سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعصفحات الحوار

الشيخ يحيى الحجّار، قائد “حركة رجال الكرامة”: لا حكم ذاتياً بالسويداء..ونتواصل يومياً مع الإدارة

محمد الشيخ

الثلاثاء 2025/01/07

تفاصيل كثيرة تتعلق بمحافظة السويداء، معقل الدروز في سوريا، بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، لاسيما لجهة نظرة المحافظة نحو الإدارة السياسية الجديدة، وطريقة وشكل التعامل والعلاقة بينهما في الوقت الحالي، ونظرتها لسوريا المستقبلية، وسلاح الفصائل المحلية فيها.

وتحوّلت بوصلة الجميع نحو المحافظة خلال الأيام الماضية، للبحث عن إجابة عن جميع تلك التساؤلات، خصوصاً بعد أن منعت فصائل محلية رتلاً لإدارة العمليات العسكرية من دخول السويداء، بينما في الوقت ذاته، استقبل الزعيم الروحي للدروز الشيخ حكمت الهجري، رئيسي الائتلاف الوطني وهيئة التفاوض، اللذين لم يلتقِ بهما حتى الآن، القائد العام للإدارة السياسية الجديدة في سوريا أحمد الشرع، وسط اتهامات للهجري بإحداث شرخ بين أهالي السويداء نفسهم، وأيضاً بين السويداء والإدارة الجديدة، بعد قبوله باستقبالهم.

وعزّز كذلك موقف الهجري باشتراط تشكيل جيش قوي وتشكيل حكومة شاملة لامركزية بعد عقد مؤتمر وطني شامل، حتى تنخرط المحافظة بالكامل وسلاحها ضمن سوريا الجديدة، من صدارة بعض الأصوات التي تتهم الدروز بالسعي لتشكيل فدرالية وحكم ذاتي، بينما كانت بعض الأصوات أكتر تطرفاً، باتهامها المحافظة بالسعي للانفصال الكامل عن سوريا، مع قرى جبل الشيخ، والانضمام لإسرائيل.

وللوقوف على جميع كل التساؤلات، تحدثت “المدن” مع الشيخ يحيى الحجّار، قائد “حركة رجال الكرامة”، أكبر فصيل في السويداء، تعداداً وتسليحاً. وأكد الحجّار أن الدروز لن يفرطوا بذرة تراب واحد من سوريا لإسرائيل، مؤكداً أن التنسيق يجري على كافة المستويات بين السويداء والإدارة الجديدة في سوريا، ولا خلاف بينهم، وهناك توافق مبدأي على تشكيل جهاز شرطة محلي، مرتبط بالأمن العام في حكومة دمشق.

وفيما يلي نص المقابلة:

يصف البعض موقفكم في “رجال الكرامة” بأنه كان خجولاً من قضية الثورة السورية، ما موقفكم منها في السنوات الماضية؟ وكيف استقبلتكم خبر سقوط نظام الأسد؟

حركة رجال الكرامة انطلقت من رحم واقع كانت تعيشه محافظة السويداء في السنوات الأولى للثورة، وكان الهدف الرئيسي من تشكيلها ردع نظام الأسد عن التجنيد الإجباري لأبناء السويداء لعدم المشاركة في سفك الدم السوري، وهذا ما نجحنا فيه ودفعنا ثمنه دماء خيرة رجالنا وقادتنا، وعلى رأسهم المؤسس الشهيد الشيخ وحيد البلعوس.

لم تحدث بعد عام 2015 أي عملية تجنيد قسرية داخل محافظة السويداء، وتمتع بهذه الميزة جميع الشباب في المحافظة من مختلف الطوائف. لقد فرضت علينا الظروف أن نتمسك في الدفاع عن أرضنا وعن محافظتنا التي تعرضت لعدة هجمات دموية من تنظيم داعش الإرهابي، استطعنا التصدي لها ودحرها. كان شعارنا الذي رفعناه “نحرم التعدي منا ونحرم التعدي عليها”، ونعتبر أن ردعنا لنظام الاسد لأكثر من عشر سنوات عن تجنيد الشباب إلى الخدمة في السويداء حرمه من عشرات آلاف المقاتلين.

وكان لنا دور بارز في منع الاعتقالات السياسية وأجبرنا النظام على إطلاق سراح من تم اعتقالهم من أبنائنا، ما خلق بيئة آمنة للتظاهر ضد النظام في السويداء برزت بشكل واضح آخر عامين. الثورة لم يكن لها شكلٌ واحد ودخلت بمنعطفات كثيرة، ومهما تحدثنا عن دورنا، علينا أن نبقى متواضعين أمام تضحيات الشهداء من إدلب إلى حوران والسويداء الذين دقّت دمائهم الطاهرة باب الحرية لكل السوريين.

بالنسبة لخبر سقوط الطاغية لم نتلقاه ونحن في بيوتنا، بل تلقيناه ورجالنا تحرر المواقع والثكنات العسكرية في الجنوب السوري وتتأهب على مشارف العاصمة، وكان أبناء درعا والسويداء من كافة الفصائل، أول الواصلين إلى العاصمة. ما حصل كان خلاص لكل إنسان في هذه البلد.

يتهمكم البعض بأنكم تسعون خلف إدارة مناطقكم بشكل ذاتي وآخرون يتهمونكم بالتمهيد للانفصال عن سوريا؟ ما هو ردكم؟

هذه الاتهامات المعلبة اعتدنا عليها منذ زمن النظام البائد، كلما اتخذنا موقفاً ضده كانت تخرج الأصوات الموتورة لتتهم أبناء السويداء بالسعي للانفصال، وهل يمكن للجسد أن ينفصل عن بعضه؟ دمشق هي شرياننا، وفي كافة المواقف التي اتخذناها واتخذها أهلنا وأجدادنا من قبلنا كان جبل العرب أساساً متيناً وركناً حصيناً لوحدة البلاد، نحن لسنا أقلية في سوريا، بل نعتبر أنفسنا الأكثرية المطلقة، نحن سوريون.

ما موقفكم من قضية الأصوات التي خرجت للمطالبة بضم قرى جبل الشيخ لإسرائيل؟ هل أنتم مع سوريا موحدة؟ وهل أنتم متشددون حيال هذه القضية؟ أم ستغيرون موقفكم وفقاً للمجريات في سوريا في المستقبل؟

لدينا مواقف مبدئية بهذا الصدد، لا يمكن أن نتراجع عنها، نحن لا نقبل التفريط بذرة تراب واحدة من أرضنا في سوريا. لا مساومة على هذه المسألة، وتلك الأصوات لا تعبّر إلّا عن أصحابها.

لماذا تمنعون الإدارة السورية الجديدة من دخول السويداء لبسط الأمن وإدارة المحافظة؟ هل المشكلة لديكم مع هيئة تحرير الشام أو مع الإدارة الجديدة في دمشق؟

هذه المسألة أخذت أكبر من حجمها، ما حصل كان سوء تنسيق، وبسط الأمن وإدارة المحافظة لا يتوقف عند 15 سيارة كانت قادمة إلى السويداء. علينا أن نكون بمنتهى الصراحة ونبتعد عن المجاملات في هذه الفترة الحساسة من تاريخ بلادنا، وفود الإدارة المؤقتة لم تنقطع يوماً واحداً عن زيارة السويداء، وهناك لقاءات شبه يومية معهم، نحن وهم منفتحون على الحوار، مسألة ضبط الأمن والاستقرار مسألة معقدة وكل منطقة في سوريا لها ظروفها المختلفة، وتحتاج عناية فائقة لحل هذه المسائل.

منذ الأيام الأولى تتركز التفاهمات مع الإدارة الجديدة على كيفية التعامل مع هذا الملف، نحن الآن في مرحلة مؤقتة، نحتاج فيها لإجراءات استثنائية للخروج من أزماتنا المتراكمة على كافة المستويات، والمسألة الأمنية في السويداء من أولويات الحوار المستمر مع الإدارة المؤقتة.

هناك إجماع لدى الفعاليات الدينية والاجتماعية في السويداء على مسألة وجود جهاز شرطة محلية مؤقتة تحت إشراف وزارة الداخلية في الحكومة المؤقتة، إلى حين استتباب الأوضاع الأمنية في البلاد والوصول إلى دولة مواطنة بدستور متوافق عليه بين جميع السوريين، تصبح فيه حقوق وواجبات المواطن واضحة ولا لبس فيها.

ما هي مطالبكم للسماح للإدارة الجديدة بدخول المحافظة؟ هل ستنتظرون 3 أو 4 سنوات كما حددها أحمد الشرع للانتهاء من كتابة الدستور؟ هل موقفكم ينسحب على جميع مناطق الدروز في سوريا مثل جرمانا وصحنايا وقرى جبل الشيخ؟

ممثلو الإدارة المؤقتة موجودون في السويداء، على رأسهم مبعوث خاص للشؤون الإدارية، وقرارات الحكومة المؤقتة تسري على المؤسسات الحكومية في السويداء، وبشكل شبه يومي هناك زيارات من وزراء الحكومة إلى المحافظة كان آخرهم وزير المالية وقبله وزير العدل.

الجزئية التي أثارت كل هذا الجدل هي مسألة الشؤون الأمنية في المحافظة، غالبية الفعاليات الدينية والاجتماعية والفصائلية في الجبل متفقة على تأسيس جهاز شرطة محلية من عناصر الشرطة السابقين من أبناء السويداء ممن لم تتورط أياديهم بالدماء، وأن يكون بقيادة ضابط شرطة سابق من أصحاب السمعة الحسنة، وتحت إشراف وزارة الداخلية في الحكومة المؤقتة، ويدمج بجهاز الأمن العام في هذه المرحلة المؤقتة، كخطة إسعافية إلى حين استقرار الأوضاع في البلاد.

بالنسبة لجرمانا وصحنايا وجبل الشيخ، الفعاليات الاجتماعية والسياسية والدينية هناك على تواصل دائم مع الإدارة الجديدة، وهناك تعاون مثمر في مسألة ضبط الأوضاع الأمنية، ولدينا تشكيلات عسكرية في هذه المناطق تنسق مع جهاز الأمن العام.

هل تتواصلون مع أحمد الشرع؟ ما هو شكل وحجم التنسيق بينكم؟

هناك تواصل على مختلف المستويات ولقاءات شبه يومية لوفود الحكومة المؤقتة مع الرئيس الروحي سماحة الشيخ حكمت الهجري. التنسيق يتعلق بملفات كثيرة، فليس الملف الأمني وحده ما يشغلنا اليوم، وقد تكون السويداء من أقل المناطق تسجيلاً لحوادث العنف والفلتان الأمني في ظل الظروف الحالية.

كما هو معلوم فإن النظام المخلوع وأجهزته الأمنية كان لديهم عدة ميلشيات داخل المحافظة وقامت بانتهاكات بحق أبناء السويداء وغيرهم، هل ستسمحون بمحاسبتهم من قبل الإدارة الجديدة الحالية أو المستقبلية؟ أم سيحاكمون عرفيا وفقاً لأعرافكم وخارج نطاق القانون السوري المستقبلي؟

هذه الميليشيات واجهناها بقوة منذ عدة سنوات، ووجهنا لها ضربة قاضية عند اجتثاث ميليشيا راجي فلحوط عام 2022، وما تبقى منهم من فلول اليوم، فإن المحاكم ستكون بانتظارهم على ما اقترفت أيديهم. لا يمكن لأحد أن يقبل بفكرة حماية المجرمين، منذ سنوات وشغلنا الشاغل مكافحة الجريمة المنظمة، مهما كانت خلفياتهم وتبعياتهم، العدالة هي السبيل الوحيد لاستقرار البلاد، ونرفض فكرة المحاسبة خارج نطاق القانون، القانون هو ملح الأرض، ولن نقبل أن تكون القاضي والجلاد، وكلنا ثقة بأن سوريا فيها من الكفاءات ما يكفي لبناء مؤسسة قضائية مستقلة عنوانها العدل.

المدن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى