سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 17 كانون الثاني
كل الأحداث والتقارير اعتبارا من 08 كانون الأول، ملاحقة يومية دون توقف تجدها في الرابط التالي:
سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوع
—————————————–
“توافق بشأن خريطة الطريق”.. دول الخليج العربي تبلور رؤية لدعم استقرار سوريا
2025.01.17
عقد مسؤولون في وزارات الخارجية لدول الخليج العربي اجتماعاً افتراضياً، ترأسه مساعد وزير الخارجية الكويتي لشؤون مجلس التعاون، نجيب البدر، خصص لمناقشة مستجدات الأوضاع في سوريا، شهد توافقاً بشأن خريطة طريق للمرحلة المقبلة.
وقال السفير البدر إن الاجتماع “يأتي في إطار الجهود المستمرة لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، والتعامل مع التطورات الراهنة في سوريا بما يخدم المصالح المشتركة لدول المنطقة، وجاء تنفيذاً لمُخرجات اللقاء الوزاري الاستثنائي، الذي استضافته دولة الكويت في 26 كانون الأول الماضي، ويعكس التزام دول المجلس بالمتابعة الدقيقة للأوضاع في سوريا”.
وأكد أن الاجتماع “يهدف إلى بلورة رؤية استراتيجية وخطوات عملية، يمكن البناء عليها خلال المرحلة المقبلة؛ لضمان تفعيل دور المجلس في دعم أمن واستقرار سوريا، بالتنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين”.
أسس لدور مجلس التعاون الخليجي في المسار السوري
وذكر المسؤول الكويتي أنه تم التوصل إلى عدد من الإجراءات والخطوات التي تعزز جهود مجلس التعاون، وتضع أسساً واضحة لدوره في المسار السوري، بما يشمل دعم الحلول السياسية وتحقيق الاستقرار وتحسين الأوضاع الإنسانية.
وأشار إلى الجهود التي تبذلها دولة الكويت، خلال رئاستها الحالية لمجلس التعاون، لافتاً إلى زيارة وزير الخارجية، عبد الله اليحيا، إلى دمشق، ولقائه مع قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، وبحث معه “آفاق المرحلة المقبلة، والمسؤوليات المترتبة على مختلف الأطراف لضمان وحدة سوريا واستقرارها، وأهمية تعزيز التعاون المشترك لمعالجة التحديات القائمة”.
وأكد السفير البدر أن تلك الزيارة “شكلت خطوة متقدمة لدول الخليج في التفاعل الإيجابي مع التطورات في سوريا، وحملت رسالة تضامن للقيادة السورية الجديدة، مفادها أن دول المجلس تقف إلى جانب سوريا في هذه المرحلة، ومستعدة لتوفير الدعم في مختلف المجالات ذات الأولوية، بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار”.
وشدد مساعد وزير الخارجية الكويتي على أن دول الخليج العربي “ستواصل جهودها التنسيقية لدعم المسار السوري، استناداً إلى نهج قائم على الحوار والعمل المشترك مع المجتمع الدولي، لضمان تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا والمنطقة ككل”.
وفي 26 كانون الأول الماضي، استضافت العاصمة الكويتية الاجتماع الاستثنائي الـ 46 لوزراء الخارجية بدول مجلس التعاون، الذي يضم كلاً من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين وسلطنة عمان.
وأكد وزير الخارجية الكويتي، عبد الله اليحيا، أن استقرار سوريا “أولوية قصوى” للدول العربية، مضيفاً أن “مسؤوليتنا ليست التزاماً سياسياً، بل واجب أخلاقي وإنساني تجاه شعوب شقيقة تربطنا بها أواصر الأخوة واعتبارات التاريخ والجغرافيا والثقافة المشتركة”.
وقال إن دول مجلس التعاون الخليجي “تؤكد تمسكها بالمبادئ الأساسية التي تضمن سيادة واستقلال سوريا ووحدة أراضيها، وتعبر عن رفضها أشكال التدخل الخارجي ودعمها ومساندتنا لإدارة الشعب السوري كونه الوحيد المخول بتقرير مستقبله”.
ودعا وزير الخارجية الكويتي إلى “استئناف العملية السياسية الشاملة، التي تضمن مشاركة كافة الأطراف وبشكل يسهم في تحقيق تطلعات الشعب السوري في الأمن والاستقرار والازدهار”.
——————————-
بوليتيكو: شعرة معاوية.. تفاؤل حذر يحيط بعملية الانتقال السياسي في سوريا
ربى خدام الجامع
2025.01.16
بعد أن تحرر السوريون من آل الأسد وأجهزتهم القمعية المتوحشة، ما تزال نشوة الفرح تغمر قلوبهم إثر السقوط المفاجئ للنظام الذي حكمهم بالخوف والمراقبة والترويع والتعذيب الوحشي والقتل العشوائي وغيرها من الوسائل المروعة.
يعلق على ذلك بسام القوتلي رئيس حزب (أحرار) السوري، فيقول: “أصبح بوسعك اليوم أن تسير حول دمشق من دون أن تقابل نقاط تفتيش ومن دون أن تطالعك صور بشار الأسد المنتشرة في كل مكان، كما أزيلت كل تماثيله وكذلك زال الخوف من التعرض لأي مضايقة من أتباعه مع كل خطوة تخطوها”.
يعيش القوتلي صدمة العودة، فقد رجع إلى مدينته الأم خلال الأسبوع الماضي بعد أن أمضى 28 عاماً في المنفى، ويعلق على ذلك بقوله: “خفت ألا أتعرف على أي شيء، إلا أن قلب المدينة لم يتغير كثيراً”، كما أنه لم يتعرض لأي مشكلة وهو يعبر الحدود من لبنان على الرغم من أن تاريخ صلاحية جوازه السوري قد انتهت، وهذا ما دفعه للقول: “لقد اكتفوا بختم ورقة إضافية”.
مساع كبيرة لإعادة بناء سوريا
وبمجرد وصوله إلى دمشق تبين للقوتلي بأن: “الناس سمحوا لأنفسهم بأن ينعموا بشيء من التفاؤل”، بيد أن هذا التفاؤل يشوبه حذر كبير، ولهذا يقول: “هل ستظهر مشكلة أم لا؟ هل سيستعيدون الديمقراطية أم لا؟ فالناس ليسوا متيقنين تماماً، ويعود أحد أسباب ذلك إلى أن الإدارة الجديدة لم تخاطبهم بعد، بل اكتفت بمخاطبة الغرب وخاصة الإعلام الغربي”.
وهذا صحيح، لأن قائد سوريا الجديد، أحمد الشرع، وهو قائد هيئة تحرير الشام التي زحفت نحو دمشق وسيطرت عليها خلال الشهر الماضي، بذل قصارى جهده لطمأنة الدول الغربية تجاه عملية الانتقال التي ستقوم على أساس المشاركة مع كل فئات المجتمع إلى جانب احترام الطوائف الدينية والأقليات العرقية في البلد، وعلى الرغم من أنه لم يحدد بعد ما الذي سيتمخض عنه هذا الانتقال، بدأ بعض الناس يتساءلون إن كان على دراية بما سيتمخض عنه الانتقال أم لا.
وثمة قلق حيال تعريف هيئة تحرير الشام لعملية المشاركة والتي قد لا تحمل الدلالة نفسها التي تعنيها القوى الغربية، أو تلك التي يقصدها أغلب السوريين، وخاصة الناشطين المنادين بالديمقراطية والطبقة الوسطى في كبريات المدن السورية.
بيد أن الشرع يضغط بشكل كبير من أجل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا منذ عقود وذلك بهدف إعادة بناء البلد الذي دمرته الحرب، وبدعم من تركيا والدول العربية والخليجية، تمكن هذا الرجل من إحراز تقدم في هذا المضمار، بما أن كل تلك الدول تحرص على إبرام عقود مع قادة سوريا الجدد من أجل إعادة إعمار سوريا.
فخلال الأسبوع الماضي، أعلنت الإدارة الأميركية عن إعفاءات من العقوبات لمدة ستة أشهر وذلك بالنسبة للصفقات والمشاريع التجارية التي ستنفذ بالتعاون مع مؤسسات الدولة خلال المرحلة الانتقالية، والهدف من ذلك تسهيل تدفق المساعدات الإنسانية على سوريا. وبعد اجتماع رفيع المستوى عقد خلال نهاية الأسبوع الماضي في الرياض، اتفق وزراء الخارجية الأوروبيين على عقد اجتماع بنهاية هذا الشهر لمناقشة مسألة رفع العقوبات عن سوريا، بعد أن ضغطت كل من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا من أجل تخفيف العقوبات الأوروبية المفروضة على سوريا.
وفي مؤتمر صحفي، أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك بأن: “ألمانيا تقترح الالتزام بنهج ذكي تجاه العقوبات، وذلك عبر تقديم الإغاثة للشعب السوري، بما أن السوريين أضحوا اليوم بحاجة للحصول على حصة سريعة عبر انتقال السلطة”.
غير أن شخصية الشرع ماتزال غامضة، على الرغم من التغيير الجذري الذي طرأ عليها والذي تسارع خلال الأشهر القليلة الماضية، إذ حرص هذا الرجل على النأي بنفسه عن ماضيه الجهادي وارتباطه بتنظيم القاعدة، معتبراً ذلك مجرد طيش شباب.
ما بين الحكم الرشيد وخروقاته
من المؤكد بأن حكم الهيئة لجيب الثوار في إدلب طوال السنوات الثماني الماضية لم يكن مشدداً وقاسياً كحكم تنظيم الدولة الإسلامية أو كحكم طالبان، وذلك لأن الهيئة ركزت على طريقة الحكم وتأمين الخدمات للناس، وبحسب دراسة أجراها الباحث منقذ عثمان آغا من معهد الشرق الأوسط، فإن هيئة تحرير الشام اتبعت استراتيجية بناء الشرعية وتبنت خطاباً ثورياً وطنياً، وشاركت قادة العشائر والوجهاء في المجتمع، وتبعاً لذلك، صار بوسع بعض منظمات المجتمع المدني أن تمارس عملها، كما صارت الفتيات تتابعن دراستهن، على الرغم من بعض القيود التي فرضت عليهن.
بيد أن الهيئة لم تعترف باستقلالية الفرقاء السياسيين في إدلب، بل قمعت المعارضين، وقيدت أنشطة الصحفيين والمعارضين ووقفت في طريق عملهم، كما ضيقت الهيئة على المدنيين في حياتهم اليومية، إذ أعلنت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية في بيان لها رفعته إلى الأمم المتحدة في عام 2022 بأن: “الناس كانوا يعتقلون على خلفية تعليقهم في محادثات سرية على كلفة المعيشة أو المسائل الدينية”.
كما ورد في هذا التقرير بأن: “ما يعرف بقواعد وآداب السلوك أضرت بالنساء والفتيات بشكل خاص، لدرجة تصل إلى التمييز القائم على أساس الجنس، وذلك في مجال التمتع بالحقوق”، بما أن شرطة الأخلاق فرضت قواعد على النساء تحدد شكل لباسهن.
حرمت الهيئة المعتقلين من حقهم بتوكيل محام، وارتكبت جرائم حرب وذلك عبر: “تنفيذ عمليات إعدام من دون أن تصدر محكمة مشكلة بطريقة قانونية حكماً على هؤلاء الأشخاص الذين نفذت بحقهم عمليات الإعدام”، كما وردت تقارير مؤكدة عن اعتقالات تعسفية وحالات تعذيب وعنف، في حين سيطرت ما تعرف بلجنة غنائم الحرب على بيوت من يعارض الهيئة، وليس فقط بيوت من تشك الهيئة بأنهم دعموا الأسد وأيدوه، وورد في التقرير السابق أيضاً بأنه: “تم استهداف ممتلكات الأقليات بشكل خاص، ومن بينهم المسيحيون”.
هل لدى الهيئة خطة شاملة؟
إلا أن الخبر السار الذي انتشر الآن هو أن وزير التعليم السوري الجديد، نذير القادري، تعهد بعدم فرض أي قيود على حق الفتيات بالتعلم، إذ بعد السيطرة على حلب في أواخر شهر تشرين الثاني الماضي، سعت الهيئة جاهدة لتطمين العلويين والمسيحيين والكرد في هذه المدينة، وسمحت لدور العبادة بممارسة نشاطها ودعمت الخدمات الأساسية على جناح السرعة، كما حرصت الهيئة على حفظ الاستقرار، وتشجيع مؤسسات الدولة وموظفيها على العودة لمزاولة أعمالهم، تماماً كما تحاول أن تفعل في دمشق الآن.
ولكن، على الرغم من كل ذلك، ماتزال الأصول الجهادية للهيئة وأسلوب حكمها السابق محل قلق، بيد أن الشرع أعلن بأن إدلب لن تكون النموذج الذي ستسير على نهجه سوريا مستقبلاً، كما حدد موعداً لبداية الحوار الوطني، لكنه ذكر بأن الانتخابات لن تجرى قبل أربع سنوات، بما يتيح له الوقت الكافي لإعادة تشكيل سوريا وفقاً لقواعد إسلامية.
يخشى بعض الناس أن يكون كل ما تحرص الهيئة على تحقيقه الآن هو نشر الاستقرار، لكنها ضمنياً تعمل على ترسيخ سيطرتها على الحكم مع ضمان حل بقية الفصائل المسلحة الأخرى ونزع سلاحها، وهذا ما دفع القوتلي إلى القول: “إنهم يسمحون لمنظمات المجتمع المدني بأن تسجل نفسها، من دون أن يفتحوا المجال لتسجيل الأحزاب السياسية بشكل رسمي والسبب حسبما ذكروا هو أنهم سيفعلون ذلك حالما يؤسسون بعض الهياكل والمؤسسات”، غير أن هيئة تحرير الشام قد لا تكون لديها خطة شاملة، ويعلق القوتلي على ذلك بقوله: “وصلني انطباع بأنهم فوجئوا بتحرير دمشق، ولم يتوقعوا أن يتم لهم ذلك حتى بعد سنة وشهرين من الآن”.
المصدر: Politico
تلفزيون سوريا
————————
فورين بوليسي: لا داع للعجلة بالنسبة لعودة السوريين إلى بلدهم
ربى خدام الجامع
2025.01.16
بعد 14 عاماً من الحرب، سقط بشار الأسد، وتحقق ذلك الحلم الذي ظنه السوريون بعيداً في غضون فترة زادت عن أسبوع واحد خلال شهر كانون الأول الماضي، وذلك عندما شنت فصائل المعارضة المسلحة هجوماً خاطفاً على النظام، ولذلك خرجت في كل من دمشق وستوكهولم وإسطنبول وبرلين وغيرها مظاهرات فرحة احتفالاً بنهاية حكم آل الأسد الدموي.
بالنسبة لأكثر من ستة ملايين ومئتي ألف لاجئ سوري يعيشون في مختلف بقاع العالم، زادت هذه اللحظة من تعقيد أمورهم، وتمثل ذلك بالقرار الذي عليهم أن يتخذوه وهو: هل سنعود إلى الوطن؟ ومتى سنعود؟
على الرغم من عدم وضوح مستقبل سوريا، يبدو بأن معظم حكومات الدول الأوروبية والشرق أوسطية قد بدأت بالتخطيط مسبقاً لعملية ترحيل السوريين وإعادتهم إلى بلدهم، إذ بُعيد سقوط الأسد، أعلنت عدة دول أوروبية عن قرارها القاضي بتعليق معالجة طلبات لجوء السوريين، وعللت معظمها ذلك بالحاجة لإعادة تقييم الوضع السياسي والأمني في سوريا.
“كل من احتفل عليه أن يعود”
على الرغم من أن تعليق تلك الطلبات لفترة محدودة يعتبر أمراً معقولاً ومنطقياً وذلك لضمان مراعاة التطورات الجيوسياسية الجديدة عند إصدار القرارات التي تعطي حق اللجوء للناس، أوضحت بعض الدول الأوروبية بأنها تسعى لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم من وراء ذلك في نهاية الأمر، إذ ذكر غيرهارد كارنر وزير داخلية النمسا بأن بلاده سترتب أمور برنامج العودة والترحيل بشكل منظم إلى سوريا، وسبق لحكومة بلاده أن أعلنت عن حوافز مالية مخصصة للاجئين السوريين لتشجيعهم على الرحيل عن النمسا.
وفي ألمانيا التي ستجري انتخابات خلال الشهر المقبل، ذكرت أليس فايدل وهي من مؤسسي حزب البديل من أجل ألمانيا وهو حزب يميني متطرف، بأن السوريين الذين احتفلوا بسقوط الأسد يجب عليهم العودة إلى سوريا على الفور.
وفي الشرق الأوسط، حرص بعض السياسيين على استغلال سقوط الأسد من أجل حث السوريين على العودة بأعداد كبيرة، بعد سنوات من الضغط الشعبي وتراجع الدعم الدولي، إذ خلال الأشهر القليلة الماضية، فر آلاف السوريين من لبنان جراء القصف الإسرائيلي المكثف، فسارعت السلطات اللبنانية إلى فرض مزيد من القيود على السوريين عند دخولهم إلى لبنان مجدداً. وبعد أيام من سقوط الأسد، عرضت البلديات في تركيا على السوريين بطاقات سفر ذات وجهة واحدة وذلك لتسهيل أمر عودتهم إلى بلدهم.
مخاطر العودة الجماعية
غير أن العودة المبكرة تحمل بين طياتها مخاطر كبيرة بالنسبة للاجئين، إذ هنالك قلق كبير بالنسبة لأرزاق السوريين في حال عودتهم إلى سوريا، ويأتي على رأس تلك الأمور عدم وجود سكن يؤويهم ولا بنية تحتية في البلد، وتزداد الأمور تعقيداً بالنسبة لمن يفكر بالعودة وذلك فيما يتصل باحتمال ظهور حالات توتر اجتماعي بسبب عدم تسوية قوانين الملكية التي طبقت على أملاك الغائبين ناهيك عن استمرار العنف في البلد، لذا فإن الإسراع بإعادة ملايين اللاجئين إلى بلدهم في خضم حالة الغموض التي تكتنف الأمور لن تعود إلا بالوبال على الهدف المتمثل بعودة اللاجئين عودة آمنة وطوعية ودائمة، ناهيك عن الضرر الذي سيلحق باستقرار سوريا على المدى البعيد في حال الإسراع بإعادة السوريين إلى بلدهم.
ولهذا إن رغبت الدول بمساعدة السوريين على العودة إلى بلدهم بشكل آمن، وضمان استقرار الدولة السورية الجديدة مستقبلاً، فعليها أن تضمن للاجئين أن يتخذوا قرارهم طواعية وأن يكون بوسعهم الرجوع عنه.
حالياً، هنالك أمل كبير يحدو رغبة السوريين بإعادة بناء بلدهم، ولذلك قد يسعى معظمهم للعودة إلى الوطن بشكل دائم، ولكنه من المبكر جداً تقييم عدد حالات العودة أو ديمومتها، إذ إن المبالغة في الإعلان عن أعداد اللاجئين العائدين ومدى شيوع تلك الفكرة بينهم في ظل وضع مشحون بالمخاطر الأمنية والسياسية مع انعدام الاستقرار على المستوى الإنساني يهدد بتأجيج السياسات التي ظهرت في الدول المضيفة والتي تدفع باللاجئين إلى رمي أنفسهم في حضن المخاطر.
خطة “فلنتريث حتى نرى”
خلال الأيام التي تلت سقوط الأسد، وجد بعض المراقبين في صور أرتال السيارات التي احتشدت على الطريق الواصل لدمشق وحلب دليلاً على أن أغلب السوريين المقيمين في دول الجوار سارعوا في العودة إلى بلدهم، ولكن سرعان ما اتضح لهم بأن معظم تلك السيارات أتى بها نازحون في الداخل السوري، إذ يقدر مكتب المفوضية الأممية العليا لشؤون اللاجئين وجود أكثر من 660 ألف سوري نزحوا داخل سوريا منذ فترة قريبة وتحديداً في مطلع شهر كانون الأول لعام 2024، كما قدرت المفوضية في الثاني من كانون الثاني بأن 115 ألف سوري تقريباً دخلوا البلد من المعابر الحدودية الرسمية وذلك منذ سقوط الأسد، ما يدلل على زيادة كبيرة في عدد العائدين مقارنة بما كانت عليه الأعداد خلال السنوات الماضية.
ومع ذلك ما يزال هذا العدد يمثل نسبة ضئيلة من إجمالي اللاجئين السوريين المنتشرين في مختلف بقاع العالم، كما أن بعض من دخلوا إلى سوريا أتوا بقصد زيارة الأهل أو لتفقد وضع بيوتهم بعد سنوات من الفراق، ما يعني بأنهم لا يعتزمون العودة بشكل نهائي، إذ مثلاً من بين 22 ألف سوري دخلوا سوريا من الأردن ابتداء من 8 كانون الأول وحتى 25 منه هنالك فقط أزيد من ثلاثة آلاف منهم مسجلين كلاجئين في الأردن، أي أن الغالبية إما أتوا من دولة ثالثة أو لديهم وضع قانوني آخر يبيح لهم العودة إلى الأردن، بما أن اللاجئين السوريين المسجلين في الأردن لم يسمح لهم حتى الآن بالعودة إلى الأردن في حال مغادرتهم لأراضيه، ووفقاً لتقرير صادر عن المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين حول السوريين أجري بعد الثامن من كانون الأول، فإن الغالبية الساحقة من اللاجئين السوريين الموجودين في دول الجوار تتبنى فكرة: “فلنتريث حتى نرى” بالنسبة لمسألة العودة إلى سوريا.
مبررات جديدة للنزوح
والحق يقال إن بعض من بقيوا في سوريا حتى الآن قد يضطرون إلى الرحيل عنها، إما بسبب الخوف من تجدد العنف أو بسبب عدم وضوح المستقبل أمامهم، فقد رحل آلاف السوريين عن البلد خلال الأسابيع الماضية، حتى في الوقت الذي أخذت دول الجوار تضيق عليهم بالنسبة لمسألة دخولهم لأراضيها أو مع إبقائها لقيود صارمة على أي سوري يحاول دخول أراضيها، إذ إن الأخبار عن قيام هجمات استهدفت رموز الطوائف الدينية أثارت تخوفاً من حدوث تصعيد طائفي في البلد، حتى في الوقت الذي تسعى حكومة سوريا الجديدة لتهدئة الناس. كما أن استمرار الاقتتال بين الفصائل المسلحة التي لا تمثل الدولة في الشمال السوري وما مارسته إسرائيل من قصف وتوسع في احتلالها لأجزاء من جنوب غربي سوريا أوجد مبررات جديدة للنزوح.
وحتى لو استقر الوضع السياسي والأمني في سوريا، فإن مستوى الدمار والاحتياج على الصعيد الإنساني جعل أغلب السوريين يترددون في أمر العودة، بما أن 90% من السوريين باتوا يعيشون تحت خط الفقر، ولم يعد بوسع الدولة أن توفر الخدمات للمواطن بعد سنوات من الحرب، ومع اشتداد موجة البرد في الشتاء، نكتشف بأن ملايين السوريين الذين يعيشون في الداخل ليس لديهم مأوى يوفر لهم الدفء، وبالطبع لا يوجد أي مأوى دافئ بوسع اللاجئين والنازحين العودة إليه.
في تقييم أصدرته لجنة الإنقاذ الدولية مؤخراً في لبنان، تبين بأن الغالبية الساحقة من اللاجئين الذين أجريت معهم مقابلات ليس لديهم مكان بوسعهم أن يسكنوه في الداخل السوري، ولهذا ترى آمي بوب وهي المديرة العامة لمنظمة الهجرة الدولية بأن العودة الجماعية المبكرة للسوريين “قد تضغط على البنية التحتية الهشة في سوريا، مما قد يجبر الأهالي على الرحيل من جديد”.
التضييق على اللاجئين
يخشى أغلب السوريين من خسارة الحماية التي حصلوا عليها في الدول المضيفة في حال عودتهم إلى سوريا، على الرغم من أن مفوضية اللاجئين أعلنت بأنها لا تعتبر الوضع في سوريا محققاً للشروط التي تبيح إنهاء صفة اللجوء بحق اللاجئين السوريين، ولهذا لا يجوز نزع صفة اللجوء على أساس تغير الحكومة فحسب.
على الرغم من أن القانون الدولي واضح بشأن ضرورة أن يختار اللاجئون طوعاً العودة إلى بلدهم حتى تنزع عنهم صفة اللجوء، أي عليهم أن يعودوا إلى بلدهم بشكل دائم وليس فقط لزيارته لفترة قصيرة، إلا أن التطبيق العملي لا يحترم هذا الشرط على الدوام، وذلك لأن دولاً مثل لبنان والدنمارك نزعت صفة اللجوء عن اللاجئين الذين زاروا بلدهم أو حرمتهم من أن يكونوا لاجئين لديها بعد تلك الزيارة.
ومما زاد مخاوف السوريين تضييق معظم الدول المضيفة على حقهم بالتقدم بطلب لجوء مع تسريع ترحيلهم وذلك قبل سقوط الأسد، إذ في لبنان وتركيا، عانى السوريين طوال سنوات من تفاقم حالات العنصرية والترحيل، أما في أوروبا، فقد خلق صعود الأحزاب المعادية للهجرة بيئة سياسية معادية للاجئين، ولذلك اعتبر بعض السياسيين ما يجري حالياً فرصة لتصعيد أجنداتهم المعنية بترحيل اللاجئين، بصرف النظر عن الظروف الأمنية في الداخل السوري.
إذ على سبيل المثال، أعلنت حكومة الدنمارك منذ عام 2019 بأن دمشق أصبحت آمنة أمام عودة اللاجئين، بيد أن الأخبار المريعة التي انتشرت خلال الأسابيع الماضية عن السجون الموجودة في العاصمة السورية عرت هذه المزاعم، وخاصة بعد العثور على جثة ناشط سوري عاد إلى البلد في عام 2020، ناهيك عن الأدلة التي توثق تعرض كثيرين للاعتقال والتعذيب والقتل طوال عقود.
خطوات على طريق العودة
ولهذا يجب أن يمنح اللاجئون الوقت والمعلومات الكافية حتى يقرروا مسألة عودتهم بمحض إرادتهم، إذ على الرغم من وجود أسباب كثيرة تدعو للتفاؤل بمستقبل سوريا، لن يتغير الوضع الأمني على الأرض بين ليلة وضحاها، كما أن ترحيل اللاجئين رغماً عنهم، أو سحب صفة اللجوء منهم خلال مرحلة مبكرة يقوض صفة الديمومة في عودة اللاجئين، فقد كشفت الأبحاث بأن الإعادة القسرية مع عدم توفر الدعم المخصص لإعادة الإندماج يمكن أن يدفع العائدين للنزوح من جديد أو التعرض للتهميش. ثم إن التسرع بإعادة اللاجئين إلى بلدهم قد يهدئ من روع الأصوات المناهضة للهجرة، لكنه يمثل خرقاً لحقوق اللاجئين وقد يتسبب بمفاقمة حالة انعدام الاستقرار في الدول الأصلية وفي دول الجوار أيضاً.
ولذلك، يجب على الدول المضيفة أن تشدد من جديد على التزامها بحقوق اللاجئين وطالبي اللجوء، كما يجب على الحكومات أن تلتزم بالقانون الدولي الذي يحظر الحرمان من حق اللجوء بناء على الفئة التي ينتمي إليها المهاجر، مع الإقرار بأن أغلب السوريين مايزالون يتعرضون لأخطار عديدة بعد سقوط الأسد، إذ في خضم الجهود الساعية لإقامة حالة مصالحة في الداخل السوري، سيبقى إرث العنف والصدمات حاجزاً أمام عودة كثيرين.
كما يجب على الحكومات أن تؤكد وبشكل علني مواصلتها تقديم الحماية للاجئين الراغبين بزيارة سوريا قبل أن يتخذوا قرار عودتهم إليها بشكل دائم، لأن هذا النهج من شأنه تسهيل عودتهم بشكل دائم في نهاية المطاف، بما أنه يساعد السوريين في الاطلاع بشكل كامل على المخاطر والوضع المحلي في مناطقهم من دون أن يخشوا من فقدان صفة اللجوء التي منحت لهم. ولهذا، وفي خطوة واعدة، أعلنت تركيا عن آلية مخصصة للسوريين يقومون من خلالها بإجراء زيارات قصيرة إلى بلدهم خلال النصف الأول من عام 2025، وهذا ما يتيح لهم زيارتها لعدة مرات قبل أن يتخذوا قرار العودة من عدمه.
وفي نهاية المطاف، يجب على الدول المضيفة أن تعترف بأن أغلب السوريين أصبحوا جزءاً لا يتجزأ من النسيج الجديد لمجتمعاتها، بعد أن أصبح أكثر من 300 ألف لاجئ سوري مواطنين في دول الاتحاد الأوروبي، وحصل غيرهم كثيرون على الإقامة الدائمة. ومع تفاقم أزمات العمل التي تهدد القوى العاملة الهرمة في الدول الأوروبية، لم تعد الحكمة تقتضي بالضرورة استعجال السوريين بالعودة إلى بلدهم، ثم إن السوريين أصبحوا يمثلون شريحة مهمة وأساسية ضمن القوى العاملة في الدول المجاورة لسوريا.
يعتبر اللاجئون السوريون عنصراً أساسياً لإعادة بناء البلد، سواء إن عادوا إلى بلدهم أو ظلوا يقدمون الدعم السياسي والاقتصادي من مغترباتهم، وهذه المساعي بدأت منذ أمد وما تزال تعمل في الوقت الراهن، كما أن الدعم الدولي للمبادرات التي يترأسها سوريون مهم للغاية، ولكن في الوقت الذي يفكر السوريون بمستقبلهم على طريقتهم، فإن أقل ما يمكن للدول المضيفة أن تقدمه لهم هو أن تمنحهم الوقت الكافي لاتخاذ قرارتهم الصعبة بأنفسهم.
المصدر: The Foreign Policy
تلفزيون سوريا
——————————–
تعنّت “قسد” في مسار التفاوض يمهّد الطريق أمام الحل العسكري
2025.01.16
بالتوازي مع المواجهات اليومية التي تدور بين فصائل الجيش الوطني السوري المنضوية ضمن غرفة عمليات “فجر الحرية” و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في منطقة سد تشرين قرب منبج شرقي حلب، انطلق مسار تفاوضي من شقين يهدف إلى إنهاء معضلة شمال شرقي سوريا بعيداً عن الخيار العسكري، لكن يبدو أن الأمور تتجه إلى مزيد من التصعيد في ظل تعنت “قسد”.
علم موقع تلفزيون سوريا من مصادر خاصة، أنّ المفاوضات بين “قسد” وإدارة دمشق اصطدمت بشروط تعجيزية من “قسد”، حيث ركزت الأخيرة على المطالبة بالإبقاء على هياكلها العسكرية والإدارية شمال شرقي سوريا، وأن تتولى هي إدارة وحماية المنطقة، مع حصولها على نصف كمية النفط التي تنتجها الحقول في الحسكة ودير الزور.
الإدارة السورية طرحت خلال المفاوضات، وجود قيادات كردية ضمن وزارة الدفاع، ولكن تشرف الوزارة على عمليات التجنيد، ما يعني عدم الموافقة على بقاء “قسد” كتلة عسكرية تسيطر على حيز جغرافي.
وبحسب المصادر، فإن التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني من العاصمة التركية أنقرة، أمس الأربعاء (15 كانون الثاني/ يناير الجاري)، حول عدم وجود مبرر لبقاء “قسد” بشكلها الحالي، وضرورة أن تسيطر الإدارة المركزية على كامل سوريا، تشير إلى استياء إدارة دمشق من موقف “قسد” في المفاوضات.
وترجّح المصادر أن الزيارة التي أجراها الوفد السياسي والعسكري والأمني السوري إلى أنقرة، والتصريحات التي صدرت خلالها تشير إلى اتجاه جديد في التعامل مع ملف “قسد”، ويقوم بشكل رئيسي على الجهد العسكري مع عدم إغلاق باب المفاوضات نهائياً.
وساطة “بارزاني”
ينشط حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني على خط الوساطة مع تنظيم “قسد”، منذ عدة أسابيع، حيث أرسل الحزب الذي يترأس إقليم كردستان العراق مبعوث خاص إلى شمال شرقي سوريا، على أمل إنجاح الحل السياسي، كما يجري أيضاً لقاءات مع المجلس الكردي الوطني السوري.
ويسعى “الديمقراطي الكردستاني” إلى توسيع دور المجلس الكردي السوري في مناطق الكرد ومستقبل سوريا عموماً، مع الدفع باتجاه خروج العناصر التابعين لـ”حزب العمال الكردستاني-PKK” التركي خارج البلاد، وبهذا يحول دون عملية عسكرية تركية تفرض أمراً واقعاً من دون قدرة الكرد على التحكّم بالمشهد.
ووفقاً لما علمه موقع تلفزيون سوريا من مصادر مقربة من المجلس الوطني الكردي، فإنّ “قسد” لا تبدي إلى الآن استجابة كبيرة مع جهود “الديمقراطي الكردستاني”، الذي أرسل تحذيرات واضحة إلى “قسد” تؤكد أن عدم إنجاز حل سياسي يعني أن الخيار العسكري هو البديل، وإدارة ترمب لن تكون متحمسة للتصادم مع تركيا من أجل مصير “قسد”، وبناء عليه يجب الانخراط في الدولة السورية وعدم الإصرار على مشروع “الإدارة الذاتية”.
وتؤكد المصادر أن “الديمقراطي الكردستاني” غير مرتاح لتصاعد التنسيق بين إيران و”قسد”، حيث توفّر طهران الدعم للتنظيم الذي يدرب كثيراً من عناصره في السليمانية ضمن العراق، تحت رعاية حزب الاتحاد الوطني الكردستاني المتحالف مع إيران هو الآخر.
وتحاول “قسد” توسيع خيارات دعمها الإقليمي من خلال التواصل مع إيران وفرنسا وإسرائيل، حيث باتت الاتصالات بينها وبين “تل أبيب” معلنة، كما أنّ الأخيرة لم تعد تخفي رغبتها في الحفاظ على “قسد” خوفاً من توسع النفوذ التركي في سوريا والمنطقة عموماً.
لكن في نهاية المطاف، فإنّ مستقبل “قسد” مرتبط إلى حد كبير بالموقف الذي ستتخذه إدارة ترمب بعد تسلمه صلاحياته بشكل رسمي، حيث إن موقفه من الإدارة السورية الجديدة ومن بقاء القوات الأميركية في منطقة شمال شرقي سوريا، سيلعب دوراً حاسماً في تحديد مستقبل المنطقة.
———————————
لتوحيد الموقف تجاه دمشق.. مظلوم عبدي يلتقي الزعيم الكردي مسعود برزاني في أربيل
2025.01.16
التقى مظلوم عبدي زعيم قوات سوريا الديمقراطية، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود برزاني، في أربيل لبحث آخر المستجدات في شمال شرقي سوريا والعلاقة مع الإدارة السورية الجديدة.
وتم التأكيد خلال اللقاء على أن “الأطراف الكردية في سوريا يجب أن تقرر مصيرها دون أي تدخل وبالطرق السلمية ومن أجل ضمان حقوقها في الوحدة والتضامن مع حكام سوريا الجدد للتوصل إلى تفاهم واتفاق ويكون عامل سلام واستقرار ينهي البؤس الذي حل بالشعب الكردي والمجتمعات الأخرى في سوريا”، وفق مراسل تلفزيون سوريا.
من جهته، قال هوشيار زيباري عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني في منشور على إكس “الاجتماع الذي جرى اليوم في أربيل بين الرئيس مسعود بارزاني وقائد قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرقي سوريا يُعد إنجازًا هامًا لتعزيز الوحدة الكردية والموقف تجاه الحكام الجدد في دمشق لتحقيق انتقال سياسي سلس. شكرًا لجميع حلفائنا وأصدقائنا”.
Today’s meeting in Erbil between President Masoud Barzani and SDF Commander of N.E Syria is a significant achievement to strengthen Kurdish unity and position visa-a -veer the new Syrian rulers in DAMASCUS for a smooth political transition. Thanks to all our allies & friends.
— Hoshyar Zebari (@HoshyarZebari)
January 16, 2025
وفي اليومين الماضيين، أكدت مصادر خاصة لتلفزيون سوريا أن مسؤول الملف السوري في إقليم كردستان العراق عقد اجتماعاً مع مظلوم عبدي، في زيارة هي الأولى من نوعها إلى مناطق سيطرة قسد شمال شرقي سوريا.
وبحسب المصادر، ناقش الطرفان خلال الاجتماع آخر التطورات على الساحة السورية وسبل التوصل إلى حلول لتجاوز التحديات التي تواجه “قسد”.
كما طرح المسؤول الكردي مبادرة وساطة تهدف إلى معالجة ملف “قسد” في سوريا وتخفيف التحفظات التركية تجاهها.
وجاء هذا اللقاء بالتزامن مع اتفاق جرى بين “قسد” والإدارة الجديدة داخل صفوفها، في إطار مساعٍ لإعادة ترتيب البيت الداخلي لقسد وتحسين علاقاتها الإقليمية والدولية، وفقًا للمصادر.
أكد زعيم “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) مظلوم عبدي، أن القوات لا تعتزم حل نفسها في المرحلة الحالية، مشدداً على أن أي اتفاق محتمل لتسليم حقول النفط إلى الإدارة الجديدة في دمشق سيكون مشروطاً بتوزيع عادل للثروات بين المحافظات السورية.
وأمس قال عبدي في مقابلة مع قناة “الشرق” إن هناك توافقاً مع الإدارة السورية الجديدة بشأن ربط مؤسسات الإدارة الذاتية بالمؤسسات المركزية في دمشق، مع الحفاظ على خصوصية هذه المؤسسات بما يتناسب مع خصوصية المنطقة. وأضاف أن هذا الربط يمكن أن يسهم في حل المشكلات بشكل أفضل.
وفيما يتعلق بموارد النفط، أشار عبدي إلى استعداد الإدارة الذاتية لتسليمها إلى دمشق بشرط ضمان توزيع عادل للمواد النفطية على جميع المناطق السورية.
يذكر أن وزير الخارجية السورية أسعد الشيباني قال خلال لقائه نظيره التركي هاكان فيدان أمس في أنقرة، إن وجود قوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرق البلاد لم يعد مبررا، مشيرا إلى ضرورة إعادة تقييم الوضع الحالي لبعض المؤسسات التي نشأت خلال الـ14 عاما الماضية.
في حين أكد فيدان أن تركيا ستقدم الدعم الكامل للحكومة السورية الجديدة في مواجهة التنظيمات الإرهابية، معربا عن رفض بلاده لأي محاولات لتقسيم الأراضي السورية.
وسبق أن أكد مظلوم عبدي الاتفاق مع السلطة الجديدة في دمشق على وحدة وسلامة الأراضي السورية ورفض أي مشاريع تقسيم، وأفاد في تصريح مكتوب لوكالة “فرانس برس” بأن لقاءً “إيجابياً” جمع قيادتي الطرفين نهاية الشهر الماضي في دمشق، مضيفاً: “نتفق على وحدة وسلامة الأراضي السورية، وعلى رفض أي مشاريع انقسام تهدد وحدة البلاد”.
وتعتبر أنقرة “قسد” المنضوية تحت الوحدات الكردية امتداداً لـ”حزب العمال الكردستاني” الذي تصنفه منظمة “إرهابية”، ويخوض تمرداً ضدها منذ عقود.
——————————-
قائد “قسد” يبحث مع البارزاني في أربيل وحدة القوى الكردية في سورية
صفاء الكبيسي
17 يناير 2025
بحث قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) مظلوم عبدي، مع رئيس إقليم كردستان العراق السابق مسعود البارزاني، مستقبل الأكراد في سورية، وضرورة توحيد القوى الكردية، وأن يكون لها دور في رسم مستقبل سورية، وذلك خلال لقاء مساء أمس الاثنين في أربيل، عاصمة الإقليم.
وزيارة عبدي لأربيل، هي الزيارة الأولى من نوعها، إذ أعلنت عنها حكومة إقليم كردستان وتعاطت معها بشكل رسمي، وجاءت على أثر دخول قيادة إقليم كردستان العراق على خط المشهد الكردي في سورية، في محاولة لرأب الصدع بين القوى السياسية، والدفع باتجاه التوصل إلى اتفاق حول الرؤى، وتوحيد الموقف الكردي للتعاطي مع التطورات المتسارعة والعميقة في سورية.
والاثنين الماضي، وصل إلى سورية ممثل البارزاني عبد الحميد دربندي، في زيارة هي الأولى من نوعها، وعقد اجتماعاً مع عبدي في الحسكة، كما اجتمع مع المجلس الوطني الكردي السوري. ومساء أمس الخميس، استقبل رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني عبدي في أربيل، ووفقاً لبيان صادر عن مقرّ البارزاني، فإنّ “اللقاء بحث الوضع في سورية وآخر التطورات الأمنية والسياسية، بالإضافة إلى الإطار العام لتعامل الأطراف الكردية مع الوضع الجديد في سورية، وكيفية اتخاذ موقف مشترك للأحزاب الكردية في سورية”.
وأضاف أنّ “اللقاء شهد التأكيد على أن الأحزاب الكردية في سورية يجب أن تقرر مصيرها دون أي تدخل، وبالطرق السلمية، بما يضمن حقوقها في الوحدة والتضامن مع الحكام الجدد في سورية للوصول إلى التفاهم والاتفاق، وأن تكون عامل سلام وأمن، واستقرار، ومنع المعاناة التي حلت بالشعب الكردي والمكونات الأخرى في سورية”.
وفي هذا السياق، قال عضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني، إنّ “الزيارة معد لها مسبقاً، وبتحضيرات استمرت عدة أسابيع، في إطار توحيد القوى الكردية في سورية، وأن يكون لها دور في مستقبل سورية الجديدة”. وأضاف لـ”العربي الجديد”، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أنّ “الزيارة جاءت تلبية لدعوة رسمية من البارزاني لزعيم قسد”.
وأضاف “لم يجرِ التوصل لأي تفاهم أو اتفاق محدد، لكنها بداية للقاءات مشتركة ستكون في الفترة المقبلة، سترسم محاور مهمة لتوحيد الصف الكردي في سورية، والعمل على تشكيل وفد كردي للتفاوض مع الإدارة السورية، لإشراك الكرد وضمان حقوقهم في البلاد”، مبيناً أن “أربيل ستلعب دور الوساطة بين “قسد” وتركيا”.
وكان مسؤول دائرة العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان سفين دزيي، قد أكد، أمس الخميس، أنّ “التغيرات المفاجئة في سورية تؤثر بشكل مباشر على الإقليم والعراق، وهناك ضرورة للتعامل مع الواقع الجديد في المنطقة”، مؤكداً، في تصريح صحافي، “حاولنا ونحاول تعزيز التقارب والتفاهم بين الأطراف الكردية في هذا السياق، كان هناك مبعوث خاص للرئيس مسعود بارزاني إلى سورية للتواصل مع السلطة المحلية، ونتطلع إلى مزيد من التقارب بين الأطراف المعنية”.
أمّا عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، وزير الخارجية العراقي الأسبق هوشيار زيباري، فعدّ اللقاء “انجازاً كبيراً لوحدة الكرد”، وقال في تدوينة له على “إكس”، أمس الخميس، إنّ “اللقاء الذي عُقد في أربيل بين الرئيس مسعود البارزاني وقائد “قسد” في شمال شرق سورية، يُعدّ إنجازاً كبيراً لتعزيز الوحدة الكردية، وتمكين الحكام السوريين الجدد في دمشق من تحقيق انتقال سياسي سلس”، وقال “شكراً لكل حلفائنا وأصدقائنا”.
Today’s meeting in Erbil between President Masoud Barzani and SDF Commander of N.E Syria is a significant achievement to strengthen Kurdish unity and position visa-a -veer the new Syrian rulers in DAMASCUS for a smooth political transition. Thanks to all our allies & friends.
— Hoshyar Zebari (@HoshyarZebari) January 16, 2025
وبدت القوى السياسية الكردية في سورية في حالة ارتباك عقب سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لا سيما أن الخلافات بينها كانت بادية للعيان قبيل سقوط هذا النظام، وخصوصاً لجهة تمثيل الشارع السياسي الكردي في استحقاقات الحل للأزمة السورية.
——————————–
المفوضة الأوروبية لإدارة الأزمات: سندعم سوريا ودول الجوار بـ 235 مليون يورو
2025.01.17
أعلنت المفوضة الأوروبية لإدارة الأزمات، حاجة لحبيب، عن تقديم حزمة مساعدات جديدة بقيمة 235 مليون يورو لدعم سوريا ودول الجوار، بهدف تخفيف معاناة السوريين وتلبية احتياجاتهم الإنسانية.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي خلال زيارتها لقصر الشعب في دمشق ولقائها بقائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع، حيث أكدت التزام الاتحاد الأوروبي بدعم السوريين لتحقيق الاستقرار والأمن والعدل، مشيرة إلى أن الشعب السوري يستحق السلام وفرصة لإعادة بناء بلده.
وقالت المفوضة إن السوريين يعيدون كتابة التاريخ، داعية إلى بناء مستقبل يشمل جميع الأطياف. وشددت على مسؤولية السلطات الحالية في سوريا في توفير السلام والاستقرار للشعب.
وأضافت لحبيب “جئت الى هنا لأطلق حزمة جديدة من المساعدات الانسانية بقيمة 235 مليون يورو لسوريا ودول الجوار، للمساهمة في توفير احتياجات رئيسية في مجالات المأوى والغذاء والمياه النظيفة والخدمات الصحية والتعليم في حالات الطوارئ”.
جدول زمني لرفع العقوبات عن سوريا
كشفت وثيقة غير رسمية لمجلس الاتحاد الأوروبي عن مناقشات بين دول التكتل لوضع أسس وجدول زمني لرفع واسع النطاق للعقوبات على سوريا، بما في ذلك العقوبات على النقل وصادرات النفط والغاز والأنشطة المالية والمصرفية، دون أن تشمل رئيس النظام المخلوع، بشار الأسد، أو رموز نظامه.
وأعد المجلس الأوروبي هذه الوثيقة غير الرسمية، التي تستخدمها الدول الأعضاء في المفاوضات المغلقة، والتي من المتوقع أن تتم مناقشتها بشكل موضوعي والموافقة عليها خلال اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد، في 27 من كانون الثاني الجاري.
يذكر أن وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك، هما أول وزيرين من الاتحاد الأوروبي يزوران سوريا منذ إسقاط قوات المعارضة لنظام الأسد، في الثامن من ديسمبر كانون الأول الجاري.
———————————–
أمير قطر في دمشق قريباً.. الدوحة تؤكّد دعمها لسوريا وتدين التدخل الإسرائيلي
2025.01.16
أعلن رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عن استئناف العلاقات القطرية السورية بعد قطيعة دامت 13 عاما.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقب زيارة رسمية أجراها وفد قطري برئاسة رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني التقى فيها بالقيادة السورية الجديدة وعلى رأسها أحمد الشرع.
وقال آل ثاني في تصريحاته: “نرحب بالخطوات الإيجابية التي اتخذتها الإدارة السورية الجديدة. نحن على أبواب مرحلة جديدة في تاريخ سوريا، وقطر تمد يدها للشعب السوري من أجل الشراكة”.
وأكد رئيس الوزراء القطري على ضرورة توفير الاحتياجات اللازمة لاستمرار تقديم الخدمات العامة للسوريين، مشيرًا إلى أن قطر ستعمل على تقديم الدعم الفني اللازم لإعادة تشغيل البنى التحتية المتضررة.
ووعد رئيس الوزراء وزير خارجية قطر أن بلاده ستزود سوريا بـ 200 ميغاواط من الكهرباء.
كما أعرب عن تطلع بلاده إلى شراكة مستقبلية بناءة بين البلدين، مؤكدا أن الوضع في سوريا يتطلب النظر العاجل في رفع العقوبات المفروضة على البلاد.
وأشار آل ثاني إلى أن سمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني سيزور سوريا في المستقبل القريب، في إشارة إلى مرحلة جديدة من التقارب بين البلدين.
كما وصف المرحلة الحالية بأنها “مرحلة بناء وتنمية”، مؤكدا أن الفترة المقبلة ستشهد كثيرا من الزخم في المشاريع القطرية السورية المشتركة.
من جهة أخرى، دان آل ثاني استيلاء الكيان الإسرائيلي على المنطقة العازلة في سوريا، مطالبا بانسحاب فوري.
صرّح قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، بأن محادثات جرت مع رئيس الوزراء القطري شملت كل المجالات. وأكد الشرع أن قطر تُعد من الدول التي ساهمت في مساعدة الشعب السوري خلال محنته.
وفي سياق آخر، أوضح الشرع أن إسرائيل كانت تتذرع بوجود ميليشيات إيرانية في سوريا لتبرير تقدمها في المنطقة العازلة.
———————————–
المنسق الأممي في سوريا: متفائلون بشأن إعادة الإعمار شريطة الانتقال السياسي
2025.01.17
أعلن المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، آدم عبد المولى، عن خطط أممية لدعم إعادة الإعمار في سوريا بالتعاون مع الإدارة الجديدة في دمشق، معرباً عن تفاؤله بشأن إعادة الإعمار شريطة نجاح الانتقال السياسي في البلاد.
وشدد عبد المولى على ضرورة أن تكون الفترة الانتقالية “آمنة ومبنية على توافق بين السوريين بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم”، مشيراً إلى وجود مقترحات دولية، بينها دعوة دول مجلس التعاون الخليجي لعقد مؤتمر دولي للمانحين في الربيع المقبل، بهدف جمع موارد لدعم إعادة الإعمار.
وقال إن الأمم المتحدة تتشاور مع الإدارة السورية الجديدة لإعداد المشاريع التنموية اللازمة، بما يشمل تقدير كلفتها لعرضها في المؤتمر، كاشفاً عن تجهيز الأمم المتحدة برنامجاً تنموياً متكاملاً لتحسين البنى التحتية والخدمات الأساسية، بما فيها الكهرباء والصحة والزراعة والري، لدعم الاقتصاد السوري.
وأكد المسؤول الأممي أن الخطة الأممية “استراتيجية التعافي المبكر”، التي أطلقت في تشرين الثاني الماضي، لا تزال قائمة رغم عدم تسجيل صندوقها المالي في نيويورك حتى الآن، موضحاً أن الصندوق المقترح سيخصص لإعادة الإعمار بمجرد انطلاق هذه الجهود.
رفع العقوبات محور إحياء الاقتصاد السوري
وفيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على سوريا، دعا عبد المولى إلى رفع القيود التي تضر بالشعب السوري، مشيراً إلى نتائج اجتماع الرياض الذي أوضح وجود نية دولية جادة للتخفيف من العقوبات أو رفعها.
وأشار إلى الخطوة الأميركية بتعليق بعض العقوبات لفترة ستة أشهر، متوقعاً أن يناقش الاتحاد الأوروبي نهاية الشهر الجاري رفع العقوبات جزئياً أو كلياً لدعم الاقتصاد السوري وتسهيل الوصول إلى المساعدات.
وأشار عبد المولى إلى تعقيد رفع العقوبات المفروضة بموجب قوانين، مثل “قانون قيصر”، الذي يتطلب تعديلات تشريعية، إلا أنه أكد مع ذلك أهمية تخفيف آثار هذه العقوبات والعمل على تبني تشريعات تلغيها بالكامل لدعم جهود إعادة الإعمار.
الأمم المتحدة تستأنف خطط التنمية
أوضح عبد المولى أن الأمم المتحدة استأنفت نشاطها التنموي في سوريا بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد، فقد أعلنت عودة العمل على التنمية بعد تعطيل استمر منذ عام 2012.
وأكد أن الأمم المتحدة تسعى لدعم جميع المناطق الجغرافية، بغض النظر عن الجهة السياسية المسيطرة، مع التركيز على توفير المساعدات الإنسانية لكل السوريين.
ولفت عبد المولى إلى أن البعثة الأممية ترى أن رفع العقوبات سيعزز قدرة سوريا على الحصول على قروض ومنح من الصناديق الدولية والبنك الدولي، ما يسرّع جهود إعادة الإعمار ويدعم الاقتصاد المحلي.
وشدد المنسق المقيم للأمم المتحدة على التزام المنظمة الدولية بخدمة الشعب السوري بعيداً عن الأجندات السياسية، مشيراً إلى أن الجهود مستمرة لتوفير بيئة آمنة تمكن السوريين من استعادة حياتهم واستقرارهم الاقتصادي والاجتماعي.
—————————-
بسبب “تغيّر الظروف في سوريا”.. الولايات المتحدة تخفف عقوباتها على تركيا
2025.01.17
أعلنت الولايات المتحدة عن رفع وتخفيف بعض العقوبات التي فرضتها على تركيا عقب إطلاقها عملية “نبع السلام” في شمال شرقي سوريا عام 2019.
وأوضحت الإدارة الأميركية أن هذا القرار جاء في إطار إعادة تقييم الظروف الميدانية في سوريا والتي دفعت واشنطن إلى مراجعة موقفها السابق.
وأصدر الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي تنتهي ولايته يوم الإثنين المقبل، وثيقة بعنوان “خطوات إضافية متعلقة بالوضع في سوريا”.
وتضمنت هذه الوثيقة تغييرات جوهرية على القرار الرئاسي رقم 13894 الصادر في 14 تشرين الأول 2019، الذي كان قد فرض عقوبات واسعة على تركيا بعد العملية العسكرية. وذلك بحسب ما نقلت وكالة (ANKA
) التركية.
وأفاد بيان البيت الأبيض
الصادر يوم الأربعاء، أن التعديلات شملت حذف الإشارات المباشرة إلى العملية التركية في شمال شرقي سوريا من نص القرار الأصلي، حيث أزيلت العبارة التي أشارت إلى “التحركات الأخيرة للحكومة التركية لتنفيذ عملية عسكرية في شمال شرقي سوريا” من الفقرة الثانية بشكل كامل.
تفاصيل التعديلات
وإلى جانب حذف هذه الإشارات، تضمنت التعديلات مراجعة بعض الفقرات المتعلقة بتجميد أصول أفراد ومؤسسات محددة ودعمها. وفيما يأتي أبرز التغييرات التي وقعها بايدن:
في القسم الأول من القرار:
حذف العبارة المتعلقة بـ”التحركات العسكرية الأخيرة للحكومة التركية” من الفقرة الثانية.
تعديل الفقرات الفرعية (1(a)(i)(B)-(F)) لتصبح كالآتي:
“(B) تقديم مساعدة مادية، مالية أو تكنولوجية للأفراد الذين جُمدت أصولهم بموجب هذا القرار، أو توفير خدمات لدعم هؤلاء الأفراد”.
“(C) العمل بشكل مباشر أو غير مباشر نيابةً عن أو لصالح الأفراد الذين جُمدت أصولهم بموجب هذا القرار.”
إزالة القسم الفرعي 8(f) بالكامل.
في القسم الثاني، المتعلق بالأحكام العامة:
التأكيد على أن القرار لا يمكن تفسيره بطريقة تضعف الصلاحيات القانونية لأي إدارة تنفيذية أو مؤسسة أو مدير مكتب الإدارة والميزانية.
تنفيذ القرار سيكون وفقاً للقوانين السارية وتوافر الاعتمادات المالية.
النص على أن القرار لا يمنح أي حقوق قانونية أو إنصاف لأي طرف ضد الولايات المتحدة أو مؤسساتها أو موظفيها.
بحسب بيان البيت الأبيض، فإن رفع وتخفيف العقوبات جاء بسبب “تغير الظروف الميدانية في سوريا”. حيث ترى الإدارة الأميركية أن التطورات على الأرض تستدعي مراجعة العقوبات المفروضة على تركيا لتتماشى مع المستجدات الإقليمية.
———————————
دائرة الإحصاء: انطلاق عملية إحصاء شاملة لتحسين التخطيط وتوجيه الموارد في سوريا
2025.01.16
أعلن مدير دائرة الإحصاء المهندس محمد الموسى بدء عملية إحصاء شاملة لجمع بيانات دقيقة عن الأحياء والمجتمعات المحلية في سوريا.
وأوضح في تصريح لوكالة “سانا” أن العملية تستهدف بشكل خاص الفئات الأكثر ضعفًا، مثل الأفراد ذوي الإعاقات، بهدف تحسين التخطيط وتوجيه الموارد لتحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز الخدمات المقدمة.
وأكد الموسى أن اللجان المجتمعية ستبدأ تنفيذ العملية خلال الأيام المقبلة، مشيرًا إلى أن قاعدة البيانات الناتجة سيتم ربطها بقاعدة بيانات النفوس لضمان دقة المعلومات وتكاملها.
وأضاف أن المبادرة تأتي ضمن جهود الدائرة لتوفير بيانات موثوقة تُسهم في تحسين السياسات العامة وتلبية احتياجات السكان بشكل أكثر كفاءة.
يذكر أن حكومة تصريف الأعمال تجري تقييماً شاملاً لما يصل إلى 1.3 مليون موظف مسجل في القطاع العام “بهدف حذف أسماء موظفين وهميين من كشوف الرواتب”، بحسب وكالة رويترز.
نازحون وعائدون إلى سوريا
بحسب تقديرات الأمم المتحدة، هناك 6.8 مليون شخص من النازحين داخلياً في سوريا، بعضهم نزح عدة مرات.
ووفق بيان صحفي أصدرته الأمم المتحدة، فقد عاد أكثر من 125 ألف لاجئ سوري إلى وطنهم منذ سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول الفائت.
وبشكل عام، تقدر الأمم المتحدة أن نحو نصف سكان سوريا نزحوا داخلياً، وأن نحو ثلثهم يقيمون في المخيمات. وعلاوة على ذلك، يعتمد نحو 17 مليون شخص حالياً على المساعدات الإنسانية.
في هذه الأثناء، تتوقع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عودة نحو مليون شخص إلى البلاد في النصف الأول من هذا العام.
——————————–
الفنان السوري فارس الحلو يرد على اتهامات باسم ياخور له
2025.01.16
أثارت تصريحات الممثل السوري باسم ياخور في مقابلة مع الإعلامية نايلة تويني جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث حاول ياخور خلال اللقاء تبرير دعمه لنظام الأسد المخلوع مهاجماً عددا من الشخصيات السورية البارزة، كفيصل القاسم، وهمام حوت، وفارس الحلو.
في أول ظهور إعلامي له بعد سقوط الأسد، ظهر باسم ياخور في برنامج “بودكاست مع نايلة”، متجاهلاً مسؤوليته الأخلاقية عن دعمه لنظام وُصف بأنه أحد أكثر الأنظمة قمعاً في العصر الحديث.
كما زعم ياخور خلال اللقاء أن الفنان السوري فارس الحلو نشر تعليقاً على مواقع التواصل الاجتماعي بعد سقوط النظام قال فيه: “عرفت ليش اللاجئين كانوا عم يجيبوا 16 ولد”، مشيراً إلى أن التعليق جاء رداً على تصريح سابق له انتقد فيه معدلات الولادات المرتفعة بين اللاجئين السوريين.
فارس الحلو يرد على باسم ياخور
ورداً على ذلك، عبّر فارس الحلو عن استيائه من تصريحات باسم ياخور، نافياً بشكل قاطع أن يكون قد كتب مثل هذا التعليق.
ووصف الحلو تصريحات ياخور والإعلامية نايلة تويني بأنها محاولة لتشويه سمعته ونشر معلومات غير صحيحة، داعياً إياهم إلى التحقق من صحة الأخبار قبل تداولها أو الحديث عنها.
وفي منشور عبر حسابه الرسمي على “فيسبوك”، كتب الحلو: “نايلة تويني خصصت عشر دقائق لضيفها للنيل مني شخصياً!! بذريعة أني نشرت رداً نارياً عليه بعد هروب رأس النظام، ويقول الرد: عرفت ليش اللاجئين جابوا 16 ولد؟”.
وأضاف: “ننصحك أيتها الإعلامية الفاشلة ومعك ضيفك باستشارة مجانية من منصة الثورة السورية ‘تأكد’ (المسؤولة عن التحقق من الأخبار)، قبل أن تتبنوا أي خبر وتنشروه”.
تصريحات باسم ياخور عن فارس الحلو
وخلال المقابلة، قال باسم ياخور متحدثاً عن فارس الحلو: “زميلي المقيم في فرنسا نشر بعد سقوط الأسد بوست قال فيه: “هلق عرفت ليش الناس بالمخيمات بتخلف 16 ولد”، ليذكرني بأن هؤلاء الأولاد هم من أسقطوا النظام، لكن على فكرة، أكبر ولد في مخيمات اللجوء عمره لا يتجاوز 11 سنة، فحُكماً ليسوا هم من أسقطوا النظام”.
وأضاف: “الفكرة البشعة فيما كتبه هي أنه لا يرى أولاد اللاجئين كبشر، على عكسي تماماً.. فأنا عندما قلت ذلك لم أقصد الإساءة لهم، بل تحدثت عن ظروف المكان غير المناسبة لإنجاب عدد كبير من الأطفال”.
وأكمل حديثه قائلاً: “طيب، سقط النظام.. قلي لي هالـ16 ولد بعد ما سقط النظام شو صارت مهمتهم بالنسبة لزميلي الفنان؟ يسقطوا النظام اللي بعده؟ أو يروحوا يصيروا داعش ويسقطوا أنظمة جديدة؟ هيك بتفكر بالأطفال؟”.
هل يفكر باسم ياخور بالعودة إلى سوريا؟
في ختام تصريحاته، قال باسم ياخور إنه يفضل التمهل في اتخاذ القرارات بدلاً من الانسياق وراء ردود الفعل الغاضبة، مشيراً إلى أهمية تقييم الأمور بحكمة لتحقيق فهم أعمق للوضع، موضحاً أنه مستعد للعودة إلى سوريا في حال توافر “شرط مناسب”.
—————————
بسطات دمشق وطرطوس.. رزق للفقراء وفوضى تحتاج لتنظيم
2025.01.16
تشهدُ محافظات سورية عدة، انتشاراً واسعاً للبسطات، التي باتت وجهة رئيسية للعديد من المواطنين بسبب انخفاض أسعارها مقارنة بالمحال التجارية. ويحمل هذا الانتشار إيجابيات تخفف عن كاهل المواطن محدود الدخل، لكنه يثير أيضاً تساؤلات حول التنظيم والرقابة.
في محافظة طرطوس على سبيل المثال، تشهد البسطات إقبالاً كبيراً على شراء المواد الغذائية، وتعرض الأخيرة بضائع متنوعة مثل الحبوب والزيوت والأدوات المنزلية بأسعار منخفضة.
وتشير صحيفة “الحرية” إلى أن فرق الأسعار بين البسطات والمحال التجارية دفع المستهلكين نحوها، حيث تباع علبة السردين بثمن أقل، والأرز والسكر بأسعار تنافسية.
كما استطاعت البسطات خلق منافسة أجبرت بحسب “الصحيفة” أصحاب المحال على خفض أسعارهم، بينما أبدى البعض تخوفهم من جودة البضائع، مطالبين بضرورة تشديد الرقابة لضمان صلاحيتها.
من جهته، أكّد عبدالوهاب السفر، ممثل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في محافظتي طرطوس واللاذقية، أن دوريات حماية المستهلك تركز على مراقبة جودة المواد الغذائية في الأسواق، سواء في المحال التجارية أو على البسطات.
بسطات دمشق.. بين الرزق الحلال والفوضى
في العاصمة دمشق، يبرز انتشار البسطات بشكل لافت في مناطق مثل البرامكة، حيث تعرض مختلف السلع من مواد غذائية وألبسة وأحذية.
ويرى البعض في هذه الظاهرة حلاً مؤقتاً لمشاكل الفقر والبطالة، ورغم التفاؤل إزاء التنوع في السلع الأسعار المخفّضة طالب البعض بتخصيص ساحات محددة لتجنب الازدحام وعرقلة المارّة.
غياب التنظيم وتأخر الخطط
في المقابل، أوضحت ريما جورية، مديرة دوائر الخدمات في دمشق، أن إمكانات المحافظة حالياً موجهة نحو معالجة المخالفات الأخرى، مع تأكيدها على غياب خطة واضحة لتنظيم البسطات أو تشغيل الأسواق التفاعلية.
من جانبه، أشار بشار الأشقر، مدير الأملاك العامة في محافظة دمشق، إلى أن المديرية جاهزة لاستلام الساحات التفاعلية التي تم تجهيزها، لكنها لم توضع في الخدمة حتى الآن، مضيفاً أن منح التراخيص للبسطات يتوقف على عودة المكتب التنفيذي للعمل.
تعكس البسطات في سوريا واقعاً مركباً، حيث تمثل حلاً سريعاً ومؤقتاً لتخفيف الأعباء الاقتصادية، لكنها في المقابل تخلق تحديات تنظيمية تحتاج إلى حلول مستدامة.
وبينما يرى البعض فيها وسيلة رزق حلال، يطالب آخرون بمزيد من الرقابة والتنظيم لتجنب الآثار السلبية الناتجة عن غياب الضوابط.
————————–
قائد القيادة المركزية الأميركية يزور سوريا ملتزما بمنع عودة “داعش“
الإليزيه: فرنسا تعقد مؤتمراً في شأن سوريا في باريس الشهر المقبل
الجمعة 17 يناير 2025
أكد كوريلا أن النازحين المرتبطين بـ”داعش” في مخيم الهول ومخيمات شمال سوريا هم في الحقيقة “جيش لداعش قيد الاعتقال”، لافتاً إلى أن الإدارة الأميركية تركز على دعم إعادة سكان مخيم الهول والمخيمات الأخرى لبلدانهم الأصلية.
قالت القيادة المركزية الأميركية أمس الخميس إن الجنرال مايكل كوريلا زار سوريا، والتقى عدداً من القادة العسكريين الأميركيين، فضلاً عن مسؤولين في قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وأضافت القيادة في بيان على منصة “إكس” أن الزيارة تستهدف الحصول على تقييم حول التطورات في سوريا والحملة ضد تنظيم “داعش” هناك، والجهود المبذولة لمنع عودة ظهور التنظيم، إضافة إلى الوضع المتطور في سوريا.
وأشارت إلى أن كوريلا زار أيضاً مخيم الهول، ومخيمات أخرى تحوي آلاف الأشخاص المرتبطين بتنظيم “داعش”.
وأكد كوريلا أن النازحين المرتبطين بـ”داعش” في مخيم الهول ومخيمات شمال سوريا هم في الحقيقة “جيش لداعش قيد الاعتقال”، لافتاً إلى أن الإدارة الأميركية تركز على دعم إعادة سكان مخيم الهول والمخيمات الأخرى لبلدانهم الأصلية.
وقال قائد القيادة المركزية الأميركية: “سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لنقل مقاتلي داعش لبلدانهم الأصلية للبت النهائي في أمرهم”، وأضاف أن بلاده ملتزمة بمنع عودة تنظيم “داعش”.
“العمال الكردستاني”
من جانبه قال مسؤول في حزب “العمال الكردستاني” أمس الخميس إن الجماعة المسلحة ستوافق على مغادرة شمال شرقي سوريا، إذا احتفظت قوات سوريا الديمقراطية المتحالفة مع الولايات المتحدة بدور مهم في قيادة مشتركة هناك.
وذكر المسؤول في المكتب السياسي للحزب بشمال العراق “أية مبادرة تؤدي إلى حكم شمال شرق سوريا تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية أو إلى أن يكون لها دور كبير في قيادة مشتركة، ستقودنا إلى الموافقة على مغادرة المنطقة”.
وتصنف تركيا والولايات المتحدة وأوروبا حزب “العمال الكردستاني” منظمة إرهابية، ورفع الحزب السلاح على الدولة التركية منذ 40 عاماً في صراع أدى إلى مقتل أكثر من 40 ألفاً.
وبعد سقوط رئيس النظام السابق بشار الأسد في دمشق الشهر الماضي، هددت أنقرة بسحق وحدات حماية الشعب الكردية السورية المسلحة التي تعد جزءاً من قوات سوريا الديمقراطية التي تقول تركيا إنها امتداد لحزب “العمال الكردستاني”.
وتقول أنقرة إنه يتعين حل قوات سوريا الديمقراطية وطرد جميع الأعضاء الكبار في حزب “العمال الكردستاني” من سوريا وإلا فإنها ستشن هجمات، مما أدى إلى مفاوضات حول مستقبل قوات سوريا الديمقراطية الحليف الرئيس للولايات المتحدة في الحرب على تنظيم “داعش” في شمال شرقي سوريا.
وتدعو واشنطن إلى “انتقال منظم” لحلفائها الأكراد، وقال قائد قوات سوريا الديمقراطية إن أي أعضاء من حزب “العمال الكردستاني” سيغادرون سوريا إذا وافقت تركيا على وقف لإطلاق النار.
وقال مسؤول حزب “العمال الكردستاني” في بيان مكتوب إن الحزب إذا غادر سوريا، فإنه سيواصل المراقبة عن بعد، وسيعمل ضد القوات التركية أو يتخذ إجراءات بحسب ما تقتضي الحاجة.
وأضاف “سيتحدد مستقبل سوريا بعد الـ20 من الشهر الجاري فور تولي ترمب السلطة”، في إشارة إلى تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الإثنين المقبل.
مؤتمر في شأن سوريا في باريس
من جانب آخر قال قصر الإليزيه أمس الخميس إن فرنسا تعتزم عقد مؤتمر في شأن سوريا، في باريس يوم الـ13 من فبراير (شباط).
وذكرت الرئاسة الفرنسية عقب اتصال هاتفي بين الرئيس إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن الزعيمين ناقشا الوضع في سوريا.
وأضاف البيان “كرر زعيما البلدين التزامهما بدعم الانتقال السياسي العادل والشامل، الذي يحترم حقوق جميع السوريين”.
———————————-
حزب العمال الكردستاني يشترط مشاركة “قسد” بالحكم لمغادرة سورية
17 يناير 2025
قال مسؤول في حزب العمال الكردستاني إن الجماعة المسلحة ستوافق على مغادرة شمال شرق سورية إذا احتفظت “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، المتحالفة مع الولايات المتحدة، بدور مهم في قيادة مشتركة هناك. وذكر المسؤول في المكتب السياسي للحزب بشمال العراق، أمس الخميس، أن “أي مبادرة تؤدي إلى حكم شمال شرق سورية تحت سيطرة قوات سورية الديمقراطية، أو إلى أن يكون لها دور كبير في قيادة مشتركة، ستقودنا إلى الموافقة على مغادرة المنطقة”.
وقال مسؤول حزب العمال الكردستاني في بيان مكتوب إن الحزب إذا غادر سورية، فإنه سيواصل المراقبة عن بعد وسيعمل ضد القوات التركية أو يتخذ إجراءات حسبما تقتضي الحاجة، وأضاف المسؤول “سيتحدد مستقبل سورية بعد العشرين من الشهر الجاري فور تولي ترامب السلطة”، في إشارة إلى تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب يوم الاثنين القادم.
وتصنف تركيا والولايات المتحدة وأوروبا حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، ورفع الحزب السلاح على الدولة التركية منذ 40 عاماً في صراع أدى إلى مقتل أكثر من 40 ألفاً. وبعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في دمشق في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، هددت أنقرة بسحق وحدات حماية الشعب الكردية السورية المسلحة التي تعد جزءاً من “قسد” التي تقول تركيا إنها امتداد لحزب العمال الكردستاني. وتقول أنقرة إنه يتعين حل “قسد” وطرد جميع الأعضاء الكبار في حزب العمال الكردستاني من سورية، وإلا فإنها ستشن هجمات، ما أدى إلى مفاوضات حول مستقبل “قسد” الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية في شمال شرق سورية، وتدعو واشنطن إلى “انتقال منظم” لحلفائها الأكراد.
عنصران من “قسد” في القامشلي، 9 ديسمبر 2024 (دليل سليمان/فرانس برس)
ورغم نفي “قسد” الارتباط بحزب العمال الكردستاني، فإنّ قائدها مظلوم عبدي أقرّ في تصريحات صحافية، بوجود مسلحين أجانب في صفوف “قسد” معتبراً أنهم ساعدوهم في التصدي لتنظيم داعش، وزاعماً أن بعضهم عاد إلى ديارهم وبقي آخرون، وأن الوقت قد حان لعودتهم إذا جرى التوصّل إلى وقف لإطلاق النار. ومنذ سقوط نظام الأسد، تُرسل “قسد” رسائل إلى دمشق مبديةً فيها الاستعداد للتفاوض حول كل القضايا الخاصة بمستقبلها ومستقبل شمال شرقي سورية، بيد أن الإدارة الجديدة في سورية تتريّث كما يبدو في حسم خيارها، وتطالب “قسد” بدخول المنظومة العسكرية السورية وبقائها الجهة المسيطرة على الشمال الشرقي من البلاد، وهو ما يجد رفضاً حتى الآن من الإدارة الجديدة التي ترفض دخول تشكيلات كاملة إلى الجيش الجديد.
(رويترز، العربي الجديد)
————————
كردي سوري يفتتح مطعماً للمأكولات الإسرائيلية في ألمانيا رغم التهديدات
16 – يناير – 2025
يقدم علوجي الـ”بابا غنوج” على قائمة الطعام كطبق إسرائيلي، هو المعروف تاريخياً كطبق لبناني، سوري، فلسطيني..
فرايبورغ: رغم التهديدات ودعوات المقاطعة، يفتتح الكردي السوري بلال علوجي مطعماً في مدينة فرايبورغ الألمانية يحمل اسم “يافا.. مأكولات إسرائيلية طازجة”.
وفي وقت سابق، تناولت عدة وسائل إعلامية تفاصيل عن صاحب المطعم وخططه.
وكان يعتزم علوجي – الذي يقول إنه مسلم وكردي من سوريا – في البداية افتتاح مطعم سوري في حي “جوتربانهوف” في المدينة، ولكنه غيّر خطته لاحقاً، بحسب بياناته.
وأوضح علوجي أن السبب في تغيير الخطط كان خبراته في مطعم آخر في فرايبورغ، حيث كان يقوم بتقديم أطباق شرقية للزبائن.
Freiburg, BW. „Plötzlich kamen kaum noch Gäste“, als der „syrische Kurde“ Billal Aloge (48) das 1. israelische Gericht vorstellt, mit „Shitstorm mit Boykott-Aufrufen“, „doch immer mehr Juden kamen aus Solidarität ins Damasko’s und retteten das arabische Restaurant vor dem Ruin“. pic.twitter.com/trmb2ywWF5
— Der 𝒯𝒾𝓃𝓎 𝒟𝓁𝒟⁴². (@DerEgica) January 13, 2025
وبحسب روايته، لاقى علوجي استحساناً عندما وضع طبق الباذنجان “بابا غنوج” على قائمة الطعام “كطبق إسرائيلي” قبل نحو عام ونشر هذا أيضاً، لكنه لاقى أيضاً العديد من ردود الفعل السلبية.
وقال علوجي: “لم يعد يأتي زبائن إلى مطعمنا”، مضيفاً أنه منذ ذلك الحين أصبح مهتماً بقضية معاداة السامية، ولاحظ مدى قوتها في المجتمع.
وحتى في ظل الحرب في الشرق الأوسط التي خلّفت آلاف القتلى، يحمل المطعم الجديد رسالة، حيث قال علوجي، الذي يقيم في فرايبورغ منذ عقود: “أريد أيضاً أن أظهر أننا جميعاً نستطيع أن نعيش معاً بشكل جيد .. كما هي الحال في فرايبورغ”.
ولم يسبق لصاحب المطعم أن زار إسرائيل من قبل، لكنه أحضر طاهياً إسرائيلياً للعمل في مطعمه.
وعن سبب اختياره لـ “يافا” كاسم لمطعمه، قال علوجي: “إنها إشارة إلى مدينة تل أبيب الإسرائيلية، المدينة التوأم لمدينة فرايبورغ”.
وتأسست مدينة تل أبيب عام 1908 كضاحية حدائقية ليافا، ثم اندمجت مع يافا لتشكل بلدية عام 1950.
(د ب أ)
————————–
المدعي العام للجنائية الدولية يلتقي مع قائد الإدارة السورية في دمشق
تحديث 17 كانون الثاني 2025
دبي: أفادت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) بأن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، اجتمع مع قائد الإدارة السورية أحمد الشرع في دمشق.
وذكرت الوكالة أن “قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني يلتقيان وفدا من المحكمة الجنائية الدولية برئاسة كريم أحمد خان المدعي العام للمحكمة”.
قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني يلتقيان وفداً من المحكمة الجنائية الدولية برئاسة كريم أحمد خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.#سانا pic.twitter.com/LcZQkFiTts
— الوكالة العربية السورية للأنباء – سانا (@SanaAjel) January 17, 2025
(رويترز)
——————————
مُقلّد بشار الأسد يروي تفاصيل اعتقاله وتعذيبه
الجمعة 2025/01/17
كشف السوري المعروف بـ”أبو لورنس”، الذي اشتهر في بداية الثورة السورية، بتقليد رئيس النظام بشار الأسد، في مقطع فيديو يعلن فيه استقالته، تفاصيل مؤلمة حول اعتقاله وتعذيبه على يد الأجهزة الأمنية للنظام السوري.
ظهر أبو لورنس في الفيديو الساخر العام 2012 واضعاً صورة الرئيس المخلوع على وجهه، قائلاً العبارة الشهيرة: “أنا المواطن بشار حافظ الأسد أعلن استقالتي من رئاسة الجمهورية العربية السورية وهذه هويتي”. والعبارة كانت مستوحاة من الأجواء المشحونة آنذاك مع تزايد الانشقاقات في صفوف جيش النظام.
وروى أبو لورنس في مقطع فيديو أن اعتقاله كان نتيجة وشاية من أحد أصدقائه، الذي ينتمي لعائلة الأخرس، مضيفاً أن ذلك الصديق هو من شجعه على تصوير المقطع أثناء وجوده في مصر العام 2012، وبعد عودة أبو لورنس إلى دمشق، تم اعتقاله وضربه بشكل مبرح قبل اقتياده إلى “فرع الخطيب” الأمني المعروف بسمعته السيئة.
وقضى أبو لورنس ثلاثة أيام في الحبس الانفرادي قبل أن يخضع لأول تحقيق، ليكتشف أن صديقه سلم الفيديو للأجهزة الأمنية، وهناك تعرض أبو لورنس للضغط والتهديد بوالدته، ما أجبره على توقيع اعترافات قسرية لينقل بعدها إلى الفرع 223، واعتقل لمدة شهرين في زنزانة منفردة تعرض خلالها للتعذيب والإهانة.
وتحدث أبو لورنس عن المبالغ المالية الطائلة التي دفعها والده لإخلاء سبيله وصلت في العام 2012 إلى 145 مليون ليرة سورية، إذ اضطر الأب لبيع منزله لتأمين الأموال. والمأساة الكبرى كانت في اكتشاف أن الضابط الذي ساعد في إطلاق سراحه كان والد الصديق الذي وشى به وساهم في اعتقاله!
ولم تتوقف مأساة أبو لورنس هنا، فاعتقل مرة أخرى العام 2017 مجدداً بتهمة الإرهاب الفردي بسبب مقطع الفيديو الساخر نفسه، وتم تحويله إلى فرع في “آمرية الطيران”، وهناك كان يجبر على تقليد صوت بشار الأسد بهدف الترفيه عن السجانين، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، نُقل إلى “سجن عدرا المركزي”، حيث قضى ثمانية أشهر أخرى قبل أن يتم إطلاق سراحه، ما جعل أبو لورنس يقرر مغادرة سوريا نهائياً إلى السويد ومنها إلى ألمانيا، حيث قدم طلب اللجوء وبدأ حياته الجديدة بعيداً من الملاحقة والاضطهاد.
المدن
—————————-
رحيل المسرحي السوري فرحان بلبل: رائد المسرح العمالي
الجمعة 2025/01/17
توفي الكاتب والمخرج المسرحي السوري فرحان بلبل، عن عمر ناهز 88 عاماً.
وُلد بلبل في مدينة حمص العام 1937 ونشأ في أسرة عُرفت بالعلم والثقافة، وكرّس حياته لتطوير المسرح في سوريا.
كان رائداً في المسرح العمالي، إذ أسّس فرقة المسرح العمالي في حمص العام 1973، والتي قدمت أعمالاً أثرت الساحة الفنية وأثارت نقاشات مجتمعية واسعة.
تميز بلبل بأسلوبه الخاص الذي جمع بين الواقعية والتجديد الفني، وكتب وأخرج عشرات المسرحيات، منها “الجدران القرمزية” و”لا تنظر من ثقب الباب”، كما ألّف أكثر من 44 مسرحية و15 كتاباً في النقد المسرحي، إلى جانب تدريسه في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق.
كتب الشاعر فرج بيرقدار في “فايسبوك”:
طوال عمري وأنا أكره المدرسة وكسول في معظم المواد. كنت أفضل الجلوس في المقاعد الأخيرة لأتفرغ لقراءاتي وكتاباتي الخاصة. في البكالوريا كان أستاذ العربي هو الكاتب والمخرج المسرحي فرحان بلبل. في ختام درسه الأول قال لي: أريدك غداً أن تجلس هنا، مشيراً إلى المقعد الأول في منتصف القاعة. في ذلك العام أعدتُ بفضله تأسيس علاقتي باللغة والشعر. ذات يوم أعطيته بضع قصائد لي كي أستفيد من توجيهاته. في اليوم التالي طلب مني أن أنتظره بعد انتهاء الدوام لنغادر معاً. ما إن أصبحنا خارج المدرسة حتى قال: في المدرسة أنا أستاذ وأنت طالب.. أمّا خارج المدرسة فنحن زميلان، ثم سألني إن كان وقتي يسمح بأن أرافقه إلى بيته، فوافقت مع كثير من الخجل والامتنان. طمأنني إلى أني شاعر وأن أمامنا أحاديث كثيرة في هذا الشأن، وحدثني عن فرقته المسرحية ثم التقيت بأعضائها. لقد كانوا حقاً خير مدرسة وأسرة إبداعية أعايشها في حياتي. فرحان بلبل المعلِّم والأخ والصديق والمبدع مسرحاً وشعراً وتدريساً ونقداً وإخراجاً.. نعم فرحان بلبل رحل اليوم عن دنيانا تاركاً لنا عزاءات طيبة من الأبناء والبنات والكتب والذكريات. لروحك السلام يا معلمي، ولذكراك المجد، ولجميع محبيك أن يحزنوا عليك، وأن يتباهوا بك، وأن يستضيئوا ويستظلوا بكل ما تركت.
وكتب موفق نيربية: حلّق في عالم آخر!
فرحان بلبل كان أستاذي في الأدب العربي في عام واحد من المرحلة الثانوية، لكنه كان صديقاً طوال عمري.. لم يتوان عن شتمي بلسانه القارص حين صادفته في ساحة محطة الحجاز في العام 1968، ولم أعرفه للوهلة الأولى بلباسه العسكري حين كان في خدمته العسكرية. في ما بعد، كان جاراً لنا في حمص. شتمني حين علم أنني درست الهندسة وليس الأدب كما كان يراني… ندمت كثيرا بعدها على ذلك! كان ابناً باراً وأصيلا. لحمص، ولعائلته ذات الباع الطويل في التصوّف، وللشعر العربي وللمسرح … وللجمال!
نعزي الثقافة والمسرح السوريين، وحمص العدية، وأم عمار وعمار وعفراء وسعاد وسمر ونوار وأصهاره صبحي حمدون وعبد القادر الحبال وأحفاده.. وكلهم نجوم في حياتنا السورية!
المجد والخلود لك يا أبا عمار!
المدن
———————————-
تدفق المهجرين واللاجئين..يرفع إيجار المنازل في دمشق وريفها 100%
محمد كساح
الجمعة 2025/01/17
على الرغم من بحثه الدؤوب عن شقة سكنية في الأحياء ذات الإيجار المتوسط في دمشق، لم يحصل عبد الرؤوف على طلبه بسبب الأزمة السكنية الخانقة التي تعيشها العاصمة، في ظل عودة المهجّرين والمغتربين، وتعرض أحياء ومدن كاملة في دمشق وريفها للدمار الجزئي والكلي خلال سنوات الحرب السابقة.
ويقول عبد الرؤوف لـ”المدن” إن الطلب على الشقق السكنية ضاعف من أسعار الإيجارات حيث يطلب ملاك البيوت أجرة مسبقة لستة أشهر أو سنة كاملة، وسط ندرة المنازل الجاهزة للسكن، بينما يشير إلى أن “المنازل متوفرة نسبياً في الأحياء الراقية مثل المزة وأبو رمانة والمالكي، لكن الإيجارات في تلك الأحياء فلكية”.
أرقام فلكية
ورصدت “المدن” الأرقام المضاعفة للإيجارات في كل من دمشق وريفها، وبلغت نسبة الارتفاع في معظم الأحياء والمدن بين 70 في المئة وحتى 100 في المئة، وهي سابقة تهدد آلاف المستأجرين الذين باتوا يواجهون أكلافاً مالية مرهقة بسبب لجوء الملاك إلى رفع الإيجارات.
واضطرت عزيزة، إحدى المقيمات في باب مصلى وسط دمشق، إلى دفع مبلغ مضاعف لأجرة المنزل الذي تقطنه، بعد تهديد صاحب المنزل بإخراجها منه إذا لم تدفع الأجرة الجديدة، وتقول لـ”المدن” إن المؤجّر أخبرها بشكل صارم: “لقد رفعنا الإيجار، وإذا لم يعجبكم الرقم عليكم إخلاء المنزل”.
وتبدأ الإيجارات الجديدة في دمشق من مليون و500 ألف ليرة في الأحياء المنكوبة أو المتاخمة لها، كما يبلغ المعدل الوسطي لإيجار شقة مكونة من 3 غرف وصالون إلى 5 مليون ليرة، بينما يصل إيجار شقة سكنية بمساحة 200 متر في حي المزة فيلات إلى 15 ألف دولار سنوياً على أن يكون الدفع سلفاً، وهو ارتفاع غير مسبوق تسجله الإيجارات في العاصمة.
ويعزو أحد وسطاء العقارات هذا الارتفاع إلى أسباب عديدة مثل عودة المغتربين وجمود حركة المقاولات وبناء البيوت. ويوضح ل”المدن” أن أصحاب البيوت يلجؤون إلى “تثبيت التسعيرة السابقة للإيجار والتي كانت بالليرة السورية لكن مع اعتمادها بالدولار، وبما أن سعر صرف الليرة قد تحسن بشكل كبير في الأيام الأخيرة، فقد تم تحميل هبوط الدولار على الإيجار”.
الدفع ل6 أشهر
وفي الريف الدمشقي، لاسيما المدن المنكوبة بسبب من قبل النظام المخلوع، سجلت أسعار الإيجارات ارتفاعاً مماثلاً، حيث يؤكد سكان ووسطاء عقارات ل”المدن” زيادة الطلب الكثيف على استئجار المنازل والمزارع بسبب عودة مئات المهجّرين واللاجئين إلى مدنهم الأصلية.
ويقول محمود وهو مدير مكتب عقاري من المعضمية ل”المدن” إن إيجار المنزل الذي كان لا يتجاوز 700 ألف ليرة تضاعف إلى قرابة مليون ونصف المليون، وسط ندرة البيوت المعروضة للإيجار بخلاف المنازل المعروضة للبيع.
وبخلاف العاصمة، لا يشترط ملاك البيوت المؤجرة أن يكون مبلغ الإيجار بالدولار، لكن الدفع في الأغلب لمدة ستة أشهر على الأقل، حيث يوضح صاحب مكتب العقارات أن “هذا الشرط لتلافي أي هزة قد تصيب سعر الصرف نظراً لعدم استقراره حتى الآن”.
وذكر مهجرون عديدون ل”المدن” أن ارتفاع الإيجارات في العاصمة وريفها يضطرهم إلى تأجيل الانتقال من إدلب وإعزاز والباب وهي المناطق التي تشهد الكثافة الأكبر للمهجّرين “الشوام”، حيث يفضل قسم كبير منهم الإقامة في الشمال ريثما يتم إيجاد منازل أرخص، أو ترميم بيوتهم المتضررة في حال كان دمارها جزئياً.
———————————
واشنطن تتوقع اتفاق سلام بين إسرائيل وسوريا..في السنوات المقبلة
الجمعة 2025/01/17
توقّعت مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف، وصول إسرائيل وسوريا إلى “اتفاق سلام” خلال السنوات المقبلة، فيما أجرى قائد القيادة المركزية الجنرال مايكل كوريلا، زيارة إلى القواعد الأميركية في شمال شرق سوريا، هي الأولى منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
سلام مع إسرائيل
وقالت ليف إن اللقاء الذي جمعها مع قائد الإدارة السياسية الجديدة في سوريا أحمد الشرع، “كان بناء وواضحاً”، موضحةً أنها ناقشت معه مواضيع مختلفة، بينها “داعش ومستقبل الحوكمة والعقوبات الأميركية”، فيما توقّعت أن تصل إسرائيل وسوريا إلى اتفاق سلام خلال السنوات المقبلة.
وكان وفد أميركي برئاسة ليف، زار العاصمة دمشق بعد نحو أسبوعين على الإطاحة بنظام الأسد، حيث التقت مع الشرع في قصر الشعب، وذلك قبل أن تصدر الولايات المتحدة، بعد اللقاء بأيام، إعفاءات من العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا.
وذكرت ليف أن “الشرع تعهد بالمساعدة في العثور على الصحفي الأميركي المفقود في سوريا أوستن تايس، ولكن ما زلنا لا نعرف مكانه بعد”، حسب موقع قناة “الحرة”.
وفيما يتعلق بالتوترات في الشرق الأوسط، قالت ليف إنها لا تعتقد أن إسرائيل ستستهدف المنشآت النووية الإيرانية لأنها غير قادرة على ذلك بمفردها دون دعم أميركي. وأضافت أنه من الصعب التأكيد أو نفي أن يكون النظام الإيراني بنفس هشاشة نظام بشار الأسد المخلوع.
زيارة كوريلا
في الأثناء، أعلنت القيادة المركزية الأميركية عن زيارة قائدها الجنرال مايكل كوريلا، إلى شمال شرق سوريا، وذلك من ضمن جولة استمرت 8 أيام، شملت البحرين والسعودية وحاملة الطائرات الأميركية “هاري إس ترومان” في البحر الأحمر، إلى جانب مصر ولبنان والعراق والأردن وإسرائيل.
وقالت القيادة في بيان، إن كوريلا التقى بقادة عسكريين أميركيين ومسؤولين في قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في سوريا، موضحةً أن هدف الزيارة هو “الحصول على تقييم حول الحملة المستمرة لهزيمة داعش، والجهود المبذولة لمنع عودة التنظيم الإرهابي في المنطقة، وكذلك لمتابعة الوضع المتغير في سوريا”.
وأكد على التزام القيادة المركزية بتحقيق الهزيمة الدائمة لداعش وحماية أفراد القوات الأميركية والتحالف الدولي، إلى جانب تحقيق الاستقرار في جميع أرجاء المنطقة وما بعدها، حسب البيان.
وتفقد الجنرال الأميركي مخيم الهول في شمال شرق سوريا، والذي يضم نازحين مرتبطين بتنظيم “داعش”، وأفراد من عائلات مقاتليه، مؤكداً على أنه “من دون جهود دولية لإعادة التوطين والتأهيل والدمج، فإن هناك خطراً أن تصبح هذه المخيمات بيئة لتنشئة جيل جديد من داعش”.
كما أكد على أن القيادة الأميركية “تركز على دعم إعادة توطين سكان مخيمي الهول والروج إلى بلدانهم الأصلية”، مشدداً على “التزامها بالعمل مع المجتمع الدولي لنقل مقاتلي داعش إلى دولهم الأصلية، لاتخاذ الإجراءات القانونية النهائية بحقهم”.
المدن
——————————
خالد زيادة: الهوية الوطنية السورية بحاجة إلى ترميم
حاوره: محمد حجيري
الجمعة 2025/01/17
مع التحولات والتغيرات الدراماتيكية في سوريا ولبنان بعد سقوط نظام بشار الأسد، لا بدّ من استطلاع آراء المفكرين والكتّاب والمثقفين، حول الحاضر والمستقبل. هنا حوار مع المؤرخ والدبلوماسي خالد زيادة، صاحب المؤلفات الكثيرة والبارزة والذي عاصر التجارب والتيارات السياسية والفكرية.
– بعد انتخاب جوزاف عون، هل نحن أمام شهابية جديدة؟ ما المقومات الأساسية لنجاح شهابية جديدة في هذه المرحلة؟
* تحدث الرئيس عن بناء الدولة، وأنه لم يأت للإشتغال بالسياسة وهذا يدل على إدراك عميق للحظة التي نعيشها، وضرورة الخروج من السياسات الضيقة، وفي نفس الوقت تجاوز كل المعوقات التي حالت حتى الآن دون بناء الدولة، وبمعنى آخر استعادة الدولة التي تقاسمتها الأحزاب والتيارات.
والمقارنة بين العهد الحالي والعهد الشهابي يعبّر عن توق اللبنانيين إلى عودة المؤسسات إلى العمل، وعلى سبيل المقارنة فإن الرئيس فؤاد شهاب جاء من المؤسسة العسكرية بعد صراع استمر أقل من ثلاثة أشهر، انتهى عمليًا بعد انقلاب 14 تموز في العراق الذي قوّض حلف بغداد، أما الرئيس جوزيف عون فقد انتخب بعد سقوط حكم بشار الأسد في 7 كانون الأول 2024، الذي كان تعبيرًا عن سقوط النفوذ الإيراني. إلا أن الرئيس عون لم يأت بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان فحسب، بل أنه يأت بعد خمسين سنة 1975-2025، من الصراعات العنيفة العسكرية والسياسية والوصاية السورية والإيرانية.
لقد استفاد الرئيس شهاب من التفهم العربي لوضع لبنان، في زمن الوحدة السورية- المصرية، والنفوذ الطاغي للناصرية. وما الاجتماع الذي جمع بين الرئيسين شهاب وعبد الناصر في خيمة على الحدود السورية اللبنانية سوى الإشارة إل احترام عبد الناصر لخصوصية لبنان وسيادته. واليوم فإننا نلمح تفهمًا لوضع لبنان من خلال الرعاية العربية ووعود الإدارة الجديدة في سوريا بعدم التدخل في الشؤون اللبنانية.
إن المهمة الملقاة على عاتق الرئيس جوزاف عون وحكومة الرئيس نواف سلام الموعودة هي أصعب من تلك التي كانت في عهد الرئيس فؤاد شهاب. فلم يواجه الرئيس شهاب معارضة في بناء المؤسسات (مصرف لبنان- مجلس المشاريع الانشائية- التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية- كليات الجامعة اللبنانية الخ)، أما اليوم فإن إعادة العمل والروح إلى المؤسسات تواجه نظامًا من الفساد من الأعلى إلى الأدنى. وهيمنة الطائفية والنزعة الميليشياوية. إن نقطة التفاؤل تتجسد في دعم اللبنانيين للخطوات التي يتخذها العهد في هذا الصدد. لقد ملّ اللبنانيين من انقطاع الكهرباء والماء وسوء الإدارة وتدهور الخدمات.
– هل لامست غياب الوسط الثقافي أو غياب النخبة الثقافية عن المشهد الرئاسي، ما عدا ترشيح شبلي الملاط؟
* من حيث المبدأ ليس للمثقفين أن يخوضوا في السياسة المباشرة والتنافس على المناصب وليس من الضروري أن يكون المثقف سياسيًا بالمعنى الحرفي للكلمة. لكن ما شهدناه في لبنان انجراف عدد لا بأس به من المثقفين في الاستقطاب الطائفي والحزبي، وكليات الجامعة اللبنانية شاهد على ذلك. وإذا عدنا إلى فترة الستينات من القرن الماضي يمكننا ملاحظة صعود دور المثقفين بحيث أصبحت بيروت عاصمة الثقافة العربية المنوعة والتعددية. وقد استطاعت بيروت أن تستمر بلعب دورها الثقافي في سنوات الحرب واستعادت بعد الحرب (في تسعينيات القرن الماضي) نشاطًا ثقافيًا بارزًا، ولكن هذا الدور تراجع خلال العقدين الأخيرين لأسباب تحتاج إلى تحليل عميق.
وبالعودة إلى علاقة المثقف بالسياسة، فإننا نحتاج إلى عودة لدور المثقف في تقديم الرؤى المتعلقة بالنظام السياسي، والعلاقات مع العالم العربي والتعددية وغير ذلك من المسائل التي هي في صلب عمل المثقف. وبهذا المعنى يمكن للمثقف أن يكون وزيرًا في مجال اختصاصه.
– هل فوجئت بسقوط نظام الأسد في سوريا؟
* لقد فوجئت بالسرعة التي سقط فيها الأسد، وقد تبيّن انه لم يكن ثمة نظام ولا مؤسسات ولا جيش. لقد تحولت السلطة في سوريا إلى ما يشبه العصابة على حد تعبير أحد سفراء الأسد نفسه. وأحد الأسباب التي كانت تستبعد التغيير في سوريا، هو الإحباط الذي نجم عن إخفاق الثورة السورية في إزاحة الأسد، وبسبب ما ظهر من محاولات عربية لإعادة تعويمه. وفي جميع الأحوال، فإن سقوط الأسد ينهي حقبة مديدة امتدت لأربع وخمسين سنة، وهي تزيد على أكثر من نصف عمر الدولة السورية الحديثة.
– مسار التغيير الدراماتيكي في لبنان وسوريا… إلى أين يأخذك فكريًا؟
* مهما يكن من أمر، وبالرغم من الصعوبات والعقبات وما تراكم من مشكلات خلال ما يزيد على نصف قرن من الزمن. فإن تغييرًا كبيرًا قد حدث ويمكنه أن يفتح آفاقًا جديدة عنوانها علاقات تحترم السيادة والاستقلال، وتسوية مشكلات الحدود، واللاجئين. والتغيير الذي حدث خلال أشهر قصيرة بدّل المشهد السياسي في المنطقة وبدّل من توازن القوى الذي يدعونا إلى التفكير بالكلفة الباهظة للطموحات الإقليمية وانعدام السلام بسبب العدوانية الإسرائيلية.
– كيف ترى مستقبل الإسلام السياسي في سوريا وهل يمكن لأدواته أن تبني دولة وتحكم؟
* ثمّة شيء من الغموض في هذا المجال، وبالمقارنة مع ما حدث في مصر وتونس، فإن الأمور لا تبشّر بمستقبل زاهر، والصورة التي يقدمها رئيس الإدارة الجديدة لا تعكس بالضرورة تطلعات وطرق تفكير الإسلاميين. لكن سوريا ليست مصر وليست تونس، نظرًا للنسيج السكاني التعددي. وهو ليس نسيج أكثرية وأقلية (حسب لغة القناصل الجدد الذين استيقظوا الآن لحماية الأقليات حسب تصاريحهم). بل هو نسيج واحد، عاشت أجزاؤه في الماضي، وساهمت على قدم وساق في الحركة الوطنية والثورة السورية. فهل يمكن القول أن سلطان باشا الأطرش وزكي الأرسوزي وميشيل عفلق وخالد بكداش هم من الأقليات بالرغم من مساهماتهم في بناء الوطنية السورية الحديثة.
إن ما تعانيه سوريا، وساهم حكم الأسد فيه هو التفاوت بين المناطق السورية والسكان الذين يتوزعون بين أهل المدن وأهل الريف، وكذلك الذين يتحدرون من البادية ولا تزال روح العشيرة تتحكم بمجتمعاتهم، والمهمة في سوريا تكمن في تنمية المناطق التي تحتاج إلى خدمات التعليم والصحة والعمل، ولا تزال إعادة صياغة المواطنة على أسس المساواة بين المواطنين في تنمية المناطق التي تحتاج إلى خدمات التعليم والصحة والعمل.
– انطلاقًا من كتابك “مصر الهوية والثقافة”، كيف تقرأ واقع المثقف في سوريا، إذ تبدو الثقافة السورية شبه غائبة… أو باختصار ما نظريتك لـ”سوريا الهوية والثقافة”؟
* الواقع لا يدهشني كثيرًا في غياب ما سميته المثقف في سوريا، لكني أستغرب حتى الآن التردد والإحجام الذي يبديه أولئك الذين كانوا في بداية الثورة العام 2011، يعتبرون أصحاب الصوت الأعلى، وأعني بذلك الذين كانوا يعبّرون عن تطلعات إلى الديموقراطية وإقامة حكم مدني. وإذا كنا نريد أن نشير إلى “سوريا الهوية الثقافية”، فمن البديهي القول بأن العروبة قد نشأت في سوريا مع الحكومة العربية بقيادة الأمير فيصل بن الحسين (1918-1920)، والتي انتهت بمعركة ميسلون التي أصبحت رمزًا للنضال ضد الاستعمار. ومع الأربعينيات من القرن الماضي، تحولت العروبة إلى قومية عربية راديكالية متأثرة بالتيارات القومية في أوروبا. كانت قيادة حزب البعث منوعة دينيًا وضمّت أعضاء من المدن والأرياف والبوادي، في نفس الوقت الذي ظهر نشاط الحزب القومي السوري والحزب الشيوعي.
ومن الملاحظ أن المثقفين السوريين والأدباء والمفكرين قد استقطبتهم التيارات الأيديولوجية وخاضوا صراعات عقائدية إلى الحد الذي صار الشاعر أو الروائي أو المفكر يصنّف تبعًا لانتمائه الحزبي. وقد أدّى ذلك إلى افتقار الإنتاج في مجال الفكر والتاريخ والاجتماع إلا في ما ندر. ومنذ الستينيات أصبح نظام الحزب الواحد يراقب الإنتاج الفكري والأكاديمي إلى حد انعدام هذا الإنتاج، مع سياسة تمييز بين المواطنين بنسبة الولاء للسلطة. ولهذا السبب فإن سياسات مماثلة في عدد من الدول العربية قد أدت إلى نمو المشاعر الدينية وبروز الجمعيات والمنظمات ذات التوجه الإسلامي.
إن ما نقوله بعبارات مختصرة يحتاج إلى تحليل طويل. ويمكننا القول بأن الهوية الوطنية في سوريا بحاجة إلى ترميم وهو أمر قد لا يحتاج إلى مجهودات كبيرة، ذلك أن الأمور بعد أسابيع قليلة على التغيير الكبير الذي حدث تدعو إلى نوع من التفاؤل المبني على رغبة عارمة من السوريين لاستعادة وطنهم وانتمائهم. والاحتضان العربي حاسم في استعادة موقع سوريا في الجغرافيا العربية.
– أنت الخبير في التاريخ التركي أو العثماني، ما الدور الذي يمكن أن تؤديه تركيا الأردوغانية في سوريا بعد سقوط الأسد، ودعمها الفصائل السورية؟ وهل هي قادرة على إرشاد أو رعاية أسلمة معتدلة؟
* أعتقد أن الدور التركي الحاسم قد أنجز، نظرًا للدعم الذي حصلت عليه الفصائل المسلحة في ادلب وعلى رأسها هيئة تحرير الشام من جانب حكومة الرئيس أردوغان، وما كان بالامكان أن يتم اسقاط الأسد بهذه السرعة، والأمر الذي يشغل الاتراك هو “قسد” (قوات سوريا الديمقراطية) أكثر من أي أمر آخر.
أما الكلام الشائع عن دور تركي في سوريا، فهو ناتج عن مقارنة بين تركيا والدور الذي لعبته ايران في سوريا. والمقارنة خاطئة، فليس لتركيا أهداف مماثلة لما كان لإيران في سوريا ولبنان. ثم أن النظام في تركيا بالرغم من توجهه الإسلامي فهو ليس نظاماً عقائدياً. لا أجرّد تركيا الأردوغانية عن خدمة أغراضها السياسية والاقتصادية في سوريا.
وبخصوص دعم التوجّه الإسلامي، أذكر أن الرئيس أردوغان قد زار مصر عام 2012، خلال الحكم الأخواني محمود مرسي، وقد استقبل استقبالاً لائقًا. وقد التقى قياداتهم ونصحهم باتباع سياسة واقعية، لكنهم لم يقتنعوا وودعوه وداعًا فاترًا معبرين عن عدم رضاهم.
المدن
———————————-
تصريحات آل ثاني في مؤتمر دمشق
“سيدي الرئيس”.. وصف رئيس وزراء قطر الشرع بـ”الرئيس” يثير تفاعل السوريين
تحديث 17 كانون الثاني 2025
إيلاف من دمشق: تفاعل العديد من السوريين مع المؤتمر الصحفي المشترك لرئيس الإدارة الجديدة أحمد الشرع ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في دمشق على خلفية التوصيف الذي وجهه المسؤول القطري للشرع خلال المؤتمر.
وبعد أن أكمل الشرع كلامه وطلب من الوزير القطري البدء بالكلام، شكر آل ثاني الرجل وقال له “شكرا سيدي الرئيس”.
وتعرف وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” الشرع بأنه قائد الإدارة السورية الجديدة، وليس الرئيس الحالي للبلاد.
وأثار التوصيف الذي أطلقه رئيس الوزراء القطري على الشرع تفاعل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
فعلى منصة “إكس” كتب مستخدم إن سماع هذه الكلمة “تشعرك… بأن من يمثل بلدك حريص عليها”، حسب تعبيره.
وفي فيسبوك كتب مستخدم آخر إن العبارة التي قالها الوزير القطري “لخصت محبة قطر لانتصار أبناء الثورة السورية”.
وكان آل ثاني وصل الخميس إلى مطار دمشق الدولي لإجراء محادثات موسعة مع الشرع وفقا للمتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية.
وخلال المؤتمر الصحافي المشترك بينهما أكد آل ثاني استعداد بلاده لمساعدة السلطات السورية الجديدة على تشغيل البنى التحتية الرئيسية التي تقدم الخدمات العامة بما فيها الكهرباء.
كذلك ذكر المسؤول القطري إن استيلاء إسرائيل على المناطق العازلة مع سوريا هو “تصرف أرعن ومدان ويجب عليه الانسحاب بشكل فوري”.
بدوره أشار الشرع إلى أن بلاده تعول في هذا الصدد على “دعم” قطر التي أدت دور الوسيط المحوري الى جانب الولايات المتحدة ومصر في المفاوضات من أجل التوصل الى وقف إطلاق نار في غزة.
وأوضح الشرع أن “الكل يجمع على خطأ التقدم الإسرائيلي في المنطقة ووجوب العودة الى ما كانت عليه قبل التقدم الأخير”.
وتعد قطر الدولة الخليجية الوحيدة التي أبقت طوال سنوات النزاع السوري على موقفها المناهض للرئيس المخلوع بشار الأسد.
وإثر وصول السلطة الجديدة الى دمشق، كانت قطر ثاني دولة بعد تركيا أعلنت فتح سفارتها في العاصمة السورية.
وتسعى قطر الى نسج شراكات مع السلطة الجديدة التي تواجه تحديات كبيرة خصوصا في ما يتعلّق بإعادة تأهيل البنى التحتية وإعادة الإعمار بعد سنوات الحرب الطويلة.
—————————
بعد عودته إلى دمشق.. جمال سليمان يدعو للتمييز بين العدالة والانتقام/ وسام كنعان
17/1/2025
دمشق- بعد أيام قليلة من اندلاع الثورة السورية على نظام بشار الأسد في 15 مارس/آذار 2011، اختار الممثل جمال سليمان الوقوف إلى جانب المطالب الشعبية، وأطلق مع عمّه وزير الإعلام السابق محمد سلمان ومجموعة من رجالات السياسة مبادرة وطنية لطرح خارطة حلّ شاملة للأزمة التي كانت تعصف بالبلاد.
حينئذ، تحول سليمان إلى خصم للنظام الذي أطلق أصناف التهديد والوعيد، مطالبا إياه بالتراجع عن مواقفه التي “توهن من عزيمة الأمة وتضعف الشعور القومي” بحسب التهمة الشهيرة لمعارضي النظام، فاختار المغادرة إلى مصر.
الأسد شخصيا اعتبره “عدوًّا مباشرًا”، وصنّفه لاحقًا “خائنا”، بل طلب ذات مرة من مستشارته بثينة شعبان التواصل مع إحدى القنوات الفضائية المقرّبة من إيران لاستنكار استضافة نجم مسلسل “صلاح الدين” على شاشتها.
مرت الأيام وكان سليمان دائم الحديث عن حتمية انهيار نظام الأسد، مؤكدا أنك “لن تلمح بعدها جيش الشبيحة الذين يرهبون الناس، سيكون هؤلاء أول الهاربين”.
وبعد شهر من سقوط النظام وفرار الرئيس المخلوع بشار الأسد إلى روسيا، عاد الممثل السوري إلى بلاده التي غاب عنها قسرًا 13 عامًا، ليستقبله مجموعة من أصدقائه وعدد كبير من الصحافيين وناشطي شبكات التواصل الاجتماعي.
في حواره مع “الجزيرة نت”، يعرب جمال سليمان عن سعادته البالغة برجوعه إلى وطنه، والاستقبال الحافل والترحيبات المنكّهة بالمودة العميقة، فلعلّ المكسب الأبرز لأي فنان أن يراكم محبة لدى الناس مع تعاقب الزمن.
ويضيف “أبهى أنواع الفرح أن تجد في استقبالك أصدقاء كانوا يتجنّبون التواصل معك خشية الاستدعاء الأمني والاعتقال التعسفي من نظام مجرم، وكنتُ أحرص على عدم تعريضهم للخطر وربما هذه اللحظة العارمة سيشوبها حزن شخصي بليغ، إذ سأقصد قبر والدي اللذين توفيا دون أن يتاح لي توديعهما أو إلقاء النظرة الأخيرة عليهما أو حضور تشييعهما”.
وحول تصريح أطلقه سنة 2015 أكد فيه قرب عودته إلى دمشق، يعلق سليمان “قلت وكررت مرارًا أنني عائد إلى بلدي الكريم بطريقة حرّة ليست ذليلة ولا هي بمثابة عودة إلى بيت الطاعة كما كان يأمل النظام! ها نحن نتحاور معكم من مقهى شعبي في قلب دمشق، بعد أن زالت كل أسباب إبعادي عن بلدي. الفكرة أن النظام كان يروّج بأننا سنعود صاغرين معتذرين ونطلب العفو!”.
ويستنكر “تخيّلوا أن تطلب الصفح ممن أجرم بشعبك وتاريخ بلادك وحاضرها ومستقبلها!”.
ورغم المآسي والظروف الصعبة التي يعيشها أغلب السوريين منذ سنوات، يُرجع بطل مسلسل “التغريبة الفلسطينية” فرحة المواطنين واحتفالاتهم المستمرة “إلى انتصار الحق على الباطل وتحقيق غاية الشعب وإرادته، وبدء عودة الناس ولمّة أهل البلد في بلدهم لأول مرة منذ اندلاع الثورة. فالسوريون كانوا يختارون أوطانًا بديلة وأماكن غير بلدهم، ليلتقوا فيها وهذا ما كنت أفعله مع إخوتي وعددنا 7، لكن لم يبق منّا سوى شقيقتين هنا في الشام”.
وعمّا إذا كان يتواصل مع شقيقتيه في عهد النظام المخلوع، يقول “طبعًا كنت أخاف عليهن لكننا لم نعدم الوسيلة، وإحداهن فصلت من وظيفتها الحكومية بسبب تواصلها معي وتأييدها مواقفي”.
أما على الصعيد المجتمعي والسياسي، فيقول سليمان إنه يركز جهوده على طرح أفكاره نحو التداول العام، “وترتكز تلك الأفكار على أن سوريا اليوم بحاجة الخبرات والطاقات والأطباء ورجال الاقتصاد”.
وعن دور الفنانين في بناء مستقبل سوريا، يقول “تنتظرنا مهمات وتحديات كبيرة في البلد اليوم لأن النظام تركها منهكة ومرهقة اقتصاديا، ومتردية خدميا، ومنقسمة اجتماعيا. اليوم تحتاج الهوية الوطنية السورية لترميم وإعادة صياغة، لذا كلنا معنيون بحوار وطني واسع وشامل همّه لمّ الشمل وتحقيق العدالة الانتقالية لتهدأ أرواح كل الشهداء ومن قضى نحبه، وليشعر ذووهم باسترداد جزء من حقوقهم”.
ويضيف الفنان البالغ من العمر 65 عاما “لا بد من عقد مصالحة وطنية تتخطى الخطاب الطائفي المقيت واستحضار فكرة أن كلنا خطاؤون وربما ارتكبنا بذريعة الخوف وسوء التقدير بعض الأخطاء فعلا، لكن لا بد أن نغفرها لبعضنا، وأن تميّز المصالحة أيضًا بشكل صريح بين العدالة والانتقام، وتوضح الفروق بينهما”.
ويشدد “لا بد من وأد الخطاب الطائفي المقيت لأننا بحاجة بعضنا جميعا كسوريين، ويجب أن يكون تحقيق العدالة كفيلا بعدم التغاضي عن جرائم لا يمكن تلافي آثارها وعواقبها الوخيمة. كنا نعيش ضمن أعتى ممالك الخوف.. ومع هذا التغيير الجذري علينا تجاوز ما يمكن تخطّيه لننتهز الفرصة التاريخية باستعادة بلادنا وبنائها من جديد”.
أخيرًا، لا يخفي نجم مسلسل “الفصول الأربعة” أمنياته بأن يلحقه أغلب زملائه من نجوم الدراما السورية المعارضين إلى دمشق، ممن اضطروا إلى مغادرة بلادهم “وحان وقت عودتهم الآمنة والطويلة”.
المصدر : الجزيرة
—————————-
علي حيدر.. جزار جسر الشغور وذراع حافظ الأسد/ محمد شعبان أيوب
16/1/2025
في كتابه “الصراع على السلطة في سوريا” يقول المؤرخ والدبلوماسي الهولندي نيكولاس فان دام إن حافظ الأسد بعد سيطرته على السلطة في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1970 اعتمد بصورة كبيرة على جماعة من الضباط التابعين له، وقد سيطرت هذه الجماعة على مراكز إستراتيجية مهمة في القوات المسلحة.
ومن اللافت أن أغلبهم كانوا من العلويين، ولئن تقلد الضباط التابعون لطوائف دينية غير علوية مهام عسكرية عليا من حيث الشكل إلا أنهم لم يكونوا في وضع يشكل أي تهديد لحافظ الأسد الذي كان قادرا مع الضباط العلويين هؤلاء على قمع أي بادرة عصيان.
ويضرب فان دام بعض الأمثلة للتدليل على صحة وجهة نظره هذه، فاللواء ناجي جميل -وهو سني من دير الزور- كان يرأس سلاح الجو السوري منذ نوفمبر/تشرين الثاني 1970 حتى مارس/آذار 1978، ورغم ذلك لم يكن في استطاعته استخدام السلاح الجوي بفاعلية في أي عصيان عسكري ضد حافظ، لأن الضباط العلويين كانوا وحدهم المسؤولين عن القواعد الجوية الرئيسية في البلاد.
ومن اللافت أن هذا الأمر ينطبق على الضباط السنة الآخرين، مثل اللواء مصطفى طلاس الذي عيّن وزيرا للدفاع في مارس/آذار 1972، وخلفه فيما بعد اللواء يوسف شكور رئيسا للأركان، وهو مسيحي من الروم الأرثوذكس.
صعود علي حيدر
لقد أحاط حافظ الأسد نفسه بزمرة من الضباط العلويين الكبار منذ انقلاب عام 1966، وكان قد أقصى البعثيين السنة المنافسين له من الساحتين السياسية والعسكرية في البلاد، وعلى رأسهم الرئيس أمين الحافظ، وكانت هذه الزمرة العلوية تحوي أسماء، مثل رفعت الأسد وعلي حيدر وغيرهم.
وبعد تقلده السلطة وانفراده بالمشهد السياسي في البلاد منذ عام 1970 رسّخ الأسد وجود هؤلاء، وكان من أبرز الوجوه علي حيدر الذي تقلد منصب قائد القوات الخاصة واستمر في منصبه هذا لأكثر من ربع قرن.
كان علي حيدر أحد المقربين من حافظ الأسد ممن أودع فيهم ثقته المطلقة لسحق أي معارضة تلوح في الأفق بأي مكان في سوريا، وكان قبل ذلك رفيق دربه وابن طائفته ومحل ثقته الشخصية.
فقد وُلد حافظ الأسد في القرداحة عام 1930، في حين وُلد علي حيدر عام 1932 بإحدى القرى التابعة لجبلة، وكلتاهما كانتا تابعتين لدولة العلويين التي أنشأها الفرنسيون بعد احتلالهم سوريا، وأشارت بعض المصادر إلى أنه كان رفيق طفولة حافظ وأحد أصدقائه المقربين كذلك.
ويبدو أن لهذه العلاقة القديمة أثرها في الدور الذي لعبه علي حيدر فيما بعد وتأثره بحافظ الأسد، فقد انضم مثله إلى حزب البعث مبكرا، وانضم إلى الكلية الحربية في حمص وتخرج فيها ضابطا للمشاة في عام 1952، وسرعان ما فُتح الطريق أمام علي حيدر في الترفيع والترقي بعد انقلاب البعث الأول في مارس/آذار 1963.
لكن ترسخت قدمه في الوظائف العليا بعد انقلاب حافظ الأسد وصلاح جديد عام 1966، فلئن ارتقى حافظ إلى رتبة وزير الدفاع فقد قرر تعيين صديقه علي حيدر في منصب قائد القوات الخاصة السورية عام 1968، وذلك بعدما أهّله لهذا المنصب من خلال تلقيه تدريبات في أكاديمية القوات المحمولة جوا في الاتحاد السوفياتي.
ونظير هذا الدعم من حافظ لصديقه حيدر قرر الأخير الوقوف مع الأسد فيما سميت الحركة التصحيحية أو انقلاب نوفمبر/تشرين الثاني 1970 الذي أطاح فيه الأسد بصلاح جديد ونور الدين الأتاسي وألقاهما في السجن.
ومن خلال علي حيدر ورفعت الأسد وغيرهما من كبار الضباط العلويين الموالين له رسخ حافظ سلطته السياسية والعسكرية في البلاد، بل استعان الأسد بحيدر في السيطرة على الطائفة العلوية ذاتها، ونظير هذه المكانة ارتفعت منزلة القوات الخاصة وزاد عدد المنتسبين إليها تحت قيادة علي حيدر لتبلغ قرابة الـ25 ألف جندي وضابط.
كما شكلت جزءا أساسيا من الأجهزة الأمنية والعسكرية في البلاد، وتم تدريب هذه القوات على مختلف أنواع التدريبات العسكرية القاسية، مثل المظلات والعمليات المضادة للدبابات وحرب القناصة، وكانت قوات رفعت الأسد المعروفة بـ”سرايا الدفاع” تفوقها من حيث العدد والقوات المجنزرة والثقيلة، وهي أهم الفرق العسكرية التي كان يأمن إليها حافظ الأسد ربما أكثر من الجيش نفسه.
كانت لعلي حيدر والقوات الخاصة التي يرأسها أدوار دموية لا تخفى في التاريخ السوري زمن البعث، فقد كان أحد الجزارين الذين أوكل إليهم الأسد المهام القاسية في سحق وإبادة المعارضين، بل وعامة الناس، فقد ظهر هذا الدور في مدينة جسر الشغور التابعة لمحافظة إدلب شمال شرقي سوريا.
مجزرة جسر الشغور
ففي 10 مارس/آذار 1980 خرجت مظاهرة طلابية من طلاب المدرسة الثانوية في المدينة وانضم إليهم عدد كبير من السكان المحليين، وجابت المظاهرة الشارع الرئيسي، وردد المشاركون شعارات مناهضة لنظام الأسد، واستهدفت المظاهرة المؤسسة الاستهلاكية التي كانت تعد رمزا للجوع والحرمان في ظل نظام الأسد، كما هاجم المتظاهرون مكتب حزب البعث، مما دفع عناصر الحزب إلى الفرار من مكاتبهم.
وفي تلك الليلة وصلت إلى المدينة أكثر من 25 طائرة مروحية تقل جنودا من القوات الخاصة بقيادة العميد علي حيدر، ونزلت الطائرات في مواقع إستراتيجية حول المدينة، منها معمل السكر والمدرسة الثانوية وطريق حمام الشيخ عيسى وساحة البريد ومحطة القطار، وذلك لفرض حصار مشدد على المدينة من جميع الاتجاهات، كما تم فرض حظر تجول صارم، وعلى الفور أعطى علي حيدر قواته أمرا بقصف المدينة بالمدفعية.
ثم باشرت الوحدات الخاصة التابعة له بقتل كل من تصادف وجوده في الشوارع دون تمييز أو تحقيق، مما أسفر عن سقوط نحو 50 قتيلا، وأقدمت القوات على إحراق ما يقارب 30 متجرا بعد نهب محتوياتها، بما في ذلك متاجر الذهب والأقمشة والأدوات الكهربائية.
ثم بدأت الكتيبة الأولى الخاصة بذبح العشرات من المدنيين من أهالي جسر الشغور، وفي الوقت نفسه اعتقلت كتيبة أخرى الرجال من منازلهم وجمعتهم في المقرات التي تمركزت فيها حول المدينة، وهناك تعرّض المعتقلون لأبشع أنواع التعذيب، كما شنت قوات علي حيدر حملة لاعتقال طلاب الجامعات، وأعدمت 15 طالبا ميدانيا دون تحقيق.
وقد روى أحد شهود العيان قائلا “كنت حينها طفلا صغيرا، وشاهدت بعيني عشرات الحافلات تتجمع عند مبنى البريد بعد أن تم جمع عشرات الرجال من المدينة، رأيتهم يتعرضون للتعذيب، قبل أن يُقتلوا بالرصاص، إذ شاهدت أكثر من 30 رجلا يتم إعدامهم أمامي، كما رأيت جثث النساء، ولا يمكن أن أنسى ذلك اليوم ما دمت حيا، ولا كيف نُقلت الجثث باستخدام الجرافات إلى خارج المدينة”، فدفنوهم في مقابر جماعية.
وبعد عمليات التحقيق الأولية والتعذيب تم نقل الرجال ممن لم يُقتلوا مقيدين إلى مدينة إدلب، وفي اليوم الثالث اتجهت الوحدات الخاصة بطائراتها العمودية إلى القرى المحيطة بجسر الشغور، مثل الجانودية، وزرزور، والحمامة، والشغر، وخربة الجوز، وبكسريا، وارتكبت مجازر جديدة قتلت فيها العشرات من أبناء تلك القرى.
التفاني في خدمة حافظ
ولم يتوقف دور علي حيدر عند هذا الحد، بل كان يعد أبرز الوجوه العسكرية السورية التي تدخلت في الحرب الأهلية اللبنانية بتفويض من حافظ الأسد، ليس لفض النزاع بين اللبنانيين أو حماية دولتهم من التدخل الإسرائيلي الذي تم في عامي 1978 و1982، بل كانت مهمة علي حيدر الأساسية مواجهة منظمة التحرير الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات في طرابلس اللبنانية وتقويض قوتها والقضاء عليها بكل الطرق العسكرية، بحسب ما يذكره المؤرخ سامي المبيض في كتابه “الفولاذ والحرير.. الرجال والنساء الذين صنعوا سوريا بين 1900 و2000”.
وكان لعلي حيدر دور دموي آخر في مجزرة حماة وتدميرها والمشاركة في قتل ما يقارب 40 ألف سوري في هذه المدينة التي ثار جزء منها بقيادة مروان حديد الذي أراد التخلص بالمقاومة المسلحة من سلطة الأسد الذي كان قد سام السوريين سوء العذاب.
ووفقا لباتريك سيل في كتابه “الأسد.. الصراع على الشرق الأوسط”، فإن “كل مظلي كان تابعا لعلي حيدر أُرسل إلى حماة قيل له إنه هذه المرة يجب القضاء على “التشدد الإسلامي” مهما كانت التكلفة”.
وكان لهذا العنف الدموي لعلي حيدر بجانب رفعت الأسد والجيش السوري الموالي لحافظ السبب الأبرز في مجزرة حماة وتدمير المدينة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1983تعرّض حافظ الأسد لأزمة قلبية حادة أدت إلى دخوله العناية المركزة وبقائه في المشفى لأشهر عدة وغيابه عن الساحة السياسة، الأمر الذي دفع رفعت الأسد إلى البدء بالتخطيط لانقلاب يهدف إلى السيطرة على الرئاسة.
وعلى الرغم من العلاقة الوثيقة بين رفعت الأسد وعلي حيدر فإن الأخير رفض بشدة طلب رفعت دعمه في تنفيذ الانقلاب على حافظ، ونُقل عن حيدر قوله “أنا لا أعترف بأي قائد للدولة سوى حافظ الأسد، كل ما أملكه من قوة وهيبة هو بفضل هذا الرجل، أنا جندي في خدمته وعبد لأوامره، طالما بقيت على قيد الحياة سأظل تحت إمرته ولن أحيد عنها أبدا”.
وقد عزز هذا الموقف المفصلي شأن ومكانة علي حيدر في نظر حافظ الأسد وجعله موضع ثقته ومحل رعايته، وفي مارس/آذار 1984 حاول رفعت تنفيذ مخططه للانقلاب، حيث نشرت سرايا الدفاع التي كان يقودها نقاط تفتيش وحواجز طرق في أنحاء دمشق، واحتلت بالقوة مباني حكومية ومراكز شرطة، ونزعت أسلحة قوات الشرطة، بل وحاولت اختراق مقر وزارة الدفاع.
وردا على هذه المحاولة الانقلابية نشر علي حيدر قواته الخاصة لمواجهة سرايا الدفاع في شوارع دمشق، واستخدمت القوات الخاصة صواريخ مضادة للدبابات لمواجهة دبابات “تي-72” التابعة لرفعت، والتي كانت تهدد المباني الحكومية، كما أصدر حيدر أوامر لفصائل القناصة بالتمركز في مواقع إستراتيجية عبر عمليات إنزال مظلي أو باستخدام طائرات مروحية.
وانتشرت هذه الفصائل حول مساكن قادة سرايا الدفاع لإرهابهم نفسيا، كما حاصرت قواعد حيوية مثل قاعدة المزة الجوية بدمشق وبعض منشآت سرايا الدفاع.
وفي نهاية المطاف تم تجنب اندلاع حرب أهلية بفضل قوة حافظ الأسد العسكرية التي تمثلت في سيطرته المطلقة على الجيش والقوات الخاصة وقوات الحرس الجمهوري مقابل اضمحلال قوة سرايا الدفاع بقيادة رفعت، وفي نهاية الأمر قرر استرضاء رفعت عبر تعيينه نائبا للرئيس، قبل أن يرسله إلى المنفى، واضعا نهاية لمحاولة الانقلاب.
الاعتقال والنهاية
بقي اللواء علي حيدر على رأس منصبه قائدا للقوات الخاصة السورية حتى أقيل رسميا في 3 أغسطس/آب 1994، ولم يكتف حافظ الأسد بإقالته، بل قرر القبض عليه وسجنه، حيث زُعم أن حيدر اعتُقل لعدم التزامه بأوامر عسكرية.
لكن مصادر تابعة لجريدة الحياة رجحت وقتها أن السبب الحقيقي للاعتقال يعود إلى انتقادات وجهها علي حيدر إلى حافظ الأسد بشأن استدعاء ابنه بشار من لندن، لإعداده لخلافة والده في حكم سوريا بعد وفاة باسل شقيق بشار بحادث سيارة في ذلك العام.
وقد كانت معارضة علي حيدر فكرة حصر الخلافة داخل عائلة الأسد سببا لإقالته وسجنه، ولكن المؤرخ نيكولاس فان دام يشير في كتابه “الصراع على السلطة في سوريا” إلى سبب آخر، إذ يقال إن أحد الأسباب الأخرى لاعتقال علي حيدر كان انتهاكه الصريح للمحظورات الطائفية.
ففي أحد اجتماعات كبار الضباط برئاسة رئيس الأركان العماد حكمت الشهابي -الذي كان يعتزم مناقشة سيناريو لتحقيق الأمن الإقليمي عقب اتفاقية سلام محتملة مع إسرائيل- اعترض علي حيدر قائلا “نحن مؤسسو النظام (في إشارة إلى العلويين)، لا نريد فقط مناقشة خطط الطوارئ، بل نطالب بأن يكون لنا رأي في عملية السلام نفسها”.
ورغم أن جميع الضباط الحاضرين -ومن بينهم عدد كبير من العلويين- كانوا يدركون تماما الدور المحوري الذي يلعبه العلويون داخل النظام فإن التحدث عن هذا الدور علنا أو الإشارة إليه بشكل مباشر كان من المحظورات الصارمة.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن تفسير ملاحظات حيدر على أنها انتقاد غير مباشر للنهج الذي كان حافظ الأسد يتبعه في مفاوضات السلام مع إسرائيل.
ويبدو أن عملية اعتقال حيدر وسجنه في عام 1994 جاءت ضمن سياق أوسع لإعادة هيكلة الجيش السوري، إذ استهدف حافظ كذلك إزاحة القادة العسكريين العلويين ذوي النفوذ الكبير والقديم، لتمهيد الطريق أمام انتقال السلطة إلى ابنه بشار فيما بعد.
ووردت تقارير تفيد بأن اعتقال حيدر تزامن مع حملة استهدفت أيضا شخصيات علوية بارزة في الدولة، إما لدعمها حيدر أو لتشاركها مواقفه المعارضة لخطط الخلافة.
وقد اُستعيض عن علي حيدر باللواء علي حبيب، وهو ضابط علوي أيضا كان ينحدر من منطقة صافيتا، وكان حبيب قد شغل سابقا منصب قائد الفرقة السابعة آليات، وقاد القوات السورية في حرب الخليج عام 1991.
وقد نقلت صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” وقتئذ عن بعض المحللين العسكريين أن اختيار حبيب جاء نتيجة ولائه المطلق لحافظ الأسد خلال حرب الخليج، فضلا عن التزامه الطويل بالخط الأيديولوجي البعثي في مواجهة ما وصفوها بالإمبريالية الغربية.
ورغم اعتقال حيدر فإنه لم يقدَّم للمحاكمة أو يُشهّر به علنا، بل عومل معاملة جيدة خلال فترة اعتقاله القصيرة، قبل أن يطلق سراحه ويحال إلى التقاعد.
وعلى الرغم من تهميشه فإن حيدر ظل شخصية بارزة في حزب البعث السوري والجيش حتى وفاة حافظ الأسد في عام 2000.
ولاحقا، توفي علي حيدر أحد أبرز جزاري سوريا في حقبة حافظ الأسد في 5 أغسطس/آب 2022 عن عمر ناهز الـ90 عاما بعد حياة حافلة باستهداف الشعب السوري.
المصدر : الجزيرة
—————————–
ماري أنطوانيت وأسماء الأسد.. نساء خلف عروش الاستبداد/ تولين حأوبش
ماري أنطوانيت وأسماء الأسد.. من قصر فرساي إلى قصر الشعب
أسماء الأسد (يمين) وماري أنطوانيت (الجزيرة)
17/1/2025
في قلب كل حقبة مظلمة من التاريخ، نجد أحيانا وجوها أنثوية تلمع بقسوة لا تقل عن رجال السلطة أنفسهم، فمن أروقة قصر فرساي المترفة في فرنسا بالقرن الثامن عشر، إلى دهاليز القصر الرئاسي في دمشق في القرن الحادي والعشرين، تمتد خيوط قصة مثيرة عن نساء وقفن خلف عروش الطغيان، وأسهمن في تعميق مآسي شعوبهن.
تأخذنا هذه الرحلة عبر الزمن من ماري أنطوانيت، ملكة فرنسا التي أصبحت رمزا للترف والانفصال عن معاناة الشعب، إلى أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد التي تحولت من أيقونة للحداثة إلى شريكة في نظام قمعي.
كيف تحولت هؤلاء النساء من رموز للأناقة والرقي إلى أدوات في آلة الاستبداد؟ وما الدور الذي لعبنه في تشكيل مصائر بلدانهن؟
رمز الترف والانفصال
خلال فترة الصراع بين النمسا وفرنسا، تم عقد اتفاق بين الدولتين لتزويج لويس السادس عشر البالغ من العمر 15 عاما من ماري أنطوانيت ذات 14 ربيعا، وذلك في 16 مايو/أيار عام 1770. كان الهدف من هذا الزواج إنهاء الحرب وبناء علاقات جديدة بين البلدين في مواجهة إنجلترا.
مع اقتراب نهاية القرن الثامن عشر، كانت فرنسا تعاني من اضطرابات اجتماعية واقتصادية حادة، وفي خضم هذه الأجواء المتوترة برزت شخصية ماري أنطوانيت، زوجة الملك لويس السادس عشر، التي اشتهرت بحفلاتها الباذخة وإنفاقها الهائل على الملابس والمجوهرات، في وقت كان فيه الشعب الفرنسي يعاني من الجوع والفقر المدقع.
في عام 1789 بدأت شرارة الثورة عندما طالب الشعب بتمثيل للعامة في مجلس الشعب، وقوبل هذا الطلب لاحقًا برفض ماري التي أرسلت 100 ألف جندي لقمع المتظاهرين.
في 15 يوليو/تموز 1789 ثار الشعب على سجن الباستيل، رمز القمع الملكي في فرنسا، وبعد سقوطه توجه الغاضبون إلى قصر فرساي مرددين هتافات مناهضة لماري “المبذرة”.
وعند وصولهم إلى القصر، قتلوا الحراس، فدفع ذلك ماري إلى الخروج والانحناء أمام الشعب، وهو ما اعتبرته إهانة لكرامتها.
اتخذت ماري موقفًا معاديا للثورة حتى النهاية، رافضة أي مساومة حتى بعد اعتقالها، ورفضت مقابلة أي من قادة الثورة، كما عارضت فكرة إنشاء محكمة دستورية.
ومن أشهر العبارات المنسوبة إليها -رغم الجدل التاريخي حول صحتها- “دعوهم يأكلون الكعك” التي قيلت ردًّا على معاناة الشعب من نقص الخبز. نفى الكاتب الفرنسي جان باتيست ألفونس هذه العبارة في مقال صحفي عام 1843، لكن سواء كانت حقيقية أم لا، أصبحت هذه العبارة رمزًا لانفصال الطبقة الحاكمة عن واقع الشعب ومعاناته.
رغم أن ماري أنطوانيت كانت في الواقع ضحية لظروف سياسية معقدة وتربية ملكية منعزلة، فإن صورتها في الوعي الشعبي ظلت مرتبطة بالترف والاستهتار بمعاناة العامة، إذ أسهم هذا الانطباع في تأجيج نار الثورة الفرنسية التي انتهت بإعدامها وزوجها بالمقصلة، وفقًا لبعض المؤرخين.
من أيقونة إلى شريكة في القمع
بعد أكثر من قرنين وعلى الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط، برزت أسماء الأسد في ديسمبر/كانون الأول عام 2000، حين ارتبط مصيرها إلى الأبد بمصير العائلة الحاكمة في سوريا منذ نحو 30 عاما، زوجة لبشار الأسد.
في البداية، تم تقديم أسماء كوجه جديد ومشرق للنظام السوري، وبفضل خلفيتها الغربية وتعليمها الراقي في لندن بدت كأنها رمز للتحديث والانفتاح في سوريا، ووصفتها مجلة فوغ عام 2011 “بالوردة وسط الصحراء”، وبأنها “السيدة الأكثرُ جاذبية ونضارة”، لكن بعد بدء النظام بقمع المتظاهرين ضد حكمه حُذف المقال من موقع المجلة الإلكتروني.
ومع اندلاع الثورة السورية في 2011، تحول دور أسماء بشكل دراماتيكي، فبدلا من أن تكون جسرا للحوار أو صوتا للاعتدال، اختارت الوقوف بقوة إلى جانب نظام زوجها.
ظهرت في وسائل الإعلام مدافعة عن سياسات النظام، متجاهلة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والدمار الهائل الذي لحق بالبلاد.
وتناقضت صورها على وسائل التواصل الاجتماعي وهي تزور الجرحى أو تشارك في الأعمال الخيرية بشكل صارخ مع واقع الملايين من السوريين الذين أجبروا على الفرار من قراهم ومنازلهم، أو فقدوا أحباءهم في الثورة من خلال الاعتقال والقتل.
هذا التناقض أثار غضبا شعبيا واسعا، وعزز الانطباع بأن عائلة الأسد منفصلة تماما عن معاناة الشعب السوري.
من “ديانا الشرق” إلى سيدة الفساد
في السنوات الأخيرة، تصاعدت الأحاديث حول أن أسماء الأسد قد طورت شبكة أعمال خاصة بها، مما دفع واشنطن إلى فرض عقوبات عليها، ووصفها بأنها “واحدة من أسوأ المستفيدين من الحرب” في بلادها.
وفي عام 2021 قدم مكتب محاماة دولي في المملكة المتحدة أدلة على تأثير أسماء الأسد في الطبقة الحاكمة ودعمها للجيش والقوات المسلحة.
أقامت أسماء الأسد شبكة تمارس نفوذًا متزايدًا على الاقتصاد السوري، فقد أشارت تقارير مفتوحة المصدر إلى أن هذه الشبكة كانت تتخذ قرارات بشأن دعم الغذاء والوقود والتجارة وقضايا العملة.
وفي السنوات الأخيرة قبل سقوط النظام، وسعت أسماء نفوذها في القطاعات غير الربحية والاتصالات، كما أشارت التقارير إلى أنها مارست نفوذها على “الأمانة السورية للتنمية” التي أسستها في عام 2001، حيث تم استخدامها أداة لغسل الأموال الناتجة عن أنشطة غير قانونية، وفقًا لتصنيفات وزارة الخزانة الأميركية.
أشارت أيضًا تقارير رُفعت إلى الكونغرس إلى أن أسماء الأسد استولت في عام 2019 على جمعية “البستان” الخيرية من ابن عم بشار الأسد، رامي مخلوف.
كذلك تم تعيين مسؤولين في القصر الرئاسي ومقربين من أسماء في عام 2021 في مجلس إدارة شركة “سيرياتيل” التي كانت مملوكة لمخلوف قبل أن تستولي عليها الحكومة في عام 2020.
في عام 2019 أسست أسماء الأسد شركة الاتصالات “إيماتيل” مع رجل الأعمال السوري خضر طاهر بن علي الذي أدرجه مكتب مراقبة الأصول الأجنبية على لائحة العقوبات بتاريخ 30 سبتمبر/أيلول 2020 بموجب الأمر التنفيذي رقم 13582، بسبب تقديمه المساعدة المادية للحكومة السورية أو رعايتها أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي لها. أدرجت كذلك شركة “إيماتيل” على لائحة العقوبات.
دروس التاريخ
عقدت بعض الصحف مقارنة بين ماري أنطوانيت وأسماء الأسد كشفت عن أنماط مشتركة في كيفية مساهمة بعض نساء السلطة في تعميق الهوة بين الحكام والمحكومين، وتحدثت عن 3 مظاهر، هي:
الانفصال عن الواقع: عاشت كلتا المرأتين في فقاعة من الرفاهية، بعيدًا عن معاناة الشعب اليومية. ولكن مع تطور الزمن، نجحت أسماء الأسد في البداية في خداع الإعلام الغربي، فقد أطلقت عليها الصحافة البريطانية لقب “ديانا الشرق” أثناء زيارتها الرسمية للمملكة المتحدة عام 2002.
وقد منحت تلك الزيارة النظام السوري فرصة غير متوقعة لتحسين صورته، في الوقت الذي خلف فيه بشار الأسد والده حافظ الأسد الذي حكم البلاد بيد من حديد منذ عام 1970.
فشل في فهم مسؤولية المنصب: عدم إدراك أن موقعهما يحملهما مسؤولية أخلاقية تجاه الشعب، فكلتاهما استغلت السلطة لمصلحتها. فالملكة ماري أنطوانيت كانت ترتدي فستانًا جديدًا كل يوم وكانت شغوفة بمواكبة أحدث صيحات الموضة وتصميم أزياء جديدة، دون اكتراث للشعب الذي كان يعاني من الفقر والحاجة.
وتكرر النمط ذاته مع أسماء الأسد التي انكشف أمرها عند اقتحام القصر الجمهوري (قصر الشعب) في دمشق واكتشاف حقائب وملابس وأثاث بملايين الدولارات، وذلك في الوقت الذي كان يعاني فيه الشعب من العنف والجوع والفقر، وتشرد فيه نحو 6.7 ملايين شخص منذ بداية الثورة.
تجاهل الأصوات المعارضة: الإصرار على تجاهل المطالب الشعبية والانتقادات الموجهة للنظام أسهم في إنهاء مسيرة كلتا المرأتين. ورغم أن مصيريهما لم يتشابها تمامًا في النهاية، فإنهما تشابها في سقوطهما وإنهاء تاريخ مفزع من الظلم تجاه شعبيهما.
أسماء الأسد التي كانت تطمح في الحصول على ألقاب من الصحف الأجنبية لم تفز سوى بلقب أطلقه عليها شعبها، وهو “سيدة الجحيم” الذي يردده أغلب السوريين نتيجة تورطها ومشاركتها في الحرب منذ بداية الثورة السورية ووقوفها إلى جانب زوجها ونظامه القمعي المستبد.
جسر الفجوة
يشير المؤرخ سيمون شاما في كتابه “المواطنون: تاريخ الثورة الفرنسية” إلى أن الانفصال بين النخبة الحاكمة والشعب كان من العوامل الرئيسية التي أدت إلى اندلاع الثورة الفرنسية.
أما الباحث السياسي فرانسيس فوكوياما فيؤكد في كتابه “الهوية: مطلب الكرامة وسياسات الاستياء” أن بناء مجتمعات أكثر عدلًا واستقرارًا “يتطلب جسر الفجوة بين النخب الحاكمة والمواطنين العاديين”.
لذا، فإن دراسة هذه الحالات التاريخية تقدم لنا دروسًا قيمة حول أهمية التواصل الفعال بين الحكام والشعوب، وضرورة الحفاظ على الحس الإنساني في ممارسة السلطة.
المصدر : الجزيرة
—————————–
لماذا أراد رفعت الأسد القضاء على أخيه حافظ؟/ محمد شعبان أيوب
17/1/2025
في عام 1963 شهدت المنطقة العربية انقلاب حزب البعث بواسطة جناحه العسكري الذي قاده مجموعة من الضباط السوريين الذين تنوعت انتماءاتهم الدينية، وكان حزب البعث الذي تأسس منذ أربعينيات القرن العشرين على يد صلاح البيطار وميشيل عفلق يسعى بكل السُّبل للسلطة؛ ديمقراطية كانت أم بانقلابات عسكرية.
وكان حافظ الأسد ممن انضموا لهذا الحزب مبكرًا في فترة الأربعينيات بُعيد انضمامه للجيش متخرجا من الكلية الحربية، وفي عام 1952 اتبع رفعت نهج شقيقه وقرر الانضمام إلى حزب البعث، كما سار على خطاه بالالتحاق بالخدمة الإلزامية، ومن ثم العمل في وزارة الداخلية عقب انفصال سوريا عن مصر عام 1961، ومن اللافت أن رفعت الأسد انضم للجيش السوري ضابطا متخرجا من الكلية الحربية في حمص بعدما غير مساره من كلية الآداب بجامعة دمشق.
ويروي الدكتور أحمد زكي في كتابه “آل الأسد وأسرار سقوط آخر الطغاة” الصادر عام 2013 أن مشوار رفعت الأسد مع الفساد بدأ قبل أن يصل شقيقه إلى سدة الحكم بصورة رسمية سنة 1970، فعقب انقلاب البعث سنة 1963 وصعود نجم أخيه حافظ قائدا للقوات الجوية ثم وزيرا للدفاع عُيّن رفعت الأسد الذي كان في نهاية دراسته في الكلية الحربية مُدرّسا بها في دفعة تم التوصية عليها من قيادة حزب البعث وخاصة أخيه حافظ وصلاح جديد، وفي الوقت عينه تم تسريح دفعة كانت أكثر كفاءة من رفعت وزملائه “في خطوة كانت تصب في صالح العلويين تمهيدا لاستيلائهم على كل مفاصل الدولة في قادم الأيام”.
وبحسب زكي في الكتاب نفسه حينما كان رفعت منتسبًا لكلية الآداب جامعة دمشق وكان ذاهبًا لأداء امتحان مادة التاريخ كان مددجًا بالحرس فاعترض أحد أساتذة الكلية وأبلغ مصطفى طلاس أحد المقربين من حافظ ووزير الدفاع السوري فيما بعد، قائلا: ماذا نفعل؟ فرد عليه طلاس قائلا: لا تفعل شيئًا فهو لن يُعيّنَ مدرسا للتاريخ في جامعتكم.
ومن العجيب أن رفعت أعاد السلوك ذاته عندما انتسب لكلية الحقوق مع زوجته وابنه دريد، وعندما ذهب الثلاثة لأداء الامتحان في كلية الحقوق جامعة دمشق لم يؤدوه في قاعة الامتحانات، بل أدوه في مكتب رئيس الجامعة وأمامهم فناجين القهوة والكتب الخاصة بمادة الامتحان حتى يستطيعوا الغش، فما كان من رفعت إلا أن صرخ قائلا: “العمى في قلبكم أحضروا لي أحد الأساتذة ليُعطيني أجوبة هذه الأسئلة”، بحسب ما يذكره زكي في كتابه الآنف!
رفعت الأسد وأدواره العسكرية في خدمة أخيه
كانت أولى مشاركات رفعت العسكرية البارزة في فبراير/شباط 1966، حيث تعاون مع سليم حاطوم في اقتحام مقر الرئيس أمين الحافظ للإطاحة بأول حكومة بعثية، وكان هذا الانقلاب إيذانا بصعود الضباط العلويين وتهميش الضباط والقيادات السنية في البلاد، وخلال فترة حكم الرئيس نور الدين الأتاسي، الذي خلفَ الحافظ، تم تكليف رفعت بقيادة وحدة خاصة أنشأتها اللجنة العسكرية للدفاع عن النظام تحت إشراف وزير الدفاع محمد عمران.
وبحسب بعض المؤرخين فقد شهدت فترة أواخر الستينيات صراعًا بين طرفين؛ يمثل أحد جناحيه حافظ ورفعت الأسد، والطرف الآخر صلاح جديد ومدير مخابراته عبد الكريم الجندي. وبهدف القضاء على قوة جناح صلاح جديد العسكري وفي أواخر فبراير/شباط 1969، نفّذ الشقيقان الأسد عملية عسكرية في دمشق، حيث توغلت الدبابات في المدينة لاستهداف أنصار الجندي وصلاح جديد، وانتهى هذا الصراع بانتحار عبد الكريم الجندي في 2 مارس /آذار 1969، مما اعتُبر انتصارا لرفعت.
ومع سيطرة حافظ ورفعت وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني 1970، قام حافظ الأسد بما عُرف بالحركة التصحيحية، حيث اعتقل الرئيس الضعيف الأتاسي ورفيقه البعثي العلوي صلاح جديد، وأسند إلى أخيه رفعت مسؤولية تأمين العاصمة دمشق.
وفي فترة غير بعيدة أصبح رفعت قائدا لـ”سرايا الدفاع”، وهي قوة عسكرية نخبوية خاصة بلغ قوامها 40 ألف جندي، وكانت تعمل بشكل مستقل عن الجيش، كما ترقّى إلى مواقع قيادية في الحزب، ووسع نفوذه بين الطلاب والشباب والفتيات والإعلام، وأسّس “الرابطة العليا للخريجين” بهدف توحيد الجامعيين، لتتحول إلى ذراع طلابية موازية تدين بالولاء له.
وفي عام 1979، تصاعدَ الصراع بين النظام السوري وجماعة الإخوان المسلمين التي رفضت استئثار آل الأسد والعلويين بالسلطة، واستهدافها الواضح للحريات، بل وللأكثرية السنية في البلاد. وفي ديسمبر/كانون الأول من ذلك العام، أعلن رفعت الأسد خلال مؤتمر حزب البعث أن الوقت قد حان للرد الحازم على جماعة الإخوان، ودعا إلى تقديم الولاء المطلق للنظام، ونُقل عنه قوله: “ضحّى ستالين بعشرة ملايين شخص للحفاظ على الثورة البلشفية، وعلى سوريا أن تفعل الشيء ذاته للحفاظ على الثورة البعثية”. كما هدد ب”خوض مائة حرب، وهدم مليون حصن، والتضحية بمليون قتيل” لضمان بقاء النظام والدولة.
تم إطلاق يد رفعت في قمع الانتفاضة التي استمرت بين عامي 1979 و1982، وبلغت ذروتها في قصف وتدمير مدينة حماة في فبراير/شباط 1982، ما أسفر عن خسائر بشرية ومادية جسيمة، وفي عام 1983 أمر رفعت بإرسال قوات مظلية إلى شوارع دمشق لنزع الحجاب عن النساء بالقوة، وهو إجراء أثار موجة من الانتقادات الحادة كادت تصل لحالة الغليان الشعبي، هذا التصرف دفع شقيقه حافظ الأسد إلى إدانته علنًا، في محاولة للحد من التداعيات السياسية والاجتماعية لهذا القرار.
انقلاب رفعت ونهايته
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1983 تعرض حافظ الأسد لأزمة قلبية حادة كادت أن تودي به واضطر على إثرها للراحة التامة لعدة أشهر، حيث بدت أن الفرصة التي كان ينتظرها شقيقه رفعت الأسد قد حانت، إذ بدأ رفعت يتصرف كأنه الوريث الشرعي للسلطة، معززا نفوذه بين جنرالاته، ما أثار استياء حافظ الأسد الذي كان يتلقى العلاج والراحة، وأيضا كبار المقربين منه.
ووفقا لمذكرات عبد الحليم خدام، نائب الرئيس آنذاك، فإن حملة شديدة ضد رفعت اندلعت بين السوريين منذ السبعينيات، ويتذكر خدام في إحدى جلساته مع حافظ الأسد عام 1978، أنه حذّره من تأثير هذه الحملة على استقرار النظام، فرد الأسد قائلاً: “رفعت مخرز في عيون الرجعية”. ليرد خدام: “سنرى في المستقبل إن كان سيصبح مخرزًا في قلب النظام ذاته”.
استغل رفعت، الذي كان يتدخل في شؤون الدولة بعنجهية شديدة مرض شقيقه لتعزيز سلطته، حتى أنه بدأ بإصدار توجيهات لرئيس الوزراء آنذاك محمد علي الحلبي دون رادع، وكان حافظ الأسد الملقى على سرير المرض يفكر بتعيين نائبه مكانه لضمان استمرارية النظام، وربما كان يميل إلى رفعت، لكن محاولة الأخير للانقلاب عليه خلال مرضه أخرجته من حسابات التوريث.
عندما اشتد مرض حافظ في نوفمبر/تشرين الثاني 1983، استدعى قائد الحرس الجمهوري عدنان مخلوف النائب عبد الحليم خدام إلى المستشفى، حيث أخبره حافظ بمستجدات أوضاعه الصحية، وبسبب ذلك تصاعد التوتر بسبب تحركات رفعت الجريئة، حيث أرسل كتائب من قواته “سرايا الدفاع” إلى شوارع دمشق في استعراض للقوة، وكأنه يُعلن عن استعداده لتولي السلطة خلفا لأخيه.
وأمام هذه التحركات من رفعت اجتمعت القيادة العسكرية بقيادة عبد الحليم خدام، وحكمت الشهابي رئيس الأركان، ومصطفى طلاس وزير الدفاع، وقرروا استدعاء فرقتين عسكريتين لتطويق دمشق ومنع أي محاولات انقلابية، وعندما علم رفعت بالإجراءات وبأن أخيه حافظ قارب تجاوز مرحلة الخطر، تراجع عدد كبير من أنصاره عنه، مما تركه في عُزلة شبه تامة.
وفي أحد اجتماعات القيادة القطرية للبعث، حاول رفعت فرض قراراته بطرد كبار الضباط من الحزب والتهديد باستخدام قواته للاستيلاء على دمشق، إلا أن خدام تصدى له بقوله: “إن كنت تريد القيام بانقلاب، فافعل، لكن الدبابات التي تهدد بها ليست ملكا لك”. أثارت تصريحات خدام غضب رفعت، لكنه أنكَر تهديداته لاحقًا.
وفي أوائل 1984، بدأ حافظ الأسد بالرد على تحركات شقيقه بعد استعادته جزءا كبيرا من عافيته، حيث أمر باعتقال أحد أبرز مساعدي رفعت، وهو العقيد سليم بركات، ثم أرسل لرفعت رسالة عبر شقيقهما الثالث جميل، قال فيها: “أنا أخوك الأكبر الذي عليك طاعته، ولا تنسَ أنني أنا الذي صنعتك”.
وحتى يضمن حافظ كسر شوكة أخيه قرر إبعاده عن سرايا الدفاع التي ستُصبح فيما بعد “الفرقة الرابعة” بعد إقصاء رفعت عنها، وفي مارس/آذار 1984، عُيّن رفعت نائبًا للرئيس وهو منصب مدني، وقد حرمه في الوقت نفسه من أي مهام فعلية، محوِّلًا صلاحياته الأمنية إلى العقيد محمد غانم.
في 30 مارس/آذار 1984، رد رفعت الأسد على هذا الترتيب بخطوة تصعيدية، حيث أمر قواته بالدخول إلى دمشق والاستيلاء على نقاط استراتيجية؛ استعدادًا للسيطرة على السلطة وبالفعل تمكنت قوات رفعت، المعروفة بـ”سرايا الدفاع” من التمركز في مواقع قادرة على تهديد العاصمة بالقصف، بينما استعدت القوات الموالية لحافظ الأسد، مثل القوات الخاصة بقيادة علي حيدر والحرس الجمهوري بقيادة عدنان مخلوف، لمواجهتها.
ووفقا لباتريك سيل، في كتابه “الأسد: الصراع على الشرق الأوسط”: “لو اشتبكت قوات الطرفين في دمشق، لكان الدمار هائلا، ولتضررت صورة النظام بشكل لا يمكن إصلاحه، وربما لم تكن العاصمة لتنجو”. وأضاف قائلا: “ترك حافظ الحبل لرفعت بما يكفي لشنق نفسه”.
وفي ذروة تلك الأزمة ارتدى حافظ الأسد ملابسه العسكرية، ورافقه ابنه الأكبر باسل، الذي كان سيصبح لاحقًا ذراعه اليمنى حتى وفاته في حادث سيارة عام 1994، حيث قاد حافظ سيارته بنفسه دون حراسة، إلى مقر قيادة شقيقه رفعت في حي المزة بدمشق، وهذه الواقعة يرويها وزير الدفاع الأسبق مصطفى طلاس في كتابه “ثلاثة أشهر هزت سوريا” أن عدنان مخلوف، قائد الحرس الجمهوري، اتصل به لإبلاغه أن حافظ توجه بمفرده لمواجهة رفعت، وترك تعليمات صريحة: “إذا لم أعد بعد ساعة، أبلغ العماد طلاس بتنفيذ الخطة لمواجهة قوات رفعت”.
وفي ذلك القاء الحاسم واجه حافظ شقيقه مباشرة وسأله: “هل تريد إسقاط النظام؟” وأضاف بحزم: “أنا النظام!”. جرى نقاش حاد بينهما، قبل أن يقدم الأسد عرضا لإنهاء الأزمة، حيث وعد رفعت بخروج آمن، يضمن احترام كرامته، وحماية مصالحه، وضمان خروجه إلى المنفى الذي يختاره، مع التأكيد على عدم اتخاذ أي إجراء ضده.
وبحلول أواخر أبريل/نيسان 1984، بدأ رفعت الأسد يدرك أن ميزان القوى قد انقلب تمامًا لصالح شقيقه حافظ وأن كل قوات الجيش والحرس الجمهوري والقوات الخاصة بل وكثير من قيادات “سرايا الدفاع” أصبحوا قلبا وقالبا مع حافظ، إلى درجة أصبح معها أي تحرك منه غير ممكن، وفي تلك اللحظة لجأ رفعت إلى شقيقه جميل الأسد للتوسط من أجل مصالحة مع حافظ، معربا عن استعداده للامتثال لأي قرار يتخذه.
استغل حافظ الأسد انهيار شقيقه وإعلانه استسلامه، وتم التوصل إلى اتفاق يقضي بإعادة “سرايا الدفاع” إلى سيطرة هيئة العمليات في القوات المسلحة، مع إبقاء رفعت في منصب نائب رئيس الجمهورية مسؤولا نظريًا عن شؤون الأمن، كما نص الاتفاق على سفر رفعت إلى موسكو بصحبة مجموعة من كبار الضباط لفترة تهدئة.
وفي 28 مايو/أيار 1984، غادرت طائرة تقل رفعت الأسد وعددا من أبرز قادته إلى موسكو، إلا أن تلك الرحلة كانت البداية لعزله التدريجي، حيث تم استدعاء الضباط المرافقين له واحدًا تلو الآخر إلى سوريا، تاركين رفعت وحيدًا في منفاه.
عاد رفعت الأسد إلى سوريا عام 1992 بناءً على رغبة والدته التي توفيت في العام نفسه، وفي عام 1994، شارك في تقديم واجب العزاء لشقيقه حافظ الأسد بعد وفاة نجله باسل في حادث سيارة، لكنه أُقيل لاحقا في العام نفسه من منصبه في الجيش، رغم استمراره لفترة في شغل منصب نائب الرئيس قبل إعفائه رسميا.
وفي عام 1997، أسس رفعت محطة فضائية في لندن، وفي العام التالي أنشأ حزبا سياسيا في أوروبا برئاسة نجله سومر الأسد، داعيا إلى التغيير السياسي في سوريا، وفي عام 1999، تورط أنصاره في اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية في اللاذقية، مما زاد من تعقيد علاقته بأخيه.
عندما توفي حافظ في 10 يونيو/حزيران عام 2000، أصدر رفعت بيانا نعى فيه شقيقه وأعلن نفسه وريثا شرعيًا للرئاسة، ولكن ذلك البيان لم يلق آذانا مصغية؛ لأن أبناء حافظ بشار الذي تسلم الرئاسة، وماهر الذي كان يسيطر على الفرقة الرابعة كانا أقوى بحكم السيطرة على الأرض، بل أمر نائب الرئيس عبد الحليم خدام باعتقاله إذا حاول حضور جنازة حافظ الأسد في 13 يونيو/حزيران.
مع اندلاع الثورة في سوريا في ربيع 2011، تبنى رفعت موقفا معارضًا للنظام، بينما بدأ نجله ريبال في الظهور بنشاطات سياسية علنية، ورغم ذلك، تراجع حضور رفعت الأسد السياسي بشكل كبير خلال السنوات التالية.
في ديسمبر/كانون الأول 2013، رَفَعت إحدى المنظمات الحقوقية دعوى قانونية ضد رِفْعت الأسد، متهمةً إياه بجرائم جسيمة بصفته كان قائدا لسرايا الدفاع التي تورطت في مجزرة حماة عام 1982، وفي 19 ديسمبر من العام نفسه، أطلقت النيابة العامة السويسرية تحقيقا رسميا في هذه المزاعم.
ومنذ عام 2014، واجه رفعت الأسد تحقيقات بتهم غسل الأموال المنظم، والتهرب الضريبي المشدد، واختلاس أموال الدولة السورية لشراء عقارات بقيمة تفوق 90 مليون يورو في فرنسا. بالإضافة لذلك، صادرت السلطات الإسبانية في عام 2017 أصوله وحساباته المصرفية ضمن تحقيقات متعلقة بغسيل الأموال، وفي يونيو 2020، أصدرت محكمة في باريس حكما بسجنه أربع سنوات مع مصادرة ممتلكاته في باريس ولندن.
في أكتوبر 2021، عاد رفعت الأسد إلى دمشق وهو في سن 84 عامًا، بعد سماح ابن أخيه بشار الأسد بعودته لتجنب سجنه في فرنسا، وذلك عقب عقود من المنفى، وفي سبتمبر/أيلول 2022، أيدت محكمة النقض، أعلى هيئة قضائية في فرنسا، الحكم الصادر ضده بالسجن أربع سنوات. وفي أغسطس 2023، أمرت المحكمة الجنائية الفيدرالية السويسرية بتسليمه، ما دفع السلطات السويسرية لإصدار مذكرة توقيف بحقه لملاحقته قضائيا.
لم يرجع رفعت لفرنسا لاحقا، وقد أشارت وكالة رويترز للأنباء في 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي 2024 أن رفعت الأسد وبعض أبنائه وأفراد أسرته يتواجدون الآن في دبي بعد فرارهم إليها عقب سقوط نظام ابن أخيه المخلوع بشار، دون أن يتم تأكيد الخبر من قبل السلطات الإماراتية أو نفيه.
المصدر : مواقع إلكترونية
———————————–
السجن السوري الكبير… بيروقراطية القتل و«بازار» الابتزاز/ بيسان الشيخ
ناجٍ من صيدنايا يدخل أفرع الموت مع «الشرق الأوسط» ويروي وقائع من كابوس الاعتقال
17 يناير 2025 م
«أمي أصرت على أن ترافقني في زيارتي الأولى لزنزانتي في سجن صيدنايا، وزوجتي اتصلت من تركيا لتجعلني أقسم ألا أذهب من دونها… وأنا حقيقة ما زلت غير قادر على مواجهة هذا المكان. لا بمفردي ولا مع شاهد آخر على مأساتي».
هكذا اعتذر لنا منير الفقير، الناجي من الاعتقال في أفرع الأمن وسجن صيدنايا والشريك المؤسس في «رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا»، عن عدم زيارة زنزانته التي كانت مقررة في صباح ذلك اليوم الدمشقي.
«في البداية تشجعت أن نذهب معاً» قال: «ولكنني فعلياً غير قادر على استعادة هذا الكابوس الآن. هناك فيض من المشاعر التي لا أعرف التعامل معها… استشرت صديقاً نصحني بألا أقوم بهذه الزيارة قبل أن أحصّن نفسي وأكون على أتم الاستعداد».
وبعد برهة صمت استدرك: «لكن كيف يستعد الإنسان للقاء كهذا؟».
لم نصر على الزيارة بطبيعة الحال. فالأيام القليلة التي سبقت الوصول إلى دمشق، وما نشر عن ذلك المكان السيئ السمعة من معلومات دقيقة أو مبالغة (بلا مبرر)، كفيل بإيقاظ أي صدمة مهما اندملت أو طوته الذاكرة. فكيف والجرح طري والألم مقيم. كذلك فإن الدفق الهائل من الروايات الفردية والجماعية عن هذه التجربة المروعة، الذي لم يترك تفصيلاً إلا وتناوله في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي كان ليجعل أي إصرار في غير صوابه.
صيدنايا… رأس جبل الجليد
إلى ذلك، فإنه يستحيل اختزال التجربة السجنية في سوريا على مدى الخمسين عاماً الماضية بسجن صيدنايا وحده، على فرادة التجربة لا شك، وذلك لكونه رأس جبل جليد دونه أفرع أمنية ومعتقلات وسجون كثيرة لا تقل رعباً وقسوة.
وإذا كان من نموذج لـ«الناجي المطلق» في ذلك الجحيم كله، فهو منير الفقير، المهندس ابن دمشق، الذي تنقل لأكثر من سنتين بين عدة محطات اعتقال بدءاً بالفرع 215، «سرية المداهمة» التابع للأمن العسكري، مروراً بالفرع 215 والمستشفى العسكري 601 المعروف بـ«المسلخ»، حيث التقطت صور «قيصر»، وصولاً إلى المسلخ الكبير… صيدنايا.
وقد يكون أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو كيف نجا منير، وكيف خرج حياً بعد كل ذلك، فيقول: «المعجزة أنني خرجت حياً من الفرعين الأولين. أما وقد وصلت إلى صيدنايا، وريثما علم أهلي بمكاني فقد كان بزنس الابتزاز انتعش. وحاولت عائلتي كغيرها من عائلات كثيرة إخراجي مقابل المال… وكنت محظوظاً أنه تم لي ذلك». ولعل اللافت أن رئيس المحكمة الميدانية، اللواء محمد كنجو حسن الذي حكم على منير بالترحيل إلى صيدنايا في جلسة محاكمة لم تتجاوز دقيقتين، كان هو نفسه من صادق على خروجه بعد تقاضي رشوة كبيرة عبر شبكة ابتزاز تعمل لصالحه.
هذا علماً أن منير لا يزال حتى الساعة جاهلاً بتهمته. ويقول: «لا أعلم حتى الآن ما هي التهمة الموجهة إليّ ولم أعلم حينها بمدة الحكم أو إذا كنت سأعدم. طوال الفترة التي قضيتها لم أبلّغ بشيء وممنوع أن أسأل. كنت فقط أحاول الاستنتاج من طبيعة الأسئلة الموجهة لي. لكنني لم أعلم شيئاً».
المعتقلون و«بازار» الابتزاز
يوضح منير أن هناك 3 أنواع من حالات الإفراج. الحالة النادرة جداً وهي العفو الرئاسي، وحدث أن منح بشار الأسد عفواً في حالات استثنائية ولأشخاص معينين. والحالة الثانية هي التبادل أي تبادل معتقلين بمعتقلين لدى أطراف أخرى، وهي أيضاً نادرة.
أما الحالة الأبرز والأكثر شيوعاً فهي الابتزاز المالي. ويقول منير: «كان لدى كنجو حسن الذي يملك ثروة طائلة وعقارات، سماسرة يرصدون الصيد الثمين من المعتقلين فيتواصلون مع الأهالي وبشكل رئيسي الأمهات ثم بدرجة ثانية مع الزوجات والأخوات». وأضاف: «نحن في رابطة صيدنايا رصدنا هذا الموضوع، وقمنا بنشر تقرير توعوي للأهالي حول شبكات الابتزاز وقدرنا المبالغ المالية التي حصلت عليها شبكات الابتزاز الأمنية بنحو مليار دولار للفترة الممتدة بين 2011 حتى 2020». وتابع قوله: «منظمات حقوقية أخرى قدرت المبالغ بأكثر من ذلك، لكننا رصدنا الحد الأدنى الذي استطعنا توثيقه بناء على عينة إحصائية وليست عينة مسح».
وتعمل تلك الشبكات بإحياء أمل الأمهات باستعادة المفقود وإثارة خوفهن من خسارة ابن آخر «لينطلق البازار»، على ما يقول منير، ويبدأ إرسال المال مقابل معلومات أو إشارات شحيحة عن المفقود ريثما لا يعود لدى «الزبون» ما يقدمه؛ فإما أن يتم الإفراج فعلياً عن المعتقل وإما أن يصبح الرقم خارج التغطية، أو تُبلغ العائلة بأن الوقت قد فات وأن الابن لم يعثر عليه أو أنه ربما مات. وهنا محظوظة هي العائلة التي تمنح شهادة وفاة أو جثة تدفنها، وغالباً ما يتم ذلك مقابل إجبارها على توقيع شهادة وفاة تقول إن الموت جاء لأسباب طبيعية أو صحية أبرزها توقف القلب أو الاحتشاء أو الفشل الكلوي، علماً أن الشائع هو تسجيل من دون حتى إبلاغ العائلة ولا حتى تسليم جثة.
الموت والتغييب كإجراء إداريّ
«لا شيء متروك للصدفة»، يقول منير ونحن نقف داخل مكتب السجلات في الفرع 215: «كل شيء مسجل ومؤرشف. وهذا جزء من نجاحهم في إطباق القبضة الأمنية. فمهما كان عدد المعتقلين ضخماً ومهما كان الازدحام في الزنزانات شديداً، يمكنهم بلحظة سحب الملف وسحب السجين من أي مهجع أو زنزانة». وبالفعل، شملت سجلات الجرد التي ملأت الرفوف واطلعنا على بعضها، تفاصيل دقيقة عن الأشخاص ومقتنياتهم وأوراقهم الثبوتية وكل ما تتم مصادرته منهم حين توقيفهم. وكان هناك عدد كبير جداً من جوازات السفر المحفوظة، وعلمنا لاحقاً أنها تستخدم لنصب الأفخاخ. فأصحابها غالباً لا يعلمون أنهم مطلوبون لفرع أمني حين يتقدمون باستخراجها أو بطلبات تجديدها، وحين تنجز ويذهبون لتسلّمها يتم اقتيادهم إلى الفرع.
ومن «الأمانات» التي وقعنا عليها في قاعة المحفوظات تلك، كتاب «الاستخبارات المركزية الأمريكية: غول وعنقاء وخل: ماذا فعلت؟» لمحمود سيّد رصاص، وأحذية لأطفال ويافعين، وبطاقة هوية عليها صورة فتى لم يتجاوز سنوات مراهقته الأولى، وكثير من علب المهدئات العصبية ومسكنات الألم بتركيبة الكوديين.
أما من نعتقد أنهم «منسيون» في الأفرع والمعتقلات وبعضهم من جنسيات غير سورية أيضاً، فينطبق عليهم المبدأ نفسه بأن لا شيء متروك للصدفة. فبحسب ما يشرح منير، هناك نوعان من العبارات التي تكتب على إضبارات المعتقلين الذين يتخذ قرار «نسيانهم» أو عملياً قرار إخفائهم قسرياً: العبارة الاولى هي «يحفظ ويذكّر به» وتعني أنه يتعين على السجان تذكير مسؤول الفرع بالمعتقل في فترات متباعدة. والعبارة الثانية هي «يحفظ ولا يذكر به» فيعطى رقماً ويصبح بالإمكان إما الإبقاء عليه أو تصفيته.
قاعة إعدام وكابوس البطانيات
غادرنا قسم العمل البيروقراطي والإداري المتقن وهبطنا إلى الطوابق السفلية. هنا المهاجع والزنزانات المنفردة وقاعة تدريب على الرماية تحولت مكان اعتقال جماعي وتعذيب في فترات الذروة، ثم مسرحاً لإعدامات ميدانية وثقتها الرابطة ومنظمات حقوقية ومنحت الفرع 215 برمته سمعته بأنه «فرع الموت». لا يزال المكان يعبق بما شهده من فظاعات. ولا تزال الجدران السوداء في قاعة الإعدام تلك سقفها يحمل تركات ماض ليس ببعيد. الرائحة تثير الإعياء.
فجأة انتابت منير فورة غضب عارم فراح يضرب باب زنزانته برجليه ويديه حتى كاد يدميها. ثم تماسك، وغالب دموعه وتابع المسير.
في بعض المهاجع كانت بقايا خبز وعلب لبن فارغة وحبات طماطم تآكلها العفن مرمية على الأرض المتسخة أو فوق بطانيات رثة هي كل ما يشكل أثاث هذه القاعات. لا شيء إلا الجدران والبطانيات وحفرة صحية مكشوفة لقضاء الحاجة. على الجدران كتابات تخطر ببال ولا تخطر، محفورة بالأظافر أو أغطية علب اللبن. مناجاة وأسماء وتواريخ ومعادلات رياضية معقدة يقول منير إنها تهبط على الشخص في لحظات صفاء الذهن المطلق كما يحدث في السجن.
البطانيات التي يحمل بعضها دمغة «مفوضية اللاجئين» التابعة للأمم المتحدة (UNHCR) وتشكل الأثاث الوحيد في هذه القاعات المغلقة تستخدم لأي شيء وكل شيء حتى أصبحت بؤرة جراثيم وبكتيريا وقمل تتسبب بتقرحات ونقل أمراض وعدوى بين المعتقلين خصوصاً في حالات الجروح المفتوحة. وليس نادراً أن تتفشى الغرغرينا في مهجع ما لأسباب كثيرة، أحدها هذه البطانيات نفسها. ويقول منير: «أحياناً كثيرة يموت سجين فيتركونه هنا لساعات أو أيام، بين رفاقه الأحياء، جثة ملقية على هذه البطانيات التي يعاد استخدامها لأغراض أخرى».
في آخر الرواق ليس بعيداً من القاعات الجماعية التي لا تتجاوز مساحتها 35 متراً مربعاً ويحشر فيها 200 شخص أو أكثر أحياناً بحسب المواسم، تصطف المنفردات فتبدو كأنها قبور منتصبة لا يمكن أن تتسع لحركة آدمي. ولكنها، وعلى الرغم من ذلك تبقى «مرتجى» كثيرين لأنها تبعد عنهم ولو قليلاً رعب البطانيات ذاك.
الرعب المعمّم خارج السجن
لعل أحد أوجه القسوة والترهيب المعمم في سوريا على مدى العقود الماضية، يكمن في اختيار مواقع هذه المعتقلات بين الأحياء السكنية في دمشق وتفرعات الشوارع كأنما لفرض التطبيع مع العنف الدائر داخلها. فإذا كان سجن صيدنايا بعيداً عن العين والمخيلة اليومية للناس العاديين، فإن هذه الأفرع تنتشر وسط العاصمة بمحاذاة حياة «طبيعية»، تجري خارجها.
فللوصول إلى الفرع 215 الواقع ضمن المربع الأمني بين حي كفرسوسة والمزة، الذي شكل المحطة الأولى في رحلة الاعتقال المستعادة مع منير، مررنا عبر «أوتوستراد المزة» الشهير وانعطفنا قليلاً ثم دخلنا من بوابة مفتوحة على الشارع كأننا نتوجه إلى أي دائرة حكومية في فضاء عام. ثم لدى انتهائنا من الزيارة وخروجنا من ظلمة السراديب إلى ضوء النهار، بدت فجأة من الجهة الخلفية مبانٍ إدارية تطل نوافذ مكاتبها على باحات هذا المكان، وكأننا بالموظفين يسترقون النظر إليه خلال استراحات القهوة والسجائر ثم يعودون هم أيضاً إلى عمل بيروقراطي متقن آخر. وعلى الجانب الآخر، ثمة مبانٍ سكنية لها شرفات مظللة ضاقت بالغسيل المنشور عليها وتطل بدورها على الفرع. حمل مشهد الغسيل ألفة غامرة وخوفاً في آن. عندها تصدق قصص كثيرة عن عائلات غيرت سكنها وباعت بيوتها لتتخلص من هذه الجيرة الثقيلة، ولعجز أفرادها عن الاستمرار في سماع صوت التعذيب المتسلل إلى غرف المعيشة وحجرات المنام.
«قسم الرضوض»… وصور قيصر
يفيد تعميم مسرب منتصف 2018، ومؤرخ في 18/12/2012 صادر عن رئاسة فرع المخابرات العسكرية بأنه «يطلب من جميع الأفرع الأمنية الخاضعة لها الإبلاغ عن وفاة أي سجين، في اليوم نفسه وإبلاغ رئيس الفرع شخصياً عبر (التلغرام) مع ذكر سبب الاعتقال ونتائج التحقيق وسبب الوفاة».
هذه وثيقة تستخدمها اليوم مجموعات حقوقية لمقاضاة الجناة دولياً، وتعدّ اعترافاً صريحاً بوقوع الوفيات، لكنها أيضاً إقرار بأن تلك الوفيات بأعدادها الهائلة، تجري بمعرفة وقرار مباشر من أعلى هرم القيادة. ويعد الفرع 215 السابق الذكر محطة أساسية في «خط الإنتاج» ذاك، يليه «قسم الرضوض» في مستشفى المزة العسكري (يوسف العظمة سابقاً) المعروف بالـ601، «حيث يتم تخريج الوفيات بطريقة طبية أو يتم الإجهاز على المرضى بشكل طبي أيضاً»، بحسب ما يقول منير.
وكان «قسم الرضوض» استحدث بعد الثورة في 2011 ضمن المبنى القديم للمستشفى الذي يعود إلى حقبة الانتداب الفرنسي لـ«معالجة» المعتقلين بعدما ارتفعت وتيرة التعذيب والقتل بشكل منهجي في الأفرع وأعداد الضحايا، وبرزت حاجة لـ«تصريف» الجثث وتخفيف الاكتظاظ. وذلك بالتزامن مع جعل «قسم الرضوض» مكاناً إضافياً للتعذيب «الطبي» هذه المرة، ثم حفظ الجثث وأرشفتها وترقيمها، وأبرزها تلك التي ظهرت في صور قيصر وتم تصويرها في باحة هذا المكان.
ويشرح منير دور الطاقم الطبي فيقول: «المشرفون على قسم الرضوض هم بشكل أساسي أمنيون وأطباء عسكريون، فالقسم يخضع لإدارتين أمنيتين هما: الأمن العسكري والأمن الجوي لكل منهما عزرائيل كما كنا نسميهما، لأنهما كانا كثيري القتل والتفنن به».
وبحسب منير، وهو ما تمت مقاطعته من مصادر أخرى أيضاً، كان عدد غير قليل من الأطباء والممرضين وحتى الممرضات متواطئين إلى حد بعيد مع العسكريين فكانوا «يرشدونهم» إلى طريقة ضرب تؤدي إلى نزف داخلي مثلاً أو فشل كلوي أو اختناق من دون أن تظهر بالضرورة على الجسد آثار تعذيب واضحة، ما يسهل تبرير سبب الوفاة في السجلات الرسمية، وتسجيلها وفاة طبيعية لتكتمل دورة العمل الإداري والبيروقراطي الدقيق.
لم يكن ممكناً دخول المستشفى لمعاينة «قسم الرضوض» الذي رقد فيه منير لفترة وقد كان في حالة سيئة جداً وخسر وزناً كثيراً. فقد أغلق المكان وتحول إلى مقر شبه عسكري تابع لـ«الهيئة». عند السور الحجري الكبير، علقت عشرات صور المفقودين وأسماؤهم وأرقام هواتف ذويهم علّ أحداً يتعرف عليهم أو يمكنه الإفادة بمصيرهم. خلال انتظارنا لنحو ساعتين عند البوابة الرئيسية للمشفى، توافدت سيارات كثيرة بطلبات مختلفة من تسليم سلاح فردي، ومراجعين لأقسام طبية لم تعد موجودة، إلى موظفة سابقة تريد استعادة أغراض شخصية من مكتبها مقابل أن تسلم مفتاحها. كغيرها، عادت أدراجها خائبة، فوحده تسليم السلاح لقي تجاوباً وترحيباً من العناصر المسلحة.
أما منير، وقبل أن يعود إلى احتفالات ساحة الأمويين، توقف طويلاً عند لوحة رفعت على المدخل الرئيسي تقول: «إدارة المشفى تتمنى لمرضاكم الشفاء العاجل».
الشرق الأوسط
———————————-
“مستقبل سوريا بعد النصر”.. لقاء خاص مع العقيد رياض الأسعد
2025.01.17
أكد العقيد رياض الأسعد، أحد أوائل الضباط المنشقين عن جيش النظام السابق ومؤسس الجيش السوري الحر، أن زيارته الحالية إلى دمشق تأتي في إطار مهمة تهدف إلى متابعة التطورات على الأرض، والتباحث مع المسؤولين حول المرحلة المقبلة، مضيفاً أنه التقى بعدد من السياسيين والعسكريين، حيث دار النقاش حول مستقبل سوريا وسبل التعامل مع القضايا في المرحلة الحالية.
وأشار الأسعد، في لقاء مع تلفزيون سوريا، إلى أن العديد من التساؤلات تُطرح حول مصير البلاد، خاصة من المدنيين والعسكريين الذين انشقوا عن النظام. وقال: “الناس بدأت تتساءل عن المرحلة الانتقالية، وعن كيفية تحقيق الاستقرار بعد النصر، هناك أسئلة تتعلق بالاقتصاد، الوظائف، ومستقبل المهجرين، وهي قضايا تحتاج إلى إجابات واضحة”، وأوضح أن هناك شعوراً لدى البعض بغياب خطط ملموسة لمعالجة هذه القضايا.
الضباط المنشقون ودورهم في المرحلة المقبلة
فيما يخص الضباط المنشقين، أوضح الأسعد أن عددهم يصل إلى نحو 6000 ضابط، منهم من انضم إلى الفصائل، ومنهم من لجأ إلى أوروبا نتيجة الظروف الصعبة، بينما اختار البعض البقاء على الحياد لرفضهم الارتباط بدول أو قبول دعم مشروط.
وأشار إلى أن الأولوية الحالية تتمثل في إعادة هيكلة الفصائل ودمجها ضمن الجيش، وناقش الأسعد ملف دمج الفصائل، مشيراً إلى العقبات الكبيرة التي تواجه هذا الملف، موضحاً أن بعض الفصائل تطالب بالمحاصصة أو مكاسب معينة، مما يعقّد عملية الدمج، بالتالي، حل هذه القضية يتطلب رؤية شاملة وجدولاً زمنياً واضحاً.
وشدد الأسعد على ضرورة وضع خطط واضحة وجداول زمنية لحل المشكلات الحالية. وأبدى عدم رضاه عن الإجابات العامة التي تُطرح، مشدداً على أهمية تقديم حلول عملية وواقعية تعكس تطلعات الشعب وتضمن الاستقرار في المرحلة المقبلة.
وكشف الأسعد عن تحديات تواجه الضباط المنشقين في المرحلة الحالية، مشيراً إلى وجود نوايا لاستثمار بعض الضباط الذين كانوا جزءاً من النظام السابق بسبب خبراتهم. وأكد أن تلك الخطط ليست محصورة بمجال الطيران، بل تمتد إلى مختلف المستويات والرتب، بما فيها الصغيرة، التي شارك أصحابها في انتهاكات وأعمال قمع خلال الحقبة السابقة.
الأوضاع المعيشية للضباط العائدين
تطرق الأسعد إلى الوضع المعيشي الصعب للضباط المنشقين العائدين إلى سوريا، مشيراً إلى أنهم يواجهون تحديات كبيرة، مثل تدمير منازلهم وعدم توفر دعم مالي أو حتى تقدير بسيط لجهودهم.
وأوضح أن هؤلاء الضباط يحتاجون إلى دعم مالي وإجراءات ملموسة تضمن عودتهم إلى حياتهم الطبيعية.
وأبدى العقيد الأسعد تخوفه من تكرار سيناريوهات التهميش التي وقعت في تجارب سابقة، مثل تأسيس حكومة الإنقاذ، حيث شعر المنشقون بالإقصاء. وشدد على ضرورة تقديم جدول زمني واضح للإصلاحات، مع خطط شاملة لإعادة دمج المنشقين في المؤسسات العسكرية والمدنية.
وزير الدفاع السوري: نسعى إلى ترميم الفجوة بين القوات المسلحة والشعب
وأكد الأسعد أن قضية دمج الفصائل المسلحة في الجيش السوري الجديد تُعتبر من أكثر الملفات تعقيداً، مشيراً إلى أن الفصائل تضع شروطاً ومطالب تعيق عملية الدمج.
وأوضح أن الاجتماعات الجارية حتى الآن لم تسفر عن خطوات فعلية، وأن هناك حاجة ماسة لخطوات عملية تعزز الثقة وتضمن استقرار البلاد.
وأكد العقيد أن المرحلة الحالية تتطلب تعاوناً إيجابياً من الجميع مع الحكومة والقيادة الجديدة، مشيراً إلى أهمية المساندة بالكلمة والعمل لتحقيق الاستقرار وبناء الدولة. لكنه شدد على ضرورة الانتقال لاحقاً إلى مرحلة المطالبة بالحقوق، خاصة مع مواجهة المواطنين لمتطلبات حياتية ملحة.
وأوضح أن كثيراً من عناصر الفصائل لا يملكون موارد كافية لتأمين أساسيات الحياة، ما يجعل تأمين الدعم المالي أولوية ضرورية.
وشدد الأسعد على أن تشكيل الأجهزة الأمنية يجب أن يكون من أولويات المرحلة الحالية، مشيراً إلى أن الأمن والاستقرار لا يمكن تحقيقهما دون شرطة مدربة قادرة على ضبط الأوضاع.
وأوضح أن الاعتماد على العناصر المنشقّة عن النظام، الذين يمتلكون خبرات أمنية واسعة، يمكن أن يساهم في سد الفجوة الحالية بدلاً من اللجوء إلى متطوعين يفتقرون إلى الخبرة.
ودعا الأسعد إلى وضع خارطة طريق واضحة تتضمن مراحل زمنية محددة لتحقيق الإصلاحات وإعادة بناء مؤسسات الدولة، لافتاً إلى أن الناس بحاجة إلى تطمينات ووعود واضحة لضمان استمرارية الدعم الشعبي للحكومة.
وانتقد الأسعد ترفيع شخصيات مدنية إلى رتب عسكرية عليا بشكل مباشر، في وقت تم فيه تجاهل ضباط ذوي خبرات واسعة لم تتم الاستفادة منهم حتى الآن، موضحاً أن هذا التمييز يثير تساؤلات حول آليات اتخاذ القرارات في المرحلة الحالية.
واختتم الأسعد حديثه برسالة للشعب السوري، حثّهم فيها على التكاتف والتعاون لعبور هذه المرحلة الحرجة، مشيراً إلى أن الصبر مطلوب لتحقيق الأمن والاستقرار، كما أعرب عن تفاؤله بأن الشعب السوري، الذي صبر طوال 14 عاماً، سيواصل نضاله لتحقيق أهدافه وبناء سوريا الجديدة.
——————————–
«قسد» ترفض تسليم معتقلي «داعش» لدمشق بلا ضمانات أمنية
تنسيق عراقي – أميركي لإعادة ألفي معتقل وإدماج لاجئي المخيمات
دمشق: كمال شيخو بغداد: حمزة مصطفى
16 يناير 2025 م
نفى قيادي من قوات سوريا الديمقراطية «قسد» التي تسيطر على مساحات واسعة شمال شرقي سوريا، وجود اتفاق مع الإدارة السورية الجديدة على تسليم إدارة السجون ومعتقلي تنظيم «داعش» إلى دمشق، مؤكداً في الوقت نفسه نقل مئات العراقيين منهم على دفعات، وأكثر من 3 آلاف لاجئ من مخيمات «الهول» و«روج» إلى العراق خلال عام 2024.
يأتي ذلك في وقت كشف مسؤول عراقي عن أن السلطات في بغداد تستعد لإعادة ألفي معتقل عراقي من سجون «قسد»، التي تقول إنها تحتجز نحو 4 آلاف عراقي من «داعش» في سجون الإدارة الذاتية.
وقال سيامند علي مدير إعلام «وحدات حماية الشعب» الذراع العسكرية لـ«قسد»، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن مناطق شمال شرقي سوريا تضم نحو 26 سجناً، يحتجز فيها أكثر من 12 ألف معتقل قاتل في صفوف «داعش» يتحدرون من 55 جنسية غربية وعربية، أغلبهم من السوريين والعراقيين.
وهناك نحو 4 آلاف معتقل من الجنسية العراقية في سجون الإدارة الذاتية، اعتقلوا خلال معركة بلدة الباغوز شرق سوريا قبل نحو 6 سنوات، وفقاً لإعلام «قسد».
ويتوزع المعتقلون على 26 سجناً بينها 7 سجون مكتظة في مدن وبلدات خاضعة لمناطق الإدارة الذاتية، أكبرها «غويران» الذي يقع في مركز الحسكة، ويؤوي نحو 5 آلاف محتجز بينهم أجانب من جنسيات مختلفة، شهد أعمال شغب وعصيان وتمرد مسلح قبل 5 سنوات.
وأوضح المسؤول الإعلامي الكريد أن أي مفاوضات مع إدارة دمشق الجديدة بشأن ملفات حساسة مثل معتقلي «داعش» وعائلاتهم في مخيمي «الهول» و«روج»، «تحتاج إلى مداولات شاملة لضمان توافقها مع مصالح الأطراف المعنية، بهدف سلامة الأوضاع الأمنية في مناطقنا، وعموم المنطقة».
ضغط أميركي
تأتي هذه التصريحات وسط تحركات أميركية متزايدة لحل أزمة معتقلي «داعش»، المحتجزين في سجون «قسد» بشمال شرقي سوريا، وطالب الجنرال مايكل كوريلا قائد القوات المركزية الأميركية المسؤولين العراقيين، خلال لقاء في بغداد، الخميس، بإعادة معتقلي «داعش» من الجنسية العراقية من مرافق الاحتجاز التي تسيطر عليها قوات «قسد» بسوريا.
وتعليقاً على دعوات كوريلا بضرورة إعادة حكومة بغداد المسلحين العراقيين، أوضح سيامند علي أن «قسد» متعاونة مع التحالف الدولي وواشنطن في هذا الملف.
وتابع: «تم نقل مئات السجناء العراقيين على دفعات من تنظيم (داعش) ونحو 3203 لاجئين عراقيين من مخيمات الهول وروج إلى العراق خلال عام 2024، وكانت هناك دفعات ثانية أقل خلال السنوات السابقة»، دون ذكر أرقام محددة.
وشدّد القيادي الكردي على أن قيادة «قسد» ملتزمة بمعايير القانون الدولي الإنساني في التعامل مع ملف معتقلي «داعش»، وأن «أي قرارات مستقبلية ستكون مدروسة بعناية بالاستناد إلى ضمان استقرار المنطقة وحمايتها من أي تهديدات إرهابية»، على حد تعبيره.
وكانت قوات «قسد» قد سلمت الحكومة العراقية خلال عام 2024 أكثر من 300 سجين عراقي متهمين بالقتال في «داعش»، من بينهم اثنان من قادة التنظيم يشتبه بتورطهما في عمليات قتل جماعية لجنود عراقيين في واقعة عرفت فيما بعد بمجزرة سبايكر عام 2014.
تحضيرات عراقية
بدوره، كشف مسؤول أمني عن أن ألفي معتقل عراقي من عناصر «داعش» معتقلين في سوريا، سيعودون إلى بلادهم تمهيداً لنقلهم إلى أحد السجون التابعة لوزارة العدل.
وقال المسؤول في مستشارية الأمن الوطني العراقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن عودة المعتقلين العراقيين «مرهونة بالتحضيرات الأمنية التي تعمل عليها السلطات العراقية بالمشاركة مع الأميركيين، وتأتي أيضاً في إطار اتصالات مع أطراف سورية».
ورفض المسؤول العراقي الحديث عما إذا كان من بين المعتقلين العراقيين قيادات بارزة في تنظيم «داعش»، لكنه أكد أن «جميعهم سيعودون إلى البلاد، وسيعرضون على القضاء العراقي».
وكانت اللجنة العليا المسؤولة عن ملف المعتقلين العراقيين في سوريا ناقشت، الخميس، بحضور مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي ورئيس جهاز المخابرات حميد الشطري مع وزيرة الهجرة إيفان جابرو الآليات التي سوف يتم اتباعها لعودة المعتقلين.
وطبقاً لبيان صحافي عن مكتب الأعرجي، فإن اللجنة «اتخذت سلسلة قرارات مهمة لمعالجة ملف العراقيين الدواعش، وفق تقييم أمني طارئ وسترفع توصياته إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني».
وأعلن مستشار الأمن القومي، مطلع الأسبوع، أن العراق كان قد أعاد أكثر من 2600 عائلة من شمال شرقي سوريا، مشيراً إلى استمرار خطر «داعش» وضرورة التعاون الدولي لتعزيز الأمن والاستقرار.
لاجئو المخيمات
من جانبه، قال عبد الكريم عمر منسق الإدارة الذاتية الكردية في أوروبا، لـ«الشرق الأوسط»، إنهم عقدوا اجتماعات عدة مع الحكومة العراقية خلال العام الماضي 2024، لبحث وضع اللاجئين العراقيين القاطنين في مخيمات الإدارة منذ سنوات.
وأوضح عمر أن «عدد العراقيين يقدر بنحو 18 ألف لاجئ، موزعين بين مخيم الهول ومناطق أخرى، وتم تسجيل أكثر من 10 آلاف عراقي، معظمهم من النساء والأطفال يريدون العودة لبلادهم، وسلمنا قوائم أسمائهم للوفود العراقية التي زارت مناطقنا العام الماضي».
لكن الذين يرفضون العودة لأسباب أمنية تتعلق بانتماء أحد أفراد العائلة لتنظيم «داعش» لم يبادروا بالتسجيل في قوائم العودة، وفق عمر الذي ذكر أن «الإدارة الذاتية لن تضغط عليهم لإعادتهم، وسيعاملون وفق العهود والمواثيق الدولية».
وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان قد طالب الإدارة السورية الجديدة بتسليم مسلحي «داعش» المعتقلين في سوريا إلى الدول التي يحملون جنسياتها، في إطار ضغط تركي متزايد لنزع سلاح الفصيل الكردي، والتلويح بشن هجوم بري على مناطق الإدارة الذاتية.
—————————-
الشيباني يؤكد العمل على دستور شامل لسوريا ويطالب بالضغط على إسرائيل
تحديث 17 كانون الثاني 2025
أكد وزير الخارجية في الإدارة السورية المؤقتة أسعد الشيباني، أنه سيتم خلال المرحلة الانتقالية «وضع دستور على أساس الحوار الوطني يضمن حقوق جميع السوريين على قدم المساواة»، مشدداً على «التمسك بوحدة سوريا وسيادتها، واتخاذ خطوات سريعة لمكافحة الإرهاب».
في موازاة ذلك، أكدت تركيا دعمها لإدارة دمشق، والاستمرار في عملياتها ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تقود «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).
وقال الشيباني إن «الشعب السوري لم يسأل منذ أكثر من 50 عاماً عن نوع الدولة أو الإدارة التي يريدها، لكن هناك الآن تطور استراتيجي، ففي إطار الحوار الوطني سيجتمع كل السوريين، ويعبّرون عن رغباتهم».
حوار وطني ودستور
وأضاف في مقابلة تلفزيونية على هامش زيارته لتركيا على رأس وفد ضم وزير الدفاع مرهف أبو قصرة، ورئيس المخابرات أنس خطاب: «نريد أن تكون سوريا دولة مستقلة ذات سيادة، الشعب السوري شريك أساسي، والدستور الحالي لم يكن الدستور المرغوب فيه، والإدارة الجديدة تريد أن يعمل الشعب السوري معاً على وضع الدستور الجديد للبلاد».
الشيباني خلال مقابلة مع قناة «تي آر تي» التركية الحكومية خلال زيارته لأنقرة (إعلام تركي)
وأكد أن «سوريا لا يمكن تقسيمها إثنياً أو جغرافياً»، لافتاً إلى أن النظام السابق، الذي استمر لمدة 50 عاماً «كان سبباً رئيساً في تفكيك البلاد، والآن لا نريد أن يحكمنا نظام تستأثر به مجموعة معينة، بل يجب أن يكون هناك تمثيل لجميع فئات شعبنا من دون تمييز، سواء كان ذلك دينياً أو مذهبياً أو عرقياً».
وفيما يتعلق باللاجئين السوريين، أوضح الشيباني أن «هناك نحو 15 مليون سوري هاجروا أماكنهم داخلياً أو خارجياً، والإدارة الجديدة تسعى إلى إعادة مواطنيها بشكل آمن وكريم إلى وطنهم، وستعمل على تهيئة الظروف اللازمة لعودتهم في أقرب وقت، وضمان العيش بكرامة».
وفي هذا الإطار، دعا إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا، مؤكداً أنه «لم يعد هناك مبرر لاستمرارها بعد رحيل النظام السابق… العقوبات هي واحدة من المشاكل التي خلّفها النظام السابق، لكن لم يعد هناك مبرر لبقائها، وقد تم منح بعض الاستثناءات، لكننا نريد أن يتم رفع هذه العقوبات بشكل كامل، حتى يتمكن الناس من العيش في ظروف اقتصادية أفضل».
ولفت إلى أهمية الدبلوماسية السورية في المرحلة المقبلة، وقال إن «الأولوية هي لتعريف سوريا بالمجتمع الدولي، وتعزيز العلاقات مع الدول الصديقة والشقيقة، والإدارة الجديدة تسعى إلى نقل طلباتها مباشرة إلى المجتمع الدولي وشرح خططها المستقبلية»، مشدداً على أن «صورة النظام السابق يجب ألا تتكرر في ذهن المجتمع الدولي».
وفيما يتعلق بمحاكمة الرئيس السوري السابق بشار الأسد ورموز نظامه، أكد الشيباني أن «الإدارة السورية تعمل على تحقيق العدالة، وأن المقابر الجماعية التي تم اكتشافها أظهرت حجم الجرائم التي ارتكبت في عهد النظام السابق، والحكومة المؤقتة تواصل العمل من أجل محاكمة المسؤولين عن الجرائم بحق الشعب السوري».
الهجمات الإسرائيلية
وعن الهجمات الإسرائيلية في الأراضي السورية، وكيف ستتعامل إدارة دمشق معها، قال الشيباني إن «إسرائيل هاجمت قواعد ومناطق عسكرية، ويجب علينا بالتأكيد الدفاع عن وطننا وحماية الشعب السوري، ونحن في حالة تأهب ضد التهديدات الجديدة».
وأضاف: «أرسلنا رسائل بأن سوريا لن تكون مصدر تهديد لأي دولة، بما في ذلك إسرائيل، وكما يريدون أن يحفظوا أمنهم يجب أن يحافظوا على أمن الآخرين، أكدنا التزامنا باتفاقية عام 1974 التي تنص على وضع قوات فصل بين الأراضي السورية والحدود الإسرائيلية، وبهذه الطريقة يستطيع الطرفان أن يحفظا أمنهما بمراقبة دولية».
وتابع: «ندعو المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة إلى ممارسة الضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي السورية»، لافتاً إلى «أن الإسرائيليين استخدموا في الفترة السابقة (حزب الله)، ونظام الأسد، والميليشيات الإيرانية، ذريعة لقصف سوريا، ومع إزالة هذه المخاطر كان يجب عليهم أن يحترموا سيادة سوريا، وألا يتدخلوا في أراضيها».
وعن التهديدات التي تشكلها المنظمات الإرهابية، ومنها تهديدات المسلحين الأكراد للحدود التركية، قال الشيباني إن «أمن سوريا هو أمن تركيا والعكس». وأكد أن الإدارة السورية «ستتعامل بسرعة مع هذه التهديدات، وتتوقع نتائج إيجابية».
كان الشيباني أكد، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة ليل الأربعاء – الخميس عقب مباحثات بين الجانبين، أن إدارة دمشق «لن تسمح بأن تكون الأراضي السورية مصدراً لتهديد الدول المجاورة».
ولفت إلى أن دمشق «تدرك موقف تركيا تجاه شمال شرقي سوريا، وإدارتها تعمل على التوصل إلى حل لهذه المشكلة من خلال الحوار».
العمليات ضد «قسد»
في السياق ذاته، أكدت وزارة الدفاع التركية أن قواتها «ستواصل مكافحة التنظيمات الإرهابية التي تشكل تهديداً على أمن تركيا وسوريا والمنطقة».
وقال مستشار العلاقات العامة والإعلام بوزارة الدفاع، في إفادة صحافية الخميس إن «التنظيمات الإرهابية في سوريا، سواء (داعش)، أو (حزب العمال الكردستاني) – وحدات حماية الشعب الكردية – قسد، هي أهدافنا المشروعة».
وأضاف أنه «في سوريا، حيث تتواصل الجهود الرامية لإرساء الاستقرار وضمان العودة الكريمة للاجئين، سنواصل دعمنا لإرساء الأمن الدائم بشكل أقوى من الأمس، ونؤكد أننا سنتعاون مع الإدارة الجديدة في تعزيز قدرات سوريا الدفاعية والأمنية وفي مكافحة الإرهاب».
أحد مقاتلي الفصائل الموالية لتركيا يشاهد عن بُعد الدخان المتصاعد نتيجة القصف التركي على محور سد تشرين (أ.ف.ب)
في السياق، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الطيران التركي شنّ، الخميس، 5 غارات جوية متتالية على مواقع في محيط «سد تشرين» بريفي منبج، وعين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، ما أسفر عن مقتل مدني وإصابة 10 آخرين، بينهم أطفال ونساء، بجروح متفاوتة.
كما نفّذ الطيران التركي غارتين على موقعين لـ«قسد» في قرية صكيرو بريف الرقة الشمالي، ومنطقة الجرنية بريفها الغربي، بالتزامن مع قصف مدفعي استهدف قرية الشركة في التروازية بريف عين عيسى.
الشرق الأوسط
————————————
جريمة بددت أحلام آلاف المزارعين.. جنود النظام السابق اقتلعوا الأشجار من جذورها
أحمد العكلة
17-يناير-2025
اصطحب محمد الشعبان والده المسنّ من منطقة مخيمات سرمدا في ريف إدلب الشمالي إلى بلدة حاس الواقعة في ريف إدلب الجنوبي، بعد سيطرة مقاتلي إدارة العمليات العسكرية عليها في اليوم الثالث عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، عقب طرد قوات نظام الأسد المخلوع منها.
الشعبان تهجّر مع عائلته من بلدته مع آلاف العائلات، إثر حملة عسكرية شنّها نظام الأسد عام 2019، تمكّن خلالها من السيطرة على عشرات القرى والمدن في ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي.
عند وصول محمد ووالده إلى البلدة، شهدا كارثة حقيقية لم تكن في الحسبان، إذ كانت قريتهم مدمّرة بالكامل، بعد أن قام جنود النظام المخلوع بنهب الحديد من أسقف المنازل المهدّمة وقلع آلاف أشجار الزيتون.
يتحدث محمد بحرقة لموقع “ألترا صوت” عن دموع والده المسنّ التي انهمرت أمام أرضه، التي كانت تحتضن مئات أشجار الزيتون التي اعتنى بها لسنوات طويلة قبل أن يقوم جنود النظام المخلوع بقلعها من الجذور وبيعها كحطب في الأسواق.
اقتلاع أشجار الزيتون
ويضيف محمد أن والده توفّي قهرًا بعد يومين من عودته إلى البلدة، بعدما رأى المشهد المروّع. وأوضح أن تلك الأشجار كانت بالنسبة لوالده بمثابة ابن مدلّل أفنى عمره في رعايته، وفقد الأمل في أن تعود للحياة مجددًا.
وبعد سقوط النظام السوري السابق وهروب جنوده من جميع المحافظات السورية، عاد آلاف المزارعين إلى قراهم ومناطقهم ليجدوا كارثة حلت عليهم، حيث قلع جنود النظام عشرات آلاف أشجار الزيتون التي يزيد عمر بعضها على مئة عام.
ولم يكتفِ الجنود بقطع الأشجار وبيعها كحطب في الشتاء، بل عمدوا إلى قلع الجذور أيضًا لمنعها من النمو مجددًا، علمًا بأن الزيتون يُعدّ المصدر الرئيسي للدخل في إدلب وشمال حماة.
وكان آلاف المزارعين يعتمدون على بيع زيت الزيتون سنويًا لتأمين احتياجات معيشتهم، لكن قطع الأشجار حرم المنطقة من عشرات آلاف النباتات المثمرة، مما ينذر بكارثة بيئية.
ياسر العوض، وهو مزارع يمتلك هكتارات من الأراضي الزراعية في ريف إدلب الجنوبي، كان يعتمد سنويًا على بيع زيت الزيتون من أراضيه التي كانت تمنحه مواسم وفيرة. يقول العوض لموقع “ألترا صوت” إنه فقد جميع أشجاره، التي يزيد عمر بعضها على مئة عام. وأوضح أنه كان يوفر مبلغًا ماديًا كل عام لشراء المزيد من أراضي الزيتون لزيادة دخله السنوي، لكن هذا الرزق بات في مهب الريح.
اقتلاع أشجار الزيتون
وأشار العوض إلى أن جنود النظام السوري السابق بدؤوا في بداية سيطرتهم على القرى بقطع الأشجار وبيعها كحطب، مما ترك بصيص أمل في عودة الحياة للأشجار لاحقًا. ولكن بعد طول بقائهم، استخدموا آليات ثقيلة لاقتلاع جميع الأشجار من الجذور، لتحوّل المنطقة إلى صحراء جرداء.
وكان مقاتلو المعارضة السورية المرابطون على خطوط التماس مع النظام السابق يسمعون يوميًا صوت المناشير التي تقطع الأشجار ليلًا في القرى التي كان يسيطر عليها النظام السابق. كما انتشرت فيديوهات على مواقع التواصل تظهر الجنود وهم يقطعون أشجار الزيتون، إلا أن المزارعين كانوا يأملون في نجاة جزء من أشجارهم.
ويؤكد المهندس الزراعي مجد الفيصل أن ما فعله جنود النظام السابق جريمة بحق الزراعة والبيئة، إذ كبّد المزارعين خسائر تقدّر بعشرات ملايين الدولارات. وأضاف أن المنطقة التي سيطر عليها النظام السابق كانت تضم ملايين الأشجار من الزيتون والفستق الحلبي والتين، وكانت مواسمها تُصدَّر لدول مختلفة. وبيّن أن اقتلاع تلك الأشجار غيّر ملامح القرى وأضرّ بالبيئة، حيث كانت كثافة الأشجار تمنح المنطقة طقسًا نقيًا.
ويناقش المزارعون في مناطق ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي إمكانية تعويض مواسمهم عبر زراعة أنواع من شتول الزيتون الإسباني التي تثمر خلال سنوات قليلة. بينما فضّل آخرون زراعة أشجار التين التي تعطي ثمارًا في وقت قصير. وهناك من قرر زراعة الزيتون السوري التقليدي، على أمل أن يحصد أبناؤهم ثماره بعد سنوات طويلة.
وطالب آلاف المزارعين بوضع آليات قانونية لملاحقة الجنود والورشات التي ارتكبت أعمال تخريب وقلع للأشجار وتدمير المنازل، بالإضافة إلى المطالبة بتعويضات عن الأضرار التي لحقت بهم، كجزء من تحقيق العدالة.
محمد السليم، وهو حقوقي سوري، أكد على ضرورة تشكيل محاكم خاصة للنظر في هذه القضايا، ورفع دعاوى ضد الجنود والورشات التي استقدمها ضباط النظام السابق. وأشار إلى أن بعض المزارعين يمتلكون صورًا وأدلة توثق هذه الانتهاكات، ما يسهل عملية التحقيق معهم.
جدير بالذكر أن معظم المهجرين من قرى ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي لا يزالون يعيشون في الخيام، بسبب الدمار الذي لحق بمنازلهم وأراضيهم، وعدم قدرتهم على ترميم بيوتهم أو استعادة أرزاقهم.
الترا صوت
——————————-
===================