رئيس “الدفاع المدني” السوري: “صيدنايا” مسلخ بشري… ولا نزال نبحث عن سجون سرية
قضية المعتقلين هي قضية إنسانية أولا
فراس كرم
آخر تحديث 16 ديسمبر 2024
قال رائد الصالح رئيس “الدفاع المدني السوري” (الخوذ البيضاء) في حديث إلى “المجلة”، إن فرقه لا تزال “تبحث عن سجون سرية أو عن زنازين سرية غير مكتشفة داخل السجون التي تم اكتشافها، وإطلاق سراح المعتقلين منها”، لافتا إلى أن “حالة الفوضى التي حصلت في الساعات الأولى، أدت لأضرار بالغة في الوثائق، ونسعى لمساعدة السلطات والمؤسسات في حفظ هذه الوثائق”.
وعن سجن صيدنايا الشهير، قال الصالح إنه “مسلخ بشري بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. أعلى درجات التوحش التي عرفتها البشرية، مرعب مخيف، رائحة الموت في كل مكان”. وزاد: “رغم أن نظام الأسد المجرم والبائد حاول إخفاء جميع الأدلة، وأدوات التعذيب، وجميع الأدوات الفيزيائية والمتعلقة بالتعذيب في السجن، ومع ذلك ما زال هناك الكثير من الأدلة، مسألة الدخول إليه كانت معقدة جداً، للأسف حصلت حالة فوضى عندما تم فتح السجن، وإخراج المعتقلين”. وأشار الصالح إلى “بعض الأشخاص تصرفوا بطريقة متعمدة، لمحاولة طمس الأدلة، وأخذ تسجيلات الكاميرات من داخل السجن، والعبث بالوثائق”.
وأوضح ردا على سؤال: “للأسف لا أحد يمتلك هذه الأرقام بسبب حالة الفوضى التي حصلت، سواء في سجن صيدنايا أو حتى في باقي سجون الأفرع الأمنية، أو حتى في السجون العادية مثل سجن عدرا، الذي كان يوجد به أيضاً سجناء سياسيون”، لافتا إلى أن عدد المعتقلين كان أكثر من مئة ألف شخص “وتوجد منظمات عديدة لديها توثيقات لعدد المفقودين والمختفين قسرياً في سجون نظام الأسد والميليشيات الإيرانية”،
وهنا أجوبة الصالح ردا على أسئلة أرسلت له خطيا:
1- لماذا قرر “الدفاع المدني” المساعدة في قضية السجون؟
قضية المعتقلين في السجون والمختفين قسريا، هي قضية إنسانية بالدرجة الأولى، لا يمكن لأي إنسان أن يتجاهل هذه المأساة التي ترتبط بكل السوريين، لا يوجد بيت سوري إلا ويعاني من اعتقال أحد أفراده، طوال السنوات الماضية كانت قضية المعتقلين والمختفين قسرياً في سجون نظام الأسد، واحدة من أهم أولوياتنا، وخاصة في اجتماعاتنا مع ممثلي الدول والمنظمات الحقوقية.
بعد ما حصل من انهيار لنظام الأسد البائد، حدثت حالة فوضى مؤقتة خاصة في مدينة دمشق وريفها، وكان هناك تعامل عشوائي من أشخاص فتحوا السجون بطريقة غير منضبطة، وبناء على مناشدات الأهالي، وذوي الضحايا للمساعدة في البحث عن زنازين سرية، يُحتمل وجودها في سجن صيدنايا تدخلت “فرق الدفاع المدني السوري” واستجابة لهذا النداء أرسلنا خمسة فرق متخصصة، بينها فريقا “K9” للبحث عن أي من هذه الزنازين المحتمل وجودها، والتي لم تُكتشف بعد، ولكن لم نجد أية زنازين غير مكتشفة بعد، وبالتالي لا يوجد معتقلون متبقون في سجن صيدنايا الآن، وجميع المعتقلين خرجوا من السجن، وتواصلت مناشدات الأهالي للبحث في سجون أخرى، أو عن معتقلات أخرى لا تزال سرية، ونواصل حالياً الاستجابة للنداءات والبحث في هذه السجون أو البحث عن معتقلات سرية.
2- من إنقاذ القتلى من القصف إلى إنقاذ السجناء… كيف حصل؟ وما الفرق؟
باعتقادي لا فرق بين إنقاذ المدنيين من القصف، أو إنقاذ السجناء، النتيجة واحدة “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً”. هدفنا ثابت وواحد أن نكون بجانب أهلنا السوريين، في كل مكان نستطيع تقديم المساعدة فيه، كما بدأنا مدفوعين بفطرتنا الإنسانية والبشرية قبل عشرة أعوام، واليوم نحن أيضاً نقوم بمهمة إنسانية عظيمة في البحث عن المفقودين في السجون، وعن المعتقلين، وعن سجون سرية أو زنازين سرية في معتقلات لم تُكتشف بعد.
صحيح أنه من حيث المبدأ لا يوجد فرق، لأن القاتل واحد، من قتل السوريين بالقصف والغارات الجوية، والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية والحصار، هو النظام المجرم نفسه الذي اعتقلهم، وقتل عشرات الآلاف من السوريين تحت التعذيب، لكن يجب أن أعترف أن البحث عن المفقودين مهمة صعبة جداً، مهمة لم أكن أتخيل أن تكون بهذه الصعوبة، لأن الكثير والكثير من الأمهات والآباء والأبناء والأحباب ينتظرون منا خبراً، وكم نكون في غاية الحزن عندما لا نتمكن من إعطائهم أخبارا مفرحة.
3- ما عدد عناصر “الدفاع” الذين ساعدوا السجناء؟
كمرحلة أولى أرسلنا لسجن صيدنايا خمسة فرق متخصصة: فريقي كلاب بوليسية مدربة “K9″، وفريقي بحث وإنقاذ مزودين بأدوات ومعدات متخصصة، إضافة لفريق دعم لوجستي، وفريق إسعاف، وفريق طوارئ. هذا فيما يتعلق بسجن صيدنايا وفي اليوم نفسه أرسلنا فرقا إضافية للبحث في عدد من السجون، وفق ما يصلنا من بلاغات من الأهالي، فقد بحثنا في سجن بمطار المزة، وبحثنا في سجن في منطقة نجها تابع لأمن الدولة، وبحثنا في سجن يتبع الفرقة الرابعة.
4- ماذا تقول لنا عن تجربة سجن صيدنايا؟
“مسلخ بشري” بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، أعلى درجات التوحش التي عرفتها البشرية، مرعب مخيف، رائحة الموت في كل مكان، رغم أن نظام الأسد المجرم والبائد حاول إخفاء جميع الأدلة، وأدوات التعذيب، وجميع الأدوات الفيزيائية والمتعلقة بالتعذيب في السجن، ومع ذلك ما زال هناك الكثير من الأدلة، مسألة الدخول إليه كانت معقدة جداً، للأسف حصلت حالة فوضى عندما تم فتح السجن، وإخراج المعتقلين، ويوجد أشخاص تصرفوا بطريقة متعمدة، لمحاولة طمس الأدلة، وأخذ تسجيلات الكاميرات من داخل السجن، والعبث بالوثائق، كما أن قدوم أعداد كبيرة من الأهالي إلى السجن للبحث عن أحبائهم وأبنائهم، وأنا أقدر موقفهم وأشعر بشعورهم، أدى إلى تلف كثير من الوثائق والأدلة والأوراق، وضياع بعض أدوات التعذيب، وفقدان مقتنيات وأشياء خاصة بالسجناء والمعتقلين كانت مهمة جداً في التعرف عليهم، وفي معرفة وكشف مصيرهم.
5- ما عدد المفرج عنهم؟
للأسف لا أحد يمتلك هذه الأرقام بسبب حالة الفوضى التي حصلت، سواء في سجن صيدنايا أو حتى في باقي سجون الأفرع الأمنية، أو حتى في السجون العادية مثل سجن عدرا، الذي كان يوجد به أيضاً سجناء سياسيون، ونظام الأسد البائد تقصّد قتل المعتقلين مرتين، المرة الأولى باعتقالهم، والمرة الثانية بعدم كشف مصيرهم.
6- كم نسبتهم من أعداد المفقودين؟
أيضاً لا يمكننا إعطاء نسبة عدد المفقودين، أما المعتقلون فكانت نسبتهم تتجاوز المئة ألف، وتوجد منظمات عديدة لديها توثيقات لعدد المفقودين والمختفين قسرياً في سجون نظام الأسد والميليشيات الإيرانية.
– هل وصلتم إلى جميع السجون بما فيها السرية؟
حتى الآن ما زلنا نقوم بعمليات البحث عن سجون سرية أو عن زنازين سرية غير مكتشفة داخل السجون التي تم اكتشافها، وإطلاق سراح المعتقلين منها.
وأرسلنا رسالة إلى الأمم المتحدة، عبر وسيط دولي نطالبها بالضغط على روسيا، وإجبار رأس النظام البائد بشار الأسد، على إعطاء جميع مواقع السجون والمعتقلات والسجون السرية، وإعطاء كل التوثيقات عن عدد المعتقلين وعن مصيرهم.
8- هل حفظتم الوثائق؟
للأسف حالة الفوضى التي حصلت في الساعات الأولى، أدت لأضرار بالغة في الوثائق، ونسعى لمساعدة السلطات والمؤسسات في حفظ هذه الوثائق، ووضع آلية واحدة لإعادة جمعها وتوثيقها، لنتمكن من معرفة مصير العدد الأكبر من المعتقلين المختفين قسرياً في سجون نظام الأسد البائد، وللمساعدة في تحديد المجرمين والبدء بمسارات العدالة، للأسف حفظ الوثائق عملية مهمة جداً، وما حدث محزن، ويعتبر جريمة بحق المعتقلين وذويهم وحقوقهم.
9- هل ستقدم هذه الوثائق والأدلة إلى جهات التحقيق والمساءلة؟
بالتأكيد. بالنسبة لنا جميع الوثائق التي نمتلكها، سواء المتعلقة بالتعذيب والمعتقلات أو بجوانب أخرى من الانتهاكات والهجمات الكيماوية والمجازر، سنقدمها للجهات الدولية وللمنظمات الأممية، لدعم مسارات العدالة والمحاسبة وتحقيق العدالة للسوريين.
المجلة