وزير الدفاع السوري اللواء مرهف أبوقصرة : هكذا خططنا لمعركة “ردع العدوان”… وإسقاط الأسد
(1 من 2)
اللواء مرهف أبو قصرة يكشف في حديث شامل، تفاصيل الخطط العسكرية التي بدأت قبل 4 سنوات من بدء معركة الدخول إلى حلب ثم دمشق العاصمة
إبراهيم حميدي
دمشق – اللواء مرهف أبو قصرة وزير الدفاع في الحكومة السورية الجديدة، أحد أبرز القيادات في العهد الجديد ليس بحكم منصبه وحسب، بل بحكم دوره سواء بلعب دور قيادي في عملية “ردع العدوان” التي انطلقت في 27 نوفمبر/تشرين الثاني وانتهت بإسقاط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول، أو بدوره في الإعداد لهذه المعركة من جميع الجوانب:العقيدة والتدريب والتسليح والتخطيط، بقيادة أحمد الشرع رئيس “هيئة تحرير الشام”، الشيخ “أبو محمد الجولاني”، الاسم الحركي السابق.
وإضافة إلى دوره السابق، فإن اللواء أبو قصرة، الذي يعرف باسم “أبو حسن 600” نسبة إلى اسمه الحركي السابق خلال قيادة الجناج العسكري في “الهيئة”، يتولى حاليا عملية تأسيس الجيش السوري الجديد، ليكون مختلفا كليا عن الجيش السابق. وعقد عشرات اللقاءات مع قادة الفصائل والتنظيمات العسكرية للوصول إلى أفضل هيكلية للجيش.
حملت إلى اللواء أبو قصرة في مكتبه بمبنى هيئة الأركان قرب ساحة الأمويين وسط دمشق، الكثير من الأسئلة في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سوريا، تتعلق بالإعداد لـ”ردع العدوان” وإسقاط الأسد والتدريبات العسكرية وقصة المسيرة “شاهين”، إضافة إلى الموقف من التهديدات الإسرائيلية والإيرانية، والعلاقات مع الدول العربية، والمؤتمر الوطني السوري، إضافة إلى مستقبل العلاقات مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
وردا على سؤال عما إذا كان الهدف من عملية “ردع العدوان” الوصول إلى دمشق وإسقاط الأسد أم الدخول إلى حلب فقط، يقول وزير الدفاع في حديثه إلى “المجلة”: “كان القائد (أحمد الشرع) لديه بصيرة ويقول في خطاباته سنصل إلى دمشق وسنصل إلى حماة. هذا النوع من التفاؤل كان موجودا، لكن في البداية للأمانة كان الهدف التركيز على حلب”. لكنه استطرد أنه “بعد تحرير حلب، دخلت إلى قلوبنا قناعة” إمكانية سقوط نظام بشار الأسد.
أجرت “المجلة” الحوار الموسع مع اللواء مرهف أبو قصرة في مكتبه بمقر رئاسة الأركان السورية في دمشق، وتنشره في حلقتين، وهذه الأولى:
* متى بدأ الإعداد لمعركة “ردع العدوان”؟
– حملة النظام التي بدأت في أبريل/نيسان 2019 وانتهت في مارس/آذار 2020، حصلت فيها خسارة منطقة عسكرية كبيرة. عندما انتهت الحملة الأخيرة في مارس 2020 بدأنا في وضع خطوات لإعادة بناء قواتنا العسكرية. كنا خارجين من معركة وهناك خسارة جغرافية كبيرة وهناك حالة معنوية منخفضة سواء لدى المجتمع بشكل عام أو حتى لدى العسكريين.
بدأنا تغيير عقيدتنا العسكرية بناء على هدف مهم جدا هو حاجة المعركة. تدرجنا في قتال النظام منذ بداية الثورة بثلاث مراحل.
*ما هي؟
المرحلة الأولى 2011-2012 هي المرحلة التي واجهنا فيها النظام فقط، والحمد لله استطعنا أن نكسره ونحن نزعم أن النظام سقط آنذاك لكنه استنجد بإيران.
المرحلة الثانية 2013-2014 هي المرحلة التي واجهنا فيها النظام وإيران معا. أيضا كلاهما انكسر في أوائل 2015.
* في مارس 2015…
– صحيح. هنا النظام وإيران استنجدا بروسيا وفعلا دخلت روسيا في سبتمبر/أيلول 2015. وهنا فعلا دخلنا في مرحلة عسكرية جديدة، مرحلة كانت فيها تحديات من الناحية العسكرية لها تفاصيل كثيرة.
غاب القرار المركزي بسبب عدم التوحد بين جميع الفصائل العسكرية لأسباب كثيرة. لكن غياب القرار المركزي عن القوات العسكرية وعدم توحد الفصائل في جيش واحد، هذا الأمر بصراحة كلفنا الكثير. لذلك عندما بدأت الحملة التي ذكرتها الآن في 2019، صمدنا صمودا جيدا الحمد لله سواء على جبهة الساحل، التي استمرت الحرب فيها ما يقارب 11 شهرا، وصمدنا أيضا جهة ريف حماة الشمالي مناطق كفر نبودة وتل عثمان وتلك المنطقة، ولكن الصمود كان لمدة ثلاثة أشهر ونصف، بعدها تعرضنا لخسارة كبيرة.
* خسرتم معرّة النعمان أيضا…
– خسرنا كل الـ”إم5″ (طريق حلب– دمشق) أي ريف حلب الغربي سراقب، معرة النعمان، خان شيخون، كل هذا الخط سقط ولكن الله سبحانه وتعالى وفقنا وصمدنا في جبهة في ريف اللاذقية وحافظنا على “إم4” (طريق حلب- اللاذقية). هنا تم إيقاف المعركة وأصبح هناك منطقة “خفص تصعيد”.
* اتفاق بوتين– أردوغان في مارس 2020…
– سمّيت تلك المنطقة “منطقة خفض تصعيد”. هنا بدأنا وضع خطة عسكرية لإنقاذ الوضع. الخطة تفاصيلها كثيرة جدا لكنها مبنية على نقاط أساسية.
النقطة الأولى: رفع الحالة المعنوية للقوات العسكرية، للقيادات وصف الضباط وللجنود حتى نرفع من هممهم، فالمعركة تحتاج إلى إرادة وإلى عزيمة. وضعنا برامج لرفع الحالة المعنوية واستطعنا ذلك خلال أربع إلى خمس سنوات عبر برامج استهدفنا فيها الأفراد والقيادات الأساسية وحتى القيادات المتوسطة. وبعد سنة ونصف بدأت الحالة المعنوية ترتفع بشكل جيد.
المجلة المجلة
وزير الدفاع في الحكومة السورية الجديدة اللواء مرهف أبو قصرة في مقابلة مع رئيس تحرير “المجلة” إبراهيم حميدي
كنا نقول إن الحالة المعنوية وحدها لا تكفي بل يجب أن يوافقها أثر عسكري، تدريب عسكري وتكتيك عسكري. الذي خلق لدينا نقلة نوعية أننا بنينا قواتنا على هدف واحد وهو أننا استطعنا أن نكسر النظام أول سنتين، ثم استطعنا أن نكسر النظام وإيران، ولكننا بقينا على ذات التشكيل وذات الترتيب ثم دخلت روسيا، فالعدو تطور ونحن بقينا على نفس الترتيب فخسرنا في 2019-2020. فالأخذ بالأسباب من أعظم أسباب التوفيق.
* أنت أشرفت على تلك العملية
– جمعت الناس في شهر يونيو/حزيران 2020 وكنا حينها نحضر للخطة التي سنقوم بها. الخطة اسمها “عقيدة عسكرية”.
كانت لدينا قوات لها ارتباط مناطقي، ولها ارتباط له علاقة بالمهجرين الذين أتوا من المحافظات، فألغينا كل الأجسام العسكرية التي لدينا. كان لدينا مصطلح “جيش” و”لواء” و”كتلة”. فللمهجرين من المحافظات، أنشأنا لكل محافظة “كتلة”. وهذه التجربة لم تنجح. ألغينا كل هذه التسميات. أردنا الانتقال من حالة “الكتل” مع الإمكانيات المادية مع الطاقات البشرية مع الكوادر، من الحالة التقليدية الكلاسيكية إلى بناء لواء عسكري يستطيع تنفيذ مهام قتالية دفاعية وهجومية بمعزل عن أي تعزيزات قد تأتيه.
* أشرفت على ذلك رغم أنك مهندس زراعي…
– صحيح ولكن لدي خبرة عسكرية كبيرة منذ بدء الأحداث. خدمت في القوات المسلحة كضابط مجند اختصاص مدفعية ميدان وتسرّحت قبل اندلاع الثورة. وكانت لدي خبرة قوية في المدفعية.
* كثير من القادة العسكريين في التنظيمات لديهم خلفية هندسية…
– صحيح، يكون لديهم حس الإدارة. هنا بدأنا بتنظيم القوات العسكرية بحيث ألغينا جميع التسميات ونقلنا كل الكوادر. وكنت أُسأل ما الخطة العسكرية فأقول لهم إننا نريد نقل هذه القوات إلى حالة جديدة تحقق عقيدة عسكرية تتوافق مع حاجة المعركة. ولتوضيح ذلك أكثر: أنت لديك قوة عسكرية وأمامك جيوش نظامية، إيران والنظام وروسيا كلها عبارة عن جيوش مدربة نظامية وكنا نصف أنفسنا آنذاك أننا “هجين” فُرض عليه مواجهة جيوش نظامية. بالمنطق البشري هذا الأمر صعب جدا. لكن الحمد لله تمكنا من نقل الحالة السابقة الكلاسيكية العشوائية إلى حالة منظمة. فاستحدثنا الألوية العسكرية ووضعنا لنا أسسا وأهدافا واضحة.
* الأمر الثاني؟
الأمر الثاني المهم جدا والذي أحدث نقلة نوعية في العلم العسكري هو أن الشجاعة مطلوبة في كل زمان ومكان في الجيش، ولكنْ الشجاعة من دون ربطها مع العلم، إذ إن المعركة طالت وأصبحت معركة تقنية، فالعدو لديه استطلاع نهاري واستطلاع ليلي ولديه قتال ليلي ولديه ربط المدفعية مع الاستطلاع بشكل قوي جدا، فالمعركة تطورت. حتى الشجاع إذا لم يكن هناك علم عسكري يصقل هذه الشجاعة سيخسر خسارة كبيرة حتى في الأرواح.
الحمد لله، استحدثنا “الكلية العسكرية” وأحضرنا كبار الضباط الذين انشقوا عن النظام، واستحدثنا “الكلية العسكرية” في “حكومة الإنقاذ”.
* متى كان ذلك؟ في أي سنة؟
– في 2021. وبدأنا بتقسيم الناس إلى أقسام. فلا يجب أن يكون جميع العناصر ضباطا، بل هناك أفراد وصف ضباط. وكان لدينا الإدارة العامة للتدريب و”الكلية العسكرية” والذي يجب أن يكون ضابطا. تمت كتابة منهاج تدريب يلبي حاجة المعركة. وطبعنا له كراسات وكتبا عسكرية في كافة التخصصات: الطوبوغرافيا والتكتيك والاستطلاع والهندسة وغيرها. وأدخلنا عليها جميع القادة العسكريين، وكان لها برنامج للدوام وهناك أشخاص نجحوا وآخرون رسبوا، وفي النهاية حصلوا على شهادة بكالوريوس في العلوم العسكرية.
* الدورة مدتها ستة أشهر؟
– سابقا “الكلية الحربية” لدى النظام في حمص كانت مدتها ثلاث سنوات. عندما بدأت الثورة السورية رفع النظام حالة الطوارئ واختصر هذه الدورة بتسعة أشهر واعتبرها سنة، وأعطى استثناء لصف الضباط بمدة ستة أشهر. نحن اعتبرنا القادة العسكريين صف ضباط وخضعوا لدورة مدتها ستة أشهر.
الذي لم يكن لديه نصيب بدخول “الكلية العسكرية” أدخلناه إلى الإدارة العامة للتدريب بكافة التخصصات: المدفعية والقوات الخاصة والقتال الليلي والتكتيك وغيرها. فأحيينا دور العلم في الإدارة العامة للتدريب وفي “الكلية العسكرية”. بدأت البرامج التوعوية ترفع من همة القوات العسكرية بالإضافة إلى إحياء دور العلم ونقل القوات إلى العقيدة العسكرية الجديدة. ركزنا على عدة أمور.
أولا، الألوية العسكرية جميعها كان فيها استطلاع ليلي ونهاري. في المعركة الأخيرة التي جرت كانت هناك قوات عسكرية وبث مباشر إلينا بحيث نرى المعركة ليل نهار وهذا يعتبر قوة تقنية.
* كقيادة أم ككوادر؟
– كقائد وحدة لديه غرفة عمليات يرى قواته كيف تتقدم وأين وصلت ويرى من أين تأتي المؤازرات إلى العدو من خلال تقنية البث المباشر التي أنشأناها بجهد محلي.
* حضرت تسجيلا لمعركة الخطاب في ريف حماة، تبدو كأنك تشاهد فيلما سينمائيا…
– كله كان بثا مباشرا ليل نهار، فقوينا الاستطلاع الليلي والنهاري بشكل ممتاز. الأمر الآخر، أصبح لدينا أيضا قوة في القتال الليلي. سابقا في الحملة الماضية كان يمكننا العمل نهارا ولكن عندما يأتي الليل بصراحة كانت لدينا معاناة إذ كان الجيش يحشد قواته ولديه القدرة على القتال الليلي فيأخذ منا المناطق. لذلك أصبح لدينا مجنزرات بالليل، أيضا قناصات ليلية وأسلحة متوسطة وخفيفة، أي منظومة كاملة للقتال الليلي، سواء بالاستطلاع أو بالأسلحة الفردية أو المتوسطة أو الثقيلة. ففي “ردع العدوان” لله الحمد كانت هناك قدرة على القتال بالنهار وهناك قوات ليلية تتقدم في الليل مما زاد من انهيار النظام إذ لم نعطه المجال لالتقاط أنفاسه وترتيب أوراقه.
أيضا، اهتممنا بالصناعات الحربية المحلية.
* جميعنا كصحافيين ومحللين استوقفنا موضوع “شاهين”، ما قصتها؟
– قمنا بتوحيد الصناعات الحربية، بعد أن كانت أكثر من جهة وحدناها في 2020 تحت إدارة واحدة وقيادة واحدة ووضعنا لها أولويات. التصميم بحر مليء بالاجتهادات وكنا نؤطر ذلك بحاجة المعركة. صنّعنا المصفحة التي رأيتموها وهي تعتبر ثروة وطنية، تصنيعها كله ناتج محلي، الحمد لله. وكانت لها مواصفات من التصفيح والعزل وكانت رائدة ورآها جميع السوريين في المعارك. وكان لدينا خطّا إنتاج لها.
* كم قطعة أنتجتم منها؟
– أتحفظ عن ذكر العدد ولكن تصنيعها ليس سهلا. الجيوش لا تعتمد على المصفحات لأن لديهم المجنزرات. ولكن بسبب قلة عدد المجنزرات اضطررنا للمصفحات. الجيوش اليوم لا تستخدم المصفحات إلا ربما من قبل حرس الحدود والهجّانة ومثل تلك الأمور. بسبب قلة المدرعات استخدمنا هذه المصفحة.
* و”شاهين”؟
– سأشرح لك عنها، لا تقلق.
كان لدينا أيضا تصميم بما يخص المدفعية التي كانت نوعين: الهاون وله أكثر من نوع من القذائف والمسافات والعيارات، وكنا نصنّع السلاح ونصنّع القذائف الخاصة به وحققنا نتائج جيدة فيه ومسافات جيدة. وكان لدينا تصنيع لثلاثة صواريخ اسمها المدفعية الصاروخية: الراجمة التي كنتم ترونها عبر الإعلام وكنا نشتري السيارة ونصنّع الصاروخ أو الطلقة وكنا “نصنّع” الطاقم الذي يحتاج إلى إعداد وتدريب. العملية تمر بعدة مراحل. اليوم في المدفعية أربعة مستويات. يخضع لمقابلة أولية مع لجنة المدفعية فيُقبل ويدخل المستوى الأول وله منهاج خاص اسمه “عتاد وذخيرة”. عندما ينجح في المستوى الأول يأخذ بطاقة ويدخل المستوى الثاني “علم الرمي”. ينجز المستوى الثاني ويحصل على بطاقة المستوى الثاني ويدخل المستوى الثالث “قيادة نيران”، يليه مستوى “تكتيك مدفعي”.
يتدرج العنصر وكل مستوى له علم، وكنا نزور الدورات ونسأله أي دورة أنت؟ فيقول “قيادة نيران” أي المستوى الثالث، أو “تكتيك مدفعي” أي المستوى الرابع أو “علم الرمي” أي المستوى الثاني. هذا العلم وهذا التسلسل تابعته ورش أو لجان لكتابة المنهاج، لجان لوجستية لتأمين الأماكن، لجان من أجل الألوية العسكرية، أطر باتجاه الإدارة العامة للتدريب. هذا على صعيد المدفعية، قس على ذلك جميع التخصصات، التي كانت فيها مستويات، القتال الليلي كان على ثلاثة مستويات، القنص كان على ثلاثة مستويات ويتّبع الترتيب ذاته… لجنة، مقبول أو مرفوض، يصلح للقنص أو لا يصلح، يصلح يدخل إلى المستوى الأول، ثم الثاني فالثالث، ويحصل على بطاقات ثم يتم تسليمه قنّاصة.
في الحالة الكلاسيكية السابقة كان يأتي عنصر إلى القناصة من دون تدريب فكيف يمكنه إصابة الهدف؟
هذا بالنسبة إلى الهاونات والمدفعية الصاروخية.
أيضا النظام وضع أمامنا أثناء اقتحاماتنا عليه شبكة كبيرة من الألغام، ألغام ضد الأفراد وضد الدروع، والحمد لله سلاحنا المدرع الموجود. الحمد لله صنّعنا كاسحة محلية، ونقوم بتركيب الكاسحة في مقدمة الدبابة وتدخل الآلية تكسح الألغام وتفتح الطريق للمشاة والمصفحات. صنّعنا ولله الحمد كاسحة تزن 4 أطنان كان لها دور كبير في المعركة.
* التصنيع كان يتم في ظروف صعبة، أو في أماكن تحت الأرض…
– صحيح، نحن عانينا جدا وفي منطقة صغيرة، كنا في منطقة تشكل 6 في المئة من مساحة سوريا. عانينا بلا شك. حتى عملية التدريب، تدريب القوات العسكرية التي ذكرتها الآن، كان لدينا شهريا ربما ثلاثة آلاف شخص يخضعون لمعسكرات، وهناك تدريب مستمر سواء للمنتسبين الجدد أو حتى القوات القديمة وهناك إعادة هيكلة مستمرة، وهناك استطلاع وقصف. عملنا في ظروف صعبة وكانت هناك معاناة يومية وكان علينا في بعض الأحيان إخلاء دورات أو اختصارها وكان هناك قتلى وجرحى قضوا خلال عملية التدريب ولم يكن أمامنا خيار.
* هذه مسألة مهمة. كانت عمليتا التصنيع والتدريب تتمان تحت القصف…
– صحيح، في ظروف صعبة جدا وكان المسؤولون يراقبون على مدى 24 ساعة جميع التحركات، ولدينا استخبارات عسكرية تُعلمنا أنه في الغد مثلا سيحصل قصف فنلغي الدورة أو نؤجلها.
* وبالنسبة إلى “شاهين”؟
– بالنسبة إلي “شاهين” هي ليست طائرة اسمها “شاهين” بل كتائب اسمها “شاهين”، فنحن لدينا أكثر من نوع. كنا نركز على عدة أمور، فهناك أنواع للاستطلاع، هناك طائرة نستخدمها للاستطلاع القريب مع بث مباشر، وطائرة نستخدمها للاستطلاع البعيد أيضا مع بث مباشر.
* على مدى 50 أو 100 كلم لطائرة الاستطلاع؟
– تقريبا، وهذا لطائرة الاستطلاع. وهناك نوعان آخران هما “القاصف” و”الانتحاري”. “القاصف” من أنواع مختلفة تحمل أوزانا مختلفة، فمنها ما يستطيع حمل 10 كلغ وأخرى 15 كلغ وغيرها 20 كلغ وتمكنا من تحقيق نتائج قاصفة يمكنها الطيران 150 كلم لرمي الهدف والعودة 150 كلم.
* إذن عمليا كان يمكنكم الوصول إلى قاعدة حميميم الروسية؟
– صحيح. أيضا كانت لدينا طائرات لمسافات قريبة مثلا 10-15 كلم بيننا وبين العدو يمكن تحميلها أوزانا.
* هل كانت تلك جزءا من المعركة؟
– صحيح. كانت هناك طائرات للمسافات البعيدة وطائرات للمسافات القريبة والمتوسطة وطائرات استطلاع. وكنا نعتمد جميع هذه النماذج.
* وكلها تصنيع محلي؟
– كلها تصنيع محلي.
لم يساعدنا أحد، لا من قريب ولا من بعيد، ولا بأي شيء. لا بشيء تقني ولا بشيء كيميائي ولا أي شيء. الموضوع عبارة عن الشباب الموجودين لدينا، مهندسون بكفاءات جيدة الحمد لله
* ألم يكن هناك أي إفادة أو دعم خارجي؟
– أبدا ولا من أي أحد. كنت المشرف الأول والمسؤول الأول عن هذه الأمور وأنا أسميتهم “شاهين”.
* لماذا أسميتهم “شاهين”؟
– كانت لدينا طائرة اسمها “صقر” وطائرة اسمها “بتّار” وطائرة اسمها “شامل” فأتوا إليّ يوم أصبح لدينا إذن بعد أن عُقِد مؤتمر صحافي عندما جاء إعلاميون مستقلون إلى المناطق المحررة، وكانت توجيهات القيادة أننا نريد رفع همّة الناس. الناس تسأل ماذا فعلتم؟ فأول مؤتمر عقدته كـ”فتح مبين”.
* في غرفة عمليات “الفتح المبين”؟
– نعم. مؤتمر منشور وتجده على “يوتيوب”. يومها جهزنا “ألبوما” وضعنا فيه صور كل المعدات التي جهزناها: القنّاصات النهارية والليلية، القناصات الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، كاسحات، جرافات على الدبابات، “شاهين” و”شامل”، وآنذاك لم تكن تسمى “شاهين” في المؤتمر الأول. نحن استأذنا الإعلاميين بحيث إننا لن نسمح لهم بالتصوير بل نسمح لهم برؤية ما صنّعنا وأشرح لهم عنها حتى لا تنتشر (الصور) إذ كنا نخشى من ردة فعل القصف.
ربما شاهدت المقطع الذي نشر وتظهر في نهايته طائرات “شاهين” خلال إقلاعها، هذا مقطع قديم وليس جديدا. هذا المقطع عمره سنتان عندما كنا سنقابل الإعلاميين كان المقطع موجودا. وقلت لهم إن الطائرة يجب أن تحظى باسم انقضاض، اسم طائر جارح مثلا. قالوا هناك “صقر” و”بتّار” وهناك “شامل” فما الاسم الذي ستطلقه عليها؟ استبعدنا “نسر” لأن فيه تقليد للنظام إذ إن النسر كان مهماً لديهم. فخطر لي “شاهين”، أحد الطيور الجارحة. وقلت “لواء” اسم كبير و”كتيبة” اسم صغير، فنسميها “كتائب شاهين” واعتمدنا الاسم.
* إذن لا علاقة لـ”شاهين” السورية بـ”شاهين” الإيرانية؟
– لا. سُئلت من كثيرين عما تردد من دعم. بالنسبة إليّ لم ألتق بأحد ولم يلتق بي أحد.
* لم يساعدكم أحد؟
– لا من قريب ولا من بعيد، ولا بأي شيء. لا بشيء تقني ولا بشيء كيميائي ولا أي شيء. الموضوع عبارة عن الشباب الموجودين لدينا، مهندسون بكفاءات جيدة الحمد لله. وضعنا لهم أهدافا وخطوات وأمّنا لهم البضاعة وبدأوا بالعمل.
* كم عدد طائرات “شاهين”؟
– كانت هناك خطوط إنتاج وكنا نعمل بالطاقة القصوى لكن ليس لدي رقم دقيق.
* بالآلاف؟
– أكيد الرقم أكثر من مئات، وبعض الطائرات تتحطم.
رأينا أن الفرصة سنحت عندما وجدنا أن هناك انشغالا من حلفاء النظام جميعهم، كلٌ في معركة في جهة
* كلها كانت صناعة محلية…
– صحيح كلها صناعة محلية كاملة.
* معركة خطاب التي شاهدت تسجيلا لها، هل كانت بطائرات “شاهين”؟
– ليس شرطا أن تكون صُوّرت بطائرات “شاهين”. عموما، الطائرات المسيّرة لديها مشاكل تقنية كثيرة، منها مشاكل في العبوات وطريقة التحكم. الحمد لله نحن جربناها في فترة الهدوء قبل المعركة وكان لها دور جيد الحمد لله.
أيضا كان لدينا تطور في صناعة القنص. الحمد لله كانت لدينا قنّاصات وحصل تطور كبير فيها وكان لديها دور كبير في المعركة الحمد لله.
* بذلك أصبح هناك عمليا استعداد كامل…
– كان هناك إرادة، عقيدة عسكرية، تغيير بنية الجيش، التركيز على تنظيم الجيش والقوات بشكل منظم، توزيع المهام بطريقة صحيحة، تدريب عال، تصنيع محلي من كافة الأمور التي ذكرناها.
* بدءا من 2020؟
– صحيح، وبقينا على ذلك لمدة أربع سنوات ونصف السنة، جهزنا القوة وقلنا إن المعركة لها ركيزتان: إعداد زائد وانتظار فرصة.
* متى رأيتم أن الفرصة قد حانت؟
– رأينا أن الفرصة سنحت عندما وجدنا أن هناك انشغالا من حلفاء النظام جميعهم، كلٌ في معركة في جهة. الأمر الآخر، كان هناك قصف شديد خلال السنة الأخيرة على الناس في إدلب، قصف شديد لا يُطاق والناس تطالبنا بردّ. والناس ليست على اطلاع بما نقوم به من أعمال. فعقدنا مؤتمرا شرحنا فيه للناس ما أصبح لدينا من قوة عسكرية.
* متى كان ذلك؟
– قبل المعركة ببضعة أشهر.
* أي في فبراير/شباط، أو مارس/آذار؟
– تقريبا في تلك الفترة، شرحنا للصحافيين ولطلبة العلم الذي يعملون في الأوقاف في إدلب، ولأعيان ووجهاء المناطق وللفصائل ما أنجزنا، حتى نرفع الحالة المعنوية.
هناك جزئية فاتني أن أذكرها فنحن في بداية 2020 أصبحت لدينا تحالفات قوية مع الكثير من الفصائل وهذه نقطة مهمة جدا. والله سبحانه وتعالى وفقنا وخضع الكثير من الفصائل إلى البرامج ذاتها، إذ كنا وضعنا خطة شاملة وأقنعنا الفصائل أن هذه هي الخطة الصحيحة. ما يقارب عشرة فصائل خضعوا لهذا البرنامج ونقلوا قواتهم العسكرية.
——————————————-
وزير الدفاع السوري لـ”المجلة”: سنبني جيشا جديدا يُحبه الشعب… ولا نريد حروبا خارجية
(2 من 2)
* متى اتخذ قرار على مستوى القيادة لديكم ببدء عملية “ردع العدوان”؟
– القرار كان قبل ما يقارب ثلاثة أو أربعة أشهر وبنسبة عالية جدا، إذ إن حلفاء النظام مشغولون وكلٌ في مكان.
* متى حددتم التاريخ؟
– كنا عزمنا على المعركة قبل بدئها بأشهر، بثلاثة أشهر. قبل المعركة بسنة بدأ موضوع التفكير في المعركة وقبل أشهر بدأ العمل الميداني.
* إذن بدأ التفكير في شن معركة كبرى قبل سنة وبدأ التفكير في القرار قبل أشهر وبدأ الاستعداد بانتظار الظروف المناسبة؟
– صحيح، قبل ثلاثة أو أربعة أشهر. وكما تذكر حصل كلام حول المعركة والنظام حشد واستعد، فصدر توجيه بتهدئة الأمور وأن نشغل العدو ونوحي أن المعركة ألغيت. ثم حدثت تهدئة ثم جرى حشد بطريقة أمنية عالية الحمد لله، حشد بطريقة فيها تمويه، ونقل القوات بطريقة مدنية.
* حصل تمويه من قبلكم وأنكم ستفتحون المعركة نحو سراقب…
– هنا حصلت تهدئة كبيرة واقتنع الناس واقتنع النظام أن ليس هناك معركة، في حين أن قرار المعركة كان لا يزال قائما. الحمد لله فقد تم نقل القوات بطريقة فيها حس أمني عال جدا. استخدمنا باصات نقل داخلي ووسائل أخرى على أساس أنهم مدنيون وحشدنا القوات بطريقة جيدة. واتخذ القرار هنا خلال أسبوع. أصبحت المسألة مسألة أسبوع، ثم ثلاثة أيام ثم بدأت المعركة.
* علمت أنكم اتخذتم القرار في 20 نوفمبر ثم تأجل موعد الانطلاق بسبب المطر…
– الخلاصة أن القرار اتخذ لكن هناك تفاصيل لا يعرفها الناس، فأحيانا يحدث خلل في الطائرات أو في المجنزرات، قد تستفسر عن جهوزية الدبابات فتُبلّغ أن هناك أعطالا في بعض الدبابات فنضطر إلى انتظار إصلاحها. القرار موجود وهذه الإمكانات التي تمكنا من بنائها. لو تأخر الأمر سنة أخرىربما كانت أمورنا تحسنت بعض الشيء لكن قد تكون الفرصة أضعف.
* عندما بدأتم المعركة وقلتم إنكم ستباشرون المعركة في 25 أو 27 نوفمبر، هل كانت المعركة لتحرير حلب أم للوصول إلى دمشق؟
– كان القائد (أحمد الشرع) لديه بصيرة ويقول في خطاباته سنصل إلى دمشق وسنصل إلى حماة. هذا النوع من التفاؤل كان موجودا، لكن في البداية للأمانة كان الهدف التركيز على حلب. إذا استطعنا استرجاع حلب والمحافظة عليها وتمكين مليون نازح من العودة فسيكون ذلك إنجازا كبيرا. ولكن أصبحت لدينا قراءة عندما تحررت حلب خلال ثلاثة أيام دخل إلى قلوبنا قناعة كبيرة أن النظام انتهى.
* هناك من يقول إنه ليس فقط لأنكم دخلتم حلب بل أيضا الطريقة التي دخلتم بها إلى حلب…
– حلب قسّمت إلى محاور، النظام كان لديه توقع عسكري بأن الدخول سيكون من منطقة وفق المنطق العسكري ونحن فاجأناه بمحور من جهة كبّاشين، فشكل الدخول مفاجأة، إذ تفاجأ النظام وتحقق خرق. وبدأت المحاور بالتقدم يمينا تدريجيا حتى دخلت جميع المحاور وبعدما وصلنا إلى طريق “إم5” (حلب-دمشق) لجهة الصحافيين والراشدين وذلك الخط وكان الهدف تطويق حلب كما كان يفعل النظام السابق. لكننا وجدنا الوضع جيدا فألغينا التطويق ودخلنا حلب الجديدة دخولا مباشرا وتم فتح حلب وبعدها هرب النظام.
* ما قصة التفجير أو تصفية الخلية الأمنية للنظام؟
– حصل عمل في قلب حلب لمحاولة إنهاء موضوع حلب في أسرع وقت ممكن.
* يبدو أنه كان الشرارة لإطلاق العملية…
– الأعمال التي تجري خلف الخطوط أعمال مهمة جدا. عليك أن تحاول أن لا تحصل معركة كبيرة ضمن المدينة ففيها سكان ومدنيون والناس كانت تخاف. هدفنا كان تحقيق إنجاز كبير فالمحافظة التي تتحرر خلال أربعة أو خمسة أيام والناس تبقى فيها من دون حصول قصف ومن دون تهجير الناس هذا أمر مهم جدا.
* التصفية كانت باختراق…
– كانت عملية اقتحام عسكري عبر إدخال قوات خلف الخطوط لتعمل كما تعمل القوات.
* دخلتم حلب، متى وضعتم الخطة لما بعد دخول حلب للسيطرة على حلب إذ لم يكن فقط دخولا عسكريا بل كان هناك جهد مدني أيضا؟
– كان هناك تحضير قبل المعركة بأنه إذا دخلنا إلى حلب فوحدات الخدمات الشرطية والخدمية والمشافي يجب أن تكون كلها جاهزة، والحمد لله كان كل ذلك مجهزا. واليوم تجد أن وضع حلب أفضل من وضع بقية المحافظات لأنه كان هناك تحضير مسبق لها.
هناك نقطة مهمة أن المعركة لم تكن فقط قوة عسكرية بل كان هناك أيضا جانب آخر، جانب تفاوضي وتواصلات وتطمينات لكل مكونات النسيج السوري، إذ إن النظام كان قد أقنعهم بالخطأ أن المعارضة إن دخلت سيتعاملون معكم بطريقة غير جيدة. بدّدنا كل هذ الكلام وأوصلنا رسائل للناس وكنا صادقين فيها: ابقوا في البلد عليكم الأمان إن شاء الله. وحصل ذلك، كما رأيتم الصورة في حلب ناصعة، يحصل بعض التجاوزات ولكن هذا أمر طبيعي. هذه الرسالة وصلت إلى المحافظات الأخرى وسهلت الأمور.
* حصلت معركة كبرى في حماة، أليس كذلك؟
– استمرت المعركة في حماة ثلاثة أيام. أكثر محور أوجع النظام هو المحور الذي بدأ من جهة حلب/ معامل الدفاع، إثريا، خناصر، باتجاه الحمرا و “اللواء 66”. هذا المحور باتجاه مدرسة المجنزرات، هذا كان أهم محور لنا وأثر على النظام تأثيرا كبيرا.
* النظام توقع الهجوم من جهة جبل زين العابدين…
– هو توقع من زين العابدين ولكن ذلك كان المحور الأهم لنا ثم بدأ العمل على جبل كفراع إلى شرق جبل زين العابدين الذي يطل على الأوتوستراد، وحصل بعض الصمود في جهة طيبة الإمام، معردس، قسورة، والحمد لله تم العمل على هذه المنطقة وخلال يومين أو ثلاثة تم الدخول إلى مدينة حماة وتحررت مدينة حماة.
* بالنسبة إليكم، متى شعرتم أن النظام سيسقط، بعد تحرير حلب أم بعد تحرير حماة؟
– بعد تحرير حلب، دخلت إلى قلوبنا قناعة بعد حلب.
عند الدخول إلى مدينة حمص كان هدفنا الوصول إلى دمشق، لا أن ندخل حمص ونبقى فيها وقتا طويلا. كان يهمنا فتح طريق جيد مع إبقاء قوة لتنظيف محافظة حمص
* لماذا؟
– رأينا أن هناك انهيارا وبدأ الناس في محافظات أخرى يطلبون العفو والتحييد والأمان، ورأينا أن الأمر مسألة وقت ووصلنا إلى قناعة بعد تحرير حلب بأن النظام سيسقط.
* هناك من يعتقد أن النظام حشد كثيرا في حماة وجبل زين العابدين…
– صحيح، حشد كثيرا وجاء رئيس أركان النظام إلى قمحانة وحاول لملمة الأوراق وإعادة الصفوف. القناعة كانت كبيرة بعد تحرير حلب لكن بعد تحرير محافظة حماة زادت هذه القناعة فعلا. ثم يومان في محافظة حمص وبعدها كان الدخول لدمشق جد ميسّر الحمد لله.
* وصلتم إلى أبواب حمص وسمعت أنه حصل تريث لإعطاء المجال للناس الذين يودون الهروب بالهروب. متى بدأ الحديث أو التفاوض للوصول إلى دمشق؟
– أي تفاوض تعني؟
* سمعت أنه حصل تريث عند وصولكم إلى أبواب حمص بالدخول إلى حمص لإعطاء المجال لجماعة النظام من دمشق أن يهربوا عبر حمص إلى الساحل.
– هذا الكلام غير دقيق. عند الدخول إلى مدينة حمص كان هدفنا الوصول إلى دمشق، لا أن ندخل حمص ونبقى فيها وقتا طويلا. كان يهمنا فتح طريق جيد مع إبقاء قوة لتنظيف محافظة حمص، لكن الأهم أن تكمل قوات أخرى إلى دمشق لأن الوصول إلى العاصمة هو الأهم. بقيت قوات تعمل على جهة محافظة حمص وغرب حمص وباقي القوات أكملت طريقها.
* أين كنتم في تلك الفترة تحديدا؟
– يوم حماة كنت موجودا، أعمل على جبهة جبل زين العابدين وكفراع، وبعد حماة كنت من بين الذين أكملوا إلى دمشق مباشرة.
* قيل إن هناك أناسا غادروا حماة وحمص نحو دمشق وغادرتم كقوة عسكرية وأنتم وصلتم قبل وصول النازحين.
– فعلا هذه حالة لم تحصل في التاريخ. غادرنا حمص باتجاه دمشق ورأينا عساكر منشقين عن النظام يركبون الباصات (الحافلات) وعلى صهاريج المياه، فنحن ندخل دمشق وهم يعودون بالطريق المعاكس. هذا حصل صحيح، ولم يكونوا من الساحل بل من محافظات مختلفة.
* كنتم في السيارة وحدكم؟
– لا، كانت معنا قوات عسكرية.
* أي يوم كان ذلك؟ يوم السبت (7 ديسمبر/كانون الأول)؟
– كان اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر إذ لا أذكر.
أحيانا تأتيك السعادة بأمر كبير فلا تتمكن من التعبير. دخلنا دمشق واسترجعت كل ذكرياتي فيها
* بشار الأسد غادر يوم 7 ديسمبر؟
– دخول دمشق كان يوم 7 ديسمبر ليلا، حينها سقط النظام، والدخول العسكري كان صباحا يوم 8 ديسمبر.
* هل حصل تواصل بينكم وبين وزير دفاع النظام أو أي شخص آخر؟
– لم يحصل تواصل.
* ماذا حصل؟ لماذا قال وزير الدفاع للقوات أن تنسحب؟
– لأنه لم تعد لديه أوراق.
* هل كانت المرة الأولى التي تدخلون دمشق؟
– أنا خريج دمشق وسكنت فيها ست سنوات.
أ.ف.ب أ.ف.ب
مقاتلون من هيئة تحرير الشام بجوار معدات ومركبات عسكرية مهجورة تابعة للجيش السوري، أثناء وصولهم إلى بلدة السفيرة جنوب شرق مدينة حلب السورية في 3 ديسمبر 2024
* أي سنة تخرجتم من الهندسة؟ كنتم في السكن الجامعي؟
– في 2008. سكنت في دمشق من 2003 إلى 2008 وأعرف دمشق جيدا.
* ماذا كان شعورك عند دخول دمشق؟
– دمشق لها ميزة كبيرة وأنا اخترت أن أدرس فيها رغم أن “جامعة البعث”، و”جامعة حلب” أقرب إلى محافظة حماة، لكني اخترت التسجيل في الرغبة الأولى في جامعة دمشق وأحب العيش فيها وسكنت فيها ست سنوات.
* أين سكنت؟
– سكنت لمدة سنة في المزة في المدينة الجامعية، وسكنت في مساكن برزة خمس سنوات لأن كلية الزراعة في مساكن برزة. وخدمت في القوات المسلحة الخدمة الإلزامية بعد تخرجي من الجامعة أيضا في ريف دمشق فكنت في منطقة بيت زاكية فبقيت في دمشق لمدة سبع سنوات من حياتي، فترة الجامعة وفترة الخدمة.
* ماذا كان شعورك وأنت تدخل “فاتحا” إلى دمشق؟
– فرحة. لم أبك. أحيانا تأتيك السعادة بأمر كبير فلا تتمكن من التعبير. دخلنا واسترجعت كل ذكرياتي في دمشق. راجعت ذكرياتي، فهنا سكنت وهنا تحركت وهنا استقللت السرفيس (سيارة الأجرة). فرحة كبيرة أكيد لأن دمشق لها عمق تاريخي ولها عمق ديني. نحن أحفاد بني أمية. الأميون كانوا هنا. كنا نراجع هذه الذكريات. نحن نحب دمشق لأسباب كثيرة، عاصمة قديمة مدينة تاريخية، مدينة لها أبعاد تاريخية كبيرة.
* هل نزلتم من السيارة؟ إلى أين توجهت؟
– نزلت طبعا من السيارة وحمدت الله، وذهبت إلى كلية الزراعة حيث درست مباشرة بعد دخولي إلى دمشق. ذهبت إلى المدينة الجامعية وصليت صلاة العصر، توجهت إلى الوحدة العاشرة التي سكنت فيها سنوات ثم انتقلنا إلى وحدتين جديدتين داخل حرم الكلية. صليت العصر في الوحدة العاشرة التي كنت سكنت فيها في 2004 قبل عشرين سنة. ثم دخلت إلى كلية الزراعة التي لم يكن فيها أحد. فتحت الباب الخارجي وكان حوله شريط حديدي فقط. تجولت داخل الكلية واسترجعت ذكريات عمرها 16 سنة. ثم تابعت عملي بعد أن قضيت في الكلية أقل من نصف ساعة.
* خلال هذه الفترة لم يكن هناك أي تواصل مع النظام أو وزير الدفاع أو أي أحد من النظام؟
– لا، لم يحصل.
حاليا هناك أولويات كبيرة جدا لكن علينا اختيار الأهم. لدينا الآن مجموعة أهداف منها أن الشعب السوري يكره الجيش العربي السوري كرها كبيرا وسنسعى إن شاء الله لنحاول ترميم هذه الفجوة
* هل فوجئتم عندما أعلن النظام سقوطه، عندما أعلن وزير الدفاع سقوطه؟
– لم أتفاجأ لأننا رأينا أن النظام انتهى.
* هل فوجئتم عندمت هرب بشار الأسد وبكيفية هروبه؟
– لم أتفاجأ لأنني توقعت هروبه.
* بناء على معلومات استخباراتية أم تقديرات شخصية؟
– تقديرات لأن ليس لديه أي طريق سوى الذهاب إلى روسيا.
* هل كنت تتمنى هروبه؟
– أكيد لا. كنا نتمنى أن نمسك به ليقتصّ منه الشعب.
* هل أبلغكم الروس بكيفية خروجه؟
– لم يكن لدينا تواصل مع الروس.
أ.ف.ب أ.ف.ب
مقاتلون من فصيل الجيش الوطني السوري بالقرب من سد تشرين في محيط منبج، شرق محافظة حلب شمال سوريا، في 11 يناير 2025 وسط معارك مستمرة مع قوات سوريا الديمقراطية
* بعد ذلك عينك القائد وزيرا للدفاع. لا أعرف إن سمعت هذه المقولة من قبل، ولكن أنت وزير الدفاع السوري الوحيد الذي ربح المعركة. عادة وزراء الدفاع السوريون يخسرون المعارك ويستلمون الحكم. ما شعورك؟
– أولا وأخيرا، نتذكر فضل الله سبحانه وتعالى علينا، أولا وأخيرا. وهذا يجب أن يكون عقيدة موجودة في قلوبنا. نسب النصر للأشخاص مشكلة، يجب أن يُنسب لله ثم لتضحية الشعب السوري.
اليوم لو سُئلنا من حرر البلد، نقول حررت البلد تضحيات الناس، حرر البلد جهود الناس كلها، الناس الذين استشهدوا وقتلوا وجرحوا هم جميعا مشاركون في هذا الفتح العظيم. نقول ربما نحن سبب أو سهم ونسأل الله القبول لنا ولكل من شارك في إسقاط النظام.
* أنت مكلف بتشكيل الجيش السوري الجديد. كلنا يعرف تركيبة الجيش السابق، ما تصورك للجيش السوري الجديد؟
– حاليا هناك أولويات كبيرة جدا لكن علينا اختيار الأهم. لدينا الآن مجموعة أهداف منها أن الشعب السوري يكره الجيش العربي السوري كرها كبيرا وسنسعى إن شاء الله لترميم هذه الفجوة.
رسالة إلى الشعب السوري أن هذا الجيش هو جيشكم هو جيش للدفاع عن الديار للدفاع عنكم وليس جيشا لإهانتكم مثلما فعل النظام بالبراميل بالاعتقالات بالإهانة بالتعدي على النساء والأطفال والشيوخ. سنسعى إن شاء الله من خلال برامج ستقرها وزارة الدفاع ليظهر الجيش السوري بمظهر لائق، يليق بتضحية الشعب السوري.
لدينا أيضا بعض الأولويات إذ جلسنا جلسات مكثفة مع الفصائل. انتهينا من الجلسات وجلست مع الجميع كل الفصائل المكونات الموجودة في سوريا بمن فيهم في محافظة السويداء والفصائل في الشمال وفصائل حوران. جلسنا مع الجميع.
– صحيح، دوما الرئاسة تحل المشاكل الكبيرة وتحول الأمور باتجاه وزارة الدفاع التي تُعتبر جهة تنفيذية للرئاسة. إن شاء الله الأولوية الأهم الآن هي نقل الفصائل أو الوحدات العسكرية باتجاه المؤسسة العسكرية في وزارة الدفاع. إن شاء الله في المستقبل سنعيد هيكلة الجيش العربي السوري وفق قوانين وهذه القوانين ترسم المسار العام تضع الخط العام لبناء المؤسسة العسكرية. أولوياتنا الآن نقل الفصائل باتجاه المؤسسة العسكرية وأيضا توزيع هذه القوات العسكرية حسب الجغرافيا السورية وهناك خطوات تفصيلية كبيرة.
* هل هناك إطار زمني لهذا الأمر؟
– نحن كل ستة أشهر سيكون لدينا أهداف مرحلية يجب أن ننجزها خلال هذا الوقت، وكل فترة نعيد وضع قائمة أولويات بعد الانتهاء من المرحلة الأولى لننتقل إلى المراحل الأخرى.
* ما المرحلة الأولى، لقاءات استشارية؟
– انتهينا من اللقاءات.
* متى تبدأ الخطوات العملية، في أول فبراير؟ في أول مارس؟
– باشرنا بالخطوات العملية.
* هناك بعض الفصائل وقيادات لديها تصور عن كيفية تشكيل الجيش ويعتبرون أنه يجب أن نبقى ككتلة ونبقى في مناطقنا ونكون جزءا من الجيش.
– لدينا تجربة سابقة في هذا الأمر. الحالة الفصائلية الثورية، الكتلة، الجسم، التشكيل… كلٌ كانت لديه تسميات، هذه التسميات يجب إلغاؤها. الأصلح لبناء المؤسسة العسكرية اليوم أن الفصيل يدخل إلى وزارة الدفاع، هناك هيكلية وهناك نظام داخلي وهذا النظام الداخلي يُلزم حتى وزير الدفاع. وزير الدفاع لديه صلاحيات ولكن هناك أمور لا يحق له أن يقوم بها لأن هذا ليس من حقه. اليوم ما يحكمنا كلنا هو لغة القانون، يصبح هناك قانون وأكون أول الملتزمين به.
يدخل الفصيل إلى الوزارة هناك هيكلية، وهذا الفصيل يجب أن ينزل على الهيكلية وتطبق عليه الهيكلية. أما أن يدخل فصيل ويبقى جسما كما هو فلا نكون أنشأنا وزارة دفاع. وإلا الأمر سهل جدا، نجمع الفصائل ونلتقط الصور ولا يكون لدينا وزارة دفاع. هناك هيكلية لجميع التشكيلات للقوات البرية والبحرية والجوية.
* هل أصبحت الهيكلية موجودة؟
– هناك هيكلية مقترحة عملنا عليها وتشاورنا بها مع كثير من الضباط المختصين. فالفصيل الذي سيدخل لا يجوز أن يقول إنه يريد أن يبقى كتلة. يجب أن يكون لديه صف ضباط وكل يأخذ دوره في الوزارة كل حسب تخصصه. فالذي اختصاصه مشاة نستفيد منه في المشاة والذي اختصاصه مدرعات يُفرز إلى كلية المدرعات، والذي اختصاصه الإشارة يذهب إلى كلية الإشارة، وهذا النظام الذي يجب أن يُطبق.
باختصار، الفصيل يجب أن يخضع لهيكلية الوزارة وأن يخضع لبرامجها التدريبية وبرامجها العسكرية.
* ماذا في حال أن أحد الفصائل لم يقبل؟
– نحن جلسنا مع الجميع ووجدنا الحمد لله أن الجميع متفاعل لكن للأمانة الفصائل لديها سؤال في أن يكون لديها دور في الوزارة. نحن جاوبنا الجميع أننا سنعطي لكل دوره ولكن اصبروا علينا فترة حتى تمشي المؤسسة بشكل جيد. وفي حال أن أحدا رفض فسنُغلّب لغة الحكمة قدر المستطاع. نبقى نقنع الناس لأن المرحلة لا تتحمل مشاكل، تتحمل بناء، يجب أن نهتم بالبناء، بناء المؤسسة العسكرية بشكل جيد.
من مصلحة الفصائل الدخول في وزارة الدفاع فالناس لا تنسى التاريخ، نحن كدولة نتغاضى عن كل الأمور بغض النظر عن الاستقطابات والعلاقات ونقول عفا الله عما مضى ولكن الشعب ليس كذلك. الأصلح أن تدخل الفصائل في وزارة الدفاع وتندمج معها وتلتزم بقوانينها.
* برأيك ما الحل لموضوع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)؟
– نحن تقريبا في بداية النهاية.
* ما تصوركم لضبط الوضع الأمني في الساحل السوري حيث إن هناك الكثير من فلول النظام، هناك ضباط وعناصر أمن وجيش موجودون هناك، ويقدّر البعض عددهم بمئة أو مئة وخمسين ألف عنصر؟
– بالنسبة إلى الساحل، بقيتُ أدير اللاذقية لمدة ثمانية أيام بعد حصول التحرير حاولنا تثبيت المؤسسات وفرض الأمن، التقينا وجهاء المنطقة بكافة مكونات النسيج الاجتماعي الموجود هناك، حاولنا طمأنة الناس وأوصلنا رسائل للناس، أنشأنا مراكز تسوية، كان هدفنا الأساسي أن لا تندلع حرب أهلية.
* ونجحتم في ذلك؟
– نعم. كنا نقول للناس إن هناك حقوقا خاصة للناس. الناس تأذت هناك ومن لديه حق يجب أن يقدم شكوى في القصر العدلي في المحاكم. لم نكن نريد أن تحصل حرب أهلية فالحرب الأهلية مشكلة كبيرة. الحمد لله استطعنا خلال الفترة السابقة تهدئة الأمور في محافظات الساحل وهناك ناس ارتكبوا جرائم بحق الناس، التعذيب والسجون وما إلى ذلك وهؤلاء يجب أن ينالوا جزاءهم ولكن من يحاسبهم هي السلطات القضائية حتى تسير الأمور بالمسلك القانوني والمسلك القضائي بشكل صحيح فذلك أفضل. أما أن تترك كل إنسان يأخذ حقه بيده فتلك مشكلة كبيرة.
* هل أنت مرتاح للوضع في حمص وفي الساحل؟
– نحن نرى أن الوضع يتحسن، وهناك ناس جاءوا إلى مراكز المصالحات حتى برتب عالية وحصلوا على بطاقات تسوية مؤقتة ولم ينته وضعهم. هناك الكثير ممن سلموا أسلحتهم.
* هل هناك عدد؟
– ليس لدي رقم دقيق فهذا الأمر لدى وزارة الداخلية. هناك ناس حصلوا على بطاقة مؤقتة وأعداد كبيرة سلمت أسلحتها والآن الأمن يأخذ دوره تدريجيا مع الداخلية حتى يتم قدر المستطاع سحب هذا السلاح وفي الوقت ذاته ننتهي من البؤر.
* هل أنت قلق من تمرد؟
– لا أتوقع.
* هناك من يقول إن إيران يمكن أن تدعم تمردا في الساحل…
– نحن نقول بشكل عام إنه ليس لدينا قلق ولا يستطيعون (الإيرانيون) فعل شيء ولكن يمكن أن يحدث إزعاج هنا أو إزعاج هناك. بالنسبة إلى إيران هم من جاءوا وتعدّوا علينا. هم دخلوا الأراضي السورية ولا يحق لهم ذلك، وآزروا النظام وارتكبوا مجازر بحق الشعب السوري. وكلامنا واضح لا نريد لإيران أن تتدخل في الشأن السوري فنحن لا نعمل داخل إيران بل عملنا داخل سوريا فقط وعليك أن تبقى في بلدك. حتى الشيعة الموجودون في سوريا نحن نتولى إدارتهم ونمنحهم حقوقهم، سواء أهل نُبّل أو الزهراء أو السيدة زينب أو كل المناطق التي فيها وجود شيعي. أنت لا تتدخل بشؤونهم فأنت في إيران وهم في سوريا. هم مثل مكونات النسيج السوري، نحن نؤمن لهم الحماية ونمنحهم حقوقهم في البلد السوري فلا تتدخل بشؤونهم. هذه رسالتنا.
* ماذا عن إسرائيل؟
– إسرائيل يجب أن توقف تجاوزاتها في الأراضي السورية وهناك مساع كبيرة جدا لإيقاف هذه الأمور. نقول إن البلد تعب من الحرب.
الآن سوريا مدمرة سوريا ممزقة تحتاج إلى بناء جيش وبناء المؤسسات الخدمية والتنموية والاقتصادية وإن شاء الله هناك مساع لحل هذه المشكلة إن شاء الله.
* هل هناك نية لتوقيع اتفاق دفاعي سوري– تركي؟
– الدولة التركية وجهت إلينا دعوة، وخلال الزيارة يمكن دراسة هذه الأمور.
* أول زيارة خارجية قمتم بها كانت إلى المملكة العربية السعودية وكنت ضمن الوفد مع وزير الخارجية الأستاذ أسعد (الشيباني). ما تقييمك لعلاقة سوريا مع السعودية حاليا وللعلاقات مع الدول العربية؟
– الجولة كانت مثمرة بشكل عام وشرحنا رؤية الدولة السورية الجديدة وأوضحنا هويتنا. كان هناك ترحيب جيد جدا من الدول العربية الشقيقة التي زرناها ولقينا منهم جميعا الترحيب والاهتمام بالملف السوري، وشرحنا الأهداف التي ستقوم عليها الدولة السورية الأساسية وأجبنا على استفسارات، وإن شاء الله تعالى ستكون هناك زيارات أخرى. نحاول بداية أن تكون هناك زيارات إلى الدول العربية وهناك زيارات مقبلة إلى دول عربية وستكون هناك زيارة لتركيا وبعد ذلك يمكن أن تكون هناك زيارات لبعض الدول الأوروبية.
* ماذا عن المؤتمر الوطني الذي تأجل انعقاده حتى نهاية فبراير؟
– صحيح. جار التحضير للمؤتمر وتأجل موعده، والمؤتمر الوطني مهم جدا لذلك التأجيل أفضل حتى يصبح لديك صورة جيدة. اللقاءات التي تحصل مع الناس مهمة جدا، مع الصناعيين، مع التجار، مع أشخاص أتوا من الخارج، مختصين أكاديميين. هذه اللقاءات بصراحة نسجل خلالها ملاحظات كثيرة. يجب تجميع هذه الملاحظات وهذه النصائح بحيث نخفف ثغرات قدر المستطاع للبدء بمؤتمر الحوار الوطني ولا نريد الاستعجال بعقده.
المجلة