سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 04 كانون الثاني 2025
لمتابعة التغطيات السابقة
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 03 كانون الثاني 2025
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 02 كانون الثاني 2025
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 01 كانون الثاني 2025
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 31 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 30 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 29 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 28 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 27 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 26 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 25 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 23 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 22 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 21 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 20 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 19 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 18 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 17 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: المصاعب والتحديات، أحداث ووقائع 16 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: مهام اليوم التالي، أحداث ووقائع 15 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 14 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع سقوط الديكتاتور الفار بشار الأسد في سورية
—————————–
أولهم بشار الأسد.. الشعب السوري يتطلع لمحاسبة مجرمي الحرب
تحديث 04 كانون الثاني 2025
أنقرة: بفارغ الصبر، ينتظر الشعب السوري محاسبة أسماء عديدة من نظام البعث، الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وفي مقدمتهم رئيس النظام المخلوع بشار الأسد.
الجرائم التي ارتكبها مسؤولو النظام السابق ضد الإنسانية اعتبارا من 2011، عبر العديد من الطرق منها، استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين والتعذيب الممنهج والتهجير القسري، حظيت بتغطية دولية واسعة في تقارير الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات.
مع ذلك، أفلت هؤلاء المجرمون حتى اليوم من المساءلة عن جرائمهم التي ارتكبوها بفضل “سلطة النقض” (فيتو) التي استخدمتها روسيا والصين في مجلس الأمن.
لكن مع الإطاحة بنظام البعث الذي دام 61 عاما في سوريا، ظهرت المزيد من الأدلة على انتهاكات حقوق الإنسان، والتي ستلعب دورا كبيرا في محاكمة المتورطين في الجرائم.
واستنادا لمصادر مفتوحة، تم جمع أشهر الأسماء التي خدمت سابقا في وحدات أمنية رفيعة المستوى تابعة لنظام الأسد، والذين كان لهم دور كبير في جرائم الحرب بحق السوريين.
بشار الأسد.. مهندس الوحشية في سوريا
يأتي بشار الأسد، الذي فر إلى روسيا، في صدارة الأسماء التي يتطلع السوريون لمحاسبتها، لكونه قائد تلك الفترة التي شهدت استخدام العنف اعتبارا من المظاهرات السلمية، ولموافقته على استخدام الأسلحة الكيماوية.
كما كان للأسد دور في توجيه قوات الجيش والأمن الخاضعة لقيادته لأساليب التعذيب الوحشية بحق السوريين المعارضين له.
الأسد وصف في 2011، المتظاهرين والمطالبين بسوريا أكثر حرية وديمقراطية بالـ “إرهابيين” وقام بتعبئة قوات الأمن لقمع تلك التحركات الشعبية.
وخلال الحرب على الثورة السورية المشروعة، تسبب الأسد في مقتل مئات الآلاف من السوريين وتعذيبهم وتشريد الملايين داخل وخارج البلاد.
وبناء على معلومات الشبكة السورية لحقوق الإنسان (منظمة حقوقية مستقلة) التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين، نفذ النظام 217 هجوما بالأسلحة الكيماوية ضد المناطق المدنية في السنوات الـ12 الماضية.
وكان الهجوم الأول في حي البياضة بمحافظة حمص (وسط) في ديسمبر/ كانون الأول 2012، حيث قتل في الهجوم الكيماوي ألف و514 شخصا بينهم 214 طفلا وأصيب 11 ألف آخرين.
تلاه في أغسطس/ آب 2013، الهجوم الكيماوي على منطقة الغوطة الشرقية بالعاصمة دمشق، التي أسفرت عن مقتل أكثر من ألف 400 مدني.
ويُعتبر بشار الأسد بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة السورية في عهد النظام البائد، مهندس المأساة الإنسانية التي حلت بالمدنيين من خلال الضربات الجوية التي استخدمت فيها البراميل المتفجرة ضد المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وبحسب تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن طيران النظام السوري استخدم البراميل المتفجرة 81 ألفا و916 مرة على المناطق المدنية منذ يوليو/ تموز 2012، ما أسفر عن مقتل نحو 11 ألفا و87 مدنيا بينهم 1821 طفل.
ماهر الأسد.. قائد عمليات الحصار والإعدام
ماهر الأسد شقيق بشار الأسد وأحد جنرالات جيش النظام السوري المخلوع، يبرز كواحد من الشخصيات الرئيسية في قائمة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية.
ماهر أحد كبار مسؤولي الآلية العسكرية والاستخباراتية للنظام السوري، متهم بتنفيذ تفجيرات عشوائية وعمليات عسكرية باستخدام الأسلحة الثقيلة في التجمعات السكنية.
وبحسب تقرير مؤلف من آلاف الصفحات لمجموعة من المنظمات غير الحكومية الأوروبية بشأن الهجمات بالسلاح الكيماوي في منطقتي الغوطة الشرقية وخان شيخون بإدلب (شمال)، جاء اسم ماهر الأسد بأنه هو الذي أعطى الأمر بارتكاب هذه الجرائم.
ولعبت الفرقة الرابعة التي كان يقودها ماهر الأسد، دورا رئيسيا في الحصار والقصف والهجمات في أنحاء سوريا خلال 14 عاما، حيث حاصرت مناطق مثل الغوطة الشرقية مما تسبب في وفاة آلاف المدنيين بسبب الجوع ونقص الرعاية الطبية.
ومن المعروف أيضا، أن ماهر الأسد هو رئيس شبكة إنتاج وتهريب المخدرات “الكبتاغون” التي كانت تشحن إلى دول المنطقة والعالم بشكل كبير.
وأدت التطورات في سوريا عام 2011 وانهيار النظام السياسي والاقتصادي في لبنان إلى انتشار تجارة الكبتاغون في المنطقة.
وقدر “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية” المتابع لتجارة الكبتاغون في العالم العربي أن نظام الأسد حصل بين عامي 2020 و2022، على متوسط 2.4 مليار دولار سنويا من سوق الكبتاغون العالمية تبلغ قيمتها حوالي 5.7 مليارات دولار.
علي مملوك.. اسم بارز في سياسات القمع
علي مملوك يُعتبر اليد اليمنى لبشار الأسد ورئيس مجلس الأمن القومي للنظام المخلوع، ومن الأسماء البارزة المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب وممارسات التعذيب في البلاد.
وتشير التقارير إلى أن المؤسسات الاستخباراتية والأمنية التي كان يقودها مملوك مسؤولة عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق المدنيين.
الوحدات الأمنية التابعة لمملوك، مارست القمع والتعذيب الممنهجين ضد المتظاهرين والصحافيين والناشطين وعمال الإغاثة وعرضت المعتقلين للعنف الجسدي والجنسي والنفسي.
مملوك وُضع على قائمة العقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، وصدرت بحقه مذكرة اعتقال في فرنسا عام 2018 بتهمة انتهاكات حقوق الإنسان والتعذيب الوحشي حتى الموت.
جميل حسن.. متهم بتعذيب المعتقلين بالسجون
يُتهم جميل حسن الرئيس السابق للمخابرات الجوية في النظام المخلوع، بتنظيم انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان وجرائم حرب في عهد النظام.
نفذ حسن في فترة ولايته التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء والاعتقالات الجماعية أثناء قمع المظاهرات.
واتهم حسن بارتكاب جرائم حرب في لائحة الاتهام التي قدمتها وزارة العدل الأمريكية بداية ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وذكرت اللائحة أن حسن “أحرق السجناء بالأسيد (حمض) بعد تعليقهم في السقف من معصمهم، وجعل السجناء يستمعون إلى صراخ من تعرضوا للتعذيب، وأجبر السجناء على البقاء في نفس الزنزانة مع جثث القتلى.
عاطف نجيب.. قمع الاحتجاجات في درعا
شارك عاطف نجيب ابن خالة بشار الأسد والرئيس السابق لمديرية الأمن السياسي للنظام المخلوع في درعا (جنوب)، في قمع المظاهرات السلمية عام 2011.
الاحتجاجات في درعا بدأت كرد فعل على اعتقال وتعذيب الأمن لأطفال كتبوا شعارات مناهضة للنظام على جدران إحدى المدارس في المدينة.
وجرى قمع التظاهرات السلمية بعنف شديد وبتعليمات من عاطف نجيب، الذي مارس العقاب الجماعي بحق أهالي درعا ومنع وصول المياه والغذاء والمساعدات الطبية إلى المنطقة.
قوائم تحتوي على آلاف أسماء الأشخاص
أنشأت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قاعدة بيانات شاملة تتضمن تفاصيل الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد والمسؤولون عنها طيلة 14 عاما.
وتضمنت القوائم أسماء 16 ألفا و200 شخص ثبت مسؤوليتهم عن الجرائم أو المرتبطين بها، شملت أشخاصا من القوات العسكرية والأمنية ومن ميليشيات النظام والمعروفة محليا بـ”الشبيحة” ومجموعات موالية أخرى.
ومن أبرز الأسماء، فهد جاسم الفريج وزير الدفاع السوري السابق، والعماد علي أيوب، واللواء زهير الأسد واللواء سليم حربا رئيس اللجنة العسكرية في حلب واللواء حسام لوقا رئيس إدارة المخابرات العامة وغيرهم.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد أيام من السيطرة على مدن أخرى، لينتهي بذلك 61 عاما من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وفي اليوم التالي، أعلن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع تكليف محمد البشير، رئيس الحكومة التي كانت تدير إدلب منذ سنوات، بتشكيل حكومة جديدة لإدارة مرحلة انتقالية.
(الأناضول)
———————————-
الأمن السوري يضبط مستودعا للذخيرة بحي الزهراء في حمص
تحديث 04 كانون الثاني 2025
دمشق: ضبطت قوات الأمن السوري، السبت، مستودعا للذخيرة بحي الزهراء في مدينة حمص (وسط)، وذلك في إطار حملة تمشيط أطلقتها بحثا عن فلول نظام الأسد المخلوع.
جاء ذلك وفق ما نقلته وكالة “سانا” السورية عن وزارة الداخلية، على حسابها بمنصة “إكس”.
وقالت الوكالة إن “وزارة الداخلية بالتعاون مع إدارة العمليات العسكرية تتابع حملة التمشيط بمدينة حمص وريفها بحثا عن فلول ميليشيات الأسد، وتضبط مستودعا للذخيرة بحي الزهراء”.
بالصور | إدارة الأمن العام تصادر مستودعاً للذخيرة بحي الزهراء في مدينة حمص أثناء حملة تمشيط أحياء المدينة بحثاً عن فلول ميليشيات الأسد.#سانا pic.twitter.com/Ls73jjtSdc
— الوكالة العربية السورية للأنباء – سانا (@SanaAjel) January 4, 2025
وضمن الحملة ذاتها في حمص وأحيائها، ألقت قوات الأمن السوري، مساء الجمعة، القبض على أحد مسؤولي كاميرات المراقبة في سجن صيدنايا سيء السمعة، وقائد ميداني شارك بالعديد من المجازر بحق الشعب.
والخميس، بدأ الأمن السوري حملة تمشيط أمنية في محافظة حمص، تستهدف “مجرمي حرب ومتورطين رفضوا تسليم سلاحهم ومراجعة مراكز التسوية”، وفق ما أوردته سانا عن وزارة الداخلية.
وصباح الجمعة، أعلنت قوات الأمن السورية توسيع عملياتها، لتشمل أحياء أخرى في مدينة حمص.
ومنذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، فتحت إدارة العمليات العسكرية مراكز للتسوية مع عناصر النظام المخلوع لتسليم سلاحهم، إلا أن رفض بعضهم أدى لمواجهات في عدد من محافظات البلاد.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول المنصرم، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق بعد أيام من السيطرة على مدن أخرى، لينتهي بذلك 61 عاما من حكم حزب البعث الدموي و53 سنة من نظام عائلة الأسد.
وفي اليوم التالي، أعلن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع تكليف محمد البشير برئاسة الحكومة، التي كانت تدير إدلب منذ سنوات، بتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية.
(الأناضول)
————————-
إدلب ماضي الأيام الآتية على سورية (3)/ شهيرة سلوم
04 يناير 2025
لا يفارق مشهد الدمار وآثار الجريمة، العابرين طريق ريف دمشق نحو المحافظات الشمالية والغربية في سورية؛ من القابون، الممسوحة بالكامل، مرورًا بحرستا ودوما إلى تلبيسة والرستن ومعرين والغوطة وخان شيخون وجسر الشغور، الشاهدة على جرائم نظام عائلة الأسد بمختلف مراحلها، وبقية مدن إدلب فحلب؛ أبنية من طوابق معدودة تترنّح من أثر القصف والنهب. بعضُ المدن والبلدات المدمّرة مهجورٌة بالكامل. تلتقط دلائل النهب والتعفيش من الأبنية الخالية من كلّ شيء؛ لا أبواب أو نوافذ أو أثاث، فقط بقايا خرسانة حطّمها المعفّشون لاستخراج الحديد وبيعه. ومن أحوال المنازل والأبنية المدمّرة جزئيًّا، يسهل التمييز بين نوعية القصف؛ فإذا كانت بلا أسقف أو عرجاء نتيجة سقوط بعض الأعمدة أو الحيطان فيها، نكون أمام قصف للنظام. أمّا إذا كانت المخلّفات بقيّة حُطام شامل، فأنت أمام قصف روسي جوي.
على مشارف ما يُعرف بـ”المُحرّر” سابقًا، تظهر للرائي سواتر ترابية حمراء مترامية الأطراف بعلوّ مترين أو ثلاثة، كانت تفصل بين المناطق؛ تلك للنظام وتيك لفصائل المعارضة. بين المنطقتين، مساحات شاسعة خالية من السكّان، كانت مناطق عسكرية. تدلّنا حقول الزيتون المتدرّجة على مدّ النظر، على أبواب محافظة إدلب.
ملامح حكم متواضع في إدلب
عرفت محافظة إدلب احتجاجات الثورة السورية في بداياتها السلمية، ثم انطلقت منها الرصاصات الأولى (عند جسر الشغور في يونيو/حزيران 2011). ومن ريفها الجنوبي، تأسّس أوّل تشكيل عسكري لمقاتلة النظام. وفيها ولُدت فصائل مسلّحة لا تُحصى، منها ما صعد وهبط، ثمّ اندثر. وكانت مقصدًا للمعارضين للنظام من مختلف المحافظات، وملجأً للنازحين، إلى أن ارتفع عدد سكّانها من 165 ألفًا في 2011 إلى خمسة ملايين وأكثر اليوم. وبعد 14 عامًا، شقّ مقاتلون فيها طريقهم نحو دمشق، وجلس قائدهم في قصر الشعب، لينقلوا معهم تجربة حكم متواضعة في إدارة شؤون المحافظة.
يظهر اختلافٌ معيشي واضح بين المحافظة ومناطق سورية أخرى، من خلال معاينة أحوال الطرق والبنى التحتية والمنازل والأسواق التجارية والمدن الصناعية، وتوفّر السلع والخدمات الأساسية من كهرباء وإنترنت وتدفئة ووقود، والاكتظاظ الذي يضجّ بالحياة.
تُدير هيئة التحرير الشام محافظة إدلب، عسكريًّا وأمنيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا. وتعتمد في ذلك على عدّة أذرع. ذراع سياسية/إدارية تتمثل بحكومة الإنقاذ بعمرها القصير (تشكّلت عام 2017) ووزاراتها الإحدى عشرة والمجلس الاقتصادي التابع لها، إضافة إلى بعض المديريات التي تتولّى تسيير أمور الناس اليومية. مع انتقالها إلى دمشق لإدارة المرحلة المؤقتة، تحوّلت وزارات حكومة إدلب إلى مديريات.
على المستوى الأمني والعسكري والاستخباري، يمكن التمييز بين ثلاث أذرع للهيئة؛ العسكرية وتشمل المقاتلين، ومن قوّاتها الضاربة يُحكى بين الناس هنا عن عصائب الحمر ووحدة النمر. وهناك ذراع شرطية تتبع وزارة الداخلية، وتتولّى الأمن الأقلّ خطورة. أمّا الذراع الأخطر، فهي جهاز الأمن العام، التي تتولّى قضايا “داعش” والجريمة المنظمة والمخدرات، وتُنسب إليها الانتهاكات ضدّ المتظاهرين، بحسب ما أخبرنا مشاركون في الاحتجاجات، وقد أُلحق هذا الجهاز أخيرًا بوزارة الداخلية بعد ضغط الاحتجاجات.
تعتمد المؤسسات الخدمية في المناطق المحرّرة سابقًا على المساعدات الدولية بشكل شبه كامل. وتفكّ الهيئة ارتباطها المباشر بها، كي لا تُقطع عنها المساعدات بسبب العقوبات المفروضة على الأولى. أمّا بالنسبة لتمويل حكم الهيئة في إدلب، عسكريًّا واقتصاديًّا، فهو يأتي عن طريق “الزكاة” (الهيئة العامة للزكاة)، والتبرّعات (كما جاء مرّة على لسان أحمد الشرع). وهذا المصدر الأخير يفتح الباب أمام تمويل خارجي غير معلوم. بالنسبة للزكاة، تُفرض حصة على محصول الزيتون، وحصة على القمح، وعلى أرباح المحال التجارية، وهكذا. وهذه تُحسب وفق الشريعة الإسلامية (2.5% من قيمة الإنتاج)، وإذا حسبناها، نلاحظ أنّها تتقاطع إلى حدّ ما مع الضريبة التصاعدية، لكن مع نسبة ثابتة، ترتفع مع ارتفاع قيمة الثروة أو المحصول. هناك نوع آخر من التمويل يأتي عن طريق الضرائب، التي تُفرض على المعابر، والنظافة والكهرباء والمياه، وتُضاف إلى قيمة الفاتورة الأساسية لهذه الخدمات، التي تتولّاها شركات خاصة ترتبط بالهيئة. التحصيل الضريبي بشكله المباشر أو غير المباشر، واجه انتقادات محلّية، ويتحدّث عنه معارضو الحكم بوصفه نوعًا من الإتاوات أو التحصيل القهري للأموال.
تجربة المعارضة والسجون السرّية
إذا أردنا أن نخمّن طرق السلطة الجديدة في التعامل مع معارضيها، لا بدّ من وقفة مع ما يُثار حول سجونها وتظاهرات إدلب الأخيرة ضدّ حكم هيئة تحرير الشام. بدأت التظاهرات مع بدايات عام 2024 (أواخر فبراير/شباط)، ولم تهدأ إلّا مع انطلاق معركة “ردع العدوان”. طلّت في البداية من إدلب المدينة، وبنّش وسرمدا، التي شهد دوّارها أوّل صيحة ضدّ حكم أبو محمد الجولاني، قبل أن تتمدّد إلى مدن وبلدات أخرى في المحافظة. وحسب ما يُفهم من معارضين للهيئة في المحافظة، شاركوا في التظاهرات، فإنّ الهدوء الحالي بمثابة هدنة فرضتها تطوّرات المرحلة، وحدث التحرير الكبير، أكثر منه حلّ دائمٌ لأزمتهم مع السلطة.
رامي عبد الحق، فنانٌ تشكيلي سوري يقيم في إدلب، تصدّر تظاهراتها، وعرف سجونها مرّتين؛ في 2018 و2024. يحدّثنا عن تجربة المعارضة والسجن في ظلّ حكم “هيئة التحرير”. يشير إلى أساليب أمنية اعتمدتها الهيئة مع المتظاهرين، مثل محاصرتهم بمصفّحات الأمن العام، وتصويرهم، واختراقهم عبر دسّ عناصر أمنية لافتعال الشغب، إضافة إلى تشويه سمعتهم. وجهة نظر مختلفة، يطرحها مؤيّد للتظاهرات في بداياتها. يقول إنّ لا عائبة في مطالب الاحتجاجات، لكن لاحقًا تحوّلت نحو الشغب، بعد اختراقها من حزب التحرير المتشدّد، والذي يدعو إلى إنشاء دولة الخلافة الإسلامية.
بالنسبة لملف السجون السرّية، فلا مكان محدّد معروف يسمح لنا برصدها أو التحقّق منها على الأرض. يذكر عبد الحق أنّه حين يُفتضح أمر أحد هذه السجون، يُنقل إلى مكان آخر، كما حصل مع سجني شاهين في منطقة حارم (حيث سُجن هو أوّل مرّة) وعُقاب. ويشير إلى سجن آخر لكن غير سرّي، يُعتقل فيه سجناء سياسيون ويسمّى 107 في سرمدا. لا يستبعد وجود سجون سرّية في قبو تحت الأرض داخل مباني المقرّات الأمنية والعسكرية. وحين سألناه عن مكان سجنه الثاني، وسبب وصفه سرّيًّا، أكّد أنّه نُقل إليه معصّب العينين ومكبّلًا، فلم يعرف مكانه. وأثناء اقتياده للزنزانة الانفرادية والتحقيق معه كان إمّا معصّب العينين، أو أنّ المحققين ملثمون. سألوه في التحقيق عن التظاهرات و”المحرّضين عليها في المدن، والمسؤولين عنها، ونبشوا في هاتفه”، قبل أن ينتقلوا إلى أسئلة عامة حول رأيه في حكم الهيئة والأخطاء التي ترتكبها، محاولين استقطابه، كما يقول. لم يذكر لنا تعرّضه للتعذيب، لكنّه يشير إلى أساليب تعذيب ضربًا وبالكهرباء كانت تُمارس هناك.
إضافة إلى السجون السرّية وقمع التظاهرات، تُثار مسألة المقاتلين الأجانب في الهيئة وغيرها من الفصائل المسلّحة. وملفّ الدفاع فيها جاهزٌ: “هؤلاء تركوا بلادهم وقاتلوا معنا؛ وهم مقاتلون في مراكز غير قيادية”، كما يقول الشرع نفسه، وهي رواية يردّدها أنصاره وبعض خصومه “الناعمين”. يقول مدير مستشفى في إدلب، إنّ هؤلاء المقاتلين صاروا جزءًا من الحالة السورية، أمضوا سنوات طويلة معنا، أسّسوا منزلًا وعائلة وحياة، وفي النهاية سيحصلون على الجنسية (عيّنت الإدارة المؤقتة قبل أيام مقاتلين من الفصائل في مواقع قيادية، وكان من ضمن هؤلاء أجانب من ألبانيا والأردن وطاجكستان وتركيا والصين).
قائد “المُحرّر” كان الجولاني؛ بعد التحرير صار أحمد الشرع وصفته الرسمية “قائد تحرير سورية”، بحسب ما يؤكّد مسؤول في العلاقات العامة في الحكومة الجديدة بدمشق. لا يلقى الجولاني-أحمد الشرع إجماعًا في إدلب؛ فالبعض، مثل عبد الحق، يرى فيه شخصية براغماتية إلى حدّ الاستفزاز، محبًّا للسلطة، إقصائيًّا، لا يتحمّل الخصوم، ولهذا لا نرى منافسين له أو “رجلًا ثانيًا” على الأقل. آخرون يعارضون بشراسة ممارسات الهيئة التي يتزعّمها، لكنهم يبدون انفتاحًا على الشخصية التي لبسها محرّرًا إلى دمشق؛ هؤلاء “ضدّ الجولاني، مع الشرع”. أمّا مؤيّدوه، فيكرّرون خطاباته، بلا أحرف زائدة أو أفعال ناقصة: “الأولوية الآن لبناء البلد. التظاهر حقّ، لكن ضمن القانون ودون عنف أو شغب”.
الفوعة وأخواتها
من بنّش، بطلة الاحتجاجات بين مدن إدلب، ندخل إلى الفوعة. بلدة قديمة فقيرة يظهر البؤس على محيّاها، تحتضن بيوتًا قديمة، تتوسّطها شوارع ضيّقة بأحوال مزرية. قبل الثورة، كان يسكنها أكثر من 11 ألف نسمة، غالبيتهم من الطائفة الشيعية. أمّا اليوم، فيسكن فيها أهالٍ من قرى وبلدات هجّرها النظام بعد الثورة مثل مناطق ريف دمشق التي تسكنها غالبية من الطائفة السنّية خصوصًا الزبداني ومضايا. حين كنّا في الشام، علمنا من أهالٍ هُجّروا من بلداتهم وسَكَنت منازلهم عائلات مقاتلين في مليشيات إيران أو حزب الله، أنّهم عادوا إليها، وبعض هؤلاء من الزبداني، كما عاد أهالٍ هُجّروا من القصير في حمص، فيما فرّ مَن احتلوا أرضهم فيها. فهل يعود أهل الفوعة إليها؟ حين باغتنا أهالٍ في بنّش بهذا السؤال، جاء ردّهم تلقائيًّا بـ”لا حاسمة قاطعة”. بين البلدتين دمٌ وثأرٌ وجرائم بشعة. وبعد سؤال وردّ، عدلوا عن قرارهم: فلننتظر عامًا حتى تهدأ النفوس، وسنرى.
خلال فترة الثورة، كانت الفوعة معقلًا للنظام، وفيها تمترست المليشيات الطائفية الداعمة لها وبينها مقاتلون لحزب الله. ومنها كانت تنطلق القذائف لقصف بنّش والبلدات المجاورة. بعدها، صارت هدفًا لفصائل المعارضة مع كفريا القريبة ذات الغالبية الشيعية أيضًا، حوصرت البلدتان وقُصفتا إلى أن انتهى القتال بعملية ترانسفير طائفي للفوعة وكفريا مقابل مضايا والزبداني.
حالُ الفوعة، حال المناطق المختلطة التي وقعت فيها اشتباكات طائفية؛ والتي يصعب تخيّل مستقبل آمن لسورية بلا برنامج مصالحة شامل يُعيد المهجّرين لبلداتهم ويعزّز العيش المختلط؛ وأهل مكّة أدرى بشعابها.
مشوار الحريّة من إدلب إلى دمشق كما يرويه مقاتلوها
لن تطيب جولتنا باتجاه المناطق المحرّرة سابقًا، إلّا بعد الجلوس مع مقاتلين ممّن أسقطوا الطاغية خلال 11 يومًا. تحكي لنا مجموعة منهم شاركت في عملية “ردع العدوان” من إدلب حتى دمشق، عن مشوار الحرّية؛ وأوّل “الفتح” وآخره: ساعة الانطلاق كانت السادسة صباحًا من يوم الأربعاء السابع والعشرين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم، من المناطق المحرّرة شرق إدلب نحو غرب حلب، حيث اتجهت الوحدات نحو عدّة نقاط وعلى نحو متزامن. وهناك، خاض المقاتلون معارك ضارية مع قوّات النظام، على وقع غارات روسية متواصلة. وكانت أوّل منطقة تتحرّر، بلدة الشيخ عقيل غرب حلب، وبعدها واصلت القوّات معاركها مستعيدة بلدة تلو الأخرى.
يروي مسؤول غرفة عمليات في فيلق الشام عن مسار تحرّك قوّاته. أولى معاركهم كانت في سراقب، تقدّموا بعدها نحو خان شيخون دون مقاومة، عاودوا استعداداتهم العسكرية واستأنفوا تقدّمهم نحو أطراف حماة، حيث جرت معارك طاحنة لثلاثة أيام خسروا فيها كثيرًا من القتلى. وحين وصلوا إلى بلدة العشارنة (حماة)، جاءتهم الأوامر عند الثالثة صباحًا، “سيجري تسليم البلدة بلا قتال”، وهو ما حصل. دخلوا البلدة في الخامسة صباحًا، وحينها وصل إليهم خبر أنّ جيش النظام انهار في حمص بعد اشتباكات مع فيالق المعارضة، ووجب التحرّك فورًا. في هذا الوقت كانت الغارات الروسية التي رافقتهم في الأيّام الأولى للمعركة، قد توقّفت تمامًا؛ الغارة الأخيرة كانت من نصيب جسر الرستن، بين حمص وحماة. من المفارقات، كما يقول لنا أحدهم، إنّ الغارات الروسية لم تستهدف المقاتلين أثناء تقدّمهم في المحافظات والمدن وتحريرها، ومعظم أهدافها كانت مدنية. على كلّ حال هذا ليس مستغربًا بالنسبة للسوريين، فمن عجائب القصف الروسي منذ تدخله العسكري في البلد عام 2015، أنّه كان يترصّد التجمّعات، فما أن يحصل الاكتظاظ في الأسواق أو عند المفارق، حتى تأتي الغارة. وممّا رصدناه من آثار الغارات الروسية الأخيرة ويؤكّد ما قاله المقاتلون، قصف مستشفى إدلب في المدينة وإخراجها عن الخدمة إلى جانب منازل مدنيين، حيث كان المقاتلون على مسافة تبعد أكثر من 150 كيلومترًا.
وبحسب خطة “ردع العدوان”، كان من المفترض أن تتوقف المعركة عند حلب، بحسب ما ذكر لنا مسؤول في العلاقات العامة في الإدارة الجديدة في وقت لاحق للقائنا مع المقاتلين، لكن ما لم يكن متوقّعًا وقع. كان السقوط المتتالي للمدن، والتحرير الكامل لحمص في السابع من ديسمبر الماضي 2024، بمثابة إعلان سقوط للعاصمة بيد الثوّار. بالنسبة للمقاتلين عند جبهات حماة، فإنّ الطريق نحو دمشق (220 كيلومترًا)، استغرق رحلة ست ساعات وسط زحمة السير.
بعد سويعات من تحرير حمص، تلقّى المقاتلون الأوامر العسكرية “سيروا إلى دمشق”، لينطلق معها سباق الفصائل من الشمال والجنوب نحو العاصمة. ربحت الثانية، ودخلت المدينة أوّلًا، ولحقت بها فصائل الشمال لتبدأ مرحلة التمشيط واستلام السلطة. لم يخطر ببال هؤلاء المقاتلين أن يسيروا إلى الشام بخفّة الطير “كنّا نتوقع معارك ضارية لستة أشهر على الأقل، لا أن ندخلها في ساعات، لم نتوقّع ذلك. لقد دبّ الرعب فيهم”، يضيف أحدهم محلّلًا هرولة جنود النظام وترك آلياتهم ومقرّاتهم خالية.
مقاتل من كفرومة في منطقة معرّة النعمان، التي تحرّرت في بدايات المعارك، يتحدّث عن عودته مقاتلًا إلى بلدته المدمّرة، ورفيق له يشير إلى مشهد الأمّهات والعائلات التي انتظرتهم عند مداخل المدن الكبرى “فرحة الناس كانت أكبر من فرحتنا، حسّ الشعب بالحرية، قابلونا بالتهليل والحلوى والورود والأرز”، ورشّ الأرز في مناسبات الأفراح وملاقاة الأحبّة بعد فراق، عادة يعرفها أهالي الشام. تتبدّل ملامحهم ويخفت صوتهم عند الحديث عن تحرير المساجين “كان الأهالي يدفعوننا لتسريع الخطى نحو السجون في دمشق، علّنا نسبق الموت إلى أبنائهم”.
محمّد (21 عامًا)، متزوّج حديثًا. ترك عروسه مسرعًا إلى المعركة بعد استدعائه في السابع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني. حين سألناه عن لحظة وصول الأوامر بالتوجّه إلى دمشق، ردّد بانفعال وضحك “إلى الشام؟ لم نصدّق، الشام يا الله الشام”، ثمّ يكرّر المشهد نفسه مرّة وثالثة، وبالانفعال ذاته، وكأنّه يريد استعادة متعة تلك اللحظة، وأن يتوقف عندها كلّ شيء. كثيرٌ من المقاتلين الذين التقيانهم من سنّ محمد، هُجّروا من مدن ريف دمشق والقرى والبلدات الثائرة، أو فرّوا نحو الشمال السوري بسنّ المراهقة أو التجنيد؛ هؤلاء عاشوا أكثر من نصف حياتهم في حرب ضدّ نظام أمني ظالم ونالوا حصتهم من جرائمه. لم يتلقوا دروس التربية القومية، ولم يرفعوا الصوت قويًّا “عاش بعث العربِ” ويقفوا صفًّا واحدًا “فلاحًا وشبابًا لا يلين وجنديًا مقاتلًا” ليحيا البعث وقائد البعث. متديّنون، لكن التديّن العادي الذي نعرفه عن أهلنا في الشام. نلحظ أنّ الخوف لا يغلب طباعهم، ولا يعكس تصرّفهم تربية نظام أمنيّ. عندهم أريحية بالتعبير، ولا يتردّدون بالغمز واللمز من أيّ فصيل أو سلطة، حتى من يكبرونهم سنًّا من المقاتلين يوجّهون رسالة إلى الإدارة الجديدة، بدون أدنى تحفظ، بأن تكون “على قدر تضحيات الشعب السوري”.
العربي الجديد
—————————
وثيقة سوريا الحرّة:
من سوريا الغضب إلى سوريا المصير والعيش الواحد
نحن المواطنين والمواطنات المسيحيين والمسيحيات في بلدنا وأرضنا الأمّ سوريا، نعبّر عن سرورنا العميق، الذي نتشارك فيه مع إخوتنا السوريّين وأخواتنا السوريّات من أطياف بلدنا الحبيب وشرائحه وفئاته وخلفيّاته وأديانه وطوائفه وثقافاته وأعراقه كافّة، وعن فرحنا بتحرّر سوريا وأبنائها وبناتها من نظام الاستبداد الذي نكّل بمواطني سوريا جميعاً. ونحن قد احتفلنا واغتبطنا مع سائر أهلنا في الوطن بخلاص سوريا من هذا الماضي الأسود، واستعدادها لفتح صفحة تاريخيّة جديدة نضرع للعليّ القدير، ربّ السماوات والأرض، الرحمن الرحيم، أن يجعلها صفحة حرّيّة وسلام وإخاء وتعاضد وبناء وقيامة.
إنّنا ندرك المظلمة التاريخيّة العميقة التي تعرّضت لها الغالبيّة السكانيّة السوريّة إبّان العقود الماضية. ونؤكّد أنّنا، لئن كنّا الأقل عدداً من حيث البنية السكّانيّة لبلدنا، إلّا أنّنا ذقنا، وفق أوضاعنا وبالنظر إلى حجم تأثيرنا في البلد، طعم ما ذاقته الأكثرية السكانية. ولذا، شاركنا في ثورة سوريا حين اندلعت، وحملنا آلام السوريّن والسوريّات إلى منابر المجتمع الدوليّ كافّةً، وذلك ضمن إمكاناتنا وقدراتنا المحدودة. إنّ المأساة المدمرّة للإنسانيّة التي عانت منها سوريا تجمع أهلها كافّةً وتُوحّدهم شعباً واحداً، وتدعونا جميعاً، كما تألّمنا معاً وعانينا معاً وبكينا معاً ومتنا معاً وثُرنا معاً، أن نتحرّر معاً ونشفى معاً ونبلسم جراحنا معاً ونعانق آلام بعضنا بعضاً ونقف معاً ونخرج معاً من النفق الأسود ونبني سوريا المستقبل معاً يداً بيد، كإخوة متكافئين متساوين.
إننا لا ننتظر من سوريا المستقبل أن تعاملنا كأقلّيّات مستضعفة تحتاج إلى العطف والتكرّم عليها بحرّيّة ممارسة العبادات والطقوس الدينيّة، أو الشؤون الأسريّة والمدنيّة الخاصّة، بأمان ويُسر ومن دون التعرّض للإهانة أو التهديد أو التحقير أو الترهيب. ليس غير المسلمين في البلد بمجتمعات موازية ولا بجاليات طارئة على البلد ولا بأهل ذمّة. ونحن لسنا أقلّيّةً بالمعنى الوطنيّ والإنسانيّ والمجتمعيّ والثقافيّ وإن كنّا الأقلّ عدداً وتوزّعاً ديمغرافيّاً. إنّنا نسعى إلى وضع يدنا في يد أهل بلدنا، كما فعلنا طوال القرون الماضية بلا كلل ولا وهن، كي نبني معاً دولةً سوريّةً نكون فيها جميعنا، ومن كلّ أطياف سوريا وشرائحها وخلفيّاتها وثقافاتها وجماعاتها، مواطنين مدنيّين متساويين توحّدنا الحقوق والواجبات، يوحّدنا المصير والقرار، يوحّدنا الوطن والانتماء. نحن كنّا وما زلنا وسنبقى من تراب هذه الأرض، ومن قلب جذع الشجرة الأمّ الواحدة، سوريا، التي نمثّل كلّنا أغصاناً فيها.
إنّنا نفخر بأنّنا كنّا من بناة حضارات بلاد الشام العريقة بكافة مكوّناتها وأشكالها ومن ضمنها الحضارة العربيّة الإسلاميّة، وبأنّنا كنّا من أوائل صانعيها مع المسلمين في هذه الأرض الضاربة في القدم والتاريخ التعايشيّ والاختلاطيّ والتحاضنيّ والتلاقحيّ. ونحن كنّا أيضاً من روّاد حركة النهضة العربيّة التي شهدتها بلادنا في العصر الحديث. وقد قمنا بهذا الدور الحضاريّ من دون أن نتصرّف كمن يندمج في هذا التاريخ الحضاريّ المتنوّع أو ينضوي تحت لوائه وكأنّنا من خارجه، أو كأنّنا جماعات موازية ومُنغلقة على ذاتها. نحن انتمينا وساهمنا كمن يفتخرون بانتسابهم إلى الحضارة الشاميّة وبعلاقتنا التاريخية بأهمّ مكوناتها الثقافيّة في تاريخ بلادنا المعاصر: إسلام الشام الثقافيّ والمجتمعيّ والفكريّ.
إنّنا، انطلاقاً من انتمائنا التاريخيّ الأصيل والتأسيسيّ للحاضنة الحضاريّة التعدديّة الهوية، لا نعيش رهاباً أو خوفاً من أن ننتسب وطنيّاً إلى دولة معاصرة ذات هويّة تنهل أولاً من الحضارة والثقافة المسلمة، أو أن يُسيّر شؤون الدولة ويُحوكِمها جهاز إدارةٍ قد ينتمي أفراده بغالبيّتهم إلى الهويّة المسلمة، شريطة ألّا يتمّ هذا على قاعدة الهيمنة والسلب والوصاية والاحتكار في القرار والمسؤوليّة والدور.
إنّنا ندرك، في هذه اللحظة التاريخيّة المحوريّة والحاسمة في حياتنا كأهل سوريا، أنّ هناك الكثير من النشوة بالانتصار والغبطة بالتحرّر، وأنّ الشعب السوريّ بدأ يُفصح، بعد عقود طويلة، عن مكبوتات الألم والغضب، ويتخلّص من آثار القهر والذلّ والخوف التي احتبست في قلوب أبناء سوريا وبناتها وأرواحهم. كذلك ندرك أنّ الشارع السوريّ اليوم يحفل بالمشاعر الصعبة والمتوتّرة، وأنّ الوقت لا بدّ من أن يأتي قريباً كي نعبر مرحلة نشوة الحرّيّة والنصر والمشاعر المختلطة بين التنفيس عن احتقانات الغضب والخوف والرهبة والارتباك. ومن ثمّ، نحن نمدّ اليوم اليد إلى الجميع كي نتطلّع إلى اليوم التالي ونعمل سويّاً من أجله. وهذا اليوم الذي يلي مرحلة الغضب والخوف والارتباك ينبغي أن تعقبه مرحلة انتقالية يتمّ فيها تحقيق العدالة الانتقاليّة والمحاسبة القانونيّة وبناء شبكات التشارك الأهليّ والمدنيّ. ومن ثمّ، ننطلق معاً إلى بناء الدولة وإعادة تشكيل الفضاء المجتمعيّ، وذلك على قاعدة المبادئ والقيم والمفاهيم الآتية:
أوّلاً: لنبنِ سوريا تفتخر بهويّتها الحضاريّة المتعدّدة المشارب، ومن صلبها الثقافة الإسلامية. وتعالوا نعرّف العالم إلى الهويّة الحضاريّة التاريخيّة لسوريا، والتي هي عابرة للأديان والطوائف والتيارات والأعراق واللغات والثقافات والأعراق. تعالوا نجد طريقةً لتأكيد تميُّز إسلام سوريا الشاميّ، والذي لا يشبه تمظهرات حضارة الإسلام في أيّ دولة عربيّة أو إسلاميّة أخرى، ولا يحتاج أن نستورد إليه أيّاً من تلك التمظهرات التي لا تخاطب نسيج سوريا المجتمعيّ ولا تشبهه، وليست مصمّمةً كي تخاطبه وتخدمه. ودليلنا على ذلك حادثة إحراق شجرة الميلاد في بلدة السقيلبيّة مؤخّراً على يد مجموعة من المجاهدين المهاجرين الغرباء، والذين لا يعرفون سوريا ولا طبيعتها. تلك الأحداث المؤسفة تؤكد لنا أننا في غِنًى عن استيراد نماذج إسلامٍ غريبة عن أرضنا وتاريخنا وشعبنا.
ثانياً؛ لنؤسس لسوريا المدنيّة ذات الدستور والقانون الجامع والمدنيّ التعدديّ على قاعدة المواطنة المتساوية والمتكافئة واحترام حقوق الإنسان وقيم الحضارة المدنيّة الشاميّة التاريخيّة، والتي لم يكن فيها لا تذميم، ولا تمييز، ولا وصاية، ولا إقصائيّة، ولا هيمنة، ولا استحواذ، ولا استئثار، ولا ترهيب، ولا تفضيل، ولا تحيّز تمارسه أيّ فئة من فئات الشعب حيال الفئات الأخرى لا باسم الدين، ولا باسم الأغلبيّة العدديّة، ولا باسم الهيمنة الثقافيّة أو العرقيّة أو اللغويّة أو الجندريّة أو المناطقيّة أو الطبقيّة أو السياسيّة أو العسكريّة. الكلّ متساوون تماماً تحت مظلّة دستور سوريّ جامع.
ثالثاً: لنبنِ سوريا الجمهوريّة التعدديّة والتنوعيّة والتسامحيّة والمدنيّة والديمقراطيّة الهويّة (وليس فقط الممارسة)، التي تحترم الحرّيّات والحقوق العامّة، وتحمي المواطنين وتحاسبهم على ممارساتهم في المجتمع بالاستناد إلى القانون والدستور الذي يحمي الحرّيّات وكرامة الإنسان ويكفلها ويدافع عنها ويقيم العدل على قاعدتها، سوريا المواطنة والتداول والتعدّد والمدنيّة، حيث لا يسمح أحد لنفسه بالإساءة إلى الآخرين، أو أمرهم بمعروف ونهيهم عن منكر، بسبب إيمانهم ومعتقداتهم وآرائهم ومواقفهم وميولهم وأفكارهم وممارساتهم، بل الكلّ يقف بشكل متساوٍ أمام قانون مدنيّ وضعيّ يحكم بين المواطنين ويعطي كلّ شخص حقّه ويُحمِّل كلّ طرف مسؤوليّته.
رابعاً: لنعمل على خلق جمهوريّة قاعدة العمل الأهليّ والإدارة والمسؤوليّة السياسية فيها هي قاعدة ديمقراطيّة الأكثريّة الاقتراعيّة والمشاركة البرلمانيّة والحوكمة التنفيذيّة والإدارة اللامركزيّة والتي ستجعل أغلبيّةً انتخابيّةً واقتراعيّةً تقود مسيرة التوافق حول كيفيّة حوكمة الجمهورية وإدارتها ورسم استراتيجيّاتها الداخليّة والخارجيّة. تعالوا نعتق سوريا من أيّ هيمنة أو فرض قسريّ لنماذج ممارسات ديمقراطيّة تقوم على منطق الغالبيّة العدديّة الديمغرافيّة، أو الغالبيّة الدينيّة الطوائفيّة، أو الغالبيّة الثقافيّة اللغويّة، أو الغالبيّة العرقيّة والقوميّة، أو الغالبيّة الإيديولوجيّة. تعالوا نسعَ أن يتبوّأ مناصب الدولة ويعمل في مؤسّساتها الإداريّة والمدنيّة والبرلمانيّة والحكوميّة ذوو وذوات الكفاءة والمؤهلّات العلميّة والخبرة العمليّة والسيرة المهنيّة المحترفة ونظافة الكف، وذلك بصرف النظر عن الخلفيّات الشخصيّة والمعتقدات والجنس والثقافة وسواها من الهويّات التصنيفيّة الضيقة.
خامساً: لنبنِ جمهوريّةً تقوم على فكرة «مؤسّسات» الدولة، لا على ذهنيّة «القائد الملهَم أو الملهِم»، جمهوريّةً قوامها العمل البرلمانيّ التشريعيّ والمحاسبيّ والرقابيّ، لا فكرة «مجلس الشعب» التمثيليّة الشكليّة؛ جمهوريّةً دستورها يجمع ولا يفرّق، يساوي ولا يميّز، يحمي الحقوق ولا يصنّفها، يشمل الجميع بالتساوي ولا يشملهم بالتعطّف والمنّة؛ جمهوريّةً فيها تداول للسلطة وللمسؤوليّة المدنيّة والحكوميّة، لا سلطات أبديّة ومتكرّرة وتوريث؛ جمهوريّةً أفقها حضاريّ، لا دوغمائي، علميّ وثقافيّ، لا إيديولوجيّ؛ جمهوريّةً تخضع فيها القوى العسكريّة والأمنيّة لسلطة قيادة مدنيّة منتخبة وفق معايير انتخابيّة عصريّة ودستوريّة.
سادساً: لنسعَ إلى خلق أرضيّة ولادةِ مجتمعٍ معاييره الأخلاقيّة لا تحدّدها درجة التديّن، ومعاييره السلوكيّة لا تحدّدها قواعد اللباس والمظهر والتصرّفات الفرديّة، ومعايير الدور فيه لا تحدّدها معايير الماهيّة الجنسيّة والجندريّة. تعالوا نبنِ مجتمعاً الحقوقُ والواجبات والأدوار والمسؤوليّات فيه يكفلها ويحميها ويدافع عنها ويحاسب عليها القانون والقانون فقط.
ختاماً، نحن مجموعة سوريا الحرة نتطلّع معكم إلى بناء بلدنا الجديد المتحرّر من كلّ موبقات الماضي وشروره، والمتخلّص من كلّ ما من شأنه أن يجترّ الذهنيّات والممارسات الاستبداديّة التي عرفناها في عصر الطغيان البائد ويستحضرها. إنّنا نمدّ إليكم اليد كي نلتقي ونتحاور ونجلس نحن وأنتم مع شرائح الكيان السوريّ وأطيافه وجماعاته وتيّاراته كافّةً كي نفكّر ونعمل معاً على الأرض، ونبادر إلى تطوير خارطة طريق استراتيجيّة دولتيّة محترفة ومدروسة يشارك الجميع فيها في صناعة القرار والأفكار وتأليف الدستور والقوانين الجديدة، ويدلي فيها كلّ المواطنين والمواطنات الذين ينتمون إلى سوريا، ويوجدون على جغرافيا بلدنا برمّتها من مناطقها وأطرافها كافّةً، بدلوهم في التطوير والتنفيذ من طريق التصويت الشعبيّ والاستفتاء والمشورة. إنّ الغد ينتظرنا وينتظر تحرّرنا من الخوف والغضب والنقمة وجاذبيّة الهيمنة وبريق السلطة كي نبني معاً ونسافر من نفق الغضب إلى نور سوريا العيش والمصير الواحد.
عشتم وعاشت سوريا
مجموعة سوريا الحرة
Najib George Awad
1ي ·
مع رجاء النشر والدعم والتداول على أوسع نطاق. وثيقة ومجموعة جديدة: يشرفني أن أكون من فريق مؤسسي “مجموعة سوريا الحرة”، وهي مجموعة مستقلة فكرية وتوعوية، ومن معدي وثيقتها. أضع لكم تسجيل فيديو تعريفي بالمجموعة وألصق أيضاً نص الوثيقة الكامل في الأسفل. نطلب من جميعكم تبني الوثيقة ودعمها ونشرها على أوسع نطاق على صفحاتكم ومع معارفكم… عاشت سوريا حرة
_______________________________________________________________________
————————–
شروط تكبّل التفاهم بين “قسد” ودمشق/ خالد الجرعتلي
تتوارد الأنباء عبر مصادر رسمية في “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) حول موافقة مبدئية على الاندماج مع الجيش السوري الجديد الذي تتجه القيادة السورية الجديدة لتشكيله بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
قائد “قسد”، مظلوم عبدي، أبدى مرارًا استعداده الانخراط في اندماج عسكري مع المعارضة السورية، إذ قال في 20 من كانون الأول الماضي، لصحيفة “التايمز” البريطانية، إن قواته المكونة من 100 ألف عنصر مستعدة لحل نفسها، والانضمام إلى جيش سوريا الجديد.
من جانبه قال قائد “إدارة العمليات العسكرية” أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، إنه موافق على دمج جميع الفصائل العسكرية في سوريا تحت مظلة وزارة الدفاع السورية، لكنه اشترط أن يكون هذا الاندماج على شكل أفراد لا مجموعات.
وقال خلال لقاء مع قناة “العربية” السعودية، إن “قسد” ستنضم لوزارة الدفاع السورية، لافتًا إلى أن إدارة العمليات العسكرية تتفاوض لـ”حل أزمة شمال شرقي سوريا”.
مقاتلون محليون لا أجانب
التصريحات بين “قسد” والإدارة السورية الجديدة تشير إلى المقاتلين الأجانب في “قسد” ممن ينتمون لأحزاب كردية مسلحة مدرجة على “لوائح إرهاب” دولية مثل “حزب العمال الكردستاني” (PKK) واشترط إقصائهم لاتخاذ خطوات تجاه الاندماج.
وفي 19 من كانون الأول، قال مظلوم عبدي في حديث لوكالة “رويترز“، إن المقاتلين الكرد الذين جاؤوا إلى سوريا من أنحاء الشرق الأوسط لدعم قواته سيغادرون إذا تم التوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار مع تركيا.
ويعد انسحاب المقاتلين الكرد غير السوريين أحد المطالب الرئيسية لتركيا المجاورة، التي تعتبر “قسد”، المهيمنة في شمال شرقي سوريا، تهديدًا لأمنها القومي، وتدعم حملة عسكرية جديدة ضدها.
وأضاف عبدي أنه على الرغم من وصول مقاتلي “حزب العمال الكردستاني” إلى سوريا، لا يعني أن لقواته (قسد) روابط تنظيمية مع الجماعة.
وأشاد بالمقاتلين غير السوريين الذين ساعدوا “قسد”، المدعومة أمريكيًا، في قتال تنظيم “الدولة الإسلامية” على مدى العقد الماضي، لافتًا إلى أن قتال التنظيم هو سبب قدومهم.
من جانبه اشترط أحمد الشرع وجود قواعد أساسية لحل المشكلة القائمة شمال شرقي سوريا وهي:
ألا يكون هناك تقسيم في سوريا بأي شكل من الأشكال، حتى لو كانت بشكل فيدرالي.
مغادرة المسلحين الأجانب الذين يتسببون بمشكلات لدول مجاورة.
ينبغي أن يكون السلاح محصورًا بيد الدولة فقط.
ماذا تريد “قسد”
ما تريده “قسد” ليس حالة سرية بالكامل، إذ أعلنت “الإدارة الذاتية” وهي مظلتها السياسية، في “العقد الاجتماعي”، الذي كشفت عنه نهاية العام الماضي، عن شروطها لإقامة علاقات مع ما أسمتها “جمهورية سوريا الديمقراطية”.
وذكر “العقد الاجتماعي” في “المادة 120” إلى أن “شكل العلاقة في جمهورية سوريا الديمقراطية يحدد فيما بين الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال شرقي سوريا مع المركز، (دمشق)، والمناطق الأخرى على جميع المستويات وفق دستور ديمقراطي توافقي”.
ولفتت إلى أن هذا الأمر قابل للتعديل في حال تم التوافق على “دستور ديمقراطي” في سوريا.
واشترطت أيضًا أن يكون لـ”الإدارة الذاتية”مركز خاص، وعلم خاص يرفع إلى جانب علم “جمهورية سوريا الديمقراطية”.
الباحث المتخصص في شؤون شمال شرقي سوريا، سامر الأحمد، قال لعنب بلدي إن “الإدارة الذاتية” تفاوض لإبقاء مناطق شمال شرقي سوريا تحت سيطرتها وتحت شكل الإدارة المدنية والحوكمية والبلدية، والأمنية (الشرطية والاستخباراتية والعسكرية) بالتالي تتطلع لإبقاء “قسد” تحت ادارتها.
وشبه الباحث ما تريده “الإدارة الذاتية” بالنموذج القائم شمالي العراق (كردستان العراق)، كما تريد الحصول على 50% من الثروات ومثلها من إيرادات المعابر في المنطقة الشرقية، والحفاظ على كل شيء كما هو، مقابل رفع العلم السوري في مناطق سيطرتها.
واستبعد الباحث إتمام أي اتفاق من هذا النوع، معتبرًا أن الشرع رافض لبقاء أي سلاح خارج وزارة الدفاع، كما لن تسمح تركيا بإبقاء قوات “قسد” العسكرية على حدودها.
ووفق الأحمد، رفض أحمد الشرع أن يدخل “الائتلاف المعارض” و”هيئة التفاوض” بشكل مؤسساتي للمساهمة في عملية انتقال السلطة، واشترط دخولها على شكل أفراد، وهو ما ذكره الشرع في مقابلته مع قناة “العربية” السعودية.
الباحث قال إن الشرع رفض المؤسسات المعارضة التي تعتبر قريبة له نسبيًا، وبالتالي فـ”بالطبع لن يوافق على اندماج قسد كمؤسسة”.
مبادرة “الإدارة الذاتية”
في 16 من كانون الأول الحالي، أطلقت “الإدارة الذاتية” مبادرة للحوار مع “القيادة العامة” وتضمنت جملة من الشروط:
الحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية وحمايتها من الهجمات التي تشنها تركيا والفصائل المدعومة من قبلها.
وقف العمليات العسكرية في كامل الأراضي السورية للبدء بحوار وطني شامل وبنّاء.
اتخاذ موقف التسامح والابتعاد عن خطاب الكراهية والتخوين بين السوريين، والحفاظ على التنوع في سوريا على أساس ديمقراطي عادل.
عقد اجتماع طارئ تشارك فيه القوى السياسية السورية في دمشق لتوحيد الرؤى بشأن المرحلة الانتقالية.
المشاركة الفعالة للمرأة في العملية السياسية.
توزيع الثروات والموارد الاقتصادية بشكل عادل بين كل المناطق السورية، باعتبارها ملكًا لجميع أبناء الشعب السوري.
ضمان عودة السكان الأصليين والمهجرين قسرًا إلى مناطقهم، والحفاظ على إرثهم الثقافي وإنهاء سياسات التغيير الديموغرافي.
التأكيد على استمرار محاربة الإرهاب، لضمان عدم عودة تنظيم “الدولة الإسلامية”، بالتعاون المشترك بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وقوات التحالف الدولي.
إنهاء حالة الاحتلال، وترك القرار للشعب السوري لرسم مستقبله وتطبيق مبدأ حسن الجوار.
ولم تعلن الإدارة في دمشق موقفًا واضحًا من طرح “الإدارة الذاتية” في حين لا تزال الأخيرة تخوض معارك مع فصائل “الجيش الوطني السوري” شرقي محافظة حلب، أسفرت عن فقدانها لمدن كانت تسيطر عليها على مدار السنوات الماضية.
شرطان رئيسيان
الشروط التي طرحها الشرع حول خروج المقاتلين الأجانب، والموافقة على سوريا موحدة، يدرجها الباحث سامر الأحمد بـ”شروط ما قبل بدء المفاوضات” إذ اعتبر أن أي تغيير لن يطرأ على مجريات الأحداث، قبل أن توافق “الإدارة الذاتية” عليهما.
ولم يستبعد الأحمد أن تحضر “الإدارة الذاتية” مؤتمر الحوار الوطني كأفراد، في حال وافقت على الشرطين اللذين طرحهما الشرع مسبقًا.
ولفت إلى أن عددًا من قادة “قوات سوريا الديموقراطية” و”المجالس العسكرية” التابعة لها يمكن ينضموا لوزارة الدفاع كأفراد، ومن الممكن أن يكونوا ضباطًا في الوزارة، لكن كأفراد مجددًا، وليس ككيانات.
واعتبر أن دمج المكونات العسكرية كمجموعات يعتبر خطيرًا على شكل الدولة، وهو المنطلق الذي يبحث فيه الشرع، وفق الباحث، إذ يشكل اندماج الميليشيات بالجيش على شكل مجموعات ما يشبه “دولة ميليشيات” كما هو الوضع في الحالة الليبية، والعراقية.
ويمكن النظر اليوم إلى وزارة الدفاع العراقية التي تضم داخلها قوات “البيشمركة” التي تعتر مستقلة من حيث القيادة، وسبق أن واجهت الجيش العراقي، كما تضم “الحشد الشعبي” الموالي لإيران، ولا يدين بالولاء للعراق.
ولفت الباحث إلى أنه من غير المعقول ضم فصائل مسلحة لوزارة الدفاع في حال كانت الحكومة تريد بناء دولة وطنية، إذ لا يمكن دمج “الجبهة الشامية” أو “السلطان مراد” أو “قسد” على سبيل المثال لا الحصر، بشكلها التنظيمي، ووضع الجيش أمام تهديد انقسام عسكري لاحقًا في حال نشب خلاف بين القادة.
على طريق حل الفصائل
وكانت “القيادة العامة” في سوريا، أعلنت رسميًا تعيين مرهف أبو قصرة، وزيرًا للدفاع في حكومة دمشق المؤقتة، وذلك بعدما أعلنت الاتفاق على حل جميع الفصائل العسكرية ودمجها تحت مظلة وزارة الدفاع، في 24 من كانونا لأول.
وذكرت “إدارة العمليات”، حينها، أن اجتماع قادة الفصائل الثورية مع قائد الإدارة الجديدة، أحمد الشرع، أسفر عن هذا الاتفاق.
وجاءت هذه الخطوة بعد سلسلة اجتماعات عقدها الشرع مع الفصائل العسكرية لمناقشة شكل المؤسسة العسكرية في سوريا الجديدة.
الشرع أعلن في مؤتمر صحفي سابق مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، عن أنه خلال أيام ستشكل وزارة الدفاع، وسيعلن عن لجنة من قيادات عسكرية جديدة لرسم هيكلية جديدة للجيش القادم، وبدء حل الفصائل نفسها تباعًا والانخراط في الجيش، مع التشديد على عدم السماح بوجود سلاح خارج يد الدولة.
وأضاف أن هناك توافقًا مع غالبية الفصائل على أن تكون هناك قيادة موحدة، وتشكيل وزارة دفاع بعد انتهاء العمل العسكري.
وعلى مدار الأيام الماضية التي أعقبت سقوط النظام السابق، أكدت الوفود الدبلوماسية التي زارت دمشق على ضرورة حفظ الأمن، والحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها، في ظل الدعوة إلى مشاركة كافة أطياف المجتمع السوري في المرحلة الانتقالية للبلاد.
—————————
العثور على مقبرة جماعية تحتوي عظاماً وبقايا ملابس جنوبي سورية
04 يناير 2025
عثر الأهالي على مقبرة جماعية في محيط الفرقة التاسعة في مدينة الصنمين في الريف الشمالي من محافظة درعا جنوبي سورية. وذكر موقع “درعا 24” الإخباري على حسابه بموقع فيسبوك، ليل الجمعة السبت، أنه جرى حفر المقبرة التي عثر عليها الأهالي مساء أمس الجمعة، وتبين أن ما تبّقى من الجثث المدفونة عظام وبقايا ملابس فقط. وأشار إلى أن الجثث تعود لما يزيد على عشرة أعوام، لافتا إلى أنه في حادثة مشابهة في 16 ديسمبر/كانون الأول الماضي، عثر الأهالي على مقبرة جماعية في مزرعة الكويتي على أطراف مدينة إزرع بريف درعا الأوسط، حيث كانت المنطقة تحت سيطرة مليشيا تابعة لفرع الأمن العسكري، واستُخرجت 31 جثة، بينها نساء وطفل، ودُفنت الجثث في الثاني من يناير/ كانون الثاني الجاري في مقبرة الشهداء على طريق الشيخ مسكين – إزرع.
وكشف الموقع أنه عُثر على مقبرة جماعية يوم الـ21 من الشهر الماضي في محيط قرية أم القصور الواقعة على الحدود الإدارية بين درعا وريف دمشق. وتظهر الصور أن الجثث قديمة وبقيت منها فقط عظام. وأبلغ الأهالي الجهات المختصة للتعامل مع الموقف.
وكان الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) أكد أن التدخلات غير المهنية التي تتعرض لها المقابر الجماعية تمثل انتهاكاً لكرامة الضحايا وحقوقهم وحقوق عائلاتهم، وتؤدي إلى إلحاق ضرر بالغ بمسرح الجريمة والأدلة الجنائية التي يمكن أن تساعد في كشف مصير المفقودين والمتورطين في جرائم اختفائهم ومحاسبة مرتكبي تلك الجرائم.
وقال الدفاع المدني إن هذه التدخلات غير المهنية تعيق جهود العدالة وتضاعف معاناة العائلات التي تنتظر بفارغ الصبر معرفة مصير أبنائها، وتقوّض الجهود المستقبلية لتحقيق المساءلة والعدالة، داعيا إلى عدم التوجه إلى أماكن المقابر الجماعية وعدم نبش أي قبر أو فتحه.
مقبرة جماعية تم العثور عليها قرب دمشق، 16 ديسمبر 2024 (أمين سنسار/الأناضول)
وحول المقابر الجماعية ودورها في الكشف عن مصير المفقودين في سورية، قال رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني في تصريحات سابقة للأناضول: “ما كشف عنه هو عدد قليل جدا من المقابر الجماعية، ويجرى الحديث عن المقابر الكبرى”. وأضاف عبد الغني: “هناك عشرات المقابر الجماعية في سورية، وأي مقبرة دفن فيها عشرة أشخاص أو أكثر تعتبر مقبرة جماعية”.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، سيطر مقاتلو المعارضة السورية على العاصمة دمشق بعد أيام من السيطرة على مدن أخرى، لتنتهي بذلك 61 عاما من حكم نظام حزب البعث و53 سنة من حكم عائلة الأسد. وفي اليوم التالي، أعلن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع تكليف محمد البشير، رئيس الحكومة التي كانت تدير إدلب منذ سنوات، بتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية.
(أسوشييتد برس، الأناضول)
—————————–
الراب السوري… الخروج من الغرف الباردة والاستديوهات السرية/ لينا الرواس
04 يناير 2025
لسنوات طويلة، اختمر مشهد الراب السوري في الظل، مكبّلاً بإمكانات شحيحة، وأفق يكاد يكون معدوماً. مع ذلك، نجح رواده في تحويل هذا الفن إلى مساحة للتجريب والابتكار، بلغت ذروتها مع الانتفاضات العربية.
حين انطلقت الثورة، وجد الراب السوري نفسه في مواجهة مباشرة مع السلطة القمعية وروايتها الأحادية. وبينما كان الإعلام الرسمي يردّد بصوت أجوف أن “كل شيء بخير”، كان مغنو الراب السوريون يصرخون بحقيقة القمع، والسجون السرية، والطوابير الطويلة التي باتت رمزاً للبؤس السوري. كان الراب “القوة التخريبية” وشريان حياة لمن رفضوا حمل السلاح، ولغةً تسرد قصص الشباب المحاصر في دوامة القمع والاغتراب والغضب.
وتحوّلت غرف المعيشة الباردة إلى استوديوهات تسجيل سرية، حيث تُصنع الموسيقى على ضوء مصابيح الليد الخافت، وتعمل الأجهزة الإلكترونية ببطاريات مستنزفة، بعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية التي كانت تلاحق الفنانين حتى أسطح المباني، وفقاً إلى ما تشير مرويات عدة.
مع اشتداد العنف، وجد مغنو الراب السوري أنفسهم على طريق المنفى، حالهم حال ملايين السوريين. من بيروت إلى إسطنبول وصولاً إلى برلين، استمروا في تسجيل الأغاني وإقامة التجمعات التي غالباً ما كانت تأخذ شكل تظاهرات مصغرة، وفيّة لروح الثورة وحلم العودة. في كتاب Syria Speaks: Art and Culture from the Frontline، تُصوّر حفلات الراب في الخارج باعتبارها مشهداً مستمراً للانتفاضة. بعض الفنانين، كمحمد أبو حجر من فرقة “مزاج راب”، كانوا يطالبون جمهورهم بالإنصات بدل الرقص، ليصبح كل عرض مساحة للتأمل والتذكّر.
لكنّ قصّة الراب السوري لم تبدأ مع الثورة. لعقود طويلة، عاش هذا الفن في هامشٍ ضيّق، تطارده قبضة أمنية لا ترحم. في ثمانينيات القرن الماضي، وجد منفذاً له عبر أشرطة الكاسيت المهرّبة أو البثّ التلفزيوني العالمي. حينذاك، كانت الموسيقى “المدعومة” رسمياً هي تلك التي تعيد إنتاج الأنماط العربية التقليدية، يقابلها أخرى “ملتزمة سياسياً”، تميل لإيقاعات الجاز والبلوز والفولك.
اكتفت بعض المدن الكبرى، كدمشق وحلب، بتجارب متفرقة ومحدودة التأثير، معظمها تلمّس طريقه بخجل باللغة الإنكليزية، متأثراً بمشهد الهيب هوب العالمي في برونكس، على شكل تجمعات صغيرة وتسجيلات شبه سرية، نظراً إلى غياب المنصات، وانتشار التشكيك المجتمعي حول هذا الفن “الدخيل”.
لم يتبلور الراب كخطاب مواز إلا مع بداية التسعينيات، حين سمح الانفتاح النسبي للمدن السورية بازدهار أشكالٍ جديدة من التبادل الثقافي. تحوّل الراب من ظاهرة “غريبة” إلى فن تحت أرضي (Underground)، يستمد شرعيته من أوساط شبابية، أرادت وصف الواقع “الخام” للبلد، من دون تزيين.
تزامنت هذه التحولات مع نمو مشهد الراب في لبنان وفلسطين ومصر والأردن، ما ولّد روابط عابرة للحدود، وشبكات إقليمية بين فنانين تقاسموا لغة الاحتجاج، وتشاركوا تاريخاً لا يد لهم فيه من العنصرية المتبادلة. ثم جاءت الألفية الجديدة، ومعها الإنترنت، فتيسّر للبعض أن يبث إنتاجه عبر “يوتيوب” و”ساوند كلاود”، ولو بمعدات بدائية، إلى أن تطور الإنتاج إلى الشكل الذي نعرفه اليوم.
بعد سقوط النظام، استمرّت أغاني الراب في أداء دورها السياسي، لكنها انحازت هذه المرة إلى مشروع وطني جديد، يقوم على المصالحة/المصارحة، ومحاولة ترميم الهوية الممزّقة. ومن بين أبرز الأصوات التي صدحت في ساحات الحرية، برز إسماعيل تمر ومودي العربي، اللذان أنتجا أغاني احتفالية تعبّر عن اللحظة، رغم شحّ الإمكانيات الواضح.
حوّل مودي العربي حكاية اللاجئ المتهم بـ”الهروب”، والذي يصارع ما أسماه “عار المنفى”، إلى ترنيمة نصر في أغنيته “شاهين” عقب سقوط الأسد، والتي أنتجها بالكامل عبر تقنية الذكاء الاصطناعي، وبناها على أحد أشهر هتافات الثورة السورية: “ما نركع إلا لله”.
أما إسماعيل تمر (MC Twistar)، الذي لطالما سلط لسانه على المجتمع الدولي والإقليمي الساكت عن المجازر، فأطلق أغنية “ساروتنا” التي جمعت صوته مع ترنيمة الشهيد عبد الباسط الساروت الشهيرة “جنة جنة”، ليعلن نهاية الحداد الطويل: “بدّلوا الحزن… سمانا ما عاد فيها غمّة”.
لكن خلافاً للنبرة التفاؤلية التي ميزت أغاني ما بعد السقوط، كان الراب خلال الـ14 عاماً الماضية يصدح بنبرة انكسار مريرة، وشاهداً على تراكم الجرائم والحزن وضياع الشباب. ظهرت فرق تبلورت هوياتها بمزيج من الحماس والغضب، من ضمنها “لتلتة”. من بين فناني المرحلة، برز بو كلثوم، الذي عُرف بأسلوبه المميز في مزج الموسيقى المحلية مع روح الراب الحديثة. حققت أغانيه صدى كبيراً لدى السوريين في الداخل والخارج على السواء. وحين انتقل إلى عمّان، أخذت أعماله منحى أكثر قتامة، تجلّى ذلك في ألبومه “إنديرال” الصادر عام 2015، فتخلّى بو كلثوم عن الفكاهة الساخرة، محوِّلاً قوافيه إلى صرخة غربة ونزوح، وهو يشرّح الألم النفسي لأولئك الذين هُجّروا قسرياً، وتفتتت هوياتهم في المنافي. أما علاء درويش المعروف بالدرويش، فاختار المنفى في بيروت، بعد أن طارده شبح الاعتقال في حمص، مسقط رأسه. وتكشِف تجربته في ألبوم “أرض السمك” (2016) أن المنفى لا يبدّد الحلم، بل يضعه أمام اختبارات أقسى. في حين تتشابك اللغتان العربية والإنكليزية في أعمال السوري الأميركي عمر آفندم، ويبرز الوجه المعقّد للهوية السورية المتعددة. استمر ذكر آفندم في التذكير بأن “حكم الأسد غير شرعي”، وأن السوريين ليسوا أرقاماً في حرب دولية باردة.
اليوم، يقف الراب السوري شاهداً على مرحلة مفصلية في تاريخ سورية، وجسراً نحو مستقبل لا يزال غامضاً. فبعدما نشأ هذا الفنّ في أروقة القمع والنزوح، انتقل ليصير قوة سياسية وثقافية لا تهادن، وأملاً بأن التضحيات لن تذهب سدى، وأن المستقبل، رغم غموضه، قد يحمل نغماً جديداً يعيد تشكيل الحلم السوري.
العربي الجديد
——————————
احتجاز عدد من السوريين في لبنان يثير جدلاً ومصدر أمني يوضح/ سارة مطر
04 يناير 2025
أثار احتجاز عدد من السوريين القادمين عبر مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت ضجة وجدلاً في لبنان وسورية، وسط حديث عن كون التوقيف شمل رجالاً ونساء وأطفالاً كانوا ينوون العبور باتجاه الأراضي السورية، من دون توضيح الأسباب، ما طرح العديد من التساؤلات.
وانتشرت فيديوهات تنقل شهادات بعض السوريين المحتجزين، وسط اتهامات للدولة اللبنانية بأنها تمارس نوعاً من الاحتجاز التعسفي غير القانوني، بحسب وصف بعض روّاد مواقع التواصل الاجتماعي.
#لبنان
سوريون محتجزين في مطار بيروت
بعد اليوم هناك دولة تطالب برعاياها وتفعل المستحيل من اجل حفظ كرامتهم ولا يمكن التساهل ايداً بكرامة السوري
برسم المعنيين في حكومة الإنقاذ السورية
متابعة الأمر وتحرير اهلنا السوررين في امكان الأحتجاز داخل لبنان ماع خالص التحية pic.twitter.com/11OWdRt9OC
— rdwanalshhwanرضوان الشهوان (@rdwanalshhwan0) January 4, 2025
وأوضح مصدر أمني، في اتصال مع “العربي الجديد”، أن “عدد المحتجزين في مطار بيروت محدود، ولا يمكن الحديث عن أن الأمن العام اللبناني احتجز مجموعة كبيرة، إنما أوقف فقط السوريين الذين لا يستوفون الشروط القانونية المعمول بها في لبنان، أو الذين يندرجون ضمن لائحة الممنوع دخولهم إلى لبنان لأسباب خاصة بكل حالة. لذلك، يتم حجزهم في المطار لإعادتهم إلى البلد الذي قدموا منه أو أي بلد آخر يُتيح دخولهم إلى أراضيه، وذلك عندما يحين دورهم في إحدى الطائرات أو عندما يكتمل العدد المطلوب للطائرة الواحدة التي ستقلّهم”.
وأضاف “لكن الحديث عن احتجاز تعسفي غير دقيق ويتضمّن مغالطات، حيث إن كل سوري يحمل جنسية وإقامة أجنبية ويتمتع بوضع قانوني يتيح له دخول الأراضي اللبنانية، يتم استقباله ويطلب منه مراجعة الجهات المعنية لتسوية أوضاعه”.
سوريون محتجزون في مطار بيروت خلال قدومهم لزيارة بلادهم pic.twitter.com/KpLZHUHLJq
— Sawt Beirut International (@SawtBeirut) January 4, 2025
يعبر لبنانيون إلى سورية عند معبر المصنع، أكتوبر 2024 (الأناضول)
قضايا وناس
سورية تمنع دخول اللبنانيين إلا بشروط جديدة: إقامة أو حجز فندقي
ياريمون !
شو قصة احتجاز السلطات اللبنانية لعشرات مِن القادمين من أوربا إلى سورية عبر مطار بيروت واحتجازهم وبينهم نساء وأطفال لساعات مع معاملة سيئة وشتائم ثم إعادتهم مِن حيثُ أتوا ؟!!!
يبدو ياصديقي أن إيران وحزبها في لبنان لازالوا مسيطرين على المطار وعلى سيادة وكرامة وقرار لبنان !
— Abo Mohammad (@AbdKara6) January 4, 2025
وأوضح المصدر الأمني ذاته أن “القانون ينصّ على السماح بمغادرة الرعايا السوريين واللاجئين الفلسطينيين في سورية، عبر المراكز البريّة في لبنان، بعد تسوية أوضاعهم وفقاً للأصول، سواء دخلوا بصورة قانونية أو عكسها، ومهما بلغت مدة المخالفة، دون إصدار بلاغات منع دخول بحقهم بعد استيفاء الرسوم المتوجّبة عليهم، مع مراعاة عدد من الضوابط، بينها عدم وجود أي ملاحقة عدلية أو منع سفر بحق أصحاب العلاقة بحيث تتخذ الإجراءات المناسبة وفقاً للأصول، المولودون في لبنان ولم يستحصلوا على إقامة بعد إبراز مستند ثبوتي ووثيقة ولادة منفذة وأن يكونوا برفقة أحد ذويهم، فاقدو الإقامات مهما كان نوعها، سواء كانت صالحة أو منتهية، من كانت لديه إقامة سنداً لمستند ثبوتي (جواز، هوية، إخراج قيد) غير موجود بحوزته، ولديه مستند ثبوتي آخر، أو نسخة عنه مع محضر فقدان، من كان لديه إيصال معاملة منح أو تجديد إقامة قيد المعالجة، وغير منجز، أو المسجلون كنازحين مهما كان وضعهم الإداري”.
سوريون في مطار بيروت يتعرضون لاحتجاز دون مسوّغ قانوني وسط مطالبات بتحرك عاجل
، 4 يناير 2025
من داخل مراكز الاحتجاز في لبنان، يعاني عدد كبير من السوريين من ظروف صعبة وغير إنسانية، حيث يتم احتجازهم دون مسوّغ قانوني أو مبرر واضح، فقط لكونهم يحملون الجنسية السورية. ويؤكد ناشطون أن… pic.twitter.com/vFb6xYdUHc
— GHIAS FARZAT (@farzat77) January 4, 2025
google news تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
دلالات
العربي الجديد
———————–
التهريب من سوريا: اشتباكات الجيش صورة عن الصعوبات المنتَظَرة/ خضر حسان
السبت 2025/01/04
لا تزال مرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد في سوريا غير مستقرّة تماماً، وينسحب عدم استقرارها على الأوضاع في لبنان، لاسيّما على المستوى الاقتصادي لناحية تنظيم عمليات الاستيراد والتصدير عبر الحدود بين سوريا ولبنان. وعوضَ استقرار الأوضاع، أصبحت الحدود مشرّعة أمام التهريب أكثر ممّا كانت عليه سابقاً، الأمر الذي يضرّ بالإنتاج اللبناني من جهة، ويفتح المجال للتوتّرات الأمنية على غرار عملية الاشتباك التي حصلت يوم أمس بين الجيش اللبناني وسوريين في منطقة معربون – بعلبك، على الحدود بين البلدين. فماذا ينتظر المُنتِجون اللبنانيون في المرحلة المقبلة، وكيف سيؤثِّر هذا الواقع على صادراتهم؟.
من الغموض إلى الوضوح
مع استلام السلطة الجديدة زمام الأمور في سوريا، أبدى رئيس تجمع المزارعين والفلاحين، إبراهيم الترشيشي، قلقه من بعد التداعيات التي قد تتفاقم ما لم تضبط السلطة الجديدة الوضع في الداخل وعلى الحدود، ورأى في حديث لـ”المدن” أن الأمور في سوريا “لا تزال غامضة”، وعودة التصدير البرّي إلى طبيعته “ينتظر استلام السلطات السورية الجديدة مهامها والسماح بحركة العبور الترانزيت، وهي خطوة تحتاج إلى المزيد من الوقت”. (راجع المدن).
ذلك الغموض تحَوَّلَ إلى شيءٍ من الوضوح الذي حَمَلَ المزيد من الصعوبات أمام الإنتاج اللبناني. فيقول الترشيشي إنّ “الأسبوع الأوّل من استلام السلطات السورية الجديدة مهامها، انعكس إيجاباً على الإنتاج اللبناني إذ سمحت باستيراد الموز والكثير من البضائع التي تحتاجها سوريا. حتّى أنّ التهريب توقَّفَ، وقلنا أن هذا الأمر بادرة خير”. لكن الأمور انقلبَت سريعاً “فاليوم وَضَعَ الجانب السوري ضريبة على الموز اللبناني بمعدَّل 66 دولاراً لكل طنّ. وبالأمس تم إيقاف كل الشاحنات التي تخرج من لبنان بحجّة عدم حيازة السائقين إقامات أو تأشيرات دخول إلى سوريا”.
صعوبات منتَظَرة
التصدير اللبناني في الوقت الراهن “بحالة ركود، ويتمّ بالحدّ الأدنى”، وفق الترشيشي الذي يتوقَّع المزيد من الصعوبات أمام حركة تصدير المنتجات اللبنانية، إذ يعتبر أن الإجراءات التي يقوم بها الجانب السوري “هي عراقيل أمام الطريق الشرعي للتصدير والاستيراد”. فالتصدير اللبناني يُعَرقَل، فيما طرق التهريب من سوريا “تعجّ بالمهرِّبين الذين لا يجدون مَن يَردَعهم. وهؤلاء يشكِّلون عصابات ليحموا أنفسهم ضد كلّ مَن يعترضهم”.
استفحال التهريب وإضراره بالمنتجات اللبنانية، ستؤدّي بالمصدِّرين إلى “إعلان الإضراب وإقفال الطرق واعتراض شاحنات التهريب”، وفق الترشيشي الذي أوضح أنّه “يدخل إلى الأراضي اللبنانية أكثر من 300 طن من البطاطا السورية ويتم توزيعها على أسواق الخضار في طرابلس والعبدة وسن الفيل وبيروت وقبّ الياس والبقاع وصيدا والجنوب، ممّا يحرم المزارع البقاعي من تصريف إنتاجه قبل موعد دخول البطاطا المصرية بتاريخ الأول من شباط المقبل”. ولفت الترشيشي النظر إلى أن “التهريب يطال أيضاً لحم الدجاج والبيض مما يلحق ضرراً فادحاً بهذا القطاع الذي لا يتحمل هذا التهريب”.
سهولة التهريب وما يحمله من ربح مالي إضافي للمهرِّبين وأصحاب المصالح، جَذَبَ المزيد من أصحاب المصالح، فتوَسَّعَ نطاق التهريب ليشمل تهريب البضائع التركية عبر سوريا إلى لبنان، مما زاد الضغط على الإنتاج اللبناني.
وفي الوقت نفسه، إن نشاط طرق التهريب يستدعي حمايتها، أي تصعيد الخطر الأمني على الحدود، والذي ظهرت أولى بوادره عبر اشتباك الجيش اللبناني مع مجموعة من المسلّحين السوريين الذين أطلقوا النار على عناصر الجيش. وبحسب ما أعلنه الجيش، فإنه “أثناء عمل وحدة من الجيش على إغلاق معبر غير شرعي عند الحدود اللبنانية السورية في منطقة معربون – بعلبك، حاول أشخاص سوريون فتح المعبر بواسطة جرافة، فأطلق عناصر الجيش نيراناً تحذيرية في الهواء، وعمد السوريون إلى إطلاق النار نحو عناصر الجيش ما أدى إلى إصابة أحدهم ووقوع اشتباك بين الجانبين. وقد اتخذت وحدات الجيش المنتشرة في القطاع تدابير عسكرية مشددة، وتجري المتابعة اللازمة للحادثة”. وربطاً بهذه الحادثة وغيرها من الأحداث، يشير الترشيشي إلى أنها “صورة عن الصعوبات المنتَظَرة في حال لم يعمد الجانب السوري إلى مكافحة التهريب على الحدود”.
البضائع المهرَّبة “تستبيح الأسواق اللبنانية”، وتشديد الإجراءات على الحدود الشرعية “تشجِّع على التهريب”، خصوصاً أن “الكثير من البضائع التي كانت تأتي من سوريا إلى لبنان عبر الطرق الشرعية، باتت تُهَرَّب طالما أن طرق التهريب آمنة”، وعليه، فإن الصادرات اللبنانية أمام خطر حقيقي، والبضائع التي تباع في السوق أمام منافسة غير مشروعة.
المدن
————————-
اشتباكات معربون: مصالح مهربين والجيش يحاول فرض قواعد جديدة/ طارق الحجيري
السبت 2025/01/04
سقوط نظام البعث في سوريا، والهروب المفاجئ لرئيسه بشار الأسد، خَلَط الكثير من الأوراق في الداخل اللبناني، سياسيًا إقصاديًا وأمنيًا، إضافةً إلى مسألة الحدود الشائكة وغير المُرَسَّمة في بعض المناطق، لا سيما بعد تأكيد زعيم التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على سورية مزارع شبعا حسب وثائق الأمم المتحدة.
استفاق اللبنانيون، أمس، على اشتباكات في منطقة معربون – بعلبك الحدودية، “بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين أقدموا على استهداف عناصره بالأسلحة الرشاشة والمتوسطة، ما أدَّى إلى تعرض أربعة عسكريين لإصابات متوسطة” حسب بيان الجيش اللبناني.
من جهته أعلن المرصد السوري عن وقوع اشتباكات مُسَلَّحة بالقرب من بلدة سرغايا السورية عند الحدود، بين مهربين من البلدة وعناصر الجيش اللبناني، أثناء محاولتهم تهريب أسلحة وعتاد عسكري إلى الداخل اللبناني.
تضرر مصالح المهربين
حدوث الاشتباكات، وتوقيتها طرح الكثير من علامات الاستفهام، خصوصاً أن كل تصريحات قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، أكَّدت على إرساء العلاقات الأخويَّة مع لبنان، والعمل على تمتينها من دون أيّ تدخلٍ في شؤونه الداخليَّة.
مختار بلدة معربون زياد شبلي، بعد تأكيده وقوف أهالي البلدة ودعمهم الكامل للشرعيَّة اللبنانية والجيش الوطني، شرح في حديث لـ “المدن” حقيقة ما جرى قائلا: “المهربون في بلدة سرغايا أزعجهم قيام الجيش اللبناني بإغلاق المعابر غير الشرعيَّة وتكثيف عملياته لضبط الحدود، فهم وخصوصاً عائلة الشَمَّاط كانوا يحصلون على تسهيلات كبيرة من الجيش السوري أيام النظام السابق (بالرشاوي والسمسرات) للقيام بعمليات التهريب على أنواعها، اليوم باتوا ينظرون للجيش اللبناني بعدائية بسبب منعه أعمال التهريب”.
المختار شبلي الذي شدَّد على متانة علاقات الأخوة والقرابة مع أهالي بلدة سرغايا (تزاوج ومصاهرات)، نفى معرفته بأهداف المسلحين، أكانت تقتصر على عمليات التهريب، أم لها أبعادًا سياسيَّة لا سيما أنَّ “غالبية المهربين خصوصاً الكبار منهم كانوا من أزلام النظام السابق، يتباهون دائما ويتفاخرون بقربهم من الفرقة الرابعة” متمنيًا أن تسلك علاقات البلدين: “أفضل السبل وأكثرها نفعًا للبلدين وشعبيهما، فنحن والجوار السوري تربطنا علاقات عائلية تاريخية متوارثة، يفرضها التداخل الجغرافي”.
خطر أمني
خطر التهريب والبضائع المهربَّة يقتصر ضررهما على الإقتصاد، سواء لجهة التهرب الجمركي أو خروج الدولار من السوق المالي المحلي، أمَّا تهريب السلاح فتتجاوز خطورته البضائع بأشواط، فهو ربما يُستَخدم في خلق مشاكل أمنيَّة وإحداث قلاقل وفِتَن تُربِك الداخل اللبناني، وتزيد الشرذمة، لا سيما أن أبواب البلد غير محصنَّة بما يكفي.
فبحسب بيانات المصدر السوري فإنَّ تُجَّار السلاح في سوريا “استغلوا ترك قوات النظام السابق، لمواقعها العسكرية، وبدأوا يجمعون الأسلحة ويشترونها بأثمان زهيدة، ثمَّ ينسقون مع تجار في لبنان لنقلها وبيعها بأسعار مرتفعة”.
مخاوف متنوعة
أمَّا بما يخص الإشتباكات التي وقعت، جاء بيان الجيش اللبناني واضحًا لجهة “وقوعها مع مسلحين في الداخل السوري” من دون أيِّ ذِكْرٍ أو إشارة إلى العناصر الأمنية التابعة للإدارة الجديدة، كما روَّجت وأشاعت الجيوش الالكترونية وجمهور “الفسابكة” التابعين لمحور الممانعة.
النائب بلال الحشيمي قال في حديث لـ”المدن” أنه “حسب المعلومات المتوفرَّة فإن كل الموضوع مرتبط بالتهريب من الجانب السوري، جرى تضخيمه وتكبيره من جماعة ايران. أرادوه حلقة جديدة في مسلسل سردية “السلاح لحماية السلاح” والعودة لنغمة “سلاحنا حماكم من الإرهاب”، لكن ليكن معلومًا أنَّ محاولة العودة بالناس لبدايات الثورة السورية عام 2011 لن تنجح فقد انكشفت كل الأوراق، وكل الناس تعرف كل الحقائق”.
الحشيمي تساءل عن” جدوى الغمز من قناة الجيش اللبناني” في هذا التوقيت، وعن الحكمة من استعداء نظام الحكم الجديد في سوريا؟ ما هي مصلحة لبنان واللبنانيين في ذلك؟ داعيًا إلى “معالجة موضوع الحدود بحكمة وهدوء، بعيدًا عن أصحاب الغرائز المشبوهة وبطولاتهم الوهمية، فقد رأينا ماذا فعلت البطولات بلبنان وكيف أوصلته لمراتب الدول الفاشلة”.
قصة الحدود اللبنانية السورية، وعمليات التهريب عبرها، عمرها من عمر الحدود ذاتها، حَلَّها يكون بتعاون سلطات البلدين من الجهتين وضبط الحدود.
————————–
جولة عربية للشيباني: دعم استقرار سوريا وإنعاش اقتصادها
السبت 2025/01/04
أعلن وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال السورية أسعد الشيباني، عزمه القيام بجولة خارجية، الأسبوع الحالي، تشمل قطر والإمارات والأردن.
وجاء إعلان الشيباني، فيما استأنفت دولة تشكيا العمل بسفارتها، وفي وقت أعلنت فيه أذربيجان، إعادة فتح سفارتها في دمشق، بعد بعد انقطاع 12 عاماً.
دعم الاقتصاد
وقال الشيباني في تغريدة على منصة “إكس”، إنه سيمثل بلده سوريا في زيارة رسمية هذا الأسبوع، إلى قطر والإمارات والأردن، مضيفاً أن الإدارة الجديدة، تتطلع إلى مساهمة هذه الزيارات، في دعم الاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي، وبناء شراكات متميزة.
وتأتي جولة الشيباني المرتقبة، بعد زيارة قام بها برفقة وزير وزير الدفاع مرهف أبو قصرة، ورئيس جهاز الاستخبارات أنس خطاب، إلى السعودية، وكانت الأولى خارج سوريا، منذ تسلّم الإدارة الجديدة إدارة البلاد، والتقى خلالها نظيره السعودي فيصل بن فرحان، وتم عقد اجتماعات مشتركة مع وزير الدفاع في المملكة الأمير خالد بن سلمان ومسؤولين سعوديين آخرين.
دعوة أردينة
في الأثناء، قالت وزارة الخارجية الأردنية، إن زيارة الشيباني إلى عمّان، تأتي بناءً على دعوة رسمية من نظيره أيمن الصفدي، مضيفة أن الوزيرين اتفقا على تنظيم وفد وزاري سوري، “قطاعي عسكري وأمني”، لبحث آليات التعاون في العديد من المجالات، تشمل الحدود والأمن والطاقة والنقل والمياه والتجارة وغيرها من القطاعات الحيوية.
وأوضحت الخارجية في بيان، أن الدعوة جرت خلال اتصال هاتفي أجراه الوزير أيمن الصفدي مع الشيباني، مشيرة إلى أن الوزير الأردني، شدد على وقوف الأردن الكامل مع سوريا والسوريين في هذه المرحلة، وإسناد الشعب السوري في عملية إعادة بناء البلاد، عبر عملية سياسية سورية-سورية يقودها السوريون.
ولفت الصفدي إلى أهمية العملية السياسية في بناء مستقبل مستقر، يضمن أمن سوريا ووحدتها وسيادتها، ويخلصها من الإرهاب، ويحفظ حقوق جميع السوريين.
من جهته، أكد الشيباني حرص بلاده على تطوير علاقاتها الأخوية مع الأردن وتعزيزها في كل المجالات، كما ثمّن وقوف المملكة مع سوريا في هذه المرحلة الدقيقة، حسبما جاء في البيان.
وكان الصفدي قد زار سوريا قبل نحو أسبوعين، والتقى مع قائد الإدارة السياسية الجديدة في سوريا أحمد الشرع، حيث أكد وقوف الأردن الكامل مع سوريا، موضحاً أن العاهل الأردني عبد الله الثاني وجّه بتقديم كافة أنواع الدعم الذي يحتاجه السوريون في هذه المرحلة.
أذربيجان تفتح سفاراتها
في غضون ذلك، أعلن نائب وزير الخارجية الأذربيجانية يارجين رفيعيف، إعادة فتح سفارة بلاده في دمشق، بعد 12 عاماً على الانقطاع. وكان المسؤول الأذربيجاني قد التقى الشيباني في دمشق، قبل أقل من أسبوع، وأكد له دعم باكو للإدارة الجديدة.
من جهتها، أعلنت تشيكيا استئناف العمل في سفارتها في العاصمة السورية دمشق، بعد نحو شهر على إغلاقها، نتيجة الظروف الأمنية التي ترافقت مع إسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
يًشار إلى أن تشيكيا لم توقف عمل بعثتها الدبلوماسية خلال الأعوام الـ13 الماضية، خلال الحرب في سوريا.
المدن
———————————–
الشرع يدعو ميقاتي لزيارة سوريا: “إجراءات للهدوء على الحدود“
الجمعة 2025/01/03
جرى اتصال هاتفي بين رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي وقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، تم خلاله مناقشة العلاقات الثنائية مع التركيز على الملفات الطارئة. تطرقت المناقشات إلى الوضع على الحدود بين البلدين، خاصة ما تعرض له الجيش اللبناني في منطقة البقاع مؤخرًا. أكد الشرع خلال الاتصال أن الأجهزة السورية المعنية اتخذت كافة الإجراءات اللازمة لإعادة الهدوء إلى الحدود ومنع تكرار الأحداث الأخيرة. وفي ختام الاتصال، دعا الشرع رئيس الحكومة اللبنانية لزيارة سوريا لبحث الملفات المشتركة وتعزيز العلاقات الثنائية، وفقًا لما أعلنته رئاسة الوزراء اللبنانية.
ويأتي هذا الاتصال في ضوء ما شهدته المعابر على الحدود اللبنانية السورية وما تردد عن إجراءات جديدة تنوي القيادة العسكرية السورية الجديدة اعتمادها لناحية تنظيم حركة الدخول والخروج إلى سوريا.
وصول الوفد السعودي والرئاسة
في تطور آخر، وصل مساء اليوم إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت مستشار وزير الخارجية السعودية للشؤون اللبنانية يزيد بن محمد آل سعود، يرافقه السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري. ومن المزمع أن يقوم الوفد السعودي بزيارات، بعيدا عن الإعلام، تشمل البطريرك الراعي، رئيس مجلس النواب نبيه بري، الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
وكما بات جليًّا فإن هذه الزيارة جاءت ضمن الجهود الإقليميّة للدفع نحو انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة وتحديدًا لتمتين المساعي السعوديّة والّتي هي عضو من أعضاء اللجنة الخماسيّة المكلفة متابعة الملف اللّبنانيّ.
جعجع يعارض ترشيح عون
وفي الوقت الذي تتكثّف فيه اللقاءات والاتصالات والمباحثات شهد ملف الرئاسة اللبنانية تحولات جديدة تشير إلى تراجع حظوظ قائد الجيش اللبناني جوزيف عون. حيث أعاد رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع التأكيد على موقفه من ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون، والذي كان قد أبلغه لوفد المعارضة الذي زاره ومفاده عدم الدفع قدماً باتجاه تأييد ترشيح عون للرئاسة. ورغم مكانة عون كقائد عسكري يحظى باحترام واسع وثقة من جهات متعددة داخل لبنان، إلا أن اسمه وكما بات واضحًا يواجه تحفظات داخل المعارضة وإن كانت لم تعلن رفضها لترشيحيه بعد حيث تحرص على تجنب أي تحركات قد تثير ردود فعل سلبية من القوى الإقليمية الكبرى مثل السعودية والولايات المتحدة الأمريكية.
—————————-
سمر كوكش: معتقلات تعرضن للتعذيب…حتى فقدن عقولهن!
السبت 2025/01/04
تحدثت الممثلة السورية والمعتقلة السابقة، سمر كوكش، في مقطع فيديو نشرته عبر وسائل التواصل، عن معاناة النساء المعتقلات في السجون السورية، مسلطة الضوء على ممارسات قمعية استهدفت طمس الحقائق وإخفاء الضحايا.
وكشفت كوكش عن مشاهداتها أثناء فترة اعتقالها في سجن عدرا المركزي، حيث كان النظام يقوم بإيداع نساء في السجن بزعم أنهن “مجنونات”، قبل نقلهن إلى مستشفيات الأمراض العقلية. وأوضحت كوكش أن هؤلاء النساء كنّ يحملن آثار تعذيب شديد ودماء على أجسادهن، ما يثير تساؤلات حول حقيقة وضعهن. وأكدت كوكش أن التعذيب الممنهج قد يكون السبب وراء تدهور حالتهن العقلية، مما دفع السلطات إلى تصنيفهن كمريضات عقلياً بهدف إخفاء آثار الانتهاكات التي تعرضن لها.
ودعت كوكش إلى تحقيق جاد ومستقل في مستشفيات الأمراض العقلية، مشيرة إلى احتمال وجود مخفيين قسراً بين نزلاء هذه المستشفيات، قد يكونون فقدوا ذاكرتهم أو قدرتهم على التعريف بأنفسهم نتيجة التعذيب.
بدورها قامت الممثلة يارا صبري، والتي تعد من أبرز الداعمين لملف المعتقلين والمخفيين قسراً في سوريا، بإعادة نشر شهادة كوكش، حيث تستخدم منصاتها الإعلامية والاجتماعية لتسليط الضوء على معاناة الضحايا وعائلاتهم.
ولدت الفنانة سمر كوكش العام 1972 في دمشق، ونشأت في عائلة فنية، والدها المخرج علاء الدين كوكش ووالدتها الممثلة ملك سكر. بعد تخرجها من المعهد العالي للفنون المسرحية، برزت في العديد من الأعمال الدرامية والمسرحية، إلى جانب عملها المتميز في دبلجة مسلسلات كرتونية شهيرة مثل “المحقق كونان”.
ونشطت كوكش في بداية الثورة السورية في تقديم مساعدات إنسانية للنازحين والمتضررين، خصوصاً النساء والأطفال، في مدينة دمشق. وشملت جهودها توفير الاحتياجات الأساسية، مثل الغذاء والملابس، وتسهيل الحصول على الرعاية الطبية للمحتاجين. أحد أبرز نشاطاتها كان مساعدة طفلة من منطقة المعضمية المحاصرة للخروج وتلقي العلاج الطبي الضروري. هذا العمل الإنساني أدى إلى اعتقالها في تشرين الثاني/نوفمبر 2013، حينما اتهمت بـ”تمويل الإرهاب”، وهي تهمة جاهزة كان النظام السابق يلصقها بأي شخص يساعد المتضررين من الحرب أو النازحين والمحاصرين.
وفي ظل الثورة السورية، تعرض عدد كبير من الفنانين السوريين للاعتقال والإخفاء القسري بسبب مواقفهم السياسية المعارضة للنظام، من بينهم مي سكاف وجلال الطويل وفارس الحلو وعبد الحكيم قطيفان ومحمد آل رشيد وسعد لوستان، وجميعهم أفرج عنهم لاحقاً وغادروا البلاد تحت التهديد. كما اعتُقل الممثل والمخرج المسرحي زكي كورديللو مع ابنه مهيمن، في آب/أغسطس 2012، وما زال مصيرهما مجهولاً حتى الآن.
وتجاوز عدد المخفيين قسراً منذ بداية الأزمة السورية العام 2011، الـ113 ألف شخص، معظمهم على يد النظام السوري، وفقاً للشبكة السورية لحقوق الإنسان. وتؤكد التقارير الحقوقية أن النظام عمد إلى تسجيل العديد من المختفين على أنهم متوفون في السجلات المدنية، في محاولة لإخفاء الجرائم المرتكبة بحقهم.
ووصفت منظمة العفو الدولية، هذه الممارسات، بأنها جرائم ضد الإنسانية، مطالبة المجتمع الدولي بتكثيف الجهود للضغط على النظام السابق للكشف عن مصير المعتقلين والمخفيين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات التي كان النظام ينكر وجودها ويؤكد أن سوريا تتعرض لـ”مؤامرة كونية”.
في ظل هذه الشهادات المؤلمة والأرقام الصادمة، تظل قضية المعتقلين والمخفيين قسراً في سوريا، إحدى أكثر القضايا إلحاحاً على المستويين الإنساني والسياسي. مع استمرار شهادات الناجين/ات والناشطين/ات، مثل سمر كوكش، يزداد الأمل في كشف الحقيقة ومحاسبة الجناة لتحقيق العدالة المنشودة.
————————–
إطلاق سراح كاتب “كسر عضم”…بعد يوم من الاعتقال
السبت 2025/01/04
عاد الكاتب الدرامي السوري، علي معين صالح، إلى منزله اليوم الجمعة، بعد اعتقاله لمدة يوم واحد في ظروف غامضة. وأُعلن إطلاق سراحه من خلال المخرجة رشا شربتجي في منشور لها في وسائل التواصل.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أفاد، في بيان سابق، بأن الاتصال مع الكاتب انقطع منذ يوم الخميس، بالتزامن مع حملة أمنية نفذتها السلطات السورية في أحياء عكرمة ووادي الذهب بمدينة حمص. وأشار المرصد إلى أن الحملة شملت اعتقالات مكثفة استهدفت عناصر سابقين في قوات النظام ومتهمين بارتكاب انتهاكات، إضافة إلى عمليات تفتيش واسعة للمنازل.
ورغم عدم إصدار أي تصريحات رسمية من السلطات، بشأن اعتقال صالح، أكدت مصادر محلية أنه شخصية مدنية مستقلة، معروفة بكتابة أعمال درامية تسلط الضوء على قضايا اجتماعية وسياسية مثيرة للجدل، أبرزها مسلسل “كسر عضم” الذي تناول قضايا حساسة عن الفساد والظلم.
وكانت المخرجة شربتجي قد أعربت في منشور سابق عن استيائها من توقيفه، مشيرة إلى أن صالح كان دائماً يدافع عن قضايا الشعب من خلال أعماله الدرامية وأنه كان من المعارضين للنظام السابق سراً وعلانية.
ويُعدّ صالح من الكتّاب الذين أثروا في الدراما السورية المعاصرة، إذ حظي مسلسله “كسر عضم” باهتمام كبير لتسليطه الضوء على قضايا الفساد والاستغلال خلال سنوات الحرب. وعلى الرغم من نجاح العمل، إلا أنه تعرض لانتقادات تمحورت حول تقديم صورة محسنة للنظام، وهو ما أثار نقاشات واسعة حول الرسائل التي تحملها الدراما السورية في الظروف الراهنة.
ويطرح إطلاق سراح علي معين صالح، تساؤلات حول دوافع اعتقاله المؤقت، لا سيما في ظل غياب أي تصريح رسمي من الجهات المعنية، ويعيد إلى الواجهة قضايا حرية التعبير ودور الفنانين في نقل معاناة الشعوب.
—————————–
وزير الخارجية السوري يزور قطر والإمارات والأردن
زيارات الشيباني المكثفة.. ماذا تريد دمشق من العرب؟
تحديث 04 كانون الثاني 2025
إيلاف من دمشق: يرى خبراء في السياسة أن ما يطمح إليه الشعب السوري هو “الابتعاد عن المحاور الإقليمية”، خاصة مع تركيا، مع ضرورة استعادة سوريا لـ “دورها داخل الحاضنة العربية”.
يعتقد المحلل الجيوسياسي الأردني، عامر السبايلة، في حديث لموقع “الحرة”، أن التحركات السورية الحالية تعكس “خطوات مدروسة” للعودة إلى “الحضن العربي”، وتجاوز تأثير القوى الدولية، مما قد يمهد الطريق لتأهيل علاقاتها على المستويين الإقليمي والدولي.
ويشير مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أهمية “دفع العواصم العربية لدمشق نحو توازن أكبر في علاقاتها الإقليمية لتجنب هيمنة أي طرف خارجي”.
وبعد أن شهدت دمشق زيارات من وفود وزراء خارجية عرب، بدأ وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، سلسلة زيارات أولى محطاتها كات السعودية.
وأعلن الوزير السوري، الجمعة، عزمه إجراء زيارات رسمية إلى دول قطر والإمارات والأردن، لبحث العلاقات الثنائية.
وقال الشيباني في منشور عبر حسابه على منصة إكس إن دمشق تتطلع إلى مساهمة هذه الزيارات في “دعم الاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي وبناء شراكات متميزة”.
“الحضن العربي”
يقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، إن على سوريا أن “تعود إلى الحاضنة العربية، وهذا ما على العواصم العربية أن تسعى إليه، وبهذا ستدفع بدمشق للتعامل بتوازن مع أنقرة، إذ لا نريد العودة إلى عهد الخلافة العثمانية”.
المحلل الجيوسياسي الأردني، عامر السبايلة يقرأ هذه الزيارات أنها ضمن محاولة دمشق للعودة إلى “الحضن العربي”، وأن الإدارة الجديدة تريد “تجاوز الأخطاء السابقة” عندما كانت قوى دولية هي التي تؤثر على مجريات الأمور داخل سوريا.
ويقول إن ما تفعله الإدارة السورية حتى الآن يشير إلى أنها “تسير بخطوات عملية” لإعادة تأهيل علاقاتها مع الدول العربية، الأمر الذي قد يدعم تأهيل علاقاتها مع المجتمع الدولي.
وبعيد وصول الشيباني إلى الرياض الأربعاء، كتب على حسابه في منصة إكس “من خلال هذه الزيارة الأولى في تاريخ سوريا الحرة، نطمح إلى أن نفتح صفحة جديدة ومشرقة في العلاقات السورية السعودية تليق بالتاريخ العريق المشترك بين البلدين”.
وقطعت السعودية، على غرار دول خليجية أخرى، علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وأغلقت سفارتها في فبراير 2012، احتجاجا على استخدام دمشق القوة في قمع احتجاجات شعبية اندلعت العام 2011 وسرعان ما تحولت إلى نزاع دام.
وقدمت السعودية إلى جانب قطر ودول عربية أخرى، خصوصا في السنوات الأولى للنزاع، دعما للمعارضة السياسية والمسلحة، ودعت إلى ضرورة تغيير النظام في سوريا.
لكن تغييرا طرأ على العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة، وعادت الزيارات واللقاءات بين مسؤولي دمشق والرياض في هد نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد.
أبرز الملفات
وبعد أن كانت بعض العواصم العربية تنظر إلى الإدارة السورية باعتبار أن هيئة تحرير الشام تتزعمها، وأنها قد تمثل تهديدا أمنيا، تريد الإدارة الجديدة بحث الملفات الأمنية، وتوجيه رسائل طمأنة وبناء الثقة وتحسين العلاقات، على ما أفاد به السبايلة.
وأضاف أن دمشق تريد تعزيز ملفات التعاون الاقتصادي، لتحسين الأوضاع في البلد الذي تم تدمير اقتصاده على مدار سنوات بسبب الحرب.
وتتطلع الإدارة السورية الجديدة إلى جذب استثمارات من الدول الخليجية للمساعدة في إعادة الإعمار بعد أكثر من عقد على الحرب وتعزيز اقتصاد البلاد المنهك.
ومن الواضح أن السعودية تريد التحرك بشكل أسرع نحو دمشق، بحسب السبايلة، فهي لا تريد إعطاء الفرصة لإعادة تشكل محاور لقوى إقليمية تريد موطئ قدم لها في سوريا مثل إيران.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، ترأّس الشيباني وفدا سوريا رفيع المستوى إلى الرياض ضمّ وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات العامة أنس خطاب.
وكانت هذه أول زيارة رسمية للسلطات الجديدة في دمشق إلى الخارج بعد إطاحة حكم بشار الأسد.
ويقول عبد الرحمن إن إعادة بناء سوريا تحتاج إلى مشاركة جميع الفئات المختلفة والطوائف المتعددة في سوريا، ويجب أن يكون للدول العربية دورا هاما في تعزيز هذا الحوار السوري-السوري، ومساعدة الشعب، وليس مساعدات فئات سياسية أو جهات محددة فقط.
والشهر الماضي، التقى وفد سعودي رفيع قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق، وفق ما أفادت مصادر مقربة من الحكومة السعودية لوكالة فرانس برس.
ويترأس الشرع هيئة تحرير الشام التي قادت هجوم فصائل المعارضة الذي أطاح بالأسد في الثامن من ديسمبر.
وقال أحمد الشرع المعروف سابقا باسم أبو محمد الجولاني في مقابلة مع محطة العربية السعودية بثت الأسبوع الماضي “بالتأكيد السعودية سيكون لها دور كبير في مستقبل سوريا. الحالة التنموية التي نسعى إليها أيضا سيكونون السعوديون أيضا شركاء فيها”.
—————————-
بعد إمتناع أحمد الشرع عن مصافحة وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك تنهي جدل “المصافحة”: لم أكن أتوقع من الشرع مصافحتي
تحديث 04 كانون الثاني 2025
إيلاف من دمشق: في أول تعليق لها على جدل “المصافحة” مع أحمد الشرع، أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أنها لم تكن تتوقع أن يصافحها مسؤولو الإدارة الجديدة في سوريا خلال زيارتها لدمشق.
وأنهت بيربوك بهذا التعليق جدلا وسعا كان قد أثير خلال الساعات الماضية بعد انتشار مقطع فيديو ظهر من خلاله قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع وهو يقوم بمصافحة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل ويمتنع عن مصافحة الوزيرة الألمانية التي لم تبادر بدورها للقيام بذلك.
كما وثق مقطع فيديو آخر امتناع مسؤولين في الإدارة السورية الجديدة عن مصافحة بيربوك خلال استقبالها في مطار دمشق.
وقالت أنالينا بيربوك، إنه ومع وصولها إلى العاصمة دمشق كان واضحا أن لقاءها بالمسؤوليين السوريين الجدد سيخلوا من مصافحات اليد المعتادة في مثل هذه اللقاءات الدبلوماسية.
وأضافت المسؤولة الألمانية “كان من الواضح لي أنه لن تكون هناك مصافحة عادية هنا”.
وقد سافرت بيربوك، مع نظيرها الفرنسي جان نويل بارو إلى سوريا أمس الجمعة بالنيابة عن الاتحاد الأوروبي.
وأكدت وزيرة الخارجية الألمانية خلال هذه الزيارة أن الاتحاد الأوروبي سيراقب عن كثب تطور العملية السياسية في سوريا وسيقف إلى جانب البلاد إذا تحركت نحو مستقبل سلمي ومنفتح، إلأ أنه لن يدعم أسلمة سوريا.
وقالت في تصريح صحفي، إن انطباعها الأول تمثل في وجود مجتمع منقسم، فمن ناحية، هناك أمل في الحرية بعد سنوات الحرب الأهلية والتعذيب والقمع. ومن ناحية أخرى، يشعر الكثيرون بالقلق من أن الآمال قد تتبدد بالنسبة للنساء والأقليات الدينية والعرقية.
وكشفت بيربوك أنه في نهاية المناقشات، كان الحكام السوريون الجدد قد أكدوا بشكل قاطع أنهم يفهمون ذلك ويريدون النظر في مسألة مشاركة المرأة.
———————–
آمال بـ”تحقيق الانتقال السلمي للسلطة“
زيارة أوروبية تاريخية إلى دمشق: هل تفتح صفحة جديدة؟
بي. بي. سي.
تحديث 04 كانون الثاني 2025
أكّد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك الجمعة ضرورة تحقيق انتقال سلمي وجامع للسلطة في سوريا، خلال أوّل زيارة لمسؤولين غربيين على هذا المستوى إلى دمشق منذ سقوط الرئيس بشار الأسد، التقيا خلالها قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع.
واستقبل الأخير في قصر الشعب بدمشق، الوزيرين اللذين يقومان بهذه الزيارة بتفويض من الاتحاد الأوروبي.
وكتب الوزير الفرنسي في منشور على إكس الجمعة “معا، فرنسا وألمانيا، نقف إلى جانب السوريين، في كلّ أطيافهم”. وأضاف أن البلدين يريدان “تعزيز انتقال سلمي وفعال لخدمة السوريين ومن أجل استقرار المنطقة”.
أكدت بيربوك في بيان قبيل وصولها أن “زيارتي اليوم، مع نظيري الفرنسي وباسم الاتحاد الأوروبي، هي رسالة واضحة موجهة إلى السوريين: إن بداية سياسية جديدة بين أوروبا وسوريا، وبين ألمانيا وسوريا، ممكنة”.
وأضافت “بهذه اليد الممدودة، ولكن أيضا مع توقعات واضحة من القادة الجدد، نتوجه اليوم إلى دمشق”.
وتابعت الوزيرة “نريد دعمهم في هذا المجال: في انتقال سلمي وشامل للسلطة، وفي مصالحة المجتمع، وفي إعادة الإعمار”، مؤكدة “سنستمر في الحكم على هيئة تحرير الشام بناء على أفعالها…على الرغم من شكوكنا”.
كتبت من جهتها مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي كايا كالاس في منشور على موقع إكس “اليوم بارو وبيربوك في دمشق، ممثلين عن الاتحاد الأوروبي وبالنيابة عني”.
وأضافت “رسالتنا إلى القيادة الجديدة في سوريا: احترام المبادئ المتفق عليها مع الجهات الإقليمية وضمان حماية جميع المدنيين والأقليات أمر في غاية الأهمية”.
ولدى وصولها دمشق، نشرت الخارجية الألمانية بياناً على لسان الوزيرة بيربوك، مؤكدة أن الزيارة مع نظيرها الفرنسي جاءت “نيابةً عن الاتحاد الأوروبي، وهي إشارة واضحة على أن بداية سياسية جديدة بين أوروبا وسوريا، وبين ألمانيا وسوريا، أمر ممكن”.
وجاء في البيان: “أحدثت عقود من القمع والفظائع التي ارتكبها نظام الأسد والحرب الأهلية الرهيبة التي خاضها جروحا هائلة بملايين الأشخاص في سوريا. لقد أصيب بلد بأكمله بندوب بسبب هذا، وفي الوقت نفسه، يستمد الآن أملا مشروعًا في أن المستقبل سيكون أفضل”.
تابع البيان: “انتهى الفصل المؤلم من نظام الأسد. لقد بدأ فصل جديد، لكنه لم يُكتب بعد. ففي هذه اللحظة لدى السوريين الفرصة لأخذ مصير دولتهم بأيديهم مرة أخرى”.
Jahrzehnte der Unterdrückung, der Gräuel des Assad-Regimes und sein furchtbarer Bürgerkrieg haben enorme Wunden bei Millionen Menschen in Syrien geschlagen. Ein ganzes Land ist davon gezeichnet – und schöpft gleichzeitig nun berechtigte Hoffnung, dass die Zukunft besser wird. 1/5
— Außenministerin Annalena Baerbock (@ABaerbock) January 3, 2025
أعرب وزير الخارجية الفرنسي من دمشق، عن أمله بأن تكون سوريا “ذات سيادة ومستقرة وهادئة”. وقال بارو من السفارة الفرنسية في دمشق، وفقا لفرانس برس: “قبل أقل من شهر، بزغ أمل جديد بفضل تعبئة السوريات والسوريين. أمل في سوريا ذات سيادة، مستقرة وهادئة”، مضيفا أنه “أمل حقيقي، لكنه هش”.
بدأ بارو زيارته بلقاء الزعماء الروحيين للطوائف المسيحية، القلقة من وصول حركة ذات توجه إسلامي إلى السلطة، رغم التطمينات التي أصدرتها الحكومة المؤقتة بشأن الأقليات.
وزار الوزيران سجن صيدنايا الواقع في محيط العاصمة، الذي شكّل رمزاً لقمع السلطات خلال فترة حكم بشار الأسد، قبل أن يلتقيا الشرع، حسب وكالة فرانس برس.
وأفادت وكالة فرانس برس بأن بارو أعرب عن أمله في أن تصبح سوريا “دولة ذات سيادة ومستقرة وهادئة”، مشيراً إلى أن “هذا الأمل حقيقي، لكنه هش”.
كما أكد دعم فرنسا لـ “تطلعات الشعب السوري نحو انتقال سياسي سلمي”.
نقلت وسائل إعلام سورية أن بارو التقى قادة الكنائس المسيحية السورية خلال زيارته إلى دمشق. وأعلن بارو من دمشق عن عودة “بعثتنا الدبلوماسية قريباً إلى سوريا”.
دعت وزيرة الخارجية الالمانية أنالينا بيربوك إلى بذل جهود دولية لتقديم من سمتهم بالجناة إلى العدالة. جاء ذلك خلال زيارة لها إلى سجن صيدنايا قرب العاصمة دمشق برفقة نظيرها الفرنسي جان نويل بارو نيابة عن الاتحاد الأوروبي وتم إطلاعهما على الظروف هناك من قبل ممثلي منظمة الحماية المدنية السورية -الخوذ البيضاء.
وشددت على أن ألمانيا تريد أن تدعم السوريين “في انتقال شامل وسلمي للسلطة، وفي المصالحة بين أفراد المجتمع، وفي عملية التعافي، بالإضافة إلى المساعدات الإنسانية التي لم نتوقف عن تقديمها طوال هذه السنوات”.
وقالت بيربوك إن ألمانيا وأوروبا دعمتا جهات مثل الخوذ البيضاء والأمم المتحدة في جمع الأدلة في السنوات الأخيرة من أجل ضمان العدالة والتحقيق فيما سمتها بالجرائم الرهيبة مشددة على أنهم هنا لهذا السبب وللتوضيح للسوريين أنهم يفقون إلى جانبهم في هذا الامر.
وجال الوزيران في إطار زيارتها، في سجن صيدنايا الذي يشكّل رمزا لقمع السلطات خلال فترة حكم الأسد، بمرافقة عناصر من “الخوذ البيضاء”، حيث تفقدا الزنزانات وأقبية في السجن حيث كانت ظروف الاعتقال غير إنسانية وقُتل فيه العديد من المحتجزين تحت التعذيب، بحسب حقوقيين.
وتقدّر رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا أن قوات المعارضة حررت أكثر من 4000 سجين، وهي تقدر أن أكثر من 30 ألف سجين أعدموا أو قضوا تحت التعذيب أو من قلّة الرعاية أو الطعام في صيدنايا بين عامَي 2011 و2018.
وتعهّد الشرع الذي يواجه تحدّي إعادة توحيد البلاد، حلّ كل الفصائل المسلحة من بينها هيئة تحرير الشام.
وأعلن نيته عقد مؤتمر للحوار الوطني لم يحدّد موعده ولا هوية المشاركين فيه، بينما قال إن إجراء انتخابات في البلاد قد يتطلب “أربع سنوات”.
ودعا الشرع مراراً إلى رفع العقوبات التي فرضت على بلاده إبان حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، بعد 13 عاماً من نزاع تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وقسّم البلاد وأضعفها.
ويتولى الشرع الإدارة الجديدة منذ أطاح تحالف بقيادة هيئة تحرير الشام ذات التوجه الإسلامي التي يتزعمها، بحكم الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر.
————————
الإدارة السورية الجديدة… بين اكتساب الشرعية والتحديات الداخلية والخارجية
4 يناير 2025 م
يوماً بعد يوم يزداد الحراك الدبلوماسي الذي تشهده سوريا بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، مع تقاطر الوفود العربية والأجنبية إلى دمشق للقاء مسؤولي الإدارة الجديدة، وهو ما يضفي عليها نوعاً من الشرعية.
وزراء خارجية ودبلوماسيون ومسؤولون رفيعو المستوى ذهبوا إلى سوريا ما بعد الأسد بأسباب وتوجهات مختلفة، ولكن تلك الزيارات في حد ذاتها تمثل اعترافاً ضمنياً بالإدارة الموجودة حالياً وهو ما يشكل قوة دفع لها.
ويرى مراقبون أن إكساب الشرعية لتلك الإدارة يمثل فرصة جيدة لها لتثبيت أركانها، ربما لم تتوفر في حالات سابقة كثيرة أطيح فيها بأنظمة حاكمة، وكانت الإجراءات العقابية، مثل تعليق العضويات في منظمات دولية حاضرة، بدلاً من الاعتراف بالحكام الجدد.
لكن ربما يفسر البعض ازدواجية المعايير في التعامل مع حالات مماثلة لكون نظام حكم الأسد لم يكن يحظى بقبول معظم اللاعبين المؤثرين على الساحة الدولية، في حين يذهب فريق آخر لكون تغيير أنظمة الحكم في معظم الأحيان يجري عبر تحركات من المؤسسات العسكرية، ولكن المفارقة مع النموذج السوري هي أن من أطاح بنظام الأسد فصائل مسلحة تضم في صفوفها أجانب، وفي مقدمتها «هيئة تحرير الشام».
تحديات الإدارة الانتقالية
رأت مجلة «فورين أفيرز» الأميركية أن السقوط المفاجئ والصادم لنظام الأسد على يد «هيئة تحرير الشام» أثار ابتهاج السوريين الذين عانوا 13 عاماً من ويلات الحرب الأهلية وعقوداً أخرى من الحكم القمعي، لكنها ألقت الضوء على التحديات التي ربما تواجه الإدارة الانتقالية.
وذكرت المجلة أنه «مع تبلور حكومة جديدة في دمشق، يشعر السوريون والمراقبون الأجانب على حد سواء بالقلق بشأن مدى شموليتها وتمثيلها».
وتابعت: «هناك مخاوف من أن التوترات التي لم يتم حلها بين الجماعات العرقية والدينية في سوريا يمكن أن تعرقل جهود أحمد الشرع (قائد الإدارة الجديدة) لتوحيد البلاد وتوطيد حكمه».
واعتبرت «فورين أفيرز» أن الخيارات التي ستتخذها الولايات المتحدة على المدى القريب «ستؤثر على قدرة الإدارة الجديدة على بسط سلطتها بجميع أنحاء سوريا وإعادة الإعمار».
وأشارت المجلة إلى أن «هناك أسباباً تدعو إلى منح القادة الجدد في سوريا ميزة الشك. أحدها الحالة المزرية للبلد الذي مزقته الحرب: فأكثر من 70 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي لسوريا من 60 مليار دولار إلى 10 مليارات دولار منذ عام 2011، ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة إعادة الإعمار 400 مليار دولار».
ومضت المجلة تقول إن قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع «أثبت أيضاً قدرته على التكيف مع الظروف الجديدة، فبعد استيلائه على محافظة إدلب السورية عام 2017، مضى في بناء دولة أولية من الصفر، وطرد العديد من المقاتلين الأجانب من (هيئة تحرير الشام) لتبني أجندة وطنية سورية. وتبرأ من الطموحات السابقة… الأمر الذي مكن (هيئة تحرير الشام) من الزحف نحو دمشق في نهاية المطاف. كما تواصل الشرع مع المجتمعات المسيحية والدرزية الصغيرة… وتبنى تعليم المرأة، وفتح الباب أمام المساعدات الإنسانية من الدول الغربية والمنظمات غير الحكومية».
الموقف الأميركي… و«دولة موحدة»
لعل الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لواشنطن هو أن أهداف الولايات المتحدة في سوريا تحققت إلى حد كبير، فحكم الأسد انتهى وانسحبت القوات الإيرانية والروسية من البلاد، بحسب المجلة التي رأت في التغيير الذي شهدته سوريا خسارة كبيرة بالنسبة لإيران، على وجه الخصوص، وقالت إن «خسارة حكومة صديقة في سوريا تشكل ضربة كبيرة، فقد خسرت طهران طريقها الرئيس لنقل الأسلحة إلى (حزب الله) في لبنان، وبالتالي خسرت طريقها لإعادة بناء (محور المقاومة) الذي أضعفته بشدة».
وعددت المجلة الأسباب التي ربما تفسر موقف واشنطن وعدم حاجتها إلى الإبقاء على وجودها العسكري أو العقوبات الساحقة التي كانت تهدف في البداية إلى إضعاف نظام الأسد، فتحدثت عن إلحاق القوات الأميركية وما تسمى بقوات سوريا الديمقراطية (قسد) الكردية المدعومة من الولايات المتحدة أضراراً بالغة بتنظيم «داعش» في شمال سوريا.
وفي ظل مخاوف وجدل أثارته قرارات وتصريحات لمسؤولين في الإدارة الجديدة في سوريا خلال أسابيع قليلة من توليها زمام الأمور، رأت المجلة الأميركية أن أفضل سيناريو لسوريا الجديدة وجيرانها هو قيام «دولة موحدة ومتماسكة يمكنها التفاوض على اتفاقات دبلوماسية تعزز الاستقرار الإقليمي على المدى الطويل».
وحذرت من أن البديل هو «سوريا ضعيفة ومنقسمة ومعرضة للصراع، وهي نتيجة قد تتطلب وجوداً عسكرياً أميركياً طويل الأمد ومكلفاً بشكل متزايد في المنطقة، وتخلق مشكلات لتركيا (حليفة الولايات المتحدة)، وتعرض عملية إعادة البناء الحساسة في العراق للخطر، وينجم عنها موجة أخرى من الهجرة السورية».
ورأت أنه لتجنب هذا السيناريو «ينبغي على الولايات المتحدة أن تمنح الحكومة السورية الجديدة فرصة، وعليها أن تسحب قواتها من البلاد، مما يسمح لدمشق باستعادة السيطرة على المحافظات الزراعية والغنية بالنفط في شمال شرقي سوريا. ومع ذلك، تحتاج واشنطن أولاً إلى ضمانات بأن لدى الشرع (هيئة تحرير الشام) القدرة والإرادة لإبقاء (داعش) تحت السيطرة، وأن الحكومة الجديدة ستضمن سلامة أكراد سوريا ودمجهم، وإذا لزم الأمر تنأى بنفسها عن أنقرة للقيام بذلك».
وقالت المجلة إن رفع الولايات المتحدة العقوبات المفروضة «سيسمح بالاستثمار الأجنبي في سوريا ويتيح للحكومة الوصول إلى النظام المصرفي الدولي».
ويرى محللون أنه يتعين الآن على الشرع ورجاله استغلال الفرصة وإثبات أنهم خرجوا من عباءة التنظيمات المسلحة إلى آفاق أرحب لبناء دولة جديدة تتسع لجميع مكوناتها، وعدم السماح لتضارب المصالح بإدخال سوريا في دوامة جديدة ربما تكون أشد وطأة مما شهدته خلال السنوات الماضية.
الشرق الأوسط
————————
سوريون ما بعد بشار.. كأنهم خرجوا من القبر ضاحكين/ محمد خير موسى
4/1/2025
دمشق– أول ما يلفت انتباهك وأنت تدخل دمشق، ليس أبنيتها الجميلة ولا بنيتها التحتية التي تردت على مدى 54 سنة من الحكم الاستبدادي الذي عاشته تحت حكم عائلة الأسد، بل ناسها ووجوههم المتعبة، والإنهاك الذي يعلو سيماهم، لكنهم مع ذلك يضحكون من أعماق قلوبهم، فتشعر كأنهم خرجوا من القبر ضاحكين.
هؤلاء الناس كانوا لعقود معتقلين أو في حكم المعتقلين، لذلك إلى الآن فإن كل من التقيناهم في دمشق يظنون أنهم في حلم ولا يصدقون أنهم في يقظة، فتركب معهم في سياراتهم أو تسير في الأسواق، فتراهم كأنهم خرجوا من الأجداث مسرعين، يبحثون عن بقية حياة يتشبثون بها.
كان يوم الأربعاء الماضي عطلة في سوريا احتفالا بأعياد الميلاد، وكان في ذلك رسالة طمأنينة من القيادة الجديدة بإعطاء التنوع الحضاري والديني حقه. يومها سرت في شوارع دمشق، وصعدت جبل قاسيون صباحا، فلم أجد موطئ قدم. كان الناس كأنهم يتسابقون إلى هذه القمة التي حرموا منها 14 عاما، إذ كانت مربضا للمدافع التي تقصف غوطة دمشق.
مهرجان كبير
كان الآلاف على قمة جبل قاسيون، مجموعة منهم ترقص حول مكبر صوت وتغني معه، وأخرى تدبك، وثالثة تطلق الأهازيج.. ولاحظنا وجود الفنانين يارا صبري وزوجها ماهر صليبي ووالدها سليم صبري، والناس يتسابقون إليهم لالتقاط الصور معهم، وهم المعروفون بمعارضتهم لآل الأسد منذ بداية الثورة.
وفي الأفق، كانت ترفرف أعلام الثورة السورية، أعلام سوريا الجديدة، وتردد في الأجواء أهازيجها، وتسمع من بعيد صوت عبد الباسط الساروت (أحد أبرز منشدي الثورة)، كل هذا ينبيك عن حياة جديدة، انبعث بها هذا الشعب المنهك.
كان الناس يضحكون من أعماق قلوبهم، لكن وجوههم متعبة، مثل وجه دمشق المنهك الذي يفيض جمالا ورونقا.
في دمشق -مثل كثير من مدننا- يعد سائق سيارة الأجرة من أهم مقاييس استقاء الرأي العام السائد، وكذلك كان سائقنا أمجد الذي سألناه “كيف تلقيت خبر سقوط النظام؟”، فأجاب “لم أصدق طبعا، عند سمعت الخبر أول الأمر هربت إلى بيتي وأغلقت الباب على نفسي 3 أيام كاملة”.
وتابع يقول “أنا أعرف هذا النظام، إنه لا يسقط بسهولة بل سيرتكب المجازر الكبيرة، كما أنني لا أعرف القادمين الجدد، وبعد 3 أيام، خرجت خائفا أترقب، وقد صدمت عندما وجدت البلدة تعيش حياة طبيعية، بل شعرت أنني ولدت من جديد”.
وفي الليلة التالية، ركبنا مع محمد، وسألناه عن الخبر أيضا، فقال: “كنت مجندا إجباريا، وكانت مهمتي قيادة السيارة، ولم أكن قد قضيت من الخدمة الإلزامية غير سنة واحدة، ولما سمعت بسقوط النظام..”. وهنا قاطعته ممازحا: “لا شك أنك غيّرت ثيابك وألقيت سلاحك وهربت”. فقال: “بل ألقيت السيارة كلها بما فيها وركضت إلى البيت، وهناك بكيت كثيرا، بكيت من الفرح كأني بدأت الحياة من جديد”.
وفي يوم آخر ركبنا مع سائق آخر يدعى رامي، فقال لي إن ابنه طلب منه -بعد 3 أيام من سقوط النظام وهروب بشار الأسد– أن نذهب لأصوره عند تمثال حافظ الأسد الذي حطمه الشعب، فقلت له “اصبر قليلا، أخشى أن يكون كل ما نعيشه مقلبا أو كاميرا خفية”.
بكاء الفرح
أما الملتاعون بالفقد، فلم تخلُ مشاعرهم من غصة، وبين هؤلاء أمجد الذي قال “أنا درزي من السويداء، كنت أتمنى أن يعيش والدي لحظة سقوط النظام، وقد بكيت طويلا لأنه كان يتمنى أن يرى قبر حافظ الأسد وهو يحترق، فلطالما سمعته يدعو عليه (الله يحرق قبرك) من شدة ما آذاه وعذبه في المعتقل”.
ويتابع: “بكيت كثيرا، لم أدر يومها لماذا بكيت، أبكيت فرحا أم بكيت حزنا على والدي”.
توجهنا بالسيارة إلى المسجد الأموي، ولك أن تتخيل محاولة الوصول إليه من جانب سور قلعة دمشق بالسيارة في أسواق العاصمة المزدحمة. هناك علقنا نحو 4 ساعات في مسافة كيلومترين فقط، وعندما يئسنا من الوصول، تركنا السيارة وأكملنا الطريق سيرا على الأقدام.
فكأن الدمشقيين كانوا مقيدين بالسلاسل، وما إن تحرروا منها حتى انطلقوا يجوبون شوارع المدينة وساحاتها وأسواقها التي غصّت بهم، وازدانت بوجوههم السعيدة، لكنه جمال مكسوّ بالإرهاق، جمال الولادة الجديدة، تغمرها السعادة المفعمة بفرح نابع من القلب رغم التعب.
عودة الحياة إلى سوق الحميدية بالعاصمة دمشق (وكالة الأناضول)
وأكثر ما يمتنّ له أهل دمشق ويحمدون الله عليه أن مدينتهم تحررت دون دماء، ولعل هذا من أهم ما ميّزها، إذ إن قوات إدارة العمليات العسكرية حرصت عند دخول المدينة على تجنّب إراقة الدماء، فدخلت فروع الأمن وأمّنت من بقي فيها من عناصر النظام وجنوده، وأمّنت مؤسسات الدولة، وحمت بذلك الأهالي من أكبر مخاوفهم، وهو وقوع المجازر أو التدمير الانتقامي أثناء انسحاب قوات جيش النظام، ولا سيما قوات الفرقة الرابعة أو قوات الحرس الجمهوري.
لكن بات واضحا أن همّ قوات النظام كان النجاة بنفسها فقط إن استطاعت، فما أصابها من صدمة وصول فصائل الثوار إلى دمشق أذهلها عن كل رغبة في الانتقام، بل سارع الجنود إلى إلقاء أسلحتهم في الطرقات وحاويات القمامة، وخلع ملابسهم والفرار بأرواحهم.
وقد تعامل أهالي دمشق مع هذه الأسلحة بمسؤولية كبيرة. وقال لي شاب اسمه محمد، “عندما فرّت قوات النظام من منطقتنا كنت أول الواصلين إلى مستودع سلاح، ولما فتحته فإذا هو مليء بالأسلحة من البنادق والرشاشات والمسدسات وغيرها، ومعها ذخائر كثيرة جدا. فدعوت مجموعة من شباب الحي الذين أثق بهم، وأغلقنا المستودع وحرسناه إلى أن وصلت قوات إدارة العمليات العسكرية، فسلمناها هذا المستودع كاملا دون أن نأخذ منه قطعة سلاح واحدة”.
ويشعر الدمشقي، كغيره من السوريين، كأنه وُلد من جديد بعد الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، ويعيش حياة جديدة. فربما تكون قد أنهكته سنوات الحرب، والبرد والجوع، لكن ما أهلكه فوق ذلك كله هو الظلم والخوف.
وحتى الآن يقول بعض الشباب إنهم ما زالوا يلتفتون عند الحديث ويخفضون أصواتهم “لأننا تعودنا على هذا على مدى عقود، وما زلنا بحاجة إلى مزيد من الوقت حتى نتحرر تماما”.
ورغم الإرهاق الذي يعلو الوجوه والإنهاك الذي يثقل الكواهل، ترتسم البسمة على وجوه الدمشقيين، وتخفق أفئدتهم السعيدة فرحا يتردد صداه مع زقزقات الدوري في أجواء العاصمة العريقة.
المصدر : الجزيرة
—————————-
سوريا تعتزم تقنين البيتكوين وإصدار عملة رقمية
تصميم داخلي سوريا تعتزم تقنين البيتكوين وإصدار عملة رقمية الجزيرة
4/1/2025
تعتزم الحكومة السورية الانتقالية وضع إطار قانوني للتعامل مع العملات المشفرة. وبحسب الخطة التي وضعها المركز السوري للبحوث الاقتصادية (بحثي مستقل) فإنها تشمل أيضا إمكانية إصدار مصرف سوريا المركزي عملة رقمية خاصة باستخدام تقنية بلوك تشين، وتعتمد الخطة على دعم استقرار العملة الرقمية السورية بأصول متنوعة تشمل الدولار والذهب والعملة المشفرة بيتكوين.
وتعتمد خطة المركز السوري على استغلال موارد الطاقة غير المستغلة لتعدين العملات المشفرة مع التركيز على الاستدامة البيئية ومنع الاحتكار.
وبلوك تشين، أو سلسلة الكتل، تقنية لامركزية لتسجيل المعاملات بطريقة آمنة وشفافة، وتُستخدم في أساس العملات الرقمية، ولكنها تمتلك إمكانات هائلة تتجاوز نطاق العملات الرقمية.
وتفيد تقارير إخبارية أن تقنين استخدام البيتكوين يمكن أن يفتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية، ويسهل تحويلات المغتربين السوريين.
مصرف سوريا المركزي يعتزم إصدار عملة رقمية خاصة باستخدام تقنية بلوك تشين (الفرنسية)
ويتماشى هذا التوجه مع اتجاه عالمي أوسع لاستكشاف البيتكوين كمثبت مالي، فقد ناقشت سويسرا مؤخرا إضافة هذه العملة المشفرة إلى احتياطياتها الوطنية، في حين اقترح المشرعون الروس بناء احتياطيات إستراتيجية من البيتكوين لمواجهة العقوبات.
كما وعد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بتقنين وتوسيع التعامل بالبيتكوين والعملات المشفرة. وأفادت تقارير حديثة أن فريق ترامب يجري مناقشات مع قطاع الأصول الرقمية بشأن إنشاء منصب جديد في البيت الأبيض مخصص فقط لسياسات العملات المشفرة.
وتسلط هذه الأمثلة الضوء على الاعتراف المتزايد بإمكانية العملة المشفرة لإعادة تشكيل الاقتصادات الوطنية.
المصدر : الجزيرة
————
وزير الدفاع السوري يبدأ مباحثات لدمج الفصائل وحملة التمشيط تتواصل بحمص
وزارة الدفاع السورية تبدأ بعقد الجلسات التنظيمية مع القيادات العسكرية للبدء بعملية انخراط الفصائل في الوزارة وكالة سانا السورية للأنباء
4/1/2025
بدأت وزارة الدفاع في حكومة تصريف الأعمال السورية عقد ما وصفتها بالجلسات التنظيمية مع القيادات العسكرية للبدء بعملية انخراط الفصائل في الوزارة، في حين تواصل إدارة العمليات العسكرية تنفيذ حملة أمنية لملاحقة فلول النظام السابق في حمص وسط البلاد.
ونشرت وكالة الأنباء السورية (سانا) صورا تظهر اجتماع وزير الدفاع بحكومة تصريف الأعمال اللواء مرهف أبو قصرة مع عدد من قادة الفصائل المسلحة، أمس الجمعة واليوم السبت.
وقال مراسل الجزيرة عمر الحاج إن المناقشات تتعلق ببحث هياكل المؤسسة العسكرية الجديدة، والضباط المرشحين لعضوية هيئة الأركان -التي لم يعين قائدها بعد- ومن المرجح أن تعقد اجتماعات أخرى تباعا.
وأشار مراسل الجزيرة إلى أن هناك توافقا بين الفصائل التي شاركت في الإطاحة بنظام بشار الأسد، على أن تحل نفسها حالما يتم الاتفاق على هيكلية المؤسسة العسكرية الجديدة.
وزارة الدفاع السورية تواصل عقد الجلسات التنظيمية مع القيادات العسكرية للبدء بعملية انخراط الفصائل في وزارة الدفاع.#سانا pic.twitter.com/7ux9TRsAYZ
— الوكالة العربية السورية للأنباء – سانا (@SanaAjel) January 4, 2025
وكانت إدارة العمليات العسكرية قد أعلنت عقب اجتماع قادة الفصائل العسكرية مع قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع عن اتفاق لحل جميع الفصائل ودمجها تحت مظلة وزارة الدفاع.
من ناحية أخرى، تواصل وزارة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بالتعاون مع إدارة العمليات العسكرية تنفيذ حملة تمشيط في مدينة حمص وريفها بحثا عن فلول نظام الأسد.
وقال مراسل الجزيرة وليد العطار إن عمليات التمشيط اكتملت في بعض مناطق حمص مثل حي وادي الذهب، ولا تزال مستمرة في أحياء أخرى، أبرزها الزهراء، والعباسية، والمهاجرين.
وأشار إلى اعتقالات جرت في المدينة، شملت 28 من عناصر النظام المتهمين بارتكاب مجزرة كرم الزيتون عام 2012.
وقال مصدر في إدارة العمليات العسكرية للجزيرة إن اشتباكات بالأسلحة الرشاشة تندلع من حين لآخر بين القوات وبين عناصر من نظام الرئيس المخلوع ممن رفضوا القبول بتسوية أوضاعهم وتسليم سلاحهم.
في السياق نفسه، نشرت وكالة سانا اليوم السبت صورا قالت إنها تظهر مصادرة إدارة الأمن العام مستودعا للذخيرة بحي الزهراء في حمص خلال حملة التمشيط.
وكانت الوكالة قد أفادت أمس الجمعة بأن إدارة الأمن العام تمكنت خلال حملتها في حمص من إلقاء القبض على محمد نور الدين شلهوم، الذي وصف بأنه “أحد مسؤولي كاميرات المراقبة بسجن صيدنايا (في ريف دمشق)، ومن شارك بتعطيل كاميرات السجن قبل سيطرة إدارة العمليات العسكرية على المنطقة”.
بالصور | إدارة الأمن العام تصادر مستودعاً للذخيرة بحي الزهراء في مدينة حمص أثناء حملة تمشيط أحياء المدينة بحثاً عن فلول ميليشيات الأسد.#سانا pic.twitter.com/Ls73jjtSdc
— الوكالة العربية السورية للأنباء – سانا (@SanaAjel) January 4, 2025
كما أفادت بإلقاء القبض على ساهر النداف وهو “أحد القادة الميدانيين الذين أجرموا بحق الشعب السوري، وشارك بالعديد من المجازر على طول الأراضي السورية”.
وأضافت أن النداف “من فلول المليشيات الذين رفضوا تسليم سلاحهم ولجؤوا للاختباء بين المدنيين”.
ووُصف النداف أيضا بأنه “الذراع اليمنى” للضابط سهيل الحسن الذي اعتمد عليه الرئيس المخلوع بشار الأسد في عمليات عسكرية مفصلية، وينسب إليه ارتكاب عدد من المجازر، منها تلك التي وقعت في الغوطة الشرقية بريف دمشق عام 2018.
ومنذ الإطاحة بنظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، فتحت إدارة العمليات العسكرية مراكز للتسوية مع عناصر النظام المخلوع، لكن رفض بعضهم إلقاء السلاح أدى إلى اندلاع اشتباكات في عدد من المحافظات السورية.
المصدر : الجزيرة + وكالات
—————————-
رويترز: لم يتحدد موعد الحوار الوطني السوري المنتظر
3/1/2025
نقلت وكالة رويترز -اليوم الجمعة- عن 5 مصادر تأكيدها أن الإدارة السورية الجديدة لم تقرر بعد موعدا لعقد مؤتمر الحوار الوطني الذي يهدف إلى جمع السوريين من مختلف الطوائف لرسم مسار جديد لسوريا بعد سقوط عائلة الأسد.
وشملت المصادر -التي تحدثت لرويترز- مسؤولين اثنين بوزارة الإعلام السورية وعضوا آخر في الإدارة السورية الجديدة ودبلوماسيين اثنين مطلعين على الجهود الجارية للتخطيط للمؤتمر.
وقالوا إن الدعوات الرسمية للمؤتمر لم تُرسل بعد على الرغم من أن السلطات تواصلت مع بعض الشخصيات بشكل غير رسمي.
وكانت بعض المؤسسات الإعلامية السورية ذكرت في وقت سابق أن المؤتمر سيعقد في الرابع والخامس من هذا الشهر، ثم رجحت عقده منتصف الشهر الجاري بهدف جمع نحو 1200 ممثل من مختلف الأطياف الدينية والعرقية والسياسية في سوريا.
وطالبت أطياف المجتمع السوري بعقد مؤتمر للحوار الوطني يحدد خريطة الطريق للدولة السورية، وذلك بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، ويذكر أن عقد هذا المؤتمر تعهد رئيسي أعلنته الإدارة الجديدة.
ومن المتوقع أن تصدر عن المؤتمر هيئة دستورية لبحث كتابة دستور جديد لسوريا، وكان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع رجح أن يستغرق إعداد هذا الدستور 3 سنوات.
المصدر : الجزيرة + رويترز
———————
خبراء: بوصلة دمشق الدبلوماسية تتأرجح بين الشرق والغرب
4/1/2025
أجمع خبراء على أن زيارة وزيري خارجية فرنسا وألمانيا لدمشق تهدف لاستكشاف الواقع السياسي الجديد، مؤكدين أن نجاح هذا التقارب الدبلوماسي يعتمد على الموقف الأميركي المرتقب.
وتأكيدا على الاهتمام الدولي المتزايد بسوريا الجديدة، التقى وفد من الاتحاد الأوروبي برئاسة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ووزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في دمشق قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية إنها جاءت إلى سوريا “بيد ممدودة” و”توقعات واضحة” من الإدارة الجديدة، مضيفة أن الحكم على هذه الإدارة سيكون من خلال أفعالها.
وردا على سؤال بشأن رفع العقوبات عن سوريا، قالت بيربوك إن ذلك سيعتمد على المضي قُدما في العملية السياسية.
وأشارت الوزيرة الألمانية إلى أنها أكدت للشرع ومسؤولين آخرين التقتهم في سوريا أن حقوق المرأة هي مقياس لتحقيق التقدم في مجال حقوق الإنسان.
وبدوره، دعا وزير الخارجية الفرنسي الإدارة الجديدة في سوريا إلى التوصل لـ”حلّ سياسي” مع الأكراد لكي يتمّ دمجهم بالكامل في العملية السياسية، لكنه لم يعط ردا عندما سُئل عن الموعد الذي قد يرفع فيه الاتحاد الأوروبي العقوبات عن سوريا.
مرحلة استكشاف
وفي السياق الروسي، اعتبرت وزيرة الخارجية الألمانية أنه “حان الوقت لتغادر القواعد الروسية سوريا”، متهمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه هو الذي دعم الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد لفترة طويلة، وهو “من غطى وساند جرائم النظام”.
وفي قراءة تحليلية لمغزى الزيارتين، أكد مدير مركز جسور للدراسات محمد سرميني أن المرحلة الحالية هي مرحلة استكشاف، مشيرا إلى أن الزيارات الدبلوماسية المتتالية إلى دمشق تهدف إلى فهم ديناميكيات المشهد السياسي السوري الجديد، موضحا أن ما جرى في سوريا سيكون له تأثيرات على المنطقة بأكملها.
ومن جانبه، اعتبر الباحث السياسي الدكتور مؤيد غزلان قبلاوي أن الزيارتين جاءتا في مرحلة مفصلية بعد تبلور المرحلة المبدئية للحكم السياسي الجديد، لكنه انتقد ما وصفه بمحاولات زرع بذور الانقسام الطائفي من خلال التركيز على قضايا الأقليات.
وفي تفسيره لتصريحات الوزيرين، أشار أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في باريس الدكتور زياد ماجد إلى أن بعض التصريحات كانت موجهة للرأي العام في بلديهما، لتبرير فتح قنوات اتصال مع السلطات الجديدة في دمشق.
ولفت إلى أن باريس وبرلين كانتا شبه وحيدتين في مواجهة عواصم أوروبية عديدة كانت تريد التطبيع مع النظام السابق.
أزمة اللاجئين
وفيما يتعلق بالعقوبات الأوروبية، حذر قبلاوي من ربط رفع العقوبات بشروط سياسية، مؤكدا أن سوريا بحاجة إلى نهضة شاملة وليس مجرد مساعدات إغاثية، وأشار إلى أن التجارب السابقة في دول أخرى أظهرت محدودية الدعم الأوروبي، مقارنة بالاحتياجات الفعلية.
وحول قضية اللاجئين، أوضح سرميني أن الأزمة الحقيقية بالنسبة لأوروبا تكمن في منع تدفق لاجئين جدد وليس في عودة المقيمين حاليا، خاصة أن الكفاءات السورية في أوروبا أثبتت أنها قيمة مضافة للمجتمعات المضيفة.
وفيما يخص العلاقة مع روسيا، أشار ماجد إلى أن تصريحات الوزيرة الألمانية حول ضرورة خروج القوات الروسية تعكس رؤية إستراتيجية أوروبية تتعلق بالبحر المتوسط، وليست تدخلا في الشأن السوري المباشر.
وختم سرميني بالتأكيد على أن الاتحاد الأوروبي لديه رغبة جادة بالمضي قدما في العلاقة مع الإدارة الجديدة، مع التركيز على 3 محاور: إزالة العقوبات، والمشاركة في إعادة الإعمار، ورعاية الانتقال السياسي بالتعاون مع الولايات المتحدة ودول المنطقة.
المصدر : الجزيرة
————————
مساجين داعش لدى الأكراد.. ما مصير هذا الملف بعد الإدارة الجديدة لسوريا؟
الحرة – دبي, بدرخان حسن – أربيل
04 يناير 2025
تسيطر قوات كردية على مناطق شاسعة شرقي نهر الفرات في سوريا منذ سنوات طويلة، وتضم هذه المناطق عدة سجون بداخلها الآلاف من عناصر داعش، وسط تساؤلات حول إمكانية تسليم هذه السجون للإدارة السورية الجديدة في دمشق، كجزء من حل أوسع نطاقا للملف الكردي في سوريا.
وقال مدير الإعلام بوحدات حماية الشعب، سيامند علي، في تصريح للحرة، إن المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية شمال شرق سوريا تضم 26 سجنا، ويقدر أعداد السجناء فيها بنحو 12 ألف سجين من عناصر تنظيم داعش من جنسيات مختلفة.
“لا نفكر في تسليم الملف لأي جهة”
وتابع “الأوضاع الحالية في الشام (دمشق) غير ملائمة وغير واضحة المعالم، حيث لم تجر الانتخابات ولم يتم انتخاب برلمان وتشكيل حكومة جديدة في سوريا كما وأن ملامح الحكومة الجديدة لم تتضح بعد لحد الآن، لذلك فإننا في الوقت الحاضر لا نفكر في تسليم هذا الملف لأي جهة”.
ويذكر أن الإدارة الذاتية للأكراد تمتد في شمال وشرق سوريا، وأُنشئ فيها ما يشبه الحكم الذاتي، وتسيطر على هذه المناطق قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة أميركيا، وتشمل أجزاء من محافظات الحسكة والرقة وحلب ودير الزور.
وشاركت قسد في الحرب على داعش منذ نحو عقد من الزمان، واستمرت بضم الأراضي التي تخرج عن سيطرة التنظيم إلى إدارتها.
ويقبع في سجون قوات سوريا الديمقراطية، الذراع العسكري للإدارة الذاتية الكردية في شمال وشرق سوريا، آلاف المعتقلين المشتبه بانتمائهم إلى التنظيم، بينهم مئات الأجانب من جنسيات متعددة.
أعداد المحتجزين
ومنذ إعلان قسد دحر داعش جغرافيا من آخر معاقله في عام 2019، تحتجز الإدارة الذاتية قرابة 56 ألف شخص بينهم ثلاثين ألف طفل في 24 منشأة احتجاز ومخيّمين هما الهول وروج في شمال شرق سوريا.
وفي إحصائية نشرتها قبل نحو 5 أعوام وكالة فرانس برس، يقبع في سجون قسد نحو 12 ألف عنصر من التنظيم، بينهم 2500 إلى ثلاثة آلاف أجنبي من 54 دولة. والآلاف من هؤلاء اعتقلوا خلال معركة في بلدة الباغوز بشرق سوريا قبل نحو 6 سنوات.
ويتوزع هؤلاء على سبعة سجون مكتظة في عدة مدن وبلدات، بعضها عبارة عن أبنية غير مجهزة تخضع لحراسة مشددة.
التوزيع الجغرافي
ويقع سجن غويران في مدينة الحسكة، وهو من أكبر السجون التي تديرها قسد، واندلعت فيه أعمال شغب قبل نحو 5 سنوات، ويؤوي نحو خمسة آلاف موقوف، بينهم أجانب من جنسيات مختلفة.
وتدير قسد أيضا سجن جركين في القامشلي، وسجن ديريك (المالكية)، وسجن الشدادي
في الحسكة، بالإضافة لمراكز اعتقال في الرقة ودير الزور.
ويذكر أن مخيم الهول يقع في ريف الحسكة، ويضم عائلات مقاتلي داعش، بما في ذلك نساء وأطفال.
وتعد هذه السجون مصدر قلق أمني إقليمي ودولي، نظرا لخطر إعادة تنظيم وتجنيد مقاتلي داعش من داخلها.
موقف الإدارة الجديدة
بدوره، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو من دمشق، الجمعة، الإدارة الجديدة في سوريا إلى التوصل لـ”حلّ سياسي” مع الأكراد الذين يسيطرون على مساحات شاسعة من شمال شرق البلاد وإتلاف مخزون الأسلحة الكيميائية السورية.
وتكلّم بارو الخميس مع مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديموقراطية التي يشكّل الأكراد عمودها الفقري، وفق وزارة الخارجية الفرنسية.
وناقش الطرفان “الانتقال الجاري في سوريا، مذكّرين بأهمية حوكمة ديموقراطية تكون كلّ مكوّنات سوريا معترف فيها في إطارها، ويتم تمثيلها بالكامل”.
والتقى بارو ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك في قصر الشعب في دمشق قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع، في إطار زيارتهما التي أكّدا خلالها ضرورة تحقيق انتقال سلمي وجامع للسلطة في سوريا.
كما أكد قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، الملقب بأبو محمد الجولاني، الأحد، أن كل الأسلحة في البلاد ستخضع لسيطرة الدولة بما فيها سلاح القوات التي يقودها الأكراد، وذلك أثناء زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.
وقال الجولاني خلال مؤتمر صحفي مع فيدان في دمشق “ستبدأ الفصائل بالإعلان عن حل نفسها والدخول تباعا” في الجيش.
وأضاف: “لن نسمح على الإطلاق أن يكون هناك سلاح خارج الدولة سواء من الفصائل الثورية أو من الفصائل المتواجدة في منطقة قسد”، مستعملا الاسم المختصر لقوات سوريا الديمقراطية التي يشكل الأكراد عمودها الفقري.
وأشار إلى أن إدارته ستعلن، خلال أيام، الهيكل الجديد لوزارة الدفاع والجيش السوري، دون أن يتطرق إلى مزيد من التفاصيل.
الحرة – دبي
بدرخان حسن
————————–
رسالتان في اختيار السعودية كأول وجهة للإدارة السورية الجديدة
محمد الصباغ – دبي
02 يناير 2025
على مدار السنوات العديدة الماضية، كانت تركيا الداعم الأبرز للفصائل السورية المسلحة المعارضة لنظام الأسد، وبعد سقوطه كان وزير خارجيتها حقان فيدان أول مسؤول يزور دمشق ويلتقي بقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع الملقب بالجولاني.
لكن حينما غادر أول وفد رسمي من الحكومة السورية المؤقتة، لم يسافر من دمشق إلى أنقرة، بل كانت وجهته عربية إلى السعودية، ما يبرز جهود المملكة الكبيرة في تعميق نفوذها في سوريا الجديدة.
رأى محللون تواصلت معهم الحرة أن الزيارة التي جاءت بدعوة رسمية من المملكة، تشير إلى إيمان الإدارة الجديدة في سوريا بالعمق العربي والدور السعودي الذي يمكن أن تلعبه في إعادة الإعمار ودعم اقتصاد المملكة، بجانب الإشارة إلى محاولة إحداث توازن بعد زيادة النفوذ التركي بدرجة كبيرة.
لماذا السعودية؟
وصل الوفد السوري، مساء الأربعاء، إلى المملكة برئاسة وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني، بجانب وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات العامة أنس خطاب.
قال الباحث والمحلل السياسي السعودي مبارك آل عاتي، في تصريحات للحرة، إن الزيارة إلى المملكة “تؤسس لطبيعة العلاقات بين البلدين في المرحلة المقبلة، واختيار السعودية كأول وجهة خارجية يأتي إيمانا بالدور السياسي والاقتصادي للمملكة”.
وتابع حديثه بالقول إن “الثقل السياسي للسعودية سوف يمثل سلما للدبلوماسية السورية من أجل الوصول إلى العواصم الغربية وحصولها على العديد من الاعترافات منها”.
وأعلنت دول غربية دعمها الإدارة السورية الجديدة بعد الإطاحة بالأسد، لكن هناك مخاوف تتعلق بالتعامل مع الأقليات وتشكيل حكومة شاملة تضم كافة الأطياف، وعدم تمثيل سوريا تهديدا لأي دولة أخرى.
وطالما أكدت الإدارة الجديدة في سوريا أنها لن تمثل تهديدا لأحد وسوف تشمل الفترة المقبلة مشاركة الأطياف السورية في رسم مستقبل المرحلة المقبلة.
المحلل السياسي السوري فاضل خانجي، يرى أن اختيار السعودية كمحطة أولى “كونها تدرك أهمية الدور العربي عموما والسعودي خصوصا في كسب شرعية سياسية على المستوى الاستراتيجي”.
كما أبرز الكاتب والمحلل التركي يوسف كاتب أوغلو، أن اختيار السعودية كأول وجهة خارجية للسلطات الجديدة في دمشق جاء “لإثبات أن السعودية دولة محورية عربية كبرى من الجانب الاقتصادي”.
ولفت في حديثه للحرة إلى أن “التغيرات الجيوسياسية، تجعل هناك رغبة من السعودية وتركيا أن تتولى التغيرات في الملف السوري ودعم حكومة دمشق الجديدة، وأن يكون لهما دور مباشر في إعادة الإعمار. وكل طرف يدعم موقف الدولة الأخرى”.
تنافس أم تكامل؟
تعاني سوريا اقتصاديا وسط انهيار العملة وفي ظل عقوبات غربية تحاول الإدارة الجديدة العمل على إنهائها بسقوط نظام الأسد.
تقلص الناتج المحلي الإجمالي السوري، وفق بيانات البنك الدولي، بنسبة تزيد عن 50 بالمئة بين 2010 و2020، وأعيد تصنيف سوريا دولة منخفضة الدخل منذ 2018. كما انخفضت قيمة العملة المحلية، وارتفعت معدلات الفقر، وباتت البلاد الآن بين الدول الـ 10 الأكثر انعداما للأمن الغذائي عالميا.
تطرق آل عاتي في حديثه إلى الدور الاقتصادي للمملكة، وقال إن “اختيار المملكة كوجهة أولى وجه رسالتين مهمتين: أن التوجه لدى الإدارة الجديدة هو عربي والعمق أيضا عربي”.
كما أشار إلى أن دمشق حاليا تدرك أن “تركيا لا تستطيع مساعدتهم ماليا بالشكل الكبير، فتوجهوا إلى المملكة. اختيار الرياض من منطلق اقتصادي أيضا واضح”.
كاتب أوغلو أوضح من جانبه أن “تركيا تحتاج إلى تضافر عربي إقليمي في دعم سوريا، ودول الخليج وعلى رأسها السعودية لها دور مهم وخصوصا في إعادة الإعمار والدعم الاقتصادي”.
ولفت إلى أن “تركيا دورها مهم في الأمن القومي الإقليمي والصناعات الدفاعية، وبالتالي الدور تكاملي أكثر منه تنافسي في دعم الإدارة الجديدة”.
كما أكد خانجي أيضًا في حديثه للحرة على أن “دمشق تمثل فرصة تاريخية لإعادة تأهيل نظام الأمن الإقليمي بعد هزيمة إيران في سوريا، وهو ما يتطلب حالة تكاملية بين الدور التركي والعربي وخصوصا السعودي”.
وأضاف: “الزخم الدبلوماسي الحالي يشير إلى ملامح حالة تكاملية بين السعودية وتركيا، كما ان استمرارية هذا التكامل عامل محدد في انتقال سورية لمرحلة إعادة الإعمار”.
لا للهيمنة التركية
أعلنت السلطات السعودية، الأربعاء، تسيير جسر جوي إلى سوريا حاملا مساعدات إنسانية من إمدادات طبية وغذائية وإيوائية “للتخفيف من الأوضاع الصعبة” على السوريين، على ما أفاد الإعلام الرسمي.
وزار وفد حكومي رفيع المستوى، نهاية الشهر الماضي، دمشق حيث التقى القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع.
وكان الشرع قد خص قناة العربية السعودية، الأحد، بأول لقاء مطول مع تلفزيون عربي، وقال فيه إن “سوريا بلد منكوب” في إشارة لتداعي البنى التحتية بعد أكثر من عقد من الحرب.
أشار المحلل السعودي، آل عاتي، أيضًا إلى أن التحرك السعودي السريع جاء جزء منه إلى أن سوريا عليها “الحذر من الهيمنة التركية”، مضيفًا للحرة: “تركيا بذلت جهودا كبيرة لمساعدتهم (السوريين) لكن أيضا حماية سيادة واستقرار سوريا مسؤولية عربية في ظل مرحلة تعافي الدولة السورية”.
وتابع: “رغم العلاقات المميزة بين تركيا والمملكة، لابد من حماية سوريا من الاعتداءات الإسرائيلية والهيمنة التركية، وحفظ التوازن وحمايتها من الضغوط سواء التركية أو الإسرائيلية أو الإيرانية”.
تصنيف الإرهاب
لا تزال هيئة تحرير الشام التي يقودها الشرع وتلعب الدور الأساسي في إدارة المرحلة الانتقالية، على قوائم الإرهاب الدولية، وهو الأمر الذي طالبت الإدارة الجديدة في سوريا بعدم استمراره.
يرى خانجي أن ملف “التصنيف مهم، وسيكون إلى جانب العقوبات ملف سياسي قانوني مهم في مرحلة إعادة الإعمار، لكنه لم يكن عائقا أمام الانخراط السياسي لمختلف دول الإقليم مع الإدارة السورية الجديدة”.
ويرى كاتب أوغلو أن عدم استقبال تركيا لأول وفد سوري رسمي “لا علاقة له بالتصنيف، فأنقرة على ما أعتقد تحضّر لدعوة مماثلة لأحمد الشرع لزيارة تركيا”.
وتابع: “تركيا تنتظر تشكيل حكومة جديدة بكافة الأطياف، فهي كانت أول دولة فتحت سفارتها وأول من أرسل وزير الخارجية. ربما نشهد في الأسابيع المقبلة قبل نهاية الشهر دعوة رسمية للإدارة السورية الجديدة”.
محمد الصباغ
الحرة
————————-
مساعدات سعودية إلى سوريا جوا وبرا و”لا إطار زمنيا لها”/ اسماعيل درويش
أكدت تقارير إعلامية في دمشق أن نظام الأسد كان يسرق المعونات ويبيعها
الجمعة 3 يناير 2025
وصلت طائرات عدة عبر جسر جوي أطلقته السعودية لمساعدة المحتاجين السوريين، ومن المقرر انطلاق جسر بري عبر الأردن، وستستمر هذه المساعدات طالما كانت هناك حاجة لها، وسيلي المساعدات العاجلة البدء في مشاريع التعافي المبكر.
طائرتان في المجال الجوي بين سوريا والسعودية، الأولى تقل وفداً رفيع المستوى من الإدارة السورية الجديدة انطلقت من دمشق إلى الرياض، وتزامناً حلقت طائرة أخرى من “مطار الملك خالد الدولي” في الرياض إلى دمشق، معلنة انطلاق الجسر الإغاثي الجوي من “مركز الملك سلمان” لدعم ومساعدة الشعب السوري.
ولم تكن طائرة المساعدات المرسلة هي الأخيرة، بل على العكس تماماً، إذ أعلنت الرياض أنه “لا سقف للمساعدات المقدمة للأشقاء السوريين”.
“اندبندنت عربية” واكبت طائرات المساعدات الإنسانية في “مطار دمشق الدولي”، وأجرت حواراً مع المسؤولين هناك للاطلاع على محتويات هذه المساعدات وكميتها وطرق توزيعها.
وقال المتحدث باسم “مركز الملك سلمان للإغاثة” سامر الجطيلي إن هذه المساعدات تحمل مستلزمات طبية وسلالاً غذائية، مشيراً “إلى أن المساعدات ستستمر جواً وبراً من طريق الأردن وليس لها إطار زمني، إذ ستستمر طالما كانت هناك حاجة لها”.
تدخل إنساني
أضاف الجطيلي أنه بتوجيه من الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز “انطلق الجسر الجوي من مطار الملك خالد الدولي بالرياض، ووصلت في البداية طائرتان كانتا بداية الجسر الجوي، وسيتواصل قدوم الطائرات إلى مطار دمشق الدولي، وبصورة موازية هناك جسر بري يتحرك الآن وسوف يعبر الأراضي الأردنية ويصل إلى الأراضي السورية”، ولفت إلى أن هذه المرحلة هي مرحلة التدخل الإنساني العاجل التي بنيت بناء على التواصل مع الأشقاء هنا، والتواصل مع الجهات الأممية ومؤسسات المجتمع المدني الشريكة، وكذلك السفارة السعودية لدى دمشق.
محتويات المساعدات
وفي ما خص محتويات المساعدات أوضح المتحدث باسم “مركز الملك سلمان للإغاثة” أننا نؤمن الحاجات في قطاعين لهما الأولوية في هذه المرحلة “وهما قطاعا الأمن الغذائي والصحي، وهذه السلال والحقائب مرتبة بصورة دقيقة لتخدم هذه المرحلة وتكفي لشهر كامل لأسرة كاملة، وفي الوقت نفسه رُفعت الحاجات في القطاع الصحي بناء على التواصل مع الجهات الصحية التي تعمل على تحقيق الاستقرار في هذا القطاع”.
حاجات المرحلة
ومن أهم الحاجات التي رصدت وأصبحت الآن جزءاً من هذه المساعدات التي تصل تباعاً إلى “مطار دمشق الدولي”، “أدوية التخدير لاستمرار إجراء العمليات في هذه المرحلة، وكذلك باقي أنواع الأدوية والمستلزمات الطبية المختلفة، والتجهيزات المتنوعة التي من أهمها أجهزة الرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية وكذلك الأشعة السينية، وطبعاً كل هذا العمل أتى إنفاذاً لتوجيه القيادة الرشيدة، وهذا العمل يهدف للوصول إلى نوع من الاستقرار بالشراكة مع كل من يعمل في القطاع الإنساني، ونريد الوصول إلى الاستقرار في مرحلة التدخل الإنساني العاجل، ومن ثم العبور في أسرع وقت ممكن إلى مرحلة التعافي المبكر وهذه المرحلة ستسمح بأن تنشأ فيها مشاريع تخدم الحاجات الأساس والاعتماد على الذات، ومن المقرر أن تبدأ عملية مشاريع تحقق استدامة لتأسيس مرحلة ما يسمى إعادة الإعمار لاحقاً وهذه المرحلة، مرحلة إعادة الإعمار، ستكون من اختصاص وزارات أخرى وستسهم السعودية بها”.
التنسيق مع الشركاء
ورداً على سؤال حول مدى التنسيق مع فرقاء على الأرض قال الجطيلي “في الحقيقة بنيت منذ البداية خطة بالتنسيق مع الشركاء على الأرض، وهذه الخطة بنيت على معايير من أهمها أن يكون التوزيع في المناطق ذات الأولوية القصوى والأكثر احتياجاً، على أن تستهدف الجميع من دون تفريق، وأن تعم قدر الإمكان الجغرافيا السورية بأكملها، ولدينا فريق مشرف على هذه المساعدات وكذلك خطة رقابة وتقييم، ومسؤولية التقييم هي التأكد من وصول هذه المساعدات إلى مستحقيها. ونحن منذ البداية، ضمنا أن تكون الكميات كافية وذات جودة عالية”.
مساعدات بلا سقف
وأكد الجطيلي أن “التوجيه هو بتقديم المساعدات، وعادة توجيه كهذا يكون بلا سقف، وهو توجيه مفتوح من دون حد، لا بكميات ولا بسقف ولا بإطار زمني، وهذا يساعدنا كثيراً على تحقيق أهدافنا المتمثلة بتقديم المساعدات بالصورة الأمثل وبالكميات والجودة، والوصول إلى أكبر مساحة أو رقعة في الجغرافية السورية”.
مناطق عمل “مركز الملك سلمان” في سوريا
وتابع المتحدث باسم “مركز الملك سلمان للإغاثة” أن “السعودية حرصت منذ بداية الأزمة أن يكون لها وجود ودعم للأشقاء في المجال الإغاثي، لذلك عملت في كل المناطق التي أتيح لها العمل داخلها، وتركزت هذه المناطق على الشمال السوري ومناطق أخرى أتيح فيها العمل إضافة إلى مناطق حدودية، لكنها في الوقت نفسه حرصت على مساعدة اللاجئين، ولذلك فتحت مكاتب في لبنان وتركيا والأردن. وعملت منذ بداية الأزمة السورية حتى الآن على تقديم المساعدات ولا تزال تعمل، وكان من آخر ما قدمته الاستجابة والحملة الوطنية لمساعدة المتضررين في الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا، ونفذت مشاريع إعادة تأهيل وبناء، وكذلك عملت على توزيع وحدات سكنية للمتضررين”.
الأسد وسرقة المساعدات
معلوم أنه خلال السادس من فبراير (شباط) 2023، ضرب زلزال مدمر جنوب تركيا وشمال سوريا مخلفاً دماراً هائلاً وعشرات آلاف الضحايا، وعلى الفور أطلق “مركز الملك سلمان للإغاثة” جسراً جوياً لمساعدة المتضررين في البلدين، “وعلى رغم أن الرياض لم تكن راضية على تصرفات نظام بشار الأسد تجاه شعبه، فإنها آثرت التواصل معه في محاولة لفتح المجال لمساعدة الشعب السوري، وأرسلت طائرات مساعدات إنسانية عدة إلى محافظة حلب وغيرها”، وقال مصدر سعودي إن “السعودية بذلت بذلك جهوداً كبيرة لمساعدة السوريين، بهدف إجراء إصلاحات في البلاد وإطلاق سراح المعتقلين، إلا أن تعنت نظام الأسد ومماطلته في تنفيذ الوعود أعاق الجهود السعودية”.
وأكدت تقارير إعلامية سورية أن النظام كان يسرق المساعدات المقدمة للشعب السوري وبيعها في المؤسسات العامة.
————————–
وزير بريطاني سابق: تطورات سوريا ستسقط النظام الإيراني
تحدث توم توغندهوت عن خلافات بصفوف “الحرس الثوري” وأن الأعضاء الشباب يعتقدون بأن قدامى المحاربين لم يتمتعوا بكفاءات كافية
الجمعة 3 يناير 2025
رأى النائب البريطاني توم توغندهوت أن الغرب أبدى ضعفاً في مواضع مختلفة وتسبب في ترويج عدم الاستقرار في المنطقة. وقال “لا يملك بوتين قدرات أكثر منا، لكن لديه توهماً بالقوة وهذا يكفي لاتخاذ قرارات أدت إلى حدوث مثل هذه المصائب”.
قال وزير الأمن البريطاني السابق توم توغندهوت إن تطورات سوريا ستؤدي إلى سقوط النظام الإيراني.
وأضاف توغندهوت في مقابلة مع برنامج بودكاست “Conflicted” أن قرار دونالد ترمب باغتيال قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني أثبت أن النظام الإيراني “نمر من ورق” وأدى ذلك إلى وقوع سلسلة أحداث انتهت بسقوط نظام الأسد.
وكان توم توغندهوت عضواً في لجنة العلاقات الخارجية البريطانية وهو الآن عضو عن حزب المحافظين في مجلس العموم، وقال إن “قاسم سليماني كان شخصية أساسية ومحورية أكثر مما يتصور وعندما قتل في يناير (كانون الثاني) عام 2020 أخذ معه جميع العلاقات والتعاملات مع الأفراد في المنطقة”، مضيفاً أنهم “قاموا بتعيين خليفة له لكن لم يستطِع أي شخص آخر الحصول على علاقات نسجها خلال 20 عاماً”.
وقتل قاسم سليماني وقائد الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بضربة نفذتها مسيّرات أميركية قرب مطار بغداد، وكان ذلك بأمر مباشر من دونالد ترمب خلال ولايته الرئاسية الأولى. وردّ الحرس الثوري الإيراني حينها بشن هجوم صاروخي على قاعدة عين الأسد في العراق، لكنه لم يتسبب في أضرار لأن القوات الأميركية كانت على اطلاع بموعد تنفيذ العملية.
وتحدث توغندهوت في المقابلة التي نشرتها إذاعة “فردا” (الخدمة الفارسية لإذاعة أوروبا الحرة الصادرة من براغ) عن أزمة في الحرس الثوري تتعلق بالتطورات في سوريا، وقال إن “الأعضاء الشباب يعتقدون بأن قدامى المحاربين في الحرس الثوري لم يتمتعوا بكفاءات كافية، لذلك تلقى ’حزب الله‘ هزائم وسقط الأسد”. وأضاف أنهم “سمعوا إشاعات عن أن المرشد والحكومة ينويان التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية من أجل الخروج من الوضع الحالي”.
ويرى وزير الأمن البريطاني السابق أن الأعضاء الشباب في الحرس الثوري الإيراني لا يقبلون التفاوض مع “قتلة قاسم سليماني” وتحول ذلك إلى تحدٍ كبير بالنسبة إلى المسؤولين الإيرانيين، وقال إن التطورات في سوريا شكلت نقطة تحول واسعة ستؤدي إلى سقوط النظام الإيراني.
وتوقع توغندهوت الذي يعارض الاتفاق النووي ويدعو إلى وضع الحرس الثوري ضمن قائمة الإرهاب بأن تتحول سوريا إلى قطب اقتصادي في الشرق الأوسط إذا ما أديرت بصورة صحيحة، واتهم الغرب بعدم امتلاكه برنامجاً استراتيجياً بعيد المدى في الشرق الأوسط، قائلاً إن “الانسحاب من أفغانستان وعدم كفاءة أوباما في التعامل مع الخطوط الحمراء بعدما استخدم الأسد الأسلحة الكيماوية عام 2013 شكّلا فرصة لفلاديمير بوتين لدخول سوريا”.
ورأى النائب البريطاني أن الغرب أبدى ضعفاً في مواضع مختلفة وتسبب في ترويج عدم الاستقرار في المنطقة، مردفاً أن “بوتين لا يملك قدرات أكثر منا، لكن لديه توهماً بالقوة وهذا يكفي لاتخاذ قرارات أدت إلى حدوث مثل هذه المصائب”.
—————————-
إسرائيل والشرع واختبار “الاحتفاظ بحق الرد”/ مصطفى رستم
رأى قائد الإدارة الجديدة الضربات الأخيرة تجاوزاً لخطوط الاشتباك وتهديداً بتصعيد غير مبرر
السبت 4 يناير 2025
خلال عام 2024 بلغ عدد الضربات الإسرائيلية على سوريا 373 استهدافاً منها 347 ضربة جوية، بينما وصل عدد الهجمات البرية إلى 26 هجوماً.
مشهد عام شديد التعقيد احتفظت به الأراضي السورية مع أولى الضربات الإسرائيلية عليها منذ بدء العام الجديد 2025، والتي تركزت على ريف حلب شمال البلاد عبر استهداف منطقة السفيرة داخل الريف الجنوبي الشرقي.
ضربات إسرائيلية شملت قاعدة جوية سورية ومخزناً يحمل رقم 404 بـ10 غارات جوية نتج منها سقوط قتلى، وسط معلومات عن تنفيذ عملية إنزال بالمنطقة وسماع أصوات اشتباكات متقطعة.
وتضم مدينة السفيرة (جنوب شرقي حلب) معامل دفاع ومواقع عسكرية ظلت لعقد من الزمن موقعاً متقدماً للقوات الإيرانية والفصائل التابعة لها، وتعرضت لهجمات سلاح الجو الإسرائيلي قبل سقوط نظام بشار الأسد.
“انتقام للأسد”
الباحث في الشؤون العسكرية العقيد عبدالجبار العكيدي قال في حديثه إلى “اندبندنت عربية” إن “الوضع في سوريا بات شديد التعقيد، فمنذ سقوط النظام وهرب بشار الأسد بدأت إسرائيل في قصف مقدرات الجيش السوري، كأنها عملية انتقام للرئيس السابق وعدم اطمئنان لأية قيادة تأتي بعد نظامه”، على حد قوله.
وتابع “هذا النظام وقع معاهدات واتفاقات وأجرى تسليم الجولان منذ عهد حافظ الأسد وكل المناطق كانت آمنة بالنسبة إلى إسرائيل، لأنها لم تكن للتصدي لها بل لقتل شعبه. الطيران الإسرائيلي حلق فوق القصر الجمهوري في اللاذقية قبل أعوام من اندلاع الثورة، وكان وقتها يحتفظ بحق الرد لكن من دون أي رد”.
والعقيد العكيدي من أوائل الضباط الذين أعلنوا انشقاقهم عن الجيش السوري، لعدم سماح النظام لهم بالتقاط أهداف إسرائيلية على رادارات منظومات الدفاع.
وأعرب عن اعتقاده أن ما يحدث من تصعيد يتخطى كونه “عدواناً على السيادة السورية ومقدرات الشعب، بل السعي إلى تدمير كل سلاح الجيش الاستراتيجي من منظومات دفاع جوي ورادارات ومراكز البحوث العلمية والمطارات والطائرات والفرق العسكرية، لأن إسرائيل تعلم جيداً أن القيادة الجديدة ليس بمقدورها ردع هذه الضربات. والهدف الواضح هو جعل سوريا منزوعة السلاح وبلا مخالب وأنياب، عدا عن خلق حال من زعزعة الاستقرار وإعاقة استتباب الأمن في البلاد”.
حصيلة الضربات
وخلال عام 2024 بلغ عدد الضربات الإسرائيلية على سوريا 373 استهدافاً بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن، منها 347 ضربة جوية بينما وصل عدد الهجمات البرية 26 هجوماً، وهي أكبر حصيلة سنوية منذ بدء التصعيد الإسرائيلي.
وأسفرت الهجمات عن إصابة وتدمير 1032 هدفاً شملت مستودعات أسلحة وذخائر ومقار عسكرية ومراكز عمليات وآليات تابعة للنظام السوري والميليشيات الإيرانية، وتسببت الهجمات الإسرائيلية بمقتل 414 عسكرياً وإصابة 277 آخرين بجروح متفاوتة، إضافة إلى مقتل 68 مدنياً بينهم 13 طفلاً و16 سيدة وإصابة 85 آخرين بجروح متباينة، وفقاً للمرصد.
مخزون الأسلحة
ومع هذا يرجح الباحث السياسي بسام السليمان في تصريح خاص بأن التوجهات الواضحة للدولة السورية الجديدة أن تكون ضمن المنظومة الدولية، وليس الانخراط مع أي طرف في الصراع، وبخاصة بعد ما واجهه السوريون من تعب وإرهاق بعد كل هذا النزاع الأهلي الطويل، والاتجاه إلى بناء البلاد بعد عقد من الزمن في الصراعات الدائرة والتي استنزفت مقدراتها”.
وقال السليمان “حتى الآن إسرائيل لديها مخاوف، وتستهدف أسلحة استراتيجية في محاولة منها لإنهاء أي خطر يمكن أن يُستخدم ضدها، ولا أعتقد أن يكون هناك رد في المستقبل القريب، وأعتقد أن تتحرك الوساطات الإقليمية وغالباً تركية أو إقليمية”.
وبالحديث عن حجم السلاح المؤثر والاستراتيجي، اكتشفت قوات الإدارة الجديدة في ريف دمشق وتحديداً في الجبال كهوفاً عميقة تحوي صواريخ باليستية بعد سقوط النظام. ويعلق السليمان على ذلك بقوله إن الضربات تستهدف أماكن مؤثرة ولا يمكن جرد أو إحصاء مدى الخسائر لهذه الأسلحة، والسلطة الحالية أساساً ليس لديها معرفة جيدة بمخزون الأسلحة الموجود.
وتحمل الضربة الإسرائيلية الأخيرة 498 من تعداد الغارات الجوية التي نفذتها المقاتلات على الأراضي السورية منذ سقوط نظام الأسد خلال الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024. وحسم قائد الإدارة السورية أحمد الشرع موقفه من التصعيد الإسرائيلي الأخير بقوله إن “بلاده منهكة من أعوام الحرب والصراعات، وهذا الوضع لا يسمح بالدخول في صراعات جديدة”. لكنه وصف “ما يحدث تجاوز لخطوط الاشتباك في سوريا بصورة واضحة، ويهدد بتصعيد غير مبرر في المنطقة”.
ماذا عن الرد؟
تقابل الإدارة الجديدة في دمشق هذه الضربات الإسرائيلية بـ”الصمت” وعدم الرد كما كان يحدث سابقاً خلال عهد نظام الأسد، وتكتفي بإصدار بيانات الإدانة والشجب حتى حفظ السوريون عبارة كانت تتكرر كثيراً في تلك البيانات تعقيباً على كل هجوم هي “الاحتفاظ بحق الرد”، والتي باتت مصدراً للسخرية.
وعن قدرات الجيش السوري للرد على الضربات الإسرائيلية، قال العقيد العكيدي إن القيادة الجديدة لا تملك أية قوة للدفاع عن سوريا وليس لديها طائرات أو منظومات وصواريخ باليستية، والموضوع يتعلق بالشق السياسي وهو الأهم خلال الوقت الحالي.
وتابع “نعول هنا على الدبلوماسية السورية الجديدة في التحرك الفعال باتجاه المجتمع الدولي وجامعة الدول العربية ومجلس الأمن لوقف هذه الضربات السافرة على السيادة السورية، ولا يمكن أن تفعل أكثر من ذلك بعد احتلال جبل الشيخ والتمدد بالقنيطرة وريفها واحتلال أراض جديدة، والتمدد باتجاه ريف درعا الغربي من جهة وادي اليرموك”.
في المقابل يشهد الجنوب السوري توغلاً للقوات الإسرائيلية، كان آخرها توغل دبابات في قرية صيدا بالجولان عند الحدود الإدارية بين محافظتي درعا والقنيطرة وطردت الموظفين الحكوميين وحاصرت المدرعات مباني حكومية، في حين برر وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر هذه التحركات بأن الحكومة الجديدة في دمشق لم تنتخب ديمقراطياً وهناك رغبة إسرائيلية لحماية الأقليات.
وقال ساعر في منشور على منصة “إكس” إن الأكثر إثارة للقلق عدم إعلان الانتخابات إلا بعد أربعة أعوام في سوريا، مؤكداً ضرورة حماية الأقليات في سوريا بمن فيهم الأكراد والعلويون والمسيحيون.
وكان القائد العام للإدارة الجديدة أحمد الشرع أرجع تأخير الانتخابات لأسباب تتعلق بالبنية التحتية الحالية التي تحتاج إلى إعادة بناء كاملة، لا سيما وجود هجرة واسعة شملت أكثر من 15 مليون سوري بين نازح ولاجئ وهو ما يعقد من إمكانية إجراء إحصاءات دقيقة للسكان، علاوة على افتقار كثير من السوريين في الخارج إلى قيود مدنية ثابتة مما يتطلب توثيق حالات الولادات والوفيات وإجراء إحصاءات شاملة.
————————–
الرقة السورية من الواقع إلى قوى الأمر الواقع/ اسماعيل درويش
عاشت بدايات الثورة ثم خضعت لـ”داعش” فـ “قسد” وفرض التحالف الدولي طوقا عليها عام 2017 حتى وصلت إلى زمن “هيئة تحرير الشام”
السبت 4 يناير 2025
كانت الرقة مستقرة في أول عامين للثورة السورية، ثم انتفض الأهالي وحطموا تماثيل الأسد قبل أن يستولي “داعش” الإرهابي على المدينة، لتشن “قسد” والتحالف الدولي معارك ضده، انتهت بطرد التنظيم وتدمير الرقة، وبعد سقوط نظام الأسد لم يحسم حتى الآن مصير المدينة التي لم ترفع أنقاض الدمار منها بعد.
الرقة والموصل مدينتان بين سوريا والعراق تتشابهان، بيد أن التشابه بينهما كان في صوره السلبية فحسب، فكلاهما سيطر عليهما تنظيم “داعش”، وكلاهما تعرضتا للتدمير من قبل قوات التحالف الدولي خلال معارك مكافحة التنظيم الإرهابي الذي سيطر على المدينتين بطرق بالغة السهولة، حتى إن اتهامات وجهت للجيشين السوري والعراقي بالتخلي عنهما مع بدء هجوم “داعش”، أو عدم مقاومته في أقل تقدير.
في مارس (آذار) 2011 انطلقت الثورة السورية لتعلن بداية النهاية لحكم عائلة الأسد في سوريا، وكباقي المدن تحركت محافظات شرق سوريا، وبعد مواجهة النظام المتظاهرين السلميين بالرصاص الحي، تحولت الثورة السورية إلى مسلحة، لكن العنف في شرق سوريا تركز بداية في محافظة دير الزور، بينما كانت الحسكة والرقة مناطق تعد أكثر أمناً، لذلك نزح إليها آلاف من أهالي دير الزور، إلا أن الهدوء في الرقة لم يدم طويلاً، فعلى رغم القبضة الأمنية للنظام على المدينة خرج أهاليها في تظاهرة ضخمة يوم الرابع من مارس 2013، وأمام عناصره حطموا تمثال الرئيس الراحل حافظ الأسد في ساحة الإطفائية وسط المدينة، وما هي إلا أيام حتى خرج النظام من المدينة فدخلت إليها فصائل مسلحة من بينها “جبهة النصرة” آنذاك، وفي الوقت ذاته سيطر تنظيم “داعش” على أجزاء من مواقع انسحب منها النظام السوري.
السواد يخيم على الرقة
وعلى رغم أن “جبهة النصرة” كانت تنظيماً منبثقاً من تنظيم “القاعدة”، فإنه كان يسعى منذ البداية للاستقلالية والعمل فقط ضمن الأراضي السورية، وذلك على خلاف ما يعتقد أن زعيم “هيئة تحرير الشام”، حالياً، أحمد الشرع غير أهداف تنظيمه ليعمل ضمن الأراضي السورية فحسب، بل حصل ذلك في التاسع من أبريل (نيسان) 2013، عندما كانت “جبهة النصرة” تسيطر على أجزاء واسعة من الرقة، في ذلك اليوم أصدر زعيم تنظيم “داعش” أبو بكر البغدادي تسجيلاً صوتياً يعلن فيه أن “جبهة النصرة” امتداد لتنظيم “دولة العراق الإسلامية”، وتم دمج التنظيمين تحت مسمى “داعش”، وبعد يوم ونصف اليوم من هذا التسجيل أعلن أحمد الشرع (كنيته حينها أبو محمد الجولاني) رفض قرار البغدادي، مؤكداً أن تنظيمه “سيبقى مستقلاً يعمل في الأراضي السورية لتحريرها من نظام الأسد”، وهذا الرفض أغضب تنظيم “داعش” حينها فوسع سيطرته في الرقة قبل أن يحكم عليها السيطرة لاحقاً مطلع عام 2014، باستثناء بعض المواقع العسكرية التي بقيت تحت سيطرة النظام مثل “الفرقة 17″، و”اللواء 93″، ومطار الطبقة العسكري، ليشن هجوماً واسعاً على هذه المقار ويسيطر عليها، كما حاولت “جبهة النصرة” مواجهة “داعش” في الرقة، إلا أنها هزمت أمامه، وفي الـ14 من يناير (كانون الثاني) 2014 أعدم تنظيم “داعش” ما يقارب 100 مقاتل من فصيلي “جبهة النصرة” و”حركة أحرار الشام”، بسبب رفضهما الانضمام للتنظيم، وبعد ذلك باتت الرقة كاملة في قبضة “داعش” بما في ذلك سد الفرات الاستراتيجي، وأعلنها التنظيم الإرهابي عاصمة له.
معركة التحرير والعروض التركية
في أكتوبر (تشرين الأول) 2016، بدأ التحالف الدولي بمساندة قوات عراقية وأخرى كردية في معركة ضخمة لاستعادة مدينة الموصل من تنظيم “داعش”، وبعد أيام من بدء معركة الموصل، دعا وزير الدفاع الأميركي، آنذاك، آشتون كارتر إلى بدء معركة مشابهة في الرقة لطرد “داعش” منها، مؤكداً استعداد قوات بلاده لدعم معركة “تحرير الرقة”، وكان التوجه الأميركي لأن يكون هناك غطاء جوي يقوم به التحالف الدولي تزامناً مع عمليات برية تقوم بها الجماعات المسلحة الكردية وعلى رأسها تنظيم “وحدات حماية الشعب”، وأثناء التحضير للمعركة المرتقبة، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتصالاً بنظيره الأميركي باراك أوباما، مقدماً له عرضاً تركياً يشمل أن “لا تشارك وحدات حماية الشعب الكردية في معركة تحرير الرقة مقابل أن يرسل الجيش التركي قوات برية تطرد داعش”، لكن لم يكن هناك ترحيب أميركي بالعرض التركي.
ومن جانب آخر أبدى وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون تحفظ بلاده على فكرة مشاركة قوات غير عربية في تحرير الرقة، مطالباً بأن تكون القوات عربية بحتة.
في الأثناء كانت المعارك في أشدها بالموصل (العراق)، كما فر آلاف من مسلحي “داعش” من الموصل إلى الرقة، مما جعل معركة الرقة المنتظرة قد تكون أصعب لكون التنظيم قد بدأ يزيد تحصيناته فيها، وفي السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، أعلنت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، رسمياً بدء معركة الرقة، ودعت قوات التحالف الدولي لتوفير غطاء جوي، وعلى الفور أعلنت واشنطن ترحيبها بالإعلان وانطلقت المعارك على الأرض من جهة منطقة عين عيسى بريف الرقة الشمال، قبل التوجه إلى المدينة.
بعد نحو أسبوع من المعارك أعلنت “قسد” أنها حققت المرحلة الأولى من العملية، وسيطرت على عشرات القرى والبلدات في ريف الرقة، واستمرت المعارك في أرياف الرقة أشهراً عدة من دون أن تتمكن “قسد” من الوصول إلى المدينة، فيما حاول تنظيم “داعش” الإرهابي شن هجمات مضادة وتفجير سيارات مفخخة، ما أسهم في تباطؤ تقدم “قسد”، وتزامناً مع هذه المعارك شنت قوات التحالف الدولي غارات جوية مكثفة تسببت في دمار هائل لا تزال آثاره حتى اليوم.
خطر انهيار سد الفرات
كان سد الفرات الاستراتيجي آنذاك، تحت سيطرة “داعش”، ومع تقدم “قسد” نحو السد في الـ23 من يناير 2017، قام التنظيم بفتح توربيناته بهدف رفع منسوب مياه نهر الفرات، مما هدد بغرق مناطق بأكملها، وارتفع، بالفعل، منسوب المياه إلى أعلى مستوى له في القرن الـ 21، وما زاد الأمر تعقيداً تنفيذ الطيران الحربي الأميركي غارة جوية قرب السد، ومع ازدياد خطر الفيضانات الكارثية واحتمال انهيار السد انسحبت “قسد”، وأوقف التحالف الدولي عملياته في منطقة الطبقة، حيث يقع سد الفرات، كما أغلق “داعش” توربينات السد، وتوقف جزئياً خطر الفيضانات أو الانهيار.
عطشى على ضفاف الفرات
في الثالث من فبراير (شباط) 2017، شنت قوات التحالف الدولي غارات جوية عنيفة جداً داخل مدينة الرقة، دمرت خلالها عدداً من الجسور الرئيسة في المدينة، كما دمرت جميع الأنابيب الأساسية للمياه، فانقطعت مياه الشرب عن جميع مناطق الرقة مع وجود مئات آلاف المدنيين فيها، إلا أنه تم على وجه السرعة إصلاح أنابيب المياه، واستمرت المعارك في أرياف الرقة الغربية والشرقية، وسيطرت “قسد” على كامل أوتوستراد الرقة – دير الزور، قبل أن تجهز حملة ضخمة خاصة بمهاجمة منطقة الطبقة وسد الفرات مرة ثانية، وبالفعل بدأت الهجمات نحو السد في النصف الثاني من مارس، وسيطرت “قسد” على مناطق عدة محيطة به، تزامن ذلك مع غارات جوية في ظل تقارير تفيد بأن السد يتعرض لأعطال بالغة بسبب الغارات الجوية، وأن خطر الانهيار عاد مجدداً، لذلك تم وقف الغارات الجوية موقتاً للسماح لمهندسين متخصصين بالدخول إلى السد وتقييم الأضرار وإصلاحها، وأثناء عمليات الإصلاح شنت طائرة أميركية غارة على السد قتل خلالها أحد المهندسين وفق بيانات المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومع نهاية مارس 2017 أعلنت “قسد” فرض سيطرتها على كامل سد الفرات.
الرقة بلا “داعش”
وبحلول مايو (أيار) 2017، تمكنت “قوات سوريا الديمقراطية” والتحالف الدولي من فرض طوق على مدينة الرقة، ومحاصرة “داعش” الذي تعرض تزامناً مع ذلك لهزائم كبيرة في دير الزور والعراق، وفي الـ11 من يونيو (حزيران) تمكنت من الدخول إلى حيي الرومانية والصناعة، وفي اليوم التالي سيطرت على حي حطين، وبعد معارك عنيفة جداً وصلت إلى حي البريد وسط المدينة، كل هذا التقدم كانت تسبقه غارات جوية تستهدف كل مكان من المحتمل أن يوجد فيه مسلحو “داعش” الذي كان يستخدم المدنيين دروعا بشرية، إذ أسفرت الغارات الجوية على الرقة عن مقتل مئات المدنيين، فضلاً عن تدمير البنى التحتية في غالب مناطق المحافظة، كما تعرضت أحياء بأكملها للتدمير، وعلى رغم محاولات إنشاء مشاريع التعافي، فإن الرقة لا تزال حتى اليوم تعاني تداعيات معارك تنظيم “داعش”، وبعد طرده منها تم تأسيس “جمعية مدنية” كإدارة موقتة لتسيير أمور المدينة، ثم تم لاحقاً إنشاء قوات أمن داخلي تابعة لـ “قسد” اشتهرت لاحقاً باسم قوات “الأسايش”، وانتشرت بصورة واسعة في شمال شرقي سوريا.
هل لا يزال “داعش” موجوداً في الرقة؟
على رغم هزيمته في الرقة، والفاتورة الباهظة التي دفعها أهالي المدينة، بقي لتنظيم “داعش” وجود محدود في أرياف المدينة تحت ما يسمى “الخلايا النائمة”، التي كانت تشن هجمات في بعض الأحيان على قوات “قسد”، أما أسرى التنظيم فتم نقلهم إلى سجون أشهر عدة سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة، فيما تم نقل عائلات مسلحي “داعش” إلى مخيمات محصنة مثل مخيم الهول قرب الحدود السورية – العراقية، وبعد سقوط النظام السوري في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024 صدرت تحذيرات عدة من عودة “داعش” إلى الرقة ومناطق أخرى في سوريا، لكن ميدانياً لم يتم حتى الآن تسجيل نشاط ملموس للتنظيم المصنف على قائمة الإرهاب العالمية.
ومنذ طرد “داعش” من الرقة، بقيت المدينة بالكامل تحت سيطرة “قسد” حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لكن بعد أيام من سقوط النظام، أعلنت رفع العلم السوري الجديد (علم الثورة السورية)، على المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتها، بما في ذلك الرقة، إلا أن إدارة العمليات العسكرية أو “هيئة تحرير الشام” لم تدخل إلى المدينة حتى الآن، وسط محادثات وصفت بـ”العسيرة” تجري حالياً لحل قضية المنطقة الشرقية من دون عمليات عسكرية.
———————————-
ما لا نعرفه عن الاستخبارات السورية وما مصيرها؟/ طارق علي
عشرات الأفرع الأمنية في ليلة واحدة بعد استبداد دام خمسة عقود
بشار الأسد لم يغير من سياسة أبيه، بل اتبع نهجاً أكثر راديكالية في تعميم مفاهيم الأمن وتغلغلها في الحياة الاجتماعية، حتى بات يقال مقابل كل مواطن سوري هناك مخبر أمني، وهذا المخبر كان يحدد، عبر السلطة، لمواطنيها واجباتهم بمعزل عن حقوقهم وتطلعاتهم.
منذ وصول حافظ الأسد إلى حكم سوريا بشكل غير مباشر عبر اللجنة العسكرية لـ”حزب البعث العربي الاشتراكي” عام 1963 عقب الانفصال عن مصر، وكجزء من تلك اللجنة بدأ يبني سياسته الخاصة وفق مفاهيمه الأمنية المتشددة التي لن تسمح لاحقاً بخروقات أمنية تهدد مصير الضابط الحالم، الذي سرعان ما أقصى رفاق دربه في اللجنة بين المنافي والسجون.
ممارسات أمنية شكلت وجه سوريا الوليدة
قبل ذلك تمكن الأسد من استغلال رفاق لجنته العسكرية، سبعة أعوام كاملة، ومن بينهم الضابط عبدالكريم الجندي، الرئيس العام لأجهزة الأمن، رئيس مكتب الأمن القومي التابع لـ”حزب البعث”، إذ تولى الجندي خطف وتعذيب وإخفاء وتغييب معارضي الحزب والسلطة الوليدة، وظلت الحال هكذا حتى انقلاب نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1970 الذي نفذه حافظ الأسد وصولاً إلى تسلمه مقاليد السلطة في مارس (آذار) عام 1971، مستخدماً قبضة أمنية من حديد، حكمت وتحكمت في مصير سوريا وشعبها أمنياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ودينياً وهيكلياً، حتى تعدت مفاهيم إنشائها لتتدخل في العلاقات الأسرية والسلطوية وتتجاوز المهام التي أنشئت لأجلها، في مشهد يعكس صورة البلد الذي يحكمه ديكتاتور بأذرع أمنية متصلة، منفصلة، تشكل مع بعضها بعضاً مشهد الولاء التام للقائد.
أكثر راديكالية
بشار الأسد لم يغير من سياسة أبيه، بل اتبع نهجاً أكثر راديكالية في تعميم مفاهيم الأمن وتغلغلها في الحياة الاجتماعية، حتى بات يقال مقابل كل مواطن سوري هناك مخبر أمني، وهذا المخبر كان يحدد، عبر السلطة، لمواطنيها واجباتهم بمعزل عن حقوقهم وتطلعاتهم.
وقد كانت المؤسسات الاستخباراتية تلك إضافة إلى وزارتي الداخلية والدفاع خطوط الدفاع والتماسك في وجه أي عاصفة قد تهب في وجه النظام، بافتراض حصول عاصفة كانت مستبعدة حتى ثورة عام 2011 التي عرت الأمن وأوضحت ملامح الخلل والفساد داخل بنيته التكوينية.
صراع الأخوين
كانت المؤسسة الأمنية تقوم على عاملين لا ثالث لهما، الولاء الأعمى والمطلق لشخص الرئيس، والتعيينات الطائفية التي تضمن بدورها ولاءً إضافياً لا يمكن زعزعته، كما كان يعتقد.
وبالعودة قليلاً إلى الوراء وتحديداً إلى ثمانينيات القرن الماضي اتضح دور تلك المؤسسة في خلاف الشقيقين، حافظ ورفعت، على تفتيت البلد والصراع الدامي الذي قام بينهما، إذ كان رفعت على شفا حفرة من إطاحة أخيه، قبل أن يستنهض الأخير قواته ويتمكن من شقيقه معيداً هيكلة مؤسستي الجيش والأمن وضبط موازين القوى فيهما ضماناً لوقف أي تحرك مستقبلي من أي جهة كانت، متوقعة أو غير متوقعة.
سطوة استخباراتية وصرف نفوذ
وسمح إعلان قانون الطوارئ الذي اتفق عليه في ثورة الثامن من مارس 1963، وتعديلات الدستور العام عام 1973 في عهد حافظ، لأجهزة الأمن السورية بتخطي صلاحيتها نحو أضعاف ما كان منصوصاً عليه، مستفيدة من قانوني الطوارئ والأحكام العرفية اللذين ظلا سائدين حتى الثورة السورية، وكانت تدعم كل ذلك مراسيم وقرارات وتوجيهات شفهية.
تلك التوجيهات والدعم المغذي للأمن أطلقت يده في الشارع السوري تعذيباً وتنكيلاً وقمعاً وتقييداً للحريات ومصادرة الرأي العام الشعبي، وفي وسائل الإعلام المقيدة أساساً بالخطاب الخشبي السلطوي، مما تسبب، مع تتالي السنين، بانتكاسات وردود فعل عنيفة ناتجة من الرفض المستميت في السحق لمصلحة أجهزة الاستخبارات في مقابل شعب أعزل كان يكفي تقرير كيدي واحد ليقوده نحو غياهب السجون، ولينجو منها إن حالفه الحظ بعد أعوام، أو يموت بين جدرانها ويصير مأواه مقابر جماعية تكشفت العشرات منها بعد سقوط النظام خلال الشهر الجاري.
وهي العوامل ذاتها التي قادت الغضب في الشارع السوري نحو ثورة مارس 2011، بعد أن ضاق الناس ذرعاً بالممارسات الأمنية التي كانت تتدخل في أبسط شؤون حياتهم الإدارية والخدمية والمعيشية، بل والتي كانت تتحكم في عدد أنفاسهم، حتى بالكاد يمكن أن يوجد سوري لم يعان، ذات مرة، خلافاً أمنياً أو سطوة استخباراتية أو صرف نفوذ واستغلال سلطة طُبق ضده.
المهام والهيكلية
تتألف أجهزة الاستخبارات والأمن السورية من خمس إدارات، وهي: إدارة الاستخبارات العامة (أمن الدولة) وشعبة الاستخبارات العسكرية وإدارة الاستخبارات الجوية وشعبة الأمن السياسي وإدارة الأمن الجنائي، والأخيرة هي الأقل نفوذاً وتخضع لرقابة صارمة من جهاز الأمن السياسي الذي يتبع والأمن الجنائي وزارة الداخلية، ومهمته حفظ الأمن الداخلي ومتابعة أرباب السوابق ومكافحة الجريمة.
إدارة الأمن الجنائي هي جهة مدنية تتمتع بالحقوق المدنية الكاملة، وتجري محاكمة أفرادها وضباطها أمام القضاء المدني العادي خلاف بقية الإدارات والشعب التي تصدر القرارات المتعلقة بها من القضاء العسكري.
وتتبع مختلف الجهات الأمنية في سوريا مكتب الأمن الوطني المركزي، الذي كان يديره حتى العام الماضي اللواء علي مملوك، الذي صار في ما بعد مستشاراً للرئيس الأسد لشؤون الأمن الوطني، وليحل بديلاً عنه اللواء كفاح ملحم، الذي كان رئيساً لشعبة الاستخبارات العسكرية، ويتولى مكتب الأمن الوطني بروتوكول التنسيق بين الجهات والإدارات الأمنية، إلا في حالات قليلة يجري فيها التواصل مباشرة من قبل الإدارات من رئيس النظام السابق أو المقربين منه في الدوائر المغلقة، كشخص مدير مكتب القائد العام الذي كان يشغله اللواء طلال مخلوف، قائد الحرس الجمهوري سابقاً، الذي انتشرت مقاطع مصورة له خلال الأيام الماضية وهو يجري تسوية أمنية لمصلحة قيادة العمليات الجديدة في سوريا.
إدارة الاستخبارات العامة
وكانت تسمى في السابق إدارة أمن الدولة، وترتبط مباشرة برئاسة الجمهورية من دون تبعية لأي وزارة أو جهة أخرى، وقد أنشئت عبر المرسوم 14 عام 1969، وعُدل شكل وجودها بالقانون 495 عام 1971 إبان سيطرة الأسد على الحكم، ويطلق عليها عموماً في الأوساط الأمنية المتخصصة لقب الوحدة 1114.
وتضم الإدارة 12 فرعاً أمنياً مركزياً وأفرعاً في عموم المحافظات، وتضم أيضاً المعهد العالي للإدارة الأمنية الذي استحدث عام 2007، والهدف منه إخضاع أفراد أمن السفارات الموفدين للخارج لدورات أمنية مكثفة في شؤون عملهم. وما يميز هذه الإدارة كثافة المدنيين المتعاقدين معها، الذين يرأسون أقساماً مختلفة كقسمي الأحزاب والطلبة وسجلات المخبرين والتعاملات الخارجية وغيرها، أما ضباطها وعناصرها النظاميون فيُنتدبون إليها عبر وزارتي الداخلية والدفاع ليشكلوا نواتها الأمنية.
وفي سياق استحداث هذه الإدارة نص مرسوم تشكيلها على أن تكون إدارة مدنية إلا أنها سرعان ما تحولت إلى إدارة عسكرية بضباطها وجنودها ومهامها، ويتبع أفرادها شكلياً ومالياً الجهة التي انتُدبوا منها، أما المدنيون فيخضعون لقوانين الموظفين العامين في الدولة.
وفي قانون النسبة والتناسب فإن هذه الإدارة تمثلها ألوان طائفية متعددة من المجتمع السوري، وآخر من قادها قبل سقوط النظام اللواء حسام لوقا، وهو سني من القومية الشركسية ينحدر من بلدة خناصر في ريف حلب، وقد جاء خلفاً للواء ديب زيتون على رأس واحدة من أهم الإدارات الأمنية، كما اضطلع لوقا بملفات دولية حساسة إبان فترة وجوده، ومنها مفاوضات مع الأجهزة الأمنية العربية والغربية وتمثيل سوريا في كثير من المحافل الدولية في الآونة الأخيرة، وما زال مصيره مجهولاً بعد سقوط النظام.
بنية أمن الدولة
ويجري تعيين رئيس الجهاز من قبل رئيس الجمهورية بصورة مباشرة، يليه أكثر من نائب ومعاون يُعينون أيضاً بمراسيم جمهورية، وكان أشهرهم خلال الحرب اللواء محمد خلوف واللواء زهير حمد.
-فرع مكافحة الإرهاب 295: ويعرف أيضاً باسم فرع “نجها” نسبة إلى منطقة في ريف دمشق حيث يوجد مقرها الرئيس، ومن ضمن اختصاصات هذا الفرع تدريب عناصر الإدارة العسكريين ومكافحة الإرهاب والمداهمة والاختطاف وتنفيذ عمليات الاغتيال، وكان من أول الأفرع التي تحركت لتقمع تظاهرات درعا وبانياس عام 2011.
-فرع مكافحة التجسس 300: ويعنى هذا الفرع، وفق مهامه، بمتابعة الشخصيات الأجنبية على الأراضي السورية والتعامل مع من يظنهم مشبوهين في الأجندة والتوجه، كما يراقب المؤسسات الحكومية والخاصة التي يقتضي تعاملها وجود علاقات خارجية إضافة إلى مراقبة الشخصيات السياسية العامة بالتنسيق مع شركات الاتصالات.
-فرع المعلومات 255: مهمة فرع المعلومات هي مراقبة القطاعات الدينية والحزبية والإعلامية، والحصول على المعلومات السياسية، ويعد خزاناً للمعلومات الواردة من بقية الأفرع كلها في الإدارة ذاتها بما فيها أفرع المحافظات.
-فرع التحقيق 285 والفرع 279: مهمتهما متابعة التحقيق بالمعلومات الواردة من الأفرع الأمنية أو المخبرين، ويتولى فرع التحقيق مهمة توقيف المعتقلين والتحقيق معهم، أما الفرع الخارجي فمهمته إدارة السفارات الخارجية والقنصليات والوفود والبعثات ومراقبة وزارة الخارجية وأداء عملها ومراقبة السوريين المغتربين ونشاطاتهم.
-الفرع الفني 280: وهو جهاز أمني مهمته تختص بعمليات التنصت والتشويش والمراقبة الفنية، إضافة إلى دعم الأفرع بالمستلزمات الفنية والتقنية كافة.
-الفرع الداخلي 251: يعد أخطر أفرع الإدارة، وهو مسؤول عن مراقبة العمل الأمني داخلياً وخارجياً، وله صلاحيات كاملة في اختيار المسؤولين المدنيين والعسكريين وصولاً إلى وزراء في الحكومة، ويوجد داخل الفرع الذي كان يديره اللواء أحمد ديب قبل سقوط النظام قسم يسمى “قسم الأربعين”، وكان الأكثر توحشاً وعدوانية، ويديره العقيد حافظ مخلوف شقيق رجل الأعمال رامي مخلوف.
ويعرف الفرع أيضاً باسم “فرع الخطيب”، وخلال أعوام الأزمة كان مسؤولاً عن الجباية والدولار واعتقال التجار وفرض الإتاوات.
كذلك هناك أفرع أخرى لكل منها مسؤوليات محددة كفرع التدريب 290 الذي يعمل على رفع سوية العناصر، والفرع الاقتصادي 260 المعني بالشأن الاقتصادي العام، والفرع 111 وهو مكتب متخصص بمدير الإدارة العامة ويعمل بمثابة ديوان شخصي، كذلك في كل محافظة سورية هناك فرع أمني يتبع للإدارة وفيه أقسام تتشابه مع الإدارات المركزية.
شعبة الاستخبارات العسكرية
تتبع شكلياً لناحية التسليح والمالية والأمور الإدارية لوزارة الدفاع لكنها عملياً لا تتلقى أوامرها من الوزير، بل هي التي تُعينه مع رئيس الأركان وقادة الجيش. وقد أنشئت لتكون مسؤولة عن أمن القطاعات العسكرية والحدود وأمن العناصر والضباط وأمن المنشآت العسكرية.
بنية الشعبة
-الفرع 293: هو فرع شؤون الضباط يقوم بمهام الشبكة الأمنية، وليس كفرع يتبع للإدارة. ويحتوي الفرع على ملفات تقييم ومراقبة ومتابعة لضباط الجيش وتحركاتهم وعلاقاتهم وتوجهاتهم وأسرهم، وله دور أساس في ترقية أو إبعاد أو نقل ضباط الجيش أو تعيينهم في مراكزهم، ويملك رئيس هذا الفرع إمكانية الاتصال مباشرة برئيس الجمهورية ورفع تقاريره له، بحسب ما هو معروف عنه، ولهذا الفرع أن يعتقل الضباط ويحقق معهم ويسجنهم أو يجردهم من رتبهم أو يحيلهم على التقاعد.
-الفرع 291: هو لقب الفرع الإداري ويسمى أيضاً فرع المقر، ويعد بمثابة فرع الديوان، ويُراقب أداء بقية الأجهزة الأمنية داخل الشعبة نفسها، وهو المسؤول عن منح وتجديد البطاقات العسكرية.
-الفرع 294: فرع أمن القوات، وهو المعني بمراقبة تحركات قطع وإدارات الجيش والقوات المسلحة.
-الفرع 235/ فرع فلسطين: وهو من أهم أفرع هذا الجهاز وأقدمها وأخطرها وأكثرها نفوذاً وانتشاراً وقدرة على كيل التهم وتنفيذ الاعتقالات، وله سجون يروي عنها الناجون مرارة الاعتقال فيها، ولشدة أهميته يكاد يعادل عمل الشعبة بأكملها، ويمتلك نشاطين داخلياً وخارجياً، وكذلك يراقب الأجانب والفلسطينيين وكذلك السوريون، ويعادل حجم المهام الموكلة له حجم إدارة استخباراتية كاملة.
-فرع المعلومات: ويشمل أقساماً متعددة من بينها الأحزاب والأديان، ويجمع ويجلب المعلومات الكاملة المتعلقة بعمل بقية الأفرع الأمنية، ويراقب نشاط وسائل الإعلام بمختلف مناحيها.
-الفرع 211: يسمى فرع الإشارة، وهو مسؤول عن مراقبة الإشارات اللاسلكية للجيش والأمن وتشفيرها، إضافة إلى عمليات المسح الفني والراشدات. وفرع الاتصالات 225 الذي ينفذ كل مشاريع الاتصالات في القطر السوري.
-أما الفرع 248، فرع التحقيق العسكري: فيعد ثاني أقوى فرع سطوة ونفوذاً واعتقالات بعد فرع فلسطين، وكذلك فرع السرية أو المداهمة أو 215، ويعمل على تنفيذ العمليات التي تستعصي على بقية الأفرع، وقد اتخذ بعداً إضافياً في سجن التجار وابتزازهم مالياً. ويقدر تعداد عناصره بـ3 آلاف عنصر.
وكذلك هناك فرع الدوريات وفرع الجبهة “سعسع” الذي يراقب الأمور في الجولان المحتل ويراقب قوات الـ”يوندوف” الدولية العاملة هناك.
إدارة الاستخبارات الجوية
تشكلت مع بداية تولي الأسد الأب السلطة، وظلت واحدة من أقوى الأجهزة الأمنية في سوريا حتى سقوط النظام، وتعد الأكثر ولاءً للنظام السابق، وتتبع، كما شعبة الاستخبارات العسكرية، لوزارة الدفاع، لكنها بالتشارك معها وعلى رغم تبعيتها بالسلاح والمال للوزارة، فإنها تتدخل في تعيين وزير الدفاع وتقييمه.
الاستخبارات الجوية
تتكون الاستخبارات الجوية من كثير من الأفرع المركزية والثانوية، وتمتلك سبعة أفرع في العاصمة بينها فرع التحقيق، وستة أفرع في المحافظات السورية، إذ إن فرع المنطقة في دمشق، مسؤول عن دمشق وريفها، وفرع المنطقة الجنوبية مسؤول عن درعا والسويداء والقنيطرة، وفرع الوسطى مسؤول عن حمص وحماة ومقره في حمص، والفرع الشمالي مسؤول عن حماة وحلب ومقره في حلب، وفرع المنطقة الشرقية ويغطي دير الزور والحسكة والقامشلي ومقره دير الزور، وفرع المنطقة الساحلية المسؤول عن طرطوس واللاذقية ومقره اللاذقية.
ومن أهم أفرعه المركزية: فرع الإدارة وفرع المعلومات وفرع التحقيق وفرع المطار وفرع العمليات وفرع العمليات الخاصة، ويوجد فرع المطار في مطار المزة العسكري ويعد مسؤولاً عن أمن الطيران الرئاسي وأمن الطائرة الرئاسية والأمن الشخصي للرئيس في الخارج، وفرع العمليات ينسق مع فرع المطار في تنقلات الرئيس لضمان أمنه، أما فرع العمليات الخاصة فهو فرع مقاتل يستعين بمن يراه مناسباً لإتمام العمليات القتالية، بينما فرع التحقيق يعد واحداً من الأسوأ صيتاً في عمليات التعذيب.
شعبة الأمن السياسي
تتبع مباشرة وزارة الداخلية في الشؤون المالية والإدارية والتعيينية والتنفيذية، لكنها في الوقت عينه منفصلة عنها تماماً، إذ تمارس دور الرقيب عليها وعلى وزيرها وضباطه وعناصره، وتعد الشعبة الأكثر تداخلاً وتغلغلاً في المجتمع السوري، ويكون جميع ضباطها من ملاك وزارة الداخلية باستثناء رئيسها الذي يُعين بمرسوم جمهوري، وكان آخر من رأسها قبل سقوط النظام اللواء غيث فياض المتواري عن الأنظار.
ومن أبرز من شغل مناصب إدارتها اللواء غازي كنعان واللواء رستم غزالي، ولهذه الشعبة دور استخباري محض أكثر منه ميداني، وهي الوحيدة التي لا تمتلك أفرعها أرقاماً ثلاثية، إذ تسمى أفرعها بأسماء المدن التي تتبع لها، كفرع الأمن السياسي في ريف دمشق مثلاً.
هيكلية الأمن السياسي
يتكون الأمن السياسي من 12 فرعاً مركزياً وهي: فرع المركبات وفرع الإشارة وفرع الشؤون الإدارية وفرع نظم المعلومات وفرع الديوان وفرع الشؤون العربية والأجنبية وفرع الأحزاب والهيئات وفرع الأمن الاقتصادي وفرع المراقبة وفرع التحقيق وفرع المعلومات وفرع أمن الشرطة، وكل فرع في هذه الإدارة يشرح اسمه طبيعة العمليات الموكلة إليه، لا سيما أنه الأقرب إلى المدنيين لكون جميع ضباطه تخرجوا في الكليات الحقوقية وتتلمذوا في مدرسة الشرطة، وتجري عليهم الأحكام والقوانين المدنية مما أتاح لهم بيئة خصبة للاحتكاك بالمدنيين.
وتمتلك شعبة الأمن السياسي 13 فرعاً في المحافظات عدا القنيطرة، إذ هناك قسم في فرع ريف دمشق اسمه القنيطرة، وهو المسؤول عن متابعتها أمنياً، ولا يعد هذا الجهاز من أشد الأجهزة ولاء للسلطة خلاف الاستخبارات العسكرية والجوية إذ إنه يضم مزيجاً عرقياً وطائفياً شديد التفاوت.
الجميع تحت المراقبة
المشترك بين جميع الأجهزة الأمنية السورية هو أمران، امتلاكها أفرع تحقيق، وقدرتها على التنصت على المكالمات الهاتفية، وحقيقة كادت تضع الشعب السوري كله تحت المراقبة الهاتفية، فكان يكفي ذكر كلمات معينة، وقد تكون بسيطة، مثل دولار للقبض على قائلها، لذا راح الناس يستخدمون أسماء أخرى للدولار في معاملاتهم الهاتفية.
ماجد شاب من حمص قضى عاماً ونصف العام في فرع الخطيب بأمن الدولة لأنه كان يجري مكالمة يتفق فيها مع الموزع على ثمن بضائع الدخان بالدولار، ثم خرج بفدية ناهزت 50 ألف دولار، ويقول “لم يكن الهدف المكالمة نفسها، بل ابتزازي لأدفع، وهناك التقيت كثيراً من التجار وأصحاب رؤوس الأموال، كنا نُفرز إلى طبقتين، المكتنزون وحدهم ونحن وحدنا، وكل فترة بعد تعذيب مرير نُبلغ بطريقة أو بأخرى بأن علينا الدفع لنخرج من هذا المأزق ولتنتهي حفلات التعذيب”، ويضيف “أنا لو كنت متبصراً منذ البداية لدفعت وانتهى الأمر، لكن المضحك في القصة أن الفاتورة التي ألقي القبض عليَّ في شأنها لم تكن تتجاوز 1000 دولار”.
افتراءان وفديتان ورد فعل
وكحال ماجد حال الشاب مثنى معيوف الذي ألقي القبض عليه من قبل سرية المداهمة (الفرع 215) في الأمن العسكري لأنه كان يمتلك هاتفاً للبيع ويعرضه على واجهة متجره، لكن ساء حظاً أن ذلك الجهاز لا يحمل شعار الشركة الوحيدة المخولة ببيع الأجهزة التي كانت تبعيتها لأسماء الأسد، فجرت مداهمة محله واعتقاله.
وظل مثنى يتعرض للتعذيب من أجل ذنب صغير لأكثر من ثلاثة أشهر في السرية، حتى تمكن ذووه من دفع فدية مالية تعادل 20 ألف دولار لإخراجه من جحيم المعتقل. لكن القصة لم تنته هنا، إذ اعتقد مثنى أن اعتقاله مر وأبعدت العيون عنه، وعاد كما غيره ليتاجر بصورة خفيفة بتلك الأجهزة غير باهظة الثمن لأنها لا تتبع للشركة الحصرية للبيع، وهذه المرة ألقي القبض عليه إثر تتبع اتصالاته واتفاقه مع تاجر آخر ليشتري منه ثلاثة أجهزة، وهذه المرة كلفته القصة ليخرج 40 ألف دولار، ومن بعدها أغلق متجره وترك مهنته، وأول ما فعله مع سقوط النظام، كما يروي، أنه مزق كل شعارات الشركة في لوحات العرض بالطرقات.
———————————-
تمشيط حمص مستمر.. اعتقال قادة ومسؤولين من النظام السابق
04 يناير ,2025:
استمرت حملة التمشيط في حمص وسط سوريا والتي بدأت منذ أيام بحثاً عن مجرمي حرب ومتورطين بجرائم، ومن وصفوا بفلول النظام السابق، ممن رفضوا تسليم سلاحهم ومراجعة مراكز التسوية.
مراسل العربية محمد الأشقر يرصد الحملة الأمنية لملاحقة فلول الأسد في حمص: أسفرت عن اعتقال قادة أمنيين ومسؤولين في سجون النظام السابق#قناة_العربية #سوريا #حمص pic.twitter.com/b6tOMkyoW8
— العربية عاجل (@AlArabiya_Brk) January 4, 2025
فقد أفاد مراسل العربية/الحدث بأن عملية التمشيط أسفرت عن اعتقال قادة أمنيين ومسؤولين في سجون النظام السابق.
وأضاف أن إدارة العمليات ضبطت أسلحة لعناصر النظام السابق في حمص وريفها.
فيما قالت إدارة العمليات العسكرية لـ “العربية/الحدث” إنها تلاحق فلول النظام السابق وعناصر لحزب الله في حمص.
وفي وقت سابق، أعلنت إدارة العمليات أن الأجهزة الأمنية تواصل ملاحقة فلول للنظام السابق في حمص وريفها.
كما أضافت في بيان أنها ضبطت مستودعا للذخيرة في حي الزهراء بحمص.
150 موقوفاً
فيما أسفرت عمليات التمشيط هذه عن توقيف نحو 150 شخصاً، حسب معلومات العربية/الحدث.
كما أطلقت قوات إدارة الأمن العام حملة أمنية واسعة في مدينة حلب، لملاحقة “فلول الأسد”، أسفرت عن اعتقال عدد من المتورطين بأعمال إجرامية.
وكانت وزارة الداخلية بالتعاون مع “إدارة العمليات العسكرية”، بدأت الأسبوع الماضي عملية تمشيط واسعة بأحياء مدينة حمص، فضلا عن ريف دمشق.
في حين ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان سابقا، أنه تم اعتقال مسؤولين عن مجزرة كرم الزيتون 2012 في حملة حمص.
تسوية الأوضاع
يشار إلى أنه منذ تولي تلك الإدارة الجديدة (التي تضم هيئة تحرير الشام، بالإضافة إلى فصائل مسلحة أخرى متحالفة معها) الأوضاع الأمنية في البلاد، إثر سقوط الأسد، سلم مئات الجنود والضباط في الجيش السوري أنفسهم من أجل تسوية أوضاعهم.
فيما لاحقت الفصائل بعض “رجالات الأسد” وضباطه الذين حملوا السلاح رافضين التسوية في بعض المناطق، واعتقلتهم من أجل تحويلهم لاحقا إلى القضاء وخضوعهم لمحاكمات عادلة.
بينما فر عدد من المسؤولين والعسكريين والسياسيين إلى خارج البلاد خلال الفترة الماضية، خوفا من الملاحقة.
————————
مُسح عن الخريطة.. القابون حيٌ احتضن مظاهرات دمشق فعوقب سكانه بالتهجير/ خالد حمزة
2025.01.03
مع سقوط نظام الأسد، انكشف للعالم حجم الدمار الكبير في حي القابون الدمشقي الذي كان خلال سنوات الثورة السورية مركزا لمظاهرات العاصمة، مناديا بالحرية والكرامة.
وكان نظام الأسد قد عاقب سكان القابون بالتهجير القسري بعد احتضان حيهم أضخم مظاهرات دمشق، حيث أجبرهم على مغادرة منازلهم عام 2017، وباشر بعد ذلك بحملة هدم منهجية للمباني، سواء كانت مرخصة أو مبنية بشكل عشوائي.
وتظهر جولة في الحي تحوّل المنازل إلى كومة من الركام، في واقع أفقد الأهالي جزءا كبيرا من فرحتهم بسقوط نظام الأسد وهروب رئيسه إلى موسكو. وتؤكد صور الأقمار الصناعية واللقطات الجوية التي وثقها الناشطون أن عمليات الهدم هذه طالت معظم مباني الحي، حيث تم تسوية جميع المنازل الواقعة جنوب ووسط وشرق الحي بالأرض بشكل كامل.
ويظهر بوضوح من خلال أدوات تحليل الخرائط أن الهدم لم يكن نتيجة للمعارك فقط، بل كان جزءا من عملية جرت بعد السيطرة على الحي، في حين أن الصور تشير إلى أنّ المنازل كانت تختفي من الخريطة اعتبارا من عام 2018 إلى عام 2022.
ما دوافع نظام الأسد لهدم حي القابون؟
في حديثه مع موقع تلفزيون سوريا، أكد المهندس المدني سامي الخطيب المقيم في القابون أن الجزء الأكبر من عقارات حي القابون تم تسويته بالأرض بعد سيطرة جيش النظام على الحي وتهجير سكانه.
وأضاف الخطيب أن “النظام برر عمليات الهدم بالادعاء أن المنطقة كانت تضم مخالفات، وأن الهدم يأتي ضمن مشروع إعادة تنظيم المنطقة وتحويل الحي إلى منطقة حديثة ومنظمة، فكان هذا هو المبرر الظاهري الذي تم تقديمه”.
ولكن المهندس يرى أن الهدف الحقيقي من هذه العمليات كان أبعد من ذلك بكثير، فقد اعتبر أن “الهدم كان في جوهره عملية انتقام من سكان الحي بسبب تأييدهم للثورة السورية ومشاركتهم في المظاهرات التي طالبت بإسقاط النظام، معتبرا هذه العمليات محاولة واضحة لإحداث تغيير ديمغرافي في المنطقة”.
وكان رئيس النظام المخلوع بشار الأسد أصدر بتاريخ 14 أيلول 2021 المرسوم رقم (237)، الذي نص على إحداث “مناطق تنظيمية” في مدخل دمشق الشمالي، بما يشمل حي القابون وحرستا وذلك استنادا إلى المخطط التنظيمي التفصيلي رقم (104)، الصادر في حزيران 2019، والذي يغطي مساحة ضخمة تصل إلى 200 هكتار (2 مليون متر مربع).
ويقضي هذا المخطط بهدم أكثر من 70 في المئة من مساحة حي القابون، وإعادة تنظيم المنطقة لإقامة أبراج سكنية وتجارية وخدمية، إلى جانب مشافٍ ومدارس ومراكز استثمارية.
واعتمد المرسوم رقم (237) على قوانين متعددة، أبرزها القانون رقم 10 لعام 2018، الذي يحول الملكيات العقارية إلى أسهم شائعة مما يسمح بنزع الملكيات من أصحابها وتحويلها إلى مشروعات استثمارية من دون الحاجة إلى موافقة مسبقة من المالكين، ورغم أن المرسوم لم يذكر القانون رقم 10 صراحة، إلا أن الإجراءات المتبعة تُظهر ارتباطه الوثيق بهذا القانون.
كما يستند المخطط التنظيمي إلى القانون رقم 23 لعام 2015، الذي يسمح للوحدات الإدارية باقتطاع نسب من الأراضي المنظمة لإقامة مرافق عامة، مثل الحدائق والمشافي.
ويظهر المرسوم رقم 237 بوضوح كيف استغل النظام السوري القوانين والمراسيم لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية، أبرزها قوننة السيطرة على حي القابون وتهجير سكانه، وفقا لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”.
وبينما روج النظام للمخطط التنظيمي على أنه بهدف تحويل القابون إلى منطقة حديثة، فإنه مثّل لسكان الحي مشروعا لطمس هويتهم وتدمير حقوقهم وخاصة أنّ وقت الإعلان عن هذا المشروع ترافق مع اشتداد الأزمة الاقتصادية على نظام الأسد، إذ تساءل السكان كيف يمكن تغطية نفقات هدم وبناء حي بأكمله في وقت يعجز النظام عن تأمين الخدمات الأساسية للسكان من كهرباء ووقود.
من نفذ عمليات الهدم؟
وفيما يتعلق بتفاصيل عمليات الهدم، أوضح المهندس سامي الخطيب لموقع تلفزيون سوريا أن “الهدف الأساسي في البداية سرقة الحديد وأبواب ونوافذ المنازل، أكثر من كونها عملية تنظيمية أو إعادة إعمار”، وأن “المسؤول الأول عن هذه العمليات كان رجل الأعمال محمد حمشو، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة المسيطرة بشكل كامل على المنطقة بعد تهجير سكانها، مما أتاح لمحمد حمشو تنفيذ هذه الأنشطة ضمن غطاء أمني مباشر”.
وأضاف أن “هناك تسريبات تحدثت لاحقا عن نقل الإشراف على الأعمال في القابون من محمد حمشو إلى المدعو أبو علي خضر وشركته”.
وكان موقع صوت العاصمة أكد في تقرير المعلومات المتناقلة تلك مشيرا إلى أنّ شخصيات نافذة مرتبطة بالنظام السوري لعبت أدوارا محورية في استغلال تجارة الأنقاض والمعادن الناتجة عن هدم المنازل، خصوصا في مناطق مدمرة مثل حي القابون، لافتا إلى أن من بين أبرز المتورطين، ظهر اسم محمد حمشو وخضر علي طاهر (أبو علي خضر) كمستفيدين رئيسيين من هذه التجارة.
وأوضح التقرير أن حمشو عمل على استخراج المعادن من الأنقاض وتحطيم الهياكل الإنشائية للحصول على الحديد المستخدم في التسليح، فضلًا عن المواد الأخرى كالألمنيوم والنحاس، وتمت هذه الأنشطة بالتنسيق مع جهات نافذة، من بينها الفرقة الرابعة، التي سهلت عمليات النقل والتنقيب مقابل حصة من الأرباح.
ولاحقا، صعد خضر علي طاهر ليصبح الوجه الجديد في إدارة تجارة الأنقاض. والذي استحوذ على كامل قطاع الخردوات والمعادن. تحت غطاء شركة أسسها لهذا الشأن وحملت اسم “الشركة السورية للمعادن والاستثمار”، وأصبحت واجهة قانونية لأعماله.
ولاستكمال عمليات الهدم، عمد خضر إلى عرقلة عودة السكان إلى مناطقهم، كما حدث في القابون، إذ اشترطت الأجهزة الأمنية حصول السكان على موافقات للعودة والتي كانت تأتي في معظم الحالات بالرفض، مما أتاح الوقت الكافي لاستخراج جميع الموارد من المباني، وفقا لصوت العاصمة.
خطر ضياع الممتلكات ما زال قائما
وبشأن ملكيات العقارات في القابون، لا ينفي الخطيب في حديثه مع موقع تلفزيون سوريا وجود خطر ما زال يهدد حقوق السكان الذين تهدمت منازلهم في القابون، خصوصا أولئك الذين لا يمتلكون أوراقا رسمية تثبت ملكيتهم للعقارات، لأنه يرى أن “أي مخطط تنظيمي جديد سيستند بشكل أساسي إلى السجلات العقارية (الطابو) الرسمية لإثبات الملكيات. وبالتالي، فإن الأشخاص الذين لا يملكون سوى أوراق غير رسمية، مثل أحكام محاكم أو عقود غير مسجلة، يواجهون خطرا حقيقيا بفقدان حقوقهم العقارية”، لافتا إلى أن العديد من سكان القابون كانوا يعتمدون على صيغ ملكية غير رسمية نتيجة لتعقيدات الإجراءات العقارية.
وأشار إلى أن “غياب الحلول القانونية لحماية حقوق هؤلاء ربما يؤدي إلى إجحاف كبير بحقهم، خاصة في ظل عدم وجود جهة موثوقة إلى الآن لضمان العدالة في توزيع الأراضي وإثبات الملكيات”.
أين هم سكان القابون اليوم؟
وأجرى موقع تلفزيون سوريا استطلاعا لرأي السكان شمل 120 شخصا من أهالي حي القابون، موزعين جغرافيا بين داخل الحي وخارجه وفي بلدان اللجوء، على الشكل التالي:
33 في المئة في بلاد اللجوء توزعوا بين لبنان وتركيا وبعضهم في دول الاتحاد الأوروبي. 30 في المئة نزحوا إلى أحياء أخرى بدمشق كمساكن برزة، في حين 10 في المئة يقيمون خارج مدينة دمشق ومعظمهم في شمال غربي سوريا، بالإضافة إلى 27 في المئة فقط من المستطلعين قالوا إنهم يقيمون حاليا داخل القابون، ومن المرجح أن كثيرا منهم يعيش في منازل بالإيجار أو مساكن مؤقتة بسبب تدمير منازلهم الأصلية.
وأظهرت نتائج الاستطلاع أن غالبية أهالي القابون يتوقعون أن عملية إعادة إعمار الحي ستستغرق وقتا أقل من خمس سنوات، إذ عبر 76 في المئة من المشاركين عن أملهم في أن تنتهي هذه العملية خلال هذه المدة. في المقابل، رأى 24 في المئة من الأهالي أن الإعمار قد يستغرق بين خمس إلى عشر سنوات، مما يعكس حالة من التفاؤل لدى أغلبية السكان ورغبتهم بتسريع عمليات إعادة البناء ليتمكنوا من العودة إلى منازلهم واستئناف حياتهم الطبيعية بعد سنوات من المعاناة والتشرد.
ورغم الدمار الكبير الذي طال حي القابون وفقدان جميع مقومات الحياة من بنية تحتية تشمل الأفران، وشبكات المياه والكهرباء، أظهرت نتائج الاستطلاع أكد 96.6 في المئة من المشاركين أنهم ينتظرون العودة إلى حيهم في حين 3.4 في المئة فقط من المستطلعين لا يعتقدون ذلك في المدى المنظور.
وأظهرت النتائج أيضا أن 75 في المئة من المشاركين أفادوا بأن منازلهم “مهدمة بشكل كامل”، في حين قال 17 في المئة إن منازلهم تعرضت لدمار جزئي، كما أكد 8 في المئة فقط أن منازلهم ما تزال صالحة للسكن في الحي.
وأشار الاستطلاع إلى أن بعض أهالي حي القابون اضطروا إلى بيع منازلهم خلال سنوات حصار الحي وما بعد سيطرة النظام عليه، بهدف سد الاحتياجات اليومية أو تغطية تكاليف علاجات طبية. ورغم أن نسبة من أقدموا على البيع لم تتجاوز 7 في المئة من المستطلعين، إلا أن أصواتا علت للمطالبة بإلغاء تلك الصفقات، معتبرين أنها تمت تحت ضغط الحاجة، مما دفعهم للبيع بأسعار زهيدة.
وقال المتضررون في منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي إن المشترين استغلوا ظروفهم الصعبة لشراء المنازل بأسعار متدنية جدا، مستفيدين من حاجتهم الماسة للمال في ذلك الوقت.
ويرى 67 في المئة من المشاركين أن “إعادة إعمار الأحياء المدمرة بشكل عاجل وتوفير البنية التحتية” يجب أنّ تكون الأولوية الأولى في المرحلة الحالية في المقابل، رأى 53 في المئة أن “فرض الأمن الكامل في كافة أنحاء سوريا” يأتي على رأس الأولويات.
هل بدأ النظر في شؤون الحي؟
أوضح المهندس سامي الخطيب خلال حديثه مع موقع تلفزيون سوريا أنه حتى اللحظة، لم تصدر الإدارة الجديدة في سوريا أي تصريحات رسمية تتعلق بوضع العقارات المهدمة في القابون أو الخطط المتعلقة بمشاريع إعادة الإعمار في المنطقة.
وأضاف الخطيب أن “هناك وعودا بعقد اجتماعات قريبة لمناقشة هذه الملفات، لكنها حتى الآن تبقى مجرد وعود دون خطوات فعلية على الأرض”، لافتا إلى شعور قلق ينتاب السكان الذين ينتظرون إجراءات ملموسة لضمان حقوقهم في إعادة الإعمار والملكية.
وفي ذات السياق، حذر الخطيب من خطورة إقدام بعض السكان على إعادة بناء منازلهم بشكل فردي ومن دون تنسيق مع السلطات، موضحا أن “أي بناء يتم بشكل مستقل قد يكون عرضة للهدم من قبل السلطات المختصة، خاصة إذا كان لا يتماشى مع المخطط التنظيمي الذي سيتم إقراره لاحقا”.
ودعا السكان إلى “الانتظار في هذه الفترة حتى يستتب الأمن، وتبدأ التحركات الرسمية تجاه ملف إعادة الإعمار والمخطط التنظيمي للقابون”.
ما مطالب أهالي حي القابون؟
وقال أهالي حي القابون، الذين استطلع موقع تلفزيون سوريا آراءهم، إن إعادة الإعمار والتنمية في حيهم تتطلب خطوات عاجلة وشاملة لضمان عودة كريمة للسكان المتضررين. وفيما يلي أبرز المطالب التي تقدم بها سكان الحي:
طالب سكان بإعادة إنشاء المنطقة الصناعية في القابون أو توفير بدائل لأصحاب الورش والمعامل المدمرة، لأن المنطقة الصناعية تمثل ركيزة أساسية في إعادة بناء الاقتصاد المحلي والوطني، حيث توفر فرص عمل كبيرة لسكان الحي.
أكد الأهالي على أهمية تشكيل لجنة لإدارة شؤون الحي، تعمل بشفافية لتحقيق العدالة والمساواة على أن تشمل اللجنة وجهاء الحي وشبابه لضمان تمثيل حقيقي لجميع الأصوات.
تأتي إزالة الركام وتحديد حدود العقارات عبر مختصين ضمن المطالب الأساسية للسكان، إلى جانب البدء بتهيئة البنية التحتية، بما في ذلك إصلاح شبكة الكهرباء، تأمين المياه، الصرف الصحي، وإعادة تأهيل الطرق.
يطالب السكان بتعويض أصحاب المنازل والمحلات المتضررة، مع تقديم سكن بديل مؤقت على نفقة الدولة لمن فقدوا منازلهم بالكامل، والعمل على توثيق حقوق الملكية لضمان عدم ضياع حقوقهم.
دعا السكان إلى دعم الأسر الفقيرة عبر معونات منظمة، إلى جانب تحسين جودة التعليم، ودعم الأطفال نفسيا واجتماعيا.
من بين المطالب البارزة إزالة الأبنية العسكرية المحيطة بحي القابون، مثل الوحدات الخاصة، واستغلال هذه المساحات في مشاريع سكنية تخدم السكان المحليين.
أكد السكان على ضرورة فرض الأمن في الحي، وسحب السلاح من العناصر الخارجة عن القانون، بما يضمن بيئة آمنة ومناسبة لعودة السكان.
اقترح الأهالي تشكيل فرق لتوزيع المساعدات بشكل عادل بين جميع العائلات، مع توثيق التوزيع لمنع الاحتكار وضمان وصول الدعم للمستحقين.
ودعا السكان إلى ضرورة تعديل المخطط التنظيمي للقابون، بحيث يتم تقليص الخسائر التي قد يتعرض لها السكان بسبب الهدم أو تغيير تنظيم المنطقة.
في الختام، يبقى حي القابون، رغم ما حل به من دمار هائل وتهجير قسري، واحدا من مئات الملفات التي تنتظر حلاً من الدولة السورية الجديدة. إن معالجة هذه الملفات، بما في ذلك وإعادة الإعمار، وضمان حقوق الملكية، ستشكل خطوة محورية نحو بناء مستقبل قائم على العدالة والمصالحة، حيث تعود الحياة إلى المدن والقرى التي دفعت ثمناً باهظاً في سنوات الثورة
———————————
اعتقال ناشط سوري في مصر لمطالبته بإنزال علم النظام السابق
2025.01.04
اعتقلت السلطات المصرية الناشط الإعلامي السوري ليث فارس الزعبي، المنحدر من بلدة خربة غزالة بريف درعا، عقب مداهمة شقته السكنية في منطقة الغردقة.
ووفقاً لمصادر مقرّبة من الناشط، فقد تم منعه من التواصل مع عائلته منذ توقيفه.
مخاوف من تهم كيدية
وأوضحت شقيقة الزعبي أن المحامي المكلف بمتابعة قضيته أبلغهم بأن الاعتقال جاء بسبب إقامته كلاجئ في مصر.
وأعرب المحامي عن قلقه من احتمال إلصاق تهم كيدية بالزعبي، مشيراً إلى وجود نوايا مبيّتة لتبرير احتجازه.
خلاف حول العلم
الزعبي كان قد ظهر في 22 كانون الأول الماضي في مقطع فيديو يوثّق مقابلة أجراها مع القنصل السوري في القاهرة، بشار الأسعد.
وخلال اللقاء، طالب الزعبي بإنزال علم النظام السوري ورفع علم الثورة السورية، لكن القنصل رفض ذلك، مبرراً أن رفع العلم الجديد مرتبط ببروتوكولات جامعة الدول العربية.
وليث الزعبي، ناشط سوري، عُرف بعمله الإعلامي خلال تغطيته للأحداث والانتهاكات في محافظة درعا، جنوبي سوريا.
مطالب بالإفراج عن الزعبي
ووفقاً لموقع “تجمع أحرار حوران”، دعا ناشطون سوريّون إلى الإفراج الفوري عن الزعبي وضمان عدم تعرضه لأي تهم ملفّقة وكيدية، والتأكيد على احترام حقوق اللاجئين والمقيمين السوريين في دولة مصر.
——————————
الهجري لتلفزيون سوريا: تسليم السلاح وحلّ الفصائل مرتبط بوجود جيش سوري
2025.01.04
أكد رئيس طائفة الموحدين الدروز في السويداء، الشيخ حكمت الهجري، أن حل الفصائل المسلحة وتسليم السلاح مرهون بوجود جيش سوري قوي وبناء هيكلي واضح للدولة.
وأشار الهجري في تصريحاته لتلفزيون سوريا إلى مباركته للإدارة الجديدة في دمشق، مؤكداً أن التنسيق المسبق معها كان قائماً بشأن جميع الأمور المتعلقة بمستقبل المنطقة.
وعن حادثة إعادة الرتل العسكري الأخيرة، وصفها الهجري بأنها مجرد “سوء تنسيق”، مشدداً على أن المرحلة الحالية تشهد بداية لتنسيق يُتيح تجاوز مثل هذه الإشكالات البسيطة.
كما كشف الشيخ الهجري عن وجود توافق مع الإدارة الجديدة حول جاهزية الكوادر العاملة في السويداء، سواء كانت شرطية أو عسكرية، فقد تم التأكيد على أن هذه الكوادر مدربة ومؤهلة لتلبية الاحتياجات الأمنية والعسكرية للمنطقة.
وأضاف الهجري: “نحترم جميع الأفكار السياسية، ولكن نحن لم نتحدث عن أي مشروع تقسيم أو فدرلة منذ بداية الثورة السورية عام 2011”.
“الهجري” يدعو إلى عقد مؤتمر وطني
وفي وقت سابق، دعا حكمت الهجري إلى عقد مؤتمر وطني شامل يضم كافة أطياف الشعب السوري، بهدف رسم مسار جديد للبلاد عبر وضع دستور جديد وتحقيق نظام إداري لامركزي، مع ضمان فصل السلطات، بما يضمن الحفاظ على مؤسسات الحكم ومنع أي توجه نحو تقسيم البلاد.
وقال الشيخ الهجري، في بيان مصور: “نوجه دعوة إلى جماهير شعبنا السوري، بمختلف انتماءاتهم، لعقد مؤتمر وطني شامل يهدف إلى انتخاب لجان عمل تُعنى بصياغة دستور جديد للدولة السورية، يعزز نظاماً إدارياً لا مركزياً مع فصل واضح للسلطات، لضمان استمرارية مؤسسات الحكم وحماية وحدة البلاد من خطر التقسيم”.
وأكد البيان ضرورة تحييد المؤتمر عن أي أجندات خاصة أو انحيازات فئوية، مشيراً إلى تجربة سوريا الطويلة تحت سلطة “أمنية وحزبية أفسدت البلاد لعقود، وأدت إلى القتل والتهجير والقهر”، مضيفاً: “الحرية غالية، وقد خرجنا من تحت سلطة أمنية عاثت فساداً عبر عقود وأدمت وقتلت وهجرت وقهرت، ولسنا مستعدين لنصبح تحت أي سلطة فئوية أو حزبية أو دينية أو أي جهة إقليمية خاصة”.
——————————–
الجنوب السوري مفتاح الاستقرار الذي لا يملكه أحمد الشرع
2025.01.03
بينما كانت إدارة العمليات العسكرية وقواتها في غرفة عمليات “ردع العدوان” تسيطر على مدينة حلب وتتوسع في أرياف الشمال السوري، كانت القوى العسكرية جنوب البلاد تضع خططها وتنظم صفوفها في ثلاث غرف عمليات، هي: “عمليات الجنوب”، و”فتح دمشق” في درعا والقنيطرة وريف دمشق الغربي، و”العمليات المشتركة” في السويداء.
تأخرت حوران عن الركب قليلاً، فتحديد ساعة المعركة فيها كان بمنتهى الحساسية، لكون المجاميع المقاتلة القليلة فيها لا تملك سوى أسلحة خفيفة وبعض الأسلحة المتوسطة. وأي فشل في الجنوب، الذي يعج بقوات الأسد والقريب من خزان الميليشيات التابعة لإيران في دمشق وريفها، سينعكس سلباً على النجاحات العسكرية في الشمال.
اتُخذ القرار بفتح المعركة في السادس من كانون الثاني بعد سيطرة قوات “ردع العدوان” على حماة مباشرةً. واستطاع مقاتلو الجنوب إخراج جيش الأسد من محافظات درعا والسويداء والقنيطرة، ثم ريف دمشق الغربي بسرعة فائقة. ولم تغب شمس اليوم الثاني من المعركة إلا وهم داخل أحياء العاصمة دمشق.
انعدام الثقة.. سمة العلاقة بين فصائل الجنوب وإدارة العمليات العسكرية
في النهار التالي لسقوط النظام، وصلت طلائع قوات “ردع العدوان” إلى العاصمة، فانسحبت منها قوات الجنوب. تلا ذلك ادعاء فصائل حوران وإدارة العمليات العسكرية أنهما على تنسيق دائم فيما يتعلق بملف الجنوب، إلا أنهما لم يتمكنا من إخفاء سمة علاقتهما الأبرز، وهي انعدام الثقة. وبرز ذلك بشكل واضح في قضية الخلاف على حل الفصائل العسكرية وتأسيس وزارة دفاع سورية.
وفي إجابة للناطق باسم غرفة عمليات الجنوب، العقيد نسيم أبو عرة، على سؤال موقع تلفزيون سوريا عن سبب الإبقاء على غرفة عمليات الجنوب وعدم حلها أو دمجها بإدارة العمليات العسكرية، قال: “بياننا الأول جاء تحت عنوان وجهتنا دمشق والملتقى ساحة الأمويين. غرفة عمليات الجنوب أُسست لتحرير حوران ودمشق، دخلنا العاصمة ليلة الثامن من كانون الأول وباشرنا بتأمين المباني الحكومية والسفارات، ونقلنا رئيس الوزراء الأسبق والبعثات الدبلوماسية وموظفي الأمم المتحدة إلى فندق الفورسيزن وقمنا بحراستهم. وحين وصلت قوات إدارة العمليات العسكرية سلمناهم العاصمة وعدنا إلى درعا، لكننا بقينا على تنسيق معهم”.
وأضاف أبو عرة: “غرفة عمليات الجنوب ستبقى قائمة حتى تشكيل وزارة دفاع وجيش سوري وطني. وما زلنا بانتظار طرح عملي من الإدارة في دمشق لرؤيتها والآليات التي ستتبعها لإنشاء الوزارة لمناقشتها”. لكن أبو عرة أكد أن فصائل الجنوب ستحل نفسها وتنضم إلى وزارة الدفاع بعد الاتفاق على آليات وخطوات إنشائها.
وحول طبيعة التنسيق الحالي، قال أبو عرة: “فوضنا ثمانية أشخاص يمثلون غرفة العمليات للتحدث مع دمشق. النقاشات ما زالت في طور وضع العناوين، لكنها تترافق مع تنفيذ خطوات ضرورية وعاجلة، مثل اتفاقنا على جمع السلاح المنفلت من أيدي المدنيين والسلاح الثقيل الذي خلفه النظام في الجنوب في ست نقاط، سوف تُحرس من قبل غرفة عمليات الجنوب وإدارة العمليات العسكرية ريثما تتشكل وزارة الدفاع وتتسلمه.
كذلك فإن قواتنا تحرس معبر نصيب الحدودي، لكنها في الوقت نفسه لا تتدخل بعمل موظفيه، بمن فيهم مديره المعين من دمشق”.
وشدد أبو عرة في حديثه لموقع تلفزيون سوريا على أن فصائل وأبناء الجنوب يقفون ضد أي مشروع مناطقي، وأكد على وقوفهم إلى جانب كل السوريين في بناء سوريا موحدة.
وعندما حاول موقع تلفزيون سوريا الحصول على تصريح من مشهور المسالمة، المفوض بإدارة الشؤون السياسية في الجنوب السوري، حول خارطة قوى المنطقة والمآلات المحتملة، رفض التصريح واكتفى بالقول: “الآن الأمور غير مستقرة، يجب مراجعة وزارة الإعلام!”.
لا تصور واضح في دمشق عن كيفية حل الفصائل وبناء الجيش
من جهته، قال أنس الصلخدي، القيادي في غرفة عمليات فتح دمشق وأحد المشاركين في اجتماع أحمد الشرع الأول بفصائل الجنوب: “الاجتماع كان تشاورياً وهو أولي، وسيتبع باجتماعات أخرى”.
وأضاف: “تمحورت النقاشات حول تبديد مخاوف الفصائل وسبل حلها وبناء وزارة دفاع وجيش موحد”، ولم يوضح القيادي إن كانت الفصائل وغرف العمليات ستنخرط في الجيش الجديد بكتلها أم أنها ستفكك ويتم التعامل مع عناصرها الراغبين بالتطوع كأفراد.
وشدد الصلخدي على ضرورة عدم بقاء أي فصيل خارج الجيش الموحد، وإلا فسيتم التعامل معه كميليشيا متمردة.
وحول مشاركة بعض القيادات التي اكتسبت سمعة سيئة بسبب ارتباطها الأمني بعد عام 2018 مع نظام الأسد، قال الصلخدي: “في هذه المرحلة نعمل على احتواء الجميع وعدم التصادم مع أحد، وحين تستقر الدولة وتبنى المؤسسة القضائية، يمكن محاسبة الجميع تحت سقف القانون”.
خريطة القوى والتشكيلات العسكرية في الجنوب السوري
يمكن ملاحظة وجود عدد من الكتل العسكرية في درعا والقنيطرة وهي:
اللواء الثامن: وهو نسخة التسويات من قوات شباب السنة سابقاً ويقوده أحمد العودة، ومركزه ريف درعا الشرقي، لكن لديه مجموعات في شتى مناطق حوران.
اعتباراً من العام 2018، شكل اللواء ملاذاً آمناً لشباب حوران المنشقين والرافضين للخدمة في جيش الأسد وعمل بالتنسيق مع القوات الروسية، وكان جزءاً من الفيلق الخامس من الجيش السوري السابق. ويمكن اعتباره اللواء الوحيد المتبقي من الجيش السوري السابق، إذ إنه لم ينحل ولم يهرب عناصره، وذلك لأنهم من أبناء حوران وكانوا سابقاً في صفوف المعارضة السورية المسلحة.
يبلغ تعداد عناصر اللواء المسجلين رسمياً 1585 مقاتلاً، لكن لديه مئات إضافية من قوات الاحتياط، ويمكن أن يصل تعداده إلى ستة آلاف في حال توفر الدعم المالي.
المركزيات: وهي لجان عسكرية ذات عمق اجتماعي تشكلت بحسب التوزع الجغرافي للمجموعات التي لم تخرج من درعا بعد تسويات عام 2018، وتنتشر في درعا البلد وريف المحافظة الغربي. وأبرز قادتها محمود البردان (أبو مرشد) ومؤيد الأقرع (أبو حيان حيط).
يبلغ تعداد مقاتلي المركزيات 600 عنصر ويمكن أن يصل إلى ثلاثة آلاف في حال تلقت دعماً مالياً.
هيئة تحرير الشام: الموجودة بخلاياها السرية أصلاً، يضاف إليهم العائدون من أبناء الجنوب المنضوين في صفوف الهيئة من الشمال إلى مدنهم وقراهم.
يبلغ تعداد عناصر الهيئة مجتمعين ألفي مقاتل، وسيكون من الصعب تطوير هذا الرقم في ظل العجز المالي الذي تعانيه الهيئة بفعل انتشارها الواسع في معظم الأراضي السورية، لكنها تستطيع حشد حلفاء محتملين.
القادة العائدون من الأردن لتنظيم عناصرهم السابقين والمجموعات غير المنضوية في المركزيات. وهذه كتلة لا يُستهان بها، وهي التي شكلت غرفة عمليات فتح دمشق وكانت أول من دخل العاصمة. وقد اكتسبت زخماً جديداً بعودة مقاتلي الجنوب المهجرين إلى الشمال من غير هيئة تحرير الشام.
مجموعات البدو المنتشرة من شرق السويداء حتى ريف دمشق الغربي مروراً بدرعا والقنيطرة. وقد تلقت زخماً كبيراً بعودة أحد زعمائها التقليديين وهو راكان الخضير من الأردن.
بقايا من عناصر ومجموعات التنظيمات المتطرفة، ويبلغ تعدادهم نحو 400 مقاتل في المنطقة وفضائها الجغرافي.
توزع الكتل العسكرية ضمن تحالفات رئيسية
يمكن ملاحظة توزع هذه الكتل الستة في ثلاثة تحالفات رئيسية:
تحالف اللواء الثامن مع المركزيات: وهو تحالف أمر واقع بدأ عام 2018 وتكلل أخيراً بإنشاء غرفة عمليات الجنوب، لكن مراقبين يعتقدون أن الظروف التي فرضت إنشاءه انتهت، وأنه سيتفكك قريباً وستنخرط مجموعات المركزيات في الحلفين الآخرين.
تحالف غرفة عمليات فتح دمشق مع مجموعات البدو: وقد تنضم إليه قريباً بعض مجموعات المركزيات.
تحالف هيئة تحرير الشام: وهو إما أيديولوجي يضم الهيئة مع المجموعات والمقاتلين الذين يوصفون بالمتطرفين، أو مصلحي، حيث ربما تنضم إليه بعض مجموعات المركزيات، وهو أمر بدأت ملامحه تظهر بالفعل في درعا البلد على سبيل المثال.
لفهم أعمق للصورة يمكننا العودة إلى ما قبل عام 2018، إذ لم تكن هيئة تحرير الشام تملك وزناً عسكرياً وسياسياً كبيراً في الجنوب، وكانت حوران تنقسم إلى تيارين سياسيين بذراعين مسلحين هما:
تيار الإسلام السياسي: ممثلاً بمجلس حوران الثوري وذراعه العسكري جيش الثورة، وفصائل أخرى هي من تشكل اليوم معظم المركزيات وجزءاً من غرفة فتح دمشق.
تيار يطلق على نفسه ضمنياً اسم التيار الوطني: ممثلاً بما كان يُعرف بهيئة الإشراف والمتابعة وبعض القوى المدنية والشخصيات السياسية، وذراعه العسكري فصيل شباب السنة بقيادة أحمد العودة ومجاميع أخرى هي من تشكل اليوم اللواء الثامن.
ومع عودة زعماء سياسيين ومجتمعيين من تيار الإسلام السياسي كخالد زين العابدين وعبد المولى الحريري وعصمت العبسي وغيرهم من الشمال، واستمرار وجود العناصر الفاعلة من التيار الثاني، فقد يعود المشهد إلى ما كان عليه قبل عام 2018، مع فارق جوهري هو أن هيئة تحرير الشام عادت كلاعب قوي هذه المرة مدفوعة بزخم الانتصار وتأييد شعبي لنسختها الجديدة ودعم السلطة في دمشق.
لكن تياري الجنوب القديمين الجديدين، المتناحرين سابقاً، قد يتحالفان اليوم في مواجهة هيئة تحرير الشام، مدفوعين بشعور مظلمة يمكن وصفه بالعام في حوران، سببه الاعتقاد بأن الهيئة تحاول الاستحواذ على كامل المنطقة قسراً والانفراد بالسلطة وإقصاء كل القوى المحلية فيها.
عوامل مؤثرة
رجال الأعمال الحورانيون في الخليج: قد يدعمون هذا التحالف ويسهمون في ترجيح كفته على حساب كفة الهيئة المنهكة مالياً، إلا في حال قررت الهيئة استخدام موارد الدولة السورية لدعم وجودها ككيان في الجنوب، وهذا إن حدث سيزيد الأمر تعقيداً.
القوى السياسية والعسكرية في السويداء: المتحالفة بشكل أو بآخر مع نظيراتها في درعا والقنيطرة وريف دمشق، قد تلعب دوراً حاسماً في مواجهة ما يصفه البعض بـ”تغوّل” هيئة تحرير الشام.
خريطة القوى العسكرية في السويداء
أما في السويداء، فيمكن ملاحظة وجود خمسة فصائل رئيسية وقوة عسكرية مجتمعية خفية:
حركة رجال الكرامة: أكبر الفصائل وأهمها، وتقول إنها تضم أكثر من خمسة آلاف مقاتل موزعين على 36 بيرقاً، وتتمتع الحركة بعمق اجتماعي إذ تحتوي على عناصر من معظم عائلات ومناطق السويداء تقريبًا. يقود الحركة يحيى الحجار، الذي يوصف بصاحب المواقف المتوازنة، وعُرف عنه عدم تورطه في مواقف حادة تجاه الثورة أو النظام أو أي أطراف سياسية أخرى.
لواء الجبل: يقترب في تعداده من فصيل رجال الكرامة، وكان قد انحاز لحراك السويداء منذ انطلاقه، وعمل على حراسة مظاهراتها. وهو منخرط في غرفة عمليات مشتركة مع حركة رجال الكرامة، ويقوده شكيب عزام.
تجمع أحرار جبل العرب: الفصيل المقرب والموثوق في السويداء بالنسبة لهيئة تحرير الشام. وكان لقائده سليمان عبد الباقي تواصل قديم مع قيادتها في إدلب.
تجمع أبناء الجبل: معظم عناصره من المشايخ (المتدينين الدروز)، ويضم عدة مجموعات يُقال إنها تتبع بشكل مباشر للشيخ حكمت الهجري، رغم نفيه للأمر. وقد بدأ ينمو بشكل ملحوظ بعد سقوط النظام.
مسلحو العائلات: قوى عائلية غير منظمة لكنها واسعة الانتشار. وهي مسلحة بدعم من أبناء العائلات المغتربين، حيث يحمي مسلحو كل عائلة مصالح وأفراد عائلتهم، ويتحركون وفق مبدأ “الفزعة”. ولا يقتصر تسليح هذه الفئة على السلاح الخفيف بل يتعداه في كثير من الأحيان إلى الأسلحة المتوسطة.
أما سياسياً، فقد أكسب سقوط النظام الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز، ممثلة بالشيخ حكمت الهجري، شرعية أوسع، حتى باتت قنوات المرجع والممثل السياسي الوحيد لكل القوى العسكرية في المحافظة.
التنسيق بين السويداء وباقي الجنوب السوري
وفي تصريح لموقع تلفزيون سوريا، قال زياد أبو طافش، الناطق باسم لواء الجبل: “لدينا تنسيق قديم وعلى أعلى المستويات مع فصائل حوران، وفي الأول من كانون الأول أظهرناه بشكل علني حين قمنا بالاشتراك مع اللواء الثامن في درعا بإزالة حاجز للنظام كان قد أقامه بين المحافظتين”.
وأضاف أبو طافش: “آخر اجتماع لنا مع غرفة عمليات الجنوب كان في الخامس من كانون الأول، حيث أنهينا تخطيطنا وتنسيقنا لمعركة تحرير السهل والجبل وصولاً إلى العاصمة دمشق. وكان يُفترض أن نطلقها في السابع من كانون الأول، لكن تهاوي النظام بعد تحرير حماة جعلنا نستعجل بدءها في اليوم التالي وفي ساعة صفر واحدة”.
وأكد الناطق باسم اللواء وجود موقف موحد لدى فصائل درعا والسويداء والقنيطرة وريف دمشق، مبني على رفض الفئوية والتفرد والتهميش.
وضرب القيادي مثالاً على ذلك عندما رفضت السويداء تسمية القيادة في دمشق لقائد شرطة جديد للمحافظة، وأشار إلى تقبل دمشق للأمر وترك تسمية قائد الشرطة للقوى المحلية.
وحول حل الفصائل وتسليم السلاح، قال أبو طافش: “لدينا أزمة ثقة مع القيادة الجديدة في دمشق، ولن نناقش حل الفصائل إلا تحت مظلة دستور توافقي ومع حكومة شرعية. وحينها سيكون أبناء السويداء أول المنخرطين في وزارة الدفاع وجيش سوريا الوطني”.
وشدد القيادي في لواء الجبل على أن سلاح السويداء خط أحمر، وهو للدفاع عن أهلها وكرامة أبنائها.
وحول العمل الحالي لغرفة العمليات المشتركة للواء الجبل مع حركة رجال الكرامة، قال أبو طافش: “عملنا من اللحظات الأولى على حماية المؤسسات الحكومية والأملاك العامة والخاصة وحفظ الأمن، كما بدأنا الآن بعملية جمع السلاح الذي خلفه النظام من المناطق المأهولة ونقله إلى نقاط عسكرية لتنظيمه وحراسته”.
لا مشروع مناطقي ولا جيش لحد في جنوب سوريا
وحول الشائعات والأخبار المتداولة عن مشروع إماراتي يجري العمل عليه في الجنوب السوري، قال الرائد حسن إبراهيم (أبو أسامة الجولاني)، القيادي السابق في الجبهة الجنوبية وعضو هيئة التفاوض سابقاً: “إن دولة الإمارات تقف إلى جانب الشعب السوري بكل أطيافه، ودعمت وتدعم الدولة الموحدة التي يختارها الشعب السوري”، مؤكداً أن أحداً لم يكلمه في أي مشروع مناطقي خاص بالجنوب السوري. كما نوه الجولاني، الذي يقيم في الإمارات العربية المتحدة، إلى ضرورة عدم معاداة الدول العربية، فهي تشكل العمق الاستراتيجي لسوريا، بل إنه يجب الاستعانة بها للمشاركة في إعادة إعمار سوريا.
ويرى الجولاني، الذي ينسق مع الفصائل والقوى الفاعلة في محافظات درعا والقنيطرة وريف دمشق، أنه لا يمكن إقصاء فصائل الجنوب عبر حملات تشويه منظمة، مشدداً على أنه لن يكون هناك جيش لحد كالذي كان في جنوب لبنان لحماية الحدود الإسرائيلية. لكن حالة العداء السياسي مع إسرائيل يجب أن تنتهي، ومن عليه إنهاؤها هي الدولة السورية وليس الأفراد. كما أكد أن سوريا لن تكون مثل ليبيا بأي حال، ولن يُقبل بوجود ميليشيات لا على الحدود ولا في الداخل السوري.
وفي سؤال عن التعامل مع برنامج “حسن الجوار” الذي يُشاع أن إسرائيل تنوي إعادة تفعيله، أجاب الجولاني: “لم نكن طرفاً في البرنامج قبل العام 2018، وكان دعمنا الإغاثي والتنموي للمنطقة مصدره عربي لا إسرائيلي، والآن أصبح هناك دولة، وعليها أن تتخذ القرار بالتعاون أو الرفض إن أرادت إسرائيل تفعيل البرنامج”.
وعن المشهد الفصائلي في الجنوب السوري، قال القيادي: “إن من حرر درعا والقنيطرة وريف دمشق الغربي ودخل دمشق هم فصائل الجنوب، ثم اتخذوا قراراً واعياً بالانسحاب منها بعد وصول فصائل ردع العدوان، وتلك نقطة تُحسب لهم”.
ونوه الجولاني إلى خصوصية وأهمية الجنوب، فهو يجاور أربع دول إقليمية هي لبنان وإسرائيل والأردن وصولاً إلى العراق، وتقطنه عشائر ممتدة. كما أنه يشمل السويداء ذات الخصوصية الطائفية.
وأضاف: “إلى كل ما سبق، فإن أحياء جنوب العاصمة دمشق تقطنها أغلبية من درعا والقنيطرة”.
وشدد الجولاني على أن القيادة الجديدة في دمشق يجب أن تلحظ كل هذه العوامل، وأن تدرك أن عشائر وفصائل الجنوب لها مكانتها ولا يمكن استثناؤها وتهميشها بتعيين حاكم عسكري من مكون فصائلي محدد على مناطقها.
وحذر من أن سياسة الإقصاء المتبعة ستخلق مشكلة في كامل الجنوب السوري، بما في ذلك العاصمة دمشق، مستدركاً: “لن نكون سبباً في سفك دم أي سوري، لكننا نتمسك بحقنا السياسي مستخدمين بذلك أدوات ناعمة، إذ نعمل الآن على تنظيم حاضنتنا لإفراز نخب سياسية وعسكرية ومجتمعية لتنخرط في مؤسسات الدولة السورية الجامعة”.
وحول رؤيته لحل معضلة الفصائل في الجنوب وعموم سوريا وبناء الجيش، قال الجولاني: “بناء الجيش يدخل ضمن معايير الدول في الاعتراف بالدولة الجديدة، ولا يمكن أن يُبنى جيش إلا بالطرق العلمية والمعايير العالمية، وستة أشهر لا تكفي لتخريج ضباط. يجب الاستعانة بالضباط وصف الضباط المنشقين وكل الخبرات العسكرية والأكاديمية من كل الأطياف السورية”.
ولم يخف الجولاني عدم ارتياحه لما وصفه بالمؤشرات غير المبشرة في هذا الصدد، إذ يرى أن السلطة في دمشق تتبع سياسة إرضاء مجموعة على حساب الدولة، الأمر الذي سينعكس، بتقديره، سلباً على الحياة السياسية والجيش، وسيفرز جيشاً من لون واحد يكون جيش سلطة لا جيش دولة.
ويرى القيادي أن دمج الفصائل لا يبني جيشاً، وأنه يجب إقناع الفصائل بأنها قد حققت مبتغاها في إسقاط النظام وتحرير سوريا من الميليشيات الأجنبية. ولا بد من دمج قادتها بالمؤسسات العسكرية أو السياسية أو المجتمعية، وحلها بشكل كامل، وفتح الباب لمن يرغب من أفرادها بالتطوع في الجيش الوطني.
وختم الجولاني حديثه لموقع تلفزيون سوريا بالقول: “سوريا لكل السوريين، والثورة لأبنائها، نتطلع لمستقبل يعيش فيه السوريون بكرامة وحرية ورخاء، ولن نكون أدوات لأي مشاريع خارجية. وعلى القيادة الجديدة إشراك كل السوريين، فسوريا ليست غنيمة حرب ولا يصح إرضاء البنية الفصائلية على حساب الشعب”.
الجنوب بوابة الحل أو شرارة الانفجار
شكلت فصائل درعا والقنيطرة وريف دمشق الغربي، حتى النصف الثاني من عام 2018، جسماً عسكرياً مناوئاً لنظام الأسد أطلق على نفسه اسم “الجبهة الجنوبية لتحرير سوريا”. امتد نشاطه ليشمل فصائل في القلمون والبادية السورية، وتجاوز عدد عناصره العشرين ألف مقاتل، جميعهم من أبناء المنطقة. وكانت تعرف عن نفسها كجسم عسكري وطني يسعى للوصول إلى دمشق وإسقاط النظام، وتطمح لأن تكون نواة لجيش سوريا المستقبلي. كما ربطت هذه الفصائل علاقات مع الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وعدد من الدول العربية.
وفي هذا الصدد، يقول الصحفي سمير السعدي لموقع تلفزيون سوريا: “يمكنني الجزم أن هذه العلاقات لم تنقطع يوماً، كما يمكنني التأكيد أن الاتصالات مع تلك الدول قد شهدت ازدياداً كبيراً في الأسبوعين الأخيرين. استمرار نهج الإقصاء الذي تنتهجه القيادة الجديدة في دمشق قد يدفع قوى الجنوب إلى تنظيم مشروع مناوئ، سيفتح الباب أمام تغيرات كبرى قد تدعمها بعض الدول”.
وأضاف السعدي: “قيل سابقاً: لو أن بشار الأسد زار درعا وعزى بشهدائها ووعد بمحاسبة قاتليهم، لاستطاع إخماد شعلة الثورة في مهدها. لكن الجميع أدرك لاحقاً أن في تلك المقولة تقزيماً لمطالب السوريين ولمزاً إلى بساطة أهل حوران، الذين ظن القائل بأنه يمكن إرضاؤهم (ببوسة شوارب)”.
ولفت السعدي إلى أن أبناء الجنوب اليوم يريدون حقهم الوطني (بالصاع الوافي) كما يُقال، ولن يلهيهم التقاط الصور الجماعية وخطاب التسويف عن المطالبة بالمشاركة الحقيقية والكاملة.
تلفزيون سوريا
——————————–
رسالة من صفصاف الفرات إلى “ياسمين” دمشق
فاروق شريف
2025.01.02
الجدلية المستمرة التي أرّقت أبناء المنطقة منذ عشرات القرون، وجعلتهم مفصلاً مهماً في كل صراع عبر العصور، لتتكرر الأسئلة ذاتها: من نحن؟ هل نحن لبيزنطة أم لفارس، آشوريون أم آراميون، شآميون أم عراقيون؟ إنهم أبناء الجزيرة الفراتية أو ما بات يطلق عليها اليوم مسمّى منطقة “شرق الفرات”، ذلك النهر الذي طالما شكل نقطة امتزاج بين هوية ياسمين دمشق ونخل بغداد.
الحديث عن تلك المنطقة يزداد إلحاحا مع المتغيرات الجديدة حينما سقط نظام الأسد وعادت سوريا حرة، لتعم الأفراح الساحات والميادين تغنيّا وترنّما وعزفا لموسيقا الحرية على وتر الجرح النازف منذ 14 عاماً، وليجد السوريون شيئا ما ناقصا في سماء هويتهم؛ ماذا عن شرق الفرات؟ هل هي بالفعل سورية الهوية والثقافة والمصير والجغرافيا؟
الجزيرة والشام في الجغرافيا
يعرف ياقوت الحموي بلاد الشام في كتابه “معجم البلدان” بقوله: “بلاد الشام من تبوك جنوباً إلى جبال طوروس شمالاً ومن الموصل شرقا إلى البحر المتوسط غرباً”.
ويعرف الإدريسي في كتابه “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق” مدن إقليم الجزيرة قائلاً: “والجزيرة ما بين دجلة والفرات ومدن الجزيرة هي الرقة والرافقة والخانوقة وباجروان وعربان وسكير العباس وطابان وتنينير والمحمدية وقرقيسيا والرحبة والدالية وعانة وهيت والرب والأنبار وصرصر والقطر وسورا والكوفة وماكسين وسنجار والحضر والموصل وبلد وجزيرة ابن عمر وبرقعيد وأذرمة ونصيبين ورأس العين وماردين والرها وحران وسروج وجريان وجرنيص وطنزى وحيني وآمد ونينوا وفيسابور وقردى وبازبدا ومعلثايا وسوق الأحد والحديثة والسن وبارما وكل هذه بلاد الجزيرة”.
فمنطقة الجزيرة السورية بحسب التقسيم الجغرافي هي جزء من بلاد الشام، وعلى مر العصور كان مصيرها مرتبط بمن يسيطر على سوريا، وفي العهد الروماني والبيزنطي كانت تتبع للدولتين المتعاقبتين خلافا للعراق الذي كان يتبع في غالب الأحيان للدولة الفارسية.
الجزيرة السورية تاريخيا
وباعتبار مناطق شرق الفرات آخر منطقة ترتبط بمصير سوريا سياسيا في تلك العصور كانت ساحة حروب بين الدول التي تسيطر على العراق وسوريا، حتى في أثناء الفتح الإسلامي كانت من نصيب الجبهة الشامية على يد الصحابي عياض بن غنم، وفي عهد عثمان بن عفان أصبحت بلاد الشام بالمطلق تحت إمرة معاوية بن أبي سفيان وكان سلطانه ممتدا إلى الجزيرة السورية. وفي فترة النزاع بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان بعد مقتل عثمان كانت الجزيرة السورية في معظم الفترات تتبع لمعاوية ولم يستطع الأشتر النخعي المولّى من قبل علي أن يستقرّ فيها بسبب الميول الشامية عند أهلها.
وعندما خاض عبد الملك بن مروان الأموي أشرس معاركه ما كان له أن يبسط سيطرته على العراق ويثبت أركان حكمه لولا مبايعة أهالي الجزيرة الفراتية له بقيادة زفر بن الحارث الكلابي له، وفي معركة الزاب الشهيرة بين مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين وعبد الله بن علي العباسي كان أهل الجزيرة في صف الأمويين ودفعوا من أجل ذلك فاتورة دم عالية بعد سقوط الدولة الأموية، وفي عهد الخليفة العباسي المأمون شهدت منطقة شرقي الفرات أشهر ثورة ضد الحكم العباسي، وهي ثورة نصر بن شبث العقيلي الذي دوخ جيوش المأمون لأكثر من 10 أعوام، وخرج الجزيرة بشكل كلي عن السلطة العباسية.
ومع تفكك الدولة العباسية ونشوء الدول شبه المستقلة كانت منطقة الجزيرة تخضع لمن يسيطر على حلب أو دمشق، في الدولة الحمدانية ثم العقيلية والزنكية والأيوبية والمملوكية كذلك، وفي العهد العثمانية عندما انتصر السلطان سليم الأول في معركة مرج دابق على المماليك خضعت الجزيرة الفراتية بشكل تلقائي للدولة العثمانية وعلى هذا الحال استمرت رغم التقسيمات الإدراية العثمانية التي ولايات حلب والشام ولواء دير الزور لكنها كلها ضمن سوريا المعروفة بحدودها الحالية التي رسمت بعد الانتداب الفرنسي على سوريا حتى الوقت الحاضر.
الفرات.. مورد مالي وشعب طارئ!
هذا السرد التاريخي ليس الغرض منه سياسيّاً بالدرجة الأولى، وإنما لتبيان دور الوحدة السياسية لمنطقة الجزيرة مع بلاد الشام في اكتساب أهالي هذه المنطقة هويتهم الثقافية السورية، وأن المنطقة ليست مجرد مورد مالي من النفط والزراعة فحسب، وإنما شعب أصيل في سوريته بأفراحها وأتراحها، وليسوا كما يقال عنهم في أوساط النظام البائد أنهم عراقيون على أرض سورية، أو كما صورتهم دراما نظام الأسد على مدى عقود، بأنهم شعب طارئ ليس له من نصيب الشاشة إلا مشاهد تستحضر عند الازدراء؛ عربا كانوا أم كردا أم سريانا وآشوريين.
وبما أن الحديث ليس سياسيّ الهدف باعتبار الأمور لا تسير وفق توقيت عواطفنا، وإنما هو من أجل التذكير بأنّ هويتنا الثقافية ناقصة دون تلك المنطقة، التي لا تخفي قسمات وجوه أهلها علامات الفرح الناقص الذي يزداد قتامة كلما أحسوا باستمرار التهميش الموروث عن نظام الأسد في بعض النواحي، وليس كلها، إذ لم تخف المدن السورية المحررة في احتفالاتها غصتها بعدم تمكن أهلهم في الجزيرة السورية من إكمال هذا الفرح.
وربما على السوريين اليوم تحمل قسوة العتاب الأخوي من أهل الجزيرة الذين لما يخرجوا بعد من رهبة المظلومية التي فرضها النظام المخلوع على أهل المنطقة تهميشاً من كل النواحي، حتى وصل التهميش إلى الإنسان الكامن في وجدان أهالي المنطقة، فلا يُذكر كرمهم إلا على سبيل وصفه بالتبذير وقلة التدبير، ولا يُذكر لباسهم الفلكلوري العربي الأصيل، إلا على سبيل وصفه بالتخلف، وحتى نطقهم للحروف تستحضر على سبيل التنكيت في المسلسلات التي ينتجها نظام الأسد.
في هذه الأيام يحتاج ورق الصفصاف الذي تشتهر به ضفاف الفرات والخابور، إلى أن يلامس الياسمين الدمشقي في كل النواحي، والمواويل الفراتية كذلك تحتاج إلى الامتزاج بالعتابات السورية في بقية المناطق حتى لا نضيّع “ذياب مشهور” وأغنيته “يا بو رديّن” مجددا!
—————————-
أمريكا تنفي بناء قاعدة عسكرية في عين العرب
تحديث 04 كانون الثاني 2025
نفت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) وجود خطط تقضي ببناء قاعدة أمريكية في منطقة عين العرب/ كوباني شرقي حلب، وذلك بعد تداول أنباء عن بناء القاعدة.
وتخضع عين العرب لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المدعومة من التحالف الدولي.
نائبة المتحدثة باسم “البنتاجون” سابرينا سينغ، قالت في مؤتمر صحفي، الجمعة 3 من كانون الثاني، إنه لا توجد خطط لبناء قاعدة أمريكية في عين العرب.
وتحدثت مصادر ووسائل إعلام محلية منها وكالة “نورث برس” العاملة في مناطق سيطرة “قسد” عن وصول شاحنات تحمل كتلًا أسمنتية قالت إنها لبناء قاعدة في عين العرب، ونشرت تسجيلًا مصورًا للشاحنات.
وعلقت نائبة المتحدثة باسم “البنتاجون” سابرينا سينغ على هذه التقارير، بأنها لا تعرف مصدرها.
وأضافت، “لقد شجعنا ورحبنا بوقف العنف بين قوات سوريا الديمقراطية والقوات الأخرى في تلك المنطقة. نحن نواصل العمل والتركيز على مهمتنا، ولكن عندما يتعلق الأمر بالقوات الأمريكية في كوباني، فلا توجد خطة أو نية في الوقت الحالي لإنشاء أي قاعدة”.
وتركز الولايات المتحدة بحسب سينغ على تعزيز عملية سياسية شاملة بقيادة سورية مع التركيز على مهمتها في سوريا، وهي هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وكانت القوات الأمريكية تملك قاعدة صرين في عين العرب، لكنها انسحبت منها في تشرين الأول 2019، خلال العملية العسكرية لـ”الجيش الوطني السوري” والتركي “نبع السلام” شرق الفرات.
وانسحبت الولايات المتحدة حينها من عدة مواقع في سوريا، وذلك في إطار خطة واشنطن سحب قواتها وإعادة تموضعها في شرق الفرات.
وتشهد مناطق ريف حلب الشرقي اشتباكات بين “قسد” وفصائل “الجيش الوطني” منذ إطلاق الأخير عملية “فجر الحرية”، في 30 من تشرين الثاني الماضي، ضد قوات النظام السابق و”قسد”، بهدف “تحرير المناطق المغتصبة” من قبل النظام السوري، و”قسد”، وسيطرت على مدن وبلدات أبرزها تل رفعت ومنبج.
تحاول الفصائل توسيع نفوذها باتجاه مدينة عين العرب، تزامنًا مع مخاوف لدى “قسد” بشن تركيا عمل عسكري على عين العرب.
وأعلن قائد “قسد” مظلوم عبدي، في 11 من كانون الأول 2024، التوصل إلى “اتفاق لوقف إطلاق النار في منبج بوساطة أمريكية”.
وأعلنت الولايات المتحدة تمديد الاتفاق، إلا أن تركيا لم توافق على إطلاق النار.
——————————-
================