سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 05 كانون الثاني
=
لمتابعة التغطيات السابقة
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 04 كانون الثاني 2025
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 03 كانون الثاني 2025
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 02 كانون الثاني 2025
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 01 كانون الثاني 2025
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 31 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 30 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 29 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 28 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 27 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 26 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 25 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 23 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 22 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 21 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 20 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 19 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 18 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 17 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: المصاعب والتحديات، أحداث ووقائع 16 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: مهام اليوم التالي، أحداث ووقائع 15 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 14 كانون الأول 2024
سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع سقوط الديكتاتور الفار بشار الأسد في سورية
———————————
كلمة متلفزة ملغاة.. مدير مكتب الأسد يكشف كواليس أيامه الأخيرة في دمشق
الأحد، ٥ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٥
كشف مدير المكتب الإعلامي السابق في القصر الجمهوري كامل صقر، عن تفاصيل اللحظات الأخيرة في حكم رئيس النظام المخلوع بشار الأسد، مسلطًا الضوء على مشاهد من العزلة السياسية، التحولات الميدانية، والملفات الحساسة التي واجهها النظام قبيل سقوطه. والعلاقة المتوترة مع الحلفاء الإيرانيين والروس، وصولًا إلى كواليس التحضير لكلمة أجلت مرتين لتلغى إثر هروب الأسد من دمشق.
وزعم صقر في مقابلة أنه كان من آخر المغادرين من القصر الجمهوري برفقة زميل آخر من المكتب السياسي والإعلامي، حيث غادرا المكان حوالي الساعة الثالثة صباحًا، وسط أجواء من الترقب والسرعة التي فرضتها الأحداث منذ ظهر يوم السبت السابع من ديسمبر/كانون الأول وحتى فجر يوم الأحد، الثامن من ديسمبر/كانون الأول.
يستكمل صقر روايته عن تلك اللحظات، موضحًا أن الأيام التي سبقت سقوط بشار الأسد كانت مليئة بالاتصالات السياسية المكثفة. وزير خارجيته بسام صباغ ومعاونه حبيب عباس قادا مفاوضات على مدار يومين مع أطراف مختلفة، من بينها الحكومة العراقية. الهدف الأساسي كان الوصول إلى صيغة سياسية انتقالية، إلا أن تسارع الأحداث الميدانية حال دون ذلك. ويشير صقر إلى أن التطورات العسكرية، خصوصًا بعد بدء عمليات المعارضة من محور حلب، فرضت واقعًا جديدًا تجاوز النقاشات السياسية التي كانت تُجرى حينها.
ماذا جرى في موسكو؟ وتابع أن بشار الأسد كان في موسكو يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بهدف طلب المساعدة. وصل الأسد يوم الأربعاء، لكن اللقاء المرتقب تأخر حتى الجمعة. خلال تلك الفترة، كانت حلب قد وقعت بيد قيادة العمليات العسكرية، وهو ما ضاعف من تعقيد الموقف.
يشير صقر إلى أن هناك شعورًا بأن التأخير لم يكن محض صدفة، لكنه يرفض الجزم بذلك. اللقاء في الكرملين اقتصر على بشار الأسد ومرافقه الشخصي، ضابط برتبة عميد يدعى محسن محمد، واستمر اللقاء حوالي ساعة، لكن النتائج، وفقًا لصقر، لم تكن مشجعة أو تحقق الغايات التي سافر الأسد لأجلها.
في تلك المرحلة، طلب الأسد من نظيره الروسي فلاديمير بوتين دعمًا عسكريًا مباشرًا، إضافة إلى تسهيل وصول المساعدات الإيرانية عبر المجال الجوي السوري، وذلك لتقديم الإسناد العسكري لجيشه الذي كان يواجه ضغوطًا كبيرة من المعارضة. يوضح كامل صقر أن الأسد طلب من بوتين شخصيًا تأمين عملية النقل الجوي للمساعدات الإيرانية، بما يشمل استخدام قاعدة حميميم الجوية. إلا أن الرد الروسي كان مختلفًا عما كان الأسد يتوقع.
بحسب كامل صقر، أبلغ بوتين الأسد خلال لقاء مباشر أنه سيتخذ خطوات لتسهيل هذا الدعم، بما في ذلك إجراء اتصال برئيس أركانه لضمان تهيئة الظروف لنقل المعدات الإيرانية إلى سوريا. ومع ذلك، يشير صقر إلى أن هذه الوعود لم تُترجم على أرض الواقع. الإيرانيون أنفسهم أبلغوا الطرف السوري أنهم لم يتلقوا أي إشارات أو موافقات تسمح بتحرك طائراتهم نحو قاعدة حميميم عبر أجواء العراق. بل أُوقفت إحدى الطائرات الإيرانية عندما بلغت الأجواء العراقية، وتم تحذيرها من قِبل الأميركيين بالعودة إلى طهران تحت تهديد القصف.
هذا الواقع أثار تساؤلات عديدة، حيث أشار صقر إلى أن الأسد نفسه كان يعتقد أن بوتين لم يستحصل على الموافقات اللازمة من الأميركيين أو لم يسعَ إليها بالجدية الكافية.
عاد الأسد إلى دمشق وسط أجواء غير واضحة، خاصة بعد التطورات العسكرية التي أدت إلى سيطرة المعارضة على مناطق واسعة. يروي كامل صقر أن هناك إشارة رمزية مهمة حدثت خلال زيارة الأسد إلى موسكو، وهي غياب البيان الصحفي التقليدي الذي يصدر بعد لقاءات الرؤساء. أشار صقر إلى أن تسريب خبر الزيارة عبر قنوات روسية على منصة تليغرام أثار استفسارات عديدة من الجانب السوري حول البيان المشترك الذي كان يفترض أن يُعد بالتنسيق بين الطرفين.
رغم ذلك، لم يأتِ أي رد رسمي من الجانب الروسي بشأن البيان الصحفي. وفي مساء يوم الجمعة، أُبلغ الجانب السوري بأن مسألة البيان ستُناقش في اليوم التالي. في صباح يوم السبت، أُرسل مبعوث من قبل بوتين إلى مقر إقامة الأسد في فندق الفور سيزون بموسكو ليبلغه بأن الرئيس الروسي يفضل عدم الإعلان عن الزيارة. عندما سأل صقر الأسد عن تفسير هذا القرار، لم يكن لدى الأسد إجابة واضحة، مشيرًا فقط إلى أن بوتين ربما لديه أسبابه الخاصة.
في مساء يوم السبت، أقلعت الطائرة الروسية التي أقلت بشار الأسد من موسكو عند الساعة الرابعة عصرًا، لتصل إلى مطار دمشق الدولي في الثامنة مساءً. كانت زيارة موسكو قد انتهت دون تحقيق نتائج تُذكر. فور عودته إلى دمشق، عقد الأسد اجتماعًا مع اللجنة السياسية التي تضم وزير الخارجية ومعاونيه، ونائب رئيس الجمهورية، والمستشارة بثينة شعبان. في الاجتماع، استعرض بشار الأسد بشكل مقتضب تفاصيل زيارته لموسكو وتحدث عن التطورات المتعلقة بسقوط حلب.
خلال الاجتماع، أوضح الأسد أنه طلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تأمين غطاء للطرف الإيراني للسماح بوصول المساعدات العسكرية، مشيرًا إلى أن بوتين أبلغ رئيس أركانه هاتفياً بتهيئة الظروف لذلك. ومع ذلك، أجواء الاجتماع كانت متوترة، خاصة أن الوضع الداخلي في سوريا كان يعاني من أزمة حادة. الوضع المعيشي كان سيئًا، والاقتصاد في حالة انكماش شديد، مع تدهور الإمكانيات اللوجستية والنفسية للمؤسسة العسكرية، مما جعلها غير قادرة على خوض معركة طويلة الأمد.
يوضح كامل صقر أن الظروف السياسية والعسكرية قبل سيطرة المعارضة على حلب كانت معقدة. على السطح، كان الجو العام يبدو مستقرًا نسبيًا، لكن في العمق، كانت الأوضاع سيئة للغاية. روسيا كانت منشغلة تمامًا بالصراع في أوكرانيا، بينما إيران وحزب الله كانا يشعران بنوع من الخذلان نتيجة تقارب نظام الأسد مع الدول العربية. حزب الله، على وجه الخصوص، تلقى أقسى ضربة عسكرية له منذ تأسيسه، مما أثر على موقفه في دعم النظام السوري.
قبل معركة حلب، يشير صقر إلى أن الأسد لم يكن يشعر بالقلق، وربما لم يتصور أن الأمور يمكن أن تتدهور بهذه السرعة. حتى التقارير الأمنية التي تحدثت عن احتمالية هجوم لم تكن واضحة بما يكفي لاتخاذ قرارات استباقية. من جهة أخرى، يبدو أن المؤسسة العسكرية لم تكن راغبة في خوض معركة جديدة، ووفقًا لصقر، كان “الجيش” يرى أن المعركة قد تجاوزته، ولم تعد لها جدوى بعد سنوات من القتال المستمر.
ما حدث بعد السيطرة على حلب يشير إلى أن الجيش كان ببساطة غير راغب في الاستمرار في معركة جديدة، إذ كانت الحرب بالنسبة له قد أصبحت عبئًا ثقيلًا لا طائل منه. بالنسبة للعديد من الجنود، استمرار الحرب لم يكن مبررًا بعدما مضت أربع سنوات من الثبات النسبي منذ العام 2020. يصف صقر هذا الشعور بأنه امتداد لحالة عامة من الإرهاق واللاجدوى داخل المؤسسة العسكرية، وهو ما كان له تأثير عميق على تطورات تلك المرحلة.
أوضح كامل صقر أن الروس كانوا قد ابتعدوا نسبيًا عن المعادلة السورية في تلك المرحلة، خاصة مع تصاعد الأحداث بشكل دراماتيكي. الروس، الذين كانوا منشغلين بالصراع الأوكراني، لم يقدموا الدعم المتوقع، كما أن الإيرانيين أظهروا تراجعًا واضحًا. زار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي دمشق بعد تحرير حلب، إلا أن اللقاء معه كان باردًا ومحدود النتائج. والوزير الذي بدا غير متحمس، أشار ضمنيًا إلى أن إيران لن تتدخل عسكريًا لدعم جيش النظام.
لاحقًا، أُجري لقاء سري بين الأسد وعلي لاريجاني، الذي وصل مساء يوم الجمعة السادس من ديسمبر/كانون الأول. حضر اللقاء خمسة أفراد من الجانب الإيراني، لكن الأسد اختار أن يلتقيهم بمفرده. وفقًا لصقر، لم يكن هذا اللقاء بناءً كما كان يأمل الأسد، إذ عكس تراجع إيران عن دعم النظام السوري بشكل واضح. بعد الاجتماع، ظهرت ملامح خيبة الأمل على الأسد، مما يشير إلى أن الرسائل الإيرانية كانت تشير إلى حدود دعمها في تلك المرحلة.
كان الأسد يعوّل على إمكانية تدخل إيراني أو روسي لإيقاف العمليات العسكرية عند حد معين، لكنه واجه رفضًا واضحًا من الطرفين لبذل جهود حقيقية لتحقيق هذا الهدف. في الوقت نفسه، أكدت تركيا، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا ينوي الدخول في وساطات مع الأسد، مما جعل الطريق مفتوحًا أمام المعارضة للوصول إلى دمشق.
لماذا رفض بشار الأسد لقاء أردوغان؟ أشار صقر إلى أن موقف الأسد من رفض لقاء أردوغان كان مبنيًا على مزيج من الانفصال عن الواقع والخوف من تبعات اللقاء. الأسد كان يدرك أن اللقاء لن يقتصر على إعادة العلاقات السياسية، بل سيتضمن جدولًا للإصلاحات السياسية التي لم يكن يرغب في مناقشتها.
المحاولات الروسية والإيرانية لدفع الأسد نحو الانخراط في مفاوضات مع تركيا لم تثمر. آخر هذه المحاولات كانت زيارة المبعوث الروسي الخاص، ألكسندر لافرنتييف، في يونيو/حزيران، تلتها زيارة علي أصغر خاجي من الجانب الإيراني. لكن هذه الاجتماعات، وفقًا لصقر، كانت سطحية ولم تسفر عن نتائج ملموسة، مما أكد العزلة السياسية المتزايدة التي كان يعاني منها الأسد في تلك المرحلة الحاسمة.
في اللحظات الأخيرة من حكم بشار الأسد، تكشفت العديد من التفاصيل التي توضح طبيعة الانعزال السياسي والتوتر الذي عاشه الأسد مع تصاعد الأحداث. خلال النقاشات مع الحلفاء، برر الأسد رفضه لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برغبته في الحصول على “وديعة” تركية مشابهة لـ”وديعة رابين” التي سبق لسوريا أن حصلت عليها خلال مفاوضات السلام مع إسرائيل في التسعينيات.
الأسد كان يطلب تصريحًا من أردوغان يؤكد نية تركيا الانسحاب من الأراضي السورية في وقت ما، حتى لو لم يتم التنفيذ فورًا. إلا أن هذا المبرر لم يكن مقبولًا للطرفين الروسي والإيراني، ولم يسفر عن أي تقدم، وفقا لصقر.
متى شعر الأسد بالعزلة؟ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الخاص ألكسندر لافرنتييف حاولا تقديم مقترح للقاء على مستوى وزراء الخارجية، لكن الأسد أصر على اقتصار الاجتماعات على الجوانب الأمنية، وهو ما لم يرضِ الجانب الروسي. كذلك، عُقدت نقاشات مشابهة مع علي أصغر خاجي، كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني، لكنها انتهت دون نتائج تذكر. في هذه المرحلة، بدا واضحًا أن الحسم انتقل إلى الميدان.
يتابع صقر: بدأ الأسد يشعر بالعزلة عندما لم يتمكن من التواصل مع بوتين، رغم تكرار محاولاته على مدار أيام. تم إبلاغ الأسد بأن بوتين في زيارة إلى بيلاروسيا ولا يمكنه الرد، وهو تبرير وصفه كامل صقر بأنه غير مقنع، لأن الرؤساء دائمًا ما يكون لديهم فرق اتصال تؤمن التواصل في أي وقت. هذا التجاهل كان مؤشرًا واضحًا للأسد بأن حلفاءه قد بدأوا بالانسحاب من المشهد.
مع تسارع الأحداث، كان واضحًا أن جيش النظام بدأ بتسليم مواقعه تدريجيًا. في ريف دمشق، ألقت كتائب جيش النظام أسلحتها وغادرت مواقعها، بما في ذلك قوات الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد. بحلول مساء يوم السبت، بات سقوط النظام شبه مؤكد. في الساعات الأخيرة، قرر الأسد مغادرة دمشق إلى قاعدة حميميم بتأمين روسي. التقى الملحق العسكري الروسي بالأسد في القصر الرئاسي حوالي منتصف الليل، وتم تأمين الطريق إلى مطار دمشق الدولي عبر المتحلق الجنوبي.
وصل الأسد إلى قاعدة حميميم حيث قضى ساعات قبل أن يتم تجهيز طائرة لنقله بأمان إلى موسكو. وفقًا للمعلومات، كان برفقته الأمين العام لرئاسة الجمهورية منصور عزام، وزير الدفاع، رئيس الأركان، وبعض أفراد أسرته، بمن فيهم ابنه حافظ الأسد. ومع ذلك، لم يكن ماهر الأسد أو شخصيات بارزة أخرى ضمن المرافقين.
صقر: الأسد كان منفصلا عن الواقع بشار الأسد، كما يصف كامل صقر، كان يتأثر بشدة بحالته الذهنية، وهو ما انعكس على أسلوبه في التعامل مع المحيطين به. في كثير من الأحيان، بدا منفصلًا عن الواقع، وقادرًا على رؤية الأمور بالطريقة التي يريدها، حتى لو تعارضت مع الحقائق. كان الأسد يمتلك القدرة على إقناع نفسه ومن حوله بوجهة نظره، مما جعل التعامل معه تحديًا لفريقه الحكومي والمقربين منه. النقاش معه كان يصل إلى حد معين، وبعده لا يمكن لأحد أن يجادله أو يعارضه.
من بين الشخصيات الأكثر تأثيرًا في الأسد كانت زوجته أسماء الأسد، التي وصفها صقر بأنها لعبت دورًا محوريًا في المشهد السوري، حيث كانت شريكة الأسد في التفكير واتخاذ القرارات. كانت قادرة على التدخل في ملفات متعددة، بما في ذلك الملفات الاقتصادية والاجتماعية، ولديها حضور كبير في المشهد السياسي والمالي. ورغم ذلك، كان هناك انتقادات لدورها، حيث وصفها البعض بأنها متسلطة اقتصاديًا، خاصة من خلال تأثيرها على رجال الأعمال السوريين.
فيما يتعلق بقضية رامي مخلوف، أكد صقر أنها كانت خلافًا حقيقيًا وليس مجرد مسرحية. الخلاف انتهى بالضغط على مخلوف ومصادرة أمواله، لكن دوافع هذا الخلاف لم تكن واضحة للجميع.
فيما يتعلق بصحة أسماء الأسد، أشار صقر إلى أن إصابتها بالسرطان كانت حقيقة تم الإعلان عنها بشكل رسمي. كانت تهتم بتسويق هذه الحالة بشكل عاطفي للحصول على تعاطف شعبي، مستغلة الطبيعة العاطفية للمجتمعات الشرقية.
في سياق آخر، أثارت علاقة الأسد مع الحلفاء، الروس والإيرانيين، تساؤلات حول مدى ثقته بكل طرف. بحسب صقر، كان الأسد يثق بالروس أكثر من الإيرانيين، معتبراً إياهم الأقوى والأقدر على حماية نظامه. في المقابل، ورغم عدم تخليه عن الإيرانيين، ظهرت خلافات واضحة بينهم وبين الأسد، خاصة فيما يتعلق بتصرفاتهم الميدانية دون الرجوع إليه، مثل استخدام مطار دمشق الدولي، وهو ما أدى إلى طلب الروس تقييد تحركات الطيران الإيراني واقتصارها على قاعدة حميميم.
وعن اللقاءات مع قيادات إيرانية، كشف صقر عن وجود لقاءات متعددة بين الأسد وقائد فيلق القدس، إسماعيل قاآني، لكنها كانت محدودة وغير معلنة. أما العلاقة مع حزب الله، فقد كانت تتسم بالبراغماتية، إذ لم تُسجل لقاءات حديثة بين الأسد وحسن نصر الله في السنوات الأخيرة.
كلمة الأسد الملغاة.. ما مضمونها؟ بحسب تصريحات الصحفي كامل صقر، أعرب بشار الأسد عن رغبته في إلقاء كلمة متلفزة عقب تحرير مدينتي حلب وحمص. تم إجراء جميع التحضيرات اللوجستية والفنية اللازمة لتصوير الكلمة في قاعة بقصر المهاجرين، التي تُستخدم عادة لهذا الغرض، مع تجهيز الموقع بالكاميرات والإضاءة.
كانت الكلمة تتألف من حوالي 400 كلمة، وتضمنت عدة محاور رئيسية:
تناول الأسد في الفقرة الأولى موضوع تقسيم الأوطان، مشيراً إلى أن ما يحدث هو محاولة لتقسيم سوريا.
شملت الفقرة الثانية “انتقادات لتركيا، واتهامها بالسعي لاحتلال حلب وعدم الصدق في مواقفها تجاه سوريا”، على حد زعم صقر.
وفقاً لصقر، فإن الكلمة كانت مكتوبة من قبل الأسد نفسه، وصف صقر الكلمة بأنها متوترة للغاية في صياغتها ومضمونها، معتبراً أنها لم تكن متماشية مع حجم التطورات الجارية حينها.
رغم التحضيرات المكثفة لإلقاء الكلمة يوم الخميس، تم تأجيلها أولاً إلى الجمعة ثم إلى السبت، قبل أن يقرر الأسد في النهاية إلغاءها بالكامل. صقر أشار إلى أن هذا القرار يعكس سرعة وتيرة التطورات الميدانية والسياسية في تلك الفترة.
تلفزيون سوريا
——————————-
المشيخة الدرزية في سوريا تشترط كتابة الدستور لتسليم السلاح/ منهل باريش
تحدبث 05 كانون الثاني 2025
تتوسع الهوة بين الإدارة الجديدة في دمشق التي يقودها أحمد الشرع من جهة ومحافظة السويداء من جهة أخرى، والتي بدأت في الهجوم على عبيدة أرناؤوط المتحدث باسم الإدارة السياسية عندما أطلق تصريحات اعتبرها عشرات آلاف السوريين بانها غير لائقة. وما كاد السوريون ينسون تلك التصريحات حتى أعلنت وزارة التربية تغييرات كارثية على كتب التعليم في الوزارة، ما دفع الحكومة إلى التراجع عنها، وعاد السخط على الحكومة بسبب قرار نقابة المحامين بتوقيف إصدار عدد من الوكالات.
في ساحة الكرامة بالسويداء، خرج المئات من أهالي المدينة يوم الجمعة الفائت، في مظاهرة احتجاجية على عدة قرارات أصدرتها حكومة تصريف الأعمال التابعة للإدارة السورية الجديدة، وحمل المتظاهرون لافتات تطالب بحقوق المرأة وتشيّد بدورها، ولافتات أخرى مطالبة بعدم إجراء تعديلات غير مدروسة وواعية للمناهج الدراسية، وكتب على إحدى اللافتات «لا لتديين وتطييف المناهج الدراسية وخاصة العلمية»، كما طالب المتظاهرون الإدارة الجديدة بالتعددية، واحترام التنوع الديني والعرقي في سوريا، وعدم إعادة تدوير الزعامات الدينية والشخصيات العشائرية التي استخدمها سابقا نظام الأسد المخلوع.
وعلى الصعيد النقابي، رفض فرع نقابة المحامين في السويداء قرارات النقابة المركزية في سوريا، الصادرة في 31 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، القاضية بـ«وقف سند التوكيل العام والوكالات القضائية بكافة أنواعها، عدم منح صورة طبق الأصل عن الوكالة القضائية والاكتفاء بالوكالة الأصلية» وأثار القرار جدلا واسعا وانتقادات من قبل عموم المحامين في سوريا، وبعد نشر نقابة المحامين في سوريا القرار على صفحتها على «فيسبوك» علق مئات المحامين اعتراضا على القرار، وما أثار الغضب هو رد مدير الصفحة على المنصة وسخريته من المحامين واتهامهم بتفضيل العودة «لعهد الفساد والرشاوى».
وأعلن فرع نقابة المحامين في السويداء «عدم قبوله بكل القرارات الصادرة عن مجلس نقابة المحامين المؤقت» وإعلام المحامين في الهيئة العامة لفرع نقابة المحامين في السويداء «بتنظيم أي سند توكيل وعلى المسؤولية الشخصية لأعضاء مجلس الفرع». وأضاف الفرع أنه سيعمل على «تسليم موظفي النقابة رواتبهم وتسليم الزملاء المحامين حصصهم من صندوقي التعاون والإسعاف وحصة المحامي من الحد الأدنى للوكالات القضائية» في حال الإفراج عن الحسابات المصرفية. كما رفض فرع السويداء أن يكون مصدر رزق المحامين «رهينة قرارات عشوائية وجائرة وغير مدروسة ومخالفة لقانون تنظيم المهنة». حسب نص البيان. وأشار مجلس فرع نقابة المحامين في السويداء إلى أن مجلس النقابة المؤقت «لا يملك اتخاذ القرار بحل وإلغاء أي من مجالس الفروع ولا تعيين بدلاء عنها، كما لا تملك هذا الحق الحكومة المؤقتة باعتبارها حكومة تصريف أعمال».
وفي سياقٍ متصل، أعادت فصائل السويداء المسلحة ليلة رأس السنة، رتلاً عسكريًا تابعًا لهيئة تحرير الشام، و«جهاز الأمن العام» كان قد توجه من دمشق ووجهته إدارة شرطة محافظة السويداء، وحسب ما أفاد به مصدر محلي، فإن الرتل عاد من حيث أتى بدون أي اشتباكات، وتجاوب مع مطالب فصائل السويداء بكل هدوء، وأضاف المصدر أن قرار رفض دخول الرتل صدر عن الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، والذي يرفض تسليم سلاح فصائل السويداء للإدارة الجديدة حسب ما أعرب عنه في لقاء تلفزيوني عقب إعادة رتل إدارة العمليات، وقال الهجري في اللقاء، «الحديث عن تسليم السلاح مبكر جدًا، وهو مرفوض في المرحلة الحالية حتى كتابة دستور جديد ضامن لحقوقنا».
وكان وفد إدارة العمليات التابع للإدارة الجديدة قد التقى الرئيس الروحي للموحدين الدروز الثلاثاء الماضي، للتنسيق والعمل على ضبط السلاح المنفلت، والحد من حالات السرقة والنهب في المدينة، إلا أن الشيخ الهجري أعرب للوفد عن رفضه لتدخلات الإدارة الجديدة في الفترة الحالية، وقال حسب ما نقله مركز إعلام السويداء، «نحن مسؤولون عن ضبط الأوضاع العسكرية أو الإدارية أو المدنية، في مناطق الموحدين الدروز، ريثما يتم بناء دولة بشكل تشاركي تضم كل ألوان وأطياف الشعب السوري».
وأشار الرئيس الروحي للموحدين الدروز إلى أن زمن التعيينات كما كان في عهد النظام قد انتهى، مؤكدا على أن السويداء لديها كوادر وكفاءات قادرة على إدارة المدينة.
ولفت الهجري إلى أن بناء الدولة الجديدة يجب أن يكون تشاركيا، بناء على أن سوريا ليست لونًا واحدًا وكافة الألوان تتواصل، ومع مباركته للإدارة الجديدة، أكد على انه لم يتم الوصول إلى سلطة الدولة.
إلى ذلك، لا تزال الفصائل المسلحة في السويداء على تواصل مع الإدارة الجديدة فيما يخص تعيين محسنة المحيثاوي كمحافظة للمدينة، إلا أن الإدارة الجديدة لم ترد على المطالبات على الرغم من إجراء مشاورات عدة بين الزعامات الدينية والوجهاء من جهة، والإدارة في دمشق من جهة أخرى.
وتعتبر السويداء بما تحمله من خصوصية مرتبطة بطائفة الموحدين الدروز، من أبرز الملفات المعقدة التي ستتعامل معها الإدارة السورية الجديدة، بالإضافة إلى ملفات أخرى مشابهة من حيث التعقيد والخصوصية ولا سيما سيطرة قوات سوريا الديمقراطية «قسد» على شمال شرق البلاد.
بموازاة ذلك، أطلقت إدارة العمليات بمشاركة قوات «الأمن العام» الخميس الفائت حملة أمنية في مدينة حمص تستهدف من وصفتهم إدارة العمليات بمجرمي حرب وفلول النظام السابق، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان أن إدارة العمليات ألقت يوم الخميس القبض على ما يقارب من 25 شخصا منهم عناصر سابقين في قوات النظام وهم مطلوبون لمراكز التسوية التي أطلقتها الإدارة الجديدة لعناصر الجيش والأمن التابعين للنظام المخلوع.
وحسب مصادر مقربة من إدارة العمليات فإن الحملة أسفرت عن إلقاء القبض على عدد من الأشخاص المتورطين في مجزرة حي «كرم الزيتون» التي وقعت في آذار (مارس) 2012، وأضافت المصادر أن قوات الأمن العام تمكنت من إلقاء القبض على محمد شلهوم المتهم بسرقة ملفات سجن صيدنايا، وتعطيل كاميراته قبيل إعلان سقوط النظام، وهروب رئيسه بشار الأسد، كما اعتقل إثر الحملة الضابط أحمد زكريا عبد القادر، أحد ضباط سجن دير الزور العسكري.
وكانت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» قد نقلت عن مصدر عسكري في الإدارة الجديدة أن الحملة «تستهدف بشكل رئيسي مجرمي الحرب والفارين من قبضة العدالة، بالإضافة للبحث عن الأسلحة والذخيرة المخبأة»، وأضاف المصدر أن الحملة أتت «استكمالاً لحملة تمشيط حمص، ودخلت أحياء السبيل والزهراء والعباسية والمهاجرين».
الجدير بالذكر، أن الحملة الأمنية للإدارة الجديدة ضد فلول قوات النظام المخلوع بدأت عقب مقتل ما يقارب 14 عنصرا من قوات الأمن العام بكمين لفلول النظام في «خربة المعزة» بريف طرطوس في 25 من الشهر الماضي.
من جهة أخرى، استهدف سلاح الجو الإسرائيلي فجر الجمعة الماضي، مستودعات لمعامل الدفاع، والبحوث العلمية في منطقة الواحة بريف السفيرة شرق حلب، وأكدت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عملية القصف وذكرت أن غارة جوية استهدفت معامل الدفاع في السفيرة بريف حلب الشرقي، وقالت مصادر محلية من المنطقة أن سبعة انفجارات قوية جدا هزت المنطقة فجر الجمعة جراء استهداف طائرات لمعامل الدفاع في السفيرة.
بالمقابل قالت وكالة «الأناضول» نقلا عن مصادر محلية، إن عملية إنزال جوي نفذته القوات الإسرائيلية على منطقة السفيرة، ترافق مع سماع أصوات اشتباكات، وتحدثت عن سقوط قتلى وجرحى من دون ذكر أي تفاصيل إضافية.
وكان سلاح الجو الإسرائيلي قد استهدف قبل يوم واحد من قصف معامل الدفاع والبحوث العلمية في السفيرة، مقر اللواء 90 في منطقة سعسع بريف دمشق.
وكشف الجيش الاسرائيلي النقاب عن تفاصيل الانزال الجوي (الأبرار) الذي نفذه جنوب مدينة مصياف في أيلول (سبتمبر) 2024، وزاد المتحدث باسم الجيش «داهم ودمر أكثر من 100 مقاتل من وحدة شلداغ الخاصة قبل أربعة أشهر موقعا تحت الأرض لإنتاج الصواريخ الدقيقة في عمق سوريا».
ووصف رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هليفي، العملية العسكرية بانها «بطولية» واعتبرها جزءا من العمليات الممتدة من غزة إلى لبنان مرورا بسوريا وصولا إلى إيران.
وبث الجيش الإسرائيلي مقاطع مصورة لمروحيات إسرائيلية لحظة اقلاعها وتحركها باتجاه مصياف، إضافة إلى لقطات للجنود في محيط المنشأة التابعة للبحوث العلمية السورية والتي كانت مخصصة لإنتاج الصواريخ الدقيقة بواسطة خبراء إيرانيين. كما نشر جيش الدفاع مقاطع مصورة داخل المنشأة ولحظة عثورها على خلاط الوقود وأربع محركات للدفع.
وحسب الشريط المصور فإن قوات النخبة الإسرائيلية تجولت في المكان بشكل كامل وعثرت على وثائق ورقية جرى نقلها إلى تل أبيب.
وأكد الناطق العربي باسم الجيش الإسرائيلي أن المركز وضع تحت المراقبة منذ العام 2017 حيث بدأت أعمال الحفر والبناء والتي انتهت عام 2021. واستغرق تجهيزه ثلاث سنوات أخرى، ما يعني أن خطوط الإنتاج ما زالت قيد التجريب أو أنها حديثة للغاية. وشدد على أن هذا المجمع كان «مخصصا لتسليح حزب الله بمئات الصواريخ والقذائف الصاروخية سنويا».
إلى ذلك يضاف توغل جيش الاحتلال الإسرائيلي في مناطق متعددة في محافظة القنيطرة جنوب غرب سوريا، وإذا ما ربط التحرك البري مع القصف الجوي المستمر ضد مستودعات الصواريخ ومراكز البحوث العلمية ومستودعاتها فذلك يعني أن العدوان الإسرائيلي لن يتوقف ضد سوريا بحجة وجود السلاح الكيميائي، وهذا ما يجب أن يدفع بالإدارة السياسية مخاطبة منظمة حظر السلاح الكيميائي والطلب منها إرسال بعثتها الخاصة بسوريا وفتح كل مستودعات الأسلحة والمراكز التي جرى تدميرها أو تلك المستثناة من القصف الإسرائيلي حتى اليوم، عدا عن ذلك فإن القصف الجوي لن يتوقف وما تزال الدبابات تتحرك على سلاسلها.
القدس العربي
——————————
مدير مكتب الأسد الإعلامي يروي اللحظات الأخيرة بالقصر ليلة سقوط النظام
تحدبث 05 كانون الثاني 2025
كشف كامل صقر، مدير المكتب الإعلامي في الرئاسة السورية سابقاً، تفاصيل كثيرة عن اللحظات الأخيرة داخل القصر الرئاسي قبل سقوط نظام بشار الأسد. واكد صقر أنه آخر من غادر القصر الرئاسي.
وتحدث صقر في حوار مع الإعلامي حسين الشيخ، من خلال بودكاست “مزيج”، التابع لشبكة “العربية”، عن مرافقته الطويلة لبشار الأسد ومعايشته للتحولات المتسارعة والانهيار الكبير الذي لاحق النظام، واجتماعات وتحركات الأسد في أيامة الأخيرة قبل هروبه.
كما كشف عن مراقبته للتطورات الميدانية وتغيير مجرى الحرب وانتزاع المدن السورية على يد فصائل المعارضة، واتصالاته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكيف كان يتجاهلها الأخير، وخفايا رحلته الأخيرة لروسيا قبل سقوطه، التي توضح فشل محاولاته في إقناع حلفائه.
كما وثق صقر اللحظات الأخيرة التي شاهدها من داخل القصر الرئاسي لهروب بشار الأسد والشخصيات التي اختارها معه، ومصير شقيقه ماهر الأسد، وكيف كانت حالة القصر بعد تحرير دمشق.
ويمكن مشاهدة الحوار كاملاً عبر بودكاست “مزيج”.
—————————
التسويات تستقطب المئات شمالي حمص.. هل تحقق الأهداف الأمنية المرجوة؟ |صور
الأحد، ٥ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٥
استقبل مركز التسوية التابع لإدارة العمليات العسكرية في مدينة كفرلاها بمنطقة الحولة في ريف حمص الشمالي مئات العناصر من جيش نظام الأسد المخلوع والعاملين في المراكز الأمنية.
ويشهد المركز ازدحاماً يومياً مع توافد العشرات من العناصر للحصول على بطاقات مؤقتة تتيح لهم التحرك بحرية إلى حين استكمال إجراءات التسوية.
وأظهرت صور وثّقها موقع تلفزيون سوريا اصطفافاً للعناصر أمام المركز وداخله، حيث يقضي المتقدمون وقتهم جالسين في الغرف أو على المقاعد بانتظار استكمال الإجراءات الرسمية.
غياب السلاح يُثير التساؤلات رصد موقع تلفزيون سوريا أن معظم العناصر الذين حضروا لم يحملوا أسلحتهم، مما يشير إلى وجود رغبة لتسوية أوضاعهم من دون تسليم السلاح.
وأكد أحد القائمين على المركز أن العملية ما زالت جارية، ما يجعل من الصعب تحديد العدد الدقيق للمتقدمين أو قطع السلاح التي تم تسليمها حتى الآن.
1 / 10 1 / 10 1 / 10 1 / 10 1 / 10 1 / 10 1 / 10 1 / 10 1 / 10 1 / 10 وامتدت هذه التسويات لتشمل عناصر من مناطق مختلفة، بما في ذلك بلدات في ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي مثل مريمين، والشنية، ومصياف، وقرزيحل.
كما تضمنت التسوية عناصر من الطائفة العلوية من المناطق المحيطة، في خطوة تهدف إلى تخفيف التوترات وبناء الثقة بين المكونات المجتمعية المختلفة في المنطقة.
بهدف تسريع العملية.. افتتاح مركز تسوية جديد في مدينة حمص
وتثير هذه التسويات تساؤلات حول مدى فعاليتها في تحقيق الاستقرار، خاصة في ظل عدم وجود آلية واضحة لمحاسبة المتورطين في انتهاكات سابقة.
ويتخوف سكان الحولة من أن إخفاء عناصر نظام الأسد السابق أو العاملين في فروعه الأمنية للسلاح، قد يكون نابعاً عن نية مبيتة لاستخدامه ضد المدنيين مستقبلاً، لا سيما أن الأحداث الأخيرة في مدينة حمص، أظهرت تمسك كثير من العناصر بسلاحهم، وكان من اللافت عثور إدارة العمليات العسكرية على مستودع للذخيرة في حي الزهراء في أثناء حملة التمشيط بحثاً عن فلول النظام المخلوع.
ردود فعل متنوعة للأهالي لمنطقة الحولة في حمص طبيعة خاصة، كونها تقع وسط بلدات وقرى ذات أغلبية علوية وشيعية، وعانت في سنوات الثورة السورية من انتهاكات الحواجز المتمركزة في هذه البلدات، لا سيما القصف المدفعي والصاروخي شبه اليومي، الذي كان يخلّف ضحايا وجرحى في معظم الأحيان.
وارتكب عناصر نظام الأسد المخلوع، بمشاركة مقاتلين محليين من القرى الواقعة بمحيط الحولة، مجزرة الحولة الشهيرة عام 2012، عبر ذبح الضحايا ورميهم بالرصاص وطعنهم بالسكاكين، ما أسفر عن وقوع نحو 114 ضحية، معظمهم من النساء والأطفال.
وشارك مقاتلو القرى المحيطة أيضاً في حصار منطقة الحولة منذ بداية الثورة حتى عام 2018 (تاريخ التهجير نحو الشمال السوري)، عبر عشرات الحواجز والثكنات العسكرية، أبرزها حاجزا المشفى ومؤسسة المياه، وقرمص ومريمين والقبو وفلة.
ومع استمرار عمليات التسوية في مركز كفرلاها، تتباين ردود فعل الأهالي تجاه هذه الخطوة، إذ يعبر العديد من سكان المنطقة عن قلقهم حيال التسويات، معتبرين أنها قد تكون إجراءً شكلياً يفتقر إلى الجدية اللازمة لتحقيق العدالة.
ورغم الترحيب النسبي بخطوة تسليم السلاح وتخفيف التوترات الأمنية، فإن هناك مطالب واضحة بضرورة محاسبة المتورطين في الجرائم التي ارتكبها النظام خلال السنوات الماضية.
دعوات لتحقيق العدالة وأكد عدد من الأهالي، خلال حديثهم مع موقع تلفزيون سوريا، أن التسويات يجب ألا تقتصر على إجراءات أمنية وإدارية، بل يجب أن تتضمن خطوات حقيقية لمحاسبة العناصر المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان.
مهلة أخيرة لتسليم الأسلحة.. الداخلية السورية تحذّر من التهاون وتتوعد بالعقاب
وأشاروا إلى أن تجاهل هذا الجانب قد يزيد من حدة الاحتقان بين السكان، لا سيما ذوي الضحايا.
ويشير بعض الناشطين المحليين إلى مخاوف من أن تؤدي التسويات إلى إفلات عناصر النظام المتورطين من العقاب.
وطالب ناشطون بضمانات تمنع أي انتهاكات مستقبلية قد تترتب على هذه التسويات، مؤكدين أن المصالحة المستدامة تعتمد بشكل أساسي على تحقيق العدالة والمساءلة.
ويبدو أن نجاح التسوية سيعتمد إلى حد كبير على مدى استجابة الإدارة السورية الجديدة لمطالب السكان والفاعلين المحليين بإنصاف الضحايا، واعتقال المتورطين أو المساهمين بارتكاب مجازر بحق الشعب السوري، ومحاسبة الجناة.
أحداث مترافقة وبدأت التسويات في ريف حمص الشمالي بالتزامن مع تمكن إدارة العمليات العسكرية وقوات الأمن في وزارة الداخلية السورية من القضاء على شجاع العلي، الذي يقود عصابة تضم أفراداً من “شبيحة” نظام الأسد البائد، متورطة في عمليات قتل وخطف وسلب في مناطق ريف حمص الحدودية مع لبنان.
وفي 26 كانون الأول الماضي، أفادت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا بأن مجموعات عسكرية وأمنية تابعة للحكومة السورية دهمت مواقع تتحصن فيها “عصابة شجاع العلي” في بلدتي بلقسة والقبو بريف حمص الشمالي والغربي، ما أدى إلى مقتله.
نهاية مجرم وقائد عصابة في حمص.. من هو شجاع العلي؟
وأشارت المصادر إلى أن القوات تمكنت من القضاء على العديد من أفراد العصابة واعتقال آخرين بعد مداهمة المواقع وقصف بعضها بالأسلحة الثقيلة، بسبب رفض العناصر تسليم أنفسهم.
وحصل موقع تلفزيون سوريا على مشاهد تظهر جثة العلي بعد مقتله، ولحظة جلب جثته إلى منطقة الحولة في ريف حمص الشمالي للاحتفال بمقتله، بعد سنوات من الانتهاكات التي مارسها على السكان، لا سيما المعارضين للنظام السابق.
وقُتل شجاع العلي بعد أيام من انتشار فيديو له، يتوعد فيه بحرق المساجد وتنفيذ عمليات انتقامية بحق أبناء منطقة الحولة بريف حمص الشمالي.
ما موقف ممثلي العلويين في حمص؟ وفي أواخر شهر كانون الأول الماضي، دعا ممثلون من المجتمع الأهلي العلوي في محافظة حمص وسط سوريا، إلى نبذ الشعارات الطائفية والخطابات الاستفزازية والكف عن التحريض الإعلامي، وتسليم السلاح للجهات المختصة في مدة أقصاها خمسة أيام.
جاء ذلك في بيان مصور بُث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد مقتل 14 عنصر أمن وإصابة 10 آخرين في كمين نصبته فلول نظام بشار الأسد ضد قوات الأمن التابعة للإدارة السورية الجديدة في محافظة طرطوس، وحصول تظاهرات في عدد من مدن الساحل السوري.
مستذكرين “ضحايا المجزرة”.. سكان الحولة في حمص يحتفلون بالنصر على الأسد
وجاء في الفيديو المصور: “بيان إلى أهلنا في محافظة حمص، نؤكد على نبذ الشعارات الطائفية والخطابات الاستفزازية والكف عن التحريض الإعلامي بكل وسائله”.
وأضاف البيان: “ونهيب بأبنائنا الإسراع في تسليم السلاح وحصره بيد السلطات المختصة، وتسهيل آلية التسليم والتسويات خلال مدة أقصاها خمسة أيام”.
تسوية أوضاع عناصر النظام السابق افتتحت إدارة العمليات العسكرية مراكز تسوية لعناصر النظام السابق في عموم المناطق السورية، بهدف استلام أسلحتهم ومنحهم بطاقات تمنع التعرض لهم، وذلك في إطار جهودها لتعزيز الأمن والاستقرار في البلاد.
وتؤكد إدارة العمليات العسكرية أن التخلف عن التسوية أو تقديم معلومات مغلوطة أو ناقصة قد يؤدي إلى ملاحقة العنصر قضائياً، كما تشدد على أهمية تسليم جميع الوثائق والمعدات والعهد التي بحوزتهم لضمان إتمام عملية التسوية بنجاح.
الأمن العام يضبط مستودعاً للذخيرة في حي الزهراء بحمص | صور
وكانت أول عملية تسوية قد بدأت في السادس من الشهر الماضي، حين أعلنت الإدارة السورية أنها تجري عمليات تسوية للمنشقين عن النظام في مدينة حلب، وتمنحهم بطاقات مؤقتة “لتسهيل حركتهم داخل المدينة”.
يشار إلى أنه حتى 22 من شهر كانون الأول الماضي، بلغ عدد عناصر النظام السابق المتقدمين إلى مراكز التسوية 34 ألفاً و48 عنصراً في مختلف المحافظات السورية.
وتوزعت أعدادهم كالتالي: “حلب 3500 عنصر، حماة 3533 عنصراً، إدلب 372 عنصراً، حمص 2250 عنصراً، دير الزور 2000 عنصر، درعا 1000 عنصر، اللاذقية 11394 عنصراً، طرطوس 10000 عنصر”.
—————————-
اشتعال محاور القتال بين الفصائل الموالية لتركيا و«قسد» على أطراف منبج
تعزيزات أميركية في عين العرب والحسكة… وقائد تركي يتفقد قواته على الحدود
سعيد عبد الرازق
5 يناير 2025 م
تشهد محاور القتال بين فصائل «الجيش الوطني السوري»، الموالي لتركيا، و«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، في سد تشرين وجنوب شرقي منبج بريف حلب الشرقي (شمال سوريا) اشتباكات عنيفة، في ظل قصف تركي مكثّف إلى جانب استهدافات في مناطق من عين العرب (كوباني) والرقة والحسكة في شرق الفرات.
في الوقت ذاته، واصل التحالف الدولي للحرب على «داعش»، بقيادة الولايات المتحدة، إرسال تعزيزات إلى عين العرب والحسكة، في حين أجرى قائد القوات البرية التركية الجنرال سلجوق بيرقدار أوغلو زيارة تفقدية للوحدات المنتشرة على الحدود مع سوريا.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن طائرات حربية تركية استهدفت بضربات عدة مواقع تابعة لـ«قسد» في سد تشرين ومدينة دير حافر جنوب شرقي مدينة منبج بريف حلب الشرقي.
وقالت «قسد»، في بيان، إن الفصائل الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على قرى عدة في جنوب منبج وشرقها، وإنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.
معارك عنيفة
وأضافت أن الفصائل شنّت هجمات عنيفة، بدعم من 5 طائرات مسيّرة تابعة للقوات التركية، وكذلك الدبابات والمدرعات التركية الحديثة، على قرى العطشانة، والسعيدين، وخربة تويني، ومحشية الشيخ عبيد المصطفى، وخربة زمالة، والمسطاحة، وتلة سيرياتيل وقرية علوش في جنوب مدينة منبج وشرقها.
وأكدت أن عناصرها تمكنوا من «إفشال جميع الهجمات» وقتل عناصر من الفصائل وتدمير آليات عسكرية.
وقُتل 12 من عناصر «قسد» وأُصيب 8 آخرون نتيجة القصف والاشتباكات التي جرت السبت، في حين قُتل 50 من عناصر الفصائل، بحسب ما أفاد «المرصد السوري» الذي أشار إلى أن الفصائل هاجمت، ليل الجمعة – السبت، عدداً من القرى في ريف منبج مستغلة الغارات الجوية التركية والقصف المدفعي المكثف على المنطقة.
وذكر أن «قسد» ردّت بتفجير ألغام بهدف إعاقة تقدم المهاجمين، بينما عززت انتشارها في المنطقة تحسباً لتجدد الغارات الجوية، مشيراً إلى أن الاشتباكات تركزت في محاور قرى حج حسين، والسعيدين، وعطشانة، وعلوش، والمسطاحة، وسط حالة من الترقب والخوف لدى السكان المحليين من تصاعد حدة القتال.
وتتواصل المعارك على محاور القرى المحيطة بسد تشرين بين الفصائل الموالية لتركيا مدعومة بغطاء ناري من الأسلحة التركية، وبين قوات «مجلس منبج العسكري» التابعة لـ«قسد»، دون تغيير جذري على خريطة السيطرة التي تغيرت مع سيطرة الفصائل في ديسمبر (كانون الأول) الماضي على منبج وتل رفعت في إطار عملية «فجر الحرية»، التي انطلقت عقب تقدم «هيئة تحرير الشام» وفصائل موالية لتركيا باتجاه دمشق في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني).
في الوقت ذاته، استهدفت المسيّرات التركية محطة الكهرباء في بلدة الجرنية بريف الطبقة غرب محافظة الرقة، بـ3 ضربات جوية متتالية، ما أدى إلى أضرار مادية كبيرة في المحطة.
وكان أصيب عنصران من قوى الأمن الداخلي التابعة لـ«قسد» (الأسايش) من حراس بلدية بلدة حرية، إثر استهداف مسيّرة تركية لمبنى البلدية في ريف الطبقة، وذلك ضمن الاستهدافات المستمرة من جانب تركيا للبنية التحتية في مناطق شمال وشرقي سوريا الخاضعة لسيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية، المكوّن الأساسي لقوات «قسد».
واستهدفت المدفعية التركية بلدة أبو راسين وريف تل تمر شمال غربي الحسكة، لكن لم تُشر المعلومات المتوافرة إلى وقوع خسائر بشرية.
وكانت مسيّرة تابعة للقوات التركية استهدفت، الجمعة، موقعاً عسكرياً لـ«قسد» في قرية بوجاق جنوب بلدة صرين بريف عين العرب (كوباني).
وفي ظل التصعيد المستمر بين القوات التركية والفصائل الموالية لها، و«قسد»، واصلت القوات الأميركية و«التحالف الدولي للحرب على (داعش)» إرسال تعزيزات عسكرية إلى مناطق سيطرة القوات الكردية.
تعزيزات أميركية
ودخل رتل عسكري أميركي يتألف من 20 شاحنة، من إقليم كردستان العراق إلى الأراضي السورية عبر معبر الوليد، السبت، ضم عربات عسكرية وكتل أسمنت وصهاريج وقود، واتجه نحو قاعدتي تل بيدر وقسرك بريف الحسكة.
وأفاد «المرصد السوري» بقيام القوات الأميركية بإرسال رتل من 13 مدرعة، فضلاً عن المزيد من صهاريج الوقود والعربات العسكرية من قاعدتيها في تل بيدر وقسرك إلى عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، حيث تستكمل بناء قاعدة عسكرية هناك.
في الوقت ذاته، أجرى قائد القوات البرية التركية، الجنرال سلجوق بيرقدار أوغلو، زيارة، السبت، إلى مركز القيادة الرئيسي للفيلق السادس وقيادة قوة المهام الخاصة المشتركة في تشيلديروبا بولاية كيلس والقاعدة الواقعة في أكتشا قلعة في ولاية شانلي أورفا على الحدود مع سوريا.
Kara Kuvvetleri Komutanı Orgeneral Selçuk Bayraktaroğlu, Kilis Çıldıroba’daki 6’ncı Kolordu ve Müşterek Özel Görev Kuvvet Komutanlığı Esas Komuta Yeri ile Şanlıurfa Akçakale’de konuşlu üs bölgesinde inceleme ve denetlemelerde bulundu.Kahraman komandolara hitap eden Orgeneral… pic.twitter.com/inzd0wqWff
— T.C. Millî Savunma Bakanlığı (@tcsavunma) January 4, 2025
وبحسب ما ذكرت وزارة الدفاع التركية، عبر حسابها في «إكس»، السبت، عقد القائد التركي اجتماعاً عبر «الفيديو كونفرنس» مع قادة الوحدات العسكرية التركية على الحدود وفي مناطق العمليات في شمال سوريا والعراق، وتلقى معلومات حولها، وأعطى تعليمات بشأن العمليات التي سيتم تنفيذها في الفترة المقبلة.
تعزيز التجارة مع سوريا
بالتوازي مع التحركات العسكرية، زار وزير التجارة التركي، عمر بولاط، بوابتي جيلوا غوزو (باب الهوى) و«يايلاداغي (معبر كسب)» ومنفذ «زيتين دالي (غصن الزيتون)» الجمركي الذي يربط بين سوريا وتركيا في ولاية هطاي جنوب البلاد.
وزير التجارة التركي عمر بولاط خلال تفقده السبت بوابة باب الهوى على الحدود مع سوريا (حسابه في إكس)
وقال بولاط، في تصريحات من أمام بوابة جيلوا غوزو إن البوابة ستكون معبراً مهماً إلى الشرق الأوسط والخليج العربي عبر سوريا، في ظل الإدارة الجديدة عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد.
ولفت إلى وجود 8 معابر حدودية بين تركيا وسوريا، 3 منها في ولاية هطاي، مضيفاً: «نريد العمل بشكل وثيق مع الإدارة السورية الجديدة لجعل العبور من تركيا إلى سوريا، وهذا الطريق الدولي المهم المؤدي إلى الشرق الأوسط، فعالاً بشكل أكبر».
وذكر أن عمليات عودة السوريين في تركيا إلى بلادهم تتسارع، حيث غادر منذ 9 ديسمبر الماضي 40 ألف سوري من جميع البوابات الحدودية، منهم 27 ألفاً و941 سوريا غادروا من البوابات الثلاث في هطاي.
وأضاف أن «تسريع عمليات العودة المشرفة والآمنة والمنظمة يجلب معه احتياجات جديدة، وسوف تتسارع أعمال تحسين معابر الركاب، وسنقوم أيضاً بإجراء العديد من التحسينات على بوابة يايلاداغي (كسب) ومنفذ زيتين دالي (غصن الزيتون) الجمركي بسبب إغلاقهما لسنوات طويلة، ستكون التجارة مع سوريا والنظام الجمركي والنظام التجاري الجديد والاستثمارات وخدمات المقاولات وإعادة الإعمار على رأس جدول أعمالنا».
على صعيد آخر، بحث وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، مع نظيره الأوكراني أندريه سيبيها، الأوضاع في أوكرانيا وسوريا، خلال اتصال هاتفي، السبت.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد أكد أن بلاده ستدعم الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار في سوريا، وذلك عقب تلقيه، الخميس، إحاطة من وزيري الخارجية أندريه سيبيها، والسياسة الزراعية والأغذية فيتالي كوفال عقب زيارتهما لسوريا.
————————-
تركيا تتمسك بالحسم ضد «قسد»
الأحد، ٥ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٥
شنّت طائرات تركية غارات على مواقع لـ«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» في ريف حلب الشرقي، في ظل هجوم واسع تشنّه فصائل موالية لأنقرة لطرد القوات التي يهيمن عليها الأكراد من سد تشرين ومحيط مدينة منبج.
ويترجم الانخراط التركي في المعارك، كما يبدو، إصراراً على حسم المعركة ضد «قسد»، رغم تعزيزات يرسلها الأميركيون لطمأنة حلفائهم الأكراد.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن طائرات تركية هاجمت مواقع تابعة لـ«قسد» في سد تشرين ومدينة دير حافر جنوب شرقي مدينة منبج. من جهتها، قالت «قسد»، في بيان، إن الفصائل الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسعاً على قرى عدة في جنوب منبج وشرقها، وإنها نجحت في التصدي للمهاجمين.
وقُتل 12 من عناصر «قسد» وأُصيب 8 آخرون نتيجة القصف والاشتباكات السبت، في حين قُتل 50 من عناصر الفصائل، بحسب «المرصد».
وتزامنت المعارك مع دخول رتل عسكري أميركي يتألّف من 20 شاحنة، من إقليم كردستان العراق إلى الأراضي السورية عبر معبر الوليد، واتجه نحو قاعدتي تل بيدر وقسرك بريف الحسكة.
وأفاد «المرصد» بأن القوات الأميركية أرسلت رتلاً من 13 مدرعة إلى عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، حيث تستكمل بناء قاعدة عسكرية هناك.
————————–
وسط صدمة الغلاء.. السوريون ينتظرون الرواتب و”الزيادة الموعودة“
معاذ فريحات – واشنطن
05 يناير 2025
أولوية السوريين هي التخفيف من الأعباء الاقتصادية التي عانوا منها في سنوات الحرب
“ربطة الخبز كانت بـ 400 ليرة، الآن بـ 4000 ليرة، وأسطوانة الغاز أصبحت بأكثر من 250 ألف ليرة”، يقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، في حديث لموقع “الحرة”.
وحذر عبد الرحمن من احتمال “وقوع احتجاجات” في مدن سورية بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها السوريون.
وأضاف أنه لم يتم صرف الرواتب للعديد من الموظفين في القطاع العام أو العاملين في الأجهزة العسكرية، متخوفا من تعميق الأزمة الاقتصادية في سوريا، حيث يعاني أكثر من 90 في المئة من السكان من انعدام الأمن الغذائي.
وتعادل قيمة الراتب الشهر للموظف حوالي 20 دولار، بينما يحتاج لأكثر من 150 دولارا لتغطية احتياجاته الغذائية، فيما يتخوف سوريون من “سياسات انتقامية” بحقهم بسبب آرائهم السياسية في الفترة التي سبقت الإطاحة بنظام الأسد في الثامن من ديسمبر.
وتقول الأمم المتحدة إن 17 مليون سوري، بينهم 5.5 ملايين نازح داخل البلاد، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية هذا العام، في مقابل 15.3 مليونا احتاجوا لهذه المساعدات في العام 2023.
الراتب “لا يطعم خبزا” في سوريا.. متى تستعيد الليرة قيمتها؟
يغطي راتب الموظف الحكومي السوري، الذي يعادل حوالي 20 دولارا شهريا، أقل من 15% من تكلفة السلة الغذائية الأساسية لعائلة مكونة من خمسة أفراد، والتي تبلغ 136 دولارا.
الباحث والأكاديمي الاقتصادي السوري، فراس شعبو لا يرى أي مؤشرات على احتمال قيام “ثورة جياع” في سوريا.
وأضاف في حديث لموقع “الحرة” أن ارتفاع الأسعار الحالي جزئي وناتج عن زيادة في أسعار المحروقات.
لكن شعبو يؤكد أن هناك مشكلة فيما يتعلق بصرف الرواتب، والتي تسببت في شح السيولة بين أيدي المواطنين.
وأشار إلى أنه رغم وعود الإدارة الجديدة بزيادة 400 في المئة على الرواتب، إلا أن ذلك لم يتحقق حتى الآن.
وأكد شعبو أنه حتى من ينتقد عدم صرف الرواتب، يدركون أن الإدارة الحالية لم تسيطر على جميع الأمور بالكامل ووعدت بصرف رواتب المتقاعدين خلال الأسبوع المقبل، وبنهاية الشهر سيتم صرف الرواتب مع الزيادات التي أقرت.
وتأثرت الأوضاع الاقتصادية في سوريا بشكل كبير جراء الصدمات من خلال سنوات الحرب، والعقوبات الاقتصادية، وانهيار الليرة السورية، وانعدام الأمن الغذائي، وموجات النزوح داخل البلاد.
وبحسب النشرة السنوية لأسعار المستهلك الصادرة عن المركز السوري لبحوث السياسات، شهدت سوريا خلال 2023 تضخما جامحا إذ زادت الأسعار بأكثر من 400 في المئة مقارنة بالأسعار في 2022، والتي كانت مرتفعة بالأصل بـ 185 في المئة عما كانت عليه في 2021.
الإدارة السورية الجديدة.. العمل جار
وعدد شعبو حزمة من الإجراءات التي أقرتها الإدارة الجديدة والتي ستنعكس على الأسواق، مثل: انخفاض أسعار الغذائية، وتوفر شريحة أوسع من المواد الغذائية، وقف عمليات الابتزاز و”التشبيح” المالي، وخفض الرسوم الجمركية والضريبية.
ودعا إلى إعطاء الإدارة الجديدة فرصة حقيقية لتحسين الأوضاع الاقتصادية، وقال “إن الموظف العادي يخضع لفترة تجريبية بثلاثة أشهر، فكيف نحكم على أداء حكومة انتقالية جديدة في أقل من شهر؟”.
وحذر شعبو من الانسياق وراء عمليات التجييش خلال الفترة الحالية، مشيرا إلى أن الدولة الآن في مرحلة إعادة البناء، وبالتأكيد سيكون هناك أخطاء.
ودمر النزاع في سوريا اقتصاد البلاد وقد أوقع أكثر من 500 ألف قتيل وشرد الملايين منذ اندلاعه في العام 2011.
من جراء النزاع بات أكثر من 90 في المئة من السوريين “تحت خط الفقر”، وفق أرقام الأمم المتحدة، مع تراجع حاد في قيمة الليرة السورية.
وقال مدير المرصد السوري، عبدالرحمن إن متوسط دخل الموظف العام بحدود الـ 20 دولار، والمتقاعدين بحدود 10 دولارات، وما يزيد من المشاكل الاقتصادية للمواطنين، تأخير الرواتب للموظفين والمتقاعدين، وارتفاع أجور النقل والمواصلات والسكن.
وأشار إلى أن ما تفعله الإدارة الجديدة باتخاذ سياسات بتحرير الأسعار من دون وجود أدوات للرقابة، تسبب في زيادات هائلة، محذرا من مواجهة مشاكل اقتصادية واجتماعية عند تسريح العاملين في الجيش والأجهزة الأمنية.
ودعا إلى إجراء مصالحة سورية-سورية، وملاحقة من ارتكبوا جرائم بحق السوريين، ومحاكمتهم بشكل عادل، وليس من خلال محاكمات انتقامية، قد تدفع بإيجاد بيئة حاضنة لمتطرفين جدد عند بعض الفئات.
ولا تزال حالة من عدم اليقين تجاه تعافي الاقتصاد السوري والعملة الوطنية، والتي تحتاج إلى تحديد النظام الاقتصادي الذي سيتم اعتماده، وما سيتبعها من خطط لإعادة النمو والإنتاج، بما ينعكس على تحسين حياة الناس.
يذكر السوريون قبل الحرب أن 50 ليرة سورية فقط كانت تمكنهم من امتلاك دولار واحد. واليوم، يحتاج السوري من 13 ألف إلى 15 ألف ليرة ليملك نفس الدولار، وهذا يعني أن العملة المحلية فقدت 99 في المئة من قيمتها.
وقال خبراء صندوق النقد الدولي إن الحرب “أعادت البلاد عقودا إلى الوراء من حيث التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية”، وهو ما تسبب بفقدان نصف الناتج المحلي الإجمالي عما كان عليه قبل بدء الحرب.
وطالبت الإدارة السورية الجديدة برفع العقوبات الدولية لإنعاش الاقتصاد وإعادة إعمار البلاد بعد سنوات من الحرب وتشجيع ملايين اللاجئين السوريين على العودة.
لكن مسؤولين أميركيين وأوروبيين قالوا إنهم سيضطرون إلى الانتظار لرؤية نوعية الإدارة التي سيعينها الحكام الإسلاميون الجدد في البلاد.
معاذ فريحات
—————————
جولة عربية لأسعد الشيباني: الإدارة السورية الجديدة تريد تهدئة المخاوف وضمان الدعم/ محمد أمين
05 يناير 2025
تأتي جولة الشيباني بعدما أنهى زيارة إلى السعودية الخميس الماضي
تحرك الإدارة الجديدة تجاه المحيط العربي يأتي في سياق أكثر من هدف
تأتي الجولة في وقت تبرز فيه هواجس عربية من النفوذ التركي
أعلن وزير الخارجية في حكومة تسيير الأعمال في سورية أسعد الشيباني في تغريدة على منصة إكس أول من أمس الجمعة، عزمه إجراء زيارات رسمية إلى كل من دولة قطر والإمارات والأردن، مشيراً إلى أنه “نتطلّع إلى مساهمة هذه الزيارات بدعم الاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي وبناء شراكات متميزة”.
وجاء الإعلان عن جولة الشيباني بعدما أنهى زيارة إلى السعودية، الخميس الماضي، وصفها بـ”التاريخية”، كانت الأولى خارجياً من قبل مسؤولي الإدارة الجديدة في سورية. وقال أسعد الشيباني إثر الزيارة: “عبّرنا عن أهمية سورية للعب دور إيجابي في المنطقة، ونسج سياسات مشتركة تدعم الأمن والاستقرار وتحقق الازدهار إلى جانب الدول العربية”.
ولم يتأخّر الانفتاح العربي على الإدارة الجديدة، إذ زارت دمشق وفودٌ عربيّة ذات طابعين دبلوماسي وأمني. وبدأت المساعدات الإنسانية من دول عربية تتوالى إلى سورية، وخاصة من دولتي قطر والسعودية، لتخفيف الأعباء المعيشية والاقتصادية عن السوريين. كذلك وصلت إلى مطار دمشق الدولي صباح أمس السبت أول طائرة تحمل مساعدات من الهلال الأحمر المصريّ. ورغم نفي مصادر عراقية مطّلعة الأنباء التي تحدثت الجمعة الماضي عن استئناف تصدير النفط الخام إلى سورية، إلّا أنه من المرجح أن تواصل الحكومة العراقية تزويد سورية بالنفط خلال الأيام القليلة المقبلة في سياق الدعم العربي للإدارة الجديدة لضمان الاستقرار.
أهداف تحرّك سورية عربياً
ويبدو أنّ التحرك الدبلوماسي من قبل الإدارة الجديدة في دمشق تجاه المحيط العربي يأتي في سياق أكثر من هدف. وكانت قد برزت مخاوف عربية من طغيان لونٍ سياسي واحدٍ على الحياة السياسية الجديدة في سورية، خصوصاً بعدما دافع قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع عن هذا الخيار، في ظلّ طغيان تعيينات اللون الواحد التي تُجريها إدارته، بالقول إن “شكل التعيينات الحالي كان من ضرورات المرحلة وليس إقصاء لأحدٍ”، وإن كان حكّام دمشق الجدد يؤكّدون أنهم بصدد “تأسيس حكومة تقوم على التشاركية والكفاءة وتضم المكوّنات السورية كافة”. كذلك تسود ضبابية بشأن عقد مؤتمر الحوار الوطني، خصوصاً بعد المؤشرات على توجه حكّام دمشق لرفض التعاطي مع الأجسام السياسية ضمن مؤتمر الحوار وتصريحات الشرع التي أكد فيها أن عملية كتابة الدستور وكذلك إجراء الانتخابات يحتاجان إلى سنوات.
وأكدت تصريحات المسؤولين العرب الحرص على وحدة الأراضي السورية والانخراط في عملية سياسية متكاملة تضمّ جميع القوى السياسية السورية من أجل الحفاظ على استقرار وأمن البلاد. كما تدفع الدول العربية باتجاه كتابة دستور جديد للبلاد بمشاركة القوى السياسية، يلبّي طموحات السوريين ويحمي حقوقهم على اختلاف رؤاهم السياسية، تُجرى على أساسه انتخابات بعد المرحلة الانتقالية.
ويبدو أن الإدارة الجديدة تُريد دوراً عربياً داعماً لها في المحافل الإقليمية والدولية يمهّد الطريق أمام اعتراف دولي بها. كذلك تبحث هذه الإدارة عن مشاركة عربية واسعة في جهود دعم مشروعات الإنعاش المبكر في سورية وتهيئة الظروف لعودة ملايين اللاجئين السوريين، وخاصة من دول الجوار وأبرزها الأردن ولبنان ومصر، إلى بلادهم.
الهدف من جولة أسعد الشيباني
كذلك تأتي جولة أسعد الشيباني على عدد من الدول العربية في وقت تبرز فيه هواجس عربية من النفوذ التركي في سورية والذي تعاظم بعد سقوط الأسد، حيث كانت أنقرة سباقة في إرسال وفود أمنية ودبلوماسية رفيعة المستوى بالتزامن مع إعادة افتتاح السفارة التركية في دمشق بعد 12 عاماً من القطيعة السياسية مع نظام الأسد.
وتعليقاً على جولة أسعد الشيباني رأى المحلل السياسي محمد صبرا، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “هذه الزيارات جميعاً مهمة”، موضحاً أنها تأتي في إطار الانفتاح السوري على المجال العربي وإعادة البوصلة السورية للاتجاه الصحيح. وتابع: “بعد عقود من اندماج النظام البائد، سواء خلال فترة حافظ الأسد أو المجرم الهارب بشار (الأسد)، في المشروع التوسعي الطائفي الإيراني، تحاول الإدارة العسكرية الانتقالية إعادة سورية لدورها الطبيعي في العالم العربي”. ودعا صبرا الإدارة الجديدة للعمل على “بناء علاقات دولية تأخذ بعين الاعتبار التوازن وعدم الدخول في لعبة المحاور الإقليمية”، معتبراً أن جولة أسعد الشيباني المقبلة لا تأتي في سياق تبديد مخاوف العرب من النفوذ التركي في سورية، مضيفاً: “هذه المخاوف غير موجودة أصلاً، بل هي محاولة كما قلت لإعادة تصحيح البوصلة السياسية السورية بالاتجاه الصحيح”.
من جانبه، رأى الباحث السياسي أحمد القربي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن جولة الشيباني المقرر إجراؤها خلال الأيام المقبلة لها العديد من الأهداف، مشيراً إلى أن الزيارة إلى الدوحة هدفها “تعزيز العلاقات السورية القطرية والتأكيد على حاجة سورية للدعم القطري، وخاصة على صعيد البنى التحتية”. وقال: “كانت قطر ثاني دولة في العالم تُعيد افتتاح سفارتها في دمشق، ولها حضور سياسي وإنساني قوي في سورية منذ سقوط نظام الأسد. كما لا ننسى أنها كانت أول دولة تطلق جسراً جوياً لتقديم المساعدات للسوريين، وهي دولة رائدة في تقديم الدعم الإنساني على مستوى العالم”. وتابع: “أما بالنسبة للزيارة إلى الإمارات والأردن فإن هدفها تهدئة المخاوف، وخاصة الأمنية”. واعتبر أن هذه الزيارات هي “إشارات إيجابية من قبل الإدارة الجديدة في دمشق لجهة الانفتاح على المحيط العربي”، مضيفاً: “من المعروف أنه لدى الإمارات توجّس من قضية الإسلام السياسي، لذا فإن زيارة الشيباني ستسهم في تبديد أي مخاوف عربية على هذا الصعيد”.
—————————–
انقلاب موقف مصر من سورية ينتظر زيارة عبد العاطي المؤجلة
05 يناير 2025
تأجلت زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى دمشق التي كانت مقررة خلال الأيام المقبلة. وتصاعدت تساؤلات المصريين حول موقف مصر من سورية بعد اتصال وزير الخارجية المصري بنظيره في حكومة هيئة تحرير الشام أسعد الشيباني الثلاثاء الماضي، على ضوء حملة إعلامية شرسة استمرت أكثر من شهر ونصف شهر، وصفت أبو محمد الجولاني (لقب أحمد الشرع القديم) وتنظيمه بـ”الإرهابيين”، وأكدت أن مصر لا تتعامل مع الإرهاب والتنظيمات المسلحة.
ومنذ أسابيع، سخّرت الدولة المصرية إمكانات وسائل الإعلام التابعة لشركة المتحدة لتنظيم حملة استهدفت تشويه صورة الجولاني وهيئة تحرير الشام. استخدم الإعلام لهجة صارمة، شملت اتهامات مباشرة بالإرهاب وتحذيرات متكررة من أي انخراط مع هذه الأطراف. الرسالة كانت واضحة: مصر دولة كبرى لا تتفاوض مع الإرهابيين. لكن الموقف الرسمي، الذي ظهر فجأة عبر اتصال وزير الخارجية المصري مع نظيره في الهيئة، أثار تساؤلات حول مصداقية الخطاب الإعلامي الذي تبنته الدولة.
بموازاة ذلك، أعلنت سلطة الطيران المدني المصري أنه يمنع دخول السوريين الوافدين من جميع الدول إلى مصر، باستثناء “حاملي الإقامة المؤقتة لغير السياحة”. وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي محمد سيد أحمد إن موقف مصر من سورية “لم يتغير، والاتصال الذي جرى بين وزير الخارجية المصري ونظيره المزعوم لحكومة الإرهاب في سورية جاء لفتح قناة اتصال، لكن جوهر الموقف المصري ظل ثابتًا”. وأضاف أن “ما صدر عن هذا الاتصال أكد ثوابت مهمة، مثل وحدة الأراضي السورية، ووحدة الدولة والشعب السوري، وحق الشعب السوري في اختيار حكومته وقادته. ورغم ذلك، ندرك أن تحقق هذه الأمور على أرض الواقع يبدو مستحيلاً حالياً بسبب الانقسام الذي تعيشه سورية”.
وأوضح سيد أحمد، لـ”العربي الجديد”، أنه “على المستوى الشعبي، نرى أن الاتصال لم يكن في محله، لكن إذا اختارت الحكومة اتخاذ هذا القرار، فمن المهم أن يُفهم ضمن إطار دبلوماسي، من دون تغيير في المواقف الأساسية”. وأضاف: “إذا حدث تغيير في موقف مصر من سورية مستقبلاً بما لا يخدم مصلحة الشعب المصري، فسيكون لنا موقف واضح بالرفض. لا يمكن أن نقبل بمواقف تتعارض مع مصالحنا الوطنية أو مع رفضنا الإرهاب”. وأكد أن “مصر سبق أن أطاحت جماعة إرهابية من الحكم ووصفتها بالإرهابية، لذلك من غير المقبول أن نعتبر نفس الفصيل الإرهابي شرعياً في سورية ونتعامل معه”.
الأشعل: خطوة عبد العاطي مهمة
وفي السياق، صرح المساعد السابق لوزير الخارجية المصري السفير عبد الله الأشعل، لـ”العربي الجديد”، بأن الخطوة التي قام بها عبد العاطي تعد مهمة للغاية، لكنها لا تعني بأي حال الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة، موضحاً أن هذه الخطوة تأتي في إطار التعامل مع الوضع القائم في سورية، من دون أن تعكس تغييراً في الموقف المصري من الأزمة السورية.
من ناحيته، قال نائب مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية مختار الغباشي، لـ”العربي الجديد”، إن موقف مصر من سورية لم يتغير، مشيراً إلى أن “العالم العربي بأكمله اتجه نحو سورية، سواء عبر وفود أو اتصالات، باستثناء مصر وتونس”. وأوضح أن دولاً خليجية أساسية أبدت استعدادها لمد يد العون لسورية، مشدداً على أنه “من دون سورية والعراق، تعاني هذه المنظومة من خلل كبير”. ودعا إلى وقفة عربية قوية ضد إسرائيل بسبب ما وصفه بـ”تدمير الجيش السوري ومقدراته العسكرية، واحتلالها جزءاً كبيراً من الأراضي السورية”، معتبراً أن هذه ليست مسؤولية سورية وحدها، بل مسؤولية عربية وإسلامية مشتركة تتطلب تضافر الجهود من مختلف الأطراف.
العربي الجديد
————————
في دمشق أنفاق تربط القصر الرئاسي بمقر الحرس الجمهوري- (فيديو وصور)
تحدبث 05 كانون الثاني 2025
دمشق: على أحد سفوح جبل قاسيون الذي يشرف على مدينة دمشق، توجد شبكة أنفاق تربط المجمع العسكري للحرس الجمهوري، الذي كان مكلّفا الدفاع عن العاصمة السورية، بالقصر الرئاسي.
وقال محمد أبو سليم (32 عاماً)، وهو مسؤول عسكري في “هيئة تحرير الشام” التي قادت فصائل معارضة وأطاحت بشار الأسد مع دخولها دمشق، في 8 كانون الأول/ديسمبر: “هذا اللواء هو ثكنة عسكرية تابعة لباسل الأسد (…) هي ثكنة ضخمة جداً دخلناها بعد التحرير”.
وأضاف: “فيها أنفاق طويلة تصل (…) حتى القصر الجمهوري” الواقع على تلة مجاورة.
ودخل مراسل وكالة فرانس برس إلى غرفتين محصنتين تحت الأرض تضمان غرفاً كبيرة مخصصة للحرس ومزوّدة بمعدات اتصالات وكهرباء ونظام تهوية، بالإضافة إلى مكان لتخزين الأسلحة.
وهناك أنفاق أخرى أكثر بدائية، حفرت في الصخر، تحتوي على ذخيرة.
كان الحرس الجمهوري مكلّفا حماية دمشق، لكن الجيش السوري انهار عندما دخلت الفصائل المسلّحة إلى دمشق يوم 8 كانون الأول/ديسمبر في هجوم خاطف انطلق من شمال سوريا.
اكتشاف شبكة أنفاق على أحد سفوح جبل قاسيون بالعاصمة دمشق تربط المجمع العسكري للحرس الجمهوري الذي كان مكلّفا الدفاع عن العاصمة السورية، بالقصر الرئاسي pic.twitter.com/IQrJPYi5sJ
— Rudaw عربية (@rudaw_arabic) January 4, 2025
وإثر ذلك، فرّ بشار الأسد إلى موسكو.
وتم تخريب تمثال ذهبي لباسل الأسد، شقيق الرئيس المخلوع، على ظهر خيل، فيما أزيل رأسه ورمي بعيداً. وقضى باسل الأسد في حادث عام 1994 في حين كان يُعتبر الخلف المفترض لوالده حافظ الذي حكم سوريا بقبضة من حديد حتى وفاته عام 2000.
في هذا المجمع الضخم، يتدرب مقاتلون على إطلاق النار نحو صور لبشار الأسد ووالده حافظ الذي سلّمه السلطة بعد وفاته، في حين تصطف دبابات ومدافع في الموقع.
كذلك، يمكن رؤية عدد كبير من البراميل الفارغة ومتفجرات مرصوصة في مكان أبعد.
وأكد محمد أبو سليم أن “النظام سابقاً كان يستخدم هذه البراميل (…) ليقصف بها المدنيين في الشمال السوري”.
وندّدت الأمم المتحدة باستخدام سلاح الجو زمن حكم المخلوع بشار الأسد البراميل المتفجرة ضد مناطق مدنية كان يسيطر عليها خصومه خلال الحرب الأهلية.
————————–
الإدارة الجديدة تتسلم معابر حلب والشيباني في الدوحة
05 يناير 2025
تسلّمت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية كافة المعابر في ريف حلب الشمالي شمالي سورية بعد اجتماع مع جهات تابعة للحكومة التركية. تم عقد اجتماع بين رئاسة الهيئة ووفد من عدة جهات تابعة للحكومة التركية، وجرى فيه التنسيق لتسلم كافة المعابر في ريف حلب الشمالي من قبل الحكومة السورية الجديدة وهي جرابلس والراعي وباب السلامة والحمام، بحسب ما أفاد به مدير الهيئة مازن علوش، ليل أمس السبت، لوكالة الأنباء السورية.
وكان رئيس هيئة الطيران المدني والنقل الجوي السوري أشهد الصليبي، قد أعلن، أمس السبت، عن بدء استقبال الرحلات الجوية الدولية من وإلى مطار دمشق الدولي من تاريخ 7 يناير/ كانون الثاني الحالي. وفي حديث لوكالة الأنباء السورية، طمأن الصليبي شركات الطيران العربية والعالمية “بأننا في مرحلة إعادة تأهيل كاملة لمطاري حلب ودمشق بمساعدة شركائنا كي يكونا قادرين على استقبال الرحلات من كافة أنحاء العالم”.
في الأثناء، وصل وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال السورية أسعد حسن الشيباني، اليوم الأحد، ضمن جولة له على دول عربية، إلى العاصمة القطرية الدوحة في زيارة رسمية تستغرق يوماً واحداً. ووفق مصادر دبلوماسية تحدثت لـ”العربي الجديد”، سيبحث الشيباني والوفد المرافق مع المسؤولين في قطر العلاقات بين البلدين والمساعدات القطرية إلى سورية، وآخر التطورات في البلاد. وتأتي زيارة الشيباني إلى الدوحة ضمن جولة عربية تقوده إلى كل من الإمارات والأردن، وكان قد قام نهاية الأسبوع الماضي بزيارة إلى السعودية.
سورية.. الحملات الأمنية تتوسع إلى درعا جنوباً
أرسلت إدارة العمليات العسكرية في سورية تعزيزات عسكرية إلى مدينة الصنمين في درعا جنوبي البلاد، اليوم الأحد، وذلك لحفظ الأمن بعد الاشتباكات التي شهدتها المدينة بين فصائل مسلحة، ويأتي ذلك بينما تتابع الإدارة حملاتها الأمنية في عدد من المحافظات والتي يتخللها اعتقال بعض المطلوبين أو من يرفضون تسليم أسلحتهم وإجراء عمليات تسوية.
———————
ناشطون مسيحيون: من سوريا الغضب إلى سوريا العيش الواحد
الأحد 2025/01/05
أصدرت مجموعة من الناشطين المسيحيين والناشطات المسيحيات، وثيقة تتعلق بمستقبل سوريا ودور المكونات فيها بعد هروب بشار الأسد، هذا نصها:
نحن المواطنين والمواطنات المسيحيين والمسيحيات في بلدنا وأرضنا الأمّ سوريا، نعبّر عن سرورنا العميق، الذي نتشارك فيه مع إخوتنا السوريّين وأخواتنا السوريّات من أطياف بلدنا الحبيب وشرائحه وفئاته وخلفيّاته وأديانه وطوائفه وثقافاته وأعراقه كافّة، وعن فرحنا بتحرّر سوريا وأبنائها وبناتها من نظام الاستبداد الذي نكّل بمواطني سوريا جميعاً. نحن قد احتفلنا واغتبطنا مع سائر أهلنا في الوطن بخلاص سوريا من هذا الماضي الأسود، واستعدادها لفتح صفحة تاريخيّة جديدة نتضرع للعليّ القدير، ربّ السماوات والأرض، الرحمن الرحيم، أن يجعلها صفحة حرّيّة وسلام وإخاء وتعاضد وبناء وقيامة.
إنّنا ندرك المظلمة التاريخيّة العميقة التي تعرّضت لها الغالبيّة السكانيّة السوريّة إبّان العقود الماضية. ونؤكّد أنّنا، لئن كنّا الأقل عدداً من حيث البنية السكّانيّة لبلدنا، إلّا أنّنا ذقنا، وفق أوضاعنا وبالنظر إلى حجم تأثيرنا في البلد، طعم ما ذاقته الأكثرية السكانية. ولذا، شاركنا في ثورة سوريا حين اندلعت، وحملنا آلام السورييّن والسوريّات إلى منابر المجتمع الدوليّ كافّةً، وذلك ضمن إمكاناتنا وقدراتنا المحدودة. إنّ المأساة المدمرّة للإنسانيّة التي عانت منها سوريا تجمع أهلها كافّةً وتُوحّدهم شعباً واحداً، وتدعونا جميعاً، كما تألّمنا معاً وعانينا معاً وبكينا معاً ومتنا معاً وثُرنا معاً، أن نتحرّر معاً ونشفى معاً ونبلسم جراحنا معاً ونعانق آلام بعضنا بعضاً ونقف معاً ونخرج معاً من النفق الأسود ونبني سوريا المستقبل معاً يداً بيد، كإخوة متكافئين متساوين.
إننا لا ننتظر من سوريا المستقبل أن تعاملنا كأقلّيّات مستضعفة تحتاج إلى العطف والتكرّم عليها بحرّيّة ممارسة العبادات والطقوس الدينيّة، أو الشؤون الأسريّة والمدنيّة الخاصّة، بأمان ويُسر ومن دون التعرّض للإهانة أو التهديد أو التحقير أو الترهيب. ليس غير المسلمين في البلد بمجتمعات موازية ولا بجاليات طارئة على البلد ولا بأهل ذمّة. ونحن لسنا أقلّيّةً بالمعنى الوطنيّ والإنسانيّ والمجتمعيّ والثقافيّ وإن كنّا الأقلّ عدداً وتوزّعاً ديمغرافيّاً. إنّنا نسعى إلى وضع يدنا في يد أهل بلدنا، كما فعلنا طوال القرون الماضية بلا كلل ولا وهن، كي نبني معاً دولةً سوريّةً نكون فيها جميعنا، ومن كلّ أطياف سوريا وشرائحها وخلفيّاتها وثقافاتها وجماعاتها، مواطنين مدنيّين متساويين توحّدنا الحقوق والواجبات، يوحّدنا المصير والقرار، يوحّدنا الوطن والانتماء. نحن كنّا وما زلنا وسنبقى من تراب هذه الأرض، ومن قلب جذع الشجرة الأمّ الواحدة، سوريا، التي نمثّل كلّنا أغصاناً فيها.
إنّنا نفخر بأنّنا كنّا من بناة حضارات بلاد الشام العريقة بكافة مكوّناتها وأشكالها ومن ضمنها الحضارة العربيّة الإسلاميّة، وبأنّنا كنّا من أوائل صانعيها مع المسلمين في هذه الأرض الضاربة في القدم والتاريخ التعايشيّ والاختلاطيّ والتحاضنيّ والتلاقحيّ. ونحن كنّا أيضاً من روّاد حركة النهضة العربيّة التي شهدتها بلادنا في العصر الحديث. وقد قمنا بهذا الدور الحضاريّ من دون أن نتصرّف كمن يندمج في هذا التاريخ الحضاريّ المتنوّع أو ينضوي تحت لوائه وكأنّنا من خارجه، أو كأنّنا جماعات موازية ومُنغلقة على ذاتها. نحن انتمينا وساهمنا كمن يفتخرون بانتسابهم إلى الحضارة الشاميّة وبعلاقتنا التاريخية بأهمّ مكوناتها الثقافيّة في تاريخ بلادنا المعاصر: إسلام الشام الثقافيّ والمجتمعيّ والفكريّ.
إنّنا، انطلاقاً من انتمائنا التاريخيّ الأصيل والتأسيسيّ للحاضنة الحضاريّة التعدديّة الهوية، لا نعيش رهاباً أو خوفاً من أن ننتسب وطنيّاً إلى دولة معاصرة ذات هويّة تنهل أولاً من الحضارة والثقافة المسلمة، أو أن يُسيّر شؤون الدولة ويُحوكِمها جهاز إدارةٍ قد ينتمي أفراده بغالبيّتهم إلى الهويّة المسلمة، شريطة ألّا يتمّ هذا على قاعدة الهيمنة والسلب والوصاية والاحتكار في القرار والمسؤوليّة والدور.
إنّنا ندرك، في هذه اللحظة التاريخيّة المحوريّة والحاسمة في حياتنا كأهل سوريا، أنّ هناك الكثير من النشوة بالانتصار والغبطة بالتحرّر، وأنّ الشعب السوريّ بدأ يُفصح، بعد عقود طويلة، عن مكبوتات الألم والغضب، ويتخلّص من آثار القهر والذلّ والخوف التي احتبست في قلوب أبناء سوريا وبناتها وأرواحهم. كذلك ندرك أنّ الشارع السوريّ اليوم يحفل بالمشاعر الصعبة والمتوتّرة، وأنّ الوقت لا بدّ من أن يأتي قريباً كي نعبر مرحلة نشوة الحرّيّة والنصر والمشاعر المختلطة بين التنفيس عن احتقانات الغضب والخوف والرهبة والارتباك. ومن ثمّ، نحن نمدّ اليوم اليد إلى الجميع كي نتطلّع إلى اليوم التالي ونعمل سويّاً من أجله. وهذا اليوم الذي يلي مرحلة الغضب والخوف والارتباك ينبغي أن تعقبه مرحلة انتقالية يتمّ فيها تحقيق العدالة الانتقاليّة والمحاسبة القانونيّة وبناء شبكات التشارك الأهليّ والمدنيّ. ومن ثمّ، ننطلق معاً إلى بناء الدولة وإعادة تشكيل الفضاء المجتمعيّ، وذلك على قاعدة المبادئ والقيم والمفاهيم الآتية:
أوّلاً: لنبنِ سوريا تفتخر بهويّتها الحضاريّة المتعدّدة المشارب، ومن صلبها الثقافة الإسلامية. وتعالوا نعرّف العالم إلى الهويّة الحضاريّة التاريخيّة لسوريا، والتي هي عابرة للأديان والطوائف والتيارات والأعراق واللغات والثقافات والأعراق. تعالوا نجد طريقةً لتأكيد تميُّز إسلام سوريا الشاميّ، والذي لا يشبه تمظهرات حضارة الإسلام في أيّ دولة عربيّة أو إسلاميّة أخرى، ولا يحتاج أن نستورد إليه أيّاً من تلك التمظهرات التي لا تخاطب نسيج سوريا المجتمعيّ ولا تشبهه، وليست مصمّمةً كي تخاطبه وتخدمه. ودليلنا على ذلك حادثة إحراق شجرة الميلاد في بلدة السقيلبيّة مؤخّراً على يد مجموعة من المجاهدين المهاجرين الغرباء، والذين لا يعرفون سوريا ولا طبيعتها. تلك الأحداث المؤسفة تؤكد لنا أننا بمنأى عن استيراد نماذج إسلامٍ غريبة عن أرضنا وتاريخنا وشعبنا.
ثانياً؛ لنؤسس لسوريا المدنيّة ذات الدستور والقانون الجامع والمدنيّ التعدديّ على قاعدة المواطنة المتساوية والمتكافئة واحترام حقوق الإنسان وقيم الحضارة المدنيّة الشاميّة التاريخيّة، والتي لم يكن فيها لا تذميم، ولا تمييز، ولا وصاية، ولا إقصائيّة، ولا هيمنة، ولا استحواذ، ولا استئثار، ولا ترهيب، ولا تفضيل، ولا تحيّز تمارسه أيّ فئة من فئات الشعب حيال الفئات الأخرى لا باسم الدين، ولا باسم الأغلبيّة العدديّة، ولا باسم الهيمنة الثقافيّة أو العرقيّة أو اللغويّة أو الجندريّة أو المناطقيّة أو الطبقيّة أو السياسيّة أو العسكريّة. الكلّ متساوون تماماً تحت مظلّة دستور سوريّ جامع.
ثالثاً: لنبنِ سوريا الجمهوريّة التعدديّة والتنوعيّة والتسامحيّة والمدنيّة والديمقراطيّة الهويّة (وليس فقط الممارسة)، التي تحترم الحرّيّات والحقوق العامّة، وتحمي المواطنين وتحاسبهم على ممارساتهم في المجتمع بالاستناد إلى القانون والدستور الذي يحمي الحرّيّات وكرامة الإنسان ويكفلها ويدافع عنها ويقيم العدل على قاعدتها، سوريا المواطنة والتداول والتعدّد والمدنيّة، حيث لا يسمح أحد لنفسه بالإساءة إلى الآخرين، أو أمرهم بمعروف ونهيهم عن منكر، بسبب إيمانهم ومعتقداتهم وآرائهم ومواقفهم وميولهم وأفكارهم وممارساتهم، بل الكلّ يقف بشكل متساوٍ أمام قانون مدنيّ وضعيّ يحكم بين المواطنين ويعطي كلّ شخص حقّه ويُحمِّل كلّ طرف مسؤوليّته.
رابعاً: لنعمل على خلق جمهوريّة قاعدة العمل الأهليّ والإدارة والمسؤوليّة السياسية فيها هي قاعدة ديمقراطيّة الأكثريّة الاقتراعيّة والمشاركة البرلمانيّة والحوكمة التنفيذيّة والإدارة اللامركزيّة والتي ستجعل أغلبيّةً انتخابيّةً واقتراعيّةً تقود مسيرة التوافق حول كيفيّة حوكمة الجمهورية وإدارتها ورسم استراتيجيّاتها الداخليّة والخارجيّة. تعالوا نعتق سوريا من أيّ هيمنة أو فرض قسريّ لنماذج ممارسات ديمقراطيّة تقوم على منطق الغالبيّة العدديّة الديمغرافيّة، أو الغالبيّة الدينيّة الطوائفيّة، أو الغالبيّة الثقافيّة اللغويّة، أو الغالبيّة العرقيّة والقوميّة، أو الغالبيّة الإيديولوجيّة. تعالوا نسعَى أن يتبوّأ مناصب الدولة ويعمل في مؤسّساتها الإداريّة والمدنيّة والبرلمانيّة والحكوميّة ذوو وذوات الكفاءة والمؤهلّات العلميّة والخبرة العمليّة والسيرة المهنيّة المحترفة ونظافة الكف، وذلك بصرف النظر عن الخلفيّات الشخصيّة والمعتقدات والجنس والثقافة وسواها من الهويّات التصنيفيّة الضيقة.
خامساً: لنبنِ جمهوريّةً تقوم على فكرة «مؤسّسات» الدولة، لا على ذهنيّة «القائد الملهَم أو الملهِم»، جمهوريّةً قوامها العمل البرلمانيّ التشريعيّ والمحاسبيّ والرقابيّ، لا فكرة «مجلس الشعب» التمثيليّة الشكليّة؛ جمهوريّةً دستورها يجمع ولا يفرّق، يساوي ولا يميّز، يحمي الحقوق ولا يصنّفها، يشمل الجميع بالتساوي ولا يشملهم بالتعطّف والمنّة؛ جمهوريّةً فيها تداول للسلطة وللمسؤوليّة المدنيّة والحكوميّة، لا سلطات أبديّة ومتكرّرة وتوريث؛ جمهوريّةً أفقها حضاريّ، لا دوغمائي، علميّ وثقافيّ، لا إيديولوجيّ؛ جمهوريّةً تخضع فيها القوى العسكريّة والأمنيّة لسلطة قيادة مدنيّة منتخبة وفق معايير انتخابيّة عصريّة ودستوريّة.
سادساً: لنسعَ إلى خلق أرضيّة ولادةِ مجتمعٍ معاييره الأخلاقيّة لا تحدّدها درجة التديّن، ومعاييره السلوكيّة لا تحدّدها قواعد اللباس والمظهر والتصرّفات الفرديّة، ومعايير الدور فيه لا تحدّدها معايير الماهيّة الجنسيّة والجندريّة. تعالوا نبني مجتمعاً الحقوقُ والواجبات والأدوار والمسؤوليّات فيه يكفلها ويحميها ويدافع عنها ويحاسب عليها القانون والقانون فقط.
ختاماً، نحن مجموعة سوريا الحرة نتطلّع معكم إلى بناء بلدنا الجديد المتحرّر من كلّ موبقات الماضي وشروره، والمتخلّص من كلّ ما من شأنه أن يجترّ الذهنيّات والممارسات الاستبداديّة التي عرفناها في عصر الطغيان البائد ويستحضرها. إنّنا نمدّ إليكم اليد كي نلتقي ونتحاور ونجلس نحن وأنتم مع شرائح الكيان السوريّ وأطيافه وجماعاته وتيّاراته كافّةً كي نفكّر ونعمل معاً على الأرض، ونبادر إلى تطوير خريطة طريق استراتيجيّة دولتيّة محترفة ومدروسة يشارك الجميع فيها في صناعة القرار والأفكار وتأليف الدستور والقوانين الجديدة، ويدلي فيها كلّ المواطنين والمواطنات الذين ينتمون إلى سوريا، ويوجدون على جغرافيا بلدنا برمّتها من مناطقها وأطرافها كافّةً، بدلوهم في التطوير والتنفيذ من طريق التصويت الشعبيّ والاستفتاء والمشورة. إنّ الغد ينتظرنا وينتظر تحرّرنا من الخوف والغضب والنقمة وجاذبيّة الهيمنة وبريق السلطة كي نبني معاً ونسافر من نفق الغضب إلى نور سوريا العيش والمصير الواحد.
عشتم وعاشت سوريا
مجموعة سوريا الحرة
—————————-
الهجري يشترط لحل فصائل السويداء.. واتهامات له بإحداث شرخ
اشترط الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في السويداء، الشيخ حكمت الهجري، بناء هيكلية قوية واضحة للدولة والجيش في سوريا، حتى يتم تسليم سلاح الفصائل في المحافظة. يأتي ذلك وسط اتهامات للهجري بالمسؤولية عن الشرخ الحاصل بين الدروز والإدارة الحالية لسوريا.
جيش قوي
وقال الهجري في تصريحات لـ”تلفزيون سوريا”، إن حلّ الفصائل المسلحة في السويداء وتسليم السلاح مرهون بوجود جيش قوي وبناء هيكل واضح للدولة السورية الجديدة، بينما عبّر عن مباركته للإدارة الجديدة في دمشق، مؤكداً أن التنسيق المسبق معها كان قائماً بشأن جميع الأمور المتعلقة بمستقبل المنطقة.
وحول إعادة الرتل العسكري قبل أيام، أوضح بأنه مجرد “سوء تنسيق”، مشدداً على أن المرحلة الحالية تشهد بداية لتنسيق يُتيح تجاوز مثل هذه الإشكالات البسيطة.
وكانت مجموعات محلية مسلّحة في السويداء، قد منعت الأربعاء الماضي، رتلاً من الأمن العام والوحدات الشرطية في الإدارة السورية الجديدة، من الدخول إلى المحافظة، وذلك في وقت تعاني فيه السويداء من تفلت أمني ووجود فصائل مختلفة التبعية، بعضها كان يتبع للأفرع الأمنية على عهد النظام المخلوع.
وأكد الهجري في حديثه، اليوم السبت، وجود توافق مع الإدارة الجديدة حول جاهزية الكوادر العاملة في السويداء، سواء أكانت شرطية أو عسكرية، مؤكداً أن هذه الكوادر مدربة ومؤهلة لتلبية الاحتياجات الأمنية والعسكرية للمنطقة.
وحول الاتهامات بالسعي نحو التقسيم والفدرالية، قال: “نحترم جميع الأفكار السياسية، ولكن نحن لم نتحدث عن أي مشروع تقسيم أو فدرلة منذ بداية الثورة السورية، عام 2011”.
وكان الزعيم الروحي للدروز قد دعا في وقت سابق، إلى عقد مؤتمر وطني شامل يضم كافة أطياف الشعب السوري لرسم مسار جديد للبلاد عبر وضع دستور جديد وتحقيق نظام إداري لامركزي، مع ضمان فصل السلطات، بما يضمن الحفاظ على مؤسسات الحكم ومنع أي توجه نحو تقسيم البلاد.
اتهامات بالشرخ
في غضون ذلك، وجّه ناشطون اتهامات للشيخ الهجري بالمسؤولية عن بداية الشرخ الحاصل بين السويداء خصوصاً، والدروز عموماً، وبين الإدارة الجديدة في دمشق، عبر منع دخول الأمن العام لبسط الأمن وتسلّم المقار الحكومة، وإخفاء حقيقة وجود تفلت أمني في المحافظة، بسبب الخلاف القديم مع هيئة تحرير الشام، بينما رأى آخرون أن موقفه “متوازن” ويسعى من خلاله لحماية الطائفة الدرزية وحقوقها.
وتأتي تصريحات الهجري بالتزامن مع استقباله وفد من الائتلاف الوطني يتقدمه رئيسه هادي البحرة، ورئيس هيئة التفاوض بدر جاموس. يُشار إلى أن متظاهرو ساحة الكرامة في السويداء، قد طالبوا خلال تظاهراتهم قبل سقوط نظام الأسد، بإسقاط الائتلاف وهيئة التفاوض.
والخميس، زار البحرة وجاموس بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر، في دمشق. ويأتي ذلك وسط اتهامات لهما بمحاولة رسم مسار سياسي موازٍ للإدارة الجديدة بواسطة الائتلاف وهيئة التفاوض، عبر “الاستقواء” بالأقليات في سوريا والمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، بعد تجاهل الإدارة الجديدة لوجود هذه الكيانات التي كانت تمثل المعارضين السوري فيما مضى، وذلك بعد تلاشي دورها اليوم، بعد الإطاحة بالنظام السوري.
————————
نوار سليمان لـ”المدن”: العلويون لن يسمحوا بفتنة مع السُنة
محمد الشيخ
الأحد 2025/01/05
مع سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، صدرت عدة بيانات منسوبة لشيوخ الطائفة العلوية في الساحل السوري، وُصفت بـ”الاستعلائية”، ولم تكن بحجم الحدث، خصوصاً أن بعض هؤلاء الشيوخ متهمون بمساعدة نظام الأسد على مدى 50 عاماً، على اختطاف الطائفة وصبغ الدولة السورية باسمها.
وتخوف العلويون من عمليات انتقام جماعية بعد سقوط الأسد وفراره، إلا أن المشهد كان مغايراً تماماً، باستثناء بعض الحالات التي حصلت قبل وأثناء قيام إدارة العمليات العسكرية بحملات أمنية لملاحقة “فلول” النظام المخلوع وميلشياته، وهو ما أشارت إليه الولايات المتحدة خلال زيارة المبعوث الأمريكي دانيال روبنشتاين الأخيرة إلى دمشق، ولقائه مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني.
إلا أن صحافيين وناشطين علويين قالوا إن حجم الانتهاكات تجاوز الحالات الفردية، لكنهم أوضحوا أن المنفذين مجهولين، ويستخدمون اسم هيئة تحرير الشام، بينما تقوم الأخيرة بملاحقتهم، إلا أن المشهد الطاغي عقبها كان التوتر الطائفي في الساحل السوري، وامتد بشكل جزئي لمناطق أخرى مثل مدينة حمص، وسط اتهامات للعلويين بإخفاء المطلوبين بانتهاكات جسيمة ضد السوريين خلال وجودهم في جهاز الجيش الأمن على عهد نظام الأسد.
في الأثناء، صدر أول بيان من قبل “الملتقى الإسلامي العلوي” في مدينة طرطوس، وصف بـ”العقلاني” و”المتوازن”. وجاء في البيان أن النظام السابق ليس ممثلاً للطائفة العلوية، بل كان نظاماً قمعياً عانى منه الجميع، مؤكداً على المطالبة بمحاسبة المجرمين من كل الأطراف بشكل عادل دون تمييز. كما أكد رفض التجاوزات والانتهاكات التي تحدث على الأرض تحت مسميات فردية وحصر السلاح بيد الدولة وضمان الأمان للجميع وإطلاق سراح المعتقلين من كل الأطراف.
وفي هذا الأجواء، تحدثت “المدن” إلى الشيخ نوار حمدان سليمان، أبرز مشايخ الطائفة العلوية في مدينة جبلة، بريف اللاذقية، وذلك للوقوف على حقيقة موقف الطائفة العلوية من البيان، وقبل وبعد سقوط نظام الأسد والشائعات المتعلقة بقيام إيران باستغلال العلويين، وكذلك الحالة السائدة في الساحل السوري.
وفيما يلي نص المقابلة:
هل ما جاء في بيان “الملتقى” يمثل الطائفة العلوية؟ وهل القائمون فيه لهم ثقل لدى الطائفة؟
يمثل مطالب 90 في المئة من الطائفة، وكُتب بمشاركة بين عدة شخصيات قانونية وسياسية ودينية، يعني وزنهم جيد جداً، وما خرج عنهم سوى بعض مشايخ النظام البائد.
من يمثّل الطائفة العلوية اليوم؟ وكف لنا أن نعرف موقفها الحقيقي، خصوصاً أن عدة بيانات صدرت سابقاً ووصفت بـ”الاستعلائية”؟
تعيش الطائفة اليوم حياة بعد الصدمة بنوع من عدم التنسيق فيما بين وجهائها، وذلك ما عمد عليه النظام البائد، وهو حرصه على عدم تشكيل مجلس يمثل الطائفة. البيانات تمثل نسبة كبيرة من لغة العقل والتركيز على رفض النظام البائد وعدم تمثيله الطائفة، وأن الطائفة ولاؤها للوطن وليس للأشخاص. وكذلك ركّزت على ضرورة تبرئة الطائفة من جرائم النظام ولا سيما أنهم عانوا كثيراً من جرائمه وقتل أبنائه وتجويعهم، وكذلك النظام ضمّ كبار قادة وضباط من المكونات الأخرى للشعب السوري وليس محصوراً بالطائفة.
الطائفة الأسدية شملت جميع الطوائف، ولم تكن علوية بالمعنى الحرفي والعملي والمنهجي، لأن الطائفة برغم ما تعرضت له من الجرائم لم يكن في منهاجها أو فكرها التحريض أو سفك الدماء أو الإفتاء بذلك، والشاهد هو الرفض الدائم لتقسيم الدولة لدويلات وهذا ما أكد عليها مشايخ الطائفة قديما وحديثاً.
لماذا لا تبادر الطائفة بتسليم المطلوبين منها ممن ارتكبوا جرائم في سوريا، بينما أنتم متهمون بالتستر عليهم وتخبيئتهم بمناطقكم؟
حتى تاريخ هذه اللحظة لم تصدر قوائم بالمطلوبين. أكدنا مراراً ضرورة محاسبة مرتكبي المجازر وممن تلطخت أيديهم بالدماء من كل الأطراف. وجود بعض الشخصيات القيادية في صفوف الطائفة لا يعني التستر عليه، ولو رجعنا قليلاً في الوقت لوجدتم عدم احتواء شعبي لهم وتعاونوا مع الهيئة في تسليمهم مثل اللواء كنجو وشجاع العلي وغيرهم.
هل تؤكد ارتكاب إدارة العمليات العسكرية بقيادة هيئة تحرير الشام انتهاكات بمناطقكم خلال الحملات الأمنية؟
هناك عناصر ترتكب انتهاكات باسم الهيئة، وللأمانة، الهيئة تساعد في ضبط الأمر. ولكن غياب الشرطة الأصلية وحالات الانتقام والسرقة والخطف كثيرة نسبياً. هناك فصائل متشددة تشتم وتضرب تخلق حالة قلة الثقة وعدم الأمان، وهناك عصابات خرجت من السجن مؤخراً تسهم بمزيد من الجرائم والفوضى وقد تكون لها أجندات أخرى.
هل ستساعدون في تسليم المطلوبين في حال صدرت قوائم؟
الطائفة ساعدت وتساعد والشاهد في ذلك المسارعة في تسوية أوضاع العساكر والضباط وتسليم السلاح للهيئة بأعداد كبيرة. لا تقبل الطائفة ولا أي سوري عاقل بوجود أو التستر على أي مجرم، وقلناها مراراً، نحن تحت مظلة الدولة والقانون على الجميع، لا نريد طائفية فجميع السوريين أخوة. كذلك لا نريد امتهان للكرامة أو إقصاء.
هناك خوف من استخدام إيران للطائفة وأزلام النظام السابق في الساحل السوري لنشر الفوضى والتشويش على الإدارة الجديدة. هل هناك شيء من هذا القبيل؟ وهل ممكن يكون الساحل انطلاقة لنشر الفوضى ربما بسبب ما يحدث من انتهاكات؟
لن نسمح بأي فتنة بين أهلنا. لا يوجد أي نية لأي إثارة للفوضى في بلدنا، فأهلنا السوريون بكل مكوناتهم نحيا معهم منذ مئات السنين ولم يحدث بيننا أي حرب طائفية أبداً، بل هناك الكثير من حالات المصاهرة فيما بينهم. وأعود وأذكر كثيراً، من يحمينا ويمثلنا ويكون معنا هو كل سوري شريف. فأهل المنطقة من أهلنا، السنة هم أهلنا، ونحن معهم وهم معنا ولا فتنة بيننا أبداً.
—————————
بيرقدار: يمكن إيصال الغاز القطري لأوروبا عبر سوريا وتركيا
الأحد 2025/01/05
بعد وقف تصدير الغاز الروسي إلى أوروبا عبر الأراضي الأوكرانية إثر انتهاء مدّة الاتفاقية الموقَّعة بين موسكو وكييف، أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار، أنه “يمكن تصدير نحو 10 مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً إلى أوروبا الوسطى والشرقية عبر أنابيب البلقان”.
وأشار في تصريح لصحيفة “نيكي” اليابانية إلى مسألة “تنشيط مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي من قطر إلى تركيا عبر سوريا، والذي يعود بالنفع على الجميع”.
لكن لضمان نجاح وصول الغاز القطري إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، أوضح بيرقدار أن “ما نحتاجه لهذا النوع من المشاريع هو نظام نقل آمن، وهذا يتطلب سوريا مستقرة ومنطقة مستقرة”. ولذلك رأى أن “على المجتمع الدولي تقديم المساعدة في إعادة إعمار سوريا وإعادة بناء البنية التحتية للطاقة”. ولفت إلى أن “البنية التحتية للطاقة في سوريا ليست جيدة، وهناك حاجة إلى كثير من الاستثمار فيها”.
وأضاف بيرقدار أن “تركيا تزود حالياً مدن شمال سوريا بالكهرباء، مثل حلب وعفرين، ويمكن توسيع ذلك نحو الجنوب أيضاً. كما يمكن استخدام محطات توليد الكهرباء العائمة المملوكة للقطاع الخاص إذا تم إصلاح خطوط النقل في سوريا”.
ويُذكَر أن مدّ أوروبا بالغاز الروسي قد توقَّف بعد انتهاء مهلة اتفاقية مرور الغاز عبر أوكرانيا، والمحدّدة بخمس سنوات. وفي تعليق على تأثير عدم وصول الغاز الروسي إلى أوروبا، أعلن متحدث باسم المفوضية الأوروبية أنّ “البنية التحتية للغاز في أوروبا مرنة بما يكفي لتوفير الغاز من منشأ غير روسي إلى وسط أوروبا وشرقها عبر طرق بديلة”.
————————-
الشيباني من الدوحة: نكرر دعوتنا لرفع العقوبات عن سوريا
5 يناير 2025 م
كرر وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة أسعد حسن الشيباني، اليوم (الأحد)، دعوة حكومته للولايات المتحدة لرفع العقوبات عن سوريا.وجاءت التصريحات خلال مقابلة مع صحافيين على هامش زيارته لقطر التي يلتقي فيها بمسؤولين قطريين.
ووصل الشيباني إلى الدوحة في وقت سابق اليوم، على رأس وفد سوري يضم وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات العامة أنس خطاب، وفق الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا).
والتقى الشيباني رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي أكد موقف بلاده الداعم لوحدة سوريا وسيادتها واستقلالها، وتحقيق تطلعات شعبها في العيش الكريم وبناء دولة المؤسسات والقانون.ووفق بيان للخارجية القطرية على موقعها الإلكتروني، جرى خلال المقابلة، استعراض علاقات التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها، ومناقشة آخر التطورات في سوريا، وتعزيز المساعدات الإنسانية القطرية لإغاثة الأشقاء في سوريا بالإضافة إلى عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
صورة وزعتها وكالة الأنباء السورية من وصول الوفد السوري برئاسة الشيباني إلى الدوحة اليوم (أ.ف.ب)
وهذه ثاني زيارة خارجية يقوم بها الوزير السوري في أقل من شهر، منذ الإطاحة ببشار الأسد على يد جماعات من المعارضة في 8 ديسمبر (كانون الأول).
وزار الشيباني الأسبوع الماضي، السعودية في أول رحلة خارجية له، وناقش المسؤولون السعوديون أفضل السبل لدعم الانتقال السياسي في سوريا.
وكان الشيباني، قد أعلن، الجمعة، أنه سيزور قطر والإمارات والأردن خلال الأيام المقبلة.
سأمثل بلدي سوريا هذا الأسبوع في زيارة رسمية إلى الأشقاء في دولة قطر، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة الأردنية الهاشمية. نتطلع إلى مساهمة هذه الزيارات بدعم الاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي وبناء شراكات متميزة.
— أسعد حسن الشيباني (@Asaad_Shaibani) January 3, 2025
وأضاف الشيباني، في منشور على منصة «إكس»: «سأمثل بلدي سوريا هذا الأسبوع في زيارة رسمية إلى الأشقاء في دولة قطر، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة الأردنية الهاشمية. نتطلع إلى مساهمة هذه الزيارات بدعم الاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي وبناء شراكات متميزة».
———————————
«الصليب الأحمر»: معرفة مصير المفقودين في سوريا «تحدٍّ هائل»
5 يناير 2025 م
رأت رئيسة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» ميريانا سبولياريتش أن معرفة مصير المفقودين في سوريا يطرح «تحدياً هائلاً» بعد أكثر من 13 عاماً من حرب مدمرة، مضيفة أن الأمر قد يتطلب سنوات.
وقالت إن «تحديد هوية المفقودين وإبلاغ عائلاتهم بمصيرهم يمثل تحدياً هائلاً، وسيستغرق وقتاً لاستيعاب حجم المهمة التي أمامنا. ما يمكنني قوله الآن هو أن المهمة ضخمة».
وأشارت إلى أن المهمة «ستستغرق سنوات لتحقيق الوضوح وإبلاغ جميع المعنيين، وستكون هناك حالات قد لا نتمكن من تحديدها أبداً»، وذلك خلال مقابلة لها مع «وكالة الصحافة الفرنسية».
ويُشكّل مصير عشرات آلاف المفقودين والمعتقلين في سوريا، والمقابر الجماعية التي يُعتقد أن النظام السوري دفن فيها معتقلين قضوا تحت التعذيب، أحد أبرز وجوه المأساة السورية بعد نزاع مدمر تسبب في مقتل أكثر من نصف مليون شخص منذ عام 2011.
وأُطلق سراح الآلاف من السجون بعدما أطاحت «هيئة تحرير الشام»، وفصائل متحالفة معها بحكم بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول)، لكنّ كثيراً من السوريين ما زالوا يبحثون عن إجابات بشأن مصير أبنائهم.
وأوضحت سبولياريتش أن منظمتها تعمل حالياً «مع السلطات، والمؤسسات الوطنية المختلفة، والمنظمات غير الحكومية، وخاصة مع جمعية الهلال الأحمر الوطني، لبناء الآليات التي ستسمح لنا بالحصول على صورة أوضح».
——————–
حي المزة 86 بدمشق… شاهد على حقبة الأسدين
الأهالي يخشون الانتقامات… فقد شارك ضباط نافذون في إرهاب السوريين
كمال شيخو
4 يناير 2025 م
في حي المزة جبل 86 غرب العاصمة دمشق، لا تزال أسماء كثير من المحال التجارية وبقالياته وساحاته العامة تذكّر بحقبة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، ووالده حافظ الأسد، حيث يدلك على ذلك: «مطعم الحافظ» أحد أبرز معالم هذا الحي، أما ساحات «العرين» و«الضباط» و«عروس الجبل»، فتذكّرك بأن هذه الأبنية المحيطة بها كانت مساكن لمسؤولين وضباط كبار، كانوا نافذين في أجهزة المخابرات والسلك الأمني، وأرهبوا السوريين على مدار خمسين سنة خلت، قبل فرارهم ليلة السقوط التاريخية.
في هذا الحي، بدت آثار القصف الإسرائيلي بارزة للعيان بعدما تعرض لعدة استهدافات، في حين أن شوارعه وأزقته الضيقة امتلأت بالبزات العسكرية ورتب لقيادات فرّت قبل وصول إدارة العمليات العسكرية وتحرير المنطقة من قبضتهم في 8 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي.
هنا… التناقضات الصارخة بدت واضحة أثناء جولة «الشرق الأوسط» في منطقة غالبية سكانها كانت لوقت قريب موالية للرئيس السابق. يروي معاذ (42 سنة)، وهو من سكان الحي، كيف خلع غالبية الضباط وعناصر الأمن بزاتهم العسكرية وألقوها في الطرقات ليلة هروب الأسد: «الكثير منهم ألقوا أسلحتهم ورتبهم العسكرية في الشوارع وفروا إلى مناطقهم الأصلية في الساحل السوري».
يتبع حي المزة 86 إدارياً لمدينة دمشق، وهو عبارة عن كتل أسمنتية بُنيت بشكل عشوائي تتوسّط منطقتَي مزة فيلات غربية وأوتوستراد المزة وحي الشيخ سعد التجاري المعروف. وتعود ملكيته إلى أهالي المنطقة الدمشقيين الذين كانوا يعيشون في المزّة، وكانت المنطقة عبارة عن أحراش زراعية وصخور جبلية، أمّا القمم الممتدّة نحو جبل قاسيون، فقد استولت عليها وزارة الدفاع سابقاً، وأوعزت لعناصر الأمن والجيش ببناء منازل من دون شرط تقديم أوراق ملكية.
سليمان (30 عاماً) الذي يمتلك محلاً للحوم البيضاء والفروج، ويتحدر من مدينة جبلة التابعة لمحافظة اللاذقية الساحلية، قدم والده لهذا الحي في سبعينات القرن الماضي ليعمل مساعداً في الجيش.
يقول سليمان إنه يسمع أصوات إطلاق الرصاص كل مساء، أما دوريات الأمن العام فتجول الشوارع «بحثاً عن فلول النظام السابق والمطلوبين الذين يرفضون تسليم أسلحتهم. نخشى من الانتقامات ونريد العيش بأمان فقط».
وأخبر بأن الأسعار قبل 8 ديسمبر كانت فاحشة وخارج قدرة السوريين على الشراء، بعدما جاوز سعر كيلو الفروج 60 ألفاً، وطبق البيض 75 ألفاً، وأضاف سليمان: «بيعت البيضة الواحدة بمبلغ 2500 ليرة، وهي قدرة شرائية تفوق قدرة أي موظف في القطاع العام أو الخاص»، جراء تدني الرواتب وتدهور الوضع المعيشي في عموم البلاد.
على قارعة الطرق، مُزقت صور الرئيس الهارب ووالده حافظ الأسد، في حين ركنت السيارات العسكرية تنتظر تعليمات التسوية التي أعلنتها الإدارة السورية المؤقتة التي افتتحت مركزاً في المزة فيلات غربية. أما حديث الساعة بين غالبية سكان هذا الحي، فهو ضرورة الإسراع في إجراءات التسوية.
تقول مرام (46 سنة) التي كانت تعمل موظفة مدنية في وزارة الدفاع، إنها تنتظر تسوية شؤون العاملين في مؤسسات الجيش: «حتى اليوم لا توجد أي تعليمات بخصوص وضعنا. قوات الجيش وعناصر الأمن فتحوا باب التسوية لهم، أما نحن فلا حديث يخصنا».
يعود تاريخ الحي بصورته الحالية إلى ثمانينات القرن الماضي بعدما سُمح لرفعت الأسد، الشقيق الأصغر للرئيس الأسبق حافظ الأسد، ببناء «سراي الدفاع» التي أُطلقَ عليها اسم «اللواء 86»، وكان مقره نفس المكان الذي يُطلق عليه اليوم مزة جبل 86.
تنقسم المنطقة إلى مزة مدرسة ومزة خزان، وقد أخذ الحي الأول اسمه نسبةً لأول مدرسة شُيدت وافتُتحت في المنطقة، أما الثاني فاسمه من خزان المياه الذي يروي ويغذي كامل مناطق المزة.
يسكن حسام (55 عاماً) هذا الحي منذ تسعينات القرن الماضي، ولم يغادره حتى عندما احتدمت المعارك بين النظام وقوات المعارضة، والأخيرة سيطرت على بلدات بارزة مثل داريا ودوما وحرستا، وكان هذا المكان منطلقاً لتجييش الشبيحة والميليشيات.
يمتلك هذا الرجل مكتباً عقارياً يعمل فيه حتى اليوم. يقول لنا: «قسم كبير من العقارات، بينها منازل ومحلات، استولى عليه ضباط الأمن وقادة أجهزة المخابرات. غيّروا ثبوتيات ساعة الكهرباء والمياه لسرقة ملكياتها»، منوهاً بوجود قسم كبير من العقارات بدأ أصحابها يطالبون بحقوقهم فيها بعد عودتهم.
لكن رياح الحرب لم تمر من حي المزة دون أن تترك عليه آثاراً عميقة قد تستغرق إزالتها سنوات، يضيف حسام: «هناك عقارات بيعت أكثر من مرة، وهذه إشكالية قانونية؛ لأن العقار يباع بوكالة مزورة وعقد لا صحة له. وهذا ينطبق على الكثير من الممتلكات».
ويقول مصدران من بلدية المزة وديوان المختار، إن عدد سكان الحي يقدر اليوم بنحو 200 ألف نسمة، بعد أن تجاوز 300 ألف قبل سقوط الأسد، غالبيتهم يتحدرون من مناطق الساحل السوري، يليهم سكان محافظات الداخل مثل حمص وحماة. وكان هناك قسم من الأكراد قدموا من منطقة الجزيرة شمال شرقي سوريا وسكنوه، لكن غالبيتهم عادوا إلى مناطقهم بسبب القبضة الأمنية، وبعد تفجير خلية الأزمة منتصف 2012.
على طول الشارع الرئيس الواصل بين ساحة «الهدى» وصيدلية «السهلة»، تطالع المارة صور الرئيس حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في هذه المنطقة منذ خمسة عقود، وعلى الشرفات والجدران لا تزال آثار صور بشار الأسد شاهدة على حقبته التي استمرت 24 عاماً.
سمير الذي يعمل سائقاً لـ«ميكروباص» (مزة جبل 86 خزان)، يقول: «سكان هذه المنطقة من عناصر الأمن والجيش تسببوا بجرائم ضد غالبية السوريين، ونحن نخشى من الانتقامات وتجدد النعرات الطائفية».
—————————-
الجزيرة ترصد معاناة ذوي المغيبين قسرا باللاذقية خلال الثورة السورية
5/1/2025
يعيش ذوو المغيبين قسرا منذ بداية الثورة السورية معاناة كبيرة بسبب غياب أي معلومات عن مصير أبنائهم الذين اعتقلوا أو قتلوا على يد قوات نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
ورغم سقوط نظام الأسد، فإن أهالي المغيبين لم يصلوا إلى معلومات واضحة عن مصيرهم.
ويبلغ عدد المغيبين قسرا في سوريا أكثر من 112 ألفا بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
تحويل الإسطبلات لمراكز اعتقال
تتبّع مراسل الجزيرة صهيب الخلف، مراكزِ الاعتقال غير الرسمية في اللاذقية، التي استخدمها من يُعرفون بالشبيحة في بداية الثورة، وقاده ذلك إلى إسطبلات خيل بنادي الفروسية بالمدينة، الذي استخدمه النظام المخلوع لاعتقال الثوار السوريين.
وقد تغير كثير من المعالم، لكن كل شيء في مبنى نادي الفروسية يوحي بأنه كان سجنا.
عدنان سارة معتقل سابق الجزيرة
عدنان اعتقل سابقا في إسطبلات الخيل بالمدينة الرياضية باللاذقية وتعرض للتعذيب (الجزيرة)
التقى مراسل الجزيرة بعدنان سارة، وهو واحد من الذين سجنوا وعذبوا في المبنى، اعتُقل عام 2011 بعد مشاركته في المظاهرات في أحياء اللاذقية، وكان من قلائل كتبت لهم النجاة.
يقول المعتقل السابق عدنان “كان الإسطبل ممتلئا بالناس بالكامل وكانوا يعذبوننا، رأينا أشياء لا يمكن وصفها”.
امتدت الثورة إلى أحياء جديدة في اللاذقية، فزاد عددُ المعتقلين، وتحولت المرافق المجاورة للمدينة الرياضية إلى سجون أيضا.
أحدُ العمالِ في المدينة الرياضية شاهد أماكن السجون والتعذيب، لكنّ المعلومات عن مصير من اعتُقلوا هنا ظلت غامضة.
يقول خالد، وهو مزارع في المدينة الرياضية، “هذا المكان كان مركز الدفاع الوطني، كنا نسمع أصوات المعتقلين وهم يعذبون وكان القائد هنا هلال الأسد لكن لا أعرف أين كانوا يذهبون بالناس”.
خالد الجزيرة
خالد مزارع في المدينة الرياضية قال إنه كان يسمع أصوات المعتقلين وهم يعذبون (الجزيرة)
غموض وانتظار
لم يعط سقوطُ النظام في سوريا وفتح السجون أيّ إجابات عن مصيرِ كثير ممن غُيبوا قسرا في أعوامِ الثورةِ الأولى، ومازالت عائلات كثيرة تنتظر بمرارة، لمعرفة أي خبر عن أبنائِها، حتى لو سلمت بأنهم قُتلوا.
استقبلتنا عائلةُ أم كرم في بيتها، وقد اعتُقل شقيقُها زياد، في بداية الثورة، وعلموا من خلال سماسرة أنه محتجزٌ في المدينة الرياضية، لكنهم فشِلوا في معرفة أي شيء عن مصيره، بعد رحلة بحث طويلة.
تقول أم كرم للجزيرة “أشعر أن أخي لم يمت، لكن إن كان مات فأحضروا لي عظامه لكي نعرف أن قبره في مكان ما”.
أم كرم شقيقة مفقود الجزيرة
أم كرم اعتقل شقيقها منذ بداية الثورة واختفى أثره منذ ذلك الوقت (الجزيرة)
ساحة صليبة في اللاذقية، شهِدت مجزرة مروعة بحسَب شهادات الأهالي، قُتل العشرات هنا، لكنَّ أحدا لم يعرف شيئا عن مكان دفن الجثثِ وقتها، إذ لم يكن سكانُ الحيِ يتكلمون عن وقائعِ ذلك اليومِ إلا همسا.
يقول بشار رستم، وهو شاهد على المجزرة، “اعتصمنا في هذه الساحة وطلب الأمن منا إخلاءها لكن رفضنا ففتحوا النار علينا وقتل الكثير ثم أحضروا جرافات وأخذوا الجثث إلى مكان مجهول”.
هروب قادة النظام البائد زاد في غموض مصيرِ المغيبين، أما الحكومة الجديدة والدفاع المدني، فلا يملكون كما يقولون تِقْنيات تساعد في الكشف عن المقابر، أو تحديد هُوية الجثث، ويبدو أن ملفَ المختفين قسرا، سيظلُّ من أشد المِلَفات التي خلّفها النظام تعقيدا، وإيلاما لأصحابها.
المصدر : الجزيرة
————————
عذّبه الأب، وعاش ليشهد فرار الإبن.. محمد برو وعدالة تأخرت نصف قرن
عبد القدوس الهاشمي
5/1/2025
هذا لقاء تأخرت كتابته لشهور. كان فيه من الوجع فوق ما يحتمله العمل الصحفي، ومن القتامة ما تضيع فيه أضواء الصنعة، ومن العبثيّة ما تضل فيه بوصلة الهادي. ناولني محمد برو الرجل الستيني، الذي دخل السجن قبل أن يودع الطفولة، وخرج منه وقد عانق الثلاثين، ناولني كتابه الذي يحوي مذكراته في سجن تدمر، فأخذته بيميني وأودعته مكتبتي بشمالي، دون أن ألتفت إليه.
لسبب ما غير مفهوم، انجذبت لقراءة أدب السجون في سنوات الجامعة، وقرأت منها عددًا صالحًا، لكن ما لم أحتمله هذه المرة أن أقرأ عذاباتِ صديق قريب أسمرُ معه كل مرة أزور فيها إسطنبول. حينها يكون الوجع شخصيًا لا مجرّدًا.
طلبت منه أن نلتقي لأسمع منه قصته بصيغة ملطفة، دون قصص الهول، والرعب التي تشي بها قصة مراهق قرر سجانوه أنه أصغر من أن يٌقتل، وأكبر من أن يخلّى سبيله، فأقاموه في العذاب الأليم لأكثر من عقد من الزمان. سجلتُ اللقاء صوتيًا، ثم تشاغلتُ عن تفريغه، وتحريره، لفرط قسوته، وبشاعة فحواه. وهذا تحذير للقارئ الذي تزعجه الكلمات الداميّة، عليك بالتوقف هنا.
أجلس اليوم في بهو فندق الشيراتون بمدينتك حلب لأرقن على جهازي هذه المادة على مقربة من مكان اعتقالك. دون أن ألتفت خلفي، خوفًا من ضباط الأمن والمخبرين؛ لقد انتهى البعث، مات حافظ الأسد، وفرّ بشار. وأنا أجلس اليوم بجانب “باب الفرج” لأكتب قصتك. هذا نمط من العدالة الشعرية يغري بالتوثيق، وقد صار الألم محتملًا لحكاية قطعة من العذاب بعد الحصول على نهاية سعيدة.
في ساعة متأخرة من الليل من شهر أغسطس/آب الساخن عام 1980، في قلب صحراء تدمر، تقف سيارة نقل السجناء الذين تكدسوا في صندوقها كما يُرص سمك السردين. رائحة العرق والدماء والخوف تزكم أنف الفتى المدفون بين أجساد السجناء، والذي لم يكمل مرحلة الثانوية بعد. نقلتهم صيحات الجنود وشتائمهم وعصيّهم بسرعة إلى مدخل السجن الذي وصفته منظمة العفو الدولية في تقرير صدر عنها في عام2001 بأنه “مصمم لإنزال أكبر قدر من المعاناة والإذلال والخوف بالنزلاء.”
ارتدّ ضوء السيارة على لوحة في مدخل السجن غلبت صفرة الغبار على بياضها وكتب عليها بخط رديء “الداخل مفقود والخارج مولود”. كانوا يمارسون قتل الروح بكل وسيلة متاحة، حتى عبر اللوحات الإرشادية!
أحاط السجّانون بالفوج القادم؛ مئة نفس من شتى الأعمار؛ بين من ثنى الزمن طوله، ومن انتصب ولمّا تقوّسه الأيام بعد، بين شيخ ستيني، وطفل لم يتجاوز السادسة عشر بعد، وقفوا ينتظرون عذابهم..
رفع أحد السجّانين يده بكابل حديدي وهوى به بكل قوّته على جسد شاب طويل مفتول العضلات، فرأى السجانون في حركته إشارة لبدء حفلة التعذيب، فانهمرت العصيّ والكابلات والسياط على الضيوف الجدد. كان خلدون زميلًا لبرو في الثانوية وأكبر منه عمرًا، وقد أغرت ضخامة جسمه ولمعة التحدي في عينه أحد الجلّادين بأن يخصه بقسط وافر من العذاب. خطرت فكرة جنونيّة بذهن خلدون؛ حيث قرر ألا يصرخ وألا يطلب الرحمة من جلّاده وألا يظهر له ضعفًا كما جرت العادة، وكان تصرفه هذا كقطعة قماش حمراء حُركت لثور هائج. أخذ الجلّاد يضرب بجنون، مستفرغًا كل طاقته، حتى حين توقفت سياط الجنود عن المجموعة، ظل مستمرًا ممعنًا في الإيلام، ومع تهتك جسد الشاب العنيد، وجريان دمه بغزارة وانتثار قطع من لحمه على الأرض، لم يفلح السجان في كسره. فجأة صدرت صيحة هائلة لكنها لم تكن من خلدون بل من جلّاده الذي اشتعل غيظا وأخذ ينزل بالكابل على وجه خلدون ويكرر كل مفردات البذاءة والكفر، حتى ارتخى جسد الشاب وفارقته الروح.
سكنت الساحة فجأة إلا من الأنين المكتوم والنفس الصاعد إعياء من الجلّادين، حين دخل مدير السجن ورأى المشهد، فصاح الضابط في الجنود.
“من قتله؟”
لم يجب أحد.
أعاد السؤال، فارتفعت يد الجلاد بتردد “أنا سيدي!”
اتجه الضابط إليه بخطى حثيثة، وقال له مصعّدًا فيه نظره “بشرفي، إذا بتعيد هذي البياخة مرة تانية، بحلق لك شعرك! انقلع من هون”
وقتها، أدرك الفتى الذي ينتفض خوفًا وألمًا أن حياتهم داخل هذه الجدران لا تساوي شعرة في رأس سجان بغيض.
صيف 2024
“لقد وصلت إلى المقهى” أرسلتُ في 1:57م لمحمد برو (أبي سلام)، الذي يمكنك أن تضبط نبضات قلبك على ساعة مواعيده.
“قريب، في الطريق إليك” رد مباشرة.
في 1:59 ملأ باب المقهى المزدحم رجل طويل، بذقن حليق، وشارب مهذّب، وشعره الأشقر الذي عملت فيه السنوات عملها فتساقط على طريق العمر، وصفف ما بقي منه تصفيفا لائقًا. كان أبو سلام بعمر نظام البعث حين سقط وتحرر منه السوريون 61 عامًا. أدار عينيه الزرقاوين في المقهى المكتظ فرآني ألوّح له من طاولة في منتصف المقهى. أومأ إليّ بمعرفة مكاني، وتوجّه لطلب فنجانيّ قهوة اسبريسو الطلب الذي اعتاد على تقديمه لي سواء في داره أو في المقاهي التي كانت تجمعنا.
“نعيمًا، يبدو أنك قادم من الحلّاق!” قلت له بودّ
“لا أذكر متى أخر مرة لجأت فيها إلى الحلاق، لا أسمح لأيدي الغرباء العبث بوجهي، هذا من اختصاص أم سلام، فالزوجة الصالحة هي القادرة على تزويق وجه زوجها كما تزوّق الأطباق التي تملأ بها بطنه” قالها بنبرة بين الجد والمرح، وهو يقرّب فنجاني ويرجع كرسيّه عن الطاولة ليفسح لساقيه الطويلتين هامشًا للمناورة.
بابتسامة عريضة، قلت له: حسنًا، لنبدأ من البداية، متى ولدت؟
“في عيد العمال عام 1963.”
الفاتح من مايو/أيار؟ عقبتٌ مستفهمًا
“عفوًا هذا تاريخ اعتقالي، ولدت في التاسع من يونيو!”
متى يولد الإنسان على الحقيقة، يوم مفارقته للرحم أم ساعة إدراكه لحقيقة الشر في الحياة. تساءلت بصمت.
تنحدر من عائلة حلبيّة أليس كذلك؟
“لسنا عائلة حلبية في الأصل، بل لنا أصول تركية من حارم، ووالدتي من منبج. انتقل والدي إلى حلب، وكان جدي ابن قائمقام تركي أصله من غازي عنتاب. ليس لدينا ورقة بهذا وإلا كنا أخذنا الجنسية التركية بسرعة” قالها بضجر من أنهكته البيروقراطية التركيّة على مدى عشر سنوات، بعد ترشّح اسمه للحصول عليها.
ما معنى برو؟
“برو تصغير ابراهيم، إذا زرت قرى الأكراد والتركمان والأرمن، ستجد هذا التصغير مستخدمًا. نشأتُ في حي الميدان بحلب، حيث الغالبية مسيحيون، وفيه أكراد وآشوريين وسريان، لم يكن للأقليات لون أو طعم قبل نظام البعث، كان الناس يتعاملون بود كأهل البيت الواحد. هل حدثتك من قبل عن أوسكي؛ سيدة أرمنية كانت بمثابة أم ثانية بالنسبة لي. لا تفوت مناسبة إلا وتتواصل معي، مهنئة أو معزية، وكانت سخية بالهدايا. حين اعتقلت كان نساء الحارة من كرديات وشركس من اكثر الناس تضامنًا مع والدتي”
في مارس 1963، قبل مولد محمد برو بثلاثة أشهر، قامت اللجنة العسكرية في حزب البعث السوري بالاستيلاء على السلطة عبر انقلاب عسكري على ضد الرئيس ناظم القدسي والحكومة المنتخبة برئاسة خالد العظم. ولمعت أسماء الضباط المخططين للانقلاب؛ محمد عمران، صلاح جديد، وحافظ الأسد. وأعلنت حالة الطوارئ مع قدوم البعثيين والتي ستستمر إلى 2011. عيّن صلاح جديد رفيقه حافظ الأسد وزيرًا للدفاع. وبعد سبع سنوات في 1970، قام حافظ الأسد بالانقلاب على صلاح جديد والانفراد بالحكم في سوريا، لتبدأ حقبة عائلة الأسد.
ولدت في السنة التي ولد فيها البعث، هل كنت واعيًا على انقلاب حافظ؟
“أذكر مشهدًا واحدًا كنت في المدرسة ودخل أزلام النظام، وضربوا الأساتذة الناصريين، ما زال منظر المدير وهو يهان ويضرب ضربًا داميًا، ماثلًا أمامي”
ما هي التغيّرات التي طرأت على حياة السوريين بعد حكم حافظ؟
“أشياء كثيرة، لكن بالنسبة لي، ستتغير حياتي بسبب كومة أوراق، اسمها النذير!”
تقصد المجلة التي تصدرها الطليعة المقاتلة؟
“نعم مجلة النذير، كان يطلق عليها مجازا مجلة؛ كانت 16 صفحة، أربع ورقات مثنيات من قياس A4 ومطبوعة بطرق بدائية. كانت توزع على أعتاب البيوت ليلًا. تفيق الناس الصبح، وتفتح الباب فتجد المجلة. لكن حيازة المجلة كان يعد فعلا ثوريا.”
على أي شيء تحتوي أعدادها؟
” تحكي عن عمليات الطليعة المقاتلة وعن فضائح النظام. وواقع الأمر في سوريا”
ما علاقتك بها؟
“لا علاقة لي، أنا مثل المسيحي الذي فتح باب منزله ووجد المجلة، فأخذها. لا علاقة لي بالإخوان ولا بغيرهم من الأحزاب، لكني كنت متحمسًا للمجلة فوزعتها على الزملاء، وصل الخبر لمدير المدرسة، فاستدعانا الثمانية، وقال لنا هُجرًا، ووعد بطيّ الموضوع، لكنه لم يطوَ، رجع إلى نفسه، فقال أنا أم هؤلاء الفتية؟ فاختار نفسه. وبلغ مسؤوله الأمني.”
عاد وكأنه رأى في عينيّ احتقارًا لمدير يضحي بطلابه، فعلّق:
“كان رجلا وديعا، أظنه فكر أن الأمر سيتوقف عند كم كف لهؤلاء الفتية وينتهي الأمر. لم يتوقع أحد بسوريا أن النظام بهذه الوحشية” مد يده إلى فنجان القهوة وانهاه في ارتشافة طويلة.
هل أطلب لك فنجانًا آخر؟
“لا، هذا هو الفنجان الخامس اليوم، شربت أربعةً في البيت قبل أن أخرج إليك” أخرج غليونًا خشبيًا أنيقًا، من حقيبته الصغيرة التي ترافقه دائمًا، وكيسا من التبغ، عمّر غليونه، وأشعله منكّسًا القداحة مصوبًا لها على فوهّة الغليون، وبرشفاتٍ متتالية بدأ الدخان يتصاعد منه.
“اعتقلوا اصحابي السبعة من المدرسة، وكنت أتغيب كثيرا، كنت أظن أن السنة لن تكتمل، كانت حلب تغلي. اختفيت اسبوعا، وظننت أني صرتُ آمنًا فعدت إلى البيت “
في يونيو/حزيران عام 1979 قام النقيب إبراهيم اليوسف ضابط التوجيه المعنوي في مدرسة المدفعية بحلب، ومجموعة من الطليعة المقاتلة بإطلاق النار على عشرات المجندين من الطائفة العلوية الملتحقين بالمدرسة. كانت هذه الحادثة كرد فعل على سياسة نظام حافظ الأسد في تطييف الجيش وتصعيد الطائفة العلوية وتحييد الأغلبية السنيّة. حيث ركّز الأسد على تمكين طائفته من قوات الجويّة والمدفعيّة لتصبح قوة موالية ضاربة لأي محاولات لتهديد نفوذه في الجيش.
ارتكب النظام بعدها عدة مجازر انتقامية في حصاره لحلب لمكافحة الحراك الشعبي الذي قادته جماعة الإخوان المسلمين، وكانت النتيجة مقتل نحو 2000 مدني، واعتقال نحو 10000 مواطن.
الاعتقال
“استيقظت فجرًا على نخز البارودة الروسية على خاصرتي. فتحت عينيّ لأجد أكثر من ثلاثين عنصرًا من المخابرات يملؤون الدار الصغيرة، كان والدي يقف وسط إخوتي الخمسة ويحاول أن يقنع الضابط أن يذهب معي إلى قسم الشرطة، كان والدي دركيا فرنسيًا
حين دخلت للفرع، قال لي الضابط: أرجو أن تعترف لا نريد أن نؤذيك احترامًا لوالدك، لقد اعترف أصحابك السبعة بكل شيء.”
واعترفت؟
“لا يوجد شيء أعترف به، قلت لهم إني أخذت المجلة وشاركتها مع الزملاء، ولا علاقة لي بأي تنظيم.”
“في غرفة مصمتة مشمعة بالموكيت من كل مكان، رائحة الدم والقيح والعرق تملأ المكان، والضابط يختار أعنف الطرق للوصول إلى الجواب، وصراخ الغرف الأخرى يرن في أذني، دائما ما يتم التحقيق ليلا. كانوا يسألونني عن شخص تاسع، حتى يضموه إلينا. كان اسمه يوسف فلاحة. بعد خروجي من السجن سيأتي ليشكرني، ويقول لي: لقد وفرت عليّ سنوات من العذاب الأليم. وكان قد جاء لأهلي من قبل، وقال لهم لقد نجوت بسبب شهادة ابنكم. لأنه نفى أي علاقة بيننا”
إذن هناك طريقة للنجاة إذا لم تثبت عليك التهمة، أليس كذلك؟
“لا توجد تهم في نظام الأسد كانت الناس تعتقل على الشبهات، مهما دقّت. كان الهدف اعتقال أكبر قدر من السنة في حلب، انتقامًا.
خذ مثالًا على هذا، في الشهر السابع من عام 1980 أُخذَ أحد الشباب كرهينة ليسلم أخوه المطلوب نفسه، في الشهر الثامن قتل أخوه المطلوب في شوارع حلب. وبدل أن يطلقوه لانتهاء سبب حبسه، بقي 13 عامًا!
لقد أخذوا هذا الطريق لإرهاب السوريين، وقد نجحوا، إلى اليوم حين نجتمع نحن السوريين فنذكر النظام، نهمسَ همسًا وكأن جنديّ المخابرات قد وضع أذنه على الباب!”
لم يدر بخيال أبي سلام أنه بعد أشهر من مجلسنا ذلك، سأفتح كتابه في مقاهي حلب، وأناقش الوضع السياسي للفصائل الثورية في مطاعم الشام، وبدون أي خوف!
وماذا فعلوا بكم؟
“بعد 18 يوما من التحقيق نقلونا الى سجن حلب المركزي كانت معاملة معقولة، وقتها حدثت مدرسة المدفعية. بعد انتهاء العملية في مدرسة المدفعية في الشهر السادس تبين لهم أن النظام يستطيع أن يقتل من يشاء، فبدأت حفلات التعذيب.”
لماذا يعذبونكم؟ هم لا يبحثون عن معلومات جديدة منكم!
نظر إليّ نظرة عطف وكأن سؤالي كان مغرقًا في البراءة وقال: “البحث عن المعلومات ينتهي في التحقيق، كان التعذيب في السجن للانتقام ولإشباع أرواحهم السبُعيّة، التي تنتعش برائحة الدم.
أخذوا بتعريتنا في آخر الليل، وإنزالنا إلى الساحة التي فرشها الحصى الحاد، والشوك المسنن، وأخذوا بسحلنا، وجر أجسادنا في الساحة”
وإلى أي شيء خلص التحقيق؟
“نقلونا إلى تدمر في صيف 1980، ومنه أخذونا بعد شهر في سيارة مصفحة إلى المحكمة، كدسونا 25 شخصا في الصندوق، وحين وصلنا إلى فرع الأمن، صفونا صفًا، وكان كل من يمر بنا يوسعنا ضربًا.
لماذا؟
“هذه طبيعة الأمور، مثلما تدخل إلى المسجد فتسبح أو تصلي ركعتين، كانت تحية العسكر لإثبات ولائهم إيذاء السجناء بكل وسيلة.
دخل رفاقي واحدا تلو الآخر، وبقيت أنا أخيرًا. أدخلوني للغرفة الصغيرة، كان القاضي سليمان الخطيب، والذي توفي قريبا، يجلس على طاولة خشبية رديئة. يوقفون المتهم أمامه على بعد ثلاثة أمتار، وبطريقة آلية يقول: أنت فلان الفلاني؟ تجيب نعم. فيقول تهمتك: كذا. وحكم عليك بكذا. ولا يسمح لك بأن تنطق بحرف.
“محمد برو؟
نعم.
تهمتك: كتم معلومات وحيازة مجلة النذير.
محكوم: إعدام.
لا أدري كيف انطلق لساني بهذه الكلمات حين سمعت الحكم: كتّر خيرك! لم أصدق، ظننته يخوفني.”
كتم معلومات؟ تساءلت باستغراب
“نعم، كان من المفترض أن أذهب للمغفر وأبلغ الشرطة بأني عثرت عليها.” حين رأى علامات الاستغراب، استرسل قائلًا
“كتم المعلومات، في كتاب العقوبات لمحمد الفاضل وهو المرجع القانوني للبعث، والذي اغتالته الطليعة المقاتلة نهاية عام 1979كان ينص على أن العقوبة القانونية لكتم المعلومات في زمن الاضطرابات هي الإعدام. كان هذا الحكم منصوص عليه في اللوائح قبل ميلادي بعشرين عامًا.
عاد الفتيان إلى السجن وهم في ذهول تام، هل سندفع حياتنا، من أجل تناقلنا لكومة أوراق؟ أي عقل يستطيع أن يحمل هذا الظلم!
“بعد ثلاثة أيام طلبوا دفعة ثانية للمحاكمة. وطلبوني معهم، فقيل للضابط هذا قد حوكم، فقال له: مو شغلك هاتوه.أخذني غازي كنعان رئيس الأمن العسكري بحمص من إذني، ودخل بي على القاضي. قال له: هذا ابن …. تحت السن القانوني لا يصلح له حكم الإعدام. فقال القاضي: خففنا لك الحكم: عشر سنين، انقلع!”
“بعد شهر ويومين، كان أصدقائي السبعة يطلون على الدنيا من علوّ، وقد عُلقوا على المشانق. لأنهم كانوا مواليد 1962، أي أنهم أكبر مني بسنة!”
“لا أفهم هذا العنف، لماذا كل هذا. ما أعرفه أن العنف يخدم غاية، وهي أن يشعر المواطن أن القوة دائمًا مع الحكومة، وأن التجرؤ عليها مهلك. لكن هذا الكم من العنف لا معنى له ولم أستطع استيعابه.” قلت بصوت عالٍ لفت إليّ وجوه الجالسين حولنا.
“كان حافظ الأسد أقلويًا، كان يعيش في أقلية في قلب أقلية، كان يريد أن يكوي وعي 80 % من الشعب السوري السني، ويقنعهم أن مجرد التفكير بالتجرؤ عليه، نهايته وخيمة. بالمناسبة، كان حافظ حريصا على متابعة ملف الإخوان المسلمين بنفسه، وكان ملف التطورات على مكتبه كل صباح، هذه معلومات نعرفها من داخل القصر. كل عمليات الإعدام وبعض حفلات التعذيب الدموية كانت تصور له!”
كيف عرفت؟
“رأيت آلات التصوير الضخمة في السجن عدة مرات. ثم إن لدينا أصدقاء من حزب العمل الشيوعي، ينقلون عن أخوتهم الضباط العاملين في القصر الجمهوري مثل هذه المعلومات. هذه معلومات وليس استنتاجات” قالها بصيغة جازمة”.
كم كان عدد السجناء في تدمر؟
“7000 أو 8000، لكنهم كانوا يعتمدون على سياسة الباب الدوار.”
وما سياسة الباب الدوار؟
“يعدمون 400 ويعوضونهم بسجناء جدد. السجناء يتجددون باستمرار!”
أعرف أنك بقيت في تدمر لثماني سنوات، وكان التعذيب عادةً يومية، لكن اسمح لي أن أسألك عن أشد فترة مرت عليكم في السجن.
دون أن يفكر ويستعرض سنوات عذابه الطويلة، أجابني مباشرة: “كان أشدها مع قدوم غازي الجهني، مدير السجن الذي جاءنا من الجحيم. في عام 1982 هرب بضعة عشر سجينًا من فرع المنطقة في دمشق، ولم ينجُ منهم سوى اثنين، وأسر اثنان، وقتل البقية في شوارع دمشق. حينها قررت الحكومة تغيير هيكلة السجون، وجاءنا مدير جديد. كان نصيب الفرد منا من الأسواط يتراوح بين 100 و150 جلدة يوميا. وحين جاء الجهني صار المتوسط 500 جلدة، وقد تصل إلى 1000 جلدة إذا كان مزاجه غائمًا”.
هل يألف الانسان العذاب؟
“لا يألفه، لكن يخف هوله. في التعذيب أهم ما يؤذي ليس وقع السياط على الجلد، ولكن الهول الذي يصحبها. والسجان البارع هو من يحسن ضبط إيقاع الهول دون أن يختلّ رتم العذاب. فلا بد من المحافظة على المفاجأة وكسر التوقع؛ لإبقاء النفس البشرية قلقة. حين تخرج يوميا وتعرف أنك ستجلد 500 جلدة، ستعتاد الأمر، ويذهب الهول. لكن حين تجلد 100، وتخرج اليوم الثاني وتجلد ألفًا، أو تجلد حتى الموت. هذا الفارق هو مقياس الهول!”
هل اعتللت نفسيًا، أعني هل أنكرت نفسك من شدة الأذى الذي أصابك؟
“أبدًا، كان التحصين الإيماني عاليا جدا، وكان القرآن ملجأنا. متوسط ورد المعتقلين منا خمسة أجزاء يوميا، إضافة لما نسمعه من الأحاديث النبوية والمواعظ”
وذلك الإيمان الحصين، دخلت به إلى السجن أم وجدته فيه؟
“لا يمكن أن يوجد هذا المستوى الإيماني خارج السجن، وحين خرجنا من السجن لم يبق معنا على نفس الوتيرة”
“في التعذيب قوة إدمانيّة. ولذلك كان بعض الجلادين يتجاوز الحد المسموح به، وهو يعرف أنه سيتلقّى عقوبة على عدم تقيّده بالتعليمات. غريب هذا المخلوق المسمى بالإنسان. لقد أشكل الإنسانُ على الإنسان، أليس هكذا يقول صاحبنا [أبو حيان] التوحيدي؟.
على كل حال، كان السجن قديمًا اصطبلات لخيول الجيش الفرنسي. تتكون من سبع ساحات. في كل ساحة عدة مهاجع وعدد المهاجع 40 مهجعًا. كنا في المهجع رقم 31 في صدر الساحة السادسة، التي كانت تطل على الساحة التي تنصب فيها مشانق الإعدام. وكنا نرى عمليات الإعدام من ثقوب الباب.
لا أنسى أحمد السباعي، السجّان الوحيد الذي أبدى شيئَا من التعاطف معنا. كان يفتح باب المهجع سنتمترات قليلة بقدر ما ينفذ صوتُه إلينا، ويقول همسًا: بيفرجها الله يا شباب. كانت كلماته مائدة تعاطف عظمى بالنسبة لنفوسنا المحطمة.”
بعد قضاء ثمان سنوات في سجن تدمر، تحول برو مع مجموعة من السجناء إلى سجن صيدنايا.
كيف كان صيدنايا مقارنة بتدمر؟
“من المعيب أن نعقد مقارنة بين صيدنايا وتدمر، لقد أنشئ سجن صيدنايا للمنظمات الحقوقية والزيارات الرسمية! لقد كان الموت أعظم أمنية لنا في تدمر، بينما كان الأمر في صيدنايا أفضل بكثير. كانت كميات الأكل كافية في صيدنايا. يعني فرق حين تفطر بثُمن بيضة في تدمر، وببيضة كاملة وحبتي زيتون في صيدنايا!”
في عام 1993 أفرج عن محمد برو، وخرج للعالم ، وفي الثامن من ديسمبر 2024 سقط نظام البعث وتحررت سوريا من حكم الأسد. كشف سقوط الأسد عن عشرات السجون والمقابر الجماعية التي حوت واحدة منهن فقط مئة الف جثة وما يزال أكثر من ثلاثمئة ألف مغيب قسريا قيد البحث عن بقايا رفاته.
وضعتُ جهازي المحمول جانبًا، حين فرغتُ من كتابة المادة، وأمسكت بهاتفي، لأرسل رسالة لأبي سلام.
” أكتبُ لك من مدينتك الجميلة، حلب، وأريد أن أسألك، لقد ولدت مع ميلاد البعث، وها أنت تعيش -كسوري- لتدفنه في ذاكرتك. كيف شعرت وأنت تتابع خبر هروب الأسد من سوريا؟”
بعد ساعات، وصلني جوابه
“أهلًا أبا خالد، عليك أن تتعشى الليلة في مطعم وانيس، وأحضر الفاتورة معك لنحاسبك على الضيافة.
نعم ولدت مع ميلاد البعث وعشت حياتي في أسرة تكره البعث من لحظة ميلاده فقد كان أبانا الذي في السماء خالد برو عليه السلام ناصري الهوى مضطهدا من أزلام البعث.
أعادتني لحظة سقوط نظام بشار الأسد إلى لحظة تناظرها منذ 24 سنة حين بلغني خبر موت حافظ الأسد.
أمضيت شطر عمري وأنا أحلم بهذه اللحظة التي ستغمرني بالفرح. لكن خيبتي في تلك اللحظة كانت أكبر من تخيلي لها. كنت أتوقع أن تشتعل البلاد فرحا بموت ذلك الطاغية وأن أقفز مجنونا من البهجة، لكن الذي حصل ساعتها شيء لم ترق إليه مخيلتي. فما أن أذيع الخبر حتى خلت شوارع مدينتي حلب من المارة ودلف معظم الناس إلى بيوتهم كمن يترقبُ خسفا أو إعصارا.
كان شعوري باهتا لدرجة لا توصف كجائع انتظر أياما وهو يمني نفسه بطبق من الشواء لكنه فوجئ أن الطبق الذي قدم اليه لا يعدو عن قطعة لبان لها رائحة الشواء.
ربما أحسست ساعتها أن موت ذلك الطاغية لن يغير في المشهد البائس شيئا. فالرجل الذي مات لتوه مازال يحكم سوريا من قبره، وما زال قادرا على خنق البسمة في صدور من فرحوا بموته.
اليوم المشهد كلي الاختلاف فالمجرم بشار لم يمت بل فر، وفر معه جميع أعوانه، وسقط النظام وباتت سوريا مفتوحة على احتمالات الحياة.
اليوم أدرك أن هذا الطوفان من الفرح الطامي لن يتكرر مثله في مئة عام قادمة. ولو أنه فرح مضرج بالألم، وبمئات آلاف الشهداء”
المصدر : الجزيرة
—————————
أول تصريح بعد لقائه.. وزير خارجية فرنسا: أنا على علم بماضي الجولاني
الحرة – واشنطن
05 يناير 2025
كشف وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الأحد، تفاصيل اللقاء الذي جمعه بين الزعيم الفعلي لسوريا حاليا، أحمد الشرع الملقب بأبي محمد الجولاني، في أول تصريح عقب زيارته الرسمية للبلد الجمعة.
وفي مقابلة مع إذاعة “أر تي إل” الفرنسية الأحد، رد بارو على سؤال بشأن ما إذا كان يعتقد أن الجولاني “إسلامي” وكيف يمكن للحكومة الفرنسية التعامل معه بناء على ذلك، قال “أنا على علم بماضي أحمد الشرع والمجموعات التي عملت على قلب نظام الأسد”، لكنه استدرك قائلا “لكن في سوريا الجديدة التي هي قيد الانبعاث الآن لا يجب أن يكون أي مكان للإرهاب الإسلامي. حاربنا هذا الإرهاب في سوريا طيلة 10 سنوات”.
🔴🗣️ Les mots de @jnbarrot sur le nouveau dirigeant de la Syrie.
“Je suis lucide sur le passé d’ Ahmad al-Chareh. (…) Nous avons besoin d’une Syrie souveraine, stable et apaisée”, a déclaré le ministre dans #LeGrandJury. @m6info @Le_Figaro @publicsenat pic.twitter.com/dRBVukklU1
— RTL France (@RTLFrance) January 5, 2025
كما شدد الوزير الفرنسي على ضرورة “أن لا تستغل أي قوة أجنبية سقوط حكم الرئيس بشار الأسد لإضعاف سوريا”، قائلا “سوريا تحتاج لمساعدة، لكن من الضروري ألا تأتي قوة أجنبية، كما فعلت لفترة طويلة روسيا وإيران بمبرر دعم السلطات أو دعم سوريا”.
وأفاد وزير الخارجية الفرنسية بأنه حصل، خلال المحادثات التي أجراها مع مسؤولي الإدارة السورية الجديدة في دمشق، على “تطمينات بتنصيب لجنة لحظر استعمال الأسلحة الكيماوية التي ستعمل على رصد وتدمير مخزون هذه الأسلحة الخاصة بنظام بشار الأسد”.
وعن سؤال بشأن ما إذا كان يعتبر النظام السوري الجديد “إسلاميا أم إرهابيا”، قال بارو “نريد مستقبلا لسوريا يضمن لكل أطياف البلد التمثيلية وهذا رهان لضمان استقرار سوريا ومصلحة البلد والمنطقة”.
وكان وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو، ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك، وصلا إلى العاصمة السورية دمشق، صباح الجمعة، للقاء قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع، الملقب بـ”أبي محمد الجولاني”، وذلك في أول زيارة لهما عقب سقوط نظام بشار الأسد.
قالت وكالة “بلومبرغ” إن الاتحاد الأوروبي كثف جهوده لبناء علاقات مع القادة السوريين الجدد وإقناعهم بتقليص النفوذ الروسي في البلد الذي مزقته الحرب من خلال زيارة وزيرة الخارجية الألمانية ونظيرها الفرنسي إلى دمشق.
وبعد وصولها دمشق، نشرت الخارجية الألمانية بيانا على لسان الوزيرة بيربوك، أكدت فيه أن الزيارة مع نظيرها الفرنسي “نيابة عن الاتحاد الأوروبي، إشارة واضحة على أن بداية سياسية جديدة بين أوروبا وسوريا، وبين ألمانيا وسوريا، أمر ممكن”.
وذكر البيان “أحدثت عقود من القمع والفظائع التي ارتكبها نظام الأسد والحرب الأهلية الرهيبة التي خاضها جروحا هائلة بملايين الأشخاص في سوريا. لقد أصيب بلد بأكمله بندوب بسبب هذا، وفي الوقت نفسه، يستمد الآن أملا مشروعًا في أن المستقبل سيكون أفضل”.
الحرة – واشنطن
————————
بعد تدخل إدارة العمليات العسكرية.. اتفاق على تسليم السلاح ووقف المواجهات في درعا
2025.01.05
توصلت الأطراف المتنازعة في مدينة الصنمين بريف درعا الشمالي إلى اتفاق يقضي بوقف الاشتباكات وتسليم الأسلحة الثقيلة، وذلك بعد تدخل إدارة العمليات العسكرية وانتشارها في المنطقة.
وأفادت مصادر محلية بأن وفداً من إدارة العمليات العسكرية عقد ظهر اليوم الأحد اجتماعاً مع مجموعة محسن الهيمد، تم خلاله الاتفاق على وقف القتال وتثبيت نقاط للأمن العام في مدينة الصنمين.
كما جرى الاتفاق على إحالة ملف مجموعة محسن الهيمد إلى المحاكم في المرحلة المقبلة بعد تقديم الأدلة التي تدين انتهاكاتها، بحسب ما ذكر موقع “تجمع أحرار حوران”.
ونص الاتفاق أيضاً على تسليم مجموعة محسن الهيمد مواقعها لإدارة العمليات العسكرية، وتسليم طرفي الاشتباك السلاح الثقيل، مع الإبقاء على الأسلحة الفردية، مع التحذير بأنه سيتم اتخاذ إجراءات عسكرية ضد أي جهة تخرق الاتفاق.
اشتباكات الصنمين شمالي درعا
اندلعت اشتباكات عنيفة، يوم السبت الفائت، في مدينة الصنمين شمالي درعا، بعد هجوم شنته مجموعة محلية يتزعمها محسن الهيمد على مجموعة معارضة تتمركز في الحي الشمالي من المدينة، والتي كان يقودها سابقاً وليد الزهرة قبل مقتله في اشتباكات مع قوات النظام في آذار 2020.
وأفاد “تجمع أحرار حوران” بأن مجموعة الهيمد استخدمت أسلحة خفيفة ومتوسطة في الهجوم، بما في ذلك مضادات أرضية، ما أثار حالة من التوتر والذعر بين السكان المحليين، الذين وجهوا مناشدات عاجلة للأهالي بتجنب التنقل ضمن أحياء المدينة.
وتُعرف مجموعة “الهيمد” بتبعيتها لشعبة المخابرات العسكرية التابعة للنظام المخلوع، إضافة إلى ارتباطها بتنظيم الدولة “داعش”، وفق التجمع.
يشار إلى أن إدارة العمليات العسكرية أرسلت تعزيزات ضخمة إلى مدينة الصنمين بريف درعا الشمالي لوقف الاشتباكات، وإيجاد حل لمجموعة الهيمد التي يطالب الأهالي بمحاسبتها.
————————–
سقوط جدار برلين السوري اجتماعياً/ أحمد جاسم الحسين
2025.01.05
المشاهد التي تراها في دمشق اليوم غابت أكثر من سبعين عاماً، باتت المدينة ندوة مفتوحة، يمكنك أن تنضم إلى أي منها دون موعد مسبق. اسمها: أن يستعيد السوريون صوتهم ويستأنفوا سوريتهم.
المدينة التي شهدت افتتاح عدد كبير من المقاهي في السنوات الأخيرة، كان الهدف منها أن تكون مخدمة بالكهرباء والإنترنت، كأنها تحضر نفسها لمثل هذا اليوم، وبات الحديث عن مستقبل البلد يتداخل مع دخان الأراكيل وأصوات الباحثين عن “أغراض مستعملة للبيع”، ضجيج وصمت وعيون تبحث عن مستقبل لها وللمدينة والبلد.
كان طبيعياً أن يتقاعد كثيرون عن العمل السياسي، بعد أن تحقق هدف الثورة، بعد أن كانت السياسة عجين المجتمع الذي يخبزه يومياً عبر الأمنيات برحيل ديكتاتور آثم، وبرحيله المفاجئ جعل الأحاديث السورية تنتقل مباشرة إلى المستقبل وشكل الدولة، في ظل شح للمعلومات عن شكل الدولة القادم. غير أن السوريين لا يحبون التقاعد، فأي غشيم سيترك حبيبته وفيه نبض يسري؟
يقول السوريون اليوم إن سألتهم ما الذي يهمكم: نريد دولة قوية لها صوت، تحمينا، ونرفع رأسنا حين نقول إن هذه دولتنا، يشعر الكثير منهم أن ذلك الديكتاتور قد جعلها رمزاً للكبتاغون أو لأسوأ جواز سفر في العالم!
غير أنهم يتداركون ذلك سريعاً: نريد أن نحتفل عبر زراعة ياسمينة أمام كل بيت ومتجر.
أسياخ الشاورما الأضخم في العالم تعلن هي الأخرى عن استئناف الحياة في المدينة، كي تمشي مشاهد الحياة.
غير أن المشهد الذي لا يخفى عليك هو الفرح، الفرح في الأرصفة والحارات المظلمة والنساء اللاتي بات صوتهن مسموعاً، يا إلهي ما أجمل أصوات النساء وهي تحكي عن وجعها وهمرمها بعد أن قمنا نحن الرجال بتلك المهمة. للنساء صوت مختلف عنا، علينا أن نفرح به ونكبر وأن نتقاعد عن الحديث باسمهن.
ثمة مشاعر إنسانية تتفتح كل يوم، أن تحس بالآخر، قد تتذمر من شحاذ يزعجك بإلحاحه، فأنت فرد ولا يمكنك القيام بدور جمعية خيرية، لكن صور الشحاذين لن تغادر ذاكرتك. ستجد نفسك يوماً تلو يوم تستعيد جوانب منسية من ذاتك، أكلتها الغربة والعمل الإداري والاكتفاء المادي والفردانية. ستشكر السائق الذي أصر على تقديم القهوة لك مجاناً، ستنهض فردانيتك أول مرة لكنها ستختفي أولاً بأول حين يجتمع الرفاق لشراء حاجياتهم حيث سيسهرون في بيت صديق يخرج من براده كل ما هو موجود دون أن يدخل في الحسابات.
وحين تقول لك صديقة عتيقة: البيت أدفأ، ما رأيك أن نشرب القهوة معاً، ولتشجعك: قهوتي طيبة ها!
يا الله منذ متى لم أسمع بسيدة تفتخر بغلوة قهوتها، بعزة نفس أنثى سورية لم تأكلها أنانية البحث عن الذات ومحاربة طواحين الهواء. ستقودك تلك الصديقة بكل دفء الأنثى بسيارتها، تدور بك في الحواري وتشرح لك، وأنت تنصت طفلاً صغيراً في خمسينياته.
الأصدقاء يستعجلونك فقد التم خليلان ويعرب وخالد وشام يتبادلون أفكارا رابطها الوحيد هو سقوط جدار برلين السوري اجتماعياً
وقد سقط جدار خوف برلين السوري بينهم، يعبرون بصراحة، يبحثون عن حزب يلمهم، لا حل للسوريين بغير الأحزاب، هذه الفسيفساء عصية على التخاصم، تجربون أصواتكم، يحدثكم صديق شيوعي عن شرطه الوحيد كي ينتسب للحزب ألا تصدروا قراراً بفصله عمن يحب فقد سبق أن قصدت الحزب الشيوعي عن حبه الأول وقد أصدرت الخلية الحزبية قرارا بإيقاف علاقة حبه فالأحزاب لا تريد أن يلتهي الرفاق عن مهامهم الحزبية بمهامهم القلبية.
هل سيكون الحزب يساريا وسطا يجمع كل أولئك الحالمين بعبور انتماءاتهم العائلية، والطائفية والولادية؟
روائي يتهمه من لايحبونه بالعدائية يقول لكم: أكره الأحزاب، الحزب الوحيد الذي أنتمي إليه قلب امرأة فتنتها وسامتي!
تجد نفسك في مقهى الروضة، تعدد الرفاق هذا فريق ألمانيا وهذا اسطنبول وهذا هولندا وذاك بريطانيا؟ كيف حدث هذا يا رفاق، وحين تصدح: ارفع راسك فوق! تتمايلون معاً متناسين تلك الخصومات البعيدة التي ولدتها الآفاق الضيقة.
سوريا اليوم بين مسافر ومقيم، تجمعهم أشواق وذكريات
ولعل أجمل طريق تنسجه سوريا اليوم هو طريق القُبل والعناقات الحارة بين العائدين/ ات من السفر والمقيمين، بين المقيمين والمقيمين والعائدين والعائدين. كمشات من الدموع والشوق وشهقات من الأمل. بوسات على الخدود والأكتاف والرؤوس، ضمات طوييييلة تقول: كان الغياب طويلاً يا وطن. هشم الحنين قلوبنا المتهالكة… تجدها في المقاهي والأرصفة وعتبات البيوت. خطوات تحملها العيون، تقول: اشتقنا والله اشتقنا يا بلد يا بنت البلد، يا بن البلد
وقد سقط جدران برلين الاجتماعي السوري إلى الأبد. لن يسمح السوريون بعد اليوم ببناء سدود اجتماعية بينهم بعد أن اكتشفوا أن معظم مشاكلهم كانت نابعة من قلة التواصل وندرة الحكي.
جدار برلين السوري الاجتماعي كان يتكون من شك وخوف وقمع وحيطان لها آذان وصمت أفلحت سلطة ديكتاتورية ببناء مداميكه في الذات السورية لبنة لبنة، ليس من السهولة إزالته دفعة واحدة، غير أننا يمكن أن نستعيض عنه بزراعة نبتة ياسمين أمام عتبات بيوتنا نقدم عبقها لحبيباتنا المسافرات بعيداً حيث لا أحد سوى الرماد.
يمكننا أن نبني اليوم في سوريا جدرانا من ياسمين يسهل على العاشق السوري اقتحامها ليقول لحبيبته: أريد أن أحكي لك عما يدور في قلبي، فهل لديك وقت لتسمعيني؟
تلفزيون سوريا
—————————-
الحوارات الوطنية في المراحل الانتقالية.. خلاصات نظرية وتطبيقية من تجارب سابقة/ حمزة المصطفى
2025.01.05
بمجرد سقوط النظام واستقرار القادمين الجدد إلى السلطة في قصر الشعب، علت أصوات كثيرة داخل سوريا وخارجها تطالب بخارطة طريق تحدد مسار المرحلة الانتقالية، مدتها، وماهية نهايتها. الأصوات السابقة لم تقتصر على من هم خارج دائرة الحكم الحالي، بل ترددت على لسان الكثير من مسؤولي الإدارة الجديدة بمن فيهم قائدها أحمد الشرع، حيث ضجت مقابلاته الصحفية الخارجية بمفردات انتقالية عديدة من قبيل تصريف الأعمال، لجان قانونية، دستور، حوارات وطنية ..إلخ.
تزامن ذلك مع إعلان الإدارة الجديدة نيتها عقد مؤتمر وطني، لم يحدد تاريخه بعد، تدعو إليه ما يزيد عن 1200 شخصية سورية، مؤتمر أثار الكثير من الجدل والشائعات عن طبيعته، أهدافه، خصائص المشاركين به ومخرجاته المنتظرة. ويعزى هذا الجدل ربما إلى قناعة سائدة بأن المؤتمر الذي سيعقد على يومين قد يمثل المظلة الذي تنتظم تحته الحوارات الوطنية في الأشهر القادمة.
لا يروم هذا المقال الخوض في المؤتمر القادم، ويرنو نحو توسيع العدسة لتقارب إشكالية “الحوارات الوطنية” في المراحل الانتقالية بالوقوف على المفاهيم الأكاديمية ضمن دراسات الانتقال والخلاصات الإجرائية المستنبطة من التجارب العديدة.
عملية الحوار الوطني وتوتراتها المتأصلة
تعرف الحوارات الوطنية أكاديميا أنها ميكانزمات تفاوضية تهدف إلى توسيع المشاركة في التحولات السياسية إلى ما هو أبعد من النخب السياسية والعسكرية الحاكمة، ويتم اللجوء إليها لمعالجة علة في “الشرعية” السياسية و”المشروعية القانونية” الناجمة عن الوصول إلى السلطة خارج النواظم الدستورية والآليات القانونية المتبعة، كما يحصل بعد الثورات التي ينهار فيها النظام بشكل كامل، والانقلابات العسكرية، أو الغزو الخارجي.
برزت “الحوارات الوطنية” كعملية إجرائية يُنظر لها في دراسات الانتقال في تسعينات القرن الماضي مع موجة التحول الديمقراطي التي اجتاحت دولا عدة في غرب القارة السمراء مثل بنين وتوغو والنيجر ومالي وغيرها، ودخلت تجلياتها إلى العالم العربي، بشكل جدي، مع تجربة العراق بعد الغزو الأميركي، واليمن بعد المبادرة الخليجية.
توصف الحوارات الوطنية بأنها آليات غير ديمقراطية لكنها فعالة في تعزيز الديمقراطية كإجراءات على الأقل، فعملية اختيار المشاركين تكون انتقائية لا انتخابية ولا تتبع في مداولاتها الإجراءات البرلمانية الراسخة لكنها في الوقت عينه تبدد النخبوية وتوسع النقاش عن القضايا المصيرية إلى فئات واسعة، وتسمح بظهور نخب وتحالفات جديدة قائمة على التوافقات الفكرية والمصلحية وفقا لهوامش الحركة وطبيعة العلاقة مع السلطة الجديدة. وبهذا المعنى، لا توجد وصفة مجربة “للحوارات الوطنية” يمكن استنساخها على مستوى المسار والنتائج. لكنها، ومن خلال استقراء العديد من التجارب السابقة، كانت بمنزلة نقطة البداية لعمليات انتقالية سياسية، ففي بعض البلدان نجم عن الحوارات الوطنية تعيين حكومات انتقالية، وفي البعض الآخر خرج عنها دساتير انتقالية وجمعيات تأسيسية، وفي حالات أخرى نجحت الحوارات الوطنية بكتابة الدستور نفسه بنسخة أولية وحولته إلى هيئة صياغة. ليس هذا فحسب، نجحت الحوارات الوطنية في بعض البلدان في تصميم العملية السياسية وخارطة الطريق التي قد تتمكن البلاد من حل مشاكل إشكالية تتعلق بالهوية والعدالة الانتقالية، والتعويضات، وكتابة التاريخ وحل إشكالية الصراع على الذاكرة.
باختصار، تتحدد نتائج عمليات الحوار الوطني بناء على “تصاميمها”. وبحسب دراسة أجرتها كاتيا باباجياني Katia Papagianni الباحثة في مركز جنيف للحوار الإنساني، فإن هناك ثلاثة توترات متأصلة في تصميم عمليات الحوار الوطني، والتي تؤثر على شرعيتها وفعاليتها وفق الآتي:
حجم وتكوين الحوارات الوطنية: ما مدى حجم الحوارات الوطنية؟ ما مدى اتساع شبكة الإدماج؟ ما هي الدوائر التي يجب أن تشملها وكيف ينبغي اختيار ممثليها؟
صلاحيات الحوارات الوطنية وتفويضها: ما هي علاقتها بمؤسسات الدولة القائمة مثل الحكومات؟ ما هي سلطات صنع القرار؟
مسألة استقلال الحوارات الوطنية: هل يجب التصديق على قرارات الحوارات الوطنية من قبل المؤسسات القائمة أم يجب أن تكون قراراتها نهائية لا سيما في فترات الانتقال، فغالبا ما تكون الحكومات المؤقتة غير المنتخبة في السلطة وقد تفتقر إلى الشرعية في نظر الجمهور مقارنة بالحوارات الوطنية الكبيرة والشاملة.
حل التوترات يحدد الفعالية: عن التفويض واللجنة التحضيرية
غني عن القول إن حل التوترات السابقة يتم من خلال النقاشات بين مكونات السلطة نفسها أولا والمفاوضات مع الجهات المشاركة بشأن صلاحيات الحوار ودوره في عملية الانتقال ليصار الاتفاق إلى ما يتعارف عليه بـ “التفويض – The mandate of national dialogue processes”، وقد يؤجل هذا التفويض ليكون جزءا من الحوار بحد ذاته مع ضرورة الاتفاق على مجموعة من المبادئ العامة مخافة أن يؤدي النقاش على صلاحيات الحوار وسلطاته إلى إفشال الحوار، ففي حالات مثل أفغانستان، العراق، واليمن إلى حد بعيد، ثبت أنه من الصعب توسيع المشاركة السياسية عندما يكون تفويض الحوار محل نزاع، وتحول الحوار من وصفة للحل إلى فتيل لحروب ونزاعات بينية لم تنته٬ ذلك أن السلطات بادرت إلى الحوار تحت ضغط الخارج لا احتياجات الداخل، وصارت المفاوضات على “تفويض الحوار” أشبه بالتفاوض على المحاصصة السياسية والطائفية. وعليه، ومن خلال استحضار تجارب غرب أفريقيا الناجحة والتي تتشابه مع مجتمعاتنا في التعدد الإثني والعرقي وكذلك في سنوات الصراع الطويلة، يمكن الاتفاق بداية على “تفويض محدود” للحوار يتطور لاحقا بتطور النقاشات وإدماج أكبر عدد من الفاعلين السياسيين والمجتمعيين.
يقودنا ما سبق إلى العنصر الثاني الذي لا يقل أهمية عن تفويض الحوار ألا وهو “العملية التحضرية – The preparatory process”. فالتحضير لعملية الحوار الوطني قد يستغرق وقتا طويلا في كثير من الأحيان، لكنه أمر أساسي لنجاحه. وبحسب كاتيا باباجياني فإن الإعداد الجيد يتم عبر تشكيل لجنة متنوعة وتمثيلية على نطاق واسع تتولى مسؤولية إعداد كافة جوانب الحوار.
تجدر الإشارة إلى أن تعيين اللجنة قد يكون محل نزاع وقد ينتج عن مفاوضات طويلة إلا أنها ضرورة ملحة ويحدد اختيارها مدى القبول من قبل القوى السياسية المختلفة والجمهور لأن اللجنة التحضرية عادة ما تكون مسؤولة عن ما يلي:
تحديد معايير المشاركة في الحوار والعملية التي سيتم من خلال اختيار المشاركين.
الإشراف على عملية الاختيار.
صياغة الخطوط العريضة لأجندة الحوار وإعداد التوجيهات للمشاركين في الحوار حول كيفية التعامل مع بنود الأجندة المختلفة.
إنشاء هيكل دعم طوال مدة الحوار، وعادة ما يكون ذلك في شكل أمانة عامة.
إعداد جميع الجوانب الإدارية واللوجستية للحوار بما في ذلك المكان والأمن والجوانب الأخرى.
اختيار المشاركين: جوانب إجرائية وسياسية
مقارنة بالتفويض واللجنة التحضيرية٬ فإن عملية اختيار المشاركين في عمليات الحوار الوطني مسألة في غاية الصعوبة وتواجه دائما بمطالب قوية من فاعلين مختلفين للحضور بغرض التأثير في المناقشات الوطنية. في ضوء ذلك، فإن عملية الاختيار غالبا ما تكون محفوفة بالخلافات لا سيما أن اللجنة المكلفة بإعداد الحوارات الوطنية غالبا ما يتم تعيينها من قبل حكومات مؤقتة غير منتخبة.
وتبرز صعوبة الاختيار بشكل كبير بعد الثورات الشعبية حيث ينجم عن انهيار النظام حل المؤسسات التمثيلية التابعة له مثل البرلمانات والأحزاب السياسية وبالتالي تنتفي القدرة على اختيار المشاركين بناء على تمثيل الدوائر الانتخابية٬ ويصار إلى تطوير اختيار المشاركين في عملية الحوار على أسس مختلفة بحيث تشمل الأحزاب السياسية الجديدة والمجتمع المدني والوجهاء المناطقيين والزعماء الدينيين والجماعات العرقية، والأقليات والجمعيات المهنية وغيرها.
لكن هذا التطوير، خاصة بعد الثورات الشعبية وإسقاط الأنظمة الاستبدادية، يواجه بكثير من الأسئلة الملغمة من قبيل هل يتم إدماج قادة من النظام السابق أو قاعدته الاجتماعية الصلبة أو الرخوة في الحوار أم تطبق قاعدة الاستبعاد والعزل السياسي؟ تشمل العملية أيضا إدارة توقعات القوى الثورية لا سيما أن اللجنة التحضيرية وحرصا على ترسيخ صلاحياتها وتفويضها تميل إلى دعوة المشاركين بصفتهم الفردية لا المؤسسية أو الكيانية. إن إدارة توقعات الفاعلين بالثورة مسألة مهمة كضرورة لإدماجهم، وهو وحده يساهم بالانتقال من عقلية الثورة إلى بناء الدولة.
يتمسك الفاعلون بشرعية الثورة بوصفها التعبير الأجدى عن وجودهم ومستقبلهم٬ وتأتي المشاركة بوصفها مكافأة على تضحياتهم وتعبيرا من النخبة الحاكمة على رغبتها بالتشاركية، وهنا تثار مسألة بغاية الأهمية في تحديد تركيبة عملية الحوار ألا وهي “تحديد حجمه”. ولمعالجة الإشكالية السابقة، طورت التجارب المختلفة مجموعة من المنهجيات لمعالجة مسألة اختيار المشاركين:
يمكن إجراء حوارات كبيرة تضم عدة آلاف من الأشخاص لتجنب مسألة الاعتراض، لكن الإشكالية هنا تكمن في أن الحوارات الكبيرة تميل إلى امتلاك سلطات قليلة في اتخاذ القرار لأنه من الصعب مناقشة القضايا الرئيسية التي تواجه البلاد بالتفصيل في تجمع يضم آلاف المشاركين.
يمكن إجراء حوارات صغيرة للغاية تضم مئة أو مئتي شخص على أكبر تقدير من أجل ضمان مناقشات مفصلة بما فيها المناقشات حول المبادئ الدستورية والمسائل المهمة لكن هذا الإجراء يجعل من الصعب أن يكون الحوار شاملا وأن يعمل كوسيلة تفاوضية.
ثم يصار إلى عملية اصطفاء تُتبع فيها بعض الطرائق الانتخابية التمثيلية وكذلك الانتقائية التعيينة من قبل اللجنة التحضيرية للوصول إلى هيئة عامة للحوار تضم نحو مئة شخص تتوزع على لجان وتناقش تفصيلا كل المسائل المهمة للمستقبل
في ضوء ذلك، تنصح دراسات أكاديمية عدة باتباع منهجية هجينة تجمع ما بين الكم والنوع بحيث يكون الحوار على مراحل يبدأ بمجموعة كبيرة من الأشخاص لتخفيف الانتقادات حول المشاركة ومن ثم يصار إلى عملية اصطفاء تُتبع فيها بعض الطرائق الانتخابية التمثيلية وكذلك الانتقائية التعيينة من قبل اللجنة التحضرية للوصول إلى هيئة عامة للحوار تضم نحو مئة شخص تتوزع على لجان وتناقش تفصيلا كل المسائل المهمة للمستقبل. تُعالج بذلك علة التعيين والانتقائية في الاختيار ويراعى في الوقت نفسه معايير الكفاءة بحيث تنوب هذه الهيئة عن البرلمانات في المرحلة الانتقالية. ويمكن في الوقت عينه أن تدعو هذه الهيئة مجموعات وشخصيات معينة بصفة استشارية مثل التكنوقراط للمساهمة دون أن تتحمل تبعات التمثيل وتداعياته. باختصار، يتطلب الوصول إلى المسألة الثانية معايير واضحة، ومشاورات شفافة، وجدولا زمنيا، وآليات انتخابية داخلية تعالج علة الانتقائية.
خاتمة: أدوات قياس الفاعلية
يمثل الحكم على نجاح الحوارات الوطنية أو فشلها مسألة مثيرة للجدل ذلك أن النتائج تكون في بعض الأحيان غير ملموسة لكنها تشمل تعزيز ثقافة المناقشة وحرية التعبير وكسر النقاش في القضايا المحظورة وترسيخ معايير الإدماج والتمثيل لا سيما للمجموعات المهمشة، والقدرة على إبقاء الجهات الفاعلة داخل العملية السياسية.
غالبا لا تصل عمليات الحوار إلى أهدافها الكبيرة لكنها تنجح في تجنب الصراع وإدارة الخلافات السياسية بطريقة سلمية وإقناع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين بمواصلة الانخراط في العملية السياسية. الأمر الذي يجنب البلاد التدخلات الأجنبية من خلال استغلال شعور المظلومية والتهميش لدى البعض لا سيما أن التحولات السياسية بعد الثورات توصف بأنها عمليات مضطربة بحكم سقف التوقعات النظرية مقابل صعوبة تحقيقها على أرض الواقع.
تلفزيون سوريا
——————————-
كيف تنظر أنقرة إلى الحوار بين “قسد” ودمشق؟/ سمير صالحة
2025.01.05
هناك أكثر من مسار تفاوضي يجري حاليًا على خط تطورات المشهد السياسي والميداني في شرقي الفرات، وهناك أكثر من عاصمة تلعب دور “المسهل” كي لا تمسك تركيا بالكعكة السورية بعد إزاحة إيران وإضعاف روسيا
تتحرك عواصم ومنظمات إقليمية ودولية عديدة باتجاه الإدارة السورية المؤقتة لمعرفة نواياها عند طرح خطط ومشاريع المرحلة الانتقالية في بناء الدولة الجديدة. الشعار المرفوع هو “البحث في سبل دعم العملية السياسية الانتقالية بما يحقق تطلعات الشعب السوري، ويضمن أمن واستقرار سوريا ووحدة أراضيها”. هناك من يسعى للتأثير وهناك من يحاول تجنب التأثر، قبل أن تحسم القيادات السياسية الحالية في دمشق موقفها وتنطلق في رسم خارطة أولوياتها والعمل على تحقيقها.
يبرز موضوع شرق الفرات كأحد أبرز الملفات التي ساهمت أميركا في تعقيدها سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا طوال عقد كامل وهي تعد لهذه المرحلة التي تعيشها سوريا اليوم. هدفها الأول والأخير هو الانتقال بالنموذج العراقي السياسي والدستوري إلى سوريا، وبناء كيان كردي وفرضه على الثورة، دون الخوض في التوصيفات والمسميات، وتحويل الأمر إلى عملية مقايضة، إذا ما كانت قيادات دمشق الجديدة ترغب بالخروج من ورطة لوائح الإرهاب وحسم ملف داعش، وسحب السلاح الذي تواصل واشنطن إرساله إلى “قوات سوريا الديمقراطية” والاستفادة من خيرات وثروات المنطقة.
العقبة قد تكمن فيما تقوله القيادات السورية السياسية والعسكرية الجديدة حول شرق الفرات، لكن العقبة الأكبر هي ما تقوله أنقرة. فكيف ستتعامل إدارة ترامب الجديدة مع الموضوع لإرضاء مؤسسات الدولة العميقة المتمسكة بمشروعها في الشرق الأوسط بالتنسيق مع إسرائيل؟ وما هي الأوراق التي ستدعمها بعض العواصم المهتمة بإضعاف النفوذ التركي وتفكيك شعار الدولة القومية، والانتقال بالشرق الأوسط نحو الفدراليات الرخوة والمطاطة؟ مع العلم أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي ستكون مستثناة من المخطط خلال العقد القادم، على أمل تحقيق حلم إقليمي آخر يغير خرائط المنطقة.
هناك أكثر من مسار تفاوضي يجري حاليًا على خط تطورات المشهد السياسي والميداني في شرق الفرات. هناك الحوار التفاوضي الذي بدأ بين قيادات “قوات سوريا الديمقراطية” والسلطة المؤقتة في دمشق بقيادة أحمد الشرع. وهناك النقاشات المكثفة بين أنقرة وواشنطن التي تنتظر وصول ترامب. كما تتواصل الضغوط الإسرائيلية على جنوب سوريا بهدف منح “قسد” ومن يدعمها في الشمال المزيد من الثقل السياسي والفرص التي تقوي موقفها في التفاوض مع دمشق. بالإضافة إلى الحراك الأوروبي نحو العاصمة السورية والزيارات المتلاحقة المصحوبة بعروض دعم مالي ولوجستي، مقابل عدم تجاهل حقوق الأقليات السورية.
“قسد” جاهزة للتفاوض، لكنها هي وداعموها لا يثقون بالقيادات السورية التي تنسق مع أنقرة. تدرك “قسد” أنها لن تحصل على ما تريده من دمشق وستضطر إلى تقديم الكثير من التنازلات الأمنية والجغرافية والسياسية والاقتصادية دون مقابل حقيقي. فرصها تكمن في التمسك بغطاء إقليمي دولي أممي، على غرار ما حدث في العراق، والسعي للحصول على بول برايمر آخر يمنحها ما تطمح إليه.
يحاول البعض تصوير المشهد على أنه مواجهة تركية-كردية في سوريا، متجاهلين ما تقوله “قسد” بأنها ليست مجموعات كردية فقط. كما تشير القيادات التركية إلى سياسة الأبواب المفتوحة أمام الأكراد الوافدين من سوريا والعراق عندما ضاقت عليهم الجغرافيا. الهدف هو تحريك كل الأوراق الممكنة ضد أنقرة لإضعاف موقفها في سوريا وشرق الفرات.
أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الفرنسي، جان نويل بارو، بحثا خلاله “سبل مساعدة الشعب السوري على اغتنام الفرصة لبناء مستقبل أفضل، مع الحد من مخاطر عدم الاستقرار المتزايد، بما في ذلك من جانب تنظيم الدولة”.
تحتاج “قسد” إلى قوة دفع إقليمية وربما دولية لتحقيق أهدافها، التي قد لا تُنجز عبر طاولة المفاوضات مع دمشق. فمن الذي سيوفر لها ذلك؟
هناك من يعتقد أن تحريك هذه الأوراق سيكون كافيًا لإقناع أنقرة بتغيير مواقفها وقبول المخططات المطروحة. إذا كانت واشنطن تفكر بذلك أيضًا، فإنها ستحتاج إلى نقل آلاف أو عشرات الآلاف من الجنود إلى شرق الفرات. ترامب أذكى من الوقوع في فخ الخيار الأميركي الوحيد عبر مواجهة عسكرية مباشرة مع الحليف التركي دفاعًا عن مشروع تفتيت سوريا، أو دفع أنقرة إلى حرب إقليمية مع جيرانها، بعد تراجع سيناريو لعب ورقة المعارضة التركية وفتح الطريق لوصولها إلى السلطة.
يعوّل البعض على “زرع الأمل في مسار سوريا الجديدة”. لكن تاريخ سوريا والمنطقة يشير إلى خلاف ذلك، بدءًا من الفترة بين 1920 و1946، مرورًا بأحداث العام 1980، وما بعد المشهد العراقي عام 2003، وصولًا إلى تجاهل الثورة السورية على مدار 13 عامًا.
عندما كانت بعض الأصوات المحسوبة على “قسد” تدعو إلى حوار حقيقي وبنّاء بين دمشق وقيادات شرق الفرات، وضرورة دمجها في العملية السياسية ومنحها أدوارًا في بناء المؤسسة العسكرية والأمنية السورية الجديدة، باعتبار التفاهم مسألة وطنية سورية تتطلب صيغ عمل مشتركة بعيدًا عن أجندات أنقرة، كان التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة يبدأ بإنشاء قاعدة عسكرية أميركية وسط مدينة كوباني، مصحوبًا بتصريحات لقائد التحالف الدولي في الشرق الأوسط بأن منطقة شرق الفرات تخضع لحماية وتفاهمات دولية، وأنهم لن يسمحوا بزعزعة الاستقرار فيها. وفي الوقت ذاته، أعلنت وزارة الدفاع التركية عن تحقيق تقدم في المحادثات مع القيادة الجديدة في سوريا حول “ملفات التعاون الاستراتيجي”، مؤكدة أن المحادثات كانت “مصحوبة بالكثير من العمل والقليل من الكلام”.
لن تتراجع “قسد” عن مشروعها بهذه السهولة، لأنه ليس مخططها وحدها. لذلك يبقى خيار تدخل أنقرة، في حال وصل الحوار السوري إلى طريق مسدود، قائمًا، خصوصًا وأن موقفها أقوى اليوم مقارنة بموقف “قسد” التي فقدت ورقة النظام وتستعد لخسارة ملف “داعش”.
المسألة بالنسبة لأنقرة أصبحت أبعد من مجرد منع تشكيل كيان انفصالي على حدودها الجنوبية، وأهم من تنفيذ عملية عسكرية في شرق الفرات ضد مجموعات حزب العمال الكردستاني. أولوية تركيا هي التعامل مع المتغيرات التي يحاول البعض تحريكها بالاتجاه الذي يناسبه في سوريا، حيث تراها فرصة ذهبية لتغيير العديد من المعادلات والتوازنات تمهيدًا لتعديل الخرائط.
ومن أمثلة هذه التحركات، تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي الذي أعلن قبل أسابيع أن تل أبيب تنظر بسلبية إلى كل من النظام والمعارضة في سوريا، معتبرة أن حليفها الطبيعي الوحيد في سوريا هو الأقليات.
تلفزيون سوريا
—————————–
من الواقع السوري: ما المرتكزات الملحة لاستراتيجية وطنية لإعادة الإعمار والتنمية؟/ د. عبد المنعم حلبي
2025.01.05
تعرض شعبنا السوري عبر اثنتي عشرة سنة من الحرب التي شنها عليه نظام الأسد البائد لأضرار جسيمة، تمثلت بشكل مباشر بقتل مئات الآلاف وتشريد نصف هذا الشعب داخل وخارج البلاد، إلى جانب عشرات الآلاف من الذين ما زالوا متضررين جسدياً ونفسياً من آثار الحرب والاعتقالات غير القانونية، كما ذاق غالبية شعبنا مختلف ألوان العذابات الأمنية والسياسية والاقتصادية من قبل النظام وأركانه وأدواته، وتعرض نسيجه الاجتماعي لانتهاكات عميقة. كما أوقعت هذه الحرب التدمير الواسع النطاق لكثير من المدن والبلدات والقرى، وضربت البنى التحتية في البلاد، ولا سيما المتعلقة برأسمال المجتمع السوري من المدارس والمستشفيات والطرق والجسور، ومرافق تقديم خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات.
لقد أدت التطورات العسكرية إلى انهيار الاقتصاد الوطني الذي بات ينتج عُشر ما كان ينتجه قبل الحرب، إلى جانب حرمانه من موارده الطبيعية على مدار السنين الاثنتي عشرة الماضية، وانسحب جزء كبير من القطاع الخاص الصناعي إلى خارج البلاد، وتم تدمير القدرات الزراعية الاستراتيجية، فضاعت مصادر الكسب المعيشي لشرائح واسعة من القوى العاملة، مما أدى إلى انتشار وترسُّخ الفقر المدقع للاحتياجات الإنسانية الأساسية في مختلف المحافظات والمدن والبلدات والأرياف، ودخلت البلاد في جمود تام أدى إلى تدمير البنى الفوقية للمجتمع السوري بهروب خيرة موارده البشرية من الخبرات العلمية والمهنية والأكاديميين والمثقفين، وتعطيل القوانين والتشريعات الناظمة لحياته الاجتماعية والاقتصادية. ومع استمرار نظام الأسد بسياسات تحميل الشعب أعباء الحرب ونتائجها، تحول تسعون بالمئة منه إلى فقراء، واستمرت خدمات الدولة بالانحدار، مع تنصُّل الحكومة من الكثير من مسؤولياتها. ترافق ذلك مع قيام أركان النظام بزيادة احتكارهم لبقايا اقتصاد البلاد، التي غرقت بمستويات فساد مهول، واستمرت القبضة الأمنية المرعبة، مع تردي واقع أمن المواطن والمجتمع، وتجمدت كامل الحلول السياسية وانقطع الأمل ببدء أي عملية تغيير.
واليوم وبعد انهيار نظام الأسد وهروبه، ومع مواجهته المباشرة لواقعه المأسوي، يتطلع شعبنا السوري إلى مرحلة جديدة من إعادة بناء الدولة في هياكلها الأساسية ومؤسساتها العامة، ولا سيما تلك المؤسسات التي يقع على عاتقها مهمة تحقيق الأمن والأمان في المجتمع، والذي لا يُعد مطلباً داخلياً فقط، بل هو مطلب خارجي أيضاً للدول الداعمة، بهدف عدم السماح بتفتت المجتمع وانزلاقه نحو عنف عشوائي ذي تكاليف باهظة، ولجعل البلاد مهيأة أمنياً لمرحلة إعادة الإعمار، التي تبدأ بالعمل على تأمين الخدمات العامة من الكهرباء والمياه والوقود، وبناء وترميم المشافي ودعم القطاع الصحي بالتجهيزات اللازمة، والعمل على الارتقاء بالتعليم بكافة مراحله، وتقديم الدعم والتسهيلات اللازمة للمؤسسات والفعاليات الاقتصادية المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي بدءاً من المنتجات الزراعية وصولاً للصناعات الغذائية التحويلية. وذلك في إطار إعادة توصيف دور الحكومة ومسؤولياتها تجاه المجتمع، ثم في الحياة الاقتصادية، من خلال تأمين التشاركية بينها وبين القطاع الخاص في استعادة مقدرات الاقتصاد الوطني وتهيئة الفرص اللازمة لتعويض خسائره خلال سنوات الحرب.
ومع تأمين أسس تطبيق العدالة الانتقالية بمحاكمة من أوغل في دماء الشعب السوري وتورط في دعم النظام الساقط، وإيلاء الاهتمام اللازم والمستحق بتعويض عادل لجميع أسر الشهداء والمتضررين من الأعمال العسكرية التي شنها النظام، ووضع البرامج الكفيلة بتأمين الرعاية الصحية والاجتماعية المادية والمعنوية للجرحى وأصحاب الاحتياجات الخاصة، فإن جزءاً واسعاً من شعبنا يتطلع بصورة جادة وحثيثة إلى بدء مرحلة جديدة من التفاهمات والمصالحات، باعتباره الطرف المنتصر بكل انتماءاته العرقية والإثنية والطائفية على النظام البائد، سعياً لتأمين قاعدة شعبية واسعة داعمة لمرحلة انتقالية كفيلة بضمان مشاركة سياسية واسعة النطاق، في حكومة وسلطات شرعية تقود وتشرف على تطبيق مبادئ وقيم المواطنة والحرية والعدالة الانتقالية والمساواة، وترسيخ الحقوق والحريات السياسية والثقافية والاجتماعية، وتطبيق مبدأ المحاسبة والمساءلة، وتطوير البيئة التشريعية والقانونية الناظمة للعلاقة بين الدولة والمجتمع، وبما يسمح بترسيخ سيادة القانون وتحقيق الأمن والاستقرار، ومنح دور فعالٍ ومنظمٍ لمؤسسات المجتمع المدني من الأحزاب والنقابات ومراكز البحث العلمي ووسائل الإعلام في تحقيق تمثيل مصالح مختلف الشرائح الاجتماعية على أسس وطنية، مع الاحتفاظ للمجتمعات المحلية العرقية والطائفية والقبلية بحقوقها في التعبير عن ذاتها وثقافتها ودورها الاجتماعي المنسجم مع الهوية الوطنية للدولة.
التشاركية والانفتاح يجب أن تكون كذلك على مستوى العلاقات الخارجية، والتي يجب أن تكون متوازنة وغير خاضعة لأي استقطاب إقليمي أو دولي، بهدف تأسيس علاقات جديدة مع المجتمع والمحيط العربي والإقليمي والدولي، بما يؤدي إلى تقديم كل أشكال الدعم والمساندة في عملية إعادة إعمار البلاد، وإنقاذها من جميع آثار التدمير المادية والمعنوية التي مرت عليها وعلى شعبنا، ولا سيما فيما يتعلق بإعادة إعمار الأحياء السكنية في المدن والبلدات التي دمرتها الآلة العسكرية للنظام وغيره في مختلف أنحاء البلاد، وكذلك المرافق العامة من المدارس والمشافي ودور العبادة، والسعي الجاد لإعادة تأسيس وتأهيل البنى التحتية اللازمة لإطلاق عجلة الاقتصاد الوطني وتطويرها، ولا سيما شبكات الطرق والجسور والمرافئ والمطارات والمدن الصناعية والأسواق القديمة والحديثة، واستعادة الثروات الوطنية النفطية وتطوير عمل المصفاتين الرئيسيتين، والعمل على استرداد الآثار المنهوبة وترميم وتطوير المرافق السياحية، والعمل على تطوير البنى الفوقية اللازمة لتأهيل الإنسان السوري الجديد علمياً وعملياً، والاستفادة من الكفاءات والخبرات الوطنية الموجودة في داخل البلاد وخارجها.
ووفق الصورة التي توجد بها البلاد حالياً والتي تم التقديم بها، وبالقياس لحجم التطلعات الكبيرة للشعب السوري واحتياجات المجتمع والدولة، فإن ضرورة وضع استراتيجية متكاملة يعتبر الأساس الذي لا بد منه، استراتيجية وطنية لإعادة الإعمار وتحقيق التنمية المستدامة بكل متطلباتها المؤسساتية وخطط عملها ذات الأهداف المحددة ووسائلها القابلة للتطبيق والقياس، وهي خطط مرحلية، منها ما يمكن أن تكون متزامنة وأخرى متتالية، وذلك بحسب واقع الاحتياجات الناتجة عن مسوح عملية وعلمية شاملة والموارد المالية الكائنة والمتوقعة التي ينبغي العمل على حشدها، مع التأكيد على أن هذا الحشد المالي بحد ذاته يجب أن يتم وضع خطط خاصة به، تهدف لتأمين تمويل آمن ومستقر على المدى القصير والمتوسط وطويل الأجل. وإلى جانب ذلك كله لا بد من تحديد شفاف للفواعل واللاعبين الأساسيين والمساندين في تلك الاستراتيجية والخطط المركبة لها، وتوزيع أدوارهم وتوصيفها في كل جزء من هذه الاستراتيجية الوطنية، ويتم ذلك حتماً من قبل هيئة عليا ذات شخصية اعتبارية مستقلة، وذات صلاحيات وواجبات تشريعية خاضعة لأحكام الشفافية والرقابة البرلمانية. هيئة قادرة على دراسة التحديات الداخلية والخارجية المادية والمعنوية التي يمكن أن تواجه الاستراتيجية الوطنية لإعادة الإعمار والتنمية، بما فيها التحديات السياسية المرتبطة بمساعي ترسيخ السلام الدائم في البلاد، وعدالة توزيع مشاريع إعادة البناء، بتأمين فرص متوازنة لجميع المناطق والمجتمعات المحلية تتناسب مع حجم الأضرار البشرية والمادية التي سببتها الحرب من جهة، وبحسب فعالية النفقات ومردوديتها العامة لدعم النمو الاقتصادي ومتطلبات تحقيق التنمية المستدامة الشاملة من جهة أخرى، وصولاً إلى تأمين التوافق والانسجام الكامل بين مختلف المجتمعات المحلية في المدن والأرياف، بما يؤدي إلى فعالية العلاقات الاقتصادية وتحقيق توازن مقبول لمصالح جميع القوى والفئات في مختلف القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية والخدمات بكل مناحيها.
تلفزيون سوريا
—————————–
ما هواجس العرب من إدارة سوريا الجديدة
تحدبث 05 كانون الثاني 2025
خطوات التحرك العربي الأولى نحو إدارة سوريا الجديدة بدأت بتهنئة بحرينية، زيارة سياسي لبناني، ثم وصول وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي ووفد قطري، ليتبع ذلك زيارات مسؤولين من دول الخليج والعراق.
التحركات العربية تسارعت بعد نحو أسبوعين من سقوط النظام السابق، ووصلت إلى مرحلة أعلى من التنسيق بإعادة فتح السفارات، وتوجه أول وفد سوري نحو السعودية، ثم زيارة خليجية إلى قطر والإمارات والأردن.
لن نزعج العرب
الإطاحة برئيس النظام السوري، بشار الأسد، جاءت بعد نحو عام من محاولة الدول العربية إعادة علاقتها مع نظام المخلوع، وتقديمها مبادرات للأسد الذي لم يستجب أو يقدم للعرب أي مطلب لهم، خاصة في ملف تصنيع وتجارة المخدرات.
بل شكك الأسد بفعالية الجامعة العربية وأكد استمراره بعلاقته مع إيران، وذلك خلال كلمته في القمة العربية المنعقدة بمدينة جدة السعودية في أيار 2023.
بالمقابل دأب قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، في كل فرصة له على تقديم تطمينات للعرب، خاصة فيما يتعلق بمنع تصدير أي تهديد من سوريا باتجاههم، وتخليصهم من المنافس الإقليمي المزعج للعرب إيران.
وفي أول لقاء للشرع مع صحيفة عربية كانت مع “الشرق الأوسط” السعودية، ركز فيها على نقاط أساسية هي عدم تصدير الثورة للدول العربية الأخرى، وأن سوريا “لن تكون منصة لمهاجمة أو إثارة قلق أي دولة عربية أو خليجية مهما كان”، وفق تعبير الشرع.
كما القيادة الجديدة لسوريا تسعى لبناء علاقات استراتيجية فاعلة مع الدول العربية، فـ”سوريا تعبت من الحروب، ومن كونها منصة لمصالح الآخرين”، بحسب الشرع، في إشارة إلى إيران.
الشرع خرج في أول لقاء تلفزيوني مع قناة سعودية أيضًا، إذ قال لقناة “العربية” إن “تحرير سوريا يضمن أمن المنطقة والخليج لـ50 سنة مقبلة”، مشيرًا إلى أن للسعودية دور كبير في مستقبل سوريا.
خلاص من الأسد يقابله تخوف
الدكتور المتخصص في العلاقات الدولية فيصل عباس محمد، قال لعنب بلدي إن “هواجس الدول العربية تجاه الحكم الجديد في سوريا تتقاطع وتتمايز بآن واحد”، فمن جهة معظم الأنظمة العربية الحاكمة في المنطقة “تتخوف من وجود نظام حاكم في سوريا تعتبره إسلاميًا متطرفًا، كما يظهر، مثلًا، في تصريح أنور قرقاش المستشار السياسي لرئيس دولة الإمارات”.
في 14 من كانون الأول 2024، قال قرقاش خلال كلمة في “مؤتمر السياسات العالمية”، “أعتقد أن طبيعة القوى الجديدة، ارتباطها بالإخوان، وارتباطها بالقاعدة، كلها مؤشرات مقلقة للغاية”، ولا يمكننا تجاهل أن المنطقة شهدت حلقات مشابهة سابقًا، لذا يتعين علينا أن نكون حذرين.
وأوضح الدكتور فيصل عباس محمد أن الإمارات تشترك مع كل من السعودية ومصر في عدائها لـ”الإخوان المسلمين”، والأردن “لايقل عداءً عنهم تجاه هذه الحركة”، ولا سيما أن “جبهة العمل الإسلامي”، النسخة الأردنية للتنظيم وأقوى منظمة سياسية في المملكة الأردنية، هي أيضًا في طليعة المعارضة للحكومة الأردنية، و”ثمة خشية حقيقية من تنسيق مستقبلي مع الحكومة السورية الجديدة”.
أما بالنسبة لقطر، فهي “تنفرد من بين دول الخليج بموقف مؤيد بقوة للنظام الجديد، خصوصًا وأن الحكومة القطرية تربطها منذ سنوات علاقات جيدة مع الفصائل المسلحة في سوريا”.
وبحسب الباحث في “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”، الدكتور أحمد قاسم حسين، تشعر الدول العربية، وخاصة دول الخليج والدول المجاورة جغرافيًا لسوريا، بمزيج من التفاؤل والحذر تجاه التغيرات الأخيرة في سوريا”، من جهة، وجود ارتياح لسقوط نظام الأسد الذي كان يشكل محورًا لعدم الاستقرار في المنطقة عبر سياساته التي لطالما هددت الأمن الوطني لهذه الدول.
وأضاف الدكتور أحمد قاسم حسين، لعنب بلدي، أنه من جهة أخرى، تبرز مخاوف من احتمال حدوث فوضى أو انزلاق البلاد من جديد في أتون فوضى قد تقوض مساعي الاستقرار الإقليمي.
لكن حتى هذه اللحظة يبدو أن سلوك الدول العربية تجاه سوريا بعد سقوط نظام الأسد “يدلل على رغبتها بتحقيق الاستقرار فيها على نحو يحد من نفوذ إيران والذي كان له بالغ الأثر على استقرار المنطقة في العقد الأخير”، وفق تعبير حسين.
مكاسب لبنانية.. تخوف عراقي
لبنان لا يبدو مترددًا في إقامة علاقات طيبة مع حكومة الشرع، الذي أنهى نظام الأسد و”أعطى لبنان الفرصة للخلاص من بقايا الهيمنة السورية بعد الخروج “المذل” لقوات الأسد من لبنان في عام 2005، وفق الدكتور فيصل عباس محمد.
وبعد تحجيم القوة العسكرية لـ”حزب الله” نتيجة الأعمال العسكرية الإسرائيلية في لبنان، ثمة قوى لبنانية ستجني مكاسب سياسية ونفوذًا أكبر بعد انتكاسة “حزب الله”، وخروج عرّابه الإيراني من سوريا عقب سقوط الأسد، وعلى غرار الأردن يأمل لبنان بتعاون النظام الجديد في دمشق في مسألة إعادة اللاجئين السوريين.
الاتصال الأول بين الشرع ورئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، ركز على مسألة أمن الحدود والملفات الطارئة، وجاء بعد توتر شهدته إحدى النقاط العسكرية الحدودية.
وقالت “القيادة العامة” في سوريا، إن ميقاتي أكد ضرورة التعاون والتنسيق لضبط أمن الحدود بين لبنان وسوريا، وعلى “وقوف لبنان الشقيق بكامل أطيافه إلى جانب الشعب السوري لإعادة بناء سوريا”.
وأشار الدكتور فيصل أن لدى العراق “هواجس أمنية حقيقية بشأن تأمين الحدود المشتركة”، في ظل وجود فصائل مسلحة، وهناك أيضًا مخاوف لدى الحكومة العراقية من احتمال إطلاق سراح آلاف من مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” من معتقلات “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على أيدي الفصائل التي تقاتل “قسد”.
القادة العسكريون والأمنيون في العراق، ومنذ إطلاق “إدارة العمليات العسكرية” عملية “ردع العدوان” في 27 من تشرين الثاني الماضي، كثفوا من تصريحاتهم حول استعداد العراق لضبط الحدود وأجروا اجتماعات وجولات ميدانية على الشريط الحدودي.
رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، لم يرسل إلى سوريا شخصية سياسية على غرار بقية الدول العربية التي أرسلت وفودًا أو مبعوثين، وإنما أرسل رئيس جهاز المخابرات العراقية، حميد الشطري.
والتقى الشطري، في 26 من كانون الأول 2024، أحمد الشرع، ووزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، ورئيس الاستخبارات السورية، أنس خطاب، وبحث خلال زيارته التطورات على الساحة السورية، ومتطلبات الأمن والاستقرار على الحدود المشتركة بين البلدين.
تطمينات الشرع
الأيام التي سبقت سقوط الأسد وخلال تقدم “إدارة العمليات العسكرية” أصدر الشرع عدة بيانات حاول من خلالها تطمين الدول العربية، واستمر في هذا النهج بعد سقوط النظام، وإدارته للمشهد في سوريا، بأن سوريا الجديدة لن تكون مصدر تهديد لأي من دول المنطقة.
وقد يمثل خطاب الشرع محددات السياسة الخارجية السورية في ظل الإدارة السورية الجديدة، وفق الدكتور أحمد قاسم حسين، هذه المحددات تقوم على مبدأ تصفير المشاكل والأزمات مع المحيط العربي والإقليمي، وعدم انخراط البلاد في سياسة المحاور والاصطفافات، فهي حاليًا بأمس الحاجة إلى عنصري الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي .
ويرى الدكتور فيصل عباس محمد أن الأنظمة العربية قابلت ذلك بالترحاب عمومًا، و”لكنها تنتظر التطورات العملية القادمة في الساحة السورية، وعَيْن هذه الدول على إمكانية تحقيق الاستقرار في سوريا، والذي لن يتحقق إلا بإشراك جميع القوى السياسية الأخرى في تقرير مصير البلاد وبناء نظام حكم يتمتع بتأييد غالبية السوريين ويرسم مسارًا سياسيًا يطمئن الداخل والخارج”.
وقال الدكتور أحمد قاسم حسين، إن المؤشرات الحالية تشير إلى توجه إيجابي نحو تحسين العلاقات بين سوريا والدول العربية في ظل الإدارة الجديدة، بالمقابل يعتمد استقرار سوريا في المستقبل القريب على الدعم الاقتصادي والسياسي الذي ستقدمه الدول العربية لإنقاذ سوريا التي أرهقتها العقوبات الاقتصادية وسياسات نظام الأسد.
وفي هذا السياق على الدول العربية وخاصة دول الخليج أن تضع في الاعتبار أن “أمنها الوطني مرتبط ارتباطًا وثيقًا بأمن واستقرار سوريا وهو ما أثبتته التجربة السابقة”.
بالمقابل، فإن مستقبل العلاقات بين سوريا والدول العربية يعتمد على قدرة الإدارة السورية الجديدة على تحقيق الاستقرار الداخلي، تنفيذ إصلاحات سياسية، والالتزام بتعهداتها بعدم تشكيل تهديد أو مصدر قلق للدول العربية المجاورة.
الإدارة الجديدة في دمشق لم تتوقف عند مسألة استقبال الوفود، وأرسلت أول وفد لها إلى السعودية، الأربعاء 1 من كانون الثاني، ضم وزيري الدفاع والخارجية ورئيس جهاز المخابرات.
أعرب الوفد السوري عن أهمية سوريا في لعب دور إيجابي في المنطقة ونسج سياسات مشتركة تدعم الأمن والاستقرار وتحقق الازدهار إلى جانب الدول العربية.
من جانبها، عبرت المملكة العربية السعودية عن دعمها للشعب السوري والإدارة السورية الجديدة، مؤكدة استعدادها للمشاركة بنهضة سوريا ودعم وحدتها وسلامة أراضيها.
لحق الزيارة إلى السعودية، إعلان وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، على رأس نفس الوقد، الجمعة 3 من كانون الثاني، عن جولة دبلوماسية عربية هي الأولى من نوعها، سيجريها هذا الأسبوع، إلى قطر والإمارات العربية، والأردن.
هذا الإعلان سبقه اتصال هاتفي بين الشيباني ونظيره الأردني أيمن الصفدي، وجرى خلال الاتصال الاتفاق على تنظيم زيارة لوفد وزاري وقطاعي وعسكري وأمني سوري إلى الأردن، تلبية لدعوة رسمية من الصفدي، لبحث آليات التعاون في عدة مجالات تشمل الحدود والأمن والطاقة والنقل والمياه والتجارة وقطاعات حيوية أخرى، وفق ما نقلته الخارجية الأردنية.
———————–
مخاوف من فوضى بإحداث هيئة المنافذ في سوريا
تحدبث 05 كانون الثاني 2025
في 31 من كانون الأول الماضي، أعلنت حكومة دمشق المؤقتة إحداث هيئة عامة للمنافذ الحدودية البرية والبحرية، وإلحاق الجمارك والمراكز الحدودية ومؤسسة المناطق الحرة بها، على أن تتمتع بالاستقلالية الإدارية والمادية، وترتبط بشكل مباشر برئاسة مجلس الوزراء.
تتولى الهيئة المحدثة، بحسب بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء، عمليات الإشراف والتنظيم للدخول والخروج الإنساني والتجاري، والإشراف على شؤون الملاحة البحرية وأعمال النقل البحري وتملّك واستئجار السفن التجارية والعقارات اللازمة لأعمالها.
ألحقت الحكومة بهيئة المنافذ عدة مؤسسات هي “الشركة العامة لمرفأ طرطوس” و”الشركة العامة لمرفأ اللاذقية” ومديرية الجمارك العامة والمراكز الحدودية و “المديرية العامة للموانئ” و”المؤسسة العامة للنقل البحري” و”المؤسسة العامة للمناطق المحررة، وشركة “التوكيلات الملاحية”.
بموجب القرار، ينقل جميع العاملين بالمؤسسات والمديريات الملحقة بهيئة المنافذ البحرية والبرية مع الاحتفاظ برواتبهم وأوضاعهم وما يتعلق بقدمهم، تمهيدًا للترفيعات القادمة.
يثير قرار الحكومة التساؤلات حول أهداف إنشاء هذه الهيئة وآثار ذلك على عمل الوزارات التي كانت عدد من المؤسسات المنضوية تحت الهيئة الجديدة مسؤولة عنها.
فوضى محتملة
المحلل الاقتصادي يونس الكريم، قال إن صلاحيات الحكومة المؤقتة الحالية غير معروفة بعد تغير شكل الدولة، دون معرفة خطتها ومن أين استسقتها، وذلك في تعليقه على قرارها بإنشاء “هيئة المنافذ البرية والبحرية”.
وقال الكريم لعنب بلدي، إن القرار من شأنه إدخال البلاد في حالة فوضى شديدة، من حيث عدة أمور هي:
إعادة فصل ونقل ملاك الموظفين من المؤسسات أمر معقد وخاصة أن الدولة تغير نظامها السياسي.
يقلص القرار صلاحيات الوزراء والمؤسسات لصالح رئيس الحكومة وهذا يلقي أعباء إضافية عليه.
حصر المؤسسات المنتجة بيد رئيس الحكومة يجعل بقية المؤسسات والوزارات خاسرة وبالتالي يتيح له خصخصتها.
حصر المؤسسات بيد رئيس الوزراء يجعل قرار الخصخصة بيده فقط.
إنشاء مؤسسة جديدة بنظام جديد يجعل هذه المؤسسات تحتاج إلى نظام داخلي و قوانيين غير متوفرة، وبالتالي حدوث فوضى بها.
حول أهداف “إحداث الهيئة العامة للمنافذ”، أوضح الكريم أنه قد يكون الهدف الأساسي ربط الصلاحيات الاقتصادية في الدولة السورية برئاسة مجلس الوزراء من جهة، ونوع من التحكم بالمنافذ الحدودية وهي تشبه تجربة حكومة “الإنقاذ” في إدلب مع معبر “باب الهوى” مثلًا.
يمكن عبر القرار تعيين الضابطة الجمركية من قوى الأمن العام والعسكريين، ليشكل هذا الأمر مركزية اقتصادية إلى جانب المركزية الأمنية والعسكرية، بحسب المحلل.
واعتبر الكريم أن هذا النوع من القرارات يعتبر مخالفًا لما صرح به قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، بأن هذه الحكومة حكومة تسيير أعمال، موضحًا أنه كيف يمكن لحكومة تسيير أعمال فقط نقل ملاك الموظفين دون أي إطار أو منهجية أو قانون داخلي للعاملين تستند إليه في ذلك.
ضبابية وتضارب
في 18 من كانون الأول، أصدرت حكومة دمشق، قرارًا بحل الضابطة الجمركية، بمختلف مسمياتها وتشكيلاتها، بعموم سوريا.
كما أصدرت مديرية الجمارك العامة عدة قرارات منفصلة، في 25 من كانون الأول، أعفت بموجبها عددًا من مديري الجمارك في المنافذ البرية والبحرية وعينت بدلًا عنهم.
في مقال رأي نشره الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي إياد الجعفري، قال إن قتيبة أحمد بدوي أحد الأسماء التي يجب أن يقف عندها السوريون مطولًا.
وأضاف الجعفري، “في زحمة الانشغال بالسياسة وتعقيداتها، تتقدم الدائرة الضيقة المحيطة بالنسخة السابقة من أحمد الشرع (الجولاني)، لتمسك بمفاصل الاقتصاد، في عموم سوريا، فـ(المغيرة البنشي)، كما كان يعرف في نسخة حكم الشرع لإدلب، كان يومها، أحد أبرز مسؤولي الملف الاقتصادي والمعابر الحدودية، في ذلك الجيب المناوئ للنظام المخلوع، وقد أصبح اليوم، مديرًا عامًا للجمارك السورية”.
إياد الجعفري انتقد الضبابية في مخططات الإدارة الجديدة والتخبط في تصوراتها من خلال عدة أمثلة ذكرها، منها تصريحات بدوي المتضاربة.
وأكد الصحفي الاقتصادي أن الضابطة الجمركية التي صدر قرار بحلها غير مأسوف عليها لدى غالبية عظمى من السوريين، فهي كانت مافيا مختصة بابتزاز السوريين، لا لخدمة مصلحتهم العامة، وهذا موضع إجماع. لكن المشكلة برأيه تكمن بالإيحاءات والتناقضات التي تفيض بها تصريحات المدير الجديد للجمارك.
وتحدث الصحفي عن إلغاء رسوم جمركية عدة، لتخفيف التكاليف عن كاهل المستوردين، التي كانت تُضاف إلى أسعار المبيع النهائي للمستهلك، كما تحدث عن تحرير استيراد السلع من جميع القيود، ولجميع المواد غير الممنوعة بحكم طبيعتها “القانونية والشرعية”.
ويرى الجعفري أن الإشارة إلى طبيعة “شرعية” للمستوردات، تفيض بإيحاء “الأسلمة الرسمية” المثير للمخاوف من جانب شريحة كبيرة من السوريين، لكن الأخطر من ذلك، التضارب بين الإشارة إلى “تحرير الاستيراد من جميع القيود”، بالتزامن مع الإشارة في التصريحات نفسها إلى النية في إصدار تعرفة جمركية تحفظ حقوق التجار والصناعيين والمزارعين من منافسة البضائع الأجنبية، من خلال تطبيق سياسة الحماية الجمركية للصناعات والمنتجات المحلية.
واعتبر الجعفري أن حالة الضبابية والغموض تتفاقم حول رؤية الممسكين بزمام الأمور في سوريا، اليوم، وهي حالة تمتد إلى حقل الاقتصاد، وتأتي من حقل السياسة ذاتها، بحسب تعبيره.
————————
مصر “حذرة جدا” بعد سقوط الأسد
يثير وصول إسلاميين إلى السلطة في سوريا بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد قلق مصر عقب عشر سنوات على تولي عبد الفتاح السيسي الرئاسة إثر إسقاط جماعة الإخوان المسلمين من الحكم.
ودعمت مصر الأسد حتى لحظات حكمه الأخيرة، وحاليا مع تولي إسلاميي هيئة تحرير الشام السلطة في سوريا منذ 8 ديسمبر، تشعر القاهرة بالقلق من أن يتوسّع تأثير هذا التغيير.
وقالت مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون البحثي في واشنطن ميريسا خورما “بالنسبة لمصر، يثير هذا الوضع مخاوف بالطبع، لاسيما بسبب تاريخ جماعة الإخوان المسلمين في البلاد”.
وسارعت دول عربية للاتصال بالسلطات الجديدة في دمشق، في حين أبدت القاهرة قدرا أكبر من الحذر.
وأكدت مصر تأييدها لنظام بشار الأسد حتى قبل ثلاثة أيام من إطاحته، وانتظر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ثلاثة أسابيع قبل أن يتصل بنظيره السوري الجديد أسعد الشيباني داعيا سلطات الأمر الواقع إلى تنفيذ عملية انتقال سياسي “تتّسم.. بالشمولية”.
والسبت، أعلنت وزارة الخارجية في القاهرة أن طائرة شحن حطت في مطار دمشق حاملة أول مساعدات إنسانية مصرية منذ الإطاحة بالأسد.
في الأيام التي تلت سقوط الأسد اتسمت تصريحات السيسي بالحذر. وقال خلال لقاء مع صحافيين إن “أصحاب البلد” هم من يتخذون القرارات في الوقت الحالي في سوريا و”إما أن يهدموها أو يبنوها”.
وقالت الباحثة في معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن ميريت مبروك لوكالة فرانس برس إن “رد الفعل المصري كان حذرا جدا”. ورأت أن خطوط مصر الحمراء هي الأمن والإسلاميون والجهات الفاعلة غير الحكومية.
وأضافت “لكن في سوريا اليوم، هناك في السلطة جهات فاعلة غير حكومية وإسلاميين، وهذا بمثابة استفزاز لمصر”.
اعتقالات وإجراءات وقائية
بمجرد سقوط الأسد، اتخذت القاهرة إجراءات وقائية.
وأكدت المبادرة المصرية لحقوق الإنسان أن قوات الأمن اعتقلت 30 سوريا كانوا يحتفلون بسقوط الأسد، ثلاثة منهم يواجهون الترحيل.
كما شدّدت مصر التي يعيش فيها حوالى 150 ألف سوري القيود على منح تأشيرات للسوريين.
كما عرض الشريط صورة حديثة للقائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع إلى جانب القيادي الإخواني محمود فتحي المتهم بـ”الإرهاب” في مصر.
ولا يحمل وصول هيئة تحرير الشام إلى السلطة في أعقاب هجوم خاطف ما يطمئن القاهرة، إذ إن الهيئة كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة ونالت مع وصولها السلطة دعما واضحا من تركيا حليفة جماعة الإخوان المسلمين.
وتعيد هيئة تحرير الشام إلى الأذهان فترة حكم الإخوان القصيرة التي استمرت عاما في مصر بقيادة الرئيس السابق محمد مرسي، كما تتعارض مع صورة السيسي باعتباره حصنا في مواجهة الإسلام السياسي.
في حين تراجعت حدة لهجة هيئة تحرير الشام، وتعهدت بحماية الأقليات واعدة بعدم “تصدير الثورة”، إلا أن الشكوك ما زلت تساور مصر.
إلى ذلك، أدى سقوط النظام السوري إلى تغيّر التوازن الجيوسياسي في الشرق الأوسط مقلّصا نفوذ إيران حليفة الأسد وممهدا الطريق أمام تركيا التي تدعم فصائل من المعارضة السورية منذ أمد.
ونظرا للتنافس بين القاهرة وأنقرة، يغذي هذا التغيير مخاوف مصر من أن تصبح تركيا أقوى حليف لسوريا، رغم أن علاقات الطرفين شهدت تحسنا مؤخرا، بعدما كانت متوترة.
وبادرت القاهرة إلى التواصل مع الإدارة الجديدة في سوريا بعدما أجرت دول الخليج وبينها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر اتصالات معها.
لكن ترى مصر أن حدوث أي تقارب سيكون بشروط. وأشارت مبروك إلى أن القاهرة تشدد خصوصا على مبدأ تقاسم السلطة الذي من شأنه أن يمنع الإسلاميين من احتكار الحكم في دمشق.
———————-
أزمة مياه في حلب بسبب استهداف “قسد” المتكرر لمحطة الضخ الرئيسية
05-يناير-2025
شهدت منطقة “الخفسة” في ريف حلب الشرقي تصعيدًا عسكريًا، حيث استهدفت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) محطة المياه الرئيسية فيها، مما خلّف أضرارًا أثرت بشكل مباشر على حياة معظم سكان مدينة حلب.
تعد محطة ضخ المياه في منطقة “الخفسة” المصدر الأساسي لتزويد أهالي مدينة حلب وريفها الشرقي بالمياه، وقد تعرضت في الفترات الأخيرة لهجمات متكررة من قِبل “قسد”، كان آخرها في أول يوم من عام 2025، مما أدى إلى انقطاع المياه عن مئات الآلاف من سكان المدينة وريفها الشرقي.
ووفقًا لمراسل “الترا صوت”، تأثرت حياة المدنيين بشكل كبير نتيجة هذا القصف، إذ يعاني السكان من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب، خاصةً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المدينة، بالإضافة إلى أزمات الانفلات الأمني التي أرقت أهاليها.
وأثارت هذه الحادثة ردود فعل منددة واسعة من قبل المنظمات الإنسانية، حيث دعت العديد من الجهات إلى ضرورة حماية المنشآت الحيوية وتجنب استهدافها. كما أعرب السكان عن استيائهم من التصعيد العسكري الذي تمارسه “قسد” وتداعياته السلبية على حياتهم اليومية.
وقال المواطن محمد صادق لـ”الترا صوت” إن: “انقطاع المياه في حيي لفترات طويلة تسبب بزيادة نفقاتي لشراء المياه عبر صهاريج متنقلة في مدينة حلب، كما أدى انقطاع المياه أدى إلى حدوث أزمة بسبب ارتفاع الطلب على تلك الصهاريج”.
من جهته، أوضح المواطن علاء نور الدين أن حلب تعتمد على محطة الخفسة من أجل تغذيتها بالمياه، مشيرًا إلى أن “قسد” استهدفت المحطة بشكل مقصود ومباشر، بهدف قطع المياه عن سكان حلب وريفها الشرقي.
أضرار محطة الخفسة
الأضرار التي تسبب بها قصف قوات “قسد” لمحطة الخفسة لم تكن بالهينة، حيث أكد المهندس كمال بغال، مشرف المحطة، في تصريحه لـ”الترا صوت”، أن أضرار المحطة تجاوزت 40% من حجم أنابيبها الرئيسية، مما ينذر بأزمة إنسانية كبيرة في حال عدم إصلاحها بشكل عاجل.
وأوضح مشرف المحطة لـ”الترا صوت” أن المحطة تعمل حاليًا بقدرة 60% فقط من طاقتها، بسبب تكرار الاستهداف من قِبل “قسد”. كما بيّن أن حياة العاملين في المحطة باتت مهددة بسبب الاستهداف المستمر، مما دفع العديد منهم إلى التردد في القدوم إلى العمل في منطقة الخفسة.
الجدير بالذكر أن مدينة حلب هي أول مدينة سورية دخلتها إدارة العمليات العسكرية خلال معركة “ردع العدوان”، التي انتهت بالإطاحة بنظام بشار الأسد فجر 8 كانون الأول/ديسمبر الفائت. وقد تمكنت إدارة العمليات العسكرية من الحفاظ على جزء كبير من مؤسسات المدينة، سيما المدنية منها.
ومع ذلك، وبسبب بعد محطة المياه عن مركز المدينة، وتواجد “قسد” في محيطها، ظلت المحطة عرضة للاستهداف. وعلى الرغم من سيطرة “الجيش الوطني السوري” على مناطق عديدة حول المحطة، بما في ذلك محطة الخفسة نفسها، ضمن عملية “فجر الحرية”؛ إلا أن ذلك لم يمنع “قسد” من استهدافها باستخدام الطائرات المسيرة بشكل شبه يومي.
الترا صوت
————————–
سوريا بعد الأسد.. أرقام مروّعة ومجتمع منهك/ لين خطيب
05-يناير-2025
ثلاثة عشر عامًا من الحرب والقمع والتفكك الاجتماعي تركت ندوبًا لا تُمحى على سوريا وسكانها. مأساة بحجم هائل ستظل تكاليفها وخسائرها البشرية ممتدة عبر الأجيال. فمنذ اندلاع الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد الدكتاتوري عام 2011، عاشت سوريا واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العصر الحديث.
من الصعب تصور حجم المأساة التي حلّت بهذا البلد. أكثر من 300.000 شخص فقدوا حياتهم في الحرب التي شنها النظام على شعبه، بينهم حوالي 200.000 مدني و13.000 طفل بحسب تقديرات الأمم المتحدة. لكن رغم هذه الأرقام المروّعة، تبقى الحقيقة الأكثر قسوة أن هذه الإحصائيات لا تعكس عمق الأزمة، فكل رقم يمثل حياة أُزهِقت، وأسرة دُمّرت، وعائلات كان من المفترض أن تستمر وتزدهر، لكنها انهارت.
في هذا السياق، تتجلى أكبر الخسائر في الجيل الذي حُرم من طفولته. في قلب هذه المأساة، يكمن الفقدان الذي لا يمكن تعويضه في الأرواح، لكن خلف هذه الأرقام المأساوية تختبئ صورة أكثر قسوة: جيل كامل من الأطفال والشباب حُرم من تعليمهم ومن فرصة بناء مستقبلهم.
حتى عام 2024، أكثر من 2.5 مليون طفل سوري ما زالوا خارج المدرسة، فيما أصبح التعليم بالنسبة لهم مجرد حلم بعيد. لقد تحولت المدارس إلى أهداف للقصف، أو مراكز لإيواء النازحين، كما أن بعضها يفتقر إلى الموارد الأساسية لتقديم تعليم مناسب. هذا الجيل لم يعرف سوى الصراع والتشرد، حيث عاش في ظروف قاسية بالمخيمات، أو في ظل أسر تعاني من الجوع والمرض والكثير من الحزن والألم. في ظل هذه المأساة، لم تعد الحياة الطبيعية ممكنة ضمن النسيج الاجتماعي السوري.
وما يزيد الوضع تعقيدًا هو أن التعليم الذي كان يومًا حجر الزاوية في المجتمع السوري، أصبح في حالة انهيار كامل. بحلول عام 2015، قدرت الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للتعليم بين 101 و123 مليون دولار. أكثر من 18% من المدارس دُمرت أو أصبحت غير صالحة للاستخدام. وبحسب تقارير “اليونيسيف”، فإن أكثر من 50% من الأطفال السوريين في سن الدراسة لا يذهبون إلى المدرسة في 2024، ما يعوق بناء جيل قادر على التعامل مع التحديات المستقبلية. أما بالنسبة للأطفال الذين ما زالوا في المدارس، فالوضع لا يقل سوءًا، حيث الفصول الدراسية مكتظة، والمعلمون يفتقرون إلى التدريب والموارد اللازمة.
وبينما يعاني الأطفال من هذه الصعوبات، تُعد أزمة النزوح واحدة من أعمق تداعيات الصراع السوري، حيث هُجّر أكثر من 14 مليون سوري من ديارهم، بينهم 6.7 مليون نازح داخليًا و5.6 مليون لاجئ في دول الجوار. تعتبر هذه الأزمة واحدة من أكبر وأطول حالات النزوح في التاريخ الحديث، ولها آثار نفسية وصحية كبيرة على الأطفال والأسر. العديد من هؤلاء اللاجئين يجدون أنفسهم عالقين في دول مثل لبنان وتركيا وألمانيا، حيث يعانون من صعوبات اقتصادية واجتماعية هائلة في محاولة للاندماج في مجتمعات جديدة بينما يفقدون هويتهم الثقافية ويشعرون بعدم الأمان.
أما بالنسبة للنازحين داخليًا، فإن الوضع لا يقل سوءًا. من بين 6.8 مليون نازح داخليًا في البلاد، يحتاج 5.3 مليون شخص إلى الدعم الإنساني، فالكثير منهم يعيش في مخيمات مؤقتة في ظروف غير إنسانية، حيث يفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب والرعاية الصحية والتعليم. وبينما قد تستعيد بعض المدن السورية بعض الاستقرار، فإن البنية التحتية مدمرة، والاقتصاد في حالة انهيار، مما يجعل العودة إلى حياة طبيعية أمرًا صعبًا للغاية.
وفي وسط هذه المعاناة، تبرز واحدة من أفظع ممارسات القمع الذي تعرض له السوريين على أيدي النظام البائد: الإخفاء القسري. لا يزال أكثر من 120.000 شخص في عداد المفقودين، اعتقلوا في ظروف غامضة وتعرضوا للتعذيب أو القتل في سجون النظام الوحشية. عشرات الآلاف من العائلات ما زالت تبحث عن إجابات حول مصير أحبائها، دون معرفة مؤكدة عما إذا كانوا أحياء أم أموات. هذا الفقدان المستمر يجعل من الصعب على المجتمع السوري الشفاء من جراحه، حيث يظل البحث عن الأجوبة و العدالة يؤرق الأسر والأفراد.
ومع مرور الوقت، يزداد تفكك المجتمع السوري بشكل أكبر، ذلك أن الصراع لم يتسبب بخسائر بشرية فقط، بل أدى إلى تفكيك الشعب السوري على الأصعدة الاجتماعية والسياسية. كما أن العوامل الطائفية والإقليمية أصبحت أكثر وضوحًا، حيث زادت التحولات التي حدثت على الأرض من استقطاب المجموعات المختلفة، مع تزايد مشاعر العداء والشك، الأمر الذي أدى إلى تضاءل الثقة بين السوريين لدرجة أن بعضهم يجد صعوبة في إعادة بناء الروابط التي كانت تربط بينهم قبل الحرب.
هذا التشرذم لا يقتصر على الشعب فقط، بل شمل أيضًا الهجرة الجماعية للمختصين. الآلاف من المهندسين والمهندسات, الأطباء والطبيبات، المعلمين والمعلمات، العلماء والعالمات، الذين كان لهم دور أساسي في بناء المجتمع السوري قبل الحرب؛ أصبحوا مشتتين في مختلف أنحاء العالم. فمثلًا، ترك ما يقدر بنحو 30 ألف طبيب سوري من البلاد منذ بداية الصراع في عام 2011، وهذا يشكل تحديًا كبيرًا لإعادة بناء البلاد، حيث إن فقدان هذه الخبرات أثر بشكل مباشر على القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة.
في هذا السياق، لا يمكننا أن نغفل عن التكلفة النفسية المدمرة التي لحقت بالشعب السوري. الحرب لم تترك آثارها على الأطفال والبالغين فحسب، بل أحدثت تأثيرات نفسية عميقة. حوالي 50% من الأطفال السوريين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، في حين يعاني 40% من حالات الاكتئاب والقلق. تقدم المنظمات الإنسانية بعض الدعم النفسي، ولكن الموارد ما تزال محدودة، وتحتاج إلى دعم دولي أكبر للوصول إلى جميع الذين يحتاجون إليها. من هنا، أصبح من الواضح أن إعادة بناء سوريا تبدأ بالشفاء النفسي، الذي يعد خطوة أساسية نحو التقدم.
ورغم كل ما مرّ به الشعب السوري من صعوبات، إلا أن هناك بصيص من الأمل في الأفق. بعد إسقاط النظام الدكتاتوري في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، بدأ السوريون يشعرون ببعض الأمل مع بدء عودة النازحين إلى ديارهم، إذ عاد 30.000 شخص إلى مناطقهم في غضون أيام قليلة وأكثر من مليون نازح متوقع أن يعود في غضون 6 أشهر.
ومع وجود منظمات محلية ودولية تعمل بلا كلل على تقديم الدعم الإنساني، هناك خطوات أولية نحو إعادة بناء النسيج الاجتماعي والتعليم. ومع ذلك، فإن المرور بمرحلة الحداد هو ما سيعدّ من الخطوات الضرورية لاستعادة الذات، ومحاولة نسيان أن الأذى الجسدي والنفسي كان موجودًا حتى في أكثر المناطق المحيطة ألفتًا.
يمكن القول إن الألم السوري يعد شهادة على الفشل الدولي في تقديم الدعم لشعب انتفض ضد نظام استبدادي. لكن، رغم كل الصعوبات والتخاذل الدولي، تمكن الشعب السوري من تحقيق الانتصار في النهاية. ومع فرحة التحرر، يواجه الشعب تحديًا جديدًا: إعادة بناء ما دمرته الحرب. إن إعادة إعمار سوريا تتطلب أكثر من مجرد بناء البنية التحتية، فهي تحتاج إلى تجديد التعليم، دعم الصحة النفسية وتعزيز المصالحة الاجتماعية.
هذا هو الوقت لدعم الشعب السوري في محنته، وإنهاء الأزمة الإنسانية التي طال أمدها، والتي تعطل العملية والعدالة الانتقالية. في النهاية، إن تحقيق العدالة في سوريا ليس مجرد مسألة قانونية، بل هو مسألة إنسانية بالدرجة الأولى، حيث يتعين على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته لدعم هذه المساعي في إعادة بناء سوريا، ومساندة الشعب السوري.
——————-
بعد سنوات من النزوح.. ما الذي يمنع السوريين من العودة إلى منازلهم؟/ حسين الخطيب
05-يناير-2025
تشهد مناطق ريف حلب الشمالي والشرقي وإدلب وريفيها الشمالي والغربي (شمال غربي سوريا) حركة سكانية غير طبيعية تشير إلى بداية تمهيدية لإعادة ترتيب التركيبة السكانية. يتجلى ذلك من خلال عودة النازحين والمهجّرين السوريين داخليًا إلى مدنهم وبلداتهم الواقعة في مختلف المحافظات بعد سقوط النظام البائد، الذي تسبب في تهجيرهم قسرًا من منازلهم على مدى فترات متلاحقة.
كانت مناطق شمال غربي سوريا تأوي نحو 6 ملايين و606 آلاف نسمة، يشكل النازحون في المخيمات والتجمعات السكانية نسبة 49.82% منهم. ويبلغ عدد النازحين والمهجرين الذين يعيشون في ألف و833 مخيمًا ومركز إيواء وقرى سكنية صغيرة نحو 2 مليون و33 ألفًا و791 نسمة، وفقًا لتقديرات “منسقو استجابة سوريا”.
رغم كثافة الحراك السكاني الحالي، إلا أن ذلك يبدو في سياق حراك استكشافي أولي، دون عودة كاملة للعائلات النازحة والمهجّرة إلى منازلها في محافظات حلب وريفها، وريف إدلب الجنوبي، وريف حماة، وحمص، ودمشق، ودرعا. يعود ذلك إلى نسب دمار المنازل الهائلة، إضافةً إلى تضرر البنية التحتية والمرافق العامة والخدمية.
تحدث موقع “الترا صوت” إلى عدد من النازحين والمهجرين من مناطق سورية عدة، يقيمون شمال حلب، واستطلع آرائهم حول العودة إلى منازلهم بعد تحريرها من النظام السابق، وقد أكدوا تأجيل عودتهم إلى الصيف المقبل، ريثما تتضح معالم الفترة الحالية، وخاصةً في ما يتعلق بإمكانية تأهيل وتطوير البنية التحتية والخدمية، والحصول على دعم مالي لإعادة تأهيل منازلهم.
لم يتمكن محمد بدران من إعادة عائلته إلى منزلها في مدينة تل رفعت شمالي حلب رغم تحرير المدينة، وبعد مضي أكثر من 8 سنوات على نزوحهم إلى مخيم الإيمان شمال شرقي مدينة إعزاز قرب الحدود السورية – التركية. يقول بدران في حديثه لـ”الترا صوت”: “إن منزلي مدمر بالكامل نتيجة قصف الطيران الروسي لمدينة تل رفعت في عام 2016، وسرقة ما تبقى من محتوياته أثناء سيطرة قسد على المدينة”. ويضيف: “يحتاج المنزل إلى إعادة بنائه مجددًا، لذلك سأبقى مع عائلتي في المخيم حتى أتمكن من إعادة البناء تدريجيًا”.
وأوضح بدران أن معظم منازل المدينة مدمرة كليًا أو جزئيًا، وتغيب عنها الخدمات الأساسية (الكهرباء، الماء، الصرف الصحي). أما المنازل المؤهلة للسكن فهي قليلة، وعاد النازحون إليها، حيث تصلها خدمة الكهرباء عبر “الأمبيرات” لمدة ثلاث ساعات ليلية، وتتوفر المياه مرة واحدة أسبوعيًا.
لا يختلف حال عبد القادر نعسان، الذي وجد صعوبة كبيرة في التعرف على موقع شقته ضمن مبنى سكني في حي مساكن هنانو، أحد أحياء مدينة حلب الشرقية، نتيجة انهيار البناء بالكامل بسبب قصف جوي من طيران النظام السابق خلال عام 2015. يقول نعسان خلال حديثه لـ”الترا صوت”: “وجدت صعوبة كبيرة في التعرف على شقتي السكنية التي كنت أعيش فيها قبل أكثر من 10 سنوات عندما غادرت منزلي نتيجة اشتداد القصف والمعارك بين الجيش الحر وجيش النظام السابق في حلب”.
وأضاف أن شقته مدمرة بالكامل، ما اضطره للعيش في منزل شقيقته (لاجئة في تركيا) ضمن الأحياء المجاورة، ريثما تتضح عملية إعادة إعمار المبنى بهدف استعادة شقته. وأوضح أن استئجار منزل في حلب مكلف في ظل الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة، خاصةً أنه لا يملك مصدر دخل ثابت ويعتمد على العمل اليومي بأجور زهيدة.
تل رفعت هي واحدة من مدن ريف حلب الشمالي المدمرة، رغم اختلاف الجهة المسيطرة عليها، كما هو الحال في عندان، حريتان، حيان، ورتيان الواقعة على أطراف طريق حلب – غازي عنتاب (M5). ويبدو الوضع مشابهًا في مدينة تادف شرق حلب على طريق حلب – الحسكة (M4). أما في ريف إدلب الشرقي والجنوبي، فقد تعرضت المدن والبلدات الواقعة على طريق (M5) للتدمير الكلي جراء العمليات العسكرية والقصف الجوي والمدفعي من قبل النظام السابق وحلفائه الروس والإيرانيين بين عامي 2017 و2020.
لم تشهد المناطق المدمرة والخالية من السكان، والتي تفتقر إلى المرافق العامة والخدمات، عودة تذكر. بينما تركزت عودة النازحين والمهجرين إلى منازلهم ضمن المدن والحواضر السكانية الكبيرة مثل مركز محافظات حلب، دمشق، حماة، حمص، ودرعا.
يقول مدير فريق منسقو استجابة سوريا، محمد الحلاج، خلال حديثه لـ “الترا صوت”: “إن عدد المدنيين النازحين الذين عادوا إلى منازلهم قارب 90 ألف شخصًا، بينهم 52 ألفًا و461 من سكان المخيمات، و37 ألف و128 من النازحين في القرى والبلدات شمال غربي سوريا”.
ويضيف: “إن نسبة 85% من الأشخاص الذين عادوا إلى منازلهم بعد سقوط النظام السابق ينحدرون من محافظات سورية أخرى، بينما مناطق ريف حلب الشمالي والغربي، وريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي (مناطق خفض التصعيد المرتبطة باتفاقية أستانة) تكاد تكون العودة إليها شبه معدومة، حيث يمكن تسميتها بالعودة الاستطلاعية”.
وتحدث الحلاج عن وجود 4 تحديات رئيسية تمنع النازحين من العودة إلى منازلهم:
تدمير المنازل والممتلكات الخاصة: يجد النازح منزله مدمرًا بالكامل، ولا يستطيع أن يقوم بإعادة إعماره، خاصة النازحين في المخيمات لأنهم لو يمتلكون المال كانوا أقاموا في منازل سكنية.
الألغام ومخلفات الحرب: تعد الألغام ومخلفات الحرب من أبرز الأضرار التي تعلق عودة النازحين إلى منازلهم، وأراضيهم الزراعية في الأرياف لأنها تشكل مصدر رزق مهم، ما يجعل الألغام ومخلفات الحرب تهديدًا للحياة وتحتاج إلى سنوات حتى يتم إزالتها بشكل تدريجي.
البنية التحتية: تضرر شبكات المياه، الكهرباء، الصرف الصحي، الطرقات، الاتصالات والانترنت وخرجت عن الخدمة وتحتاج إلى إعادة تأهيل.
المرافق العامة: المؤسسات الحكومية والخدمية، مستوصف، مشفى، مدرسة، مسجد، مخبز، مدمرة بالكامل وتحتاج إلى إعادة ترميم وتفعيل وتعد نقطة مفصلية تساهم في عودة الحياة للأحياء والمدن والبلدات المدمرة.
وأظهرت عملية مسح جوي أولية حجم دمار هائل في جميع المحافظات، سواء في المدن أو القرى أو الأرياف، ضمن خطة تهدف إلى إحصاء حجم الدمار وتحديد القطاعات التي تحتاج إلى إعادة إعمار، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا) عن وزير الإدارة المحلية والبيئة في حكومة تصريف الأعمال، محمد مسلم.
وأوضح مسلم أن الوزارة تسعى إلى تأسيس قاعدة بيانات واضحة عن حجم الدمار، ووضع خطط وأهداف تتناسب مع متطلبات المرحلة القادمة، مشيرًا إلى أن الوزارة ستعتمد على فرق متخصصة ومحترفة لإجراء عمليات الإحصاء، بالإضافة إلى ورش عمل تطبيقية لإعادة إعمار جميع المرافق العامة المتضررة.
وفي تقريره الأولي، تحدث فريق “منسقو استجابة سوريا” عن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والمرافق والمنشآت الخدمية العامة في خمس محافظات، هي: حلب، حماة، إدلب، حمص، وريف دمشق. وقد توزعت الأضرار على 107 مستشفيات ومراكز صحية، و498 مدرسة ومنشأة تعليمية، و437 فرن خبز، و198 مسجدًا ودور عبادة، إضافة إلى تضرر نحو 358 كيلومترًا من الطرق، و48 جسرًا، و47 برج اتصالات، و56 محطة مياه، و682 كيلومترًا من شبكات الصرف الصحي.
ويرى الباحث المتخصص في قضايا السكان والمجتمع في مركز جسور للدراسات، بسام السليمان، أن البنية التحتية والمرافق الخدمية العامة تعد من أهم مقومات إعادة الحياة إلى المناطق والتجمعات السكانية المتضررة بفعل القصف والحرب.
وقال خلال حديثه لـ”الترا صوت”: “إن إعادة إعمار المرافق العامة وتقديم الخدمات يساهم في إعادة جزء من الاستقرار، لكنه لا يحل المشكلة، لأن العائلات النازحة تعاني من ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة، ولا يمكن تجاوز هذه الظروف في ظل وجود المنازل المدمرة التي تحتاج إلى آلاف الدولارات لإعادة إعمارها”.
وأضاف: “إن الحالة الاقتصادية والمعيشية للعائلات في أدنى مستوياتها، فلا يمكنهم الانتقال دون وجود مداخيل شهرية كافية، وهي في الوقت الحالي لا تغطي أساسًا احتياجات المعيشة الأساسية. فكيف ستستطيع الأسرة تخصيص جزء من مدخولها لبناء أو ترميم المنزل؟”
وبلغ عدد المنازل السكنية المدمرة، حسب رصد فريق “منسقو استجابة سوريا” في محافظات حلب، حمص، إدلب، حماة، وريف دمشق، نحو 58 ألف منزل، منها 16 ألفًا و333 منزلًا مدمرًا بشكل كامل، و21 ألفًا و844 منزلًا مدمرًا بشكل جزئي، ونحو 19 ألفًا و483 منزلًا متضررًا بشكل طفيف.
ويؤكد الباحث أن إعادة الحياة إلى المدن والبلدات المدمرة تحتاج إلى تضافر الجهود المحلية والدولية لتجاوز المحنة، لأن الاقتصاد السوري منهار كليًا، ولا بد من اتخاذ إجراءات حقيقية لإعادة الحياة إلى سوريا.
ويتفق الحلاج مع السليمان في حديثه لـ”الترا صوت” على ضرورة تضافر الجهود، لكنه يرى أن الأمر يحتاج إلى وقت للعودة إلى وضع مشابه لما كان عليه في عام 2011 من حيث البناء وتوافر المرافق العامة، مشيرًا إلى أن “مؤتمر إعادة الإعمار لن يسير نحو تقديم تكاليف جميع مخططات الإعمار بشكل مباشر، وإنما على مراحل، وهذه المراحل ستمتد لسنوات لإعادة بناء الدمار في المدن والحواضر السكانية”.
ويعتقد الحلاج أن خطط الاستجابة السريعة مهمة، وذلك عبر تقديم دعم مالي مباشر لأصحاب المنازل المتضررة التي تحتاج إلى إعادة ترميم، بتكلفة مالية تتراوح بين 500 و3000 دولار أمريكي، مما يسهل عودة العائلات إلى منازلها.
———————–
بيان التجمع المدني في جرمانا
(رؤية سياسية مستقبلية)
إثر سقوط المنظومة الاستبدادية التي حكمت سورية بالحديد والنار طوال أربعة وخمسين عاماً، ومارست تدميراً ممنهجاً لهويتها المادية والروحية عبر سياسات قمعية وعنفية قلما عرف التاريخ مثيلاً لها، دخلت سوريا وشعبها المضحي العظيم حقبة جديدة، يطمح الجميع فيها إلى القطع مع مرحلة الاستبداد السابقة.
إننا في هذه المرحلة أمام مشهد تاريخي غير مسبوق، وله انعكاسات كبرى في الفضاءات المحلية والإقليمية والدولية.
ونحن كسوريين كل في موقعه تحيط بنا العديد من الأسئلة التي تتطلب أجوبة واقعية، ومبادراتٍ صائبة، وأفعالاً بناءة في المستويات كافة، بدءاً من تعيين المحددات الوطنية الجامعة، ومروراً بترسيم أولويات المرحلة، وانتهاءً باستشراف المستقبل المتوسط والبعيد، وهذا ما نسعى إلى تقديم وجهة نظرنا به إيماناً منا بأهمية المجتمع المدني ودوره خلال مجريات الأحداث عبر المحاور الآتية:
أولاً: في المحددات الوطنية الجامعة
إن تجمعنا المدني هو من أول التجمعات التي تمثل جرمانا بنسيجها الأهلي والاجتماعي والسياسي المتعدد، وكأنه سوريا مصغرة، حيث شكلت مدينتنا مختبراً حقيقياً لتفاعل الأفكار والنشاطات والمبادرات الخلاقة من أجل جرمانا وسوريا جميعها.
إننا نطمح بعد كل المعاناة الطويلة والتضحيات الباهظة التي دفعها الشعب السوري ثمناً لحريته، بأن تكون سورية دولة مدنية ديمقراطية تعددية، تصون كرامة الناس وحياتهم، يحكمها الدستور الجامع، ويسودها القانون والقضاء المستقل، وتتقدمها مبادئ المواطنة من حرية ومسؤولية ومساواة وتشاركية وقيم المواطنة العديدة.
وتكون الأولوية في العمل والمشاركة فيها على أساس الكفاءات الشخصية، ويكون الإطار المؤسساتي قائماً على التمثيل العابر للأديان والطوائف والإثنيات والجنس، وتؤدي مبادئ التداول السلمي للسلطة، وفصل السلطات، والتعددية النقابية والحزبية والإعلامية، وحماية الحريات العامة والشخصية بما لا يخل بالدستور والقوانين، والتوزيع العادل للثروات بما يحقق التنمية المستدامة، إلى الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها واستقلالها، وإلى تحقيق النهوض في المجالات العلمية والاقتصادية والإبداعية كافة.
ثانياً: في أولويات المرحلة الحالية
ما من شك أن هذه المرحلة الانتقالية هي مرحلة هشة وصعبة وبحاجة إلى تضافر جهود جميع السوريين، كي نحمي مكتسبات ثورتنا العظيمة، ونؤسس لمستقبلنا الديمقراطي التعددي، ولهذا، نرى أنه من الضروري تقديم جدول زمني واضح المعالم بخطوات العملية الانتقالية، يتضمن الأولويات الآتية:
– أولوية تعزيز السلم الأهلي بالتعاون بين حكومة تصريف الأعمال والمجتمع المدني والأهلي، وذلك حفاظاً على وحدة الأراضي السورية ونسيجها الاجتماعي والوطني.
– ضرورة التقدم في الملفات المعيشية وتحسين الخدمات وضبط الأسعار ورفع الأجور.
– الإسراع في تشكيل حكومة وطنية انتقالية جامعة لجميع القوى والتيارات الوطنية على اختلاف أطيافها، يكون في مقدمة أهدافها العمل على بناء دولة مواطنة ديمقراطية تعددية تقف على الحياد وعلى مسافة واحدة من جميع المواطنين والمواطنات.
– إعادة هيكلة أجهزة الدولة ووزاراتها وفي مقدمتها وزارة الدفاع، لتكون مؤسسة الجيش مؤسسة وطنية احترافية مستقلة، وذلك اعتماداً على خبرات وكفاءات وطنية معروفة.
– تشكيل لجنة متخصصة ومستقلة للتحضير لمؤتمر وطني عام تتمثل فيه جميع أطياف الشعب السوري وقواه وتياراته من دون أي إقصاء، ويرعى حواراً وطنياً تفصيلياً وشاملاً توضع على أسسه محددات سوريا المستقبلية.
– تشكيل جمعية تأسيسية أو لجنة مصغرة لصياغة دستور جديد، يتم الاستفتاء عليه شعبياً، أو إقراره من قبل المؤتمر الوطني.
– تحدد الحكومة الانتقالية بناء على نتائج الاستفتاء موعداً لانتخابات حرة ونزيهة للإدارات المحلية والبرلمانية والرئاسية، مع تمكين الحضور التمثيلي الوازن للمرأة.
– تشكيل هيئة وطنية عليا مستقلة للمحاسبة ولتطبيق العدالة الانتقالية.
– ضرورة العمل على إعادة المهجرين واللاجئين، ومساعدتهم على تحصيل حياة كريمة وآمنة، والتعويض للمتضررين منهم.
وأخيراً، وليس آخراً..
إننا في التجمع المدني في جرمانا، وبناء على المحددات والأولويات السابقة، نؤكد تمسكنا بالعمل على صيانة مكتسبات الثورة، وعلى تحصين المرحلة الانتقالية بالتعاون مع جميع القوى والتيارات الوطنية الهادفة إلى بناء دولة المواطنة والقانون والتعددية الديمقراطية، حيث نضع في مقدمة أولوياتنا الانطلاق من العمل الميداني، ومن التشبيك مع مختلف المبادرات والحركات والتجمعات الوطنية والشخصيات العامة والاعتبارية خارج أي اعتبار لانتماءاتهم الفكرية والاجتماعية أو لتياراتهم السياسية، سواء كانوا داخل سورية أو خارجها، ما دامت تتلاقى مع أهداف تجاوز صعوبات المرحلة الانتقالية، والعبور بسورية الموحدة إلى بر الأمان، وذلك نحو بناء مستقبل وطني ديمقراطي تعددي وحر.
عاشت سورية حرة أبية
التجمع المدني في جرمانا
بتاريخ 31/ 12 / 2024
——————————-
قبض على حسن الغضبان، الذي كان يقود مليشيا محلية تنتشر في دير الزور قبل سقوط النظام.
كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن اعتقال قائد فصيلة موالية لإيران في العاصمة السورية دمشق، وذلك ضمن العمليات الأمنية التي تقودها السلطات الجديدة للقبض على فلول النظام المخلوع.
وقال المرصد في تقرير نشره عبر موقعه الإلكتروني الرسمي، إن إدارة العمليات العسكرية ألقت القبض على حسن الغضبان، الذي كان يقود مليشيا محلية تنتشر في دير الزور قبل سقوط النظام.
وبحسب المرصد، فإن مليشيا الغضبان كانت تعرف بارتباطها الوثيق بالمليشيات الإيرانية والفرق الرابعة، التي كان يقودها ماهر الأسد شقيق الرئيس المخلوع بشار الأسد.
ولفت المرصد السوري إلى أن حسن الغضبان هو واحد من أبرز تجار المخدرات في المنطقة، ويواجه اتهامات بارتكاب جرائم قتل عديدة طالت مدنيين ومناهضين لنفوذ المليشيات الإيرانية.
وأشار إلى أن الغضبان يواجه تهما بالاستيلاء على ممتلكات المدنيين المهجرين من المنطقة، بالإضافة إلى دوره في تعزيز نفوذ المليشيات الإيرانية ضمن محافظة دير الزور.
——————————-
إطلاق سراح كاتب “كسر عضم”…بعد يوم من الاعتقال
السبت 2025/01/04
عاد الكاتب الدرامي السوري، علي معين صالح، إلى منزله اليوم الجمعة، بعد اعتقاله لمدة يوم واحد في ظروف غامضة. وأُعلن إطلاق سراحه من خلال المخرجة رشا شربتجي في منشور لها في وسائل التواصل.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أفاد، في بيان سابق، بأن الاتصال مع الكاتب انقطع منذ يوم الخميس، بالتزامن مع حملة أمنية نفذتها السلطات السورية في أحياء عكرمة ووادي الذهب بمدينة حمص. وأشار المرصد إلى أن الحملة شملت اعتقالات مكثفة استهدفت عناصر سابقين في قوات النظام ومتهمين بارتكاب انتهاكات، إضافة إلى عمليات تفتيش واسعة للمنازل.
ورغم عدم إصدار أي تصريحات رسمية من السلطات، بشأن اعتقال صالح، أكدت مصادر محلية أنه شخصية مدنية مستقلة، معروفة بكتابة أعمال درامية تسلط الضوء على قضايا اجتماعية وسياسية مثيرة للجدل، أبرزها مسلسل “كسر عضم” الذي تناول قضايا حساسة عن الفساد والظلم.
وكانت المخرجة شربتجي قد أعربت في منشور سابق عن استيائها من توقيفه، مشيرة إلى أن صالح كان دائماً يدافع عن قضايا الشعب من خلال أعماله الدرامية وأنه كان من المعارضين للنظام السابق سراً وعلانية.
ويُعدّ صالح من الكتّاب الذين أثروا في الدراما السورية المعاصرة، إذ حظي مسلسله “كسر عضم” باهتمام كبير لتسليطه الضوء على قضايا الفساد والاستغلال خلال سنوات الحرب. وعلى الرغم من نجاح العمل، إلا أنه تعرض لانتقادات تمحورت حول تقديم صورة محسنة للنظام، وهو ما أثار نقاشات واسعة حول الرسائل التي تحملها الدراما السورية في الظروف الراهنة.
ويطرح إطلاق سراح علي معين صالح، تساؤلات حول دوافع اعتقاله المؤقت، لا سيما في ظل غياب أي تصريح رسمي من الجهات المعنية، ويعيد إلى الواجهة قضايا حرية التعبير ودور الفنانين في نقل معاناة الشعوب.
————————–
=======================