سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 11 كانون الثاني
كل الأحداث والتقارير اعتبارا من 08 كانون الأول، ملاحقة يومية دون توقف تجدها في الرابط التالي:
سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوع
————————————-
سلاح الجو السوري… ما دمّرته إسرائيل وما تبقّى
تحديث 11 كانون الثاني 2025
رغم أن إسرائيل قالت إنها دمرت نحو 80% من قدرات الجيش السوري، لا سيما خلال الضربات الأخيرة، التي أعقبت سقوط نظام بشار الأسد، مركزة على قدرات سلاح الجو السوري لكن يبدو أنه لا تزال لديها أهداف في سورية. آخر الضربات الإسرائيلية على سورية حصلت يوم الأربعاء الماضي من دون الكشف عن الخسائر التي تسببت بها، فيما استهدفت غارات جوية يوم الخميس 2 يناير/كانون الثاني الحالي، معامل الدفاع في منطقة السفيرة بريف حلب، شمال غربي البلاد، ودمرت مستودعات لصواريخ أرض ـ أرض من طراز “سكود”، ما يعني أن إسرائيل قد تكون فرغت من أهدافها الأهم في سورية، وهي البنية التحتية والفوقية لسلاح الجو السوري، الذي يمكن القول إنه بات خارج الخدمة بشكل شبه كامل، باستثناء بعض المروحيات القديمة.
“سهم الباشان” أطلق الاحتلال الإسرائيلي عملية “سهم الباشان”، وفي إطارها دمّر الطيران نحو 80% من القدرات العسكرية الاستراتيجية السورية، من قبيل طائرات ومروحيات ودبابات وسفن حربية، كما سيطرت قواته على مواقع استراتيجية مهمة. جاء ذلك بالتزامن مع إعلان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو انهيار اتفاقية فصل القوات الموقّعة في العام 1974، والتي حافظت على تفاهمات مع نظام عائلة الأسد طوال خمسة عقود. برّرت إسرائيل عمليتها بأنها تخشى وصول هذه القدرات العسكرية إلى قوات المعارضة، التي لا تعرف بعد توجهاتها، مع إشارات من داخل الأروقة الإسرائيلية إلى أن ذلك جرى بعد إعداد الخطط مسبقاً، من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية على مدى عقود، لكن وتيرة الأحداث تطلبت تعديلات وتغييرات سريعة. واعترف الجيش الإسرائيلي بتدمير أسراب من الطائرات المقاتلة والقاذفات في مطارات عسكرية سورية عدة. كما قال إن معظم الهجمات أدت إلى إلحاق أضرار جسيمة بمنظومة الدفاع الجوي السوري وتدمير أكثر من 90% من صواريخ أرض ـ جو الاستراتيجية التي تم تحديد مواقعها، ما يعني أن سلاح الجو السوري بات خارج نطاق المعادلة العسكرية في المنطقة.
وكان اللواء الركن محمد الحاج علي، الذي يُعد من أوائل الضباط المنشقين عن قوات النظام السوري المخلوع، قد أشار، في السابق، إلى أن القوى الجوية والدفاع الجوي في سورية كانت قبل الثورة، أي قبل عام 2011، تتشكل من فرقتين جويتين، بمجموع 450 طائرة حربية مقاتلة وقاذفة، و200 مروحية، بالإضافة إلى طائرات تدريب واستطلاع، وفرقتين للدفاع الجوي تضمان أنواعاً مختلفة من الصواريخ والأسلحة المضادة للطيران.
توزع سلاح الجو السوري وفي تقصٍ لـ”العربي الجديد”، بمساعدة باحثين عسكريين، ومنهم منشقون عن سلاح الجو السوري، تبيّن أن القوى الجوية في الجيش السوري تشكل نسبة تصل إلى 20% من مجموع قوات الجيش العامة، وتتوزع وفق التراتبية التنظيمية الآتية: قيادة القوى الجوية، وتضم المقر المركزي الموحد في منطقة قاسيون، والمقر الموحد الشمالي في شنشار بحمص “م 2″، والمقر الموحد الجنوبي “م 1” وتتبع له الفرقة 20 جوية، ويتبع لها المطارات التالية: المزة “اللواء 86″، والضمير “اللواء 30″، ومرج السلطان وعقربا تحت مسمى “لواء 59 حوامات”، وبلي في السويداء، والسين “اللواء 17″، والناصرية، وخلخلة “اللواء 73 جوي”، واللواء 29 نقل جوي قرب مطار دمشق الدولي. يضاف إلى هذه المقرات، كل من المقر الموحد الشمالي “م 2” وتتبع له الفرقة 22 جوية، ويتبع لها مطارات الشعيرات “اللواء 50 جوي”، والتيفور “اللواء 70 جوي”، وحماة “اللواء 63”. كما امتلك الجيش ألوية التأمين الإلكتروني “رادارات الطيران”. أما الألوية المستقلة فهي مطار حميميم، واللواء 24 ويتألف من مطاري دير الزور والطبقة بمسمى ثكنة بسام حمشو، ومطار تدمر، ومطار القامشلي.
كذلك هناك المطارات التدريبية التابعة للكلية الجوية، وتضم كويرس “الكلية الجوية”، وأبو الضهور، ومنغ، والمدرسة الفنية الجوية لتدريب كوادر صف الضباط، والمصنع 419 “مطار النيرب” وفيه خطوط لصيانة كافة الطائرات المقاتلة والمروحيات المستخدمة في جيش النظام السابق، فضلاً عن مطار الجراح أو ما يُعرف بمطار كشيش، ومطار تفتناز المروحي. وإلى جانب كل ذلك، هناك المطارات التي تم وقف العمل فيها لصالح الأعمال العسكرية الجوية، كمطار الديماس ومطار الضبعة في حمص، والمطارات الزراعية في إزرع في درعا والحمدان في مدينة البوكمال بدير الزور، وتتبع من الناحية التشغيلية لإدارة القوى الجوية.
أما البنية التنظيمية لقوات الدفاع الجوي، فكانت تتشكل من التالي: فوج صواريخ متحرك بعيد المدى “إس 300″، وفوج صواريخ متحرك على عجل يضم “بانتسير” و”بوك”، وأربعة أفواج صواريخ بعيدة المدى “إس 200″، وألوية الصواريخ قصيرة المدى وهي 8 من طراز “أوسا” واثنان من نوع “كفادرات” (السوفييتية)، والفرقة 24 دفاع جوي مختلطة، ويتبع لها 4 أفواج مدفعية عيار 23 – 57 ملليمتراً وكل فوج مؤلف من 12 إلى 14 سرية مدفعية م/ط (مضاد للطيران)، و4 ألوية مختلطة من أنظمة “بيتشورا فولغا”. وهناك الفرقة 26 دفاع جوي مختلطة، ويتبع لها 4 أفواج مدفعية عيار 23 57 ملليمتراً، وكل فوج مؤلف من 12 إلى 14 سرية مدفعية م/ط، و4 ألوية مختلطة “بيتشورا فولغا”.
رشيد حوراني: هناك صعوبة بالغة بعد الضربات الإسرائيلية في إعادة تشغيل القوى الجوية
وبعد سقوط النظام (في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024) شنّت إسرائيل أكثر من 352 غارة جوية، ودمرت أهم المواقع العسكرية الجوية والدفاع الجوي ومستودعات ذخائر القوى الجوية، كمستودعات السلمية التي تحتوي هذه الذخائر، وفق مصدر خاص. وشملت الضربات مطارات سورية، وأسراب طائرات، ورادارات طيران وأنظمة دفاع جوي، وأخرجتها جميعاً عن الخدمة. وأعلنت أنها دمرت القدرات الاستراتيجية للقوة العسكرية السورية. وبحسب المصدر، فإن تدمير ترسانة الجيش السوري من قِبَل إسرائيل، خاصة فيما يتعلق بالقوى الجوية والدفاع الجوي، تم بموافقة روسية.
حوراني: صعوبة في إعادة تشغيل القوى الجوية وقال الباحث العسكري في مركز جسور للدراسات، والضابط المنشق عن قوات النظام، رشيد حوراني، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن القوى الجوية السورية بالأساس تعاني من ضعف كبير من الناحية التكنولوجية والتدريبية. ولفت إلى أنه من الصعوبة البالغة بعد الضربات الإسرائيلية، التي تلت سقوط النظام، إعادة تشغيل القوى الجوية، لأنها تحتاج إلى منظومة دفاع جوي لتأمين طيرانها قبل الإقلاع، وهو غير متوفر حالياً نظراً لاستهداف المقر الموحد المركزي الشمالي في شنشار 2 الذي يقوم بتوجيه الطيران، ويعمل بالتكامل مع المقر الموحد 1 في قاسيون. وفي حال تمكّن مختصون من استلام المقر 1 بقاسيون، فإنه من المحتمل تمكنهم من نقل مهام المقر 2 بشنشار وحصرها بمقر واحد في سورية، ويمكن تشغيل ما تبقى من عتاد بنسبة 10% مما كان عليه سابقاً في أحسن الأحوال.
وتابع: “توجد عقبة أخرى أمام سلاح القوى الجوية تتعلق باحتمال كبير أن يكون النظام قد أتلف صمامات بعض الأسلحة من رادارات الطيران، أو رادارات الدفاع الجوي وعربات البانتسير، أو ترك بعض المنظومات مغلقة من دون معرفة أكوادها “فولغا – كتائب بيتشورا”، وهذه تحتاج لخبراء كوريين أو روس لإعادة تشغيلها. ولفت حوراني إلى أن إسرائيل لم تستهدف سلاح الدفاع الجوي الميكانيكي المدفعي، كالمدفع 23، وم/ط المحمول على الكتف، كونه قصير المدى، ولا يشكل تهديداً حقيقياً لها.
ويضاف إلى ضعف الناحية الفنية “التقنية” للقدرات الجوية السورية، بحسب حوراني، عدم زيادة خبرة وكفاءة الطيارين فيها من خلال اتباعهم دورات تدريبية في الأكاديميات والكليات العسكرية الروسية المختصة منذ ما قبل عام 2011 لرفض روسيا ذلك، لأسباب منها سياسية، تتعلق بضمان أمن إسرائيل، لأنها في المقابل زودت النظام بأسلحة الدفاع الجوي التي تعتبر دفاعية وليست هجومية، فضلاً عن أسباب اقتصادية تتعلق بديون لها على سورية، وعدم إيفاء الأخيرة بهذه الديون.
وكشف حوراني أن سلاح الطيران السوري تعرّض قبل عام 2011 للعديد من الحوادث التي تتعلق بالناحية الفنية. وقدم مقترحاً لدراسة أسباب هذه الحوادث لرئاسة الأركان العامة في الجيش، فيما إذا كانت تعود لأسباب تتعلق بالناحية النفسية للطيارين وتأثيرها على أدائهم، وقوبل المقترح بالرفض. وفسر هذا الأمر بشكل واضح بعد عام 2011 من خلال اعتماد النظام على المروحيات وتحميلها بالبراميل وإلقائها بشكل بدائي.
بدوره، قال العقيد الطيار إسماعيل أيوب، لـ”العربي الجديد”، إنه لم يكن لسلاح الجو السوري قدرات تفوّق وسيطرة جوية بسبب قدم الطائرات، والتي أغلبها إما منتهية الصلاحية (من حيث ساعات التحليق أو العمر) أو تفتقد للجاهزية، لكونها قديمة وتفتقد لقطع الغيار لتشغيلها بالشكل الأمثل. وعدّد أيوب الأسراب المنتشرة في المطارات، سواء للمقاتلات أو المروحيات، بأنها تتكون من طرازات: سوخوي 24، وسوخوي 22، وميغ 21 و23 و29، و29 التشيكوسلوفاكية التدريبية، والتي استخدمت أيضاً في الطلعات الجوية، بالإضافة إلى أسراب من مروحيات مي 8، ومي 17، ومي 25، وغازيل الفرنسية، وسرب للحوامات البحرية. وبيّن أيوب أن “طائرات ميغ 21، لم يعد يستخدمها حتى البلد المصنع روسيا، وقد نسقتها (أخرجتها عن الخدمة) جميعها، ولم نكن نعرف كطيارين كيف كانت تطير في الأجواء. أما الطائرات الأحدث أو الأكثر جاهزية في سلاح الجو السوري فكانت من طراز سوخوي 24، وهي أيضاً، مقارنة بتطور السلاح الجوي في العالم، تعد قديمة وذات وزن كبير، وغير قادرة على المناورة بالشكل الأمثل”.
إسماعيل أيوب: لم يكن لسلاح الجو السوري قدرات تفوّق وسيطرة بسبب قدم الطائرات
وأشار أيوب إلى أنه خلال سنوات الثورة والحرب، فقد سلاح الجو السوري نحو 120 طائرة مقاتلة ومروحية، مرجحاً أن الكثير منها سقط لكونها تعرضت إلى أعطال فنية أثناء التحليق، لا سيما مشكلة انفجار المحرك، مرجعاً ذلك لانتهاء صلاحية الكثير من الطائرات، التي حلقت لفترات أطول من المسموح لها في عمرها الافتراضي. وكشف أن النظام استعان بقوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر والجزائر وبيلاروسيا لصيانة الطائرات، لكن عدد الطلعات التي نفذها سلاح الجو السوري ضد مختلف المناطق كان كبيراً ويفوق مليون طلعة جوية، وبالتالي عمليات الصيانة لم تكن تنفع مع مثل هذا الرقم، لافتاً إلى أن الطائرات التي خرجت عن الجاهزية والعمل في نهاية 2018، بلغت 80% من طيران القوى الجوية السورية، نتيجة الاستعمال والإجهاد والأضرار.
وبالنسبة للضربات التي وجهتها إسرائيل ضد سلاح الجو السوري في المطارات، أشار أيوب إلى أنه ليس هناك إحصاء دقيق لما استهدفته إسرائيل، لكنه توقع أن تكون الضربات قضت على ما تبقى من طائرات وبنية تحتية لسلاح الجو والدفاع الجوي. وأعرب عن اعتقاده كذلك أن هناك طائرات مخزّنة لم تستهدفها الضربات، لا سيما التدريبية، لكن تلك الطائرات على الأغلب تفتقد للجاهزية، بحسبه، وتجهيزها يحتاج لعمليات فنية وصيانة وقطع غيار. يشار إلى أن سلاح الجو السوري يعتمد على التسلح الشرقي، أي الروسي، في معظم طرازات الطيران الحربي والمروحي، بالإضافة إلى الطائرات التشيكوسلوفاكية التدريبية، مع بعض المروحيات الفرنسية، وهذا النوع من السلاح يتسم بالحجم والثقل من دون النوعية والتكنولوجيا والكفاءة وبالتالي الدقة.
وحول إمكانية بناء سلاح الجو السوري من جديد، أشار أيوب إلى أن “ذلك مرتبط بالظروف السياسية وتوجه الحكومة السورية، وفيما إذا كان هناك توافق دولي على بيع طائرات وسلاح جو للدولة السورية في المستقبل”. وأضاف: “لكن كل ذلك يحتاج إلى سنوات طويلة، وليس مرتبطاً فقط بتجهيز أو تأهيل ما بقي من بنية تحتية وفوقية لسلاح الجو، وإنما بتجهيز الطيارين والفنيين، فمثلاً كان الطيار يحتاج إلى تجهيز لمدة ثلاث أو أربع سنوات، حتى يتمكن من الخروج بطلعة جوية كاملة، طبعاً في حال وجود العتاد. وحتى نحن كوننا طيارين سابقين قادرون على العودة في حال توفر اللياقة الصحية، لكن أيضاً نحتاج لأكثر من عام لترميم الانقطاع عن الطيران، وقادرون أيضاً على تدريب طيارين جدد لكن ذلك يحتاج لأعوام. كما أن وجود الفنيين أهم من وجود الطيارين في المطارات، وكل ذلك مرتبط، كما أسلفت، بوجود رؤية دولية بالسماح بإعادة تأهيل سلاح الجو السوري في ظل المخاوف الإسرائيلية، التي من الواضح أنها لن تتساهل مع هذا الأمر”.
هل يُسمح لسورية بإعادة بناء قدراتها الجوية؟ كانت تركيا أول المنفتحين على الإدارة السورية بقيادة أحمد الشرع. وربما تتجه أنظار الحكومة الجديدة نحو أنقرة، في مسألة ترميم القدرات الدفاعية للجيش بشكل عام، وربما تمهيد الطريق دولياً للسماح بالحصول على السلاح. وكان المتحدث باسم المكتب الإعلامي لوزارة الدفاع التركية زكي أكتورك، قد ذكر، أخيراً، أن “التعاون بين القوات المسلحة التركية والإدارة السورية الجديدة في مجال الدفاع فرصة مهمة، ليس لمصالح البلدين فحسب، بل لاستقرار منطقتنا أيضاً”، مؤكداً دعم بلاده لنداء تشكيل جيش موحد وجهود الإدارة السورية الجديدة بهذا الخصوص. وتابع: “نحن على استعداد للعمل مع الإدارة السورية في الحرب ضد الإرهاب”، لافتاً إلى أن “البنية التحتية القوية للصناعات الدفاعية التركية، وخبرة الجيش في مكافحة الإرهاب التي اتخذتها العديد من الدول مثالاً، ستقدم مساهمات كبيرة بزيادة القدرة الأمنية والدفاعية لسورية”.
صحيفة العربي الجديد
—————————-
الزيارات إلى سورية… عرض غربي واحد وطلبات كثيرة
تحديث 11 كانون الثاني 2025
العرض خلال الزيارات إلى سورية هو رفع العقوبات، وهي من ثلاثة أنواع مختلفة، الأول يتعلق بإدراج “هيئة تحرير الشام” على لوائح الإرهاب الأميركية والأوروبية، والثاني يشمل تلك التي كانت مفروضة على النظام السابق، وبعضها يعود إلى زمن الرئيس الراحل حافظ الأسد، والبقية على نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، أغلبها يعود إلى ما بعد عام 2011. الطلبات يمكن تلخيصها في عدة بنود، الأول هو بناء دولة تقوم على التشاركية بين مكونات المجتمع السورية الطائفية والإثنية، وهذا ما بات يعرف بالأقليات حسب المصطلح المتداول، وتشمل المسيحيين، العلويين، الدروز، الأكراد، والترجمة الفعلية لهذا الطلب هي اعتماد مبدأ المحاصصة، المعمول به في العراق، وتفصيل الدولة السورية الجديدة على أساسه، فتعتمد اللامركزية، بما في ذلك تشريع أشكال من الفيدرالية والإدارة الذاتية.
شكل الدولة في سورية الطلب الثاني خلال الزيارات إلى سورية هو أن تكون هذه الدولة مدنية، وعلى نحو صريح ألا تكون السلطة من لون واحد، وبشكل محدد عدم أسلمة النظام، التي بدأت تبرز من خلال بعض الإشارات ذات الصبغة الدينية القوية، ومن ذلك التعديلات على مناهج التعليم التي نشرتها وزارة التربية والتعليم، أو التصريحات الصادرة عن مسؤولين في حكومة تصريف الأعمال، فيما يخص مشاركة المرأة وحقوقها وعملها ودورها، ومثال ذلك الحديث الذي أدلت به مسؤولة شؤون المرأة عائشة الدبس. وفي رأي الدبلوماسيين الغربيين الذين زاروا سورية، والتقوا رئيس الإدارة الجديدة أحمد الشرع، لن تتم الاستجابة للطلبات الغربية من خلال قرارات سريعة، بل عن طريق عملية سياسية تقودها حكومة انتقالية، تحقق المواصفات المطلوبة في المرحلة المقبلة. وهذا ما خلصت إليه زيارة وزيري الخارجية، الفرنسي جان نويل بارو، والألمانية أنالينا بيربوك، إلى دمشق في الثالث من يناير/كانون الثاني الحالي. وأثارت بيربوك زوبعة من النقاش حول أسلوبها وتصرفاتها الخارجة عن الأعراف الدبلوماسية، فهي نزلت من الطائرة العسكرية الألمانية، التي أقلتها من قبرص إلى دمشق، مرتدية درعاً مضاداً للرصاص، وذهبت إلى القصر الجمهوري بلباس صنف على أنه “غير رسمي”.
في رأي الدبلوماسيين الغربيين الذين التقوا الشرع، لن تتم الاستجابة للطلبات الغربية من خلال قرارات سريعة
وتركت زيارة الوزيرين انطباعات سلبية لدى الرأي العام، فبدلاً من أن تثمر عن الضغط على الإدارة الجديدة، التي تمت من أجله، فإنها انعكست سلباً، بسبب ما صدر عن الوزيرين الذين ظهر من بعض تصرفاتهما، أنهما تعمدا تجاوز الإدارة الجديدة. الوزير الفرنسي استبق الاجتماع مع الشرع باللقاء مع ممثلي الكنائس السورية، والوزيرة الألمانية باللقاء مع منظمات نسوية سورية من المجتمع المدني. ورأى مختصون بالبروتوكول، أنه كان يجب عكس جدولي الوزيرين. وشكّلت الزيارة محطة مهمة على صعيد علاقات سورية مع أوروبا في المدى المنظور، وذلك لعدة أسباب. أولها هو أن الزيارة تمثل بلدان الاتحاد الأوروبي الـ27، لا فرنسا وألمانيا فقط، اللتين تعتبران رأس القاطرة الأوروبية، وأهم اقتصادين، وقوتين سياسيتين في القارة، ويمكن لهما أن تسهّلا أو تعطلا أي تحرك أوروبي. وبالتالي، فإنهما ستشكلان من الآن وصاعداً مرجعية القرار الأوروبي تجاه سورية، وتلتقي معهما في ذلك بريطانيا، التي تشاركهما أغلبية المواقف من القضايا الدولية، رغم أنها باتت خارج الاتحاد الأوروبي رسمياً.
السبب الثاني هو أن الدولتين على صلة مباشرة بالشأن السوري أكثر من أي طرف غربي آخر. فرنسا دولة انتداب سابقة على سورية، وتحتفظ بعلاقات تاريخية وثقافية متينة وراسخة معها، وهناك نخب فرانكوفونية سورية مؤثرة اقتصادية وسياسية وثقافية، كما أن باريس على علاقة مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتحتفظ بقوة عسكرية رمزية إلى جانب “قسد” في شمال شرق سورية، وتقوم بطلعات جوية، وعمليات قصف في إطار حرب التحالف الدولي ضد “داعش”، وهي تراهن على توظيف كل هذا الثقل على نحو يخدم مصالحها بما هي دولة من جهة، ومن جهة أخرى، من أجل تمكين الأطراف التي تعدها حليفة لها، وذلك على حساب الدولة المركزية.
ورقة المساعدات وسط الزيارات إلى سورية أما ألمانيا، فإنها تلوح وسط الزيارات إلى سورية بورقتي المساعدات والمشاركة في إعادة الإعمار، بالإضافة إلى أنها الدولة الأوروبية التي تحتل المرتبة الأولى في استقبال اللاجئين السوريين، الذين غادروا بلدهم هرباً من الحرب التي شنها النظام وحلفاؤه الإيرانيون والروس والمليشيات العابرة للحدود، ويتجاوز عددهم 750 ألف. وقد تمكنت الغالبية العظمى من هؤلاء من التكيف مع شروط الحياة والعمل والتعليم في ألمانيا، وحصل عدد كبير منهم على الجنسية، وهم يسهمون بدور في سوق العمل، ويحظون بسمعة جيدة أهّلتهم ليكونوا النسبة الأكبر من المجنسين الأجانب على مدى السنوات الثلاث الأخيرة. السبب الثالث هو أن كلا من ألمانيا وفرنسا ليستا على وفاق تام مع تركيا، التي تعدّ أقرب حلفاء الإدارة الجديدة في سورية، وهناك خشية لدى كل منهما أن يتقارب الحكم الجديد مع تركيا إلى شكل من أشكال التحالف، مما يؤثر على المصالح الفرنسية ـ الألمانية، ويرفع من رصيد تركيا التي تحتفظ بحضور مهم في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط في سورية وليبيا. وتخشى أوروبا أن تتحول سورية بعد انحسار النفوذ الإيراني الروسي إلى ساحة للنفوذ التركي، الذي يقترب من إسرائيل.
السبب الرابع هو مواقف الدول العربية، خصوصاً دول مجلس التعاون الخليجي ومصر، وهنا تجب الإشارة إلى أن زيارة الوزيرين في سياق الزيارات إلى سورية جاءت بعد أول زيارة لمسؤولين من الحكم الجديد في سورية إلى الخارج كانت إلى السعودية، وقام بها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الذي زار الرياض بدعوة من نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ورافقه فيها كل من وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز المخابرات أنس خطاب. وقد كانت نتائج الزيارة مفاجئة لما تضمنته من اهتمام سعودي بإرساء علاقات متينة مع الحكومة الجديدة، وحرص على استقرار سورية ومساعدتها من أجل تجاوز الوضع الصعب الذي تعيشه. وفي سياق الزيارات إلى سورية هذه صب اهتمام دول مجلس التعاون الخليجي بالاستقرار في سورية بعد الزيارة التي قام بها الأمين العام للمجلس جاسم محمد البديوي، برفقة وزير خارجية الكويت عبدالله علي اليحيا. وفي هذه الحالة هناك عامل إيجابي، من خلال تحول سورية إلى منطقة لتعزيز التفاهم العربي الأوروبي. الموقف المصري المتأرجح من التغيير في سورية، لم يترك صدى لدى فرنسا وألمانيا، وقد كان التقدير في بعض الدوائر العربية، التي ترعى الثورة المضادة، أن يشكل ذلك كابحاً يبعث على التريث ويحد من حماسة الأوروبيين في التواصل مع سورية وبناء حوار معها قائم على العرض والطلب. وهناك افتراق واضح في زاوية النظر إلى الخطر الإيراني على العالم العربي بين تقدير العواصم الأوروبية، وبين القاهرة.
يرفض الأوروبيون النهج الإسرائيلي في سورية من دون الضغط على إسرائيل
السبب الخامس يتعلق بالنهج الإسرائيلي في التعاطي مع سورية، الذي لا يبدو مقبولاً من طرف الأوروبيين الذين يعلنون دعمهم لسيادة سورية على أراضيهم، ورفضهم لعمليات التوغل الأخيرة التي تلت سقوط النظام، ورفض الاعتراف باحتلال الجولان السوري، ولكنهم يشجعون على إيجاد تسوية بين إسرائيل وسورية الجديدة، من دون ممارسة أي شكل من أشكال الضغط على إسرائيل كي توقف اعتداءاتها المتكررة على الأراضي السورية، وانتهاك السيادة السورية بشكل يومي، الأمر الذي يهز استقرار المنطقة، ويفتح الباب أمام عودة المزايدة الإيرانية بالمقاومة. وهناك سبب أخير يخص الموقف من إيران. ويبدو أن الأوروبيين ليسوا على الموجة ذاتها مع الإسرائيليين والأميركيين. ورغم التصريحات النارية بضرورة اتخاذ الحكم الجديد خطوات صارمة لمنع عودة إيران إلى سورية، فإن العلاقات الأوروبية الإيرانية ليست على درجة من السوء، وهي تحافظ على مستوى جيد من التفاهم وتبادل المنافع ورعاية المصالح المشتركة. ورغم العقوبات الأوروبية على إيران لم تتوقف الاتصالات واللقاءات بين الطرفين، والدليل على ذلك الاجتماع المرتقب في جنيف السويسرية، بشأن البرنامج النووي الإيراني، المقرر في 13 يناير الحالي، بين إيران وكل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وذلك قبل أسبوع من بدء ولاية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في 20 يناير الحالي.
الابتعاد عن الشروط والإملاءات ما جاء على لسان الوزيرين، خلال الزيارات إلى سورية وما حملته التصرفات التي بدرت عنهما لا يعكس توجهاً لمساعدة الشعب السوري على تجاوز المرحلة الصعبة، بلا شروط وإملاءات، وهناك من ينظر إليه على أنه تجريب لوصفة جاهزة للتدخل في الشؤون الداخلية، ونصب بعض الفخاخ التي تقود إلى تجزئة سورية إلى مقاطعات طائفية وعرقية، وفي أحسن الأحوال، يسعى إلى إضعاف الحكم الجديد، بهدف مصادرة قراره المستقل، وإلزامه بخطوات سياسية لاحقة منها التطبيع وتوقيع اتفاقات مع إسرائيل، تتضمن الاعتراف بها والقبول باحتلالتها لجزء من الأراضي السورية. واللافت هنا هو حديث وزير الخارجية الفرنسي عن استعداد فرنسا لمساعدة سورية في صياغة الدستور الجديد، مع علمه أن هذه المسألة سيادية، ومن اختصاص أهل البلد أنفسهم، الذين لا تنقصهم الخبرة في هذا المجال، ولديهم تجارب سابقة في عام 1920 حين وضعوا أول دستور، لكن الانتداب الفرنسي عطّل العمل به. وبعد تحقيق الاستقلال عن فرنسا، وضع السوريون دستوراً جديداً في عام 1950، لا يزال صالحاً، وهناك بعض المراجع القانونية تدعو للأخذ أو الاسترشاد به. وثمة من يرى أن الاقتراح الفرنسي ربما حمل في طياته محاولة لفرض مواد تناسب الأطروحات التي حملها الوزير بخصوص شكل الدولة السورية الجديدة.
العربي الجديد
———————-
قائد «الحرس الثوري»: نحن لا نجعل أي دولة أو منطقة أخرى ساحة لمعركتنا… ولا نستخدم #سوريا عسكرياً
تحديث 11 كانون الثاني 2025
شارك آلاف من عناصر «الحرس الثوري» الإيراني في طهران، الجمعة، بمسيرة «السائرون إلى القدس» عارضين خلالها مركبات عسكرية وأسلحة ثقيلة بهدف إظهار استعدادهم لمواجهة التهديدات التي تستهدف إيران. وانطلقت المسيرة صباحاً في شوارع العاصمة بمشاركة مجموعات من قوات «الباسيج» التابعة لـ«الحرس».
وقال المسؤول في «الحرس الثوري»، الجنرال محمد رضا نقدي، في خطاب خلال العرض، إن الولايات المتحدة «هي المسؤولة عن كل مصائب العالم الإسلامي». وأضاف: «إذا تمكنا من تدمير النظام الصهيوني وسحب القواعد الأميركية من المنطقة، فإن إحدى مشاكلنا الكبرى سوف تُحل»، في إشارة إلى إسرائيل العدو اللدود لإيران.
وسار رجال يرتدون الزي العسكري فيما استقل آخرون دراجات نارية ومركبات، وحمل بعضهم قاذفات صواريخ أمام حشود رفعت أعلام إيران وفلسطين و«حزب الله» اللبناني المدعوم من طهران. وحمل مشاركون أيضاً صوراً للمرشد الإيراني علي خامنئي وشخصيات في «محور المقاومة» المشكل من فصائل مسلحة في دول مختلفة مدعومة من إيران.
وعُرضت نماذج من صواريخ ومسيّرات إيرانية الصنع، ومعدات عسكرية أخرى في شوارع العاصمة طهران. وقال قائد «الحرس الثوري» في العاصمة، الجنرال حسن زاده، في تصريح تلفزيوني إن «أحد أهداف المسيرة هو دعم شعب غزة وفلسطين». وأضاف: «نسعى أيضاً إلى إظهار أن قوات الباسيج مستعدة لمواجهة أي تهديد من أعداء الثورة الإسلامية». ولا تعترف إيران بدولة إسرائيل، وجعلت دعم القضية الفلسطينية إحدى ركائز سياستها الخارجية منذ الثورة الإيرانية عام 1979.
من جانبه، صرح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي أنه «سوف يتم قريباً الكشف عن مدن الصواريخ والمسيّرات وسيرى الجميع قوة إيران وعمقها غير المرئي»، مضيفاً أن إيران «لم تضعف ولم تتراجع عن مواقفها السياسية».
ونقلت وكالة «إرنا» عن سلامي قوله: «لم نطلق حتى رصاصة واحدة من الأراضي السورية واللبنانية باتجاه الكيان الصهيوني، لكننا رددنا على هذا الكيان بشكل رسمي وواضح وصريح بصواريخنا ومن أرضنا». وتابع: «نحن لا نجعل أي دولة أو منطقة أخرى ساحة لمعركتنا، لأننا كبيرون إلى حد نستطيع فيه الرد على أي تهديد من أراضينا. وعندما يدمرون سفننا في البحر، يعرف الصهاينة أين أصيبت سفنهم».
وبالإشارة إلى ادعاءات الأعداء بأن إيران أصبحت ضعيفة بعد سقوط سوريا، قال سلامي: «نحن لا نستخدم سوريا عسكرياً، وأنه مع سقوطها يجب أن نقلق بشأن ردعنا… يريد الأعداء أن يقولوا إن إيران أصبحت ضعيفة، فهل نحن أقوى في إغلاق المضايق اليوم أو في الأعوام السابقة؟».
وأضاف سلامي أنه سوف يتم قريباً الكشف عن مدن الصواريخ والمسيّرات «وسيرى الجميع قوة إيران وعمقها غير المرئي».
«لم نضعف ولم نتراجع عن مواقفنا السياسية، بل قادرون على تدمير القواعد الإقليمية للأعداء». وتابع أنه «من المؤكد أن الدول التي تفرض العقوبات على إيران ستنهار بنفسها ما إذا تعرضت لعقوبات مثل العقوبات التي تعرضت لها إيران، لكن إيران ما زالت صامدة».
وكان المستشار الأعلى للقائد العام لـ«الحرس الثوري»، حسين طائب، قال، الخميس، إن عملية «الوعد الصادق 3» ستنفذ عندما يكون تأثيرها الاستراتيجي أكبر من عملية «الوعد الصادق 2»، مضيفاً أن «السلاح الاستراتيجي يجب استخدامه في الوقت المناسب وبشكل مدروس».
ووفقاً لما نقلته وكالة «انتخاب»، أشار طائب خلال كلمة ألقاها في ندوة بمدينة قم، إلى المطالبات المتعلقة بتنفيذ عملية «الوعد الصادق 3»، قائلاً: «في الوضع الحالي، إذا قيل إن الميدان يجب أن يتبع الرأي العام، فهذا كلام خاطئ». وأضاف، بحسب «وكالة الأنباء الإيرانية» (إرنا)، أنه لا توجد خلافات داخل المجلس الأعلى للأمن القومي بشأن القضايا الدفاعية والأمنية، مشيراً إلى أنه «من وجهة نظر الأميركيين، لا يوجد فرق بين عمليات (الوعد الصادق 1) و(2)».
وأوضح أنه عندما كانت عملية «الوعد الصادق 1» على وشك التنفيذ، أرسل الأميركيون رسالة عبر وزير خارجية بريطانيا إلى وزير الخارجية الإيراني، مفادها: «لا تهاجموا إسرائيل، نحن سنضغط عليها لإنهاء الحرب مع حركة (حماس)». وتابع أن إيران ردت على طلب الولايات المتحدة بالقول: «نحن نفعل كل ما نستطيع لإنقاذ الشعب الفلسطيني المظلوم. والأميركيون كانوا يحاولون تأجيل عملية (الوعد الصادق 1)، لكننا أفشلنا خططهم ونفذنا العملية في الوقت المناسب».
صحيفة الشرق الأوسط
——————————
حزب البعث في سوريا: من حلم الوحدة إلى أداة السلطة
تحديث 11 كانون الثاني 2025
قبل ما يقرب من 80 عاما، كانت مجموعة من المعلمين والطلبة السوريين تبشر في المقاهي والمدارس بأفكار تدعو إلى وحدة العرب تحت مظلة حزب واحد يقود “الأمة العربية” إلى مستقبل واعد.
وبعد نحو عشرين عاما على ذلك، سيحكم الحزب – الذي سيحمل اسم “البعث” – سوريا، قبل أن تتطور الأمور ويكون اسمه مرتبطا عند معارضيه بالقمع والتسلط السياسي في البلاد.
فكيف تطور حزب سياسي أنشأه حالمون بمستقبل أفضل، إلى أداة للاستبداد ورمز للديكتاتورية؟ وهل يتعلق الأمر بسوء تطبيق أفكاره، أم أن الأزمة تكمن في تلك الأفكار ذاتها؟
وحدة العرب وُلد حزب “البعث” من رحم أفكار تدعو إلى وحدة العرب، وهي أفكار بدأت بالتشكل في أواخر القرن التاسع عشر في مناطق عدة بالشطر الآسيوي من العالم العربي، كانت حينها خاضعة للحكم العثماني منذ القرن السادس عشر.
وفي بداية العقد الثاني من القرن العشرين، بدأ مثقفون موالون لفكرة العروبة بمعارضة توجهات السلطات الجديدة في الدولة العثمانية التي تبنت سياسة التتريك ومحاباة القومية التركية.
ثم جاءت الحرب العالمية الأولى (1914-1918) لتعطي زخما لأفكار توحيد العرب ضمن دولة واحدة في ظل الانتفاضة المسلحة ضد الحكم العثماني التي قادها حاكم مكة الشريف حسين، المدعوم من قبل بريطانيا، وما تلاها من تولي ابنه فيصل عرش سوريا، قبل أن يخلعه الفرنسيون ويتولى لاحقاً حكم العراق بدعم البريطانيين عام 1921.
كانت حدود الأمة العربية الموحدة التي حلم بها فريق القوميين الأوائل تنتهي عند صحراء سيناء قبل أن تتطور الفكرة لاحقاً لتشمل مصر والدول المغاربية في شمال إفريقيا، على حد قول المؤرخ اللبناني الأصل ألبرت حوراني في كتابه “الفكر العربي في عصر النهضة: 1798 1939”.
جدل التأسيس وبينما كانت سوريا خاضعة للاحتلال الفرنسي في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، بدأت الأصوات الداعية للوحدة العربية في تأسيس جماعات وأحزاب سياسية تدعو أيضا للاستقلال والتخلص من الاستعمار.
وجاءت حقبة أربعينيات القرن العشرين لتشهد سوريا تأسيس حزب البعث، الذي يبدو أنه يثير الجدل والنقاش حتى في محاولة تحديد التفاصيل الخاصة بمولده.
فهناك روايتان حول مؤسس “البعث”، إحداها ترجّح أنه من بنات أفكار زكي الأرسوزي، ابن مدينة اللاذقية، فيما تقول الأخرى أنه تأسس على يد اثنين من مثقفي دمشق، وهما ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار.
كان الأرسوزي يمتهن التدريس وواصل دراسته في جامعة السوربون بفرنسا قبل أن يعود ويشهد حالة الغضب في سوريا حيال قرار فرنسا التنازل عن منطقة الإسكندرونة لصالح تركيا عام 1939، وهو ما دفعه إلى التمسك بالأفكار القومية العربية.
وتتسم كتابات الأرسوزي بتمجيد مفهوم الأمة متأثرا بآراء المفكرين الألمان الذين دعموا وحدة ألمانيا في القرن التاسع عشر.
كذلك كان يبالغ في إشادته بأصالة اللغة العربية جاعلًا إياها أصل الكثير من اللغات السامية، فأسماء الفراعنة والكلدانيين والآشوريين “إنما هي تحريف لأسماء عربية” كما جاء في كتابه “الأمة العربية: ماهيتها، رسالتها، مشاكلها”.
وبينما كان يشيد الأرسوزي بالعرب لدرجة ترفعهم إلى مقام التقديس، فإن كتاباته احتوت أيضا على عبارات مسيئة بحق شعوب أخرى كالأتراك والفرس (الإيرانيين).
وتفيد روايات تاريخية بأن الأرسوزي أسس مع عدد قليل من رفاقه، حزبا سماه البعث في عام 1940.
وبغض النظر عن الاسم الذي حمله حزب الأرسوزي، فإنه لم يستمر طويلًا، إذ سرعان ما انفض رفاقه عنه، لينضموا إلى تجمع قومي آخر.
في ذلك الوقت كان عفلق والبيطار، وهما أيضاً ممن درسوا في جامعة السوربون، يبشران بالقومية العربية بين طلاب مدرسة التجهيزية الثانوية بدمشق حيث كانا يعملان في التدريس، بحسب دراسة الأكاديمي السوري نبيل الكيلاني “البعث السوري: 1940-1958: نجاح سياسي وإخفاق حزبي”.
وبينما كان البيطار مدرساً للعلوم والرياضيات، فإنّ تخصص عفلق في التاريخ ساعده في صقل كتاباته المبشرة بالقومية العربية، والتي ستصبح فيما بعد أهم أدبيات التيار القومي.
وتمتلئ كتابات عفلق بالإشارات إلى ضرورة إحداث انقلاب ثقافي وروحي في عقول العرب لكي يضطلعوا بمهمة تحقيق الوحدة بينهم، التي ستكفل لهم العودة إلى المكانة البارزة التي كانوا يحتلونها في الماضي بحسب رأيه، وهي الفكرة التي ستتجسد في شعار “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة”.
ومن اللافت أيضاً في كتابات عفلق، وهو المسيحي الأرثوذكسي، الإشادة المتكررة بالإسلام والنبي محمد، ففي خطاب شهير عام 1943، أثنى عفلق على سيرة حياة النبي العربي التي قال إنها “صورة صادقة ورمز كامل خالد لطبيعة النفس العربية وممكناتها الغنية”.
وفي النهاية تجمع في مقهى الرشيد بالعاصمة دمشق في أبريل/نيسان عام 1947 عشرات الشباب أغلبهم من سوريا في مؤتمر تأسيسي لتبني صيغة دستور لحزب البعث العربي وانتخاب لجنة تنفيذية كان على رأسها عفلق والبيطار.
والبعث عند الآباء المؤسسين للحزب، سواء الأسوزي أو عفلق والبيطار، هو مرادف للإحياء، إي استعادة “الفترة الذهبية للعرب”، دون تحديد دقيق لبداية تلك الحقبة الزمنية ونهايتها. لكن يمكن القول إنها تشمل مرحلة تأسيس الدولة التي ظهرت مع انتشار الإسلام في أوائل القرن السابع الميلادي وامتدت لتشمل مناطق شاسعة من آسيا وأفريقيا بل وحتى أوروبا.
الحوراني والعسكر في عام 1949، أعلن القائد العسكري حسني الزعيم حل مجلس النواب وأطاح بالحكومة ورئيس الجمهورية السورية، لتدخل البلاد في الدوامة الأولى من الانقلابات العسكرية التي استمرت حتى عام 1954.
وخلال تلك الفترة، بدأت تتشكل علاقة معقدة بين الجيش السوري والأحزاب، ومن بينها حزب البعث.
ففي غضون خمس سنوات سيسجن عفلق لفترة قصيرة، ثم يتولى بعدها وزارة المعارف، ثم يُنفى خارج البلاد .
وخلال تلك الفترة، لم يمتلك حزب البعث قاعدة جماهيرية كبيرة، إذ ظل حزباً للطلاب والمثقفين من أبناء الريف، وهو الأمر الذي سيتغير مع قدوم السياسي أكرم الحوراني.
كان الحوراني من مواليد حماة، وقد أولى اهتماماً مبكراً بأوضاع الفلاحين المتدهورة وعلاقتهم بكبار الملاك، ما أكسبه شعبية في أوساط المزارعين المهمشين في محافظة حماة، سمحت له بدخول البرلمان السوري أكثر من مرة، بل وتم اختياره لشغل منصب وزير الدفاع.
وفي عام 1952، اتفق ميشيل عفلق وصلاح البيطار مع أكرم الحوراني على أن يندمج حزب الأخير، العربي الاشتراكي، مع حزبهما، البعث العربي، لتكوين حزب البعث العربي الاشتراكي.
وسرعان ما ظهرت ثمار هذا الاندماج في الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 1954 بعد سقوط حكم القائد العسكري أديب الشيشكلي.
فبينما تصدر حزب الشعب صاحب الشعبية الكبيرة في حلب قائمة الأحزاب الفائزة، تمكن حزب البعث من تحقيق مفاجأة بحصد العديد من المقاعد، إذ فاز بأغلبية المقاعد في محافظة حماة، معقل أكرم الحوراني، وبدأت أفكار الحزب بالانتشار في دول أخرى، أبرزها العراق.
وكانت أفكار حزب البعث الاشتراكية جاذبة لقطاع من السوريين من أبناء الأصول الريفية على اختلاف خلفياتهم الدينية، كما أدت التركيبة السكانية لسوريا إلى زيادة جاذبية البعث عند الأقليات، فالحزب ذو التوجهات الاشتراكية الداعمة للإصلاح الزراعي كان أكثر شعبية في الأرياف التي يتزايد فيها وجود الأقليات مقارنة بالمدن الكبرى ذات الحضور السني المكثف، بحسب ما جاء في كتاب الباحث والدبلوماسي الهولندي نيكولاس فان دام “الصراع على السلطة في سوريا”.
وتأسس الحزب على أساس هرمي، على رأسه القيادة القومية بزعامة عفلق بوصفه الأمين العام، تلتها فروع في الأقطار العربية تعتني بشؤون الحزب في كل بلد عبر قيادة قطرية.
وبدا في تلك الفترة أن الأحزاب السياسية في سوريا لم تعد مهتمة برصيدها الجماهيري فقط، بل سعت أيضاً إلى اجتذاب ضباط الجيش.
إذ كان للبعث، كغيره من الأحزاب السورية، أنصار داخل الجيش، ولعل من أبرزهم العقيد عدنان المالكي، الذي أدى اغتياله في عام 1955 إلى إقصاء الحزب القومي السوري من الساحة السياسية بعد أن اتُهم الحزب بالمسؤولية عن حادثة الاغتيال.
لكن الضابط الذي سيلعب الدور الأهم في تاريخ البعث وسوريا في الفترة التي تلت ذلك لم يكن سورياً، بل جاء من مصر.
عبد الناصر كانت شعبية الرئيس المصري جمال عبد الناصر قد تزايدت بشكل كبير في العالم العربي عقب قرار تأميم قناة السويس عام 1956، وما أعقبه من حرب شنتها بريطانيا وفرنسا وإسرائيل انتهت بتحقيقه مكاسب سياسية.
وفي العام التالي، كانت سوريا محط أنظار العالم في ظل إقدام الحكومة السورية على تعيين مسؤولين وضباط – كانت دول غربية تعتقد أنهم موالون للحزب الشيوعي السوري – في مناصب بارزة، الأمر الذي كاد أن يشعل فتيل مواجهة دولية بين الاتحاد السوفيتي، راعي الشيوعيين في العالم، والولايات المتحدة التي كانت تتوجس من أي مكاسب يحققها الشيوعيون في أي بقعة على الأرض.
وفي ظل هذه الأجواء، بادرت مجموعة من الساسة والضباط بالتوجه إلى القاهرة لكي تطلب من عبد الناصر القبول بوحدة بين مصر وسوريا.
كان من الطبيعي أن يتقدم حزب البعث وفود السوريين المبايعين لعبد الناصر صاحب التوجهات القومية، لكن الأمر قد يكون مرتبطاً أيضاً بخوف الحزب من تعاظم نفوذ الحزب الشيوعي المدعوم من قبل موسكو، كما يشير باتريك سيل في كتابه “الأسد: الصراع على الشرق الأوسط”.
وافق عبد الناصر على الوحدة مقابل شرطين رئيسيين، وهما حل الأحزاب في سوريا ليكون المشهد السياسي فيها مطابقاً للوضع في مصر، ومنع الجيش من المشاركة في السياسة.
وفي فبراير/شباط 1958، أُعلنت الوحدة بين مصر وسوريا، وأسندت للساسة البعثيين مناصب بارزة في “الجمهورية العربية المتحدة”.
شهر العسل بين عبد الناصر والبعثيين لم يدم طويلاً، فبعد عامين استقال الساسة البعثيون من الحكومة احتجاجاً على تفرد المصريين بالقرارات المصيرية، إلى جانب توسع الدولة البوليسية التي كان أبرز ممثليها الضابط السوري عبد الحميد السراج، الذي كان يُنظر إليه كرجل عبد الناصر القوي في دمشق.
وخلال فترة الوحدة، أعربت مجموعة من الضباط السوريين الموالين للبعث، الذين تم نقلهم إلى مصر، عن سخطها حيال الأوضاع القائمة، هذه “اللجنة العسكرية”، التي كانت نواتها في عام 1960 مشكلة من خمسة ضباط كان من بينهم الضابطان الشابان صلاح جديد وحافظ الأسد، سيكون لها لاحقاً دور مهم في مستقبل سوريا.
وفي عام 1961، انتهى حلم الوحدة عبر انقلاب جديد في سوريا، وكان من اللافت أن القيادي البعثي أكرم الحوراني كان من بين الساسة الذين دعموا الانفصال عن مصر، بينما عارضه ميشيل عفلق، وتذبذبت مواقف صلاح الدين البيطار بين التأييد والمعارضة.
وجاءت تجربة الوحدة ثم الانفصال لتُحدث شرخاً بين قادة البعث وقاعدته، فهناك من وجد غضاضة في قبول الحزب شرط عبد الناصر بحل الأحزاب، بينما ندد فريق آخر بمشاركة قادة الحزب في دعم الانفصال عن مصر عبد الناصر.
البعث في الحكم شهدت سوريا عقب الانفصال عودة الحياة الدستورية وحرية الصحافة وإجراء انتخابات تنافسية، لكن تلك المرحلة لم تستمر طويلاً، إذ انتهت في عام 1963 الذي مثّل نقطة فاصلة في تاريخ حزب البعث في سوريا وخارجها.
ففي فبراير/شباط 1963، تمكن ضباط قوميون وناصريون وبعثيون من الإطاحة بحكم رئيس الوزراء العراقي عبد الكريم قاسم، ليبدأ العراق مرحلة من التطورات انتهت في عام 1968 بانفراد حزب البعث بالحكم.
أما في سوريا، فجاء انقلاب 8 مارس/آذار 1963 الذي شارك فيه ضباط ناصريون وقوميون بجانب أعضاء اللجنة العسكرية البعثية، ليضع نهاية لحقبة الانفصال وما شهدته من انفتاح سياسي، ويدشن مرحلة جديدة في تاريخ البلاد.
كان الضباط البعثيون الشباب أكثر ولاء لتطلعاتهم السياسية من التزامهم بتوجيهات القادة المؤسسين للحزب، وهكذا بدا أن هناك نسختين لحزب البعث: الأولى الخاصة بالآباء المؤسسين، التي كانت غارقة في المناقشات وتصفية الحسابات حول أخطاء الوحدة، والثانية معنية بتوطيد سيطرة الضباط على الحكم، حتى وإن كان ذلك بشكل غير مباشر ومن وراء الكواليس.
وانعكس ذلك الانقطاع بين البعث القديم ونسخته العسكرية الجديدة على مستقبل أكرم الحوراني، الذي انفصل عن رفيقيه عفلق والبيطار قبل أن يغادر سوريا، ويكتفي بمراقبة الأحداث في بلاده حتى وفاته في الأردن عام 1996.
شهدت الفترة التي تلت انقلاب 1963 محاولات غير جادة لتحقيق وحدة جديدة بين سوريا والعراق ومصر دون أن تسفر عن أي تقدم، بل تسببت في المزيد من التوتر بين البعث بشطريه وعبد الناصر الذي وجه انتقادات لاذعة للحزب وزعمائه، كما يشير الكاتب اللبناني سليمان الفارزلي في كتابه “حروب الناصرية والبعث”.
لكن الحكام الجدد في دمشق باشروا بالعودة إلى سياسات التأميم والإصلاح الزراعي اليسارية التي انتهجها عبد الناصر، وهي سياسات لا تزال تثير جدلاً حول جدواها بين مؤيدين ومعارضين، لكنها عادت بالنفع على شرائح من الفقراء والمهمشين، خاصة الفلاحين، وساهمت في تحسن أوضاع البنية التحتية في المناطق الريفية بشكل كبير.
ومثلما كان الحال في زمن الوحدة تحت قيادة عبد الناصر، فإن حكم البعث بداية من عام 1963 لم يشهد إجراء أية انتخابات تنافسية، وغابت المعارضة السياسية الحقيقية تماماً، وقمع المعارضون.
واتبع الحكم الجديد في سوريا خطاً سياسياً ملتزماً بدعم الفلسطينيين في الصراع ضد إسرائيل، وهو ما أسفر في نهاية المطاف، مع عوامل أخرى، عن نشوب حرب يونيو/حزيران 1967 التي تكبدت فيها سوريا ومصر والأردن خسائر كبيرة على يد إسرائيل.
وبينما يمكن أن تكون أدبيات البعث الداعمة بشدة للفلسطينيين والرافضة لتأسيس دولة إسرائيل مفتاحاً لفهم الموقف السوري من الصراع مع إسرائيل، فإن هناك فريقاً من الباحثين والمراقبين يرى أن الحكومات السورية استخدمت الصراع مع إسرائيل لتحويل الانتباه عن الخلافات الداخلية المتعددة، كما يقول الاكاديمي الإسرائيلي يعقوب بار سيمون توف في كتابه (السياسة المترابطة في الشرق الأوسط: سوريا بين الصراع الداخلي والخارجي، 1961-1970).
وأثار الخط العروبي للبعث انتقادات من قبل أكراد سوريا الذين اتهموا الحزب بتنفيذ سياسات تعريب قسرية ستنتهي لاحقاً بإجراء عملية تغيير ديموغرافي في شمال البلاد، وسيكون الأكراد هم ضحيتها.
البعث ضد البعث وشهدت أيضاً فترة ما بعد انقلاب 1963 صدامات بين البعث والناصريين، كما شهدت مواجهات وتصفية حسابات داخل حزب البعث ذاته، ليست بين التيارين القديم والجديد فحسب، بل بين رفاق الأمس من أعضاء اللجنة العسكرية.
وعقب انقلاب آخر حدث في عام 1966، تمكن الجناح الذي يضم صلاح جديد وحافظ الأسد من إحكام قبضته على الحكم ليرحل عفلق والبيطار إلى خارج البلاد، واستقل عفلق لاحقاً في العراق، حتى توفي عام 1989.
وهكذا صار هناك رسمياً بعثان متنافسان: الأول في سوريا التي بدأت تتبنى الرواية التي تنسب إنشاء الحزب إلى زكي الأرسوزي، والثاني في العراق حيث يوجد عفلق، الذي حكم عليه بالإعدام في سوريا، ليعيش في ظل حكم صدام حسين، الذي لم يكن أقل استبداداً من حكم بعث سوريا.
أما صلاح الدين البيطار فقد عاد إلى سوريا زمن حافظ الأسد لفترات متقطعة قبل أن ينشر مقالات معارضة للنظام الحاكم في دمشق وهو ما أعقبه اغتياله في باريس عام 1980.
ومع مرور الوقت، بدا أن سوريا على موعد مع مواجهة مؤكدة بين صلاح جديد، الذي فضل أن يتولى منصباً بارزاً في حزب البعث، وحافظ الأسد الذي أسندت إليه وزارة الدفاع.
ومرة أخرى، ستكون للجيش اليد العليا في سوريا، إذ سيقود الأسد انقلاباً عام 1970 ليطيح بصلاح جديد، الذي أُودع السجن وتوفي فيه عام 1993.
حزب الأسد بعد أن تولى الأسد منصب الرئيس في عام 1971، بدا أنه يسعى لتوطيد حكمه بعدم السماح بتكرار ظاهرة الانقلابات العسكرية المتكررة التي شهدتها سوريا منذ عام 1949.
واستمر الأسد في نهجه الذي كان قد دشنه سابقاً، وهو أن يجعل الجيش حكراً على حزب البعث وحده، وسمح بعودة عدد من الأحزاب اليسارية والقومية إلى الساحة السياسية، لكن من دون المساس بهيمنة البعث على البلاد، وجاء دستور 1973 لينص على أن حزب البعث “هو الحزب القائد في المجتمع والدولة”.
وشهد حكم حافظ الأسد تزايداً كبيراً في عدد أعضاء البعث، إذ صارت عضوية الحزب طريقاً لحصد الطلاب درجات إضافية وتأمين مستقبلهم المهني، ويشير المؤرخ اللبناني كمال ديب في كتابه “تاريخ سوريا المعاصر” إلى أن عدد القضاة في عام 2000 بلغ نحو 1300، من بينهم 1000 كانوا أعضاء في حزب البعث.
بدورها سعت السلطات في دمشق لفرض أفكار حزب البعث على طلاب المدارس والجامعات.
اقتصادياً، بدأت سوريا تتراجع ببطء عن التوجهات اليسارية المتشددة التي شهدتها خلال الستينيات.
أما في مجال العلاقات الخارجية، فقد خاضت سوريا مع مصر حرب أكتوبر/تشرين 1973 ضد إسرائيل، بجانب انخراطها في الحرب الأهلية اللبنانية.
ولم يُقدم الأسد على المشاركة في أية مشاريع وحدوية جديدة، رغم أن الفكرة طرحت أكثر من مرة، لكن في المقابل بدأت سوريا تستقبل الكثير من عناصر البعث من الدول العربية الذين تلقوا تعليمهم في مدارس وجامعات سوريا.
وكان لافتاً العداء الواضح بين سوريا والعراق، التي يحكمهما نظرياً حزب واحد، وهو ما انتهى إلى أن دعمت دمشق طهران في الحرب العراقية الإيرانية.
وعلى مدار السنين، تحول البعث في سوريا إلى حزب الرئيس، واختفى أي تباين حقيقي داخل مؤتمرات الحزب التي كانت دائماً تشيد بسياسات الأسد، الذي كانت تماثيله وصوره موجودة في كثير من الأماكن العامة.
لكن التحدي الحقيقي الذي واجهه الأسد جاء من خارج المنظومة السياسية الرسمية عبر حركات العصيان المسلح التي قادها الإسلاميون.
البعث في مواجهة الإسلاميين رغم أن كتابات ميشيل عفلق كانت تنظر إلى العلمانية الغربية بشكل سلبي، إلا أن حديثه عن المجتمع العربي المثالي الذي لا يفرق بين الناس بغض النظرعن عقيدتهم، مهّد الطريق للصيغة المدنية غير الدينية التي ستكون من سمات حزب البعث وحكمه، الأمر الذي سيضعه في خصام مع شرائح محافظة من الأغلبية السنية من الشعب السوري، خاصة أصحاب التوجهات الإسلامية.
ولم تكن مدنية الحزب أو علمانيته هي الهدف الوحيد الذي وجه إليه الإسلاميون سهام النقد، بل كان الأمر متعلقاً أيضاً بتهمة الطائفية وهيمنة المنتميين للطائفة العلوية على مقاليد الحكم.
فحكم البعث عاد بالنفع على أبناء الأقليات الدينية، خاصة المهمشة منها كالعلويين، لكن إرهاصات ذلك الصعود الاجتماعي كانت مرتبطة بتطورات اجتماعية سابقة على وصول البعث إلى السلطة.
فقد جاء التحاق أبناء الأقليات الدينية المهمشة بصفوف الكليات العسكرية عقب الاستقلال، ليزيد من حضورهم في الجيش السوري ولاحقاً في الساحة السياسية في البلاد، فاللجنة العسكرية لحزب البعث التي قادت انقلاب 1963 كانت نواتها الأساسية مشكلة بالأساس من ثلاثة ضباط علويين واثنين من الإسماعيليين، قبل أن تتوسع عضويتها وتضم ستة ضباط من السنة.
وكثيراً ما نفى قادة في البعث تهمة الانحياز الطائفي، مستشهدين بالقيادات السنية التي تبوأت أعلى المناصب خلال حكم الحزب، لكن تلك الحجج لم تكن مقنعة بالنسبة للإسلاميين ومعارضين أخرين.
ففي ستينيات القرن العشرين شهدت سوريا عدداً من حوادث التمرد المسلح من قبل الإخوان المسلمين، خاصة في مدينة حماة، ورغم أن القوات الحكومية أخمدت حركات التمرد الإسلامي تلك، إلا أن الأمر أظهر حجم معارضة قطاع من السوريين لموقف الحزب من الدين، ما دفع القيادة البعثية إلى محاولة إمساك العصا من المنتصف، وهو ما ظهر بوضوح في أزمة مقال نُشر في مجلة الجيش عام 1967.
المقال الذي حمل عنوان “وسائل خلق الإنسان العربي الجديد” دعا إلى “التخلص من التقاليد البالية التي تعوق التقدم ومنها قيم الله والدين والإقطاعية والاستعمار” لتشتعل موجة احتجاجات دفعت السلطات إلى التنصل من المقال واصفة إياه بـ”المقال المدسوس”.
حافظ الأسد، الذي كان أول رئيس علوي لسوريا، حاول بدوره ألا يثير غضب القطاعات المحافظة في سوريا، فعمل على تخفيف جرعة العلمانية، إذ قام بالحج في عام 1974 كما دأبت الصحف على نشر صوره وهو يؤدي الصلاة في المساجد في المناسبات الدينية، بحسب ما جاء في كتاب المؤرخ اللبناني كمال ديب عن تاريخ سوريا المعاصر. كذلك، عادت المادة الدستورية التي كانت تَقصُر منصب الرئيس على المسلمين إلى دستور عام 1973.
لكن مرة أخرى لم تفلح مثل تلك الأفعال في ثني الإسلاميين عن التمرد، ففي عام 1976 بدأ مسلحون إسلاميون متشددون باستهداف وقتل مسؤولين بعثيين وطلاب وأساتذة، أغلبهم علويون، لتدخل البلاد في دوامة من العنف شهدت محاولة فاشلة لاغتيال الأسد، وكان الرد الحكومي بقتل مئات السجناء التابعين للإخوان المسلمين في سجن تدمر.
ووصلت الأمور إلى ذروتها في مدينة حماة عام 1982 التي شهدت تمرداً قادته جماعة الإخوان المسلمين وقمعته الحكومة ما تسبب في مقتل آلاف السكان إن لم يكن عشرات الآلاف.
وبعد القضاء على التحدي الإسلامي، كان التهديد الوحيد الذي شكل خطراً حقيقياً على حكم حافظ الأسد هو محاولة لم تكلل بالنجاح من قبل شقيقه رفعت، لاستغلال فرصة مرض الرئيس والسيطرة على الحكم.
الابن يسطر النهاية وفي تسعينيات القرن العشرين بدا أن حافظ الأسد يعتزم توريث الحكم لنجله الأكبر باسل، لكن بعد وفاة الأخير عام 1994 استدعي شقيقه الأصغر، الذي كان يدرس طب العيون، بشار من لندن وبدأ إعداده لخلافة الرئيس.
وفي عام 2000 توفي حافظ الأسد ليتولى الطبيب الشاب بشار منصب رئيس البلاد بعد أن وافق مجلس الشعب على تعديل مادة في الدستور كانت تشترط ألا يقل عمر الرئيس عن 40 عاماً، في مشهد أذكى حجج المعارضين بشأن كون حزب البعث مجرد واجهة سياسية تستخدمها الطبقة الحاكمة لتعزيز سلطتها.
وبعد فترة قصيرة من الانفتاح النسبي عُرفت بربيع دمشق عادت الجهات الأمنية لتقمع المعارضين، خاصة في ظل التطورات الكبرى في الشرق الأوسط مثل غزو العراق واغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.
وكان لافتا أن أعلام حزب البعث التي كانت موجودة في كل المنصات العامة بدأت تختفي لصالح علم البلاد مع بدء الانتفاضة الشعبية، كذلك ألغيت المادة الدستورية التي كانت تنص على أن الحزب يقود الدولة والمجتمع، ما يشير إلى أن حضور البعث أمسى هامشياً في ظل الصراعات التي تشهدها البلاد.
وبعد سنوات من الاقتتال الداخلي والدعم الروسي الإيراني لحكومة الأسد، تمكن الجيش السوري وحلفاؤه من استعادة السيطرة على مناطق واسعة من البلاد.
لكن نهاية عام 2024 شهدت تطورات متلاحقة بشكل غير طبيعي بعد أن بدأ المسلحون الإسلاميون في السيطرة على المدن والبلدات السورية وصولًا إلى العاصمة دمشق في 8 ديسمبر/كانون أول، ليرحل الأسد إلى روسيا ويسطر نهاية لعشرات السنين من حكم حزب البعث الذي أُعلن تعليق نشاطاته في سوريا.
وجاء سقوط نظام الأسد كشهادة وفاة رسمية لحزب البعث في سوريا بعد سنوات من الموت السريري، فالحزب الذي كثيرا ما تحدث عن اهتمامه بالجماهير لم تشهد البلاد في ظل حكمه أية انتخابات حرة وتحول إلى أداة في يد السلطة العسكرية.
أما مؤسسو حزب البعث، فقد التزموا الصمت، في أفضل الأحوال، إزاء القمع الذي تعرضت له أحزاب وشخصيات سياسية أخرى، كما أنهم ارتضوا أن يكونوا شركاء في لعبة سياسية لم تكن صناديق الاقتراع هي العامل الحاسم فيها، بل حُسمت عبر القوة العسكرية.
بي بي سي
———————————
الدولار في سوريا.. تداول على الملأ بعد عقود من مسميات للتخفي زمن الأسد
تحديث 11 كانون الثاني 2025
في زمن نظام بشار الأسد، اختار السوريون مسميات لعملة الدولار منها “النعناع” أو “البقدونس”، خوفا من الملاحقات الأمنية والقضائية، فالتعامل بهذه العملة كان ممنوعا.
بعد سقوط النظام، أصبح التداول بالعملات الأجنبية أمرا واقعا ومرئيا في الشوارع والأسواق السورية يوميا.
لكن سوق الصرافة في سوريا تعرض إلى حالة من الفوضى العارمة بسبب غياب التنظيم وضبط الأسعار.
ويقول الخبير الاقتصادي السوري، أسامة القاضي، لقناة “الحرة” إن هناك حاجة إلى تفعيل عمل اللجان التابعة للبنك المركزي السوري لمراقبة مراكز الصيرفة وتنظيم عملها.
وأضاف أن السوق بحاجة الآن إلى آليات للتأكد من أن عمليات الصرفه لا تستغل لغسيل الأموال وتهريبها أو التلاعب بالأسعار.
وأشار القاضي إلى دعوات تشجع على التعامل بالليرة السورية بدلا من العملات الأخرى الأجنبية سيما التركية، “وهذا حسن من وضع العملة السورية”.
يرى السوريون أن تعليق الولايات المتحدة جزءا من العقوبات المفروضة على بلدهم أسهم في تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار والتي كانت قبل السقوط تبلغ 20 ألف ليرة لكل دولار واحد، لتصل الآن إلى 10 آلاف ليرة لكل دولار.
عودة عشرات الآلاف من السوريين من دول المهجر وهم يحملون معهم مدخراتهم، يضيف القاضي، سبب آخر زاد من كمية العملات الأجنبية، وزاد من الطلب على الليرة السورية ما أدى إلى تحسن سعرها، حسب تعبيره.
قناة الحرة
————————
مستشار اتصالات الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي: نتفهم المخاوف الأمنية ل #تركيا في الشمال السوري
تحديث 11 كانون الثاني 2025
قال مستشار اتصالات الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، إن واشنطن تتفهم المخاوف الأمنية لتركيا في الشمال السوري.
وأضاف كيربي، في تصريحات له، الجمعة، خلال إحاطة صحفية عبر تقنية “تيليكونفرانس”، أن الهدف الأساسي للتواجد الأمريكي في سوريا هو محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي.
وأوضح أن المباحثات بين تركيا والولايات المتحدة متواصلة بشأن تنظيم “واي بي جي/ بي كي كي” الإرهابي، رافضا الخوض في تفاصيل هذه المباحثات.
وأكد كيربي، أن الولايات المتحدة تتفهم المخاوف الأمنية لتركيا في الشمال السوري.
وقال: “بصراحة، مخاوف تركيا ليست مخاوف غير مبررة”.
كيربي، أشار كذلك إلى أن التعاون الأمريكي مع ما تسمى بـ “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التي تشكل ميليشيات “واي بي جي/ بي كي كي” عمودها الفقري، “قائم فقط في إطار مكافحة داعش”.
ودافع عن استمرار التواجد العسكري الأمريكي في سوريا، مبررا ذلك بأن “تنظيم داعش قد تم إضعافه بشكل كبير، إلا أنه لا يزال يشكل تهديدا نشطا. لذلك، يتعاون جنودنا مع قسد، ولا توجد أي تغييرات في هذه المهمة”.
وأوضح المستشار الأمريكي أنهم يفهمون المخاوف الأمنية لتركيا بشأن “واي بي جي/ بي كي كي”، ولكنهم في الوقت نفسه لا يريدون أن يروا أي خطوة قد “تجعل الوضع في شمال سوريا أكثر عدم استقرارًا مما هو عليه”.
يشار أن التحالف الدولي ضد “داعش” جرى تأسيسه في سبتمبر/ أيلول 2014 بقيادة الولايات المتحدة، لمحاربة التنظيم في الجارتين العراق وسوريا ، ويضم 85 دولة ومنظمة شريكة.
وكالة الأناضول
————————-
دمشق… انتقادات ل«ممارسات ثأرية»
تحديث 11 كانون الثاني 2025
تثير ممارسات ثأرية تستهدف أشخاصاً متهمين بالعمل لمصلحة النظام السوري السابق، انتقادات من جانب حقوقيين يطالبون بوضع حد للانتقامات الفردية.
جاء ذلك على خلفية «إعدام» المختار السابق لبلدة دمر، غرب دمشق، بزعم أنه كان يتعاون مع أجهزة الأمن.
ورأت المحامية والناشطة المدنية رهادة عبدوش أن «الإعدامات الميدانية ليست طريقة للتعافي». وقالت، لـ«الشرق الأوسط»، إن «أخذ الثأر سيجلب للبلاد مزيداً من الدمار». وطالبت بـ«محاكم خاصة لمعاقبة ومحاكمة مَن تلطخت أيديهم بالدماء». كما قالت الناشطة المدنية سلمى الصياد، لـ«الشرق الأوسط»: «أخاف خوفاً شديداً من إجراءات انفعالية كهذه قد تظلم أشخاصاً أبرياء».
إلى ذلك، تخطط إسرائيل للاحتفاظ بمجاليْ «سيطرة» (احتلال)، و«نفوذ» (استخباراتي)، في عمق سوريا، للتعامل مع الواقع المستجدّ في هذا البلد.
صحيفة الشرق الأوسط
—————-
أول زيارة لرئيس حكومة لبنانية لسوريا منذ 15 عاما.. ميقاتي بدمشق للقاء الشرع
تحديث 11 كانون الثاني 2025
ذكرت مصادر لبنانية أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي سيجتمع مع قائد العمليات العسكرية في سوريا أحمد الشرع في دمشق اليوم السبت، ليصبح أول رئيس حكومة يزور العاصمة السورية منذ انتهاء حكم بشار الأسد.
وهذه الزيارة أيضا هي الأولى لرئيس وزراء لبناني إلى سوريا منذ 15 عاما.
وذلك بعد أن تلقى ميقاتي الأسبوع الماضي دعوة هاتفية من الشرع لزيارة سوريا.
والخميس، أدى الرئيس اللبناني، جوزيف عون، اليمين الدستورية، أمام البرلمان اللبناني عقب انتخابه رئيسا للبلاد في الدورة الثانية للتصويت، بعد إخفاقه في الحصول على الأصوات اللازمة في الجلسة الأولى.
وفي خطاب القسم، تعهد الرئيس اللبناني الجديد المنتخب بإقامة “علاقات جيدة مع الدولة السورية”.
ودعا عون إلى “حوار جدي مع سوريا يقوم على احترام سيادة الدولتين”، مشددا على صيانة الحدود بين سوريا ولبنان.
من جهته يسعى الشرع، بعد قيادته للإدارة الجديدة، في أعقاب انهيار نظام بشار الأسد، يوم 8 ديسمبر، على أيدي فصائل مسلحة، إلى تعزيز علاقات الجوار.
وأعلن الشرع أنه يسعى إلى علاقات طيبة مع كل الجيران في محيط سوريا الجغرافي.
وفي أول زيارة لدمشق التي يتوافد إليها مسؤولون أوروبيون، التقى وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، أمس الجمعة، قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع.
وخلال اللقاء، أكد المسؤول الإيطالي أن أوروبا عازمة على دعم تعافي سوريا، وإعادة النظر في العقوبات المفروضة على دمشق.
وخلال مؤتمر صحافي مع نظيره السوري، قال تاياني إنه أثار مسألة العقوبات المفروضة على سوريا بعد بدء النزاع عام 2011 بسبب قمع التظاهرات المطالبة بالديمقراطية، معتبرا أنها “لم تكن موجهة ضد الشعب السوري بتاتا”.
وأضاف أنها “فُرضت بسبب نظام مختلف”، لافتاً إلى أن التصريحات التي أدلت بها في وقت سابق مسؤولة ملف العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي بشأن العقوبات تسير في الاتجاه الصحيح”.
“تخفيف العقوبات” وأشار الاتحاد الأوروبي، صباح الجمعة، إلى أنه قد يعمد إلى تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا في حال تحقيق “تقدم ملموس” من جانب السلطات الجديدة.
وكان تاياني التقى في وقت سابق، نظيره السوري أسعد الشيباني، الذي أعلن أنه سيقوم بجولة أوروبية، هي الأولى منذ سقوط نظام الأسد.
وقال الشيباني “من دواعي سروري الإعلان أني سأترأس وفدا رفيع المستوى في جولة أوروبية تشمل عدة دول أوروبية لتعزيز التعاون والشراكة في شتى المجالات”.
قناة العربية
————————-
غموض سوري ونفوذ تركي.. إسرائيل تتحرك في جبهة الشمال
تحديث 11 كانون الثاني 2025
يصف ألون أفيتار، المستشار السابق للشؤون العربية في وزارة الأمن الإسرائيلية، الوضع في سوريا بأنه “مرحلة انتقالية من الفوضى إلى مرحلة جديدة لا تعرف ملامحها السياسية والاستراتيجية”.
ويقول في حديث لقناة “الحرة” إن هذا “الغموض” يدفع إسرائيل إلى اتخاذ خطوات احترازية لضمان “سلامة جبهتها الشمالية”.
وتعكس تصريحات أفيتار قلقا إسرائيليا واضحا، إذ يشير إلى أن سوريا اليوم ليست دولة مستقرة ولا تعتمد على نظام دائم أو مؤسسات ثابتة، ما سمح بتعدد القوى المسيطرة داخلها، بما في ذلك “ميليشيات تركية”.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين تأكيدهم ضرورة الحفاظ على منطقة نفوذ إسرائيلية تمتد ستين كيلومترًا داخل الأراضي السورية.
وبالنسبة لإسرائيل، هذا الانتشار يشكل ضمانة لمنع أي تهديدات مستقبلية قد تنطلق من الشمال السوري، مستشهدة بتجربة هجوم السابع من أكتوبر الذي شنته حماس من قطاع غزة.
المخاوف من النفوذ التركي
بينما تعمل إسرائيل على تحصين حدودها الشمالية، يثير النفوذ التركي المتزايد في سوريا قلقها.
يقول أفيتار لقناة “الحرة” إن تركيا استغلت غياب السيادة السورية الكاملة للتدخل في شؤون هذا البلد.
وأضاف أن أنقرة دعمت المعارضة بالأمس وتبني علاقات قوية مع دمشق اليوم.
ونقلت تقارير صحفية عن مسؤولين إسرائيليين استغرابهم مما وصفوه بـ”عمى الغرب” تجاه قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، معتبرين أن الشرع، بدعم تركي، قد يمثل تهديدا مستقبليا لإسرائيل.
تركيا: البحث عن المصالح في سوريا
المحلل السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، يقول إن دعم أنقرة للمعارضة السورية كان حاسما في إسقاط نظام بشار الأسد.
وأضاف في حديث لقناة “الحرة” أن تركيا تسعى الآن لتعزيز علاقاتها مع دمشق لتحقيق فوائد سياسية واقتصادية وأمنية.
لكن التحالف التركي-السوري الجديد يثير حفيظة إسرائيل. ووفقا لوسائل إعلام إسرائيلية، حذرت لجنة حكومية إسرائيلية رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، من احتمال تصاعد التوتر مع تركيا بسبب دعم الأخيرة للإدارة السورية.
حافظ أوغلو يرد على هذه المخاوف قائلا إن “تركيا، كأي دولة، تبحث عن مصالحها في المنطقة”.
لكنه ينتقد التدخلات الإسرائيلية في سوريا، وخصوصا العمليات العسكرية التي استهدفت مناطق مختلفة حتى قبل سقوط نظام الأسد.
ويمثل دعم الأكراد في شمال سوريا أحد أبرز نقاط التوتر بين أنقرة وإسرائيل.
وبينما ترى تركيا أن الدعم الإسرائيلي والإيراني لقوات “قسد” يهدف إلى تقسيم سوريا، تعتبر إسرائيل أن هذه القوات تشكل ركيزة أساسية لضمان استقرار شمال سوريا ومنع أي تهديد محتمل.
يخضع الشمال السوري لسيطرة تركية مباشرة على مساحة شاسعة تضم أكثر من ألف بلدة بما فيها مدن مثل عفرين، تل أبيض، رأس العين، الباب، أعزاز، جرابلس، جنديرس وغيرها.
ودخلت القوات التركية تلك المناطق بدءا من عام 2016 بعد طرد مقاتلي تنظيم داعش وشن عمليات عسكرية ضد مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.
وإلى جانب الوجود المباشر للقوات التركية في ست قواعد عسكرية في تلك المناطق، عملت أنقرة على تسليح وتمويل فصائل محلية أبرزها تنظيم الجيش الوطني الذي خاض إلى جانب الاتراك معركة درع الفرات عام 2017.
أما في الجنوب فشكل الثامن من ديسمبر الفرصة المناسبة للجيش الإسرائيلي للدخول إلى المنطقة العازلة في هضبة الجولان والسيطرة عليها، بما فيها جبل الشيخ الاستراتيجي بقممه الأربع التي تشكل قوة جغرافية أمنية فائقة الأهمية بحسب وزير الدفاع يسرائيل كاتس.
كما توسعت السيطرة الإسرائيلية لتشمل أجزاء جديدة من محافظة درعا والقنيطرة وسط حديث متنام في الداخل الإسرائيلي عن ضرورة السيطرة على مسافات تمتد إلى 60 كيلومترا في الداخل السوري.
قناة الحرة
———————–
فرنسا ترد على استبعاد فيدان أي دور لقواتها في سوريا
تحديث 11 كانون الثاني 2025
فرنسا ترد على استبعاد فيدان أي دور لقواتها في سوريا ردّ وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو مساء الجمعة على تصريحات نظيره التركي ي هاكان فيدان التي استبعد فيها أي دور للقوات الفرنسية في سوريا، ومطالبته باريس باستعادة مواطنيها المسجونين في هذا البلد، وقال إن هؤلاء المقاتلين الفرنسيين “ينبغي إبقاؤهم حيث ارتكبوا جريمتهم، في ظل مراقبة الأكراد”.
وتدارك بارو في تصريحات أدلى بها عبر قناة “ال سي إي” الخاصة “استثني من هذا الأمر الأطفال، غير المسؤولين في أي حال من الاحوال عما قام به ذووهم”، مضيفا “في كل مرة كان ذلك ممكنا، قمنا بإعادتهم واذا كان ذلك ممكنا من جديد، رغم الظروف المعقدة، فسنقوم به مجددا”.
وأشار الوزير الفرنسي إلى أنه اتصل بنظيره التركي “ليذكره بأن مصالح تركيا وفرنسا وأوروبا تكمن الى حد بعيد في ضمان استقرار سوريا وسيادتها ووحدتها”.
تصريحات فيدان وكان فيدان استبعد الجمعة أي دور للقوات الفرنسية في سوريا، معتبرا أن الولايات المتحدة هي المحاور الوحيد لبلاده.
واتهم فيدان باريس بتجاهل المخاوف الأمنية التركية، ودعاها إلى استعادة مواطنيها المسجونين في سوريا ونقلهم إلى سجونها ومحاكمتهم.
وقال للصحافيين في أسطنبول إن تركيا لا تولي اعتبارا للدول التي تحاول أن تخدم مصالحها الخاصة في سوريا من خلال التلطي وراء قوة أميركا.
إعلان
وتابع فيدان “لقد قلنا ذلك مرات عديدة: لا يمكننا أن نعيش في ظل مثل هذا التهديد. إما أن يتخذ طرف آخر هذه الخطوة أو سنتخذها نحن”.
وأضاف “من الخطأ أن نطلب من وحدات حماية الشعب الكردية، وهي منظمة إرهابية أخرى، الاحتفاظ بهؤلاء السجناء مقابل الدعم”. ووحدات حماية الشعب الكردية هي العمود الفقري لما تعرف بقوات سوريا الديمقراطية (قسد).
واعتبر وزير الخارجية التركي أن فرنسا “لديها سياسة لا تقوم على إعادة السجناء من أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية إلى بلدهم. لا يأبهون لأمننا”، وأكد أن هدف تركيا الوحيد هو ضمان “الاستقرار” في سوريا. وتابع “إنهم يطرحون دائما مطالبهم الخاصة ولا يتخذون أي خطوات بشأن مخاوفنا”، متعهدا أن تتعامل تركيا مع المشكلة بطريقتها.
وشدد على أن تركيا تمتلك “القوة والقدرة وقبل كل شيء العزم على القضاء على كل التهديدات الوجودية من المصدر”، مكررا تحذيرات أطلقها الرئيس رجب طيب اردوغان في وقت سابق من الأسبوع.
يأتي ذلك فيما تحاول باريس وواشنطن إقناع حليفتهما في حلف شمال الأطلسي (الناتو) بالعدول عن شنّ هجوم على قوات سوريا الديموقراطية.
ويرى كثيرون في الغرب أن قوات سوريا الديموقراطية تشكل فاعلا هاما في منع عودة ظهور تنظيم الدولة. لكن تركيا تعتبرها تهديدا أمنيا كبيرا بسبب ارتباطها بحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا مسلحا ضدها منذ الثمانينات.
جدار صدّ أم سجّان؟ وتدير قوات سوريا الديموقراطية عشرات السجون والمخيمات في شمال شرق سوريا، حيث يحتجز آلاف من عناصر تنظيم الدولة وعائلاتهم.
ومن بين المحتجزين عشرات المواطنين الفرنسيين إلى جانب مسلحين أجانب آخرين تشعر بلدانهم بقلق عميق إزاءهم وتتردد في إعادتهم.
رغم إصرار الغرب على الدور الحاسم لقوات سوريا الديموقراطية في التصدي لعودة ما يصفهم بالمتطرفين، تعتبرها تركيا مجرد سجّان تتم المبالغة في دوره.
إعلان
والشهر الماضي، قال فيدان إن الدعم الغربي لقوات سوريا الديموقراطية هدفه الوحيد هو ضمان عدم عودة مواطنيهم إلى بلدانهم.
وأضاف في مقابلة مع قناة فرانس 24 “للأسف فإن أصدقاءنا الأميركيين وبعض الأصدقاء الأوروبيين يستخدمون منظمة إرهابية لإبقاء إرهابيين آخرين في السجن”.
الجزيرة نت
————-
ميقاتي التقى الشرع في أول زيارة لرئيس حكومة لبناني لدمشق منذ 2010
تحديث 11 كانون الثاني 2025
دمشق: التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي في دمشق السبت قائد السلطة الجديدة أحمد الشرع، في زيارة هي الأولى لرئيس وزراء لبناني إلى سوريا منذ العام 2010.
وقال ميقاتي خلال مؤتمر صحافي مع الشرع إن ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وسوريا سيكون من “سلّم الأولويات”.
ومنذ تولي الشرع السلطة الجديدة في دمشق، أعرب البلدان عن تطلعهما إلى تمتين العلاقات الثنائية، بعدما شابها إشكاليات عدة، لا سيما منذ تدخل حزب الله العسكري في النزاع السوري دعما لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وأعلنت دمشق أن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني استقبلا “وفدا لبنانيا رفيع المستوى في قصر الشعب” برئاسة ميقاتي.
وصل ميقاتي والوفد المرافق إلى دمشق، في طائرة تابعة للخطوط الجوية اللبنانية، وفق ما أفاد مسؤول في مطار دمشق وكالة فرانس برس، في زيارة هي الأولى لمسؤول رسمي لبناني إلى دمشق منذ إطاحة الأسد في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر.
ونشرت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” صورا عدة ظهر فيها الشرع وميقاتي وهما يتصافحان عند مدخل قصر الشعب، وأخرى خلال الاجتماع الموسع بحضور الشيباني ونظيره اللبناني عبدلله بو حبيب، وقادة أجهزة أمنية من البلدين.
بدء الاجتماع بين رئيس الحكومة #نجيب_ميقاتي وقائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع في قصر الشعب في دمشق.
ويشارك عن الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، المدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري، مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ونائب… pic.twitter.com/xT5TcTYK1j
— رئاسة مجلس الوزراء 🇱🇧 (@grandserail) January 11, 2025
وقالت رئاسة الحكومة اللبنانية إن الزيارة جاءت تلبية لدعوة من الشرع.
وكانت السلطات السورية الجديدة فرضت منذ الثالث من كانون الثاني/ يناير قيودا على دخول اللبنانيين عبر الحدود. وأفاد الجيش اللبناني في اليوم نفسه بوقوع “اشتباك” وتعرض قوة تابعة له كانت تعمل على إغلاق “معبر غير شرعي” مع سوريا في شرق لبنان، إلى إطلاق نار من مسلحين سوريين.
وأفادت رئاسة الحكومة حينها عن اتصال أجراه ميقاتي مع الشرع الذي دعاه إلى زيارة دمشق.
وهذه أول زيارة لرئيس حكومة لبناني الى دمشق منذ العام 2010.
وكان الشرع تعهد خلال استقباله الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في 22 كانون الأول/ ديسمبر، أن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذا “سلبيا” في لبنان وستحترم سيادته.
إثر اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، طغت انقسامات كبرى بين القوى السياسية في لبنان إزاء العلاقة مع دمشق. وفاقمت مشاركة حزب الله في القتال إلى جانب القوات الحكومية بشكل علني منذ العام 2013 الوضع سوءا، في حين اتبعت الحكومات المتعاقبة مبدأ “النأي بالنفس” عن النزاع السوري.
وعلى مدى ثلاثة عقود، فرضت سوريا وصاية على لبنان وتحكمت بمفاصل الحياة السياسية، قبل أن تسحب قواتها منه في 2005 تحت ضغوط شعبية داخلية وأخرى دولية بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.
ورغم انسحابها بقيت لسوريا اليد الطولى في الحياة السياسية في لبنان، وشكلت أبرز داعمي حزب الله وسهّلت نقل السلاح اليه.
ويأمل المسؤولون اللبنانيون فتح صفحة جديدة من العلاقات على وقع التغيرات المتسارعة في البلدين.
في خطاب القسم الذي أعقب أداءه اليمين الدستورية في مقرّ البرلمان، اعتبر الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون الخميس أن ثمة “فرصة تاريخية لبدء حوار جدي وندي مع الدولة السورية لمعالجة كافة المسائل العالقة معها”.
وتشكل سوريا المتنفس البري الوحيد للبنان، الذي يقول إنه يستضيف نحو مليوني لاجئ سوري على أراضيه.
(أ ف ب)
——————–
سوريا.. إحباط محاولة “داعش” تفجير مقام السيدة زينب بمحيط دمشق
تحديث 11 كانون الثاني 2025
دمشق ـ ليث الجنيدي
أعلنت وزارة الداخلية السورية إحباط محاولة لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” الإرهابي لتنفيذ تفجير داخل مقام السيدة زينب بمحيط العاصمة دمشق، والقبض على المتورطين.
جاء ذلك في بيان لوزارة الداخلية بالإدارة السورية الجديدة، اليوم السبت.
وقالت الوزارة إن “جهاز الاستخبارات العامة وعبر الإدارة المختصة بمكافحة تنظيم داعش، وبالتعاون مع مديرية الأمن العام في ريف دمشق، ينجح في إحباط محاولة لتنظيم داعش بتفجير داخل مقام السيدة زينب في محيط العاصمة”.
وأوضح البيان أن “العملية أسفرت عن القبض على الأشخاص المتورطين في هذا العمل الإجرامي”.
وتنفذ قوات الأمن عمليات تمشيط في عدد من المحافظات السورية لملاحقة فلول النظام المخلوع، وعدد من المطلوبين بجرائم مختلفة.
ونشرت الداخلية السورية صورا تظهر 4 متورطين “بالمخطط الإرهابي” لتفجير مقام السيدة زينب، بالإضافة إلى معدات وأسلحة كانت بحوزتهم.
وجرى أيضا ضبط عدد من القنابل اليدوية والذخائر وهواتف وهويات وعملة ورقية.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول المنصرم، بسطت الفصائل السورية سيطرتها على العاصمة دمشق، لينتهي بذلك 61 عاما من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وفي اليوم التالي، أعلن الشرع تكليف محمد البشير رئيس الحكومة التي كانت تدير إدلب (شمال غرب) منذ سنوات، بتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة مرحلة انتقالية.
(الأناضول)
—————————
لجنة تحقيق دولية: مستعدون للتعاون مع دمشق لمحاكمة مجرمي نظام الأسد
تحديث 11 كانون الثاني 2025
جنيف: قال رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة الأممية بشأن سوريا باولو بينيرو، إن هناك آلافا من مرتكبي الجرائم في عهد نظام بشار الأسد يجب محاسبتهم، وإن اللجنة مستعدة للتعاون مع الإدارة السورية الجديدة لملاحقة المتهمين ومحاكمتهم أمام القضاء الدولي.
جاء ذلك في تقييم أدلى به بينيرو بشأن المرحلة التي أعقبت سقوط نظام البعث في سوريا.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق وقبلها على مدن أخرى، منهية بذلك 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 عاما من سيطرة عائلة الأسد.
وفي اليوم التالي، أعلن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع تكليف محمد البشير، رئيس الحكومة التي كانت تدير إدلب منذ سنوات، بتشكيل حكومة جديدة لإدارة مرحلة انتقالية.
“نهاية ديكتاتورية”
المسؤول الأممي أوضح أن عملية الانتقال في سوريا مستمرة بشكل عام، ومن المهم ألا يكون هناك صراع حاد ضد هذه العملية.
وأضاف: “هذا ليس انتقالا لحكومة، بل نهاية 61 عاما من الدكتاتورية الاستبدادية، أعتقد أن العملية التي حدثت حتى الآن رائعة”.
وتابع: “من المثير للإعجاب للغاية أن هيئة تحرير الشام وقائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع تمكنا من السيطرة على الجماعات المسلحة المختلفة وسلوكها، ولم تقع استفزازات أو حوادث كثيرة”.
وأكمل: “هناك بعض الحوادث التي من شأنها أن تسبب القلق لمجموعات مختلفة لكنها كانت محدودة، وذكر الشرع عدة مرات في تصريحاته أن الأقليات أو المجموعات الدينية المختلفة لن يتم استفزازها أو محاربتها، وأن الجماعات المسلحة امتثلت لهذه الدعوة بطريقة معينة”.
المرحلة المقبلة
ومتطرقا إلى المرحلة التالية لسقوط النظام، شدد بينيرو على أن وقف إطلاق النار الشامل ضروري كما أفاد المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون.
وقال: “من الصعب للغاية تقييم الحكومة خاصة تلك التي وصلت إلى السلطة بعد صراع عسكري، لكن حتى الآن أعتقد أن معظم وعود القيادة السورية الجديدة كانت قابلة للتنفيذ”.
وأوضح أن زيارتهم دمشق بعد 13 عاما وتنظيم مهمة هناك كان شعورا عظيما بالنسبة لهم، مبينا أن العديد من المنظمات تمكنت من الذهاب إلى دمشق وأن عدم وجود قيود لتحركهم كان تطورا إيجابيا للغاية.
أدلة الجرائم
وردا على سؤال عن الخطط المستقبلية، أشار بينيرو إلى أنه من الصعب الحديث عنها حاليا، قائلا: “اهتمامنا الرئيسي هو الحفاظ على الأدلة (التعذيب وانعدام القانون)” وأشار إلى أنه يتفهم زيارة عائلات المعتقلين لسجن صيدنايا وأماكن أخرى، بعد سقوط النظام.
وزاد: “من المهم جدا رؤية هؤلاء المعتقلين يغادرون معتقلاتهم، وبعضهم قضى 10 أو 20 سنة في السجن” وتابع: “لماذا تعتبر الأدلة مهمة؟ لأنه إذا كنت تريد مقاضاة مرتكبي التعذيب والتدمير والقتل والخطف، فعليك أن تستند إلى بعض الأدلة التي لديك”.
طرق المحاسبة
ولفت بينيرو إلى أنه سيكون “من الضروري تقييم الظروف التي يمكن أن يتم فيها محاسبة الجناة بعهد نظام الأسد، وكيفية تنظيم المحاكمات والتعامل مع النظام القضائي الدولي، مثل المحكمة الجنائية الدولية، التي لم يكن من الممكن التقدم بطلب إليها لمدة 13 عاما لأن سوريا ليست طرفا في نظام روما الأساسي”.
وأشار إلى أنه “بهذه الحالة لا يمكن فتح بعض التحقيقات ضد الجناة إلا من خلال مجلس الأمن الدولي ولكن هناك دولتان في المجلس تستخدمان سلطة النقض ضد أي مبادرة في هذا الاتجاه وهما روسيا والصين”.
وأضاف: “من المعروف أن المحكمة الجنائية الدولية تحاكم الأفراد، لذلك من المحتمل أن يكون هناك العديد من الأشخاص في القيادة العليا (لنظام الأسد) سيتم إحالتهم إلى الجنائية الدولية”.
وأكد أيضا أن “اللجنة يجب أن تدرس الظروف التي يمكنها من خلالها العمل مع الحكومة المؤقتة في سوريا، والتعاون والحوار مهمان في هذا الوضع المعقد”.
قائمة المجرمين
المسؤول الأممي أفاد بأنهم أنشأوا “قائمة سرية للمجرمين” تتكون من الأفراد ومن المنشآت العسكرية والسجون فيما يتعلق بالأحداث التي وقعت في سوريا خلال السنوات الـ13 الماضية.
وقال بينيرو: “لم نشكك قط في هوية الأشخاص الذين سيتم التحقيق معهم دوليا، أعتقد أنه سيكون من المهم للغاية إنشاء سلسلة قيادية تتحمل مسؤولية محددة عن بدء التحقيقات بحق الأسد أو وزرائه”.
وأردف: “تعاونّا مع تحقيقات مختلفة في العديد من البلدان الأوروبية على مدى السنوات الست الماضية، باستخدام الولاية القضائية العالمية”.
وتابع: “هناك الآلاف من الجناة، كيف تتعامل مع هؤلاء المتهمين؟ هذه هي التحديات التي تواجهها الحكومة الانتقالية”.
وختم بقوله: “إننا مستعدون للتعاون ونحن على اتصال حالياً بالعديد من المنظمات الدولية المتخصصة في إعداد القضايا الجنائية وأعتقد أن هذه هي بداية العملية”.
(الأناضول)
———————-
تحذيرات غربية لسوريا بخصوص الجهاديين الأجانب في الجيش
تحديث 11 كانون الثاني 2025
دمشق ـ «القدس العربي» ـ وكالات: في وقت سمع فيه وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، أمس الجمعة، من قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع الذي التقاه في دمشق، تصريحات إيجابية عن “منع الهجرة غير الشرعية”، حذر مبعوثون أمريكيون وفرنسيون وألمان، حكام دمشق الجدد، من تعيينهم لجهاديين أجانب في مناصب عسكرية.
وقال مصدران مطلعان إن مبعوثين أمريكيين وفرنسيين وألمان حذروا الحكام الجدد في سوريا من أن تعيينهم لجهاديين أجانب في مناصب عسكرية عليا يمثل مصدر قلق أمني ويسيء لصورتهم في محاولتهم إقامة علاقات مع دول أجنبية.
وقال مسؤول أمريكي إن التحذير الذي أصدرته الولايات المتحدة، والذي يأتي في إطار الجهود الغربية لدفع قادة سوريا الجدد لإعادة النظر في هذه الخطوة، جاء في اجتماع بين المبعوث الأمريكي دانييل روبنشتاين والحاكم الفعلي لسوريا أحمد الشرع يوم الأربعاء في القصر الرئاسي في دمشق.
وقال المسؤول “هذه التعيينات لن تساعدهم في الحفاظ على سمعتهم في الولايات المتحدة”.
وأوضح مسؤول مطلع على المحادثات أن وزيري خارجية فرنسا وألمانيا جان نويل بارو وأنالينا بيربوك طرحا أيضا قضية المقاتلين الأجانب الذين تم تجنيدهم في الجيش خلال اجتماعهما مع الشرع في الثالث من يناير/ كانون الأول. تزامن ذلك مع لقاء جمع الشرع، مع تاياني الذي قال خلال مؤتمر صحافي في بيروت التي وصل اليها من دمشق: “الشرع قال إنه مستعد لمنع الهجرة غير الشرعية ومكافحة مهربي المخدرات. هذان التزامان مهمان جدا لإيطاليا”.
وأضاف “لا أريد أن يبقى البحر الأبيض المتوسط مقبرة للمهاجرين، بل نريده أن يكون بحرا للنمو والتجارة”.
وتوافد مسؤولون أوروبيون إلى دمشق للقاء الشرع الذي وصل إلى السلطة في 8 كانون الأول/ديسمبر بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد. وكان تاياني التقى في وقت سابق نظيره السوري، أسعد الشيباني، الذي أعلن أنه سيقوم بجولة أوروبية، هي الأولى منذ سقوط الأسد.
———————-
بين السخرية والفرح.. سوريون يحتفلون بعودة الموز إلى موائدهم
تحديث 11 كانون الثاني 2025
درعا (سوريا): بعد غياب طويل عن موائد السوريين بسبب ارتفاع جنوني في سعرها، عادت فاكهة الموز إلى الأسواق لتصبح في المتناول بعد انخفاض ثمنها، فيما عده البعض أحد نتائج سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
فقد كانت هذه الفاكهة المفضلة لدى السوريين بمثابة حلم صعب المنال قبل 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي (تاريخ هروب الأسد)، بعد أن وصل سعر الكيلوغرام منها إلى نحو 50 ألف ليرة سورية (حوالي 5 دولارات)، أي ما يعادل سدس راتب الموظف العادي.
وبسبب ارتفاع أسعاره، تحوّل الموز إلى مادة للسخرية بين السوريين، حيث كانوا يتبادلون التهاني عند الحصول عليه، ويهدونه لبعضهم، ويلتقطون صورا معه، ويشاركون هذه اللحظات على منصات التواصل الاجتماعي في تعبير ساخر عن معاناتهم مع الأوضاع الاقتصادية تحت حكم الأسد.
لكن بعد سقوط النظام، هبط سعر الموز إلى الخُمس، ليصبح سعر الكيلوغرام منه حوالي 10 آلاف ليرة (نحو دولار واحد)، ما دفع السوريين للإقبال على الأسواق لشراء هذه الفاكهة التي انتظروها طويلا.
وفي سوق مدينة درعا جنوبي سوريا، لوحظت وفرة الموز على بسطات الباعة، وإقبال كبير من الزبائن، خصوصا أرباب العائلات الذين عجزوا سابقا عن شراء ولو موزة واحدة لأطفالهم.
وفي 8 ديسمبر المنصرم، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق بعد أيام من السيطرة على مدن أخرى، لينتهي بذلك 61 عاما من حكم حزب البعث الدموي، و53 سنة من نظام عائلة الأسد.
الموز كان هدية
بصوته الجهوري ينادي أبو خالد النعيمي، أحد تجار السوق، على الزبائن لشراء الموز قائلاً بلهجة حوران: “موز يا أبو العيال، تعال يا محروم تعال!”.
ويضيف وسط حشد الزبائن: “بهدلوك يا موز، أبو الخمسين ألف صار بعشرة آلاف، قرّب يا سوري قرّب!”، في إشارة إلى الانخفاض الكبير في سعر هذه الفاكهة التي أصبحت الآن في المتناول.
ويقول أبو خالد ببساطة أهل حوران: “الموز الآن متوفر بعدما انخفض سعره بشكل كبير، وكما ترون، ها هو موجود على البسطات بعد غيابه سنوات”.
ويتابع: “الزبائن يشترون أحيانا 2 أو 3 كيلوغرامات من الموز، وتبدو السعادة واضحة على وجوههم. الأمر أشبه بحالة احتفال، حتى أن البعض اعتبر ذلك أحد إنجازات الثورة”.
وعن الوضع قبل سقوط النظام، يبتسم أبو خالد ويقول: “لو جئتم إلى هذا السوق قبل 8 ديسمبر 2024 لتبحثوا عن الموز، لما وجدتم قطعة واحدة، وكان مجرد الحديث عنه يبدو مثيرا للسخرية بسبب أسعاره الخيالية”.
ويردف: “كان الأثرياء فقط يشترون الموز لأطفالهم بالقطعة الواحدة، وغالبا يخفونه في حقائبهم حتى لا يراهم الفقراء، الذين كانوا يتحسرون على عجزهم عن شرائه”.
ويختصر أبو خالد ذلك الواقع بقوله: “كان الأب يعد ابنه بشراء موزة واحدة فقط إذا حصل على علامات جيدة في المدرسة”.
ويكمل ضاحكا: “عندما تزوج أحد أصدقائي، سألته مازحا: ما الهدية التي ترغب فيها؟ فأجاب: كيلوغرامين من الموز!”.
أهديت زوجتي موزة
على بعد أمتار من بسطة أبي خالد، يقف شادي الجبر (40 عاما) أحد سكان المدينة، بجوار طفله آدم (5 سنوات)، حاملين عدة قطع من الموز، بينما ترتسم الابتسامة على وجهيهما بعد أن تمكنا أخيرا من شراء هذه الفاكهة الموعودة.
يقول الجبر، وهو يتنفس الصعداء: “الحمد لله على انتصار الثورة، أصبح بإمكاننا الآن تذوق الموز بعد انتظار طويل”.
ويضيف: “لم أتمكن من شراء الموز منذ 6 سنوات. كنت أعمل في ميكانيكا السيارات، لكن عملي توقف بسبب الحرب التي شنها علينا نظام الأسد، وحرمت أطفالي من هذه الفاكهة البسيطة”.
ويشير الجبر إلى انخفاض الأسعار قائلا: “سعر الكيلوغرام من الموز الآن 10 آلاف ليرة بعد أن كان يتجاوز 50 ألفا، ولهذا قررت أن ألبّي رغبة أطفالي بتناول هذه الفاكهة التي كانوا محرومين منها في ظل نظام الأسد المجرم”.
ويتابع بابتسامة حزينة: “في إحدى السنوات، أردت تقديم هدية لزوجتي بمناسبة ذكرى زواجنا، فلم أجد شيئا سوى موزة واحدة، كانت تُباع وقتها بـ10 آلاف ليرة. وضعتُها في علبة هدايا وزيّنتها بالأحمر والأصفر والأخضر والأبيض محتفلا”.
وعن ردة فعل زوجته، يقول: “لك أن تشاهد فرحتها بهذه الهدية عندما فتحتها وأزالت عنها طبقات الورق التي وضعتُها على قطعة الموز، تمهيدا للوصول إلى هذا الكنز الثمين”.
وإلى جوار الجبر، يقف نجله آدم ممسكا بقطعة موز، وطلب التقاط صورة له مع الفاكهة، وقال بلغة الطفولة البريئة: “أصبح بإمكاني أن آكل قطعة موز كاملة، للمرة الأولى”.
وناظرا إلى والده بعين الولاء، يضيف الطفل الذي أنهكه نظام الأسد: “أتمنى أن آكل الموز كل يوم لأنه فاكهة لذيذة، وأنا أحبها، وأريد أن آكلها أنا وإخوتي الذين ينتظروننا في المنزل بفارغ الصبر”.
أما البائع شادي غشام، فيمسك بيده عدة قطع ويصيح بأعلى صوته: “دهب أصفر يا موز”، ويقول للأناضول إن هذه الفاكهة اجتاحت السوق بوفرة للمرة الأولى منذ عدة سنوات.
ويؤكد غشام أن الموز أصبح حديث الساعة بعد انخفاض سعره وغدا “بسعر البطاطا”، وهي عبارة يستخدمها أهالي المحافظة للإشارة إلى أي بضاعة رخيصة الثمن.
وخلال سنوات الحرب التي شنها نظام الأسد، عانى السوريون من ارتفاع أسعار السلع الأساسية وندرة المواد مثل الخبز والوقود، ما أدى إلى فقر مدقع وأوضاع إنسانية مأساوية.
لكن بعد سقوط النظام، شهد السوريون تحسنا في توافر السلع وانخفاض أسعارها، ويأملون أن تكون هذه بداية لتحسن أكبر في الواقع الاقتصادي لبلادهم التي أنهكتها سنوات من المعاناة.
(الأناضول)
——————————
قلق بين العلويين في حمص عقب حملة أمنية رغم تطمينات السلطات الجديدة
تحديث 11 كانون الثاني 2025
حمص: في مدينة حمص ثالث أكبر مدن سوريا، يسيطر القلق على أبناء الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس المخلوع بشار الأسد بعد أيام من حملة أمنية للسلطات الجديدة في أحيائهم بحثا عن “فلول النظام“، اعتقل على إثرها المئات، وفق ما نقل سكان.
في وسط حمص، تضجّ السوق بسكّان أتوا لشراء الفاكهة والخضار من باعة وسط مبان ينخرها الرصاص.
لكن عند مداخل الأحياء ذات الغالبية العلوية، وقف مسلحون بلباسهم العسكري عند نقاط تفتيش أقيمت حديثا بعد رفع حظر للتجول هذا الأسبوع.
وأفاد العديد من سكان المناطق العلوية في حمص التي استهدفتها عمليات التمشيط باعتقال شباب، حتى جنود سلموا أسلحتهم وخضعوا للتسوية.
وطلب جميع من تحدّثت إليهم فرانس برس عدم الكشف عن هويتهم لمخاوف ترتبط بسلامتهم.
وقال شخصان من المدينة إن نقطة تفتيش أزيلت بعد شكاوى سكان عقب قيام مسلحين كانوا عندها بسؤال الناس عن طائفتهم.
وقال أحد سكان حي الزهراء ذي الغالبية العلوية “ما نعيشه ونلمسه حتى الآن هو واقع الخوف”. وأضاف “في البداية كانت حالات فردية، لكن لا يمكن تسميتها بذلك بعدما كثرت”.
“النسبة الكبرى مدنيون”
ومنذ وصولها إلى السلطة في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر، تحاول القيادة الجديدة في سوريا طمأنة الأقليات. لكن يخشى العلويون من ردود فعل عنيفة ضدهم لارتباطهم الطويل بعائلة الأسد.
ونفت السلطات أن تكون ارتكبت أي انتهاكات.
وأفاد عضو مجلس الشعب عن محافظة حمص سابقا شحادة ميهوب بأنه وثق انتهاكات واعتقالات للمئات أبلغ عنها سكان حي الزهراء في المدينة.
وقال “لدي حتى الآن 600 اسم معتقل (في حي الزهراء)”، مضيفاً أن “عدد الموقوفين يتجاوز 1380 شخصا” في كامل مدينة حمص.
وأشار ميهوب إلى أن من بين المعتقلين “عمداء متقاعدون وعقداء أجروا التسوية في المراكز النظامية، لكن النسبة الكبرى (من المعتقلين) هم مدنيون وجنود” كانوا في الخدمة الإلزامية.
وفتحت الإدارة الجديدة للبلاد بعد إطاحتها الأسد، مراكز تسوية في مختلف المدن السورية، ودعت الجنود السابقين إلى تسليم أسلحتهم.
في حي السبيل في المدينة، أبلغ ميهوب عن تعرّض مجموعة من الضباط للضرب أمام زوجاتهم وأبنائهم.
وقال ميهوب إن السلطات في حمص تجاوبت مع شكاوى المواطنين ووعدت بالإفراج عن المعتقلين قريبا، مضيفا أن بعض الجماعات الحليفة لهيئة تحرير الشام ومسلحين آخرين كانوا وراء الانتهاكات.
وقال رجل آخر في حي الزهراء إنه لا يعرف شيئا عن ابنه الذي كان جنديا في الجيش منذ اعتقاله عند نقطة تفتيش في ريف حماه الأسبوع الماضي.
“غضب”
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن الأسبوع الماضي إنه تم توقيف 1800 شخص على الأقل في مدينة حمص وريفها، غالبيتهم من العلويين.
ومنذ إطاحة الأسد، تصاعدت أعمال العنف ضد العلويين في أرجاء سوريا. وسجّل المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 150 علويا مذّاك، لا سيما في محافظتي حمص وحماه.
ولقّبت مدينة حمص الواقعة في وسط البلاد في بداية النزاع الذي اندلع عام 2011، بـ”عاصمة الثورة”. فقد كانت من أوائل المدن التي نزل فيها الناس إلى الشوارع للتظاهر. وتعرّضت الاحتجاجات في هذه المدينة خصوصا لقمع شديد، ووصل فيها العنف الطائفي إلى ذروته خلال الحرب.
وتضمّ حمص غالبية من المسلمين السنّة فضلا عن أقلية علوية ومسيحية.
في الأيام الماضية، أظهرت مقاطع فيديو متداولة على الإنترنت مسلحين يجمعون رجالا في حمص ويأمرونهم بالجلوس القرفصاء وإصدار أصوات نباح، بينما ظهر في أحد المقاطع مقاتل يطأ على المعتقلين.
وتعذر على وكالة فرانس برس التحقق منها جميعا، لكنها تحدّثت إلى محمّد أبو علي (21 عاما) العنصر في هيئة تحرير الشام، الذي صوّر نفسه وهو يأمر عددا من المعتقلين بـ”النباح”.
وقال لوكالة فرانس برس “إن هؤلاء (الذين ظهروا في الفيديو) مجرمون وشبيحة.. ارتكبوا مجازر” في حمص خلال السنوات الأولى للحرب.
وأضاف “نحن اعتقلناهم وسلمناهم للجهات المعنية”.
وأوضح أن سبب طلبه للمعتقلين بالنباح مرتبط “بالغضب من أجل الأشخاص الذين قتلوا” ومنهم والداه واخوته الذين قتلوا في حمص وفق قوله.
“سئمنا الحرب”
وقال مسؤول في هيئة تحرير الشام في حمص يُدعى أبو يوسف إن عناصر وزارة الداخلية عثروا على “ثلاثة مخازن أسلحة وألقوا القبض على عشرات المطلوبين” خلال عمليات تمشيط المدينة.
وأعلنت إدارة الأمن العام في حمص الاثنين انتهاء حملة تمشيط استمرت خمسة أيام في أحياء المدينة، إلا أن المسؤول أفاد بأن حملة التفتيش مستمرة، والمكان “لم يتم تنظيفه بشكل كامل من فلول النظام”.
وأوضح “نريد الأمن والأمان للجميع، للسني والعلوي والمسيحي وللجميع”.
في طرف آخر من المدينة، يُخيم الدمار على جوانب طرقات حي باب عمرو معقل فصائل المعارضة الذي استعادت قوات النظام السوري السيطرة عليه في العام 2012. ولا تزال آثار الرصاص والقذائف ماثلة على جدران المنازل وأبوابها.
وبعدما فرّ إلى لبنان قبل عقد من الزمن، عاد فايز الجمال (46 عاما) مع زوجته وأبنائهم السبعة إلى منزلهم، ووجدوه مدمرا بدون أبواب ولا نوافذ.
ويشير بيده إلى أماكن بين المباني المدمرة حيث قتل أو اختفى جيرانه وأصدقاؤه، لكنه لا يريد الانتقام. ويقول “لقد سئمنا الحرب والذل، نريد فقط أن يتمكن الجميع من عيش حياتهم، نحن ضد الطائفية”.
(أ ف ب)
—————————
جيش الاحتلال يواصل توغله في بلدات جنوبي سورية/ ضياء الصحناوي
11 يناير 2025
دخلت قوات الاحتلال إلى مشارف بلدة المعلقة في ريف القنيطرة الجنوبي
بدأ جيش الاحتلال بشق طريق باتجاه نقطة الدرعيات العسكرية
يسعى الاحتلال لخلق منطقة نفوذ تمتد حتى عمق 60 كلم داخل سورية
دخلت قوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم السبت، إلى مشارف بلدة المعلقة في ريف القنيطرة الجنوبي، جنوبي سورية. وبدأت قوات الاحتلال بتجريف الأشجار والسور الحجري المجاور للطريق الرئيسي المؤدي إلى بلدة المعلقة، بهدف توسعة الطريق الواصل إلى نقطة الدرعيات العسكرية، التي كانت سابقاً تابعة للجيش السوري قبل أن تُترك، في أعقاب سقوط النظام.
وقال أحد أهالي المعلقة، لـ”العربي الجديد”، إنّ القوات الإسرائيلية لم تدخل البلدة بعد، ولم تثبّت نقاطاً عسكرية فيها، لكن أعمال التجريف تشير إلى استعدادات لتوغل سريع في البلدة ومناطق أخرى في القنيطرة. وناشد مختار القرية في حديث لوسائل إعلام عربية، المجتمع الدولي للتدخل لوقف التوغل الإسرائيلي وأعمال التخريب في الأراضي الزراعية، مشيراً إلى أن أهالي الجولان لم ينعموا بالطمأنينة بعد سقوط النظام، ليجدوا أنفسهم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
من جهته، أكد سعيد المحمد، من القنيطرة، لـ”العربي الجديد”، أنّ جيش الاحتلال اقتحم قرية المعلقة من الجهة الغربية، معزّزاً بآليات ثقيلة ومدرعات ودبابات، وبدأ بشق طريق باتجاه نقطة الدرعيات العسكرية. وأشار المحمد إلى أنّ قوات الاحتلال تنفذ دوريات تفتيش دورية في القرى والبلدات التي ثبتت فيها نقاطها، بحجة البحث عن مخبرين سابقين لحزب الله اللبناني، مذكّراً بمصادرة معدات صحافيين قبل أيام.
دبابة إسرائيلية في القنيطرة / سورية 6 يناير 2025 (Getty)
وفي سياق متصل، أفاد أحد أهالي قرية معرية في ريف درعا الجنوبي الغربي، جنوبي سورية لـ”العربي الجديد” بأنّ العديد من السكان حُرموا من العمل في أراضيهم ومناحلهم، خاصة في حوض اليرموك، بسبب التحذيرات الصادرة عن النقاط الإسرائيلية المتمركزة في ثكنة الجزيرة، التي تمنع أي اقتراب من الموقع أو المناطق القريبة منه.
وكشفت تقارير إعلامية عن أنّ دولة الاحتلال الإسرائيلي تعمل على وضع خطة تمنحها منطقة نفوذ وتأثير تمتد حتى عمق 60 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، تحت ذرائع أمنية. وذكر موقع واينت العبري، أول من أمس الخميس، أن المسؤولين الإسرائيليين يعكفون على تشكيل “آلية عمل” للتعامل مع الوضع الجديد في سورية، معربين عن قلقهم من تزايد زيارات كبار المسؤولين الغربيين للإدارة الجديدة في دمشق.
ونقل حينها الموقع عن مسؤولين إسرائيليين، لم يكشف عن أسمائهم، قولهم إنّ تل أبيب تسعى للحفاظ على “منطقة سيطرة” تمتد لمسافة 15 كيلومتراً داخل سورية، يضمن فيها جيش الاحتلال بقاءه لمنع الموالين للنظام الجديد من إطلاق صواريخ نحو الجولان المحتل. كما تسعى إسرائيل لإقامة “منطقة تأثير” بعمق 60 كيلومتراً داخل سورية، تتيح لها سيطرة استخباراتية لضمان عدم تطور تهديدات ضدها في تلك المناطق.
العربي الجديد
—————————-
الاستخبارات السورية تحبط عملية تفجير لـ”داعش” داخل مقام السيدة زينب بدمشق/ محمد كركص
11 يناير 2025
أعلنت وزارة الداخلية السورية، اليوم السبت، أن جهاز الاستخبارات العامة عبر الإدارة المختصة بمكافحة تنظيم “داعش”، وبالتعاون مع مديرية الأمن العام في ريف العاصمة دمشق، تمكن من إحباط محاولة لتنظيم “داعش” بتفجير داخل مقام السيدة زينب في محيط العاصمة دمشق الجنوبي، جنوب غرب سورية.
وأوضحت الوزارة أن “العملية أسفرت عن اعتقال الأشخاص المتورطين في هذا العمل الإجرامي”، فيما أشارت مصادر من إدارة الأمن العام لـ”العربي الجديد” إلى أن الجهات الأمنية كثّفت من انتشارها في المنطقة، عقب إحباط عملية التفجير، وذلك بهدف ضبط الوضع الأمني في محيط المقام. وأكدت الوزارة أن “قوات الأمن العام داهمت وكراً لأفراد يتبعون لتنظيم داعش في ريف دمشق، كانوا يخططون لأعمال إجرامية في المنطقة”.
ونشرت الوكالة صوراً لأربعة أشخاص قالت إنهم “أفراد الخلية الإجرامية التي تتبع لتنظيم داعش بعد اعتقالهم”، بالإضافة إلى نشر الوزارة صوراً لـ”بعض المعدات والأسلحة المتفجرة التي كانت بحوزة الخلية”، والتي تحتوي على أوراق وثبوتيات أجنبية وأسلحة متنوعة بينها بنادق وقنابل.
ونقلت وكالة “سانا” عن مصدر أمني من الاستخبارات السورية، أن “هذه محاولة لتنفيذ عمل إجرامي كبير يستهدف الشعب السوري”، مؤكداً أن “جهاز الاستخبارات العامة يضع كل إمكانياته للوقوف في وجه كل محاولات استهداف الشعب السوري بكافة أطيافه”.
وكانت إدارة العمليات العسكرية، بالتعاون مع جهاز الأمن العام، قد نشرت منذ سقوط نظام بشار الأسد المخلوع في الـ 8 من ديسمبر/ كانون الأول 2024، وحدات أمنية في محيط المقام لحمايته من أي هجمات.
—————————-
مخدرات الأردن… سورية الجديدة تحاصر التهريب/ أنور الزيادات
11 يناير 2025
منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تعاملت قوات حرس الحدود الأردنية مرة واحدة مع مهربي مخدرات، وقتلت عدداً منهم ودمّرت آلياتهم، في حين كانت العمليات السابقة كثيفة ومتكررة، إذ تشهد الحدود الأردنية مع سورية التي تمتد 375 كيلومتراً منذ سنوات محاولات متكررة لتهريب المخدرات، خصوصاً حبوب الكبتاغون، التي تحوّلت سورية إلى مركز رئيسي لإنتاجها وتصديرها.
وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي خلال لقائه نظيره السوري أسعد الشيباني في 7 يناير/ كانون الثاني الجاري في العاصمة عمان، إن مكافحة تهريب المخدرات يعتبر تحدياً للأردن وسورية معاً، وسيواجهانه عبر تنسيق ميداني وسياسي كاملين، ولن تنتهي الأمور بين يوم وضحاها.
بدوره، تعهّد الشيباني بألا يشكل تهريب المخدرات تهديداً للأردن مجدداً في ظل الإدارة الجديدة، وبتعاون البلدين لمكافحة تهريب المخدرات والأسلحة.
وأعلن مدير إدارة مكافحة المخدرات في الأردن، العميد حسان القضاة، تفكيك شبكات تهريب دولية واعتقال مهربين متورطين بعصابات دولية وعدد كبير من التجار والمروجين خلال عام 2024، وأوضح أن الإدارة تعاملت مع 25,260 قضية تورط فيها 38,782 شخصاً، وشملت تعاطي المخدرات وقضايا الترويج والاتجار بالمواد المخدرة، وأعلن ضبط 27 مليوناً ونصف المليون حبة كبتاغون، و3 آلاف كيلوغرام حشيش، و262 كيلوغراماً من الماريجوانا، و62 كيلوغراماً من الكريستال، و33 كيلوغراماً من الحشيش الصناعي و11 كيلوغراماً من بودرة الجوكر، و13.5 كيلوغراماً من الهيروين، و2,9 كيلوغرام من مادة الكوكايين.
ويقول رئيس التحالف الوطني لتعزيز مكافحة المخدرات في الأردن المدير السابق لإدارة مكافحة المخدرات، اللواء المتقاعد طايل المجالي، لـ”العربي الجديد”: “انتهى تهريب المخدرات برعاية رسمية من سورية إلى الأردن، لكن مجموعات تواصل محاولات التهريب، وتؤكد معلوماتنا الاستخبارية السابقة وجود مصانع كثيرة لإنتاج المخدرات في سورية، لكننا نتوقع أن يصبح التهريب على مستوى أفراد ومجموعات صغيرة، ما يسهل تعامل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية مع العصابات”.
ويشير المجالي إلى أن “الأدلة واضحة على تهريب النظام السابق المخدرات إلى الأردن، فاستخدام المسيرات وصواريخ محددة وأنواع متفجرات لا تملكها إلا الجيوش، كما أن بعض المجموعات التي كانت تهرب المخدرات كان يصل عدد أفرادها إلى 150 شخصاً أحياناً، وبعض الأشخاص الذين اعتقلوا قالوا إن جهات عسكرية رسمية تقف خلفهم، ما يؤكد دقة الاتهامات الأردنية بوقوف جهات رسمية خلف تهريب المخدرات إلى الأردن. أكدت القيادة الجديدة في سورية التزامها بمواجهة تهريب المخدرات، ويمكن القول إن تهريب المخدرات سيخف كثيراً، وجرت ملاحظة مؤشرات لذلك في الفترة الأخيرة، والجيش الأردني سيتصدى لأي عمليات”.
يضيف المجالي: “شهدت المنطقة الجنوبية في الفترة الأخيرة عمليات تهريب، وجرى إسقاط أكثر من عشر طائرات مسيّرة، وهناك احتمالان لتهريب المخدرات، إذ يمكن أن تكون من إسرائيل أو من منطقة سيناء، فإسرائيل تريد الشر للأردن، لكن حتى الآن لم تجزم الأمور بشأن من يقف خلف هذه العمليات. لا توجد صناعة مخدرات في الأردن، وجرى وأد بعض المحاولات في مهدها، أما زراعة المخدرات بشكل تجاري فغير موجودة، وغالبية الحالات التي ضبطت كانت محاولات شخصية محدودة بمنظورها العام”.
وعن آثار نقص المخدرات على المتعاطين، يرى المجالي أن “قانون المخدرات والمؤثرات العقلية فيه نوع من المرونة، فعلى سبيل المثال من يطلب العلاج يقدم له مجاناً، وهناك مراكز علاجية، أحدها تابع للأمن العام وآخر لوزارة الصحة الأردنية، إضافة إلى مركز في القطاع الخاص، ويستطيع الجميع مراجعتها من دون تبعات، خاصة أنها حققت نتائج جيدة. أنصح الأهالي بمتابعة أبنائهم، والتواصل مع الأجهزة الأمنية إذا لاحظوا شيئاً عليهم، كما أن جهود الأردن لا تقتصر على حماية المواطنين، إذ إنها حدّت من وصول المواد المخدرة إلى دول عربية في الخليج”.
من جهته، يقول الخبير في القضايا الأمنية فراس الطلافحة لـ”العربي الجديد”: “يعلم الجميع أن سورية كانت خلال فترة حكم بشار الأسد، خصوصاً بعد عام 2011، مركزاً لصناعة وتجارة وتهريب المخدرات في المنطقة، وأن دول الجوار تأثرت بذلك، خصوصاً الأردن الأكثر قرباً إليها. وبعد سقوط النظام السابق، شاهدنا عبر فيديوهات الأعداد الكبيرة لمصانع المخدرات، خصوصاً الكبتاغون، ما يدل على أن هذه المصانع كانت تنتج المخدرات، وتدار من خلال أجهزة الدولة الرسمية، وبرعاية حكومية من أعلى المستويات”.
يتابع: “حتى الآن لا تزال الرؤية ضبابية في ما يخص هذه المرحلة، وانتقال الحكم وسقوط النظام السابق، ومن المبكر جداً التفاؤل بالقضاء على عصابات تهريب المخدرات، أو التخوف من زيادتها، وذلك لأن ملامح المرحلة لم تتضح بعد، ولا أحد يستطيع أن يتكهن بما سيحدث في المستقبل القريب، لكن من المؤكد والضروري مواصلة الحذر واليقظة ومتابعة التحركات ورصدها من قبل الجيش الأردني، والتي تنفذها العصابات لمواصلة نشاطاتها”.
يضيف: “لا أعتقد بأنه في حال ضبط الحدود ومنع المخدرات من الوصول إلى الأردن نهائياً في المستقبل سيزرع تجار نباتات لصنع مخدرات لأن الأجهزة الأمنية الأردنية قوية جداً في متابعة هذا الأمر والتصدي له، كما لا توجد مساحات مخفية عن أعينها. أيضاً لا توجد مصانع للمخدرات في الأردن، وشاهدنا وسمعنا من خلال وسائل إعلام عن حالات خجولة لزراعة المخدرات كانت تضبطها الأجهزة الأمنية”.
ويشير إلى أنه “في الأشهر الأخيرة من العام الماضي زادت عمليات تهريب المخدرات من جنوب إسرائيل إلى جنوب المملكة، باستخدام مسيّرات، وهذا تطور ملحوظ يحتاج إلى مراجعة، وإنشاء وإطلاق أكثر من تساؤل لفتح باب الشك باحتمالات كثيرة وتورط أشخاص في ذلك، وأعتقد بأن الهدف من ذلك هو محاولة النيل من الأمن الوطني الأردني، وإضعافه داخلياً من خلال إغراقه بالمخدرات التي توازي بمفعولها وتأثيرها على المدى البعيد تأثير الأسلحة الفتاكة”.
العربي الجديد
————————
الرسوم الجمركية السورية الجديدة: الأسعار تغلي بالشمال.. وتنخفض بدمشق
مصطفى محمد
السبت 2025/01/11
سادت حالة من الاستياء والغضب في الشمال السوري، على خلفية التعرفة الجمركية للبضائع والمواد والمنتجات المستوردة عبر المعابر والمنافذ الحدودية، الصادرة عن حكومة تصريف الأعمال السورية، اليوم السبت.
وبنسب كبيرة، رفعت الحكومة، الرسوم الجمركية، بقيم تراوحت بين 250 – 600 في المئة، مقارنة بالتعرفة القديمة، ما خلق حالة من الفوضى في الأسواق.
وعلمت “المدن” من مصادر خاصة، أن التجار أوقفوا إدخال البضائع عبر المعابر مع الجانب التركي، بسبب الرسوم المرتفعة، مؤكدين أن “المعابر بدأت العمل بنشرة الرسوم الجديدة بشكل فوري”.
ارتفاع الأسعار
وقال أحد تجار الشمال لـ”المدن”، إن رسوم طن الزيت النباتي ارتفعت بحسب النشرة الجديدة، من 35 دولاراً أميركياً، إلى 300، وهي نسبة كبيرة وكارثية، وحفاضات الأطفال من 75 دولاراً إلى 300، مؤكداً أن “ترسيم بعض المواد يوازي سعرها من المصدر”.
وأضاف أن هذه القرارات ستؤدي إلى توقف الاستيراد بشكل كامل، لأن القدرة الشرائية في الداخل السوري منخفضة، ويستحيل على أي تاجر تصريف المواد.
من جهته، أكد تاجر مواد بناء من أعزاز، لـ”المدن”، ارتفاع طن الحديد فور إصدار النشرة بنحو 70 دولاراً، والإسمنت بنحو 20 دولاراً.
وعلى حد تأكيده، امتنع التجار عن إدخال المواد من معبر “باب السلامة” الحدودي، اليوم، بسبب الرسوم المرتفعة، مشيراً إلى “تخوف التجار من البيع، ما دفع غالبيتهم إلى إغلاق محالهم”.
واستجابت أسواق الشمال السوري للقرار الجديد سريعاً، حيث ارتفعت أسعار كل المواد وخاصة الغذائية بنسبة تجاوزت 10 في المئة.
وكان الفروج من أكبر المواد التي تأثرت سريعاً، بحيث ارتفع سعر الكيلو بمعدل 20 ليرة تركية، وبات يُباع اليوم، عند 120 ليرة تركية، ارتفاعاً من 100 ليرة، أمس الجمعة.
بجانب الفروج، يسود تخوف من ارتفاع أسعار الخبز والمعجنات نتيجة رفع رسوم جمركة طن الطحين المستورد من 2 دولار إلى 20 دولاراً.
توحيد الرسوم الجمركية
من جهتها، بررت مصادر مقربة من حكومة دمشق، القرار، بـ”توحيد تعرفة الجمارك لكل المعابر والمنافذ السورية”، موضحة أن “رسوم المعابر القديمة التي كانت تخضع لسيطرة الفصائل هي رمزية، ولا بد من رفعها لتعادل الرسوم التي كانت مطبقة في المعابر التي كانت خاضعة لسيطرة النظام”. وبيّنت أن النشرة الجديدة مخفضة كثيراً عن النشرة التي كانت مطبقة زمن النظام البائد، مشددة على أن “توحيد الرسوم الجمركية لكل سوريا بات ضرورة اليوم”.
وأكدت مصادر اقتصادية انخفاض الأسعار في المدن السورية الكبرى، مثل دمشق وحلب، بعد صدور النشرة الجديدة.
وقال مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، مازن علوش، إن نشرة الرسوم الجمركية تراعي حماية المنتج المحلي عبر تشجيع الصناعة من خلال الرسوم المخفضة على المواد الأولية، مضيفاً أن النشرة الجديدة تهدف لدعم القطاع الصناعي وجذب الاستثمار من خلال تقديم إعفاءات ورفع المستوى المعيشي للمواطنين، إضافة إلى دعم القطاعين الصناعي والزراعي.
توقيت غير مناسب؟
من جهته، يؤكد مصدر من جمارك “معبر السلامة” الحدودي مع تركيا، أن النشرة الجديدة خفضت الرسوم التي كانت مطبقة عند النظام، لكنها في الوقت ذاته، رفعت الرسوم بنسبة كبيرة في المعابر مع تركيا.
ودعا المصدر الحكومة السورية إلى تخفيض الرسوم الجمركية، مؤكداً أن “التسعيرة لا تتناسب مع مستوى الدخل في سوريا”. وقال لـ”المدن”: “على الحكومة التريث إلى حين دوران عجلة الإنتاج المحلي، لكن الآن لا يمكن رفع رسوم الاستيراد، والبلاد بدون صناعة محلية، ما يعني زيادة في تدهور الوضع المعيشي”.
وقال المصدر: “المفترض أن لا تتبع الحكومة الجديدة معايير النظام البائد، وخاصة في هذا التوقيت الصعب”.
المدن
————————-
بعدما وصمها النظام بـ”بؤرة الإرهاب”…إدلب تتصدّر السياحة الداخلية السورية
محمد كساح
السبت 2025/01/11
تبدو المجموعات السياحية المتوافدة، منذ سقوط نظام الأسد، من المحافظات السورية المختلفة باتجاه إدلب، أشبه بمفارقة تاريخية غير مسبوقة، لأن المحافظة التي كانت هامشية قبل الثورة السورية ثم عانت العزلة بعد العام 2011، باتت المحطة رقم واحد الآن، في بلد نسي شكل الرحلات السياحية منذ أكثر من عقد كامل من الزمن.
ولسنوات، عمل نظام الأسد المخلوع على وصم إدلب كمركز تجمع الإرهابيين، ممارساً سياسة الأرض المحروقة والحصار على المحافظة التي خرجت عن سيطرته العام 2013، وتحولت مع مرور الوقت إلى مكان يحتضن اللاجئين والنازحين من مختلف أنحاء البلاد.
واللافت هو ردود الأفعال التي يبديها السياح المحليون، الآتون من دمشق أو حمص أو بعض القرى الساحلية، تجاه مستوى الخدمات المقدمة في المحافظة، والذي لا يعد كبيراً مقارنة بالدول المجاورة مثل تركيا، لكن الزوار يجدونه فاتناً حين يقارنونه مع مستوى تخديم النظام المخلوع لمناطقهم.
وعلى مدار أكثر من عقد، عانت مناطق سيطرة النظام السوري من ضعف عام في الكهرباء والإنترنت ونقص المحروقات والمياه، بينما تتوافر في إدلب كل هذه الخدمات حتى ولو بأسعار مرهقة لساكنيها. وكانت المطالب الخدمية والشكاوى من ملفات كالكهرباء والغاز، رائجة طوال سنوات، وتسببت في اعتقال ناشطين وصحافيين وحتى مذيعين في التلفزيون الرسمي السوري، مثل المذيعة هالة الجرف.
وخلال الأيام الماضية، باتت مشاهد الجولات التي يجريها مواطنون من المحافظات السورية في إدلب، لافتة ومثيرة للاهتمام، حيث يبرز المتجولون معالم جميلة تحويها المحافظة، خصوصاً المطاعم والمولات والسلع التركية التي تكتظ بها الأسواق والإنترنت السريع المستخدم في إدلب بأسعار مقبولة.
وأكد بعضهم في منشورات ومقاطع فيديو بأن المنطقة التي لطالما شدد إعلام النظام على أنها خارجة عن نطاق “سوريا المفيدة”، قدمت نموذجاً أفضل في القطاع الخدمي من بقية “سوريا المفيدة”، بحسب سردية النظام التي كانت تفوح بخطاب كراهية مقيت لا يخلو من التشجيع على تدمير المنطقة على رؤوس قاطنيها.
ويبدو أن الصور التي بثها الزوار شجعت الشركات السياحية على إطلاق برامج سياحة وتسوق ليوم واحد في إدلب، يتضمن زيارة المولات في حزانو والدانا وسرمدا، وشراء السلع التركية متهاودة الأسعار. وتشمل الجولة التي لا تتجاوز كلفتها للمسافر الواحد 125 ألف ليرة سورية، أي قرابة 10 دولارات، رحلة في حافلة مكيفة ومريحة، وجولة شاملة لأماكن تناول الطعام والقهوة والتسوق.
ويظهر من خلال المحتوى المرئي التي تبثه المجموعات السياحية وسكان المحافظات الذين يزورون المنطقة بشكل فردي، حاجة السوريين الماسة إلى الخدمات الأساسية التي تعد حتى في معظم دول العالم الثالث خدمات اعتيادية.
وتذكر حالة الافتتان بالمولات والمطاعم، بالمحتوى الذي بثه ناشطون وصانعو محتوى إدلبيون خلال السنوات القليلة الماضية، واستعرضت أجواء الخليج أو سويسرا في إدلب، في اجتزاء للمشهد الكامل للمنطقة وهو مشهد مغاير تماماً، إذ كانت تغيب صور المخيمات وملايين الناس الذين يعيشون في بؤس وظروف إنسانية مروعة.
وهنا، دعا ناشطون ومدوّنون في مواقع التواصل، إلى عدم الاكتفاء بزيارة الأماكن الجميلة والمخدّمة في إدلب، والذهاب إلى مناطق تجمع المخيمات حيث مازال عشرات الآلاف من السوريين يقطنون في الخيام في ظروف شتاء قاسٍ.
ومن التفاصيل اللافتة التي تطرّق إليها بعض السياح المحليين، قضية التخوف من الحجاب واللباس الشرعي الذي فرضته “هيئة تحرير الشام” في إدلب، وهي قضية مهمة للعنصر النسائي من خلفيات غير محافظة. فأكد بعض الزوار عدم تدخل سكان المنطقة أو الجهات المتنفذة في نوعية اللباس كما أفادوا بأنه لم يتم فرض ارتداء غطاء على الرأس عليهم بعد.
———————
السياسة الاقتصادية السورية بظل حكومة تصريف الأعمال: التقشف الصارم
محمد كساح
السبت 2025/01/11
يعكس اعتماد حكومة تصريف الأعمال السورية، مبدأ الموازنة الاثني عشرية للسنة المالية 2025، رغبة العهد الجديد في إيجاد ملاذات مؤقتة تجنبه الفراغ التشريعي والدستوري، كما يؤكد الحاجة الماسة لتمويل الخزانة العامة وسط اللجوء إلى سياسة صارمة عنوانها البارز، التقشف وتقليص النفقات.
وأعلنت رئاسة مجلس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال السورية، اعتماد مبدأ الموازنة الاثني عشرية للسنة المالية 2025، استناداً إلى جزء من اثني عشر جزءاً من اعتمادات السنة المالية لعام 2024، على أن يُسمح بتجاوز الاعتمادات الاثني عشرية المخصصة للرواتب والتعويضات وفق المبالغ المستحقة فعلياً للعاملين لدى الوزارات والجهات العامة كافة.
كما تُعدل الاعتمادات المخصصة لبند المحروقات (بنزين – مازوت) لتتناسب مع الأسعار المعتمدة على أن يتم الاحتفاظ بذات الكميات المخصصة. ويُقتصر في عقد النفقات العامة وصرفها على النفقات الأساسية والضرورية اللازمة لأداء العمل وفي أضيق الحدود الممكنة.
موازنة مؤقتة
وتعدّ الموازنة الاثني عشرية موازنة مؤقتة تفرض من قبل الحكومة عندما تحاول تجاوز موافقات مجلس الشعب في حال حدوث أمر طارئ يعيق عقد الجلسات البرلمانية، وفقا لما يوضح الباحث ومدير منصة “اقتصادي” يونس الكريم لـ”المدن”.
ويضيف أن هذا النوع من الموازنات يطبق لمدة صغيرة لا تتجاوز شهرين أو ثلاثة، بهدف تدارك التأخر الناتج عن الكوارث والأحداث الكبرى في البلد، حيث يتم تجزئة الموازنة على اثني عشر جزءاً وصرف جزء واحد من المخصص لشهر واحد، على أن يتم تدارك زيادة أو نقص الاعتمادات في الأشهر المتبقية.
ويتابع أن لجوء الحكومة إلى هذا المبدأ، هو “نوع من المهنية، إذ لم تخرج الحكومة عن العرف السائد في الدولة”، لكن هذا لا يمنع وجود تجاوزات تتعلق بالفراغ التشريعي والدستوري، كما أن هذه الموازنة ملائمة لشكل الحكومة الحالي على اعتبارها حكومة تصريف أعمال تنتهي مهامها في آذار/مارس المقبل.
وفي ظل عدم وضوح الخط الاقتصادي للعهد الجديد، يصعب التكهن بقدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بزيادة الرواتب بنسبة 400%، لكن العمل بمبدأ الموازنة الاثني عشرية لن يقف عائقاً أمام صرف هذه الزيادة وإن كانت النتيجة ستقود إلى رفع العجز في الموازنة بنسبة كبيرة.
وفيما يتعلق بتمويل الموازنة، يلفت الكريم إلى تقلص الخيارات في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية والعزلة التي تفرضها العقوبات الغربية، مرجحاً أن “تلجأ الحكومة إلى توفير جزء من التمويل من الاحتياطي النقدي للبنك المركزي، أو من احتياطي حكومة الإنقاذ السابقة”.
خطة تقشف صارمة
ويربط مدير البرنامج السوري في مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية كرم شعار، بين اعتماد مبدأ الموازنة الاثني عشرية وخطة التقشف التي تعتمدها الحكومة بسبب عدم توفر التمويل. ويضيف لـ”المدن”، أن الاستثناء الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية بخصوص العقوبات، سيسمح للدول بتمويل حكومة تصريف الأعمال، الذي سيبدأ فوراً على الأغلب.
ويلاحظ شعار أن العهد الجديد بدأ باستيعاب حجم المشكلات الموجودة في ميزانية الدولة السورية، بعد إطلاع مسؤوليه على الأرقام والملفات بشكل جدي، مشيراً إلى أن “الحكومة تحاول تقليص النفقات لأقصى قدر ممكن لتلافي أي انعكاسات على الاقتصاد والاوقع المعيشي والخدمي”.
وحول التمويل الإقليمي المرتقب للخزانة العامة، يوضح شعار أنه سيكون “محدوداً لأن الاستثناءات لا تسمح بالاستثمار وإعادة الإعمار”، مؤكداً أنه “على السوريين الدفع باتجاه رفع العقوبات المرتبطة بالنظام السابق بشكل كامل وغير مشروط، بالموازاة مع تعطيل العقوبات المفروضة على هيئة تحرير الشام مقابل التزامات محددة يفرضها المجتمع الدولي”.
—————————
واشنطن تتفهم مخاوف تركيا بسوريا: يجب مغادرة “الإرهابيين الأجانب“
المدن – عرب وعالم
السبت 2025/01/11
قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، إن واشنطن تتفهم المخاوف الأمنية التركية في شمال سوريا. فيما اعتبر وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية جون باس، أن المرحلة الانتقالية في سوريا، يجب ألا تشكل تهديداً لتركيا.
العمل مع قسد
وأضاف كيربي خلال إحاطة صحافية، ليل أمس الجمعة، أن الهدف الأساسي للوجود الأميركي في سوريا، هو محاربة تنظيم “داعش”.
وأوضح أن المباحثات بين تركيا والولايات المتحدة متواصلة بشأن حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب الكردية. وأكد كيربي أنّ الولايات المتحدة تتفهم المخاوف الأمنية لتركيا في الشمال السوري. وقال: “بصراحة، مخاوف تركيا ليست مخاوف غير مبررة”.
وقال كيربي إن التعاون الأميركي مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، “قائم فقط في إطار مكافحة داعش”. ودافع عن استمرار الوجود العسكري الأميركي في سوريا، مبرراً ذلك بأن داعش “قد أُضعِف كثيراً، إلا أنه لا يزال يشكّل تهديداً نشطاً. لذلك، يتعاون جنودنا مع قسد، ولا توجد أي تغييرات في هذه المهمة”.
وأوضح المستشار الأميركي أنّ المسؤولين الأميركيين يفهمون المخاوف الأمنية لتركيا، ولكنهم في الوقت نفسه لا يريدون أن يروا أي خطوة قد “تجعل الوضع في شمال سوريا أكثر عدم استقراراً مما هو عليه”.
عملية الانتقال
وفي السياق، أعرب وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية جون باس، خلال زيارته للعاصمة التركية أنقرة، عن تفهم بلاده للمخاوف الأمنية لتركيا. وشدد على ضرورة مغادرة “الإرهابيين الأجانب” الموجودين في الأراضي السورية.
وأشار باس إلى أن المحور الرئيسي للنقاشات في تركيا، كان حول “عملية الانتقال السياسي في سوريا بسلاسة”، والخطوات العملية لتحقيق ذلك.
وأكد أن العنصر الأهم في عملية الانتقال بسوريا، هو “الاستقرار”، مبيناً أن هذه العملية “يجب ألا تشكّل تهديداً أمنياً لتركيا”. وأضاف أن الولايات المتحدة ستواصل العمل مع تركيا خلال هذه المرحلة أيضاً. وتابع باس: “التعاون بيننا في عملية الانتقال هذه وفي ما يخص مغادرة الإرهابيين الأجانب من البلاد، أمر في غاية الأهمية”، دون أن يوضح من يقصد بـ”الإرهابيين الأجانب”.
وقال: “يجب أن نضمن ألا تؤدي هذه العملية إلى مزيد من الفوضى في سورية، وألا تخلق فرصاً جديدة لداعش، لاستئناف أنشطته الإرهابية”.
وتابع المسؤول الأميركي أن الوجود العسكري لبلاده في سوريا، يهدف إلى “منع ظهور داعش مجدداً كتهديد إقليمي”. وأفاد بأنّ تعاون واشنطن مع قسد، يندرج أيضاً في إطار “مكافحة داعش”. وأشار إلى أن “العناصر الإرهابية الأجنبية، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني، تستغل الوضع في سوريا من وقت لآخر”. وشدد على ضرورة ألا يشكل هذا الوضع تهديداً لتركيا أو لجيران سوريا الآخرين.
وأكد باس أن الولايات المتحدة ستسعى لتقديم الدعم الممكن لعملية الانتقال في سوريا، وستعمل على اتخاذ خطوات من شأنها تعزيز الأمن في جميع أنحاء البلاد وتحسين الظروف لجميع السوريين.
———————–
مصادرة 8 أطنان من البطاطا المهرَّبة من سوريا
السبت 2025/01/11
في سياق مكافحة التهريب وحماية الإنتاج المحلّي، أعلنت المديرية العامة لأمن الدولة في بيان، أنه “أقدمت دوريّة لأمن الدولة في عكار – مكتب حلبا، وبمؤازرة مندوب من مصلحة الزراعة، على مصادرة 8 أطنان من البطاطا المهرّبة من سوريا في سوق الخضار في قبّة بشمرا، وتقوم اليوم بتوزيع الكميّة المصادرة على الجمعيّات الخيرية في المنطقة، بعد أخذ إشارة القضاء”.
ومن جهتها، أكّدت وزارة الزراعة في بيان “التزامها الكامل حماية الإنتاج الزراعي المحلي ومكافحة التهريب الذي يضرّ بالمزارعين اللبنانيين واقتصاد البلد”. وأشارت إلى “استمرار التعاون مع الأجهزة الأمنية والقضائية لضمان اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة في حق المتورطين في هذه العمليات غير المشروعة”.
ودعت الوزارة “جميع المواطنين والتجار إلى التزام القوانين المرعية الإجراء”، وأكّدت أن “العملية ستتبعها عمليات مماثلة في المناطق اللبنانية. ومكافحة التهريب هي أولوية الوزارة لحماية السوق المحلية وتأمين حقوق المزارعين اللبنانيين”.
——————————-
“اكتشاف مروع” في حلب: مقابر جماعية تضم جثث معتقلين منذ 2012/ منال الطويل
تحديث 11 كانون الثاني 2025
جثث برموز وأرقام
إيلاف من دمشق: عثرت السلطات السورية على مقبرة جماعية ضخمة في بلدة خان العسل، الواقعة على أطراف مدينة حلب، تضم حوالى 20 ألف جثة. هذه المقبرة، التي تم الإبلاغ عنها من قبل حفار القبور المحلي، تأتي كجزء من خمس مقابر جماعية كشف عنها في المنطقة.
صرّح عمر رحال، ضابط العمليات في شرطة حلب، بأن الأفرع الأمنية السورية قامت منذ عام 2012 بتوثيق حوالى 10 آلاف جثة من بين الجثث المدفونة في خان العسل، حيث تم تسليمها لحفار القبور ومركز دفن الموتى لتوثيقها ودفنها برموز وأرقام. ومع ذلك، أشار إلى أن العدد المتبقي من الجثث، التي لم يتم توثيقها، تم تصفيتها ميدانيًا ودفنها في مقابر جماعية دون أي هوية.
وأضاف رحال أن الموقع يخضع الآن لحراسة مشددة بانتظار وصول لجان دولية مختصة للتعامل مع الجثث وتحديد هوياتها.
من جانبه، كشف حفار القبور، محمد صبحي، أن السلطات الأمنية التابعة لنظام بشار الأسد نقلت منذ عام 2012 جثث المعتقلين الذين ماتوا تحت التعذيب إلى المستشفى العسكري، حيث تم ترميز الجثث قبل إرسالها للدفن. وأوضح أن عمليات الدفن الأخيرة في خان العسل جرت قبل ثلاثة أشهر، بينما بلغ عدد الجثث الموثقة حوالى 8 آلاف في مقبرة خان العسل، و7 آلاف في مقبرة حلب الجديدة، و1500 في مقبرة النقيرين.
—————————
صورة متداولة لقميص ميسي تثير الغضب في سوريا، إهداء من ميسي إلى حافظ الأسد
تحديث 11 كانون الثاني 2025
إيلاف من دمشق: تداول نشطاء سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا تظهر قميصا موقعا من نجم منتخب الأرجنتين ليونيل ميسي، إلى حافظ الأسد نجل الرئيس السوري بشار الأسد.
وقد ظهر في الصور التي أثارت تفاعلا غلب عليه الغضب في سوريا أن ميسي أرفق توقيعه على القميص مع عبارة “إلى حافظ الأسد مع كل المودة”.
وقال النشطاء إن القميص الذي يحمل توقيع نجم كرة القدم العالمي قد عثر عليه في أحد قصور الرئيس بشار الأسد في دمشق.
وفي أعقاب سقوط نظام الأسد ولجوئه إلى روسيا، دخل عدد من العناصر المسلحة وغيرهم من المدنيين السوريين إلى قصور الأسد الرئاسية في العاصمة دمشق.
وقد عثروا خلال جولاتهم داخل قصور الرئيس السابق والذي حكم سوريا لأكثر من عقدين على عدد من المقتنيات الثمينة والهدايا الدبلوماسية، من بينها صورة موقعة من الملكة إيزابيث الثانية، ملكة بريطانيا الراحلة، وصناديق مرصعة بالذهب وجائزة من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وصور شخصية ومقتنيات ثمينة وغيرها.
———————————-
تركيا تتحدث عن «ضربة قاضية» يواجهها المسلحون الأكراد في سوريا
تحذيرات من انهيار سد تشرين… وفرنسا منزعجة من تصريحات فيدان
أنقرة: سعيد عبد الرازق
11 يناير 2025 م
أكدت تركيا عزمها على الاستمرار في عملياتها بشمال سوريا، حتى القضاء على تهديدات المسلحين الأكراد، في الوقت الذي عبّرت فيه أميركا عن «تفهمها» لمخاوفها. في المقابل، طالبت الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا بالعمل على وقف الهجمات التركية في سد تشرين (ريف حلب الشرقي)، محذرة من أنها ستؤدي إلى انهياره.
وقال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إن استراتيجية تركيا للقضاء على الإرهاب من مصدره أنزلت ضربة قاضية بالتنظيمات الإرهابية، في إشارة إلى «حزب العمال الكردستاني» و«وحدات حماية الشعب» الكردية التي تقود «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، في سوريا والعراق.
إردوغان متحدثاً خلال مؤتمر لحزبه في ديار بكر جنوب شرقي تركيا السبت (الرئاسة التركية)
وأضاف إردوغان، في كلمة خلال المؤتمر الإقليمي لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في مدينة ديار بكر، كبرى المدن ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، السبت: «نحن في مرحلة كسر الحلقة الأخيرة من اللعبة الإمبريالية، ولا أحد يستطيع أن يجعل من أبناء صلاح الدين الأيوبي خدماً وعبيداً على أبواب الصهاينة».
وتابع أن تركيا تمكنت من تمزيق «الحزام الإرهابي» المراد تشكيله شمال سوريا، من خلال عملياتها العسكرية خارج الحدود، وأنه مع «تحرير» المعارضة السورية لدمشق ضاق الخناق على الإرهابيين الانفصاليين، وباتوا يبحثون عن أسياد جدد لهم، وأن أمامهم الآن خيارين لا ثالث لهما؛ إما التوبة عن الإرهاب وترك السلاح من دون شروط أو التصفية.
تفهم أميركي
في السياق ذاته، عبّرت أميركا عن تفهمهما لمخاوف تركيا بشأن الأمن ومكافحة الإرهاب. وقال وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، جون باس، إن البلدين يعملان بالتنسيق الوثيق في هذه القضايا، ويحرصان على تحقيق الاستقرار الإقليمي.
جانب من مباحثات باس مع الجانب التركي في أنقرة (حساب مستشار الرئيس التركي عاكف تشاغطاي كيليتش في «إكس»)
وقال باس، الذي أجرى مباحثات في تركيا يومي الخميس والجمعة حول التطورات في سوريا، إن المحور الرئيسي للنقاشات كان «عملية الانتقال السياسي في سوريا بسلاسة»، والخطوات العملية لتحقيق ذلك، وإن أميركا ستسعى لتقديم الدعم الممكن لعملية الانتقال، وستعمل على اتخاذ خطوات من شأنها تعزيز الأمن في جميع أنحاء البلاد وتحسين الظروف لجميع السوريين.
وأضاف باس، في تصريحات عقب مغادرته تركيا نقلتها وسائل إعلام تركية السبت: «كما ذكر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن (خلال زيارته لفرنسا الأربعاء)، نحن متفقون مع الحكومة التركية وكثير من الحكومات الأخرى على أن سوريا لا يمكن، ولا ينبغي أن تكون في المستقبل ملاذاً آمناً للمنظمات الإرهابية الأجنبية أو الإرهابيين الأجانب».
وتابع: «نعتقد أن على أي إرهابي أجنبي موجود في سوريا أن يغادر البلاد. ونرى أن معظم هؤلاء يجب أن يعودوا إلى أوطانهم أو الدول التي قدموا منها عبر عملية بالتعاون مع حكوماتهم، وأن يواجهوا العدالة بسبب أفعالهم».
قوات أميركية في الحسكة شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
ولفت باس إلى أن الوجود العسكري الأميركي في سوريا يهدف إلى منع ظهور تنظيم «داعش» مجدداً بوصفه تهديداً إقليمياً، مؤكداً أن تعاون بلاده مع «الوحدات» الكردية يندرج أيضاً في إطار مكافحة «داعش».
وذكر، في الوقت ذاته، أن العناصر الإرهابية الأجنبية، بما في ذلك عناصر «حزب العمال الكردستاني»، تستغل الوضع في سوريا من وقت لآخر، وأكد ضرورة ألا يشكل هذا الوضع تهديداً لتركيا أو لجيران سوريا الآخرين.
ولم يُشِر باس على وجه الدقة إلى الأجانب من عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية، الذين تطالب تركيا بخروجهم من سوريا، أو وقف الدعم الأميركي للقوات الكردية، وهو أمر يشكل نقطة خلاف مع أنقرة.
وأدلى مستشار اتصالات الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، بتصريحات مماثلة، ليل الجمعة – السبت، أكد فيها أن واشنطن «تتفهم» المخاوف الأمنية لتركيا في الشمال السوري، وأن الهدف الأساسي للوجود العسكري الأميركي في سوريا هو محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، لافتاً إلى أن المباحثات بين الولايات المتحدة وتركيا متواصلة بشأن «وحدات حماية الشعب» الكردية.
رد فرنسي
في السياق ذاته، رد وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، على تصريحات لنظيره التركي، هاكان فيدان، استبعد فيها أي دور للقوات الفرنسية في سوريا، قائلاً إن الشيء الوحيد الذي يمكن أن تفعله فرنسا هو استعادة مواطنيها من عناصر «داعش» المسجونين في هذا البلد.
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وقال بارو، في مقابلة تلفزيونية ليل الجمعة – السبت، إن «هؤلاء، باستثناء الأطفال الذين هم غير مسؤولين بأي حال عما قام به ذووهم، ينبغي إبقاؤهم حيث ارتكبوا جريمتهم، تحت مراقبة الأكراد (قوات سوريا الديمقراطية التي تتولى حراسة سجون عناصر داعش)».
ولفت إلى أنه اتصل بنظيره التركي ليذكّره بأن مصالح تركيا وفرنسا وأوروبا تكمن، إلى حد بعيد، في ضمان استقرار سوريا وسيادتها ووحدتها.
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول الجمعة (رويترز)
وعبّر فيدان، في مؤتمر صحافي بإسطنبول الجمعة، عن انزعاجه من تصريحات باور عقب مباحثاته مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن في باريس الأربعاء، بشأن قيام فرنسا وأميركا بنشر قوات على الحدود التركية – السورية لإنهاء مخاوف تركيا الأمنية.
وقال فيدان إن «تركيا لا تولي اعتباراً للدول التي تحاول أن تخدم مصالحها الخاصة في سوريا من خلال الاختباء وراء قوة أميركا».
وعدّ فيدان أن فرنسا «لديها سياسة لا تقوم على إعادة السجناء من أعضاء (داعش) إلى بلدهم»، قائلاً إنهم «لا يأبهون لأمننا ويطرحون دائماً مطالبهم الخاصة، ولا يتخذون أي خطوات بشأن مخاوفنا».
وتعهد فيدان مجدداً بأن تنهي تركيا مشكلة الوحدات الكردية إذا لم تقم الإدارة الجديدة في سوريا بالتعامل معها.
وتصاعدت التهديدات التركية في الأسابيع الأخيرة بشن عملية عسكرية ضد «قسد» في شمال شرقي سوريا، وتحاول أميركا، ومعها فرنسا، إثناء تركيا حليفتهما في حلف شمال الأطلسي (ناتو) عن القيام بها.
معارك سد تشرين
في الوقت ذاته، يتواصل التصعيد العسكري التركي بدعم من فصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة، على محاور القتال بريف منبج للسيطرة على مواقع استراتيجية، في مقدمتها سد تشرين وجسر قره قوزاق.
أحد عناصر فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا يشارك في قصف محيط سد تشرين (أ.ف.ب)
وشهد محور سد تشرين قصفاً عنيفاً من جانب القوات التركية والفصائل الموالية، السبت، كما نفذت «قسد» عملية تسلل على محور «تل سيرتيل» في ريف منبج، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة مع الفصائل بالأسلحة الثقيلة والرشاشات، أسفرت عن مقتل 4 عناصر من فصيلي «لواء الوقاص» و«جيش النخبة» التابعين للجيش الوطني السوري و3 من عناصر «قسد»، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وتتزامن الاشتباكات مع احتجاجاتٍ شعبية مؤيدة لـ«قسد» في محيط سد تشرين الاستراتيجي، حيث يطالب الأهالي بتدخل دولي عاجل وفرض حظر جوي لحماية مناطق شمال وشمال شرقي سوريا من الهجمات التركية.
وبالتوازي، نفذت قوات خاصة تابعة لـ «قسد» عملية تسلل استهدفت تجمعات وتحركات للفصائل المدعومة من تركيا في منطقة «تروازية» قرب ناحية عين عيسى في ريف الرقة، التي كانت تستعد لشن هجمات على مناطق «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا».
وأسفرت العملية عن مقتل 3 عناصر من الفصائل وإصابة 7 آخرين بجروح متفاوتة، وتدمير عدة العربات العسكرية والأسلحة التابعة للفصائل.
الفصائل الموالية لتركيا تواصل الاشتباكات في محيط سد تشرين لأكثر من شهر (أ.ف.ب)
ودعت الإدارة الذاتية، المجتمع الدولي والقوى الفاعلة في سوريا، إلى وقف الهجمات التركية على محيط سد تشرين، محذرة من وقوع كارثة إنسانية حال انهياره.
وقالت، في بيان السبت، إنّه «مُنذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، واصلت الفصائل المدعومة من تركيا شن الهجمات على سد تشرين ومحيطه، واستهدفت الطائرات الحربية والمسيرة التركية المناطق المحيطة بالسد، ما أدى إلى التصعيد الجاري بين مجلس منبج العسكري و(قسد) من جهة، وما يسمى الجيش الوطني السوري، من جهة أخرى».
وأكدت أن انهيار سد تشرين لن يؤثر فقط على السكان وفقد مئات الأرواح، لكن يمكن أن تكون له آثار مدمرة على المنطقة بأسرها، بما في ذلك البنية التحتية الخدمية والممتلكات العامة والخاصة، فضلاً عن الآثار البيئية الضارة.
على صعيد آخر، بدأت تركيا استعداداتها لفتح قنصليتها في حلب، وأجرى القائم بأعمال سفارتها في دمشق، السفير برهان كور أوغلو، ونائب وزير البيئة والتخطيط العمراني والتغير المناخي، عمر بولوك، جولة تفقدية في مبنى القنصلية، المغلق منذ عام 2012، والتقيا المسؤولين في الإدارة السورية الجديدة بحلب، حيث تم تقييم الأوضاع بالمدينة.
وقال كور أوغلو إن تركيا تشكل فريقاً جديداً لإدارة القنصلية العامة في حلب، وإن المبنى بحاجة إلى ترميم وتعديلات سيتم تنفيذها من أجل فتح القنصلية في أقرب وقت ممكن.
الشرق الأوسط
———————————-
سر “صمت” التلفزيون السوري منذ ليلة هروب الأسد
محمد الناموس – إسطنبول
10 يناير 2025
ليلة سقوط نظام الأسد، اعتصم التلفزيون السوري الحكومي بالصمت، تاركا فراغا إعلاميا وسط تساؤلات عن سر عدم إعادة الإدارة الجديدة للبلاد تشغيل هذا المنبر الإعلامي الهام.
وبينما تُثار التساؤلات بشأن سبب غياب البث الرسمي وما يخبئه المستقبل للإعلام السوري، تتباين الآراء بين من يرى أن عملية إعادة تشكيل كادر الإدارة، الذي كان في غالبيته تابعًا للنظام السابق، تتطلب وقتًا، ومن يعتقد أن القضية أكثر تعقيدا.
فقد طفت إلى السطح فرضيات أخرى، من بينها كيف سيكون “شكل” ونهج هذا التلفزيون في ظل سلطة لديها توجه إسلامي محافظ، إن لم نقل متشددًا.
واليوم، قال معاون المدير العام للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، محمد السخني، في حديثه مع صحيفة تشرين، إن التلفزيون السوري يستعد لاستئناف بثه قريبًا.
وأوضح أن الانطلاقة الجديدة ستكون “مختلفة شكلًا ومضمونًا” وتهدف إلى “مواكبة نصر الثورة السورية”، بحسب تعبيره.
ومنذ 8 ديسمبر 2024 حين فر بشار الأسد وانهار نظامه، توقفت كافة القنوات التابعة للتلفزيون السوري عن البث.
وتكتفي القناة السورية الرئيسية ببث شريط أخباري فقط لفترات وجيزة، إلا أن الشاشة السوداء هي الطاغية معظم الوقت.
وعمر التلفزيون السوري يتجاوز ستة عقود، فقد انطلق إرساله في 23 يوليو 1960 مع شقيقه التلفزيون المصري تحت اسم موحد “التلفزيون العربي” حين كانت سوريا ومصر تجتمعان في وحدة لم تلبث أن انهارت بعد عام تقريبًا من انطلاق البث.
لا وجود لنهج واضح
المدير العام السابق للتلفزيون السوري، ممتاز الشيخ، استبعد، خلال حديثه مع موقع الحرة، وجود أي عائق تقني يحول دون مواصلة البث التلفزيوني الرسمي.
وأشار إلى أن عدم توفر النهج الإعلامي أو خطة بديلة لتغطية ساعات البث بالنسبة لأعضاء السلطة الجديدة، يمكن أن يكون السبب الرئيسي في تأخير البث.
وأضاف الشيخ: “أستبعد تمامًا وجود أي عائق تقني، على الأقل حال دون مواصلة البث التلفزيوني الرسمي. أما من حيث الإمكانات البشرية، فهي متوفرة جدًا وبأضعاف الأعداد المطلوبة للتشغيل…”.
“لكن قد تكون مسألة الثقة بتوجهات الكوادر الموجودة لدى النظام السابق هي العامل الأساسي في تأخير البث، لكنني شخصيًا لا أتفق مع ذلك، على اعتبار أن الخيارات البشرية كثيرة لانتقاء كوادر آمنة (وفق النهج الجديد) لتسيير التلفزيون بالحد الأدنى”، وفق ما أردف الشيخ.
ومنذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011، أصبح التلفزيون السوري أداة رئيسية في معركة نظام الأسد الإعلامية.
“الإعلام كلاعب السيرك”
وعن رأيه في شكل التلفزيون السوري المقبل وتوجهاته، أوضح الشيخ أن الشكل الجديد للتلفزيون في سوريا رهن بشكل السلطة الجديدة، فهي التي ترسم معالمه من خلال استيعابها لقوانين التحكم بالإعلام في العالم وتفاعلاته، ومن خلال تقبلها للواقع السوري المتنوع.
وأضاف: “لدينا الكثير من الأمثلة على تقدم الحالة الإعلامية في مكانٍ ما على القطاعات الأخرى، ولدينا العكس أيضًا. فالإعلام التلفزيوني المعاصر يحتاج إلى بيئة مدروسة من الحرية ليتمكن من التعبير عن نفسه وللتأثير في جمهوره”.
ويرى الشيخ أن “الإعلام يشبه لاعب السيرك أو الجمباز الذي يحتاج إلى فضاء واسع وسقوف عالية كي تظهر مهاراته. فمستوى الهوامش والسقوف المرسومة للإعلام هو ما يحدد نجاحاته”.
وأشار إلى أن الإعلام الرسمي في سوريا، كما هو الحال في غالبية الدول، يعد انعكاسًا مباشرًا لتوجهات السلطة. “عن طريق وسائل الإعلام، يمكن للساسة في الدول الأخرى تحديد مواقفهم إزاء أي قضية من خلال متابعة رد فعل السلطة في أي مكان عبر وسائل إعلامها”.
وحسب المدير العام السابق للتلفزيون السوري، لا تزال سوريا “حتى هذه اللحظة (أي بعد مرور شهر واحد فقط من سقوط الأسد) في مرحلة صياغة التوجهات الجديدة للسلطة، بدليل أننا ما زلنا في مرحلة حكومة تصريف الأعمال، التي ستتبعها حكومة انتقالية أخرى لفترة زمنية”.
وقال: “ريثما تستكمل متطلبات الحوار الوطني المزمع عقده، وما سيتبعه من لجان متخصصة لكتابة الدستور الجديد وتحديد هوية الدولة وشكل الحكم، آنذاك فقط يمكن تصور شكل التوجه الإعلامي لسوريا، الذي سيكون انعكاسًا مباشرًا لتوجهات السلطة الجديدة”.
“توليفة فقط”
قدم التلفزيون السوري مجموعة متنوعة من البرامج السياسية والثقافية والدينية والفنية، كما خرّج مجموعة من الإعلاميين الذين انضموا لاحقًا للعمل في مؤسسات إعلامية كبرى في دول عربية.
وبعد اندلاع النزاع في عام 2011، انشق عدد من الإعلاميين وهاجروا إلى خارج سوريا بسبب معارضتهم لسياسة التلفزيون حينها.
الدكتور غازي عبد الغفور، الأستاذ في كلية الإعلام والذي عمل سابقًا لسنوات كمدير أخبار في التلفزيون السوري، أشار في لقاء مع موقع الحرة إلى “وجود عدد كبير من الإعلاميين المتميزين خارج سوريا، ويمكن اليوم الاستفادة منهم جميعًا في عمل التلفزيون السوري الرسمي”.
وقال عبد الغفور: “خلال ساعة واحدة، في حال جهوزية الطاقم، ستكون القنوات جميعها على الهواء. فقط يجب أن يكون هناك توليفة وانتقال من خطاب كان يمجد نظامًا وعائلة، إلى خطاب دولة وحكومة وشعب، ضمن الأسس الإعلامية المعروفة وبثوب جديد”.
ودعا عبد الغفور السلطات الجديدة للتواصل مع جميع الإعلاميين الموجودين في الخارج والاستفادة من خبراتهم، مضيفًا: “من غير المعقول أن يُدار التلفزيون من قبل أشخاص غير متمكنين. التلفزيون السوري، وبرغم كل سلبياته، يمتلك عراقة وتاريخًا كبيرًا”.
“تلفزيون الشعب”
الصحفي الاستقصائي السوري أحمد حاج حمدو، أحد مؤسسي شبكة سراج السورية للصحافة الاستقصائية، أشار في حديثه مع موقع الحرة إلى مجموعة من الجوانب التي رأى أنه يجب على التلفزيون السوري الرسمي العمل عليها في المستقبل.
وقال حاج حمدو إن التلفزيون السوري سيكون أحد أبرز الأركان التي ستحدد مستوى حرية الصحافة في سوريا. في حال توخى الموضوعية وعرض وجهات النظر المتعددة، فإنه بشكل أوتوماتيكي سيمنح الصحافة المستقلة دفعة قوية لأخذ دورها في مساءلة السلطة.
وأضاف: “التلفزيون يجب أن يتحدث بلسان الشعب، ويتبنى الموضوعية، وينتقي الكوادر، ويتبنى قيمة المساءلة”.
وأعرب عن اعتقاده بأن “على التلفزيون السوري، على الرغم من كونه مؤسسة رسمية، أن يعمل كخدمة عامة موجهة للشعب. لا يجب أن يكرر تجربة النظام المخلوع ويعيد ضخ الأخبار باتجاه واحد من السلطة إلى الشعب على شكل أوامر وفرمانات”.
بدلًا من ذلك، دعا حاج حمدو إلى أن “يُعد التلفزيون باقة إخبارية وبرامجية يكون فيها صوت الشعب مسموعًا، لأن أهمية أن تسمع السلطة دور الشعب لا تقل عن أهمية أن يسمع الشعب دور السلطة. بذلك، فإن أكبر عوامل نجاح التلفزيون السوري هو أن يكون جسر تواصل بين الشعب والسلطة، مع التأكيد على أولوية صوت الشعب”.
وأشار إلى أن التلفزيون السوري يجب أن يعرض جميع وجهات النظر، وأن يلتزم بالموضوعية في طرح مواضيعه وبرامجه.
“تغيير الكوادر”
أكد حاج حمدو على ضرورة التوجه نحو تغيير الكوادر الإعلامية السابقة بشكل جذري.
وأشار إلى “غياب المهنية والاحترافية عن هذه الكوادر، لأنها كانت خلال سنوات عملها الطويلة جزءًا من ماكينة إعلامية للتغطية على الجرائم. هذا سيجعلها عقبة أمام القيم الصحفية الأساسية، مثل المصداقية والحرية والموضوعية واحترام حقوق الإنسان وعرض وجهات النظر المختلفة”.
وأضاف أن استمرار الكوادر السابقة بعملها سيخلق خطرًا يتمثل في أن الشعب سيفقد تلفزيونه مرة أخرى.
وقال: “قد يستنسخون التلفزيون السوري في عهد النظام البائد، وهذا سيُفقد الشعب السوري فرصة تاريخية في أن يخلق للمرة الأولى شاشة وطنية تتحدث بلسان الشعب لا السلطة”.
محمد الناموس
——————
المعارك تستعر شمال سوريا و50 ألفا يغادرون تركيا عادئين لديارهم
المبعوث الأممي يحذر من “أخطاء” قد تعرقل الانتقال السياسي
الخميس 9 يناير 2025 10:26
وقعت معارك ضارية في ريف منبج خلال الساعات الماضية بين “قسد” والجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا (أ ف ب)
ملخص
قوات سوريا الديمقراطية تعلن مصرع ستة من مقاتليها في منبج، وقائدها: اتفقنا مع السلطة الجديدة على رفض “مشاريع الانقسام”.
أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا أن أكثر من 50 ألف لاجئ سوري اجتازوا الحدود التركية، للعودة إلى بلدهم خلال شهر.
وقال الوزير في إحاطة إعلامية من معبر جيلوة غوزو الحدودي في محافظة هاتاي (جنوب) “خلال شهر، عاد 52622 سورياً طوعاً إلى بلدهم بأمن وكرامة”.
وكانت السلطات التركية أفادت خلال وقت سابق بأن 30663 سورياً غادروا تركيا عائدين إلى بلدهم، بعد 17 يوماً من سقوط بشار الأسد.
وأوضح الوزير أن 41437 شخصاً عادوا إلى سوريا مع عائلاتهم و11185 سورياً اجتازوا الحدود إلى بلدهم.
وتستقبل تركيا التي تتشارك حدوداً تمتد على أكثر من 900 كيلومتر مع سوريا نحو 2.92 مليون سوري على أراضيها، فروا من الحرب التي عصفت ببلدهم اعتباراً من عام 2011.
وتتيح تركيا التي تأمل في أن يعود عدد كبير من اللاجئين السوريين إلى بلدهم بغية احتواء المشاعر المعادية للاجئين المتنامية في أوساط السكان، لفرد واحد من كل عائلة لاجئة الذهاب إلى سوريا والعودة ثلاث مرات حتى الأول من يوليو (تموز) 2025، تمهيداً لإعادة التوطين.
37 قتيلا
قتل 37 شخصاً الخميس في معارك استُخدم فيها الطيران بين القوات الكردية والفصائل السورية الموالية لتركيا بمنطقة في شمال سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال المرصد “وقعت معارك ضارية في ريف منبج في الساعات الماضية بين قوات سوريا الديمقراطية (التي يعتبر الأكراد عمودها الفقري)، والجيش الوطني السوري (المدعوم من تركيا)، بتغطية جوية تركية”، ما تسبّب بمقتل “37 شخصاً في حصيلة أولية”، معظمهم من المقاتلين الموالين لتركيا.
تحذيرات من العرقلة
من جهة أخرى، حذر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن أمس الأربعاء من “أخطاء” يمكن أن تعرقل عملية الانتقال السياسي في سوريا بعد الإطاحة ببشار الأسد، منبهاً أيضاً من أخطار “الهجمات” الإسرائيلية على سلامة أراضي البلاد.
وقال بيدرسن في اجتماع لمجلس الأمن الدولي بعد شهر على سقوط حكم الأسد إن “القرارات المتخذة اليوم ستحدد المستقبل على المدى الطويل”، وأضاف “هناك فرص وأخطار حقيقية”، داعياً سوريا والمجتمع الدولي إلى “النجاح في المرحلة المقبلة”.
وبعد نزاع استمر 13 عاماً، تمكنت فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) من دخول دمشق التي فر منها الأسد، لينتهي بذلك حكم عائلته الذي امتد أكثر من خمسة عقود.
حل الفصائل المسلحة
وتعهد القائد العام للإدارة الجديدة أحمد الشرع بحل الفصائل المسلحة وبينها هيئة تحرير الشام التي يقودها، وتوحيدها تحت مظلة وزارة الدفاع، كما أعلن نيته عقد مؤتمر للحوار الوطني، مشيراً إلى أن إجراء انتخابات قد يتطلب أربعة أعوام.
وتعتزم الإدارة الجديدة تشكيل لجنة تمثل مختلف مكونات المجتمع للتحضير لمؤتمر الحوار الوطني.
ورحب بيدرسن بإعلان هذه اللجنة الموسعة، لافتاً إلى أهمية عدم “إفساد” العملية، وأكد وجود “فرص كبيرة لبناء أسس جديدة لسلام دائم واستقرار في سوريا”، لكنه حذر من أن “أخطاء أو فرص ضائعة يمكن أن تهدد مستقبل سوريا وتزرع بذور عدم الاستقرار”.
وشدد بيدرسن على أن “الانتقال السياسي الشامل هو الطريقة الأكثر فعالية لبناء الثقة”، داعياً السلطات إلى “مد يدها” لكل مكونات المجتمع.
وقال المبعوث الأممي إن “مناطق كبيرة ليست تحت سيطرة السلطات الانتقالية، والنزاع مستمر، وهناك أيضاً تهديدات حقيقية لسيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها”.
قلق عميق
وأعرب خصوصاً عن “قلقه العميق” إزاء انتشار الجيش الإسرائيلي في المنطقة العازلة منزوعة السلاح في الجولان على أطراف الجزء من الهضبة الذي احتلته إسرائيل عام 1967 قبل أن تعلن ضمه عام 1981، في خطوة لم تعترف بها سوى الولايات المتحدة خلال ولاية دونالد ترمب.
وقال بيدرسن إن “الهجمات ضد سيادة سوريا وسلامة أراضيها يجب أن تتوقف”، معرباً عن قلقه في شأن معلومات متعلقة باستخدام القوات الإسرائيلية لذخائر ضد مدنيين وتدمير بنى تحتية.
وأضاف أن “مثل هذه الانتهاكات، وكذلك الضربات الجوية الإسرائيلية على أجزاء أخرى من سوريا، كما حدث في حلب الأسبوع الماضي بحسب التقارير، يمكن أن تعرض فرص الانتقال السياسي السلمي للخطر”.
انعدام الأمن الغذائي الحاد
من جانبه أكد مسؤول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر أن حجم الأزمة الإنسانية في سوريا، حيث يواجه نحو 13 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد “ما زال كبيراً”.
وأشار إلى أنه مع حلول فصل الشتاء “ما زال أكثر من 620 ألف شخص في حالة نزوح” من بين أكثر من مليون فروا خلال هجوم ديسمبر، ويضاف هذا الرقم إلى 7 ملايين شخص سبق لهم أن نزحوا جراء النزاع في البلاد.
رفض “مشاريع الانقسام”
وأكد مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر على مناطق الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرقي سوريا، الاتفاق مع السلطة الجديدة في دمشق على رفض “أي مشاريع انقسام” تهدد وحدة البلاد.
قال عبدي الأربعاء إن لقاء “إيجابياً” جمع قيادتي الطرفين نهاية الشهر الماضي في دمشق، مضيفاً “نتفق أننا مع وحدة وسلامة الأراضي السورية، وعلى رفض أي مشاريع انقسام تهدد وحدة البلاد”.
ميدانياً قالت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة في بيان الأربعاء إن ستة من مقاتليها قتلوا خلال اشتباكات مع مقاتلين مدعومين من تركيا في مدينة منبج بشمال سوريا، وأضافت أن تسعة آخرين أصيبوا أيضاً.
قوات أميركية وفرنسية
قالت مسؤولة كردية سورية كبيرة إن هناك محادثات جارية في شأن ما إذا كان بإمكان قوات أميركية وفرنسية تأمين منطقة حدودية في شمال سوريا في إطار جهود رامية تهدف إلى نزع فتيل صراع بين تركيا وقوات كردية سورية مدعومة من الغرب.
وتهدد أنقرة بتنفيذ هجوم عبر الحدود في شمال شرق سوريا ضد وحدات حماية الشعب الكردية إذا لم تستجب الجماعة لمطالب تركيا.
وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب، التي تقود قوات سوريا الديمقراطية المتحالفة مع الولايات المتحدة، جماعة إرهابية مرتبطة بمسلحي حزب العمال الكردستاني الذين يخوضون تمرداً ضد الدولة التركية منذ 40 عاماً.
ولعبت قوات سوريا الديمقراطية دوراً مهماً في إلحاق الهزيمة بمسلحي “داعش” في سوريا خلال الفترة من 2014 إلى 2017. ولا تزال المجموعة تحرس مقاتلي التنظيم في معسكرات اعتقال هناك، لكن نفوذها تراجع بعد أن أطاح مسلحون من المعارضة بالرئيس السوري بشار الأسد في الثامن من ديسمبر.
دعم فرنسي
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أيام إن باريس لن تتخلى عن قوات سوريا الديمقراطية، التي كانت واحدة من بين عدد كبير من جماعات المعارضة المسلحة خلال الحرب الأهلية السورية التي استمرت 13 عاماً.
ونقلت قناة “تي.في5 موند” عن إلهام أحمد، الرئيسة المشاركة لدائرة الشؤون الخارجية في الإدارة الكردية بالأراضي الشمالية الواقعة خارج سيطرة الحكومة السورية المركزية، قولها “الولايات المتحدة وفرنسا يمكنهما بالفعل تأمين الحدود بالكامل، نحن مستعدون لأن يتولى هذا التحالف العسكري هذه المسؤولية”.
وأضافت “نطلب من الفرنسيين إرسال قوات إلى هذه الحدود لتأمين المنطقة منزوعة السلاح، لمساعدتنا في حماية المنطقة وإقامة علاقات جيدة مع تركيا”.
ولم ترد وزارتا الخارجية الفرنسية والتركية حتى الآن على طلبات التعليق، ولم يتسن الحصول على تعليق حتى الآن من وزارة الخارجية الأميركية.
ومن غير الواضح مدى تقبل تركيا لمثل هذه المبادرة نظراً إلى أن أنقرة عملت لسنوات على تأمين حدودها في مواجهة التهديدات القادمة من سوريا، وتعهدت بتدمير وحدات حماية الشعب.
وقالت المسؤولة “بمجرد أن تتمكن فرنسا من إقناع تركيا بقبول وجودها على الحدود، عندها يمكننا أن نبدأ عملية السلام، نأمل أن تجري تسوية كل شيء في الأسابيع المقبلة”.
وقال مصدر مطلع على الأمر إن المحادثات جارية بالفعل، غير أنه أحجم عن كشف المدى الذي وصلت إليه هذه المحادثات أو مدى واقعيتها.
جهود وقف إطلاق النار
تتوسط واشنطن في جهود وقف إطلاق النار بين الجماعات المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية، بعد اندلاع القتال مع تقدم جماعات المعارضة السورية نحو دمشق والإطاحة بالأسد.
وأشار وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في مؤتمر صحافي في باريس إلى جانب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي سيغادر المنصب قريباW إلى وجود محادثات حول هذه القضية.
وقال بارو “يتعين أن يجد الأكراد السوريون مكانهم في هذا التحول السياسي، نحن مدينون لهم لأنهم كانوا إخواننا في السلاح ضد تنظيم داعش”.
وأضاف “سنواصل جهودنا لضمان معالجة المخاوف الأمنية المشروعة لتركيا، وأيضاً لضمان المصالح الأمنية للأكراد (في سوريا) وحقوقهم الكاملة في المشاركة في بناء مستقبل بلادهم”.
مصالح مشروعة
وقال بلينكن إن من المهم للغاية ضمان استمرار قوات سوريا الديمقراطية في حراسة أكثر من 10 آلاف من مقاتلي داعش المعتقلين، لأن هذا يمثل مصلحة أمنية مشروعة لكل من الولايات المتحدة وتركيا”.
وأضاف “عملنا عن كثب شديد مع حليفتنا تركيا، لإدارة هذا التحول، إنها عملية ستستغرق بعض الوقت”.
وللولايات المتحدة نحو 2000 جندي في سوريا يعملون مع قوات سوريا الديمقراطية، لمنع عودة ظهور تنظيم “داعش”.
وقال مسؤول فرنسي إن بلاده ما زال لديها عشرات من القوات الخاصة على الأرض، منذ دعمها السابق لقوات سوريا الديمقراطية حين كانت باريس تقدم الأسلحة والتدريب.
——————————–
ما بين الجولاني الراديكالي وأحمد الشرع “السياسي”/ اسماعيل درويش
يرصد محللون 3 سياقات أساسية يتحرك خلالها زعيم “هيئة تحرير الشام” لإحراز قبول إقليمي ودولي
الجمعة 6 ديسمبر 2024
ينظر البعض إلى أبو محمد الجولاني على أنه راديكالي متطرف منسلخ عن “القاعدة” لكنه لا يزال يحمل أفكارها، وكل ما يجري من “لطف” هو عبارة عن أمر مرحلي ريثما يستتب له الأمر.
انتقل أبو محمد الجولاني الذي أعلنت قواته اليوم الأحد “هرب” الرئيس السوري بشار الأسد مع دخولها دمشق، بعد سيطرتها بسرعة مذهلة على مناطق عدة في سوريا، من خطاب إسلامي متطرف إلى نوع من الاعتدال في مسعى واضح إلى تغيير صورته.
وكان زعيم هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقاً” التي كانت تشكل فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا، أكد أن الهدف “يبقى” بالنسبة إليه والفصائل المعارضة “إسقاط نظام” بشار الأسد الذي يتولى السلطة منذ عام 2000.
ودعا الجولاني اليوم الأحد مقاتليه إلى عدم الاقتراب من المؤسسات العامة، مؤكداً أنها ستبقى تحت إشراف رئيس الوزراء السوري حتى “تسليمها رسمياً”، بعد إعلان المعارضة إسقاط الأسد.
وتخلى الجولاني الطويل القامة ذو البنية القوية واللحية السوداء والعينين الثاقبتين تدريجاً عن العمامة البيضاء التي كان يضعها في بداية الحرب، ليرتدي زياً عسكرياً وأحياناً الزي المدني.
وجال الأربعاء الماضي قلعة حلب التاريخية، ثاني أكبر مدن سوريا، بعدما سيطر مقاتلوه عليها، وأرسل “تطمينات” إلى المسيحيين بأنهم لن يتعرضوا للأذى.
ثم أعلن السيطرة على حماة في وسط البلاد، وقال إنه لن يكون هناك “ثأر” للمجزرة التي ارتكبت في المحافظة على أيدي قوات الرئيس السابق ووالد الرئيس الحالي حافظ الأسد قبل عقود، بعد انتفاضة للإخوان المسلمين.
وتسارع تقدم الفصائل المعارضة وصولاً إلى دمشق فجر الأحد.
منذ انفصال تنظيمه عن “القاعدة” في عام 2016، يحاول الجولاني تغيير صورته وتقديم نفسه في مظهر أكثر اعتدالاً، من دون أن يتمكن فعلاً من إقناع المحللين أو حتى الحكومات الغربية التي تصنف “هيئة تحرير الشام” مجموعة إرهابية.
ويقول المتخصص في المجموعات الإسلامية في سوريا توما بييريه لوكالة الصحافة الفرنسية “إنه متطرف براغماتي”، ويوضح الباحث في المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا أنه “في عام 2014 كان في ذروة تطرفه من أجل أن يفرض نفسه في مواجهة تطرف تنظيم ’داعش‘ (الذي كان في ذروة سيطرته وقوته في سوريا آنذاك)، قبل أن يعمد لاحقاً إلى التخفيف من حدة تصريحاته”.
وفي مؤشر جديد على رغبته في تغيير صورته، بدأ بعد بدء هجوم الهيئة والفصائل ضد القوات الحكومية في الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني)، بتقديم نفسه باسمه الحقيقي أحمد الشرع، بدل اسمه الحركي.
ولد الشرع في عام 1982، ونشأ في حي المزة بدمشق، في كنف عائلة ميسورة وبدأ دراسة الطب.
في عام 2021، قال في مقابلة مع محطة “بي بي أس” (PBS) الأميركية العامة إن اسمه الحركي – أبو محمد الجولاني – مستوحى من أصول عائلته المتحدرة من مرتفعات الجولان، وقال إن جده نزح من الجولان بعد احتلال إسرائيل جزءاً كبيراً من هذه الهضبة السورية عام 1967.
وبحسب موقع “ميدل إيست آي” الإلكتروني “بدأت أولى علامات الجهاد تظهر في حياة الجولاني” بعد اعتداءات الـ11 من سبتمبر (أيلول) 2001 في الولايات المتحدة، و”بدأ بحضور خطب دينية واجتماعات سرية في ضواحي دمشق”.
بعد الاجتياح الأميركي للعراق في عام 2003، توجه للقتال في البلد المجاور لسوريا حيث انضم إلى تنظيم “القاعدة” بقيادة أبي مصعب الزرقاوي، قبل أن يسجن لمدة خمس سنوات.
بعد بدء الحراك الاحتجاجي ضد الأسد في عام 2011 عاد إلى وطنه ليؤسس “جبهة النصرة”، التي أصبحت في ما بعد “هيئة تحرير الشام”. في 2013 رفض التقرب من أبي بكر البغدادي زعيم “داعش” وفضل زعيم تنظيم “القاعدة” أيمن الظواهري.
يرى أنصاره أنه “واقعي”، ويقول خصومه إنه “انتهازي”، وقد صرح في عام 2015 أنه لا ينوي شن هجمات ضد الغرب، كما يفعل تنظيم “داعش”، أو كما فعلت “القاعدة”. وأوضح عندما انفصل عن تنظيم “القاعدة” أنه فعل ذلك “لإزالة ذرائع المجتمع الدولي” لمهاجمة تنظيمه.
أيام حلب
بعيداً من أيام ولت عاشتها ثلاثية حلب وإدلب وحماة وتنذر بشلالات قريبة من الدم السوري، يقف البعض على الضفتين في البلد الجريح بـ”عين الإعجاب” و”التخوف” من زعيم “هيئة تحرير الشام” أبو محمد الجولاني. بين آلاف من العائدين إلى بيوتهم في تلك المحافظات بعد سنوات من التشرد واللجوء والتعرض للعنصرية في إحدى دول الجوار وآخرين يخشون تبعات عودة المتطرفين.
“بين أناس عانوا في المخيمات وعادوا إلى حلب بات الجولاني “بطلاً” استطاع تخليصهم من سنوات وجع وذل”، كلمات تحمل مفارقة نطق بها الشاب أحمد الحلبي (31 سنة)، وذلك بعد يومين من عودته إلى مدينته وتمكنه للمرة الأولى من دخول منزله بعد ثمانية أعوام على التهجير.
وفي المقابل، هناك من ينظر إلى زعيم “هيئة تحرير الشام” على أنه راديكالي متطرف منسلخ عن “القاعدة” لكنه لا يزال يحمل أفكارها، وكل ما يجري من “لطف” هو عبارة عن أمر مرحلي ريثما يستتب له الأمر… إذاً أين يقف الجولاني بين الفريقين وتاريخه وأهدافه من النسخة المحدثة من شخصيته التي أثارت جدلاً واسعاً خلال الفترة الماضية.
رسائل دبلوماسية
وهو يشاهد فيديو على جوال بيده لتصريحات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بخصوص محادثة هاتفية أجراها مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، ظهر أحمد الشرع (الاسم الأصلي للجولاني) موجهاً رسالة بلغة دبلوماسية للسوداني يدعوه فيها إلى عدم التدخل في الشؤون السورية، “فهذه ثورة ضد نظام الأسد، وما نقوم به هو استرداد للحقوق، ونريد علاقات جيدة مع العراق وشعبه”.
كلمة الجولاني هذه تزامنت مع سيطرة “هيئة تحرير الشام” والفصائل التي تقاتل معها على مدينة حماة الاستراتيجية، ليظهر بعدها بيان مقتضب للجولاني يقول فيه “مبروك النصر لحماة”. بيان موقع باسم “القائد أحمد الشرع” ليكون هو الأول من نوعه الذي يحمل الاسم الحقيقي للجولاني، وسبق ذلك بدقائق قليلة أن قال الشرع “دخول حماة فتح لا ثأر فيه”.
على أرض الميدان، يقول “المرصد السوري لحقوق الإنسان” ومنظمات حقوقية أخرى، إنه لم يسجل أي انتهاكات في حلب أو حماة أو أي من المناطق الأخرى التي سيطرت عليها الهيئة أخيراً، إلا أن اللافت هو طريقة دخول الفصائل لمدينة السلمية بريف حماة مساء أمس الخميس، فالمدينة ذات غالبية من الأقلية الإسماعيلية (إحدى الطوائف الشيعية) تحدث أهلها مع المعارضة المسلحة واتفقوا على أن يرحبوا بهم من دون قتال، وبالفعل لم تطلق رصاصة واحدة فيها سوى رصاص الاحتفال الذي أطلقه الأهالي أنفسهم.
ثلاثة سياقات
الصحافي السوري خالد جرعتلي تحدث لـ”اندبندنت عربية” عن أنه في “عام 2016 عندما خرجت فصائل المعارضة من حلب، وقف أبو محمد الجولاني أو أحمد الشرع كما صار يفضل أن يطلق على نفسه أخيراً على أطلال المدن المدمرة التي خرجت عن سيطرة فصائل المعارضة المتشرذمة حينذاك. كان أول ما فعله تغيير اسم “جبهة فتح الشام” لـ”هيئة تحرير الشام”، بسبب ارتباط الاسم الأول بـ”جيش الفتح” الذي خسر مناطق واسعة في حلب وإدلب وريف حماة”.
وقال جرعتلي “بدأ الجولاني بإصلاحات داخلية مكنته لاحقاً من الحكم بمركزية شديدة أقصيت خلالها الفصائل التي من الممكن أن تشاركه في الحكم بمناطق سيطرة قواته، وجعلته متفرداً بالقرار لتكوين تسلسل أحداث قاد إلى ما نشاهده الآن”.
وأوضح جرعتلي أن “استراتيجية الجولاني بنيت على ثلاثة سياقات أساسية، تسير كلها نحو المصب نفسه، وهو البحث عن قبول إقليمي ودولي، ولا يمكن حتى الآن الجزم فيما إذا كانت استراتيجيته نجحت أم لا. وهذه السياقات تتمثل في (أولاً) أنه في الوقت الذي بقي فيه بشار الأسد متعنتاً بالحفاظ على نظامه بشكله التقليدي واستمراره في انتهاك حقوق السوريين، وخصوصاً من اللاجئين العائدين، كان الجولاني يبني استراتيجيته، عسكرية للهجوم واجتماعية تهدف لطمأنة المدنيين على خلاف ما اعتمده الأسد، لبسط الاستقرار الذي ستتطلبه الظروف بعد العمليات العسكرية”.
أما ثانياً، أن الجولاني كان يسعى باتجاه محو اسم جبهتي “النصرة” و”فتح الشام” من تاريخه، حتى إن هذه المحاذير كانت تظهر واضحة عند محاولات الصحافيين والإعلاميين ربط اسم “تحرير الشام” بالأسماء السابقة. وربما لم ينجح الجولاني بمحو هذه الأسماء قولاً لكنه نجح فعلاً، إذ تطورت أيديولوجيته سريعاً منذ ظهوره في أول مقابلة إعلامية عام 2013، وكان وجهه ملفوفاً بغطاء رأس داكن اللون، مروراً بأول بيان مصوّر له عندما غيّر لون غطاء رأسه للأبيض حتى ارتدائه للبدلة الرسمية في مقابلته مع الصحافي الأميركي مارتن سميث عام 2021. آنذاك قال “إن تصنيف الإرهابيين غير عادل… أعارض قتل الأبرياء”.
ووفق الصحافي السوري خالد جرعتلي فإن السياق الثالث الذي سعى إليه الجولاني هو تكراره ومسؤولين في حكومة الإنقاذ التي شكلت مظلته السياسية والخدمية مصطلح “الكيان السني” في إشارة إلى المناطق التي يسيطر عليها.
ويرى أنه لا يمكن الجزم بأن “تحرير الشام كانت تقرأ سياق الأحداث وصولاً إلى حرب غزة ثم معارك لبنان، وأخيراً النقمة الغربية على إيران، لكن يمكن اعتبار هذا المصطلح (الكيان السني) طرح ليشكل حجر التوازن أمام التمدد الشيعي الذي تنامى مع مرور الأعوام، فلا يوجد أفضل من كيان سني معتدل لا يتبع سياسة (طالبان) في أفغانستان كانتهاء حقوق النساء والأقليات الدينية، وفي الوقت نفسه يشكل سداً يعزل إيران عن سوريا ولبنان”.
ومضى في تحليله، “أعتقد أن الغرب يمكنه التفكير بالمعادلة من هذه الزاوية، هذا إن استمر الجولاني باتباع المنهجية نفسها. اعتدال في التعامل مع المكونات السورية وتشدد في محاربة الكيانات التي تدعمها إيران في سوريا. هذه الزاوية، يمكن من خلالها أن يلقى الجولاني قبولاً ليكون فاعلاً على الساحة السورية في المستقبل، ولا أقصد هنا بكلمة فاعل أن يكون بديلاً لبشار الأسد فهذا الطرح بعيد بعض الشيء، لكني أقصد فاعلاً بأن يترك ليتحكم بمسار الأحداث ولو موقتاً”.
ديكتاتور براغماتي
أما من حيث احتمال قبوله على الصعيد الاجتماعي، يرى جرعتلي أن الجولاني “كان يواجه نقمة من حاضنته الشعبية بعد الهزائم التي تلقتها المعارضة بين عامي 2019 و2020، وأبرزها خسارة مدينتي سراقب ومعرة النعمان، ثم الوقوف من دون فعل شيء لأربعة أعوام، لكن المكاسب التي حققتها المعارضة اليوم مسحت هذه النقمة، إذ وعد باستعادة هذه المناطق وما بعدها، وصدق وعده. وعلى صعيد آخر كان ينظر له كشخص متطرف ترفضه المكونات التي تراه راديكالياً جاء ليقتص منها، لكن تعامله أخيراً مع أقليات حلب وحماة، وقبلها التطمينات التي قدمها لدروز إدلب، جعلت من حالة الرفض تخضع لتفكير كثيرين”.
الدكتور عرابي عبدالحي عرابي الأكاديمي والباحث في الشأن السوري، يقول بدوره إن “أبو محمد الجولاني يظهر بخطاب جديد ويغير اسمه ولكن كانت هناك حالة اجتماعية ظهرت فيها هيئة تحرير الشام وطبعاً هناك تحولات كثيرة مر بها نفسه، سواء من ناحية مكانته أو تربيته بين عائلة (ناصرية) وأفراد يساريين من أسرته القومية في الأساس، وهي أجواء عاش خلالها حالة انتكاس بعد احتلال العراق ومثل الكثير من الشباب توجهوا إلى بلاد الرافدين للقتال، وهنا ساقته الأقدار واعتقل ووضع في السجن، وفي ذلك التقى بالعديد من القياديين المسلحين، وبعد خروجه من السجن بقي في العراق، وأصبح قريباً من قيادة تنظيم (داعش) الإرهابي وبعد ذلك أرسلوا إلى سوريا”.
“تنظيم إسلامي” بنكهة سورية
يمضي الأكاديمي السوري عرابي في تحليله لشخصية الجولاني بقوله، “نعرف الحكاية عندما حاول تنظيم (داعش) أن يفرض مساراً معيناً على الثورة السورية فحصل انشقاق، والظروف جعلت (جبهة النصرة) تنقسم وبعد ذلك بايع الجولاني (القاعدة). ومن ثم انفك عنها وأسس تنظيماً مسلحاً بنكهة سورية إسلامية وهو هيئة تحرير الشام، وما أراه اليوم أن تلك الجماعة تعرضت للعديد من الانكسارات منذ مارس (آذار) 2020، ما جعلها تغير الكثير من أفكارها وسلوكيتها وأركانها”.
ويقول، “الوجوه التي كانت متطرفة ومتشددة في هيئة تحرير الشام أقصيت عن المشهد وأبعدت من الوصول إلى العسكرة، وحرموا من وظائفهم سواء كان في القضاء أو في الدعوة وحتى في (الحسبة)، وألغيت الكثير من الوظائف التي كانت تعبر عن أيديولوجية معينة. ثم بعد ذلك حاول الجولاني أن يقدم نفسه كبديل محتمل أو شريك ممكن سواء كان في محاربة التنظيمات المتطرفة أو إقصائها أو تصفيتها. وفي النهاية الوصول إلى صيغة تعاون مشترك مع المجتمع الدولي للتوازن بداخل سوريا”.
أما بخصوص احتمالية أن يتعامل معه المجتمع الدولي، فيقول عرابي “نعم أظن ذلك، لأن الجولاني الآن ليس أبو محمد وإنما هو أحمد الشرع، وهذه كناية أنه وضع الألقاب وراءه ويذهب باتجاه دولة المواطنة، وهذا ما أكدته بيانات الهيئة في الفترة الأخيرة، لتكون الهيئة ليست فصيلة وإنما مؤسسة حاولت جمع السوريين في جناحها وتبني وطناً بمشاركة الفصائل الأخرى ومشاركة جميع المكونات السورية”.
ويختم عرابي حديثه بالقول، “لا أظن أن أحمد الشرع سيكون الزعيم المقبل لسوريا. من الممكن أن يكون مقبولاً في المجتمع الدولي، لكن لا أظن أنه سيكون رئيساً لسوريا في الأقل خلال الفترة المقبلة إذا حصل أي حل سياسي. الجولاني رجل دفاع وتخطيط وحنكة وإدراك ولذلك لم يقدم نفسه رئيساً للسوريين، وإنما سيقدم نفسه كجزء في آلة النظام المقبل إذا صح التعبير”.
———————–
هل تتخلى أميركا عن “قسد” لمصلحة تركيا والشرع؟
مسؤول كبير في واشنطن قال في حوار حضرته “اندبندنت عربية” إن بلاده متفطنة إلى عدم استغلال وجودها في سوريا، مؤكداً أهمية “إعادة دمج سوريا في النظامين الإقليمي والدولي”
السبت 11 يناير 2025
ملخص
أوضح المسؤول الأميركي في تصريحاته التي أدلى بها “أون لاين” إلى الصحافيين أن الوجود الأميركي في سوريا يهدف إلى “منع عودة تنظيم ’داعش‘ وضمان استقرار الأوضاع الأمنية في المنطقة”
في إطار السعي الدولي إلى حل الأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من عقد، زار القائم بأعمال وكيل وزارة الخارجية الأميركية جون باس أنقرة لإجراء محادثات مكثفة حول مستقبل سوريا والانتقال السياسي فيها. ناقشت الاجتماعات قضايا أمنية واستراتيجية عدة، بما في ذلك ضمان استقرار المنطقة ومنع عودة تنظيم “داعش”.
أوضح باس في تصريحاته التي أدلى بها “أون لاين” إلى الصحافيين أن الوجود الأميركي في سوريا يهدف إلى “منع عودة تنظيم ’داعش‘ وضمان استقرار الأوضاع الأمنية في المنطقة”. وأكد أن القوات الأميركية تعمل بالتنسيق مع حلفائها لضمان عدم استغلال هذا الوجود من قبل جماعات مسلحة لتقويض أمن دول الجوار، في إشارة إلى “قسد” والميليشيات الكردية مختلفة الانتماءات.
وأضاف “نحن ندرك أهمية تحقيق توازن دقيق بين طمأنة الشركاء الإقليميين وضمان عدم تحول وجودنا إلى ذريعة لأي أنشطة عدائية أو تصعيدية.”
كما أشار باس إلى أن إدارة واشنطن تعمل بصورة مستمرة على تقييم استراتيجياتها لضمان أن يظل وجودها في سوريا داعماً للانتقال السياسي من دون أن يفاقم التوترات الإقليمية.
وكشفت تسريبات إعلامية عن رعاية واشنطن حواراً عصياً بين الإدارة الانتقالية في دمشق بقيادة أحمد الشرع و”سوريا الديمقراطية” بقيادة مظلوم عبدي، في وقت تضغط أنقرة لرفع أميركا يدها عن الأكراد السوريين، للدفع نحو دمجهم في التسوية السورية الشاملة، من دون منحهم امتيازات استثنائية مثل إدارة ذاتية.
ورداً على ضغط بلاده على “سوريا الديمقراطية” في شأن المقاتلين الأجانب لديها من مثل أعضاء حزب العمل الكردستاني، أجاب “نحن نتفق مع الحكومة التركية على ضرورة ألا تكون سوريا ملاذاً آمناً للمنظمات الإرهابية الأجنبية أو المقاتلين الإرهابيين الأجانب سواء كان ذلك اليوم أو في المستقبل”.
تخفيف العقوبات يتوسع
في ما يتعلق بالدعم الخليجي للحكومة الموقتة في سوريا، قال باس “أجرينا نقاشات بناءة مع شركائنا في دول الخليج حول كيفية تقديم المساعدة للحكومة الموقتة في دمشق لضمان قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية للسكان.”
وأوضح أن المساعدات تشمل دعم دفع رواتب الموظفين المدنيين وتوفير الكهرباء والطاقة، مشدداً على أن “هذا الدعم لا يهدف فقط إلى تخفيف معاناة الشعب السوري، بل أيضاً إلى تعزيز استقرار الحكومة الموقتة كجزء من عملية الانتقال السياسي.”
وأكد أن الولايات المتحدة تسعى إلى تكييف أنظمة العقوبات بصورة تدعم الجهود الإنسانية من دون الإضرار بالمسار السياسي.
مع اقتراب دخول إدارة أميركية جديدة إلى البيت الأبيض تسود حال من الترقب في شأن سياساتها تجاه الملف السوري، فيما أشار باس إلى أن الإدارة المقبلة ستواجه قرارات حاسمة تتعلق بمستقبل الوجود الأميركي في سوريا ودور واشنطن في دعم الاستقرار الإقليمي.
وقال “إن أي إدارة أميركية ستجد نفسها أمام تحدي تحقيق توازن بين المصالح الاستراتيجية في المنطقة ودعم الجهود الإنسانية. سوريا تمثل اختباراً حقيقياً لمدى الالتزام الدولي حل النزاعات المستعصية.”
وأوضح باس أن فريق ترمب سيحتاج إلى إعادة تقييم سياسات العقوبات وتوسيع الحوار مع دول الجوار لضمان توافق الجهود الدولية والإقليمية.
إعادة دمج سوريا في الإقليم
وفي ما يتعلق بدعم بعض دول الإقليم الحكومة الحالية في دمشق، قال باس “أوضحنا لشركائنا الإقليميين أهمية توجيه أي دعم نحو تحقيق الاستقرار وليس تعزيز الانقسامات”، وأكد أن واشنطن تحث على خطوات تسهم في الانتقال السياسي وتخفيف معاناة الشعب السوري. وأضاف “نحن نرى أن أي دعم موجه للحكومة الحالية يجب أن يرافقه التزام إجراءات عملية تساعد على تحقيق التوازن في الداخل السوري”. وأكد أن الإدارة المقبلة ستواصل الضغط لضمان توجيه الجهود نحو تحقيق حل سياسي مستدام.
وأشار باس إلى أن “إعادة دمج سوريا في النظامين الإقليمي والدولي تتطلب تعاوناً واسعاً لضمان استقرار طويل الأمد”. وأكد أن واشنطن تعمل مع دول الجوار لتقديم حلول تحقق التوازن بين تعزيز الأمن ودعم الانتقال السياسي.
وأضاف “إن التحديات في سوريا لا يمكن أن تحل بمعزل عن التعاون الإقليمي والدولي. نحن ملتزمون العمل مع شركائنا لضمان نجاح المرحلة المقبلة.”
مخيم الهول وسجناء “داعش” وإسرائيل
أحد التحديات الأمنية البارزة التي تواجه سوريا والمنطقة هو التعامل مع مخيم الهول وسجناء تنظيم “داعش”. أكد باس أن “هذا الملف يمثل أولوية قصوى، إذ إن المخيم يضم عشرات الآلاف من النساء والأطفال الذين يعيشون في ظروف كارثية، إضافة إلى خطر استغلاله كمصدر لتجنيد العناصر الإرهابية.” وأضاف “يجب على المجتمع الدولي العمل معاً لتقديم حلول طويلة الأمد، تشمل إعادة تأهيل السجناء وإعادة دمج العائلات المؤهلة في مجتمعاتهم، بالتوازي مع اتخاذ خطوات أمنية صارمة لمنع أي تهديدات مستقبلية.”
وشدد على “ضرورة أن يغادر أي إرهابي أجنبي موجود داخل سوريا البلاد. وينبغي أن يعود عدد كبير من هؤلاء الأشخاص إلى بلدانهم الأصلية والبلدان التي يحملون جنسيتها في الحالات المثالية، وذلك من خلال عملية مسؤولة تشارك فيها تلك الحكومات حتى يمثلوا أمام القانون بسبب أفعالهم”، وهو في هذا السياق لا يتحدث عن سجناء “داعش” فحسب، ولكن كذلك عن الأجانب المقاتلين في صفوف “قسد”.
لكن الإشكالية مع “قسد” تتجاوز هذه الشريحة من المقاتلين، إلى طبيعة الامتيازات التي تدافع للحصول عليها، وسط احتماء كيانها السياسي بالأميركيين والتذرع بسجناء “داعش”، بافتراض أن قيادة دمشق الجديدة قد لا تكون قادرة أو مأمونة على إدارة الملف المعقد.
حول العلاقة بين سوريا وإسرائيل، قال باس “إننا ندرك أهمية معالجة التوترات المستمرة بين الجانبين، ونؤمن بأن تخفيف التصعيد هو خطوة أساس نحو تحقيق استقرار شامل في المنطقة.”
وأكد أن واشنطن تدعم الجهود الرامية إلى منع تحول سوريا إلى ساحة للصراعات بالوكالة، قائلاً “نحن ملتزمون العمل مع شركائنا الإقليميين لضمان تحقيق توازن يضمن أمن المنطقة من دون تعريضها إلى مزيد من الأخطار”.
وخلص إلى أن “تحقيق الاستقرار في سوريا يتطلب إرادة دولية وجهوداً منسقة. علينا أن نعمل جميعاً لضمان ألا تعود الفوضى أو تستغلها الجماعات المتطرفة لتحقيق أهدافها.”
————————
مخيمات سوريا تطل على الحدث من فرجة النسيان/ اسماعيل درويش
مئات الآلاف لا يزالون نازحين داخل بلدهم لا يستطيعون العودة ولا يحتملون الإقامة والوقت يمر قاسياً بلا أمل
السبت 11 يناير 2025
يعيش نحو مليوني مهجر في مخيمات بريفي إدلب وحلب قرب الحدود التركية، أكثر من نصفهم أطفال، بلا مساكن ولا تعليم ولا مدافئ ولا رعاية صحية، ولم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم الأصلية بسبب تدميرها.
“نحصل هنا على سلة غذائية تكفينا لأيام عدة، على رغم أنها توزع مرة واحدة في الشهر، ولدينا خيمة مجانية نعيش فيها على مساوئها بيد أنها تأوينا، منزلنا في إحدى ضواحي دمشق دمر بالكامل، وليس لدينا أي عمل يمكنه أن يساعدنا في المصروف، ولا مال لإزالة أنقاض المنزل أو إعادة بنائه، لذلك قررنا البقاء في الخيمة حتى إشعار آخر، أو إلى أن تتهيأ الظروف التي تسمح لنا ببناء المنزل”.
هكذا يقول أبو محمد الرجل الخمسيني من أحد مخيمات ريف إدلب الشمالي إلى “اندبندنت عربية”. مضيفاً “في كل شتاء تغرق هذه الخيمة ونحاول إصلاحها ما استطعنا، نستخدم كثيراً من الأغطية للتدفئة، أما في الصيف فلا يوجد ما يمكننا استخدامه لتفادي الحر، لذلك تأقلمنا مع الواقع المرير وبات هو الأمر الطبيعي، المساعدات الأممية لا تفي بالغرض، هي تساعد أحياناً في سد الرمق لكن لا تكفي على الإطلاق، لا يوجد مدرسة هنا فأطفالي الثلاثة بلا تعليم مثلهم مثل آلاف الأطفال السوريين. لا يمكنني التعبير عن حال المخيمات، فالبشر الطبيعيون لن يستطيعوا تخيل ما نعيشه”.
كثيراً ما كان الاقتراب من الحدود التركية في الشمال السوري يوفر حياة أكثر أمناً مقارنة ببقية المناطق التي كانت تصلها الصواريخ والبراميل المتفجرة، لذلك لجأ إليها مئات الآلاف من السوريين، فكلما اقتربت من الحدود وجدت كثافة في المخيمات، وعلى امتداد ريفي إدلب وحلب الشمالي تنتشر مئات المخيمات التي تعج بالنازحين السوريين القادمين من مختلف المحافظات، والغالبية العظمى منهم هم عائلات، معظمهم نساء وأطفال أو رجال من كبار السن.
أرقام وإحصاءات
في يونيو (حزيران) 2024 أصدر فريق “منسقو استجابة سوريا” تقريراً حول عدد المخيمات في الشمال السوري، وأوضح الفريق المتخصص بتوثيق الحاجات الإنسانية أن عدد المخيمات وصل إلى 1904 مخيمات، فيما تجاوز عدد قاطنيها مليونين و27 ألف شخص، أكثر من 50 في المئة منهم أطفال، و26 في المئة نساء، و2.91 في المئة من ذوي الحاجات الخاصة، وأكثر من 918 مخيماً من هذه المخيمات لا تحصل على مساعدات غذائية، بينما تصل المساعدات بصورة متقطعة إلى 437 مخيماً.
ويتابع التقرير سرد الأرقام المرعبة فيشير إلى أن “أكثر من 1133 مخيماً لا تحصل على الخبز سواء المدعوم جزئياً من المنظمات الإنسانية أو الممنوح من قبلها بالمجان، بينما يعاني أكثر من 991 مخيماً عدم توافر المياه، ويحصل 318 مخيماً على المياه بصورة دورية ولكن بكمية غير كافية، وكذلك يفتقر 829 مخيماً إلى خدمات الصرف الصحي، إضافة إلى ذلك هناك 1378 مخيماً ليس بها نقطة طبية أو مستشفى ويقتصر العمل على عيادات متنقلة ضمن فترات متقطعة، كما يوجد أكثر من 1128 مخيماً غير مهيأ أو قابل للسكن، إضافة إلى 1289 مخيماً في حاجة إلى تركيب أو إعادة تأهيل الحمامات والمرافق الصحية، كذلك يحتاج أكثر من 997 مخيماً إلى تأمين خيام بديلة أو ترميم الأضرار في الخيام الحالية، أما المخيمات التي لا تحوي أي مرفق تعليمي فهي أكثر من 1000 مخيم، إذ يضطر الأطفال فيها إلى الانتقال لمخيمات مجاورة أو قرى قريبة لتلقي التعليم”.
فضلاً عن الوضع المأسوي لنازحي المخيمات، حيث لا تتوافر الخدمات الأساسية، وفي كل شتاء تتكرر مأساة غرق الخيام أو احتراق بعضها نتيجة استخدام أساليب خطرة للتدفئة، إضافة إلى الجوع وانعدام الغذاء والمرافق الصحية، تتعرض المخيمات لقصف مدفعي وصاروخي من قبل قوات النظام السابق بين الحين والآخر، على رغم أن المخيمات لا تحوي أية مظاهر مسلحة.
لماذا لم يعودوا؟
في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، سقط نظام بشار الأسد الذي كان السبب الأول في مأساة قاطني المخيمات وغيرهم، ومنذ اللحظات الأولى توجهت عدسات الإعلام والتركيز العالمي نحو العاصمة السورية دمشق وما تشهده من تطورات سياسية واجتماعية، فيما بقيت قضية المخيمات منسية بين طيات الأحداث المتسارعة التي تفرض نفسها.
غالب قاطني المخيمات ما زالوا في أماكنهم، ولم يتغير عليهم شيء بسقوط النظام سوى وقف القصف الذي كانوا يتعرضون له، كذلك إحياء الأمل بالعودة القريبة إلى منازلهم، إلا أن هذه العودة يبدو أنها تصطدم بمعوقات عدة أهمها عدم وجود منازل لهم في الأصل، أو تدمير هذه المنازل بصورة كلية أو جزئية، وعدم توافر القدرة المادية لسكان المخيمات لبناء منازلهم الأصلية، في حين لم تُتخذ حتى الآن خطوات على الصعيد الدولي تبشر النازحين بأن إعادة الإعمار قريبة.
في حديثها إلى “اندبندنت عربية” تقول عضو مجلس إدارة الدفاع المدني السوري، ندى راشد، إن “هناك نحو مليوني إنسان مهجر قسراً في مخيمات الشمال السوري، والجزء الأكبر من سكان هذه المخيمات هم من مهجري ريف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي وريفي حلب الجنوبي والغربي، وهذه المناطق بالتحديد هي من أكثر المناطق الريفية في سوريا دماراً، أما بالنسبة إلى المدن فهناك مدن أخرى مدمرة بصورة كبرى، لذلك فإن عودة سكان المخيمات مرتبطة بوجود منازل وبنية تحتية في قراهم وبلداتهم الأصلية، وهذا كله مفقود حتى الآن، ولا يمكن عودة السكان في ظل هذه الظروف إلا بعد إعادة إعمار القرى والبلدات والمدن الأصلية للمهجرين، فلا يمكن الحديث عن العودة من دون وجود منازل ولا أفران ولا مراكز صحية ولا مياه ولا كهرباء ولا مدارس ولا أية منشآت للبنية التحتية”.
وتضيف المسؤولة في منظمة “الخوذ البيضاء”، أن “الدفاع المدني ينفذ ثلاثة أنواع من الأنشطة في المخيمات، أولاً الأنشطة المرتبطة بحالات الطوارئ مثل الإسعاف والإطفاء، والاستجابة الشتوية للمخيمات مثل تنظيف قنوات الصرف الصحي والاستجابة لحالات الأمطار. وثانياً الخدمات المتعلقة بعمل متطوعات الدفاع المدني السوري مثل مراكز صحة النساء والأسرة، إذ تضطلع بجولات رعاية صحية على المخيمات وتقديم الخدمات الطبية الأساسية. أما الجانب الثالث فهو العمل على دعم البنية التحتية في المخيمات، حيث عملنا في بداية الشتاء في نحو 80 مخيماً، ومن بعض الخدمات التي قدمناها تعبيد طرق وشق قنوات صرف صحي، وغيرهما”.
فجوة المساعدات والحاجات
تؤكد راشد أن “الأولوية كانت وقف القصف والمعارك، وهو ما حدث بالفعل بعد سقوط النظام، وعلى رغم ذلك لا تزال هناك فجوة هائلة بين الحاجات والمساعدات المقدمة، فخلال الفترة الماضية كانت المساعدات قد تراجعت جداً، وهي وإن بدأت تعود أخيراً خصوصاً من السعودية وقطر وبعض الدول العربية، لكن حجم الحاجات هائل جداً ليس فقط في المخيمات، فهناك أكثر من 90 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، وحتى المهجرين القادرين على العودة إلى منازلهم الأصلية إن عادوا فليس لديهم سبل للعيش، والآن نحن في حاجة إلى المساعدة في إعادة إعمار وتأهيل المنازل السكنية، وإعادة تأهيل البنية التحتية المدمرة كي تكون هناك إمكانية لعودة بعض المهجرين، وأيضاً نحتاج إلى تأمين سبل العيش للمهجرين الذين سيعودون، لأن تأمين السكن من دون سبل للعيش لا يكفي، وكذلك نحن في حاجة إلى إعادة تأهيل البنية التحتية الخاصة بالزراعة مثل قنوات الري وتأمين البذار وغيرها وإزالة الألغام ومخلفات الحرب، وأيضاً من الضروري دعم الطاقة مثل الكهرباء من أجل الصناعة والإنتاج، إضافة إلى الخدمات الأساس مثل الرعاية الطبية وغيرها”.
وفق تقرير أصدرته “وحدة تنسيق الدعم” السورية المدعومة دولياً من “مجموعة أصدقاء الشعب السوري”، فإن 208 مدارس فقط تنتشر في 1459 مخيماً. وبحسب التقرير الذي حصلت “اندبندنت عربية” على نسخة منه، فإن “22 في المئة من هذه المدارس عبارة عن خيمة، و21 في المئة من مدارس المخيمات عبارة عن غرف مسبقة الصنع أو ما يعرف بالكرفانات، و20 في المئة منها أسمنتية، أما المدارس النظامية فلا تتجاوز نسبتها من إجمالي مدارس المخيمات 15 في المئة بنحو 35 مدرسة”.
ويؤكد التقرير أن هناك ست مدارس لا يوجد فيها مياه على الإطلاق ويحضر الطلاب المياه معهم من منازلهم، و59 في المئة من المدارس في حاجة إلى مدافئ في الشتاء، ومن بين جميع المدارس 10 في المئة فقط تتوافر فيها حاجات التدفئة، وهناك 60 في المئة من المدارس لا تتوافر فيها كميات كافية من مواد التنظيف أو الصابون.
أما عدد طلاب المدارس في المخيمات فيتجاوز 84 ألف طالب وطالبة، 52 في المئة منهم من الإناث، في حين أن 69 في المئة من الطلاب هم من الفئة العمرية بين ستة و10 أعوام. في المقابل فإن عدد المدرسين في مخيمات إدلب وحلب يصل إلى 3091 مدرساً، 10 في المئة منهم لا يتقاضون رواتب.
بالنسبة إلى قاطني المخيمات تعد العودة إلى منازلهم في قراهم ومدنهم الأصلية أهم أهدافهم وأعلى أمانيهم، لكن هذه العودة مرتبطة بعوامل عدة، أبرزها إعادة إعمار تلك المنازل، وتأهيل البنية التحتية، وتحسن الاقتصاد لتوفير فرص عمل، وكل هذا مرتبط بالاستقرار السياسي الذي لا يزال غامضاً في ظل تأخر انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، ولا مؤتمر في الأفق حول إعادة الإعمار، إلا أن هذا قد يكون أيضاً أمراً طبيعياً، لأن التغيير السياسي الذي حصل في سوريا هو تغيير تاريخي وتحتاج إدارة المرحلة الانتقالية إلى مزيد من الوقت، بيد أن هذا الوقت يمر قاسياً على مهجري الشمال.
————————-
أسوة بالأوكرانيين..دعوات للسماح للسوريين في أوروبا بزيارة وطنهم دون خسارة اللجوء
2025.01.11
يطالب ناشطون حقوقيون أوروبيون بالسماح للاجئين السوريين بزيارة بلدهم والاطلاع على الوضع هناك من دون فقدان وضع الحماية التي يتمتعون بها، وذلك أسوة بالأوكرانيين، الأمر الذي يسهل إجراءات العودة الطوعية التي تدفع نحوها العديد من دول القارة الأوروبية.
وقالت قناة “DW ” الألمانية الرسمية، أكبر مشكلة يواجهها اللاجئون السوريون، هي عدم السماح لهم بالقيام بزيارة استطلاعية من دون أو يفقدوا وضع الحماية التي يتمتعون بها في البلدان الأوروبية.
وأضافت القناة الألمانية، نقلاً عن ناشطين حقوقيين، إن السماح للسوريين بزيارات مؤقتة سيساعد في إعادة إعمار بلدهم ويشجعهم على العودة الطوعية.
وأشارت إلى أنه في الوقت الذي يستطيع فيه اللاجئون الأوكرانيون زيارة بلدهم من دون فقدان الحماية التي يتمتعون بها، ولكن لا يسمح بذلك للاجئين السوريين.
ويطالب الناشطون بمعاملة اللاجئ السوري مثل اللاجئ الأوكراني، موضحين أن إلغاء وضع الحماية بشكل قانوني لا يكون إلا في حال كان هناك استقرار مستدام في البلد الأصلي.
المعاملة بالمثل
تركز المطالبات على منح اللاجئين السوريين استثناءات مُنحت في السابق للعديد من موجات اللجوء التي استضافتها أوروبا.
وتنقل “DW” تصريحات من مديرة مجلس اللاجئين والمنفيين في بروكسل، كاثرين وولارد، ينبغي تطبيق نهج مماثل على اللاجئين السوريين. ففي الوقت الحالي، على الأغلب سيفقدون وضع الحماية الذي يتمتعون به. ومن المرجح أن السماح بزيارات قصيرة لإعادة تأسيس الروابط، سيزيد أعداد العائدين”.
بدوره، يقول الناشط الفرنسي جيرارد صادق، رئيس شؤون اللاجئين في منظمة “La Cimade” المدنية، “في التسعينيات تم السماح للبوسنيين بالقيام بزيارات مؤقتة، والآن يسمح للأوكرانيين. ولكن لا يسمح للسوريين بذلك الآن”.
ويضيف صادق، أن السوريين الذي حصلوا على الجنسية الفرنسية، يستطيعون الذهاب والعودة بحرية. لكن الآخرين (الذين لم يحصلوا على الجنسية) يخشون أن يفقدوا كل شيء هنا، مثل المنزل والمدرسة، كل شيء.
ما الفرق بين اللاجئ الأوكراني والسوري؟
ووفقاً للناشط الفرنسي، هناك اختلاف بين الشروط بالنسبة للأوكرانيين والسوريين في الاتحاد الأوروبي، لأن الاتحاد وفرّ للأوكرانيين الحماية وفق برنامج آخر مختلف.
ويوضح صادق، في حين يحصل السوريون على الحماية بموجب نظام اللجوء وفق اتفاقية جنيف لعام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، يحصل الأوكرانيون على الحماية المؤقتة بموجب نظام تم إنشاؤه قبل عقدين إثر موجة هجرة واسعة إلى الاتحاد الأوروبي، عقب الصراع في البوسنة بشكل رئيسي.
في عام 2022، حين قامت روسيا بغزو أوكرانيا، فعّل الاتحاد الأوروبي آلية الحماية المؤقتة للأوكرانيين الذي هربوا من الحرب. والفكرة كانت تقديم الحماية لهم وتخفيف الضغط على نظام اللجوء في البلدان الأوروبية، في ظل تدفق اللاجئين من الشرق الأوسط.
الحماية المؤقتة تسمح للأوكرانيين بزيارة مؤقتة إلى بلدهم والعودة إلى البلد المضيف، لكن بمجرد انتهاء الحرب ينتظر منهم أن يعودوا بأعداد كبيرة إلى بلدهم. أما الأشخاص الذين حصلوا على حق اللجوء أو الحماية الثانوية، مثلما هو الحال بالنسبة لمعظم السوريين، فإنهم يتمتعون بحق قانوني في الاعتراض على الترحيل.
—————————
بحضور عربي ودولي.. اجتماع في السعودية بشأن خطوات ضمان الاستقرار والأمن في سوريا
2025.01.11
تستضيف العاصمة السعودية الرياض، يوم غدٍ الأحد، اجتماعاً بحضور عربي ودولي، بشأن خطوات ضمان الأمن والاستقرار في سوريا، ويعتبر امتداداً للاجتماع الذي استضافته مدينة العقبة الأردنية، في 14 كانون الأول الماضي.
ومن المزمع مشاركة وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي والعراق ولبنان والأردن ومصر، بالإضافة إلى تركيا وبريطانيا وألمانيا، في حين ستشارك الولايات المتحدة وإيطاليا على مستوى نائب وزير الخارجية، بالإضافة إلى وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني.
ومن المتوقع أن يحضر الاجتماع أيضا الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، والأمين العام لجامعة الدول العربية، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن.
ووفق ما نقلت وكالة “الأناضول”، فإنه من المقرر أن يتمحور جدول الأعمال الرئيسي للاجتماع حول الخطوات التي يجب اتخاذها لضمان الاستقرار والأمن في سوريا.
ستركز تركيا على تعزيز التواصل مع الإدارة الجديدة
وذكرت “الأناضول” أنه من المتوقع أن يؤكد وزير الخارجية التركي على أهمية “تعزيز التواصل مع الإدارة الجديدة في سوريا على أساس المشاركة والتشجيع على الطريق نحو استقرار البلاد”، والإعلان عن ضرورة رفع العقوبات عن سوريا في المجالات الحيوية.
ونقلت الوكالة عن مصادر دبلوماسية تركية قولها إن فيدان سيشدد على “مبدأ سلامة ووحدة أراضي سوريا”، وأن أنقرة “ستتخذ جميع التدابير اللازمة ضد التنظيمات الإرهابية الانفصالية التي قد تحاول الاستفادة من الوضع الحالي في سوريا”.
ومن المنتظر أن يشير وزير الخارجية التركي إلى “أهمية اتخاذ خطوات منهجية ومتسقة نحو إعادة إعمار سوريا دون فقدان الزخم، ويشجع على توسيع نطاق الإعفاءات من العقوبات ضد سوريا لتشمل قطاعات حيوية في المستقبل”.
——————————-
بعد 13 عاماً.. الخضار والفواكه الأردنية تدخل السوق السورية
2025.01.11
أعلن الأردن استئناف تصدير الخضار والفواكه إلى السوق السورية، بعد توقف دام نحو 13 عاماً، معتبراً أن ذلك “سيكون له أثر إيجابي لاستعادة السوق السوري”.
وأشرفت جمعية اتحاد المصدرين الأردنيين، اليوم السبت، على تحميل أولى شحنات الخضار والفواكه إلى سوريا، من سوق العارضة المركزي، بعد توقف دام 13 عاماً.
وزار وزير الزراعة الأردني، خالد الحنيفات، يرافقه القائم بأعمال السفارة السورية في عمان، إحسان رمان، سوق العارضة المركزي للخضار والفواكه، حيث تم تحميل أول براد للتصدير إلى سوريا.
وقال الحنيفات إن “تحميل أولى شحنات الخضار والفواكه إلى سوريا من سوق العارضة المركزي سيكون له أثر إيجابي لاستعادة السوق السوري، خصوصاً في موسم الشتاء ولا سيما للزراعات الشتوية في وادي الأردن”.
توجيهات ملكية للتعاون مع سوريا
وأشار الوزير الأردني إلى أن “الظروف الإقليمية أثرت على جميع القطاعات في الأردن، لكن القطاع الزراعي كان الأكثر تضرراً لأن المنتج الزراعي سريع التلف”، مؤكداً على أن “الانفراجة الحالية تشكل دافعاً للقطاع الزراعي مع استعادة الأسواق الخارجية كافة”.
ولفت إلى أن “هناك توجيهات ملكية للتعاون مع الأشقاء في سوريا بتزويدهم بكل ما يمكن تزويدهم به، سواء من إنتاج زراعي أو صناعي”.
وشدد الوزير الأردني على “ضرورة خدمة القطاع الزراعي السوري عبر توفير التكنولوجيا والبحث العلمي وما توصلت إليه الزراعة في الأردن، وتسخيره لخدمة الأشقاء السوريين من خلال تطوير القطاع الزراعي عبر تسيير انسياب السلع وتسهيل الاتفاقيات ما بين القطاع الخاص، سواء في الأردن أو سوريا، وذلك بإنشاء شراكة حقيقية بين المزارعين الأردنيين والمزارعين السوريين”.
——————————–
بينهم “إمبراطور العقارات”.. من هم رجال الأعمال الذين التقاهم أحمد الشرع في دمشق؟
2025.01.11
التقى قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، أمس الجمعة، بعدد من رجال الأعمال السوريين في العاصمة دمشق.
ونشرت الإدارة السورية صوراً أظهرت لقاء الشرع مع رجال الأعمال، بحضور وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني.
من هم رجال الأعمال الحاضرين؟
حضر اللقاء ثلاثة رجال أعمال وفق الصور التي نُشرت، وهم موفق قداح، أنس الكزبري، وغسان عبود.
وبحسب المعلومات المتوفرة عن موفق أحمد القداح، فهو رجل أعمال سوري وُلد في قرية كحيل بمحافظة درعا عام 1962. بدأ مسيرته المهنية في سن مبكرة، حيث انتقل مع والده إلى الكويت عام 1977، وعمل بائعاً متجولاً للملابس والأحذية، مما مكّنه من جمع رأس مال أولي.
في عام 1978، انتقل إلى الإمارات العربية المتحدة وبدأ العمل في تجارة قطع غيار وزينة السيارات، حيث أسس شركة خاصة به في هذا المجال.
اقرأ أيضاً
أيمن أصفري
أيمن الأصفري: أنا لم أبتعد ومدنية مبادرة بتمويل وقيادة سورية
في عام 1987، أسس “مجموعة ماج”، التي توسعت لتشمل قطاعات متعددة مثل التطوير العقاري، الشحن البحري، تجارة مواد البناء، والأدوات الكهربائية. تُعد المجموعة اليوم من أبرز الشركات في المنطقة، حيث تدير عمليات في أكثر من 80 دولة حول العالم.
من أبرز مشاريعه العقارية “برج ماج 214” في دبي، بالإضافة إلى شراكة مع “إعمار العقارية” في مشروع “البوابة الثامنة” في دمشق. تُقدّر ثروته بمليار دولار أميركي وفقاً لتصنيف مجلة “أريبيان بزنس” لعام 2009.
أما أنس الكزبري، فهو رجل أعمال سوري يشغل منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة “آي جي أو” (IGO) للتطوير العقاري. حصل على بكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة نورث إيسترن، وماجستير في القانون الدولي من الجامعة الأميركية في واشنطن، ثم دكتوراه في الأعمال الدولية من الجامعة الأميركية في لندن.
بدأ مسيرته المهنية في السعودية مع “مجموعة السواني الاستثمارية”، حيث كان شريكاً ومديراً في مجالات متعددة، وانتقل لاحقاً إلى دبي وأسس “السواني لمشاريع الشرق الأوسط”، التي اهتمت بالاستثمارات في المنطقة.
اقرأ أيضاً
تصريف دولار
بعد قرارات “حكومة البشير”.. السوريون يترقّبون آثار التغيير الاقتصادي
في وقت لاحق التقى برجل الأعمال السوري موفق القداح، وقررا معاً العودة إلى سوريا للاستثمار، وأسسا شركة “إعمار-الاستثمار لما وراء البحار” (IGO)، وهي مشروع مشترك بين “إعمار سوريا” التابعة لشركة “إعمار العقارية” ومجموعة “الاستثمار لما وراء البحار”.
من أبرز مشاريعهم في سوريا “البوابة الثامنة”. افتُتح الاستثمار في “مول البوابة الثامنة” عام 2010، والذي يمتد على مساحة ضخمة تصل إلى 200 ألف متر مربع.
في الإمارات، قاد الكزبري مجموعة “آي جي أو” لتطوير مشاريع عقارية، مثل “ذا إستيت 1″ و”ذا إستيت 2″ في الفرجان، و”ذا باراجون” في الخليج التجاري، و”كاتش ريزيدنسز” في قرية جميرا الدائرية. تُقدّر استثمارات المجموعة في دبي بحوالي 4.2 مليار درهم بحلول عام 2020.
أما غسان عبود، فهو رجل أعمال سوري وُلد عام 1967 في مدينة إدلب. حصل على درجة البكالوريوس في الصحافة من جامعة دمشق عام 1991، وانتقل إلى الإمارات العربية المتحدة في عام 1992، حيث بدأ مسيرته المهنية في مجال العلاقات العامة.
أسس عبود “مجموعة غسان عبود”، التي بدأت بتجارة السيارات وقطع الغيار، ونمت المجموعة لتصبح تكتلاً دولياً يعمل في قطاعات متعددة، بما في ذلك السيارات، الخدمات اللوجستية، الإعلام، الضيافة، العقارات، البيع بالتجزئة، وتوريد الطعام.
لاحقاً، أسس عبود “مجموعة أورينت الإعلامية”، ثم “مجموعة كريستال بروك”، وهي شركة إدارة ضيافة مقرها أستراليا.
يُذكر أن أحمد الشرع التقى خلال الأيام الماضية بعدد من رجال الأعمال السوريين، منهم أيمن أصفري، وهو رجل أعمال سوري-بريطاني وُلد في سوريا عام 1958. حصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة فيلانوفا وماجستير إدارة الأعمال من جامعة بنسلفانيا. أسس شركة “بتروفاك” عام 1991، لتصبح من كبرى شركات خدمات النفط والغاز عالمياً، ثم أنشأ شركة “فينتيرا” للطاقة المتجددة
—————————–
“الإدارة الذاتية” تطالب بحماية سد “تشرين”
تحديث 11 كانون الثاني 2025
دعت “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا المجتمع الدولي إلى ضرورة إيقاف العمليات العسكرية في محيط سد “تشرين”، بين جناجها العسكري “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، و”الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا.
وقالت “الإدارة” عبر بيان اليوم، السبت 11 من كانون الثاني، إنه مُنذ سقوط نظام الأسد قبل أكثر من شهر، واصلت الفصائل المدعومة من تركيا شن الهجمات على سد “تشرين” ومحيطه، ما زاد من مخاوف انهياره.
وأضافت أن مناطق محيطة بالسد تعرضت لضربات من الطائرات الحربية والمسيرة التركية، ما أدى إلى التصعيد الجاري بين “قسد” و”الجيش الوطني”.
وأضافت في ما أسمته “رسالة مفتوحة للمجتمع الدولي”، أن هذه الهجمات “تهدف إلى زعزعة استقرار مناطق (الإدارة الذاتية) وتدعم مطامع تركيا باحتلال المزيد من الأراضي السورية”.
ولفتت إلى وجود مخاوف بشأن سلامة منشأة سد “تشرين”، مشيرة إلى أن احتمال استهداف هذه المنشأة مرة أخرى يشكل تهديدًا مباشرًا لأرواح مئات المدنيين في المنطقة.
وحذرت “الإدارة الذاتية” من أن أي هجوم على السد، أو تدميره، يمكن أن يؤدي إلى “عواقب كارثية، بما في ذلك فيضانات واسعة النطاق، وخسائر بشرية كبيرة، وتدمير للبنية التحتية، فضلًا عن الأضرار البيئية الشديدة”.
واعتبرت أن انهيار السد لن يؤثر فقط على السكان المحليين، بل يمكن أن تكون له “آثار مدمرة” على المنطقة بأسرها، بما في ذلك البنية التحتية الخدمية والممتلكات العامة والخاصة.
ولفتت إلى ضرورة التدخل الفوري والضغط على تركيا من أجل “وقف أعمالها العدوانية وضمان حماية أرواح المدنيين والمنشآت الحيوية”، ودعت إلى إعلان وقف شامل لإطلاق النار في الأراضي السورية، “تحقيقًا للسلام والاستقرار”.
وتخوض فصائل “الجيش الوطني” المدعومة من تركيا اشتباكات مع “قسد” حول منطقة السد ضمن عملية “فجر الحرية” قبل أكثر من شهر.
وأمس الجمعة، تقدمت فصائل “الوطني” على حساب “قسد” بالقرب من سد “تشرين” في منبج بالريف الشرقي لمحافظة حلب.
وسبق أن دعت “الإدارة” المدنيين في مناطق سيطرتها للتوجه إلى منطقة السد التي تشهد مواجهات عسكرية، للتعبير عن رفضهم للعمليات العسكرية، ما أسفر عن مقتل وجرح عدد منهم باستهداف جرى في المنطقة.
واتهمت تركيا “قسد” باستخدام المدنيين “دروعًا بشرية” وإرسالهم إلى مناطق القتال، وهو ما وصفته بانتهاك حقوق الإنسان.
وقالت وزارة الدفاع التركية، إن “حزب العمال الكردستاني” و”وحدات حماية الشعب” و”قسد” استخدموا المدنيين كـ”دروع بشرية” في منطقة سد “تشرين”، إذ أرسلوا مدنيين إلى منطقة قتال للاحتجاج.
——————————-
“تحرير الخبز” يفاقم معاناة عمال الأفران في سوريا
علي محمد برهوم
11-يناير-2025
بعد سقوط نظام الأسد، اتخذت الإدارة الجديدة قرارات اقتصادية مختلفة، كان من أبرزها تحرير بيع الخبز وأسعاره وهي المادة التي كانت مدعمة لعقود.
كانت العائلات في سوريا تعتمد على “البطاقة الذكية” التي جعلت لكل واحدة منها مخصصات محددة للحصول على الخبز، وهذه المخصصات لم تكن كافية في أغلب الأحيان، ومع صدور قرار “تحرير الخبز”، ارتفعت أسعار الخبز من جهة، لكن الطلب زاد على المادة من جهة أخرى، مما انعكس بشكل مباشر على ظروف عمل عمال الأفران. وبينما أصبحت المادة متوفرة بشكل أكبر للأسر، وجد عمال الأفران أنفسهم يواجهون ساعات عمل طويلة وأجورًا متدنية لا تتناسب مع الجهد المبذول.
تداعيات “تحرير الخبز”
أدى تحرير بيع الخبز في سوريا إلى زيادة الطلب على المادة مما دفع الأفران لمضاعفة ساعات العمل لتلبية الاحتياجات، يشارك العم أبو ياسين (55 عامًا) من ريف حمص قصته مع “الترا صوت”، وهو عامل في فرن قريب من قريته، ويقول إنه رغم تحرير أسعار الخبز وتضاعفها من 400 لتصل إلى 4000 ليرة سورية، فإن الطلب على الخبز قد تضاعف.
ويضيف العم أبو ياسين في حديثه لـ”الترا صوت”: “في الفترة الأخيرة من عهد النظام السابق كنا نعجن حوالي 15 عجنة في اليوم، أما الآن نعجن ما لا يقل عن 24، وأحيانًا يصل الأمر لأن نعجن ما يزيد عن الثلاثين” ويشير أبو ياسين أن عدد “العجنات” مرتبط بكمية الطلبات المرسلة للفرن.
ويعاني عمال الفرن من ازدياد ساعات العمل لدرجة تفوق طاقاتهم، خصوصًا أن البعض منهم مجبر على العمل بحكم الواقع المعيشي الصعب، رغم وجود مشاكل صحية لديه، يقول العم أبو محمد (58 عامًا)، وهو عامل من ريف طرطوس تقاعد من وظيفته الحكومية، إنه قبل تحرير الخبز كان يعمل حوالي 7 ساعات على الأكثر، أما الآن فيعمل ما بين 12 إلى 14 ساعة.
انخفاض الأجور مقارنة بالجهد
يؤكد العديد من عمال الأفران أن الراتب غير كاف، فهو لا يتجاوز 800 ألف أي ما يقارب 65 دولار أمريكي، لكن الظروف تجبرهم على العمل، ويشير خبراء محليون أن الراتب لا يغطي سوى 40 بالمئة من احتياجات المعيشة.
ويوضح سامر (50 عامًا) وهو مالك فرن في ريف طرطوس موضوع رواتب العمال، وقال سامر لـ”الترا صوت”: ” هذا صحيح، لقد تحرر سعر الخبز، لكن بالمقابل تحرر سعر الطحين وتضاعف بنحو ثلاثة أضعاف، وتضاعف سعر الوقود، مما يجعل زيادة رواتب العمال أمرًا ليس بالهين أبدًا، ويجب على أي زيادة أن تكون مدروسة جيدًا”.
ويضيف مالك الفرن: “لكن هذا لا يعني أننا لم نقم بزيادة الرواتب، بل زدناها من 600 إلى 900 ألف”، لكنه يؤكد أن الأجور لا تزال زهيدة مقابل التعب وساعات العمل الطويلة، مبيّنًا أن سبب زيادة ساعات العمل هو أن الأسر سابقًا كانت تعاني من عدم كفاية المخصصات من الخبز، أما الآن فالكمية مفتوحة، ويشير سامر إلى أن الطلب زاد على الخبز بنسبة تتراوح من 50% إلى 60%.
صعوبات نفسية للعمال
“الذي يزيد الأمر تعقيدًا أن العمل في الأفران ليلي، مما يسبب إرهاقًا وتعبًا غير محمول، لكنني مجبر على العمل، خصوصًا مع تأخر قبض رواتب الوظائف الحكومية”. هكذا يروي العم أبو أحمد (54 عامًا) من ريف حمص معاناته لموقع “الترا صوت”، ويضيف أن ذهابه للفرن كل يوم في الليل يجعله دائمًا في حالة قلق، فهو يذهب على “الموتور” في الليل، والطريق غير آمن، وفقه.
الأمر ذاته يشاطره أبو ياسر (48) عامًا، العامل في أحد أفران ريف اللاذقية الذي قال لـ”الترا صوت” إنه “من شدة التعب والإرهاق الذي وصلت إليه بسبب قلة النوم والوقوف الطويل، قد نمت وأنا أقود دراجتي في القرية، نمت لمدة لحظة واحدة لأستيقظ بعدها وأنا طريح على الأرض، ليأتي شباب القرية ويسعفوني إلى المشفى، والحمد لله اقتصر الأمر على بعض الرضوض وتشعير في أحد أضلع الصدر”. ويضيف أن هذه الحادثة أدخلته في حالة اكتئاب ومنعته من العمل بعدها في الفرن، وهو الآن في المنزل يدبر أموره بمساعدة من الأقارب و”أصحاب الأيادي البيضاء” على حد وصفه.
أمراض مزمنة مرتبطة بالمهنة
الأمراض التنفسية تعد من الأمراض المهنية التي تصيب عمال الأفران، فأكد خبراء وباحثون أن غبار الطحين يساهم بشكل كبير في إصابة الجهاز التنفسي بأمراض مزمنة، أبرزها الربو، مما يجعل وضع العامل أسوأ، بالإضافة لما يعانيه من آلام في الظهر والأطراف العلوية نتيجة العجن والوقوف الطويل، ففي دراسة نشرت في عام 2014 قام باحثون فرنسيون بدراسة تضمنت 330 حالة من مرضى الربو في فرنسا، تبين أن 20% منهم كان سببه غبار الطحين الذي يتعرض له عمال الأفران، ووجدت دراسة مماثلة في بولندا شملت 393 عاملًا بالأفران، أن حوالي 44.5 % منهم لديه “ربو مهني”.
وفي هذا الصدد يقول أبو محمد، وهو أحد عمال الأفران إن العمل بالأفران سبب له ضيق تنفس ونوبات اختناق، وقد تم تشخيصه من قبل الأطباء بأنه مصاب بالربو المهني، مما يجعل العمل أكثر صعوبة، ويشير أبو محمد في حديثه لـ”الترا صوت” أن وضع الكمامة أصبح غير مجد في الفترة الأخيرة، وأن ظروف العمل أصبحت غير إنسانية، ويؤكد عدم وجود أي عقود عمل رسمية وأي تأمين صحي أو تعويض طبيعة عمل، مما ينذر بنهاية وخيمة لعمال الأفران.
“تحرير الخبز” أدى إلى توفر المادة بشكل متزايد، لكنه ألقى بظلاله على عمال الأفران الذين يعانون من ظروف عمل قاسية وأجور قليلة. هذه التحديات تتطلب حلولًا عاجلة لتحسين أوضاع العمال وضمان استدامة الإنتاج، حيث لا بد من الإدارة الجديدة أن تقوم بسن قوانين تحدد ساعات وظروف عمل ملائمة تحفظ فيها للعامل صحته الجسدية والنفسية، ولا بد من توفر تأمين صحي يضمن للعامل القدرة على معالجة الأمراض المهنية.
————————
========================