، وأسفر عن انسحاب المعارضة من المدينة
في أيار/مايو 2014 بدأت قوافل المهجرين تخرج من أحياء حمص القديمة بموجب اتفاق مع النظام، بحيث أصبحت أحياء المدينة تحت سيطرة الأخير بشكل كامل باستثناء حي الوعر، الذي تعرض بدوره لحصار شديد وعمليات قصف متقطعة استمرت عامين، إلى أن شنت عليه قوات النظام حملة قصف عنيفة اضطرت الأهالي للرضوخ إلى اتفاق جديد يقضي بإخلائه على دفعات وتسليمه للنظام، وتضم كل دفعة حوالي 1500 إلى 2000 شخص.
الدمار في مدينة حمص بعد عام 2014 بسبب القصف الشديد الذي تعرضت له من قبل النظام السوري وحلفائه/ رويترز
ولأن حمص تشكل معبراً رئيسياً إلى لبنان، فقد استمات حزب الله اللبناني في السيطرة على مدينة “القصير” في حمص، التي تشكل بوابته الرئيسية إلى مناطقه في جنوب لبنان، حيث خاض الحزب إلى جانب النظام معارك عديدة هناك ضد الثوار.
سيطرة المعارضة على حمص اليوم تعني التحكم في خطوط الإمداد بين الساحل ودمشق. موقعها يجعلها أخطر ساحة للصراع بين النظام والمعارضة، وخاصة في أحياء مثل بابا عمرو والخالدية، ويمهد الدخول لحمص السيطرة على دمشق.
————————–
“قسد” تدخل المربع الأمني في الحسكة
عنب بلدي
دخلت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) إلى “المربع الأمني” في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، بعد انسحاب قوات النظام السوري منه باتجاه مطار “القامشلي”.
وأفادت مراسلة عنب بلدي في الحسكة أن “قوات سوريا الديمقراطية” دخلت “المربع الأمني” اليوم، السبت 7 من كانون الأول، بعد انسحاب قوات النظام وآلياته.
وذكرت أن الدوائر الرسمية بقيت دون أي تغيير في الحسكة (بمعنى بقاء الموظفين)، بينما لا تزال قوات النظام في “المربع الأمني” بمدينة القامشلي دون أي تغيير حتى الآن.
وشهد “المربع الأمني” في الحسكة مظاهر احتفال وإطلاق ألعاب نارية من قبل مناصري “قوات سوريا الديمقراطية” فرحًا لدخولها.
ولم تعلن “قسد” بشكل رسمي سيطرتها على “المربع الأمني”، أو النظام انسحابه، حتى لحظة إعداد هذا الخبر.
دائمًا ما يشهد “المربع الأمني” اشتباكات وحصارًا، نظرًا إلى كونه نقطة النظام الوحيدة داخل رقعة جغرافية واسعة تسيطر عليها “قسد” وهي الجناح العسكري لـ”الإدارة الذاتية”.
قبل الانسحاب، كان النظام يسيطر في محافظة الحسكة على منطقتين تسمى كل منهما بـ”المربع الأمني”، واحد في الحسكة وهو مجموعة من الحارات وسط المدينة، ويسكن فيها مدنيون، وتحوي مؤسسات خدمية حكومية مثل مبنى المحافظة، إلى جانب كليات من جامعة “الفرات”، و”مربع أمني” آخر في القامشلي.
تضم المربعات مقار أمنية مثل مفرزة لـ”الأمن العسكري” وأخرى لـ”الأمن السياسي” و”أمن الدولة” و”الأمن الجنائي” وفرع “حزب البعث”، إلى جانب مقار صغيرة لميليشيات إيرانية، تُعرف محليًا باسم “سرايا الخرساني”.
وتملك الميليشيات الإيرانية، ثلاثة مقار يطلق عليه محليًا اسم “البراد الآلي” و”مقر البريد” و”مقر محطة القطار” وسط مدينة الحسكة، وفق حديث سابق لعنب بلدي مع الباحث في مركز “عمران للدراسات” سامر الأحمد (ينحدر من محافظة الحسكة).
وتعتبر علاقة النظام السوري بـ”قسد” شائكة في بعض مفاصلها، إذ يتشارك الجانبان النقاط العسكرية في مناطق من شمال وشرقي محافظة حلب (قبل أن يخرج منها النظام لصالح المعارضة السورية)، وعلى خطوط التماس مع “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا شمال غربي الحسكة، بينما يقتتلان في مناطق أخرى من دير الزور والقامشلي.
وكما يملك النظام مساحات جغرافية ضئيلة داخل المساحات التي تسيطر عليها “قسد” بمحافظة الحسكة، لدى “قسد” مساحات مشابهة في مناطق سيطرة النظام بمدينة حلب، إذ تسيطر الأخيرة على حيي الشيخ مقصود والأشرفية على أطراف المدينة الشمالية.
——————————–
بعد الإنذار.. ما وضع جبهة منبج في حلب
بعد إصدار الفصائل العسكرية المشاركة في عملية “فجر الحرية” بيانًا حول بدء عملية عسكرية على مدينة منبج شرقي حلب، لم تشهد المنطقة ملامح عمل عسكري فعلي، مقارنة بهجوم الفصائل قبل أيام على مدينة السفيرة وغيرها بريف حلب.
ولم تعلن الفصائل أو تنشر على معرفاتها صورًا للعملية أو الهجوم بعد، لكن منبج شهدت قصفًا جويًا لنقاط عسكرية ومحاولة تقدم على أحد المحاور.
“مجلس منبج العسكري” التابع لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) صاحبة السيطرة على منبج وأجزاء واسعة من شمال شرقي سوريا، قال إن مقاتليه تصدوا لمحاولة تسلل.
وأضاف “المجلس” أن محاولة التسلل جرت على قرية تل أسود الساعة الثانية من صباح اليوم، السبت 7 من كانون الأول، واشتبك مقاتلو المجلس مع المتقدمين وأفشلوا الهجوم.
وتواردت أنباء عن شن الطيران التركي غارات في منبج على مواقع لـ”قسد”، لكن الفصائل لم تذكر ذلك على معرفاتها كما لم تتبن أي جهة الغارات الجوية.
“مجلس منبج العسكري” نفى تعرض منبج لقصف جوي تركي جديد، مشيرًا إلى أنه من طيران مجهول استهدف نقطة لفصائل “الجيش الوطني السوري”، في قرية تل الهوا بمحيط منبج.
وكانت فصائل “الجيش الوطني” التابع لـ”الحكومة السورية المؤقتة” أعلنت، الجمعة، شنها هجومًا في منطقة منبج بريف حلب الشرقي، التي تسيطر عليها “قسد”.
وطالبت غرفة عمليات “فجر الحرية” السكان في مدينة منبج بالابتعاد عن المقرات العسكرية، قبل بدء هجومها على المدينة للسيطرة عليها وطرد “قوات سوريا الديمقراطية”.
وبررت الغرفة عمليتها ضد “قسد” لما سمته “تصرفًا غادرًا” من قبل “قسد” استهدفت خلاله “ظهر الثورة”، إذ شنت هجمات على عدة قرى في ريف حلب وسيطرت على بعضها، كما حاولت التوسع باتجاه مواقع سيطرة “الجيش الوطني السوري”، “ما يهدد بتعطيل مسار التحرير”، وفق ما جاء في البيان.
وكانت “الحكومة المؤقتة” أعلنت، في 30 من تشرين الثاني الماضي، إطلاق عملية “فجر الحرية” ضد قوات النظام و”قسد”، بهدف “تحرير المناطق المغتصبة” من قبل النظام السوري، و”وحدات حماية الشعب”، و”قسد”.
ويتألف “الجيش الوطني” من ثلاثة فيالق، ولا يوجد عدد ثابت لعناصره، إذ قال “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، إن عددهم 80 ألف مقاتل في 2019، في حين ذكر تقرير لمعهد “الشرق الأوسط”، في تشرين الأول 2022، أن التشكيل يجمع من 50 ألفًا إلى 70 ألف مقاتل.
—————————-
=======================
6 كانون الأول 2024
——————————
فورين بوليسي: ليس لدى الأسد من ينقذه.. يقطف ثمار انهيار جيشه وتفوّق المعارضة وتراجع شعبيته/ إبراهيم درويش
6 ديسمبر 2024
لندن- “القدس العربي”: تساءل مدير برنامج سوريا ومكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط، بواشنطن، تشارلز ليستر عن سبب التداعي المستمر لنظام بشار الأسد في دمشق.
وقال في مجلة “فورين بوليسي” إن أحداث الأسبوع الماضي طرحت أسئلة جادة حول مستقبل نظام الأسد.
فقد شن تحالف من فصائل المعارضة المسلحة هجوماً في شمال سوريا، وسيطر على نحو 250 مدينة وبلدة وقرية، وضاعف مساحة الأراضي الخاضعة لسيطرته بأكثر من الضعف. وتم الاستيلاء على ثاني أكبر مدينة في سوريا، حلب، في غضون 24 ساعة، مع انهيار خطوط جبهات الدفاع للنظام السوري واحدة تلو الأخرى.
وبعد ما يقرب من خمس سنوات من تجميد خطوط السيطرة الجهوية في جميع أنحاء البلاد، فإن هذه التطورات دراماتيكية وتعتبر تغييراً لقواعد اللعبة.
ويرى ليستر أن هذه التطورات يجب ألا تكون مفاجئة لأحد، فلم “ينتصر” الأسد حقيقة بالحرب، وكان حكمه يواجه ضعفاً مستمراً، وبات موقفه اليوم أضعف من أي وقت مضى.
وعلى مدى السنوات الماضية، كانت الحكمة تقول إن الصراع تجمد عند الخطوط التي باتت معروفة، وأن الأعمال العدائية أصبحت شيئاً من الماضي، وخرج منها الأسد منتصراً بشكل حتمي.
لكل هذا تراجع الاهتمام الدولي، وانتهت تقريباً الدبلوماسية التي تركز على سوريا، وبدأت الحكومات تتخلص تدريجياً من الموارد بعيداً عن السياسة التي تستهدف سوريا وتتجه نحو تحديات عالمية أخرى.
وفي الوقت نفسه، ومع تفاقم الأوضاع في سوريا، اتخذت الحكومات العربية خطوة لإعادة التعامل بشكل جماعي مع الأسد، بدءاً من عام 2023، وإعادة تأهيله، أو تطبيعه في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وبالنسبة لصنّاع السياسات في الولايات المتحدة، رأوا في تولي الجهات الفاعلة الإقليمية المسؤولية ملف عن سوريا علامة مشجعة ومدعاة للارتياح.
وفي الآونة الأخيرة، وبدافع من معارضتها لسياسة الاتحاد الأوروبي المتمثلة في عزل الأسد والإيمان بانتصاره، جمعت مجموعة من عشر دول أوروبية، بقيادة إيطاليا، قواها في سعي إلى إعادة التعامل مع نظام الأسد واستكشاف سبل الدبلوماسية وعودة اللاجئين إلى سوريا.
وقامت هذه التطورات على افتراض مفاده أن الظروف في سوريا، وإن كانت سيئة، إلا أن الأزمة نفسها لا تزال مجمدة ومحتواة، وأن الأسد لم يعزز موقعه فقط، بل ويزيد من تعزيز قوته، وبدا أن هذا الافتراض في غير محله.
ذلك أن اقتصاد سوريا يعيش، ومنذ سنوات، حالة من الفوضى. وفي الوقت الذي رعت فيه روسيا وتركيا، اللتان تدعمان أطراف الحرب المتنافسة عام 2020 بشكل أدى لتجميد النزاع، كان الدولار يساوي حوالي 1,150 ليرة سورية.
ومع بدء هجوم المعارضة، قبل أسبوع، كان يساوي 14,750 ليرة سورية. وفي 4 كانون الأول/ديسمبر، بعد أسبوع من عودة الحرب، كان سعر الدولار يساوي 17,500 ليرة سورية. وبدلاً من عودة الحياة إلى طبيعتها، وانتشار الاستقرار بعد أكثر من عقد على الحرب، زادت الأزمة الإنسانية سوءاً بعد اتفاق 2020.
وتقول أرقام الأمم المتحدة أن نسبة 90% من سكان سوريا باتوا يعيشون تحت خط الفقر. ورغم رعاية النظام للجريمة المنظمة وتصنيع المنشطات المخدرة وتهريبها، والتي تدرّ عليه 2.4 مليار دولار سنوياً، إلا أن حياة الشعب السوري لم تتغير. بل وخفضت الحكومة، في السنوات الأخيرة، الدعم عن المحروقات والمواد الأساسية.
كما أن الأسد لم يعد لديه أحد لإنقاذه من حالة الإفلاس، فقد عانى اقتصاد روسيا من ضربات، بسبب غزو أوكرانيا، أما إيران فهي في حالة يرثى لها.
ولم يكن هذا ليحدث أبداً، لو تعاون الأسد، وبشكل بنّاء، مع حكومات المنطقة، والتي طبعت العلاقات معه في 2023، ولو قبل العرض التركي لتطبيع العلاقات معه بداية هذا العام، لكانت سوريا في وضع آخر.
ومع تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد أكثر من أي وقت مضى، وانخفاض إرادة العالم وقدرته على المساعدة أكثر من أي وقت مضى، كان الشعب السوري يعاني. وبعد أن أدرك السوريون أنه لا يوجد ضوء في نهاية النفق، بدأوا في العودة إلى الشوارع والمطالبة بإسقاط الأسد.
وقبل أشهر، بدأ مقاتلو المعارضة السابقون، الذين “تصالحوا” مع الحكومة بموجب اتفاقيات قبل ست سنوات في تحدي النظام.
في غضون ذلك، وفي ظل الانهيار الاقتصادي في سوريا، دخلت الجريمة المنظمة، وكذلك إنتاج المخدرات والإتجار بها على مستوى واسع، إلى قلب جهاز الأمن التابع للأسد.
وفي الواقع، ربما يكون نظام الأسد الآن أكبر دولة مخدرات في العالم تقوم بإنتاج الأمفيتامين المعروف باسم الكبتاغون.
وأشار الكاتب إلى أن تجارة المخدرات تديرها كتيبة النخبة في جيش النظام السوري، الفرقة الرابعة، والتي يقودها ماهر الأسد، شقيق الرئيس.
إلا أن هذه التجارة تسلّلت إلى ركن من أركان الجيش والميليشيات الموالية له. وعليه، فقد مزّقت الجريمة المنظمة وأمراء الحرب الذين يتعاونون مع النظام آخر ما تبقى من بنية متماسكة في داخل الدولة الأمنية السورية.
وفي الوقت نفسه، أدى تورط روسيا في أوكرانيا، والحرب التي اندلعت بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، واستهداف إسرائيل لإيران ووكلائها في سوريا ولبنان، إلى تحوّل انتباه روسيا وإيران عن سوريا.
وفي الحقيقة كانت روسيا وإيران، وكذلك “حزب الله”، حاضرين، عندما بدأ هجوم المعارضة في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، ولكنهم تكبدوا خسائر، ولم يكونوا قادرين على الحفاظ على خطوط القتال. ولم يكن حضور الجهات الخارجية الفاعلة على خطوط القتال الأمامية كافياً لمنع انهيار قوات النظام.
مع أن ما حدث ليس مفاجئاً للجميع، لأن “هيئة تحرير الشام”، التي تسيطر على إدلب، كانت تخطط، منذ منتصف تشرين الأول/أكتوبر، لهجوم، عندما تدخلت تركيا في محاولة لوقفها، وشنت روسيا، على مدى أيام، سلسلة من الغارات الجوية المكثفة رداً على ذلك.
كما أظهرت الأحداث الأخيرة أن ثماني سنوات من الاستثمار الروسي في إعادة بناء جيش نظام الأسد لم يكن لها تأثير يذكر على قدرة الجيش على القتال بفعالية تحت الضغط.
وعلى الرغم من أن جهود روسيا عززت بعض القدرات الفعالة داخل وحدات عسكرية مختارة، مثل فرقة المهام الخاصة الخامسة والعشرين، إلا أن القوات المسلحة السورية ككل تظل غير موحدة وضعيفة التنسيق.
وعلى كل الأصعدة، عانى الجهاز العسكري للنظام من الركود، في السنوات الأخيرة، حيث انهار من الداخل، وتفكّك من الخارج. ويمكن القول إن شبكة غير متبلورة من الميليشيات الموالية تقدم قدرة عسكرية أعظم من الجيش نفسه.
وإن القدرة النوعية الوحيدة التي أضافتها روسيا إلى جيش الأسد في السنوات الأخيرة هي استخدام مسيّرات انتحارية.
ومع ذلك، فقد تفوقت عليها بشكل كبير من حيث الحجم والتأثير وحدة الطائرات المسيرة “كتائب شاهين”، التي كشفت عنها “هيئة تحرير الشام” مؤخراً، والتي أطلقت المئات منها على الخطوط الأمامية للنظام والدبابات وقطع المدفعية وكبار القادة، خلال الأسبوع الماضي. كل هذا يقدم صورة عن التناقض الصارخ على الجانب الآخر، فقد عملت “هيئة تحرير الشام” والفصائل المقاتلة الأخرى، منذ عام 2020، على تطوير قدراتها العسكرية، وبشكل مكثف. وأنشأت “هيئة تحرير الشام”، تحديداً قوات خاصة تعرف باسم “العصائب الحمراء”، والتي كانت بمثابة رأس السهم في العمليات النهارية، أما “سرايا الحراري”، فقد حققت مكاسب ليلية، وعلى مدى أسبوع، حيث كان كل عنصر من عناصرها الـ 500 يحمل أسلحة مجهزة بمناظير الرؤية الليلية، وفقاً للمجموعة، وهو ما غيَّر قواعد اللعبة. وفي حين قام فصيل آخر من “هيئة تحرير الشام” يعرف باسم “كتائب شاهين” باستخدام أسلحة ثقيلة عبر خطوط المواجهة، فقد استخدمت المجموعة أيضاً صواريخ كروز محلية الصنع، والتي تعادل قوتها التفجيرية شاحنة مفخخة انتحارية.
وبفضل أساطيل المسيرات الاستطلاعية في الجو على مدار الساعة، تمكنت “هيئة تحرير الشام” وحلفاؤها من تحقيق التفوق النوعي وبشكل كامل على الجيش السوري.
وبالنظر إلى المستقبل، يواجه نظام الأسد معركة شاقة وخطيرة مع استمرار الهجوم الذي تقوده “هيئة تحرير الشام” في التحرك جنوباً على محورين على الأقل في محافظة حماة بوسط البلاد، والتي انسحب منها الجيش يوم الخميس.
وقد ألهم تراجع شعبية النظام الحاد في جميع أنحاء سوريا، والتقدم الدرامي الذي أحرزته المعارضة، الفصائل الأخرى المسلحة في جميع أنحاء البلاد للقيام بالتعبئة واتخاذ الإجراءات، كما في درعا في الجنوب، وحمص في الوسط، ودير الزور في الشرق، حيث تواجه مدن النظام والخطوط الأمامية العسكرية تحديات.
وفي المرة الأخيرة التي اضطر فيها الأسد إلى التعامل مع تحديات متعددة ومتضافرة لسيطرته على البلاد، كانت في عام 2015، حيث تم دفع نظامه إلى نقطة الانهيار، واضطرت روسيا إلى التدخل عسكرياً لإنقاذه. ولن يكون هناك منقذ في مثل هذا اليوم.
——————————-
بمقابلة حصرية مع CNN.. زعيم “تحرير الشام” أبو محمد الجولاني يكشف جوانب مما يطمح إليه وهدف تحركات الفصائل في سوريا
نشر الجمعة، 06 ديسمبر / كانون الأول 2024
(CNN)—قال زعيم تحالف فصائل المعارضة السورية، أبو محمد الجولاني إن الهدف من التحركات الأخيرة في سوريا وانتزاع مدينة رئيسية تلو الأخرى من قبضة نظام بشار الأسد، هو في نهاية المطاف الإطاحة بالرئيس الاستبدادي.
وفي مقابلة حصرية مع شبكة CNN، لم يترك الجولاني مجالاً للشك في أن طموحات هيئة تحرير الشام – وهي المجموعة التي تشكلت من فرع سابق لتنظيم القاعدة – لا تقل عن وضع حد لنظام الأسد، وفي أول مقابلة إعلامية له منذ سنوات، في مكان غير معلوم في سوريا، تحدث عن خطط لتشكيل حكومة قائمة على المؤسسات و”مجلس يختاره الشعب”.
وقال الجولاني: “عندما نتحدث عن الأهداف، يبقى هدف الثورة هو إسقاط هذا النظام.. من حقنا أن نستخدم كل الوسائل المتاحة لتحقيق هذا الهدف.. لقد كانت بذور هزيمة النظام موجودة دائماً في داخله… حاول الإيرانيون إحياء النظام، وشراء الوقت له، وبعد ذلك حاول الروس أيضاً دعمه، لكن الحقيقة تبقى: هذا النظام مات”.
وقوى المعارضة السورية لا مركزية وتتكون من أيديولوجيات مختلفة، وإن كانت متحدة بهدف مشترك يتمثل في قلب نظام الأسد، لكن جذور هيئة تحرير الشام والجولاني في الحركات الإسلامية المتطرفة ألقت بظلالها على طموحاته.
ورغم جهود الجولاني لإبعاد مجموعته الجديدة عن تنظيم القاعدة، فقد صنفت الولايات المتحدة هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية أجنبية في عام 2018 وخصصت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.
ومنذ خروجهم من جيبهم في شمال غرب البلاد قبل أكثر من أسبوع، كان تقدم الفصائل سريعًا بشكل مذهل، حيث سيطروا على ثاني أكبر مدينة في البلاد، حلب، قبل الاستيلاء على مدينة حماة الاستراتيجية، ووجه الهجوم الصادم ضربة قوية للأسد وداعميه في إيران وروسيا، بينما أشعل من جديد حربا أهلية كانت خاملة إلى حد كبير لسنوات.
خرج من الظل إلى النور
بالنسبة لشخص كان يعمل في الظل ذات يوم، كان الجولاني يتمتع بالثقة وحاول إظهار الحداثة في اجتماعه مع شبكة CNN، والذي تم في وضح النهار وبقليل من الأمن، وبينما كانت شبكة CNN تجري مقابلة مع الجولاني، ظهرت أنباء تفيد بأن القوات الخاضعة لقيادته استولت على مدينة حماة.
وداخل الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون في سوريا، من الواضح أنه يعمل بشكل أقل كرجل مطلوب وأكثر كسياسي، وبعد سيطرة القوات الموالية له على حلب، ظهر علناً في القلعة التاريخية بالمدينة.
ويقول الجولاني إنه مر بفترات من التحول على مر السنين: “الشخص في العشرينات من عمره ستكون له شخصية مختلفة عن شخص في الثلاثينيات أو الأربعينيات من عمره، وبالتأكيد شخص في الخمسينيات من عمره.. هذه هي الطبيعة البشرية”.
وبدأ الجولاني مسيرته كمقاتل شاب في صفوف تنظيم القاعدة ضد الولايات المتحدة في العراق، وبعد عودته إلى وطنه خلال الحرب الأهلية السورية، قاد فرع الجماعة الإرهابية في سوريا عندما كانت تحت اسم جبهة النصرة، واستمر في قطع العلاقات مع تنظيم القاعدة وتطورت منظمته إلى هيئة تحرير الشام، المعروفة أيضًا باسم منظمة تحرير الشام، في أوائل عام 2017.
وكانت مقابلة الجولاني مع شبكة CNN، الخميس، بمثابة تغيير جذري للخطاب المتشدد الذي استخدمه خلال أول مقابلة متلفزة له على الإطلاق في عام 2013، عندما أجرت قناة الجزيرة مقابلة مع وجهه في الظل، وفي ذلك الوقت، ركزت تصريحاته على تعزيز فرع تنظيم القاعدة في سوريا.
وطرح الجولاني، الخميس، رؤية مختلفة للبلد الذي مزقته الحرب، وفي علامة على محاولته تغيير علامته التجارية، استخدم علانية أيضًا اسمه الحقيقي لأول مرة – أحمد الشرع – بدلاً من الاسم الحركي الذي يُعرف به على نطاق واسع.
ومع توسع التقدم العسكري لتحالف المتمردين في الأراضي والسكان الخاضعين لسيطرتهم، أصر الجولاني على أنه ليس لدى المدنيين ما يخشونه في إدارة المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في سوريا، وأضاف أن “الأشخاص الذين يخشون الحكم الإسلامي إما أنهم رأوا تطبيقات غير صحيحة له أو لم يفهموه بشكل صحيح”، وتصور أنه إذا نجحت قوى المعارضة في الإطاحة بنظام الأسد، فسيتحول إلى “دولة حكم ومؤسسات وما إلى ذلك”.
وقالت المجموعة إنها تعمل على طمأنة المدنيين والجماعات التي عانت من الاضطهاد على أيدي الجماعات المتطرفة والجهادية في الحرب الأهلية المستمرة منذ عقد من الزمن في سوريا، وقالت أيضًا إنها بذلت قصارى جهدها لتخبر المسيحيين والأقليات الدينية والعرقية الأخرى علنًا أنهم سيعيشون بأمان تحت حكمها.
وقال الجولاني عندما سئل عن المخاوف على سلامتهم: “كانت هناك بعض الانتهاكات ضدهم [الأقليات] من قبل أفراد معينين خلال فترات الفوضى، لكننا عالجنا هذه القضايا.. لا يحق لأحد أن يمحو مجموعة أخرى”، وقال إن هذه الطوائف تتعايش في هذه المنطقة منذ مئات السنين، ولا يحق لأحد القضاء عليها.
مع ذلك، أثارت جماعات حقوق الإنسان والمراقبون المحليون ناقوس الخطر بشأن معاملة هيئة تحرير الشام في الآونة الأخيرة للمعارضين السياسيين في إدلب، زاعمين أن الهيئة شنت حملات قمع قاسية على الاحتجاجات وقامت بتعذيب وإساءة معاملة المنشقين، وقال الجولاني لشبكة CNN إن حوادث الانتهاكات في السجون “لم تتم بأوامرنا أو توجيهاتنا”، وقد قامت هيئة تحرير الشام بالفعل بمحاسبة المتورطين فيها.
كما عارض الجولاني تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية، واصفاً إياها بأنها “سياسية في المقام الأول، وفي الوقت نفسه، غير دقيقة”، معتبراً أن بعض الممارسات الإسلامية المتطرفة “خلقت انقساماً” بين هيئة تحرير الشام والجماعات الجهادية، وادعى أنه يعارض بعض الأساليب الأكثر وحشية التي تستخدمها الجماعات الجهادية الأخرى والتي أدت إلى قطع علاقاته معهم، كما ادعى أنه لم يشارك شخصياً قط في الهجمات على المدنيين.
وعندما زارت CNN حلب في وقت سابق من اليوم (الخميس)، وجد الفريق مدينة تبدو هادئة رغم سيطرة قوات المعارضة المفاجئة عليها الأسبوع الماضي. وكانت الأسواق مفتوحة، وكان الناس يسيرون في الشوارع، وكانت الحياة مستمرة، حتى بعد القصف الذي شنته الطائرات الحربية الروسية الموالية للأسد والذي أودى بحياة العشرات في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
وقد تم تعزيز قبضة الأسد الخانقة على البلاد من قبل حلفائه، ومع تنامي القوات المناهضة للحكومة في أعقاب الربيع العربي عام 2011، ساعد الحرس الثوري الإيراني ووكيله اللبناني حزب الله في قتال الجماعات المتمردة المسلحة على الأرض، وفي السماء، تم تعزيز القوات الجوية السورية بطائرات حربية روسية.
وأعرب الجولاني عن رغبته في خروج القوات الأجنبية من سوريا، وتوجد حاليًا قوات من الولايات المتحدة وتركيا وروسيا وإيران بالإضافة إلى وكلاء إيرانيين في البلاد، وأضاف: “أعتقد أنه بمجرد سقوط هذا النظام، سيتم حل المشكلة، ولن تكون هناك حاجة لبقاء أي قوات أجنبية في سوريا”.
وأضاف: “سوريا تستحق نظام حكم مؤسسي، وليس نظاماً يتخذ فيه حاكم واحد قرارات تعسفية”، فلقد ظلت أسرة الأسد في السلطة لمدة 53 عاما، منذ عام 1971، ومن أجل الحفاظ على حكمها الذي دام عقودا من الزمن، قتل النظام مئات الآلاف من الأشخاص، وسجن المنشقين، وقام بتشريد الملايين بوحشية في الداخل والخارج.
وتابع الجولاني: “نحن نتحدث عن مشروع أكبر – نتحدث عن بناء سوريا.. هيئة تحرير الشام مجرد جزء من هذا الحوار، وقد تتفكك في أي وقت، إنها ليست غاية في حد ذاتها، بل وسيلة لأداء مهمة: مواجهة هذا النظام”.
الجمعة، 06 ديسمبر / كانون الأول 2024
——————————-
المعارضة السورية تعلن السيطرة على مدينتي الرستن وتلبيسة بريف حمص
6/12/2024
أعلنت المعارضة السورية المسلحة قبل قليل سيطرتها على مدينتي الرستن وتلبيسة بريف حمص الشمالي، وبلدة الدار الكبيرة في ريف حمص بعد ساعات من إعلان سيطرتها على مدينة حماة بالكامل.
وأفادت تقارير صحفية أن قوات المعارضة بسطت سيطرتها على المدينتين صباح اليوم. وتعتبر المدينتان بوابة حمص، وتقعان على طريق “إم 5” (M5) الذي يربط بين حلب ودمشق، مرورا بحماة وحمص.
وكانت إدارة العمليات العسكرية التابعة للمعارضة السورية المسلحة قالت إنها هاجمت من وصفتهم بفلول النظام على الطريق بين حماة وحمص.
وقال مقاتلو المعارضة إنهم يستعدون لمواصلة الزحف جنوبا نحو مدينة حمص على بعد 40 كيلومترا جنوبي حماة، والتي تشكل مفترق طرق كبيرا في سوريا يربط دمشق بالشمال والساحل.
غارات على جسر الرستن
وأفادت مواقع موالية للمعارضة السورية بأن الطيران الحربي الروسي شن الليلة ما لا يقل عن 9 غارات على جسر الرستن بريف حمص الشمالي.
وقالت إن الهدف من ذلك هو فصل مدينة حمص عن ريفها الشمالي المتاخم لمحافظة حماة لمنع تقدم الفصائل.
يأتي هذا التطور في حين حثت المعارضة المسلحة الوحدات العسكرية التابعة للجيش السوري في حمص على الانشقاق الجماعي والتوجه نحو حماة.
وقال المتحدث باسم غرفة العمليات العسكرية التابعة للمعارضة السورية المسلحة حسن عبد الغني عبر تطبيق تليغرام، إنه ستكون هناك في الأيام المقبلة “مفاجآت” ومحاور جديدة في ميدان المعركة، وأضاف أن “حمص تترقب قدوم قواتنا”.
وبث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تُظهر ما قالوا إنها حركة نزوح كبيرة من مدينة حمص وسط سوريا إلى طرطوس في الساحل السوري.
وأظهرت الصور طوابير طويلة من السيارات على الطريق المؤدي من مدينة حمص إلى مدينة طرطوس.
السيطرة على حماة
وكانت المعارضة السورية المسلحة أعلنت أمس سيطرتها الكاملة على مدينة حماة وسط البلاد، بعد أن أكملت عمليات التمشيط فيها بنجاح، على حد قولها.
كما قالت قوات المعارضة في بيان فجر اليوم إنها سيطرت على قرية معرزاف شمال غرب مدينة حماة.
كما أعلنت إدارة العمليات العسكرية في المعارضة السورية السيطرة على مطار حماة العسكري، ومبنى قيادة الشرطة في المدينة، فضلًا عن منطقة عقيربات بريف حماة الشرقي، وتمشيط مطار حماة العسكري وجبل زين العابدين وقرية قمحانة شمال حماة.
وأظهرت صور من داخل المدينة تجوال قوات المعارضة في عدد من الأحياء.
وبثت المعارضة صورا قالت إنها للحظة تحرير نزلاء في سجن حماة المركزي وذلك بعد سيطرتها على السجن إثر دخولها المدينة.
على الجهة المقابلة، قال وزير الدفاع السوري علي محمود عباس، إن قواته تخوض معركة شرسة ومستمرة مع ما وصفها بأعتى التنظيمات الإرهابية التي تستخدم أسلوب العصابات.
وأضاف عباس أن قواته في وضع ميداني جيد قائلا إنها عملت على إعادة الانتشار حفاظا على الأرواح.
وكانت المعارضة المسلحة بدأت هجومها الأسبوع الماضي، والذي أطلقت عليه “ردع العدوان”، وأعلنت أن هدف العملية هو تمكين النازحين من العودة إلى مناطقهم وصد ما سمّته عدوان قوات النظام السوري والفصائل المتحالفة معها.
المصدر : الجزيرة + وكالات
——————————
“المبادرة الوطنية في مصياف” توجه رسالة إلى الفصائل العسكرية وأهالي المدينة
2024.12.06
دعت المبادرة الوطنية في منطقة مصياف السوريين وقواهم الوطنية إلى التكاتف في مواجهة النظام السوري، مشيرةً إلى أن التخلص منه يمثل الخطوة الأساسية نحو بناء سوريا جديدة تتسم بالعدالة والحرية لكل أبنائها.
رسائل إلى فصائل المعارضة
شددت المبادرة في بيان لها حصل موقع تلفزيون سوريا على نسخة منه، على ضرورة أن تعمل فصائل المعارضة بحكمة ومسؤولية للحفاظ على أرواح المدنيين وممتلكاتهم، وأوضحت أن أي ممارسات تخلّ بالأمن والاستقرار أو تؤدي إلى زعزعة النسيج الاجتماعي يجب أن تُمنع بشكل قاطع.
كما دعت الفصائل العسكرية إلى التعاون مع الكوادر المحلية المؤهلة وذات السمعة الطيبة لضمان إدارة الشؤون المحلية بكفاءة وبما يحقق سلامة الجميع.
وأكدت على ضرورة احترام قيم العدل والإنسانية في التعامل مع الأسرى والمعتقلين، لتكون هذه القيم أساساً للعمل العسكري والمدني في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
نداء إلى أهالي مدينة مصياف وريفها
ناشدت المبادرة أهالي مصياف “العمل على استعادة كرامتهم التي استباحها النظام السوري”. وأشارت إلى أن النظام استغل العديد من أبناء المنطقة للقيام بأعمال قمعية ضد السوريين، مما أدى إلى فقدان الكثير من الأرواح في معركة لا تخدم سوى بقاء بشار الأسد في الحكم.
وطالبت المبادرة الأهالي بتوحيد جهودهم لتشكيل لجان أهلية محلية تكون قادرة على إدارة شؤونهم، وتعمل على تحييد سلطة النظام وأمراء الحرب.
وأكدت على أهمية مراعاة أمنهم الشخصي وسلامتهم الاجتماعية، مشيرةً إلى أن هذه الخطوات تمثل بداية العيش المشترك مع جميع السوريين في وطن واحد تحت مظلة العدالة والحرية.
دعوة إلى المجتمع الدولي
انتقدت المبادرة تقاعس المجتمع الدولي عن القيام بواجباته الأخلاقية والإنسانية تجاه الشعب السوري. وأكدت أن السوريين يملكون حقاً أصيلاً في الحرية والكرامة، داعيةً الدول الفاعلة إلى الضغط على النظام السوري لتطبيق القرار 2254.
طالبت المبادرة المجتمع الدولي بالمساهمة الفعلية في تحقيق تسوية سياسية تضمن انتقالاً سلمياً للسلطة وبناء نظام سياسي جديد يحقق الأمن والاستقرار لكافة السوريين، مشددةً على أن هذه الخطوة هي الحل الوحيد لإنهاء معاناة الشعب السوري.
وأكدت المبادرة الوطنية في مصياف أن اللحظة الحالية تمثل فرصة حقيقية للسوريين لاستعادة حقوقهم وكرامتهم، داعيةً إلى توحيد الجهود والعمل المشترك لتحقيق العدالة وبناء مستقبل أفضل لسوريا كوطن لكل أبنائها.
تطورات في حماة
يأتي البيان عقب سيطرة فصائل المعارضة السورية، وعلى رأسها “إدارة العمليات العسكرية”، على المدينة بالكامل بعد معارك عنيفة مع قوات النظام السوري.
وعمّت مظاهر الفرح والاحتفال في مدينة حماة بعد سيطرة فصائل المعارضة عليها وخرج أهالي حماة في مظاهرات حاشدة، وأسقطوا تمثال حافظ الأسد وسط المدينة، احتفالاً بطرد قوات النظام.
وأعلنت “إدارة العمليات العسكرية” عن بدء تسوية أوضاع عناصر قوات النظام الذين بقوا في حلب بعد سيطرة الفصائل عليها، ودعت جميع العناصر والضباط في الشرطة بمدينة حماة إلى الالتزام بوحداتهم الشرطية والحفاظ على جميع الممتلكات والعهد والوثائق الموجودة، وانتظار مندوبي وزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ السورية لترتيب أمورهم.
وفي نفس السياق شهدت مدينة سلمية، ثاني أكبر مدن محافظة حماة، انسحاب قوات النظام السوري منها، و دخول فصائل المعارضة إليها وأفادت مصادر خاصة لتلفزيون سوريا بأن قوات النظام السوري والدفاع الوطني أخلت المقارّ والمراكز الأمنية التابعة لها في مدينة سلمية.
وخرجت مظاهرات حاشدة في مدينة سلمية تطالب بإسقاط النظام السوري، تخللها حرق لصور بشار الأسد، وحصل اتفاق بين إدارة العمليات العسكرية مع أهالي سلمية لتحييد المدينة عن الأعمال القتالية وإدارة المدنيين لشؤونهم.
———————————-
المبادرة الوطنية في مصياف تصدر بيانها الأول.
بيان صادر عن المبادرة الوطنية في منطقة مصياف
=======================================
إلى شعبنا السوري العظيم وكافة قواه الوطنية، على سائر التراب السوري وفي المنافي:
تحية كرامة وحرية،
في ظلّ ماتشهده منطقتنا ووطننا من أحداث معقدة وتطورات متسارعة في المشهدين السياسي والعسكري، وما أفضت إليه من تقدمٍ متسارع لفصائل المعارضة على حساب تراجع النظام وفشله المعتاد، بما يثبت ويؤكد من جديدٍ وكما في السابق على انعدام شرعية النظام الأسدي لدى عموم السوريين ناهيك عن انعدام مشروعيته وجدارته في إدارة البلاد وشؤونها على منهج العدالة وبما يصون كرامة السوريين جميعاً تحت سقف الدستور و القوانين الناظمة ذات الصلة.
وانطلاقاً من قناعتنا الكاملة بأنّ التخلّص من هذا النظام المستبد كان ومايزال نقطة الانطلاق الرئيسة نحو بناء سوريا جديدة، وطناً آمناً لسائر أبنائه وقاطنيه.
فإننا في المبادرة الوطنية في منطقة مصياف نؤكد على ما يلي:
أوّلاً: فيما يتعلق بفصائل المعارضة:
١- ضرورة تغليب صوت العقل والحفاظ على أرواح المدنيين وممتلكاتهم.
٢- تفادي ومنع أية ممارسات تؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار، وخلخلة النسيج الاجتماعي.
٣- المبادرة وإبداء الرغبة في التعاون مع الفعاليات المحلية وكوادرها من ذوي الكفاءة والسمعة الطيبة في إدارة الشؤون المحلية، والتدخلُ بأقلّ حدّ ممكن بما يضمن سلامة الجميع.
٤- الاحتكام إلى قيم العدل في التعامل مع الأسرى والمعتقلين.
ثانياً: فيما يتعلق بأهلنا في مدينة مصياف وريفها:
لقد استغل النظام المجرم شريحةً واسعة من أبنائكم أبشع استغلال وجعلهم يداً ضاربة في قمع السوريين المطالبين الحرية والساعين إليها، وفي قتلهم وتشريدهم وتهجيرهم من بيوتهم. وكان أن فقدتم فلذات أكبادكم في معركة لا طائل منها سوى تثبيت المجرم بشار الأسد في سدة الحكم.
والآن، ها قد أتت اللحظة التي يمكنكم وتستطيعون فيها استعادة كرامتكم المستباحة على أيدي النظام المجرم، والسعي للعيش المشترك مع إخوتكم في وطنٍ واحد تحت سماء العدالة والحرية. ولتحقيق ذلك ينبغي عليكم توحيد جهود ذوي الإرادة الخيّرة بينكم من خلال تشكيل لجانٍ أهلية محلية قادرة على إدارة شؤونكم وتحييد سلطة النظام والشبيحة وأمراء الحرب، آخذين بعين الاعتبار سلامتكم الشخصية وأمنكم الاجتماعي.
ثالثاً: فيما يتعلّق بالمجتمع الدولي:
حقُ السوريين جميعاً بالعيش بحرية وكرامة هو حقٌّ أصيل وفق شرعة حقوق الإنسان، ولقد فوّتّم الفرصة تلو الأخرى، منذ انطلاقة ثورة شعبنا العظيم، في القيام بواجبكم الأخلاقي والإنساني لدعم التطلعات المشروعة للسوريين في نيل هذه الحقوق، ولذلك فإننا ندعوكم، الآن وهنا، للمساهمة الفعلية في الضغط على النظام الأسدي لتطبيق القرار ٢٢٥٤ وعبر فرض تسوية سياسية تضمن الانتقال السلمي للسلطة وبناء نظام سياسي جديد يحقق الأمن والاستقرار للسوريين كافة.
عاشت سوريا واحدة موحدة وطناً لكل السوريين
المبادرة الوطنية في منطقة مصياف
الخامس من كانون الأول ٢٠٢٤
—————————–
إردوغان: دمشق هدف فصائل المعارضة ونأمل استكمال مسيرتها دون مشكلات
وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران يجتمعون في الدوحة السبت بـ«صيغة أستانة»
أنقرة: سعيد عبد الرازق
6 ديسمبر 2024 م
قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن إدلب وحماة وحمص أصبحت بيد فصائل المعارضة السورية، وإن هدف المعارضة بالطبع هو دمشق.
وأضاف إردوغان أن «مسيرة المعارضة مستمرة، وهي تواصل تقدمها… ونأمل أن تستمر هذه المسيرة في سوريا دون حوادث أو مشكلات».
ولفت إردوغان، في تصريحات في إسطنبول، الجمعة، إلى الدعوات التي وجهها إلى الرئيس السوري بشار الأسد للقائه لبحث التطبيع بين أنقرة ودمشق في إطار حل سياسي للأزمة السورية، قائلاً: «لقد وجهنا دعوات ونداءات إلى الأسد، وقلنا: دعونا نحدد مستقبل سوريا معاً، وللأسف، لم نتلق رداً إيجابياً بشأن هذا الأمر».
وفي الوقت نفسه، قالت وزارة الخارجية التركية في بيان، الجمعة، إن وزير الخارجية، هاكان فيدان، سيشارك في منتدى الدوحة الذي سيُعقد في قطر، السبت.
وذكرت مصادر دبلوماسية تركية أن فيدان سيعقد مع نظيريه الروسي، سيرغي لافروف، والإيراني، عباس عراقجي، اجتماعاً بـ«صيغة أستانة»، لبحث التطورات في سوريا، وإيجاد حل سياسي للأزمة.
وسبق أن عقد الوزراء الثلاثة اجتماعاً بـ«صيغة أستانة» على هامش أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر (أيلول) الماضي، سبق الدورة 22 لاجتماعات أستانة التي عُقدت في 11 و12 نوفمبر (تشرين الماضي)، لكنها لم تسفر عن تحقيق تقدم بشأن حل الأزمة في سوريا.
وتركيا وروسيا وإيران، هي الدول الثلاث الضامنة لمسار أستانة الذي انطلق عام 2017 في كازاخستان بهدف إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا، وذلك بعدما تجمد مسار جنيف.
وقال فيدان في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني عباس عراقجي بعد محادثاتهما في أنقرة، الاثنين الماضي، إن جهوداً جديدة ستُبذل لإحياء مسار أستانة، ورفض تفسير التطورات في سوريا بأنها تدخُّل خارجي، بينما أكد عراقجي أن الفصائل المسلحة تحركت بناءً على أوامر أميركية إسرائيلية.
وأبلغ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في اتصال هاتفي أجراه معه مساء الخميس تخلل اجتماعاً لمجلس الأمن القومي التركي برئاسته، أن الحكومة السورية بحاجة إلى التواصل بسرعة مع شعبها للتوصل إلى حل سياسي.
وقال إردوغان، بحسب بيان للرئاسة التركية، إن تركيا تعمل على تهدئة التوتر، وحماية المدنيين، وتمهيد الطريق لحل سياسي.
وذكر بيان صدر في ختام اجتماع مجلس الأمن القومي أن تركيا تقدم دائماً دعماً قوياً للحفاظ على وحدة أراضي سوريا وسلامتها، وأنها مستعدة لتقديم كل المساهمات اللازمة في هذا الصدد.
وأضاف البيان أن التطورات الأخيرة في سوريا أظهرت مجدداً ضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع الإضرار بأمن المدنيين وممتلكاتهم، وأن تتوصل الحكومة السورية إلى تفاهم مع الشعب والمعارضة الشرعية.
وشدد البيان على أن تركيا لن تتسامح مع «التنظيمات الإرهابية»، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تعد أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تحاول استغلال الاضطرابات في سوريا، وأن القوات التركية ستقضي على أي تهديد يستهدف أمن البلاد القومي.
وفي الإطار نفسه، بحث وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، آخر المستجدات على الساحة السورية.
وذكر بيان لـ«الخارجية التركية» أن فيدان أكد في اتصال هاتفي مع أبو الغيط، مساء الخميس، تصميم تركيا على تعزيز علاقاتها مع الجامعة العربية، بما يسهم في حل مشكلات المنطقة.
—————————–
“ليست مجرد مدينة”.. ماذا لو سيطرت الفصائل المسلحة على حمص؟/ ضياء عودة – إسطنبول
06 ديسمبر 2024
حمص السورية التي دخلت الفصائل المسلحة إلى تخومها من الجهة الشمالية، صباح الجمعة، لا تعتبر مجرد مدينة تحيط بها قرى وبلدات فحسب، بل هي مركز “ثقل استراتيجي وعسكري واجتماعي” للنظام السوري.
وإثر الاحتجاجات الشعبية العارمة في 2011، أحكم النظام السوري سيطرته على مركز هذه المدينة بشكل كامل عام 2014. وبعد 4 سنوات من هذا التاريخ، فرض نفوذه كاملا على المناطق الواقعة في ريفها الشمالي (عام 2018)، بينها تلبيسة والرستن، وهي التي تدخلها الفصائل الآن.
تقع حمص وسط سوريا، وتعتبر حلقة وصل بين شمالي وجنوبي البلاد، وبين الشرق (البادية السورية) والساحل الغربي. ومن شأن السيطرة عليها من قبل الفصائل المسلحة، أن تقطع كامل الطرق التي يستخدمها النظام السوري باتجاه مدن الساحل، طرطوس واللاذقية.
ويوضح الباحث السوري في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، محسن المصطفى، أن المدينة تكتسب “أهمية عسكرية وسياسية واجتماعية في آن واحد”.
دخلت فصائل مسلحة إلى حدود مدينة حمص الإدارية من جهة الشمال، الجمعة، وسيطرت على قرى وبلدات كانت متمردة ضد النظام السوري منذ سنوات، وعُرفت بعد عام 2018 بمناطق “التسويات”.
عسكريا، يوجد في حمص مجمع الكليات العسكرية، والفرقة 11 والفرقة 18 المتخصصة بالدبابات وقيادة المنطقة الوسطى.
وفي حال تمكن الفصائل المسلحة من الوصول إلى هذه المواقع، سيساعدها ذلك “في السيطرة على كميات أسلحة أكبر”، وفق المصطفى.
وعلاوة على ذلك، يقول لموقع “الحرة”، إن حمص “تضم حاضنة كبيرة للنظام السوري من الطائفة العلوية، وفي حال تلقى أفرادها رسائل التطمين التي توجهها الفصائل المسلحة بإيجابية، وبقوا في أحيائهم دون مواجهات، فستنقلب المعادلة التي لعب عليه النظام لسنوات طويلة”.
وكانت حمص أولى المدن التي خرجت باحتجاجات مناهضة للنظام السوري عام 2011، وحتى أن المعارضين للأخير أطلقوا عليها اسم “عاصمة الثورة”.
كما كانت أولى المناطق التي طُبقت فيها اتفاقيات لخروج المسلحين ومدنيين باتجاه الشمال السوري، عام 2014. وجاءت هذه الاتفاقيات بعد مواجهات مسلحة وحصار فرضه النظام السوري على أحياء حمص القديمة، دام لأكثر من عامين.
وعلى هذا الأساس المذكور، يرى المصطفى أن “عودة المسلحين والمدنيين إليها الآن، بعد 10 سنوات، سيشكل ضربة للسياسة التي اتبعها النظام السوري”.
حذر وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، ونظيره من النظام السوري بسام صباغ، الجمعة، من أن التطورات الحالية التي تشهدها الأراضي السورية قد تمثل “تهديدا خطيرا” و”تأثير مباشر” على أمن المنطقة.
هل يصمد النظام؟
وتشي المعطيات الحاصلة على الأرض في الوقت الحالي، بعد سيطرة الفصائل المسلحة من مدينة حماة شمال حمص، أنها بصدد السيطرة على الأخيرة بشكل كامل، وهو ما أعلنته في عدة بيانات، صدر آخرها الجمعة.
في المقابل، قالت وزارة الدفاع التابعة للنظام السوري بعد دخول الفصائل المسلحة إلى ريف حمص الشمالي، إنها بدأت تنفيذ ضربات جوية ومدفعية على مواقع انتشارهم وتقدمهم.
ويعتبر الخبير العسكري، ناجي ملاعب، أن انسحاب قوات النظام السوري من حماة “كان مفاجئا ومذلا”، وكذلك الأمر بالنسبة للضربات التي نفذها على جسر مدينة الرستن ليلة الجمعة، من أجل قطع الطريق أمام مسلحي الفصائل للتقدم باتجاه حمص.
ويعتقد ملاعب، في حديثه لموقع “الحرة”، أن سيناريو سيطرة الفصائل على حمص “يُسقط النظام السوري”.
ويشرح حديثه بالقول إن “الطرق الواصلة من دمشق باتجاه الساحل، ستكون مقطوعة في حال سيطرة الفصائل على حمص”.
تتسارع الإجراءات العسكرية التي يقوم بها جيش النظام السوري، في محاولة لوقف تقدم الفصائل المسلحة وعرقلة وصولها إلى مدينة حمص الاستراتيجية وسط البلاد، وذلك بعد الهزائم المتتالية التي منيت بها قواته، وآخرها انسحابها من حماة، الخميس، ودخول المسلحين إليها.
كما أن السيطرة على المدينة سيكون لها “أثر عسكري كبير على حلفاء النظام، خاصة حزب الله وإيران وروسيا”، وفقا لحديث الخبير لموقع “الحرة”.
ويضيف: “سقوط حمص يعني سقوط النظام. فإذا بقي النظام في دمشق وتقطعت أوصاله من كل الأماكن. إلى أين سيذهب؟”.
وبدوره، يشير الباحث السوري المصطفى، إلى أن سيطرة الفصائل المسلحة على حمص “تعني قطع خطوط الإمداد الخاصة بالنظام جنوبا باتجاه مدن الساحل السوري”.
وتقطع السيطرة أيضا كامل الطرق الفرعية التي تربط الساحل بمنطقة البادية السورية، وفق المصطفى.
“ضربة لإعادة الانتشار”
ومنذ اليوم الأول لهجمات الفصائل انطلاقا من حلب، اعتمدت وزارة دفاع النظام السوري لغة واحدة لبياناتها، وصفت فيها عمليات الانسحاب بـ”إعادة التموضع والانتشار”.
وتم تطبيق “إعادة التموضع والانتشار” من جانبها في حلب ومناطق أخرى في إدلب، وصولا إلى حماة، التي سيطرت عليها الفصائل، الخميس.
في خطوة لافتة أعلنت فصائل المعارضة، الخميس، السيطرة على مدينة حماة، رابع كبرى المدن السورية والواقعة في وسط البلاد، بعد أيام على سيطرتها على حلب في إطار هجوم مباغت.
ويوضح الباحث السوري في مركز “حرمون للدراسات المعاصرة”، نوار شعبان، أن أهمية حمص بالنسبة للنظام السوري تكمن في كونها “نقطة التجمع الوحيدة في وسط سوريا”، على صعيد الكتل العسكرية والوحدات وشبكة الطرق.
وفي حال خسرها سينعكس ذلك على المشهد العسكري ككل في عموم المناطق السورية، خاصة في محيط دمشق.
ويتابع شعبان في حديثه لموقع “الحرة”: “النظام يتموضع في الكتل العسكرية لإعادة الانتشار، في وقت يستخدم الطرق ليتحرك من خلالها”.
ويتابع: “حمص تجمع هذين الجانبين، وفي حال فقدانها لن يكون هناك أي قدرة للنظام على التحرك وحتى على صعيد إعادة الانتشار، في مقابل انتقال هذه الميزات لخصومه من الفصائل المسلحة”.
ضياء عودة
———————–
“المرصد السوري”: قوات النظام تنسحب من حمص
روسيا تدعو رعاياها إلى مغادرة دمشق والجيش الإسرائيلي يعزز قواته في الجولان
الجمعة 6 ديسمبر 2024 16:28
أعلن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن أن قوات النظام السوري انسحبت اليوم الجمعة من داخل مدينة حمص باتجاه طريق حمص – طرطوس الدولي من دون أن تتلقى أي دعم من “حزب الله” اللبناني أو الميليشيات الموالية لإيران، وذلك على وقع تقدم الفصائل المعارضة بقيادة “هيئة تحرير الشام” باتجاه المدينة.
في المقابل نفت وزارة الدفاع السورية مزاعم انسحاب الجيش من مدينة حمص.
وقال عبدالرحمن إن قوات النظام وحلفاءها انسحبت أيضاً من مناطق الرقة ودير الزور شرق البلاد لتسيطر قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من واشنطن على عدد من البلدات.
من جهته أبدى قائد “قسد” مظلوم عبدي اليوم استعداداً للحوار مع “هيئة تحرير الشام”، معتبراً أن تقدمها فرض “واقعاً سياسياً جديداً” في البلاد. وأضاف أن قواته ترغب في أن تحل مشكلاتها مع تركيا “من طريق الحوار”.
بدوره أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يعزز قواته الجوية والبرية في الجولان بناءً على تقييم الوضع في سوريا، مضيفاً “القوات منتشرة على طول الحدود ومستعدون لجميع السيناريوهات”.
وذكرت وكالة “تاس” للأنباء اليوم أن السفارة الروسية لدى سوريا حثت رعاياها على مغادرة البلاد على متن رحلات تجارية.
——————————-
لماذا يعد سقوط حمص كارثة على النظام السوري؟
أربعة أسباب توضح خصوصية هذه المدينة وأخطار سقوطها على كامل سوريا
طارق علي
الجمعة 6 ديسمبر 2024 15:00
بعد سقوط حلب وأرياف إدلب وحماة اجتاحت الشارع الحمصي موجة من الذهول المقرون بسرعة تساقط هذه المدن الكبرى تباعاً، وخشية على مصير مدينتهم المبهم في ظل تسارع تطورات ميدانية جعلت هيئة تحرير الشام على بعد كيلومترات عدة منها، وفي الطريق إلى حمص، هناك مدينتان تصطفان، منذ بدء الحرب، في أقسى جبهة لمقاومة النظام، هما الرستن وتلبيسة اللتان أجريتا تسويتين بضمانة روسية هشة جعلتهما على الدوام مصدر تهديد لحمص منذ ما قبل الأحداث الأخيرة، حتى سقطتا تماماً أخيراً في الساعات الماضية.
بيان عسكري
على وقع سقوط حماة أصدر الجيش السوري بياناً لفت فيه إلى أنه على مدى الأيام الماضية، خاضت قواتنا المسلحة معارك ضارية لصد وإفشال الهجمات العنيفة والمتتالية “التي شنتها التنظيمات الإرهابية على مدينة حماة من مختلف المحاور وبأعداد ضخمة مستخدمة كل الوسائط والعتاد العسكري، ومستعينة بالمجموعات الانغماسية”. وتابع أنه مع اشتداد المواجهات “وارتقاء أعداد من الشهداء في صفوف قواتنا، تمكنت تلك المجموعات من اختراق محاور عدة في المدينة ودخولها، على رغم تكبدها خسائر كبيرة، وحفاظاً على أرواح المدنيين من أهالي مدينة حماة وعدم زجهم في المعارك داخل المدن، قامت الوحدات العسكرية المرابطة فيها بإعادة الانتشار والتموضع خارج المدينة”.
نزوح بعض السكان
وبهذا البيان توجهت وزارة الدفاع التابعة للقيادة العامة لجيش النظام والقوات المسلحة للشارع السوري شارحة، من خلاله، ما حصل في مدينة حماة خلال اليومين الماضيين، وبدلاً من أن يكون البيان مطمئناً جاء بصيغة عكسية نسبياً كان يمكن ترجمتها بالرؤية والعين المجردة لموجة نزوح من حمص باتجاه دمشق والساحل السوري، إذ كان يتطلب أحياناً عبور كيلومتر واحد بضع ساعات لشدة الازدحام المروري.
ماذا لو سقطت حمص؟
وتقع حمص جنوب حماة بنحو 40 كيلومتراً، وباتت المدينة الآن في عين العاصفة على رغم عمليات ارتدادية ليل أمس الخميس نفذها جيش النظام في أرياف حماة، وتمكن على إثرها من استرداد مواقع استراتيجية أبرزها جبل زين العابدين ومطار حماة واللواء 87 وخطاب ومعردس.
ولكن ماذا لو تغيرت المعطيات الميدانية وسقطت حمص؟ فهذه ستكون واحدة من كبرى الكوارث التي ستهدد الأمن القومي على صعيد سوريا بأكملها، وسيكون لها أثر يضاهي تداعيات سقوط حلب وحماة، فحمص تحظى بجملة امتيازات جغرافية وسياسية تجعل من سقوطها بمثابة الكارثة.
وكثيراً ما اعتبرت حمص، خلال سنوات الحرب، عاصمة “الثورة”، وكانت تشكل الأحياء المعارضة داخلها نقطة ارتكاز دولي يحظى بأحاديث زعماء وقادة من الصف الأول في مختلف دول العالم، واستمرت الحال كذلك حتى استعادها النظام فعلياً عام 2014 خلال المرحلة الأولى عبر تسوية حمص القديمة، ونهائياً عبر استعادة آخر الجيوب في حي الوعر عام 2018، وما بينهما من مئات السيارات المفخخة التي ضربت عمق الأحياء الآمنة ومعها آلاف الصواريخ والمدافع التي ضربت المدينة فقتلت عشرات الآلاف وأحالت نحو 70 في المئة منها دماراً.
لماذا سقوطها كارثة؟
لماذا يعد سقوط حمص كارثة فعلية؟ أولاً لأنها تعد واحدة من الخزانات البشرية الأكبر الداعمة للنظام السوري عبر وجود مئات الآلاف من داعميه فيها وفي ريفها، وثانياً، هذا الأمر يعني ضرب عقدة المواصلات المركزية في البلاد وقطع الطريق ومحاصرة دمشق، إذ إن حمص تتحكم بمجمل الطرق الدولية من حلب وحماة والسلمية واللاذقية وطرطوس نحو دمشق. أما ثالثاً فهو أن حمص كمحافظة هي الأكبر في سوريا، وهي نقطة الارتباط مع الحدود العراقية شرقاً والحدود اللبنانية غرباً بمعابر عدة، ما يعني فقدان طرق الإمداد العسكري لحلفاء دمشق، بالتالي سلخ سوريا على صورة دويلات منفصلة، دويلة في الشمال قوامها حلب وإدلب وحماة، ودويلة في الشمال الشرقي قوامها المدن التي يسيطر عليها الأكراد في الحسكة والقامشلي، ودويلة حمص غير معروفة الشكل والامتداد، والجنوب السوري بما فيه من مدن كدمشق والسويداء ودرعا.
————————
مَن يقاتل مَن وأين؟.. خريطة معقدة لمعارك سوريا
ضياء عودة – إسطنبول, هيبار عثمان – شمالي سوريا
06 ديسمبر 2024
توسعت رقعة المعارك في سوريا خلال الساعات الأخيرة، حيث تقدمت الفصائل المسلحة إلى حدود حمص، فيما دخلت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى مناطق انسحب منها جيش النظام شرقي البلاد، وشن أيضا مسلحون هجمات على مواقع للنظام في الجنوب.
وبدأ مسلحون محليون هجوما واسعا ضد مواقع قوات النظام السوري في محافظة درعا، جنوبي سوريا. وقالت مصادر إعلامية من المحافظة لموقع “الحرة”، إن المسلحين “سيطروا على بلدة بصر الحرير في ريف درعا الشرقي، بما فيها من أسلحة ثقيلة وعتاد عسكري يتبع للنظام السوري”.
وأشار إلى أن الهجمات التي بدأت قبل ساعتين تقريبا، “توسعت لتشمل عموم مناطق المحافظة، بينها نوى التي يحاصر فيها مسلحون الآن قيادة فرع الأمن العسكري”.
ولم يصدر أي تعليق من جانب النظام السوري عما تشهده محافظة درعا من هجمات مفاجئة.
وذكر موقع “تجمع أحرار حوران”، أن المسلحين المحليين “سيطروا على حاجز الكسارة الذي يربط مدن وبلدات جاسم، وسملين، ونمر شمالي درعا”.
أضعفت التطورات المتسارعة في سوريا منذ أكثر من أسبوع من قبضة رأس النظام بشار الأسد بعد أن تلقى جيشه ضربات متتالية أبرزها خروج حلب عن سيطرته واستيلاء الفصائل المسلحة على حماة.
كما تحدث الموقع الإخباري عن “اشتباكات عنيفة تدور على حاجز القوس في الغارية الشرقية بريف درعا، إثر هجوم لمقاتلين محليين على الحاجز التابع لقوات النظام”.
كما نقل مراسل الحرة في سوريا، أن تقارير محلية معارضة، كشفت أن قوات تابعة للنظام السوري انسحبت من منطقة شرقي درعا بعد هجوم مسلحين محليين.
وجاء أن “مفرزة المخابرات الجوية وحاجز عسكري تابع لها، انسحبوا من بلدة المسيفرة شرقي درعا باتجاه بلدة أم ولد”، وقال ناشطون إن “مسلحين محليين هاجموا حاجزاً تابعا للمخابرات الجوية في ريف درعا الغربي، فيما قصفت قوات النظام السوري بقذائف المدفعية أطراف مدينة نوى بالتزامن مع هجوم مقاتلين محليين على الأمن العسكري”.
وكان النظام السوري قد استعاد السيطرة على درعا في عام 2018، لكنه لم يتمكن من بسط كامل سلطته الأمنية والعسكرية هناك.
ومنذ التاريخ المذكور، دخلت المحافظة بحالة فلتان أمني، تمثلت بحوادث اغتيال وتفجيرات، طالت مدنيين وعسكريين ومسؤولي إدارات محلية.
حمص السورية التي دخلت الفصائل المسلحة إلى تخومها من الجهة الشمالية، صباح الجمعة، لا تعتبر مجرد مدينة تحيط بها قرى وبلدات فحسب، بل هي مركز “ثقل استراتيجي وعسكري واجتماعي” للنظام السوري.
حمص الاستراتيجية
وتتزامن الهجمات ضد قوات النظام في درعا مع مواجهات تخوضها فصائل مسلحة أخرى في مدينة حمص، بعدما دخلتها صباح الجمعة انطلاقا من حماة.
وأعلنت الفصائل المسلحة أنها دخلت، الجمعة، حدود مدينة حمص الإدارية من جهة الشمال، وسيطرت على قرى وبلدات كانت قد خرجت عن سيطرة النظام السوري منذ سنوات، وعُرفت بعد عام 2018 بمناطق “التسويات”.
وقالت إدارة العمليات العسكرية للعملية التي تُعرف بـ”ردع العدوان” وتقودها “هيئة تحرير الشام” المصنفة على لوائح الإرهاب الأميركية، والفصائل السورية المتحالفة معها، إنها سيطرت على مدينتي الرستن وتلبيسة.
كما أعلنت سيطرتها على كتيبة الهندسة في أطراف مدينة الرستن، الواقعة على أطراف حمص، وسط سوريا، وذلك بعد انسحاب قوات النظام السوري والميليشيات الموالية لإيران من تلك المناطق.
وقال “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، الجمعة، إن الفصائل بدأت بالتقدم شمال مدينة حمص، بعد سيطرتها على حماة، وهو ما أكده مصدر في فصيل عسكري يضم تجمعا من أبناء حمص.
من جانبها، قالت وزارة الدفاع السورية، الجمعة، إنها قصفت “بنيران المدفعية والصواريخ والطيران الحربي السوري والروسي المشترك آليات الإرهابيين وتجمعاتهم في ريفي حماة الشمالي والجنوبي”، مضيفة أنها أوقعت “عشرات القتلى والمصابين وتدمر عدة آليات وعربات”.
مع استمرار المعارك بين قوات النظام ومقاتلي الفصائل المسلحة.. إلى أين تسير الأوضاع في سوريا؟ ماذا بعد تمدد رقعة الاشتباكات؟ وماذا عن الأزمة الإنسانية التي تحدثت عنها الأمم المتحدة بسبب المواجهات؟
إلى أين تسير الأوضاع في سوريا؟
مع استمرار المعارك بين قوات النظام ومقاتلي الفصائل المسلحة.. إلى أين تسير الأوضاع في سوريا؟ ماذا بعد تمدد رقعة الاشتباكات؟ وماذا عن الأزمة الإنسانية التي تحدثت عنها الأمم المتحدة بسبب المواجهات؟
إيران وحزب الله
من جانبها، نقلت وكالة رويترز عن مصدرين أمنيين لبنانيين وصفتهما بـ”البارزين”، أن جماعة حزب الله اللبنانية “أرسلت الليلة الماضية عددا صغيرا” من العناصر إلى سوريا، “بهدف المساعدة في منع مقاتلي المعارضة من الاستيلاء على مدينة حمص” ذات الأهمية الاستراتيجية.
وقال ضابط من الجيش السوري ومسؤولان من المنطقة تربطهما صلات وثيقة بطهران، لرويترز أيضا، إن “قوات نخبة” من جماعة حزب الله المدعومة من إيران، “عبرت من لبنان خلال الليل واتخذت مواقع في حمص”.
من جانبها، أكدت إيران على لسان مسؤول كبير لرويترز أيضًا، أنها “تعتزم إرسال صواريخ وطائرات مسيرة إلى سوريا، وزيادة عدد مستشاريها العسكريين هناك”، لدعم رئيس النظام بشار الأسد.
وذكر المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أنه “من المرجح أن طهران ستحتاج لإرسال معدات عسكرية وصواريخ وطائرات مسيرة إلى سوريا.. وقد اتخذت طهران كل الخطوات اللازمة لزيادة عدد مستشاريها العسكريين في سوريا ونشر قوات”.
وأضاف “الآن، تقدم طهران دعما استخباراتيا ودعما يتعلق بالأقمار الاصطناعية لسوريا”، في إشارة إلى نظام الأسد.
وفي الوقت نفسه، أشار المرصد السوري إلى أن “قوات النظام وقادة مجموعات موالية لطهران انسحبوا، الجمعة، بشكل مفاجئ من مدينة دير الزور في شرق البلاد”.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس: “انسحبت قوات النظام مع قادة مجموعات موالية لطهران بشكل مفاجئ من مدينة دير الزور وريفها باتجاه المنطقة الوسطى” في سوريا.
حذر قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي، من زيادة تحركات تنظيم داعش الإرهابي في مناطق شرقي سوريا بعد التطورات الأخيرة التي شنت فيها فصائل مسلحة معارضة هجوما واسعا منذ 27 نوفمبر الماضي.
دير الزور ومعارك في الشرق
وأفاد مراسل الحرة في سوريا نقلا عن مصادر ميدانية عسكرية في دير الزور، أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) دخلت صباح الجمعة إلى مطار دير الزور العسكري، وعدة مناطق في محيط البوكمال على الحدود السورية العراقية.
وبدأت قوات سوريا الديمقراطية الدخول إلى أحياء دير الزور من معبر الصالحية شمالي المدينة. ولم تعلق “قسد” بشكل رسمي على هذه الأنباء.
وصباح اليوم قال مراسل الحرة، إن قوات سوريا الديمقراطية سيطرت على مدينة معدان وبلدة السبخة و4 قرى في الريف الجنوبي الشرقي لمحافظة الرقة، بعد انسحاب النظام السوري من تلك المناطق.
وذكر المراسل الحرة أن قوات النظام السوري انسحبت من مدينة الميادين وبلدة القورية باتجاه مدينة حمص.
من جانبه، حذر قائد “قسد”، مظلوم عبدي، من زيادة تحركات تنظيم داعش الإرهابي مستغلا التطورات الأخيرة.
وقال قائد المجموعة الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في مؤتمر صحفي، إنه في ظل التطورات الأخيرة “لاحظنا زيادة في تحركات عناصر داعش في البادية السورية ودير الزور وريف الرقة”.
قال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الجمعة، إنه “يأمل” في أن “يواصل المقاتلون السوريون تقدمهم دون مشاكل”، مذكرا بأنه “اتصل” برئيس النظام السوري بشار الأسد وعرض عليه أن “يحددا مصير سوريا معا”، لكن لم يتلق “ردا إيجابيا”.
وأضاف: “ننسق مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمواجهة أي تهديد من تنظيم داعش”، مشيرا إلى أن التنظيم “تمكّن من استعادة بعض الأراضي”.
وقالت “قسد” في بيان صدر الخميس، أن داعش سيطر “على مساحات واسعة من بادية حمص ودير الزور، منتزعاً العديد من المدن والمواقع الاستراتيجية من قوات حكومة دمشق، حيث يحاول التنظيم مواصلة تمدده إلى مناطق أخرى غير محمية”.
وأضافت أنها “اتخذت تدابير واسعة ومحكمة وستتدخل بشكل فعال، لصد أي محاولة تمدد لداعش باتجاه مناطق شمال وشرقي سوريا ومنع تكرار سيناريو عام 2014”.
وأسفرت المعارك بشكل عام في البلاد عن نزوح 280 ألف شخص منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة في 27 نوفمبر، وفق بيانات أعلنتها الأمم المتحدة، الجمعة، وسط مخاوف من ارتفاع العدد إلى 1,5 مليون شخص.
ضياء عودة
هيبار عثمان – شمالي سوريا
————————–
النظام السوري ينفي انسحاب قواته من حمص
06 ديسمبر 2024
نشرت وزارة دفاع النظام السوري، الجمعة، بيانا ينفي انسحاب قواتها من حمص، مؤكدة أن “الجيش موجود في حمص وريفها”.
وجاء في البيان نقلا عن “مصدر عسكري”، أن “لا صحة للأنباء الواردة على صفحات الإرهابيين حول انسحاب الجيش من حمص”.
وأضاف: “نؤكد أن الجيش العربي السوري موجود في حمص وريفها، وينتشر على خطوط دفاعية ثابتة ومتينة، وتم تعزيزها بقوات ضخمة إضافية”.
توسعت رقعة المعارك في سوريا خلال الساعات الأخيرة، حيث تقدمت الفصائل المسلحة المعارضة إلى حدود حمص، فيما دخلت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى مناطق انسحب منها جيش النظام شرقي البلاد، وبدأت أيضا فصائل معارضة نشاطا ضد النظام في جنوب البلاد.
وأشار إلى أن تلك القوات “مزودة بمختلف أنواع العتاد والسلاح”، قائلا إنها “جاهزة لصد أي هجوم إرهابي”.
يأتي ذلك بعد أن أعلنت إدارة العمليات العسكرية للعملية التي تُعرف بـ”ردع العدوان” وتقودها “هيئة تحرير الشام” المصنفة على لوائح الإرهاب الأميركية، والفصائل السورية المتحالفة معها، سيطرتها على مدينتي الرستن وتلبيسة، الجمعة.
كما أعلنت سيطرتها على كتيبة الهندسة في أطراف مدينة الرستن، الواقعة على أطراف حمص، وسط سوريا، وذلك بعد انسحاب قوات النظام السوري والميليشيات الموالية لإيران من تلك المناطق.
قال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الجمعة، إنه “يأمل” في أن “يواصل المقاتلون السوريون تقدمهم دون مشاكل”، مذكرا بأنه “اتصل” برئيس النظام السوري بشار الأسد وعرض عليه أن “يحددا مصير سوريا معا”، لكن لم يتلق “ردا إيجابيا”.
وقال “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، الجمعة، إن الفصائل بدأت بالتقدم شمال مدينة حمص، بعد سيطرتها على حماة. وفي وقت لاحق الجمعة، ذكر المرصد أن قوات النظام انسحبت من مدينة حمص.
الحرة – دبي
—————————————
فصائل المعارضة “على بعد كيلومترات من أطراف مدينة حمص”، والجولاني يؤكد أن الهدف “الإطاحة بنظام الأسد“
6 ديسمبر/ كانون الأول 2024
تتقدم فصائل المعارضة، الجمعة، باتجاه مدينة حمص، ثالث كبرى مدن سوريا، غداة سيطرتها على مدينة حماة الواقعة شمالها، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، وذلك في إطار هجوم مباغت ضد قوات الجيش السوري في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وأورد المرصد أن “هيئة تحرير الشام “والفصائل المعارضة المتحالفة معها “دخلت في الساعات الأخيرة إلى مدينتي الرستن وتلبيسة في ريف حمص الشمالي، وسط غياب تام لقوات النظام”، التي قال إنها “قصفت ليلاً جسراً في الرستن لمحاولة صد تقدم الفصائل إلى مدينة حمص”.
وباتت الفصائل على بعد نحو خمسة كيلومترات من أطراف مدينة حمص، وفق المرصد، بعد تقدمها إلى بلدتين استراتيجيتين تقعان على الطريق الذي يربطها بمدينة حماة.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “باتت هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها على بعد خمسة كيلومترات من أطراف مدينة حمص بعد سيطرتها على مدينتي الرستن وتلبيسة”.
وأوضح أن “من شأن سيطرة الفصائل على مدينة حمص أن تقطع الطريق الذي يربط دمشق بالساحل السوري”.
تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع السورية، الجمعة، أن “وحدات الجيش تقصف بالمدفعية وتشن غارات جوية بمؤازرة روسيا الداعمة لها، على تجمعات الفصائل المعارضة شمال مدينة حماة وجنوبها، بعد ساعات من خروج المدينة عن سيطرة السلطات”.
وأوردت الوزارة في بيان نقلا عن مصدر عسكري “قواتنا المسلحة تستهدف بنيران المدفعية والصواريخ والطيران الحربي السوري الروسي المشترك آليات الإرهابيين وتجمعاتهم على ريفي حماة الشمالي والجنوبي، وتوقع في صفوفهم عشرات القتلى والمصابين وتدمر عدة آليات وعربات”.
“الإطاحة بنظام بشار الأسد”
وأكّد زعيم “هيئة تحرير الشام” أبو محمد الجولاني، أن “هدف التحالف المعارض في سوريا، الذي ينتزع مدينة كبيرة أخرى من سيطرة الحكومة هذا الأسبوع، هو في نهاية المطاف الإطاحة بالرئيس بشار الأسد”.
وفي مقابلة مع شبكة سي إن إن، لم يترك الجولاني مجالاً للشك في أن “طموحات هيئة تحرير الشام لا تقل عن وضع حد لنظام الأسد”.
وفي أول مقابلة إعلامية له منذ سنوات، في مكان غير معلن في سوريا، تحدث عن خطط لإنشاء حكومة قائمة على المؤسسات و”مجلس يختاره الشعب”.
وأضاف الجولاني “عندما نتحدث عن الأهداف فإن هدف الثورة يبقى إسقاط هذا النظام ومن حقنا أن نستخدم كل الوسائل المتاحة لتحقيق هذا الهدف”.
“كانت بذور هزيمة النظام موجودة دائما في داخله… حاول الإيرانيون إحياء النظام، وشراء الوقت له، وبعد ذلك حاول الروس أيضاً دعمه، لكن الحقيقة تبقى: هذا النظام مات”، وفق الجولاني.
وأعرب عن رغبته في رؤية القوات الأجنبية تغادر سوريا، وقال: “أعتقد أنه بمجرد سقوط هذا النظام، ستُحل القضية ولن تكون هناك حاجة بعد الآن لبقاء أي قوات أجنبية في سوريا”.
وتابع الجولاني: “نحن نتحدث عن مشروع أكبر، نتحدث عن بناء سوريا، وهيئة تحرير الشام ليست سوى جزء من هذا الحوار، وقد تنحل في أي وقت، وهي ليست غاية في حد ذاتها، بل وسيلة لأداء مهمة: مواجهة هذا النظام”.
“قلق عراقي”
أعرب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، الجمعة، عن قلق العراق البالغ إزاء التطورات الأمنية في سوريا.
وخلال استقباله وزير الخارجية السوري بسام الصباغ، أشار حسين إلى أن “العراق يتابع المستجدات في سوريا باهتمام كبير لما لها من تأثير مباشر على أمن واستقرار المنطقة”.
من جانبه، أوضح الصباغ أن القلق مشترك بين البلدين، مؤكداً أن التطورات الحالية قد تشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة ككل.
وشدد الوزيران على أهمية استمرار التشاور والتنسيق بين البلدين لتفادي تكرار التجارب السابقة والعمل على حماية الأمن الإقليمي، بما يضمن استقرار المنطقة ويخدم المصالح المشتركة.
ووصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، صباح الجمعة، إلى بغداد في زيارة رسمية.
وقال مصدر لبي بي سي، إن عراقجي قدم من طهران في زيارة رسمية تستغرق يوماً واحداً، يجتمع خلاله مع نظيريه العراقي والسوري لمناقشة آخر التطورات الوضع في سوريا.
ومن المقرر أن ينعقد في بغداد في وقت لاحق الجمعة، اجتماع ثلاثي، عراقي- سوري- إيراني، لبحث تداعيات الأحداث الأمنية المتسارعة في سوريا، وتأثيراتها على المنطقة.
وأعلنت جامعة الدول العربية، تأجيل اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ الذي كان مقررا انعقاده يوم الأحد المقبل بمقر الأمانة العامة للجامعة إلى موعد لاحق لبحث عدة ملفات من بينها آخر التطورات في سوريا.
على صعيد متصل، قال مصدر دبلوماسي تركي، الجمعة، إن وزراء خارجية تركيا وإيران وروسيا سيجتمعون في الدوحة السبت لمناقشة التقدم السريع الذي تحرزه المعارضة في سوريا.
“عاصمة الثورة”
وتقع حمص على بعد نحو 40 كيلومتراً جنوب مدينة حماة، ويلقبها ناشطون معارضون بـ”عاصمة الثورة”، وذلك بعدما “شهدت كبرى التظاهرات الشعبية المناوئة للنظام في عام 2011”.
وشهدت المدينة خلال سنوات النزاع الأولى معارك بين الفصائل المعارضة والجيش السوري الذي “تمكن عام 2014 من السيطرة على مجملها بعد انسحاب قوات المعارضة من أحيائها القديمة بموجب اتفاق تسوية أعقب عامين من الحصار والقصف”.
واتجهت قوات المعارضة آنذاك إلى حي الوعر مع آلاف المدنيين، قبل أن ينسحبوا منها عام 2017 بموجب اتفاق تسوية مع الحكومة.
وشهدت بعض تلك الأحياء خلال سنوات النزاع الأولى تفجيرات دامية، وفي 29 أبريل/نيسان 2014، قتل مئة شخص على الأقل غالبيتهم مدنيون، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان حينها، في تفجير مزدوج تبنته جبهة النصرة آنذاك (قبل فك ارتباطها عن تنظيم القاعدة واندماجها مع فصائل أخرى تحت اسم هيئة تحرير الشام) في حي ذي غالبية علوية.
نزوح 280 ألف شخص جراء القتال
أسفرت المعارك بين الفصائل المعارضة والجيش السوري عن نزوح 280 ألف شخص منذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني عند بدء الهجوم المباغت لهذه الفصائل في سوريا على ما أعلنت الأمم المتحدة الجمعة التي تخشى أن يرتفع هذا العدد إلى 1.5 مليون.
وقال سامر عبد الجابر مدير تنسيق الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي خلال مؤتمر صحافي في جنيف “الأرقام المتوافرة لدينا هي 280 ألف شخص منذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني، هذا العدد حُدّث مساء أمس (الخميس). ولا يشمل الأشخاص الذين فروا من لبنان خلال التصعيد الأخير في القتال بين حزب الله وإسرائيل”.
إسرائيل “لن تسمح لإيران بتزويد النظام السوري بالأسلحة”
قال موقع “واللا” الإسرائيلي الليلة الماضية نقلًا عن مصادر أمنية، إن الجيش الإسرائيلي يرصد “انهياراً أسرع من المتوقع في الخطوط الدفاعية للجيش السوري”، مما يفتح الباب أمام تغييرات جذرية في المشهد الميداني السوري.
وأكد مسؤول أمني إسرائيلي للموقع ذاته أن “سيناريو تقدم المعارضة السورية نحو دمشق أصبح أكثر احتمالاً، خاصة في ضوء التطورات الأخيرة”.
من جهتها، ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” نقلًا عن مصادر أمنية إسرائيلية أن إسرائيل “لن تسمح لإيران بتزويد النظام السوري بالأسلحة أو المقاتلين”، معتبرة أن ذلك “يهدد التوازن الإقليمي”.
وأضافت الصحيفة أن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن روسيا “لا تبذل كل ما في وسعها لدعم نظام الأسد، الذي وصفوه بأنه فشل في إدارة المنظومات الدفاعية والعسكرية”.
وأكدت المصادر ذاتها أن إسرائيل ستواصل منع إيران من إقامة موطئ قدم جديد في سوريا، بما في ذلك تعطيل أي محاور لنقل الأسلحة إلى حزب الله عبر الأراضي السورية.
يذكر أن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس الأركان هرتسي هاليفي أجريا تقييماً للأوضاع الليلة الماضية، في أعقاب التطورات الأخيرة في سوريا.
قصف جسر الرستن لمنع تقدم الفصائل
شن الجيش السوري غارات جوية يوم الجمعة استهدفت جسرا استراتيجيا يربط مدينة حماة التي سيطرت عليها فصائل المعارضة بمدينة حمص التي يسعى النظام إلى منع خروجها عن سيطرته.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان “استهدفت طائرات حربية بغارات جوية جسر الرستن الذي يربط مدينة حمص بحماة، لقطع الطريق بين حماة وحمص وتأمين مدينة حمص”.
وذكر المرصد أن “قوات النظام نقلت أكثر من 200 آلية عسكرية محملة بأسلحة وعتاد إلى مدينة حمص، لتعزيز مواقعها في منطقة الوعر وقرب الكليات العسكرية”.
وقد سيطرت فصائل المعارضة السورية، الخميس، على مدينة حماة، رابع أكبر مدينة في سوريا من حيث عدد السكان، بعد أيام من سيطرتها على حلب في إطار هجوم مباغت.
وأقر الجيش السوري بخسارته مدينة حماة الاستراتيجية معلنا في بيان قال فيه: “خلال الساعات الماضية ومع اشتداد المواجهات بين جنودنا والمجموعات الإرهابية.. تمكنت تلك المجموعات من اختراق محاور عدة في المدينة ودخولها”، مضيفاً: “قامت الوحدات العسكرية المرابطة فيها بإعادة الانتشار والتموضع خارج المدينة”.
وقال وزير الدفاع السوري علي محمود عباس في بيان متلفز، مساء الخميس، إنّ “ما حدث في مدينة حماة اليوم هو إجراء تكتيكي مؤقت، وما زالت قواتنا في محيط مدينة حماة”
——————————-
الفاينانشال تايمز: كيف تحول ثوار سوريا إلى صُنّاع للمسيرات والصواريخ الموجهة
2024.12.06
ترجمة: ربى خدام الجامع
قبل خمس سنوات فقط، هيئة تحرير الشام، عبارة عن جماعة جهادية مشاغبة تحارب من أجل البقاء بعد سنوات من قصف نظام بشار الأسد المدعوم روسياً.
والآن، وفي معقلها بمحافظة إدلب، أصبحت الهيئة تتباهى بأكاديميتها العسكرية، وقيادتها المنظمة، ووحداتها الخاصة التي بوسعها أن تنتشر بسرعة، والتي تشمل قوات المشاة والمدفعية والعمليات الخاصة، والدبابات، والمسيرات، والقناصة، بل حتى عمليات تصنيع الأسلحة محلياً.
“نواة لجيش حقيقي”
تجلت إمكانات هذا الفصيل الذي جرت دماء جديدة في عروقه خلال الأسبوع الماضي من خلال الاقتحام الجريء لشمالي سوريا والذي ترك المراقبين لوضع البلد في حالة من الذهول، وعن ذلك يقول آرون زيلين الخبير بالشؤون التي تجري على الأرض لدى معهد واشنطن: “لقد تحولت الهيئة إلى نواة لجيش حقيقي خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية”.
ونسبياً، أصبح أمر شراء الأسلحة الأساسية سهلاً بالنسبة لهيئة تحرير الشام، إذ منذ عام 2011، أُغرقت سوريا بالأسلحة التي وصلت ليد الثوار في حربهم ضد نظام بشار المدعوم إيرانياً.
إمكانات متواضعة
إلا أن المسيرات والصواريخ المصنعة محلياً مكنت الهيئة من أن تخلق تهديداً جديداً بالنسبة للنظام الذي لا يملك معدات مضادة للمسيرات، فخلال الأيام الماضية، نشرت هيئة تحرير الشام مقطعاً مصوراً قصيراً لهجمات انتحارية نفذتها مسيرات استهدفت اجتماعاً للقيادات في أحد مقار جيش النظام السوري، وهجوماً آخر بمسيرة استهدف قاعدة جوية في وسط مدينة حماة.
وداخل تلك الدويلة الصغيرة الناشئة التي تؤوي ما بين 3-4 مليون نسمة، أخذ الثوار ينتجون المسيرات في ورشات صغيرة أقاموها في البيوت والمرائب أو في الأماكن التي حولوها إلى مستودعات، معتمدين في ذلك على طابعات ثلاثية الأبعاد عند عجزهم عن الحصول على قطع وذلك بحسب ما ذكره خبراء متخصصون في هذا الشأن.
يقول بروديريك ماكدونالد الباحث بشؤون النزاع لدى كلية كينغ بلندن: “صارت هذه القصة معروفة في مجال النزاع المعاصر اليوم، فلقد رأينا أساليب مشابهة في أذربيجان وأوكرانيا وغيرهما”، كما ذكر محللون بأن معظم الخبرات المطلوبة في هذا المجال يمكن الحصول عليها عبر مصادر موجودة عبر الإنترنت.
والدليل على وجود هذه الفكرة برأي زيلين هو الهجوم الذي نفذته مسيرة في عام 2023 على أكاديمية عسكرية سورية في مدينة حمص، أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 100 شخص، من دون أن يعلن أحد مسؤوليته عن هذا الهجوم، ولكن كثيرين رجحوا أن تكون هيئة تحرير الشام هي من نفذه.
منظومة صاروخية جديدة
يخبرنا ماكدونالد الذي تعقب استخدام الثوار للمسيرات خلال هذا الأسبوع بأن تلك الجماعة نشرت مسيرات صغيرة في السابق بوسعها أن تحلق لتصل إلى مركبات مصفحة ثم تسقط فوقها قنابل يدوية. وفي الهجوم المتواصل حتى اليوم، استعان الثوار بمسيرات تحمل صواريخ مصنعة محلياً، إلى جانب نماذج أكبر بوسعها أن تحلق لمسافات أبعد وعلى متنها حمولة أكبر.
استعان الثوار بالمسيرات لأغراض المراقبة والتجسس ولاستهداف النظام وذلك قبل أن يرسلوا مقاتليهم إلى ساحة الوغى، بحسب ما يراه زيلين الذي يرى بأن ذلك حدث: “لأول مرة بالنسبة لعناصر فاعلة لا تمثل دولة”، وقال إن الثوار ألقوا منشورات من مسيرات فوق المناطق المدنية وذلك لتشجيع أهلها على الانشقاق.
كما استثمرت هيئة تحرير الشام في إنتاج صواريخ بعيدة المدى وصواريخ عادية وقذائف هاون، وخلال الهجوم الذي شنته الهيئة كشف المقاتلون عن منظومة جديدة للصواريخ الموجهة، لم تتوفر معلومات كثيرة حولها لدى تشارلز ليستر من معهد الشرق الأوسط الذي وصفها بأنها منظومة: “صاروخية كبيرة تنقل ذخيرة ضخمة إلى الجبهة”، ويعتقد أن اسم الصاروخ “قيصر”.
يعلق ليستر على ذلك بقوله: “إن تلك المنظومة تسد الحاجة لتفجيرات انتحارية تتم بواسطة شاحنات كانت هيئة تحرير الشام تعتمد عليها قبل خمس سنوات”، وأضاف بأن الصواريخ الموجهة تطلق لمسافة عشرات الكيلومترات عبر الأراضي المفتوحة قبل بدء أي هجوم جديد.
وبذلك استكملت الهيئة ترسانتها من الأسلحة التي أعلنت عن امتلاكها عبر نزع سلاح بقية فصائل الثوار أو اغتنامها من النظام في المعارك. غير أن أحدث تقدم للجماعة أظهر وجود مزيد من العتاد، كما أظهرت مقاطع فيديو نشرت على قنوات الثوار عبر وسائل التواصل الاجتماعي اغتنامهم لأسلحة جيش النظام مع عربات مصفحة، بينها عربات وأسلحة روسية الصنع.
ويعلق ماكدونالد على ذلك بقوله: “لقد اغتنموا كميات هائلة من العتاد، ولا تشمل دبابات وناقلات جنود مصفحة فحسب، بل أيضاً منظومات مضادة للطيران، كما حصلوا على نظام بانتسير الدفاعي الروسي الصنع، والعديد من الصواريخ المضادة للطيران التي اغتنموها بالإضافة إلى عدد من الطائرات الهجومية الخفيفة، والتي يحاولون أن يفكروا بطريقة لاستخدامها، وفي حال تشغيلهم لمنظومات الدفاع المضادة للطيران، فإن هذا من شأنه أن يخفف من وطأة التحديات الكبرى التي سبق أن واجهتها الهيئة وغيرها من فصائل الثوار على الدوام، والتي تتمثل بعدم توفر دفاعات لصد الغارات الجوية الروسية”.
خلال السنوات الماضية، تحدث الباحثون عن ازدهار السوق السوداء وتجارتها ما بين قوات النظام وهيئة تحرير الشام بالنسبة لبيع وشراء الأسلحة والذخائر.
وأكد الخبراء بأن تركيا التي تعتبر أهم داعم لفصائل الثوار الأخرى التي تنضوي تحت مظلة الجيش الوطني السوري، لا تمد الهيئة بالسلاح والذخيرة بشكل مباشر، بما أن أنقرة والولايات المتحدة وغيرهما من الدول قد صنفوا هذه الحركة الإسلامية ضمن قوائم التنظيمات الإرهابية، ولكن قسماً من المخزون الحالي الموجود لدى هيئة تحرير الشام وصلها من فصائل ثوار تدعمها تركيا في شمال غربي سوريا بحسب ما يراه المحللون.
حافظت هيئة تحرير الشام على تنسيق وثيق الصلة مع بعض جماعات الثوار التي تدعمها تركيا، وخاصة في هذا الهجوم الذي تشنه اليوم، وكذلك في مجال الأسلحة التي أخذت تنتقل بين الفصائل، فلقد منحت تركيا الثوار مركبات مصفحة من نوع تويوتا ذات الدفع الرباعي، إلى جانب ناقلات الجنود، وعن ذلك يقول المحلل السوري مالك العبدة: “عادة ما تكون العدة التركية مستعملة ولم يعد الجيش التركي يستخدمها”.
الاعتماد على العقائد العسكرية الغربية
استخدمت تلك المعدات على يد فصيل باتت هيكليته وقوامه مختلفين تمام الاختلاف عما كان عليه الفصيل قبل أربع سنوات، إذ عند قبول الهيئة بوقف إطلاق النار إثر توسط تركي وروسي في عام 2020، استغلت فترة الاستقرار النسبي التي أعقبت ذلك لإعادة النظر باستراتيجيتها وعقيدتها العسكرية.
في تلك الفترة، كانت هيكلية هيئة تحرير الشام تشبه هيكلية جيش النظام السوري إلى حد ما، كما أنها أقامت مؤسسات مدنية مشابهة لمؤسسات النظام وعلى رأسها المحاكم في إدلب، وذلك برأي دارين خليفة الخبيرة بشؤون هيئة تحرير الشام لدى منظمة مجموعة الأزمات، والتي ترى بأن الهيئة أدركت في ذلك الحين بأن نهجها يقوم على موارد هائلة وعدد كبير من المجندين، وهذا ما لم يكن متوفراً لدى الهيئة.
لذا، وبحسب ما يراه جيروم دريفون، الخبير بالشؤون الجهادية لدى منظمة مجموعة الأزمات، فإن تلك الجماعة استلهمت عقيدتها العسكرية الجديدة من: “العقائد العسكرية الغربية”، فقد درست هيئة تحرير الشام القوات المسلحة البريطانية التي تتسم بأنها أقل عدداً وأكثر رشاقة، بحسب ما ذكره قائد الفصيل والقائد العسكري لهيئة تحرير الشام لدريفون.
ويخبرنا الخبراء بأن الهيئة بوسعها استدعاء ثلاثين ألف مقاتل، فهنالك 15 ألف مقاتل يرابطون على مدار الساعة، وهنالك الآلاف من جنود الاحتياط، بالإضافة إلى الرجال الذين يعملون لدى جماعات المعارضة المسلحة الأخرى ضمن شبكة حلفاء هيئة تحرير الشام، فضلاً عن أن التقدم السريع الذي حققته الجبهة في الشمال السوري يمكن أن يشجع كثيرين على الانضمام إليها كما يرى الخبراء.
التنوع أساس النجاح
يعد تنوع المقاتلين عنصراً أساسياً في التحول الناجح لهيئة تحرير الشام، إذ بعد القمع الوحشي الذي مارسه بشار الأسد بحق الانتفاضة الشعبية التي خرجت ضده في عام 2011، ثم تحولت إلى حرب عمت البلد، تفتتت جماعات الثوار، مما حول البلد إلى خليط من القطاعات المتناحرة، وكانت هيئة تحرير الشام وقتئذ تعد فصيلاً من الفصائل الجهادية المتشددة، كما كانت فرعاً لتنظيم جبهة النصرة الجهادي الذي ظهر في خضم فوضى الحرب السورية.
الجولاني يحث العراق على تجنب التدخل العسكري في سوريا
والآن، أصبح المقاتلون بحاجة إلى حالة تجانس على المستوى الأيديولوجي برأي دريفون، إلى جانب ضرورة تنسيق صفوفهم بشكل أفضل في ساحة المعركة، ولتحقيق ذلك، أسست هيئة تحرير الشام أكاديميتها العسكرية قبل عامين ونصف، ويبدو أن المنشقين عن النظام والجهاديين الأجانب قد لعبوا أهم الأدوار في ذلك.
الأكاديمية العسكرية: نقطة تحول في تاريخ الهيئة
أقنعت هيئة تحرير الشام نحو 30 من الضباط السابقين المنشقين عن جيش النظام والمنضوين تحت لواء جماعات ثوار أخرى بتأسيس تلك الأكاديمية كما ذكر دريفون، فاستنسخ هؤلاء الخدمة العسكرية التي يعتمدها النظام، إذ حددوا تسعة أشهر من التدريب تنقسم إلى ثلاثة أشهر من التدريب الأساسي، وثلاثة للتدريب المتوسط، وثلاثة أخرى للتدريب المتقدم.
وترى خليفة بأن خريجي الأكاديمية تعلموا عقيدة الانضباط في السلوك أيضاً، وأكدت على وجود اختلافات كبيرة ما بين طريقة تحرير الهيئة لإدلب في عام 2015 وطريقتها اليوم في التحرير.
إذ في عام 2015 كانت الهيئة متوحشة في الأسلوب الذي انتهجته مع أهالي إدلب، إذ أجبرتهم على أن يختاروا ما بين الموت أو التكفير عن الذنوب التي اقترفوها برأي مقاتلي الهيئة، ولكن بعد أن تخلت الهيئة عما يربطها من علاقات بتنظيم القاعدة في العام التالي، بقيت على ممارساتها الاستبدادية، والآن تحاول الهيئة أن تظهر التسامح أمام الناس تجاه الأقليات الدينية، إذ سمحت للمسيحيين بإقامة قداس في كنائس حلب منذ أن سيطرت على المدينة، وذلك بحسب الصور التي نشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبحسب ما ذكره مطران من أبناء المنطقة، وبحسب ما أعلنته الجماعة نفسها.
كما أبدت الجماعة انضباطها على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أظهرت صمتاً مطبقاً لضمان عنصر المفاجأة بالنسبة لقوات الأسد كما يرى ليستر، وذكر ماكدونالد بأن بعضاً من عناصر القوات الخاصة لدى الهيئة: “وصلوا إلى حلب قبل ليلة من هجوم الهيئة على المدينة يوم الأربعاء الماضي، واستهدفوا ضباطاً للنظام هناك بحسب ما ورد من أخبار وتقارير”.
يؤكد تقدم الثوار باتجاه مدينة كبرى مثل حماة التي بقيت بيد النظام طوال 13 عاماً من الحرب السورية الدموية على مدى ضعف جيش النظام والميليشيات الموالية له، والتي على الرغم من دعم القوات الروسية والإيرانية لها، وعلى الرغم من وجود شبكة من أذرع طهران تؤازرها، تركت مواقعها خوفاً من تقدم الثوار.
يعلق دريفون على ذلك بقوله: “قطعت هيئة تحرير الشام شوطاً كبيراً خلال خمس سنوات، لذا علينا أن ننتظر الآن لنرى إلى أين ستمضي”.
المصدر: The Financial Times
—————————-
المعارضة السورية تسعى لإظهار قدراتها في الحكم من خلال إدارة حلب
6 كانون الأول 2024
حلب: بعد أسبوع من سيطرة قوات المعارضة على ثاني أكبر مدينة في سوريا، في تقدم مفاجئ بعمق الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة، بدأت مظاهر الحياة الطبيعية تعود إلى حلب ببطء.
وتم رفع حظر التجول الليلي وعاد الخبز إلى أرفف المخابز. وعاد رجال شرطة المرور إلى تنظيم حركة السيارات عند التقاطعات، وتحسنت تغطية الإنترنت مع توسع نطاق شبكة الاتصالات المرتبطة بالمعارضة، وفقا لما ذكره ستة من السكان وأظهرته صور التقطتها رويترز.
ويرى محللون أن هذه الخطوات جزء من مساعٍ يبذلها تحالف لقوات المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام ليظهر للسوريين وللغرب أنه بديل عملي لرئيس النظام بشار الأسد.
وكانت هيئة تحرير الشام في السابق فرعا لتنظيم القاعدة يعرف باسم جبهة النصرة.
ولا تزال الجماعة الإسلامية، بقيادة أبو محمد الجولاني، مصنفة كإرهابية من قبل الولايات المتحدة وتركيا والأمم المتحدة. وأمضت سنوات في محاولة تحسين صورتها.
وقال محمد خليل (52 عاما) وهو صاحب شركة سياحة: “توقعنا أن يكون الوضع سيئا للغاية، لكن الشباب تعاملوا مع المدينة بشكل جيد للغاية” في إشارة إلى مقاتلي المعارضة. وأضاف أن إمدادات المياه تشهد انقطاعا رغم عودة بعض الخدمات.
وتتمتع المعارضة ببعض الخبرة في إدارة الشؤون المدنية.
وانفصلت هيئة تحرير الشام عن تنظيم القاعدة عام 2016، وتقول إنها لا تشكل تهديدا للغرب. وتسيطر بالفعل على مساحات شاسعة من محافظة إدلب المجاورة حيث أسست إدارة مدنية تابعة لها تسمى حكومة الإنقاذ تدير شؤون ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص خلال معظم فترة السنوات الخمس الماضية.
وهناك، انتخبت حكومات وجعلت الليرة التركية عملة يمكن تداولها، بل وأنشأت شبكة للهاتف المحمول تسمى “سيريافون”، التي امتدت خدماتها الآن إلى حلب. وتقول منظمة (مجموعة حل الأزمات الدولية) للأبحاث، إن هيئة تحرير الشام تجنبت أيضا التفسيرات الأكثر تشددا للشريعة الإسلامية.
لكن تحديات جديدة تتكشف مع تقدم المعارضة في حلب، حيث كانت قوات النظام السوري قد طردت تحالفا سابقا للمعارضة من مناطق سيطرت عليها بعد سنوات شهدت حصارا وقصفا مدعوما من روسيا. وهو ما ترك ندوبا عميقة في المدينة القديمة، أحد المواقع المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو.
ويعيش في المدينة والمحافظة التي تحمل الاسم نفسه، أقليات تمتد جذورها في المنطقة تشمل المسيحيين السوريين والأرمن والأكراد والشيعة، وكانوا مثل العديد من المسلمين السوريين الآخرين يشعرون بمخاوف طوال فترة الحرب المستمرة منذ ما يقرب من 14 عاما من أن يهدد الحكم الإسلامي نمط حياتهم.
وفي مسعى لطمأنة سكان حلب ومنهم الأقليات والصحافيون والموظفون الحكوميون، نشرت هيئة تحرير الشام بيانات عبر رسائل نصية تقول فيها إن سيطرتها على المدينة لن تهدد أمنهم. كما تعهدت بمواصلة تشغيل الخدمات الأساسية.
وحتى الآن، بقي المسيحيون إلى حد كبير في المدينة، وأقاموا قداسا يوم الأحد الماضي بحضور عناصر من المعارضة.
وعلى النقيض من إدلب، حيث أسست المعارضة حكمها بالفعل في معظم أنحاء المحافظة بعدما تولت حكومة الإنقاذ إدارتها، تتوسع المعارضة الآن في معاقل الحكومة في تقدم سريع، إذ تجاوز مقاتلوها حلب لمسافة 130 كيلومترا أخرى جنوبا ووصلوا إلى مدينة حماة، وربما أبعد من ذلك.
وقال نوار شعبان، المحلل في مركز هرمون في إسطنبول: “التحديات هائلة وهيئة تحرير الشام تعرف ذلك”، مشيرا إلى العدد المتزايد من السكان الذي تتحمل المعارضة مسؤولية إدارة شؤونه وتوفير خدمات فعالة له.
حكم انتقالي
إلا أن الأمور لن تكون سهلة على الإطلاق. فقد تراكمت القمامة في شوارع حلب. وانخفضت قيمة الليرة السورية الأسبوع الماضي من 15 ألفا مقابل الدولار، إلى نحو 22 ألفا. ومع تزايد برودة الطقس، قال سكان إنهم يخشون عدم وجود ما يكفي من المياه أو الوقود لتدفئة منازلهم.
ورغم مخاوفهم من انهيار الأمن في المدينة بعد سيطرة المقاتلين عليها، قال سكان إنهم سعداء لرؤية الحياة تستمر بشكل طبيعي على نطاق واسع مع فتح الأسواق والمخابز ومحطات الوقود، وإن كان الأمر لا يخلو من الطوابير الطويلة وارتفاع الأسعار.
وقال سعيد حنايا (42 عاما)، وهو من حلب ويملك متجرا صغيرا، إن المياه تمثل مشكلة، لكن “المخابز كانت أفضل قليلا، ربما بسبب التوزيع (الأفضل) والمساعدات التي تأتي”.
وأظهر مقطع فيديو العشرات من أفراد قوات النظام يصطفون في طوابير بعد أن فتحت هيئة تحرير الشام مراكز يديرها مسلحون ملثمون يرتدون زيا أسود ويشجعون أفراد الأمن على الانشقاق والحصول على بطاقة مؤقتة تحميهم من أي ردود فعل انتقامية محتملة. وتضمنت لافتة مطبوعة بشكل احترافي شروط الحصول على مثل هذه البطاقة.
واعتبر سابان أن هذا أسلوب جديد تتبعه هيئة تحرير الشام لتوضح مدى استعدادها لإظهار السعي إلى انتقال سلس إلى حكمها، دون إراقة الدماء التي كانت سمة لم تغب عن المراحل السابقة من الحرب السورية.
ومن بين المؤشرات الأخرى التي تعكس نواياها، طباعة قوائم الأسعار في محطات البنزين بالليرة السورية، جنبا إلى جنب مع الليرة التركية والدولار. وحظرت هيئة تحرير الشام منذ فترة طويلة استخدام الليرة السورية في إدلب، لكنها سمحت باستخدامها هي والدولار في حلب.
وقال سابان: “هيئة تحرير الشام تراهن على القبول الدولي لها بناء على طريقة إدارتها للمعركة والشؤون المدنية في المناطق التي سيطرت عليها، وخاصة تلك التي تضم أقليات”.
واتسم رد فعل الغرب بالحذر. وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر هذا الأسبوع، أن هيئة تحرير الشام مصنفة منظمة إرهابية لدى الولايات المتحدة. ودعا إلى عملية سياسية لخفض التصعيد وتحديد من يتولى قيادة البلاد.
وعلى عكس إدلب، أعلنت هيئة تحرير الشام في بيانات، أنها لا تنوي إدارة حلب من خلال حكومة الإنقاذ. وقالت دارين خليفة الباحثة لدى مجموعة حل الأزمات الدولية والتي على اتصال بالجولاني، إن الإعلان جاء لتجنب “عرقلة” وصول المساعدات الدولية “بسبب تصنيف هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية”.
وأضافت: “إنهم يفكرون في كل ذلك”، لكنها لفتت إلى أن كثيرا من السوريين ما زالوا يشعرون بالقلق إزاء تداعيات التطورات على حرياتهم الشخصية والدينية.
وأخبر الجولاني دارين يوم الثلاثاء بأن الهيئة تعتزم تشكيل “جهة انتقالية” لإدارة حلب -لا أن يتم تكليف حكومة الإنقاذ بتلك المهمة- وسيوجه مقاتليها لمغادرة المناطق المدنية “في الأسابيع المقبلة”، بحسب ما كتبت دارين على موقع إكس.
وقال عبد الرحمن محمد مسؤول العلاقات العامة في حكومة الإنقاذ، إن المقاتلين بدأوا بالفعل الانسحاب من المدينة. وأضاف أن الجماعة لم “تتطرق بعد لشكل الحكومة السياسية المقبلة”.
وذكرت دارين أن هيئة تحرير الشام “لا تزال تجري مناقشات بشأن كيفية حكم منطقة أكبر وأكثر تنوعا مثل حلب وربما حماة”.
وسيطر مقاتلو المعارضة على حماة أيضا أمس الخميس.
(رويترز)
——————————–
المعارضة السورية على مشارف حمص
المرصد السوري يؤكد أن طيران النظام يسعى لمنع تقدم المعارضة بقصف جسر الرستن الاستراتيجي الذي يربط مدينة حمص بحماة.
الجمعة 2024/12/06
دمشق – تتقدم هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها نحو مدينة حمص الواقعة وسط سوريا بعد السطيرة على حلب وحماة، فيما تحاول القوات السورية منعها بقطع الطريق من خلال شن قصف مكثف على الجسور والممرات.
وبين المرصد السوري لحقوق الانسان أن الفصائل المعارضة باتت الجمعة على بعد حوالى خمسة كيلومترات من أطراف مدينة حمص الواقعة وسط سوريا بعد تقدمها الى بلدتين استراتيجيتين تقعان على الطريق الذي يربطها بمدينة حماة، فيما نزح عشرات الآلاف من سكان الأحياء العلوية من المدينة فيما أكدت وكالة الاناضول ان المقاتلين بدؤوا عملية التوغل.
وأوضح مدير المرصد رامي عبدالرحمن “باتت هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها على بعد خمسة كيلومترات من أطراف مدينة حمص بعد سيطرتها على مدينتي الرستن وتلبيسة”، موضحا أن “من شأن سيطرة الفصائل على مدينة حمص أن تقطع الطريق الذي يربط دمشق بالساحل السوري”، معقل الأقلية العلوية التي تتحدر منها عائلة الرئيس بشار الأسد.
وقبل ذلك أفاد المرصد الجمعة بأن غارات جوية استهدفت جسرا استراتيجيا يربط مدينة حماة بمدينة حمص التي يسعى النظام إلى منع خروجها عن سيطرته.
وقال “استهدفت طائرات حربية بغارات جوية جسر الرستن الذي يربط مدينة حمص بحماة… لقطع الطريق بين حماة وحمص وتأمين مدينة حمص”.
وقد أعلنت وزارة الدفاع السورية الجمعة أن وحدات الجيش تقصف بالمدفعية وتشن غارات جوية بمؤازرة روسيا الداعمة لها، على تجمعات الفصائل المعارضة شمال مدينة حماة وجنوبها، بعد ساعات من خروج المدينة عن سيطرة السلطات.
وأوردت الوزارة في بيان نقلا عن مصدر عسكري “قواتنا المسلحة تستهدف بنيران المدفعية والصواريخ والطيران الحربي السوري الروسي المشترك آليات الإرهابيين وتجمعاتهم على ريفي حماة الشمالي والجنوبي وتوقع في صفوفهم عشرات القتلى والمصابين وتدمر عدة آليات وعربات”.
وقد أعلن وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس الخميس أنّ قوات الجيش “ما زالت في محيط مدينة حماة”، مؤكدا أنّ ما حصل هو “إعادة تموضع وانتشار”.
وقال في بيان متلفز إنّ “ما حدث في مدينة حماة اليوم هو إجراء تكتيكي مؤقت، ما زالت قواتنا في محيط مدينة حماة”.
وتحدث مدير المرصد رامي عبدالرحمان عن “نزوح جماعي لأبناء الطائفة العلوية من أحياء مدينة حمص، مع توجه عشرات الآلاف منهم الى مناطق الساحل السوري، خشية تقدم الفصائل اليها” رغم جهود قادة المعارضة في طمأنة الطوائف بأنه لن يجري استهدافها.
وأضاف “مشهد خروج عشرات الآلاف من حمص ضرب معنويات جمهور النظام وانعدمت الثقة به.. وهو أضاف مأساة جديدة لشعبه الذين نزحوا من مناطق القتال إلى مناطقه التي تشهد أزمة اقتصادية خانقة وغلاء في الأسعار.”
وأكد أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام أن الهدف هو الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد.
وقال في مقابلة مع شبكة “سي ان ان” الأميركية بثتها الجمعة “عندما نتحدّث عن الأهداف، يبقى هدف الثورة إسقاط هذا النظام.. من حقّنا أن نستخدم كل الوسائل المتاحة لتحقيق هذا الهدف”.
وأضاف في المقابلة التي أجريت معه الخميس “كانت بذور هزيمة النظام موجودة دائما في داخله… حاول الإيرانيون إحياء النظام، وشراء الوقت له، وبعد ذلك حاول الروس أيضاً دعمه، لكن الحقيقة تبقى: هذا النظام مات”.
وقال قائد قوات سوريا الديمقراطية عبدي مظلوم أنه لا مواجهات حاليا بين القوات وهيئة تحرير الشام لكننا سنرد إذا حدث هجوم من أي جهة مشددا على وجود تنسيق مع الروس والولايات المتحدة بخصوص التطورات الراهنة.
وأضاف ” ننسق مع التحالف الدولي بقيادة أمريكا لمواجهة أي تهديد من تنظيم الدولة الإسلامية مشيرا لزيادة في تحركات داعش في البادية السورية وريف دير الزور والرقة.
وقال مصدر دبلوماسي تركي اليوم الجمعة إن وزراء خارجية تركيا وإيران وروسيا سيجتمعون في الدوحة غدا لمناقشة التقدم السريع الذي تحرزه المعارضة في سوريا.
وتعمل إيران بكل جهودها لمنع تراجع النظام السوري بعد خسارة محافظتي حلب وحماة.
وقال مسؤول إيراني كبير اليوم الجمعة إن إيران تعتزم إرسال صواريخ وطائرات مسيرة إلى سوريا وزيادة عدد مستشاريها العسكريين هناك لدعم الأسد في معركته مع قوات المعارضة.
وذكر المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته “من المرجح أن طهران ستحتاج إرسال معدات عسكرية وصواريخ وطائرات مسيرة إلى سوريا… وقد اتخذت طهران كل الخطوات اللازمة لزيادة عدد مستشاريها العسكريين في سوريا ونشر قوات”.
وأضاف “الآن، تقدم طهران دعما مخابراتيا ودعما يتعلق بالأقمار الاصطناعية لسوريا”.
ووسط تقدم قوات المعارضة الى حمص قال مصدران أمنيان لبنانيان كبيران إن جماعة حزب الله اللبنانية أرسلت الليلة الماضية عددا صغيرا من “القوات المشرفة” من لبنان إلى سوريا بهدف المساعدة في منع مقاتلي المعارضة من الاستيلاء على مدينة حمص ذات الأهمية الاستراتيجية.
وقال ضابط من الجيش السوري ومسؤولان من المنطقة تربطهما صلات وثيقة بطهران أيضا إن قوات نخبة من جماعة حزب الله المدعومة من إيران عبرت من لبنان خلال الليل واتخذت مواقع في حمص.
وأوضح خالد، المقيم على أطراف مدينة حمص، متحفظا عن ذكر اسمه الكامل إن “الطريق المؤدي الى محافظة طرطوس ضاق مساء الخميس بأنوار مئات السيارات التي كانت في طريقها الى خارج المدينة”.
وتقع حمص على بعد حوالى 40 كيلومترا جنوب مدينة حماة، التي انسحبت القوات الحكومية منها الخميس، إثر تقدم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة) وفصائل معارضة متحالفة معها اليها، في إطار هجوم مباغت بدأته الأسبوع الماضي ومكنها من السيطرة على مساحات واسعة بينها مدينة حلب.
وتضم مدينة حمص التي لقبها ناشطون معارضون “عاصمة الثورة”، بعدما شهدت كبرى التظاهرات الشعبية المناوئة للنظام عام 2011، أحياء ذات غالبية علوية، الأقلية التي يتحدر منها الرئيس بشار الأسد ويعد الساحل السوري معقلها. وتعرض بعض تلك الأحياء لتفجيرات دامية.
وفي 29 أبريل 2014، قتل مئة شخص على الأقل غالبيتهم مدنيون، وفق حصيلة للمرصد حينها، في تفجير مزدوج تبنته جبهة النصرة آنذاك واستهدف حيا ذا غالبية علوية في المدينة.
وقال حيدر (37 عاما)، القاطن في حي ذي غالبية علوية عبر الهاتف “الخوف هو المظلة التي تغطي حمص الآن” مضيفا “لم أر مثل هذا المشهد في حياتي، نحن خائفون للغاية ولا نعلم ماذا يحصل بين ساعة وأخرى”.
وقال إنه تمكن من إرسال والديه الى طرطوس بينما لم يجد بعد سيارة تقله وزوجته “جراء الطلب المرتفع على السيارات”، موضحا “متى وجدنا سيارة سنغادر في أسرع وقت الى طرطوس” المحافظة ذات الغالبية العلوية والتي بقيت بمنأى من الحرب منذ اندلاعها.
وشهدت مدينة حمص خلال سنوات النزاع الأولى معارك ضارية بين الفصائل المعارضة والجيش السوري الذي تمكن عام 2014 من السيطرة على مجملها بعد انسحاب مقاتلي المعارضة من أحيائها القديمة بموجب اتفاق تسوية أعقب عامين من الحصار والقصف.
وانكفأ المقاتلون الباقون آنذاك الى حي الوعر مع آلاف المدنيين، قبل أن ينسحبوا منها عام 2017 بموجب اتفاق تسوية مع الحكومة.
ويقدم نظام الأسد نفسه حاميا للأقليات، التي يدين معظمها بالولاء لدمشق، خصوصا بعدما طُردوا أو هُجّروا على أيدي مجموعات إسلامية متطرفة من مناطق عدة خلال سنوات النزاع المدمر.
———————————-
فورين بوليسي: هذه أسرار الانهيار السريع لنظام الأسد
6/12/2024
قال خبير عالمي بالشؤون السورية إن صمود نظام الرئيس بشار الأسد بات موضع شك بشكل واضح عقب سيطرة المعارضة المسلحة على نحو 250 مدينة وبلدة وقرية شمالي البلاد على مدار الأسبوع المنصرم.
وسيطر قوات المعارضة أيضا على حلب، ثانية كبرى المدن السورية، في غضون 24 ساعة، حيث انهارت خطوط النظام السوري الأمامية الواحد تلو الآخر.
وفي تحليله الذي نشرته مجلة فورين بوليسي، شدد تشارلز ليستر -مدير برنامجي سوريا ومكافحة الإرهاب والتطرف في معهد الشرق الأوسط ومقره في واشنطن- على أن التطورات الأخيرة في سوريا لم تكن كلها مفاجئة؛ ذلك أن الأسد -برأيه- لم “ينتصر” فعليا في الحرب في بلاده، بل إن نظام حكمه ظل يتضعضع منذ زمن، وأن موقفه بات أكثر هشاشة من أي وقت مضى.
حسابات خاطئة
وترافق ذلك مع تضاؤل الاهتمام الدولي بالحرب هناك، وأن الجهود الدبلوماسية التي كانت تركز على سوريا توقفت تقريبا، وسحبت الحكومات مواردها تدريجيا من المسائل المتعلقة بسياساتها العامة تجاه سوريا ووجهتها إلى تحديات عالمية أخرى، وفق كاتب المقال.
ويشير ليستر في تحليله إلى أن بعض الحكومات العربية أقدمت، بشكل جماعي، على الانخراط مع الأسد بدءا من عام 2023، “ليعود وضعه إلى طبيعته في الشرق الأوسط”.
ومن وجهة نظره، فإن ما بدا وكأن الأطراف الفاعلة في المنطقة تتولى مسؤولية الملف السوري، أشاع قدرا من الارتياح لدى صُناع السياسات في الولايات المتحدة، الذين رأوا في ذلك علامة مشجعة.
وقال إن جهود 10 دول أوروبية -بقيادة إيطاليا- تضافرت من أجل التواصل مجددا مع نظام الأسد، وبحث سبل استئناف الجهود الدبلوماسية وعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم.
وأضاف أن كل هذه التطورات استندت إلى فرضية مفادها أن الأسد يستفيد من جمود الأزمة مع تفاقم سوء الأوضاع في البلاد لتعزيز سلطته. لكن ليستر يعتقد أن هذا افتراض خاطئ.
انهيار اقتصادي
وطبقا للتحليل، فقد كان الاقتصاد السوري في حالة فوضى منذ سنوات، حيث تهاوت الليرة السورية حتى وصلت في يوم 4 ديسمبر/كانون الأول الحالي، إلى 17 ألفا و500 مقابل الدولار الواحد، بعد أن كانت 1150 في أوائل عام 2020.
وفي حين أن “احتضان” النظام السوري الجريمة المنظمة ظل يدر عليه أرباحا لا تقل عن 2.4 مليار دولار سنويا من وراء بيع نوع واحد من المخدرات المصنَّعة، إلا أن ذلك لم يساعد الشعب السوري في معيشته، حسب زعم ليستر.
ومع ذلك، “لم يعد هناك من ينقذ بشار الأسد من إفلاس دولته”، فقد تضرر الاقتصاد الروسي بشدة من آثار حربه في أوكرانيا، كما أصبح الاقتصاد الإيراني، هو الآخر، في حالة سيئة.
ولكن ليستر يعتقد، في تحليله، أن الوضع ما كان ينبغي أن يكون على ذلك النحو، مضيفا أنه لو كان الأسد قد انخرط بشكل بنّاء مع حكومات المنطقة التي طبّعت علاقاتها معه في عام 2023، وتبنى انفتاحا على تركيا في وقت سابق من هذا العام، لكانت سوريا اليوم في وضع مختلف كثيرا.
ومضى إلى القول إن السوريين، بعد أن أدركوا أنه لا يوجد ضوء في نهاية النفق، بدؤوا بالخروج إلى الشوارع والمطالبة بإسقاط بشار الأسد.
ولفت إلى أن المعارضة المسلحة، التي “تصالحت” مع دمشق بموجب اتفاق قبل 6 سنوات، بدأت منذ شهور في تحدي جيش النظام مجددا، وحققت انتصارات.
الكبتاغون
وفي خضم الانهيار الاقتصادي الذي تشهده سوريا في هذه الأثناء، تغلغلت الجريمة المنظمة وكذلك إنتاج المخدرات والاتجار بها على المستوى الصناعي في صلب أجهزة الأسد الأمنية، كما يذكر ليستر، لافتا إلى أن نظام الأسد قد يكون الآن “أكبر نظام مخدرات في العالم متخصص في إنتاج الأمفيتامين المعروف باسم الكبتاغون”.
وكشف الكاتب أن تجارة المخدرات تديرها الفرقة الرابعة النخبوية في سوريا (التي يقودها ماهر شقيق بشار الأسد)، لكن شبكتها امتدت إلى كل ركن من أركان الجيش السوري والمليشيات الموالية له. ومع ذلك، فقد مزقت الجريمة المنظمة وأمراء الحرب ما تبقى من “تماسك ضعيف” داخل الدولة الأمنية السورية.
وخلص إلى أن الآلة العسكرية للنظام أُصيبت بالركود في جميع الجوانب في السنوات الأخيرة، وتآكلت من الداخل وتشظّت من الخارج، بل يمكن القول إن المليشيات الموالية للأسد أضحت أقوى عسكريا من الجيش نفسه.
وعلى النقيض من ذلك -يتابع ليستر- عملت هيئة تحرير الشام وجماعات المعارضة المسلحة الأخرى بشكل مكثف منذ عام 2020 على تعزيز قدراتها الخاصة. وقد أنشأت هيئة تحرير الشام، بالذات، وحدات جديدة تماما يمكن القول إنها غيرت قواعد اللعبة في ساحة المعركة في الأيام الأخيرة.
——————————–
هل تضعف التطورات المتسارعة في سوريا موقع الأسد؟
دمشق: «الشرق الأوسط»
6 ديسمبر 2024 م
أضعفت التطورات المتسارعة في سوريا منذ أكثر من أسبوع موقع الرئيس بشار الأسد الذي تعرّض جيشه لنكسة مع خروج حلب عن سيطرته، فيما يعاني اقتصاد البلاد من أزمة خانقة وينصرف داعمو دمشق الخارجيون إلى أولويات أخرى.
ويُجمع محلّلون على أن شرعية الأسد اهتزت جراء السهولة التي سيطرت فيها هيئة تحرير الشام مع فصائل مسلحة أخرى على مدينة حلب في شمال سوريا وتقدّمها إلى وسط البلاد ودخولها مدينة حماة، الخميس، وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وباشر الجيش السوري «هجوماً مضاداً»، الأربعاء، مدعوماً بالطيران الحربي الروسي لحماية حماة الواقعة في وسط البلاد، حيث تدور معارك شرسة. إلا أنه ما لبث أن أقرّ (الخميس) بخسارة حماة، معلناً في بيان أن قواته «تموضعت» خارجها، وذلك بعد أيام على نكسة سقوط حلب، عاصمة البلاد الاقتصادية سابقاً.
ويقول تشارلز ليستر من معهد الشرق الأوسط في واشنطن إن السلطة «حاربت بشراسة بين عامي 2012 و2016 لاستعادة نصف مدينة حلب، لذا تشكّل خسارتها بهذه السرعة هزيمة مهينة، وتعكس هشاشة النظام» في سوريا.
وشكّل تقدم الفصائل المسلحة مفاجأة حتى في صفوفها ربما. إلا أنه لا يخلو من بعض المنطق.
ويوضح الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية دافيد ريجوليه-روز أنه «منذ عام 2011 نشهد تراجعاً على صعيد العتاد والعديد والاندفاع في الجيش».
ويضيف لوكالة الصحافة الفرنسية أن الجنود يتلقون رواتب متدنية، مشيراً إلى أنهم يقومون على ما يبدو بعمليات نهب لتعويض ذلك، «فيما يرفض كثير من الشباب التجنيد».
وأعلن الرئيس السوري، الأربعاء، زيادة رواتب العسكريين بنسبة 50 في المائة.
ويؤكد مركز «حرمون» في إسطنبول، أن الجيش «تجنب المواجهة مع تخليه عن كميات كبيرة من العتاد العسكري»، مشيراً إلى ضعف النظام في المناطق البعيدة عن العاصمة.
«خطر تزعزع الاستقرار»
ويقول الباحث العراقي أيمن التميمي إن النظام كان قد استعدّ وجنّد عديداً عسكرياً «احترازاً، في حال حصول هجوم للمقاتلين المسلحين، لكن الأمر لم يكن كافياً».
ويشير إلى «تهاون من جانب الحكومة وحلفائها مدفوعاً ربما بقناعة بأن وقف إطلاق النار العائد لعام 2020 سيصمد».
ويتحدث الباحث عن فرضية فائض ثقة بفاعلية الدفاعات السورية، لا بل قناعة بأن الفصائل السورية المسلحة لن تجرؤ على مهاجمة مدينة بأهمية حلب.
وبينما كانت القنصليات الغربية تتابع عن بعد الوضع في سوريا، معتبرةً أن الأسد حسم الوضع لصالحه بالاستناد الى سنوات من الهدوء النسبي في النزاع القائم منذ 2011، أتى هجوم الفصائل المسلحة ليبدّل المعطيات.
ويوضح فابريس بالانش، صاحب كتاب «دروس الأزمة السورية»، لوكالة الصحافة الفرنسية: «مع الحرب والعقوبات والاقتصاد المشلول، لم يعد النظام يتمتع بالدعم الشعبي الذي كان يحظى به في صفوف جزء من المواطنين في 2011».
وانتشرت شائعات حول انقلاب محتمل خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي في سوريا. وهي، إن كانت لم ترتكز إلى أسس متينة، فإنها تعزّز صورة الضعف اللاحق بالسلطة.
ويؤكد دافيد ريجوليه-روز أن «ثمة خطراً في تزعزع الاستقرار لا بل حصول انقلاب. فثلاثة أرباع السكان يعيشون تحت عتبة الفقر. والاستياء يتفاقم بين الطوائف المختلفة».
ويتابع: «بات الأمر مسألة استمرار ليس فقط لعائلة الأسد بل أيضاً لكل الطائفة العلوية التي ترصّ الصفوف وراء النظام».
تفكّك محور موسكو – طهران
وما يزيد الوضع تعقيداً، هو عدم امتلاك الطرفين الداعمين الرئيسيين لدمشق، موسكو وطهران، هوامش مناورة كبيرة. فالجيش الروسي يركّز على الحرب في أوكرانيا بينما إيران والجماعات التابعة لها وعلى رأسها «حزب الله» اللبناني، خرجت ضعيفة من المواجهة الأخيرة مع إسرائيل.
وساندت ضربات روسيا، الأربعاء، الجيش السوري في محيط حماة لكن من دون انخراط واسع لحلفاء دمشق في عمليات على الأرض، مما سيجعل استعادة حلب مستحيلة، على ما يفيد محللون تكلموا قبل سقوط حماة، المدينة الاستراتيجية في وسط سوريا.
وأتى ذلك فيما يحاول الرئيس السوري إحلال توازن أكبر في تحالفاته، مما يثير استياء طهران. ويؤكد دافيد ريجوليه-روز أن بشار الأسد «يدرك أن نظامه قد يكون مهدداً ويريد التقرب أكثر من موسكو لكي يخفف اعتماده على طهران».
ويضيف أن العلاقات الروسية – الإيرانية «لا تسودها الثقة المطلقة على الدوام» فرغم «تلاقي المصالح»، قد يحصل «تشكيك، لا، بل ريبة».
وقد تضاف إلى ضغوط الفصائل المسلحة عاجلاً أم آجلاً، ضغوط تنظيم «داعش».
ويُحذر شارل ليستر: «أفضل الوحدات في النظام السوري المنتشرة (في مواجهة تنظيم داعش) سُحبت جميعها. فجأة في وسط سوريا حيث يعيد تنظيم داعش تشكيل صفوفه، ثمة فراغ تام».
———————————
فنانون سوريون عن الأحداث في بلدهم.. كلام في زمن الرصاص
ناديا الياس
بيروت-“القدس العربي”: لم تغب التطورات العسكرية في سوريا عن متابعة بعض الممثلين السوريين الذين علّق بعضهم على ما يجري كلٌّ من وجهة نظره وانتمائه.
وأبدت النجمة السورية سلاف فواخرجي شجبها لما يحدث في سوريا، وقالت، في تغريدة عبر منصة إكس: “إن اقتحام البيوت وانتهاك حرمتها وتفتيش موبايلات أهلها كباراً وأطفالاً وسرقة منازلهم وممتلكاتهم لضمها لغنائمهم، من شيم دينهم وثورتهم! ومَن ليس من طائفتهم يقف جانباً لمصير مجهول! إما للهداية وإما للجباية وإما للشنق!”.
إلى اهلي السوريين بكل المناطق السورية ..
لكل حدا عميشوف الڤيديوهات و الاخبار بالوقت الحالي ..بالسر او بالعلن ..
لكل خايف ..لكل مبسوط .. لكل زعلان ..لكل مترقب ..لكل شمتان ..لكل قلق ..لكل منتصر
ولكل إيد بتفكر بالانتقام من الإيد التانية :
“نحن جسم واحد ..نحن لسنا أعداء ..نحن اهل… pic.twitter.com/ScBHyMTe9M
— maxim khalil (@MaximKhalil) November 30, 2024
من ناحيته، كتب النجم السوري معتصم النهار: “ألم تشبعوا من الدم السوري؟ ألهذه الدرجة سوريا مقلقة بالنسبة لكم”. وحيّا بلده التي ستبقى قائمة للأبد قائلاً: “أنتم تعلمون جيداً من هو السوري في كل المجالات، لذلك تبذلون جهدكم لتدميرها لكي لا تقوم لها قائمة، ويبقى شعبها مشتتاً، ولكن سوريا عائدة قريباً، وشعبها حي عاشقٌ جبار، وحضارتها ستبقى قائمة للأبد رغم الشياطين. تحيا سوريا”.
وكان النجم السوري مكسيم خليل وجّه نداء عاجلاً إلى أبناء بلده في معظم المناطق السورية، الذين يواكبون ما يجري من أحداث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وخاطبهم باللهجة السورية: “أهلي السوريين بكل المناطق السورية، لكل حدا عم يشوف الفيديوهات والأخبار بالوقت الحالي، بالسر أو بالعلن، لكل خايف، لكل مبسوط، لكل زعلان، لكل مترقب، لكل شمتان، لكل قلق، لكل منتصر، ولكل إيد بتفكر بالانتقام من الإيد التانية: “نحن جسم واحد، نحن لسنا أعداء، نحن أهل، نحن بس مفرقين”.
ونبّه مكسيم مما سماه “الايغو”، وتعمية الحقيقة لتمرير المصالح، على حد تعبيره: “مقسمين بالدم عن سابق الإصرار؛ أيديولوجياً، طائفياً، مناطقياً، عقائدياً، وكل المسميات.. بس الأكتر خطورة بعلاقتنا هو “الأنا”، يلّي عم تسيرنا “الإيغو” هو يلي بخوفك تشوف الحقيقة، بخوفك تطلع من دائرتك يلي هي منطقته الآمنة، هو يلي بخليك ما تعترف بخطأك، أو حتى تقبل تشوفه، أو تشوف حق الآخر، وما بخلّيك تغيّر قناعاتك يلي زرعوها فيك ليمشوا مصالحهم “.
وحث مكسيم أبناء بلده على عدم الخوف، وفتح قلوبهم وبصائرهم من وجهة نظر الآخر، بالقول: “افتح قلبك أيها السوري، ولا تخاف. اتطلع على مرايتك بطريقة تانية، جرّب، جرّب اطلع من دائرتك وشوف المشهد من برا، شوفه من وجهة نظر الآخر، شوف مطالبه، شوف مخاوفه، شوف مظلوميته، صدّقني رح ترأف فيه وتساعده، لأنه مظلوميته هي بالنهاية بتكمّل مظلوميتك”.
ودعاهم إلى الإقلاع عن سجن أفكارهم ومخاوفهم وأوهامهم بالقول:” أنا متأكد أنه كلنا بدواخلنا، وبلحظة صادقة، منعرف الحقيقة ومنعرف السبب، والأهم أنه كلنا منعرف الحل، بس نحنا متمسكين بأفكارنا.. شو منبع هاد التمسّك؟ الخوف.. وعدم الثقة بالآخر يلي هو منبعه كمان الخوف… إذا بتفتح عقلك شوي رح تشوف إنه تقريباً كلشي جواتك جذره خوف. وهو نفسه الخوف ممكن يحولك لظالم، لجلاد، لحاقد، لمجرم، لجبان، لانتهازي، لحيادي، ويجردك حتى من الأمل، وممكن يحولك لسجين طليق، سجين أفكارك ومخاوفك وأوهامك”.
اقتحام البيوت وانتهاك حرمتها وتفتيش (موبايلات) أهلها كباراً وأطفالاً وسرقة منازلهم وممتلكاتهم لضمها لغنائمهم !
من شيم دينهم وثورتهم!
ومَن ليس من طائفتهم يقف في رتل جانبا
لمصير مجهول!
إما للهداية وإما للجباية وإما للشنق!#طيور_الظلام#حلب #Aleppo#سوريا #Syria#سوريا_بعين_الله
— Sulaf Fawakherji (@sfawakherji) December 3, 2024
وختم نداءه بهاشتاغ “سوريا لكل السوريين”، مثنياً في الوقت عينه على طيبة وشهامة الشعب السوري: “عندي إيمان مطلق أنه الغالبية العظمى من الشعب السوري طيب، ومحب، كريم، شهم، عنده كرامة، وهاد عن تجربة مو كلام. ومثل كل شعوب العالم في ناس عاطلة ومصلحجية وغير محبة، هدول بسيطروا لأنن بلا قلب.. أبداً مو لأنه عندهم قلب متل “مابخلونا نفكر”. الحل لسوريا هو جوّات كل سوري رح يفتح قلبه لباقي السوريين.. جوّات كل سوري بيتحكّم بمخاوفه ومعتقداته في سبيل حرية إنسان آخر. جوّات كل سوري بيهزم الإيغو تبعه… وبصير ولاؤه لسوريا العظيمة فقط. يمكن حدا يسأل شو نفع هاد الخطاب بوقت السلاح عميقول كلمته.. الحقيقة: هاد الكلام وقته.. هو تحديداً وقت الرصاص”.
وكان مكسيم نشر صورة له من أحد أعماله التلفزيونية بدا فيها ملطخاً بالدماء.
———————–
«الفصائل» تدخل حماة… والأنظار على حمص
روسيا تتريث… وإردوغان يدعو لـ«حل سياسي»… والصدر يطالب بغداد بـ«عدم التدخل» في سوريا
زاد دخول «الفصائل المسلحة» إلى مدينة حماة، أمس، من المفاجآت في سوريا. فعلى منوال الخسارة السريعة لحلب، أقر الجيش السوري، بسقوط حماة بأيدي المسلحين الذين تقودهم «جبهة تحرير الشام»، مُعلناً سحب عناصره خارج المدينة.
وتوجهت الأنظار محلياً وإقليمياً، صوب مدينة حمص (150 كيلومتراً عن العاصمة دمشق)، بعد إعلان قيادة «الفصائل»، مساء، التقدم إليها. وتمثل حمص أهمية كبرى للربط اللوجيستي بين سوريا ولبنان.
ولجأت موسكو، حليف الرئيس السوري بشار الأسد، إلى إظهار «تريث» بشأن الوضع، وقالت إن نطاق مساعدتها لدمشق «سيعتمد على تقييم الوضع».
بدوره، أبلغ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن مرحلة جديدة «تتم إدارتها بهدوء» في الصراع السوري، ودعا نظيره السوري إلى إيجاد «حل سياسي».
وفي بغداد، استبق زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، اجتماعاً مقرراً اليوم (الجمعة) لوزراء خارجية العراق وإيران بشأن سوريا، وشدد، أمس، على «ضرورة عدم تدخل العراق، حكومةً وشعباً وكل الجهات والميليشيات والقوات الأمنية، في الشأن السوري». وطالب الحكومة العراقية بـ«معاقبة كل من يُخلّ بالأمن».
——————————
المعارضة السورية على أبواب حمص.. عاصمة الثورة وذاكرتها المثقلة/ عماد كركص
06 ديسمبر 2024
وصلت قوات المعارضة السورية المسلحة، اليوم الجمعة، إلى مشارف مدينة حمص بعد سيطرتها على جزء من ريف المحافظة الشمالي ودخولها مدينتي الرستن وتلبيسة وبلدة الدار الكبيرة، عقب ساعات من إعلان السيطرة على مدينة حماة، مركز المحافظة، وسط البلاد. وتتميز المحافظة التي تعد أكبر المحافظات السورية من حيث المساحة والوحيدة التي لها حدود مع ثلاث دول (لبنان، العراق، الأردن)، بالتنوع الديني والعرقي، إذ يقطنها الحضر والبدو، والعرب والتركمان والشركس، والسنة والشيعة والعلويون والإسماعيليون والمرشديون، والأرثوذكس والكاثوليك والإنجيليون.
تمتد حمص على أكثر من 40 ألف كيلومتر مربع وتتوسط سورية، لتشكل عقدة مواصلات تربط البلاد من جهاتها الأربع، يفصلها عن العاصمة دمشق شمالاً نحو 162 كيلومتراً، وفيها جامعة عريقة ومصفاة نفط والكثير من الثروات الباطنية. وترتبط حمص بالذاكرة الجمعية للسوريين بالنكات عن أهلها، لا سيما مع تخصيصهم يوم عطلة أسبوعي هو الأربعاء.
كانت حمص ثاني محافظة سورية تثور ضد النظام بعد درعا في مارس/ آذار من العام 2011، إذ شهدت ساحتها الرئيسة وأحياؤها القديمة، بما في ذلك بابا عمرو وباب سباع والخالدية والبياضة وغيرها، احتجاجات برع المشاركون فيها في تأليف وترديد هتافات وأغانٍ عُرفت على نطاق واسع بعد أن كان نجمها الناشط عبد الباسط الساروت، حارس منتخب سورية ونادي الكرامة، والذي أصبح رمزاً للثورة السورية ثم مقاتلاً في صفوف كتائبها المسلحة. فقدت حمص معظم سكانها الذين هجّروا منها قسراً، بالإضافة إلى اللذين فقدوا حياتهم فيها خلال الثورة السورية، التي كانت حمص ولا تزال عاصمة لها.
#متداول | فصائل المعارضة السورية تسيطر على مدينة تلبيسة في ريف #حمص الشمالي وسط البلاد pic.twitter.com/3hNmJCd4Pz
— العربي الجديد (@alaraby_ar) December 6, 2024
بدأت إرهاصات الثورة في حمص قبل عام 2011 بنحو ست سنوات، حين تسلم صديق رأس النظام بشار الأسد محمد إياد غزال منصب محافظ حمص، والذي تفنن في التنكيل بأهلها. فقد انتشر في عهده الفساد وأصبحت الرشوة والمحسوبيات سمة واضحة للمحافظة. وخرجت العديد من التقارير تشير إلى فساد المحافظ وحاشيته، إلى أن أتى بمشروع “حلم حمص”، والذي أطلق عليه الأهالي حينها اسم “كابوس حمص” منذ بدأ العمل عليه عام 2007 إلى أن أقر رسمياً عام 2010، على الرغم من رفضه شعبياً بشكل واسع، بسبب ما يفضي إليه من تدميرٍ لحمص القديمة وتهجير أهلها من مناطقهم، وما يتسبب به من تغيير ديمغرافي عميق.
المعارضة السورية تصل إلى مشارف مدينة حمص وتتحرك في درعا
استهدف النظام حمص مع بداية مشاركتها في الثورة بتأجيج الفتنة الطائفية، ثم باستهداف الثوار والناشطين والتظاهرات، لكن “مجزرة الساعة” الشهيرة كانت الحدث الدموي الأبرز الذي واجهته المدينة، بل كامل المحافظة بعد اندلاع الثورة، حين فض النظام “اعتصام الحرية” في ساحة الساعة يوم 18 إبريل/ نيسان 2011، بقتل أكثر من 200 متظاهر ومعتصم في الميدان، حينها اندلع شلال الدم في حمص.
تلك المجزرة دخلت ذاكرة أهالي المدينة التي يضم ثراها جثمان أشهر القادة العسكريين في التاريخ الإسلامي والفاتحين الأوائل خالد بن الوليد، وهي تُعرف عند السوريين بـ”مدينة الوليد”، وتبدّل كل شيء عقب المجزرة، واندلعت الاحتجاجات في بابا عمرو والخالدية والبياضة وباب سباع وسواها من الأحياء التي نظمت احتجاجات أسبوعية ضد النظام، قبل أن يبدأ الأخير بسلسلة من المجازر داخل المدينة وبلداتها. وحاول النظام تطويق الثورة في حمص التي تميزت بالتنظيم والحضور الجماهيري الكثيف في التظاهرات، وهو ما أربكه، فاعتمد على أحياء موالية على أطرافها، للقيام بقمع المتظاهرين.
حمص.. أول تهجير في تاريخ الثورة السورية
وعندما شعر النظام بأنّ أهم المدن السورية بدأت تخرج عن سيطرته، شنّ عليها حملة عسكرية غير مسبوقة لم تستثن حتى مسجد خالد بن الوليد، ما أدى إلى محو أحياء كاملة من الوجود، وخصوصاً القديمة منها. وحاصر قسماً من حمص مدة طويلة، حتى اضطر من بقي فيها من مدنيين وثائرين إلى توقيع اتفاق قضى بخروجهم من الأحياء القديمة في مايو/ أيار عام 2014، في أول عملية تهجير في تاريخ الثورة السورية، وفي ذلك الوقت، ظهرت الإشارة الأولى إلى أنّ النظام قرّر تفريغ حمص من أهلها.
ثم كان التهجير الثاني في مارس من العام 2017، وذلك بتهجير سكان حي الوعر، الذي بقي محاصراً نحو أربعة أعوام، حيث هجر النظام والروس تحت بند التسويات نحو 20 ألفاً من سكان الحي إلى الريف الشمالي من المحافظة. ثم جاء التهجير الثالث، من الريف الشمالي للمحافظة، الذي كان يضم أصلاً الكثير من المهجرين من المدينة، بالإضافة لثوار الريف نفسه، حيث هجروا جميعاً في مايو 2018 إلى إدلب وشمال حلب، شمال غربي سورية.
وسط مدينة حماة بعد سيطرة المعارضة عليها، 5 ديسمبر 2024 (الأناضول)
بعد إخلاء حمص ومعظم ريفها من المعارضة، حاول النظام إحداث تغيير ديمغرافي، لا سيما في المدينة، وبالفعل تغيرت ملامح المدينة وحتى الريف، وكانت الأحياء القديمة أكثر الأماكن المستهدفة بعملية التغيير، بالإضافة إلى بعض مواقع الريف، لا سيما مدينة القصير في الريف الغربي، والتي أصبحت معقلاً لحزب الله اللبناني وعائلات مقاتليه.
إحياء ذكرى الساروت
وبعد السيطرة اليوم من قبل عمليات “ردع العدوان” على محافظة حماة، بدأت التحركات في ريف حمص الشمالي من قبل من بقوا فيه من ثوار تحت بند التسويات بمباغتة قوات النظام، في انتظار وضوح طرق الإمداد إليهم. وشهدت كل مناطق الرستن وتلبيسة في الريف الشمالي لحمص، منذ بدء عملية “ردع العدوان”، تحركات من قبل مقاتلي المعارضة الكامنين هناك، حيث كشفت مصادر لـ”العربي الجديد”، أن المقاتلين استهدفوا أرتالاً عسكرية تابعة للنظام السوري أثناء انسحابها من مدينة حماة باتجاه حمص، مساء الخميس، بالتزامن مع إخلاء مواقع عسكرية في مدينة الرستن. ورد النظام بقصف مدفعي مكثف استهدف مدناً وبلدات في المنطقة، انطلاقاً من مواقعه العسكرية في حاجز ملوك وكلية الهندسة القريبة من الرستن.
وعن حمص ومكانتها، يقول الناشط السياسي خالد أبو صلاح، والذي يعد من أبرز وجوه الثورة في المحافظة، إن “حمص ليست مجرد مدينة، إنها عاصمة الثورة السورية كما أطلق عليها السوريون، وذاكرة الكرامة والنضال”، ويضيف “صرخات عبد الباسط الساروت وهو يقود التظاهرات في شوارعها لا تزال ترن في وجدان السوريين، وصورته على أكتاف المتظاهرين تلخص حلم الحرية والكرامة الذي حملته الثورة منذ بدايتها. ورغم الألم الذي سببه تهجير جل أهلها وثوارها في 2014، بقيت حمص عنواناً للوجع الذي يرفض أن يُنسى، ورمزاً للثبات في وجه القهر”.
ووصف أبو صلاح علاقة حمص بالثورة خلال حديث مع “العربي الجديد”، قائلاً: “حمص والثورة: محطة التحول الكبرى، حيث كانت حمص مركزاً أساسياً للحراك الشعبي في السنوات الأولى للثورة، وجسدت روح المقاومة في مواجهة آلة النظام الوحشية، لكن سقوطها في يد النظام بعد حصار طويل وتهجير مؤلم كان نقطة تحول كبيرة، حيث بدأت معه سلسلة من التراجعات الميدانية والسياسية لقوى الثورة في سائر سورية، وسقوط حمص آنذاك لم يكن مجرد خسارة مدينة، بل بداية لانهيار التوازن الذي سعت الثورة لتحقيقه في وجه النظام وحلفائه”.
وبشأن التطورات الأخيرة وبدء استعدادات المعارضة للسيطرة علي المدينة، قال “حمص ليست مجرد مدينة في قلب سورية الجغرافي، والسيطرة عليها ليست مجرد معركة عسكرية، بل خطوة استراتيجية كبرى، حيث تمثل شريان الإمداد الرئيسي للنظام بين دمشق وشمال غرب البلاد، ما يجعلها نقطة محورية في استراتيجيته العسكرية واللوجستية”، لافتاً إلى أنّ “استعادة حمص تعني عملياً شل قدرة النظام على إعادة تجميع قواته وإمداداته، وقطع الطريق أمام محاولاته المستمرة لاستعادة زمام المبادرة”.
وشدد على أنّ استعادة حمص “خطوة تقرّب الثورة من تحقيق هدفها في إنهاء حقبة الاستبداد التي يمثلها النظام، وتعزز موقعها فاعلاً رئيسياً في مستقبل سورية”. وختم أبو صلاح قائلاً: “حمص اليوم ليست مجرد محطة عسكرية فقط، بل بوابة أمل تُعيد للسوريين ثقتهم بقدرتهم على التحرر والكرامة وطي صفحة نظام الأسد من تاريخ سورية إلى الأبد”.
————————
تطمينات “تحرير الشام” لمسيحيي سورية تختبر التطبيق/ عدنان أحمد
06 ديسمبر 2024
مع النجاحات السريعة لمقاتلي المعارضة السورية و”هيئة تحرير الشام” في السيطرة على أجزاء واسعة من الأرض خلال أسبوع واحد، بما فيها مدينة حلب ثاني أكبر مدينة سورية بعد العاصمة دمشق، طفت إلى السطح سريعاً أسئلة ومخاوف حول كيفية تعامل القوى الجديدة مع المكونات المختلفة الموجودة في مدينة كبيرة مثل حلب، بمن في ذلك المسيحيون. لكن هذه التساؤلات سرعان ما جاءت الإجابة عليها من الفصائل العسكرية الممثلة بـ”إدارة العمليات العسكرية”، إذ عمدت إلى طمأنة السكان المدنيين عامة، والمسيحيين خصوصاً، بأن القوى العسكرية لن تتدخل في حياتهم اليومية، وسيتم سحب المقاتلين من المدينة، حالما ينتهي تأمينها أمنياً.
تطمينات من “هيئة تحرير الشام”
ولا يخفى أن الجسم الأساسي للفصائل في “إدارة العمليات العسكرية” التي تقود العمليات العسكرية للمعارضة، هي “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) بقيادة أبو محمد الجولاني، التي تسيطر على محافظة إدلب وجوارها. وجاء في بيان “إدارة العمليات”: “نطمئن أهلنا المدنيين في حلب وريفها أننا منهم وهم منا، ونحب أن نقول إن أولوياتنا الحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم، وإذ نوصي قواتنا المتقدمة في الميدان بحماية المدنيين والحذر من استخدام النظام المجرم لهم دروعا بشرية”.
كما وجّه الجولاني رسالة إلى أهالي مدينة محردة بريف حماة الغربي، من أبناء الطائفة المسيحية، أكد فيها أنه أوصى المقاتلين بحسن معاملة الأهالي في مدينة محردة، والتي تمثل موقعاً استراتيجياً لأنها تصل بين خطوط إمداد قوات النظام القادمة من الساحل إلى محافظتي حمص وحماة، وتعتبر من أكبر الركائز التي استخدمها النظام ضد مناطق ريف حماة. وقال: “لقد أحسنا معاملة أبناء الديانة المسيحية في إدلب وحلب، وكذلك سنحرص على حمايتكم والحفاظ على ممتلكاتكم، وأدعوكم للاطمئنان وأطلب منكم رفض الحرب النفسية التي يمارسها النظام المجرم، فلا تنزحوا من بيوتكم وقراكم”.
بالتزامن مع هذه التطورات أدلى الجولاني بتصريح لمجموعة الأزمات الدولية، أشار فيه إلى تغييرات بنيوية في تفكير الهيئة، وجنوحها نحو المحلية وقدر عالٍ من البراغماتية في التعامل مع المستجدات الحالية. وقال إن “تحرير الشام” تفكر في حل نفسها من أجل “ترسيخ البنى المدنية والعسكرية بشكل كامل في مؤسسات جديدة تعكس اتساع المجتمع السوري”. وحول إدارة مدينة حلب بعد السيطرة عليها من قبل فصائل المعارضة، قال الجولاني إن المدينة ستديرها هيئة انتقالية، وسيتم سحب المقاتلين من المدينة في الأسابيع المقبلة، ودعا الموظفين لاستئناف عملهم. وقال: “سيتم احترام المعايير الاجتماعية والثقافية المتميزة للمدينة، وللمسلمين والمسيحيين بكل تنوعهم”.
وترافقت هذه التصريحات مع زيارة الجولاني يوم الأربعاء الماضي مدينة حلب، وتجول في بعض أحيائها، والتقطت له صور قرب قلعتها التاريخية، فيما تحدثت أنباء عن لقاء جمعه مع الفاعليات الدينية المسيحية في المدينة، الأمر الذي لم تؤكده لـ”العربي الجديد” مصادر مطلعة على ما يدور في أروقة “تحرير الشام”.
غير أن ما ظهر للعلن هو زيارة فريق منظمة بلا قيود الحقوقية الدولية لمدينة حلب ومقر النيابة الرسولية اللاتينية في سورية في الثاني من الشهر الحالي، ولقاؤه المطران حنا جلوف النائب الرسولي لطائفة اللاتين في سورية ومسؤول الرهبانيات في سورية. وضم الوفد شخصيات مسيحية من إدلب وعدداً من المحامين والحقوقيين ونشطاء المجتمع المدني.
وتحدث الناشط السوري أيمن عبد النور، على صفحته في “فيسبوك”، عن الطلب من المطران جلوف تولي منصب محافظ مدينة حلب، بدون توضيح ممن جاء هذا الطلب. والمطران جلوف كان مسؤولاً منذ عام 2001 عن رعية اللاتين في الغسانية والقنية وجسر الشغور بريف إدلب، وتسلم في 17 ديسمبر/كانون الأول 2022 جائرة الأم تيريزا دي كالكوتا من بابا الفاتيكان تقديراً لجهوده في خدمة الفقراء والأشخاص الأشد ضعفاً، وتولى من يوليو/تموز 2023 منصب النائب الرسولي لطائفة اللاتين في سورية.
وقال عبد النور، في حديث مع “العربي الجديد” تعليقاً على سلوك “تحرير الشام” وخطابها إزاء المسيحيين في حلب وسورية عموماً، إن “المهم هو السلوك وليس الإجراء الآني. المهم التغير في الأيديولوجيا والعقلية. المسيحيون لا يحتاجون إلى تطمينات لأنهم مواطنون مثل بقية المكونات، لكنهم يحتاجون إلى عقلية تعمل بالحوكمة والديمقراطية في حكم البلاد”. وأضاف أن هذه الأمور “لا تأتي من تصرف واحد أو تصريح واحد. تحتاج إلى وقت. تحتاج إلى بناء الثقة أولاً، إلى مجلس مدني محلي من أبناء المدينة يدير شؤونها، وهذا سيشكل بداية ممتازة”.
نفي التعرض للتهديد
وكان مجلس الكنائس الذي يضم جميع الطوائف المسيحية الموجودة في سورية، نفى تعرضهم للتهديد، فيما تحدث مار بطرس قسيس، مطران حلب وتوابعها للسريان الأرثوذكس في لقاء معه اليوم على تلفزيون Suboro TV وهي قناة تلفزيونية تملكها وتديرها الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، ان عدد أتباع الرعية السريانية التي غادرت حلب خلال الأيام الثلاثة الأولى بعد سيطرة المعارضة على حلب غير معروف بالضبط، وأنه جرى الاحتفال الأحد الماضي بالقداس الإلهي في كنيسة حي السليمانية وكنيسة حي السريان القديمة، داعياً المسيحيين إلى البقاء في مدينتهم.
كما وجّه رؤساء الطوائف المسيحية وقادة الأفواج الكنسية بحلب من الأرثوذكس والكاثوليك والموارنة والفرانسيسكان، رسائل صوتية تتضمن أن الكنائس مفتوحة والقداديس مستمرة كالعادة، وأن هناك واقعاً جديداً يجب التعامل معه “بوعي وشجاعة وإيمان”. وأشاروا إلى مغادرة بعض المسيحيين حلب، وأوصوا بالبقاء “مع الآباء الكهنة لأن واجبنا أن نبقى مع رعيتنا وهذا ما قرره كل رؤساء الطوائف في حلب”. ودعوا إلى فتح المدارس والمستوصفات وكل المؤسسات، وأنه لا داعي للهلع والخوف.
أيضا وجّه متروبوليت أبرشية حلب والإسكندرون وتوابعهما للروم الأرثوذكس المطران أفرام معلولي رسالة طمأنة مطلع الشهر الحالي لأهالي حلب، أكد فيها بقاءه في المدينة، داعياً السكان إلى التحلي بالهدوء والصبر، معلناً استمرار الكنائس في استقبالها المصلين وكل من له حاجة.
وبينما كان للمسيحيين وجود قوي في حلب خلال القرون الماضية، وكان لهم خمسة من 16 نائباً في البرلمان عقب استقلال سورية في أربعينيات القرن الماضي، فقد شهدت السنوات التالية لقيام الثورة السورية عام 2011 تناقصاً ملحوظاً في عددهم بسبب الهجرة المرتبطة بالوضع الأمني واندلاع المعارك في المدينة، وهي هجرة شملت مجمل السكان من مختلف الطوائف. وتشير بعض التقديرات إلى أن عددهم اليوم يتراوح بين 20 و30 ألفاً بعد أن كان نحو 100 ألف قبل الثورة، من أصل 2 مليون نسمة حالياً، مقابل نحو 4 مليون قبل الحرب كانوا يقيمون في حلب.
وحول القصف الروسي لدير الفرانسيسكان الكاثوليكي في حلب مطلع الشهر الحالي، أفاد مصدر محلي لـ”العربي الجديد” بأن القصف كان لمقر سابق لحزب البعث في أسفل الدير، وكانت هناك دورية بجانبه من فصائل المعارضة مكلفة بحماية الدير. وعلى الرغم من الحذر في الأيام الأولى من سيطرة الفصائل على مدينة حلب، إلا أن الأحياء ذات الطابع المسيحي فيها مثل العزيزية والسليمانية والميدان، تواصل تحضيراتها لعيد الميلاد ورأس السنة، فيما تواظب الإدارة العسكرية للفصائل على القول إنها لا تتدخل في المعتقدات والطقوس الدينية لجميع السكان.
ورأى الباحث في مركز جسور للدراسات وائل علوان، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن هناك تغييرات عميقة أظهرتها هذه التطورات، وكانت ظهرت خلال العامين الأخيرين. وأضاف: “بعد وقف إطلاق النار عام 2020، دخلت هيئة تحرير الشام في تجربة الحكم المحلي، وكان هناك دور كبير للفواعل المحلية والخارجية في تعديل سلوك الهيئة، وإقناع الهيئة بالتوجه إلى المحلية”. ولفت إلى أنه “كان هناك حديث عن دور لقوى خارجية في تعديل سلوك الهيئة وإقناعها بالمحلية. وكان هناك دائماً حديث عن أن الهيئة فكت ارتباطها بتنظيم القاعدة اضطراراً، لكن بعد ذلك، ربما هي تبنت فعلياً ذلك اختياراً، والتوجه نحو المحلية، وتغيير طريقة تفكيرها”. واستدرك بالقول: “لا نقول اليوم إنها ليست تنظيماً سلفياً، وهي لا تزال تحافظ على جزء من بنيتها الفكرية، لكن كان هناك تعديل في جزء آخر، إضافة إلى تعديل كامل في السلوك”.
وأوضح علوان أن الهيئة “تتعمد اليوم إظهار هذا الاختلاف، مع توسع دورها في ممارسة سلطة الحكم، واقتراب الحل السياسي بنظرها، واستعداداً لاستحقاقات سياسية متوقعة، وهو ما دفعها لإعلان جاهزيتها للانخراط المرن في الحل السياسي، بدءا من حل نفسها كون الاسم مصنفا على لوائح الإرهاب، وأن تندمج ضمن المكون الذي يمكن أن تشكله المعارضة في المرحلة المقبلة”.
———————-
هروب جماعي لموالي الأسد من حمص والنظام السوري يحذر من “الذكاء الاصطناعي”/ عدنان أحمد
06 ديسمبر 2024
تشهد مدينة حمص، وسط سورية، التي من المتوقع أن تكون الهدف التالي لفصائل المعارضة السورية بعد سيطرتها، يوم الخميس، على مدينة حماة، موجة نزوح واسعة لأبناء الطائفة العلوية باتجاه الساحل السوري، برغم التطمينات التي اجتهدت قوى المعارضة، بشقيها العسكري والسياسي، في تقديمها لمختلف الطوائف في المدينة، فيما دعت “إدارة العمليات العسكرية” التابعة للمعارضة ضباط النظام السوري في حمص إلى الانشقاق فوراً، والتوجه إلى مدينة حماة.
وقالت الصحفية عائشة صبري، المتحدرة من مدينة حمص، لـ”العربي الجديد”، إن “هناك حركة هروب كبيرة من أحياء حمص الموالية للنظام (النزهة، والزهراء، وعكرمة، ودوار الفاخورة القريب من باب الدريب وباب السباع، وحي النازحين، ووادي الذهب وغيرها)”، مشيرة إلى أن غالبية الهاربين هم من الموالين لنظام بشار الأسد، وقد تسبب النزوح بازدحام مروري خانق خاصة عند جسر مصفاة حمص.
وأضافت صبري أنه سجلت أيضا حالات نزوح عائلات سنية من أحياء علوية خوفاً من عودة التصفية الطائفية مثل ما حصل في العام 2012 من مجازر طائفية، فيما التزم الشبان منازلهم خوفاً من لجوء سلطات النظام إلى التجنيد القسري لهم في صفوف قواتها.
قوات عراقية تراقب الوضع على مقربة من الأراضي السورية، 5 ديسمبر 2024 (فرانس برس)
تقارير عربية
اجتماع ثلاثي لوزراء خارجية العراق وإيران والنظام السوري في بغداد
من جهته، قال “المرصد السوري لحقوق الإنسان” إن مدينة حمص تشهد نزوحاً جماعياً لأبناء الطائفة العلوية رغم رسائل طمأنة من مقربين من قيادة “هيئة تحرير الشام” وصلت إلى المرصد السوري تجبر المقاتلين على الالتزام بالتعليمات الصارمة من القيادة العسكرية وعدم التعرض لأبناء الطائفة العلوية والأقليات من الديانات والمذاهب في حمص. وأوضح المرصد أن مقاتلي المعارضة دخلوا إلى مدينتي حماة والسلمية، وباتوا على أبواب الحدود الإدارية لمحافظة حمص، كانت هناك حركة نزوح قوية في ظل عدم الثقة بالقيادة العسكرية لقوات النظام التي تكبدت خسائر وهزائم كبيرة متلاحقة منذ الـ27 من الشهر الماضي.
ودخلت الفصائل المسلحة مدينة السلمية شرق مدينة حماة من دون قتال بعد اتفاق مع وجهاء المدينة و”المجلس الإسماعيلي”. ونقلت قوات النظام أكثر من 200 آلية عسكرية محملة بأسلحة وعتاد إلى مدينة حمص لتعزيز مواقعها في منطقة الوعر وقرب الكليات العسكرية، لكنها انسحبت من مدينة تلبيسة شمال مدينة حمص على طريق حمص-حماة،وأخلت مقارها، لتقصف بعد ذلك مباشرة أحياء مدينة تلبيسة بالمدفعية والصواريخ للمرة الأولى منذ سنوات.
كما قصفت طائرات روسية للمرة الخامسة جسر الرستن الذي يصل بين حماة وحمص، فيما استهدفت مسيرات “شاهين” التابعة للمعارضة تجمعات لقوات النظام في مدينة حمص. ووفق الصحافية صبري، فقد سيطر مقاتلو المعارضة المحليون على كتيبة الهندسة في منطقة الرستن شمالي حمص، وكتيبة الدفاع الجوي في دير فول، وكتيبة الدفاع الجوي في الغنطو، والفرقة 26 في تيرمعلة، وكلها مناطق في ريف حمص الشمالي. وقتل، ظهر الخميس، ثلاثة مدنيين في مدينة تلبيسة جراء قصف مدفعي لقوات النظام.
من جهتها، دعت “إدارة العمليات العسكرية” ضباط قوات النظام وقادة الفرق العسكرية إلى الانشقاق عن جيش النظام، والتوجه إلى مدينة حماة حفاظاً على أرواحهم، لأن المعركة باتت محسومة. وقال الناطق باسم “إدارة العمليات العسكرية” المقدم حسن عبد الغني: “إننا ندعو القطع العسكرية في حمص للانشقاق الجماعي والتوجه إلى مدينة حماة ولهم منا الأمان”. كما طمأن السفارات الأجنبية في دمشق بأن التغيير المنتظر في سورية لا يعني انهيار مؤسسات الدولة.
النظام يحذر من “الذكاء الاصطناعي”
إلى ذلك، أدلى وزير الدفاع لدى النظام السوري العماد علي محمود عباس ببيان مصور مساء الخميس، زعم فيه أن ما حدث في مدينة حماة “هو إجراء تكتيكي مؤقت، ما زالت قواتنا في محيط مدينة حماة وهي على أتم الجاهزية والاستعداد لتنفيذ واجباتها الوطنية”. وقال إن ما سماها “التنظيمات الإرهابية” قد تلجأ إلى “إصدار بيانات أو أوامر مزورة باسم القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة أو نشر تسجيلات صوتية أو مقاطع فيديو مفبركة بتقنية الذكاء الاصطناعي”، داعيا المدنيين والعسكريين إلى “الوعي بمخاطر هذه الحملة التضليلية وعدم تصديقها والالتزام بما ينشر عبر القنوات الوطنية الرسمية حصراً”. وقال ناشطون إن النظام يتخوف على ما يبدو من أن يُقلَّد صوت أحد المذيعين في تلفزيون النظام الرسمي وهو يعلن عن استقالة رئيس النظام بشار الأسد ومغادرته البلاد.
فرار ضباط النظام من درعا
في الأثناء، فرّ عدد من الضباط والقيادات الأمنية التابعة للنظام السوري من محافظة درعا، جنوبي سورية، باتجاه العاصمة دمشق. وأشار “تجمع أحرار حوران” المحلي إلى هروب عدد من القيادات الأمنية التابعة للنظام من محافظة درعا، بينهم رئيس شعبة الأمن العسكري في مدينة نوى المدعو أبو علي فواز. ووفق التجمع، فقد شهدت الأيام الماضية إخلاء تدريجياً لمساكن الضباط من عائلاتهم على دفعات، كان آخرها مساكن الصنمين التي توجهت منها عائلات الضباط نحو دمشق.
غارات للتحالف شرقي سورية
وفي شرق سورية، استهدف طيران التحالف الدولي سيارة تابعة للمليشيات الإيرانية محملة بالأسلحة والذخائر في قرية زغير شامية غرب دير الزور، فيما استهدف مجهولون بالأسلحة الرشاشة سيارة محملة بالذخيرة لقوات النظام في بلدة الخريطة غرب دير الزور، ما أدى إلى تدميرها.
من جهتها، أعلنت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) أنها اتخذت تدابير فعّالة لصد أي محاولة من تنظيم “داعش” الإرهابي للتمدد باتجاه مناطق سيطرتها بعد أن انتزع العديد من المواقع الاستراتيجية من قوات النظام السوري. وقال المركز الإعلامي لـ”قسد” إن عناصر التنظيم سيطروا على مساحات واسعة من باديتي حمص ودير الزور، ويحاولون مواصلة تمددهم إلى مناطق أخرى غير محمية”. وأضاف: “اتخذت قوّاتنا تدابير واسعة ومحكمة وستتدخل بشكل فعّال لصد أي محاولة تمدد لداعش باتجاه مناطقنا ومنع تكرار سيناريو عام 2014″، وفق تعبيره.
—————————–
الخارجية الأميركية: على إيران وقف أنشطتها المزعزعة للاستقرار داخل سوريا
2024.12.06
طالبت وزارة الخارجية الأميركية إيران بوقف أنشطتها “المزعزعة للاستقرار” داخل سوريا، مشددة على أن الوقت حان للعودة إلى عملية سياسية جادة تيسرها الأمم المتحدة.
وخلال إحاطته الصحفية، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، فيدانت باتل، إن إيران “كانت ولا تزال أحد أكبر مصدري الإرهاب وعدم الاستقرار منذ العام 1979″، مضيفاً “نريد أن نرى إيران توقف أنشطتها المزعزعة للاستقرار داخل سوريا وفي المنطقة الأوسع نطاقاً”.
وذكر المسؤول الأميركي أن “المفتاح لتحقيق ذلك، على الأقل في سياق سوريا، هو عملية سياسية تيسرها الأمم المتحدة، وتتفق مع قرار مجلس الأمن رقم 2254”.
حان الوقت لعملية سياسية جادة
وتعليقاً على سيطرة فصائل المعارضة السورية على مدينة حماة، قال باتل إن “التأثير الإنساني هو أحد الأمور التي تشغل بالنا خلال هذه الأحداث”، مضيفاً أن الولايات المتحدة وشركائها تدعو إلى حماية المدنيين، بما في ذلك الأقليات.
وأضاف أنه “ليس لدي تقييمات محددة لتحديثات سير المعارك، لكن كل ذلك لا يزال يعكس أن الوقت قد حان الآن للعودة إلى عملية سياسية جادة، تيسرها الأمم المتحدة”، موضحاً أن “الرفض المستمر للانخراط في هذه العملية أدى بشكل مباشر إلى الأحداث التي نشهدها”.
وأشار المتحدث باسم الخارجية الأميركية إلى أن “الأحداث التصعيدية على مدى الساعات الـ 72 الماضية تثبت أن الطريقة الوحيدة لإنهاء هذا الصراع حقاً مرة واحدة وإلى الأبد هي من خلال تسوية سياسية شاملة متوافقة مع قرار مجلس الأمن 2254”.
—————————–
مقتدى الصدر يدعو الحكومة العراقية والقوات الأمنية لعدم التدخل في الشأن السوري
2024.12.06
دعا زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، الحكومة العراقية والقوات الأمنية والميليشيات لعدم التدخل في الشأن السوري، مؤكداً على ضرورة “عدم الوقوف ضد قرارات الشعب السوري”.
وفي بيان له، قال الصدر إنه “نراقب الوضع في الجارة العزيزة سوريا بدقة، ولا نملك لشعبها الحر الأبي بكل طوائفه إلا الدعاء، عسى الله أن يدفع عنهم البلاء والإرهاب والتشدد والظلم والظلام والطائفية والتدخلات الخارجية”.
وأكد الصدر “نحن ما زلنا على موقفنا من عدم التدخل بالشأن السوري، وعدم الوقوف ضد قرارات الشعب، فهو المعني الوحيد بتقرير مصيره”.
وشدد زعم التيار الصدري على الحكومة العراقية وشعبها وكل الجهات والميليشيات والقوات الأمنية “عدم التدخل في الشأن السوري، كما كان ديدن بعضهم سابقاً”، مطالباً الحكومة العراقية بـ”منعهم من ذلك، ومعاقبة كل من يخرق الأمن السلمي والعقائدي في العراق”.
pic.twitter.com/QFHOvSab68
— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr)
December 5, 2024
الجولاني يحث العراق على تجنب التدخل العسكري في سوريا
وفي وقت سابق، دعا قائد “هيئة تحرير الشام”، أبو محمد الجولاني، رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى النأي بالعراق عن الصراع في سوريا، محذراً من إرسال قوات “الحشد الشعبي” لدعم النظام السوري.
وقال الجولاني، في رسالة مصورة وجهها إلى السوداني: “كما نأى العراق بنفسه عن الحرب بين إيران والمنطقة، فإننا نشد على يده أن ينأى بالعراق عن الدخول في حرب جديدة في سوريا، حيث يدافع الشعب السوري عن نفسه ضد نظام مجرم.”
وأشار الجولاني إلى تطلعه لعلاقات استراتيجية واقتصادية واجتماعية بين العراق وسوريا “ما بعد زوال النظام”، داعياً السياسيين العراقيين إلى منع “هذه المهاترات”، في إشارة إلى دعم عسكري محتمل للنظام السوري.
مطالب الأسد وتباين المواقف العراقية
ويأتي ذلك في وقت طلب فيه رئيس النظام السوري بشار الأسد دعماً عسكرياً من العراق خلال اتصال هاتفي مع السوداني، بحسب مصادر عراقية مطلعة، التي أكدت أن الأسد يسعى إلى منع تقدم فصائل المعارضة السورية والسيطرة على مناطق إضافية.
وأوضحت مصادر برلمانية عراقية وجود انقسامات داخل التحالف الحاكم (الإطار التنسيقي) حول تقديم هذا الدعم، إذ يدفع الجناح المقرب من إيران، بقيادة نوري المالكي وقيس الخزعلي وهادي العامري، نحو تقديم دعم عسكري للنظام.
وسبق ذلك أن أفاد مكتب رئيس الوزراء العراقي أن السوداني أبلغ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن العراق لن يقف مكتوف الأيدي أمام “التداعيات في سوريا”، مشيراً إلى مخاوف من تطهير عرقي لمكونات في البلاد، بحسب تعبيره.
—————————
روسيا: دعوات إلى الحسم في أوكرانيا لتجنب مصير حلب السورية/ رامي القليوبي
6 ديسمبر 2024
أثار تقدّم فصائل المعارضة في سورية تفاعلاً واسعاً بين المدونين والكتّاب الداعمين للحرب الروسية في أوكرانيا الذين رأوا في سقوط حلب وغيره من التطورات الميدانية نتيجةً لما اعتبروه تجميد الحرب الأهلية في سورية منذ عام 2020 مع الإبقاء على وجود الفصائل في محافظة إدلب، داعين إلى عدم تكرار السيناريو ذاته عبر القبول بـ”حلول وسط” من أجل وقف النزاع في أوكرانيا بلا تسوية نهائية.
وكتب المدون الحربي أوكراني الأصل الموالي لروسيا، يوري بودولياكا، البالغ عدد متابعي قناته على “تليغرام” أكثر من 3 ملايين، اليوم الخميس، أن “النظام النازي في كييف بأمسّ الحاجة إلى الاستراحة لبضع سنوات يستجمع خلالها قواه ويكون مستعداً للحرب من جديد”. وذكّر بودولياكا بأن “تركيا أصرت قبل بضع سنوات على أن ترحم روسيا والأسد المسلحين في إدلب مع وعود بسلام مستديم”، متهماً أنقرة بإعادة تسليحهم واستغلال انشغال روسيا وإيران عن سورية ونسيان جميع الاتفاقات.
وشدد على ضرورة “تفكيك” أعمدة الدولة الأوكرانية كافة بصورتها الحالية من أجل تحقيق السلام الدائم، لا هدنة “حتى المرة المقبلة” التي سترى فيها الولايات المتحدة أو بريطانيا أنه حان وقت للانتقام. وبدورها، نشرت صحيفة فزغلياد الإلكترونية الموالية للكرملين أمس الأربعاء، مقالاً بعنوان “ثلاثة أهم دروس لروسيا من سقوط حلب”، ذكرت فيه مجموعة من العوامل لنجاح من قالت إنهم “إرهابيون موالون لتركيا” في حلب، بما فيها ضعف الحكومة السورية وانشغال روسيا بحربها في أوكرانيا والقناعة بتردد طهران وصعوبة وضع حزب الله اللبناني بعد النزاع مع إسرائيل.
واعتبر كاتب المقال أن الأهم بالنسبة إلى روسيا ليس تحرير حلب مرة أخرى بقدر ما هو استخلاص عدد من الدروس الهامة من نجاح المسلحين، وعلى رأسها درس مفاده أن “تجميد الحرب لا يؤدي إلى نصر”، بل إلى “إعادة تسليح وتجهيز عدو على شفا هزيمة حتى يصطادك في اللحظة المناسبة”. أما الدرس الثاني، وفق الصحيفة، فهو أن “الإرادة السياسية قد تكون أهم من الاعتبارات الظرفية” التي اختارها النظام السوري، محذرة من وقوع روسيا في موقف مماثل ما لم تبدِ إرادة لإرغام الغرب على قبول جميع شروطها حتى لا يعود ما تبقى من أوكرانيا تحت سيطرة كييف يشكل تهديداً لموسكو.
عنصران من الفصائل المسلحة في حلب، 1 ديسمبر 2024 (كرم المصري/Getty)
في المقابل، أبدى مستشرقون روس درجة أكبر من الاتزان عند تناولهم الأحداث الدراماتيكية في سورية من دون ربطها بأوكرانيا ربطاً مباشراً، إذ أقرّ كبير الباحثين بمركز دراسات الشرق الأوسط بمعهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، نيقولاي سوخوف، بأن سيطرة “هيئة تحرير الشام” المصنفة في روسيا منظمة إرهابية على حلب، كشفت “تنامي أزمة الدولة السورية بجوانبها العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية”.
وفي مقال بعنوان “سقوط حلب وصورة سورية البديلة” نُشر في موقع مجلة روسيا في السياسة العالمية أول أمس الثلاثاء، اعتبر سوخوف أن “هيئة تحرير الشام أثبتت مكانتها قوةً معارضة رائدة بسيطرتها على ثاني أهم مدينة سورية، حلب”، جازماً بأن الواقعة “تشكل ضربة للهيبة السياسية والعسكرية لحكومة بشار الأسد” وتنسف ثقة السكان والحلفاء الدوليين فيها. وأقرّ بأن عجز روسيا عن منع سقوط حلب رغم شنها ضربات جوية مكثفة “يظهر شحّ مواردها، ولا سيما على خلفية أعمال القتال في أوكرانيا”، موضحاً أن إيران تواجه هي الأخرى تراجعاً لمواقعها على إثر زيادة الصعوبات في إيصال الإمدادات إلى وكلائها، بمن فيهم حزب الله، بعد خسارة حلب.
وكان رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط، الأستاذ الزائر في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، مراد صادق زاده، قد رأى هو الآخر في حديث لـ”العربي الجديد” مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، أن الوضع الراهن ناجم عن تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في سورية التي تستنزفها العقوبات الأميركية، مجتمعاً مع انشغال الداعمين الخارجيين الرئيسيين، موسكو وطهران، بمواجهتيهما في أوكرانيا والشرق الأوسط على التوالي.
—————————
المال مقابل القتال.. مخلوف يحشد مؤيدي النظام
طالب رجال الأعمال السوري رامي مخلوف، وهو قريب رئيس النظام السوري، بشار الأسد، مؤيدي النظام بالوقوف إلى جانب سهيل الحسن الملقب بـ”النمر” في المعارك ضد قوات المعارضة، مشيرًا إلى دعمه العمليات العسكرية بمبلغ مالي.
مخلوف قال في تسجيل مصور نشره عبر صفحته في “فيس بوك”، الجمعة 6 من كانون الأول، إن على مؤيدي النظام الانضمام إلى سهيل الحسن لأنه “الأقدر” على التعامل مع هجوم المعارضة.
سهيل الحسن، من أشهر قادة قوات النظام الذين شاركوا بعمليات عسكرية ضد قوات المعارضة، وارتكب إلى جانب قواته العديد من المجازر بحق السوريين.
كان الحسن يقود “الفرقة 25″ قوات خاصة المعروفة سابقًا بـ”قوات النمر”، وهي معروفة باستخدام أسلوب القصف المكثف (الأرض المحروقة) قبل تقدمها إلى أي قرية أو بلدة، وتحظى بدعم من روسيا.
وتواردت أنباء في نيسان الماضي عن تعيينه قائدًا لـ”القوات الخاصة” في جيش النظام إلا أن قرار تعيينه لم ينشر للتحقق من ذلك.
وخلال تقدم فصائل المعارضة، سيطرت على “مدرسة المجنزرات” شمال حماة، وهي معقل رئيسي لـ”الفرقة 25″، ومركز تدريبات لها.
50 مليار ليرة
قال مخلوف إنه جاهز لتقديم 50 مليار ليرة سورية “إن سُمح له”، لدعم العمليات العسكرية خلال صد تقدم المعارضة، واشترط أن يعطيها لسهيل الحسن و”يوزعها بمعرفته وأن الحسن يعرف كيف يتصل به”، وفق قول مخلوف.
50 مليار ليرة سورية تعادل نحو 2.63 مليون دولار أمريكي بسعر صرف اليوم 17500 ليرة مقابل دولار واحد للشراء و19000 للمبيع، بحسب موقع “الليرة اليوم” المختص بسعر العملات.
وتحدث مخلوف عما سماه منظومات فككت المنظومات الرديفة والداعمة لقوات النظام منذ خمس سنوات.
وكان مخلوف يموّل مجموعات رديفة لقوات النظام ومنحًا ومساعدات للجرحى، من خلال “جمعية البستان الخيرية”، التي تعد واجهة إنسانية له.
ورغم تصنيف “جمعية البستان” بأنها جمعية إغاثية، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات عليها، في 2017، كونها تدعم أبرز الميليشيات المحلية الموالية للنظام.
الجمعية سيطرت عليها لاحقًا أسماء الأسد، وذلك في إطار توغلها في أملاك مخلوف في سوريا، وأطلقت عليها اسمًا جديدًا هو “مؤسسة العرين”.
عام 2020 خرج مخلوف بعدة تسجيلات مصورة على صفحته في “فيس بوك”، اعتاد تحدث فيها بصيغة الدفاع عن الفقراء والمساكين ليوجه رسائل إلى خصومه، كما دافع عن عائلته بما يخص سيطرتها على الاقتصاد السوري ونهب النفط.
المعارضة القدم
فجر 27 من تشرين الثاني الماضي، أطلقت الفصائل عملية عسكرية سمّتها “ردع العدوان”، ردًا على قصف قوات النظام المتكرر لمناطق شمال غربي سوريا، وقالت إن هدفها توسيع “المناطق الآمنة” تمهيدًا لعودة المهجرين والنازحين إليها.
الفصائل سيطرت على حلب وإدلب ومدينة حماة، وحاليًا تتوجه إلى حمص.
ويعاني النظام السوري من نقص في القدرات البشرية خلال المعارك، وسط دعوات للتطوع بمقابل مالي، أو تجنيد إجباري.
————————————
سجال أميركي روسي بمجلس الأمن بشأن برنامج الأسلحة الكيميائية في سورية/ ابتسام عازم
06 ديسمبر 2024
شهد اجتماع مجلس الأمن الدولي، مجدداً، احتدام الجدل بين كل من ممثلي الولايات المتحدة وروسيا، وجاء ذلك خلال اجتماع دوري عقده المجلس، مساء الخميس، للاستماع لإحاطة أممية حول تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2118 (2013) المتعلق بالقضاء على برنامج الأسلحة الكيميائية السوري. وترأس الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي لهذا الشهر. وهذه ليست المرة الأولى التي يحتدم فيها الجدل بين ممثلي البلدين حول مواضيع مختلفة من بينها سورية وغزة وأوكرانيا، إلا أن حدته زادت خلال الأيام الأخيرة.
وتتهم روسيا الولايات المتحدة باستغلال رئاستها لمجلس الأمن هذا الشهر بانتهاك النظام الداخلي لعمل مجلس الأمن بسبب دعوة الجانب الأميركي لمقدمي إحاطات من منظمات مجتمع مدني، ترى روسيا أنها غير محايدة ولها أجندة غربية أو أميركية. وكان المجلس قد شهد جدلاً مشابهاً، في السياق السوري، بداية الأسبوع، عندما اعترضت روسيا وخلال جلسة الثلاثاء الماضي، لنقاش تطورات الوضع على الساحة السورية، حول دعوة الولايات المتحدة لرئيس منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، رائد الصالح، كي يقدم إحاطته أمام المجلس خلال تلك الجلسة.
أما الاعتراض في جلسة اليوم فجاء على تقديم المدير العام لمركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سورية، نضال شيخاني. وقال نائب السفير الروسي، ديمتري بوليانسكي، في مستهل الجلسة “لم يبلغ أعضاء المجلس بمقدم الإحاطة، ومما شك فيه أنه سيعمل على الدفع بخطة وأجندات الإدارة الأميركية ويلتزم بها”.
روسيا تتهم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بـ”التواطؤ مع الغرب”
من جهتها، أكدت إيزومي ناكاميتسو ممثلة الأمم المتحدة السامية لشؤون نزع السلاح عن قلقها حول تدهور الأوضاع الأمنية في سورية. وشددت على ضرورة خفض التصعيد واحترام جميع الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية في سورية. وتحدثت عن عقد الجولة الثامنة والعشرين من المشاورات بين “فريق التحقيق والهيئة الوطنية السورية في الفترة ما بين 10 و18 سبتمبر/ أيلول 2024، بعد تأجيل مستمر أبلغنا عنه في اجتماعات سابقة”. وأشارت إلى أن فريق التحقيق وخلال ذلك الاجتماع “ناقش وضع القضايا العالقة… ويواصل فريق التحقيق تحليل المعلومات التي قدمتها الهيئة الوطنية السورية، والمقابلات، والشروحات التي قدمها الخبراء السوريون”.
وشددت ناكاميتسو على أن الفريق المختص مستمر في التحقيق في القضايا العالقة. وأضافت “أنه وكما ورد في تقارير سابقة ما زال هناك 19 مسألة عالقة، ويشمل ذلك مسألتين عالقتين افتتح التحقيق حولها مؤخراً وتتعلقان بالتطوير المحتمل لأسلحة كيميائية وإنتاجها على نطاق واسع، لم يبلغ عنها بعد وذلك في منشأتين معلنتين للأسلحة الكيميائية، سبق أن أعلن عن عدم تشغيلهما قط”.
وشرحت المسؤولة الأممية أن “الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية تشير إلى أن القضايا الـ19 العالقة تثير بالغ القلق لأن الأمر يتعلق بكميات كبيرة من العوامل الكيميائية الحربية والذخيرة التي ورد أنه تم تدميرها أو استهلاكها بطريقة أخرى قبل انضمام سورية إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، والتي لا يمكن للمنظمة التحقق من مصيرها بشكل كامل”. وتابعت القول: “كما يشمل ذلك كميات كبيرة محتملة من المواد الكيميائية الحربية، التي لم تعلن سورية عن إنتاجها للأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية”.
وأشارت كذلك إلى “الجولة الحادية عشرة من عمليات التفتيش لمنشأتي برزة وجمرة التابعتين لمركز الدراسات والبحوث العملية جرت في الفترة من 12 إلى 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، بعد تأجيلها من سبتمبر/ أيلول لأسباب أمنية. وستقدم الأمانة تقريرها حول ذلك في الوقت المناسب. وتخطط الأمانة لجولتها الثانية عشرة من عمليات التفتيش قبل نهاية العام”.
إلى ذلك، كرر نائب المندوب الروسي، ديمتري بوليانسكي، اتهامات بلاده لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالانحياز وتنفيذ “أجندة الدول الغربية والأميركية ودعم مواقفها التي تدعي فشل سورية الالتزام بواجباتها وفقاً لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية… وتتجاهل المساعدة التي تقدمها دمشق والتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.” ووجه انتقادات شديدة للإدارة الأميركية واتهمها بالأكاذيب كما اتهم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالتواطؤ مع الدول الغربية. وادعى المندوب الروسي أنّ الأدلة التي قدمتها المنظمة في عدد من الحالات، بما فيها دوما، “مفبركة”.
رد أميركي على اتهامات روسيا: أكاذيب ومراوغات
ومن جهته، رد نائب المندوبة الأميركية، روبرت وود، على المندوب الروسي قائلاً إنّ “بيان المندوب الروسي هذا الصباح لهو بمثابة لحظة حزينة في المجلس”. وأضاف: “لم نسمع سوى الأكاذيب والمراوغات المرضية والهجمات الشخصية… وهو نهج روسي متبع يتمثل بإلقاء اللوم على الآخرين والسخرية من مهنية الآليات الدولية وموظفيها – ثم الادعاء بأن النتائج التي تخلص إليها هذه الهيئات الدولية غير شرعية. ثم التصريح بأن أي دليل مستقبلي على استخدام الأسلحة الكيميائية لا ينبغي الوثوق به، بسبب طبيعته السياسية”.
وتحدث الدبلوماسي الأميركي عن الوضع الحالي في سورية، وقال “تراقب الولايات المتحدة عن كثب الوضع في حلب وإدلب، وهي على اتصال بشركائها على الأرض. وقد اطلعنا على بعض التقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان، ونأمل أن يُحاسب هؤلاء الذين يسيطرون الآن على حلب وإدلب، مرتكبي هذه الانتهاكات ويعززوا العدل والحقوق المتساوية والوصول إلى الموارد. إن الاختبار الحاسم لأي حكومة هو الطريقة التي تتعامل بها مع الفئات الأكثر ضعفاً”.
وأضاف وود أنّ “الأحداث الجارية حالياً في سورية تذكرنا بأهمية الاجتماعات المنتظمة التي يعقدها المجلس بشأن الأسلحة الكيميائية السورية واستمرار تطبيق القرارين 2118 و2254”. وذكر المندوب الأميركي الدول الأعضاء باستخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية في الماضي في تسع حالات، وهو ما خلصت إليه تحقيقات منظمة حظر الأسلحة والآلية المشتركة.
وقال “في أوضاع مشابهة لما نواجهه اليوم، وعندما كان يشعر نظام الأسد بالخطر الأكبر ــ وهذا أمر مهم ــ استخدم النظام في السابق الأسلحة الكيميائية ضد شعبه”. ودعا المندوب الأميركي “جميع الدول الأعضاء إلى تنفيذ، دون تأخير، التدابير التي أوصى بها قرار مؤتمر الدول الأطراف في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عام 2023، بما في ذلك التدابير الرامية إلى منع نقل بعض المواد الكيميائية والمعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى سورية”.
——————————
المعارضة السورية تستهدف الجيش بين حماة وحمص وغارات روسية على جسر الرستن
6/12/2024
قالت غرفة إدارة العمليات العسكرية للمعارضة السورية المسلحة إن قواتها استهدفت ما وصفتها بفلول الجيش على الطريق بين مدينة حماة وحمص، بعد ساعات من فرض سيطرتها الكاملة على مدينة حماة وسط البلاد.
يأتي هذا التطور بعد أن أبدت المعارضة المسلحة عزمها التوجه من حماة إلى حمص، وأعلنت سيطرتها على قرية معرزاف شمال غرب مدينة حماة.
وأفادت مواقع موالية للمعارضة السورية بأن الطيران الحربي الروسي شن الليلة ما لا يقل عن 9 غارات على جسر الرستن بريف حمص الشمالي. وقالت إن الهدف من ذلك هو فصل مدينة حمص عن ريفها الشمالي المتاخم لمحافظة حماة لمنع تقدم الفصائل.
يأتي هذا التطور في حين حثت المعارضة المسلحة الوحدات العسكرية التابعة للجيش السوري في حمص على الانشقاق الجماعي والتوجه نحو حماة.
وقال المتحدث باسم غرفة العمليات العسكرية التابعة للمعارضة السورية المسلحة حسن عبد الغني عبر تطبيق تليغرام، إنه ستكون هناك في الأيام المقبلة “مفاجآت” ومحاور جديدة في ميدان المعركة، وأضاف أن “حمص تترقب قدوم قواتنا”.
في هذه الأثناء بث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تُظهر ما قالوا إنها حركة نزوح كبيرة من مدينة حمص وسط سوريا إلى طرطوس في الساحل السوري. وأظهرت الصور طوابير طويلة من السيارات على الطريق المؤدي من مدينة حمص إلى مدينة طرطوس.
تعزيزات للجيش
من جهته قال مراسل الجزيرة محمد الجزائري إن الجيش السوري يستقدم تعزيزات من حمص وطرطوس واللاذقية إلى أطراف مدينة حماة.
وأضاف الجزائري أن الجيش يحاول تشكيل خطوط دفاع جديدة لصد محاولات المعارضة المسلحة للتقدم من حماة باتجاه ريف حمص الشمالي.
وفي ما يتعلق بالوضع في مدينة الرستن بريف حمص الشمالي، أوضح مراسل الجزيرة أن مقاتلين معارضين من أبناء المدينة هاجموا مواقع للجيش السوري، في محاولة لتمهيد الطريق أمام تقدم الفصائل باتجاه الريف الشمالي.
السيطرة على حماة
تأتي هذه التطورات بعد ساعات من إعلان المعارضة السورية السيطرة على مدينة حماة بالكامل، بعد أن أكملت عمليات التمشيط فيها بنجاح، على حد قولها.
وأفادت إدارة العمليات العسكرية لعمليات المعارضة السورية المسلحة بأنها انتهت من تمشيط جبل زين العابدين، وبلدة قمحانة، ومطار حماة العسكري، وجميع الجيوب داخل مدينة حماة.
وقالت المعارضة إنها أطلقت سراح نزلاء السجن المركزي، وبثت صورا تظهر ذلك، كما نشرت المعارضة السورية المسلحة صورا لمقاتليها من داخل مبنى المحافظة في مدينة حماة.
ورصد مراسل الجزيرة وصول مقاتلي المعارضة إلى ساحة العاصي وسط مدينة حماة، وإطلاقهم النيران في الهواء احتفالا بالسيطرة على المدينة.
وقال القائد في إدارة العمليات العسكرية بالمعارضة السورية أحمد الشرع، الملقب بالجولاني، إن مقاتلي المعارضة بدؤوا دخول مدينة حماة، وأضاف الشرع، في كلمة، أن ما وصفه بـ”فتح مدينة حماة” لا ثأر فيه، حسب تعبيره
بيانات الجيش
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع السورية أن قواتها نفذت إعادة انتشار وتموضع خارج مدينة حماة، حفاظا على أرواح المدنيين من أهالي المدينة وعدم الزج بهم في المعارك.
وقالت الوزارة إنها ستواصل القيام بواجبها الوطني في استعادة المناطق التي دخلتها التنظيمات الإرهابية، حسب تعبيرها.
كما ذكر بيان وزارة الدفاع أن عددا من جنودها قتلوا خلال مواجهات مع ما وصفتها بالتنظيمات الإرهابية التي هاجمت مدينة حماة من عدة محاور، وبأعداد ضخمة مستخدمة كل الوسائط والعتاد العسكري، ومستعينة بالمجموعات الانغماسية، حسب تعبيرها.
وتحدثت تقارير إعلامية عن “انسحاب أكثر من 200 آلية عسكرية” للجيش باتجاه مدينة حمص، إضافة إلى انسحاب الجيش من مدينتي السلمية في ريف حماة وتلبيسة في ريف حمص.
من جانب آخر، نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر عسكري قوله إن الدفاع الجوي تصدى لطائرات مسيرة معادية في أجواء دمشق، وأسقط طائرتين.
وقال وزير الدفاع السوري علي محمود عباس، في خطاب متلفز مساء الخميس، إن قوات الجيش في وضع ميداني جيد و”ما زالت في محيط مدينة حماة”، مؤكدا أنّ ما حصل هو “إعادة تموضع وانتشار وإجراء تكتيكي مؤقت”.
وأضاف الوزير السوري أن قواته تخوض معركة شرسة ومستمرة مع ما وصفها بأعتى التنظيمات الإرهابية التي تستخدم أسلوب العصابات.
ومنذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تخوض المعارضة السورية اشتباكات مع قوات النظام بعدة مناطق في البلاد، وتمكنت من السيطرة على مدينة حلب، كما بسطت سيطرتها على محافظة إدلب.
نفي أميركي
وفي سياق متصل، نفت وزارة الدفاع الأميركي (البنتاغون) تقديم دعم لقوات سوريا الديمقراطية شرق الفرات.
وقالت الوزارة “نراقب عن كثب الوضع في شمال شرق سوريا وقواتنا لا تلعب أي دور في العمليات هناك. قواتنا لم تقدم دعما لقوات سوريا الديمقراطية في هجومها على مواقع الجيش السوري شرق الفرات”.
المصدر : الجزيرة + وكالات
——————————–
ديلي تلغراف: كل الزخم يسير ضد الأسد.. وكلما تقدمت المعارضة زادت فرص انهيار نظامه/ إبراهيم درويش
6 كانون الأول 2024
نشرت صحيفة “ديلي تلغراف” مقالا لتوماس فان لينغ، المراسل الصحافي للنزاعات، والباحث المقيم في أمستردام بهولندا، قال فيه إن نظام بشار الأسد لن ينجو إذا استمرت المعارضة المسلحة بالتقدم. وأضاف أن سوريا أصبحت مقسمة الآن، وبيد المعارضة المتنوعة والمنظمة الزخم.
فعندما سيطرت المعارضة على مدينة حلب نهاية الأسبوع الماضي، أرسلت هزات أرضية داخل النظام السوري، وقد أصبحت الآن زالزالا.
ورأى المراقبون أن سيطرة المعارضة على مدينة حماة التي تبعد 80 ميلا عن حلب ستكون خطوة بعيدة المنال، حيث ستمنح الخسارة في حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا، جيش النظام الفرصة لاستعادة المبادرة وتجميع صفوفه.
وأمس الخميس، لم تقتحم المعارضة مدينة حلب فحسب، وبدون قتال إلى حد كبير، بل صور المقاتلون أنفسهم وهم يتجولون حول قصر المحافظ المكسو بالرخام.
وبعد خسارة حلب، سارع النظام إلى إقامة دفاع حول حماة، التي تشكل مفترقا لعدد من الطرق السريعة الاستراتيجية في جميع أنحاء البلاد. وتبلغ أهمية المدينة بالنسبة للأسد حدا لم يسمح له بالقتال من أجلها خلال الحرب الأهلية في الفترة من 2011 إلى 2016. فقد أدركت قوات المعارضة أنها لن تضيع سوى الرجال في مواجهة الدفاعات المحصنة بشدة.
ويقول الكاتب إن المعارضة المسلحة وعلى مدى أيام، وجّهت ضربة قاسية للرئيس السوري لم يحلم بها أحد. ومع السيطرة على حماة، أصبح الطريق مفتوحا إلى حمص.
ففي عام 2011، دعا المتظاهرون في المدينة إلى إسقاط الأسد، مما أشعل شرارة القمع الوحشي الذي تحول إلى حرب شاملة. وإذا اتجهت المعارضة جنوبا، فمن المرجح أن تكون المرحلة التالية من العملية العسكرية لهم هي الأكثر تحديا.
وتعمل حمص كحلقة وصل بين العاصمة دمشق ومعقل الموالين للأسد على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
وفي يوم الخميس، لوحت هيئة تحرير الشام، الجماعة الجهادية التي تقود العملية، بغصن زيتون للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، ووعدت بحماية الأقلية ودعت العلويين إلى الانقلاب على النظام.
ويعلق الكاتب أن التقدم للمعارضة خاصة هيئة تحرير الشام، هي علامة على التطور الذي مرت به من حركة جهادية إلى لاعب دبلوماسي ذكي في السياسة الوطنية السورية.
وأكد زعيم الهيئة أبو محمد الجولاني -الذي وضعت الولايات المتحدة جائزة بـ10 ملايين دولار لمن يعطي معلومات عنه أو يساعد في قتله أو اعتقاله- للأكراد والمسيحيين وغيرهم من الأقليات في سوريا، أنهم لن يتعرضوا للقمع أو الأذى مع تقدم مقاتليه.
وتشير التقارير إلى أن الجولاني يفكر في التخلي عن اسم “هيئة تحرير الشام” وتحويلها إلى قوة وطنية أكثر شمولا، كما تخلى عن الزي الديني بالثوب والعمامة، وبات يرتدي الزي العسكري مثل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وقام الجولاني في السنوات الأربع الماضية، بتدريب جنوده وتجهيزهم إلى المستوى الذي يتفوقون فيه الآن في كثير من الأحيان على قوات الأسد. ولدى هيئة تحرير الشام ضباط وقوات خاصة ووحدات ليلية، وقوة مسيرات. كما قامت بتصنيع صواريخ محلية على قاعدة واسعة.
وفي الوقت نفسه، فإن جنود الأسد يعانون من انهيار الروح المعنوية ويفتقرون إلى الدعم الذي اعتمدوا عليه من روسيا وإيران. وهذا الأسبوع، أمر الأسد بزيادة رواتب الجيش بنسبة 50% في محاولة يائسة لإعادة بعض القوة إلى مقاتليه.
وفي دمشق، فالمزاج متوتر، حيث تقوم وحدات النخبة من الفرقة الرابعة في الجيش بدوريات في المدينة. في حين يتم حماية الرئيس والمؤسسات الرئيسية من قبل الحرس الجمهوري. وتنتشر في بعض الأحياء الجنوبية من العاصمة، الميليشيات المدعومة من إيران.
وإذا تقدم المتمردون واستولوا على حمص، فإن موقف الأسد سيصبح غير قابل للدفاع عنه. وبمرور الوقت، فإن حكم عائلته الذي دام 54 عاما سينتهي بالتأكيد.
وربما يقرر مقاتلو المعارضة طريقا آخر ويتوجهون غربا باتجاه القواعد العسكرية الروسية، مثل القاعدة البحرية في طرطوس، وقاعدة حميميم الجوية. وربما يتحركون شرقا لتأمين حقول النفط والغاز الحيوية في البلاد، وبالتالي حرمان النظام من مصادر رئيسية للإيرادات. ولكنهم في نهاية المطاف سيتجهون نحو حمص.
وأيا كان قرارهم، فإن الأسد سيجد صعوبة في القضاء على المعارضة المسلحة وإخراجها من المواقع التي تسيطر عليها. وعلى مدى أسبوع، خسر النظام ست قواعد سكرية في إدلب وحماة وحلب. وهو ما سيحد من قدرة القوات السورية والروسية على ضرب مواقع المعارضة في الشمال.
وخسر جيش النظام السوري ثلث معداته العسكرية. وفي الماضي، كانت سوريا مفككة، ولكنها أصبحت الآن منقسمة وكل الزخم ضد الأسد، وفق ما يقول الكاتب.
————————–
إسرائيل تخشى سقوط نظام الأسد وتستعد لـ”الانهيار السريع” لجيشه
القدس: قالت هيئة البث الإسرائيلية إن تل أبيب تخشى سقوط نظام بشار الأسد، وإنها تستعد لكل التداعيات، بما فيها وقوع أسلحة إستراتيجية في أيدي المعارضة السورية.
وأضافت الهيئة (رسمية)، الجمعة، أن “إسرائيل تتابع بقلق تَقدّم فصائل المعارضة في سوريا” واندحار قوات النظام.
منذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تخوض فصائل المعارضة السورية اشتباكات مع قوات النظام، وفي 29 نوفمبر دخلت مدينة حلب، وفي اليوم التالي بسطت سيطرتها على محافظة إدلب، قبل أن تسيطر، الخميس، على مدينة حماة.
وقالت القناة 13 الإسرائيلية، الجمعة، إن مناقشات بالجيش الإسرائيلي ومؤسسة الدفاع دارت طوال الليل (الخميس/الجمعة) حول سقوط مدينة حماة في سوريا بيد المعارضة وحول استمرار الأحداث.
وأضافت: “يستعد الجيش الإسرائيلي للانهيار السريع لجيش بشار الأسد وتداعيات الأحداث على الوضع في سوريا”.
وتابعت: “في غضون ذلك، تجري الاستعدادات للتطورات على الحدود مع سوريا في مرتفعات الجولان”.
وبدورها قالت القناة 12 الإسرائيلية: “تدرك إسرائيل أن الجيش السوري قد يكون على وشك الانهيار، وتستعد وفقاً لذلك. وعقدت المؤسسة الأمنية نقاشاً خاصاً حول هذه المسألة يوم الخميس”.
وأضافت: “فوجئت إسرائيل بضعف الجيش السوري الذي يخسر مدينة تلو الأخرى، وتشير المعلومات الإسرائيلية إلى أن جيش الأسد فشل مهنياً وقيادياً”، على حد قولها.
وذكرت بأن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تخشى من وقوع الأسلحة الإستراتيجية بيد المعارضة، وأن الجيش الإسرائيلي يستعد لذلك، دون تفاصيل أخرى.
ومساء أمس الخميس، أعلن الجيش الإسرائيلي أن “وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ورئيس أركان الجيش، هرتسي هاليفي أجريا جلسة لتقييم الوضع مع أعضاء هيئة الأركان حول التطورات في سوريا”.
وأضاف: “يراقب الجيش الإسرائيلي الأحداث، ويستعد لكل السيناريوهات هجومياً ودفاعياً”.
وتابع الجيش الإسرائيلي أنه “لن يسمح بوجود تهديد قرب الحدود بين سوريا وإسرائيل، وسيعمل لإحباط أي تهديد ضد مواطني إسرائيل”، دون مزيد من التفاصيل.
وبجانب حلب، وإدلب، وحماة، سيطرت فصائل المعارضة، صباح الجمعة، على مدينتي الرستن وتلبيسة بمحافظة حمص وسط البلاد، وتقول إن هدفها هو الإطاحة ببشار الأسد.
(الأناضول)
——————————–
إسرائيل حائرة من تطورات سورية وتبحث عواقب انهيار النظام/ نايف زيداني
06 ديسمبر 2024
فوجئت دولة الاحتلال الإسرائيلي بما في ذلك أجهزة استخباراتها من تقدّم فصائل المعارضة في سورية سريعاً في عدة مناطق، ما دفع المستوى السياسي والمؤسسة الأمنية لعقد مشاورات طارئة ليل الخميس- الجمعة في محاولة لفهم الحاصل هناك، والمخاطر المحدقة بإسرائيل في ظل التطورات.
وتصف إسرائيل ووسائل إعلامها فصائل المعارضة بـ”المتمردين والإرهابيين”، فيما قام جيش الاحتلال بتحديث تقييمه للوضع، معتبراً أن الفصائل ربما باتت تشكّل فعلاً خطراً على نظام بشار الأسد. كما تتساءل دولة الاحتلال بمختلف أجهزتها عن دور روسيا وإيران وترى أنهما لا تقدمّان الدعم الكافي له على ما يبدو في هذه المرحلة.
وتجد إسرائيل نفسها غير قادرة على تحديد ما الذي يخدم مصلحتها في سورية، فمن جهة تخشى الوجود الإيراني هناك، ومن ناحية أخرى تتخوف من فصائل المعارضة وتعتقد أنها قد تدخل في مواجهة معها لاحقاً. وذكرت القناة 13 العبرية، أمس الخميس، أنّ أحداث سورية تثير قلقاً متزايداً في إسرائيل التي “حذّرت المتمردين من الاقتراب من الحدود، وأن إسرائيل لا تستطيع تحديد مصلحتها، فمن جهة هي لا تريد جيران مثل المتمردين، ومن جهة أخرى لا تستطيع في الوقت الراهن مساعدة الأسد”.
ولفتت القناة إلى أنّ الأحداث في سورية “هي بخلاف جميع التقديرات الإسرائيلية”، وعليه عُقدت مناقشات في الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية استمرت طوال الليلة الماضية بشأن “سقوط مدينة حماة بيد المتمردين، وما يترتب على ذلك من تطورات في البلاد”.
المعارضة السورية تسيطر على تلبيسة في ريف حمص 6/12/2024 (لقطة شاشة)
“لغز” إيران في سورية
وبات جيش الاحتلال يستعد لاحتمال انهيار سريع لجيش النظام السوري، ولتداعيات الأحداث على وضع سورية. وهاجم سلاح الجو الإسرائيلي، ما زعم أنها “طرق نقل الأسلحة” إلى لبنان على الحدود مع سورية. وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي على “إكس”، اليوم الجمعة، إنه قصف خلال الليل “محاور نقل الذخائر والبنية التحتية بالقرب من المعابر الحدودية للنظام السوري بين سورية ولبنان”، زاعماً أنها “كانت تستخدم لنقل الذخائر” إلى حزب الله، في إشارة إلى الغارات التي استهدفت الجانب السوري من الحدود من معبر العريضة في شمال لبنان ومعبر جوسية (شرق).
وأمس الخميس، عقد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو اجتماعاً خاصاً لتقييم الوضع في سورية، حيث وصف مسؤولون أمنيون إسرائيليون تصرفات إيران هناك بأنها “لغز”. وتأتي هذه التقييمات الإسرائيلية بعد إعلان المعارضة السورية أن “جيش الأسد بدأ يتفكك”، وأنهم واثقون من قدرتهم على إلحاق خسائر فادحة به.
من جهته، ذكر محلل الشؤون العسكرية في صحيفة هآرتس العبرية، عاموس هارئيل، اليوم الجمعة، أنه “في ظل مواجهة نظام الأسد خطراً حقيقياً، تستعد إسرائيل لاحتمال تعرّضها لهجوم مفاجئ من جهة الحدود السورية”. واعتبر أنّ “عنصر المفاجأة، وطبيعة الهجوم، والقسوة التي يظهرها المتمردون، وكثير منهم متطرفون مرتبطون بالقاعدة (حسب مزاعمه)، تذكّر جميعها بهجوم حماس المفاجئ على غلاف غزة” في إشارة إلى هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وتابع أنه “في الوقت الحالي، لا ترى إسرائيل تهديداً مباشراً وفورياً بسبب الوضع في سورية، وهي راضية إلى حدّ ما عن الإحراج الذي تواجهه إيران. ومع ذلك، على المدى الطويل، هناك دليل على خطر متزايد في هضبة الجولان وفي المستقبل أيضاً على الحدود الأردنية”، بحسب هارئيل.
وأشار إلى أن قيادة المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال، افتتحت هذا الأسبوع وحدة احتياط جديدة في الجولان، والتي من المتوقّع أن تعمل بمثابة قوة استجابة سريعة في مثل هذه الظروف. وفي الوقت نفسه، تم تحسين فرق الطوارئ في المستوطنات وإجراء تحسينات على السياج على طول الحدود السورية، مضيفاً “على المدى الطويل، هذا سيناريو يجب على إسرائيل أن تستعد له بجدية قصوى. هجمات مفاجئة من قبل منظمات متطرفة، حيث تكون المعلومات الاستخباراتية عن أنشطتها وقدرتها على فهم دوافعها محدودة نسبياً”.
جنود إسرائيليون في هضبة الجولان المحتلة 8 مايو 2024 (أمير ليفي/Getty)
من جانبه، ذكر محلل الشؤون العسكرية في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية رون بن يشاي، أن “التقدّم السريع للمتمردين الجهاديين السنة (على حد وصفه) جنوباً والسيطرة على مدينة حماة هو على الأرجح السبب وراء اجتماع المشاورات الطارئ الذي عقده نتنياهو مع كبار مسؤولي الأمن مساء أمس الخميس. الهجوم المفاجئ للمتمردين، الذي بدأ تقريباً فور دخول وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ، يخلق سلسلة من التهديدات المحتملة ولكنه يوفر أيضاً فرصاً لإسرائيل، ويتطلب مراقبة دقيقة في كل الأحوال”.
“تهديدات” تراها إسرائيل في سورية
وعدد بن يشاي التهديدات المحتملة للحاصل في سورية على دولة الاحتلال: “أولاً، أن تقع منظومة الأسلحة، وخاصة الصواريخ وربما الأسلحة الكيميائية الموجودة في شمال ووسط سورية، في أيدي المتمردين الجهاديين في غضون أيام وربما ساعات، إذا لم تكن قد وقعت بالفعل في أيديهم. حلب والقواعد العسكرية المحيطة بها، وخاصة المجمّع الصناعي العسكري السوري في منطقة بلدة السفيرة جنوب شرق حلب، قد يتم توجيهها ضدنا عاجلاً أم آجلاً”.
وأضاف أن “هذا المجمّع الصناعي ينتج صواريخ وقذائف بناءً على معرفة إيرانية، بما في ذلك الصواريخ الدقيقة، وهناك أيضاً قدرة على إنتاج أسلحة كيميائية، وربما توجد هناك كميات صغيرة من الأسلحة الكيميائية التي احتفظ بها نظام بشار الأسد ليوم الحاجة. هذه هي على الأرجح السبب وراء التقارير الأجنبية التي تشير إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي هاجم في الأيام الأخيرة، بما في ذلك ليلة الثلاثاء- الأربعاء، هذا المجمّع، وكذلك مستودعات الأسلحة التابعة للجيش السوري شمال دمشق والتي يقترب منها المتمرّدون بسرعة”. وتابع: “يمكن الافتراض أن إسرائيل تفضل تدمير هذا التهديد حتى لا تقع الأسلحة هذه، التقليدية وغير التقليدية، في أيدي الجماعات الجهادية، حتى لو كانوا سنة وأعداء لدودين لحزب الله وإيران”.
وأشار إلى أن “التهديد الثاني ينشأ مباشرة من ضعف جيش النظام السوري وحقيقة أن روسيا غير قادرة على حماية نظام الأسد كما فعلت في عام 2015”. لكنه لفت في المقابل إلى خشية إسرائيل من الجهات التي ترسلها إيران للقتال في سورية، معتبراً أن ذلك قد يمنح إيران تواجداً أكبر فيها، وهو ما تحاول إسرائيل منعه.
وقال “لدينا مشكلة مع هذه المليشيات ومع عناصر حزب الله الذين دخلوا سورية، لأنهم يمكن أن يشكلوا بداية لتواجد عسكري إيراني من خلال وكلائها في البلاد. هذه المليشيات قد تبقى في سورية، وقد يضعها الإيرانيون على الحدود مع إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، يمكنهم العمل من الأراضي السورية من خلال إطلاق الصواريخ والقذائف وعمليات التسلل البري إلى بلدات (مستوطنات) هضبة الجولان. الاحتمال بأن ضعف النظام السوري سيمكن المليشيات الموالية لإيران من التواجد عسكرياً في سورية على الحدود مع إسرائيل، وتهريب الأسلحة إلى لبنان لإعادة تسليح حزب الله، هو الذي يقلق إسرائيل أكثر من أي شيء آخر في الوضع الحالي”.
أما التهديد الثالث، برأيه، “فهو انهيار نظام الأسد، مما سيحوّل سورية إلى دولة فاشلة أخرى مثل اليمن، لبنان، أو غزة. في هذا السيناريو، يمكن للإيرانيين بناء وتمويل جيش يهدف إلى العمل ضد إسرائيل. هذا الاحتمال يقلق إسرائيل بشكل كبير، حيث يمكن أن يؤدي إلى زيادة التوترات والتهديدات على الحدود”.
————————————–
حلب تستعيد الحياة تدريجياً رغم التحديات/ عبدالله البشير
06 ديسمبر 2024
تشهد مدينة حلب شمالي سورية، استئنافاً تدريجياً لعمل المؤسسات الخدماتية وبعض القطاعات الحيوية فيها، عقب سيطرة فصائل المعارضة السورية عليها، في خطوة تهدف إلى إبقاء الحياة المدنية وتلبية احتياجات السكان فيها، وتقديم الخدمات الأساسية لهم من مياه وكهرباء وصحة ونقل، وذلك في إطار جهود تبذلها عدة جهات لدعم الاستقرار، وسط تحديات عدة، نظراً لكون المدينة واحدة من المدن السورية الكبرى.
وبدأ بعض الموظّفين ضمن الدوائر الخدماتية في حلب العودة إلى عملهم، منهم عمال في قطاع النظافة، من بينهم موفق الأخرس، وهو عامل نظافة في قطاع السليمانية ضمن المدينة. ويقول لـ “العربي الجديد” إن العديد من الموظفين عادوا تدريجياً إلى العمل، وخصوصاً أولئك القريبة بيوتهم من أماكن عملهم. أما الموجودون في أماكن بعيدة أو ضمن أحياء أخرى، فلم يتمكنوا من العودة بعد. يضيف: “سنعود إلى عملنا بالتأكيد. لا أحد يمنعنا، ولم نتعرض لأية مضايقات أو إشكالات في الوقت الحالي”.
بدوره، يقول فواز عبد الكريم، وهو من سكان مدينة حلب، لـ “العربي الجديد”: “بالنسبة إليّ، ما يحدث في حلب أمر مطمئن فعلاً. صحيح أن هناك ضعفاً في الخدمات، لكنّ الوقود يُوزَّع. نحب الأمان والسلام، ولم نتعرض لأي أذى. وأكثر ما نؤكد أهميته هو الحفاظ على الأمن والأمان. أما بقية الخدمات، فيمكننا الصبر عليها. في الوقت الحالي، نتطلع إلى أن تكون الخدمات وفق ما نريد، وكل ما نحتاجه متوافر حالياً، ولم يتعرض أحد لأي أذى في المدينة”.
بدورها، بدأت فرق منظمة الدفاع المدني في حلب نقل بعض الخدمات الإسعافية وتقديم المساعدات الإسعافية في المستشفى الجامعي ضمن مدينة حلب، كما أعلنت عبر صفحتها على “فيسبوك”، بهدف ضمان حصول الأهالي على الخدمات الطبية بالتزامن مع إعلان مديرية صحة إدلب توجه فرق طبية تابعة لها إلى المستشفى الجامعي ضمن المدينة، في إطار الجهود المستمرة لتعزيز قدرات النظام الصحي ومواجهة التحديات الإنسانية. ووصل فريق من مديرية صحة إدلب إلى مستشفى حلب الجامعي لتسليم مجموعة من المستلزمات الطبية الجراحية والأدوية. وتأتي هذه الخطوة جزءاً من الاستجابة الطارئة للظروف الصعبة التي يواجهها القطاع الصحي نتيجة التصعيد العسكري لقوات النظام على المنطقة، الذي أثر مباشرةً في المرافق الصحية، وزاد من الضغط على الكوادر العاملة هناك، بحسب بيان صدر عنها عقب سيطرة فصائل المعارضة السورية على المدينة.
وحتى الوقت الحالي، يعيش قسم من أهالي مدينة حلب حالة من الخوف، رغم الطمأنات بضمان استمرار الحفاظ على الخدمات الأساسية. وتقول فاطمة العواد المقيمة ضمن المدينة، لـ”العربي الجديد”: “نخاف أن تنقطع الكهرباء أو المياه عن المدينة. لكن حتى الوقت الحالي، الأمور جيدة. يوزعون علينا الخبز بالسيارات، وهذا لم يحدث في السابق. هناك صيدليات تعمل في الوقت الحالي، ونرجو ضبط الأسواق في ظل رفع الأسعار”.
من جهتها، تؤكد الخمسينية حسيبة الشيخ، المقيمة في حي الأنصاري ضمن المدينة، أن الخدمات بدأت تتوافر بشكل طبيعي. وتقول: “للمرة الأولى منذ سنوات، تتوافر لنا الكهرباء بهذا العدد من الساعات. هذا الأمر لم يكن يحدث أبداً. المياه أيضاً عادت إلى الشبكة. لدينا بعض الشكاوى المتعلقة في محاولة البعض استغلال المواطنين. الخبز أيضاً أصبح متوافراً من دون بطاقة ذكية أو غير ذلك. نترقب أن تكون الأيام المقبلة أفضل في المدينة وأن تشهد ضبطاً لجميع الخدمات”.
إلى ذلك، يؤكد مصدر مقرب من حكومة الإنقاذ، لـ “العربي الجديد”، أن الحكومة والعديد من المنظمات الإنسانية المحلية والفرق التطوعية، تعمل بشكل متواصل على إعادة الخدمات ضمن مدينة حلب، فضلاً عن بدء عمل فرق الدفاع المدني فيها، وذلك لضمان وصول كل الخدمات للسكان، بما فيها الكهرباء والمياه والخبز، بالإضافة إلى تنظيم الحركة المرورية في الشوارع. ويلفت إلى أن فرق المؤسسات الخدمية بدأت فعلياً في تقييم أضرار شبكة الكهرباء وصيانتها، بالتزامن مع بدء تركيب أبراج اتصالات تابعة لشركة “سيريا فون” العاملة في إدلب، عوضاً عن أبراج شبكتي “سيريتل” و”إم تي إن” بعد توقف خدمات الشركتين ضمن المدينة.
مبادرات إنسانية لدعم سكان حلب ما بعد النظام
يضيف أنه بشكل يومي، يُجهَّز نحو 70 ألف ربطة خبز في أفران إدلب لإيصالها إلى المحتاجين ضمن مدينة حلب، مع تزويد أفران المدينة بالطحين أيضاً لاستمرار عملها، وهذا عمل تقوم به منظمات إنسانية لضمان استمرار عمل الأفران في المدينة.
وبدأت حكومة الإنقاذ بوضع حراسة أمنية على المباني الحكومية لضبط عمليات الدخول والخروج منها، حتى تبدأ مؤسسات متخصصة بتسلم العمل فيها، كما أكد وزير الداخلية في الحكومة محمد عبد الرحمن، عبر تطبيق “تلغرام”. أضاف: “أصدرنا عدة بلاغات وتعاميم تتعلق ببيع وشراء السلاح، وعدم الاقتراب من مستودعات الأسلحة، وخصصنا أرقاماً للتواصل في حال الطوارئ والبلاغات”، مضيفاً أن الحكومة تعمل على تفعيل قسم شرطة الشهباء لتلقي الشكاوى من الأهالي.
وتواصل بعض المنظمات الإنسانية عملها على تقديم الخدمات، بما فيها توزيع الخبز على الأهالي، إضافة إلى متطلبات الأطفال الرضع. ويعمل فريق الاستجابة الطارئة على توفير الاحتياجات الأساسية للأطفال الرضع والخدج، للحفاظ على حياتهم في مدينة حلب. ومهمة الحفاظ على الخدمات ليست بمهمة سهلة في مدينة حلب التي يتجاوز عدد سكانها أكثر من 4 ملايين نسمة وفق الإحصائيات الصادرة عن النظام السوري في عام 2023، ويتطلب العمل الخدماتي فيها تضافر لجهود الجهات الإنسانية والمؤسسات الخدماتية.
———————————
“اكتشاف” مئة معتقل لبناني بسجون الأسد كانوا مجهولي المصير/ بتول يزبك
الجمعة 2024/12/06
“منذ العام 1986، وأخي علي حسن علي، مختفٍ ومُغيّب في سجون نظام الأسد” يقول مُعمّر حسن علي، شقيق السّجين اللّبنانيّ المُحرّر من سجن حماة المركزيّ، في حديثه إلى “المدن”. وعلي الذي حُرّر ظهر اليوم الخميس، بعد سيطرة فصائل المعارضة السّوريّة على مدينة حماة- وسط سوريا، ضمن معركة “ردع العدوان”، خرج من السّجن بعد 38 عامًا على الاعتقال القسريّ على يدّ قوّات نظام الأسد بحجة أنّه كان ينتمي لـ”حركة التوحيد الإسلاميّ” الّتي نشأت في طرابلس مطلع الثمانينات. ويُضيف معمّر بالقول: “كنا على أمل أنّه على قيد الحياة، لكن لم نكن أكيدين، فلدى سؤالنا دائمًا كان النظام ينفي وجوده في السّجن، وتوفيت أمّه على أمل اللقاء، لكن الحمدالله تمّ تحريره”.
وعلي حسن علي، من مواليد العام 1968 وليس متأهلًا، وكان في الثامنة عشر من عمره ويعمل كميكانيكيّ سيارات، لدى اعتقاله في عكار. ويتحدر من عائلة متواضعة، تقطن في بلدة تاشع الجبليّة في محافظة عكار، وخرج اليوم على عمر 56 عامًا، انقضت من حياته في سجونٍ هي الأشهر حول العالم بظروفها التعسفيّة. ويُشير شقيق السّجين المُحرّر إلى “المدن”، أن أخيه ليس الوحيد الذي تمّ اعتقاله من عكار، بل تمّ اعتقال عشرات الشبان وتحت ذرائع متفرّقة في ذلك الوقت، ولم يُسمع عن غالبيتهم، خبرٌ للآن. مؤكدًا أنّهم حتّى لحظة كتابة هذا التقرير، لم يُوفقوا بالتواصل مع علي في حماة.
تحرير سجناء لبنانيين
وعلي ليس السّجين اللّبنانيّ الوحيد الذي تمّ تحريره من سجن حماة المركزيّ تحديدًا، فبين ثلاثة آلاف سجين تمّ تحريرهم اليوم ومن مختلف الجنسيات العربيّة والأجنبيّة (ضمنًا الفلسطينيين)، تُشير مصادر “المدن” في هيئة تحرير الشامّ، لوجود عشرات السّجناء اللّبنانيين أيضًا، ويُناهز عددهم 100 سجين، أدعى نظام الأسد منذ سنوات حتّى اللحظة أنّه لا يعتقل أيًّا منهم. فيما لا تُخفي هذه المصادر أن بعضهم مسجون منذ عشرات السّنوات، أما آخرون فسجنوا في السّنوات الأولى للثورة السّوريّة في العام 2011، وغالبيتهم يتحدرون من طرابلس وعكار، وبعضهم من البقاع الشمالي، فيما هناك بعضٌ من السّجناء الذين تمّ اختطافهم أثناء الوصاية السّوريّة على لبنان في التسعينات.
وعلمت “المدن” من مصادرها في هيئة تحرير الشام، لكون السّجناء الذي جرى تحريرهم، سيتمّ تأمين عودتهم إلى لبنان، فور توافر الظروف اللوجيستيّة المناسبة للعودة، إما بتحرير المناطق الّتي تصل سوريا بلبنان، أو عبر تركيا. واعتبرت المصادر أنّه من الصعوبة حاليًّا إيصالهم مادامت الأمور حتّى اللحظة مُعقّدة والمعارك في أوّجها.
أما عن ظروف السّجناء بعد تحريرهم، فكما هو متوّقع كانت مأساويّة. وأفادت مصادر “المدن” في الهيئة، أن بعضهم كانوا يُعانون من ظروفٍ صحيّة سيئة جدًا فضلًا عن نقصٍ في التغذيّة. وأكدّت أنّه سيتمّ نقلهم إلى مكانٍ آمن، موقتًا وتوفير أساسيات العيش، حتّى إيجاد السُّبل المناسبة لإرسالهم إلى لبنان. وأكدّت أن رهطًا لا يُستهان به منهم، من السّجناء السّياسيين.
يُذكر أن “المدن” تواصلت مع عددٍ من عائلات السّجناء المُحرّرين، وأكدّوا جميعًا أن التواصل مع ذويهم لم يكن موفقًا حتّى اللحظة، وتتحفظ “المدن” عن نشر أي أسماء، حتّى حين التأكد من صحّة المعلومات عن تحريرهم من سجن حماة تحديدًا، خوفًا عليهم من انتقاميّة نظام الأسد، بيّد أنّ هناك بعض الأسماء المتداولة والّتي وصلت “المدن” قد تمّ نقلها من سجن حماة إلى سجونٍ أخرى تابعة للنظام.
رمزيّة التحرير
أما عن رمزيّة تحرير المدينة وسجنائها، من قبضة النظام السّوريّ التعسفيّة، فتُشير الناشطة الحقوقيّة السّوريّة والعاملة في الشؤون الإنسانيّة، سيلين قاسم، لـ”المدن”، لكون ما حدث في حماة “أمرٌ تاريخيّ بكل معنى الكلمة. هذه المدينة تحديدًا عانت أشدّ المعاناة تحت حكم هذا النظام المستبدّ، الذي ارتكب واحدة من أسوأ الجرائم في التاريخ عندما قتل عشرات الآلاف من الأشخاص في الثمانينيات، في أسبوعين. ومنذ ذلك الوقت، هناك أشخاص لم يتمكنوا من رؤية وطنهم سوريا يومًا واحدًا في حياتهم”. قائلةً أنّ “هذا الحدث اليوم هو ردّ فعل طبيعيّ على الحصار والتجويع والقصف بالبراميل والكيماوي وكل الجرائم الأخرى. من المهم أن نتحدث عن التحرير الذي يترقبه ملايين الناس الذين يعيشون في ظروف قاسية”.
وأكدّت قاسم لـ”المدن”، أنّهم يحاولون الآن “توثيق الأسماء لمساعدة العائلات على التعرّف على أحبائهم، سواءً الذين خرجوا أو الذين لا يزالون مفقودين أو حتى أولئك الذين فقدوا أبناءهم في الحرب”.
وفي تعليقها على تحرير سجناء من غير الجنسيّة السّوريّة وتحديدًا اللبنانيين، تقول قاسم إن “هذا النظام ليس جديدًا على ممارساته القمعية، فهو لم يقتصر على قمع السوريين، بل تعدّدت جنسيات وأعراق المعتقلين. هناك معتقلون لبنانيون وفلسطينيون وغيرهم، لكن العديد منهم اختفى في أقبية النظام بعد عام 2011، لمجرد أنهم تجرؤوا على التعبير عن آرائهم أو الوقوف ضدّ القمع”. وعلّقت: “ما يثير الاستياء هو أن حكومات مثل الحكومة اللّبنانيّة تنكر وجود معتقلين لبنانيين في سجون النظام، رغم الأدلة الواضحة. للأسف، كثير من الدول لم تبذل الجهود الكافية للمطالبة بإطلاق سراح مواطنيها المعتقلين”.
خاتمةً بالقول: “رغم ذلك، نحن سعداء جدًا بخروج هؤلاء الأشخاص، ونشعر بفرحة مضاعفة عندما يتعلق الأمر بمعتقلين لبنانيين، لأن ذلك يشعرنا بأننا جزء من هذه المعاناة المستمرة. الشعور اليوم مليء بالسعادة والفرح، رغم أننا لا نعرف ما الذي سيحدث لاحقًا أو ما إذا كان هناك خلفية سياسية وراء هذا الحدث. هناك من قد يقول إن هؤلاء الأشخاص الذين يحررون السجناء، إرهابيون، لكن أي شخص مسجون ظلمًا لعقود يستحق أن ينال حريته. الآن، كل ما يهم هو أن هؤلاء الأشخاص تم إطلاق سراحهم، وهذا هو الأهم”. مؤكدةً أنّهم يعملون على توثيق الأسماء والحالات والمساعدة قدر الإمكان.
المدن
————————–
النظام ينسحب من مدينة حمص.. ويتقهقر بديرالزور ودرعا/ محمد الشيخ
الجمعة 2024/12/06
يتسارع المشهد الميداني السوري، بعد سيطرة الفصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام، على مدينة حماة، في إطار معركة “ردع العدوان”.
فخلال الساعات الماضية، سيطر المهاجمون على عموم ريف حمص الشمالي، وهدفهم التالي مدينة حمص، بينما تحركت المجموعات المعارضة في درعا، جنوب سوريا، وسط انسحابات لقوات النظام من مواقعها، وانشقاقات في صفوف عناصرها، في حين سحب النظام معظم قواته من محافظة ديرالزور.
محافظة حمص
وأعلنت غرفة عمليات “ردع العدوان”، السيطرة على مدينتي الرستن وتلبيسة، في ريف حمص الشمالي، الواقعة على الطريق الدولية “إم-5″، أو المعروف باسم أوتوستراد حماة- حمص-دمشق الدولي.
وقالت مصادر متابعة لـ”المدن”، إن الفصائل سيطرت بالفعل كذلك على بلدات الدارة الكبيرة، الغنطو وتيرمعلة، مشيرةً إلى أنه يمكن القول إن الريف الشمالي أصبح بالكامل تحت سيطرة الفصائل.
وأضافت المصادر أن أرتال الفصائل وتحرير الشام، تحركت نحو مشارف مدينة حمص، للسيطرة عليها في الساعات المقبلة، لافتةً إلى أن قوات النظام انسحبت بشكل جماعي من داخل المدينة، وأعادت تمركزها في مواقع محصنة على مشارفها.
وردت قوات النظام على تتالي السيطرة في ريف حمص الشمالي، بقصف الأحياء المدنية في الرستن وتلبيسة، بواسطة المدفعية والطائرات، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى مدنيين.
وأكد الناطق باسم معركة “ردع العدوان” المقدم حسن عبد الغني، أن ” فلول النظام المجرم تشهد انهياراً كبيراً وهروباً أمام قواتنا على الجبهات. وقد أمنّا انشقاق عدة مجموعات عسكرية من جنود النظام، وما زالت مجموعات أخرى تنسق معنا للانشقاق في حمص وريفها”.
وفي يتعلق بحمص أيضاً، قالت المصادر إن “جيش سوريا الحرة”، الموجود في قاعدة التنف الأميركية، جنوب شرق المحافظة، والمدعوم من قوات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم “داعش”، رفع الجاهزية للدخول بالمعركة، لكنه ينتظر الموافقة من قيادة التحالف.
معارك في درعا
وفي محافظة درعا، جنوب سوريا، فقد اشتعلت الجبهة الخامدة نسبياً منذ العام 2018. وقالت مصادر محلية لـ”المدن”، إن مجموعات معارضة سيطرت على حواجز لقوات النظام ومخابراته في بلدتي الكرك والغارية الغربية في ريف درعا الغربي، بعد انسحاب عناصر النظام منها.
وقال “تجمع أحرار حوران” إن فصائل المعارضة سيطرت على حاجز عسكري لقوات النظام في محيط بلدة بصر الحرير، واغتنمت دبابتين وأسلحة أخرى، كما سيطرت على حاجز في بلدة المليحة في ريف الشمالي، فيما أشار إل انسحاب مخابرات النظام من حاجز في بلدة السهوة، في الريف الشرقي.
درعا تتحرر الآن. الله حيهم pic.twitter.com/kORGS2YHjK
— محمد مجيد الأحوازي (@MohamadAhwaze) December 6, 2024
وأضاف أن المجموعات المعارضة أسرت عناصر للنظام من على حاجز الطيرة، بين مدينتي إنخل وجاسم، بعد محاولة فرارهم باتجاه مدينة الصنمين، بينما غنِموا آليات وأسلحة متوسطة من عناصر فرع أمن الدولة، قبل انسحابهم من البلدة باتجاه مفرزة الأمن العسكري، في مدينة الحارة، شمالي درعا.
وفي ريف درعا الأوسط، قال التجمع إن المجموعات صادرت أسلحة عناصر شرطة النظام في مدينة داعل، بريف درعا الأوسط، ورفعت علم الثورة السورية في وسطها، فيما خرجت مظاهرات عمت أرياف المحافظة، للتأكيد على دعم تحرك المجموعات، والفصائل المتقدمة في ريف حمص.
وأكدت مصادر “المدن”، أنه خلال الساعات القادمة، ستعلن عدة مناطق في ريف المحافظة، خلوها من أي تواجد لقوات النظام ومخابراته.
ديرالزور
في غضون ذلك، أكدت مصادر متابعة لـ”المدن”، أن قوات النظام انسحبت من عموم مواقعها في محافظة ديرالزور، أبرزها مدينة البوكمال، ومطار ديرالزور العسكري، فيما ملأت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مكان القوات المنسحبة، باتفاق بين الجانبين، حسبما أكدت المصادر.
ولفتت إلى أن الانسحاب كان لخشية النظام من محاصرة قواته في المحافظة، وقطع أي تواصل له مع المحافظات الساحلية، التي تضم حواضن النظام الأساسية، كما توجه جزء من تلك القوات المنسحبة للدفاع عن مدينتي حمص ودمشق.
وأوضحت المصادر أن عموم محافظة ديرالزور الواقعة شمال شرق سوريا، “أصبحت خالية من نظام الأسد وقواته”.
انسحاب جيش بشار من الريف الغربي لمدينة #ديرالزور وابقاء بعض قواتة نقاط مشتركة مع ميليشيات #قسد pic.twitter.com/TdBiXGHpq4
— الثورة السورية – ثوار القبائل والعشائر (@syria7ra) December 6, 2024
وأكدت أن ميلشيات عراقية من “الحشد الشعبي” انسحبت من مناطق تواجدها في مدينة البوكمال، وعدة مواقع أخرى في ريف ديرالزور الشرقي، وتوجهت الى الأراضي العراقية.
—————————-
واشنطن تتوجس من احتمال لجوء الأسد للسلاح الكيمياوي لكبح تقدم فصائل المعارضة
الولايات المتحدة تحذر من استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي نتيجة هزائمه العسكرية كما حصل في مناسبات سابقة.
6 كانون الأول 2024
استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية قوض محاولات التوصل إلى حل سياسي
نيويورك – قال نائب الممثلة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة روبرت وود إن النظام السوري استخدم الأسلحة الكيميائية ضد شعبه من قبل، حين شعر بأنه في خطر كبير كما هو حاله اليوم وذلك في كلمته، الخميس، في جلسة بمجلس الأمن الدولي عقدت بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.
وأشار وود إلى أن “عددا قليلا جدا” من الدول تريد إخفاء حقيقة أن نظام الأسد استخدم الأسلحة الكيميائية ضد شعبه قائلا “استخدم نظام الأسد الأسلحة الكيميائية ضد شعبه من قبل، حين شعر بأنه في خطر كبير، كما هو حاله اليوم”.
وذكر أن نظام الأسد وداعميه يحاولون تشويه الحقائق بالأكاذيب، وأن الحقائق بشأن استخدام النظام للأسلحة الكيميائية شديدة الوضوح مشددا على ضرورة مواصلة مجلس الأمن الدولي التركيز على ملف استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.
من جانبه، قال مستشار الممثلية الدائمة لتركيا لدى الأمم المتحدة أرمان تشتين إن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا أدى إلى تجذر الحرب الأهلية وانتهاك القانون الدولي والكرامة الإنسانية.
ولفت تشتين إلى أن استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية قوض أيضا محاولات التوصل إلى حل سياسي مشددا على أن “سقوط الأسلحة الكيميائية في أيدي جهات غير حكومية أو منظمات إرهابية يشكل تهديدا خطيرا ليس فقط لسوريا بل للمنطقة بأكملها”.
وأكد على ضرورة أن يواصل المجتمع الدولي الضغط على النظام السوري للتعاون دون قيد أو شرط مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والوفاء بالتزاماته.
وتابع “تركيا تدين استخدام الأسلحة الكيميائية بغض النظر عن المكان والزمان والظروف”.
أما الممثلة السامية للأمم المتحدة لنزع السلاح إيزومي ناكاميتسو، فأعربت عن قلق الأمم المتحدة إزاء تدهور الوضع الأمني في سوريا.
وشددت ناكاميتسو على أن التعاون الكامل بين سوريا ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية له أهمية بالغة في ملف نزع كافة برامج الأسلحة الكيميائية في سوريا وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2118 المتخذ بالإجماع في 27 سبتمبر 2013، بشأن نزع السلاح الكيماوي السوري.
من جانبه، قال مدير مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا، نضال شيخاني، في كلمته أمام الجلسة، إن “الأسلحة الكيميائية حولت حياة الشعب السوري إلى جحيم” مشيرا إلى أن ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية ما زالت تشكل تهديدا خطيرا للسلم والأمن الدوليين.
وأوضح أن النظام السوري استخدم الأسلحة الكيميائية 262 مرة، ما أدى إلى مقتل 3423 شخصا وإصابة 14 ألف مدني.
وكان النظام السوري انضم إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في 13 سبتمبر 2013. وفي الشهر نفسه، تبنى مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2118، الذي يتعلق بأسلحة سوريا الكيميائية.
وجاء هذا القرار بعد شهر من الهجوم الذي نفذه النظام السوري على الغوطة الشرقية بالعاصمة دمشق مستخدما الأسلحة الكيميائية، مما أسفر عن مذبحة مروعة فيما اتهم النظام الجماعات المسلحة بالوقوف وراء المجزرة.
وفي 21 أبريل/نيسان 2021، قررت الدول الأطراف في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تعليق بعض حقوق عضوية سوريا. وجاء هذا القرار بعد أن أثبتت المنظمة استخدام قوات نظام بشار الأسد للأسلحة الكيميائية في هجمات وقعت في اللطامنة بحماة في مارس 2017، وفي سراقب بإدلب في فبراير 2018.
ومنذ 27 نوفمبر الماضي، تخوض فصائل المعارضة السورية اشتباكات مع قوات النظام بعدة مناطق في البلاد، وفي 29 نوفمبر دخلت مدينة حلب، وفي اليوم التالي بسطت سيطرتها على ادلب..
وعقب إتمام السيطرة على حلب وإدلب، سيطرت المعارضة الخميس على مدينة حماة عقب اشتباكات عنيفة مع النظام.
———————————
كيف حصلت «هيئة تحرير الشام» على أسلحتها؟
6 كانون الأول 2024
قبل خمس سنوات فقط، كانت الفصائل المسلحة في سوريا، وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام»، قوة محاصرة تقاتل من أجل البقاء بعد سنوات من الهجمات التي شنها عليها الجيش السوري المدعوم من روسيا.
والآن، في معقلها في محافظة إدلب، تفتخر «هيئة تحرير الشام» بامتلاكها قيادة مركزية، ووحدات متخصصة سريعة الانتشار تشمل المشاة والمدفعية والعمليات الخاصة، والدبابات كما تفتخر بقيامها بتصنيع أسلحة محلية مثل الطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة.
وظهرت هذه القدرات الكبيرة للجماعة المسلحة واضحة على مدى الأسبوع الماضي، في غارتها الجريئة عبر شمال سوريا، والتي تركت مراقبي البلاد مذهولين.
أسلحة قديمة أرسلتها بعض الدول
وبحسب صحيفة «فايننشيال تايمز»، فقد قال آرون زيلين، الخبير في مؤسسة واشنطن للأبحاث: «لقد تحولت هذه الفصائل على مدى السنوات الأربع أو الخمس الماضية إلى جيش أولي مصقول بشكل أساسي. وكان الحصول على الأسلحة الأساسية سهلاً نسبياً بالنسبة لـ(هيئة تحرير الشام)، حيث تم إغراق سوريا بالأسلحة منذ عام 2011، عندما غمرت عدد من الدول، بدعم من الولايات المتحدة، البلاد بالأسلحة للمساعدة في دعم المتمردين في الحرب الأهلية ضد الحكومة السورية».
التصنيع المحلي
مكن التصنيع المحلي لـ«هيئة تحرير الشام»، وخاصة الطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة، الجماعة من تشكيل تهديدات جديدة للقوات السورية التي تفتقر إلى قدرات كبيرة لمكافحة هذه الأسلحة.
وفي الأيام الأخيرة، نشرت الجماعة المسلحة لقطات من هجمات انتحارية بطائرات مسيرة على اجتماع للقادة في مبنى للجيش السوري وهجوم آخر على القاعدة الجوية في مدينة حماة بوسط البلاد.
وبحسب الخبراء، فإن أفراد هذه الفصائل المسلحة، داخل دولتهم الصغيرة المنفصلة الناشئة، والتي يبلغ عدد سكانها ما بين 3 إلى 4 ملايين نسمة، ينتجون طائرات مسيرة في ورش صغيرة مقرها في المنازل أو المرائب أو المستودعات، ويعتمدون على الطابعات ثلاثية الأبعاد عندما لا يتمكنون من الوصول إلى قطع وأجزاء معينة.
ويقول الخبراء إن الكثير من الخبرة المطلوبة لتصنيع هذه الأسلحة يمكن استخلاصها من المعلومات المتاحة عبر الإنترنت.
وقال بروديريك ماكدونالد، الباحث في كينغز كوليدج لندن، إن «هيئة تحرير الشام» نشرت سابقاً طائرات مسيرة صغيرة يمكنها الطيران إلى المركبات المدرعة وإسقاط القنابل اليدوية عليها. لكن بعد ذلك، استخدمت الجماعة نماذج أكبر يمكنها السفر لمسافات أبعد وحمل حمولة أكبر.
وقال زيلين إنهم استخدموا طائرات مسيرة للمراقبة واستهداف القوات السورية قبل إرسال المقاتلين إلى المعركة.
كما استثمرت «هيئة تحرير الشام» في إنتاج صواريخ بعيدة المدى وصواريخ وقذائف هاون.
وخلال هجومهم، كشف المسلحون عن نظام صاروخي موجه جديد، لا يُعرف عنه الكثير، لكن تشارلز ليستر من معهد الشرق الأوسط وصفه بأنه «صاروخ ضخم بذخيرة ضخمة في المقدمة».
ويُعتقد أن الصاروخ أطلق عليه اسم «قيصر».
وقال ليستر «لقد حل هذا النظام الصاروخي محل الحاجة إلى الشاحنات المفخخة الانتحارية، والتي كانت (هيئة تحرير الشام) تستخدمها قبل خمس سنوات».
نزع السلاح من الفصائل الأخرى والجيش السوري
حصلت «هيئة تحرير الشام» على الكثير من الأسلحة عن طريق نزع سلاح من الفصائل المسلحة الأخرى أو الاستيلاء عليها من قوات الجيش السوري.
وقد أسفر التقدم الأخير للمجموعة عن حصولها على المزيد من المعدات، فقد أظهرت مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي امتلاك «هيئة تحرير الشام» أسلحة ومركبات مدرعة استولت عليها من الجيش السوري، بعضها روسي الصنع.
——————————-
الصحافة الإيرانية و”ردع العدوان”… خوف على دمشق وطهران/ حنان عزيزي
دعوة لتنظيم استراتيجية جديدة للتصدي لـ”المؤامرة الكبيرة”
آخر تحديث 6 ديسمبر 2024
استحوذ هجوم الفصائل السورية المسلحة في شمال غربي سوريا، واستمرارها في التقدم باتجاه مناطق أخرى جنوبا، على اهتمام الصحافة الإيرانية، التي تناولته من خلال تقارير إخبارية، وتحليلات ومقالات. فإلى جانب اتهام تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة بدعم الفصائل المسلحة، فقد تطرقت الصحافة الإيرانية إلى سيناريو محتمل للهجوم على دمشق، كما اعتبرت أنّ الهدف التالي في حال سقطت الحكومة السورية سيكون إيران نفسها. وتحدثت أيضا عن احتمال حدوث خيانات في صفوف الجيش السوري في تفسير تراجعه أمام تقدم الفصائل المسلحة. كما دعت “محور المقاومة إلى التدخل بسرعة، مع تنظيم استراتيجية جديدة للتصدي لهذه المؤامرة الكبيرة”.
وقد نشرت صحیفة “اطلاعات” مقالا لـ”محمد علي مهتدي” بعنوان “هل سيأتي الدور على إيران بعد سوريا”؟ في عددها الصادر 11 ديسمبر/كانون الأول، حيث يرى كاتب المقال أن “هناك مؤامرة كبيرة ومدروسة من قبل الولايات المتحدة، وإسرائيل، وربما بعض دول المنطقة، بهدف العمل على انهيار محور المقاومة، وإحداث تغييرات جيوسياسية في المنطقة، وإذا نجحت هذه المؤامرة، فإن الجمهورية الإسلامية ستكون الهدف التالي المباشر على القائمة”.
وأشارت الصحيفة إلى عدة محاور مهمة في هذا الإطار “وهي: 1- هناك ثلاث دول على الأقل، هي الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا تلعب دورا في التطورات الجارية، فرئيس الوزراء الإسرائيلي يقفز من شجرة إلى أخرى، وها هو يبذل كل جهده لكسر جبهة سوريا بعد غزة ولبنان، حيث إن هدفه قطع طريق الإمداد عن (حزب الله) اللبناني من خلال سوريا. 2- توفير تركيا لخطوط الإمداد والخدمات اللوجستية للفصائل المسلحة… لقد طلب أردوغان عدة مرات في السابق أن يلتقي بشار الأسد، وأن يجري معه مفاوضات، غير أن الأسد رفض ذلك، بسبب أن الجيش التركي يحتل أراضي سورية، فضلا عن أن العمليات التي تشنها تركيا في الوقت الحالي تنتهك اتفاقيات (آستانه). 3- إن إرسال قوات عسكرية من مختلف المناطق إلى حلب خطوة خطيرة، لأنه قد يؤدي إلى تدخل أردني من منطقة درعا، كما أن الولايات المتحدة قد ترسل القوات الكردية المدعومة منها (قسد) في شرق الفرات، للهجوم على دمشق، وقد تلتقي كل هذه القوات إلى جانب مقاتلي (هيئة تحرير الشام) في طريقها لتنفيذ هجوم بري على دمشق”.
واعتبرت أنّ التطورات في سوريا، “تأتي في الوقت الذي تهدد فيه إسرائيل العراق باحتواء المقاومة، للحد من هجماتها على إسرائيل، وإذا لم تنجح الحكومة العراقية في ذلك، فستقوم المسيرات الإسرائيلية بشن حملة اغتيالات بحق قادة (الحشد الشعبي) وفصائل المقاومة، على غرار ما جرى مع (حزب الله) في لبنان، ولذلك يجب على محور المقاومة التدخل بسرعة، مع تنظيم استراتيجية جديدة للتصدي لهذه المؤامرة الكبيرة”.
أما وكالة أنباء “تسنيم” التابعة لـ”الحرس الثوري”، فقد ذكرت في تقرير لها بعنوان “تركيا تجازف بتعرضها لـ5 تهديدات، مع استمرارها الرهان على ورقة الإرهاب في سوريا” في 3 ديسمبر/كانون الأول بأن “هناك تكهنات كثيرة حول التوقيت، وكيفية تنفيذ العمليات والقوات المشاركة فيها”.
ورأت أنّ “هذا الهجوم يصب في صالح الولايات المتحدة وإسرائيل، وتركيا التي لديها مصالح كثيرة في الوضع الراهن، منها مزاعمها التاريخية وأطماعها حول حلب (التركية). فإعادة احتلال حلب، من قبل الجماعات المسلحة المعارضة، سيحقق طموحات تركيا. وتعتقد تركيا أن لديها اليد العليا اليوم في تطورات سوريا، لكن عليها أن تأخذ بعين الاعتبار ما يلي: 1- الأزمة في سوريا لن تقتصر على المنطقة فقط، بل ستكون لها تداعيات دولية، وبالتالي فإن تركيا عن قصد أو غير قصد ستلعب في ملعب الولايات المتحدة وإسرائيل اللتين تسعيان إلى إضعاف حكومة بشار الأسد، وزعزعة الثبات في سوريا، وستكون تركيا في مستوى أحد وكلاء أميركا وإسرائيل، وتفقد مكانتها كلاعب مستقل وفاعل في المنطقة. 2- هذه العمليات تأتي في الوقت الذي تحارب فيه جبهة المقاومة إسرائيل والغرب، مما يؤدي إلى إضعاف جبهة المقاومة، بدءا من سوريا و(حزب الله) اللبناني، وصولا للمقاومة الفلسطينية. 3- تجازف تركيا من خلال خروج الإرهابيين من إدلب، وإرسالهم إلى شمال سوريا بـترك المارد يخرج من القمقم، وهذا قد يشكل تهديدا لتركيا لأنها قد تكون في وضع حرج بسبب حدودها الممتدة على 910 كيلومترات مع سوريا. 4- تلعب السياحة دورا كبيرا في الاقتصاد التركي، وإذا قامت مجموعات من هؤلاء المسلحين بتنفيذ مخططات أخرى، وزعزعة الاستقرار في دول الجوار السوري، فستكون تركيا من أكبر المتضررين. 5- يتمتع النظام السوري بعلاقات جيدة مع أكراد المنطقة، فجزء من الشمال السوري يخضع لإدارة كردية بالتنسيق مع حكومة دمشق، التي نجحت في احتواء المسلحين، ومعلوم أن الأكراد لديهم عداء تاريخي مع حكومة تركيا، ولديهم أيضا دوافع كافية لمواجهة الجيش التركي”.
ولفتت جريدة “شرق” في مقال بعنوان “الأزمة في سوريا والسيناريوهات المقبلة” بقلم محمد محمودي كيا، من “مركز دراسات الإمام الخميني والثورة الإسلامية” في عددها الصادر 4 ديسمبر أن: “(هيئة تحرير الشام) والتي تسعى بدورها لإبراز نفسها، تحولت إلى أداة لتنفيذ سياسات زعزعة الثبات، التي يعتمدها بعض اللاعبين الإقليميين والدوليين، وتشير تشكيلة هذه الجماعة بسجلها الإجرامي، إلى وجود مشروع جديد لتغيير النظام الجيوسياسي في غرب وجنوب غربي آسيا”.
وتابعت “شرق” “نحن أمام سيناريوهات عدة: الأول استمرار الأزمة بين صفوف الجيش السوري، وسقوط المدن والمناطق الاستراتيجية واحدة تلو الأخرى، مما يشدد الحصار الأمني على الحكومة المركزية، ويؤجج حالة عدم الاستقرار في سوريا، ويؤدي إلى توسيع رقعة الحرب الأهلية، مع حضور جماعات مسلحة أخرى. الثاني: يعتمد على الانسحاب الاستراتيجي للجيش السوري لالتقاط الأنفاس، وإعادة تنظيم صفوفه للحد من استيلاء الجماعات المسلحة على مناطق استراتيجية في شمال غربي وغربي سوريا. الثالث: إعادة الأجواء الأمنية إلى سوريا من خلال مزاعم استفزازية، على غرار استخدام أسلحة الدمار الشامل من قبل الجيش في مواجهة المتمردين، مما يمهد الطريق لتدخل قوات دولية في سوريا، وهذا سيناريو قد يتم اعتماده كأداة ضغط على روسيا وإيران في التطورات في سوريا، خاصة مع بداية عهد دونالد ترمب… وقد تسعى حكومة نتنياهو، إلى إشعال حرب أخرى في أية لحظة، في ظل ظروفها في حرب غزة، وفشلها في لبنان، ولذلك ينبغي على الجمهورية الإسلامية، الإبقاء على الاستعداد لمواجهة المؤامرات الإسرائيلية، ويجب التركيز حاليا على النشاط الدبلوماسي، والدعم العسكري للحكومة المركزية، والجيش العربي السوري بهدف استعادة حلب وباقي المناطق التي خرجت عن سيطرتهما”.
واعتبرت “شرق” أن “التطورات في سوريا تدعو للتأمل، فقد تكون خطوة الجيش السوري بالانسحاب السريع، وعدم الدفاع عن السيادة الوطنية، وبدون أية مقاومة في حلب تكتيكا عسكريا أو مؤشرا على وقوع خيانة ما”.
وفي مقاله بصحيفة “كيهان” بتاريخ 4 ديسمبر بعنوان “بنيامين أردوغان ضد سوريا” شن سعد الله زارعي هجوما لاذعا على الرئيس التركي قائلا: “إن الهجوم على حلب في سوريا طرح تساؤلات عديدة، فالعمليات تجري بواجهة (هيئة تحرير الشام)، ودون معارضي النظام السوري، حتى يؤكدوا أن الهجوم يتم بدعم من طرف أو أطراف خارجية، وهذا ما يؤكده استخدام المسلحين المهاجمين للمسيرات بأنواعها والمدرعات في الهجوم على حلب. ومن الواضح أن الجيش التركي متورط، لأن الحكومة التركية تبنت رسميا خلال مفاوضات (آستانه) خلال الأعوام الماضية مسؤولية (هيئة تحرير الشام). ومن الواضح أيضا دور إسرائيل، التي قالت على لسان مسؤوليها: إن سوريا ستدفع ثمن دعمها لـ(حزب الله)، وبالتالي فإن أنقرة وتل أبيب قامتا بالتخطيط والتمويل والتنفيذ، من خلال استخدام جماعات إرهابية معروفة بهدف استسلام بشار الأسد، أو بالأحرى استسلام سوريا واستسلام المقاومة، أمام المشاريع التوسعية الغربية والصهيونية في سوريا”.
وأضافت أنّ “الحقيقة أن الأمور لم تخرج بعد عن سيطرة الجيش السوري كليا، ولكن يجب أن نتوقع زيادة حدة الاشتباكات خلال الأيام القادمة، لأنه سيتم إرسال مزيد من المسلحين المدعومين من الحكومة التركية إلى المنطقة”.
———————————
وجهتها دمشق.. انطلاق معركة “كسر القيود” في الجنوب السوري
2024.12.06
انطلاق معركة “كسر القيود” في الجنوب السوري
تلفزيون سوريا ـ إسطنبول
أعلنت الفصائل المحلية في محافظة درعا، جنوبي سوريا، انطلاق معركة “كسر القيود”، مؤكدة أن وجهتها دمشق والهدف الوصول إلى ساحة الأمويين.
وجاء في بيان أصدرته غرفة عمليات الجنوب أن هذه الخطوة تأتي في إطار ما وصفته بحالة “تحرر وطني شامل”، التي بدأت شرارتها من حوران، مهد الثورة السورية.
ودعا البيان إلى الوحدة الوطنية، معتبراً أن المرحلة الحالية تتطلب موقفاً يرفض إراقة الدماء السورية ويعمل على إنهاء حكم الاستبداد وتحقيق العدالة والمساواة.
دعوة للاندماج والعمل المشترك
شدد البيان على أهمية الالتحام مع مكونات المجتمع السوري كافة، بما في ذلك أبناء درعا والسويداء والقنيطرة، للعمل معاً نحو بناء “سوريا الجديدة”.
343
وأكدت الفصائل التزامها بالحفاظ على أمن الجنوب واستقراره، مشيرة إلى ضرورة ضبط الحدود ومنع أي انفلات أمني قد يهدد المنطقة.
كما أطلق البيان نداءً إلى أبناء الجنوب للانضمام إلى جهود التحرر والعمل المشترك لبناء دولة مدنية خالية من الإرهاب والطائفية.
ودعت الفصائل قوات جيش النظام إلى الانشقاق عن النظام والانضمام إلى مشروع “سوريا الجديدة”.
كما وجه البيان نداءً إلى أبناء حوران للحفاظ على مؤسسات الدولة وحمايتها من التخريب، مؤكداً أهمية استمرار عمل المؤسسات المدنية في المرحلة الحالية.
تحقيق تقدم على حساب النظام
سيطرت الفصائل في درعا على حاجز الري ومنطقة البحوث العلمية والجامعات، بالإضافة إلى مزرعة الأبقار في ريف درعا الغربي، عقب انسحاب قوات النظام باتجاه مدينة درعا.
وأكد “تجمع أحرار حوران” المحلي أن الفصائل المحلية تمكنت أيضاً من تأمين انشقاق العديد من عناصر النظام خلال عملية السيطرة على حاجز الري.
وتشهد المنطقة المحيطة باللواء 52 ميكا، شرقي درعا، اشتباكات عنيفة بين الفصائل وقوات النظام، في محاولة من الفصائل للسيطرة على الموقع الاستراتيجي.
وأشار التجمع إلى استمرار القصف العنيف من قبل قوات النظام على مدينة الحراك وبلدة المليحة الغربية بريف درعا الشرقي، بالتزامن مع اشتداد المعارك قرب اللواء.
ونجحت الفصائل في السيطرة على منطقة اللجاة شمالي درعا، بعد مواجهات عنيفة مع قوات النظام التي انسحبت من مواقعها العسكرية هناك.
وأوضح التجمع أن الفصائل اغتنمت عربات ودبابات وأسلحة متنوعة خلال عملية السيطرة، بالإضافة إلى تسجيل انشقاقات في صفوف عناصر النظام وأسر آخرين.
وبسطت الفصائل سيطرتها الكاملة على معبر نصيب الحدودي مع الأردن، بعد إخراج الفرقة الرابعة وقوات النظام من الموقع.
———————————
مظاهرات حاشدة في سلمية تطالب بإسقاط النظام السوري
2024.12.06
تلفزيون سوريا ـ خاص
شهدت مدينة سلمية، ثاني أكبر مدن محافظة حماة، مظاهرات حاشد مساء أمس الخميس، عقب انسحاب قوات النظام السوري منها، ودخول فصائل المعارضة إليها وأفادت مصادر خاصة لتلفزيون سوريا بأن قوات النظام السوري والدفاع الوطني أخلت المقارّ والمراكز الأمنية التابعة لها في المدينة.
وطالبت المظاهرات بإسقاط النظام السوري، وتخللها حرق لصور بشار الأسد، وهتافات تتضامن مع حمص، وتردد شعارات ترتبط ببدايات الثورة السورية ومنها “واحد واحد الشعب السوري واحد”.
وحصل اتفاق بين إدارة العمليات العسكرية ووجهاء من المدينة إضافة للمجلس الأعلى الإسماعيلي لتحييد المدينة عن الأعمال العسكرية.
وينص الاتفاق على عدم تدخل الأهالي في الاشتباكات وحل الميليشيات التابعة للنظام السوري على غرار “الدفاع الوطني” وتسليم السلاح اليوم الجمعة في مبنى “الثرايا”.
وأضافت مصادر حاصة لموقع تلفزيون سوريا أن الفصائل العسكرية ستنتشر خارج المدينة، مؤكدة على خلو الشوارع من المظاهر العسكرية.
ويهدف الاتفاق إلى طمأنة المدنيين والحفاظ على هويتهم والتأكيد على أنهم جزء من الشعب السوري.
ولفتت المصادر إلى أن شبكة الإنترنت ماتزال مقطوعة عن المدينة، مشيرة إلى توفر الشبكة في بعض القرى القريبة من حمص.
————————————–
طهران تخطط لإرسال صواريخ ومسيرات إلى سوريا
عنب بلدي أونلاين
قال مسؤول إيراني كبير اليوم، الجمعة 6 من كانون الأول، إن إيران تهدف إلى إرسال صواريخ وطائرات دون طيار إلى سوريا وزيادة عدد مستشاريها العسكريين هناك، لدعم رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في معركته ضد فصائل المعارضة السورية.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول لم تسمه، أن من المرجح أن تحتاج طهران إلى إرسال معدات عسكرية وصواريخ وطائرات دون طيار إلى سوريا، إذ اتخذت طهران كل الخطوات اللازمة لزيادة عدد مستشاريها العسكريين في سوريا ونشر قوات.
وبحسب المسؤول، فإن طهران تقدم الدعم الاستخباراتي والدعم عبر الأقمار الصناعية إلى النظام السوري.
وقال المسؤول، إن “إيران وسوريا متحدتان في منع المتمردين من التقدم إلى المدن الكبرى، ولم تطلب سوريا بعد قوات برية من إيران”.
وأضاف أن القرار في الوقت الحالي هو أن تكثف روسيا وسوريا الغارات الجوية، وأضاف أن طهران اتخذت كل الخطوات اللازمة لتقديم الدعم العسكري لقوات النظام.
وعلى مدار الأسبوع الماضي، حققت فصائل المعارضة السورية أسرع مكاسب ميدانية في ساحة المعركة منذ 13 عامًا.
وقدمت طهران إلى جانب موسكو دعمًا عسكريًا واقتصاديًا للأسد منذ فترة طويلة، لكن هذا الدعم تعرض لضربة بعد أن تكبدت جماعة “حزب الله” في لبنان، أقوى حلفاء إيران في المنطقة، ومحور القوات التي تدعم الأسد، خسائر فادحة خلال الشهرين الماضيين في الحرب مع إسرائيل.
كما بيّن المسؤول الإيراني أن طهران طلبت من أنقرة عدم التحالف مع الولايات المتحدة وإسرائيل، مضيفًا أن إيران تعتقد أن إسرائيل والولايات المتحدة تعملان معًا لمنع حلفاء إيران من استعادة قوتهم.
وبحسب قوله، فإن إيران والعراق تدرسان مشاريع دفاعية مشتركة من خلال مجموعات “المقاومة” وحتى الجيوش النظامية.
ومن المتوقع أن يلتقي وزراء خارجية إيران وتركيا وروسيا في الدوحة، غدًا السبت لمناقشة تقدم المعارضة السورية.
هجوم إيراني على تركيا
قبل أيام، قال مستشار المرشد الإيراني، علي أكبر ولايتي، “لم نتوقع أن تقع تركيا، التي لديها تاريخ طويل في الإسلام، في الفخ الذي أعدته لها أمريكا والصهاينة”.
واعتبر أن تركيا أصبحت “أداة في يد أمريكا والكيان الصهيوني”، مشددًا في الوقت نفسه على أن إيران ستدعم النظام السوري حتى النهاية، وفق حديثه خلال مقابلة مع وكالة “تسنيم” الإيرانية.
وخلال نحو أسبوع، تمكنت فصائل المعارضة السورية من السيطرة على مدينة حلب ومطارها الدولي، والريف الذي كان تحت سيطرة النظام في إدلب، بالإضافة إلى دخول مدينة حماة وتمشيطها، قبل التوجه نحو مدينة حمص للسيطرة عليها، في ظل تحركات مماثلة في الجنوب السوري، بدأت شرارتها من محافظة درعا الجنوبية.
———————————
الجولاني يتوجّه لمحاصرة دمشق؟/ ابراهيم ريحان
6 كانون الأول 2024
بعد وقف إطلاق النّار في لبنان، كانت الأنظار تتّجهُ إلى سوريا. توقّع كثيرون أن يكونَ الجنوب السّوريّ من الكسوة في ريف دِمشق إلى محافظة السّويداء هو مسرح الأحداث المُنتظرة على السّاحة السّوريّة. لكنّ ما لم يكُن في الحُسبان هو أن تشتعِل جبهة الشّمال بهذه السّرعة، وأن تسقطَ العاصمة الاقتصاديّة لسوريا مدينة حلب في أقلّ من 24 ساعة، وأن يصل المعارضون إلى حماة. والجديد هو الرسالة التي أطلقها أبو محمد الجولاني أمس مخاطباً “أهالي درعا وحمص ودير الزور”، ما يعني أنّه مصمّمٌ على التوجّه إلى محيط العاصمة السورية دمشق. وبالتالي يبدو أنّ تركيا متّجهة إلى محاصرة الرئيس بشّار الأسد في الشام.
ماذا يحصُل في سوريا؟
يشهدُ النّزاع السّوريّ تحوّلاً نوعيّاً بعدما أطلقَت فصائل المُعارضة في الشّمال بالتّعاون مع “هيئة تحرير الشّام” (“جبهة النّصرة” سابقاً) هجوماً واسعاً من إدلب وصل إلى حلب وحماة تحت مُسمّى “ردع العدوان”. استطاعت المُعارضة ومعها “تحرير الشّام” التي يتزعّمها أحمد الشّرع، الملقّب بـ”أبي محمّد الجولانيّ”، السّيطرة على مدينة حلب ومساحاتٍ واسعة في ريفها الشّماليّ والغربيّ والجنوبيّ وما تحتويه من مراكز ومطارات عسكريّة، وقطع طريق إمداد النّظام المعروف باسم طريق “M5”. فعلت الشيء نفسه في حماة حيث تخوض معارك ضاريةتنتهي بالسيطرة على حماة وريفها.
اغتيال الأمين العامّ لـ”الحزبِ” السّيد حسن نصرالله، والآثار المعنويّة التي ترتّبت على ذلكَ على معنويّات مُقاتلي “الحزبِ” وجميع الفصائل الموالية لإيران
وقد علم “أساس” أنّ هناك محاولات قطرية لعقد اجتماع يوم الاحد المقبل بين قادة فصائل المعارضة السورية، ووزراء خارجية ممثّلين عن دول عربية وأوروبية، لبحث المستجدّات السورية، ولمحاولة رسم أطر المرحلة المقبلة وإمكانية التغيير السياسي في سوريا.
لكنّ مصادر تركية قالت لـ”أساس” إنّ التطوّرات العسكرية، خصوصاً بعد دخول حماه والتوجّه صوب حمص وطريق دمشق، لم تعد تسمح للمعارضة بالقبول بما كانت تطالب به قبل أسابيع وأشهر وسنوات. وأنّ ميزان القوى تغيّر كثيراً.
تركيا تريد مشاركة “الإخوان” في السّلطة
يقول مصدرٌ مسؤول في العاصمة السّوريّة دمشق لـ”أساس” إنّ هجوم المُعارضة جاءَ بطلبٍ تُركيّ للضّغط على النّظام بعدما رفضَ 3 مطالب تُركيّة طوال فترة المُفاوضات التي كانت ترعاها روسيا حتّى لحظة بدء هجوم المُعارضة في حلب.
يُلخّص المصدر “المطالب التّركيّة” بالآتي:
دمج مُسلّحي المُعارضة الموالين لتركيا في قوّات الجيش النّظاميّ.
إفساح المجال أمام جماعة “الإخوان المُسلمين” للدّخول في الحكومة السّوريّة وللترشح إلى مجلس الشّعب.
إعادة 3 ملايين لاجئ سوري من دون أيّ ترتيبات سياسيّة واقتصاديّة في ظلّ ما تعانيه حكومة دمشق بسبب العقوبات الأميركيّة وأبرزها “قانون قيصر”. إذ يعتبر النّظام أنّه لا يُمكن لحكومته أن تستوعب هذا العدد من اللاجئين وتحمّل كلفة معيشتهم من دون أيّ خطوةٍ من شأنها إعادة تعويم وضعه الاقتصاديّ.
تعتبر دمشق أنّ أنقرة تُحاول استغلال 3 عوامل ميدانيّة لفرضِ واقعٍ جديدٍ على السّاحة السّوريّة.
أوّلها: الضّربات الإسرائيلية العسكريّة القاسية التي تعرّضَ لها “الحزبُ” في لبنان.
ثانيها: أنّ “الحزبَ” نقلَ قسماً وازناً من قوّاته التي كانت تتمركَز في مدينة حلب وريفها الغربيّ والجنوبيّ إلى الجبهة اللبنانيّة وأيضاً إلى الجنوب السّوريّ، خصوصاً بعد الأنباء التي تحدّثت عن إمكانيّة أن يقوم الجيش الإسرائيليّ بعمليّة التفافٍ عبر الجولان السّوريّ المُحتلّ نحوَ البقاع الغربيّ.
ثالثها: اغتيال الأمين العامّ لـ”الحزبِ” السّيد حسن نصرالله، والآثار المعنويّة التي ترتّبت على ذلكَ على معنويّات مُقاتلي “الحزبِ” وجميع الفصائل الموالية لإيران.
مصدرٌ مسؤول في العاصمة السّوريّة لـ”أساس”: هجوم المُعارضة جاءَ بطلبٍ تُركيّ للضّغط على النّظام بعدما رفضَ 3 مطالب تُركيّة طوال فترة المُفاوضات
تراجع نفوذ إيران… وتغيّر “المزاج” الرّوسيّ
رابعها: ضعف النّفوذ الإيرانيّ بعد الضّربة التي تعرّضَ لها “الحزبُ” في لبنان ومقتل عدد كبير من المُستشارين الإيرانيين بفعل الاغتيالات الإسرائيليّة في سوريا ولبنان، علاوة على القرار الإسرائيليّ بمنع هبوط طائرات الشّحن الإيرانيّة التي تحمل أسلحةً في مطارات سوريا، وصعوبة نقل المُقاتلين عبر معبر البوكمال الحدوديّ مع العراق بسبب المُتغيّرات الإقليميّة. تُضاف إلى ذلكَ الأزمة الاقتصاديّة الحادّة التي تعصفُ في الدّاخل الإيرانيّ بسبب العقوبات الأميركيّة.
خامسها: الأزمة الاقتصاديّة التي تُعاني منها دِمشق، وهو ما ينعكسُ سلباً على البيئات الحاضنة ومناطق سيطرة النّظام من دمشق إلى حلب مروراً بحماة وحمص والسّويداء ودرعا.
سادسها: نقلت روسيا ثقلها العسكريّ والسّياسيّ نحوَ الجبهة الأوكرانيّة مع الغرب وأوروبا. إذ أدّت أولويّة هذه الجبهة بالنّسبة لموسكو إلى خفضِ التّركيز العسكريّ على الجبهة السّوريّة. في هذا الإطار تشير معلومات “أساس” إلى أنّ قاعدة حميميم الرّوسيّة كانت تعملُ في الآونة الأخيرة بـ10 طائرات حربيّة نشِطة وعددٍ محدود من أنظمة الدّفاع الجوّي. وذلك بعدما نقلت موسكو قسماً وازناً من تجهيزاتها الهجوميّة والدّفاعيّة والخبراء العسكريين لدعم العمليّات على الجبهة الأوكرانيّة.
سابعها: قامت تركيا طوال الفترة الماضية بتنظيم عمل مجموعات المُعارضة، وتكاد تكون المرّة الأولى التي تقوم فيها المُعارضة بشنّ عمليّة تحت إشراف قيادة وغرفة عمليّات موحّدة. كما باتَ واضحاً أنّ المُعارضة باتت تستعمل أسلحةً وتقنيّات جديدة، أبرزها الطّائرات المُسيّرة البعيدة المدى التي اعتمَدَت عليها بشكلٍ أساسيّ لضربِ مواقع أساسيّة واستراتيجيّة ومستودعات إمداد قوّات النّظام.
يُدركُ القائمون على الملفّ السّوريّ في تُركيا أنّ الدّول العربيّة تولي أهميّة قصوى لـ”استقرار وتماسك مؤسّسات الدّولة”
تُركيا تُحاول طمأنة العَرَب؟
يُدركُ القائمون على الملفّ السّوريّ في تُركيا أنّ الدّول العربيّة تولي أهميّة قصوى لـ”استقرار وتماسك مؤسّسات الدّولة”، وأن لا تكونَ سوريا مُجدّداً ملاذاً للمُقاتلين المُتطرّفين من مُختلفِ الجنسيّات، لما لذلكَ من انعكاسٍ مُباشر على الأمن القوميّ العربيّ. وقد كانَ ذلكَ واضحاً في الموقفيْن المصريّ والإماراتيّ، اللذيْن عبّر عنهما اتّصال رئيس دولة الإمارات الشّيخ محمّد بن زايد بالرّئيس السّوريّ بشّار الأسد، والاتّصال الذي جمَع وزيرَيْ خارجيّة مصر وسوريا، ووزيرَيْ خارجيّة مصر والولايات المُتحدة، وزيارة وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للإمارات.
أكّدَ بن زايد وقوفَ الإمارات إلى جانب سوريا. كما أكّدَ وزير الخارجيّة المصريّ بدر عبدالعاطي لنظيرَيْه السّوريّ بسّام الصّبّاغ والأميركيّ أنتوني بلينكن “موقف مصرَ الثّابت والدّاعم للدّولة السّوريّة وسيادتها ووحدةَ أراضيها”. وأكّد البيان الإماراتي السعودي المشترك “ضرورة تجنيب المنطقة أزماتٍ جديدة تهدّد أمنها واستقرارها”.
يقول مصدرٌ مسؤولٌ في وزارة الخارجيّة التُركيّة لـ”أساس”، اشترطَ عدم الإفصاح عن هويّته، إنّ أنقرة تواصلَت مع العواصم العربيّة، وخصوصاً الرّياض والقاهرة وأبو ظبي، ونقلَت وجهة نظرها التي تقوم على أنّ الحلّ السّياسيّ هو الحلّ الوحيد للأزمة السّوريّة.
أنقرة تواصلَت مع العواصم العربيّة، وخصوصاً الرّياض والقاهرة وأبو ظبي، ونقلَت وجهة نظرها التي تقوم على أنّ الحلّ السّياسيّ هو الحلّ الوحيد للأزمة السّوريّة
تواصل سعوديّ – تُركيّ: استقرار… ولا أجانب
تحدّث وزير الخارجيّة التُّركيّ حقّان فيدان مع نظيره السّعوديّ الأمير فيصل بن فرحان يومَ الأحد الماضي. وبحسب المصدر، فإنّ بن فرحان نقلَ رسالةً سعوديّةً مُفادها الآتي:
أن لا تكونَ الأراضي السّوريّة والحدود السّوريّة – التّركيّة ملاذاً ومعبراً للمُقاتلين المُتطرّفين.
شدّدَ على ضرورة أن لا تؤدّي عمليّة المُعارضة المُسلّحة إلى زعزعة أسس الدّولة السّوريّة، وأنّ على أنقرة أن تضبطَ دعوات الانشقاق، ومنع أيّ خطوة من شأنها أن تؤدّي إلى انهيار مؤسّسات الدّولة السّوريّة.
تناولَ الجانبان المساعي التي كانت تقوم بها الرّياض وبعض الدّول العربيّة لجهة ترتيب العلاقة بين دمشق وأنقرة، والتي كانَ من الممكن أن تصل إلى نتيجة نظراً للمُتغيّرات الإقليميّة وتراجع نفوذ إيران في المنطقة، وأنّه كانَ من الممكن أن تتأجّل العمليّة العسكريّة.
في المُقابل أكّدَ وزير الخارجيّة التّركيّ لنظيره السّعوديّ الآتي:
تعملُ أنقرة على ضبطِ منطقة الحدود السّوريّة – التّركيّة، وهي مُلتزمة بمنع تدفّق المُقاتلين الأجانب إلى الدّاخل السّوريّ.
حرصَت أنقرة على عدم مُشاركة المُقاتلين الأجانب الموجودين في سوريا في العمليّة العسكريّة، خصوصاً المُقاتلين الأوزبَك والتّركستان.
تخشى أنقرة من أن تُقدِم إيران على استقدام المُقاتلين الأجانب عبر الحدود العراقيّة – السّوريّة والزّجّ بهم في مناطق المُعارضة كما حصلَ في بعض محطّات النّزاع السّوريّ منذ عام 2011.
تُريد أنقرة من دعم عمليّة “ردع العدوان” إضعاف خصومها الإقليميين، وفي مُقدَّمهم النّظام السوري والميليشيات الكُرديّة التي تُقاتل تحت مُسمّى “قوّات سوريا الدّيمقراطيّة”
يُلخّص المصدر دعم تركيا للعمليّة العسكريّة لفصائل المُعارضة بالآتي:
تُريد أنقرة من دعم عمليّة “ردع العدوان” إضعاف خصومها الإقليميين، وفي مُقدَّمهم النّظام السوري والميليشيات الكُرديّة التي تُقاتل تحت مُسمّى “قوّات سوريا الدّيمقراطيّة”، اللذين تعتبرهما القيادة التُّركيّة تهديداً مباشراً لأمنها القوميّ.
تسعى الحكومة التّركيّة إلى معالجة قضيّة اللاجئين السوريين، التي باتت تمثّل تحدّياً داخلياً ضاغطاً، وذلكَ عبر العمل على توسيع نطاق المناطق الآمنة داخل الأراضي السّوريّة.
تسعى أنقرة إلى استغلال فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأميركيّة لتعزيز نفوذها في الشّمال السّوريّ لضمان حماية مصالحها الجيوسياسية على المدى البعيد. إذ تشير التقديرات السّياسيّة إلى أنّ ترامب قد يُقرّر هذه المرّة سحب قوّات بلاده من سوريا.
تُريد أنقرة أن تضغطَ على النّظام السّوريّ بعد تعثّر مبادرات التطبيع بينهما. وهنا يؤكّد المصدر أنّ تُركيا تدير العمليّة بحذرٍ شديدٍ وتتجنّب قدر الإمكان أيّ توتّر في العلاقة مع روسيا التي ينظرُ إليها الرّئيس التّركيّ رجب طيّب إردوغان كشريكٍ استراتيجيّ على السّاحتيْن الدّوليّة والإقليميّة.
تُريد أنقرة أن تضغطَ على النّظام السّوريّ بعد تعثّر مبادرات التطبيع بينهما. وهنا يؤكّد المصدر أنّ تُركيا تدير العمليّة بحذرٍ شديدٍ
المُعارضة السّوريّة
يقول مدير مركز “جسور” للدّراسات والسّياسيّ السّوريّ محمّد سرميني لـ”أساس” إنّ توقيت المعركة مُرتبط بتجميد العمليّة السّياسيّة التي استمرّت لعدّة سنوات. وهناك قراءة للمعارضة ترتبط بمُتغيّرات إقليميّة بعد “طوفان الأقصى” أوجدَت ظروفاً مناسبة لتحريك العمليّة العسكريّة. ويكشف أنّ المعارضة حضّرت لهذه العمليّة منذ مدّة طويلة.
ماذا عن هدف العمليّة؟ يجيب سرميني أنّ هدف العمليّة العسكريّة هو إعادة التوازن بعدما ظهرَت المُعارضة ضعيفة في السنوات الماضية بعد تقدّم النّظام في عدّة مناطق، ودفع العمليّة السّياسيّة لإيجاد حلّ سياسيّ عادل يُلبّي طموحات الشّعب السّوريّ ويقوّض نفوذ إيران في سوريا الذي بحسب سرميني باتَ يُهدّد الأمن المحلّي والإقليميّ.
تُريد المعارضة أن تبعث رسائل للقوى الإقليميّة والدّوليّة الفاعلة في السّاحة السّوريّة بأنّها تريد دفع العمليّة السّياسيّة بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن الدّوليّ. ويعتبر سرميني أنّ العمليّة سوريّة بامتياز مع ضوء أخضر إقليمي ودعم دولي، وأنّ الجانبيْن التركي والأميركيّ لا يريدان الصّدام، وأنّه باتَ واضحاً أنّ واشنطن لا ترغب بالاصطدام وأبلغت “قسد” والجانب التّركيّ بذلك. لكنّ بعض التطوّرات الميدانيّة قد تفرض تغيير بعض الاتّفاقات. ويؤكّد أن لا اتفاق تركيّاً – أميركيّاً. ويستدلّ على ذلك بسيطرة المعارضة على مدينة تل رفعت التي كان يُسيطر عليها المقاتلون الأكراد.
تُريد المعارضة أن تبعث رسائل للقوى الإقليميّة والدّوليّة الفاعلة في السّاحة السّوريّة بأنّها تريد دفع العمليّة السّياسيّة بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن الدّوليّ
يرى سرميني أنّ النّظام عاجز عن اتّخاذ موقف بالابتعاد عن إيران، وإن كان لديه الرّغبة في ذلك. ولهذا باءت بالفشل كلّ محاولات التطبيع السّابقة لاستيعاب النّظام لإبعاده عن إيران. كما أنّ النّظام هو الذي فتح المجال أمام إيران للتدخّل في كلّ المجالات السّياسيّة والعسكريّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة في سوريا، وإن وجّه رسائل للقوى الفاعلة في الإقليم والسّاحة الدّولية عن رغبته بالابتعاد عنها، إلّا أنّ الواقع أثبت عجزه عن اتّخاذ قرار كهذا.
يقرأ سرميني خطوة أبي محمّد الجولاني بحلّ “هيئة تحرير الشّام” في سياق التّخلّي عن كامل الإرث القديم والارتباط بالمجموعات المُصنّفة “إرهابيّة” مثل القاعدة، ومحاولته إعادة إنتاج نفسه كقائد محلّي سوريّ. حتّى إنّه بدأ بالتّخلّي عن اسم “أبي محمّد الجولانيّ” واستخدام اسمه الحقيقي أحمد الشّرع في مسعى لطيّ حقبة التنظيمات المُتطرّفة غير المنضبطة على حسابِ تقديم صورة سياسيّة معتدلة تكون مقبولة محليّاً وخارجيّاً.
موقع اساس ميديا
—————————
أبناء الساحل السوري يوجهون نداءً وطنياً للعلويين في سوريا
تعكس المناشدة رؤية واقعية لمستقبل سوريا قائمة على التعايش المشترك والمصالحة الوطنية بعيداً عن سياسات النظام التفريقية
6 كانون الأول 2024
طرح تجمع أبناء الساحل السوري مبادرة وطنية جامعة تستهدف مد جسور التواصل مع المكون العلوي في سوريا، مشدداً على وحدة المصير والتاريخ المشترك بين جميع أطياف الشعب السوري.
وتوجه التجمع في رسالته إلى العلويين بنبرة أخوية صادقة، مستذكراً المعاناة المشتركة لكافة السوريين تحت وطأة نظام استولى على السلطة وأهدر كرامة المواطنين، ونوه البيان إلى عمق الروابط التي تجمع السوريين، معتبراً أنها تتجاوز بكثير محاولات التفرقة والشرذمة التي مورست بحقهم.
واستعرضت المبادرة تداعيات السنوات العجاف على كافة مكونات المجتمع السوري، مؤكدة أن العلويين، كجزء أصيل من النسيج الوطني، تجرعوا مرارة الأزمة أسوة بباقي السوريين.
وحث التجمع العلويين على الانحياز لخيار الشعب السوري، متجاوزين السياسات التي زرعت بذور الفتنة والانقسام في المجتمع، وشددت الرسالة على أن رئيس النظام السوري وزمرته لا يمثلون إلا مصالحهم الشخصية التي أفضت إلى تدمير البلاد واستنزاف مقدراتها.
ودعا التجمع العسكريين العلويين إلى العمل على إقصاء الأسد وحاشيته عن المشهد السياسي بكافة السبل المتاحة، منوهاً إلى ضرورة إنقاذ سوريا من المجهول.
وناشدت الرسالة العائلات العلوية إلى منع أبنائها من المشاركة في العمليات العسكرية ضد إخوانهم السوريين، مؤكداً أن هذه المعارك لا تخدم سوى بقاء رئيس النظام السوري في السلطة.
وحث التجمع على تنظيم احتجاجات سلمية في المدن الساحلية للمطالبة بتسليم السلطة إلى مجلس حكماء يقود البلاد إلى بر الأمان، وأكدت أن مستقبل سوريا مرهون بوحدة شعبها وتضامن مكوناته، داعياً إلى تجاوز الانتماءات الطائفية والمذهبية.
وختم التجمع رسالته بالتأكيد على وحدة المصير والتطلع المشترك لبناء دولة ديمقراطية تضمن حقوق جميع مواطنيها، مناشداً العلويين المشاركة في صناعة مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وفي يلي نص الرسالة مع إمكانية التوقيع عليها من قبل الراغبين بذلك: الرابط هنا.
————————————-
زعيم علوي سوري يجري مباحثات سرية حول مرحلة ما بعد الأسد
تكشف زيارات الشخصية العلوية البارزة للعواصم الغربية عن تحول محتمل في موقف الطائفة العلوية من النظام السوري ورئيسه
كشفت مصادر خاصة لصحيفة ليفانت اللندنية عن تطورات دراماتيكية في المشهد السوري، عقب اجتماع متوتر جمع شيوخاً من الطائفة العلوية برئيس النظام السوري في دمشق.
وأشارت المعلومات إلى نشاط دبلوماسي مكثف لشخصية علوية سورية بارزة في الخارج، شمل جولات في عواصم أوروبية متعددة، اختتمت بلقاء مع فريق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وتحفظت المصادر على تفاصيل هذه الزيارات، موضحة أن الكشف عن أهدافها وغاياتها سيتم قريباً، فيما أفصحت شخصيات علوية سورية تواصلت معها صحيفة ليفانت أن المحادثات تركزت على ترتيبات مرحلة ما بعد الأسد.
ورجحت الصحيفة، استناداً إلى اتصالاتها، أن تكون الشخصية المعنية هي المحامي عيسى إبراهيم، حفيد الشيخ صالح العلي، المقيم في أوروبا منذ فراره من سوريا إثر مضايقات النظام ومحاولات استهدافه.
ومن المفيد التذكير أن الشيخ صالح العلي يعد أحد أبرز الزعماء التاريخيين للطائفة العلوية في سوريا، وقاد ثورة شعبية ضد الاحتلال الفرنسي في عشرينيات القرن الماضي.
وترك الشيخ صالح العلي إرثاً نضالياً كبيراً في الساحل السوري، حيث تمتعت عائلته بمكانة اجتماعية وسياسية مرموقة، قبل أن يتم تهميشها تدريجياً من قبل نظام الأسد الأب والابن.
وتعرض أفراد من عائلة الشيخ صالح العلي، بمن فيهم حفيده عيسى إبراهيم، لمضايقات وملاحقات أمنية خلال العقود الماضية، بسبب مواقفهم المعارضة لسياسات النظام واحتكار عائلة الأسد للسلطة.
ويأتي التحرك في ظل تنامي الاستياء داخل الطائفة العلوية من سياسات النظام، خاصة بعد الخسائر البشرية الفادحة التي تكبدها أبناء الطائفة في الحرب السورية، والتي قدرت بعشرات الآلاف من القتلى والجرحى.
—————————————-
==================
05 كانون الأول 2024
تم تصنيف الأحداث والوقائع حسب تاريخ النشر
——————————
“طرق طهران البرية” عبر سوريا.. “خرائط جديدة” تبدد الحلم الإيراني/ ضياء عودة – إسطنبول
05 ديسمبر 2024
“ناقوس خطر” دقت أجراسه في إيران، على وقع ما تشهده سوريا منذ نحو أسبوع، ليس فقط وفق ما تؤكده التحركات والتصريحات التي صدرت منها خلال الأيام الماضية، بل أيضا على مستوى التغير الحاصل في خرائط الميدان، في أكثر من جبهة وبالتزامن.
وفي نطاق هجومها الواسع ضد قوات النظام، وصلت الفصائل المسلحة في شمال سوريا، الأربعاء، إلى مسافة قريبة من الحدود الإدارية لمدينة حمص وسط البلاد، بعدما حققت تقدما واسعا في ريف مدينة حماة التي دخلت إلى أحيائها، الخميس، من الجهة الشرقية، حسب ما أكدت في بيان، وهو ما نفته قوات النظام السوري.
وفي مقابل هذه الجبهة، كانت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) قد أطلقت عملا عسكريا ضد قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية في ريف دير الزور، مستهدفة إخراجها من 7 قرى وبلدات تقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات، بالقرب من البوكمال، التي توصف منذ سنوات بمفتاح الطريق البري الذي يستخدمه “الحرس الثوري” الإيراني.
تقع البوكمال على الحدود السورية العراقية، وتخضع بالكامل لسيطرة ميليشيات تتبع للحرس الثوري.
وطالما تعرض مسلحوها هناك لضربات، ضمن نطاق حملات أوسع لمنع إيران من إرسال الأسلحة والعتاد لحزب الله في لبنان وباقي أذرعها في سوريا والمنطقة.
مقاتلون مناهضون للحكومة يحتفلون في محافظة إدلب شمال غرب سوريا
سفير أميركا السابق في دمشق: سوريا تشهد إعادة إشعال للحرب الأهلية
قال ثيودرو قطوف سفير الولايات المتحدة السابق لدى سوريا في حديث خص به قناة الحرة، إن مسؤولية الولايات المتحدة هي حماية قواتها في سوريا وأي جزء من العالم وإتخاذ الاجراءات اللازمة لمواجهة أي تهديدات.
وتعتقد الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، إيفا كولوريوتيس أن التطورات التي تشهدها الأراضي السورية “تدق بالفعل ناقوس الخطر في طهران، وتهدد مشروعها التوسعي في المنطقة”، وتستند بذلك على التحركات الدبلوماسية المكثفة لوزارة الخارجية الإيرانية.
كما تقول الخبيرة لموقع “الحرة”، إن المخاوف في طهران “لم تعد مقتصرة على قطع طريق البوكمال-تدمر المؤدي إلى لبنان، بل بات الخوف اليوم من توسع سيطرة فصائل المعارضة المسلحة باتجاه دمشق، وسقوط نظام بشار الأسد بشكل دراماتيكي، أو وضع خطة للتغيير السياسي في دمشق”.
“الخاسر الأكبر”
ولا تعرف الحدود التي ستكون عليها هجمات الفصائل المسلحة في شمال سوريا ضد قوات النظام السوري، ومع ذلك يبدو أنها تسعى للسيطرة بشكل كامل على مدينة حماة، بعدما اتبعت ذات الإجراء قبل أسبوع بخصوص مدينة حلب.
ويبدو من طبيعة تحركها على الأرض، أنها تهدف للوصول إلى مدينة حمص، التي تقع وسط سوريا، وتمر منها طرق إمداد حزب الله بالسلاح، وفقا لما سلطت الضوء عليه سابقا وسائل إعلام محلية وأميركية وإسرائيلية.
في المقابل، تواصل “قسد” عمليتها العسكرية في ريف دير الزور، وتقول حتى الآن إنها تهدف إلى السيطرة على 7 قرى على الضفة الشرقية للفرات، تنتشر فيها قوات للنظام وميليشيات إيرانية. ورغم أن القوات الكردية لا تضع أهدافا أكثر لعملياتها، فإن تحركها بالقرب من البوكمال يثير تساؤلات عما ستكون عليه هذه المدينة خلال الأيام المقبلة.
وحسب الخبيرة كولوريوتيس، فإن “إيران ستكون الخاسر الأكبر مع سقوط الأسد عسكريا أو من خلال انتقال سياسي”.
واستطردت: “لن تقتصر الخسارة على نفوذها (طهران) في دمشق وعلى حدود إسرائيل في جنوب سوريا، بل ستتسع لتصل إلى لبنان، حيث يعاني حزب الله من استنزاف عسكري وبشري في ظل أزمة سياسية داخلية”.
وأكدت الخبيرة المتابعة لشؤون حزب الله وإيران والميليشيات التي تدعمها في المنطقة، أن “التغيير في دمشق سيعني تقليصا حتميا لنفوذ حزب الله العسكري والسياسي في لبنان”.
من جانبه، رأى الباحث السوري في الشأن الإيراني، ضياء قدور، أن “المؤشرات التي نشاهدها على الأرض لا تزال ضعيفة، على صعيد قطع الطريق البري الخاص بالحرس الثوري، والمار من سوريا”.
وأوضح الباحث لموقع “الحرة”: “لا قسد تنوي ذلك بعملياتها ضد القرى السبع، وفي المقابل لا يوحي تحرك فصائل المعارضة في الشمال السوري حتى الآن أنها بصدد إغلاق الطريق البري المار من البوكمال شرقا”.
لكن قدور اعتبر أن “ما كان مدهشا في الأيام التسعة الماضية، هو أن إيران وميليشياتها في سوريا أصابها الشلل الميداني”، كما باتت طهران “عاجزة عن الحشد الطائفي”.
ومن ناحية أخرى، أشار الباحث إلى أن “إيران كانت قد اعتمدت خلال العمليات العسكرية المتواصلة حتى الآن، على استخدام جزء كبير من جهودها العسكرية المرتبطة بالميليشيات المحلية”.
وتابع موضحا: “نتحدث هنا عن حزب الله السوري وما تبقى من فتات ميليشيا فاطميون”.
“إيران تفقد قواعد نفوذها”
ومنذ عام 2012، زج “الحرس الثوري” الإيراني بالكثير من الميليشيات على أرض سوريا، وبعدما حققت طهران هدفها مع موسكو بتثبيت الأسد على كرسي الحكم، اتجهت بعد ذلك إلى التوغل في قطاعات اقتصادية واجتماعية.
كما حجزت لها دورا كبيرا في المشهد السياسي الخاص بالبلاد، وطالما كان المسؤولون فيها يحضرون الاجتماعات المتعلقة بالتنسيق على الأرض مع بقية القوى الفاعلة الأخرى، ويجرون المحادثات بالتوازي كـ”طرف ضامن”، وفق ما تؤكده محطات مسار “أستانة”.
لكن الظروف التي وضعت فيها إيران أول موطئ قدم لها في سوريا قبل 12 عاما، تكاد تختلف بشكل جذري عن الوقت الحالي، رغم أن النظام السوري ما زال يؤكد أن وجودها في البلاد “شرعي”.
وفي هذا الصدد، أشارت كولوريوتيس إلى أن الفصائل المسلحة “تمكنت خلال الأيام الماضية بالتوازي مع توسع سيطرتها في محافظة حماة، من قطع طريق الرقة-حماة وطريق حلب-حماة”.
وشرحت تبعات ذلك بالقول: “نتحدث عن مناطق واسعة تضم مراكز نفوذ مهمة لقوات فيلق القدس الإيراني وحزب الله، بالإضافة إلى مستودعات أسلحة ومصانع دفاعية كانت بمثابة مخزون استراتيجي لحزب الله في لبنان، خاصة الواقعة في منطقة السفيرة بريف حلب، وفي بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين”.
وأعربت الخبيرة عن اعتقادها بأن “حزب الله وبناء على معطيات الميدان، فقد الأمل في إعادة التسلح من مستودعات نظام الأسد، مع زيادة احتياجات دمشق لهذه الذخائر والأسلحة”.
وبالعودة إلى ممرات تهريب الأسلحة عبر الحدود من إيران إلى لبنان، أوضحت كولوريوتيس أن “هناك 3 مناطق يجب مراقبتها في المرحلة المقبلة”.
فصائل المعارضة تحقق تقدما كبيرا
بعد معارك ضارية.. فصائل مسلحة تعلن دخول أحياء حماة السورية
أعلنت فصائل سورية مسلحة، بدء دخول أحياء مدينة حماة، الواقعة وسط البلاد، وفقا لبيان أصدره الناطق باسم ما تعرف بـ”إدارة العمليات العسكرية”، حسن عبد الغني.
وتابعت: “المنطقة الأولى هي البوكمال، التي تعد بوابة العبور من العراق إلى سوريا، والثانية هي تدمر، حيث يوجد طريق آمن في البادية السورية، أما الثالثة فهي القصير في ريف حمص الجنوبي، حيث يتمركز حزب الله ويمتد نفوذه في هذه المنطقة، وهي بوابة التهريب من سوريا إلى لبنان”.
ماذا عن البوكمال؟
بالنسبة للبوكمال، فإن العملية العسكرية التي أعلنها “مجلس دير الزور العسكري” التابع لـ”قوات سوريا الديمقراطية”، تهدف للسيطرة على 7 بلدات شمال دير الزور، ولا تبدو أنها تحقق تقدما، حيث أصدرت القوات الكردية أوامرا بوقف هذه العملية، حسب الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط.
ومع ذلك، أوضحت أن “الحكومة العراقية لا يبدو أنها مستعدة للتدخل العسكري في سوريا، من خلال فتح معبر البوكمال أمام ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران”.
ويرتبط غياب الاستعداد بأن “هذا القرار يعود إلى الضغوط الأميركية لمنع تورط العراق في هذا التصعيد، بالإضافة إلى مخاوف إسرائيلية من أن دخول هذه الميليشيات إلى سوريا تحت ذريعة دعم الأسد، قد يؤثر سلبا على الهدوء في الجولان أو إنجازاتهم في لبنان ضد حزب الله”، وفقا لذات الخبيرة.
وبوجهة نظر الباحث قدور، فإن إيران “لم تفكر منذ بدء هجوم الفصائل في شمال سوريا، في تفعيل الخط البري المار من البوكمال لأسباب كثيرة”.
ومن بين هذه الأسباب، أن “المخاوف التي تتولد لدى الإيرانيين نتيجة هجوم حلب، تتطلب معالجة فورية، لذلك لا يقدم الطريق البري حلولا عاجلة”.
وأضاف الباحث أن “أغلب جهود إيران لدعم النظام السوري تتم عن طريق جوي يصل إلى قاعدة حميميم الروسية. هذه القاعدة أقرب إلى ساحة العمليات وفي متناول اليد”.
بلينكن اعتبر أن تخفيض التصعيد هو الآهم الآن
بلينكن: الأسد ومشكلات أخرى وراء تقدم “تحرير الشام” في سوريا
قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، إن رفض الرئيس السوري بشار الأسد “الانخراط بأي طريقة ذات مغزى في عملية سياسية هو ما فتح الباب أمام هذا الهجوم والمكاسب التي حققتها هيئة تحرير الشام على الأرض”.
و”ليس من المستبعد أن تخسر إيران نفوذها الكلي في سوريا بناء على التغير الكبير لخرائط السيطرة في سوريا، ومن بينها الطريق البري الذي كان حلما لقائد الحرس الثوري، قاسم سليماني، الذي قتل بضربة أميركية في بغداد قبل 4 سنوات”، وفق قدور.
ورأت كولوريوتيس أن “الولايات المتحدة وإسرائيل تراقبان التحركات الميدانية في سوريا، للفصائل المسلحة من جهة، والتحركات الإيرانية من جهة أخرى”.
وبينما يساور حزب الله الشكوك حول اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، فإن خطر عودة الحرب لا يزال قائما.
ولذلك، قالت الخبيرة إن “حزب الله وإيران في حاجة ماسة للدعم من سوريا. الإسرائيليون يدركون ذلك، وأعتقد أن حكومة (رئيس الوزراء بنيامين) نتانياهو لن تسمح بأي حركة من الأراضي السورية لدعم حزب الله، كما ستعمل على عرقلة أي دعم قادم من العراق باتجاه لبنان”.
تتالى ردود الفعل الدولية، في ظل التطورات الميدانية المتسارعة التي تشهدها سوريا، والتي كان آخرها إعلان فصائل المعارضة المسلحة، ومن بينها “هيئة تحرير الشام”، المصنفة على قائمات المنظمات الإرهابية في الولايات المتحدة، سيطرتها على مدينة حماة، واعتراف النظام في دمشق، بخروج المدينة عن سيطرته لأول مرة.
آخر هذه الردود جاء من السفارة الصينية في دمشق، التي دعت، الخميس، جميع رعاياها إلى مغادرة البلاد في أقرب وقت ممكن”.
وتأتي هذه الدعوة عقب إعلان الناطق باسم الخارجية الصينية، لي جيان، أن بلاده “أخذت علماً بالتطورات الأمنية في سوريا”.
وأضاف جيان الذي كان يتحدث خلال مؤتمر صحفي، الاثنين، أن بلاده حثت الحكومة في دمشق على “اتخاذ إجراءات فعالة”، لحماية المواطنين الصينيين والمؤسسات الصينية على أراضيها.
الناطق باسم الخارجية الصينية أكد أن بكين “تشعر بالقلق” بشأن التطورات شمال غرب سوريا، وأنها تدعم دمشق بشأن التطورات الأمنية الأخيرة.
مدينة حماة التي تقع وسط البلاد تقريبا، تعتبر نقطة وصل بين المحافظات الرئيسية، مثل دمشق، وحمص، وحلب، وإدلب.
ويمنحها قربها من المناطق الريفية والحدود الإدارية لمحافظات مثل إدلب واللاذقية موقعاً استراتيجياً، للتأثير على الكثير من الديناميكيات السياسية والعسكرية أيضاً.
كما يحمل سقوط مدينة حماة رمزية تاريخية كبرى في سوريا، خصوصاً عقب أحداث عام 1982، عندما حولها حافظ الأسد إلى رمز لقوته أمام أي معارضة لنظامه.
الحرة / وكالات – واشنطن
——————————-
مفترق طرق استراتيجي.. ماذا تعني سيطرة المعارضة السورية على حماة؟
الحرة / خاص – واشنطن
05 ديسمبر 2024
في خطوة لافتة أعلنت فصائل المعارضة السورية المسلحة، الخميس، السيطرة على مدينة حماة، رابع كبرى المدن السورية والواقعة في وسط البلاد، بعد أيام على سيطرتها على حلب في إطار هجوم مباغت.
واقتحمت الفصائل بقيادة هيئة تحرير الشام المدينة بعد معارك ضارية مع قوات النظام لتعلن إخراج مئات السجناء من سجن حماة المركزي الذي دخلته أيضا.
وهيئة تحرير الشام مصنفة إرهابية من قبل الولايات المتحدة وكانت سابقا تحت مسمى جبهة النصرة قبل فكّ ارتباطها بتنظيم القاعدة الإرهابي.
وأقرّ الجيش السوري بخسارته مدينة حماة الاستراتيجية معلنا في بيان أن وحداته العسكرية المرابطة في المدينة قامت بـ”إعادة الانتشار والتموضع خارج المدينة”.
مفترق طرق
كانت فصائل المعارضة تحاول منذ مطلع الأسبوع التقدم إلى حماة، التي تعد مدينة استراتيجية في عمق سوريا، تربط حلب بدمشق. وتقع المدينة على بعد 213 كم شمال دمشق و46 كم شمال حمص وتبعد عن مدينة حلب بحوالي 135 كم،
وبعد سيطرتها على عشرات البلدات ومعظم مدينة حلب، ثاني كبرى المدن السورية، وصلت الفصائل المسلحة الثلاثاء إلى “أبواب” مدينة حماة التي تعتبر استراتيجية للجيش لأن حمايتها ضرورية لتأمين العاصمة دمشق، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض.
ظلت حماة خاضعة لسيطرة الحكومة خلال الحرب الأهلية التي اندلعت منذ 2011 بعد انتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد.
تقع المدينة على بعد أكثر من ثلث الطريق من حلب إلى دمشق وستفتح السيطرة عليها الطريق أمام تقدم المعارضة المسلحة صوب حمص، وهي مدينة رئيسية في وسط البلاد تعد تقاطع طرق يربط أغلب المناطق المكتظة بالسكان في سوريا.
وحماة مهمة أيضا لبسط السيطرة على مدينتين قريبتين تضمان أقليات دينية وهما محردة التي يقطنها الكثير من المسيحيين، والسلمية التي يقطنها العديد من أبناء الطائفة الإسماعيلية وهي إحدى فرق الشيعة.
تقطن حماة أغلبية سنية قوامها 700 ألف في تقديرات سبقت الحرب الأهلية، وتعد واحدة من أقدم المدن السورية، حيث عمّرها البشر منذ العصر البرونزي والعصر الحديدي وتشتهر بالحصون والنواعير الاثرية.
تقع حماة على ضفاف نهر العاصي، وهو أحد الأنهار الرئيسية في سوريا ومن أبرز معالمها النواعير، التي يعود تاريخ بعضها إلى العصور الوسطى وقلعة حماة التاريخية وجامع النوري الكبير أقدم وأهم مساجد المدينة، ويتميز بتصميمه المعماري الفريد.
موقعها الجغرافي المهم يجعلها نقطة وصل بين الشمال والجنوب والشرق والغرب، حيث تربط الطرق السريعة الرئيسية فيها مدنا هامة مثل دمشق وحلب وحمص واللاذقية.
“مذبحة 1982”
شهدت المدينة بعضا من أكبر التظاهرات في بداية الانتفاضة المؤيدة للديمقراطية عام 2011 والتي أشعل قمعها الحرب الأهلية.
كذلك شهدت حماة “مذبحة” في 1982 على أيدي الجيش في عهد الرئيس السوري السابق حافظ الأسد أثناء قمع تمرد قادته جماعة الإخوان المسلمين.
في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات سعت جماعة الإخوان المسلمين السورية إلى الإطاحة بالرئيس السوري آنذاك وحكومته عن طريق اغتيالات سياسية وحرب عصابات.
وفي فبراير عام 1982 نصبت جماعة الإخوان المسلمين كمينا لقوات حكومية كانت تبحث عن معارضين في حماة.
هاجمت قوات حكومية سورية المدينة وأزالت أحياء قديمة في حماة لسحق الانتفاضة المسلحة لجماعة الإخوان المسلمين التي احتمت في المدينة.
تتراوح أعداد القتلى في العمليات التي دامت لثلاثة أسابيع في حماة بين عشرة آلاف وأكثر من 30 ألفا من إجمالي السكان الذي كان 350 ألفا، وفقا لتقديرات.
وقالت جماعات سورية مدافعة عن حقوق الإنسان في حينه إن نساء وأطفالا وكبارا في السن كانوا بين القتلى في حملة القمع التي أرغمت الآلاف على الفرار من المدينة.
الحرة / خاص – واشنطن
————————————-
تطورات وخرائط 3 جبهات.. معارك ضارية على مشارف حماة السورية
ضياء عودة – إسطنبول
05 ديسمبر 2024
تشهد المناطق المحيطة بمدينة حماة السورية من الجهة الشرقية والشمالية والغربية، معارك ضارية تخوضها الفصائل المسلحة، في محاولة منها لاختراق دفاعات قوات النظام السوري.
وبينما تمكنت هذه الفصائل (بينها “جبهة تحرير الشام” المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة)، خلال الساعات الماضية، من توسيع رقعة سيطرتها على الأرض، بالسيطرة على قطع وثكنات عسكرية وقرى وبلدات جديدة، فإنها لا تزال تواجه صعوبات كبيرة في التوغل داخل أحياء حماة.
وقالت الفصائل في آخر بياناتها الرسمية، ليلة الأربعاء الخميس، إنها تمكنت من السيطرة على قرى وبلدات استراتيجية شمالي وغربي حماة، من بينها مدرسة المجنزرات ومستودعات رحبة خطاب واللواء 87.
مقاتلون مناهضون للحكومة يحتفلون في محافظة إدلب شمال غرب سوريا
سفير أميركا السابق في دمشق: سوريا تشهد إعادة إشعال للحرب الأهلية
قال ثيودرو قطوف سفير الولايات المتحدة السابق لدى سوريا في حديث خص به قناة الحرة، إن مسؤولية الولايات المتحدة هي حماية قواتها في سوريا وأي جزء من العالم وإتخاذ الاجراءات اللازمة لمواجهة أي تهديدات.
وأضافت أنها بصدد الدخول إلى حدود محافظة حمص الإدارية، من المحور الشرقي الذي فتحته انطلاقا من خناصر في ريف حلب الجنوبي.
من جانبها، ذكرت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية، أن معركة حماة “من أضخم المعارك التي تنفذها الفصائل منذ بدء الهجوم قبل أيام، وتستخدم فيها المسيّرات ومختلف صنوف الأسلحة”.
وأضافت تلفزيون النظام السوري الرسمي، صباح الخميس، أن “الجيش السوري” تمكن من طرد فصائل مسلحة من عدة بلدات تسلل عناصرها إليها، في الساعات الماضية.
“3 جبهات”
المعارك التي تخوضها الفصائل المسلحة تنطلق من 3 محاور باتجاه حماة، الأول من الجهة الشرقية والثاني غربا بينما ينطلق الثالث باتجاه القرى والبلدات الواقعة في ريف المدينة الشمالي.
وأوضح مصدر إعلامي مقرب من الفصائل المسلحة لموقع “الحرة”، أن “جبل زين العابدين” الواقع من جهة المدينة الشمالية الشرقية، هو “أكثر ما يعيق التقدم على الأرض”.
روسيا لديها قوات في طرطوس- أ ب
روسيا و”تحريك قواتها” في سوريا.. ماذا يحدث؟
تحركات عسكرية روسية في سوريا تتزامن مع التقدم الذي حققته المعارضة ضد قوات بشار الأسد، حليف موسكو الذي تدعمه منذ نحو 10 سنوات.
ويقع الجبل المذكور إلى الغرب من جبل كفراع شمال مدينة حماة في سوريا بحوالي 5 كيلومترات، وتتموضع عليه قوات النظام السوري منذ سنوات طويلة، وطالما كان عقبة أمام عمليات الفصائل العسكرية السابقة.
وأضاف المصدر أن “طائرات روسية كانت قد دخلت على خط المعارك ليلة الخميس، بتنفيذها ضربات صاروخية من بعيد”، مستهدفة مواقع الفصائل في محيط جبل زين العابدين وفي قرية خطاب الواقعة بالقرب من مدينة حماة.
كما أشار إلى أن قوات النظام السوري “بدأت بنشر قناصة في الأحياء الشرقية من حماة، تحسبا لتقدم جديد قد تنفذه الفصائل في الساعات المقبلة”.
ولا تقل حماة السورية أهمية عن حلب، التي سيطرت عليها الفصائل المسلحة قبل أسبوع، بل قد تتجاوزها أيضا في هذا الجانب، بناء على معطيات الميدان الحاصلة الآن والمشهد السياسي والعسكري الذي طالما عرفت به المدينة منذ عقود، وفقا لحديث باحثين وخبراء تحدثوا لموقع “الحرة”، الأربعاء.
A displaced woman who fled Aleppo countryside, carries baby in Tabqa
100 قتيل مدني بأسبوع في سوريا.. والمعارضة بلغت “أطراف حماة”
قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم الأربعاء، إن أكثر من 600 شخص قتلوا منذ بدء التصعيد العسكري بين فصائل معارضة مسلحة وقوات النظام السوري.
وتقع مدينة حماة وسط سوريا تقريبا، مما يجعلها نقطة وصل بين المحافظات الرئيسية، مثل دمشق، حمص، حلب، إدلب.
ويمنحها قربها من المناطق الريفية والحدود الإدارية لمحافظات مثل إدلب واللاذقية موقعا استراتيجيا، للتأثير على الكثير من الديناميكيات السياسية والعسكرية أيضا.
ضياء عودة
—————————————–
روسيا و”تحريك قواتها” في سوريا.. ماذا يحدث؟
الحرة – واشنطن
04 ديسمبر 2024
تقارير عن تحركات عسكرية روسية في سوريا، تتزامن مع التقدم الذي حققته المعارضة ضد قوات بشار الأسد، حليف موسكو الذي تدعمه منذ نحو 10 سنوات.
فما هي خريطة التواجد العسكري الروسي في سوريا؟ وماذا تكشف عنه التحركات المعلن عنها، في حال صحتها؟
هذه التحركات التي أوردها معهد دراسات الحرب في واشنطن، ولم تؤكدها مصادر رسمية، تتعلق بأسطولها البحري في قاعدة طرطوس، إذ كشفت صور الأقمار الصناعية عن سحب روسيا لكامل أسطولها من هناك “في خطوة قد تشير إلى أن موسكو لا تنوي إرسال تعزيزات كبيرة لدعم رئيس النظام السوري”.
وأظهرت الصور التي التقطت، في الثالث من ديسمبر الجاري، إخلاء روسيا لثلاث فرقاطات حربية وغواصة وسفينتين مساعدتين من القاعدة البحرية، وهو ” ما يعادل جميع السفن الروسية التي كانت متمركزة في طرطوس منذ نشرها هناك”.
في الوقت ذاته، أشار تقرير المعهد إلى أن المديرية العامة للاستخبارات العسكرية الأوكرانية قالت إن موسكو نشرت قوات من “فيلق أفريقيا” في سوريا في الثالث من ديسمبر، وهي القوات التي أنشأتها لتحل محل مجموعة “فاغنر” في القارة الأفريقية بعد مقتل مؤسسها، يفغيني بريغوجين.
لكن المعهد لم يؤكد نشر هذه القوات، ويشير إلى أنه إن كانت هذه التقارير دقيقة، فهي تعني أن القيادة العسكرية الروسية تتجنب إعادة نشر القوات العسكرية الروسية النظامية من مسرح عملياتها ذي الأولوية في أوكرانيا إلى سوريا.
واعتبر المصدر ذاته، أن الإخلاء الروسي لطرطوس والتقارير عن نشر هذه القوات، يشير إلى قلق موسكو من أن قوات المعارضة السورية قد تتقدم جنوباً نحو حماة (على بعد حوالي 80 كيلومتراً شمال شرق طرطوس) وتهدد قاعدة طرطوس.
ودخلت روسيا على خط الأزمة السورية عسكريا في نهاية سبتمبر 2015 بهدف وقف انتصارات المعارضة العسكرية المتتالية التي هددت وجود النظام في الشمال الغربي.
ونشرت روسيا هناك قوات وأسلحة، بما في ذلك الطائرات الحربية والمروحيات الهجومية والشرطة العسكرية والجنود المنتشرين عبر 20 قاعدة، وفق مجلس العلاقات الخارجية الأميركي.
مركز “جسور” السوري للدراسات أوضح في تقرير نشر في يوليو الماضي أن لروسيا 21 قاعدة و93 نقطة عسكرية في سوريا.
وهذه النقاط العسكرية تنتشر بواقع 17في حماة، و15 في اللاذقية، و14 في الحسكة، و13 في القنيطرة، و12 في حلب، و8 في ريف دمشق، و8 في الرقة، و8 في دير الزور، و6 في إدلب، و4 في حمص، و3 في محافظة درعا، وموقعين اثنين في كل من محافظات دمشق والسويداء وطرطوس.
وأنشأت روسيا قاعدة حميميم لتكون أول قاعدة جوية دائمة لروسيا في الشرق الأوسط والقاعدة الجوية الدائمة الوحيدة خارج الاتحاد السوفييتي السابق.
فصائل مسلحة من المعارضة السورية بعد سيطرتها على مناطق في حلب (فرانس برس)
خريطة انتشار “الفصائل” ومساعي “تثبيت السيطرة”.. التطورات على الأرض في حلب السورية
مع الانتشار السريع لفصائل من المعارضة السورية المسلحة في “غالبية” حلب، كشف مصدران لـ”الحرة” آخر التطورات التي تجري في المدينة الاستراتيجية، السبت، وأوضحا أن “الواقع على الأرض يذهب الآن باتجاه تثبيت السيطرة” من قبل تلك الفصائل.
ويشير مركز “جسور” إلى أن روسيا عززت وجودها العسكري في سوريا بين منتصف عام 2023 ومنتصف عام 2024، مضيفة 9 مواقع إلى 105 منشآت قائمة.
وجاء ذلك بعدما خفضت انتشارها في سوريا خلال الأشهر الأولى من حرب أوكرانيا.
وجاء ذلك بعد التراجُع النسبي في عدد المواقع العسكرية الروسية في سوريا خلال الأشهر التي أعقبت انطلاق حرب أوكرانيا.
وتعود معظم الزيادة في عدد المواقع الروسية التي جرت خلال النصف الأول من عام 2024 ضمن المواقع التي انسحبت منها الميليشيات الإيرانية في محافظة القنيطرة.
وكانت روسيا قلّصت انتشارها العسكري في سوريا خلال العام الأول من غزوها لأوكرانيا نتيجة نقل جزء من قواتها التي شاركت في سوريا إلى أوكرانيا للاستفادة من خبراتها التي اكتسبتها من التجربة في العمليات القتالية ولخفض المجهود الحربي في سورية لصالح الصراع في أوكرانيا.
لكن روسيا لا تزال تحافظ على تفوُّقها العسكري مقارنةً بالقوات الإيرانية في سوريا، وهو ما يدل عليه انتشار قواتها في مواقع عسكرية جديدة في سوريا خلال عام 2024 واستمرارها في حرمان القوات الإيرانية من الانتشار في المواقع الاستراتيجية.
ويَبدو أن روسيا باتت تخشى الخسائر البشرية في صفوفها، لذلك تميل إلى الاعتماد بشكل أكبر على مجموعات المرتزقة في تنفيذ بعض الأعمال العسكرية، خاصة عمليات التمشيط البرية في البادية السورية.
ويقول مجلس العلاقات الخارجية إن الدعم الأساسي للأسد من روسيا تم في صورة قصف عشوائي لمناطق المتمردين من الجو، في حين دعم حزب الله النظام على الأرض، وفق المنظمة.
لكن من غير المرجح أن تكون القوة الجوية وحدها كافية لصد المعارضة، حاليا، ومع عجز القوات الحكومية، أو عدم رغبتها في محاربة التمرد وعدم قدرة حزب الله على حشد القوات بنفس القوة، كما كان يفعل من قبل، يجد الروس أنفسهم في موقف صعب في سوريا.
ولا شك أن موسكو سوف ترغب في الدفاع عن موقفها في سوريا، ولكن من غير الواضح حتى الآن ما إذا كان هذا يشمل الدفاع عن الأسد.
وتقول شبكة “سي بي أس” الأميركية إن الأسد دخل في مواجهة مع المعارضة بينما “روسيا الآن في العام الثالث من حربها الشاملة باهظة التكلفة في أوكرانيا، وحلفاء إيران، حزب الله وحماس، ضعفا بشكل كبير بعد عام من الصراع مع إسرائيل.
الحرة – واشنطن
—————————–
“الشاهين” سلاح جديد للمسيرات يؤجج معارك سوريا/ مصطفى رستم
استخدام فصائل المعارضة للطائرات بدون طيار قلب موازين القوى ومخاوف من توسع امتلاكها الخبرات والتكنولوجيا
الخميس 5 ديسمبر 2024 15:24
يثير استحواذ الهيئة على مسيرات مخاوف دولية من امتلاك ما تصفهم بالتنظيمات المتشددة تكنولوجيا متطورة يمكن تحديثها واستخدامها في حروب مقبلة، على رغم أن كتيبة الشاهين ليست التجربة الأولى من نوعها بالمطلق، إذ سبق ذلك محاولات تنظيم “داعش” لامتلاك سلاح المسيرات عبر طائرات بدائية استخدمها في بعض معاركه في فترة سيطرته (2013 ـ 2019)، لكنه لم يمتلك المحرك النفاث لها.
للمرة الأولى في تاريخ الصراع السوري تتمكن المعارضة المسلحة من السيطرة على الجو في تطور لافت للنظر، يشير إلى تغيير طرق الصراع المسلح المندلع منذ عام 2013 ودخول الطائرات المسيرة بمختلف أصنافها، والاعتماد عليها بصورة أساسية في المعارك الأخيرة التي بدأت في الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مما قلب موازين القوى.
ما يحدث على الأرض يشير إلى تبديل بالتكتيك العسكري لدى فصائل المعارضة من خلال طريقة الهجوم، ومن الواضح التطور الملاحظ في الأسلوب القتالي عن آخر معركة في عام 2019، حينها خسرت ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشرقي أمام تقدم الجيش النظامي وسيطرته على معرة النعمان وسراقب وخان شيخون، لكنها استحوذت عليهما من جديد في هذه المعارك الجارية حالياً، إذ تقدمت هيئة تحرير الشام والقوات المهاجمة نحو ريف حماة، وتخوض حالياً معارك ضارية على مشارف المدينة، وتعد الأعنف منذ بداية الهجوم.
والأسلوب التكتيكي الجديد لم يشمل العمليات الميدانية على الأرض فحسب بل في السماء، وبات لدى القوات المهاجمة الغطاء الجوي، مما مكنهم من تحقيق تقدم حتى الوصول إلى حلب، وأصبحت إحدى العوامل الرئيسة للقوة في ساحة المعركة الحديثة، وفي المقابل تشير الأنباء عن إسقاط عدد منها من القوات النظامية في ريف حماة أثناء الاشتباكات الحاصلة.
إلى ذلك استطاعت “كتيبة الشاهين”، الاسم الجديد في معركة حلب والمتخصصة في سلاح الطائرات المسيرة، أن تقلب معادلات القوة والسيطرة وفق ما يراه متابعون للأحداث الجارية في مدينة الشهباء، وظهرت لقطات مصورة لغرف عمليات “ردع العدوان” نشرتها على منصاتها لطائرة من دون طيار تحلق على علو منخفض تهاجم العربات والمدرعات، وتطلق القذائف على الجنود المنسحبين من المعركة أو المتحصنين بمواقعهم الأمامية أو خلف خطوط التماس، وطائرات انتحارية تنقض بسرعة على العربات والدبابات وتفجر نفسها على الفور بأي جسم يصطدم بها، بل وباتت سلاحاً للاغتيالات، ولا سيما العربات لشخصيات عسكرية في حماة.
واشتهرت كتائب الشاهين الجوية بهذا المستوى العالي من الخبرة والدقة، بل هي المفاجأة غير المتوقعة من مستوى التفوق التكنولوجي الذي حصل عليه التنظيم المسلح، بعد أن كان يعتمد على الأسلحة الفردية والمتوسطة في معاركه قبل خمس سنوات.
وفي حين أصاب امتلاك هيئة تحرير الشام للمسيرات العالم بالدهشة مع تفاقم المخاوف من توسع امتلاكها الخبرات والقدرات التكنولوجية، ولا سيما سيطرتها على مطارات في حلب، منها مطار حلب الدولي ومطار كويرس العسكري وكتيبة دفاع جوي، وكشف مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن في حديثه لـ”اندبندنت عربية” عن دعم دولي بمجال المسيرات، وقال “لدينا تقرير منشور منذ ثلاثة أشهر بوجود ضباط من أوروبا الشرقية دربوا كوادر من هيئة تحرير الشام على المسيرات، وكشف تفعيل قوتهم الصاروخية”.
إزاء ذلك يثير استحواذ الهيئة على مسيرات مخاوف دولية من امتلاك ما تصفهم بالتنظيمات المتشددة تكنولوجيا متطورة يمكن تحديثها واستخدامها في حروب مقبلة، على رغم أن كتيبة الشاهين ليست التجربة الأولى من نوعها بالمطلق، إذ سبق ذلك محاولات تنظيم “داعش” لامتلاك سلاح المسيرات عبر طائرات بدائية استخدمها في بعض معاركه في فترة سيطرته (2013 ـ 2019)، لكنه لم يمتلك المحرك النفاث لها.
يقول المتخصص العسكري والاستراتيجي العميد أحمد رحال إن الطائرات المسيرة حققت نتائج مبهرة وتفوقاً على قوات النظام، بل وخاضت معارك وهاجمت حتى الحوامات في المطارات وأحدثت فارقاً، بينما أشار في الوقت ذاته وعبر لقاء مصور إلى أن تلك المسيرات لم تحدث أي توازن في العمل الجوي، في حين الموقف الإقليمي والدولي سياسياً وعسكرياً يدعم العمليات التي تنفذ على الأرض.
وكانت روسيا حذرت من امتلاك الفصائل المسلحة لأكثر من 250 طائرة مسيرة متطورة في مقابل إرسال مقاتلين من الفصائل المسلحة إلى أوكرانيا، مع تصدي القوات السورية والروسية قبل عام لأسراب من الطائرات المسيرة فوق حلب، وعلى القواعد العسكرية ومنها قاعدة حميميم العسكرية، في المقابل يشير متخصصون إلى أن الدعم التقني والتكنولوجي الروسي والإيراني بطيء، مع ندرة أجهزة التشويش على الطائرات المسيرة وحاجة موسكو إليها في الحرب الأوكرانية.
ويدور الحديث عن امتلاك هيئة تحرير الشام بزعامة أبو محمد الجولاني لمعمل تصنيع طائرات من دون طيار يضم خبراء أجانب في ريف إدلب شمال غربي سوريا، وتطويرها بمحركات نفاثة وحمل قنابل متفجرة تمكنها من تنفيذ عمليات هجومية وانتحارية، وانتقلت الطائرات في المعارك والمناوشات التي تحدث بين القوات النظامية والمعارضة خلال السنوات الأخيرة من الرصد وتصوير المواقع والخرائط إلى العمل الهجومي المباشر، وهذا ما تسعى إليه ليس فقط “تحرير الشام”، بل أيضاً بقية الفصائل المسلحة ومنها قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
—————————-
الأسبوع الأهم في سوريا.. مكاسب المعارضة وتحركات النظام والردود الدولية
تلفزيون سوريا ـ إسطنبول
تطورات متسارعة وتصعيد عسكري غير مسبوق تشهده الساحة السورية منذ نحو أسبوع، حققت خلالها فصائل المعارضة السورية مكاسب عسكرية كبيرة على حساب قوات النظام، بعد إعلان بسط سيطرتها على الحدود الإدارية لمحافظة إدلب بشكل كامل، والسيطرة على معظم أحياء مدينة حلب، والوصول إلى مشارف ريف حماة الشمالي.
كانت الساعات الأخيرة من يوم الأمس الأكثر حرارة، مع وصول فصائل المعارضة إلى أطراف مدينة حماة، ولم تشهد المدينة دخولاً ميدانياً من قبل فصائل إدارة العمليات العسكرية، مكتفية بإرسال طلائع استطلاعية انسحبت لاحقاً إلى الريف الشمالي، وسط توجه واضح نحو تركيز الجهود على إنهاء وجود النظام في حلب بالكامل.
في محافظة حلب، استطاعت الفصائل تحقيق تقدم ملحوظ بالسيطرة على مواقع استراتيجية مثل الأكاديمية العسكرية ومنطقة الشيخ نجار، في إطار خطة تهدف إلى إنهاء الوجود العسكري لقوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ومع استمرار العمليات، أحكمت المعارضة قبضتها على مواقع حساسة مثل السجن المركزي.
أما في حماة، فقد شرعت قوات المعارضة بتوسيع نفوذها في الريف الشمالي والغربي، بهدف تأمين خطوط الإمداد وحماية القوات من الكمائن المحتملة، وفي الوقت ذاته، استجمعت قوات النظام نفسها في مدينة حماة، واستقدمت حشوداً عسكرية باتجاه البلدات القريبة من المدينة من الجهة الشمالية، وسط وعيد ببدء هجوم معاكس لإعادة السيطرة على المناطق التي تقدمت إليها الفصائل.
جبهة حماة
تشير مصادر متطابقة لموقع تلفزيون سوريا إلى أن فصائل إدارة العمليات العسكرية لم تدخل مدينة حماة يوم أمس، رغم دخول بعض طلائع الاستطلاع وانسحابها إلى مناطق سيطرتها في الريف الشمالي الذي يبعد نحو 15 كيلومتراً عن مركز المدينة.
ويبدو جلياً أن الفصائل مهتمة بإنهاء وجود النظام في محافظة حلب بشكل كامل بالدرجة الأولى، وهذا هدف تركي أيضاً يمكن لمسه من خلال تولي فصائل الجيش الوطني مهمة السيطرة على السفيرة ومعامل الدفاع والثكنات العسكرية القريبة وما يحيط بها من طرق استراتيجية، فالسيطرة على هذه المعامل تعني أن النظام لن يكون له عودة قريبة إلى الشمال، فمدينة السفيرة كانت نقطة التجمع للقوات القادمة من الجنوب والشرق ليتم إعادة انتشارها في الشمال.
وفي سياق موازٍ، تسعى الهيئة إلى إنهاء كل الوجود العسكري لقوات النظام و”قسد” في مدينة حلب، وعلى هذا الأساس تمت السيطرة اليوم على الأكاديمية العسكرية وحي الشيخ نجار.
يتزامن ذلك مع عدم إغفال جبهة حماة، إذ أشارت مصادر تلفزيون سوريا إلى أن فصائل المعارضة وسعت سيطرتها صباح اليوم في الريف الشمالي والغربي لضمان عدم تعرض القوات المهاجمة لأي كمين، وتؤكد المصادر نفسها أن حماة ما تزال هدفاً سيجري العمل عليه قريباً من قبل إدارة العمليات العسكرية.
التطورات في حلب
بسطت فصائل المعارضة سيطرتها على مختلف الأحياء في مدينة حلب الخاضعة لسيطرة النظام السوري، بعد التقاء قواتها التي عملت على محورين (إدارة العمليات العسكرية – فجر الحرية)، وذلك بعد بدء الجيش الوطني السوري معارك يوم أمس انطلاقاً من مدينة الباب باتجاه أحياء حلب.
وتبقى الأحياء الخاضعة لسيطرة “قسد” في مدينة حلب حجر عثرة أمام فصائل المعارضة، مع توجه الأنظار للسيطرة على مدينة تل رفعت بريف حلب الشمالي.
وأعلنت إدارة العمليات العسكرية السيطرة على المنطقة الصناعية في الشيخ نجار بمدينة حلب، إضافة إلى بلدة خناصر وأوتوستراد خناصر – حلب، مشيرة إلى أن التقدم لا يزال مستمراً، بينما أعلنت القيادة العسكرية لعملية “فجر الحرية”، التي تقودها وحدات الجيش الوطني السوري، عن تحقيق تقدم ضمن سلسلة من العمليات الميدانية ضد قوات النظام السوري وقوات “قسد” في عدة مناطق استراتيجية، تضمنت مدناً – منها السفيرة – ومنشآت حيوية واغتنام عتاد عسكري متنوع.
المناخ السياسي
سياسياً، تكثفت الجهود الإقليمية والدولية لمتابعة التطورات في سوريا، وتشير المعلومات التي حصل عليها تلفزيون سوريا إلى أن بشار الأسد اتصل مع رئيس الوزراء العراقي شياع السوداني، طالباً وساطة مباشرة مع تركيا، لكن الأخيرة لم تستجب، وبحسب المصادر نفسها، طلب وزير خارجية النظام بسام الصباغ من السعودية إدانة مباشرة لهجوم الفصائل، ولكن المملكة رفضت وفضلت البيان العمومي لجامعة الدول العربية.
على صعيد آخر، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، شون سافيت، أن اعتماد قوات النظام على روسيا وإيران بشكل كامل أدى إلى انهيار دفاعاته أمام فصائل المعارضة شمال غربي سوريا.
وقال سافيت إن الولايات المتحدة تتابع الأوضاع شمال غربي سوريا عن كثب، وأجرت خلال الساعات الـ48 الماضية اتصالات مع عدة عواصم في المنطقة، بحسب وكالة “رويترز”.
وشدد على أن رفض النظام المستمر للانخراط في العملية السياسية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2254، واعتماده على دعم روسيا وإيران، أدى إلى الانهيارات الحاصلة شمال غربي سوريا.
ونفى المتحدث أن يكون للولايات المتحدة الأميركية أي دور في العمليات الحالية شمال غربي سوريا، داعياً إلى خفض التصعيد في المنطقة وحماية المدنيين، والبدء بعملية سياسية جادة تضع حداً للحرب في سوريا وفقاً للقرار 2254.
وقد يلقي بيان البيت الأبيض بعض الضغط على تركيا، التي ترغب بإخراج “قسد” من داخل مدينة حلب، مع الانطلاق نحو تل رفعت الاستراتيجية، بالتالي السيطرة على كامل طريق غازي عنتاب – حلب.
وفي سياق التعليق على هجوم الفصائل، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إن “الجرائم والكوارث التي تشهدها المنطقة تتم بدعم مباشر من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية”، داعياً الدول الإسلامية إلى التحرك لمنع أميركا وإسرائيل من استغلال الصراع في سوريا.
أما جامعة الدول العربية، فقد قالت إنها تتابع بقلق بالغ التطورات الميدانية في سوريا، مؤكدة ضرورة احترام وحدة وسيادة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية.
وأضافت الجامعة في بيان لها أن المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، جمال رشدي، “أعرب أيضاً عن انزعاج أحمد أبو الغيط الأمين العام إزاء التطورات المتلاحقة التي تشهدها البلاد منذ عدة أيام وتأثيراتها على المدنيين، والتي تفتح احتمالات عديدة من بينها حدوث فوضى تستغلها الجماعات الإرهابية لاستئناف أنشطتها”.
تلفزيون سوريا
——————————–
الدعم الروسي والإيراني للأسد… هل تحوّل “الزمن الأول”؟/ كون كوخلين
بالنظر إلى انشغالهما في صراعات أخرى حول العالم
آخر تحديث 04 ديسمبر 2024
أثار الهجوم المفاجئ الذي شنّه المتمردون المسلحون على مدينة حلب السورية، ذات الأهمية الاستراتيجية، تساؤلات جدية حول قدرة حكومة الرئيس بشار الأسد على الصمود في مواجهة الأزمة.
وكان الأسد قد تمكن من الصمود في السلطة، رغم أهوال الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ أكثر من عقد، بفضل الدعم الكبير الذي تلقاه من حلفائه الرئيسين في طهران وموسكو.
يمكن تتبع نقطة التحول في مسار الصراع لصالح الأسد إلى اللحظة المفصلية في عام 2015، عندما توجه قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس” النخبوي التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني، إلى موسكو لإقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتدخل عسكريا لدعم الأسد.
وتعود جذور العلاقات بين موسكو ودمشق إلى الحقبة السوفياتية، حيث أدّى دعم الكرملين للنظام البعثي بقيادة عائلة الأسد إلى إنشاء قواعد عسكرية روسية رئيسة في سوريا.
حذّر سليماني بوتين مباشرة من أن موسكو قد تفقد أصولها العسكرية في سوريا، بما في ذلك القاعدة البحرية الاستراتيجية في طرطوس على ساحل البحر الأبيض المتوسط، إذا لم تبادر روسيا إلى التدخل لصالح الأسد.
في ذلك الوقت، بدا خطر سقوط دمشق وشيكا، خاصة مع توسّع تنظيم “داعش” وسيطرته على مساحات شاسعة في شرق سوريا، بينما كانت حكومة الأسد تعاني في الدفاع عن المواقع الاستراتيجية الرئيسة.
وهكذا، نجح قرار بوتين بالتدخل العسكري الروسي في سوريا، في خريف عام 2015، في تغيير مجرى الصراع بشكل حاسم لصالح حكومة دمشق.
ومن خلال نشر القوات الجوية الروسية، التي شنت غارات مكثفة على معاقل المتمردين الرئيسة، وبالتعاون مع القوات البرية بقيادة إيران والتي ضمت عددا كبيرا من مقاتلي “حزب الله” المجندين من لبنان المجاور، تمكنت حكومة دمشق من استعادة السيطرة على جميع المدن الكبرى في البلاد. ومن بين هذه المدن، مدينة حلب في الشمال، التي كانت إحدى أبرز مراكز مقاومة المتمردين منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.
وعلى الرغم من أن الدعم العسكري الكبير الذي قدمته روسيا وإيران ساعد حكومة الأسد على الصمود، فإنه لم يحقق انتصارا كاملا. فبحلول عام 2020، ومع انتهاء الأعمال العدائية الكبرى، لم تسيطر حكومة دمشق سوى على حوالي ثلثي البلاد، بينما ظلت مناطق أخرى، خاصة في الشمال، تحت سيطرة جماعات مسلحة متنوعة، من أبرزها الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة وعدد من الميليشيات الإسلامية والجهادية المتمركزة في إدلب.
إن عجز حكومة الأسد عن استعادة السيطرة على هذه المناطق الحيوية هو ما مكن الجماعات المتمردة من شن هجومها المفاجئ على حلب خلال الأيام القليلة الماضية، مما أثار مخاوف جدية حول قدرة حكومة دمشق على النجاة من هذا الهجوم هذه المرة.
ونظرا للتغيرات الكبيرة في المشهد الجيوسياسي العالمي منذ أن أنقذ التحالف الروسي-الإيراني حكومة الأسد قبل نحو عقد، أصبح من غير المؤكد قدرة حلفاء الأسد على تكرار هذا الإنجاز في مواجهة التحدي الأخير الذي تشكله الجماعات المتمردة السورية.
وتفيد المعلومات بأن المتمردين الذين يقاتلون في محافظات حلب وإدلب وحماة شمال غربي سوريا يضمون مجموعات رئيسة مدعومة من تركيا، بالإضافة إلى “هيئة تحرير الشام” الإسلامية، الجماعة التابعة لتنظيم “القاعدة” في سوريا. وقد نفت تركيا أي دور في تشجيع المتمردين على شن هجومهم على حلب.
3 أسباب أدت إلى انهيار خطوط الجيش السوري في #حلب
التفاصيل في فيديو #المجلة pic.twitter.com/uU1usJBVOE
— المجلة (@AlMajallaAR) December 3, 2024
ومع ذلك، تبقى قدرة كل من روسيا وإيران على تقديم الدعم الكافي للأسد موضع شك، بالنظر إلى انشغالهما الحالي في صراعات أخرى على مستوى العالم. فقد تكبد الجيش الروسي خسائر عسكرية كبيرة نتيجة قرار بوتين بغزو أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، مما دفع موسكو إلى إعادة نشر بعض القوات الروسية المتمركزة في سوريا لدعم المجهود الحربي في أوكرانيا. ومع انشغال القوات الروسية بالتركيز على تحقيق مكاسب في أوكرانيا، فإن قدرتها على تقديم دعم ملموس لحكومة دمشق تبقى محل تساؤل.
كما تجد إيران نفسها حاليا في موقف دفاعي نتيجة للهجمات العسكرية الإسرائيلية ضد “حماس” في غزة و”حزب الله” في جنوب لبنان، وهما من أقرب حلفاء طهران.
وفي عام 2015، تمكنت طهران من الاعتماد على “حزب الله” والميليشيات المدعومة من إيران في دول مثل العراق لدعم جهود الأسد الحربية. أما الآن، فإن إيران ستواجه صعوبة في توفير أعداد كافية من المتطوعين للتصدي لتقدم المتمردين السوريين في شمال سوريا.
إن نجاح المتمردين في السيطرة على حلب يُعد بلا شك أكبر إنجاز للقوات المناهضة للأسد منذ سنوات. وظلت حلب تحت سيطرة القوات الحكومية منذ استعادتها عام 2016، حين كانت أكبر مدينة في سوريا تحت الحصار، في حدث شكل إحدى نقاط التحول الرئيسة في الحرب التي أودت بحياة مئات الآلاف.
ودفع القلق المتزايد في موسكو بشأن الخسارة المحتملة لحليف رئيس في المنطقة بوتين إلى إقالة أحد كبار الضباط الروس المسؤولين عن القوات في سوريا. ورغم ورود أنباء عن قصف الطائرات الحربية الروسية والسورية لمواقع المتمردين في إدلب، يبدو أن هذه الجهود تواجه صعوبة في احتواء تقدم المتمردين، حيث أفيد بأن الجماعات المتمردة وصلت إلى مدينة حماة ذات الأهمية الاستراتيجية.
وشهد رد إيران حتى الآن عبور ما لا يقل عن 300 مقاتل إلى سوريا من العراق، حيث أكدت طهران التزامها بتقديم الدعم الكامل للرئيس السوري. ومع ذلك، فإن قدرة إيران على إرسال تعزيزات إضافية تبدو محدودة، خاصة بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدها “حزب الله” في لبنان نتيجة الهجوم العسكري الإسرائيلي الأخير.
ومن جانبه، تعهد الأسد بسحق انتفاضة المتمردين، واصفا إياهم بـ”الإرهابيين” الذين “لا يفهمون سوى لغة القوة”. وأشار إلى أن قوات الحكومة السورية تستعد لشن هجوم مضاد لاستعادة الأراضي التي سيطر عليها المتمردون.
ومن المؤكد أن أي تصعيد طويل الأمد في الصراع السوري سيؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، التي تعاني بالفعل من تداعيات الصراعات الدائرة في غزة ولبنان.
المجلة
———————–
نود “معركة حلب” خلف الستار/ مصطفى الأنصاري
الانفتاح نحو سوريا كان له ثمن، فهل يدفع تردد طهران ودمشق في الاستجابة إلى خلط الأوراق مجدداً؟
الخميس 5 ديسمبر 2024 13:59
راهنت إيران وأذرعها في المنطقة منذ حين على المناورة، إذ ظلت تتعهد بأشياء عدة ولا تلتزم إلا بالقليل في أحسن الأحوال، وهي التي تفاخر بأنها تحمل “دكتوراه” في الالتفاف على العقوبات وفقاً لوزير خارجيتها الأسبق جواد ظريف، لدرجة جعلت الرئيس الأميركي المنتخب ترمب يقول ” تذكروا أن إيران لم تربح الحرب بتاتاً، لكنها لم تخسر مفاوضات قط”.
إلا أن التحولات المتلاحقة التي بلغت ذروتها بعد السابع من أكتوبر 2023، فاق حجمها استيعاب المحور الذي كان يعتقد أن أدواته السابقة ستظل فعالة، مما دفعه في تقدير محللين إلى تكبيل النظام في دمشق، ومنعه الوفاء بالتزامات أعادته للجامعة العربية ومهدت للمفاوضات مع تركيا، وذلك على رغم الدعم الروسي المعلن لتلك المبادرات، وصون تلك التفاهمات قدراً كبيراً من مصالح الدولة، باستثناء المرتبط منها بعناصر الحرس الثوري و”حزب الله” من استهداف إسرائيل.
في هذا السياق يمكن فهم التحرك العسكري لاقتحام المدن والبلدات الاستراتيجية شمال البلاد ابتداء من إدلب وحلب وحماة، الذي كان “نتيجة مباشرة لتعنت النظام وانسداد الأفق السياسي في الملف السوري”، وتراجع النفوذ الإيراني في لبنان، وفقاً للمعهد البريطاني “شاتام هاوس” الذي رجح أن “حزب الله وحليفته إيران لن يعترفا بذلك مطلقاً، ولكنهما تعرضا لنكسة استراتيجية. وكان هدفهما هو ربط كل ساحات المعارك الإقليمية التي تتمتع إيران بنفوذ فيها من أجل استنزاف إسرائيل وإغراقها، ولكن إسرائيل نجحت في منع هذا الهدف بنجاح كبير، من خلال استخدام القوة الغاشمة”.
سلاح تهم الإرهاب والطائفية
وكان المحلل السوري المقيم في أسطنبول أحمد الحسن نبه في تغريدة له قبل أسابيع من الهجوم إلى أن قراءة النظامين في دمشق وطهران للتودد الخليجي والتركي إليهما كانت خاطئة، “عندما ظنوا أن دول الخليج وتركيا تتملقه”، بحسب قوله.
ومع أن وزيري خارجية إيران وتركيا أظهرا التوافق في مؤتمر صحافي جمعهما أخيراً على أن “سوريا يجب ألا تصبح موطناً للجماعات الإرهابية”، إلا أنهما أكدا أيضاً أهمية وجود “استقرار في سوريا”، مرهون في نظر أنقرة بـ”فتح قناة حوار بين الحكومة والمعارضة”، وهي نقطة التقاء بين كل المهتمين بالملف ظاهرياً في الأقل، بما في ذلك الدول العربية، ولا سيما الخليج الذي يرى الميليشيات الشيعية التابعة لإيران و”حزب الله” ونظيرتها السنية التابعة للقاعدة وتركيا وجهان لعملة واحدة، على خلاف دمشق التي ترحب بالأولى وتنبذ الثانية لأسباب معروفة.
وفي ظل ترقب الفرقاء قدوم ترمب ورهان بعض الأطراف على موقفه المضاد للنفوذ الإيراني، تمسك الإدارة الحالية في البيت الأبيض بموقف المراقب، على طريقة “لم آمر بها ولم تسؤني”، فأكدت في بيان مشترك لها مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا أنها تراقب عن كثب التطورات، وحثت “جميع الأطراف على وقف التصعيد وحماية المدنيين والبنية التحتية لمنع مزيد من النزوح وتوقف وصول المساعدات الإنسانية”.
وذكرت بأن التصعيد الحالي أكد “الحاجة الملحة إلى حل سياسي للصراع بقيادة سورية، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254″، وهو ما يتهرب حلفاء دمشق منه. في وقت لا يزال تسيد “هيئة تحرير الشام” المشهد يثير الهواجس على رغم محاولاتها إظهار تسامحها مع المخالفين في بياناتها التي توجهت بزيارة قائدها أبو محمد الجولاني قلعة حلب وطمأنة سكانها المختلفين عرقياً ودينياً، على نحو أعاد للمراقبين الطريقة الطالبانية في الاستحواذ على وقع الانسحاب الأميركي من أفغانستان.
لكن المسكوت عنه في التصريحات الدولية حتى الآن، هو أن اجتياح منطقة حلب وما جاورها يجد ترحيباً ليس تركياً فقط، وإنما كذلك من جانب بعض الدول، التي قد ترى فيه حلقة في سلسلة تقليم أظافر إيران وأذرعها في المنطقة، بشرط ألا يكون ذلك على طريقة استبدال السيئ بالسيئ أو الأسوأ، ويعنى بذلك تعويض “حزب الله” بـ”القاعدة”.
مبرر العودة للديار
ويخشى المراقبون أن يستثمر النظام وحلفاؤه ورقة “داعش” في تشويه الحراك وترهيب المجتمع الدولي من عودة الإرهاب مجدداً، إلا أن مراقبة التحالف الدولي للمشهد عن قرب، تعزز موقف المعارضة حتى الآن، ولا سيما في منع الميليشيات العراقية المدعومة من إيران بإسناد المقيمة في المناطق المتنازع عليها، وسط تزايد الضغط العسكري على النظام بشكل مكثف مع اقتراب الفصائل المسلحة من السيطرة على مدينة حماة الاستراتيجية بعد حلب وادلب.
ونقلت وسائل إعلام تركية عن مسؤول في الحزب الحاكم تأكيده أن “معظم اللاجئين السوريين في تركيا ينحدرون من مناطق إدلب وحلب، وبالتالي من حقهم العودة لديارهم”، وسط نقاش عريض في البلاد حول العمليات العسكرية، التي صارت أشبه بتنفيذ أمر واقع ظل منشوداً ليس بهدف عودة اللاجئين وحسب، ولكن بالنظر إلى اتهام طهران ودمشق، بـ”تغيير ديموغرافية المنطقة وإحلال سكان جدد من مذاهب أخرى مكان أهلها السابقين، بعضهم من أصول آسيوية”، بحسب تقديرات المعارضة السورية.
ويشير المحلل الحسن إلى أنه بين المؤمنين منذ وقت مبكر أن “النظام لن يجد بديلاً عن التخلي عن حلب عملياً حتى وإن بقي فيها عسكرياً، لأنه فشل في إعادة إحياء النشاط الاقتصادي للمدينة، وما فشلت فيه العسكرة قد ينجح فيه الاقتصاد، ولا سيما مع دعم خليجي وأوربي لتركيا على أن يكون الأساس إضعاف الدور الإيراني”، مشيراً إلى أنه قال ذلك في وقت مضى حين منعت إيران الأسد من التخلي عن حلب عبر اتفاق سياسي، والآن صار واقعاً.
ومن غير المعروف حجم التنسيق بين إسرائيل وتركيا إثر تلاقي مصالح الاثنين في العمليات العسكرية شمال سوريا، إلا أن تل أبيب اكتفت بأنها تراقب الوضع ولن تسمح باستغلال سوريا الأحداث لتسليح “حزب الله”، فيما كان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر اعتبر في أول تعليق إسرائيلي على الأحداث السورية أنه “لا يوجد طرف جيد”، في إشارة إلى الفصائل المسلحة التي سيطرت مع فصائل أخرى على حلب من جهة، والجيش السوري من جهة أخرى.
أولى تداعيات هزيمة “حزب الله”
ولا شك أن إضعاف “حزب الله” من جانب إسرائيل، ستكون له تداعيات كبرى على مناطق نفوذه السابقة، وهذا أمر بدهي، إلا أن المحور الإيراني قد يجد صعوبة في استيعاب ذلك، ليس في الملف السوري، ولكن في جبهات أخرى ربما مثل اليمنية، ولهذا يشير بلال صعب من المهد البريطاني إلى أنه “من خلال الموافقة على شروط وقف إطلاق النار، فإن حزب الله تخلى عن حماس بصورة أساسية، وبالتالي عن فكرة الترابط الاستراتيجي المتبادل برمته”، في إشارة إلى ما يسمى “وحدة الساحات”.
في غضون ذلك اعتبرت الخارجية الإيرانية من جانبها إسرائيل المستفيد الأكبر من الأحداث في سوريا، متهمة إياها وأميركا بدعم “الإرهابيين”، وفق وصفها.
بيد أن القيادي في المعارضة السورية يحيى العريضي نفى ذلك في حديث مع “اندبندنت عربية”، وقال إن المعارضة استعدت لهذه المعركة طويلاً، بعد انسداد الأفق السياسي مع دمشق ورفضها اليد الممدودة إليها من تركيا، بحثاً عن حل سياسي ينهي أزمة ملايين اللاجئين الذين هجروا من ديارهم في “إدلب وحلب وحماة ودرعا”، وضاقت بهم دول العالم بما رحبت، وصارت عودتهم لبلادهم أمراً لا مفر منه مهما تأخرت، وحاول النظام السوري والإيراني ترحيلهم إلى غير رجعة وتعويضهم بآخرين من انتماءات مذهبية وطائفية مغايرة من أشتات العالم.
وماذا عن سر في التوقيت والقوات؟ أجاب “جنود معركة حلب لا يزالون خلف الستار، وأما هيئة تحرير الشام التي يراد تشويه الحراك بمزاعم سيطرتها على المشهد، فلا تشكل سوى 18 في المئة، على رغم أنها هي الأخرى لم تعد الجسم الذي كان قبل سنوات”.
أما التوقيت “فلا يعيب أن نستفيد من الظرف الإقليمي الراهن، الذي صار مؤمناً بإعادة إيران لوضعها الطبيعي ومواجهة نفوذها في سوريا ولبنان، ولو كان التحرك في أي وقت سيجد الرافضون له مبرراً للتشكيك فيه”.
الهدف ليس إسقاط النظام؟
وحول الحدود التي يمكن للتحرك العسكري أن يتوقف عندها؟ رفض العريضي تحديدها، واكتفى بالقول “الوضع الميداني هو الذي يحكم، وعلينا أن نراقب التطورات”، لكنه ألمح إلى أن الهدف ليس إسقاط النظام هذه المرة، وإنما إجباره على المفاوضات، وتنفيذ الحلول التي كانت منذ سنوات موضع اتفاق أممي، وليس فقط السوريين.
وعلى رغم التهديدات الروسية والإيرانية بأنها ماضية في تثبيت دائم النظام السوري، أضاف “أشك أن قدرتهما تسمح لهما بذلك، ولا سيما على النحو الذي شهدناه في السابق، فلكل همومه الخاصة”، مؤكداً أن الدول العربية ولا سيما الخليجية تعلق عليها آمال كبيرة بأن تضغط في سبيل إيجاد تسوية مرضية بالتنسيق مع سوريا.
أما المحلل السوري الحسن فإنه يرى الظرف الدولي الراهن في صالح تحرك المعارضة الجديد نحو استعادة زمام المبادرة، “ما لم تظهر نتائج مغايرة في إدارتها المدن بعد السيطرة عليها، مثل التقاتل في ما بينها والتناحر، أو ظهور جماعات إرهابية في الصورة”.
وتشكل خريطة التحالفات الدولية واتجاهات الفصائل الموالية لكل طرف داخل سوريا تحدياً كبيراً أمام الوصول إلى أية تسوية نهائية للصراع وجنوده الكثر خلف الستار، تحظى بتوافق الجميع، بين النظام والإيرانيين والأميركيين والأتراك، وحلفائهم الإقليميين والسوريين.
————————————–
سقوط العاصمة الاقتصادية السورية يخنق الليرة/ مصطفى رستم
تشهد الأسواق في دمشق وبقية المحافظات خسائر غير مسبوقة ورجال أعمال يستبعدون تأثير سقوط حلب في الواقع الصناعي والتجاري
الخميس 5 ديسمبر 2024 15:01
منذ اليوم الأول من اقتحام مدينة حلب رجح المتخصص في الشأن الاقتصادي جورج خزام أن “ينعكس ذلك بطلب شديد على الدولار، مترافقاً مع دخول العملية التركية واستبدالها، وتجفيف الليرة السورية
على قارعة طريق في وسط حلب يهبط أحد الأشخاص الغرباء عن المدينة، يدخل أحد المحال التجارية لشراء حاجاته، يسأل البائع هل تبيع بالليرة التركية أم تأخذ بالدولار؟ هكذا بدت الحياة تتبدل في العاصمة السورية، لترتدي المدينة حلة جديدة مع تبدل نظام الحكم فيها، إذ لم يعهد أهالي الشهباء تداول العملة الخضراء في وقت سابق، كونها “جريمة” يعاقب عليها القانون.
وبينما تشهد الأسواق في دمشق العاصمة وبقية المحافظات السورية خسائر غير مسبوقة، وهبوط بالعملة المحلية منذ سقوط كامل لمدينة حلب بيد الجماعات المسلحة المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام في الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ومع تقدم قوات مهاجمة أطلقت عملية “ردع العدوان” ينقشع هذا الحدث عن تسجيل تراجع لـ”الليرة”.
وسجلت الأسواق تراجعاً قياسياً وغير مسبوق، إذ وصل سعر صرف الدولار الواحد إلى 16500 ليرة في دمشق، بينما بلغ سعر الصرف في حلب 25 ألف ليرة في مقابل كل دولار في السوق الموازية (السوق السوداء).
فيما حافظ على السعر الرسمي بالبنك المركزي السوري إلى ما دون 14 ألف ليرة للدولار الواحد، وبذلك يسجل ارتفاعاً منذ اندلاع الصراع عام 2011 حتى قبل أسبوع بأكثر من 1200 في المئة ولا سيما في حلب، شمال البلاد.
يأتي هذا التطور في وقت تعيش حلب توقفاً شبه كامل للحركة التجارية، وبالوقت ذاته تشهد الحركة التجارية بالأسواق تعافياً تدريجاً بعد امتصاص الأهالي والقاطنين صدمة تبدل إدارة شؤونهم المدنية، وسط تأمين خدمات الكهرباء والماء، وعودة المواصلات لأحياء المدينة، في حين لم تعد بعد حركة البنوك والمصارف الخاصة بطاقتها الكاملة كما سابق عهدها، مع حديث عن عودتها بصورة تامة خلال الأيام المقبلة.
أحوال أسواق حلب
وبالحديث عن أحوال أسواق حلب فقد عادت معظمها، واقتصرت على شراء المواد الاستهلاكية والغذائية أو المحروقات، وسط تعامل طفيف بالعملات الأجنبية، إذ باشر التجار ومحطات الوقود بالإعلان رسمياً استقبال التعامل بعملات غير الليرة السورية (الدولار والليرة التركية)، وسط مخاوف تجار سوريين من تجفيف الليرة السورية، في حين الكوادر الوظيفية على موعد للعودة لأعمالها في الدوائر العامة والحكومية مع بداية الأسبوع المقبل لجميع القطاعات الخدمية، بينما القطاع الصحي والحالات الطارئة ما زالت مستمرة بأعمالها.
وأفاد مصدر مطلع بمجموعة إجراءات اتخذتها الحكومة الموقتة منها عودة من يرغب للعمل في وظائف الدولة من الموظفين، وبرواتب تسدد بالدولار الأميركي، ومن لا يرغب في العمل فله مطلق الحرية في قراره، بينما الرواتب والأجور تتفاوت بين القطاعات الخدمية بحسب طبيعة العمل.
ومنذ اليوم الأول من اقتحام مدينة حلب رجح المتخصص في الشأن الاقتصادي جورج خزام أن “ينعكس ذلك بطلب شديد على الدولار، مترافقاً مع دخول العملية التركية واستبدالها، وتجفيف الليرة السورية، وتوقع جمع مليارات الليرات من حلب لتصريفها في إدلب والحسكة، ومعه زيادة الطلب على الدولار، والنتيجة انهيار الليرة السورية”، متوقعاً “طباعة عملة ورقية خاصة للشمال السوري تحت أي مسمى مثل ’الدينار‘، وتكون قيمتها الافتتاحية السوقية تساوي ليرة تركية”.
منذ عام 2011 ومع اندلاع الحراك الشعبي في درعا عمت البلاد احتجاجات شعبية، تهاوت الليرة آنذاك أمام الدولار الواحد بما يساوي 50 ليرة فحسب، مع تدحرج العملة بحكم انهيار الاقتصاد والحصار والعقوبات الاقتصادية وكلفة الحرب العالية، وتوقف الصناعة والمعامل عن العمل، مع ضعف الموارد والعقوبات الأوروبية والأميركية، علاوة على خروج موارد سوريا وثرواتها الباطنية من يد دمشق بعد استحواذ الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) على منابع النفط والغاز في الشمال الشرقي الغني كذلك بالثروات الزراعية، إذ تعد هذه المنطقة ولا سيما الجزيرة السورية سلة غذاء سوريا.
إلى ذلك عاش السوريون حين ذاك تضخماً يعد الأصعب من نوعه، وصل إلى درجة بدأت الفعاليات التجارية بوزن العملة بـ”الميزان”.
إلغاء تجريم التعامل بالدولار
في غضون ذلك طالب اقتصاديون بضرورة إلغاء تجريم التعامل بالدولار، وبات المطلب ضرورة ملحة، ومع هذا الإجراء من المتوقع انخفاض كبير بسعر الصرف وأن يتاح للجميع.
وصدر مرسوم في مطلع يناير (كانون الثاني) 2024 يمنع التعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للدفع أو لأي نوع من أنواع التداول التجاري، وحافظ على العقوبات المتعلقة بالحبس أو السجن، وتصل إلى أكثر من سبع سنوات.
ومع ذلك تتوقع الأوساط الاقتصادية الاستمرار بتراجع الليرة وتهاويها لا سيما مع استمرار الأحداث، والمعارك الضارية على مشارف حماة، وانقطاع الطريق الدولي ما بين حلب شمالاً ودمشق جنوباً، وارتفاع بأسعار البضائع والمنتجات، لا سيما أن معامل حلب توقفت عن الإنتاج والعمل وضخ منتجاتها للأسواق السورية.
من جانبه يؤكد الصناعي السوري عدنان الدغلي تواصل حالة عدم الاستقرار، ومطالباً بضرورة اتخاذ إجراءات اقتصادية استثنائية قبل فوات الأوان، ولا سيما بما يخص المستوردات التي تسمى “منصة المستوردات” أكثر سلاسة مع ضرورة إحداث تغيير جذري بطريقة إدارة السياسة الاقتصادية، والنقدية التي يتبناها المصرف المركزي.
وقال الدغلي “لعل أولى المواد التي من المرجح ارتفاعها الدواء ضمن قائمة من المنتجات السورية مرشحة للغلاء في المستقبل، إذ إن معظم معامل الدواء السوري موجودة في حلب، عدا عن النسيج وغيرها من المواد”.
في المقابل يستبعد رجال أعمال سوريين أن يؤثر سقوط العاصمة الاقتصادية لسوريا في الواقع الاقتصادي والتجاري بعد خروجها عن سيطرة الحكومة، وهي المرة الأولى التي تنفصل حلب عن العاصمة السياسية دمشق.
وقالوا “في حال دعم الإنتاج الزراعي والصناعي بطريقة غير محدودة، من الممكن تعويض الخسارة”.
في المقابل يرى تجاريون أن الأحداث تسببت في ضياع فرص وصفقات تجارية وصناعية، مع توقف عمليات تصدير واسعة، بالتالي انخفاض العملة الأجنبية إلى خزانة الدولة، مع تدني مستوى الضرائب من المنشآت التجارية والصناعية من مدينة تعد الثانية بالحجم والقدرات بعد العاصمة دمشق.
————————–
عائدون إلى حلب: أجمل لحظة نعيشها
يتحدثون عن فرحتهم برؤية مدينتهم من جديد بعد سنوات النزوح وعن حلم تحقق بعناق الأولاد والأمهات
أ ف ب
الخميس 5 ديسمبر 2024
لكن في أنحاء أخرى من المدينة، تفتقد الشوارع زحمتها الاعتيادية ويطغى شعور بالقلق، إذ يخشى سكان من تدهور الوضع، أو من تعرضهم لمضايقات من الفصائل المعارضة.
في منزلها بمدينة حلب، حضنت بحرية بكور ابنها محمد طويلاً، وتشاركا الدموع فرحاً بلقاء طال انتظاره، بعدما أتاح خروج المدينة عن سيطرة القوات الحكومية إثر هجوم مباغت لفصائل معارضة، عودته.
تقول بكور (43 سنة) بينما لا تنفك تعانق ابنها لوكالة الصحافة الفرنسية، “كنت أحصي الدقائق والساعات لرؤيته. لم أتوقع أن يحصل ذلك. كنت أخال أنني سأموت قبل أن أراه”.
وكان محمد جمعة (25 سنة) في عداد عشرات آلاف من سكان المدينة ومقاتلي المعارضة الذين تم إجلاؤهم نهاية عام 2016 إثر اتفاق تسوية كرس سيطرة القوات الحكومية على المدينة بالكامل، بعد أن كانت فصائل معارضة تسيطر على أحيائها الشرقية منذ عام 2012.
وحده يعلم فرحتي
بعد هجوم “هيئة تحرير الشام” وفصائل معارضة في شمال سوريا، وسيطرتها على غالبية أحياء مدينة حلب ومناطق مجاورة، عاد محمد الذي كان استقر في عفرين الواقعة على بعد نحو 40 كيلومتراً من حلب، حيث كان يعمل على صهريج لنقل المياه، إلى مسقط رأسه.
وتضيف الوالدة “الحمد لله أنني رأيته. وكأن الدنيا كلها ضحكت لي”.
في غرفة متواضعة ذات جدران إسمنتية، تجلس بكور مع ابنها على مقعد وحيد، تمسك يديه وتقبلهما من دون توقف. وتقول بتأثر “الله وحده يعلم فرحتي”.
وتتابع “نذرت أن أصوم لسبعة أيام، وأقدم الطعام في بيتي لسبعة أيام، وأن أقبل الأرض التي داس عليها، إن عاد إليّ”.
في زقاق أمام المنزل، يجلس أقارب وجيران توافدوا للتهنئة، يسألون الشاب عن أحواله ويتحدثون عن التطورات الأخيرة في المنطقة.
وكان الآلاف من معارضي رئيس النظام السوري بشار الأسد، لا سيما المقاتلين، فضلوا التسوية عام 2016، وتم إجلاؤهم إلى مناطق مختلفة خارجة عن سيطرة القوات الحكومية، على البقاء في حلب.
في منزل العائلة في حلب، يراقب جمعة الذي ارتدى سترة عسكرية ولف رأسه بكوفية حمراء وبيضاء، والدته ترحب بالضيوف، ويقبل يديها بدوره. ويقول للصحافة الفرنسية “خرجت من حلب عندما سيطر النظام عليها. كنا نعلم أنه لا يمكننا البقاء فيها لأنه يصنفنا كإرهابيين. حوصرنا وخرجنا من حلب”.
ويوضح الرجل القوي البنية وهو أب لأربعة أطفال “لا أصدق حتى الآن أنني عدت إلى حلب. أهلي كلهم هنا”، متابعاً “إنها فرحة لا توصف”.
هنا قلعتنا وأرضنا
وأحكمت القوات الحكومية سيطرتها على المدينة عام 2016، بعد سنوات من المعارك تخللتها غارات كثيفة وحصار خانق انتهى بإجلاء 35 ألف شخص بين مقاتلين ومدنيين، وفق اللجنة الدولية للصليب الأحمر حينها.
وتوجه المغادرون إلى ريف حلب الغربي حيث توجد اليوم سيطرة لفصائل موالية لتركيا، وإلى محافظة إدلب المجاورة التي أصبحت في ما بعد معقل “هيئة تحرير الشام” وفصائل أخرى تنفذ الهجوم المستمر منذ أيام ضد القوات الحكومية.
—————————-
النظام السوري يقر بسيطرة فصائل المعارضة على حماة/ محمد كركص
05 ديسمبر 2024
النظام السوري اعترف رسمياً بأن قواته باتت خارج المدينة
فصائل المعارضة تسيطر على مطار حماة العسكري
الجولاني يعلن أنه “لا ثأر” بعد السيطرة على حماة
أقرّت قوات النظام السوري، اليوم الخميس، بخسارتها مدينة حماة الاستراتيجية، رابع كبرى مدن البلاد، بعد وقت قصير من إعلان فصائل معارضة دخولها إلى أحيائها لأول مرة منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011. وقال جيش النظام السوري، في بيان، إنه “خلال الساعات الماضية ومع اشتداد المواجهات” تمكنت المعارضة “من اختراق محاور عدة في المدينة ودخولها”، مضيفا “حفاظا على أرواح المدنيين، قامت الوحدات العسكرية المرابطة فيها بإعادة الانتشار والتموضع خارج المدينة”.
في غضون ذلك، سيطرت الفصائل على سجن حماة المركزي وأطلقت سراح المعتقلين. وقال مراسل “العربي الجديد” إن حوالي 3000 سجين جرى إطلاقهم. كما أعلنت إدارة العمليات العسكرية التابعة للمعارضة عن السيطرة على مطار حماة العسكري وعلى جبل زين العابدين، أبرز معقل لنظام بشار الأسد في المدينة. وقال المقدم حسن عبد الغني، الناطق باسم إدارة العمليات العسكرية: “حماة الفداء دخلها حافظ الأسد بالدبابات وسلبها من أهلها، واليوم دخلناها بالدبابات ونعيدها لأهلها”. وكان مراسل “العربي الجديد” قد أفاد في وقت سابق بأن “نظام الأسد بدأ بنقل الطائرات الحربية من مطار حماة العسكري إلى مطار الشعيرات، شرق حمص، بعد تقدم فصائل إلى أطراف المطار”.
وفي أول تعليق له، قال زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمّد الجولاني إنه “لا ثأر” بعد دخول الفصائل المعارضة الى مدينة حماة. وفي مقطع فيديو مقتضب نشرته إدارة عمليات الفصائل على تطبيق “تليغرام”، خاطب الجولاني أهالي المدينة “أبشّركم أن إخوانكم المجاهدين الثوار بدأوا بالدخول الى مدينة حماة لتطهير ذاك الجرح الذي استمر في سورية لمدة 40 عاما”. وأضاف “أسال الله عز وجل أن يكون فتحا لا ثأر فيه، بل فتحا كله رحمة ومودة”.
وفي وقت سابق من اليوم، أكدت إدارة العمليات العسكرية لدى غرفة عمليات “ردع العدوان” توغل فصائل المعارضة السورية داخل أحياء مدينة حماة، وسط سورية، بعد معارك دامية مع قوات النظام السوري والمليشيات المدعومة من إيران أسفرت عن وقوع عشرات القتلى والجرحى. وقالت إدارة العمليات العسكرية في بيانٍ لها، صباح اليوم الخميس، إن قواتها بدأت بالتوغل داخل أحياء مدينة حماة “بعد معارك دامية مع قوات نظام الأسد والمليشيات المدعومة من إيران، أسفرت عن وقوع عشرات القتلى والجرحى”.
وأكدت مصادر عسكرية عاملة لدى إدارة العمليات العسكرية لـ”العربي الجديد”، أن فصائل “ردع العدوان” تمكنت من السيطرة، فجر اليوم الخميس، على “اللواء 66 – صواريخ” على أطراف حماة الشرقية، وبدأت بالتوغل داخل أحياء المدينة من الجهتين الشمالية والشرقية، وسيطرت على حي الأربعين وجسر المزارب، كما سيطرت على بلدة أرزة الاستراتيجية، تزامنا مع انسحاب جماعي لقوات النظام والمليشيات الإيرانية من معظم أحياء المدينة المتقدمة.
وأشارت المصادر إلى أن عدد قتلى قوات النظام والمليشيات المدعومة من إيران بلغ خلال الـ24 ساعة الأخيرة أكثر من 100 قتيل، بينهم ضباط برتب عالية من “الفرقة 25 مهام خاصة” و”الحرس الجمهوري”، بالإضافة إلى أسر ضباط آخرين، في حين بلغ عدد الآليات العسكرية التي دمرتها طائرات “شاهين” المُسيّرة أكثر من 35 آلية، بينها دبابات ومدافع وراجمات صواريخ معظمها متمركزة على جبل زين العابدين.
فصائل المعارضة في مقر للمليشيات الإيرانية في إدلب، 1 ديسمبر 24 (عبد العزيز كتاز/فرانس برس)
ولفتت المصادر إلى أن الطائرات الحربية الروسية نفذت، صباح اليوم الخميس، غارات جوية استهدفت حي الأربعين في الجهة الشمالية من مدينة حماة، بالتزامن مع غارات جوية لطائرات النظام الحربية استهدفت أطراف المدينة في ظل عمليات تقدم مستمرة لفصائل “ردع العدوان” داخل الأحياء ومواجهات مباشرة مع قوات النظام والمليشيات المساندة لها.
إسقاط طائرة مروحية وإعطاب أخرى فوق مطار حماة
إلى ذلك، أعلنت إدارة العمليات العسكرية إسقاط طائرة مروحية وإعطاب طائرة أخرى جراء استهدافهما فوق مطار حماة العسكري، بالتزامن مع عمليات تقدم للفصائل داخل أحياء المدينة. وقالت مصادر إعلامية من إدارة العمليات العسكرية لـ”العربي الجديد”، إن قوات المعارضة استهدفت طائرتين مروحيتين من نوع “هليكوبتر” فوق مطار حماة العسكري، مؤكدةً أن إحداهما سقطت، والثانية تم إعطابها، ما اضطرها إلى الهبوط داخل مطار المدينة الذي انطلقت منه.
وأشارت المصادر إلى أن فرق الإطفاء لدى قوات رئيس النظام بشار الأسد توجهت إلى المطار عقب الاستهداف مع وصول عدة سيارات إسعاف، موضحةً أن الطائرتين كانتا تحملان على متنهما ضباطا بهدف تأمين انسحابهم إلى مطار اسطامو بريف محافظة اللاذقية، شمال غربي سورية.
وبينت المصادر أن استهداف الطائرتين جاء بعد اقتراب قوات المعارضة من مطار حماة العسكري بعد التوغل داخل أحياء المدينة، والسيطرة على حي الأربعين وجسر المزارب وجبرين والصواعق وعين الباد، بالإضافة إلى فرض سيطرتها على قرى أرزة والشيحة وتلة الشيحة وشرعايا وكفر الطون، قرب مدينة حماة، في ظل عمليات تقدم مستمرة باتجاه حي القصور في وسط المدينة. وفي وقت سابق، لفتت المصادر إلى أن المعارضة استهدفت بشكلٍ مكثف قوات النظام والمليشيات الإيرانية المتحصنة في جبل زين العابدين وبلدة قمحانة عند مدخل مدينة حماة الشمالي، مؤكدةً أن جزءا كبيرا من القوات المنتشرة على الجبل انسحبت إلى داخل الأحياء، والجزء الآخر لا يزال شبه محاصر على أحد سفوح الجبل، في ظل استهداف مُسيّرات “شاهين” للتجمعات والآليات العسكرية.
العربي الجديد
—————————–
الفصائل تسيطر على مدينة حماة.. انهيار فرقة النمر
المدن – عرب وعالم
الخميس 2024/12/05
دخلت الفصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام، اليوم الخميس، مدينة حماة شمال سوريا، بعد أيام من معارك طاحنة جرت على أبوابها ومداخلها، من 3 محاور، بينما استقبل أهالي المدينة، الفصائل، بالأهازيج ودموع الفرح.
السيطرة على المدينة
وأعلنت غرفة عملية معركة “ردع العدوان”، دخولها رسمياً مدينة حماة، مؤكدةً أنها تتابع التقدم للسيطرة على باقي الأحياء. وأضافت أنها دخلت سجن حماة المركزي، وأطلقت سراح “مئات الأسرى المظلومين.
وقالت الغرفة: “مدينة حماة دخلها حافظ الأسد بالدبابات وسلبها من أهلها، واليوم دخلناها بالدبابات ونعيدها لأهلها”. وأعلنت عن إصابة مروحية للنظام في أجواء المدينة، لافتةً إلى قوات النظام انهارت تحت ضربات الفصائل.
من جانبه، اعترف النظام السوري بدخول الفصائل مدينة حماة، وقالت “القيادة العامة” لقوات النظام في بيان، إنها خسرت عدداً من عناصرها بعد اشتداد المعارك خلال الساعات الماضية، مؤكدةً أن الفصائل المعارضة “تمكنت من اختراق محاور عدة في المدينة ودخولها، رغم تكبدهم خسائر كبيرة في صفوفهم”.
وزعم البيان أن قوات النظام “أعادت الانتشار والتموضع خارج المدينة، حفاظاً على أرواح المدنيين من أهالي حماة، وعدم زجهم بالمعارك”. ويُعتبر بيان قوات النظام بمثابة إعلان انسحاب كامل من مدينة حماة.
كيف تمت السيطرة؟
ولعبت “العصائب الحمراء”، قوات النخبة في تحرير الشام، مع “سرايا الانغماسيين”، في فصيل “لواء التوحيد” السلفي، دوراً بارزاً في كسر خطوط دفاع قوات النظام من الجهة الشرقية، والشمالية الشرقية، وكذلك من الجهة الغربية، بينما وجّهت باقي المجموعات ضربات مدفعية وصاروخية على جبل زين العابدين، وبلدة قمحانة، من الجهة الشمالية، لتسهيل التقدم من الجهتين الشرقية والغربية.
وأوضحت مصادر “المدن”، أن الفصائل تقدمت من الجهتين الشرقية والغربية، لتجاوز جبل زين العابدين وبلدة قمحانة من الجهة الشمالية، قبل أن تكسر خطوط دفاع النظام في حيي الصواعق والمزراب، شرق المدينة، وتواصل التقدم نحو حيي الأربعين والقصور، ووصولها بذلك مركز مدينة حماة.
وضغطت مجموعات أخرى من الفصائل، على الجهة الغربية من المدينة، وسيطرت على عدد من المواقع هناك، أبرزها بلدة الشيحة وتلتها الاستراتيجية، ما منح المتقدمين من الجهة الشرقية، راحة أكبر في التوغل، قبل أن يلتقي المهاجمون في مركز المدينة، قادمين من الجهتين الشرقية والغربية.
هزيمة “الفرقة-25”
ولفتت المصادر إلى أن النظام سحب عدداً من الطائرات المروحية والحربية، من مطار حماة العسكري، إلى مطار الشعيرات، في ريف حمص، ذلك أنه بسيطرة الفصائل على مواقع مهمة في الجهة الغربية، تعني أنها أصبحت على أبواب المطار.
ويعتبر مطار حماة أحد مطارات النظام التي أذاقت السوريين الويل، إذ يوجد بداخله، معمل لتصنيع البراميل المتفجرة، التي قتلت آلاف السوريين في مختلف المحافظات.
ولا يشكل دخول مدينة حماة ضربة لقوات النظام فقط، بل يُعتبر هزيمة مدوية لأشد فرقه العسكرية تدريباً وتسليحاً، وهي الفرقة25- مهام خاصة”، التي كان يقودها اللواء سهيل الحسن الملقب بـ”النمر”، والمدعومة والمدربة من قبل روسيا.
وتؤكد المصادر أن الفصائل المعارضة وتحرير الشام، ألحقت هزيمة مدوية بالفرقة، وقتلت كبار قادتها وعناصرها المدربين على أيدي الروس، خلال المعارك المستمرة منذ أيام على مداخل المدينة. ولفتت إلى أن قرى ريف حماة، لاسيما الواقعة في الريفين الشمالي والغربي وسهل الغاب، تشكل الخزان البشري لهذه الفرقة. وأبرز تشكيلاتها “الطراميح”، ينحدر جل عناصره من بلدة قمحانة، في الريف الشمالي.
استقبال الأهالي
وكان مشهد دخول الفصائل المعارضة لمدينة حماة، مغايراً لدخول مدينة حلب، إذ استقبل الأهالي عناصر الفصائل ومن معهم من ناشطين وإعلاميين معارضين، بالأهازيج ودموع الفرح. وذلك المشهد كان متوقعاً، لأن أحياء مدينة حماة، خسرت صفوة شبابها ورجالها، في مجازر الأسد الشهيرة في أحياء المدينة، عندما دخلها بالدبابات في ثمانينيات القرن الماضي، وقتل حتى الأطفال والنساء فيها.
زغاريد وبكاء المدنيين في حماة فرحاً بدخول الثوار وخلاصهم من نظام الأسد والاحتلال الإيراني#ردع_العدوان pic.twitter.com/sHe39f4vCw
— قتيبة ياسين (@k7ybnd99) December 5, 2024
وعاد نظام الأسد في مطلع الثورة السورية، ليكرر المشهد، لقمع ثورة أبنائها في ساحة العاصي، بعدما شهدت الساحة أكبر مظاهرات الثورة، شارك فيها مئات الآلاف، ليقولوا إنهم لن ينسوا الجرح. واليوم، وباستقبالهم الفصائل المقتحمة، أعادوا التأكيد على ذلك.
————————
خرائط السيطرة تتبدل سريعاً.. ربع مساحة سوريا بيد الفصائل/ خالد الخطيب
الخميس 2024/12/05
تحاول الفصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام، قضم المزيد من المناطق على حساب قوات النظام وسط سوريا، وعلى حساب قوات سوريا الديموقراطية (قسد) في الشمال، بعدما حققت تقدماً سريعاً خلال الأسبوع الماضي، في مناطق الشمال الغربي، والذي استطاعت من خلاله مضاعفة المساحة التي كانت تسيطر عليها قبل انطلاق عمليتا “ردع العدوان” و”فجر الحرية”.
وأكدت مصادر عسكرية لـ”المدن”، أن نسبة ما تسيطر عليه الفصائل من مساحة سوريا، قد وصلت الى ما يقارب 25 في المئة من المساحة الكلية.
قضم مناطق النظام
يمكن القول إن التوسع الجغرافي المفاجئ للفصائل المعارضة واستعادتها منذ بداية هجومها في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لمناطق كانت تسيطر عليها سابقاً، شمالي سوريا، احتاج النظام السوري وحلفاؤه إلى 4 عمليات عسكرية متتالية لتحقيقه.
العملية العسكرية الأولى كانت بين العامين 2013 و2014، والتي أطلق عليها النظام حينها اسم عملية “دبيب النمل” والتي اتخذت مناطق البادية مساراً لها، مروراً بخناصر والسفيرة ودير حافر بالقرب من معامل الدفاع في الريف الجنوبي والجنوبي الشرقي لحلب.
وكانت “دبيب النمل” تهدف إلى فتح الطريق إلى مدينة حلب التي كانت الفصائل تسيطر على أكثر من نصف أحيائها في القسم الشرقي.
وفي العام 2015، واصل النظام معركته واستطاع تطويق المدينة جهة الشمال والشرق، وفك الحصار عن بلدتي نبل والزهراء المواليتان في الشمال، وحصار الفصائل داخل الأحياء، وهو ما مهد لانطلاق المعركة الثانية للنظام للسيطرة على كامل المدينة وإخراج الفصائل إلى الريف، والذي تم بالفعل أواخر العام 2016.
أما ريف حلب الشمالي الغربي، الذي كان نقطة انطلاق الفصائل في معركة “ردع العدوان”، فقد خسرته الأخيرة لصالح النظام بداية العام 2020، خلال العمليات العسكرية التي انطلقت منتصف العام 2019، من ريف حماة الشمالي بدعم روسي واتجهت نحو الشمال على جانبي الطريق الدولي “إم 5″، وصولاً إلى حلب، مروراً بخان شيخون ومورك وسراقب ومعرة النعمان وكفرزيتا ومئات القرى والبلدات، جميعها أصبحت في قبضة الفصائل على جانبي الطريق الدولي.
وخلال هجومها الأخير، لم تكتفي الفصائل بالتقدم نحو المناطق التي خسرتها بعد توقيع اتفاق سوتشي بين تركيا وروسيا في العام 2018، بل توسعت نحو مناطق شرق محافظة إدلب، وفيها سيطرت على مركز منطقة سنجار وعشرات القرى والتي كانت خسرتها خلال العملية العسكرية التي شنها النظام في العام 2017، انطلاقاً من بلدة أبو دالي بريف حماة الشرقي، وحينها أطلق عليها النظام معارك “سكة الحديد”، وكانت تهدف حينها للسيطرة على المناطق التي تحيط بسكة حديد الحجاز في المنطقة الواقعة بين حماة وحلب.
هناك عدة ميزات لخريطة سيطرة الفصائل المستجدة مقارنة بخريطة سيطرتها سابقاً شمال سوريا، هذا ما تؤكده مصادر في الجيش الوطني لـ”المدن”. وأهم هذه الميزات، إنهاء وجود قوات النظام بشكل كامل والقضاء على جيوب سيطرته التي لم تتمكن الفصائل دخولها أو السيطرة عليها منذ بداية الثورة، ومثالها الأحياء الغربية لحلب، والأكاديمية العسكرية بحلب، وثكنة هنانو ومطاري النيرب العسكرية وحلب الدولي، ومخيم النيرب ومعامل الدفاع وكتائب الدفاع الجوي حوله.
تضيف المصادر أنه “من المميزات أيضاً، وقوع كميات هي الأكبر من الأسلحة في قبضة الفصائل، والتي من المفترض أن تحقق لها الغلبة، وتحافظ على الاندفاع الكبير في هجماتها البرية، كما أن الكلفة البشرية خلال المعركة الأخيرة، أقل بكثير، وأعداد مقاتلي الفصائل أكبر من السابق، وعلى سوية عالية من التدريب والجاهزية”.
قضم مناطق قسد
وكانت معركة “ردع العدوان” والتقدم الساحق للفصائل على حساب النظام، فرصة لمن بقي من فصائل في الجيش الوطني التي لم تشارك في المعركة، لتغيّر في خريطة السيطرة أيضاَ، وتتقدم على حساب قسد والنظام في أرياف محافظة حلب الشمالية والشرقية.
وبالفعل أطلقت الفصائل في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، معركة أخرى تحت اسم “فجر الحرية”، وكانت الانطلاقة من أطراف مدينة الباب شمال شرق حلب، وكان الزحف البري أيضاَ متسارعاً.
وتمت السيطرة في وقت قياسي على مئات القرى والبلدات، أهمها دير حافر والسفيرة وأجزاء من طريق الرقة-حلب، والخفسة على ضفة نهر الفرات، وتادف ومدرسة المشاة والمدينة الصناعية في الشيخ نجار، والمنطقة الحرة ومعمل المصابيح والسجن المركزي ومعمل الاسمنت، والتقت فصائل العمليتين في ضواحي حلب. لكن أهم إنجازات “فجر الحرية” تكمن في السيطرة على تل رفعت ومناطق الشهباء، التي كانت تتمركز فيها قسد منذ بداية العام 2016، وخروج قسد من مناطق الشهباء تم بموجب اتفاق مع الفصائل يقضي بالانسحاب.
الجيب الأخير في حلب
لا يعكر صفو خريطة سيطرة الفصائل المعارضة سوى جيب تسيطر عليه قسد داخل أحياء المدينة، فالأخيرة ما تزال رافضة لأي عملية انسحاب من داخل أحياء الشيخ مقصود والأشرفية، لا بل تحاول التوسع نحو الأحياء المجاورة، وتستهدف أي شخص يتقدم من محيط منطقة سيطرتها.
وقالت مصادر متابعة لـ”المدن”، إن قسد تعول على الهجوم المضاد المفترض للنظام وكسب الوقت لمدة أطول لتحافظ على وجودها في حلب، كما أن قرار الانسحاب من حلب لم يصدر من قيادتها شمال شرقي سوريا، وهذا يظهر جلياً بعدما حاولت قسد مؤخراً السيطرة على محطات ضخ المياه لحلب في بلدة الخفسة، وكذلك محاولتها السيطرة على المحطة الحرارية قرب دير حافر، انطلاقاً من مواقعها في مسكنة وريفها والتي تسلمتها من قوات النظام المنسحبة بداية الشهر الحالي.
————————–
سوريا: أنباء عن اشتباكات بين النظام والمعارضة داخل أحياء حماة
هبة محمد
دمشق ـ «القدس العربي»: أفادت مصادر خاصة لوسائل إعلام معارضة، مساء أمس الأربعاء، بأنّ اشتباكات عنيفة تدور بين قوات النظام السوري وفصائل عملية “ردع العدوان” في أحياء عدّة بمدينة حماة.
وتواصل الفصائل المسلحة التابعة لغرفة العمليات المشتركة “ردع العدوان” في تقدمها، بعدما فتحت محاور جديدة للقتال بريف حماة من الجهة الشمالية الغربية، بينما تواصل قوات النظام السوري في الدفاع عن المدينة حاشدة لذلك تعزيزات عسكرية ضخمة.
وقال المتحدث العسكري باسم غرفة عمليات “ردع العدوان” المقدم حسن عبد الغني، أمس الأربعاء: “تستمر وحداتنا بالتقدم تجاه مدينة حماة من عدة محاور، بالتوازي مع التقدم على الجبهة الغربية، إذ أحكمنا السيطرة على رحبة خطاب ومستودعاتها غرب حماة”.
وحسب مصادر عسكرية من الجيش الوطني لـ “القدس العربي” فإن “فصائل المعارضة التفت على بلدة قمحانة وجبل زين العابدين” بعدما تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن شن قوات النظام هجوم معاكس بعد منتصف ليل الثلاثاء-الأربعاء، بدعم جوي من الطائرات الحربية، تمكنت من فرض واقع جديد، أبعد فصائل المعارضة عن مدينة حماة نحو عشرة كيلومترات.
وقالت وكالة أنباء النظام الرسمية “سانا”، مساء الأربعاء، إن وحدات من قواتها المنتشرة على طول محاور الاشتباك في ريف حماة الشمالي تخوض منذ الصباح معارك ضارية في مواجهة التنظيمات المسلحة، موقعة في صفوفهم ما لا يقل عن 300 قتيل.
وانتقالا إلى المواجهات الدائرة في دير الزور شرق سوريا، فقد فشلت قوات سوريا الديمقراطية في اختراق دفاعات قوات النظام على ضفة الفرات الشرقية. القيادة المركزية الأمريكية (سينتكوم)، أعلنت، الأربعاء، عن تنفيذ ضربة عسكرية مباشرة استهدفت أنظمة أسلحة في دير الزور، شرقي سوريا، مؤكدة أن ذلك كان بـ”إطار الدفاع عن النفس بعد إطلاق قاذفة صواريخ متعددة محمولة على شاحنة وناقلة جنود مدرعة وقذائف هاون باتجاه القوات الأمريكية”.
في الاثناء، قال زعيم الهيئة أبو محمد الجولاني لمجموعة الأزمات الدولية إنه سيتم إدارة حلب من قبل هيئة انتقالية، مشيراً إلى أنّ هيئة تحرير الشام تفكر في حل نفسها لتمكين ترسيخ البنى المدنية والعسكرية.
وسياسياً، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أمس، إن وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا على تواصل وثيق لتحقيق الاستقرار في سوريا. ونوهت إلى تعاون أوكراني مع هيئة تحرير الشام، عبر “نقل خبراتها الإجرامية” إلى سوريا أيضا، الأمر الذي رفضته وزارة الخارجية الأوكرانية عبر حسابها على تلغرام.
وفي الأثناء، وذكرت قناة “العالم” الاخبارية الإيرانية أن طهران أرسلت جنرالا رفيع المستوى، ومستشارين عسكريين آخرين إلى سوريا، لمساعدة الحكومة في صد هجوم المعارضة. أما وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، فاعتبر، في مؤتمر صحفي عقده، الأربعاء، في بروكسل أن ما يجري في سوريا سببه أن حلفاء دمشق “جميعهم مشتتون بطرق مختلفة”.
——————————-
أنقرة تؤكد ثبات موقفها من أحداث سورية وموسكو “تقيّم الوضع“
05 ديسمبر 2024
تتواصل المواقف الإقليمية والدولية تجاه تصاعد الصراع في سورية مع وصول فصائل المعارضة المسلّحة إلى مداخل مدينة حماة. وتنقسم هذه المواقف بين دعم كبير للنظام السوري، تتبناه روسيا وإيران، بالإضافة إلى بعض الدول العربية، وبين من يُحمّل النظام المسؤولية ويرى أن تجدّد المعارك جاء بسبب عدم استجابته للحل السياسي وعرقلة الجهود الدولية، كما صرح بذلك مسؤولون أتراك وأميركيون.
وفي جديد المواقف التركية، قال متحدث باسم وزارة الدفاع التركية، اليوم الخميس، إن أنقرة تتعاون وتنسق بشكل وثيق مع دول المنطقة منذ تجدد الصراع في شمال سورية الأسبوع الماضي، مضيفاً أنه يجري اتخاذ إجراءات لتحقيق الاستقرار، ويأتي ذلك بعد مضي نحو أسبوع على بدء عملية “ردع العدوان” التي أطلقتها فصائل في المعارضة السورية المسلحة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وبسطت خلالها سيطرتها على كامل محافظة إدلب ومعظم محافظة حلب، فيما وصل زحفها إلى أعتاب مدينة حماة ذات الرمزية الكبيرة.
وأكد المتحدث باسم الوزارة مجدداً وجهة نظر تركيا بأن الصراع ناجم عن عوامل داخلية وقضايا لم تُحسم في سورية، مضيفاً أن أنقرة لا تزال ملتزمة الاتفاقيات التي توصلت إليها، وقال بحسب رويترز: “قواتنا تتخذ كل التدابير اللازمة للحفاظ على الاستقرار في المنطقة. ومنذ بداية العملية، يستمر التعاون والتنسيق الوثيق مع نظرائنا في المنطقة”.
وأكد مسؤولون أتراك خلال الأسبوع الماضي حرص أنقرة على المحافظة على وحدة الأراضي السورية، وفي الوقت نفسه جهوزيتها لضمان عدم امتداد حالة عدم الاستقرار إلى أراضيها. وكان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قد قال إن على النظام السوري الانخراط في عملية سياسية جادة لمنع تفاقم الوضع في البلاد، وشدد في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، على أن أولوية تركيا هي الحفاظ على الهدوء خارج حدودها ومنع إلحاق الأذى بالسكان المدنيين. فيما أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، يوم الاثنين الماضي، أن “سبب التطورات في سورية عدم حل المشاكل القائمة منذ 13 عاماً”، مشيراً إلى أن “الوضع الجديد في سورية نتاج غياب التفاوض بين النظام والمعارضة”، وأكد أن بلاده لا تريد “احتدام الحرب الداخلية في سورية”، ولا عودة “قصف سكانها وقتلهم” من جديد، معتبراً أن الأحداث الأخيرة في سورية تؤكد ضرروة الحل السياسي.
ومن جهته، قال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، اليوم الخميس، إن روسيا تقيّم الوضع في سورية، وهي على تواصل دائم مع السلطات في دمشق، وتعتبر روسيا الحليف الرئيسي للنظام السوري وتدخلت عسكرياً في سورية منذ عام 2015، وقال بيسكوف للصحافيين: “في الوقت الراهن، نتابع من كثب ما يحدث في سورية، ونجري حواراً دائماً مع أصدقائنا السوريين”، وأضاف: “بناءً على تقييم الوضع، سنتمكن من الحديث عن مستوى المساعدة التي تحتاجها السلطات السورية للتصدي للمسلحين والقضاء على هذا التهديد”.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قد قال إن التطورات الأخيرة في سورية مؤشر على أن روسيا وإيران الداعمتين لنظام بشار الأسد “مشتتتان”، وأضاف أمس الأربعاء: “إن رفض الأسد الانخراط بشكل هادف في العملية السياسية هو أيضاً ما فتح الباب أمام هذا الهجوم الأخير والمكاسب التي حققتها هيئة تحرير الشام على الأرض”. وأشار إلى أن لواشنطن مصالح أمنية دائمة في سورية، تتمثل في “التأكد من أن تنظيم داعش لن يعود مرة أخرى، ولن يستعيد قوته”، وفق تعبيره.
وعلى الصعيد العربي، تعقد جامعة الدول العربية اجتماعاً على المستوى الوزاري بشأن سورية يوم الأحد المقبل، فيما حصل “العربي الجديد” على معلومات تفيد بوجود تنسيق مكثف بين مصر والأردن بالتعاون مع دولة الإمارات، التي تتبنى موقفاً داعماً للنظام السوري في مواجهة المعارضة المسلحة. وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، يعتزم زيارة دمشق خلال الأيام المقبلة، ومن المرجح أن تحصل الزيارة التي تهدف إلى إظهار الدعم للنظام السوري برفقة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي. وكان عبد العاطي قد أكد دعم بلاده “للدولة السورية وسيادتها ووحدة أراضيها وسلامتها”، في اتصال هاتفي أجراه أمس الأربعاء مع نظيره السوري بسام صباغ. وذكر بيان للخارجية المصرية أنه خلال الاتصال “بُحثَت سبل الدعم العربي للدولة السورية، في ظل التطورات الأخيرة، خصوصاً في إطار جامعة الدول العربية”.
كذلك كثفت إيران من نشاطها الدبلوماسي خلال الأيام الماضية، وزار وزير خارجيتها عباس عراقجي دمشق وأنقرة يومي الأحد والاثنين الماضيين، وأعلن أمس الأربعاء عقد اجتماع الدول الثلاث الضامنة في مسار أستانة، تركيا وإيران وروسيا، الأسبوع المقبل على هامش منتدى الدوحة. وقال عراقجي في مقابلة مطولة مع “العربي الجديد” إنه يشعر بالقلق من احتمال “انهيار مسار أستانة السوري، لأنه ليس هناك بديل سهل له”، وكشف عن عزمه على زيارة روسيا لمناقشة الوضع في سورية، محذّراً من أن “تمدّد المجموعات الإرهابية في سورية قد يضر بالدول الجارة لسورية مثل العراق والأردن وتركيا أكثر من إيران”. ورداً على سؤال عن التطورات في سورية، أوضح رئيس الدبلوماسية الإيرانية أنه “إذا طلبت الحكومة السورية من إيران إرسال قوات إلى سورية، فسندرس الطلب”.
————————————-
ثالث مدينة تسقط وسط انهيار قوات الجيش السوري
حماة تسقط بيد الفصائل.. “العصائب الحمراء” أنهت المهمة
بعد انسحاب الجيش السوري منها، أعلنت الفصائل المسلحة دخولها مدينة حماة وسط سوريا، اليوم الخميس.
فكيف تم ذلك؟
خلال الساعات القليلة الماضية، أرسل الجيش السوري أكبر فرقة عسكرية إلى حماة، وجرت اشتباكات عنيفة جداً أدت لرد الفصائل بضعة كيلومترات إلى الوراء.
وما هي إلا ساعات، حتى دخلت “العصائب الحمراء” إلى خط المواجهات وأنهت المهمة.
فقد أوضح القيادي حسن عبد الغني من إدارة عمليات الفصائل على تطبيق “تليغرام”، أن مدينة حماة سقطت بيد الفصائل، موضحاً أن الفرقة 25 من الجيش السوري تراجعت بقيادة الضابط الأشهر في الجيش السوري “سهيل الحسن”، وفق زعمه.
بدوره، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن استعانت الهيئة بـ “العصائب الحمراء”، هي التي غيرت مجريات المعارك.
وأكد أن تلك الجماعة هي أقوى تشكيل عسكري داخل هيئة تحرير الشام، كما أنها إحدى أهم قوات النخبة، وتعرف بأنها “قوات خاصة”.
كما تسند إليها المهام الصعبة والأكثر خطورة.
وكانت الجماعة ظهرت لأول مرة عام 2018، إذ تلّقت تدريبا على العمل من الجهة الخلفية للخصوم.
أما عناصرها، فيعرفون بأنهم نسخة مطوّرة عن “الانغماسيين” بهيئة تحرير الشام.
كما توصف الجماعة بأنها “القوة الضاربة” في عملية “ردع العدوان” التي بدأت بها هيئة تحرير الشام قبل أيام ضد الجيش السوري.
ولفت المرصد إلى أن “العصائب الحمراء” هي قوة انغماسية في هيئة تحرير الشام، ولها أسلوب قتال قائم على أن العنصر إما يموت أو يقتل.
وقد زادت الهيئة من عناصر هذه المجموعة خلال السنتين الأخيرتين بشكل لافت، كما حصل عناصرها من “المهام الخاصة” على تسليح جيد، يتضمن معدات حماية ومركبات وأسلحة خفيفة ومتوسطة.
كذلك فتحت عليها باب التجنيد واستقطبت شباناً للانضمام في صفوفها مقابل رواتب مغرية.
ثالث مدينة
يشار إلى أن الجيش السوري كان أصدر بياناً، اليوم الخميس، أكد فيه دخول الفصائل إلى المدينة، لتكون بذلك المدينة الثالثة التي تسقط بعد إدلب وحلب.
وأضاف أن قواته انسحبت باتجاه حمص لإعادة التموضع.
وكانت الفصائل المسلحة دعت بوقت سابق اليوم جنود وضباط الجيش السوري في حماة إلى الانشقاق، ورفع الرايات البيضاء والاستسلام.
وفي مقطع مصور نشر على إكس، دعا القيادي العسكري في ما يعرف بـ “غرفة العمليات الإعلامية” للفصائل المسلحة، حسن عبد الغني الجنود إلى رمي السلاح، والانشقاق، متعهداً بسلامتهم.
كما توعد بمواصلة القتال ضد القوات الحكومية، زاعماً أن “الحسم بات قاب قوسين”.
ايلاف
———————————
تركيا: نتعاون مع دول المنطقة منذ بدء «عملية حلب» لوحدة سوريا/ سعيد عبد الرازق
مطالبات بإدارة مدنية في حلب لا تستثني الأكراد… ومنبج وتل رفعت هدف رئيس
في أول تعليق للمؤسسة العسكرية في تركيا على التطورات في شمال سوريا، قالت وزارة الدفاع إن أنقرة تتعاون وتنسق بشكل وثيق مع دول المنطقة منذ تجدد الصراع في شمال سوريا الأسبوع الماضي، الذي نتج من عوامل داخلية وقضايا لم تحسم، وإنه يجري اتخاذ إجراءات لتحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة سوريا.
في الوقت ذاته، دعا حزب العدالة والتنمية الحاكم، إلى تشكيل حكومة سورية تشمل المعارضة أيضاً، نافياً الادعاءات بأن تركيا تقف وراء التحرك الأخير للفصائل المسلحة في شمال سوريا.
وبينما دخلت «هيئة تحرير الشام» والفصائل المتعاونة معها إلى بعض مناطق حماة، بعد سيطرتها على حلب في أكبر وأسرع تقدم تحرزه في مواجهة الجيش السوري منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، أكد مستشار العلاقات العامة والإعلام بوزارة الدفاع التركي، زكي أكتورك، في إفادة صحافية أسبوعية، الخميس، عدم وجود صلة لتركيا بالصراع في شمال سوريا، وقال إنه «ناجم عن عوامل وديناميكيات داخلية ومشاكل عالقة لم يتم حلها منذ فترة طويلة، ولأن الحكومة السورية لم تضع في الحسبان مطالب المعارضة».
مبررات وتدابير
وقال أكتورك: «قواتنا تتخذ كل التدابير اللازمة للحفاظ على الاستقرار في المنطقة، ومنذ بداية العملية الأخيرة للمعارضة، يستمر التعاون والتنسيق الوثيق مع نظرائنا في المنطقة».
وأضاف أن تركيا تتابع من كثب الأنشطة التي بدأتها فصائل المعارضة السورية في منطقة حلب، والتطورات ذات الصلة في إطار الأهمية والأولوية الممنوحة لوحدة سوريا وسلامة أراضيها ومكافحة الإرهاب.
وشدد على أن الجيش التركي لن يسمح لـ«حزب العمال الكردستاني» وذراعه في سوريا وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، وهما التنظيمان اللذان يشكّلان تهديداً خطيراً على وحدة تراب سوريا وسيادتها، بالاستفادة من حالة عدم الاستقرار بالمنطقة.
ولفت، في الوقت ذاته، إلى التزام تركيا بالاتفاقات التي أبرمتها في مناطق العمليات التي نفذتها في شمال سوريا، في إشارة إلى التفاهمات الموقّعة مع روسيا وأميركا، وتتوقع أن يلتزم بها محاوروها.
بدوره، قال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، المتحدث باسم الحزب، عمر تشيليك، إن الادعاءات القائلة بأن تركيا تدعم الجماعات المسلحة التي تقودها «هيئة تحرير الشام»، كلها أكاذيب وغير واقعية.
وأضاف تشيليك، في مؤتمر صحافي عقب اجتماع للجنة التنفيذية للحزب ليل الأربعاء – الخميس، أنهم يتابعون التطورات في سوريا من كثب ويتابعون من كثب أيضاً التصريحات التي تدلي بها بعض الدول وبعض الجهات داخل تركيا وخارجها في هذا السياق.
ولفت تشيليك إلى أنه كانت هناك هجمات مختلفة على منطقة خفض التصعيد في إدلب من قِبل القوات السورية وعناصر أخرى، وتم انتهاك مذكرة موسكو بشأن إدلب الموقّعة بين تركيا وروسيا في 5 مارس (آذار) 2020، وانتهاك مقررات عملية أستانة، مرات عدة، وقد حذّرت تركيا مراراً من ذلك.
أولويات تركيا
ورداً على تصريحات زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال، التي قال فيها إن «إضعاف إيران في المنطقة والتسبب في حروب طائفية وتعزيز إسرائيل وضمان أمنها لا ينبغي أن يكون من أولويات تركيا، وإن على الحكومة أن تتحدث مباشرة مع الرئيس السوري بشار الأسد»، قال تشيليك إن تركيا لا تريد إضعاف إيران، ولا تقويتها، والأمر نفسه ينطبق على روسيا، وقلنا مراراً وتكراراً إن وجود القوات التركية في سوريا ليس ضد أي جماعة أو أي دولة، وإنما لتلبية المصالح المشروعة لتركيا واحتياجات أمنها القومي.
وعدّ أن هذه التصريحات تتسم بانعدام المسؤولية، وحدَّد أهداف تركيا في شمال سوريا، قائلاً: «لا نريد أي نوع من الوجود الإرهابي في تل رفعت ومنبج والمناطق القريبة من حدودنا، كما لا نريد سقوط ضحايا من المدنيين في سوريا، وبالطبع لا نريد أبداً تدفق موجة من الهجرة إلى تركيا».
وأشار تشيليك إلى أن الرئيس رجب طيب إردوغان ذكر في الفترة الأخيرة، بشكل متكرر، أنه يريد لقاء الرئيس بشار الأسد، لكن الأسد لم يستجب وظل متأخراً.
وذكر أن ما تريده تركيا هو تشكيل حكومة سورية تضم مختلف الأطراف بما في ذلك المعارضة بناءً على اتفاق سياسي ودستور جديد.
حكومة انتقالية
في السياق ذاته، قال رئيس حزب المستقبل المعارض رئيس الوزراء التركي الأسبق، أحمد داود أوغلو، إن هناك تحركات في درعا في الجنوب بين حماة وحمص، والوقت في سوريا الآن هو وقت الدبلوماسية لا الحرب.
ودعا الحكومة التركية إلى الحوار مع الحكومة السورية، وروسيا، وإيران، وأميركا، وبريطانيا، وفرنسا والصين، «وأن تبعث برسالة إلى الأمم المتحدة تطالب فيها بتشكيل حكومة انتقالية في سوريا».
داود أوغلو اقترح تشكيل حكومة سورية مؤقتة وإدارة مدنية في حلب تشمل الأكراد (موقع الحزب)
أضاف داود أوغلو، خلال كلمة أمام اجتماع المجموعة البرلمانية المشتركة لحزبه مع حزب السعادة، أنه «ينبغي إنشاء إدارة مدنية على الفور في حلب، لا تستبعد الأكراد؛ لأنه بعيداً عن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الأكراد هناك مؤيدون لتركيا ويجب توحيد سوريا لا تقسيمها».
هجمات لـ«قسد»
من ناحية أخرى، تقدمت قوات «قسد» في ريف حلب الشمالي، بعد اشتباكات مع الفصائل الموالية لتركيا، وسيطرت على محطة بابيري لضخ المياه التي تعد مصدراً رئيساً لتزويد مدينة حلب بالمياه، وبلدة خفسة في ريف منبج الجنوبي شرق حلب.
وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أنه بعد اشتباكات عنيفة مع فصائل «الجيش الوطني» الموالي لتركيا، توسعت «قسد» باتجاه مطار كويرس العسكري، بعد أن تمكنت فصائل «الجيش الوطني» من السيطرة على منطقة الشهباء ومدينة تل رفعت بريف حلب الشمالي.
وأضاف أن الاشتباكات أسفرت عن مقتل 11 عنصراً من فصائل «الجيش الوطني» كما سيطرت «قسد» على 3 عربات عسكرية.
وفي محافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا، نفذت القوات الخاصة في «قسد» عملية تسلل إلى مواقع فصيل «أحرار الشرقية» بعد رصد تحركات في قرية مبروكة بريف رأس العين ضمن مناطق «نبع السلام» الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل الموالية.
كما تسللت قوات «قسد» إلى موقع للفصائل قرب القاعدة التركية عند محطة تحويل الكهرباء في الحسكة، ودارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين، قُتل خلالها 4 عناصر من الفصائل، وأصيب 7 آخرون، في حصيلة أولية.
———————————–
هكذا أصبح لدى المعارضة السورية مسيّرات وأنظمة توجيه
5/12/2024
قالت صحيفة فايننشال تايمز إن هيئة تحرير الشام في سوريا كانت قبل 5 سنوات قوة جهادية محاصرة تقاتل من أجل البقاء، أما الآن فهي معقلها بمحافظة إدلب، تمتلك أكاديمية عسكرية وقيادة مركزية ووحدات متخصصة سريعة الانتشار تشمل المشاة والمدفعية والعمليات الخاصة والدبابات والطائرات المسيرة والقناصة، وحتى صناعة أسلحة محلية.
وبعد سنوات من هجمات نظام الرئيس السوري بشار الأسد على الجماعة -كما يقول تقرير ريا جلبي من بيروت وأندرو إنغلاند من لندن للصحيفة- أصبحت قدرات الجماعة واضحة من خلال غارتها الجريئة شمال سوريا.
ويقول الخبير آرون زيلين من مؤسسة واشنطن البحثية “لقد تحولت (الهيئة) على مدى السنوات الأربع أو الخمس الماضية إلى جيش مصقول بشكل أساسي”.
وذكرت الصحيفة أن الحصول على الأسلحة الأساسية لم يكن صعبا نسبيا بالنسبة لهيئة تحرير الشام، لأن تركيا والدول العربية بدعم من الولايات المتحدة أغرقت سوريا بالأسلحة منذ عام 2011، لدعم المتمردين في الحرب الأهلية ضد النظام المدعوم من قبل إيران.
غير أن التصنيع المحلي، وخاصة المسيرات والصواريخ، هو الذي مكن هيئة تحرير الشام من تشكيل تهديد جديد لنظام يفتقر إلى قدرات مكافحة الطائرات المسيرة، وبالفعل نشرت الهيئة في الأيام الأخيرة لقطات من هجمات انتحارية بطائرات مسيرة على اجتماع للقادة في مبنى للجيش السوري وهجوم آخر على القاعدة الجوية في مدينة حماة وسط البلاد.
وقالت الصحيفة إن قوات المعارضة، داخل دولتها الصغيرة الناشئة التي يبلغ عدد سكانها 3 أو 4 ملايين نسمة، تنتج المسيرات في ورش عمل صغيرة في المنازل أو المرائب أو المستودعات المحولة، معتمدة على الطابعات الثلاثية الأبعاد، وفقا للخبراء.
وقال الباحث بروديريك ماكدونالد من كينغز كوليدج لندن، الذي تتبع استخدام المسلحين للمسيرات هذا الأسبوع، إن المجموعة نشرت في السابق مسيرات صغيرة يمكنها أن تسقط القنابل اليدوية على المركبات المدرعة، وقد استخدموا وفي هجومهم الجاري مسيرات صاروخية محلية الصنع، ونماذج أكبر يمكنها التنقل مسافات أبعد وحمل حمولة أكبر.
وقال آرون زيلين، الخبير في مركز واشنطن للأبحاث إن هؤلاء المسلحين استخدموا المسيرات للمراقبة واستهداف النظام قبل إرسال المقاتلين إلى المعركة، وأشار إلى أنهم أسقطوا منشورات فوق مناطق مدنية لتشجيع الانشقاقات.
واستثمرت هيئة تحرير الشام أيضا -حسب الصحيفة- في إنتاج صواريخ بعيدة المدى وقذائف الهاون، وقد كشف المسلحون، خلال هجومهم، عن نظام صاروخي موجه جديد لا يُعرف عنه سوى القليل، لكن تشارلز ليستر من معهد الشرق الأوسط وصفه بأنه “صاروخ ضخم بذخيرة ضخمة في المقدمة”، ويُعتقد أن اسمه “قيصر”.
استلهموا العقائد العسكرية الغربية
استكملت الهيئة أسلحتها -كما تقول الصحيفة- بما انتزعته من مجموعات مسلحة أخرى أو ما استولت عليه من قوات النظام في المعارك.
ويقول ماكدونالد “لقد استولوا على كميات هائلة من المعدات، ليس فقط الدبابات وناقلات الأفراد المدرعة، بل وأنظمة مضادة للطائرات.. لقد حصلوا على نظام بانتسير الروسي الصنع والعديد من الصواريخ المضادة للطائرات، بالإضافة إلى العديد من الطائرات الهجومية الخفيفة”.
و”إذا تمكن هؤلاء المقاتلون من تشغيل أنظمة الدفاع الجوي، فسيؤدي ذلك -كما يقول ماكدونالد- إلى تخفيف أحد التحديات الكبرى التي واجهتها هيئة تحرير الشام والجماعات الثائرة الأخرى، وهو الافتقار إلى دفاع الضربات الجوية الروسية”.
ويصر الخبراء على أن تركيا، الداعم الرئيسي لفصائل المعارضة الأخرى تحت مظلة الجيش الوطني السوري، لا تزود هيئة تحرير الشام بالأسلحة والذخيرة بشكل مباشر، لأنها صنفتها منظمة إرهابية، ولكن بعض مخزون هيئة تحرير الشام الحالي تأخذه من الجماعات المقاتلة التي تدعمها أنقرة في شمال غرب سوريا، بحسب المحللين، وقد لاحظ الباحثون في السنوات الأخيرة، تجارة مزدهرة بين قوات النظام وهيئة تحرير الشام فيما يتعلق بالأسلحة والذخيرة.
واستخدمت هيئة تحرير الشام فترة الاستقرار النسبي لإعادة التفكير في إستراتيجيتها وعقيدتها العسكرية، وتقول الخبيرة دارين خليفة في مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية، إن هيئة تحرير الشام كانت تحاكي إلى حد ما بنية الجيش السوري، ولكنها أدركت أن هذا النهج يعتمد على الموارد ومجموعات كبيرة من المجندين غير متوفرة لديها، ولذلك “استلهموا العقائد العسكرية الغربية”، حسب الخبير جيروم دريفون، من مركز أبحاث مجموعة الأزمات.
——————————
رايتس ووتش تبدي مخاوفها من “تكتيكات وحشية” للنظام السوري تجاه المدنيين
5/12/2024
عبرت منظمة هيومن رايتس ووتش عن مخاوفها من تعرّض المدنيين في شمال سوريا لانتهاكات جسيمة من قبل القوات الحكومية والفصائل المعارضة التي “تخوض مواجهات منذ أسبوع تعد الأعنف منذ سنوات”.
ودعت المنظمة جميع أطراف النزاع في سوريا إلى الالتزام بالقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما يشمل توجيه الهجمات فقط ضد الأهداف العسكرية.
وقال نائب مدير منطقة الشرق الأوسط لدى المنظمة آدم كوغل “نظرا إلى سلوك الحكومة السورية طوال نحو 14 عاما من النزاع، تتزايد المخاوف من أنها قد تلجأ مجددا إلى تكتيكات وحشية وغير قانونية، تسبّبت في أضرار مدمرة وطويلة الأمد للمدنيين”.
وذكّرت بأن الحكومة السورية “تتحمل مسؤولية ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب على مدى السنوات الـ13 الماضية من الأعمال القتالية”.
وفي المقابل، أشارت المنظمة في بيانها إلى أن “سجلات الفصائل المعارضة بشأن الاعتقالات تثير مخاوف جدية إزاء سلامة الأشخاص المرتبطين بالحكومة السورية أو الجنود السوريين الذين وقعوا في الأسر”. وقالت إن الجماعات لديها “سجلات موثقة جيدا لسوء معاملة الأقليات الدينية والعرقية والنساء في المناطق الخاضعة لسيطرتها”.
وأضاف كوغل أن “الجماعات المسلحة المعارضة وعدت بضبط النفس واحترام المعايير الإنسانية، لكن في المحصلة سيكون الحكم على أفعالها وليس أقوالها”.
وفي بيان الجمعة، خاطب زعيم “هيئة تحرير الشام” أبو محمد الجولاني سكان مدينة حلب قبل السيطرة عليها بالقول “نطمئن أهلنا هناك، إنكم من الآن فصاعدا تحت حمايتنا”.
وتوجه إلى المقاتلين، في بيان الاثنين، بالقول “شجاعتكم في المعركة لا تعني القسوة والظلم مع أهلنا المدنيين (…) وأحسنوا لأسرى العدو وجرحاهم وإياكم الإفراط في القتل”.
وفي 30 نوفمبر/تشرين الثاني، وصف “مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية” (أوتشا) الوضع في حلب بأنه “يتدهور بسرعة”، مشيرا إلى تقارير عن تسبّب القتال في نزوح “ضخم” منها ومن ريفها الغربي.
وأشار المكتب في الثالث من الشهر الجاري إلى أن الهجمات في إدلب وشمال حلب أسفرت عن مقتل 69 مدنيا، بينهم 26 طفلا و11 امرأة، وإصابة 228 آخرين. ويوم أمس الأربعاء سجّلت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” 149 حالة وفاة بين المدنيين.
—————————-
خاص | بشار الأسد طلب الدعم من الحكومة العراقية لمواجهة فصائل المعارضة
محمد علي
05 ديسمبر 2024
قالت ثلاثة مصادر عراقية مطلعة في العاصمة بغداد إن رئيس النظام السوري بشار الأسد طلب من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دعما لمواجهة قوات المعارضة السورية التي تواصل سيطرتها على المدن والبلدات منذ عدة أيام، وسط استمرار المواجهات على مشارف مدينة حماة.
وكان المكتب الحكومي العراقي قد كشف، السبت الماضي، عن مكالمة هاتفية بين السوداني والأسد قال إنها بحثت تطورات الأوضاع في سورية. لكن رئاسة النظام السوري قالت في بيان لها حول مضمون الاتصال، إن رئيس الوزراء العراقي أعلن عن “استعداد العراق لتقديم كل الدعم اللازم لسورية لمواجهة الإرهاب وكافة تنظيماته”، وفقا لما ورد في البيان.
وأكدت ثلاثة مصادر عراقية، أحدها مسؤول في وزارة الخارجية، لـ”العربي الجديد”، أمس الأربعاء واليوم الخميس، أن بشار الأسد طلب من العراق دعما مباشرا لمنع سقوط مدن أخرى بيد المعارضة. وأبلغ أحد المصادر الثلاثة “العربي الجديد”، بأن الطلب جاء خلال الاتصال الهاتفي بين الأسد والسوداني، السبت الماضي، وتم بحثه في اجتماع عقده التحالف الحاكم في العراق (الإطار التنسيقي)، قبل أيام، بحضور السوداني.
وطلب الأسد، وفقا لمسؤول بوزارة الخارجية العراقية، دعما عسكريا مباشرا من حكومة العراق، دون أن يُحدد نوع هذا الدعم، لكن الذي فهم منه أنه يطلب سلاحا نوعيا لوقف تقدم فصائل المعارضة. لكن مصدرا ثانيا، هو عضو بلجنة الأمن والدفاع البرلمانية في بغداد، قال لـ”العربي الجديد”، إن هناك خلافات حادة بين القيادات الشيعية السياسية حيال تقديم دعم للنظام السوري وسط ضغوطات من الجناح اليميني الشيعي المتمثل بنوري المالكي وقيس الخزعلي وهادي العامري لدعم النظام، وجناح آخر يرى أن أي دعم للنظام قد يُعرّض العراق لعقوبات ومواقف دولية سلبية، خاصة في ما يتعلق بمسألة تزويد النظام السوري بالسلاح النوعي، مثل الصواريخ الحرارية والأسلحة المضادة للأفراد، كاشفا عن أن الحكومة والقوى الشيعية الحاكمة بالعراق تركت القرار أمام الفصائل التي ترغب بالتوجه للقتال ودعم النظام.
فيما تحدث المصدر الآخر عن أن شخصية إيرانية في “فيلق القدس” كانت موجودة في العاصمة بغداد بين يومي الأحد والثلاثاء، وعقدت عدة لقاءات قبل أن تغادر إلى دمشق. ولفت المصدر إلى أن الشخصية الإيرانية بحثت جملة من الملفات وعقدت لقاءات مع قادة فصائل مسلحة. وحول ما إذا كانت هذه الشخصية هي قائد “فيلق القدس” إسماعيل قاآني، قال المصدر “لا، هي شخصية أخرى معنية بالملف السوري”.
ومنذ الأربعاء الماضي، تتصاعد المواقف العراقية الرسمية والحزبية إزاء ما يجري في سورية من أحداث، وهو ما يؤشر إلى حالة من القلق المتزايدة في العراق الذي لا يبدو أنه يريد النأي بالنفس عمّا يجري في سورية، ولا سيما بعدما لوّح رئيس الوزراء العراقي بأن بلاده لن تقف متفرجة حيال ما يجري. وأجرى السوداني، الثلاثاء، اتصالا هاتفيا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مؤكدا أن “العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سورية”.
وأمس الأربعاء، أعلن زعيم مليشيا “أبو الفضل العباس” أوس الخفاجي عن أن جماعته ستتوجه إلى سورية بعد فتح باب التطوع في العراق، مؤكدا أن وجودها سينحصر في دمشق فقط. وقال الخفاجي في تصريحات للصحافة العراقية إنه “بالإضافة إلى عناصر اللواء السابقين، تم فتح باب التطوع للعراقيين حصرا”، مشيرا إلى أن “اللواء لن يتحرك من دون التنسيق مع الحكومة العراقية”، وسيبدأ التسجيل للانتساب إلى الجماعة بدءا من اليوم الخميس، وفقا للخفاجي، مبينا أن العدد الحالي للمليشيا يبلغ أكثر من 7000 عنصر.
وفي السياق، قال القيادي في التحالف الحاكم، رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، في كلمة وجهها للعراقيين، إن “ما يجري في سورية لم يكن حدثاً مفاجئاً، وإنما هي مفردة من سياق ضمن السياقات التي تتعرض لها المنطقة”.
فصائل المعارضة في مقر للمليشيات الإيرانية في إدلب، 1 ديسمبر 24 (عبد العزيز كتاز/فرانس برس)
ومضى قائلاً: “لا بد لنا نحن في العراق والمنطقة من حماية سورية ووحدتها واستقرارها. دعم سورية حتى تصمد في وجه هذا التحدي الخطير، سياسياً واقتصادياً وحتى أمنياً وعسكرياً وما يمكن أن يشكل ردعاً للمجاميع الإرهابية المدعومة”، معتبرا أن “الدفاع الذي نقوم به عن وحدة سورية، هو دفاع عن المنطقة برمتها والعراق بشكل خاص، ولن نسمح بأن يكون العراق ساحة للتجاوزات والتحديات الإرهابية”. وأضاف “لا نتخلى عن دورنا في حماية المنطقة من التداعيات التي تسقط أنظمة”.
تفاصيل جلسة البرلمان العراقي بشأن سورية
إلى ذلك، قال النائب بالبرلمان يوسف الكلابي عقب جلسة مغلقة للبرلمان جرت استضافة رئيس الوزراء فيها إن “مجلس النواب يخول رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة باتخاذ كافة القرارات التي تحفظ الأمن الوطني العراقي وخصوصا في موضوع سورية”، دون أن يكشف عن أي تفاصيل أخرى.
لكن عضو لجنة الأمن والدفاع محمد الشمري قال في حديث تلفزيوني إن “السوداني غير مسؤول عن ذهاب الفصائل لسورية”، مؤكداً أن “كل فصيل ينضوي في الحشد وذهب لسورية سيكون خارج القرار الحكومي”، متحدثا عن أن العراق سبق أن قصف مواقع في سورية بناء على طلب من الأسد، في إشارة إلى غارات جوية نفذتها طائرات عراقية في البو كمال ودير الزور الحدوديتين مع العراق عامي 2018 و2019.
واعتبر الباحث السياسي العراقي غالب الدعمي أن مطالبة بعض الفصائل العراقية مثل “كتائب حزب الله”، في بيانات لها، حكومة السوداني بإرسال قوات إلى سورية، سببها “طلب سوري جاء فعلا للعراق”.
وقال في تصريحات لتلفزيون محلي إن “دخول الفصائل إلى سورية سيكون فخا من قبل إسرائيل”، وإن “الكيان ضرب فصائل عراقية ولم يذهب العراق لمحاربته ولا يجب التدخل بالشأن السوري”، محذرا من عقوبات أميركية على العراق في حال التدخل بالأزمة السورية. وأضاف “تدخل العراق في سورية سيُعتبر تدخلا طائفياً”، موضحاً أن “العراق في موقف صعب بشأن سورية بسبب مصالحه مع تركيا وأميركا”.
—————————
الجولاني: هيئة تحرير الشام تفكر في حلّ نفسها
الأربعاء 2024/12/04
قال زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني إن الهيئة تفكر في حل نفسها لخلق مؤسسات جديدة قادرة على إدارة المناطق الجديدة، مؤكداً أن حلب ستديرها هيئة انتقالية.
هيئة انتقالية
وقالت المستشارة الأولى في مجموعة الأزمات الدولية دارين خليفة، إن مناقشات داخلية جارية بالفعل لمعرفة كيف ستتعامل تحرير الشام والفصائل الأخرى، مع تحديات الحكم في حلب، وذلك على الرغم من أن ذلك سابق لأوانه.
وقال الجولاني في حديث لمجموعة الأزمات الدولية، إن مدينة حلب “ستحكمها هيئة انتقالية”، مؤكداً أن المقاتلين سيغادرون المدينة والمناطق المدنية في الأسابيع المقبلة، بما في ذلك مقاتلو تحرير الشام.
وأضاف أنه “سيتم دعوة البيروقراطيين لاستئناف وظائفهم. وسيتم احترام الأعراف الاجتماعية والثقافية المتميزة للمدينة، للمسلمين والمسيحيين بكل تنوعهم”.
وقال: “حتى أن هيئة تحرير الشام تفكر في حل نفسها لتمكين الدمج الكامل للهياكل المدنية والعسكرية في مؤسسات جديدة تعكس اتساع المجتمع السوري”.
Thread: 1/4 While it’s too early to tell how HTS & other rebels will address governance challenges in Aleppo, it appears that internal discussions are already underway. HTS commander al-Jolani told Crisis Group “the city will be governed by a transitional body. All armed. . .
— Dareen Khalifa (@dkhalifa) December 4, 2024
وفي بيان صادر عنه اليوم، قال الجولاني: “نوصي قواتنا في الميدان في إدارة العمليات العسكرية، بحسن معاملة الأهالي في مدينة محردة”. وأضاف “إني أوصيكم بهذه المدينة ذات الأغلبية المسيحية خيراً”.
وتوجه إلى أهالي محردة قائلاً: “لقد أحسنّا معاملة أبناء الديانة المسيحية في إدلب وحلب، وكذلك سنحرص على حمايتكم والحفاظ على ممتلكاتكم”. ودعاهم للاطمئنان ورفض “الحملة النفسية” التي يمارسها النظام السوري، وعدم النزوح من بيوتهم وقراهم.
حلّ الهيئة
وعقب السيطرة على مدينة حلب، أكد كثيرون أن الجولاني، وفي حال كان جدياً في تسليم إدارة حلب والمناطق الشاسعة المسيطر عليها، لهيئة انتقالية مدنية، فإن أول خطوة هي القيام بحل تحرير الشام، المصنفة على لوائح الإرهاب، ما سيقطع الطريق على كثير من التساؤلات حول مستقبل المناطق “المحررة”، وثمة اعتبارات أخرى.
وثمة أسئلة كثيرة مؤجلة حتى انتهاء المعارك ومعرفة مدى ثبات خطوط السيطرة الجديدة، وجميعها تتعلق عن كيفية وتحديات الإدارة، بما في ذلك البنوك ومعاملات التجار وأموالهم مع باقي المحافظات في مناطق النظام، وتحديات كثيرة.
واليوم الأربعاء، أظهرت مقاطع مصورة زيارة الجولاني مدينة حلب، وقلعتها التاريخية، وسط هتافات من مواليه وانصاره وعشرات الأشخاص الأخرين، تحيي ما فعله لأجل “تحرير حلب”.
زيارة القائد أبو محمد الجولاني لمحافظة حلب #ردع_العدوان pic.twitter.com/st41S05uCm
— مُضَر | Modar (@ivarmm) December 4, 2024
وكانت أول خطوة فعلها الجولاني لدى السيطرة على مدينة حلب، هو الجلوس مع مسيحيي حلب، وتطمينهم عن مستقبلهم وأنهم أمنون بكل تفاصيل حياتهم، وأحرار في ممارسة طقوسهم الدينية في الأعياد الدينية والصلوات في الكنائس.
إلى جانب ذلك، فقد أصدرت حكومة الإنقاذ، التابعة لتحرير الشام، بيانات سياسية وصفت بالمتوازنة والهادئة، شملت حلفاء النظام روسيا والعراق، للتخلي عن نظام الأسد.
—————————–
المعارضة السورية تدعو الطائفة العلوية للانفكاك عن نظام الأسد
عدنان أحمد
04 ديسمبر 2024
بالتوازي مع تقدم الفصائل العسكرية على الأرض على حساب قوات النظام السوري، وإطباقها على مدينة حماة من جهات عدة، وجهت المعارضة السورية رسائل طمأنة إلى الطائفة العلوية التي ينتمي إليها رئيس النظام السوري بشار الأسد، تحثهم فيها على النأي بأنفسهم عن هذا النظام، واعدة إياهم بوطن جديد لكل أبنائه دون تمييز.
وقالت “إدارة الشؤون السياسية” في “حكومة الإنقاذ” (التي تدير محافظة إدلب، والمقربة من هيئة تحرير الشام)، إن الوقت قد حان “لطي صفحة الآلام التي عانى منها الشعب السوري على يد نظام الأسد”، مؤكدة أن سورية المستقبلية ستكون “موحدة بأبنائها جميعاً، ليتمكن كل فرد من العيش بكرامة وأمان”. وأضافت الحكومة في بيان لها، اليوم الأربعاء، أن “نظام الأسد استخدم الطائفة العلوية ضد الشعب السوري، وأدخلهم في معركة صفرية من خلال شحن طائفي دموي ممنهج، ما أحدث شروخاً بين مكونات الشعب”.
ودعا البيان أبناء الطائفة العلوية إلى “فك أنفسهم عن هذا النظام، والالتحاق بالرأسمال الحقيقي، لتصححوا أخطاء الماضي، وتكونوا جزءاً من سورية المستقبل التي لا تعترف بالطائفية”. وأعربت الحكومة عن أملها بأن يدفع عقلاء الطائفة أبناءهم إلى هذا التغيير، رغم الصعوبات القائمة أمام الجميع. كما وجهت “إدارة الشؤون السياسية” التابعة لحكومة الإنقاذ، رسالة إلى أهالي مدينة السلمية بريف حماة الشرقي، والتي تُعتبر موطن الطائفة الإسماعيلية في سورية، مؤكدة أهمية حماية المدنيين، والحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم بعيداً عن كل أشكال الاستهداف أو التهديد.
وتقف قوات المعارضة السورية اليوم على بعد كيلومترات قليلة من مدينة السلمية في ريف حماة الشرقي، حيث احتشدت فلول قوات النظام السوري المنسحبة من مدينة حماة. وقالت الإدارة: “نوجه هذه الرسالة إلى أهالي مدينة السلمية الكرام، وإلى عموم السوريين، داعين الجميع إلى الوقوف صفاً واحداً ضد الظلم والاضطهاد، ونشدد على أنهم كغيرهم من المدنيين يجب أن يكونوا بمنأى عن أي استهداف أو تهديد قائم على الانتماء المذهبي أو العرقي”.
ودعت أهالي السلمية، وكل المناطق السورية، إلى “عدم الوقوف إلى جانب النظام المجرم ومساندته في قتل الشعب السوري، وتعميق معاناته الإنسانية، ورفض استخدامهم كأدوات لتثبيت حكم الطاغية”. وفي بيان لها، قالت “مجموعة إعلان مدينة السلميّة الديمقراطي” (تجمع لناشطين سياسيين من مدينة السلمية داخل سورية وخارجها)، إنها تتابع ما تشهده سورية من تطورات متسارعة، وتتمسك “بحق السوريين المشروع في العيش على أرض وطنهم متمتعين بالكرامة والحرية”.
وقال البيان “نؤمن بحق الشعب السوري في العيش في وطنٍ لا يشكّل الظلم فيه سمته البارزة، ولا يكون الاستبداد نهجه وطريقه المحتوم. نحن نتطلع لبناء وطن تسوده عدالة القانون، بعيداً عن تسلط نظام الأسد المجرم، الذي مارس كل أنواع القتل والتنكيل بحق أبناء شعبنا، مستعيناً بحلفائه من الدول وتوابعها من المليشيات المسلحة. وبناءً على ما سبق، فإننا نؤكد حق السوريين بالتخلص من هذا النظام الديكتاتوري”. وطالبت المجموعة بتجنيب المدنيين الأضرار المحتملة، في كل المدن والقرى السورية دون استثناء، ومن ضمنها مدينة السلمية.
وكانت “إدارة العمليات العسكرية” التي تقود قوات المعارضة السورية في المعارك الحالية، قد أصدرت بياناً موجهاً إلى الضباط العاملين في القوات المسلحة التابعة للنظام، وإلى قادة الفرق والكتائب في كل المدن السورية، تعلن “استعدادها الكامل لتأمين انشقاق أي ضابط يرغب في إلقاء السلاح والانتقال بأمان إلى مناطق سيطرتها في الشمال السوري”.
وفي السياق ذاته، أصدر “المجلس الإسلامي السوري”، اليوم الأربعاء، بياناً توجه فيه إلى “أبناء الشعب السوري جميعاً”، قال فيه إن الثورة السورية ليست ضد طائفة معينة، بل ضد الاستبداد. وأكد البيان الذي تلاه عضو المجلس مطيع البطين، أن النظام السوري زج بالطائفة العلوية في معاركه للحفاظ على حكمه. وخاطب الطائفة بالقول: “أنتم مكون من مكونات الشعب السوري، وشركاء لكل أبناء سورية الأحرار.. وهذا الوقت، هو وقت التخلي عن العصابة التي سعت إلى صبغ سورية بالطائفية، ونحن السوريين جميعاً ننتظركم لتقفوا مع أبناء بلدكم لصناعة مستقبل مشرق وعيش كريم للسوريين جميعاً دون تمييز”.
كما خاطب البيان الكرد، مشيراً إلى “الظلم والإجرام والعنصرية” التي وقعت عليهم تحت حكم النظام السوري، و”محاولات العصابات الانفصالية اختطاف هذا المكون لصالح مشروعها”. وقال البيان: “نسعى إلى سورية يعيش فيها الكرد مواطنين كراماً أعزة، شركاء متساوين في الحقوق والواجبات”.
وخاطب البيان المسيحيين و”الموحدين الدروز”، ومجمل الطوائف والإثنيات، بقوله “جميعنا شركاء لإسقاط نظام الإجرام، وبناء سورية المستقبل التي تتسع لكل أبنائها الأحرار”، وصولاً إلى بناء دولة سورية القائمة على العدالة والمشاركة. كما ناشد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين العالم العربي والإسلامي والإنساني بالوقوف مع الشعب السوري لإنقاذه من معاناته التي طالت أكثر من 13 سنة.
وطالب الاتحاد في بيان له، اليوم الأربعاء، الشعب السوري بالوحدة والتوافق على حكومة تجمع جميع مكوناته دون تفرقة لأجل عرق، أو دين، أو طائفة. وحث الاتحاد الأمة الإسلامية، والمنظمات الأممية والإنسانية بالوقوف مع الشعب السوري “الذي يرزح تحت الظلم والاستبداد والاستبدادية منذ عقود طويلة، والمساهمة في إنقاذه، والمساعدة لتثبيت حكم عادل يعيد الأمن والأمان والازدهار إلى هذا الشعب السوري العظيم”
———————————-
واشنطن كانت تعمل بهدوء على صفقة مع نظام الأسد قبل أن يعرقل جهودها التقدم السريع لقوات المعارضة
ابراهيم درويش
لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا لديفيد إغناطيوس قال فيه إن الولايات المتحدة كانت تعمل وبهدوء على صفقة مع النظام السوري لبشار الأسد من أجل منع تدفق الأسلحة إلى “حزب الله” في لبنان، ثم جاء التقدم السريع لقوات المعارضة فعرقل الجهود. وأشار إلى أن دولا عربية شاركت في الجهود مقابل تخفيف العقوبات على سوريا، وذلك حسب مصدر مطلع على المفاوضات.
وأوضح إغناطيوس أن مفاوضات القنوات السرية التي شاركت فيها دول خليجية وجرت خلال الأسابيع الماضية، قد خرجت عن مسارها بسبب الهجوم المذهل للمعارضة السورية واستيلائها في نهاية الأسبوع الماضي على حلب، ثاني أكبر مدن سوريا. ورغم أن المحاولة الدبلوماسية تبدو ميتة في الوقت الحالي، إلا أن ذلك كان علامة على التغييرات المذهلة في الشرق الأوسط في أعقاب هجوم إسرائيل على “حزب الله” وحماس.
وأشار الكاتب إلى أن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان قال لشبكة “سي إن إن” يوم الأحد إن الولايات المتحدة لديها “مخاوف حقيقية” بشأن المعارضة السورية، التي تعد أكبر مجموعاتها فرعا من تنظيم القاعدة، والمعروفة باسم هيئة تحرير الشام. وقال سوليفان: “في الوقت نفسه، بالطبع، لا نبكي على حكومة الأسد المدعومة من روسيا وإيران وحزب الله”.
وأشار إغناطيوس إلى أن الدول العربية “المعتدلة” كانت تحث سوريا على الابتعاد عن إيران في أعقاب “هزيمة حزب الله” في لبنان. وكانت تأمل أن يكون بشار الأسد قد سئم وصاية طهران عليه وأنه مستعد للتخلي عنها إذا خففت واشنطن عقوباتها، التي تمنع الأسد وغيره من المسؤولين من الوصول إلى الأصول الدولية وتقيد الاستثمار والتجارة مع البلاد. ولكن الآن بعد أن أصبح الأسد يواجه تهديدا متجددا من المعارضة، يبدو أنه يحتاج إلى الإيرانيين أكثر من أي وقت مضى.
ونقل الكاتب ما قاله المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا (2018- 2020)، جيمس جيفري، “هذه جبهة أخرى تنهار من الإمبراطورية الإيرانية بالوكالة”. وقال إن نظام الأسد وإيران وتركيا “فوجئتا” بتقدم المعارضة.
ويقول إغناطيوس إن الاتفاق السوري- الأمريكي كان من شأنه وقف شحنات الأسلحة إلى “حزب الله” في لبنان ويعزز اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة والذي تم التوصل إليه الأسبوع الماضي بين “حزب الله” وإسرائيل. كل هذا سيقلل من تهديد “حزب الله” المحروم من الأسلحة الإيرانية على إسرائيل أو الجيش اللبناني الذي نشر قواته الآن في جنوب لبنان.
إلا أن عودة المعارضة السورية فاجأت الجميع في المنطقة، وخاصة الأسد. وتعتقد المصادر العربية أنه في الوقت الذي اندفع فيه مقاتلو المعارضة جنوبا، كان الأسد مسافرا إلى موسكو للتحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول الصفقة المحتملة لتبادل حظر الأسلحة مقابل تخفيف العقوبات الأمريكية.
ويقول الكاتب إن السبب الرئيسي وراء الهجوم الأخير، ربما كان زيادة القصف السوري على مواقع المعارضة في إدلب، جنوب الحدود التركية مباشرة. وأطلقت المعارضة على هجومها اسم “ردع العدوان”، وفقا لتقارير إعلامية عربية. وقال مسؤول في إدارة بايدن إنه مع تقدم المتمردين جنوبا، انهار الجيش السوري، و”تضخم الهجوم” حتى وصل إلى حلب. وكان الاقتراح الأول الذي طرحه الوسطاء العرب على الأسد هو طرد “حزب الله” من سوريا بالكامل، وفقا لمصدر عربي مطلع.
ويقال إن الأسد رفض ذلك، لذلك طلب الوسطاء بدلاً من ذلك المساعدة السورية في منع الأسلحة الإيرانية، حسبما يقول المصدر. ولم تقدم لا المصادر الأمريكية أو العربية تفاصيل حول كيفية تخفيف الولايات المتحدة للعقوبات على سوريا، والتي فرضت معظمها في عام 2011 عندما بدأ الأسد في قمع انتفاضة ضد نظامه بوحشية خلال الربيع العربي المنكوب.
وبدا أن نظام الأسد يستعيد توازنه على مدى السنوات العديدة الماضية. لكن هذا الاستقرار كان هشا، ويعتمد على القوة العسكرية لروسيا وإيران و”حزب الله”. ولكن هذه الدعامات لم تمنع المعارضة المسلحة من الاستيلاء على حلب.
والآن يواجه الأسد هجوما دمويا لاستعادة المدينة. ومن المؤسف أن الشرق الأوسط يتميز بأنه بمجرد انتهاء حرب ما، تبدأ حرب أخرى. ورأت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير أعدته كارلوتا غال أن التوقيت بدا محسوبا وانتهازيا، فبمجرد توقيع اتفاق لإنهاء القتال بين إسرائيل و”حزب الله” في لبنان الأسبوع الماضي، اندلع صراع آخر ليس ببعيد في سوريا. فقد شنت المعارضة السورية المسلحة هجمات كاسحة ضد قوات الأسد في شمال غرب سوريا، وسيطرت على أجزاء كبيرة من الأراضي بما فيها حلب. كما وأجبرت القوات الروسية على التخلي عن قاعدة بالقرب من حلب والميليشيات المدعومة من إيران على التخلي عن السيطرة على بلدة تل رفعت، وهي موقع سوري بالقرب من الحدود التركية، وفقا لمجموعات إنسانية وبحثية سورية. وقد أدى التقدم المفاجئ للمعارضة، والنكسة التي تعرض لها الأسد وحلفاؤه، إلى تأجيج مرجل من التنافسات الجيوسياسية التي كانت تغلي في سوريا لأكثر من عقد من الزمان بعد أن تحولت انتفاضة الديمقراطية في عام 2011 إلى ثورة واسعة النطاق. كما أكد ذلك على مدى سهولة انتشار العنف كالنار في الهشيم عبر منطقة متقلبة أصبحت أكثر صعوبة للتنبؤ بها بسبب المصالح المتشابكة والمتنافسة للعديد من القوى الكبرى المتنافسة على النفوذ.
لقد كانت إيران وروسيا، على أمل دعم حليف رئيسي في المنطقة، تقدمان الدعم العسكري الحيوي لحكومة الأسد لسنوات. كما أن تركيا والولايات المتحدة لديهما قوات موجودة في سوريا في مناطق لا تسيطر عليها الحكومة حيث تدعمان مجموعات معارضة مختلفة. ونقلت الصحيفة عن معاذ مصطفى، المدير التنفيذي لقوة مهام الطوارئ السورية، وهي منظمة إنسانية أمريكية تعمل من أجل الديمقراطية في سوريا، أن الثوار استغلوا بوضوح الفرصة التي سنحت لهم مع ضعف الحكومة السورية وروسيا وإيران وإرهاقهم بسبب صراعات أخرى. وقال مصطفى إن مقاتلي المعارضة راقبوا عن كثب الأضرار الناجمة عن هجمات أجهزة البيجر التي استهدفت أعضاء “حزب الله” في لبنان، والغارات الجوية الإسرائيلية على قادة الحرس الثوري الإسلامي الإيراني في سوريا. وقال إن هذه الهجمات أشارت للمقاتلين بأن الوقت مناسب لشن واحدة من هجماتهم. وقال مصطفى إنه كان على علم بالاستعدادات لتنسيق الهجوم في الأسابيع الأخيرة. وقال في مقابلة هاتفية: “كنت أعلم أنهم كانوا يعدون الخطط، لكن ما فاجأني هو أنهم استولوا على حلب في يومين”.
وقد أثار تصاعد القتال تساؤلات لأول مرة منذ سنوات حول مدى قدرة المعارضة على المضي قدما ومدى قوة قبضة الأسد على السلطة. وقد يعطل هذا الاتجاه التدريجي نحو القبول الدولي لبقاء الأسد كزعيم لسوريا واستئناف العلاقات الدبلوماسية مع سوريا بين الدول العربية وبعض الدول الأوروبية.
لقد أعلنت كل من روسيا وإيران عن دعمهما للأسد، ولكن إلى جانب العديد من الغارات الجوية الروسية على مدينتي إدلب وحلب، اللتين تقعان في أيدي الثوار، يتساءل المحللون عن مقدار المساعدة التي سيتمكن الروس والإيرانيون من تقديمها في المدى القريب.
وأعربت الدول العربية عن قلقها إزاء احترام سيادة سوريا، وهو ما قاله المحللون إنه طريقة دبلوماسية لانتقاد الدور المستمر لتركيا في دعم الجماعات المتمردة لمصالحها الخاصة.
ويصف السوريون، الذين يراقبون الأحداث من خارج البلاد، هذا الهجوم، بما في ذلك الانسحابات المتفاوض عليها، بأنه مختلف عن فترات القتال السابقة.
ويعتقد قِلة من الناس أن حكومة دمشق قادرة على استعادة الأراضي المفقودة بسرعة بسبب انخفاض الروح المعنوية في الجيش وفي الأجزاء التي تسيطر عليها الحكومة من البلاد. ويقول المحللون إن العديد من الناس في تلك المناطق، بما في ذلك المسؤولون الحكوميون، أصبحوا فقراء، وهذا هو أحد أسباب الانهيار السريع للقوات الحكومية.
———————————–
مقاتلو المعارضة السورية يقولون إنهم دخلوا مدينة حماة
بيروت: قال مقاتلون في المعارضة السورية المسلحة اليوم الخميس، إنهم بدأوا الدخول إلى مدينة حماة.
وفي الوقت نفسه، تقول وسائل إعلام رسمية سورية، إن كل محاولات المسلحين لدخول المدينة باءت بالفشل وإن جيش النظام يصدهم.
وقال حسن عبد الغني القيادي في قوات المعارضة على مواقع للتواصل الاجتماعي “قواتنا بدأت التوغل في مدينة حماة”.
قواتنا بدأت التوغل في مدينة حماة#إدارة_العمليات_العسكرية #ردع_العدوان
— حسن عبد الغني (@hasanabdalgany) December 5, 2024
لكنّ مصدرا عسكريا سوريا قال في وقت لاحق إنه “لا صحة للأنباء التي توردها مصادر الإرهابيين حول وصولهم إلى منطقة جسر المزارب أو دخولهم أي حي من أحياء مدينة حماة، وجميع قواتنا بعرباتها وآلياتها المنتشرة على أطراف المدينة تتمركز في نقاط متقدمة وتشكل خطوطا دفاعية منيعة في مواجهة أي محاولة تسلل للإرهابيين”.
ويحاول مقاتلون من المعارضة المسلحة دخول حماة منذ يوم الثلاثاء، ويقول الجانبان إن قتالا عنيفا دار خلال الليل مع الجيش السوري وجماعات مسلحة مدعومة من إيران بدعم من قصف روسي.
وسيطرت المعارضة المسلحة على مدينة حلب الرئيسية في الشمال الأسبوع الماضي وتحاول منذ ذلك الحين التقدم صوب الجنوب من شمال غرب سوريا ووصلت لتل استراتيجي يشرف على حماة من جهة الشمال يوم الثلاثاء، وبدأت في التقدم صوب المدينة من الشرق والغرب أمس الأربعاء.
نحقق تقدماً من عدة محاور داخل مدينة حماة وباتجاه مركز المدينة#إدارة_العمليات_العسكرية #ردع_العدوان
— حسن عبد الغني (@hasanabdalgany) December 5, 2024
وظلت حماة خاضعة لسيطرة الحكومة خلال الحرب الأهلية التي اندلعت منذ 2011 بعد انتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد. وإذا تمكنت المعارضة المسلحة من السيطرة على حماة فسيكون لذلك تداعياته على دمشق وحليفتيها موسكو وطهران.
وتقع المدينة على بعد أكثر من ثلث الطريق من حلب إلى دمشق وستفتح السيطرة عليها الطريق أمام تقدم المعارضة المسلحة صوب حمص، وهي مدينة رئيسية في وسط البلاد تعد تقاطع طرق يربط أغلب المناطق المكتظة بالسكان في سوريا.
وحماة مهمة أيضا لبسط السيطرة على مدينتين أخرتين تضمان أقليات دينية وهما محردة التي يقطنها الكثير من المسيحيين، والسلمية التي يقطنها العديد من أبناء الطائفة الإسماعيلية وهي إحدى فرق الشيعة.
وأقوى فصائل المعارضة المسلحة هي هيئة تحرير الشام اتي تتشكل من مسلحين سنة كانوا يدينون قبل ذلك بالولاء لتنظيم القاعدة. وتعهد زعيمها أبو محمد الجولاني بحماية الأقليات الدينية في سوريا، لكن الكثيرين يشعرون بالخوف من صعود المعارضة المسلحة.
وزار الجولاني أمس الأربعاء قلعة حلب التاريخية، في لحظة رمزية لقوات المعارضة التي طردت من المدينة في عام 2016 بعد شهور من الحصار والقتال العنيف مما شكل أكبر هزيمة لها في الحرب. وكانت حلب أكبر مدينة في سوريا قبل الصراع.
وتحاول هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة أخرى ترسيخ سيطرتها على حلب وإخضاعها لإدارة ما يطلق عليها (حكومة الإنقاذ) التي أسستها المعارضة في جيبها الواقع في شمال غرب سوريا.
وقال سكان في حلب إن هناك نقصا في الخبز والوقود وإن خدمات الاتصالات مقطوعة أيضا.
(رويترز)
————————————-
بوليتيكو: رهان أردوغان الخطير في سوريا.. بين إجبار الأسد على التفاوض واحتمال فقدان السيطرة
إبراهيم درويش
لندن- “القدس العربي”: نشرت مجلة “بوليتيكو” مقالاً للمعلق جيمي ديتمر قال فيه إن الهجوم المفاجئ والمخطط له منذ فترة طويلة من قبل تحالف من المعارضة السورية المسلحة، والذي أدى إلى فرار قوات النظام السوري من حلب، ترك وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي غاضباً يبحث عن تفسير.
إن سقوط ثاني أكبر مدينة في سوريا في أيدي التحالف الذي تقوده “هيئة تحرير الشام” – وهي جماعة منشقة عن تنظيم “القاعدة” – ليس مجرد إذلال للأسد، بل إنه أيضاً إذلال لحلفائه؛ إيران، وإلى حد ما روسيا.
ففي عام 2016، ساعدت الميليشيات الشيعية التي تقودها إيران، مع حملة قصف روسية لا تميز، النظامَ السوري على استعادة حلب من الثوار، الذين سيطروا على حوالي نصف المدينة لمدة أربع سنوات. بعد ذلك، كان من المفترض أن تكون آمنة في أيدي الأسد.
ولكن، في الأسبوع الماضي، استغرق الأمر 72 ساعة فقط للسيطرة على حلب، ما أدى إلى إعادة إشعال الحرب الأهلية السورية الطويلة الأمد، والتي اندلعت، في البداية، بسبب القمع الوحشي للأسد للاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية.
عند وصوله إلى دمشق لإجراء محادثات عاجلة، قدم عراقجي التفسير الأكثر إدانة الذي يمكن أن يفكر فيه، كان الأمر كلّه “مؤامرة من قبل النظام الإسرائيلي لزعزعة استقرار المنطقة”.
ويعلق الكاتب أنه من الملائم لطهران أحياناً أن تلقي باللوم على الصهاينة، وربما ساعدت الصواريخ والغارات الجوية الإسرائيلية المعارضة بشكل طفيف، فإن سقوط حلب لا علاقة له بتطلعات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، بل له علاقة أكبر بحالة القوات المسلحة للأسد.
كما أن له علاقة كبيرة بالمناورات الجيوسياسية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتصميمه على الحد من أي تهديدات حقيقية أو متخيلة من الأكراد السوريين المدعومين من الولايات المتحدة، فضلاً عن انزعاجه من الأسد لرفضه عرضاً قديماً للمصالحة.
أولاً، وقبل كل شيء: سقطت حلب بسهولة بسبب انهيار قوات الأسد. فقد تبين أنها كانت محبطة وضعيفة وغير متحفزة، مثل القوات الأفغانية التي أنفقت الولايات المتحدة سنوات في تدريبها وتمويلها، ولكنها فشلت في خوض أي قتال حقيقي ضد طالبان.
قال الدبلوماسي الأمريكي السابق ألبرتو فرنانديز: “إن الجيش العربي السوري عبارة عن هيكل مجوف، أضعف كثيراً مما تشير إليه أعداده وأسلحته المزعومة.. سوريا في حالة اقتصادية حرجة. يكمل الضباط رواتبهم الضئيلة بأخذ الرشاوى حتى يحصل الجنود على إجازات طويلة، ويعملوا في وظائف أخرى في مدنهم. ويبدو أن بعض الوحدات انهارت وهربت بعد أن فقدت ضباطها”.
لا شك أن طهران لا ترغب في الإعلان عن ضعف حليف آخر، بعد أن نجحت إسرائيل في قطع رأس “حزب الله” اللبناني بسرعة، الشريك الإقليمي الأكثر أهمية لإيران.
لكنها لا تستطيع أيضاً تسليط الضوء على الدور الحقيقي للرجل الخبيث وراء ما يحدث في شمال سوريا، حيث من المرجح أن تحتاج إلى التوصل إلى نوع من الاتفاق مع أردوغان الماكر لضمان توقف الهجوم الذي يتجه الآن نحو حماة، على بعد 90 ميلاً جنوب حلب، هناك.
ولكن بعد إضعاف إيران و”حزب الله” من قبل إسرائيل، فإنهما غير قادرين على تقديم القوة البشرية والدعم العسكري للأسد، كما ساعدوه على تحويل مسار الحرب الأهلية السورية في عام 2015.
ووفقاً لمصادر لبنانية تحدثت إلى وكالة أنباء “رويترز”، فإن “حزب الله” ليس لديه خطط لإرسال مفارز للانضمام إلى مئات المقاتلين العراقيين الذين ترعاهم إيران، والذين عبروا إلى سوريا، هذا الأسبوع، لدعم جيش الأسد.
ومن جانبه، سعى أردوغان إلى إبعاد نفسه عمّا يحدث عبر الحدود، وقدم نفسه كمتفرج يراقب تطورات لا يستطيع السيطرة عليها.
وقال، يوم الإثنين: “نحن نتابع الأحداث عن كثب. لقد حذرنا لفترة طويلة من أن دوامة العنف في الشرق الأوسط قد تؤثر أيضاً على سوريا. وقد أكدت الأحداث الأخيرة أن تركيا كانت على حق”.
ولكن قلة من المراقبين يعتقدون أن الهجوم لم يكن ليحدث دون علم أنقرة وتأييدها. فوفقاً لهادي البحرة، رئيس جماعة سورية معارضة معترف بها من قبل المجتمع الدولي، كانت الاستعدادات للهجوم على حلب قيد الإعداد منذ العام الماضي، الاستعدادات التي شملت “هيئة تحرير الشام”، فضلاً عن أكثر من 12 فصيلاً في “الجيش الوطني السوري” الذي ترعاه تركيا، والذي يستهدف إلى حد كبير الأكراد السوريين.
وبالتالي، فمن السذاجة الاعتقاد بأن المسؤولين الأتراك لم يكونوا على علم بهذا التخطيط.
ووفقاً لإحاطة استخباراتية أصدرها مركز صوفان، وهي مجموعة بحثية أسسها ضباط ودبلوماسيون سابقون في الاستخبارات الأمريكية والبريطانية، فإن “هجوم حلب… تأخر عندما تدخلت تركيا، ما أدى إلى تغيير التوقيت”.
وبشكل عام، كانت الخطوط الأمامية للحرب الأهلية السورية راكدة منذ عام 2020، على الرغم من وقوع اشتباكات عرضية شرسة. وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، سيطر الأسد على جزء كبير من البلاد وأكبر مدنها.
لقد ظلت “هيئة تحرير الشام”، التي تتسامح معها تركيا، والتي يقودها تحالف من المقاتلين الإسلاميين في الغالب، محاصرة في إدلب وأجزاء من الريف غرب حلب، في حين كانت القوات التركية والفصائل التي ترعاها تركيا تشرف على شريط من الأراضي الكردية على طول الحدود شمال حلب. وفي شمال شرق سوريا، ظلت “قوات سوريا الديمقراطية”، التي يهيمن عليها الأكراد، وهي حليفة للولايات المتحدة ضد تنظيم “الدولة”، لشأنها إلى حد كبير.
لقد أدى الهجوم إلى تحول كبير في كل ذلك، ولكن من الصعب التنبؤ بالعواقب.
يمتلك أردوغان الآن العديد من الأوراق، ولكن ما إذا كانت تفلت من يديه هي مسألة أخرى.
من المؤكد أنه لا يريد أن تخرج الأمور عن السيطرة وأن يسقط الأسد، ولكن هذا قد يعتمد جزئياً على ما إذا كانت “هيئة تحرير الشام” تلتزم بالنص،
وتعزز وجودها في حلب، وتركز على إنشاء حكومة على الطراز الإسلامي هناك، تماماً كما فعلت في إدلب. إذا هاجمت ودفعت جنوب حماة لأن دفاعات الأسد انهارت، فقد يجد أردوغان أنه أشعل أكثر مما كان يتوقع.
الواقع أن الزعيم التركي كان يضغط على الأسد للموافقة على المصالحة، على مدى الأشهر القليلة الماضية، لكن الزعيم السوري تجنّب العرض، وأصر على أن تسحب تركيا أولاً آلاف قواتها والجماعات التي ترعاها من الأراضي السورية.
وعلى هذا، فإن بعض المراقبين يرون في الهجوم جزءاً من جهود أنقرة للضغط على الأسد لتطبيع العلاقات والتفاوض على حل سياسي للحرب الأهلية، وهو ما من شأنه أن يمنح أردوغان الفرصة لإعادة 4.7 مليون لاجئ سوري يعيشون في تركيا.
ومن المرجح أن تأتي المصالحة بتكلفة كبيرة للأكراد، وتتضمن تقليص شبه استقلالهم في الشمال الشرقي أيضاً. وتعمل تركيا ووكلاؤها بالفعل على توسيع سيطرتهم على البلدات والقرى الخاضعة لسيطرة الأكراد والمتاخمة للحدود.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، استولى “الجيش الوطني السوري”، الذي ترعاه تركيا، على معقل الأكراد في تل رفعت، إلى جانب بلدات وقرى أخرى تابعة لـ “قوات سوريا الديمقراطية” شرق حلب.
والسؤال، أين يترك هذا روسيا؟
مثل حلفاء الأسد الرئيسيين الآخرين “إيران” و”حزب الله”، تركّز موسكو على أولويات أخرى، وهي أوكرانيا. وحتى الآن، لم تحلّق الطائرات الحربية الروسية، إلا في طلعات قصف محدودة لدعم قوات الأسد، ما أضاف إلى التكهنات بأن الكرملين كان على علم بالهجوم القادم، وليس منزعجاً لرؤية الضغوط تتزايد على الأسد.
كما كانت موسكو تدفع الأسد إلى المصالحة مع أردوغان، واستكشاف الحلول السياسية لإنهاء الحرب الأهلية، الأمر الذي من شأنه أن يفتح سوريا للتجارة المربحة للشركات الروسية، ويفترض أن يضمن عدم وجود مخاطر على قواعدها الجوية والبحرية الإستراتيجية في سوريا. وعلى مدار الصيف، سعى الكرملين مراراً وتكراراً إلى ترتيب اجتماعات وجهاً لوجه بين الزعيمين السوري والتركي دون جدوى.
ولكن هذا المسعى قد يؤتي ثماره الآن. فبالرغم من كل الحديث عن مؤامرة إسرائيلية، توجّه عراقجي بسرعة إلى أنقرة هذا الأسبوع للقاء نظيره التركي هاكان فيدان. واتفق الرجلان على أن تركيا وإيران وروسيا يجب أن يعقدوا مفاوضات ثلاثية جديدة لمعالجة الصراع. وقال عراقجي: “لقد قررنا إجراء مشاورات وحوارات أوثق، وبإذن الله سنتعاون لتحسين الوضع بشكل أكبر نحو السلام والاستقرار في منطقتنا”.
وفي الوقت نفسه، ألقى فيدان باللوم بشكل واضح على رفض دمشق التحدث مع قوى المعارضة. وقال: “إن التطورات الأخيرة تظهر، مرة أخرى، أن دمشق يجب أن تتصالح مع شعبها والمعارضة الشرعية”.
وما تُرك دون ذكر هو أهمية المصالحة مع أردوغان.
——————————-
فصائل المعارضة تدخل أحياء القصور والأربعين وتحرر مئات المعتقلين من سجن حماة المركزي- (فيديوهات)
هبة محمد
أعلنت المعارضة السورية المسلحة التوغل في عدد من أحياء مدينة حماة وسط سوريا، وقال المتحدث العسكري باسم إدارة العمليات العسكرية لمعركة “ردع العدوان” المقدم حسن عبد الغني: نحقق تقدماً من عدة محاور داخل مدينة حماة وباتجاه مركز المدينة.
وأعلن عبد الغني في بيان: قواتنا دخلت سجن حماة المركزي، وحررت مئات الأسرى المظلومين منه.
قواتنا دخلت سجن حماة المركزي، وحررت مئات الأسرى المظلومين منه.#إدارة_العمليات_العسكرية #ردع_العدوان
— حسن عبد الغني (@hasanabdalgany) December 5, 2024
وتابع: “حررنا عدة أحياء في مدينة حماة، ومازال التقدم مستمرا”، مضيفا “الأهالي يستقبلون أبناءهم المجاهدين في أحياء حماة المحررة”.
الأهالي يستقبلون أبناءهم المجاهدين في أحياء حماة المحررة.#إدارة_العمليات_العسكرية #ردع_العدوان
— حسن عبد الغني (@hasanabdalgany) December 5, 2024
فرحة عارمة بتحرير السجناء والمعتقلين في سجن #حماة المركزي #حماة_تتحرر pic.twitter.com/CZrUmRkCR7
— موسى العمر (@MousaAlomar) December 5, 2024
وبحسب الإدارة العسكرية فقد بدأ توغل فصائل المعارضة السورية داخل أحياء مدينة حماة، بعد معارك دامية مع قوات النظام السوري والمليشيات المدعومة من إيران أسفرت عن وقوع عشرات القتلى والجرحى.
مصدر مدني من أهالي مدينة حماة قال لـ”القدس العربي” إن فصائل المعارضة دخلت حي القصور وحي الأربعين شمال مدينة حماة وأحياء المزارع والصناعة، والقسم الشرقي داخل مدينة حماة، وتعمل على تمشيط المدينة.
وأضاف: “تنتشر الفصائل داخل أحياء المدينة الواقعة على الجهتين الشمالية والشرقية، وقسم من الأحياء الجنوبية، وتتغلغل في الأحياء الغربية بعدما سيطرت على عدة مناطق من أهمها جسر المزارب، وبلدة أرزة، تزامنا مع انسحاب جماعي لقوات النظام من معظم أحياء المدينة.
يالله حماة تحررت ولبست الثوب الاخضر وادارة العمليات العسكرية دخول قواتنا الى سجن حماة المركزي المعتقلين تتحرر .#ردع_العداون #فجر_الحرية pic.twitter.com/o3oEMxcS4X
— محمود الحموي (@mahmod1989512) December 5, 2024
القدس العربي”
—————————–
=================